الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المقدمة]
المقدمة (1) إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فقد أرسل الله رسله إلى العالمين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأنزل الكتب هدى ورحمة ونورا وشفاء، فكان الرسل فيما مضى يبعثون إلى أقوامهم خاصة، ويستحفظون كتبهم؛ فلذلك اندثرت كتاباتهم، وحرفت وبدلت شرائعهم؛ لأنها أنزلت لأمة محدودة، في فترة معدودة.
ثم اختص الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين، قال تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40](2) وأكرمه بخير كتاب أنزل، وهو القرآن العظيم،
(1) تبدأ ترجمة الكتاب من هذه المقدمة، أما ما قبلها فلا يترجم.
(2)
سورة الأحزاب، الآية: 40، هذا نص من الكتاب العظيم [القرآن الكريم] الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وفي كتابي هذا نصوص كثيرة من [القرآن الكريم]، وهي تسبق دائما بقوله: قال الله تعالى، أو قال تعالى، أو قال جل ثناؤه، أو قال سبحانه، وتجد تعريفا موجزا بالقرآن العظيم في ص: 113 - 120، 134 - 137 من هذا الكتاب.
وتكفل سبحانه بحفظه، ولم يترك حفظه لخلقه، فقال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9](1) وجعل شريعته باقية إلى قيام الساعة، وبين - سبحانه - أن من لوازم بقاء شريعته الإيمان بها، والدعوة إليها، والصبر عليها، فكان منهج محمد صلى الله عليه وسلم ومنهج أتباعه من بعده الدعوة إلى الله على بصيرة، قال - تعالى - موضحا هذا المنهج:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108](2) وأمره بالصبر على الأذى في سبيل الله فقال تعالى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35](3) وقال جل ثناؤه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200](4) واتباعا لهذا المنهج الإلهي الكريم كتبت هذا الكتاب دعوة إلى سبيل الله، مستبصرا بكتاب الله، ومسترشدا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبينت فيه بيانا موجزا خبر خلق الكون، وخلق الإنسان وتكريمه، وإرسال الرسل إليه، وحال الديانات السابقة، ثم عرفت بالإسلام معنى وأركانا، فمن أراد الهدى، فهاهي أدلته بين يديه، ومن أراد النجاة فقد أوضحت له طريقها، فمن رغب في اقتفاء آثار الأنبياء والمرسلين والمصلحين فهاهي سبيلهم، ومن رغب عنهم فقد سفه نفسه، وسلك سبيل الضلال.
(1) سورة الحجر، الآية:9.
(2)
سورة يوسف، الآية:108.
(3)
سورة الأحقاف، الآية:35.
(4)
سورة آل عمران: الآية: 200.
إن كل أصحاب ملة يدعون الناس إليها، ويعتقدون أن الحق فيها دون ما سواها، وكل أصحاب عقيدة يدعون الناس إلى اتباع صاحب عقيدتهم، وتعظيم قائد طريقهم.
أما المسلم فلا يدعو إلى اتباع طريقته، لأنه ليس له طريقة تخصه، إنما دينه دين الله الذي ارتضاه لنفسه، قال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19](1) ولا يدعو إلى تعظيم بشر، فكل البشر في دين الله سواء لا فرق بينهم إلا بالتقوى، بل يدعو الناس إلى أن يسلكوا سبيل ربهم، ويؤمنوا برسله، ويتبعوا شرعه الذي أنزله على خاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يبلغه إلى الناس كافة.
ومن أجل ذلك فقد حررت هذا الكتاب دعوة إلى دين الله الذي ارتضاه لنفسه، وأنزل به خاتم رسله، وإرشادا لمن أراد الهداية، ودليلا لمن أراد السعادة، فوالله لن يجد مخلوق السعادة الحقيقية إلا في هذا الدين، ولن يعرف الطمأنينة إلا من آمن بالله ربا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، وبالإسلام دينا، فقد شهد الآلاف من المهتدين إلى الإسلام - في قديم الدهر وحديثه - بأنهم لم يعرفوا الحياة الحقيقية إلا بعد إسلامهم، ولم يذوقوا السعادة إلا في ظلال الإسلام. . . ولأن كل إنسان يتطلع إلى السعادة، ويبحث عن الطمأنينة، ويتحرى الحقيقة،
(1) سورة آل عمران، الآية:19.
فقد أعددت هذا الكتاب، وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه، داعيا إلى سبيله، وأن يكتب له القبول، وأن يجعله من العمل الصالح الذي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة.
وقد أذنت لمن أراد طبعه بأية لغة، أو ترجمته إلى أية لغة شريطة أن يلتزم الأمانة في نقله إلى اللغة التي سيترجمه إليها، وأن يتكرم علي بنسخة من ترجمته للإفادة منها، ولئلا تتكرر الجهود.
كما أرجو من كل من له ملحوظة أو استدراك سواء على أصل الكتاب باللغة العربية، أو في أية ترجمة لهذا الكتاب أن يوافيني بها على العنوان المذكور هنا.
والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، وله الحمد علانية وسرا، وله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شاء من شيء ربنا، وصلى الله على نبينا محمد وصحبه ومن سار على منهجه وسلك سبيله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
المؤلف
د. محمد بن عبد الله بن صالح السحيم
الرياض 13 / 10 / 1420 هـ
ص. ب 1032 الرياض 1342
وص. ب 6249 الرياض 11442