المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة العاشرة: التي هي مشكلة اختلاف القلوب - الإسلام دين كامل - ضمن «محاضرات الشنقيطي»

[محمد الأمين الشنقيطي]

الفصل: ‌المسألة العاشرة: التي هي مشكلة اختلاف القلوب

لأن من بيده خزائن السماوات والأرض لا يُضيع مُلْتجئًا إليه مطيعًا له: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق / 2 - 3]، وبين ذلك -أيضًا- بقوله:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} [التوبة / 28].

‌المسألة العاشرة: التي هي مشكلة اختلاف القلوب

.

فقد بيَّن تعالى في سورة الحشر أن سببها عدم العقل بقوله: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر / 14]، ثم بين السبب بقوله:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر / 14]، ودواء ضعف العقل هو إنارته باتباع نور الوحي؛ لأن الوحي يُرْشدُ إلى المصالح التي تقصُرُ عنها العقول، قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام / 122]، فبين في هذه الآية أن نور الإيمان يحيا به من كان ميتًا، ويضيء له الطريق التي يمشي فيها. وقال تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة / 257]، وقال:{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَويًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك / 22]. إلى غير ذلك من الآيات.

وبالجملة فالمصالح البشرية التي بها نظام الدنيا راجعة إلى ثلاثة أنواع.

الأول: دَرْءُ المفاسد، المعروف عند أهل الأصول بالضروريات، وحاصله دفع الضرر عن الستة التي ذكرنا قبل، أعني: الدين والنفس، والعقل، والنسب، والعِرْضُ والمال.

ص: 25

الثاني: جلب المصالح، المعروف عند أهل الأصول بالحاجيَّات، ومن فروعه: البيوع على القول بذلك، والإجارات، وعامَّة المصالح المتبَادَلة بين أفراد المجتمع على الوجه الشرعي.

الثالث: التحلي بمكارم الأخلاق والجري على محاسن العادات، المعروف عند أهل الأصول بالتحسينات والتتميمات، ومن فروعه خصال الفطْرةِ كإعفاء اللحية وقص الشارب إلخ. ومن فروعه أيضًا: تحريم المستقذرات ووجوب الإنفاق على الأقارب الفقراء. وكل هذه المصالح لا يمكن شيءٌ أشد محافظة عليها بالطرق الحكيمة السليمة من دين الإسلام: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} [هود / 1].

وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* * *

ص: 26