المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌استدراكات عقيدية في سبل السلام أولًا: قال العلّامة محمد بن إسماعيل - سبل السلام شرح بلوغ المرام - ت حلاق - جـ ٩

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

‌استدراكات عقيدية في سبل السلام

أولًا: قال العلّامة محمد بن إسماعيل الأمير (3/ 108): "

فُسِّرت محبةُ الله برضاه، وكراهتهُ بخلافها". اهـ.

أقول: الحب والمحبة من صفات الله تعالى الفعلية الاختيارية الثابتة بالكتاب والسنة:

* الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

وقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54].

* الدليل من السنة:

حديث سهل بن سعد رضي الله عنه: "

لأعطينَّ الرايةَ غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، يحبُّ الله ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسوله

" [البخاري رقم (3009) ومسلم رقم (2405)]. فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الحب والمحبة لله عز وجل، ويقولون: هي صفة حقيقية لله عز وجل، على ما يليق به، وليس هي إرادة الثواب كما يقول المؤولة، كما يثبت أهل السنة لازم المحبة وأثرها، وهو إرادة الثواب، وإكرام من يحبه سبحانه.

[انظر: صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة ص 89].

• والكره صفة فعلية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة:

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: 46].

الدليل من السنة:

حديث عائشة رضي الله عنها: "

وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، وكره الله لقاءه". [مسلم رقم (2684)].

[انظر: عقيدة السلف أصحاب الحديث ص 5].

ثانيًا: نقل العلَّامة محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام"(8/ 27) عن

ص: 338

المعتزلة والكرامية ما يلي: "وقالت المعتزلة والكرامية: إذا دلَّ العقل على أنَّ معنى اللفظ ثابت في حق الله تعالى جاز إطلاقه على الله تعالى".

أقول: قولهم هذا هو ما يسمى عند علماء الكلام بالطريقة القياسية المبنية على تقديم العقل على النقل وهو مذهب معلوم الفساد، لما فيه من القول على الله بلا علم والعياذ بالله.

[انظر: البيهقي وموقفه من الآلهيات ص 124].

ثالثًا: نقل العلَّامة محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام"(8/ 27): عن القاضي أبو بكر والغزالي قولهم: "وقال القاضي أبو بكر والغزالي: الأسماء توقيفية دون الصفات

". اهـ.

أقول: وهذا التفريق بين الأسماء والصفات بجعل الأسماء توقيفية دون الصفات فهذا تفريق غير مقبول نقلًا ولا عقلًا، بل هذا من تناقضات المتكلمين في التفريق في المتمثلاث بلا برهان وما احتج به الغزالي في إثبات أن أسماء الله توقيفية حجة عليه فيما ذهب إليه من التفريق؛ لأنه إذا كان يمتنع في حق الله تعالى أن يسمى بما لم يسمى به نفسه، فلذلك يمتنع أن يوصف بما لم يصف به نفسه وهذا ما يدل عليه العقل والنقل.

وقال ابن أبي زمنين في أصول السنة ص 60 ما نصه: (باب في الإيمان بصفات الله وأسمائه): "وأعلم أن أهل العلم بالله وبما جاءت به أنبياؤه ورسله يرون الجهل بما لم يخبر به تبارك وتعالى عن نفسه علمًا والعجز عما لم يدع إليه إيمانًا وأنهم إنما ينتهون من وصفه بصفاته وأسمائه إلى حيث انتهى في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم".

وقال أبو الحسن القابسي: أسماء الله وصفاته لا تُعلم إلا بالتوقيف من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، ولا يدخل فيها القياس [فتح الباري (11/ 217)].

[وانظر: القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين ص 16].

رابعًا: قال العلَّامة محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام"(8/ 95): " .... هذا كناية عن غضبه تعالى وإشارة إلى حرمانهم من رحمته". اهـ.

انظر التعليقة الآتية.

خامسًا: قال العلَّامة محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام"(8/ 154):

ص: 339

" .... نفيُ نظر الله بنفي رحمته؛ أي: لا يرحمُ اللهُ من جرَّ ثوبَه خُيلَاء، سواء كان من النساء أو الرجال

". اهـ.

أقول: بل النظر صفة فعلية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة:

* الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 77].

* الدليل من السنة:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ينظر اللهُ يوم القيامة إلى من جرَّ إزاره بطرًا".

[البخاري رقم (5788) ومسلم رقم (2087)].

قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية ص 190: (النظر له عدة استعمالات بحسب صلاته وتعديه بنفسه، فإن عُدي بنفسه؛ فمعناه: التوقف والانتظار: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13].

وإنْ عُدي بـ (في)؛ فمعناه: التفكر والاعتبار، كقوله:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 185].

وإنْ عُدي بـ (إلى)؛ فمعناه: المعاينة بالأبصار، كقوله تعالى:{انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: 99].

وأنت ترى أنَّ النظر فيما سبق من أدلة متعد بـ (إلى)، فأهل السنة والجماعة يقولون: إن الله عز وجل يرى ويُبصر وينظر إلى ما يشاء بعينه سبحانه وتعالى، كما يليق بشأنه العظيم:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

[الحجة (1/ 181) "وصفات الله عز وجل

" ص 253].

سادسًا: قال العلَّامة: محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام"(8/ 199): "فسَّر العلماء محبة اللهِ تعالى لعبده، بأنها إرادته الخير له، وهدايته ورحمته ولطفه، ونقيض ذلك بغض الله تعالى".

* أقول: إن أهل السنة والجماعة يثبتون صفة الحب والمحبة لله عز وجل ويقولون: هي صفة حقيقية لله عز وجل. على ما يليق به، وليس هي إرادة الثواب كما يقول المؤولة، كما يثبت أهل السنة لازم المحبة، وهو إرادة الثواب، وإكرام من يحبه سبحانه.

ص: 340

وقد تقدم الأدلة من الكتاب والسنة في الاستدراك (أولًا).

* والبغض من الصفات الفعلية الثابتة لله عز وجل بالأحاديث الصحيحة (منها): حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".

[مسلم رقم (671)].

قال الشيخ محمد خليل الهراس في شرحه للواسطية (ص 108) تعليقًا على بعض الآيات التي أوردها شيخ الإسلام ابن تيمية فيها بعض صفات الله عز وجل الفعلية: "تضمنت هذه الآيات إثبات بعض صفات الفعل؛ من الرضا لله، والغضب، واللعن، والكره، والسخط، والمقت، والأسف، وهي عند أهل الحق صفات حقيقية لله عز وجل، على ما يليق به، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق".

[وانظر: عقيدة السلف أصحاب الحديث ص 5].

سابعًا: قال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير في سبل السلام (8/ 250).

"البغض ضدُ المحبة، وبغضُ اللهِ عبدَه إنزال العقوبة به، وعدم إكرامه إياهُ ".

أقول: البغض من الصفات العقلية الثابتة لله عز وجل، بالأحاديث الصحيحة (منها):

حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "إنَّ الله تعالى إذا أحب عبدًا

وإذا أبغض عبدًا، دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانًا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانًا فابغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم توضع له البغضاء في الأرض". [مسلم رقم (2637)].

قال الحافظ ابن كثير في رسالته "العقائد": "فإذا نطق الكتاب العزيز ووردت الأخبار الصحيحة بإثبات السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة والعظمة والمشيئة والإرادة والقول والكلام والرضى والسخط والحب والبغض والفرح والضحك؛ وجب اعتقاد حقيقته؛ من غير تشبيه بشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، والانتهاء إلى ما قاله الله عز وجل ورسوله رضي الله عنه؛ من غير إضافة، ولا زيادة عليه، ولا تكييف له، ولا تشبيه، ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تغيير، وإزالة لفظ عما تعرفه العرب وتصرفه عليه، والإمساك عما سوى ذلك".

[انظر: "علاقة الإثبات والتفويض" ص 51 لرضا نعسان معطي].

ص: 341