المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌مقدمة المؤلف إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، - سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام - مقدمة

[صالح بن طه عبد الواحد]

فهرس الكتاب

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌مقدمة المؤلف إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة المؤلف

إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} {آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء:1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمَّد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار (1).

عباد الله!

قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].

(1) هذه خطبة الحاجة التي كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يفتتح بها خطبه.

ص: 9

وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)} [التوبة: 33].

وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام"(1).

ودعوة إبراهيم عليه السلام هي قوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)} [البقرة: 129].

وبشرى عيسى: كما أشار إليه قوله عز وجل حاكياً عن المسيح عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)} [الصف: 6].

وقوله: "ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام" قال ابن رجب: خروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وزال به ظلمة الشرك منها، كما قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ

(1) رواه أحمد (5/ 262)، والحاكم (2/ 0 60)، "مجمع الزوائد"(8/ 222)، وإسناد أحمد حسن وله شواهد تقويه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

ص: 10

تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة: 15 - 16].

وقال ابن كثير: وتخصيص الشام بظهور نوره إشارة إلى استقرار دينه وثبوته ببلاد الشام ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها ولهذا جاء في الصحيحين:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، وفي صحيح البخاري:"وهم في الشام"(1).

عباد الله! وهذه الفرقة الناجية المنصورة هي التي عرفت ربّها فعبدته ولم تُشرك به شيئاً استجابةً لقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} وعرفت رسولها فاتبعته وتأست به ولم تبتدع في دين الله استجابة لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].

وعرفت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلكت منهجهم وسبيلهم استجابة لقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} .

ولقوله صلى الله عليه وسلم: "وستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلهم في النار إلا

(1) انظر: "تفسير ابن كثير"(1/ 184)، رواه البخاري، كتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة"(8/ 189) رقم 7311.

ص: 11

واحدة" قيل: وما هي يا رسول الله؟! قال: "هي التي تكون على ما أنا عليه اليوم وأصحابي".

فالنجاة يا عباد الله في توحيد الله في العبادة وتوحيد رسوله صلى الله عليه وسلم في الاتباع

وتوحيد الصحابة رضي الله عنهم في المنهج والفهم.

عباد الله! وانطلاقاً من قوله تعالى على لسان هود صلى الله عليه وسلم: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)} [الأعراف:68].

وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، قلنا لمن؟ قال:"لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"(1).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدال على الخير كفاعله"(2).

منذ عشرين عاماً أو يزيد وأنا في مسجد إبراهيم الحاج حسن (عمان/الأردن) أركّز في خطب الجمعة على العقيدة الصحيحة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة الكرام رضي الله عنهم.

ففي العقيدة ألقيتُ مجموعة من خطب الجمعة بعنوان "العقيدة أولاً لو كانوا يعلمون" وقد خرجت بفضل الله وكرمه إلى الوجود كتاباً في أربعة مجلدات.

ثم بعدها ألقيت مجموعة من الخطب بعنوان "ثمرات الإيمان" وخرجت إلى الوجود في مجلدٍ واحدٍ بعنوان "أحسن البيان من مواقف أهل الإيمان".

(1) رواه مسلم.

(2)

"صحيح الجامع"(3393).

ص: 12

ثم ألقيت بعدها مجموعة من الخطب بعنوان "الدعاء النافع" وهي تحت الطبع يسر الله خروجها في مجلدٍ واحدٍ أيضاً.

ثم انتقلت من العقيدة إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: فألقيت مجموعة من الخطب في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وستخرج قريباً بإذن الله تعالى إلى الوجود مجلداً واحداً بعنوان "سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام"

وهي كتابنا هذا الذي بين أيديكم.

ثم انتقلت من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سيرة أصحابه الكرام رضي الله عنهم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ولنصر دينه ونحن ما زلنا بصدد الحديث عنها.

والله أسال أن يتقبل عملي خالصاً لوجهه وأن ينفعني به يوم القيامة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب

أبو إسلام صالح بن طه عبد الواحد

إمام وخطيب مسجد إبراهيم الحاج حسن

عمان- الأردن

23 من شهر شعبان لعام 1424 من الهجرة

الموافق 19 تشرين أول لعام 2003 ميلادي

ص: 13