المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في سجود القرآن] - سجود التلاوة معانيه وأحكامه

[ابن تيمية]

الفصل: ‌[فصل في سجود القرآن]

سجود التلاوة معانيه وأحكامه

تأليف: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني

وَقَال شيخ الإِسلام:

[فصل في سجود القرآن]

1

وهو نوعان:

1-

خبر عن أهل السجود، ومدح لهم.

2-

أو أمر به، وذم على تركه.

1- هذا العنوان وكل العناوين أيضا فيما سيأتي من زيادة المحقق

ص: 15

فالأول: سجدة الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] ، وهذا ذكره بعد الأمر باستماع القرآن والذكر.

وفي الرعد: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15]، وفي النحل:{أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ اليمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 48 50]، وفي سبحان:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَي عليهمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107 109] ، وهذا خبر عن سجود مع من سمع القرآن فسجد.

وكذلك في مريم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عليهم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَي عليهمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] ، فهؤلاء الأنبياء سجدوا إذا تتلي عليهم آيات الرحمن، وأولئك الذين أوتوا العلم

ص: 16

من قبل القرآن إذا يتلي عليهم القرآن يسجدون.

وظاهر هذا سجود مطلق كسجود السحرة، وكقوله:{وَادْخُلُواْ الْباب سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ} [البقرة: 58]، وإن كان المراد به الركوع. فالسجود هو خضوع له وذل له؛ ولهذا يعبر به عن الخضوع. كما قال الشاعر:

ترى الأُكُم فيها سجداً للحوافر

قال جماعة من أهل اللغة: السجود التواضع والخضوع وأنشدوا:

ص: 17

وفي [ألم تنزيل السجدة] : {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] ، وهذا من أبلغ الأمر والتخصيص؛ فإنه نفي الإيمان عمن ذكر بآيات ربه ولم يسجد إذا ذكر بها.

وفي [ص] : خبر عن سجدة داود، وسماها ركوعاً،

ص: 20

و [حم تنزيل] أمر صريح: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 37،38]، والنجم أمر صريح:{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62]، والانشقاق أمر صريح عند سماع القرآن:{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عليهمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 20،21]، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] ، أمر مطلق:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 91] . فالستة الأول إلى الأولى من الحج خبر ومدح. والتسع البواقي من الثانية من الحج أمر وذم لمن لم يسجد، إلا [ص] .

ص: 21