المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم التكلف في إكرام الضيف - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٣٩

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الذاريات [2]

- ‌تفسير قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم

- ‌حكم التكلف في إكرام الضيف

- ‌تشديد النبي عليه الصلاة والسلام على إكرام الضيف

- ‌من آداب الضيافة

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً)

- ‌مراقبة الضيف أثناء الأكل

- ‌تفسير قوله تعالى: (قالوا لا تخف وبشروه بغلام

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ

- ‌الجدال المحمود

- ‌إطلاق لفظ (العجوز) على المرأة الكبيرة

- ‌تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ

- ‌الفرق بين الإسلام والإيمان

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَتَرَكْنَا فِيهَا

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ

- ‌تفسير قوله تعالى: (فتولى بركنه

- ‌أقوال العلماء في تفسير الركن

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَفِي ثَمُود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين)

- ‌أقوال العلماء في تفسير الحين

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ

- ‌تفسير قوله تعالى: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)

- ‌متى تشرع الذكرى

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس

- ‌الأسئلة

- ‌حكم نظر المحرم إلى ثدي المرأة

- ‌حكم صلاة المأموم إذا لم يقرأ بالفاتحة في الصلاة السرية

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌حكم ساب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌حكم التكلف في إكرام الضيف

‌حكم التكلف في إكرام الضيف

أما مسألة التكلف في إكرام الضيف، هل هي مشروعة أو غير مشروعة؟ فقد ورد ما سمعتموه من قول الله تعالى:{فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات:26] ، وكذلك فعل أبو التيهان الأنصاري لما ذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر في ظهيرة يوم من الأيام، قام إلى شاة ليذبحها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إياك والحلوب) لكنه أقره على ذبح الشاة، وقد ورد في الباب أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(نهينا عن التكلف للضيف) ، وهو بهذا اللفظ منازع في صحته، وقد حكم بعض العلماء على هذا الحديث بالضعف وهو الذي تستريح إليه النفس الآن، أما النصوص الثابتة فعمومها يحث على إكرام الضيف.

أما حديث: (نهينا عن التكلف للضيف) ، على فرض ثبوته فهو منزل على معنىً معين وهو ما إذا كنت ستستدين ديناً كبيراً ترهق عن سداده فلا تفعل حينئذ، فـ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7] ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وقد ثبت أن سلمان رضي الله عنه قال لـ أبي الدرداء: (إن لزورك عليك حقاً -أي: إن لضيفك عليك حقاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان) .

يقول الله سبحانه: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات:26]، وفي الآية الأخرى:{جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود:69]، والحنيذ: هو المشوي، فأخذ العلماء منه أدباً يتعلق بالضيافة: وهو أن على أهل البيت أن يتقنوا الطبخ الذي يقدمونه للضيف، فلا تأت المرأة -مثلاً- بلحم نيئ -غير ناضج- تقدمه للضيف، حتى يأكل قطعة أو لا يكاد يأكل ويترك لها الباقي، فتنضجه هي بعد أن ينصرف فإبراهيم صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، بل جاء بعجل حنيذ وهو العجل الذي شوي شياً وأنضج إنضاجاً، والله سبحانه وتعالى أعلم.

{فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} [الذاريات:26-27] من قوله تعالى: (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) أخذ العلماء فقهاً آخر من فقه الضيافة ألا وهو: أن صاحب البيت نفسه يستحب له أن يباشر خدمة الأضياف بنفسه، ولا يجعل الخدم فقط هم الذين يتولون تقديم الطعام، فإن مباشرة صاحب البيت تقديم الطعام بنفسه للأضياف تفهمهم مدى حفاوته واهتمامه بهم، وإن كان المؤدى واحد، لكن حسن الاستقبال مع القيام على الخدمة كل ذلك يشعر الأضياف باهتمام صاحب البيت بهم، وهذا ينعكس بمودة ومحبة في قلب الضيف، لأن المضيف جمع له بين الحسنيين حسن الضيافة، وحسن البشاشة والاستقبال والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(تبسمك في وجه أخيك صدقة، وقال: لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط) ، ثم تقديم الطعام الذي هو نوع من الواجب عليك كما قال بعض العلماء، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 3