المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وما لكم لا تؤمنون بالله - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٥١

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الحديد [1]

- ‌بين يدي السورة

- ‌تفسير قوله تعالى: (سبح لله ما في السماوات والأرض

- ‌تفسير قوله تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن

- ‌تكرار صفة علمه تعالى

- ‌الأمر بالإيمان، مفاده وعلاقته بالإنفاق

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما لكم لا تؤمنون بالله

- ‌فضيلة السابق في الإيمان، وموقف الشيعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الأدب مع المفضول عند التمايز

- ‌الأسئلة

- ‌حال حديث: (يا علي! لا تنم إلا على خمسة

- ‌تصفيق النساء وزغردتهن في الأعراس

- ‌عقوبة الأمة المحصنة عند زناها

- ‌الزواج بواسطة التلفونات

- ‌لفظ النكاح الوارد في قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة

- ‌الصلاة عند القبر

- ‌تأويل الحديث: (إن الله خلق آدم على صورته)

- ‌قبض تعويض شركات التأمين

- ‌الزواج من المشركة أو الكتابية

- ‌كلمة حول كثرة الجماعات واختلافها

- ‌مدى صحة حديث: (زمزم لما شرب له) ، وحديث: (الدال على الخير كفاعله) ، والأحاديث الواردة في ليلة نصف شعبان

- ‌استحلال قتل النفس

- ‌حلول للتائب عن المعصية المجاهد لنفسه

- ‌مدى صحة حديث الأوعال

- ‌الشطرنج وأقوال العلماء فيه

- ‌سلس الريح وحكمه

- ‌مسائل متعلقة بكفارة اليمين

- ‌قبض تعويضات حرب الخليج

- ‌الزيادات الواردة في أحاديث افتراق الأمم

- ‌عورة المرأة المسلمة عند النصرانية وحدودها

- ‌السنة في لبس العمائم

- ‌الصغار وخواتيم الذهب

- ‌معنى ورود جهنم المذكور في سورة مريم

- ‌أذان الفجر ولقمة الصائم في فمه

- ‌إحباط العمل بترك صلاة العصر ومعناه

- ‌صلاة سنة الفجر بعد الفريضة

- ‌إيثار الدعاء بين الأذان والإقامة على السنة القبلية

- ‌الجمع بين ملك النخل وقوله تعالى: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير)

- ‌مدى صحة النهي عن صيام يوم السبت، وما ورد مما يخالفه

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وما لكم لا تؤمنون بالله

‌تفسير قوله تعالى: (وما لكم لا تؤمنون بالله

) ومعنى الميثاق

قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الحديد:8] .

تعددت أقوال العلماء رحمهم الله تعالى في المراد بالميثاق، ومتى أخذ، ومن الذي أخذه.

فقال بعضهم: إن الذي أخذ الميثاق على الإيمان هو ربنا سبحانه وتعالى، كما قال تعالى في سورة الأعراف:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف:172-173] .

وفي معناه وتفسيره قال فريق من أهل العلم: إن الميثاق هو الميثاق المأخوذ على ذرية آدم وهم في صلب أبيهم آدم عليه السلام، فأخذ عليهم الميثاق أن يؤمنوا بالله تعالى وأن يوحدوه؛ لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لما خلق الله آدم مسح على ظهره فاستخرج من ظهره كل نسمة هو خالقها، ثم نثرهم بين يديه كالذر، ثم أشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا.

أن تقولوا يوم القيامة إن كنا عن هذا غافلين) .

وخالف في هذا المعتزلة فقالوا: ما الذي أدرانا أن هذا الميثاق قد أخذ ولا يذكره أحد من الخلق؟! وهذا ضرب من التأويل باطل؛ إذ يصح أن يقال -بناءً على هذا الزعم الباطل-: وما الذي أدرانا أن آدم عليه السلام خلق من تراب؟ وهذا كله من أنواع الباطل.

فمنهج أهل السنة في ذلك أن الله تعالى أخذ من ذرية آدم وهم في صلب أبيهم آدم عليه السلام الميثاق على الإيمان وعلى التوحيد.

ومما يؤسف له أن بعض مفسري أهل السنة والجماعة المشهود لهم بالتوفيق في تفسيرهم سلك في هذه الآية مسلك المعتزلة في تأويلها، وهو الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى، في تفسيره (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن) ، فلينبه على هذه الزلة في هذا التفسير الذي هو في عمومه طيبٌ ومبارك.

وثمّ قولٌ آخر في الميثاق أنه الميثاق الذي أخذه النبي صلى الله عليه وسلم على الأنصار ليلة العقبة، وقال بعض أهل العلم: إن قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ} [الحديد:8] خطاب موجهٌ لأهل الكتاب، والميثاق هو المذكور في قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:81] .

فأخبر الأنبياء أممهم بهذا الميثاق، وأخذوا على أممهم الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بُعث، فكان يهود يستفتحون على الذين كفروا من الأوس والخزرج، ويقولون: سيخرج نبيٌ عن قريب نتبعه ونقتلكم قتل عاد وإرم.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحديد:9] .

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} أي: واضحات ظاهرات جليات، وقوله تعالى:{لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: من ظلمات الجهل والكفر إلى نور الإيمان ونور الطاعات.

ص: 7