المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا منافاة بين الحذر من المنافقين وبين التوكل - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٦٤

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة المنافقون

- ‌أقسام النفاق

- ‌تفسير أوائل سورة المنافقين

- ‌سبب اعتقاد المنافقين كل صيحة عليهم

- ‌الإرشاد إلى عدم الاغترار بالمظاهر

- ‌إعراض المنافقين عن العلم النافع

- ‌اتقاء المنافقين بالأيمان الكاذبة

- ‌لا منافاة بين الحذر من المنافقين وبين التوكل

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله

- ‌ترتب الثواب على الدعاء وإن لم يستجب

- ‌مسألة استجابة الله لكل دعوات الأنبياء

- ‌تفسير قوله تعالى: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله)

- ‌موقف عبد الله بن عبد الله بن أبي من أبيه

- ‌سبب نزول قوله تعالى: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله)

- ‌مسألة ترك العمل والاتكال على ما في اللوح المحفوظ

- ‌الانشغال بمتاع الدنيا عن ذكر الله

- ‌فقه الإنفاق

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إعطاء المتزوج بهاشمية من الزكاة والصدقة

- ‌حكم قتل القطة المؤذية

- ‌حكم زواج رجل من فتاة رضع أخوه من أمها

- ‌حكم صلاة الوتر قبل النوم في أول الليل ثم التهجد بعده

- ‌حكم رجوع زوج سب الدين إلى زوجته بعقد جديد

- ‌الجمع بين كون سعد بن أبي وقاص حارساً للنبي وبين قوله: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)

- ‌حكم لعب الأطفال

- ‌حكم من قال لزوجته: أحضري أهلك وفي ستين داهية

- ‌أحاديث ضعيفة

- ‌حكم الدعاء أثناء الإقامة

- ‌حكم حديث: (كان النبي إذا صلى المغرب ذهب إلى بيته

- ‌حكم رواية الحديث بالمعنى

- ‌حكم رد المشتوم على الشاتم

- ‌حكم إصلاح سيارات الشرطة

- ‌حكم قراءة الفاتحة على روح المتوفى

- ‌المحارم مؤقتاً وحكم جلوس المرأة معهم بدون نقاب

- ‌حدود عورة المرأة مع المرأة

- ‌حكم ربط المحبلة أو استئصال الرحم

الفصل: ‌لا منافاة بين الحذر من المنافقين وبين التوكل

‌لا منافاة بين الحذر من المنافقين وبين التوكل

قال تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون:4] .

قوله تعالى: {فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون:4] ، أمر بأخذ الحذر، والله يقول في آية أخرى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا} [النساء:71] ، فالأمر بأخذ الحذر والحيطة لا ينافي التوكل، فإن قوماً فهموا هذا الباب على غير وجهه، ففهموا أن التوكل ينافي الأخذ بالأسباب، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث في البخاري وغيره:(ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة، فجاء سعد بن أبي وقاص وسمع لمجيئه صوت السلاح، قال: جئت أحرسك يا رسول الله) .

ومن الناس من يستدل بأقوال لا أعلم لها أصلاً، وخاصة الوارد عن عمر لما رآه أحدهم نائماً فقال:(حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر) ، فلم يجد عنده حراس ولا غير ذلك، وهذا الأثر لا أعلم له سنداً، والأسانيد الثابتة إلى عمر بخلاف ذلك، فإن عمر كان يتخذ الحجبة والبوابين، ففي الصحيح أن عمر كان في مجلسه وله غلام يقال له: يرفأ، فقال: يا أمير المؤمنين هذا عثمان يستأذن عليك، قال: فأذن له، ثم قال: هذا عبد الرحمن بن عوف يستأذن عليك، قال: فأذن له.

وأيضاً أراد عيينة بن حصن الفزاري أن يدخل على عمر فلم يستطع، فقال لابن أخيه الحر بن قيس: يا ابن أخي! إن لك وجاهة عند هذا الأمير فاستأذن لي في الدخول عليه، فاستأذن الحر بن قيس لعمه عيينة بن حصن الفزاري في الدخول على عمر.

وأيضاً علي بن أبي طالب رضي الله عنه، جاءه آتٍ فقال: يستأذن عليك ابن جرموز قاتل الزبير بن العوام فقال: ائذن له وبشره بالنار، فالشاهد في قوله: يستأذن عليك فلان.

فاتخاذ الحجبة واتخاذ الحرس لا ينافي التوكل على الله، بل أمرنا الله أمراً فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء:71] ، فهذا أمر من الله سبحانه وتعالى، وهنا يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون:4] ، فلا يُفهم التوكل على غير وجهه الصحيح، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم وهو خير المتوكلين يؤمر بالحذر من المنافقين.

{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} [المنافقون:4] : من العلماء من يطلق القول فيقول: كل آية فيها (قتل)، مثل:(قاتلهم الله، أو قتل الخراصون، أو قتل الإنسان ما أكفره) فمعناها: لعن، فمعنى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات:10] : لعن الخراصون، {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس:17] ، أي: لعن الإنسان ما أشد كفره.

{قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4] من العلماء من يجري المعنى الأصلي على هذا فيقول معناها: لعنهم الله أنى يؤفكون، و (يؤفكون) معناها: يصرفون، مثل قوله سبحانه:{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات:9]، أي: يصرف عنه من صرف.

ص: 8