المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٦٥

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة التغابن

- ‌تفسير قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ

- ‌تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ

- ‌تفسير قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ

- ‌تفسير قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ

- ‌تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا

- ‌تفسير قوله تعالى: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌معنى الغبن

- ‌غبن أهل الجنة أهل النار في الآخرة

- ‌الغبن بين المظلوم والظالم في الآخرة

- ‌اجتماع الحسنات مع السيئات التي دون الكفر

- ‌الرد على المرجئة والمتصوفة

- ‌تفسير قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ

- ‌تفسير قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا

- ‌الأسئلة

- ‌استحضار النية عند الاغتسال

- ‌صحة الصلاة في مسجد معزول عن القبر

- ‌جماع الحائض والنفساء

- ‌التفصيل في مسألة التورق

- ‌جواز تنازل الزوجة عن قسمها للزوجة الأخرى

- ‌حكم الملاكمة

- ‌حكم التماثيل

- ‌حكم مباشرة المرأة العمل

- ‌حكم حديث أبي أميمة في تفسير قوله تعالى: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ)

- ‌حكم الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بتفسير المهل بعكر الزيت

- ‌صحة حديث: (لا ضرر ولا ضرار)

- ‌الطلاق بيد الزوج

- ‌نقض عقد الزواج بسبب سب الزوج دين الزوجة

- ‌حكم اقتناء الصور للذكرى

- ‌بقاء الزوجة عند زوج يصلي أحياناً

- ‌حديث الإعانة على حفظ القرآن

- ‌معنى حديث: من مات وليس في عنقه بيعة

- ‌مراعاة المصالح والمفاسد في الزوجة مع زوج يصلي أحياناً

- ‌رؤيا النبي في المنام بدون لحية

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر

‌تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ

.)

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِن} [التغابن:2] .

قال جمهور المفسرين: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِن} [التغابن:2] أي: خلقكم فمنكم كفار ومنكم مؤمنون وهم في بطون الأمهات، أو حتى قبل أن تخلقوا في بطون الأمهات، فإن الله سبحانه وتعالى قد مضى أمره وجرت سنته في الخلق، على أن من الخلق من خلق كافراً ومنهم من خلق مؤمناً، قال الله سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} [الأعراف:179]، (ذرأنا) أي: خلقنا، وقال الله سبحانه وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء:101] أي: سبق في علمنا وفي كتابتنا أن لهم الحسنى، (أولئك) عن النار (مبعدون)، وقال الله سبحانه وتعالى:{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:68] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود المتفق عليه: (فيسبق عليه الكتاب -أي: المكتوب عليه- فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، أو يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) ، والشقاوة والسعادة مقدرتان.

فمن أهل العلم من قال: إن قوله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ} [التغابن:2] أي: خلق خلقاً هم في أصل خلقتهم كفار، قال عليه الصلاة والسلام عن الغلام الذي قتله الخضر: إنه طُبع كافراً، وخلق خلقاً آخرين في أصل خلقتهم، هم أهل إيمان، وهذا رأي جمهور المفسرين في هذا الباب.

بينما اختار آخرون رأياً آخر، وقالوا إن معنى قوله:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ} [التغابن:2] ، لما خلقكم اختار قوم منكم الكفر، واختار قوم منكم الإيمان، وأوردوا شاهداً لهذا، كقوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور:45]، أي: لما خلقها من ماء بدأ بالتقسيمات فقال تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور:45] .

واستشهد قائل هذه المقولة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)، إلا أن الاختلاف حدث في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم:(كل مولود يولد على الفطرة)، ما معنى الفطرة؟ وما المراد بها؟ فرأى بعض أهل العلم: أن المراد بالفطرة: الإسلام.

ورأى آخرون: أن الفطرة: هي الخلقة التي خلقه الله عليها، سواء كانت الإسلام أو غير الإسلام، وفي هذا تفصيلات أخرى لعلها تأتي في باب أوسع إن شاء الله.

لكن رأي الأكثرين مبني على أن أصل الخلق منهم كافر في تقدير الله وفي علم الله سبحانه وتعالى، ومنهم مؤمن كذلك في علم الله وفي تقدير الله سبحانه.

فإن قال قائل: فما فائدة العمل إذاً والأمور مقدرة؟ قلنا: العمل امتثال لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم لما سأله الشابان الأنصاريان: (ففيم العمل إذاً يا رسول الله؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له) .

ص: 3