المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (إن يوم الفصل كان ميقاتا - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٨٣

[مصطفى العدوي]

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (إن يوم الفصل كان ميقاتا

‌تفسير قوله تعالى: (إن يوم الفصل كان ميقاتاً

.)

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} [النبأ:17] ، كل هذه الأشياء ذكرت لإثبات البعث.

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} ، أي: وقتاً مؤقتاً للفصل بين العباد، وسيرون فيه عاقبة التكذيب الذي كذبوه.

{يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ} [النبأ:18] الصور: قرن ينفخ فيه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(الصور: قرن ينفخ فيه)، أما قتادة فيرى أن الصور: الخلق.

والتأويل على قوله: {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ} ، أي: تنفخ الأرواح في الأجساد، وهذا المعنى دارج في عدة آيات من كتاب الله، فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تأويل قوله تعالى:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر:27-29]، أي: ادخلي -أيتها الأرواح- في أجساد عبادي، وهذا تأويل عبد الله بن عباس، واختاره ابن جرير الطبري ولم يحك غيره، قال الطبري في تأويل قوله تعالى:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} ، أي: ادخلي أيتها الأرواح التي خرجتِ من عبادي في الدنيا بعد أن ماتوا، وصعدتِ إلى السماء؛ ادخلي مرة ثانية في عبادي وذلك يوم البعث، واستدل لها بقراءة وردت في الآية:(فادخلي في عبدي) أي: ادخلي في جسد عبدي.

وكثير من العلماء قالوا: إن قوله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} ، أي: ادخلي -يا أيتها النفس- في زمرة عبادي الصالحين، وانتظمي في سلك عبادي الصالحين، وتنعمي معهم حيث يتنعمون، والله أعلم.

شاهدنا: أن قتادة قال: (الصور) : الخلق، والمراد بالنفخ في الصور عند قتادة: أن تنفخ الأرواح في الأجساد، لكن التأويل الأصح هنا -وهو الذي عليه الأكثرون- أن المراد بالنفخ في الصور: هو نفخ إسرافيل في الصور، قال عليه الصلاة والسلام:(كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته وانتظر متى يؤمر؟!) .

{يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} [النبأ:18]، الأفواج: الجماعات، جمع فوج.

وأفادت هذه الآية الكريمة أن الناس يأتون يوم القيامة أفواجاً، ونحوها قوله تعالى:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر:73]، ونحوها أيضاً قوله تعالى في شأن قوم فرعون:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود:98] ، فكيف يجمع بين هذا الذي حاصله أن بني آدم يأتون يوم القيامة أفواجاً، وبين قوله تعالى:{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:95] ؟ تقدم مراراً أن دفع مثل هذا الإشكال يكون بما حاصله: أن يوم القيامة تتعدد فيه المواقف، فمقدار ألف سنة مما تعدون، ففي بعض الساعات يحصل فيها كذا، وبعض الساعات يحصل فيها شيء آخر، فعند العتاب:{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:95] ، (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان) الحديث.

ص: 6