المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٨٦

[مصطفى العدوي]

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم

‌تفسير قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم

.)

{إِنَّ الأَبْرَارَ} [الانفطار:13] أي: المطيعين {لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار:13]، وفي المقابل: (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ} [الانفطار:14-15] أي: يدخلونها مصليين بحرها، أي: متألمين بحرها.

{وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} [الانفطار:16] فيها قولان: أحدهما: أنهم إذا دخلوا النار لن يغيبوا عنها طرفة عين، بل سيلازمونها دائماً، وليس هناك راحة ولا إجازة ولا عطلة يتعطلون فيها عن النار، بل لن يغيبوا عنها أبداً:(وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) يعني: إذا دخلوها لن يخرجوا منها، ولن تفتر ولن تخبو عليهم أبداً ولن يفارقوها.

قول آخر (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) أي: أنهم لابد وأنهم سيردون عليها.

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار:17] لتهويل أمر يوم الدين وتعظيم شأنه جاءت (ما) الاستفهامية {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} .

{ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار:18] كرر الاستفهام لتعظيم شأن يوم الدين.

{يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار:19] هل الآية على إطلاقها أو من الممكن أن نفساً تنفع نفساً بإذن الله؟ الظاهر الأخير؛ فإن الله قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255] وقال: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:28] وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يقال يوم القيامة: أدخلوا هؤلاء الصغار الجنة، فيمتنع الصغار عن دخول الجنة، فيقول الله لهم: ما لي أراكم محبئنضين -أي: ممتنعين مترددين- فيقولون: لا ندخلها يا رب! حتى يدخلها آباؤنا وأمهاتنا، فيقول الله سبحانه: أدخلوا معهم آباءهم وأمهاتهم) فقوله: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار:19] مقيد إلا أن يشاء الله، فإذا شاء الله نفعت نفس نفساً بإذن الله.

{وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:19] لقائل أن يقول: لماذا اختُص يوم الدين بأن الأمر فيه لله، مع أن الأمر في الدنيا كذلك لله، وفي كل وقت وحين الأمر لله، فلماذا خص يوم القيامة بأن الأمر فيه لله؟ فالإجابة على ذلك: أن في الدنيا ملوكاً منهم من يدعي أنه هو المهيمن على الناس والمسيطر على الخلق، ومنهم من يدعي أنه الرب الأعلى، لكن يوم القيامة تضمحل هنالك الممالك، ويفنى كل من على وجه الأرض، ويقال: لمن الملك اليوم؟ فيجاب: لله الواحد القهار، فلا ملك ينازع، ولا مشاكس يشاكس، ولا معترض يعترض، بل الكل يسلم بأن الملك لله الواحد القهار.

ص: 5