الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجنائز
التسلية في المصائب يُهوِّنها
(1)
قال تعالى لأهل الإيمان في غزوة أُحُد: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165]، {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104].
قال البخاري في «صحيحه» رقم (4462): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام: وَا كَرْبَ أَبَاهُ! فَقَالَ لَهَا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ» فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام: يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ؟
(1)
قالت الخنساء كما في «ديوانها» (ص: 72):
يُذَكِّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخرًا
…
وأَذْكُره لكلِّ غُروبِ شَمْسِ
ولَوْلا كَثْرَةُ البَاكينَ حَوْلي
…
على إخوانهمْ لقَتَلْتُ نفسِي
وتابع سليمانَ بن حرب جمعٌ: يزيد بن هارون، وأبو النعمان، وأبو داود الطيالسي، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(1)
وعُبيد الله بن عمر القواريري، وزاد:(جَعَل يَبسط رِجلًا ويَقبض أخرى، قالت فاطمة: يا كَرْباه). أخرجه أبو يعلى (3380)، ويحيى بن يحيى، هو النَّيْسَابوري، وزاد:(أسندته فاطمة إلى صدرها، فجَعَل يتغشاه). أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (6728)
(2)
.
وتابع حمادًا مَعْمَر دون وجه الشاهد من المواساة. أخرجه أحمد (13031)، والنَّسَائي (1860).
*-ورواه المبارك بن فَضَالة، وعنه أربعة:
1 -
أبو النضر هاشم بن القاسم، كما عند أحمد (12434).
2 -
خَلَف، هو ابن الوليد، أخرجه أحمد رقم (12435).
3 -
المُؤمَّل بن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ، كما في حديث أبي الفضل الزُّهْري (707).
4 -
آدم بن أبي إياس، كما عند ابن السُّني (564)، وابن الأعرابي في «معجمه» (2227)، فزادا عنه:«يَا بُنَيَّةُ، قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكِ مَا لَيْسَ اللَّهُ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا لِمُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
(1)
رواية أبي أسامة عند ابن ماجه (1630) وكلها مرفوعة، لكن ربما وقعت للدارقطني في «علله» (2424) من وجهٍ آخَر فيه تفصيل، فإن أوله مُرسَل وآخِره موصول، وشفعه بالقواريري عُبيد الله وإسحاق وقال: يُشْبِه أن يكون حماد بن زيد ضَبَطه.
(2)
وفي سنده إسماعيل بن قُتيبة، قال فيه الذهبي: المُحدِّث الزاهد النَّيْسَابوري.
وخالفهم مصعب بن المِقدام، فلم يَذكر زيادة المواساة، وجَعَل شيخَ المبارك بن فَضَالة
(1)
الحسنَ البصري. أخرجه أبو يعلى (2769)، وابن أبي الدنيا في «المُحتضَرين» (345)، وروايتهم أرجح.
والمبارك مُدلِّس وقد عنعن، لكن توبع من ضعيف، وهو عبد الله بن الزبير
(2)
أبي الزبير. أخرجه الترمذي في «الشمائل» (398)، وابن ماجه (1629)، وأبو يعلى (3441).
الخلاصة: أنها زيادات مُتمِّمة لسياق القصة، والله أعلم.
(1)
وثقه الدارقطني وابن المديني في رواية، وقال أحمد: كثير الخطأ، وأحاديثه متقاربة عن الثوري.
(2)
قال فيه أبو حاتم: مجهول لا يُعْرَف. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» . وقال الدارقطني: بصري صالح.
المؤمن يموت بعَرَق الجبين
قال النَّسائي في «سُننه» (1845): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: المُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الجَبِينِ.
وتابع كَهْمَسًا قتادة، أخرجه أحمد (23022) والترمذي (982)، وغيرهما. وقتادة لم يَسمع من ابن بُريدة، قاله البخاري.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن صبحي النمر، بتاريخ (20) ربيع الآخِر (1445) الموافق (4/ 11/ 2023 م): السند يصح بطريقيه، وانظر العلل.
وللخبر شاهد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، أخرجه البزار (1530) والطبراني في «الأوسط» (1534)، لكنه أُعِلَّ بالوقف كما في «نوادر الأصول» (544).
وقد سبقت هذه النتيجة لي مع شيخنا في كتابي «التحف الكردية في الخُطب المنبرية» (ص/ 70) ط/ دار اللؤلؤة.
مبايعة أُمَيْمَة بنت رُقَيْقَة رضي الله عنها
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على عدم النَّوح
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6850): حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ:«أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقِي، وَلَا تَزْنِي، وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ، وَلَا تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ، وَلَا تَنُوحِي، وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى» .
وتابع خلفًا عبدُ الوهاب بن نجدة، أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1390). وسليمان بن سُليم ثقة حمصي دمشقي.
قال يحيى بن مَعين: إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز فإن كتابه ضاع، فخلط في حفظه عنهم
(1)
.
(1)
أما ابن حبان فله تعليل آخر، قال: كان إسماعيل من الحُفاظ المتقنين في حديثهم، فلما كَبِر تَغيَّر حفظه، فما حَفِظَ في صباه وحداثته أتى به على جهته، وما حَفِظ على الكِبَر من حديث الغرباء خلط فيه، وأَدْخَل الإسناد في الإسناد، وألزق المتن بالمتن، و هو لا يَعلم، فمَن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يَكثر، خرج عن حد الاحتجاج به.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (21) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (10/ 6/ 2023 م) إلى حُسنه؛ لأنه من رواية ابن عياش عن أهل بلده.
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (8/ 314): أجمع العلماء على أن النياحة لا تجوز للرجال ولا للنساء. ورَخَّص الجمهور في بكاء العين في كل وقت.
الخروج من الجنازة
بتسليمتين أو تسليمة
اختُلف فيها على قولين:
الأول: تسليمتان. وبه قالت الأحناف كما في «المبسوط» (1/ 424) لمحمد بن الحسن. وهو المعتمد عند الشافعية كما في «روضة الطالبين» (2/ 127) قياسًا على الصلاة وأثر ابن مسعود، وسنده ضعيف.
الثاني: تسليمة واحدة. وبه قالت المالكية كما في «المدونة» (1/ 263) والحنابلة كما في «كشاف القناع» (2/ 116) وصح الأثر بذلك عن ابن عمر
(1)
وابن عباس
(2)
وواثلة بن الأسقع، وورد عن علي وأبي هريرة بسند ضعيف.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن عيد، بتاريخ (17) محرم (1444 هـ) الموافق (15/ 8/ 2022 م) إلى أن رأي الشافعية قوي.
(1)
أنه كان إذا صلى على الجنازة رَفَع يديه فكَبَّر، فإذا فرغ سَلَّم على يمينه واحدة. أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (6450) وغيره.
(2)
أنه كان يُسلِّم على الجنازة تسليمة. أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (6444).
أنتم شهداء الله في أرضه
قال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» رقم (6629): أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ حَيَّانَ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا خَالِدٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ، وَخَرَجَ النَّاسُ، فَقَالَ النَّاسُ خَيْرًا وَأَثْنَوْا خَيْرًا، فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَيْسَ كَمَا ذَكَرُوا، وَلَكِنَّكُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، وَأُمَنَاءُ عَلَى خَلْقِهِ، فَقَدْ قَبِلَ اللهُ قَوْلَكُمْ فِيهِ، وَغَفَرَ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» .
وتابع أبا نُعيم ابن مندة كما في «تاريخ دمشق» (71142).
وقال أبو نُعيم عقبه: غَرِيبٌ، لَا يُعْرَفُ لَهُ إِسْنَادٌ غَيْرُهُ.
وقال ابن منده: غريب وفي سنده ضعيفان. كما في «الإصابة» (6/ 663).
وفي سنده نصر بن حماد البجلي، قال البخاري: سكتوا عنه.
ومحمد بن عيسى بن حيان ضعيف.
ويعقوب بن إبراهيم بن حبيب صاحب أبي حنيفة، أبو يوسف الفقيه، تَرَكه ابن مهدي، وقال البخاري: تركوه.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي الرفاعي، بتاريخ (2) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (20/ 6/ 2023 م) إلى ضعفه.
ولبعضه شاهد من حديث أنس متفق عليه، وفيه: «مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة
…
» وقد سبق في «سلسلة الفوائد» .
وأيضًا من حديث أبي هريرة عند النَّسائي.
تسنيم القبر
(1)
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (968): حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، ح، وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ - فِي رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَهُ - وَفِي رِوَايَةِ هَارُونَ أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ شُفَيٍّ، حَدَّثَهُ- قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِأَرْضِ الرُّومِ بِرُودِسَ، فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا، فَأَمَرَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ
(2)
، ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا.
وتابع عمرَو بن الحارث أبو إبراهيم، ولم يقف عليه الباحث، أخرجه الطبراني «المعجم الكبير» (18/ 314).
(1)
في «المصباح المنير» (م/ س ن م): سَنَّمْتُ الْقَبْرَ تَسْنِيمًا إذَا رَفَعْتَهُ عَنْ الْأَرْضِ كَسنام البعير.
(2)
في «إكمال المُعْلِم» (3/ 438) للقاضي عياض:
…
تسنيمها اختيار أكثر العلماء وجماعة أصحابنا وأبي حنيفة والشافعي. وحَكَى بعضهم فيه الخلاف. وحَمَله بعضهم على الرفق، وجمعوا بين الأمر بتسويتها وبين تسنيمها: أن تسويتها ألا يُبنَى عليها بناء عاليًا ولا تُعظَّم، كما كانت قبور المشركين، وتكون لاطية بالأرض، ثم تُسنَّم ليتميز أنه قبر.
وخالفهما ابن إسحاق فأوقفه، أخرجه أحمد (23934) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (11758) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3268).
والخلاصة: أن شيخنا أشار مع الباحث محمد بن عادل مصباح إلى بحث ترجمة ثُمَامَة بن شُفَيّ باتساع، وبيان معنى التسوية هل بالأرض أو أعلى شبرًا أو شبرين؟
•
;
حكم الدفن ليلًا
وردت فيه أخبار صحيحة بالجواز:
الأول: حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ:«مَتَى دُفِنَ هَذَا؟» قَالُوا: البَارِحَةَ. قَالَ: «أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟» قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ
(1)
.
الثاني: وكان دفنه صلى الله عليه وسلم ليلًا، في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ» قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْمَسَاحِي: الْمُرُورُ
(2)
.
وفي الباب دفن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليلًا.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 208): وأيد ذلك بما صَنَع الصحابة بأبي بكر، وكان ذلك كالإجماع منهم على الجواز.
(1)
أخرجه البخاري (1321) ومسلم (954) واللفظ للبخاري.
(2)
أخرجه أحمد (24333).
وأما النهي عن الدفن ليلًا فمُوجَّه
(1)
وأخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (943): حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» .
وتابع حجاجَ بن محمد عبدُ الرزاق في «مصنفه» (6549).
وخالفهما محمد بن بكر، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى:
(1)
بما يلي:
1 -
لرداءة الكفن وقِلته من قوله: «فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ» أي: غير سابغ. والأصل: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» .
2 -
لكونه صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ عليه، وذلك بكسر اللام من (يُصلِّي) في قوله:«حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ» هكذا وَجَّهه ابن حجر ووَجَّه النووي بالفتح لكثرة المصلين نهارًا.
ومعلوم أن في النهار غالبًا يَكثر المصلون إلا ما كان عقب قيام ليالي رمضان في الحرمين وليالي رمي الجمار وعشر ذي الحجة، عَقِب صلاة العشاء.
3 -
الحمل على الاضطرار، وذلك من قوله:«إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ» كالحوادث.
أما ما ورد في بعض ألفاظ الحديث: «لا تَدفِنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا» أخرجه ابن ماجه (1521) ففي سنده إبراهيم بن يزيد المكي، وهو متروك.
وانظر: «فتح الباري» (3/ 207 - 208) لابن حجر.
سُئِلَ جَابِرٌ عَنِ الْكَفَنِ، فَأَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
فقال سليمان بن موسى بدل أبي الزبير، أخرجه أحمد (14146)، ورواية سليمان بن موسى عن جابر مرسلة، قاله الحافظ المزي.
وتابع ابنَ جُريج:
1 -
23 - زكريا بن إسحاق وأيوب السَّختياني وحسين بن واقد. أخرجه أحمد (14524، 14993، 15087) مختصرًا.
4 -
حجاج بن أرطأة، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11457) وزاد:«فإن لم يجد فليُكفنه في بردي حبرة» .
5 -
ابن لَهيعة واختُلف عليه، تارة عن أبي الزبير، أخرجه أحمد (14766) وزاد:«وصَلُّوا على الميت أربع تكبيرات من الليل والنهار سواء» وتارة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي الزبير. أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2933) وابن لهيعة ضعيف، بخاصة في رواية غير العبادلة عنه. وقد اختُلف عليه.
6 -
إبراهيم بن يزيد المكي، أخرجه ابن ماجه (1521) وفيه:«ولا تَدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا» وإبراهيم بن يزيد متروك.
وتابع أبا الزبير اثنان:
1 -
نصر بن راشد واختُلف عليه، فتارة عن جابر، وأخرى عمن حدثه عن جابر. أخرجه أحمد (15287) وزاد نسبة الرجل الذي لم يُصَلِّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم
أنه من بني عُذْرة. وعِلته نصر بن راشد، ومبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن واختُلف في توثيقه.
2 -
وهب بن منبه، أخرجه ابن حبان (1394) ولم يَسمع وهب من جابر شيئًا، فقد قال ابن معين: لم يَلْقَ جابر بن عبد الله، إنما هو كتاب. وقال في موضع آخَر: هو صحيفة ليست بشيء. انظر «جامع التحصيل» للعلائي (ص: 296).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (18) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (3/ 10/ 2023 م) إلى صحة الخبر وضعف زيادة:«لا تَدفنوا موتاكم بالليل» وزيادة ابن لهيعة: «وصَلُّوا على الميت أربع تكبيرات من الليل والنهار سواء» وأن العلة من النهي عن الدفن جاءت في نص الحديث.
أيهما يُقدَّم في القبر؟
سبق ما أخرجه البخاري (1343) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ غ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ:«أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟» ، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ:«أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ» وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِمْ.
وأن شيخنا اعتمد طريق البخاري لكونه أخرجه، وصححه، ثم عَرَضه الباحث محمد بن باسم فكَتَب معه على طريق الليث، بتاريخ (2) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (31/ 7/ 2022 م): إسناده صحيح، أخرجه البخاري، حَشِّ بأقوال العلماء
(1)
.
(1)
نَصَّ أحمد بن صالح المصري على أن الزُّهْري لم يَسمع من عبد الرحمن بن كعب بن مالك، والذي يَروي عنه هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، كما في «جامع التحصيل» وهذه علة لطريق البخاري.
وصَوَّب الدارقطني طريق الليث في «العلل» وحَكَم بالاضطراب في «التتبع» . وانظر كلام أبي حاتم.
وقال النسائي في «سننه الكبرى» (4/ 344): وَهَذَا أَيْضًا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ تَابَعَ اللَّيْثَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَاخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَهُمْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا المَوْضِعِ.
كتاب الزكاة
فضل الصدقة
قال الترمذي في «سُننه» رقم (664): حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ البَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الخَزَّازُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ» .
وتوبع عقبة بن مُكْرَم بسند فيه إسحاق بن محمد، كذاب.
وعلة هذا الخبر عبد الله بن عيسى، ضعيف، بخاصة في يونس بن عُبيد.
قال ابن عَدِي في «الكامل» (5/ 411): يَروي عن يونس بن عُبيد وداود بن أبي هند ما لا يوافقه عليه الثقات.
وللخبر ثمانية شواهد بأسانيد نازلة، تدور بين مجهول ومتروك وضعيف
(1)
وصحح بها العَلَّامة الألباني، وضَعَّفها شيخنا مع الباحث محمد بن رمضان بن شرموخ، بتاريخ السبت (19) شعبان (1444 هـ) الموافق (11/ 3/ 2023 م).
(1)
انظرها في «مسند الشهاب» (97 - 102)، و «المعجم الكبير» للطبراني، رقم (8014).
هل ثَبَت أن أفضل الصدقة
على ذي الرحم الكاشح؟
قال الدارمي في «سُننه» رقم (1721) وعبد الله بن أحمد كما في «المسند» (15320): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّدَقَاتِ أَيُّهَا أَفْضَلُ؟ قَالَ:«عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» .
وتابع سفيانَ بن حسين
(1)
حجاجُ بن أرطأة، كما عند أحمد (23530) وغيره، لكن قيل: حجاج لم يَسمع من الزُّهْري.
خالفهما أصحاب الزهري فقالوا: عن الزهري عن عروة وابن المسيب عن حكيم، بلفظ «الصحيحين»: «إن هذا المال حلوة خضرة
…
» وليست فيه «على ذي الرحم» وجاء من مَخرج متسع عن حكيم عند مسلم (1034) وفيه: «أفضل الصدقة عن ظهر غِنى» .
(1)
وسفيان بن حسين ضعيف في الزُّهري، وخالفه أصحاب الزهري، ولعل حجاجًا دلسه عن الزهري فأسقط سفيان بن حسين، وأَعَله أبو زُرعة بالإرسال حيث صَوَّب طريق الزبيدي عن الزهري تارة عن أيوب بن بشير مرسلًا، كما في «العلل» (1/ 223) لابن أبي حاتم.
وللخبر طريق آخَر ظاهرها الصحة عن الزهري، أخرجها الحميدي في «مسنده» (330) وأبان عن علتها بعدم سماع سفيان له من الزهري، هكذا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرُونِى عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» . قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْكَاشِحُ: الْعَدُوُّ.
وتابع سفيانَ مَعْمَر، أخرجه الحاكم، والبيهقي في «الآداب» وعلة طريق معمر أنه من روية إسحاق الدَّبَري عن عبد الرزاق عن معمر، وهو مُستصغَر فيه، ولم يَتعرض علماء العلل لطريق مَعمر، بل قال الدارقطني: لم يروه عن الزهري غير حجاج ولا يَثبت. وكذا قال البزار في «مسنده» .
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث حسان بن عبد الرحيم، بتاريخ (18) ربيع الآخِر (1445) الموافق (2/ 11/ 2023 م): لا تصح لفظة «على ذي الرحم الكاشح» عن الزهري.
فلما ذكرتُ له طريق معمر وأن الشيخ مُقبِلًا صححه به، قال: هذا راجع للخلاف على الزهري. وزاد الباحث أن معمرًا عليه خلاف أيضًا، فقد رواه مع الجماعة بلفظ «الصحيحين» .
وسم إبل الصدقة
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2119) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يُحَدِّثُ أَنَّ أُمَّهُ، حِينَ وَلَدَتِ انْطَلَقُوا بِالصَّبِيِّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَنِّكُهُ قَالَ: فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مِرْبَدٍ «يَسِمُ غَنَمًا» قَالَ شُعْبَةُ: «وَأَكْثَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَالَ فِي آذَانِهَا» .
تابع محمد بن جعفر يحيى بن سعيد وابن مهدي وخالد بن الحارث وكلها عند مسلم.
وخالفهم أبو الوليد فقال: «يسم شاة» أخرجه البخاري (5542) وتابعة عفان بن مسلم كما عند أحمد (13663) لكن قال: «شياة» .
والشياه هي الغنم وهي من الرواية بالمعنى
(1)
.
(1)
ففي «المصباح المنير» (م/ ش و هـ) الشَّاةُ: من الغنم يقع على الذكر والأنثى فيقال هذا شاة للذكر وهذه شاة للأنثى وشاة ذكر وشاة أنثى وتصغيرها شويهة والجمع «شَاءٌ» و «شِيَاهٌ» بالهاء رجوعا إلى الأصل كما قيل شفة وشفاه، ويقال: أصلها «شَاهَةٌ» مثل عاهةٍ.
وقال في «العين» (4/ 426) للخليل بن أحمد (ت/ 170): غنم هذه غنم لفظ للجماعة فإذا أفردت قلت: شاة.
ورواه جماعة عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا «يسم إبلا» وهم:
1 -
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أخرجه البخاري (1502) ومسلم (2119) ولفظه: غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ المِيسَمُ، يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ.
2 -
محمد بن سيرين
(1)
أخرجه البخاري (5824) وفيه: «يسم الظهر الذي قدم عليه في الفتح» .
3 -
ثابت البناني أخرجه مسلم (2144) وفيه: «ورسول الله في عباءة يهنأ بعيرًا له» .
4 -
عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة
(2)
أخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» (8346) وفيه: «وهو في مربد له يسم أباعر» .
5 -
حميد الطويل أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (3882) وفيه «وهو يهنأ أباعر له ويسمها» .
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز بتاريخ 11 جمادى الأولى 1445 موافق 25/ 11/ 2023 م: يبدو والعلم عند الله أن رواية «الإبل» الأرجح.
(1)
من رواية ابن عون عنه، وتارة في البخاري (5470) عن ابن عون عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك دون الوسم.
وسأل الترمذي البخاري عن طريق محمد بن سيرين عن أنس كما في «العلل الكبير» (705) فقال: أرى بعضهم لا يقول فيه عن أنس.
(2)
وروايته عن عمه أنس في مسلم والنسائي في غير هذا الحديث.
منع الزكاة سبب لمنع القطْر من السماء
قال الإمام البيهقي في «السُّنن الكبير» رقم (6398): وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، أَنْبَأَ أَبُو حَاتِمٍ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَنْبَأَ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ قَطُّ إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، وَلَا فَشَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ إِلَّا أَخَذَهُمُ اللهُ بِالْمَوْتِ، وَمَا طَفَّفَ قَوْمٌ الْمِيزَانَ إِلَّا أَخَذَهُمُ اللهُ بِالسِّنِينَ، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا مَنَعَهُمُ اللهُ الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَا جَارَ قَوْمٌ فِي حُكْمٍ إِلَّا كَانَ الْبَأْسُ بَيْنَهُمْ- أَظُنُّهُ قَالَ: وَالْقَتْلُ-.
وتابع الفضلَ بن موسى عليُّ بن الحسن بن شقيق على الفقرة الأولى، علقه أبو حاتم ووصله الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (398).
وخالفهما علي بن الحسن بن سفيان، فجَعَل شيخ الحسين عبد الله بن يزيد، أخرجه الخرائطي في «اعتلال القلوب» (436) وربما يكون تصحيفًا، وفي الطبقة عبد الله بن يزيد رضيع عائشة، وليس له رواية عن ابن عباس في الكتب الستة. قاله الباحث.
ورواية الفضل بن موسى وعلي أرجح وإسنادهما حسن؛ لحال الحسن بن واقد المروزي.
* وخالف الحسينَ ثلاثة فرفعوه عن ابن بريدة عن أبيه، وَهُمْ:
1 -
بشير بن المهاجر، أخرجه البزار (4463)، والحاكم في «المستدرك» (2577) والبيهقي في «السنن الكبرى» (18850).
2، 3 - فضيل بن مرزوق وفضيل بن غزوان، وعنهما سليمان بن موسى أبو داود الكوفي
(1)
، فيه لِين. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6788) وتمام في «فوائده» (940)
(2)
.
وسُئل أبو حاتم كما في «العلل» (630) فقال: رواه حُسين بن واقد، عن ابن بُريدة، عن ابن عباس، موقوفًا، وهو أشبه. وأَكَّد هذه النتيجة رقم (2773).
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن غريب القليعي
(3)
بتاريخ (13) رجب (1444 هـ) الموافق (4/ 2/ 2023 م): صَوَّب أبو حاتم الوقف.
تنبيه: قال العَلَّامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 219) عن طريق حسين بن واقد: وإسناده صحيح وهو موقوف في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال مِنْ قِبل الرأي. ثم قال: وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح بلا ريب، وتَوقُّف الحافظ ابن حجر في ثبوته إنما هو باعتبار الطريق الأولى. والله أعلم.
(1)
وقال ابن حجر: سليمان يَروي عن فضيل بن مرزوق، وليس من تلاميذ فضيل بن غزوان. قاله الباحث.
(2)
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10992) من طريق مجاهد وطاوس، كلاهما عن ابن عباس مرفوعًا. وفي سنده إسحاق بن عبد الله بن كيسان، قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال الحاكم: لين الحديث.
(3)
وُلد بمركز أرمنت بمحافظة الأقصر، بتاريخ (5/ 10/ 1992 م) يَعرض أحاديث في «مرويات بشير بن المهاجر» وقد سبق منها في «سلسلة الفوائد» (5/ 97، 98)، (6/ 79).
إخراج الزكاة كل عام،
وليس في العمر مرة كحج الفرض
أولًا- السُّنة مُبيِّنة لعموم الآيات الآمرة بالزكاة، كقوله تعالى:{وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].
ثانيًا- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ»
(1)
.
وقال مالك في «مُوطَّئه» (685): عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ، حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ، فَتُؤَدُّونَ مِنْهَا الزَّكَاةَ. (إسناده صحيح).
رابعًا- قال ابن المنذر في «الإجماع» رقم (137): وأجمعوا على أن في العروض التي تدار للتجارة الزكاةَ إذا حال عليها الحَوْل.
بتاريخ (10) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (25/ 9/ 2023 م).
(1)
أخرجه البخاري (1400)، ومسلم (20).
هل ثَبَت ذكر (الحَبّ) أو (الثمر)
في حديث: «ليس فيما دون
…
»؟
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (979): وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ» .
ورواه عبد الرزاق عن الثوري ومَعمر عن إسماعيل به، لكن قال:«ثمر» بدل: «تمر» . أخرجه مسلم كذلك. وربما يكون ذلك تصحيفًا.
وخالف محمدَ بن حبان عمرَو بن يحيى، كما عند البخاري (1405) ومسلم (979) فلم يَذكر «حَب ولا تمر ولا ثمر» .
وتابعه عمارة بن غزية كما عند مسلم. وروايتهما أرجح.
وتابع يحيى بنَ عمارة عبدُ الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبي سعيد مرفوعًا: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» أخرجه البخاري (1484) وتارة قَيَّد «أوسق من تمر» أخرجه البخاري (1459).
وتابعهما - يحيى وعبدَ الرحمن- أَبو الْبَخْتَرِيّ الطَّائِيّ سعيد بن فيروز، أخرجه أبو داود (1559).
وتابعهم كذلك عباد بن تميم كما عند النَّسائي (2476).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث حسان بن عبد الرحيم بتاريخ (18) صفر (1445 هـ) الموافق (3/ 9/ 2023 م) إلى شذوذ ذكر الحَب، وأما الثمر فتصحيف. وله شاهد من حديث جابر عند مسلم (980) «ليس فيما دون
…
».
الأصناف التي تؤخذ منها زكاة الحبوب
* أربعة بالنص والإجماع:
أما النص فأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (21989): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ- يَعْنِي ابْنَ مَوْهَبٍ- عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ.
وتابع سفيانَ وكيع وجعفر بن عون.
وخالفهم مَرْوان بن معاوية ويحيى بن سعيد فأرسلاه، أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (1374).
وتابع عمرَو بن عثمان إسحاق بن يحيى، أخرجه الدارقطني (1915).
وخالفهما الحكم فقال: عن موسى بن طلحة عن عمر رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ» أخرجه الدارقطني (1913) وفي سنده عبد العزيز بن أبان، متروك.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عزت بن عبد الجواد، إلى أن علة هذا الخبر الانقطاع بين موسى بن طلحة ومعاذ رضي الله عنهما.
*-قال يحيى بن آدم في «الخراج» (ص: 149) رقم (537): حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمُعَاذٍ، أَنَّهُمَا حِينَ بُعِثَا إِلَى الْيَمَنِ لَمْ يَأْخُذَا إِلَّا مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ.
وتابع الأشجعيَّ أبو حذيفة، أخرجه الدارقطني (1921).
وخالف سفيانَ وكيعٌ فأوقفه، أخرجه ابن أبي شيبة (10023) وهو الأرجح لعلو السند ولكون السند إلى سفيان فيه مقال.
*-وورد من حديث ابن عمرو بأسانيد ضعيفة إلى عمرو بن شعيب. أخرجه الدارقطني (1905) وغيره.
*-وورد من حديث أنس رضي الله عنه، وفي سنده أبان بن أبي عياش، متروك، كما في «الخراج» ليحيى بن آدم (519).
وأما الإجماع، فنَقَله ابن عبد البر في «الاستذكار» (3/ 227): لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا زَكَاةَ فِي غَيْرِهَا.
وقال ابن قُدامة في «المغني» (4/ 154): أجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب. قاله ابن المنذر وابن عبد البر.
مقدار ما يخرج من زكاة الزروع
قال الدارقطني في «سننه» رقم (1915): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْأَزْرَقِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّفَّاحِ الْبَاهِلِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثَنَا ابْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْبَعْلُ وَالسَّيْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ» . فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَصَبُ وَالْخَضِرُ فَعَفْوٌ، عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
تابع يحيى بنَ المغيرة عميرُ بن مرداس، أخرجه الحاكم (1458) والبيهقي في «السنن الكبير» (7477).
وإسحاق بن يحيى ضَعَّفه أحمد، وقال ابن القطان: ذاك شِبه لا شيء.
*-ورواه أبو بدر بن عياش دون زيادة: «يكون ذك في التمر
…
» إلخ. واختُلف عليه في سنده، فرواه عنه ثلاثة- سليمان بن داود كما عند أحمد (22037)، وهناد بن السري كما عند النسائي (2490) وربيع بن المؤذن كما في «شرح معاني الآثار» للطحاوي (3085) - عن عاصم بن أبي النَّجود عن أبي وائل عن معاذ، به.
قال النسائي في «سننه الكبرى» (3/ 32): هَذَا الإِسْنَادُ أَيْضًا لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ؛ لأِنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَعَاصِمًا لَيْسَا بِحَافِظَيْنِ.
*-خالفهم ثلاثة- عاصم بن يوسف كما عند الدارمي (1709) ويحيى بن آدم كما عند ابن ماجه (1818) وغيره
(1)
، ومحمد بن سعيد كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (262) - فزادوا مسروقًا بين أبي وائل ومعاذ رضي الله عنه.
قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (9/ 528): هذا حديث صالح، جيد الإسناد، لكن فيه إرسال بين مسروق ومعاذ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عزت بن عبد الجواد، بتاريخ (18) محرم (1444 هـ) الموافق (16/ 8/ 2022 م) إلى ضعف الخبر.
وأن الصحيح ما أخرجه البخاري رقم (1483): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» .
ومسلم في «صحيحه» رقم (981): حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» .
(1)
منهم البزار في «مسنده» (7/ 91): وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِيهِ عَنْ مُعَاذٍ بِإِسْنَادٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
زكاة البقر
قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (6841): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذَ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمْ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مُعَافِرًا».
وتابعهما يعلى بن عبيد وغيره.
وخالفهم أبو معاوية فأسقط مسروقًا، كما عند أبي داود (1576).
ورواية الجماعة أرجح ويقال: إن مسروقًا لم يَسمع من معاذ، وقيل: لم يَلْقَه.
وقال الترمذي في «سُننه» (3/ 11) عقب الخبر: وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ. وَهَذَا أَصَحُّ.
وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (4/ 122): قال أبو داود: هو حديث منكر. قال: وبلغني عن أحمد أنه كان ينكره، وذَكَر البيهقي الاختلاف فيه، فبعضهم رواه عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ. وقال بعضهم: عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا. وأَعَله ابن
حزم بالانقطاع وأن مسروقًا لم يَلْقَ معاذًا. وفيه نظر وقال الترمذي: حديث حسن، وذَكَر أن بعضهم رواه مرسلًا وأنه أصح.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: د. السيد بن سكر الشرقاوي، بتاريخ (22) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (11/ 6/ 2023 م): كلام العلماء فيه بركة.
حُكْم بناء المساجد من مال الزكاة
ذهب الجمهور
(1)
إلى أنه لا يجوز بناء المساجد من الزكاة؛ لأن مصارف الزكاة الثمانية محصورة فيها.
وقال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (28/ 568): وقد اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يخرج بالصدقات عن الأصناف الثمانية المذكورين في هذه الآية، كما دل على ذلك القرآن.
(2)
.
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (3/ 213): وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَدَّى مِنَ الزَّكَاةِ دَيْنُ مَيِّتٍ وَلَا يُكَفَّنُ مِنْهَا، وَلَا يُبْنَى مِنْهَا مَسْجِدٌ، وَلَا يُشْتَرَى مِنْهَا مُصْحَفٌ، وَلَا يُعْطَى لِذِمِّيٍّ وَلَا مُسْلِمٍ غَنِيٍّ.
وفَرِح شيخنا - شفاه الله وحفظه- بهذه النقولات الطيبة مع الباحث محمد بن رمضان الشرموخي، بتاريخ (4) صفر (1444 هـ) الموافق (31/ 8/ 2022 م).
(1)
انظر: «فتح القدير» (2/ 267) وفيه: «ولا يُبنَى بها مسجد» ، و «المدونة» (1/ 346) وفيه:«وليست لبناء المساجد» ، و «فتح المُعِين» (ص/ 250) وفيه:«لا يُصرَف من الزكاة شيء لكفن ميت أو بناء مسجد» و «المغني» لابن قدامة (4/ 125) وفيه: «ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير مَنْ ذَكَر الله تعالى، مِنْ بناء المساجد
…
».
(2)
ونَقَل نحوه النووي في «المجموع» (6/ 185).
أَخْذ العُشُور من أهل الكتاب مرة في السنة
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (10895): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ
(1)
قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى المَاصِرِ
(2)
، فَكُنْتُ أُعَشِّرُ مَنْ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَأَعْلَمَهُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنْ لَا تُعَشِّرْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. يَعْنِي: فِي السَّنَةِ.
تابع ابنَ أبي شيبة يحيى بنُ آدم، أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (18774).
(1)
وأَخْرَج ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (10897): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المُهَاجِرِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ عَشَّرَ فِي الإِسْلَامِ.
وتابع وكيعًا قَبيصة بن عقبة ويحيى بن آدم، أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (9816).
وانتهى شيخنا مع الباحث إلى ضعفه؛ لأن إبراهيم بن المُهاجِر ليس بالقوي. قاله ابن مَعِين، وقال ابن حجر: لَيِّن الحفظ.
تنبيه: هذا مُؤيِّد لفعل زياد بن حُدير السابق.
(2)
في «دُرة الغَوَّاص في أوهام الخَوَاصّ» (ص: 137) للقاسم الحَريري: يقولون لمركز الضرائب: (المَأصَر) بفتح الصاد، والصواب كسرها؛ لأن معناه الموضع الحابس للمار عليه والعاطف للمجتاز به، ومِن ذلك اشتقاق أواصر القرابة والعهد؛ لأنها تعطف على ما تجب رعايته من الرحم والمودة.
وتابع أبا حَصِين ابنُ زياد بن حُدير، أخرجه أبو عُبيد في «الأموال» (10685) ولم يقف الباحث على ابن زياد. وعطاء صدوق اختَلَط.
وتابع زيادَ بن حدير إبراهيمُ النَّخَعي، لكنه لم يَسمع من عمر. أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (10589).
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث شريف الصابر، بتاريخ (14) شعبان (1444 هـ) الموافق (6/ 3/ 2023 م): صحيح بطرقه عن عمر رضي الله عنه.
تنبيه: طَلَب شيخنا من الباحث: لِمَ أَخَذ عمر العشور من النصارى؟ وفي أي شيء: التجارة أو غيرها؟
قال ابن قدامة في «المغني» (9/ 348): قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ الْعُشْرَ، وَمِنْ نَصَارَى أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفَ الْعُشْرِ.
وَهَذَا كَانَ بِالْعِرَاقِ، وَاشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْقصَصُ وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَتْ إجْمَاعًا، وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَأْتِ تَخْصِيصُ الْحِجَازِ بِنِصْفِ الْعُشْرِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ عَلِمْنَاهُ، لَا عَنْ عُمَرَ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَلْ ظَاهِرُ أَحَادِيثِهِمْ، أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحِجَازِ، وَمَا وَجَبَ مِنْ الْمَالِ فِي الْحِجَازِ وَجَبَ فِي غَيْرِهِ كَالدُّيُونِ وَالصَّدَقَاتِ.
هل الخمس بعد رسول الله لقرابة
رسول الله أو للقائم مقام رسول الله؟
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (2978) - حَدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثنا عَبدُ الرَّحمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُكَلِّمَانِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَسَمَ مِنَ الْخُمُسِ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَسَمْتَ لإِخْوَانِنَا بَنِي الْمُطَّلِبِ، وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا، وَقَرَابَتُنَا وَقَرَابَتُهُمْ مِنْكَ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ، مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسِ، كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمُسَ، نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِمْ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ، وَعُثمَانُ بَعْدَهُ.
وتابع يونس عقيل كما عند أبي داود كذلك.
وأخرجه البخاري من طريق يونس وعقيل دون «وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمُسَ، نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِمْ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ، وَعُثمَانُ بَعْدَهُ.
ورواه عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن الزهري فجعل «وكان أبو بكر
…
» من كلام الزهري وهذا الذي رجحه الإمام الذهلي. وقال ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 245): وزاد أبو داود في رواية يونس بهذا الإسناد وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر يعطيهم منه وعثمان بعده وهذه الزيادة بين الذهلي في جمع حديث الزهري أنها مدرجة من كلام الزهري وأخرج ذلك مفصلا من رواية الليث عن يونس وكأن هذا هو السر في حذف البخاري هذه الزيادة مع ذكره لرواية يونس.
وانتصر العلامة الألباني لتقديم روايتي عقيل ويونس وأنها مقدمة على رواية الليث لأن فيها عبد الله بن صالح لا يقاومهما.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن لملوم إلى أن رواية عقيل ويونس أقوى وإسنادها صحيح ولا يقوى عبد الله بن صالح على مخالفة عقيل ويونس وأن مثل هذه اللفظة توجه. بأن الخمس الذي هو لله ورسوله هل هو للإمام لأنه قائم مقام رسول الله أو هو لقربى رسول الله من بعد رسول الله.
اجتهاد عمر رضي الله عنه في إسقاط
سهم المؤلفة قلوبهم في زمانه
قال ابن أبي حاتم في «تفسيره» رقم (10377) - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنِ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيُّ قَالَ: «جَاءَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدَنَا أَرْضًا سَبِخَةً لَيْسَ فِيهَا كَلأٌ وَلا مَنْفَعَةٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُقْطِعَنَاهَا لَعَلَّنَا نَحْرُثُهَا وَنَزْرَعُهَا وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَا، فَأَقْطَعَهُمَا إِيَّاهَا وَكَتَبَ لَهُمَا بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَشْهَدَ لَهُمَا وَأَشْهَدَ عُمَرَ، وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ فَانْطَلَقَا إِلَى عُمَرَ لِيُشْهِدَاهُ عَلَى مَا فِيهِ، فَلَمَّا قُرِأَ عَلَى عُمَرَ مَا فِي الْكِتَابِ، تَنَاوَلَهُ مِنْ أيدهما فنفل فِيهِ فَمَحَاهُ، فَتَذَمَّرَا وَقَالا لَهُ: مَقَالَةً سَيِّئَةً فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَأَلَّفْكُمَا وَالإِسْلامُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ فَاذْهَبْا فَاجْتَهِدَا جُهْدَكُمَا لَا أَرْعَى اللَّهُ عَلَيْكُمَا إِنْ أَرْعَيْتُمَا» .
تابع أبا سعيد الأشج أبو بكر بن أبي شيبة كما في «مستدرك الحاكم» (4529) وتابعهما هارون بن إسحاق الهمداني أخرجه الخطيب في «الجامع في أخلاق الراوي» (1623).
خالفهم محمد بن العلاء فقال: (ابن أبي عثمان الصواف عن محمد بن سيرين) بدلًا من أنس بن سيرين.
ورواية الجماعة أرجح وأتم سياقًا وإسنادها حسن؛ إن تحمل عبد الرحمن المحاربي وشيخه حجاج الخلاف.
وعبيدة السلماني أثبت له البخاري في «التاريخ الكبير» (1077) والخطيب البغدادي في «تاريخه» (5767) السماع من عمر رضي الله عنه وفي «مسند الفاروق» (1/ 384): ثم قال: هذا حديث منقطع الإسناد؛ لأن عبيدة لم يدرك، ولم يرو عنه أنه سمع عمر ولا رآه، والحجاج بن دينار واسطي، ولا يحفظ هذا الحديث عن عمر بأحسن من هذا الإسناد، وقد رواه طاوس مرسلًا، وأول هذا الحديث كوفي، ثم يرجع إلى واسطي، ثم يرجع إلى بصري، ثم يرجع إلى عبيدة وهو كوفي. انتهى كلامه رحمه الله.
وتابع عبيدة السلماني حبان بن أبي جبلة أخرجه الطبري في «تفسيره» (16855) وحبان (ت/ 122) ثقة إلا أنه لم يدرك عمر رضي الله عنه
(1)
وفي السند إليه ضعف.
وتابعهما نافع مولى عبد الله بن عمر ولم يسمع من عمر
(2)
أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (383) -قثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قثنا أَبِي
(3)
، عَنْ يَعْلَى، يَعْنِي: ابْنَ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَافِعٍ، ثُمَّ تَرَكَ يَعْلَى، أَنَّ الزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ طَلَبَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُقْطِعَهُمَا، فَأَقْطَعَهُمَا وَكَتَبَ لَهُمَا
(1)
قال الإمام أحمد في «تاريخ الإسلام» (3/ 394): ما ينبغي أن يكون سمع من ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
انظر: «تحفة التحصيل» (325).
(3)
جرير له أوهام إن حدّث من حفظه.
كِتَابًا، فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ: أَشْهِدَا عُمَرَ فَإِنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَجْوَزُ لِأَمْرِكُمَا، فَأَتَيَا عُمَرَ بِالْكِتَابِ، فَلَمَّا نَظَرَ فِيهِ بَزَقَ فِيهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمَا ثُمَّ قَالَ: لَا، وَلَا نَعْمَةَ عَيْنٍ، آللَّهَ لَتَفْلَقُنَّ وُجُوهَ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّيُوفِ وَالْحِجَارَةِ ثُمَّ لَنَكْتُبَنَّ لَكُمْ لِفَيْئِهِمْ، فَرَجَعَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنْتَ الْخَلِيفَةُ أَمْ عُمَرُ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ: وَإِنَّا لَا نُجِيزُ إِلَّا مَا أَجَازَهُ عُمَرُ».
خالف وهب بن جرير سليمان بن حرب فأسقط يعلى بن حكيم كما عند الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1624).
الخلاصة: أن الأثر صحيح بمجموع طرقه وكتب شيخنا مع الباحثً: محمد بن صبحي بن عبد الكريم المنوفي بتاريخ (15) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (29/ 11/ 2023 م):
1 -
هل أخرج الشيخان أو أحدهما شيئًا عن عبيدة السلماني عن عمر؟
(1)
.
2 -
من أي طبقة عبيدة
(2)
.
3 -
يحسن عن عمر بالطريقين وبالثالث. ا هـ.
وقال شيخنا: كتاب الله مقدّم على اجتهاد عمر رضي الله عنه.
(1)
ليس له رواية عن عمر في الكتب التسعة.
(2)
من الطبقة الثانية.
كتاب الصيام
الدعاء عند رؤية الهلال
* وردت فيه أخبار عن ستة من الصحابة رضي الله عنهم:
الأول- وهو أقواها وأشهرها-: حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أخرجه الترمذي في «سننه» (3451): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ المَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِلَالُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ
(1)
، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى الهِلَالَ قَالَ:«اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ» .
تابع محمدَ بن بشار جمعٌ: الإمام أحمد وعبد بن حميد ومحمد بن يزيد ومحمد بن الوليد ومحمد بن المثنى، وإسحاق بن راهويه وابن المديني وهارون بن عبد الله وأحمد بن زياد.
والخلاصة: أن علة هذا الخبر ضعف سليمان بن سفيان المديني، فقد ضَعَّفه أبو زُرعة والدارقطني، وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال ابن المديني: روى أحاديث منكرة. وذَكَره العُقيلي في ترجمة سليمان بن سفيان «الضعفاء الكبير» (2/ 135) وقال: لا يُتابَع عليه إلا من جهة تقاربه في الضعف، وفي
(1)
ذَكَره ابن حبان في «الثقات» وتَفرَّد بالرواية عنه سليمان بن سفيان، وقال ابن حجر: لَيِّن.
الدعاء لرؤية الهلال أحاديث، كان هذا عندي من أصحها إسنادًا، وكلها لينة الأسانيد.
وقال الترمذي عقبه: هذا حديثٌ حسنٌ غَرِيبٌ.
وقال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يُروَى عن طلحة بن عبيد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
الحديث الثاني: حديث أبي سعيد، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (905): حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ تَمَامٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَاءَ بِالشَّهْرِ وَذَهَبَ بِالشَّهْرِ» .
وتابع عبدان بن أحمد
(1)
أحمدُ بن يحيى بن زهير، كما عند ابن السُّني في «عمل اليوم والليلة» (642).
الخلاصة: أن علة هذا الخبر عبيد الله بن تمام، ضَعَّفه أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني.
الحديث الثالث: حديث رافع بن خَديج، أخرجه الطبراني (ت/ 360)
(2)
في «الدعاء» رقم (908) و «المعجم الكبير» (4409): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ
(1)
ومِن مشايخ البخاري مَنْ لُقب بعبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة.
(2)
فابن السُّني من أقرانه، وبين وفاتيهما أربع سنوات.
رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ» ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذَا الشَّهْرِ- ثَلَاثًا- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذَا الشَّهْرِ وَخَيْرِ الْقَدَرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
الخلاصة: أن سنده ضعيف لما يلي:
1 -
ضعف ليث بن أبي سُليم.
2 -
الراوي عنه ميمون بن زيد لَيَّنه أبو حاتم.
3 -
والراوي عنه محمد بن موسى الحَرَشي ضَعَّفه أبو داود.
الحديث الرابع: حديث أنس بن مالك، أخرجه ابن السني (ت/ 364) في «عمل اليوم والليلة» رقم (643): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْخَشَّابُ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى الْهِلَالِ قَالَ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هِلَالَ يُمْنٍ وَرُشْدٍ، وَآمَنْتُ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ فَعَدَلَكَ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» .
وتابع يحيى بنَ محمد، أحمدُ بن رِشدين، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (311) وفي سنده أحمد بن عيسى، كذبه ابن طاهر، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: له مناكير.
وتابع عبدَ الرحمن بن حرملة اثنان:
1 -
قتادة، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (906) وفي سنده محمد بن عبيد الله العرزمي، متروك.
وخالف محمدَ بن عبيد الله ثلاثة: معمر كما في «جامعه» (20338)، وسعيد، وهو ابن أبي عَروبة، كما عند ابن أبي شيبة (9737)، وأبان، وهو ابن يزيد العطار، أخرجه أبو داود في «سننه» (5092) وفي «المراسيل» (527) فأرسلوه.
وقال أبو داود: رُوي متصلًا ولا يصح. وقال أيضًا: ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مسند صحيح.
وقال البيهقي في «الدعوات» (517): هذا مرسل، وقد جاء من وجهين ضعيفين عن أنس بن مالك مرفوعًا ببعض معناه.
2 -
العلاء بن زياد، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (907) وفي سنده عبد الوارث بن إبراهيم، مجهول. وسيف بن مسكين، قال فيه ابن حبان: شيخ بصري يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعة.
الحديث الخامس: حديث ابن عمر، أخرجه الدارمي في «سننه» (1729): أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ» .
وتابع الدارميَّ محمدُ بن الفضل، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (13330) وتابعهما محمد بن يحيى المروزي، أخرجه ابن حبان (888).
الخلاصة: في سنده عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم، ضَعَّفه أبو حاتم وقال: يهولني كثرة ما يسند. ويَروي عن أبيه أحاديث منكرة.
الحديث السادس: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (909): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الشَّهْرِ، فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا بَعْدَهُ» .
وخالف إسماعيلَ بن موسى ابنُ أبي شيبة كما في «مصنفه» (9731، 29747) فجَعَل مكان الحارث أبا عبيدة وأوقفه. وفي موطن آخر (9824) أسقط الواسطة فقال: عن أبي إسحاق عن علي رضي الله عنه.
ورواه على الوقف:
1 -
سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (910).
2 -
زكريا بن أبي زائدة فقال: عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن عمرو الخارفي عن علي، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (9729).
والخلاصة: أن مداره على أبي إسحاق، وأقوى الرواة عنه سفيان مع نزول السند، والصواب فيه الوقف، وفي سند الوقف الحارث الأعور وهو ضعيف. وفي الطريق الآخَر عبيد بن عمرو، مجهول.
وفي الباب مرسل وموقوف:
أما المرسل فعن ابن المسيب، أخرجه أبو داود في «المراسيل» (526): حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أنا بِالْهِلَالِ فَقُلْتُ: الْهِلَالُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:«آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ» ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَكَذَا.
وتابع يحيى- وهو ابن سعيد- حاتم بن إسماعيل، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (29745).
وتابعهما معمر كما في «جامعه» (20339): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ به.
وفي رواية في «مصنف عبد الرزاق» (7351) قال: عن معمر عن رجل عن ابن المسيب.
والمُبهَم في رواية معمر يُحمَل على المُبيَّن في روايتَي يحيى وحاتم.
والخلاصة: أن هذا المرسل يُحسَّن لحال عبد الرحمن بن حرملة، فقد رَخَّص له سعيد بن المسيب في الكتابة عنه، كما قاله ابن مَعين. وقال ابن حجر في ترجمة سعيد بن المسيب من «تقريب التهذيب»: اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل.
وأما الموقوف، فأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (29748): حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مَنْصُورٍ
(1)
، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ
(1)
قال علي بن المديني كما في «الجرح والتعديل» (8/ 177) لابن أبي حاتم: سمعتُ يحيى بن سعيد يقول: قال سفيان: كنتُ لا أُحدِّث: (الأعمش عن أحد من أهل الكوفة) إلا رَدَّه، فإذا قلتُ:(منصور) سكت. قلت ليحيى: منصور عن مجاهد أَحَبُّ إليك أم ابن أبي نَجيح؟ قال: منصور أثبتُ. ثم قال: ما أحد أثبت من منصور عن مجاهد وإبراهيم من منصور.
عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَنْصِبَ لِلْهِلَالِ وَلَكِنْ يَعْتَرِضُ فَيَقُولُ:«اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ هِلَالَ كَذَا وَكَذَا، وَجَاءَ بِهِلَالِ كَذَا وَكَذَا» .
تابع ابنَ أبي شيبة محمدُ بن الجهم، أخرجه البيهقي في «الدعوات» (520).
الخلاصة: أن إسناده حسن لحال الحجاج بن دينار، فقد قال أحمد وابن مَعين وأبو زرعة: لا بأس به، وثقه أبو داود وابن عمار، وقال الترمذي: ثقة مقارب الحديث. وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتج به.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن خضر، بتاريخ (4) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (19/ 9/ 2023 م) إلى أن كل الطرق المرفوعة ضعيفة، ولمُحسِّن أن يُحسِّنها، وأيدها ما ثَبَت عن ابن عباس رضي الله عنهما.
* ثم سأل الباحثُ شيخنا سؤالًا: ما القرائن التي بها يُصحَّح الخبر لشواهده؟
فكتب:
1 -
قوة الشواهد أو ضعفها.
2 -
عدد الشواهد.
3 -
متن الحديث.
4 -
أقوال علماء الحديث. اه.
فضائل رمضان
هل ثَبَت لفظ: «لله عتقاءُ في كل ليلة من النار» ؟
1 -
قال الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (682)، وابن ماجه (1642)، وابن خُزيمة في «صحيحه» رقم (1971)
(1)
: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» .
وتَابَع أبا بكر بن عياش قُطْبة بن عبد العزيز، كما ذَكَر الدارقطني في «علله» (5/ 115).
(1)
وأخرجه ابن حِبان (3435) أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدثنا أَبُو كُرَيْبٍ به.
(2)
وتارة رواه أبو كُرَيْب فأبدل شيخ أبي صالح بأبي سفيان، وأبا هريرة بجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فيما أخرجه ابن ماجه رقم (1643): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» .
وخالفهما أبو معاوية فقال: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ أَبِي سَعِيدٍ- هُوَ شَكَّ، يَعْنِي الأَعْمَشَ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ»
(1)
أخرجه أحمد (7450).
وحَكَى الدارقطني في «علله» (5/ 115) الخلاف على الأعمش في جعله من مسند أبي هريرة، أو أبي هريرة وأبي سعيد على الشك، وجابر رضي الله عنهما، ورَجَّح الأول قائلًا: المحفوظ حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه
(2)
.
ومما يُؤيِّد ما ذهب إليه الدارقطني هنا: قول الترمذي عقب الخبر: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ.
(1)
أفاد الباحث سيد البدوي في المناقشة أن هذا المتن عامّ وغير مُقيَّد برمضان.
(2)
ثم ذَكَره في موطن آخَر من «العلل» رقم (3296) من رواية أبي إسحاق الفَزَاري. وهي عند أبي نُعيم في «الحِلية» (8/ 257) عن الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر.
وخالفه قُطبة بن عبد العزيز، والربيع بن بدر، ومحمد بن كِنَاسة، رووه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وهو الأشبه بالصواب.
ثم ذَكَره في «علله» (1520) مُرجِّحًا غير الجادة على الجادة، فقال: فرواه مالك بن سُعَيْر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه قُطبة بن عبد العزيز، والربيع بن بدر، ومحمد بن كِنَاسة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأول أصح.
وقال: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ
…
» فَذَكَرَ الحَدِيثَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ.
وقال أبو نُعيم في «الحِلية» (8/ 257): غريب من حديث الفَزَاري والأعمش، لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
إذًا وجهة مَنْ يُضعِّف هذا الخبر ما يلي:
1 -
ترجيح البخاري المقطوع من قول مجاهد على الموصول من طريق أبي بكر بن عياش، وإن كان اختاره الدارقطني في موطنين، لكن
(1)
قال محمد بن عبد الله بن نُمير: أبو بكر ضعيف في الأعمش وغيره.
2 -
الاختلاف القوي على الأعمش:
أ- من قول مجاهد.
ب-عن أبي صالح عن أبي هريرة.
ت- عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ث-عن أبي صالح عن أبي هريرة أو أبي سعيد، شَكَّ الأعمش.
ج-عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه.
(1)
ومتابعة قُطبة وغيره مذكورة عند الدارقطني دون أسانيد.
ح - حسين الخُرَاساني عن أبي غالب، عن أبي أُمامة رضي الله عنه
(1)
.
فهذه ستة أوجه تجعل الباحث يَحكم بأن الأعمش اضطرب فيه، وإن لم أقف على مَنْ قال به هنا
(2)
.
3 -
خالف الأعمش أبو سهيل
(3)
نافع بن أبي أنس، عن أبيه مالك بن أبي عامر، عن أبي هريرة رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
(4)
، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».
أخرجه البخاري رقم (1800)، ومسلم رقم (1079).
*-مَنْ صَحَّح أو حَسَّن
(5)
اعتَمَد سند أبي معاوية عن الأعمش، عن أبي
(1)
أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (22202): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ حُسَيْنٍ الخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ» .
وأخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (1369)، والبيهقي في «الشُّعَب» (5/ 221).
(2)
وانظر «علل» الدارقطني (11/ 343) حديث عمر رضي الله عنه
…
قد أصاب مني ما بين المِائة إلى العشرة.
ليس شيء أقطع على صحته بأن الأعمش اضطرب فيه.
وحديث: (اجتمع ثلاثة نفر عند البيت، قليلٌ فقه قلوبهم). كما في «التتيع» (101) قال الدارقطني: الأعمش اضطرب في إسناده.
(3)
ولا يَلتبس هذا بسُهيل بن أبي صالح عن أبيه.
(4)
وفي رواية مسلم: «إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ» .
(5)
بِناء على رواية الأعمش عن حسين الخُرَاساني عن أبي غالب عن أبي أمامة رضي الله عنه. أخرجه أحمد (22202) كما سبق.
صالح، عن أبي هريرة أو أبي سعيد. وسَبَق أنه مرجوح عند الدارقطني.
وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (28) شعبان (1444 هـ) الموافق (20/ 3/ 2023 م): عندنا ريب هنا، سببه:
1 -
إعراض «الصحيحين» عن إخراج رواية أبي معاوية.
2 -
عدم ترجيح علماء العلل عند المقارنة رواية أبي معاوية.
تنبيه: في الباب ما يلي:
1 -
حديث أنس رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ، إِلَّا رَجُلًا أَفْطَرَ عَلَى خَمْرٍ» .
وعلته واسط بن الحارث، أورده ابن عَدِي في «الكامل» (7542).
2 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجِنَانِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَاحِدٌ الشَّهْرَ كُلَّهُ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَاحِدٌ الشَّهْرَ كُلَّهُ، وَغُلَّتْ عُتَاةُ الْجِنِّ، وَنَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى انْفِجَارِ الصُّبْحِ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ تَمِّمْ وَأَبْشِرْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَأَبْصِرْ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ يَتُوبُ
(1)
عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى سُؤْلَهُ؟ وَلِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، سِتُّونَ أَلْفًا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَعْتَقَ مِثْلَ مَا أَعْتَقَ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، سِتِّينَ أَلْفًا سِتِّينَ أَلْفًا»
(2)
.
(1)
وفي رواية النَّسائي في «الكبرى» (10425): «هَلْ مِنْ تَائِبٍ يُتَابُ عَلَيْهِ؟» .
(2)
أخرجه البيهقي في «فضائل الأوقات» (ص 166).
وعلته ناشب بن عمرو الشيباني، ضعيف بل منكر الحديث.
3 -
حديث سلمان رضي الله عنه، أخرجه ابن خُزيمة في «صحيحه» رقم (1887): ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ، ثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ المُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ.
مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ» قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ. فَقَالَ: «يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ.
وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ. مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ.
وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَيْنِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا. فَأَمَّا الخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ. وَأَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهمَا، فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ. وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ».
وتابع همامَ بن يحيى حكيمُ بن حزام أبو سمير، وهو متروك
(1)
، أخرجه ابن أبي الدنيا في «فضائل رمضان» (58).
وعلي بن زيد ضعيف. وتَابَعه إياس بن أبي إياس
(2)
كما عند العُقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/ 35) وقال: وذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ، قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ يَثْبتُ ثَبْتٌ.
4 -
حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وهو راجع لحديث أبي هريرة، وليس فيه وجه الشاهد
(3)
.
(1)
وزاد كما في «مكارم الأخلاق» للطبراني (ص 366): «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ، صَلَّتْ عَلَيْهِ المَلَائِكَةُ بَقِيَّةَ شَهْرِ رَمَضَانَ كُلِّهِ، وَصَافَحَهُ جِبْرِيلُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَمَنْ صَافَحَهُ جِبْرِيلُ رَقَّ قَلْبُهُ وَكَثُرَتْ دُمُوعُهُ»
(2)
قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (1/ 282) في ترجمته: لا يُعْرَف أيضًا، وخبره منكر.
(3)
أخرجه النَّسَائي في «سُننه» رقم (2208): أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ شَيْبَانَ، أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِأَفْضَلِ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ يُذْكَرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ ذَكَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَفَضَّلَهُ عَلَى الشُّهُورِ، وَقَالَ:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ: أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
التعاون بين المفطرين والصائمين في السفر
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8436): حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ،
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِطَعَامٍ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ:«ادْنُوَا، فَكُلَا» ، قَالَا: إِنَّا صَائِمَانِ، قَالَ:«ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ، اعْمَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ»
(2)
.
خالف الثوريَّ جماعة:
1، 2 - محمد بن شعيب والوليد بن مسلم، كما عند النسائي (2265، 2587).
3، 4 - يحيى بن حمزة ويحيى البابلتي، كما عند الدارقطني في «علله» (1762).
(1)
ورواه من طريق أبي داود الحَفَري: النسائي (2264)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (9066)، وغيرهما.
(2)
قال ابن خُزيمة في «صحيحه» (3/ 261): «هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي ذَكَرْتُ قَبْلُ أَنَّ لِلصَّائِمِ فِي السَّفَرِ الْفِطْرَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ النَّهَارِ؛ إِذِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَهُمَا بِالْأَكْلِ بَعْدَ مَا أَعْلَمَاهُ أَنَّهُمَا صَائِمَانِ» .
وتابعهم متابعة قاصرة عن يحيى بن أبي كثير علي بن المبارك، أخرجه النسائي (2266).
والثوري وإن كان أقوى ممن خالفه إلا أن النسائي حَمَّله أبا داود الحَفَري، حيث قال: هَذَا خَطَأٌ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ أَبَا دَاوُدَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ.
وصَوَّب الدارقطني في «علله» (1762) المرسل.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن غريب القليعي، نيابة عن زوجه
(1)
. بتاريخ (3) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (21/ 6/ 2023 م): الصواب مُرسَل.
تنبيه: في البخاري (2890) ومسلم (1119) واللفظ لمسلم: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ. قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي
(1)
أُم محمد هيام بنت محمد حراجي، حاصلة على ليسانس لغة عربية، جامعة الأزهر، دراسات إسلامية، بالأقصر.
وهذا ضِمن الأحاديث التي يَعرضها زوجها نيابة عنها على شيخنا.
وثَمة حديث آخَر بنيابة بعض بنات شيخنا عليه، وهو حديث:«بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وكَتَب شيخنا بخطه: كل الطرق فيها مقال. شكرًا على مجهودك، تُعطَى من عسل مُصَفًّى.
وقد سبق أن ضَعَّف شيخنا هذا الخبر مِنْ قبل في «سلسلة الفوائد» مع الباحث إسماعيل بن موسى.
يَوْمٍ حَارٍّ، أَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ. قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الْأَبْنِيَةِ وَسَقَوُا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ» .
وفي البخاري (4277): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ، فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، أَوْ مَاءٍ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ، أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ المُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا.
عِدَّة رمضان
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (19375): حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُجَالِدٍ، أَخْبَرَنِي عَامِرٌ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، قَالَ:«صَلِّ كَذَا وَكَذَا، وَصُمْ، فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، فَكُلْ وَاشْرَبْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، وَصُمْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الْهِلَالَ قَبْلَ ذَلِكَ» فَأَخَذْتُ خَيْطَيْنِ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ، فَكُنْتُ أَنْظُرُ فِيهِمَا، فَلَا يَتَبَيَّنُ لِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ وَقَالَ:«يَا بْنَ حَاتِمٍ، إِنَّمَا ذَاكَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ» .
تابع يحيى بنَ سعيد جمعٌ.
وخالف مجالدًا اثنان:
1 -
حصين بن عبد الرحمن، أخرجه البخاري (1916): حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:«إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ» .
وتابع هشيمًا أبو عَوَانة، أخرجه البخاري (4509)، وعبد الله بن إدريس الأودي، أخرجه مسلم في «صحيحه» وابن أبي شيبة في «مصنفه» (9172).
وتابعهما شَرِيك النَّخَعي، أخرجه الدارمي (1736).
وتابع حصينًا مُطرِّف، أخرجه البخاري وغيره.
والخلاصة: رواية الجماعة هي الصواب، ومجالد بن سعيد ضعيف وقد خالف، فرواه بالمعنى وزاد تعليم الصلاة و «وَصُمْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الْهِلَالَ قَبْلَ ذَلِكَ» .
وقال شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي الرفاعي، بتاريخ (2) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (20/ 6/ 2023 م): اكتب: في سنده مجالد، وهو ضعيف.
البركة في السَّحور
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (1923): حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» .
وقال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1095): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» .
الخلاصة: انتهى شيخنا إلى اتفاق البخاري ومسلم على ثبوت لفظة البركة، في حديث أنس رضي الله عنه، مع مناقشه الشيخ محمد بن عبد الباقي البورسعيدي، في ليلة الاثنين (28) شعبان (1444 هـ) الموافق (20/ 3/ 2023 م) ومعنى البركة في الدنيا أن السحور يُقوِّي على مباشرة الصائم عمله، مِنْ تلاوة وأفعال خير وضَرْب في الأرض وسعي على المعاش. اه.
قال أبو العباس القُرطبي في «المُفهِم» (3/ 155):
قوله: «تسحروا فإن في السحور بركة» هذا الأمر على جهة الإرشاد إلى المصلحة، وهي حفظ القوة التي يُخاف سقوطها مع الصوم الذي لا يُتسحر فيه.
وقد نَبَّه على ذلك بقوله: «تسحروا فإن في السحور بركة» وهي القوة على الصيام، وقد جاء مُفَسَّرًا في بعض الآثار.
وقد لا يَبعد أن يكون من جملة بركة السحور ما يكون في ذلك الوقت من ذكر المتسحرين لله تعالى، وقيام القائمين، وصلاة المتهجدين؛ فإن الغالب ممن قام ليَتسحر أن يكون منه ذكر ودعاء، وصلاة واستغفار، وغير ذلك مما يُفعَل في رمضان.
وقال ابن بَطَّال في «شرح صحيح البخاري» (4/ 45):
قال ابن المنذر: أجمع العلماء أن السحور مندوب إليه مستحب، ولا مأثم على مَنْ تَرَكه، وحَضَّ أُمته عليه ليكون قوة لهم على صيامهم.
إن الله وَضَع عن المسافر الصوم وشَطْر الصلاة
قال الإمام النسائي في «السنن الكبرى» رقم (2831): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ
(1)
، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَوَادَةَ القُشَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
(2)
، رَجُلٍ مِنْهُمْ
(3)
، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَغَدَّى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلُمَّ إِلَى الغَدَاءِ» قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الحُبْلَى وَالمُرْضِعِ» .
(1)
قال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (8/ 508):
ورَواه الثَّورِيُّ عن أيّوبَ عن أبي قِلابَةَ عن أنَسِ بن مالكٍ الكَعبِيِّ.
ورَواه مَعمَرٌ عن أيّوبَ عن أبي قِلابَةَ عن رَجُلٍ مِنْ بَنِي عامِرٍ، أنَّ رَجُلًا يُقالُ له: أنَسٌ، حَدَّثَه.
ورَواه خالِدٌ الحَذَّاءُ عن أبي قِلابَةَ ويَزيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ عن رَجُلٍ مِنْ بَنِي عامِرٍ، أنَّ رَجُلًا مِنهُم أتَى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَرَواه يَحيَى بنُ أبي كَثيرٍ عن أبي قِلابَةَ عن أبي أُمَيَّةَ، أو أبي المُهاجِر، عن أبي أُمَيَّةَ قال: قَدِمْتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وهو أبو أُمَيَّةَ أنَسُ بنُ مالكٍ الكَعبِيُّ.
(2)
هو الكعبي وليس بأنس بن مالك الأنصاري خادم النبي صلى الله عليه وسلم ومكثر عنه.
(3)
قال ابن حِبان في «الثقات» (3/ 5): رَوَى عنه البصريون، سَمِع من النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا واحدًا في الصوم.
وخالف وهيبًا أبو هلال الراسبي فأسقط والد عبد الله بن سوادة، أخرجه أحمد (20327) وغيره.
ورواه أبو قِلابة عن أنس وتارة بإدخال واسطة.
والخلاصة: أن في السند والمتن اختلافًا، وأسلمُ طرقه طريق وهيب وسنده حسن لحال سوادة القرشي، وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/ 11):
…
وهذا حديث مضطرب الإسناد.
وانتهى شيخنا إلى حُسْن إسناده مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ ليلة الخميس (4) رجب (1444 هـ) الموافق (26/ 1/ 2023 م) وهو يناقش «شرح مشكل الآثار»
(1)
ومن قبل مع الباحث محمد بن علي حلاوة «الجامع العام في فقه الصيام» (ص/ 118).
(1)
في الجَمْع بين هذا الحديث وحديث عائشة المتفق عليه: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ» أخرجه البخاري (1040) ومسلم (985).
ووَجْه الجَمْع أن معنى الوضع ليس الإنقاص، إنما التخفيف.
تنبيه: اتَّفَق حديث ابن عباس في «صحيح مسلم» (687): «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» مع حديث عائشة رضي الله عنها على أن صلاة السفر فُرضت ركعتين. واختلفا في الحضر. فوَجْه الجَمْع أن تعبير عائشة رضي الله عنها من فَهمها. قاله شيخنا.
عقوبة الفطر قبل وقته
قال ابن خُزيمة في «صحيحه» رقم (1986): نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ قَالَا: ثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، نَا ابْنُ جَابِرٍ
(1)
، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ أَبِي يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ. فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ. فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ. ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ. فَقَالَ: خَابَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا أَدْرِي أَسَمِعَهُ أَبُو أُمَامَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ شَيْءٌ مِنْ رَأْيِهِ؟
«ثُمَّ انْطَلَقَ، فَإِذَا بِقَوْمٍ أَشَدَّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا وَأَنْتَنِهِ رِيحًا، وَأَسْوَئِهِ مَنْظَرًا، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ قَتْلَى الْكُفَّارِ. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا بِقَوْمٍ أَشَدَّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا، وَأَنْتَنِهِ رِيحًا، كَأَنَّ رِيحَهُمُ الْمَرَاحِيضُ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ تَنْهَشُ ثُدِيَّهُنَّ الْحَيَّاتُ، قُلْتُ: مَا بَالُ
(1)
نُسب عند الحاكم (1568): عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ يَمْنَعْنَ أَوْلَادَهُنَّ أَلْبَانَهُنَّ. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِالْغِلْمَانِ يَلْعَبُونَ بَيْنَ نَهْرَيْنِ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذَرَارِي الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ شَرَفَ شَرَفًا، فَإِذَا أَنَا بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ يَشْرَبُونَ مِنْ خَمْرٍ لَهُمْ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ جَعْفَرٌ وَزِيدٌ وَابْنُ رَوَاحَةَ. ثُمَّ شَرَفَنِي شَرَفًا آخَرَ، فَإِذَا أَنَا بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى، وَهُمْ يَنْظُرُونِي». هَذَا حَدِيثُ الرَّبِيعِ.
وتابع بشرَ بن بكر الوليد بن مسلم، أخرجه النسائي (3273) مختصرًا، وقال على عقبه:
…
قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ. فَقَالَ: خَابَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى. قَالَ سُلَيْمٌ: فَلا أَدْرِي شَيْءٌ سَمِعَهُ أَبو أُمَامَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ شَيْءٌ مِنْ رَأْيِهِ؟ مُخْتَصَرٌ.
وتابعهما صدقة بن خالد كما في «الجهاد» (213) لابن أبي عاصم.
وتابعهم عبد الله بن عبد الرحمن، أخرجه الطبراني (7667).
وتابعهم عمرو بن عبد الواحد، أخرجه البيهقي في «الدلائل» (6/ 462).
وتابع عبد الرحمن بن يزيد معاوية بن صالح، كما عند الطبراني (7666).
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سعيد القاضي، بتاريخ (8) محرم (1445 هـ) الموافق (26/ 7/ 2023 م):
1 -
المتن غريب وبه ما يُستنكر.
2 -
قول سليم الخبائري: (فلا أدري شيء سمعه أبو أُمامة من رسول الله أم لا) يَحتاج هذا الحديث إلى مزيد بحث. اه. ثم عَهِد به إلى الباحث أحمد النمر.
استحباب تعجيل الفطر
قال أبو نعيم في «حلية الأولياء» (7/ 136): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبِي، وَالْقَاضِي أَحْمَدُ، فِي جَمَاعَةٍ قَالُوا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ
(1)
، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ» زَادَ إِسْمَاعِيلُ فِي حَدِيثِهِ: «وَلَمْ يؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ» وَتَفَرَّدَ بِزِيَادَتِهِ.
بل تابعه بمعناه محمد بن صفوان الثقفي
(2)
عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان أخرجه ابن حبان في «صحيحه» رقم (3510) - أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ» ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ رَجُلًا فَأَوْفَى عَلَى شَيْءٍ، فَإِذَا قَالَ:«غَابَتِ الشَّمْسُ» أَفْطَرَ.
(1)
ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب كثيرًا. وضعفه الدارقطني. وقال ابن عدي: حدث عن سفيان بأحاديث لا يتابع عليها.
(2)
ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حجر: مقبول.
وخالف محمد بن أبي صفوان محمد بن بشار فرواه فلم يذكر تشابك النجوم أخرجه الترمذي (699) وتابعه زهير بن حرب أخرجه مسلم (1098) والإمام أحمد (22846) ولفظه: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» .
وتابعهم جمهور الرواة عن سفيان وكذلك عن أبي حازم فقد أخرجه البخاري في «صحيح» رقم (1957) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»
وتابع مالكا عبد العزيز بن أبي حازم أخرجه مسلم (1098).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن رفعت العارف بتاريخ 13/ جمادى الأولى 1445 موافق 27/ 11/ 2023 م: إلى شذوذ أو نكارة زيادة: «وَلَمْ يؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ» .
صيام النوافل
فضل صيام يوم عرفة
قال الإمام مسلم رقم (1162): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه غَضَبَهُ، قَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ. فَجَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ:«لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» أَوْ قَالَ: «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عليه السلام» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ» .
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» .
تابع حمادَ بن زيد شعبةُ بن الحجاج كما عند مسلم وفيه: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ
عَاشُورَاءَ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ»
(1)
.
وتابعهما مهدي بن ميمون
(2)
، أخرجه أحمد (22621) كلفظ شعبة في فضيلة يومَي عرفة وعاشوراء.
وتابع غيلان- هو ابن جرير- قتادة
(3)
كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (7827): عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ إِيَاسٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ:«كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ: سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَسَنَةٍ مَسْتَأْخِرَةٍ» .
وتابع عبدَ الله بن مَعْبَد أبو حرملة، أخرجه الحميدي في «مسنده» رقم (433) قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَابُورَ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي خَلِيلٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ هَذِهِ السَّنَةَ وَالسَّنَةَ الَّتِي تَلِيهَا، وَصِيَامُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً» قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ دَاوُدُ: وَكَانَ عَطَاءٌ لَا يَصُومُهُ حَتَّى بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ.
(1)
وقال مسلم عَقِب رواية شعبة: «وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَسَكَتْنَا عَنْ ذِكْرِ الْخَمِيسِ لَمَّا نُرَاهُ وَهْمًا» .
(2)
وخالفهم أبو هلال الراسبي، فجَعَله من طريق عبد الله بن مَعبد الزِّمَّاني عن عمر رضي الله عنه. أخرجه أبو يعلى (144) وروايتهم أصوب. وعبد الله بن مَعبد يُرسِل عن عمر رضي الله عنه.
(3)
وعنه منصور وهو ابن المعتمر، وتابع منصورًا مَعمر كما في «المصنف» لعبد الرزاق رقم (7826): عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ:«يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهَا» ورواية مَعمر في قتادة فيها ضعف، واقتصرت على السَّنة القَبلية.
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22530) عن سفيان به موقوفًا وقال: لَمْ يَرْفَعْهُ لَنَا سُفْيَانُ وَهُوَ مَرْفُوعٌ.
وتابع أبا الخليل على الرفع مجاهد، أخرجه أحمد (22535).
والخلاصة: وجهة المُضعِّف من حيث السند والمتن هي:
1 -
أما السند فالكلام في سماع عبد الله بن معبد من أبي قتادة، قال البخاري: لم نعرف له سماعًا من أبي قتادة. وقال ابن حزم في «المحلى» (7/ 18): قد تُكلم في سماع عبد الله بن معبد من قتادة.
2 -
وأما المتن ففيه فضل زائد وهو «تُكفِّر الآتي من الذنوب» وهذا ثابت في حقه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] وثابت أيضًا في حق أهل بدر في حديث: «يَا عُمَرُ، وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ» قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ
(1)
.
3 -
زيادة فضله على زيادة فضل رمضان، فإن صيام رمضان إيمانًا واحتسابًا يغفر به ما تقدم.
وجهة مَنْ يُصحِّح الخبر:
1 -
ثَبَت سماع عبد الله بن معبد من أبي قتادة، قاله النسائي والخطيب البغدادي.
(1)
أخرجه البخاري (6259) واللفظ له، ومسلم (2494) وفيه:«وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» .
2 -
متابعة حرملة.
3 -
إخراج مسلم له، وتحسين الترمذي له حيث قال عقبه في «سننه» (3/ 115):«حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقْدِ اسْتَحَبَّ أَهْلُ العِلْمِ صِيَامَ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَّا بِعَرَفَةَ» .
4 -
الحديث مصحوب بقصة.
5 -
كونه في فضائل الأعمال.
6 -
كون الصحابة اختلفوا في صيامه صلى الله عليه وسلم في عرفة، فهذا يُشعِر بأنه كان يصومه.
7 -
أشار الترمذي إلى شاهد له من حديث أبي سعيد.
وهذا الذي أختاره وأعمل به.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن عبد الفتاح بن عوض، بتاريخ (19) من المحرم (1445 هـ) الموافق (6/ 8/ 2023 م): كيف أجيب على دعوى الانقطاع التي تقلدها البخاري؟
مراجعة كتاب محمد حلاوة، كتاب أسامة عبد العزيز، كتاب ياسر الدسوقي في الصيام. رَاجِع أقوال الإمام مالك في المسألة. اه.
فائدة: قال ابن خزيمة عقب الخبر: فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْلَمَ صِيَامَ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ، فَدَلَّ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ قَدْ يَتَقَدَّمُ الْفِعْلَ فَيَكُونُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الْمُتَقَدِّمُ يُكَفَّرُ السَّنَةَ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَهُ.
هل ابن عباس رضي الله عنهما يَرى أن
يوم عاشوراء هو يوم التاسع؟
لم يَسْلَم ذلك لديَّ، وقد جاء موقوفًا ومرفوعًا، والمرفوع مرجوح، وإليك تفصيل ذلك:
1 -
اليوم التاسع هو عاشوراء مرفوعًا في رواية الحَكَم بن الأعرج.
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1133): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ
(1)
، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ
(2)
،
(1)
وَثَّقه أحمد كما في «بحر الدم» (158) لابن عبد الهادي، ووثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وذَكَره ابن حبان في «الثقات». وقال ابن حجر في «التقريب»: ثقة، رُمي برأي الخوارج، من السادسة.
(2)
وَثَّقه أحمد والعجلي، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به. ووثقه أبو زُرعة مرة، وأخرى قال: فيه لِين. وقال ابن سعد: كان قليل الحديث.
وأَخْرَج له مسلم هذا الخبر.
وحديثًا برقم (218) من طريق حَاجِب بْنِ عُمَرَ أَبي خُشَيْنَةَ الثَّقَفِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ» قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» .
وحديثًا برقم (1858) من طريق خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ الشَّجَرَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النَّاسَ، وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ:«لَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ» .
قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ:«إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ، وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا» قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» .
وتابع حاجبَ بن عمر معاويةُ بن عمرو كما عند مسلم.
وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (11) محرم (1444 هـ) الموافق (9/ 8/ 2022 م): لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عباس إلا الحَكَم وليس من أصحابه، والسند فيه أيضًا حاجب.
2 -
تفسير التاسع بالعاشر مُدرَج في طريق عبد الله بن عمير.
أخرجه عبد بن حميد كما في «المنتخب» رقم (671): أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
(1)
، أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ
(2)
،
(1)
وقع عند مسلم شك هكذا: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرٍ - لَعَلَّهُ قَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وجمهور الرواة عن ابن أبي ذئب دون شك. كما سبق في «سلسلة الفوائد». (3/ 217).
(2)
وثقه ابن مَعين في رواية الدُّوري.
وقال أبو حاتم: لا بأس به.
وذَكَره ابن حبان في كتاب «الثقات» .
وقال في «مشاهير علماء الأمصار» : مِنْ خيار أهل المدينة وقدماء مشايخهم.
ونَقَل الذهبي عن ابن المديني أنه قال: مجهول.
ولَيَّنه ابن البرقي، وقال الذهبي: بل هو صدوق مشهور.
وقال ابن المنذر: لا يُعرَف هو ولا شيخه إلا في هذا الحديث. يعني حديث ابن عباس في عاشوراء. اه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ
(1)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَئِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَأَصُومَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ» يَعْنِي عَاشُورَاءَ.
وتابع يزيد بن هارون على تفسير التاسع بالعاشر أبو بكر بن أبي شيبة كما عند مسلم (1134). وخالفهما أبو كُريب فاقتصر على التاسع كما نص مسلم.
3 -
تفسير عاشوراء بالتاسع موقوفًا أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (9382): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَوْلَى يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «يَوْمُ عَاشُورَاءَ صَبِيحَةُ تَاسِعَةِ لَيْلَةِ عَشْرٍ» .
(وأبو سليمان لم أقف له على مُوثِّق
(2)
، وأيوب هو ابن أبي تميمة).
3 -
الاقتصار على التاسع مرفوعًا كما في رواية أبي غطفان، أخرجه الإمام مسلم رقم (1134): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ
(3)
، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ
(1)
وثقه أبو زُرعة والعجلي.
وقال ابن سعد في «الطبقات الكبير» (7/ 503): وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الحَديثِ. اه. وتَفرَّد بالرواية عنه القاسم.
(2)
ترجمه ابن منده في «فتح الباب في الكنى والألقاب» (ص: 383) رقم (3414) فقال: سَمِع عبد الله بن عَبَّاس. روى عنه: أيوب السَّختياني. قاله أبو الحسين بن محمد القِتْبَانِيّ.
(3)
ويحيى بن أيوب مُختلَف فيه، وقال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء» (8/ 6: (له غرائب ومناكير، يَتجنبها أرباب الصحاح، ويُنَقون حديثه، وهو حسن الحديث.
طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ
(1)
يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ ب، يَقُولُ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ، صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» . قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وتابع أبا غطفان طاوسٌ، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11/ 16) رقم (10891): حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَئِنْ بَقِيَتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» .
وإسماعيل بن مسلم هو المكي، ضعيف.
4 -
يوم عاشوراء على ظاهره دون تفسير متفق عليه من رواية سعيد بن جُبير، أخرجه البخاري (2004): حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ:«مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ:«فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
(1)
وثقه ابن مَعين والنسائي، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» ورَوَى عنه تسعة، ونَقَل الحافظ عن ابن أبي داود أنه قال: مجهول. والعبرة بقول المتقدمين.
وتابع عبدَ الوارث سفيان، أخرجه البخاري (3397)، ومسلم (1130).
وتابع عبدَ الله بن سعيد بن جبير أبو بِشْر، أخرجه البخاري (3943)(4680)(4737) ومسلم (1130).
5 -
وتابع سعيدَ بن جبير عبيدُ الله بن أبي يزيد، أخرجه البخاري رقم (2006): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إِلَّا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ، يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ» .
6 -
يوم عاشوراء العاشر موقوفًا وسنده ضعيف، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (7983) قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ فُلَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمُ الْعَاشِرِ.
7 -
التنصيص على التاسع والعاشر موقوفًا، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (7981) قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ: خَالِفُوا الْيَهُودَ، وَصُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ.
8 -
وتابع عطاءً عبيدُ الله بن أبي يزيد وهو ثقة، كما في «السنن المأثورة» للشافعي رقم (337): عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ، وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِيَهُودَ.
9 -
يوم قبله أو يوم بعده، أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2154): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا» .
وتابع هشيمًا سفيانُ بن عيينة كما عند الحميدي (513)
(1)
.
وعلته ابن أبي ليلى، هو محمد بن عبد الرحمن، سيئ الحفظ
(2)
. وقال الذهبي في شيخه: ليس بحجة.
الخلاصة: أن المتفق عليه مرفوعٌ من طريق سعيد بن جبير، وزاد البخاري من طريق عبيد الله بن أبي يزيد بإطلاق عاشوراء.
وثَبَت موقوفًا التنصيص على صيام التاسع والعاشر من طريقي عطاء وعبيد الله بن أبي يزيد.
وجاء دون ذلك تفسير عاشوراء بالتاسع مرفوعًا، لكن من طريق الحَكَم بن الأعرج، وهو مُقِل وليس من مشاهير أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما على اتساع المَخرج.
(1)
من طريق ابن أبي ليلى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَئِنْ بَقِيتُ لآمُرَنَّ بِصِيَامِ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ» يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وثَمة خلاف في شيخ ابن عيينة في «الكامل» (3/ 554).
(2)
وقال فيه أبو حاتم: محله الصدق، كان سائ الحفظ، شُغل بالقضاء فساء حفظه، لا يُتهم بشيء من الكذب، إنما يُنكَر عليه كثرة الخطأ، يُكتَب حديثه ولا يُحتجّ به، وابن أبي ليلى والحَجاج بن أرطاة ما أَقْرَبَهما!
هل ثَبَت صيام أيام
البيض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-؟
* وردت أخبار بصيام أيام البيض، وصحت آثار بذلك:
أما الأخبار فمنها ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (2420): أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» .
خالف زيدًا المغيرة بن مسلم فأوقفه، ذَكَره ابن أبي حاتم في «العلل» (3/ 177) ورجح أبو زرعة الرفع؛ لأن زيدًا أحفظ.
لكن هذا السند يَرِد عليه ثلاثة أمور:
الأول: قول الطبراني في «الأوسط» (7/ 298): لم يَرْوِ هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا زيد بن أبي أُنيسة.
الثاني: حَكَى العقيلي، عن أحمد أنه قال: حديثه حسن مقارب، وإن فيها لَبعض النكرة، وهو على ذلك حَسَن الحديث.
الثالث: عنعنة أبي إسحاق.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن رفعت العارف، بتاريخ (21) شوال (1444 هـ) الموافق (11/ 5/ 2023 م): أبو إسحاق السَّبيعي كثير
الاختلاف والاضطراب واختُلف عليه رفعًا ووقفًا، وتَفرَّد به عنه زيد بن أبي أُنيسة.
الحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (15584): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ:«صَوْمُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ» .
وتابع عفان بن مسلم جمهور الرواة: وكيع ومحمد بن جعفر ويحيى القطان ووهب بن جرير، وأبو داود الطيالسي والحَكَم بن أسلم وحجاج بن محمد.
وخالفهم أبو الوليد الطيالسي كما عند الدارمي في «مسنده» (53) فخصص عموم لفظهم بالأيام البيض فقال: «صيام البِيض صيام الدهر وإفطاره»
(1)
.
الخلاصة: أن سنده صحيح دون الزيادة.
وكَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن رفعت، بتاريخ الثلاثاء (19) شوال (1444 هـ) الموافق (9/ 5/ 2023 م): يراجع الرواة عن معاوية لهذا الخبر إن وُجدوا، ويُنظر متن حديثهم.
ثم عَرَضه الباحث مرة أخرى، بتاريخ (21) شوال (1444 هـ) الموافق (11/ 5/ 2023 م) فانتهى شيخنا إلى شذوذ التقييد بالبِيض:«صيام البِيض صيام الدهر وإفطاره» .
(1)
وهذه اللفظة شاذة بتعيين البِيض، ووردت ثمانية أخبار أخرى في تعيين البِيض، ولا تَثبت بمفاريدها. انظر للباحث سيد بن رفعت العارف بحث «التبييض في أحاديث أيام البِيض» .
الحديث الثالث: أخرجه الطبراني (10232) من طريق أبي الوليد الطيالسي عن قيس بن الربيع عن عاصم عن زر عن ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ» .
وخالف قيسَ بن الربيع شيبان النَّحْوي وأبو حمزة السُّكَّري مرفوعًا: «كان رسول الله يصوم ثلاثة أيام من غُرة
(1)
كل شهر» كما عند أبي داود (2450) وغيره، وروايتهما أرجح
(2)
.
والحديث الرابع: ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (2432): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِصَوْمِ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْغُرِّ الْبِيضِ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» .
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن رفعت، بتاريخ الثلاثاء (19) شوال (1444 هـ) الموافق (9/ 5/ 2023 م) إلى ضعفه؛ لأن عبد الملك بن ملحان قال فيه الذهبي: وُثق. وقال ابن حجر: مقبول. وتَفرَّد بالرواية عنه أنس، وهو لم يَرْوِ إلا عن أبيه.
والحديث الخامس: ما رواه موسى بن طلحة تارة: سمعتُ أبا ذر. وأخرى: عن ابن الحَوتكية عن أبي ذر. وتارة عن عمر عن أبي ذر. وثَمة وجوه أُخَر سبق بيانها.
(1)
قال العراقي كما في «الشمائل الشريفة» (ص: 327) للسيوطي: يحتمل أن يريد بغُرته أوله، وأن يريد بالأيام الغُر البِيض.
(2)
ورواه شعبة عن عاصم بالسند موقوفًا، وقال الدارقطني في «العلل» (5/ 59): وَقَفه شعبة عن عاصم، ورَفْعه صحيح.
الحديث السادس: حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8868): عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ بِأَرْنَبٍ قَدْ أَصَابَهَا، أَوْ ذَبَحَهَا بِمَرْوَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُهَا، وَبِهَا شَيْءٌ مِنْ دَمٍ، أَرَاهَا تَحِيضُ. فَقَالَ:«كُلُوا» فَقَالُوا: مَا يَمْنَعُكَ مِنْهَا؟ قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْرَابِيِّ: «إِنْ كُنْتَ صَائِمًا لَا مَحَالَةَ، فَصُمْ ثَلَاثًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَاجْعَلْهُنَّ الْبِيضَ» .
وعِلته عبد الكريم، متروك. والراوي عن أبي مسعود رجل مجهول.
الحديث السابع: حديث ابن عباس رضي الله عنها، أخرجه النسائي في «سننه» رقم (2345): أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضِ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ» .
علته يعقوب القُمي، ضعيف.
الحديث الثامن: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (8830): عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْآخَرُ مِنْ ثَقِيفٍ، فَسَبَقَهُ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلثَّقَفِيِّ:«يَا أَخَا ثَقِيفٍ، سَبَقَكَ الْأَنْصَارِيُّ» ، فَقَالَ: الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أُبَدِّئُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَخَا ثَقِيفٍ، سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَنَا أَخْبَرْتُكَ بِمَا جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْهُ» قَالَ: فَذَاكَ أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ تَفْعَلَ. قَالَ: «فَإِنَّكَ جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْ صَلَاتِكَ وَعَنْ رُكُوعِكَ وَعَنْ سُجُودِكَ، وَعَنْ صِيَامِكَ، وَتَقُولُ: مَاذَا لِي
فِيهِ؟» قَالَ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ!
قَالَ: «فَصَلِّ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَهُ وَنَمْ وَسَطَهُ» قَالَ: «فَإِنْ صَلَّيْتَ وَسَطَهُ فَأَنْتَ إِذًا» قَالَ: «فَإِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَرَكَعْتَ، فَضَعْ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عُضْوٍ إِلَى مِفْصَلِهِ، وَإِذَا سَجَدْتَ فَأَمْكِنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الْأَرْضِ» قَالَ: «وَصُمِ اللَّيَالِيَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» .
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ:«سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ» قَالَ: فَذَاكَ أَعْجَبُ إِلَيَّ!
قَالَ: «فَإِنَّكَ جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ خُرُوجِكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَتَقُولُ: مَاذَا لِي فِيهِ؟ وَجِئْتَ تَسْأَلُ عَنْ وُقُوفِكَ بِعَرَفَةَ، وَتَقُولُ: مَاذَا لِي فِيهِ؟ وَعَنْ رَمْيِكَ الْجِمَارَ وَتَقُولُ: مَاذَا لِي فِيهِ؟» قَالَ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! قَالَ: «فَأَمَّا خُرُوجُكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ وَطْأَةٍ تَطَؤُهَا رَاحِلَتُكَ، يَكْتُبُ اللَّهُ لَكَ حَسَنَةً وَيَمْحُو عَنْكَ سَيِّئَةً، وَأَمَّا وُقُوفُكَ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقَوُلُ: هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُوا شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَيَخَافُونَ عَذَابِي، وَلَمْ يَرَوْنِي فَكَيْفَ لَوْ رَأُونِي، فَلَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ، أَوْ مِثْلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، أَوْ مِثْلُ قَطْرِ السَّمَاءِ، ذُنُوبًا، غَسَلَهَا اللَّهُ عَنْكَ. وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ، فَإِنَّهُ مَذْخُورٌ لَكَ. وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَسْقُطُ حَسَنَةً، فَإِذَا طُفْتَ بِالْبَيْتِ خَرَجْتَ مِنْ ذُنُوبِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» .
وابن مجاهد هو عبد الوهاب، متروك.
وتابعه سنان بن الحارث، وقال فيه ابن حبان في «الثقات» (8/ 299): يَروي المقاطيع
(1)
.
وتابع مجاهدًا سالم بن أبي الجعد، أخرجه البزار (5402) وفي سنده موسى بن زكريا، متروك.
وتابعهما عبد الرحمن بن البَيْلَمانيّ، أخرجه البزار (5402) والطبراني في «المعجم الكبير» (13924) وفي الطريق إليه محمد بن الحارث، ضعيف.
ومحمد بن عبد الرحمن هو وأبوه ضعيفان.
الحديث التاسع: حديث عِمران بن حُصين، أخرجه البخاري (1983) ومسلم (1161): عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ:«هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟» قَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ» .
والشاهد فيه كلمة (سُرَرِ) فمنهم مَنْ قال: آخِر الشهر
(2)
. ومنهم مَنْ قال: وسطه وهي أيام البِيض.
(1)
وأما المقاطيع فهي الموقوفات على التابعين فيلزم كتبها والنظر فيها لتتخير من أقوالهم ولا تشذ عن مذاهبهم. كما في «الجامع لأخلاق الراوي» (2/ 191) للخطيب البغدادي.
(2)
وهما النحاس وابن قتيبة، قالا: سرره آخِر ليلة منه؛ لأن القمر يستسر فيها. وقال الكِسائي والأزهري: السرار: آخِره.
تنبيه: أيام البِيض هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري. والجمهور على استحباب
(1)
صيامها، وكَرِه مالك تعيينها فرارًا من التحديد.
(1)
«تحفة الفقهاء» (1/ 344)، و «نهاية المطلب» (4/ 5)، و «المغني» (3/ 180) لابن قُدامة، و «مختصر خليل» (2/ 414)، و «البيان والتحصيل» (2/ 322).
هل يكره صوم يوم السبت في النوافل
ورد فيه خبر على الأرجح
(1)
ظاهر إسناده الصحة لكن عمومات الشريعة تعارضه قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (744) - حَدثنا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدثنا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُم، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ.
تابع سفيان بن حبيب على أنه من مسند الصماء رضي الله عنها جماعة:
1 -
أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (2163).
2 -
أصبغ بن زيد أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (820).
3 -
يحيى بن نصر وهو منكر الحديث
(2)
كما في «المنتقى» للضياء (177).
4 -
قرة بن عبد الرحمن أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (819).
(1)
للخلاف هل هو من مسند الصماء أو أخيها عبد الله بن بسر رضي الله عنهما والأول أرجح.
(2)
قاله العقيلي، وقال أبو زرعة: ليس بشيء.
5 -
عباد بن صهيب وهو متروك
(1)
ذكره الدارقطني في «علله» (4059).
خالفهم عيسى بن يونس فقصّر به وجعله من مسند عبد الله بن بسر رضي الله عنه
(2)
أخرجه عبد بن حميد كما في «المنتخب» (508) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1726).
وتابعه عتبة بن السكن كما في «فوائد تمام» (655).
والأرجح رواية الجماعة عن ثور فزادوا فيه وجعلوه عن أخته
(3)
الصماء رضي الله عنها.
وقال الترمذي: حديث حسن. وذكره ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وقال الحاكم: على شرط البخاري.
وسبق في «سلسلة الفوائد» (6/ 89) أن الباحث أحمد النمر له كتاب «جواز صوم التطوع يوم السبت» ونقل عن ستة عشر عالمًا حتى زمن الحافظ ابن حجر تضعيفه ثم ذكر المعارضات.
(1)
عند البخاري والنسائي وقال ابن المديني: ذهب حديثه.
(2)
ورواه ثلاثة عن عبد الله بن بسر وأسانيدهم فيها ضعف وهم:
1 -
يحيى بن حسان كما عند أحمد (17686).
2 -
حسان بن نوح كما عند أحمد (17690) والنسائي (2772).
3 -
عمرو بن قيس أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (2548).
(3)
أخت عبد الله على الظاهر وقيل أخت أبيه ويؤيد ذلك رواية ضعيفة فيها (عمته) ثمت خلافات أخرى بذكر (أمه) أو (خالته) أو (أبيه) أو (عن أخته عن عائشة) مما جعل النسائي وغيره حكم عليه بالاضطراب.
ثم عرضه الباحث محمد بن عبد العزيز بن محمد الشرقاوي
(1)
بتاريخ 19/ جمادى الأولى 1445 موافق 3/ 12/ 2023 م: فقال لي شيخنا اكتب: في السند بعد الاختلافات ويمكن الترجيح لكن أصول الشريعة تخالفه.
(1)
ولد بقرية منزل نعيم التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية بتاريخ 11/ 9/ 1990 م حاصل على بكاليورس تجارة ثم هو في دبلومة اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة كفر الشيخ.
وهذا أول حديث يوضع في «سلسلة الفوائد» من الأحاديث التي يعرضها على شيخنا -حفظه الله- للتدرب.
فضل صوم يوم الأربعاء
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (748): حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُرَيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَدُّوَيْهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ القُرَشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ- أَوْ: سُئِلَ- النَّبِي صلى الله عليه وسلم، عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقَالَ:«إِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، صُمْ رَمَضَانَ وَالَّذِي يَلِيهِ، وَكُلَّ أَرْبِعَاءَ وَخَمِيسٍ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ صُمْتَ الدَّهْرَ وَأَفْطَرْتَ» .
وتابع عبيدَ الله زيد بن حُبَاب كما عند النسائي (2793) وتابعهما عبد العزيز بن أبان، أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (4715).
وخالفهم أبو نعيم الفضل بن دكين، فجَعَل شيخ هارون مسلم بن عبيد الله القرشي، أخرجه النسائي في «الكبرى» (2792) فكأن ثمة قلبًا، قال ابن حجر في «التهذيب»: رَجَّح البغوي وغيره أنه مسلم بن عبيد الله. في حين قال ابن عبد البر كما في «أُسد الغابة» (4/ 394): وليس بوالد رائطة. قال: ولا أدري أيضًا من أي قريش هو؟ ومَن قال: (عُبيد اللَّه) أحفظ له.
وهذا هو الظاهر لأنه رواية الأكثر. وعلى كل فمسلم أو عبيد الله لم يوثقهما معتبر.
وقال الترمذي عن الخبر: غريب.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن خضر، بتاريخ (19) من المحرم (1445 هـ) الموافق (6/ 8/ 2023 م): هل هناك ترجمتان:
1 -
لعبيد الله بن مسلم.
2 -
لمسلم بن عبيد الله؟ اه.
وأجاب الباحث بأن ابن حبان في ثقاته ذَكَر الخلاف. وأن كل الأخبار في فضل صيام يوم الأربعاء لا يصح منها خبر.
وللخبر شواهد ضعيفة لا ترتقي بمجموعها، أتى بها الباحث:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه الترمذي (746) وعلته خيثمة، لم يَسمع منها، قاله أبو داود. وأُعل بالوقف. وقال ابن حجر: وهو أشبه.
2 -
من حديث عَرِيف من عرفاء قريش، أخرجه أحمد (15434) وعلته إبهام عَرِيف.
3 -
من حديث ابن عمرو، أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1136) واختُلف فيه على بقية، والأرجح الوقف. وقال أبو نُعيم: ولم نكتبه مرفوعًا بهذا اللفظ إلا من حديث سليمان
(1)
عن بقية.
تنبيه: رجال السند الموقوف ثقات إلا أن بقية مدلس وقد عنعن.
4 -
من حديث ابن عباس، أخرجه أبو يعلى (5636) وعلته أبو بكر بن أبي مريم، ضعيف.
(1)
هو ابن عُبيد الله الرقي، قال ابن مَعين: ليس بشيء.
5 -
من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8449) وعلته أيوب بن نهيك، متروك.
6 -
من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (7981) وعلته صالح بن جبلة، ضعيف.
7 -
من حديث أنس بن مالك، أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1506) وعلته أبو بكر بن أبي مريم، ضعيف، وسبق في حديث ابن عباس رضي الله عنه.
فضل ليلة القَدْر
1 -
خير من ألف شهر، مَنْ حُرِمَها فقد حُرِمَ، قال تعالى:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
وقال ابن ماجه في «سُننه» رقم (1644): حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ القَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» .
وتابع عَبَّادًا اثنان:
1 -
محمد بن يونس الكُدَيْمي
(1)
، أخرجه القُطَيْعي في «جزء الألف دينار» (299).
2 -
محمد بن المُؤمَّل بن الصَّبَّاح، أخرجه البزار (7273) والطبراني في «الأوسط» (1444).
(1)
بضم الكاف وفتح الدال المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى كُدَيْم، وهو اسم للجَد الأعلى. كما في «الأنساب» (5/ 39) للسمعاني.
والخلاصة: أن الخبر ضعيف لما يلي:
1 -
محمد بن بلال قال فيه ابن عَدِي: يُغْرِب عن عمران.
ونَصَّ البزار والطبراني على أن محمد بن بلال تَفرَّد به عن عمران.
2 -
وعمران القطان مُختلَف فيه، وفي روايته عن قتادة ضعف.
وانتهى شيخنا إلى ضعفه مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ الخميس، (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م).
وله شاهد من حديث أبي قِلَابة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ
…
فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ».
وأبو قِلَابة لم يَسمع من أبي هريرة، قاله العَلَائي في ترجمة أبي قِلَابة من «جامع التحصيل» وأصل الحديث في «الصحيحين» بدونها.
وكَتَب شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ الخميس (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م): الزيادة وهي «فيه ليلة
…
مَنْ حُرِمَها فقد حُرِم» لا تصح من ناحية الإسناد
…
منقطع. اه.
2 -
غُفِرَ له بقيامها ما تَقدَّم من ذنبه.
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (35): حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
(1)
.
(1)
ومسلم (760): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا - أُرَاهُ قَالَ: إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا- غُفِرَ لَهُ» .
3 -
زِيد في حديث عُبَادة بن الصامت: (وما تَأخَّر).
أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (22713): حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ- يَعْنِي ابْنَ أَبِي الحُسَامِ- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فِي رَمَضَانَ، فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ؛ فَإِنَّهَا فِي وَتْرٍ: فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ. فَمَنْ قَامَهَا ابْتِغَاءَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، ثُمَّ وُفِّقَتْ لَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» .
وتابع سعيدَ بن أبي الحُسَام زهيرُ بن محمد، وعُبيد الله بن عمرو.
وعمر بن عبد الرحمن ترجمه البخاري وابن أبي حاتم، ولم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وابن عَقِيل إلى الضعف أقرب.
وتابع عمرَ بن عبد الرحمن خالدُ بن مَعْدَان، لكن لم يَسمع من عُبَادة، قاله أبو حاتم كما في «جامع التحصيل» (167).
وأصل الحديث أخرجه البخاري (49، 2023، 6049) وغيره، من طرق عن حُمَيْد، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ
لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ».
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ الخميس (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م): إلى ضعف زيادة: (وَمَا تَأَخَّرَ).
تعيين ليلة القدر
1 -
أنها ليلة ثلاث وعشرين فيما أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (1168): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ
(1)
- وَقَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ: عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ - عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَأَرَانِي صُبْحَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» .
قَالَ: فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْصَرَفَ وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ.
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
(1)
والضحاك وثقه ابن المَدِيني وأبو داود وابن بُكَيْر
…
وغيرهم.
وقال أبو زُرْعَة: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه ولا يُحتَجّ به.
وقال ابن عبد البر: كان كثير الخطأ، ليس بحجة.
وتابع موسى بن عقبة، لكن زاد في الإسناد أبا سلمة بن عبد الرحمن، بين أبي النضر وبُسْر.
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4624) وفي سنده يحيى الحِمَّاني، ضعيف.
وخالف الضحاكَ بن عثمان الإمامُ مالك، فأسقط بُسْر بن سعيد، كما في «موطئه» (1/ 320).
ووجهةُ مَنْ صَحَّح هي أن الضحاك معه زيادة علم وإخراج مسلم؛ لأن مالكًا كان يُقصِّر أحيانًا.
ووجهةُ مَنْ ضَعَّف هي أن مالكًا أقوى من الضحاك.
والخلاصة: قال شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ الخميس (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م): الضحاك لا يُقاوِم مالكًا.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (21/ 210): فهذا حديث منقطع؛ لم يَلْقَ أبو النضر عبدَ الله بن أُنَيْس.
دعاء ليلة القدر
سبق حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ:«قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي» وأنه مُعَل بالانقطاع بين عبد الله بن بُريدة وعائشة. فقد قال الدارقطني في «سُننه» (3557): عبد الله بن بُريدة لم يَسمع من عائشة رضي الله عنها شيئًا.
لكن تابعه أخوه سليمان بن بُريدة، كما عند أحمد (26215)، والنَّسَائي (10647)، وأبي يعلى (43) عن أبي النضر، عن عُبيد الله الأشجعي، عن الثوري، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُريدة، به.
فظاهرُ هذا السند الصحة، إلا أنه اختُلف على الثوري، فخالف الأشجعيَّ عمرُو بن محمد العَنْقَزي، كما في «مسند إسحاق» (1362)، وتابع عَمْرًا مَخْلَد بن يزيد، كما عند النَّسَائي في «الكبرى» (10646)، وتابعهما إسحاق الأزرق، كما في «العلل» للدارقطني (3860)، فقالوا: عن الثوري، عن الجُريري، عن عبد الله بن بُريدة، عن عائشة، به.
وروايتهم أرجح للكثرة. وحكى الدارقطني الخلاف وقال: قول الأزرق أصح.
وأفاد ما تقدم الباحث أبو سهل الربعي، بتاريخ الخميس (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م) وأَكَّد شيخنا معه النتيجة السابقة بالانقطاع.
كتاب العيدين
هل يوم عرفة عيد؟
(1)
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17379): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ
(2)
، عَنْ أَبِيهِ
(3)
قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» .
وتابع وكيعًا ابن مهدي وأبو عبد الرحمن المقرئ ووهب بن جرير وآخرون.
(1)
أَخْرَج البخاري رقم (45) ومسلم رقم (3017): عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} . قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
(2)
وثقه الإمام أحمد وابن سعد والنسائي والعجلي وابن مَعين في رواية.
وقال أبو حاتم: كان رجلًا صالحًا يتقن حديثه، لا يَزيد ولا يَنقص، صالح الحديث، كان من ثقات المصريين.
وفي رواية لابن مَعين: ليس بالقوي.
(3)
اللخمي وثقه النسائي والعجلي وابن سعد.
وخالف هؤلاء عن موسى بن علي أبو نُعيم وبشر بن بكر، فجعلاه موقوفًا كما يُفهَم من سياق الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2964).
والخلاصة: أن الإسناد صحيح على الأرجح في الرفع، وقال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
لكن عورض بأدلة أخرى حصرت يومَي العيد في الأضحى والفطر، وجعلت الأيام المعدودات أيام التشريق أيام أكل وشرب وذِكر لله.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (13/ 255): هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ، وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَذِكْرُ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ
(1)
وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ: «يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»
(2)
.
وانتهى شيخنا إلى أن لفظ: «يوم عرفة
…
يوم عيد» من مفاريد موسى المنتقدة عليه، كالمنتقد على العلاء بن عبد الرحمن:«إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» ولو أن باحثًا جَمَع المنتقد على الرواة الثقات لصار مجلدًا وافيًا
(3)
.
(1)
وجَعَله السخاوي في «فتح المغيث» (1/ 145) مثالًا للشاذ في المتن.
(2)
سبقت الأخبار في «سلسلة الفوائد» (3/ 242) في كون أيام التشريق أيام أَكْل وشُرْب.
(3)
ثم عَرَضه الباحث محمد بن خضر، بتاريخ (23) محرم (1445 هـ) الموافق (10/ 8/ 2023 م) فكَتَب شيخنا: سيكون ذكر يوم عرفة لو سلم الخبر وهمًا من موسى بن عليّ. اه.
وتم ذلك بفضل الله في مناقشتي له في «شرح مشكل الآثار» ليلة الاثنين (12) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (1/ 6/ 2023 م).
وإليك توجيهًا آخَر على فرض ثبوت «يوم عرفة
…
عيد» وهو أن العطف لا يقتضي المساواة كما هنا، وكذلك في قوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ 38 إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ 39 فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ 40 عَنِ الْمُجْرِمِينَ 41 مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ 42 قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ 43 وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ 44 وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ 45 وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ 46 حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 38 - 47].
كتاب الحج
وفد الله ضيوف الرحمن
وردت أخبار:
1 -
ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (2625): أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَثْرُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ
(1)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: الْغَازِي، وَالْحَاجُّ، وَالْمُعْتَمِرُ» .
وتابع عيسى جماعةٌ: إبراهيم بن منقذ كما عند أبي عَوانة في «مستخرجه» (7548)، وأحمد بن عيسى، أخرجه ابن حبان (3692) والحاكم (1611)، وعلي بن إبراهيم الغافقي، أخرجه ابن خزيمة (2511).
* وخالف بكيرًا جماعةٌ فجعلوه من قول كعب الأحبار:
1 -
وهيب بن خالد كما عند البيهقي في «السنن الكبرى» (10387).
2 -
سليمان بن بلال كما في «العلل» (1007) لابن أبي حاتم.
3، 6 - رَوح بن القاسم وعبد العزيز بن المختار والدراوردي وعبد العزيز
(1)
تابع سهيلًا على رفعه يعقوب بن يحيى بن عباد، وعنه صالح بن عبد الله بن صالح. وصالح قال فيه البخاري: منكر الحديث. أخرجه ابن ماجه (2892).
بن أبي حازم، ذَكَرهم الدارقطني في «علله» (1913) فقالوا: عن سهيل عن أبيه عن مرداس الجندعي عن كعب به.
وقال البيهقي عقبه: وحديث وهيب أصح.
وقال الدارقطني:
…
عن كعب الأحبار قوله، وهو الصحيح. ويُفهَم من كلام أبي حاتم في «العلل» (1007) ترجيح أنه من قول كعب.
وتابع سهيلًا على أنه من قول كعب -لكن بإسقاط مرداس- عاصمُ بن أبي النَّجُود، ذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (1007).
الخلاصة: أن الصواب رواية الجماعة على أنه من قول كعب وهو اختيار علماء العلل.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن خضر الحامولي، بتاريخ (28) صفر (1445 هـ) الموافق (12/ 9/ 2023 م) إلى أنه من قول كعب. وكَتَب: الحديث من كل طرقه ضعيفة ويُعِل بعضها بعضًا، وهل سمع أبو صالح السمان من كعب؟
(1)
.
2 -
وما أخرجه ابن ماجه في «سننه» (2893): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ، دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ، وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ» .
(1)
أَدْرَك ذكوان السمان كعب الأحبار فقد مات كعب في نهاية خلافة عثمان، وشهد أبو صالح الدار زمن عثمان. قاله أحمد كما في ترجمة ذكوان من «التهذيب» .
وتابع عمرانَ حمادُ بن سلمة، أسنده أبو حاتم في «العلل» (847).
وخالفهما أبو الربيع السمان وهو متروك فأوقفه، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (3813).
وخالفهم جرير بن عبد الحميد فجعله من قول مجاهد، ذَكَره الدارقطني في «العلل» (3112) وقال: ولا يصح رفعه عن عطاء.
وتابع حمادًا وعمران عن عطاء على الرفع متابعة قاصرة عن مجاهد:
1 -
محمد بن عبد الله كما في «أخبار مكة» (899)، وفي سنده عثمان بن عمرو، ضعيف.
2 -
الوليد بن عبد الله كما في «أخبار مكة» (901)، وفي سنده إبراهيم الخوزي، متروك.
وخالفهم المُثَنَّى بن الصَّبَّاح وهو ضعيف فأوقفه، كما في «أخبار مكة» (899).
وخالفهم ليث بن أبي سُليم فجعله من قول كعب. أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (8803).
وتابع ليثًا منصورُ بن المعتمر، أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (12652): حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ:«الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفْدُ اللَّهِ، سَأَلُوا فَأُعْطُوا، وَدَعَوْا فَأُجِيبُوا» .
والخلاصة: أن الأصح إسنادًا وأقواها أنه من قول كعب الأحبار.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن خضر الحامولي، بتاريخ (28) صفر (1445 هـ) الموافق (12/ 9/ 2023 م) إلى ضعفه من كل طرقه.
تنبيه: أورده ابن أبي حاتم في «علله» (847) من مسند ابن عمر، وقال: هذا خطأ، إنما هو مجاهد عن عمر
(1)
. ثَمة ثلاثة طرق أخرى عن ابن عمر فيها متروكان، والثالث خطأه ابن أبي حاتم في «العلل» (887).
وللخبر شواهد:
1 -
عن أنس رضي الله عنه، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (3810) وفي سنده ثمامة البصري، ضَعَّفه ابن المديني ونسبه للكذب.
2 -
عن جابر رضي الله عنه، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (3812) وفي سنده طلحه بن عمرو، متروك. وله طريق آخَر في «كشف الأستار» (1153) وفي سنده محمد بن أبي حميد، ضعيف.
3 -
ابن عمرو من سلسلة عمرو بن شُعيب، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (3809) وفي سنده محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف.
(1)
ومجاهد لم يَسمع من عمر رضي الله عنه.
الِاسْتِمْتَاع من الْبَيْت
قال ابن خزيمة في «صحيحه» رقم (2506): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزْعَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، ثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذَا الْبَيْتِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ هُدِمَ مَرَّتَيْنِ وَيُرْفَعُ فِي الثَّالِثِ» .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: «يُرْفَعُ فِي الثَّالِثِ» يُرِيدُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ؛ إِذْ رَفْعُ مَا قَدْ هُدِمَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ إِذَا هُدِمَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بِنَاءٌ.
تابع الحسنَ بن قَزَعَة عمرُو بن عون كما عند الحاكم (1610).
وخالف سفيان بن حبيب يزيد بن هارون فأوقفه، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (14108).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن فراج، بتاريخ (19) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (4/ 10/ 2023 م): الوقف
(1)
.
(1)
أي الأرجح.
لا صَرُورة في الإسلام والحج
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2844): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلامِ»
(1)
.
وتابع محمدَ بن بكر:
1 -
عيسى بن يونس، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3/ 314) والطبراني في «المعجم الكبير» (11/ 234).
2 -
سليمان بن حيان، أخرجه أبو داود في «سننه» (1729).
(1)
قال الخَطَّابي في «مَعالم السُّنن» (2/ 145):
الصَّرُورة تُفسَّر تفسيرين:
أحدهما: أن الصَّرورة هو الرجل الذي قد انقطع عن النكاح وتَبتَّل، على مذهب رهبانية النصارى، ومنه قول النابغة.
لو أنها عَرَضَتْ لأشمطَ راهبٍ
…
عَبَد الإله صرورةٍ متلبد
والوجه الآخَر: أن الصَّرورة هو الرجل الذي لم يحج، فمعناه على هذا أن سُنة الدِّين أن لا يَبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج؛ حتى لا يكون صَرُورة في الإسلام. وقد يَستدل به مَنْ يَزعم أن الصَّرورة لا يجوز له أن يَحج عن غيره.
وخالفهم رَوح وهو ابن عبادة
(1)
فأرسله بلفظ: «لا صرورة في الحج» أخرجه أحمد (5224).
وعلة هذا الطريق عمر بن عطاء
(2)
فهو ابن وراز، و يقال: ورازة، الحجازى الضعيف في نَصَّي الإمام أحمد وابن مَعين
(3)
.
وخالفه عمرو بن دينار واختُلف عليه، فرواه عنه ثلاثة فأرسلوه وهم: سفيان
(4)
والمثنى، هو ابن الصباح
(5)
ضعيف، وكذلك عمر بن قيس
(6)
. وروايتهم أصوب.
(1)
ثقة من التاسعة، وهناك رَوح بن القاسم، أعلى منه في الطبقة، ثقة ثَبْت من السادسة.
(2)
في ط/ دار القبلة ل «سُنن أبي داود» يعني ابن أبي الخوار.
(3)
قال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: كل شيء روى ابن جُريج عن عمر بن عطاء، عن عكرمة، فهو: عمر بن عطاء بن وراز، و كل شيء روى ابن جريج عن عمر بن عطاء عن ابن عباس فهو: عمر بن عطاء بن أبي الخوار، كان كبيرًا.
قيل له: أيَروي ابن أبي الخوار عن عكرمة؟ قال: لا، مَنْ قال:(عمر بن عطاء بن أبي الخوار عن عكرمة) فقد أخطأ، إنما رَوَى عن عكرمة عمر بن عطاء بن وراز، ولم يَرْوِ ابن أبي الخوار عن عكرمة شيئًا.
وقال عباس الدوري، عن يحيى بن مَعين: عمر بن عطاء الذي يَروي عنه ابن جريج يُحدِّث عن عكرمة، ليس هو بشيء، وهو ابن وراز، وَهُمْ يضعفونه. كل شيء عن عكرمة فهو عمر بن عطاء بن وراز. و عمر بن عطاء بن أبي الخوار ثقة.
(4)
انظر: «مصنف عبد الرزاق» (9552)، و «مشكل الآثار» (3/ 315)، و «مسند الشهاب» (2/ 41) للقُضَاعي.
(5)
أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (9554).
(6)
انظر: «المخلصيات» (3/ 105).
ورواه محمد بن شَريك عن عمرو بن دينار فأوقفه، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3/ 315): حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ، إِنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْطِمُ وَجْهَ الرَّجُلِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ صَرُورَةٌ» . فَقِيلَ لِعِكْرِمَةَ: وَمَا الصَّرُورَةُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: الَّذِي لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ.
الخلاصة: أن الموقوف سنده صحيح، والمرفوع مُعَل بالإرسال.
وكَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن رمضان بن عرفة الجيزاوي
(1)
بتاريخ (9) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (24/ 10/ 2023 م) على طريق عمر بن عطاء: ضَعَّفه أحمد وابن معين من هذا الوجه.
وله شاهد ضعيف من حديث جُبير بن مُطعِم، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (14115): حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ كِلَابِ بْنِ عَلِيّ
(2)
، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَخِي جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَرْوَةِ، وَبِيَدِهِ مشِقَصٌ يُقَصِّرُ بِهِ مِنْ شَعْرَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا صَرُورَةَ فِي الإِسْلَامِ» قَالَ: «ثُجُّوا
(1)
وُلد بتاريخ (15/ 6/ 2004 م) وهو في الفرقة الثانية من كلية الزراعة، جامعة عين شمس، وهذا أول حديث يَعرضه للتدرب.
(2)
واختُلف في شيخ كلاب، كما عند البزار في «مسنده» (2449) وليس فيه:«لا صَرورة» ، والطبراني في «المعجم الكبير» (2/ 137).
الإِبِلُ ثَجًّا، وَعُجُّوا بِالتَّكْبِيرِ عَجًّا». وكِلَاب بن علي مجهول
(1)
.
(1)
وقال البزار في «مسنده» (8/ 370) عقبه: هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ إِلَّا هَذَا الطَّرِيقَ، قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» مِنْ وُجُوهٍ، وَأَمَّا (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَصَّرَ عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ) فَلَا نَحْفَظُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمُدْرِكُ بْنُ عَلِيٍّ مَجْهُولٌ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا نَحْفَظُ لَهُ حَدِيثًا مُسْنَدًا، وَكِلَابُ بْنُ عَلِيٍّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
من مفاريد ابن عمر رضي الله عنه لا يَحج أحد عن أحد
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (15353): حدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُمْ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (4/ 66): فرَوَى سعيد بن منصور وغيره عن بن عمر بإسناد صحيح: لا يَحج أحد عن أحد.
قال الشافعي في «الأم» (8/ 710): فإن كنتم كرهتموه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعَون، وائتوها تمشون وعليكم السكينة» فقد أصبتم، وهكذا ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله فيه سُنة. فأما أن قياس قول ابن عمر ويخطئ القياس عليه حجة، على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَر امرأة تحج عن أبيها ورجلاً يحج عن أبيه، فقال: لا يحج أحد عن أحد. لأن ابن عمر قال: لا يصلي أحد عن أحد. فكيف يجوز لمسلم أن يدع ما يُروَى عن رسول الله إلى ما يُروَى عن غيره، ثم يدعه لقياس يخطئ فيه، وهو هنا يصيب في ترك ما رُوي عن ابن عمر، إذ رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، ثم يَزيد فيخرج إلى خلاف ابن عمر معه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع.
هل كان الزبير مُفرِدًا؟
كان قارنًا بما أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (2976): «وكان مع الزبير هَدْي» وانظر ما سبق في «سلسلة الفوائد» (3/ 267).
في حين جاءت روايتان بأنه كان مفردًا، منهما ما أخرجه أحمد (16103): حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: إِنَّا لَبِمَكَّةَ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَنَهَى عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ صَنَعُوا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: وَمَا عِلْمُ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِهَذَا؟! فَلْيَرْجِعْ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَلْيَسْأَلْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الزُّبَيْرُ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهَا حَلَالًا وَحَلَّتْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَسْمَاءَ فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَفْحَشَ، وَاللَّهِ قَدْ صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ «لَقَدْ حَلُّوا وَأَحْلَلْنَا وَأَصَابُوا النِّسَاءَ» .
وتابع إسحاقَ مجاهدُ بن جبر لكن من رواية يَزيد بن أبي زياد القرشي عنه وهو ضعيف، كما عند أحمد (26919) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (14516) وإسحاق في «مسنده» (2227).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن عادل مصباح، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1445 هـ) الموافق (18/ 11/ 2023 م) إلى تحسين إسناده؛ لأن ابن إسحاق صَرَّح بالتحديث من أبيه. وإسحاق بن يسار مختلف فيه، فقد وثقه أبو زرعة وابن معين، وقال الدارقطني: لا يُحتج به.
قَبول البخاري زيادة الثقة في
شربه صلى الله عليه وسلم على بعيره بعرفة وهو واقف
أخرج البخاري في «صحيحه» رقم (5618): حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ. زَادَ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ:«عَلَى بَعِيرِهِ» .
وزيادة مالك في «الموطأ» (132) ووَصَلها البخاري (1988، 1611) ومسلم (1123) وفي رواية يحيى بن سعيد عن مالك، أخرجها أحمد (26924) وفيها:«فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة على بعيره» .
ورواه جماعة عن سالم دون بلفظ: «وهو بعرفة فشرب» :
1 -
عمرو بن الحارث، أخرجه مسلم (1123) وفيه:«بقَعْب» بدل «بقَدَح» والقَعْب: القَدَح الضخم الغليظ
(1)
.
2 -
سفيان بن عيينة عن سالم، أخرجه البخاري (5604) وتارة عن الزهري عن سالم، أخرجه البخاري (1658).
(1)
«لسان العرب» (1/ 683).
3 -
الثوري وابن عمر عن سالم، أخرجه عبد الرزاق (7815):«بقعب» .
والخلاصة: أن البخاري اعتَمد الزيادة التي نص عليها وبَوَّب لها «باب مَنْ شرب وهو واقف على بعيره» وساق الحديث.
واعتَمَد شيخنا مع الباحث صلاح الدين، بتاريخ (23) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (8/ 10/ 2023 م) صحة إسناد أكل ابن عباس للرُّمان فيما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (26869): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ، أُتِيَ بِرُمَّانٍ فَأَكَلَهُ، وَقَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ، أَتَتْهُ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ».
وهذا إسناد صحيح وثَمة طرق - بَهْز وداود بن سليمان وبِشر بن معاذ- ليس فيها ذكر الرمان.
تخفيفه صلى الله عليه وسلم الوضوء عند مُنصرَفه من عرفة
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (139): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ، نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ، نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ العِشَاءُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا.
وتابع عبدَ الله بن مسلمة يحيى بنُ يحيى، أخرجه مسلم (1280).
ورواه يحيى بن سعيد وحماد بن زيد مختصرًا.
* وخالف موسى بن عقبة ثلاثة فاقتصروا على وضوء واحد، وَهُمْ:
1 -
محمد بن أبي حرملة. كما في البخاري ومسلم.
2 -
إبراهيم بن عقبة كما عند مسلم.
3 -
محمد بن عقبة كما في المصدر السابق.
وتابع كريبًا على وضوء واحد عطاء مولى سباع، كما عند مسلم.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ الأحد (6) شعبان (1444 هـ) الموافق (26/ 2/ 2023 م): الزيادة فيما يبدو تصح-والله أعلم- لثبوت سندها، ولعدم قدرة المخالفين لموسى بما يَحملنا على رد رواية موسى مع إمكانية الجمع.
هل مَنْ لم يُدرِك
الفجر بمزدلفة لم يصح حجه؟
قال الإمام النسائي في «سننه» رقم (3040): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا مَعَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ حَتَّى يُفِيضَ مِنْهَا، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ النَّاسِ وَالْإِمَامِ، فَلَمْ يُدْرِكْ» .
وتابع جريرًا- وهو ابن عبد الحميد- صالحُ بن عمر وهو لا بأس به ثقة، كما عند أبي يعلى (946) وفيه:«وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ، فَلَا حَجَّ لَهُ» ، وموسى بن أَعْيَن كما عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4688) وشيخ الطحاوي يحيى بن عثمان كان يُحدِّث من غير كتبه فطعن.
وخالف مطرفًا
(1)
جمهورُ الرواة عن الشعبي فلم يَذكروا: «وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ، فَلَا حَجَّ لَهُ» :
1 -
إسماعيل بن أبي خالد، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (18300): حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي- أَوْ: أَخْبَرَنِي- عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ
(1)
قال الطحاوي: فلم نَعْلَم أحدًا جاء به في هذا الحديث عن الشَّعبي غير مطرف، فأما الجماعة من أصحاب الشعبي فلا يَذكرونه.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَوْقِفِ، فَقُلْتُ: جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ، أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ، هَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ، لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» .
2، 3 - زكريا بن أبي زائدة، أخرجه أحمد رقم (16209) والنسائي (3043) بعطف ابن أبي خالد وداود بن أبي هند وزكريا.
4 -
عبد الله بن أبي السفر، أخرجه أحمد (18301) والنسائي (3042).
5 -
سيار كما عند النسائي (3041).
6 -
مجالد بن سعيد الهمداني، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4693).
والخلاصة: أن رواية مطرف وإن كان إسنادها صحيحًا إلا أنها مرجوحة لكون راويها إسماعيل بن أبي خالد، وهو مُقدَّم على مطرف في الشعبي وقد توبع ابن أبي خالد.
وإلى هذا انتهى شيخنا معي في مناقشتي إياه في «شرح مشكل الآثار» ليلة الاثنين (12) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (1/ 6/ 2023 م).
وثمة توجيه التمسه الطحاوي رحمه الله على فرض ثبوت الرواية، أنها محمولة على التغليظ والتوكيد في التخلف عن مزدلفة، ومنه «لا دِين لمَن لا عَهْد له» ومما يؤيد ذلك إذنه صلى الله عليه وسلم لسودة أن تُفِيض من جمع قبل أن تقف
(1)
.
(1)
وفي «صحيح مسلم» رقم (1290): عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ضَخْمَةً ثَبِطَةً، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، فَأَذِنَ لَهَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَيْتَنِي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تُفِيضُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ.
وهو في البخاري (1680) باختصار.
ونَقَل الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (12/ 113) اتفاق فقهاء الأمصار
…
: لا يختلفون أن مَنْ فاته الوقوف بجمع وقد كان وقف بعرفة قبل ذلك، أنه ليس في حكم مَنْ فاته الحج، وأنه قد أدرك الحج وقد فاته منه ما يكفيه عنه الدم.
وقال العيني في «نخب الأفكار» (9/ 508 - 509): قد رَوَى هذا الحديث جماعة حُفاظ عن الشعبي، مثل زكرياء وداود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وعبد الله بن أبي السفر وسيار وغيرهم، ولم يَذكر فيه أحد منهم:«فلا حج له» ولئن سَلَّمْنا أن هذا صحيح، فمعناه أنه محمول على نفي الفضيلة والكمال لا نفي الأصل، كما في قوله عليه السلام:«لا وضوء لمن لم يَذكر اسم الله عليه» ، وكما رُوي عن عمر رضي الله عنه: مَنْ قَدَّم ثقله فلا حج له.
فضل يوم النحر
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (19075): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» . وَقُرِّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسُ بَدَنَاتٍ، أَوْ سِتٌّ، يَنْحَرُهُنَّ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ، أَيَّتُهُنَّ يَبْدَأُ بِهَا، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَسَأَلْتُ بَعْضَ مَنْ يَلِينِي: مَا قَالَ؟ قَالُوا: قَالَ: «مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» .
تابع يحيى بنَ سعيد اثنان:
1 -
أبو عاصم الضحاك بن مخلد، أخرجه ابنه في «الآحاد والمثاني» (2408) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1319) وغيرهما.
2 -
عيسى بن يونس، أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (1765).
والخلاصة: أن إسناده صحيح، وصححه الحاكم في «مستدركه» (4/ 246). وقال البيهقي في «السنن الكبير» (7/ 470): إِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ يُفَارِقُ النِّثَارَ فِي الْمَعْنَى. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن خضر، بتاريخ (23) محرم (1445 هـ) الموافق (10/ 8/ 2023 م): يُراجَع.
هل الحائض تسعى بين الصفا والمروة؟
قال الإمام البخاري (294): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، قَالَ: سَمِعْتُ القَاسِمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلاَّ الحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ:«مَا لَكِ، أَنُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ.
وتابع عليَّ بن عبد الله آخرون، منهم أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب، أخرجه مسلم (119).
وتابع سفيانَ عبد العزيز بن أبي سلمة، أخرجه البخاري (305) وتابعهما حماد بن سلمة، أخرجه أبو داود (1782).
وتابعهم مالك من رواية أربعة عنه، وَهُمْ:
1 -
عبد الله بن يوسف كما عند البخاري (1650).
2 -
خالد بن مخلد كما عند الدارمي (1888).
3 -
أحمد بن أبي بكر كما عند ابن حبان (3835).
4 -
الإمام الشافعي كما في «مسنده» (1/ 369).
وخالفهم يحيى بن يحيى فزاد: «وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى تَطْهُرِي» كما في «الموطأ» (224).
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (19/ 261): قال يحيى عن مالك في هذا الحديث «غير ألا تطوفي بالبيت ولا بالصفا والمروة» وقال غيره من رواة الموطأ: «غير ألا تطوفي بالبيت» لم يَذكروا «ولا بين الصفا والمروة» ولا ذَكَر أحد من رواة هذا الحديث: «ولا بين الصفا والمروة» غير يحيى فيما علمتُ، وهو وهم منه والله أعلم.
ونَقَل هذا الكلام ابن رجب في «فتح الباري» (2/ 43) ونحوه لابن حجر (3/ 504).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن صبحي، بتاريخ (21) محرم (1445 هـ) الموافق (8/ 8/ 2023 م) إلى شذوذ الزيادة، وطَلَب مراجعة نُسَخ المُوطَّأ.
فَضْل رمي الجِمَار
قال البزار كما في «كشف الأستار» رقم (1140): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَمَيْتَ الْجِمَارَ، كَانَ لَكَ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ مُتَّصِلًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ الأربعاء (15) من المحرم (1445 هـ) الموافق (2/ 8/ 2023 م) إلى ضعفه بسبب صالح مولى التوءمة
(1)
.
(1)
صححه العَلَّامة الألباني لكون صالح ليس ضعيفًا، ورواية موسى بن عقبة قبل الاختلاط.
مرويات حديث ابن عباس رضي الله عنهما في
نهي الضعفة عن رمي الجمار إلا بعد طلوع الشمس.
رتبتُها على رواة الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما مع بيان العلل:
1 -
الحسن العُرَني:
قال الْحُمَيْدِيُّ في «مسنده» رقم (470): ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: ثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، وَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا
(1)
وَيَقُولُ: «أَبَنِيَّ لَا تَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
وقال أبو داود في «سننه» رقم (1940): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَلَى حُمُرَاتٍ، فَجَعَلَ يَلْطَخُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ:«أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
وتابع محمدَ بن كثير جماعة، منهم وكيع بن الجراح ورَوح، أخرجه أحمد (2089)(2841)، ويحيى بن عيسى وأبو نُعيم ومحمد بن كثير، كما عند
(1)
قوله: (يلطح أفخاذنا) أي: يضربها ببطن كفه، واللطح بالحاء المهملة: هو الضرب اللين على الظهر ببطن الكف.
الطحاوي (3979 - 3981) ومحمد بن عبد الله بن يزيد، كما عند النسائي (4006).
وعلة هذا السند: أن الحسن العُرَني لم يَسمع من ابن عباس رضي الله عنهما، قاله أحمد والبخاري.
وقال أبو حاتم: لم يدركه. وقال ابن مَعين: صدوق ليس به بأس، إنما يقال: إنه لم يَسمع من ابن عباس. ووثقه أبو زُرعة.
وذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال: يخطئ.
وخالف هؤلاء عن الثوري بِشْر بن السَّرِيّ، فقد قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (9/ 121): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ أَهْلَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
وتابع الثوريَّ حمزةُ الزيات، أخرجه أبو داود في «سننه» (1941) وتابعهما حماد بن شعيب، أخرجه ابن عدي في «الكامل» (3/ 18) في ترجمته، وهو ضعيف، وصَرَّح بتحديث حبيب من عطاء، لكن رواية الثوري وحمزة بالعنعنة؛ لذا علة هذا الطريق حبيب، مدلس وقد عنعن، ونَقَل العقيلي عن القطان قال: حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ. وقال العقيلي: وله عن عطاء أحاديث لا يُتابَع عليها، منها حديث عائشة:«لا تُسبِّحي عنه» انظر ترجمة حبيب من «التهذيب» .
2 -
رواه الحَكَم بن عُتيبة عن مِقسم عن ابن عباس، أو بإسقاط مِقسم:
أخرجه أحمد (2239): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَحَّلَ نَاسًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بِلَيْلٍ - قَالَ شُعْبَةُ: أَحْسَبُهُ قَالَ: ضَعَفَتَهُمْ - وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. شُعْبَةُ شَكَّ فِي «ضَعَفَتَهُمْ» .
وخالف محمدَ بن جعفر خالدُ بن الحارث فأَثْبَتَ مِقسمًا بين الحَكَم وابن عباس. أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3492) وتابعه معاذ بن معاذ، علقه البخاري في «التاريخ الأوسط» (1435).
وخالد بن الحارث ومحمد بن جعفر كلاهما من أصحاب شعبة، كما في «شرح علل الترمذي» لابن رجب الحنبلي (2/ 705).
ورواية محمد بن جعفر أرجح لعلو سندها ولكون شيخ الطحاوي أبي أمية محمد بن إبراهيم الخزاعي وثقه أبو داود، وقال الحاكم: صدوق كثير الوهم.
*- وتابعهما المسعودي - عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، عن الحَكَم عن مِقسم عن ابن عباس.
قال ابن أبي شيبة في «المصنف» (3/ 234): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ
(1)
وَقَالَ: «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
(1)
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله في «حجة الوداع» (ص: 186): الضَّعَفَةُ مِنَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ فَقَطْ، بِتَفْسِيرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَسْمَاءَ.
وتابع وكيعًا الطيالسي في «مسنده» (2826)، وعبد الله بن يزيد، أخرجه أحمد (3006) وخالد بن عبد الرحمن، أخرجه الطحاوي (3978).
*-وخالفهم الحجاج بن أرطأة - وهو ضعيف- بلفظ آخَر.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3038): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِمَارَ بَعْدَ مَا زَالَتِ الشَّمْسُ» .
وأيضًا (2231): حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِمَارَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، أَوْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ» .
وثَم طرق أخرى عن حجاج.
وتابع حجاجًا إبراهيمُ بن عثمان بن أبي شيبة - وهو ضعيف- أخرجه ابن ماجه (3045) ولفظه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْمِي الْجِمَارَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، قَدْرَ مَا إِذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهِ، صَلَّى الظُّهْرَ.
*-ورواه الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3003): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ النَّحْرِ، وَعَلَيْنَا سَوَادٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ:«أَبَنِيَّ، أَفِيضُوا، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
وأيضًا (3513): حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، به.
وتابعهما -أي: أبا الأحوص وأبا بكر- حفص، كما عند البخاري في «التاريخ الأوسط» رقم (1436) معلقًا.
وقال الإمام الطحاوي في «شرح معاني الآثار» رقم (3976): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: أَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ فِي الثَّقَلِ وَقَالَ:«لَا تَرْمُوا الْجِمَارَ حَتَّى تُصْبِحُوا»
(1)
.
وعلة هذا الطريق ما قاله شعبة، كما في «جامع التحصيل» (ص: 167): لم يَسمع الحَكَم من مِقسم إلا خمسة أحاديث. وعَدَّها يحيى القطان: (حديث الوتر) و (حديث القنوت) و (حديث عزمة الطلاق) و (جزاء ما قتل من النَّعَم) و (الرجل يأتي امرأته وهي حائض) قالا: وما عدا ذلك كتاب، وفي رواية عد حديث الحجامة للصائم منها، وإن حديث «الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار» ليس بصحيح. وشعبة يقول: لم يَسمع الحكم من مقسم حديث الحجامة في الصيام.
وما قاله البخاري في «التاريخ الأوسط» (1/ 295): وحديث الحكم هذا عن مِقسم مضطرب لما وصفنا، ولا ندري الحَكَم سمع هذا من مقسم أم لا.
ثم ذَكَر حديث عائشة وأسماء وابن عمر رضي الله عنهم وقال: وحديث هؤلاء أكثر وأصح في الرمي قبل طلوع الشمس. انظر: «التاريخ الأوسط» (1/ 297).
(1)
قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 217): فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْإِصْبَاحُ هُوَ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ. ثم أيد الثاني بالنهي عن الرمي حتى تَطلُع الشمس.
وممن حَسَّن هذه الطرق بمجموعها ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 528): وهذه الطرق يُقوِّي بعضها بعضًا، ومِن ثَمَّ صححه الترمذي وابن حبان
…
وهو حديث حسن.
3 -
ليث بن أبي سُليم عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أَخْرَج الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2459): حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«عَجَّلَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ عَجَّلَ أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَنَا مَعَهُمْ، مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَرْمِيَهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ» .
وعلة هذا الطريق شريك وليث، وهما ضعيفان.
4 -
شعبة مولى ابن عباس عنه رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2935): حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُهُ مَعَ أَهْلِهِ إِلَى مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ؛ لِيَرْمُوا الْجَمْرَةَ مَعَ الْفَجْرِ.
وأيضًا رقم (3304): حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَرَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، به.
وقال الطيالسي في «مسنده» رقم (2852): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ، فَرَمَيْنَا الْجَمْرَةَ مَعَ الْفَجْرِ» .
الشاهد في هذه الرواية اجتهاد، بخلاف الأولى فمرفوعة.
وعلة هذا الطريق شعبة مولى ابن عباس.
قال فيه ابن معين: لا بأس به. وفي رواية: لا يُكتب حديثه.
وقال أحمد: ما أرى به بأسًا.
وقال مالك: ليس بثقة. وفي رواية: لم يكن يشبه القُراء.
وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي.
وقال ابن حبان: رَوَى عن ابن عباس ما لا أصل له، حتى كأنه ابن عباس آخَر.
5 -
فُضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن كُريب عن ابن عباس:
قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3975): مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَنَا كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ وَثَقَلَهُ صَبِيحَةَ جَمْعٍ، أَنْ يُفِيضُوا مَعَ أَوَّلِ الْفَجْرِ بِسَوَادٍ، وَلَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ إِلَّا مُصْبِحِينَ.
وعلة هذا السند فُضيل بن سليمان.
قال فيه ابن معين: ليس بثقة.
وقال أبو زرعة: لين الحديث.
وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه، ليس بالقوي.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يُحدِّث عنه.
وروى عنه علي بن المديني وكان من المتشددين.
وذَكَره ابن حبان في كتاب «الثقات» .
وقال صالح بن محمد جزرة: منكر الحديث؛ روى عن موسى بن عقبة مناكير.
6 -
رواه جماعة عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما، واختُلف عليه في اللفظ، فتارة الرمي بعد الفجر، وأخرى بسَحَر:
قال النسائي في «سننه» رقم (3066): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ خَالَتِهَا عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ إِحْدَى نِسَائِهِ أَنْ تَنْفِرَ مِنْ جَمْعٍ لَيْلَةَ جَمْعٍ، فَتَأْتِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَتَرْمِيَهَا، وَتُصْبِحَ فِي مَنْزِلِهَا. وَكَانَ عَطَاءٌ يَفْعَلُهُ حَتَّى مَاتَ.
وعبد الله بن عبد الرحمن الطائفي وثقه ابن المديني والعجلي وابن حبان. وقال فيه البخاري: فيه نظر. وضَعَّفه ابن معين. وفي رواية: صالح. وقال الدارقطني: يُعتبَر به.
قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» رقم (3972): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: ثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الصَّفِيرِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْعَبَّاسِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ:«اذْهَبْ بِضُعَفَائِنَا وَنِسَائِنَا، فَلْيُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمِنًى، وَلْيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُمْ دَفْعَةُ النَّاسِ» .
وإسماعيل بن عبد الملك إلى الضعف أقرب.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2460): حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ- يَعْنِي الْعَطَّارَ- عَنْ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:«أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ ثَقَلَةِ وَضَعَفَةِ أَهْلِهِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَصَلَّيْنَا الصُّبْحَ بِمِنًى، وَرَمَيْنَا الْجَمْرَةَ» .
وقال الإمام مسلم رقم (1293): وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كُنْتُ فِيمَنْ قَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» .
وقال الإمام مسلم (1294): حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي بِلَيْلٍ طَوِيلٍ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا كَذَلِكَ بِسَحَرٍ. قُلْتُ لَهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَيْنَ صَلَّى الْفَجْرَ؟ قَالَ: لَا إِلَّا كَذَلِكَ.
7 -
عكرمة عن ابن عباس:
أخرج البخاري (1677) من طريق عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ» .
8 -
عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس:
أخرج البخاري (1678) ومسلم (1293) من طريق عُبَيْد اللَّهِ بْن أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:«أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» .
9 -
أبو الزبير المكي عن ابن عباس:
قال أبو عَوانة في «مستخرجه» رقم (3526): حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ الْمَكِّيَّ أَخْبَرَهُ،، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَدِّمُ الْعِيَالَ وَالضَّعَفَةَ إِلَى مِنًى مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ.
قال أبو بكر في «صحيحه» (3/ 410): قَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ أَخْبَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِي الكَبِيرِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُبَيْنيَّ لَا تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَلَسْتُ أَحْفَظُ فِي تِلْكَ الأَخْبَارِ إِسْنَادًا ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، فَإِنْ ثَبَتَ إِسْنَادٌ وَاحِدٌ مِنْهَا، فَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ المَذْكُورَ مِمَّنْ قَدَّمَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَنْ رَمْيِ الجِمَارِ قَبْلَ (طُلُوعِ الشَّمْسِ، لَا النِّسَاءَ مَعَ المَذْكُورِ؛ لأَنَّ خَبَرَ ابْنِ) عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَذِنَ لِضَعْفَةِ النِّسَاءِ فِي رَمْيِ الجِمَارِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلَا يَكُونُ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ خِلَافَ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنْ ثَبَتَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، عَلَى أَنَّ رَمْيَ الجِمَارِ لِضَعْفَةِ النِّسَاءِ بِاللَّيْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ أَيْضًا عِنْدِي جَائِزٌ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي أَذْكُرُهُ فِي البَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ.
*-حديث أسماء رضي الله عنها في رمي الضعفة.
فقد أخرج البخاري (1679) ومسلم (1291) من طريق عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ المُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ:«يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ القَمَرُ؟» قُلْتُ: لَا. فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: «يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ القَمَرُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: «فَارْتَحِلُوا» فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا، حَتَّى رَمَتِ الجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ، مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا! قَالَتْ:«يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِلظُّعُنِ» .
وأخرج البخاري (1681) ومسلم (1290): عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «نَزَلْنَا المُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةُ، أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِيئَةً، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ
(1)
، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ، ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ».
ورواية مسلم (1290): عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ، فَأُصَلِّي الصُّبْحَ بِمِنًى، فَأَرْمِي الْجَمْرَةَ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ. فَقِيلَ لِعَائِشَةَ: فَكَانَتْ سَوْدَةُ اسْتَأْذَنَتْهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، إِنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً ثَقِيلَةً ثَبِطَةً
(2)
، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهَا.
وفي «حجة الوداع» لابن حزم (124): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ- يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ- عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِي عِنْدَهَا.
وأخرج مسلم (1292): عَنِ ابْنِ شَوَّالٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَأَخْبَرَتْهُ، أَنَّ
(1)
أى زحمتهم، ومنه سمى الحطيم لانحطام الناس عليه: أى ازدحامهم. كما في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (4/ 367).
(2)
(ثبطة) بفتح المثلثة وكسر الموحدة أو سكونها وبمهملة أي: بطيئة من التثبيط: وهو التعويق. كما في «منحة الباري بشرح صحيح البخاري» (4/ 162).
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِهَا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
وساق بسنده عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى. وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ.
وأخرج البخاري (1676) ومسلم (1295) من طريق ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ، فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الجَمْرَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:«أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
قال الإمام مسلم (1299): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«رَمَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ» .
* أقوال أهل العلم:
قال الشافعي في «معرفة السنن والآثار» (7/ 311) كَمَا فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: وَمِنْ أَوْقَاتِهَا أَنْ تُرْمَي بَعْدَ الْفَجْرِ، وَجَائِزٌ فِيهَا أَنْ تُرْمَي قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.
وقال أبو جعفر الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (9/ 123): فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا مَكْشُوفَةُ الْمَعَانِي بِنَهْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ عَجَّلَهُ مِنْ جَمْعٍ، أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ مَنْ لَهُ الرُّخْصَةُ فِي التَّعْجِيلِ مِنْ هُنَاكَ، كَانَ مَنْ لَا رُخْصَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ بِذَلِكَ النَّهْيِ أَوْلَى.
وَتَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
فَقَالَ قَائِلٌ: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا إِلَّا وَقَدْ خَرَجَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّهُ يُجْزِئُ رَمْيُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ. مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَصْحَابِهِ، وَمِنْهُمْ مَالِكٌ فِي أَصْحَابِهِ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ فِي أَصْحَابِهِ، بَلْ قَدْ زَادَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرَ أَنَّ مَنْ رَمَاهَا يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ رَمْيُهُ. قَالَ: فَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا قَدْ تَلَقَّتْهُ الْعُلَمَاءُ بِالرَّدِّ، فَلَمْ يَكُنْ لِذِكْرِكَ إِيَّاهُ مَعْنًى.
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَتَلَقَّوْا هَذَا الْحَدِيثَ بِالرَّدِّ كَمَا ذَكَرَ، وَإِنَّمَا خَالَفَهُ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْهُمْ، وَفِيهِمْ مَنْ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ، وَهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَهُمَا مِنَ الْإِمَامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْمَوْضِعِ مِنْهُ بِمِثْلِ الَّذِي عَلَيْهِ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ مِنْهُمْ. كَمَا قَدْ أَجَازَ لَنَا مُحَمَّدً بْنُ سِنَانٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ ارْتَحَلَ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْمُزْدَلِفَةَ بِلَيْلٍ، فَمَضَى كَمَا هُوَ حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ وَذَبَحَ، قَالَ: أَمَّا الْأَمْرُ فَلَا يَذْبَحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنْ هُوَ فَعَلَ أَجْزَأَ عَنْهُ.
قَالَ: فَأَمَّا قَوْلُهً: (فَأَمَّا الْأَمْرُ فَلَا يَذْبَحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) فَكَمَا قَالَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (فَإِنْ هُوَ فَعَلَ أَجْزَأَ عَنْهُ) فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي ذَلِكَ بِمِثْلِ مَا الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ قَبْلَهُ مَطْلُوبُونَ فِيهِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْإِمَامِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ
سُفْيَانُ وَسُئِلَ عَمَّنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: يُعِيدُ الرَّمْيَ. فَكَانَ مَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ هَذَا أَوْلَى مِمَّا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ عَمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم، وَلَا عَمَّا فَعَلَهُ، وَلَا عَمَّا وَقَّتَهُ، وَإِذَا كَانَ قَدْ وَقَّتَ فِي الذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ وَقْتًا بِعَيْنِهِ، فَكَانَ مَنْ تَقَدَّمَهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَبْحُهُ وَيُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ، كَانَ كَذَلِكَ فِي أَمْرِهِ بِالرَّمْيِ فِيهِ مِنَ الْحَاجِّ لِوَقْتٍ بِعَيْنِهِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ بِتَقَدُّمٍ لَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ تَقَدَّمَهُ فَرَمَى قَبْلَهُ أمر بِإِعَادَةِ الرَّمْيِ فِيهِ.
هَذَا هُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ. وَاللهُ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
تنبيه: قال شيخنا في ليلة الخميس، بتاريخ (13) محرم (1444 هـ) الموافق (11/ 8/ 2022 م): حديث ابن عباس في كل طرقه مقال. وعلى وجه الجمع بين حديث ابن عباس وأسماء، أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار لأهل بيته الأرفق.
الخُطبة عند الجَمْرة
قال ابن سعد في «الطبقات الكبير» رقم (9422): أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِي عَلَى عَجُزِ الرَّاحِلَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عِنْدَ الجَمْرَةِ، فَقَالَ:«الحَمْدُ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ؟» قَالُوا: هَذَا. قالَ: «فَأَيُّ شَهْرٍ أَحْرَمُ؟» قَالُوا: هَذَا الشَّهْرُ. قَالَ: «فَأَيُّ بَلَدٍ أَحْرَمُ؟» قَالُوا: هَذَا البَلَدُ. قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» .
وتابع ابن سعد جماعة.
وتابع موسى بنَ محمد اثنان:
1 -
يحيى بن زكريا، أخرجه أحمد (18929) دون الحمدلة.
2 -
مَرْوان بن معاوية، أخرجه النَّسَائي (4082) وغيره.
ورواه سلمة بن نُبَيْط تارة عن أبيه، وأخرى بإدخال واسطةٍ (رجل من الحي) وثالثة بالشك: أبي أو نُعيم بن أبي هند.
والجماعة عن سلمة بإسقاط الواسطة، لكن قال البخاري: يقال: اختَلَط بآخره.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي: طريق أبي مالك الأشجعي عن نُبَيْط يبدو- والله أعلم- أن هنا انقطاعًا. اه.
ثم عَرَضه الباحث مرة أخرى عام (1444 هـ) الموافق (2023 م) فقال شيخنا: احكم على السند.
تنبيه: تُوفي أبو مالك سنة (140 هـ)، ورَوَى عن أنس وطارق بن أَشْيَم وعبد الله بن أبي أوفى، رضي الله عنهم، وليس له رواية عن أحد من الصحابة في «الصحيحين» .
حُكْم العمرة
وردت فيها أخبار:
منها ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (14397): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْعُمْرَةِ، أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ» .
تابع أبا معاوية جماعة:
عمر بن علي، أخرجه الترمذي (931) ومَعمر بن سليمان، أخرجه أحمد (14845) وعبد الواحد بن زياد، أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (8752) وعبد الرحمن بن سليمان، أخرجه الدارقطني في «سننه» (2724).
خالفهم يحيى بن أيوب الغافقي فقال: عن ابن جريج وحجاج، موقوفًا. أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (8753).
ورواية الجماعة أرجح للكثرة، لكن الحَجاج مختلف فيه، واختار شيخنا فيه الضعف. وقد تابعه متابعة قاصرةً ابن لهيعة عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعًا، أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (8760)، وابن لهيعة ضعيف.
ورواه أبو الزبير عن جابر واختُلف عليه، فرواه عنه اثنان:
1 -
عبيد الله بن المغيرة، وعنه يحيى بن أيوب الغافقي السابق، أخرجه الدارقطني في «سننه» (2727) وغيره.
2 -
خالفه ابن جُريج فأوقفه، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (9508): قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: ليس من مسلم إلا عليه حجة واجبة وعمرة، مَنْ استطاع إليه سبيلًا.
وتابع عبد الرزاق على الوقف أبو خالد الأحمر، أخرجه ابن خزيمة (3067) بنحوه.
قال ابن خزيمة «صحيح ابن خزيمة» (2/ 1435): هَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى تَوْهِينِ خَبَرِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: «لَا، إِنْ تَعْتَمِرَ فَهُوَ أَفْضَلُ» ثَنَاهُ بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ.
فَلَوْ كَانَ جَابِرٌ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْعُمْرَةِ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، لَمَا خَالَفَ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقال البيهقي عن الموقوف: «السُّنن الكبرى» (9/ 275):
هذا هو المحفوظ عن جابر موقوفٌ غير مرفوع، رُوِيَ عن جابِر مرفوعًا بخلاف ذلك (3)، وكلاهما ضَعيف.
وقال الترمذي في «سُننه» (2/ 431): قَالَ الشَّافِعِيُّ: العُمْرَةُ سُنَّةٌ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِي تَرْكِهَا، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ. وَقَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الحُجَّةُ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُوجِبُهَا.
الخلاصة: أن أصح الطرق عن جابر رضي الله عنه طريق ابن جُريج الموقوف، وهو اختيار ابن خزيمة والبيهقي كما سبق.
وانتهى شيخنا مع الباحث سلمان الكردي، بتاريخ (17) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (1/ 11/ 2023 م) إلى ضعف المرفوع وصحة الموقوف.
كتاب البيوع
وسائل الكسب الطيب وسمات المدير الناجح
أولًا- أن يكون متوكلًا على الله سائلًا التوفيق والسداد من خالقه عز وجل، قال شعيب عليه السلام:{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]. وقال جل ذكره عن نبيه داود عليه السلام: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20].
ثانيًا- أن يكون متحملًا للمسئولية وأهلًا لها، قال صلى الله عليه وسلم:«أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»
(1)
.
ثالثًا- أن يكون متحريًا الكسب الحلال، وعارضًا نفسه وعقوده وشروطه على الوحيين.
قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
(1)
أخرجه البخاري (893)، ومسلم (1829) واللفظ لمسلم، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال جل ذكره: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
وقال تبارك وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].
وقال جل ذكره عمومًا: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38].
وذلك على أحد الوجهين
(1)
في حمل الكتاب على القرآن الكريم.
رابعًا- أن يكون متخذًا مجلسًا للشورى من المتخصصين للعمل؛ امتثالًا لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
ودَخَلَ صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ
(2)
، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟
(3)
، اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا،
(1)
والوجه الآخر: اللوح المحفوظ.
(2)
وهذا يدل على أن الأصل في الأمر أن يكون للوجوب والفورية.
(3)
مرجع اسم الإشارة محذوف دلّ عليه السياق الحالي والمَقامي، وهو أمرهم بالحَلْق.
وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا
(1)
. وثَمة نصوص كثيرة في الشورى
(2)
.
خامسًا- أن يكون متابعًا للعمّال ويتفقدهم بنفسه قال نبي الله سليمان عليه السلام، قال تعالى:{وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ 12 يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ 13 فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 12 - 14]
سادسًا- أن يكون منتقىًا للعمال ذوي الخبرة والأمانة والكفاءة في العمل.
قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26].
وأثنى الله على جبريل بالقوة والأمانة: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ 20 مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 20، 21].
والصِّديق يوسف: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55].
سابعًا- أن يكون مكتسب الخبرة دائمًا من سير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كداود وسليمان عليهما السلام فقد جَمَع الله لهما المُلك والعلم وحسن
(1)
أخرجه البخاري (2731). و (غمًّا) مفعول لأجله.
(2)
استفد من الكبار الخبرات وتجارب الحياة، واستفد من الشباب الهمة والإنجاز.
إدارة الجن والإنس والطير. والاستفادة الدائمة من أهل مجاله الخبراء المتخصصين، ومطالعة الأعمال التي في مجاله داخل البلاد وخارجها.
ثامنًا- أن يكون متخذًا الحروز الشرعية من الماكرين به، قائلًا كما قال غلام أصحاب الأخدود عليه السلام:«اللهم اكفنيهم بما شئتَ» وكما قال خليل الرحمن إبراهم عليه السلام حين أُلقي في النار: «حسبنا الله ونِعم الوكيل» و «لا حول ولا قوة إلا بالله» .
بتاريخ ليلة (4) صفر (1444 هـ) الموافق (29/ 8/ 2022 م).
ثلاثة أحاديث هن أصل في الورع
الحديث الأول: قال الإمام البخاري رقم (52): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(1)
، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ
(2)
، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ
(3)
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» .
(1)
اسمه الفضل بن عمرو بن حماد، ابن زهير الطلحي، وإنما "دُكين" لقب.
(2)
قال أبو زُرعة الرازي: صويلح يدلس كثيرًا عن الشعبي. وقال الإمام أحمد: زعموا أن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: لو شئتُ أن أسمي كل من ينبئ أبي عن الشعبي، لسميتُ.
(3)
النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرِ بنِ سَعْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ، الأَنْصَارِيُّ الأَمِيْرُ، العَالِمُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنُ صَاحِبِهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ - وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ - الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ.
(مُسْنَدُهُ): مِائَةٌ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثاً، اتَّفَقَا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِأَرْبَعَةٍ. «سِيَر أعلام النبلاء» (3/ 411).
وأخرجه مسلم رقم (1599): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، به.
ولفظ: «ألا وإن في الجسد
…
» تابع عليه أبا نعيم ابنُ المبارك كما عند ابن ماجه، وأبو بكر بن أبي شيبة (22003).
وخالفهم الجماعة - وكيع وعيسى بن يونس ويحيى بن سعيد وإسحاق بن يوسف- عن زكريا فلم يَذكروا: «أَلَا وإن في الجسد
…
» وأشار مسلم إلى نحو هذا.
وتابعهم الجماعة -أبو فروة ومطرف بن طريف وعبد الرحمن بن سعيد وعون بن عبد الله والمغيرة بن مِقسم وعبد الملك بن عمير - عن الشعبي، به.
وعنعنة زكريا عن الشعبي مغتفرة لاتفاق الصحيحين عليها، وقد توبع زكريا على صحة الإسناد.
الخلاصة: أفاده الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ ليلة (17) محرم (1444 هـ) الموافق (15/ 8/ 2022 م) عقب شرح شيخنا للخبر في «صحيح البخاري» .
فائدة: هذا الخبر أصل في الورع مع حديث «دع ما يريبك» .
الحديث الثاني: عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» رواه مسلم
(1)
.
(1)
إسناده حسن: رواه معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جُبير عن أبيه عن النواس به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعنه جماعة:
1 -
ابن مهدي، وعنه محمد بن حاتم بن ميمون، أخرجه مسلم (2553) وتابعه محمد بن بشار كما في
«سنن الترمذي» (2389)، وتابعهما الإمام أحمد كما في «مسنده» (17631)، وأيضًا الحسن بن عرفة، أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (7830) وفيه:«ما حاك في صدرك» .
وأخرجه أحمد أيضًا عن ابن مهدي عن معاوية عن أبي عبد الله السُّلمي عن وابصة بن مَعبد.
2 -
عبد الله بن وهب، وعنه هارون بن سعيد الأيلي، أخرجه مسلم (2553).
وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (293) بسند ثابت عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن معاوية عن أبي عبد الله محمد الأسدي عن وابصة، به.
3 -
معن، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (295، 302).
4 -
أسد بن موسى، أخرجه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (6458).
وأخرجه أيضًا الطبراني في «الأوسط» (402): حدثنا أبو يزيد القراطيسي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا معاوية بن صالح، حدثني أبو عبد الله محمد الأسدي أنه سمع وابصة بن معبد، به.
5 -
عبد الله بن صالح، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2138).
وأخرجه أيضًا الطبراني في «مسند الشاميين» (2000): حدثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي عبد الله محمد الأسدي أنه سمع وابصة الأسدي، به.
6 -
زيد بن حُباب، وفيه:«ما حاك في نفسك» أخرجه أحمد (17633) وابن أبي شيبة في «المصنف» (25335) والترمذي (2389) وابن حبان (397) والبيهقي في «الكبرى» (20785) وغيرهم.
ورواه محمد بن جعفر عن معاوية، حدثني أبو عبد الله الأسدي، أنه سمع وابصة بن مَعبد الأسدي، به، كما في «كشف الأستار» (183): حدثنا أحمد بن ثابت الجَحدري، ثنا محمد بن جعفر، به.
وذلك كأحد الوجهين عن ابن وهب وعبد الله بن صالح وأسد بن موسى. وأيضًا أحد الوجوه عن ابن مهدي كما سبق، لكن قال:«السُّلمي» بدل «الأسدي» .
والظاهر أن الوجهين محفوظان عن معاوية بن صالح لكن طرق وابصة بن معبد ضعيفة، والأصح النواس بن سمعان رضي الله عنه، كما أفاده ابن رجب رحمه الله.
وأخرجه من حديث وابصة أحمد (4/ 228) والدارمي (533) وغيرهما، من طرق عن حماد بن سلمة عن الزبير بن عبد السلام عن أيوب بن عبد الله بن مكرز عن وابصة. وفي طريق إبراهيم بن الحجاج السُّلمي عن حماد بن سلمة عن الزبير عن أيوب بن مكرز عن أبيه عن وابصة. أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 149).
قال ابن رجب (ت/ 795) في «جامع العُلوم والحِكم» (2/ 730):
ففي إسناد هذا الحديث أمران يُوجِب كل منهما ضعفه:
أحدهما: انقطاعه بين الزبير وأيوب؛ فإنَّه رواه عن قوم لم يسمعهم.
والثاني: ضعف الزبير هذا.
قال الدارقطني: رَوَى أحاديث مناكير، وضَعَّفه ابن حبان أيضًا، لكنه سماه «أيوب بن عبد السلام» فأخطأ في اسمه.
وتابع معاوية متابعة قاصرة صفوان بن عمرو عن يحيى بن جابر القاضي عن النواس، به، وفيه:«ما حاك في نفسك» أخرجه أحمد (17632)، والدارمي (2831) والطبراني في «مسند الشاميين» (980) وغيرهم.
ويحيى بن جابر عن النواس مرسل، قاله المزي والعلائي.
الحديث الثالث: عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ سِبْطِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَيْحَانَتِهِ رضي الله عنهما قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ
(1)
إِلَى مَا
(1)
قوله: «يريبك» بفتح الياء وضمها، والفتح أفصح وأشهر، ويجوز الضم. انظر:«شرح الأربعين النووية» (ص: 61) لابن دقيق العيد.
لا يَرِيبُكَ»
(1)
.
ثم أضاف الباحث أحمد بن حسين عباس في مناقشته مع شيخنا، بتاريخ (15) شعبان (1444 هـ) الموافق (7/ 3/ 2023 م):
1 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا. فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ. وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الغُلَامَ الجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا»
(2)
.
2 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ:{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]
(1)
إسناده صحيح: أخرجه أحمد (2518) والترمذي (2687) والنسائي (5757) وغيرهم، من طرق عن شعبة عن بُريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي قال: قُلْتُ لِلحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، به، واللفظ للنسائي.
قال ابن رجب في «جامع العُلوم والحِكم» (1/ 300): معنى هذا الحديث يرجع إلى الوقوف عند الشبهات واتقائها، فإن الحلال المحض لا يَحصُل لمؤمن في قلبه منه ريب - والريب بمعنى القلق والاضطراب - بل تَسكُن إليه النفسُ، ويَطمئن به القلبُ. وأما المشتبهات فيَحصُل بها للقلوب القلقُ والاضطراب الموجب للشك.
(2)
أخرجه البخاري (3472) ومسلم (1721).
وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]» ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!
أخرجه مسلم (1015) وانظر ما سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 89).
وكَتَب شيخنا مع الباحث: في مسلم لكن السند فيه فُضيل بن مرزوق
(1)
فيه كلام لكن له شواهد.
(1)
التفرقة بين:
فُضيل بن مرزوق الأغر، الرَّقَاشي ويقال: الرؤاسي، أبو عبد الرحمن الكوفي (ي- البخاري في جزءِ رَفْع اليدين- م د ت س ق). من السابعة .... فُضيل بن غزوان بن جرير الضبي مولاهم، أبو الفضل الكوفي (خ م د ت س ق) من السابعة
وثقه السفيانان وابن معين في رواية، وقال أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث، يهم كثيرًا، يُكتَب حديثه. قلت: يُحتج به؟ قال: لا.
وقال النسائي: ضعيف.
و قال أبو أحمد بن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وثَمة أقوال أُخر .... وثقه جمع، منهم ابن معين وأحمد ومحمد بن عبد الله بن عمار، ويعقوب بن سفيان.
فكلاهما كوفي ومن السابعة، وفُضيل بن غزوان أوثق وروايته عند الستة.
3 -
ولم يَكتفِ صاحب الخشبة بإرساله المال في أول مرة
(1)
. علقه البخاري (1498).
4 -
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عُزَيْزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلَا أَخْبَرْتِنِي. فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟» فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. أخرجه البخاري (88).
(1)
وكَتَب شيخنا مع الباحث: إن الخبر في (حُسن التوكل) فلما روجع كَتَب: أو بَيِّن وجهتك في جعله في أبواب الورع.
السماحة في البيع والشراء
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (2076): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ
(1)
، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللهِ، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» .
اختُلف فيه على ابن المنكدر، تارة موصولًا وأخرى مرسلًا وثالثة مقطوعًا.
والخلاصة: بعد سماع شيخنا كلام أبي حاتم
(2)
وابن عبد البر
(3)
من الباحث نصر بن حسن الكردي، بتاريخ (18) صفر (1445 هـ) الموافق (3/ 9/ 2023 م)
(1)
تابع عليَّ بن عياش عثمان بن سعيد، أخرجه ابن ماجه (2203).
(2)
كما في «العلل» (1146): هو عندي منكر، رواه بعض الثقات عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
…
ولم يَذكر جابرًا.
(3)
في «التمهيد» (24/ 115): لم يُختلف على مالك في هذا الحديث أنه موقوف على ابن المنكدر، وكذلك رواه أكثر أصحاب ابن المنكدر.
ورواه محمد بن مطرف أبو غسان المدني عن ابن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورُوي عن عثمان موقوفًا عليه ومرفوعًا عنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورُوي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: النفس أَمْيَل إلى إعلال هذا الحديث بالإرسال، خاصةً أبا غسان يُغرِب
(1)
.
وكان كَتَب من قبل في المجلس:
1 -
هل تَكلَّم أحد من العلماء على هذا الخبر؟ (هل راجعت العلل)؟
2 -
أبو غسان هل ينفرد بألفاظ أو بأسانيد، يخطئ أم لا؟ تُراجَع ترجمته بدقة.
3 -
سَلَك أبو غسان الجادة وخالفه غيره، وأحمد يقول: أهل المدينة إذا كان الحديث خطأ يقولون: ابن المنكدر عن جابر. اه.
(1)
قال الطبراني والدارقطني: تَفرَّد به أبو غسان.
حث التجار على الصدقة
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (3/ 372) حديث قيس بن أبي غَرْزَة قَالَ: كُنَّا نُسَمَّي السَّمَاسِرَةَ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَبِيعُ، فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ لَنَا مِنْ اسْمِنَا، فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ وَالْكَذِبُ، فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِصَدَقَةٍ» ورجاله ثقات.
وكذلك حديث البراء بن عازب، وهو منقطع بين عمرو بن دينار والبراء بن عازب رضي الله عنه.
وله شاهد من حديث رفاعة بن رافع، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» رقم (20999): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السُّوقِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ» فَرَفَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ وَاسْتَجَابُوا لَهُ، فَقَالَ:«إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ» .
وتابع مَعْمَرًا جماعة:
بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ كما عند الترمذي (1210)، وتارة بالعطف على إسماعيل بن إبراهيم، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (4543)، وإسماعيل بن زكريا، أخرجه الحاكم (2154)، ويحيى بن سليم الطائفي، أخرجه ابن
ماجه (2225)، وداود بن عبد الرحمن العطار، أخرجه الطبراني في «الكبير» (4544).
وعِلته إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة، قال عنه ابن حجر: مقبول.
الخلاصة: كَتَب شيخنا على الأحاديث الثلاثة، مع الباحث أحمد بن عيد، بتاريخ (16) رمضان (1444 هـ) الموافق (7/ 4/ 2023 م): احكم على السند، وللمعنى شواهدُ يصح بها.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (19098): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَمَةُ الْعَبْدِيُّ ثِيَابًا مِنْ هَجَرَ. قَالَ: فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَاوَمَنَا فِي سَرَاوِيلَ، وَعِنْدَنَا وَزَّانُونَ يَزِنُونَ بِالْأَجْرِ، فَقَالَ لِلْوَزَّانِ:«زِنْ وَأَرْجِحْ» .
وتابع وكيعًا جماعة:
معاذ والد عُبيد الله، أخرجه أبو داود (3336)، وعبد الرحمن، هو ابن مهدي، كما عند النَّسَائي (4592)، ومحمد بن يوسف كما عند الدارمي (2627)، وأبو نُعَيْم كما عند الطبراني (6466).
وخالفهم يحيى بن يعلى الأسلمي، فقال:(مَخْرَمة العبدي) بدل (سُوَيْد بن قيس).
وقال الدارقطني: المحفوظ عن قيس وشَرِيك والثوري، عن سِمَاك، عن سُوَيْد قال: جلبتُ أنا ومَخْرَمة
…
وهو الصحيح.
ورواه شُعبة عن سِمَاك، ووَهِم أيضًا فيه فقال: عن سِمَاك: سمعتُ أبا صفوان مالك بن عُميرة. والصحيح سُوَيْد بن قيس.
ووَهَّم أبو حاتم شُعبة كما في «العلل» (8/ 25).
الخلاصة: أن إسناد الثوري صحيح.
وكَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن عيد، بتاريخ (16) رمضان (1444 هـ): هل سَمِع سِمَاك بن حرب من سُوَيْد بن قيس؟
حُكْم بيع الصغير المُميِّز للشيء الكبير
جَوَّزه الجمهور - الحنفية
(1)
والمالكية
(2)
وهو المذهب عند الحنابلة
(3)
- مستدلين بما يلي:
1 -
بعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] فأَطْلَق الله البيع من غير فصل بين أن يتولاه بالغ أو صبي.
2 -
وبقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] أي: اختَبِروهم قبل البلوغ بالبيع والشراء
(4)
3 -
وبحديث أُم سلمة في قصة زواج أم سلمة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: قُلْتُ: يَا عُمَرُ، قُمْ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(5)
.
وعِلته ابن عمر بن أبي سلمة، سواء أُثْبِتَ في السند، وهو اختيار الدارقطني في «علله» أو حُذف.
(1)
«بدائع الصنائع» (7/ 193):
…
فأما البلوغ فليس بشرط لصحة الإذن
…
(2)
«مواهب الجليل» (4/ 239):
…
ويجيز بيع الصبي
…
(3)
«الإنصاف» (4/ 267):
…
إلا الصبي المميز والسفيه، فإنه يصح تصرفهما بإذن وليهما في إحدى الروايتين، وهي المذهب وعليه الأصحاب.
(4)
انظر: «تفسير ابن كثير» تفسير الآية.
(5)
ودلّ على أنه صغير قوله صلى الله عليه وسلم له: «يا غلام سَمِّ الله
…
». أفاده الباحث أحمد النمر.
فقد قال ابن أبي حاتم في «العلل» (4/ 81): قال أبي: هذا الحديث مرسل؛ لم يَسمع ثابت من عمر بن أبي سلمة، إنما يَروي عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه.
وقال ابن حجر: ابن عمر بن أبي سلمة مقبول.
وخالفهم الشافعي
(1)
وهو رواية عن الإمام أحمد
(2)
، مستدلين بما يلي:
1 -
بقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] وجه الدلالة أن الله تعالى نهى عن أن نعطي السفهاء أموالنا.
2 -
وبقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] ووجه الدلالة أن الله أمر ولي السفيه أن يباشر عمله.
3 -
بحديث «رُفع القلم عن ثلاثة
…
» منهم الصبي حتى يَحتلم. وهو حسن لشواهده.
الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث أحمد بن عيد، بتاريخ (16) من المحرم (1445 هـ) الموافق (3/ 8/ 2023 م): إذا كان الولي موجودًا فالبيع لا قيمة له، الأشياء اليسيرة تمشي على عرف الناس، أما العقار فلا، والمحاكم لا تعتمد هذا ولا التوكيلات للصغير، قال تعالى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] فكيف لا أدفع له ماله وأخوله في أشياء بملايين؟!
(1)
«المجموع» (9/ 155 فما بعد): قال: أما الصبي فلا يصح بيعه ولا شراؤه
…
(2)
«المغني» (4/ 168): والرواية الثانية: لا يصح حتى يَبلغ، وهو قول الشافعي.
حكم بيع الهازل
(1)
اختَلف الفقهاء فيه على قولين:
الأول: لا يصح. وبه قال الحنفية
(2)
والمالكية
(3)
وفي المشهور عند الحنابلة
(4)
وفي وجه عند الشافعية.
الثاني: يصح. وهو المذهب عند الشافعية
(5)
وفي وجه عند الحنابلة.
تنبيه: محل النزاع هل بيع الهازل عقد كالطلاق يصح وإن كان هازلًا، أو ليس فيه قصد البيع أو إرادته؟ وهو اختيار الجمهور.
الخلاصة: سأل شيخُنا الباحث أحمد بن عيد في عرضه المسألة عن قول الجمهور، فأفاده به. وذلك بتاريخ (19) صفر (1445 هـ) الموافق (4/ 9/ 2023 م).
(1)
مندرجة تحت شروط صحة العاقدين.
(2)
كما في «بدائع الصنائع» (5/ 176)
…
لا يصح بيع الهازل.
(3)
كما في «منح الجليل» (4/ 436):
…
إنما أردت المزاح، فإن حلف فلا يَلزمه.
(4)
كما في «الإنصاف» (11/ 16): وفي بيع الهازل وجهان:
…
والمشهور البطلان.
(5)
كما في «المجموع» (9/ 173): قال أصحابنا: في بيع الهازل وشرائه وجهان، أصحهما ينعقد كالطلاق وغيره.
من شروط البيع القدرةُ على تسليم المبيع
(1)
1 -
أن عدم القدرة على التسليم يَدخُل تحت بيع الغرر. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» (م/ 1513).
2 -
جَعَله العَلَّامة ابن عثيمين صورة من صور المَيسِر، حيث قال في «الشرح الممتع» (8/ 142): فبيع ما لا يُقدَر على تسليمه من المَيسِر.
3 -
وأنه مندرج أيضًا في صور أكل المال بالباطل. قاله ابن عثيمين في «الشرح الممتع» (8/ 142).
تنبيه: يَكثر بيع مساكن أو ميراث أو أماكن أو شيكات أصحابها غير متمكنين منها، فيَدخل أناس أصحاب وجاهات أو سلطات، فيشترونها بنصف ثمن أو أقل. فهذه تحتاج إلى تحرير.
أفاده الباحث أحمد بن عيد مع شيخنا حفظهما الله، بتاريخ (19) صفر (1445 هـ) الموافق (4/ 9/ 2023 م).
(1)
من أمثلة ما لا يُقدَر على تسليمه قديمًا: بيع العبد الآبق أو الطير في الهواء أو السمك في البحر.
مرويات النهي عن بيعتين في بيعة
ورد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم:
الأول: ما أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (1231) - حَدثنا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدثنا عَبدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
وتابع عبدة بن سليمان جمع -يحيى بن حكيم ومحمد بن عبد الله الأنصاري والدراوردي وإسماعيل بن جعفر ومعاذ بن معاذ ويزيد بن هارون ويحيى بن سعيد القطان وعبد الوهاب بن عطاء-
وخالفهم يحيى بن زكريا بن أبي زائدة فزاد «فله أوكسهما أو الربا» أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (20834) وغيره. وهذه الرواية شاذة وقال العظيم آبادي في «عون المعبود» (9/ 239): وبهذا يعرف أن رواية يحيى بن زكريا فيها شذوذ كما لا يخفى.
وقال الخطابي في «معالم السنن» (5/ 97): وإنما المشهور من طريق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
(1)
.
(1)
وانظر: «تحفة الأحوذي» (4/ 359) و «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (ص/ 433) و «سلسلة الفوائد» (3/ 412) ومال الباحث محمد البسيوني هناك إلى إعلال طريق محمد بن عمرو برواية الصحيحين «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ صَلَاتَيْنِ: «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَعَنْ الِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، يُفْضِي بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَعَنِ المُنَابَذَةِ، وَالمُلَامَسَةِ» ولم يرتضه الباحث هنا فلذا أعدته.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي صهيب عبده بن غانم بتاريخ 22/ جمادى الأولى 1445 موافق 6/ 12/ 2023 م إلى أن حديث محمد بن عمرو يحسن استقلالا.
الحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (5395) - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ، وَلَا بَيْعَتَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ»
وتابع سريجًا إبراهيمُ بن عبد الله الهروي أخرجه الترمذي (1309)، وإسماعيل بن توبة أخرجه ابن ماجه (2404) وحسن بن عرفة أخرجه ابن الجارود (599) وسعيد بن منصور أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (11501) والحسن بن علي الواسطي أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2754).
وإسناده منقطع؛ لأن يونس بن عبيد لم يسمع من نافع نص عليه أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة وابن معين والبخاري.
وقد أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2755) من طريق معلى بن
منصور وصرح فيه بالسماع.
لكن كلام الآئمة مقدم عليه لا سيما مع قول أحمد كما في «شرح علل الترمذي» (2/ 593): أدوات التحديث يقع فيها الوهم في كثير من الأحيان.
فائدة: صدر الحديث في البخاري (2287) ومسلم (1564) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» .
الحديث الثالث: أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (3783) - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، وَأَبُو النَّضْرِ، وأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ» . قَالَ أَسْوَدُ: قَالَ شَرِيكٌ: قَالَ سِمَاكٌ: «الرَّجُلُ يَبِيعُ الْبَيْعَ، فَيَقُولُ: هُوَ بِنَسَاءٍ بِكَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِنَقْدٍ بِكَذَا وَكَذَا»
تابع شريكا وهو سيء الحفظ، سعيد بن سماك وهو متروك أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1610).
وخالفهما سفيان الثوري كما عند ابن خزيمة (176) وإسرائيل كما عند عبد الرزاق (14636) وشعبة كما عند ابن حبان (5025) وأبو الأحوص كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (20454)، فأوقفوه على ابن مسعود رضي الله عنه.
ورواية الجماعة هي الصواب والأخرى منكرة وقال العقيلي: والموقوف أولى.
الحديث الرابع: أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (6628) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»
وتابع الضحاك ابن عجلان أخرجه أحمد (6918) وداود بن قيس كما في «حديث إسماعيل بن جعفر» (426).
والخلاصة: أن السند حسن كما سبق في «سلسلة الفوائد» (3/ 383) والخلاصة النهائية لهذه الأحاديث أنها تصح لشواهدها.
حُكْم بيع العين الغائبة
وردت فيها أخبار مرفوعة:
1 -
عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا»
(1)
.
2 -
عن أَبي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ، وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى رَجُلٍ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَنَهَى عَنِ المُلَامَسَةِ
(2)
وَالمُلَامَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ.
3 -
حديث البراء رضي الله عنه في قصة الهجرة قال أبو بكر رضي الله عنه: «يَا رَسُولَ اللهِ، عِنْدِي نَاقَتَانِ، قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَأَعْطَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِحْدَاهُمَا، وَهِيَ الجَدْعَاءُ، فَرَكِبَا، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الغَارَ، وَهُوَ بِثَوْرٍ، فَتَوَارَيَا فِيهِ»
(3)
.
ومن الآثار الموقوفة ما علقه البخاري في «صحيحه» رقم (2116): وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه مَالًا بِالوَادِي، بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي، حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ
(1)
أخرجه البخاري (5240).
(2)
أخرجه البخاري (2144).
(3)
أخرجه البخاري (4093).
خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي البَيْعَ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا. قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِي وَبَيْعُهُ، رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ بِأَنِّي سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ، وَسَاقَنِي إِلَى المَدِينَةِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ.
ووَصَله الإسماعيلي من طريق ابن زنجويه، والبيهقي من طريقي يعقوب بن سفيان والرمادي. ثلاثتهم عن أبي صالح به.
ورواه يحيى بن بُكير معطوفًا على أبي صالح عن الليث عن يونس بن يزيد، بدلًا من عبد الرحمن بن خالد، علقه البيهقي.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد الغَنَّامي، بتاريخ (18) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (29/ 10/ 2023 م): السند فيه أبو صالح كاتب الليث، وقد وردت له متابعة من يحيى بن بُكير، لم أقف على إسنادها إلا معلقة عند أحمد
(1)
. اه. ثم قال: لابد أن تكون السلعة معلومة لدى الطرفين، وإلا فسيكون هناك جهالة.
ثم ذَكَر شيخنا لنا وللباحث محمد الغنامي، بتاريخ (12) ربيعٍ الأول (1445 هـ) الموافق (27/ 9/ 2023 م): قصة مُستوِرد طَلَب تصنيع ثوب داخلي يسمى فانِلَّة-بكسر النون وتشديد اللام، ما يُلبَس تحت القميص- في الصين، ثم أعطاهم نموذجًا ولم ينتبه أن به ثقبًا فيه سواد على ظهر الفانِلَّة، فلما جاءته البضاعة مَعيبة حدث نزاع، فأطلعوه على النموذج فإذا به أثر سيجارة كانت السبب. ثم كان من الاقتراحات أن يوضع على الثقب وردة كطراز أو موديل جديد. فتأمل أثر هذه المعصية فى إهدار المال، فما بالك بالقلب والدين؟ سَلَّمَنا الله وإياكم.
(1)
بل البيهقي.
هل صحت هذه الزيادة:
«وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» ؟
قال أبو داود في «سننه» رقم (3456) والترمذي كذلك رقم (1247) والنسائي (6031) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» .
وتابع الليث بن سعد حماد بن مسعدة أخرجه أحمد (6682) وغيره.
وتابعهما المفضل بن فضالة وعنه محمد بن عبد الله بن عبد الجبار أبو العوام وهو مجهول أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (5292).
وتابع ابن عجلان بكير بن عبد الله القرشي أخرجه الدارقطني في «سننه» (2978).
الخلاصة: أن السند حسن
(1)
ومن العلماء من وجهه ومنهم من انتقد فقرة:
(1)
في «التمهيد» (8/ 494) لابن عبد البر: وَأَمَّا اعْتِلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يَسْتَقِيلَهُ» فَإِنَّ هَذَا مَعْنَاهُ إِنْ صَحَّ عَلَى النَّدْبِ:
1 -
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ» .
2 -
وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَحِلُّ لِفَاعِلِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِذَا بَايَعَ أَحَدًا وَأَحَبَّ أَنْ يُنْفِذَ الْبَيْعَ مَشَى قَلِيلًا ثُمَّ رَجَعَ.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَيْعَ بَيْنِهِمَا وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا.
وقال أيضًا في «التمهيد» (8/ 496): وَقَوْلُهُ: «لَا يَحِلُّ» لَفْظَةٌ مُنْكَرَةٌ فَإِنْ صَحَّتْ فَلَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ لِيُنْفِذَ بَيْعَهُ وَلَا يُقِيلَهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَفِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ رَدٌّ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى وَلَا يَحِّلُ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُ هَذَا الْخَبَرِ النَّدْبَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ وَأَمَّا مَا اعْتَلُّوا بِهِ مِنْ أَنَّ الِافْتِرَاقَ قَدْ يَكُونُ بِالْكَلَامِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ أن يكون أري بِذِكْرِ الِافْتِرَاقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الِافْتِرَاقُ بِالْكَلَامِ فَيُقَالُ لَهُمْ خَبِّرُونَا عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الِاجْتِمَاعُ وَتَمَّ بِهِ الْبَيْعُ أَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الِافْتِرَاقُ أَمْ غَيْرُهُ فَإِنْ قَالُوا هُوَ غَيْرُهُ فَقَدْ أَحَالُوا وَجَاءُوا بِمَا لا يعقل لأنه ليس ثم كلام غير ذلك وإن قالوا هو ذلك الكلام بِعَيْنِهِ.
قِيلَ لَهُمْ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي بِهِ اجْتَمَعَا وَتَمَّ بَيْعُهُمَا بِهِ افْتَرَقَا وَبِهِ انْفَسَخَ بَيْعُهُمَا هَذَا مَا لَا يُفْهَمُ وَلَا يُعْقَلُ وَالِاجْتِمَاعُ ضِدُّ الِافْتِرَاقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي اجتمعا به افتراقا بِهِ نَفْسَهُ هَذَا عَيْنُ الْمُحَالِ وَالْفَاسِدُ مِنَ الْمَقَالِ
…
إلخ.
أفاده الباحث أشرف سلطان في المجلس النقاشي.
«ولا يحل
…
» وكتب شيخنا مع الباحث: طارق البيلي بتاريخ (21) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (5/ 12/ 2023 م): الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1 -
الإشارة إلى لفظ الصحيحين من حديث حكيم بن حزام
(1)
وابن عمر.
(1)
في البخاري (2108) ومسلم (1532) عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» .
2 -
الإشارة إلى فعل ابن عمر
(1)
.
3 -
الإشارة إلى أن عمرو بن شعيب تؤخذ عليهم بعض الأحاديث
(2)
.
4 -
الكلام في ابن عجلان وأنه تؤخذ عليه أشياء.
5 -
ما معنى «إلا أن تكون صفقة خيار» . فالله أعلم.
(1)
في البخاري (2107) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَارًا.
قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ.
(2)
قال ابن حزم في «المحلى» (8/ 360): قبل كل شئ فهذا حديث لا يصح ولسنا ممن يحتج لنفسه بما لا يصح، وقد أعاذنا الله تعالى من ذلك، ولو صح لكان موافقا لقولنا إلا في المنع من المفارقة خوف الاستقالة فقط فلسنا نقول به لأن الخبر المذكور لا يصح ولو صح لقلنا بما فيه من تحريم المفارقة على هذه النية وليست الاستقالة المذكورة في هذا الخبر ما ظن هؤلاء الجهال وإنما هي فسخ النادم منهما للبيع رضى الآخر أم كره؛ لأن العرب تقول استقلت من علتى واستقلت ما فات عنى إذا استدركه.
كراهة البيع في المسجد
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (3/ 396) حديث ابن عمرو رضي الله عنهما: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ، وَعَنِ الْحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ» وأن إسناده حسن لديَّ، وحَسَّنه الترمذي. وقال ابن حجر: وإسناده صحيح إلى عمرو. وفي المعنى عدة أحاديث لكن في أسانيدها مقال. وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ: احكم على السند.
ثم عَرَضه الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (28) محرم (1445 هـ) الموافق (15/ 8/ 2023 م) فانتهى إلى ضعفه، ثم أَكَّد الباحث الضعف لشيخنا بنقل كلام الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (1189): وهذا الحديث يتفرد بروايته عمرو بن شعيب، ولم يتابعه أحد عليه، وفي الاحتجاج به مقال.
تنبيه: في وجه الجَمْع على فرض ثبوت النهي عن تناشد الشِّعر في المسجد والإذن
(1)
فقد قال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 549): فالجَمْع بينها وبين
(1)
سبق في «سلسلة الفوائد» (3/ 397) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
حديث الباب أن يُحمَل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذونُ فيه ما سَلِمَ من ذلك. وقيل: المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبًا على المسجد حتى يتشاغل به مَنْ فيه. وأَبْعَدَ أبو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهي وادَّعَى النسخ في حديث الإذن، ولم يُوافَق على ذلك، حكاه ابن التين عنه.
تنبيه: سبق خطأ في «سلسلة الفوائد» (3/ 396) نبه عليه الباحث وهو جملة (وصفوان بن عيسى) أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (561).
ما جاء في (بيع الأصنام)
من مفاريد معاوية رضي الله عنه
-
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (23680): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: مُرَّ عَلَيهِ وَهُوَ بِالسِّلْسِلَةِ بِتَمَاثِيلَ مِنْ صُفْرٍ تُبَاعُ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي لَغَرَّقْتُهَا، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنِي فَيَفْتِنَنِي، وَاللهِ مَا أَدْرِي أَيَّ الرَّجُلَيْنِ: رَجُلٌ قَدْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ، أَوْ رَجُلٌ قَدْ أَيِسَ مِنْ آخِرَتِهِ فَهُو يَتَمَتَّعُ مِنَ الدُّنْيَا؟
وأخرجه البلاذري في «أنساب الأشراف» (5/ 130) رقم (377): حدثنا يوسف وإسحاق قالا: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل قال: كنتُ مع مسروق بالسلسلة، فمرت به سفائن فيها أصنام من صُفْر، تماثيل الرجال، فسألهم عنها فقالوا: بَعَث بها معاوية إلى أرض السند والهند تباع له. فقال مسروق: لو أعلم أنهم يقتلونني لغَرَّقتُها، ولكني أخاف أن يعذبوني ثم يفتنوني، واللَّه ما أدري أي الرجلين معاوية، أرجل قد يئس من الآخرة فهو يتمتع من الدنيا، أم رجل زُين له سوء عمله؟
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث شريف الصابر، إلى صحة الإسناد، وأنه من اجتهادات معاوية رضي الله عنه التي جانبه فيها الصواب، أو من مفاريده.
تنبيه: في «منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث» (1/ 252): قال مهنا: سألتُ أحمد عن حديث الأعمش، عن أبي وائل، أن معاوية لعب بالأصنام، فقال: ما أَغْلَظَ أهلَ الكوفة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! ولم يُصحِّح الحديث، وقال: تَكلَّم به رجل من الشيعة.
اختلاف العملة في التقاضي
يُرجَع فيه إلى سعر يومها
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (3354): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلْكَ: إِنِّي أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسعْرِ يَوْمِهَا، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» .
تابع موسى بنَ إسماعيل ومحمد بنَ محبوب جماعةٌ، منهم يزيد بن هارون، أخرجه الترمذي (1242) ولفظه: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ فَآخُذُ مَكَانَهَا الوَرِقَ، وَأَبِيعُ بِالوَرِقِ فَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُهُ خَارِجًا مِنْ بَيْتِ حَفْصَةَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:«لَا بَأْسَ بِهِ بِالقِيمَةِ» .
وتابع حمادًا جماعة: إسرائيل بن يونس وسلام بن سُليم وعمار بن رزيق وعمر بن عبيد.
وخالف سماكًا داودُ بن دينار فأوقفه، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (14577): عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ مِنَ الدَّنَانِيرِ، وَالدَّنَانِيرَ مِنَ الدَّرَاهِمِ.
وتابع الثوريَّ شعبة، أخرجه الخطيب في «تاريخه» (10/ 297).
وتارة شعبة عن رجل عن سعيد عن ابن عمر موقوفًا.
وتارة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر موقوفًا.
الخلاصة: أن الأرجح لديَّ الوقف.
وقال الترمذي: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَضِيَ الذَّهَبَ مِنَ الوَرِقِ، وَالوَرِقَ مِنَ الذَّهَبِ. وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ ذَلِكَ.
وانتهى شيخنا مع الباحث طارق بن جمال بن البِيَلي، بتاريخ (3) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (18/ 10/ 2023 م) إلى الإعلال بالوقف وأنه صحيح. وكَتَب: عليه العمل عند بعض أهل العلم. اه.
وقال شيخنا: التقاضي بالتراضي بين الطرفين، فإن وقع مشاحة رجعنا للعملة المشترطة، ذهبًا أو فضة أو ريالًا أو جنيهًا.
تنبيه: كان الباحث محمد الغَنَّامي - حفظه الله- قد عَرَض هذا الخبر، بتاريخ (20) صفر (1445 هـ) الموافق (5/ 9/ 2023 م) جوابًا عن سؤال
طرحه شيخنا: (رجل يَشتري ببطاقة الفيزا
(1)
التي بها رصيد بالجنيه المصري، سلعة بالدينار الكويتي، والبنك يتأخر يومين في تغيير العملة، ويَمنع المشتري من تصرفه في ماله الذي اشترى به السلعة حتى يسلمه بالدينار بسعر يومه) وقال لي الباحث: إن جُل المعاصرين على الاستدلال بهذا الأثر.
(1)
وهي بطاقة يمنحها البنك تمكن حاملها من أداء جميع المهام المصرفية من خلال آلة معينة. كما في «معجم اللغة العربية المعاصرة» (3/ 1759) د/ أحمد مختار.
كتاب الشركة
فضل الشركة
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (3383): حَدَّثَنا محمد بن سليمان المِصِّيصيّ لُوَين، حَدَّثَنا محمد بن الزِّبرِقان، عن أبي حيان التَّيْمي، عن أبيه عن أبي هريرة، رَفَعه، قال:«إن الله يقول: أنا ثالث الشريكَين، ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإذا خانَه خرجتُ من بينهما» .
وتابع أبا داود أبو القاسم البغوي، كما عند الدارقطني في «سننه» (2933) وتابعهما الحسين بن علي، كما عند الحاكم في «مستدركه» (2322)، وتابعهم بدر بن الهيثم كما في «أمالي أبي بكر الذكواني» (74).
وهذا السند ظاهره الحُسن؛ لحال سعيد بن حيان، فقد وثقه العجلي وذَكَره ابن حبان في «الثقات». وقال ابن القطان: لا يُعرَف له حال. وقال ابن حجر: لم يقف ابن القطان على توثيق العجلي، فزَعَم أنه مجهول. واختَلف فيه قول الذهبي، فتارة تَبِع ابنَ القطان، وأخرى وثقه في «الكاشف» وهو من طبقة التابعين.
ولم يقف الباحث على أنه من أوهام أبي همام
(1)
، لكن خالفه جرير بن عبد الحميد
(2)
وغيره فأرسلوه، كما قال الدارقطني في «علله» (2084) وقال: وهو الصواب.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي تيمية أحمد بن حامد بن عمران الدقهلاوي، بتاريخ (9) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (24/ 9/ 2023 م) إلى أنه ضعيف لحال سعيد بن حيان، وأنه مُقِل ولم يُخرِج له البخاري ولا مسلم.
(1)
وهو من رجال «الصحيحين» ووثقه البخاري وابن حبان والدارقطني.
(2)
وفي السند إليه عند الدارقطني أحمد بن عبد الله بن ميسرة، ضَعَّفه الدارقطني وابن عَدي وابن حبان.
كتاب الوكالة
رجل وكل آخَر في بيع بيت أو سلعة، وآخَر وكله بشراء
هذا البيت أو السلعة، فما حُكْم هذه الوكالة؟
اختُلف فيها على قولين:
الأول: الجواز. وبه قالت المالكية والحنابلة وهو وجه عند الشافعية.
القول الثاني: عدم الجواز. وهو المعتمد عند الأحناف والشافعية.
قال ابن قُدامة في «المغني» (5/ 86): وَإِنْ وَكَّلَهُ رَجُلٌ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَوَكَّلَهُ آخَرُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي طَرَفَيِ الْعَقْدِ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَلِيَهُمَا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ، كَالْأَبِ يَشْتَرِي مِنْ مَالِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي الدَّعْوَى عَنْهُمَا، فَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ تُمْكِنُهُ الدَّعْوَى عَنْ أَحَدِهِمَا، وَالْجَوَابُ عَنِ الْآخَرِ، وَإِقَامَةُ حُجَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ.
أفاده الباحث محمد الغَنَّامي مع شيخنا، بتاريخ (20) صفر (1445 هـ) الموافق (5/ 9/ 2023 م) واختار شيخنا الجواز، إذا كان البيع متماشيًا مع العرف، وليس فيه تَجاوُز في الأسعار.
كتاب السَّلَم
ارتفاع الأسعار وتغير قيمة العملة، هل يُعَد جائحة؟
هذه المسألة لها صور:
الصورة الأولى: في الديون وأنها تُرَدّ بمثل النقود أو العملة التي أسلفت بها، مثل ألف جنيه، تُرَد ألف جنيه وإن طال الزمن وقَلَّت القيمة أو ارتفعت.
مستند ذلك الإجماع فيما نقله ابن المنذر، قال ابن قدامة في «المغني» (6/ 434): ويجب رد المثل في المكيل والموزون، لا نعلم فيه خلافًا. قال ابن المنذر: أَجْمَع كل مَنْ نحفظ عنه من أهل العلم على أن مَنْ أَسْلَف سلفًا، مما يجوز أن يسلف، فرَدَّ عليه مثله، أن ذلك جائز وأن للمسلف أخذ ذلك.
وفي «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي» (4/ 143): أن الإمام الإسبيجابي ذَكَر في شرح الطحاوي: وأجمعوا أن الفلوس إذا لم تكسد، ولكن غلت قيمتها أو رخصت، فعليه مثل ما قبض من العدد.
ثم بعد نقله الإجماع نَقَل مخالفة أبي يوسف ومحمد بن الحسن
قال أبو الحسن الكرخي: لم تختلف الرواية عن أبي حنيفة في قرض الفلوس إذا كسدت أن عليه مثلها. قال بشر: وقال أبو يوسف: عليه قيمتها من الذهب يوم وقع القرض في الدراهم التي ذكرت لك أصنافها. وقال محمد: عليه قيمتها إذا كسدت في آخِر وقت نفاقها قبل أن تكسد.
تعقيب على الإجماع:
قال ابن عابدين في «الدر المختار وحاشية ابن عابدين» (4/ 533):
اعلم أنه إذا اشترى بالدراهم التي غلب غشها أو بالفلوس، ولم يسلمها للبائع ثم كسدت، بَطَل البيع، والانقطاع عن أيدي الناس كالكساد، ويجب على المشتري رد المبيع لو قائمًا، ومثله أو قيمته لو هالكًا، إن لم يكن مقبوضًا فلا حكم لهذا البيع أصلًا، وهذا عنده، وعندهما لا يَبطل البيع؛ لأن المتعذر التسليم بعد الكساد، وذلك لا يوجب الفساد لاحتمال الزوال بالرواج، لكن عند أبي يوسف تجب قيمته يوم البيع، وعند محمد يوم الكساد، وهو آخِر ما تعامل الناس بها. وفي «الذخيرة»: الفتوى على قول أبي يوسف، وفي «المحيط» و «التتمة» و «الحقائق»: وبقول محمد يُفتَى رفقًا بالناس. اه
(1)
.
وقال سحنون في «المدونة» (14/ 321): أرأيتَ أن أتيتُ إلى رجل فقلت له: أَسلِفني درهم فلوس، ففَعَل والفلوس يومئذٍ مِائة فلس بدرهم، ثم حالت الفلوس ورخصت حتى صارت مِائتا فلس بدرهم (قال:) إنما يرد مثل ما أخذ ولا يلتفت إلى الزيادة.
وفي «المهذب في فقه الإمام الشافعي» (1/ 304): فصل رد المثل في القرض، ويجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل؛ لأن مقتضى القرض رد المثل؛ ولهذا يقال:«الدنيا قروض ومكافأة» فوجب أن يرد المثل. وفيما لا مثل له وجهان: أحدهما: يجب عليه القيمة لأن ما ضمن بالمثل إذا كان له مثل،
(1)
أفاد الباحث أن العَلَّامة الألباني كان يفتي بمذهب الأحناف في رد قيمة الدَّين.
ضمن بالقيمة إذا لم يكن له مثل كالمتلفات. والثاني: يجب عليه مثله في الخلقة والصورة.
الصورة الثانية: أثر تغير قيمة العملة على العقود المتراخية، مثل عقود الاستصناع وعقود المقاولات والتوريدات.
وإليك ما انتهى إليه المَجمع الفقهي الإسلامي للرابطة مكة في «قراراته» (ص: 23):
ففي ضوء هذه القواعد والنصوص المعروضة، التي تنير طريق الحل الفقهي السديد، في هذه القضية المُستجِدة الأهمية، يُقرِّر الفقه الإسلامي ما يلي:
1 -
في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلًا غَيَّرَ الأوضاع والتكاليف والأسعار، تغييرًا كبيرًا، بأسباب طارئة عامة، لم تكن متوقعة حين التعاقد، فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يُلحِق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة، مِنْ تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أو إهمال من المُلتزِم في تنفيذ التزاماته.
فإنه يَحق للقاضي في هذه الحالة عند التنازع، وبناءً على الطلب، تعديلُ الحقوق والالتزامات العقدية، بصورة تُوزِّع القَدْر المتجاوز للمتعاقد من الخَسارة على الطرفين المتعاقدين. كما يجوز له أن يَفسخ العقد، فيما لم يَتم تنفيذه منه، إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للمُلتزَم له، صاحب الحق في التنفيذ، يَجبر له جانبًا معقولًا من الخَسارة التي تَلحقه من فسخ العقد، بحيث يَتحقق عدل بينهما، دون إرهاق
للمُلتزِم. ويَعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعًا رأي أهل الخبرة الثقات.
2 -
ويَحق للقاضي أيضًا أن يُمهِل المُلتزِم إذا وَجَد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر المُلتزَم له كثيرًا بهذا الإمهال.
هذا، وإن مجلس المَجمع الفقهي يَرى في هذا الحل المستمد من أصول الشريعة تحقيقًا للعدل الواجب بين طرفي العقد، ومنعًا للضرر المُرهِق لأحد العاقدين؛ بسبب لا يد له فيه، وأن هذا الحل أشبه بالفقه الشرعي الحكيم، وأقرب إلى قواعد الشريعة ومقاصدها العامة وعدلها.
والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
محمد علي الحركان.
عبد العزيز بن باز، صالح بن عثيمين، محمد رشيدي، محمد محمود الصواف، أبو بكر جومي، محمد رشيد قباني.
وقال شيخنا مع الباحث محمد بن حسن الصغير بتاريخ (4) رجب (1444 هـ) الموافق (26/ 1/ 2023 م) لا نشك في عقوبة المماطل الواجد.
تنبيه: في «مجلة مَجمع الفقه الإسلامي» : فالمماطل يُعتبَر غاصبًا بتمنعه ومماطلته السداد، والذي يَظهر - والله أعلم- أن أكثر أهل العلم يوجبون على الدائن رد قيمة ما استقر في ذمته مِنْ حقٍّ حال الأداء ثم تغير السعر بنقص. يَستوي في القول بهذا القائلون بِرَدّ المثل في حال انتفاء التعدي بالمماطلة، والقائلون بِرَدّ القيمة في حال تغير السعر بنقص مطلقًا، والله أعلم.
وسُئل العلامة الألباني في «سلسلة الهدى والنور» (164/ 3): ما العمل عندما يَقترض شخص مالًا، وفي وقت سداده صادف نزول قيمة العملة؟
قال الشيخ: لا بد على الأقل من التراضي بين الدائن والمَدين؛ لأنه لا يصح بالنسبة للعدالة الإسلامية، ولا أقول: العدالة الاجتماعية، لا يصح بوجهٍ مِنْ الوجوه أن يوفي المُستقرِض المِائة مِائة، وقد أصبحت المِائة واحدًا وأقل، فإذا أراد العدل فعليه أن يؤدي ما يساوي قيمة المِائة دينار يوم استلمها قرضًا حسنًا.
*-أقيمت مَحاكم شرعية بالمملكة السعودية للفصل في قضايا جائحة كورونا.
كتاب الربا
تَراجُع ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما
عن تجويز ربا الفضل
(1)
.
ثم أضاف مزيد تأكيدٍ الباحث حمدي بن إبراهيم بن سليم، بتاريخ الخميس (5) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (25/ 5/ 2023 م):
1 -
ما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (458): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الشَّعْثَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنَ الصَّرْفِ، إِنَّمَا هَذَا مِنْ رَأْيِي، وَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
والخلاصة: أن إسناده حسن لحال المثنى بن سعيد. وانتهى شيخنا مع الباحث حمدي بن إبراهيم بن سليم، بتاريخ الخميس (5) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (25/ 5/ 2023 م) إلى ثبوته.
2 -
ما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (457): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي ثُبَيْتٍ الرَّاسِبِيِّ وَغَالِبٍ الْقَطَّانِ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ
(1)
سبق في «سلسلة الفوائد» (8/ 182).
الصَّرْفِ، عَنِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ، قَالَ: لَا أَرَى بِمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ بَأْسًا، ثُمَّ قَدِمْتُ مَكَّةَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَقَدْ نَهَى عَنْهُ.
وفي سنده الربيع بن صُبَيْح، صدوق سيئ الحفظ.
وثَمة طرق أخرى لقصة ابن عباس مع أبي سعيد عند الطبراني (454، 458) وقد سبقت عند مسلم
(1)
.
(1)
وانظر «معاني الآثار» (64).
كتاب الإجارة
إجارة الحُلي (ذهب وفضة)
اختُلف فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول- وهو أقواها وأشهرها-: قول الجمهور من الحنفية
(1)
والشافعية
(2)
والحنابلة
(3)
، على الجواز، ومستندهم أنها منفعة مباحة لا يَدخُلها الربا، والناس في حاجة إلى هذا.
القول الثاني: عدم صحة الإجارة. وبه قالت الشافعية في رواية مرجوحة
(4)
. وكذلك عن الإمام أحمد بقيد
(5)
.
(1)
«المبسوط» (15/ 170) لمحمد بن الحسن، وفيه:«لا بأس أن يستأجر حُلي الذهب بالذهب» و «الفتاوى الهندية» (4/ 468).
(2)
«بحر المذهب» (7/ 181) للروياني، وفيه: «وتجوز إجارة الحلي والجواهر وسائر ما تلبسه النساء، ذهبًا كان أو فضة
…
» إلخ.
(3)
«الإنصاف» (6/ 18): ويجوز إجارة الحُلي بأجرة من جنسه، هذا المذهب، نَصَّ عليه في رواية عبد الله.
(4)
«المجموع» (5/ 528) لو أكرى الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة، فوجهان: أحدهما: بطلانه حذرًا من الربا. والصحيح: الجواز كسائر الإيجارات.
(5)
«الهداية» (ص/ 298): ولا يجوز إجارة الحُلي بأجرة من جنسه.
القول الثالث: تُكرَه. وهو المشهور من مذهب المالكية
(1)
.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث السيد بن الدكروني عبده، بتاريخ (24) محرم (1444 هـ) الموافق (22/ 8/ 2022 م) إلى رأي الجمهور. وأما تأجير الأموال فلا يقاس على هذا عند الجمهور. وقال للباحث: أبحاثك نافعة.
(1)
«المُدوَّنة» (3/ 428): أَرَأَيْتَ إنِ اسْتَأْجَرْتُ حُلِيَّ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ، أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ مَرَّةً وَاسْتَثْقَلَهُ أُخْرَى وَقَالَ: لَسْتُ أَرَاهُ بِالْحَرَامِ الْبَيِّنِ وَلَيْسَ كِرَاءُ الْحُلِيِّ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، وَأَنَا لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.
جملة مُدرجَة
قال الإمام النسائي في «سننه» رقم (3890)
(1)
: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَقَالَ:«إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا، أَوْ رَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ، أَوْ رَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ» .
وخالف أبا الأحوص الثوري وإسرائيل فأرسلاه.
وأخرجه مسلم (1547) من طريق حنظلة بن قيس، أَنَّهُ سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ، فَقَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» قَالَ: فَقُلْتُ: أَبِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ؟ فَقَالَ: «أَمَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ» .
ولبعض فقراته شواهد:
1 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ وَالمُحَاقَلَةِ
(2)
.
(1)
وأخرجه أبو داود كذلك في «سُننه» رقم (3400): حدَّثَنا مُسدَّد، حدَّثَنا أبو الأحوص، حدَّثَنا طارق بن عبد الرحمن به.
(2)
أخرجه البخاري (2186) وَالمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ.
2 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُحَاقَلَةِ وَالمُزَابَنَةِ
(1)
.
3 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ»
(2)
.
والخلاصة: أن النَّسائي نَصَّ على إدراج جملة: وَقَالَ: إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا، أَوْ رَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ، أَوْ
…
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (22) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (7/ 10/ 2023 م): الظاهر إدراجها، فالله أعلم.
(1)
أخرجه البخاري (2187).
(2)
أخرجه مسلم (1545).
حرمة الرشوة
قال تعالى عن اليهود: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 62].
قال ابن حبان في «صحيحه» رقم (5199): أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ أَبُو يَزِيدَ الْمُعَدِّلُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فِيمَا يَحْسِبُ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عِصْمَةَ.
فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ
(1)
، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ، حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّ حُيَيٍّ:«مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِيرِ؟» فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ قَرِيبٌ، وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ» فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ، وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ دَخَلَ خَرِبَةً، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَاهُنَا. فَذَهَبُوا فَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي خَرِبَةٍ.
(1)
زاد في رواية أبي داود (3006): «وقد كان قُتل قبل خيبر» .
فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَيْ أَبِي حَقِيقٍ، وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ؛ لِلنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوهُ، وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمُ مِنْهَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا. وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانُ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَكَانُوا لَا يَتَفَرَّغُونَ أَنْ يَقُومُوا، فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ. قَالَ: فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ، فَقَالَ:«يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، أَتُطْعِمُونِي السُّحْتَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إَلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ» ، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.
قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنَيْ صَفِيَّةَ خُضْرَةً، فَقَالَ:«يَا صَفِيَّةُ مَا هَذِهِ الْخُضَرَةُ؟» فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي حَقِيقٍ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، قَتَلَ زَوْجِي وَأَبِي وَأَخِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ:«إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ» حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ.
فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ خَيْبَرَ، فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا
بَيْنَهُمْ، فَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ عُمَرُ لِرَئِيسِهِمْ: أَتَرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ: «كَيْفَ بِكَ إِذَا أَفَضَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا؟» وَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ.
تابع عبدَ الواحد زيدُ بن أبي الزرقاء بصدر المتن، حتى ذكر عبد الله بن رواحة، وفيه أيضًا. «ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ» كما عند أبي داود (3006).
وعلقه البخاري عن حماد بن سلمة (2730) وجَعَله من مسند عمر رضي الله عنه.
وعلة هذا السياق شكُّ حماد بن سلمة وزيادات على «الصحيحين» منها:
1 -
عرض اليهود الرشوة على عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
2 -
ذِكر مَسك حيي بن أخطب.
3 -
حكاية رؤية صفية مع زوجها ابن أبي حَقِيق.
4 -
إلقاء اليهود ابن عمر رضي الله عنهما من فوق بيت.
أما رواية «الصحيحين» فرواها جماعة مختصرة عن عُبيد الله بن عمر:
1 -
أنس بن عياض، أخرجه البخاري (2328): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ، ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ، وَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنَ المَاءِ وَالأَرْضِ، أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ، فَمِنْهُنَّ
مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ، وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتِ الأَرْضَ.
وتابع أنسًا يحيى بن سعيد مختصرًا، أخرجه البخاري (2329) ومسلم (1551).
وثَمة متابعات أخرى بجمل منها الكراء.
وتابعهم آخرون، منهم علي بن مسهر، أخرجه مسلم (1551)
(1)
، وأسامة بن زيد كما عند أبي داود (3008) وجويرية بن أسماء، أخرجه البخاري (2720) مختصرًا.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن الدكروني بن عبده، بتاريخ (7) صفر (1445 هـ) الموافق (23/ 8/ 2023 م): المختصر أصح، والمطول مشكوك في رفعه، والمدار على عبيد الله على الاختصار، وتوبع عبيد الله على الاختصار. اه.
(1)
ولفظ مسلم: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ وَسْقٍ، ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ» ، «فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ قَسَمَ خَيْبَرَ، خَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ الْأَرْضَ وَالْمَاءَ، أَوْ يَضْمَنَ لَهُنَّ الْأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ، فَاخْتَلَفْنَ، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْأَرْضَ وَالْمَاءَ، وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ مِمَّنِ اخْتَارَتَا الْأَرْضَ وَالْمَاءَ» .
بيع أمهات الأولاد
قال أبو داود في «سننه» رقم (3954): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ
(1)
، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بِعْنَا أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا.
وتابع عطاءً على صدر المتن أبو الزبير، أخرجه ابن ماجه (2517) وغيره من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِينَا حَيٌّ، لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.
قال سعيد بن منصور في «سننه» رقم (2053): نَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ رَجُلَانِ بِالْأَبْوَاءِ، فَقَالَا لَهُ: إِنَّا تَرَكْنَا هَذَا الرَّجُلَ يَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ. يُرِيدَانِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَعْرِفَانِ أَبَا حَفْصٍ؟ فَإِنَّهُ قَضَى فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: لَا يُبَعْنَ، وَلَا يُوهَبْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا صَاحِبُهَا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ.
وتابع عبيدَ الله ويحيى عبدُ الله بن دينار، أخرجه الدارقطني في «سننه» (4249).
(1)
هو ابن سعد كما عند البيهقي.
وتابعهم الإمام مالك في «مُوطئِه» (2/ 776): عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» .
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن سكر، بتاريخ (16) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (1/ 10/ 2023 م) إلى صحته عن عمر رضي الله عنه، وجَعَل هذا من اجتهاداته التي جانبه فيها الصواب. وطَلَب مني جمع مفاريد عمر رضي الله عنه.
وجَمَع البيهقي بين فعل عمر وما كان يَحدث في زمانه صلى الله عليه وسلم، وإليك نص كلامه في «السنن الكبرى» (10/ 582): لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ بِذَلِكَ فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ رُوِّينَا مَا يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
كتاب النكاح
علاج الحُب
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (1847): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ نَرَ - يُرَ - لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْل النِّكَاحِ» .
أَعَله العقيلي بالإرسال عقب رواية الطائفي، فقال في «الضعفاء الكبير» (4/ 134): حدثنا بشر بن موسى الأسدي، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا إبراهيم بن ميسرة قال: سمعتُ طاوسًا يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح» هذا أولى.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: د. محمد بن ياسين، بتاريخ (18) محرم (1444 هـ) الموافق (16/ 8/ 2022 م) إلى إعلاله بالإرسال، وأن الخبر من مفاريد ابن ماجه.
تنبيه: في نقاش هذا الخبر ذَكَر شيخنا -حفظه الله- أنه اختار قسم الميكانيكا من خمس وأربعين سنة لكون هذا القسم بعيدًا عن البنات.
فضل الذرية
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (24148): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى، قَالَا
(1)
: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ» .
وهذا إسناد صحيح، لكن بجمع الطرق والدراسة المقارنة تَبيَّن أن هناك طريقًا أصح من هذا، وهو ما رواه منصور عن إبراهيم النَّخَعي عن عمارة بن عمير عن عمته عن عائشة به. أخرجه أحمد (24032)، وأبو داود (3528)، وغيرهما، والعمة مجهولة
(2)
وصَوَّب هذا الطريق الدارقطني في «علله» وأبو حاتم، وقال الترمذي: أكثرهم على العمة. وقال الإمام أحمد: هذا حديث مضطرب في رواية الأثرم وعبد الله.
(1)
سئل عبد الرحمن: من أثبت في الأعمش بعد الثوري؟ قال: ما أعدل بوكيع أحدا.
قال له رجل: يقولون أبو معاوية، فنفر من ذلك، وقال: أبو معاوية عنده كذا وكذا وهما.
وفال أبو معاوية: كان سفيان يأتيني ههنا، فيذاكرني بحديث الأعمش، فما رأيت أحداً أعلم بحديث الأعمش منه.
انظر: «شرح علل الترمذي» (1/ 472) لابن رجب الحنبلي.
(2)
وقال ابن القطان في «الوهم والإيهام» : عن عمته وأمه لا تُعرَفان.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد البدوي، بتاريخ (22) محرم (1444 هـ) الموافق (20/ 8/ 2022 م): سنده صحيح عند أحمد، ويشير إلى الخلاف. والأظهر لنا أن رواية إبراهيم عن عمارة عن عمته هي الأصح، وعليه فالحديث معلول وبه قال الدارقطني رحمه الله. اه.
ومَن أراد مزيدًا لمطالعة الخلاف في الحديث، فعليه بعلل الدارقطني.
وله شاهد، وهو ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (7001): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إِنَّ لِي مَالًا وَوَالِدًا، وَإِنَّ وَالِدِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي؟ قَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ»
(1)
.
(1)
هل هناك ربط بين هذا الخبر، وما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (2119): حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رَفَعَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ فَيَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ، أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فِي قَيْئِهِ» .
أفاده الباحث أحمد بن علي، بتاريخ (5) صفر (1444 هـ) الموافق (30/ 8/ 2022 م) وقال شيخنا: هل أحد رَبَط قبلك هذا؟.
وهذا الخبر إسناده حسن
(1)
لكن يَرِد عليه أمران
(2)
:
الأول: قول الإمام أحمد كما في «الكامل» (6/ 202) لابن عَدي: أصحاب الحديث إذا شاءوا احتجوا بعمرو بن شُعيب عن أبيه عن جَدِّه، وإذا شاءوا تركوه.
الثاني: معارضات للمتن من الكتاب العزيز ومن السُّنة المباركة.
فمِن الأول في باب الميراث قُدِّر للأب مع وجود الأحفاد السدس، قال تعالى:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:
(1)
صَحَّح ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 211) الخبر، وذهب إلى تأويله مع إشارته إلى الضعف من ترجمة البخاري، وإليك نص كلامه:
فَفِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَوْ إِلَى تَأْوِيلِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي «الصَّغِيرِ» وَالْبَيْهَقِيِّ فِي «الدَّلَائِلِ» فِيهَا قِصَّةٌ مُطَوَّلَةٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ فِي «صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ» وَعَنْ سَمُرَةَ وَعَنْ عُمَرَ، كِلَاهُمَا عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى،. فَمَجْمُوعُ طُرُقِهِ لَا تَحُطُّهُ عَنِ الْقُوَّةِ وَجَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ.
(2)
قال شيخنا في «الفتاوى المهمة» (ص/ 221): فأسانيد الحديث فيها مقال ولا يكاد طريق يَسلم، وقناعتي في الحديث أنه لا يَثبت عن رسول الله، وإن ثَبَت فقطعًا ليس على ظاهره.
11]. وللابن أن يوصي في ماله بما دون الثلث، وليس للأب أن يمنعه، قال تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11].
وللابن أن ينفق من ماله على والديه، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215].
وفي الباب أخبار، منها:
1 -
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟» فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيُّ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ
(1)
.
2 -
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ» قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ؟
(2)
.
(1)
أخرجه مسلم (997).
(2)
أخرجه مسلم (994).
3 -
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:«أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ:«فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» ، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ
(1)
.
*-ومِن أحسن ما ذُكر في هذا الباب وإن كان موقوفًا ولا يُعارِض المرفوع: ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (23160): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ نَحَرَ جَزُورًا، فَجَاءَ سَائِلٌ فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا هِيَ لِي، فَقَالَ حَمْزَةُ: يَا أَبَتَاهُ، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ فَأَطْعِمْ مِنْهَا مَا شِئْتَ. (وإسناده صحيح).
ثالثًا: ذهب ابن حزم في «المحلى» (8/ 106) إلى نسخ هذا الخبر.
وانظر مزيدًا في «دراسة حديث: أنت ومالك لأبيك» لأخينا محمد بن عبد الجواد القنيشي -حفظه الله-.
(1)
أخرجه البخاري (2587)، ومسلم (1623).
الودود والولود
قال أبو داود في «سننه» رقم (2050): حَدَّثَنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنا يزيد بن هارون، أخبرنا مستلم بن سعيد ابن أخت منصور بن زاذان، عن منصور - يعني ابن زاذان - عن معاوية بن قُرَّة، عن مَعْقِل بنِ يسار، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبتُ امرأةً ذات حَسَب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال:«لا» ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال:«تزوجوا الوَدود الوَلود فإني مُكاثِر بكم الأمم» .
تابع أحمدَ بن إبراهيم سبعة: عبد الرحمن بن خالد ومحمد بن عبد الملك وعلي بن أحمد، وعلي بن المديني وإسماعيل بن هود وسعيد بن مسعود وأحمد بن عبد الرحمن.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مالك بن علي، بتاريخ (30) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (15/ 10/ 2023 م): استقلالًا يُحسَّن، وصحيح لشواهده
(1)
.
وأَخْرَج الإمام أحمد في «مسنده» رقم (12613): حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
(1)
بل لشاهده، أخرجه أحمد (12613) وابن حِبان من حديث أنس رضي الله عنه.
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ، وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا، وَيَقُولُ:«تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ إِنِّي مُكَاثِرٌ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وتابع حسينًا وعفان إبراهيمُ بن مهدي
(1)
وقتيبة بن سعيد وإبراهيم بن أبي العباس، أخرجه ابن حبان (4028) والبيهقي (2351).
وتابع حفصَ بن عمر أبانُ بن أبي عياش وهو متروك، أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (723)، وإبراهيم التيمي كما عند أبي نُعيم في «الحلية» (4/ 419).
والخلاصة: أن السند الأول يُحسَّن، وهو صحيح بما قبله بالقَدْر المشترك.
(1)
وفي سنده علي بن الحسن، مجهول.
منزلة الزوج
قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22101): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ، يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» .
وتابع إبراهيمَ بن مهدي جماعةٌ: الحسن بن عرفة وعبد الوهاب بن الضحاك وداود بن عمرو وعيسى بن المنذر.
ووَهَّم أبو زرعة متابعة بقية لإسماعيل بن عياش، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (1264).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي، بتاريخ (19) محرم (1444 هـ) الموافق (17/ 8/ 2022 م): معلول.
فَضْل الزوجة الصالحة
قال تعالى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: 26].
1 -
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (18026): حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَا اسْتَفَادَ رَجُلٌ- أَوْ قَالَ: عَبْدٌ- بَعْدَ إِيمَانٍ بِاللهِ خَيْرًا مِنْ امْرَأَةٍ حَسَنَةِ الْخُلُقِ وَدُودٍ وَلُودٍ، وَمَا اسْتَفَادَ رَجُلٌ بَعْدَ الْكُفْرِ بِاللهِ شَرًّا مِنْ امْرَأَةٍ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ حَدِيدَةِ اللِّسَانِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مِنْهُنَّ غُنْمًا لَا يُحْذَى مِنْهُ، وَإِنَّ مِنْهُنَّ غِلَالًا يُفْدَى مِنْهُ.
وتابع ابنَ علية إبراهيمُ بن طهمان عند البيهقي في «السنن الكبير» (7/ 132).
وتابع يونسَ- هو ابن عبيد- شعبةُ بن الحجاج، أخرجه ابن الجعد في «مسنده» (891)
(1)
.
(1)
وتابع ابنَ الجعد آخرون بأسانيد نازلة: شبابة وسليمان بن حرب وأبو الوليد والأعمش، كما في «اللطائف في علوم المعارف» (677)، ويحيى بن أبي بكير، كما عند البيهقي في «السنن الكبير» (13480) وفي «شُعب الإيمان (8350).
وخالفهم مِسْعَر واختُلف عليه، فتارة أسقط والد معاوية، أخرجه أبو نُعيم في «الحلية» (7/ 43)، والبيهقي في «الشُّعب» (7680). وأخرى جَعَله من قول معاوية كما ذكره الدارقطني.
ورواية الجماعة بالوصل هي الصواب. ومما يُؤكِّد أن السقط محفوظ في هذا الطريق قولُ الدارقطني في «علله» (1/ 225): يرويه شعبة واختُلف عنه، فرواه أصحاب شعبة عنه عن معاوية بن قُرة، عن أبيه، عن عمر.
ورواه مِسعر، عن شعبة، عن معاوية بن قُرة، عن عمر مرسلًا. والصحيح المتصل.
الخلاصة: أن إسناده صحيح، أفاده معي الباحث عبد الله بن أسامة التهامي
(1)
، بتاريخ (5) صفر (1445 هـ) الموافق (21/ 8/ 2023 م) ثم أقره شيخنا على تصحيحه، بتاريخ (7) صفر (1445 هـ) الموافق (23/ 8/ 2023 م) وقال: لا نقف عنده كثيرًا لأنه موقوف.
(1)
وُلد بجزيرة محروس التابعة لمركز إخميم، بمحافظة سوهاج، بتاريخ (12/ 11/ 2002 م) وهو في الفرقة الرابعة بكلية الدعوة الإسلامية، بجامعة الأزهر بمدينة نصر، بالقاهرة.
الزوجة الصالحة سعادة
قال ابن حبان في «صحيحه» رقم (4032): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ. وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ الضِّيقُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ» .
وتابع محمدَ بن إسحاق بن إبراهيم، الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلَوَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ أخرجه أبو بكر الموصلي (ص/ 17) رقم (71).
وتابع محمدَ بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَة محمدُ بن آدم، أخرجه الخطيب في «تاريخه» (6481).
وإسناد ابن حبان ظاهره الصحة.
وتابع عبدَ الله بن سعيد محمدُ بن أبي حميد ولقبه حماد، أخرجه أحمد (1462) والبزار (1180) والحاكم (3/ 406).
وتابع إسماعيلَ بن محمد ثلاثة على تفصيل:
الأول: العباس بن ذَريح، وعنه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو متروك
(1)
. أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (329)، وقوام السُّنة في «الترغيب والترهيب» (1529) وغيرهما.
الثاني: أبو بكر بن أبي موسى، أخرجه البزار (1187) من طريق عمرو بن عون
(2)
. وأخرجه كذلك الحاكم في «مستدركه» (2741) من طريق محمد بن بكير، كلاهما عن خالد الواسطي عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي بكر بن أبي موسى، به. وخالفهما سعيد بن منصور فأرسله عن خالد، ذَكَره الدارقطني في «علله» (624).
وقال البزار في «مسنده» عقب رقم (1187): وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَلَيْسَ بِهَذَا الإِسْنَادِ ثَبْتٌ، لَمْ أَرَ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُتَابَعْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكَرْمَانِيُّ عَلَيْهِ، وَلَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ حَدِيثًا، وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
الثالث: وائل بن داود عن محمد بن سعد واختُلف عليه، فوَصَله مَرْوان الفَزَاري. وتابعه على الرفع الجراح بن الضحاك، لكنه أبدل محمد بن سعد
(1)
وتابع إبراهيمَ شعبةُ بن الحجاج، أخرجه يحيى بن الحسين في «تيسير المطالب» (ص/ 590) وفي سنده عيسى بن عمرو بن ميمون البخاري، لم يقف الباحث له على موثق.
(2)
وفي سنده محمد بن الحسن الكرماني، المعروف بابن أبي علي.
بمصعب بن سعد. ذَكَرهما الدارقطني في «علله» (624).
وخالفهما يحيى بن سعيد فأوقفه، أخرجه مسدد كما في «إتحاف الخِيَرة» (4/ 23): ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (أَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاءِ، وَأَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ، فَمِنَ الشَّقَاوَةِ: زَوْجَةُ السُّوءِ، وَجَارُ السُّوءِ، وَمُرْكَبُ السُّوءِ وَضِيقُ الْمَسْكَنِ. وَمِنَ السَّعَادَةِ: المْرَأْةُ الصَّالِحَةُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمُرْكَبُ الصَّالِحُ، وَسَعَةُ المَسْكَنِ).
وتابع مسددًا على الوقف محمدُ بن أبي بكر، أخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (8/ 388).
ورواية يحيى بن سعيد القطان موقوفة بسند صحيح عن سعد.
والخلاصة: أن أسلم إسنادين لهذا الخبر إسنادان صحيحان:
أحدهما: إسماعيل بن محمد من رواية عبد الله بن سعيد بن أبي هند مرفوعًا
(1)
.
(1)
ثم أضاف الباحث بتاريخ (14) من المحرم (1445 هـ) الموافق (1/ 8/ 2023 م): وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وإن وثقه جماعة، فقد ضعفه أبو حاتم، وقال القطان: تَعرِف وتُنكِر. وقال ابن حبان: يخطئ.
والراوي عنه الفضل بن موسى السناني، وقد تفرد به، وهو مع ثقته وسَعة حفظه يُغرِب، فقد قال ابن المديني: روى الفضل مناكير. وقال ابن حجر: ثقة ربما أغرب. وأشار البزار إلى ذلك حيث قال: لا يُعرَف مرفوعًا إلا من رواية محمد بن أبي حميد. ونحوه كلام الترمذي، وهذا يؤيد الوقف.
والثاني: وائل بن داود من رواية القطان عنه، وهو أعلى من سابقه وأرجح لديَّ؛ لقول البزار عن المرفوع: إنه معروف بمحمد بن أبي حميد، وكون الدارقطني على اتساع علمه وعنايته بالمرفوع لم يَذكره، وكذلك أَشْهَرُ مَنْ أخرج المرفوع ابن حبان، وله كَمْ من الأسانيد المفردة.
أفاده الباحث عبد الفتاح العدولي، بتاريخ (22) رجب (1444 هـ) الموافق (13/ 2/ 2023 م) وطَلَب شيخنا مزيد بحث.
وله شواهد من حديث علي أو الحسن ابنه، وقُرة بن إياس أو ابنه، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
الكفاءة في النكاح
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (1968): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ» .
وتابع الحارثَ بن عمران عكرمةُ بن إبراهيم كما عند ابن أبي الدنيا (128)، والحَكَم بن هشام كما عند ابن أبي الدنيا أيضًا (127)، وأبو أُمية بن يعلى وصالح بن موسى الطلحي كما عند الدارقطني في «سُننه» (3786)، ومحمد بن مَرْوان السُّدي كما عند ابن الجوزي في «الموضوعات» (1202)، وهشام مولى عثمان كما عند أبي نُعيم (1/ 369)، وعيسى بن ميمون
(1)
كما عند أبي نُعيم في «معجم الصحابة» (7398).
وكلهم ضعفاء بل منهم الكذاب والمتهم، إلا الحَكَم بن هشام، فقد قال فيه أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتج به. ووثقه ابن مَعين وأبو داود والعجلي وابن حبان. وقال أبو زُرعة: لا بأس به. وكذا أبو داود في رواية. فإسناد ابن أبي الدنيا أمثل ما سبق.
(1)
وفي وجه آخَر: عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة، مرفوعًا. أخرجه ابن عَدي في «الكامل» (6/ 423).
* وإليك أقوال أهل العلم:
فقد قال أبو حاتم كما في «العلل» : الحارث ضعيف الحديث وهذا حديث منكر ليس له أصل.
ذَكَره ابن حبان في «المجروحين» وقال: أصل الحديث مرسل
(1)
ورَفْعه باطل.
وقال الخطيب البغدادي: كل طرقه واهية.
وقال الفتني في «الموضوعات» : مداره على أناس ضعفاء.
*-وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه تمام في «فوائده» (1527) وأبو نُعيم في «الحلية» (3/ 277) وفي سنده عبد الملك بن يحيى، ضعيف. ومحمد بن عبد الملك لم يَعرفه الباحث.
*-وورد موقوفًا عن عمر رضي الله عنه، أخرجه ابن عَدي في «الكامل» (5/ 277) رقم (7803): حَدَّثَنا أحمد بن علي المدائني، حَدَّثَنا إبراهيم بن أبي داود، حَدَّثَنا يحيى بن صالح الوحاظي، حَدَّثَنا سليمان بن عطاء، عن مَسلمة بن عُبيد الله، عن عَمِّه أبي مشجعة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«تخيروا لنُطَفكم، وعليكم بذوات الأوراك؛ فإنهن أنجب» . وفي سنده سليمان بن عطاء، ضعيف.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث عمرو بن عمران، بتاريخ (3) صفر (1444 هـ) الموافق (29/ 8/ 2022 م): كل طرقه ضعيفة.
(1)
ومُرسَل عروة عند الدارقطني في «العلل» (3833) وفيه هشام أبو المقدام، متروك.
وورد من طريق قتادة عن عروة مرسلًا ولم يَسمع منه، وذَكَره الدارقطني في «الغرائب» (6149) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (17721).
لا تُتْبِع النظرةَ النظرةَ
قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]
قال الإمام أحمد في «مسنده» (1373): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«يَا عَلِيُّ، إِنَّ لَكَ كَنْزًا مِنَ الجَنَّةِ، وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا، فَلا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» .
وتابع عفانَ عمرُ بن موسى ويحيى بن إسحاق.
وسند أحمد رجاله ثقات، إلا سلمة بن أبي الطُّفيل، رَوَى عنه اثنان:
1 -
محمد بن إبراهيم التيمي.
2 -
فِطْر بن خليفة.
وترجمه البخاري في «تاريخه» ولم يَذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ، وجَهِله ابن خِرَاش.
وتابع سلمةَ النعمان بن سعد
(1)
كما في «مسند البزار» (2/ 280)، وفي سنده
(1)
قال أبو حاتم: لم يَرْوِ عنه غيره. وذَكَره ابن حِبان في كتاب «الثقات» ورَوَى له الترمذي. وقال ابن حجر: الراوي عنه ضعيف كما تقدم، فلا يُحتَجّ بخبره.
عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث بُرَيْدة، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (22974): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ
(1)
، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» .
تابع وكيعًا جمهورُ الرواة: علي بن الجعد، وعلي بن حُجْر، وأبو غسان، ومحمد بن سعيد، وإسماعيل بن موسى، وهاشم بن القاسم، وأحمد بن عبد الملك.
وشَرِيك بن عبد الله بن أبي شَرِيك النَّخَعي ضعيف. وأبو ربيعة وثقه ابن مَعِين.
وقال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ» .
الخلاصة: أن طرق الخبرين ضعيفة، ولمعناه شاهد في مسلم (2159): عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي.
أفاده الباحث عبد الله بن عاصم بن عبد الشافي، بتاريخ (14) رمضان (1444 هـ) الموافق (5/ 4/ 2023 م)
(2)
.
(1)
وفي رواية بعطف أبي إسحاق على أبي ربيعة الإيادي، كما عند أحمد (23021).
(2)
وُلد بقرية (ميت غراب) التابعة لمركز السنبلاوين، بتاريخ (30/ 1/ 2000 م) حاصل على بكالوريوس هندسة، جامعة المنصورة، عام (2023 م).
وعَرَض حديثين: أحدهما: هذا. والثاني: حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، وفيه: «
…
هو شهرٌ أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخِره عتق من النار
…
».
النظر إلى المخطوبة
وردت فيه أدلة:
منها ما أخرجه سعيد بن منصور في «سُننه» رقم (516): نَا أَبُو شِهَابٍ
(1)
، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ:«هَلْ رَأَيْتَهَا؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهَا أَبُوهَا، فَسَكَتَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: إِنِّي أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ لَمَا نَظَرْتَ. وَرَفَعَتِ السِّجْفَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا، فَمَا نَزَلَتْ مِنِّي امْرَأَةٌ قَطُّ بِمَنْزِلَتِهَا، وَقَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ امْرَأَةً أَوْ بِضْعَةً وَسَبْعِينَ.
(1)
اسمه عبد ربه بن نافع، وثقه ابن معين وابن نُمير والبزار وابن سعد، وهو من رجال البخاري ومسلم.
وقال يعقوب بن شيبة السَّدوسى: كان ثقة، كثير الحديث، وكان رجلًا صالحًا، لم يكن بالمتين، و قد تكلموا في حفظه.
وقال عبد الله بن أحمد: سألتُ أبي عن أبي شهاب الحناط، فقال: ما بحديثه بأس. فقلت: إن يحيى بن سعيد يقول: ليس بالحافظ؟ فلم يَرْضَ بذاك، ولم يُقِر به.
وتابع أبا شهاب سفيان الثوري
(1)
، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (10335): عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا، قَالَ:«اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» قَالَ: فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا، وَخَبَّرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَأَنَّمَا كَرِهَا ذَلِكَ، فَسَمِعْتُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَهِيَ تَقُولُ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَنْشُدُكَ، كَأَنَّهَا أَعْظَمَتْ ذَلِكَ. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. فَذَكَرَ مِنْ مُوافَقَتِهَا.
وتابعهما جماعة- حفص بن غياث كما عند النسائي (3235)، وابن أبي زائدة، أخرجه الترمذي (1087) وعبد الواحد، أخرجه الحربي في «غريب الحديث» (3/ 1138) وأبو معاوية، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17560) وسفيان بن عيينة، كما عند سعيد بن منصور في «سننه» (517)
(2)
- على السند لكن دون القصة، هكذا: عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«انْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» .
خالفهم جميعًا اثنان:
1 -
أبو معاوية من رواية سهل الأنطاكي، كما ذَكَره الدارقطني في «العلل» (1260) وسبقت رواية لأبي معاوية مُوافِقة للجماعة. وقال الدارقطني: لم
(1)
دون: «قَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ امْرَأَةً أَوْ بِضْعَةً وَسَبْعِينَ» .
(2)
لكن بالشك: بكر أو أبي قِلابة. وعند الطوسي (981) بالعطف: بكر وأبي قِلابة.
يُتابَع عليه وليس ذلك بمحفوظ. وقال الإمام أحمد عمومًا: أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يَحفظها حفظًا جيدًا.
2 -
السكن بن إسماعيل، ذَكَره الدارقطني في «العلل» (1260) وقال: وَهِمَ فيه، والصواب عاصم عن بكر. اه.
ورواية الجماعة عن عاصم هي الصواب، لكن في سماع بكر بن عبد الله (ت/ 106) من المغيرة (ت/ 50) نزاع
(1)
، فقد نفاه ابن مَعين وأثبته الدارقطني، وبين وفاتيهما (56) سنة، وإثبات الواسطة كما سبق هنا لا يصح.
ورواه حُميد الطويل واختُلف عليه، فرواه عنه قيس بن الربيع عن بكر بن عبد الله عن المغيرة، ذَكَره الدارقطني في «العلل» (1260).
وقيس ضعيف، وخالفه الثوري فقال: عن حميد عن أنس. أخرجه البزار (6554) وقال الدارقطني «علله» (3/ 320): وإنما رواه حميد، عن بكر، ومدار الحديث على بكر بن عبد الله المزني، قيل له سمع من المغيرة؟ قال: نعم. ا هـ.
ورواه مَعمر
(2)
عن ثابت تارة عن بكر عن المغيرة موصولًا، أخرجه ابن ماجه (1866) وغيره.
(1)
قال أبو نُعيم كما في «مستخرجه» (3/ 18): فِي سَمَاعِ بَكْرٍ مِنَ الْمُغِيرَةِ نَظَرٌ.
(2)
وقال ابن معين: وحديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام. وقال ابن حجر: هو ثقة ثبت فاضل، إلا في روايته عن ثابت والأعمش.
وأخرى عن أنس، أخرجه ابن ماجه (1865) وابن حميد، كما في «المنتخب» (1254).
وقال الدارقطني: وهذا وهم، وإنما ثابت عن بكر مرسلًا.
الخلاصة: أن أسلم ما لهذا الخبر طريقان:
1 -
الجماعة عن عاصم عن بكر عن المغيرة رضي الله عنه. وسبق الخلاف في سماع بكر من المغيرة رضي الله عنه، وهو محتمل.
2 -
الثوري عن حميد عن أنس، ورجاله ثقات، لكن رَدَّه الدارقطني للطريق السابق، وحميد مدلس وقد عنعن.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد أحمد أبي الغيط، بتاريخ (8) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (23/ 10/ 2023 م):
1 -
هل سَمِع بكر من المغيرة؟
2 -
حال ابن المغيرة.
3 -
حال أبي شهاب.
4 -
الكلام في عاصم. ا هـ.
والنظر للمخطوبة له شواهد:
منها ما أخرجه مسلم (1424) من طريق يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ
الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» .
تنبيه: ورد نحو هذه القصة في نطق المخطوبة وتقديمها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فيما أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (10333): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ
(1)
، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جُلَيْبِيبٍ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَنَعَمْ إِذًا» فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لَاهَا اللَّهِ إِذًا، مَا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا جُلَيْبِيبًا، وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ؟ قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْمَعُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ فَأَنْكِحُوهُ. فَكَأَنَّهَا جَلَتْ عَنْ أَبَوَيْهَا، وَقَالَتْ: صَدَقْتِ. فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ» قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ جُلَيْبِيبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، وَوَجَدُوا حَوْلَهُ نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ.
قَالَ أُنِيسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَأَنْفَقُ بِنْتٍ بِالْمَدِينَةِ.
(1)
وثابت عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة، أخرجه أحمد (20098).
خُطبة النكاح
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (2118): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ، فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِيُّ، الْمَعْنَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: إِنَّ
(1)
الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
(2)
{اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} .
(1)
قال أبو داود عقب الرواية: لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِنَّ.
(2)
كذا في «سنن أبي داود» وصدر آية النساء هكذا: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1].
اختُلف على أبي إسحاق:
فرواه سفيان وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود رضي الله عنه، مرفوعًا.
ورواه مَعمر والثوري عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفًا.
ورواه الأعمش والمسعودي ويونس بن إسرائيل، ومَعمر أيضًا عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه، مرفوعًا.
ورواه معمر وزهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفًا.
ورواه شعبة وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه، مرفوعًا.
ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفًا.
ورواه معمر عن أبي إسحاق عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفًا.
ورواه أبو عياض وهو مجهول، عن ابن مسعود رضي الله عنه، مرفوعًا.
ورواه القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه بالوجهين.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي، بتاريخ (7) رجب (1444 هـ) الموافق (28/ 1/ 2023 م): الموضوع يتمثل في الخلاف على السَّبيعي، هل شيخه أبو عبيدة؟ فإذا [كان] ذلك كذلك فسيُضعَّف الخبر موقوفًا
ومرفوعًا لعدم سماع أبي عبيدة من ابن [مسعود رضي الله عنه وإذا كان أبو الأحوص فسيَبقى الخلاف في الرفع والوقف، وأرى أن أبا إسحاق يُحرَّر [ف] هو الذي أحدث هذا الخلل فهو معروف بالاضطراب. وإضافة إلى ما ذُكر فقد اختُلف في بعض ألفاظه. والله أعلم.
إعلان النكاح في المساجد
سبق فيه حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بثلاث فقرات: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي المَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ» .
وانتهى شيخنا إلى أنه لمُضعِّف أن يُضعِّفه، وله شواهد عامة يصح بها، وتقييده بالمسجد ضعيف.
ثم كَتَب مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (27) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (26/ 7/ 2022 م): الخبر ضعيف الإسناد من هذا الوجه ولبعضه شواهد، أما لفظة الأمر:«واجعلوه في المساجد» فلا تصح. ا هـ.
* ونَقَل الباحث استحباب عقد النكاح عن الجمهور في المسجد.
وإليك أقوالهم:
قال ابن الهُمَام الحنفي في «فتح القدير» (3/ 189): ويُستحب مباشرة عقد النكاح في المسجد لأنه عبادة، وكونه في يوم الجمعة.
وتعقب جوازه في المسجد في «شرح مختصر خليل» (7/ 71): بل هو مستحب.
وقال النووي في «مغني المحتاج» (4/ 207): ويُسَن أن يتزوج في شوال وأن يدخل فيه، وأن يعقد في المسجد وأن يكون مع جمع، وأن يكون أول النهار لخبر:«اللهم بَارِك لأمتي في بكورها» .
وقال البُهوتي في «كشاف القناع» (2/ 368): ويباح فيه عقد النكاح بل يُستحب، كما ذَكَره بعض الأصحاب.
وقال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (32/ 18): ويُستحب عقده في المساجد.
تنبيه: ضَعَّف العَلَّامة الألباني زيادة تقييده بالمسجد وقال: إنه بدعة.
وفي «فتاوى اللجنة الدائمة» (18/ 110): الأمر في إبرام عقد النكاح في المساجد وغيرها واسع شرعًا، ولم يَثبت فيما نعلم دليل يدل على أن إيقاعها في المساجد خاصة سُنة، فالتزام إبرامها في المساجد بدعة.
وسأل شيخنا الباحث: هل مجيء الواهبة كان في المسجد؟ وهل عَقَد النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من أصحابه رضي الله عنهم في المسجد؟ فأجاب الباحث بأن لا.
قيام السلطان مَقام الولي
وردت أخبار في ذلك:
الأول: ما أخرجه الترمذي (1102): حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» .
تابع ابنَ عيينة: الثوريُّ وأبو عاصم وعيسى بن يونس وابن المبارك وحجاج بن محمد وغيرهم.
وتابع ابنَ جريج ابنُ وهب كما في «الموطأ» (241).
وهذا أسلم طريق لهذا الخبر، وثَمة طرق أخرى للخبر فيها ضعفاء ومجاهيل.
ووجهة مَنْ ضَعَّف الخبر:
1 -
أنه ليس في كتب ابن جريج، كما في «العلل» (1224) لابن أبي حاتم.
2 -
كون الزهري لم يَعرفه.
ووجهة مَنْ صَحَّحه:
1 -
صحة السند مع تصريح ابن جريج عند عبد الرزاق وغيره. وسُئل ابن مَعين عن رواية سليمان بن موسى عن الزهري فقال: ثقة.
2 -
قول ابن مَعين كما في «تاريخه» (3/ 232) رواية الدُّوري: ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى.
وتحسين الترمذي وتصحيح ابن حبان والحاكم.
3 -
حَمْل إنكار الزهري على أنه حَدَّث ثم نسي.
ورَدَّ الحاكم على إنكار الزهري لهذا الخبر. وزاد الرد بيانًا ابن حزم في «المحلى» (9/ 452 - 453).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسلام بن عبد التواب الفيومي، بتاريخ (25) صفر (1445 هـ) الموافق (10/ 9/ 2023 م) إلى صحة إسناده مرفوعًا.
الثاني: ما أخرجه البيهقي في «السُّنن الصغير» رقم (2376)
(1)
: أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ
(2)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ
(1)
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (12483): عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عبيد الله بن عمر القواريري عن ابن مهدي وبشر بن المفضل.
وبِشْر هنا ثقة، وفي السند السابق ابن منصور، صدوق.
(2)
تابع الثوريَّ على الرفع عديُّ بن الفضل وهو متروك، كما عند الدارقطني في «سُننه» (3521).
خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ أَوْ سُلْطَانٍ» .
تابع هؤلاء الأربعةَ على الرفع مُؤمَّل بن إسماعيل في وجه عنه، كما في «مجموع فيه مصنفات أبي الحسن» رقم (117).
وخالفهم عن الثوري جماعة - وكيع، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (15923): عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ سَعِيدٍ
(1)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ مُرْشِدٍ» .
وتابع وكيعًا عبد الرزاق في «مصنفه» (10483) وقبيصة بن عقبة كما في «الزيادات على كتاب المزني» (420) ومُؤمَّل في وجه
(2)
.
(1)
تابع سعيدًا جماعة بأسانيد ضعيفة:
1 -
قتادة، أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (13815) وفي سنده أبو يعلى الزبيري، مجهول، وقتادة لم يَسمع ابن عباس كما يُفهَم من كلام الحاكم وغيره.
2 -
رجل يقال له: الحَكَم، أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (13814) وعلته تسمية الرجل.
3 -
عطاء بن أبي رباح، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11298) وفي سنده ضعف.
وثَمة طرق أخرى إلى عطاء مقتصرة على الفقرة الأولى.
4 -
عكرمة وعنه حجاج بن أرطأة، أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 71) وغيره. وحجاج مدلس وقد عنعن، وقال أبو حاتم: لم يَسمع من عكرمة.
(2)
وتابع هؤلاء ابن جُريج لكن زاد عطف مجاهد على سعيد بن جبير، كما عند الشافعي في «مسنده» (1/ 291).
والأرجح الوقف. وقد تابع هؤلاء الأربعةَ على الوقف مسلمُ بن خالد الزنجي - وهو صدوق كثير الأوهام- كما في «مسند الشافعي» (1/ 220)، وجعفر بن الحارث كما في «سنن سعيد» (553)، وعبد الله بن جعفر كما في «الزيادات على كتاب المزني» (448) ورجحه البيهقي فقال عقبه: والمحفوظ الموقوف.
الخلاصة: أن أسلم طريق لهذا الخبر، وهو طريق وكيع وعبد الرزاق عن الثوري عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو موقوف، وإسناده حسن لديَّ.
في حين كَتَب شيخنا مع الباحث إسلام بن عبد التواب الفيومي، بتاريخ (7) صفر (1445 هـ) الموافق (23/ 8/ 2023 م) على ابن خثيم: فيه كلام.
الثالث: ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (16675): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلاَّ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، وَإِنْ نَكَحَتْ عَشَرَةً، أَوْ بِإِذْنِ سُلْطَانٍ.
وهذا السند رجاله ثقات، وعمرو بن أبي سفيان هو ابن أسيد الثقفي، قال أبو نعيم: سَمِع النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكره بعض المتأخرين، ووهمه ابن حجر في «الإصابة» (5/ 225) وانتهى إلى أنه تابعي مشهور. وأَخْرَج له الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه. وذَكَره ابن حبان في «الثقات» .
وتابع عَمْرًا سعيد بن المسيب من رواية بكير بن الأشج عنه
(1)
، أخرجه الدارقطني في «سننه» (3542) بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب، وسماع سعيد من عمر مختلف فيه. وقال الإمام أحمد: سعيد عن عمر عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يُقبل سعيد عن عمر فمن يُقبَل؟ وقال أبو حاتم: لا يصح له سماع إلا رؤية على المنبر.
الخلاصة: أن الطريقين يُقوِّي أحدهما الآخَر فيصحح لطريقيه لديَّ.
في حين كَتَب شيخنا مع الباحث إسلام بن عبد التواب الفيومي، بتاريخ (1) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (16/ 9/ 2023 م) على طريق الدارقطني: انفراد الدارقطني يريب. وكَتَب على طريق مالك: ضعيف؛ للانقطاع بين مالك وسعيد أو لإبهام الرجل وسماع سعيد من عمر. اه.
وورد من حديث جابر عند الطبراني في «الأوسط» (3926) وفي سنده عمرو بن عثمان الرقي، تَرَكه النسائي والأزدي، ولَيَّنه العقيلي، وقال أبو حاتم: يتكلمون فيه.
(1)
رواه مالك في «الموطأ» (542): أخبرنا رجل عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر رضي الله عنه. وتارة (1494) أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلاَّ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوِ السُّلْطَانِ.
تزويج الفتاة وهي كارهة
وردت فيه أخبار:
الأول: ما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2096): حَدَّثَنَا عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
وتابع عثمانَ بن أبي شيبة جماعة: الإمام أحمد في «مسنده» (2469)، ويحيى بن يزداد، أخرجه ابن ماجه (1875)، وأبو بكر كما عند أبي يعلى (2526)، ومحمد بن داود كما عند البيهقي في «السنن الكبير» (536)، وأبو أمية كما عند الطحاوي في «معاني الآثار» (7332)، ومحمد بن إسحاق.
وتابع جريرًا زيدُ بن حبان وهو ضعيف على الأرجح، أخرجه الدارقطني (3568).
وتابع عكرمةَ عطاء الخراساني لكنه لم يَسمع من ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (10308)، والطبراني في «الأوسط» (7069).
وخالف جريرًا وزيد بن الحباب الناسُ فأرسلوه:
1 -
حماد بن زيد، أخرجه أبو داود في «سننه» (2097) ومن طريقه البيهقي (136700).
2 -
سفيان، كما في «معاني الآثار» (7333)، و «مشكله» (5747) والدارقطني (3569).
والمرسل أصوب، وقال أبو داود عقب طريق حماد بن زيد: لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّاسُ مُرْسَلًا مَعْرُوفٌ.
وقال البيهقي بعد رواية جرير: هذا خطأ، رواه حماد بن زيد وغيره عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقال: المحفوظ عن أيوب عن عكرمة مرسلًا.
وقال الدارقطني: والصحيح المرسل.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بدوي، بتاريخ (8) محرم (1445) الموافق (26/ 7/ 2023 م): المرسل أصح.
الحديث الثاني: ما أخرجه أبو يعلى في «مسنده» رقم (7229): حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ، سَمِعَ أَبَا مُوسَى، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ، فَلْيَسْتَأْذِنْهَا» .
خالف سلمَ بن قتيبة عبدُ الله بن داود الخُريبي فأرسله عن أبي بردة، أخرجه أبو يعلى (7230) وعبد الله الخريبي أوثق من سلم؛ لأنه يهم.
وخالفهما جماعة فرووه بمتن آخَر، وَهُمْ: وكيع، وإسحاق بن يوسف وأبو نعيم ويحيى بن آدم وأبو أحمد الزبيري وأبو قطن. ستتهم عن يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ، وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ» .
أخرجه الدارمي في «سننه» رقم (2231) وأحمد (19516، 19688) وغيرهما.
وتابع يونسَ على متن الستة أبو إسحاق السَّبيعي، أخرجه أحمد (19657) والبزار (3118).
والخلاصة: أن متن الجماعة أرجح، وانتهى شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم فراج، بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م) إلى ترجيح رواية الجماعة، وأن استئذان البكر له شواهد، منها حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «البِكْرُ تُسْتَأْذَنُ» قُلْتُ: إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحْيِي. قَالَ: «إِذْنُهَا صُمَاتُهَا» . أخرجه البخاري (6961).
إذا زَوَّجها وليان فبأيهما نعتد؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (20085): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَشَكَّ فِيهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، فَقَالَ عَنْ عُقْبَةَ أَوْ سَمُرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ، فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَمَنْ بَاعَ بَيْعًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا» .
تابع سعيدًا همام بن يحيى، أخرجه أحمد (20382)، وأبو داود (2088)، وهشام الدَّستُوائي كما عند أبي داود (2088)، وحماد بن سلمة كما عند أحمد (20469)، وسعيد بن بشير كما عند ابن ماجه (2191).
وخالفهم عبد الله بن محرر وعثمان بن مطر ومعمر، كما عند عبد الرزاق (628، 10626، 10635)، وسعيد بن أبي عَروبة، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (16242)، وأبان بن يزيد، أخرجه أحمد (17482) عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.
أثر الخلاف هل هو من مسند سمرة أو عقبة؟ وهل الحسن سمع منهما أو من أحدهما؟
ورواه سعيد بن أبي عَروبة على وجهين:
1 -
عقبة بن عامر أو سمرة على الشك، أخرجه أحمد (20345) وغيره.
2 -
عقبة بن عامر وسمرة بالعطف، أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (6230).
ورواه ابن جريج عن الحسن مرسلًا، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (10630).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي، بتاريخ (22) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (15/ 1/ 2023 م): علة الخبر أساسًا عدم سماع الحسن من عقبة ولا من سمرة.
تنبيه: بل في «جامع التحصيل»
(1)
: لم يَسمع من عقبة، وسماعه من سمرة في الصحيح.
(1)
«جامع التحصيل» (ص: 91).
قال البيهقي: وقد رُوِّيناه عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الحُفاظ اختلفوا في سماع الحسن من سمرة لغير حديث العقيقة، فمنهم من أثبته فيكون هذا مثالًا للمرسل إذا أسند من وجه آخَر. ومنهم مَنْ نفاه فيكون مرسلًا انضم إلى مرسل ابن المسيب والقاسم بن أبي بزة، ومعه قول أبي بكر رضي الله عنه.
المرأة تُسْلِم بعد زوجها
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2059): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ مُسْلِمًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَتِ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً بَعْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا أَسْلَمَتْ مَعِي، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
تابع وكيعًا عبد الرزاق في «مصنفه» (12645)، والزبيري وأسود بن عامر كما عند أحمد (2973).
وتابع إسرائيلَ حَفْصُ بْنُ جُمَيْعٍ، أخرجه ابن ماجه (2008)
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي، بتاريخ (22) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (15/ 1/ 2023 م) إلى ضعفه لاضطراب سِمَاك في عكرمة.
يُطلَق على البنت أو الجارية أو الفتاة
إذا بلغن تسع سنين أو حِضْنَ: امرأة
ومستند ذلك:
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ»
(1)
.
2 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى عَلَى الْجَارِيَةِ تَسْعُ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ»
(2)
.
3 -
علق الترمذي قائلًا: قَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا بَلَغَتِ الجَارِيَةُ
(3)
تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري (7011).
(2)
ضعيف؛ في إسناده مجاهيل، منهم عبد المَلِك، قال أبو أحمد بن عَدِيّ: هو مجهولٌ غير معروف. كما في «التحقيق في مسائل الخلاف» (2/ 267).
(3)
في «المفهم» (2/ 533) لأبي العباس القرطبي: الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على مَنْ دون البلوغ منهما؛ ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها عن نفسها:«فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ» أي: الصغيرة. اه.
وقال البيهقي عقبه في «السنن الكبرى» (2/ 433): تَعْنِي واللهُ أَعْلَمُ: فَحَاضَتْ فَهِيَ امْرَأَةٌ.
(4)
لم أقف عليه مسندًا.
4 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ»
(1)
.
تنبيه: من الأدلة المحتملة:
1 -
قوله تعالى إخبارًا عن نبيه موسى وعِفَّته: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 23]. وقال أبوهما عنهما: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27]
(2)
.
2 -
قول نبي الله لوط عليه السلام مرغبًا: {يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78]{قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الحجر: 71] رَدَّ عليه قومه: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود: 79].
3 -
في شرعنا قال تعالى في المحرمات: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23].
(1)
أخرجه البخاري (5090) ومسلم (1466).
(2)
قال القرطبي في «تفسيره» (13/ 271): هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيمَارٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوِيٌّ فِي الْبَابِ، وَاحْتِجَاجُهُ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعَوِّلُ عَلَى الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَبِقَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
وقال جل ذكره في شأن نبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: 50].
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59].
4 -
قول الهدهد عن ملكة سبأ، وهي لا شكّ أنها بالغة، وربما لم تتزوج:{إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النمل: 23].
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الجَمَلِ، لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى، قَالَ:«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»
(1)
.
أقوال المذاهب:
قال الشيرازي في «المهذب» (1/ 77): أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين. قال الشافعي رحمه الله: أعجل مَنْ سمعتُ من النساء تحيض نساء تهامة، فإنهن يحضن لتسع سنين، فإذا رأت الدم لِدُون ذلك فهو دم فساد لا يتعلق به أحكام الحيض.
وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 433): قال الشافعي: رأيتُ بصنعاء جَدَّةً بنتَ إحدى وعشرينَ سنة، حاضت ابنةَ تسع، ووَلَدَت ابنةَ عَشْر، وحاضت البنتُ ابنةَ تسع ووَلَدَتِ ابنةَ عَشْر.
(1)
أخرجه البخاري (4425).
وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (10/ 91): وعن الشافعي قال: رأيتُ باليمن بنات تسع يَحِضن كثيرًا.
قال عبد الرحمن المقدسي في «الشرح الكبير» (2/ 384): (وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين).
هذه المسألة تشتمل على أمرين:
أحدهما: أن الصغيرة إذا رأت دمًا لِدُون تسع سنين فليس بحيض. لا نعلم في ذلك خلافًا في المذهب؛ لأن الصغيرة لا تحيض؛ لقوله سبحانه: {واللائي لم يحضن} . ولأن المرجع فيه إلى الوجود، ولم يوجد من النساء مَنْ تحيض عادة فيما دون هذه السن. ولأن الله سبحانه خَلَق دم الحيض لحكمة تربية الولد، وهذه لا تصلح للحمل، فلا توجد فيها حكمته، فينتفي لانتفاء حكمته.
الأمر الثاني: أنها إذا رأت دمًا يَصلح أن يكون حيضًا، ولها تسع سنين، حُكِمَ بكونه حيضًا، وحُكِمَ ببلوغها، وثَبَتَ في حقها أحكام الحيض كلها؛ لأنه رُوي عن عائشة أنها قالت: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. ورُوي ذلك مرفوعًا من رواية ابن عمر. والمراد به حُكْمها حُكْم المرأة.
قال ابن تيمية في «شرح العمدة» (ص: 480): وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين. هذا هو المشهور في المذهب
…
ولولا أن التسع يمكن فيها البلوغ لما كانت امرأة ببلوغها، ولأن المرجع في ذلك إلى الموجود والعادة، ولم يُعرَف حيض معتاد قبل استكمال التسع، فإن ندر وجود دم فهو دم فساد، فأما بعدها فقد وُجد حيض وحبل.
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (4/ 134): وفي دخول الصغيرة في مسمى النساء خلاف ذَكَره الماوردي وغيره من المفسرين، فكذا ينبغي أن يكون في دخولها في مسمى المرأة.
*-في «الاختيار لتعليل المختار» (2/ 96): فِيهَا عَلَى الْبُلُوغِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْجَارِيَةُ تِسْعُ سِنِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ.
انتهى بتاريخ ختام المحرم من عام (1445 هـ).
مقدار الصَدَّاق
قال الحاكم في «مستدركه» (2780) وعنه البيهقي (14332): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزَّاهِدُ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبيِبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ:«أَتَرْضَى أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلَانَةً؟» قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «أَتَرْضَيْنَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا؟» قَالَتْ: نَعَمْ. فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ، وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَنِي فُلَانَةً، وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا صَدَاقَهَا سَهْمِي بِخَيْبَرَ. فَأَخَذَتْ سَهْمَهُ، فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الصَّدَاقِ أَيْسَرُهُ» .
وتابع عبدَ العزيز هاشم بن القاسم، أخرجه ابن حبان (4072).
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مختار سلام، بتاريخ الثلاثاء (26) شوال (1444 هـ) الموافق (16/ 5/ 2023 م): يبدو -والله أعلم- أن الحديث فيه نكارة، وهذا مخالف لقوله تعالى:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]{وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 25] ولها الصداق بما استحللتَ
من فرجها
(1)
و «اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» وغير ذلك.
ونرى - والله أعلم- أن أبا داود لما أشار إلى أن الحديث يخالف ما عليه العمل وقال: «أخشى أن يكون ملزقًا» أراد هذا المعنى. وأشار العلماء إلى أن زيدًا له مناكير. نرى- والله أعلم- أن هذا منها. والله أعلم.
(1)
وفي التلاعن: «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَالَ: «لَا مَالَ لَكَ: إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا» سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 159).
تنويع المهور في زمنه صلى الله عليه وسلم
-
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (15691): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى نَعْلَيْنِ، فَأَجَازَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
وتابع سفيانَ شعبة لكن مع تفصيل في المتن، فكأن لفظ: «فَأَجَازَهُ
…
» فيه إدراج، أخرجه أحمد (15679): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَحَجَّاجٌ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى نَعْلَيْنِ. قَالَ: فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: ذَاكَ لَهُ. فَقَالَ: «أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَأَنَّهُ أَجَازَهُ. قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ، فَقَالَ:«أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟» فَقَالَتْ: رَأَيْتُ ذَاكَ. فَقَالَ: «وَأَنَا أَرَى ذَاكَ» .
وتابعهما شريك كما عند ابن الجعد في «مسنده» (2265).
والخلاصة: أن مداره على عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف.
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1276): وسألتُ أبي عن عاصم بن عُبيد الله. قال: مُنكَر الحدِيثِ، يقال: إنه ليس له حديثٌ يُعتمَد عليه. قلتُ: ما أنكروا عليه؟ قال: رَوَى عن عبد اللهِ بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، أن رجلًا تَزوَّج امرأة على نعلين، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مُنكَر.
وانتهى شيخنا مع الباحث: د. أحمد بن عبد الناصر الحايك، بتاريخ (20) من المحرم (1445 هـ) الموافق (7/ 8/ 2023 م) إلى ضعفه.
عدم المغالاة في المهور
*-سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 31) حديث أبي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ فِي امْرَأَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟» قَالَ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. قَالَ: «لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَهَا مِنْ بُطْحَانَ مَا زِدْتُمْ» .
وهذا الخبر فيه ثلاثة خلافات:
1 -
رواية من طريق محمد بن إبراهيم التَّيْمِيّ قال: حَدَّثَنِي أَبُو حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيُّ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
…
وإسناده صحيح.
2 -
محمد بن إبراهيم عن عبد الله بن أبي حدرد، أخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (162): حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا إسماعيل بن عَيَّاش، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن أبي حَدْرَد الأسلميّ، عن أبيه، أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في صَدَاق امرأة، به.
وهذا السند فيه ضعف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش في غير بلده.
3 -
دون واسطة بين محمد بن إبراهيم التيمي وأبي حدرد، وعليها أكثر الرواة. قال أبو حاتم في «الجَرح والتعديل» (480): روى محمد بن إبراهيم عن أبي حدرد مرسلًا. وسبق أن أرجحها الإرسال.
*-قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (17156): حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَعْلَيْنِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَهُ.
وتابع الثوريَّ شعبةُ بن الحجاج كما عند أبي داود (1239) والترمذي (1113)، وتابعهما شريك بن عبد الله القاضي، أخرجه ابن الجعد (2265).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن بلال المنوفي، بتاريخ (13) محرم (1444 هـ) الموافق (11/ 8/ 2022 م) إلى ضعف الخبر؛ لأن مداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف.
تنبيه: ذَكَر أبو حاتم هذا الخبر كما في علل ابنه (1276).
أثاث الزوجية
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2084): حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ» .
تابع أبا الطاهر جماعة:
1 -
يزيد بن خالد، أخرجه أبو داود (4142)، وابن حِبان (673).
2، 3 - محمد بن سلمة ويونس بن عبد الأعلى، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (5547).
4 -
يحيى بن يحيى، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (5883).
ورواه حَيْوَة بن شُرَيْح، واختُلف عليه:
فرواه عنه عبد الله بن يزيد المقرئ كرواية ابن وهب على الوصل، أخرجه أحمد (14475) ومطولًا (14124).
وخالف عبدَ الله بن يزيد عبدُ الله بن المبارك فأرسله، كما في «الزهد» (762)، والبغوي في «شرح السُّنة» (3127) وقال: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ مُرْسَلًا، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ
…
والخلاصة: أن الوصل هو الصواب.
وكَتَب شيخنا مع الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (13) رمضان (1444 هـ) الموافق (4/ 4/ 2023 م): على هذا التخريج المتصل أصح، والله أعلم.
التسمية عند الجماع
سَبَق حديث ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، قَالَ: (بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا» وأن البخاري ومسلمًا اتفقا على حديث ابن عباس، من طريق جرير بن عبد الحميد الضبي
(1)
عن منصور بن المعتمر
(2)
.
(1)
رواه ستة عن جرير بالبسملة، وَهُمْ- علي بن عبد الله، وعثمان بن أبي شيبة، وقُتيبة بن سعيد، وابن أبي شيبة، ومحمد بن عيسى، ويحيى بن يحيى- وخالفهم عمرو بن رافع عند ابن ماجه (1919) فلم يَذكرها، وروايتهم أصوب.
(2)
رواه عن منصور بذكر البسملة:
1 -
جرير بن عبد الحميد، كما عند البخاري ومسلم.
2 -
شيبان بن عبد الرحمن، كما عند البخاري (4870).
3 -
هَمَّام، عند البخاري (3271).
4 -
عبد العزيز بن عبد الصمد، كما عند أحمد (1867).
5 -
إسرائيل، كما عند الدارمي (2258).
6 -
سفيان بن عُيينة، كما عند أحمد (1908)، والترمذي (1092).
7 -
سفيان الثوري في الأكثر عنه بإثباتها.
وقد نَقَل ثلاثة أن منصورًا قال: أُراه قال: (باسم الله).
1 -
ابن نُمَيْر، كما عند مسلم مسندًا.
2، 3 - الفريابي وعبد الملك الذِّمَاري، كما عند أبي عَوَانة (4720).
وهذه الطرق الثلاثة إن سُلِّم ثبوتها فهي علة قوية للشك في ذكر البسملة، وإلا فالأكثر على الجزم بها عن سفيان، وابنُ نُمَيْر له مخالفات، والفريابي له بعض الشيء في روايته عن سفيان.
8 -
شُعبة بدون البسملة، كما عند البخاري (3283) وأحمد (2597)، ونص مسلم أنه بدون البسملة.
9 -
الأعمش بدونها، كما عند البخاري (3283) من رواية آدم فقال: مثله. أي: مثل رواية شُعبة دون التسمية.
ورواه عبد الصمد بن عبد العزيز عن الأعمش بذكر البسملة، أخرجه النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» (10028).
ورواه أبو أسامة عن الأعمش، كما عند البزار (5226) وقال: وأما حديث الأعمش فلا نَعْلَم أحدًا أسنده إلا أبو أسامة، ورواه غير أبي أسامة موقوفًا.
عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، بالبسملة
(1)
.
ثم عَرَضه الباحث فاروق بن فاروق الحسيني على شيخنا، فكَتَب بتاريخ (29) شعبان (1444 هـ) الموافق (21/ 3/ 2023 م):
الأظهر - والله أعلم- بعد مراجعة ما أتى به أخونا فاروق -حَفِظه الله-أن ذكر البسملة فيه بعض الكلام؛ لانفراد جرير وهمام بها، ولتَشكُّك سفيان ولجَزْم
(1)
قال الدارقطني: أَثْبَتُ أصحاب منصور: الثوري وشُعبة وجرير الضَّبِّي.
قال البزار في «مسنده» (5226): وأما حديث الأعمش فلا نعلم أحدًا أسنده إلا أبو أسامة، ورواه غير أبي أسامة موقوفًا.
تنبيه: جاءت رواية الأعمش معطوفة على منصور، وفي «السُّنن الكبرى» (10027): لم يرفعه سليمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
شُعبة وعدد بعدم ذكرها. والله أعلم. اه. ثم قال للباحث: اكتب: التسمية تَحتاج إلى مزيد بحث.
تنبيه: قال الإمام مسلم عَقِبه: غَيْرَ أَنَّ شُعْبَةَ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ ذِكْرُ «بِاسْمِ اللهِ» وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ:«بِاسْمِ اللهِ» ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ: قَالَ مَنْصُورٌ: أُرَاهُ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ» .
تنبيه: في الأكثر عن جرير بذكر: (أبدًا) وكذا شيبان بن عبد الرحمن عن منصور، كما عند البخاري. ولم يَذكرها الأكثر عن الثوري، وشُعبة وهَمَّام وإسرائيل وابن عُيينة دونها.
وقال مَعْمَر كما عند عبد الرزاق (10466): «لم يَضره الشيطان إن شاء الله» وتُحرَّر قوة مَعْمَر في سفيان. أفاده الباحث.
حُكْم العَزْل
وردت فيه أخبار:
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (12420): حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُبَارَكٌ الْخَيَّاطُ، جَدُّ وَلَدِ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَأَلَ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ أَهْرَقْتَهُ عَلَى صَخْرَةٍ، لَأَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا - أَوْ يُخْرِجُ مِنْهَا- وَلَدًا الشَّكُّ مِنْهُ- وَلَيَخْلُقَنَّ اللَّهُ نَفْسًا هُوَ خَالِقُهَا» .
تابع الإمامَ أحمد جماعة: الحسن بن علي ومحمد بن عبد الرحيم والعباس بن محمد الدوري، ومحمد بن المثنى وعمرو بن علي.
ومبارك الخَيَّاط ذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال فيه أبو حاتم: شيخ. وترجمه البخاري وابن أبي حاتم فلم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وجاءت متابعة ربما ترجع إلى هذا السند، أخرجها ابن أبي حاتم في «تفسيره» (15273): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ مِصْرَ، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ، ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: «لَوْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ صُبَّ عَلَى صَخْرَةٍ، لَأَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مَا قَدَّرَ لِيَخْلُقَ اللَّهُ نَفْسًا هُوَ خَالِقُهَا» .
ومما يُطعَن به في هذه المتابعة:
1 -
إبراهيم بن مرزوق ثقة، إلا أنه كان يخطئ فيقال له فلا يَرجع. قاله الدارقطني.
2 -
أبو عامر ربما تصحفت من أبي عاصم
(1)
.
3 -
مبارك بن فَضَالة قد يرجع إلى مبارك الخياط.
3 -
قول البزار على طريق الجماعة عن أبي عاصم: لا نعلمه يُروَى عن أنس إلا من هذا الوجه.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي القاضي الرفاعي، بتاريخ (3) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (18/ 9/ 2023 م) إلى ضعفه ولا يرتقي بشاهده.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» رقم (6884): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الدُّنْيَا النَّصِيبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، لَوْ أَنَّ النُّطْفَةَ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْمِيثَاقَ أُلْقِيَتْ عَلَى صَخْرَةٍ، لَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا إِنْسَانًا» . وقال: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ.
(1)
ومما يَدفع ذلك قول ابن حجر في «تعجيل المنفعة» : رَوَى عنه أبو عامر العَقَدي وأبو عاصم النبيل.
الخلاصة: أن علة هذا الخبر محمد بن إبراهيم الرازي، قال فيه الدارقطني: متروك. ويحيى بن أبي الدنيا النَّصيبي، قال فيه أبو حاتم: ضعيف الحديث.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي، بتاريخ (3) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (18/ 9/ 2023 م) إلى ضعفه.
تنبيه: ثبتت الأخبار في العزل:
1 -
حديث أبي سعيد الخُدري، أخرجه البخاري (2542) ومسلم (1438) من طريق ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ رضي الله عنه، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ العَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا العُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا العَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» .
2 -
حديث جابر رضي الله عنه. أخرجه البخاري (5208) ومسلم (1440) عن جَابِر رضي الله عنه، قال: كُنَّا نَعْزِلُ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ.
إطلالة على بحث (مرويات نفخ الرُّوح)
قال الشيخ محمود الرملي -حفظه الله- إنه انتهى في بحثه إلى أن نفخ الرُّوح يَتم بعد أربعة أشهر، وهذا جمعًا لجميع المرويات الصحيحة والمتفق عليها في البخاري ومسلم، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
بخلاف ما اشتهر حديثًا عند بعضهم من أن نفخ الرُّوح يمكن أن يَحدث قبل ذلك؛ بِناءً على رواية في «صحيح مسلم» من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه وفيها مراحل تكوين الجنين والكتابة، وليس فيها نفخ الرُّوح.
ثم لَخَّص كلام أهل الطب حديثًا في فصل، ثم توسع في مسألة الإجهاض في فصل آخَر، وانتهى إلى حرمة الإجهاض مطلقًا بالإجماع بعد نفخ الرُّوح، إلا لعذر شرعي مقبول وليس متوهمًا. أما قبل أربعة أشهر فهو يدور بين التحريم والكراهة والجواز، ولكني أجنح إلى التحريم أو الكراهة الشديدة إلا لعذر قاطع.
وكَتَب شيخنا له في مقدمة هذا الكتاب: فهذا بحث في مرويات نفخ الرُّوح في الجنين، جَمَع فيه أخي في الله/ الشيخ محمود الرملي -حفظه الله تعالى-ما ورد في الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجها تخريجًا جيدًا ولله الحمد، وحَكَم على كل حديث بما يستحقه من الصحة أو الضعف، مع بيان سبب ذلك. وقد
راجعتُ عمله فوجدتُه ولله الحمد موفقًا نافعًا. أسال الله أن يَزيده توفيقًا وسدادًا.
هذا، ولهذه المسألة أثرها في الفقه، سواء في أبواب الدِّيَات أو غيرها، كحكم الإجهاض المبكر أو بعد نفخ الرُّوح فيه
…
إلى غير ذلك من التوابع الفقهية
(1)
.
(1)
محمود بن شِبل بن محمود بن إبراهيم الرملي، وُلد بتاريخ (13/ 10/ 1954 م) حاصل على بكالوريوس هندسة جامعة القاهرة، عام (1977 م) ثم ماجستير، بعنوان (علوم الحاسب) من جامعة ألباما بالولايات المتحدة الأمريكية، عام (1985 م).
رحل إلى شيخنا بمنية سمنود في أكتوبر عام (2010 م) حتى يونيو (2014 م) فأكرمه الله بعدد من المؤلفات:
1 -
«مرويات نفخ الرُّوح في الجنين وأطوار الخلق، والآثار الفقهية المترتبة عليها» .
2 -
«طريقك يا طالب العلم» وهو كتاب يَرسم طريقًا لطالب العلم الشرعي مبنيًّا على الجمع بين الموروث من الوحيين وعلوم السلف، مستخدمًا حل المشاكل التي تواجه طالب العلم في التِّقنيات الحديثة.
3 -
«دُرَر وفوائد أحاديث من صحيح البخاري» ذَكَر فيه أول حديث وآخِر حديث في البخاري، وذَكَر مناسبة الافتتاح والختام بهذين الحديثين، وهما أهمية النية ومنزلة الذِّكر وما له من جميل الثواب.
ثم اختار أحاديث متفرقة بِناء على فوائد فقهية أو إيمانية أَخَذَتْ بلُب المؤلف.
وتَكلَّم شيخنا في تقديمه عن موضوع الكتاب، وأن الباحث أضاف فوائد عَنَّتْ له، إضافة إلى ما ذكره العلماء.
وأن الباحث كان من منهجه أن يحقق الأحاديث التي يوردها في الفوائد خارج «الصحيحين» .
وقال شيخنا في نهاية المقدمة: وقد راجعتُ الأحاديث والآثار التي أوردها والحُكم عليها، فألفيتُها والحمد لله موفقة.
موقف للباحث مع شيخنا عندما التقى به في أول لقاء، قال له: إنني أنوي أن أتعلم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=العلم الشرعي لكي أعود إلى أمريكا أدعو إلى الله، حيث لم أفعل ذلك سنوات إقامتي هناك، وهي تربو على عشرين سنة. فقال شيخنا لي: لعلك بعد أن تتعلم تكتشف أن بلدك أحوج إليك ولا تعود. وقد كان ولله الحمد.
تنبيه: الدعوة في الأقارب والأرحام مضاعفة الأجور، وهي أصل من أصول دعوات الأنبياء عليهم السلام.
تم إملاؤه من صاحب الترجمة في مسجد أهل السُّنة والجماعة بمنية سمنود، بتاريخ (29) ربيع الآخِر (1444 هـ) الموافق (23/ 11/ 2022 م) بعدما أَخَذ مقدمة الكتاب الثالث وأَطلَعنِي عليها، وفقه الله.
كتاب الطلاق
كم طلقة للأَمَة؟
قال تعالى عمومًا: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
وردت أخبار ضعيفة في أن طلاق الأَمَة مرتان:
1 -
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«طَلَاقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ»
(1)
.
وفي سنده مُظاهِر بن أسلم المدني، متفق على ضعفه، وبضاعته هذا الخبر. قال أبو عاصم النبيل: ليس بالبصرة حديث أنكر من حديث مُظاهِر.
2 -
قال ابن ماجه في «سُننه» (2079): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «طَلَاقُ الأَمَةِ اثْنَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» .
(1)
أخرجه الترمذي وغيره، وفي سنده مظاهر بن أسلم، ضعيف.
قال الترمذي في «سُننه» (3/ 480): وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
وخالف عطيةَ العوفي كُلٌّ مِنْ:
1 -
نافع، كما في «موطأ مالك» (2/ 574): أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ.
2 -
سالم، كما عند الدارقطني في «سُننه» (3952) بعطف نافع على سالم.
وقال الدارقطني في «سُننه» (4/ 38): تَفرَّد به عمر بن شَبِيب مرفوعًا، وكان ضعيفًا، والصحيح عن ابن عمر ما رواه سالم ونافع عنه من قوله.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي حفص محمد بن خليل آل باشا، بتاريخ (3) رمضان (1444 هـ) الموافق (26/ 3/ 2023 م) إلى ما انتهى إليه الدارقطني، وأن الموقوف هو الصحيح.
تنبيه: ورد في الباب عن عمر رضي الله عنه، كما في «سُنن سعيد بن منصور» (1/ 343): نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَجْعَلَ عِدَّةَ الْأَمَةِ حَيْضَةً وَنِصْفَ
(1)
، لَفَعَلْتُ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاجْعَلْهَا شَهْرًا وَنِصْفًا. قَالَ: فَسَكَتَ. ولهذا الأثر طرق وألفاظ تُحرَّر.
(1)
ونصفًا.
هل ثَبَت «لعن المُحلِّل والمُحلَّل له» ؟
وردت في ذلك أخبار، إليك بيانها:
الأول: حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (1936): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: قَالَ لِي أَبُو مُصْعَبٍ مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
تابع يحيى محمدُ بن إسحاق الصاغاني، أخرجه البيهقي في «السنن الصغير» (2499).
وتابع عثمانَ بن صالح أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (825).
علته الانقطاع بين الليث وشيخه، وإليك نص يحيى بن عبد الله بن بكير واستنباط البخاري:
فقد سُئل البخاري كما في «العلل الكبير» (ص: 161) عن طريق عبد الله بن صالح فقال: عبد الله بن صالح لم يكن أخرجه في أيامنا، ما أَرَى الليث سَمِعه من مِشْرَح بن هاعان؛ لأن حَيْوَة رَوَى عن بكر بن عمرو عن مِشْرَح.
وقال أبو زُرعة كما في «العلل» (4/ 36) لابن أبي حاتم: ذكرتُ هذا الحديث ليحيى بن عبد الله بن بُكير، وأخبرته برواية عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، وقال: لم يَسمع الليث من مِشْرَح شيئًا، ولا رَوَى عنه شيئًا، وإنما حدثني الليث بن سعد بهذا الحديث، عن سليمان بن عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو زُرعة: والصواب عندي حديث يحيى. يعني: ابن عبد الله بن بكير.
الحديث الثاني: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (1934): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
وعلته ضعف زَمْعَة بن صالح.
الحديث الثالث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» رقم (684): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَلًّى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ- هُوَ الْمُخَرِّمِيُّ- عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنْ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
تابع معلى عبدُ الله بن عبد العزيز، كما في «فوائد تمام» (815).
وعلته ما نص عليه ابن حبان في «الثقات» (7/ 203): عثمان بن محمد بن المغيرة يُعتبَر حديثه من غير رواية عبد الله بن جعفر المُخرِّمي عنه؛ لأن المخرمي ليس بشيء في الحديث.
الحديث الرابع: حديث علي رضي الله عنه، وله طريقان:
1 -
الحارث الأعور وهو ضعيف، وعنه الشعبي، واختُلف على الشعبي في الرفع، كما عند أبي داود (2076)، وابن ماجه (1935) والبزار (821، 822، 825، 827)، والطبراني في «الأوسط» (7063). والوقف كما عند البزار (819، 823، 824، 826) والأكثر على الرفع.
وتابع الأكثرَ على الرفع أبو إسحاق عن الحارث، أخرجه أحمد (671، 721): عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاحِبَ الرِّبَا، وَآكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَالْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
2 -
جابر بن عبد الله، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (17372): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ جابر بْنِ عَبْدِ اللهِ
(1)
، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحِلَّ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
وخالف ابنَ نمير أشعثُ بن عبد الرحمن بن زُبَيْدٍ الأَيَامِيّ، فقصر به وجَعَله من مسند جابر رضي الله عنه، أخرجه الترمذي (1119) وقال: وَهَذَا قَدْ وَهِمَ فِيهِ ابْنُ نُمَيْرٍ، وَالحَدِيثُ الأَوَّلُ أَصَحُّ
…
وقال من قبل: حَدِيثُ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ.
الحديث الخامس: حديث ابن مسعود، وفيه زيادة على ما في «الصحيحين» وهي:«وَالْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» أخرجها النَّسَائي في «الكبرى» رقم (5579): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ النَّسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ- هُوَ
(1)
الجُعْفي جابر بن يزيد.
الثَّوْرِيُّ- عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاشِمَةَ وَالْمُوتَشِمَةَ، وَالْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَالْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ».
وتُدرَس دراسة مقارنة مع رواية «الصحيحين» .
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسلام بن السيد أبو المجد، بتاريخ (8) محرم (1445 هـ) الموافق (26/ 7/ 2023 م) إلى صحة الخبر لشواهده وعليه العمل، وأن أقوى طرقه طريق سفيان- هو الثوري- عن أبي قيس عن هُزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود رضي الله عنه.
كتاب الرضاع
إرضاع الكبير
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1454): حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَانَتْ تَقُولُ: أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِسَالِمٍ خَاصَّةً، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ، وَلَا رَائِينَا.
وخالف عقيلَ بن خالد اثنان فأرسلاه:
1، 2 - مالك ويونس ين يزيد، أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (5/ 205): أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ- وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ- وَمَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ. يُرِيدُ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ، وَاللهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلَّا رُخْصَةً فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ، مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللهِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضْعَةِ وَلَا يَرَانَا.
والخلاصة: أن روايتهما بالإرسال أصح، وأشار النسائي إلى خلاف عقيل.
وانتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ (11) محرم (1444 هـ) الموافق (9/ 8/ 2022 م) إلى أن الزهري له في هذا الخبر شيخان. اه.
نَسْخ العشر رضعات بخَمْس معلومات
قال الإمام مسلم في «صحيحه» (1452): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: (عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ) ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ.
وفي «موطأ مالك» (2/ 608) عقبه: قَالَ يَحْيَى
(1)
: قَالَ مَالِكٌ: «وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ» .
وخالف عبدَ الله بن أبي بكر اثنان فلم يَذكرا: «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» :
1 -
يحيى بن سعيد الأنصاري كما عند مسلم.
2 -
القاسم بن محمد، أخرجه ابن ماجه والطحاوي.
قال الطحاوي في «شرح المشكل» (5/ 311): وَهَذَا مِمَّنْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا غَيْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ عِنْدَنَا وَهْمٌ مِنْهُ، أَعْنِي: مَا فِيهِ مِمَّا حَكَاهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَهُوَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ
…
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ مَا قَدْ زَادَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَحْيَى بْنِ
(1)
وتابع يحيى عبد الله بن وهب كما عند أبي عَوانة.
سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ غَيْرَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، ثُمَّ تَرَكَهُ مَالِكٌ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ، وَقَالَ بِضِدِّهِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ، وَلَوْ كَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحًا أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل لَكَانَ مِمَّا لَا يُخَالِفُهُ وَلَا يَقُولُ بِغَيْرِهِ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (11) محرم (1444 هـ) الموافق (9/ 8/ 2022 م) إلى ما انتهى إليه الطحاوي.
إجارة المرضعة
1 -
قال تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].
2 -
قال جل ذكره: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6].
3 -
وقال تعالى في طفولة نبي الله موسى عليه السلام: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ 12 فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: 12، 13].
ومن السُّنة ما أخرجه مسلم رقم (2316): حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ- عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» قَالَ: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضَعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا
(1)
، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ».
(1)
أي حدادًا والظئر بكسر الظاء المعجمة ثم همزة ساكنة المرضعة غير ولدها ويقع على الذكر والأنثى، والظئر أيضًا زوج المرضعة.
قَالَ عَمْرٌو: فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي، وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ، وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ» .
تنبيه: قول عمرو بن سعيد مرسل.
ونَقَل ابن قُدامة في «المغني» (8/ 73) الإجماع على جواز استئجار المرضعة.
هل ثبت عدد الرضعات في إرضاع الكبير؟
قال عبد الرزاق
(1)
في «مصنفه» رقم (13887): أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ تَبَنَّى سَالِمًا، وَهُوَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ ابْنَهُ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أَبٌ فَمَوْلًى وَأَخٌ فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَيَرَانِي فُضُلًا
(2)
، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِيهِ مَا عَلِمْتَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ» وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ.
ورواه محمد بن إسحاق كما في «مسنده» (26315) بلفظ: «أرضعيه عَشْر رضعات، ثم ليَدخُل عليكِ كيف شاء فإنما هو ابنكِ» .
(1)
وعن عبد الرزاق الإمام أحمد (25650) وخالف الإمام أحمدَ إسحاق في «مسنده» (706) فقال: «أرضعيه» فأرضعته خمس رضعات.
(2)
قولها (ويراني فُضُلاً) بضمّ الفاء والضاد المعجمة أي متبذلة في ثياب مهنتي أو في ثوب واحد. كما في «مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود» (2/ 548) للسيوطي (ت/ 911).
فوافق ابنُ إسحاق عبدَ الرزاق كما في «مصنفه» في تعيين العدد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان قول ابن إسحاق عشرًا فهي أعم.
*-ورواه عن الزهري: يونس وابن أخي الزهري وصالح بن أبي الأخضر وعبد الرحمن بن خالد- هؤلاء الأربعة- مقتصرين على: «أرضعيه
…
فأرضعته خمسًا».
ورواه عقيل وشُعيب عن الزهري مختصرًا، دون ذكر قصة الرضاع والعدد.
ورواه معمر: «أرضعي سالمًا
…
»
ورواه الإمام مالك، وعنه لفظان:
ب- «أرضعيه خمس رضعات» من رواية عبد الرزاق عن مالك، وهي بلاغ
(1)
.
(1)
وطَلَب شيخنا مني في المجلس: بالله عليك، هل عبد الرزاق عن مالك فيها خلل؟ لأن مالكًا مدني وعبد الرزاق يمني؟
فإليك الجواب والبيان:
أولًا- عبد الرزاق مكثر عن الإمام مالك في «مصنفه» مع تنوع شيوخ مالك:
1 -
تارة عنه عن نافع. انظر رقم (51، 383، 394، 883، 1182، 1255، 1314، 1428، 1548، 1630، 2038، 2142، 2255، 2326، 2723، 3411، 3435، 3951، 4294، 4295، 7016، 7551).
2 -
عنه عن هشام بن عروة، رقم (3644).
3 -
وعنه عن عمرو بن يحيى، رقم (5، 138).=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4 - وعن مالك وغيره عن يحيى بن سعيد، رقم (250).
5 -
وعن مَعمر ومالك، عن ابن شهاب، رقم (1842، 2497) دون عطف، (2503).
6 -
وعن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، رقم (353، 1539، 2079).
7 -
وعن زيد بن أَسْلَمَ، رقم (482).
8 -
وعن عبد الرحمن بن القاسم، رقم (880).
9 -
وعن أبي النضر، رقم (941، 2376، 2780).
10 -
وعنه عن أبي الزُّبير، رقم (1195).
11 -
وعنه عن عبد اللَّه بن أبي بكر، رقم (1274، 1388).
12 -
عنه عن أبي حازم، رقم (1910).
13 -
عنه عن نُعَيْم بن محمد، مَوْلَى عُمَر، رقم (1981).
14 -
عنه عن العلاء بن عبد الرحمن، رقم (1993).
15 -
وعنه عن سُمَيٍّ، رقم (2007).
16 -
وعنه عن عمه أبي سُهَيْلِ بن مالك، رقم (2036، 2408).
17 -
وعنه عن يزيد بن أبي زياد، رقم (2041).
18 -
وعنه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، رقم (2067).
19 -
وعنه عن العلاء بن عبد الرحمن، رقم (2080).
20 -
وعنه عن داود بن الحُصَيْن، رقم (2199).
21 -
وعنه عن عامر بن عبد اللَّه بن الزُّبير، رقم (2378).
22 -
وعنه بَلَغَنِي، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رقم (2384).
24 -
وعنه عن وهب بن كَيْسَان، رقم (2502، 2745).
25 -
وعنه عن أبي عُبيد، مَوْلَى سليمان بن عبد المَلِك، رقم (2698).
26 -
وعنه عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، رقم (2768).
28 -
وعنه عن صدقة بن يَسَار، رقم (3044).
29 -
وعن مالك وابن عيينة، عن مسلم بن أبي مريم، رقم (3048).
وهذه نماذج وثَمة مواطن كثيرة في «مصنف عبد الرزاق» .
ثانيًا- ليس لعبد الرزاق عن الإمام مالك رواية في الكتب الستة.
ثالثًا- زعم الباحث أحمد بن شفيق أنه ضعيف فيه.
*-رواه جماعة عن عائشة بلفظ: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» دون ذكر العدد، وهم:
1 -
القاسم بن محمد.
2 -
زينب بنت أُم سلمة.
3 -
عَمْرة بنت عبد الرحمن.
كتاب النفقات
هل يَجوز للمرأة أن تُنفِق من مال زوجها أو بيته؟
أخرج سعيد بن منصور في «سننه» رقم (428): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ. مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ التَّابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. لَا تُنْفِقِ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» . قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الطَّعَامُ؟ قَالَ:«ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» . ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الْعَارِيَةَ مُؤَدَّاةٌ، وَالْمِنْحَةَ مَرْدُودَةٌ، وَالدَّيْنَ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمَ غَارِمٌ» .
تابع سعيدَ بن منصور على طول المتن: هناد بن السري وعلي بن حجر كما عند الترمذي (2120)، وأبو المغيرة كما عند أحمد (22294)، وعبد الرزاق كما في «المصنف» (16308) وآخرون، بالاقتصار على شاهد النفقة، وتارة بذكر حجة الوداع، كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (20562) وابن ماجه (2295) وأبي داود (2870).
الخلاصة: أن إسناده حسن؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده
(1)
، ومنهم شرحبيل بن مسلم الشامي. وحَسَّنه الترمذي وأورد له شاهدين.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد أحمد
(2)
أبو الغيط، بتاريخ (12) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (27/ 9/ 2023 م):
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
1 -
لهذا المتن معارضات في «الصحيحين» وغيرهما.
2 -
إسماعيل بن عياش فيه كلام، وإن كان مِنْ العلماء مَنْ يَقبل حديثه عن أهل بلده لكن ليس اتفاقًا. وأرى- والله أعلم- أن إسماعيل لا يتحمل هذا المتن، وليُراجَع من كتب الضعفاء (ترجمة إسماعيل) فقد يكون منتقدًا على إسماعيل.
وللخبر شاهد أخرجه أحمد في «مسنده» (6727)
(3)
: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ:«لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» .
(1)
نَقَل الترمذي عن البخاري أن رواية إسماعيل عن أهل الشام أصح.
وقال ابن مَعين: اكتبوا عن إسماعيل بن عياش ما حَدَّث عن الشيوخ الثقات، مثل شرحبيل بن مسلم.
(2)
مُركَّب.
(3)
تارة رقم (6681) عن يحيى عن حسين عن عمرو، به.
وله شاهد آخَر من حديث أنس، أخرجه الدارقطني في «سننه» (4021) وغيره. وفي سنده سعيد بن أبي سعيد الساحلي، مجهول، وانظر «العلل» (2453) للدارقطني لذكر خلاف في السند.
وإليك أقوال طائفة من الفقهاء في الجمع بين حديث الباب وغيره:
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (5/ 125):
قد اختَلف العلماء في عطية المرأة من مال زوجها بغير إذنه، واختلفت فيه الآثار المرفوعة.
منها ما رواه ابن جريج عن ابن أبي مُليكة عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أسماء بنت أبي بكر أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله، ليس لي شيء إلا ما أَدْخَلَ عليَّ الزبير، فهل عليَّ جُناح أن أَرْضَخَ مما يُدخِل عليَّ؟ قال:«ارضخي ما استطعتِ، ولا تُوعِي فيوعي الله عليكِ» .
ورَوَى الأعمش ومنصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أَنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة، كان لها أجر» .
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 297): قالت امرأة: يا نبي الله، إنا كَلٌّ على آبائنا وأزواجنا وأبنائنا، فما يحل لنا من أموالهم؟ قال:«الرطب تأكلنه وتهدينه» يمكن الجمع بأن المراد بالرطب ما يَتسارع إليه الفساد فأذن فيه، بخلاف غيره ولو كان طعامًا. والله أعلم.
وقال ابن قُدامة في «المغني» (4/ 349):
هَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ
زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟
عَلَى رِوَايَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ» وَلَمْ يَذْكُرْ إِذْنًا. وَعَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ:«ارْضَخِي مَا اسْطَعْتِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كَلٌّ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَآبَائِنَا، فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ قَالَ:«الرَّطْبُ تَأْكُلِينَهُ وَتُهْدِينَهُ» .
وَلِأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ وَطِيبُ النَّفْسِ، فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الْإِذْنِ، كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ الطَّعَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْأَكَلَةِ قَامَ مَقَامَ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي أَكْلِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ؛ لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» . قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الطَّعَامَ؟ قَالَ:«ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي «سُنَنِهِ» .
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» . وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» وَلِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَغَيْرِ الزَّوْجَةِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ فِيهَا خَاصَّةً صَحِيحَةٌ، وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ وَيُبَيِّنُهُ، وَيُعَرِّفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَالْحَدِيثُ الْخَاصُّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ ضَعِيفٌ.
وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا بِحُكْمِ الْعَادَةِ تَتَصَرَّفُ فِي مَالِ زَوْجِهَا، وَتَتَبَسَّطُ فِيهِ، وَتَتَصَدَّقُ مِنْهُ، لِحُضُورِهَا وَغَيْبَتِهِ، وَالْإِذْنُ الْعُرْفِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ الْحَقِيقِيِّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: افْعَلِي هَذَا. فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ، وَلَا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ. لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ الصَّرِيحَ نَفْيٌ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ.
وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ امْرَأَتِهِ، كَجَارِيَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، أَوْ غُلَامِهِ الْمُتَصَرِّفِ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ وَطَعَامِهِ، جَرَى مَجْرَى الزَّوْجَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ.
وَلَوْ كَانَتِ امْرَأَتُهُ مَمْنُوعَةً مِنَ التَّصَرُّفِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، كَالَّتِي يُطْعِمُهَا بِالْفَرْضِ، وَلَا يُمَكِّنُهَا مِنْ طَعَامِهِ، وَلَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهَا الصَّدَقَةُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ؛ لِعَدَمِ الْمَعْنَى فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(1)
.
(1)
وانظر كلام الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3633).
هل تُنفِق المرأة الرَّطْب من بيت زوجها؟
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (22084)
(1)
: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: لَمَّا بَايَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ، قامت إِلَيْهِ امْرَأَةٌ جَلِيلَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ مُضَرَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كَلٌّ عَلَى آبَائِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ قَالَ: «الرَّطْبُ
(2)
تَأْكُلِينَهُ وَتُهْدِينَهُ»
(3)
.
تابع عبدَ السلام سفيانُ الثوري لكن قال: (عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كما عند الحاكم (7249) والبزار (1241) والبيهقي في «السنن الكبرى» (7852).
(1)
تابع ابنَ أبي شيبة جماعة على أنه من مسند سعد دون نسبة، إلا في «معجم ابن الأعرابي» (1815) قال: سعد بن مالك. وفي «المنتخب» (147) لعبد بن حميد، جعله تحت مسند سعد بن أبي وقاص.
(2)
وفَسَّر أبو داود الرطب في «سننه» (2/ 131) فقال: الرَّطْبُ: الْخُبْزُ وَالْبَقْلُ وَالرُّطَبُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ.
(3)
قال البزار في «مسنده» (4/ 74): وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام إِلَّا سَعْدٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وقال الحاكم في «مستدركه» (4/ 149): حَدِيثُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
الإسنادان إلى الثوري بنسبة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ثابتان، وهو أقوى من عبد السلام بن حرب، وإن كانت الأسانيد إلى عبد السلام أعلى وأصح.
وزياد بن جُبير لم يَسمع من سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قاله أبو زُرعة وأبو حاتم وابن المديني.
في حين ذهب الدارقطني في «علله» (645) إلى أنه سعد الأنصاري رضي الله عنه، فقد سُئل عنه فقال: يرويه يونس بن عبيد عن زياد بن جبير، واختُلف عنه، فرواه الثوري، عن يونس بن عبيد، عن زياد، عن سعد. وأرسله هشيم، عن يونس، عن زياد، أن النبي صلى الله عليه وسلم بَعَث سعدًا على الصدقة
…
الحديث. ويقال: إن سعدًا هذا رجل من الأنصار
(1)
،
(1)
رَدَّ على ذلك ابن القطان في «الوهم والإيهام» (5/ 577): ثم أتبعه بقوله سعد هذا ليس ابن أبي وقاص، والحديث مرسل، قاله ابن المديني. انتهى كلامه.
فأقول - وبالله التوفيق -: إن الذي حَمَل ابن المديني على هذا هو أن هشيمًا رواه عن يونس بن عبيد، عن زياد بن جُبير، أن النبي صلى الله عليه وسلم بَعَث سعدًا على الصدقة
…
الحديث.
قال الدارقطني لما ذَكَر الاختلاف على يونس بن عبيد: يقال: إن سعدًا هذا رجل من الأنصار، وليس سعد بن أبي وقاص، وهو أصح إن شاء الله. انتهى كلامه.
فهذا هو الذي رأى أبو محمد لأجله أن الحديث مرسل، وأن سعدًا ليس هو ابن أبي وقاص، والذي يجب أن يقال به فيه هو خلاف هذا، وهو أن سعدًا هو ابن أبي وقاص، وأن الحديث ليس بمرسل - أعني في رواية هشيم عن يونس بن عبيد - وذلك أن عبد السلام بن حرب - وهو حافظ - والثوري - وهو إمام - روياه عن يونس بن عبيد، فقالا فيه: عن زياد بن جبير، عن سعد.
أما رواية عبد السلام بن حرب، فهي هذه التي ساق أبو محمد من طريق أبي داود، فإنه عنده من رواية عبد السلام.
وليس بسعد بن أبي وقاص، وهو أصح إن شاء الله تعالى
(1)
.
وحَكَم أبو حاتم على الخبر بالاضطراب، كما في «العلل» (1426).
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد أحمد أبو الغيط، بتاريخ (22) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (7/ 10/ 2023 م): في سنده اختلاف. وكَتَب في تحقيقه «المنتخب» لعبد بن حميد: ضعيف.
(1)
وسَبَقه إلى هذا ابن المديني.
كتاب الأطعمة
الأصل في الأطعمة الطيبة الحِل.
وقال جل ذكره: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119].
وقال تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168].
وإليك تفصيلًا سهلًا:
نوع الطعام
…
حكمه ودليله
…
اختلاف المذاهب
بهيمة الأنعام
…
حلال {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1]
لحم الخيل
…
حِل أكله لحديثَي أسماء كما في (خ: 5510)(م: 1942) وجابر (خ: 5520)(م: 1941) .... ذهب الجمهور من الشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن وأبو يوسف إلى
الجواز. خلافًا للمالكية
(1)
وأبي حنيفة
(2)
، وقد اختلفت الرواية عنهما بالحرمة أو الكراهة.
الحُمُر الوحشية
…
الحِل؛ لأحاديث، منها حديث أبي قتادة في الحج (خ/ 1821) (م/ 1196) وحديث جابر (م: 1941) والصعب بن جَثَّامة (خ: 1825) و (م: 1193) .... ونَقَل بدر الدين العيني والبغوي والنووي في «المجموع» (9/ 9) وابن قُدامة «المغني» (9/ 411) الإجماع.
أفاده الباحث أحمد بن سالم العقيلي مع شيخنا، بتاريخ (19) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (12/ 1/ 2023 م) وقال شيخنا للباحث: أضف (الطيبة) في عنوانك: (الأصل في الأطعمة الحلّ) حتى تَخرُج من الإشكالات.
(1)
ومستندهم قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8].
وحديثان ضعيفان:
1 -
عن جابر، وهي رواية ضعيفة عنه.
2 -
عن خالد بن الوليد رضي الله عنه، وإسناده تالف.
(2)
نُقل عنه الكراهة واختَلف المذهب في تفسيرها بين الحرمة والكراهة.
أكل الجُمَّار
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (2209): حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا، فَقَالَ:«مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كَالرَّجُلِ المُؤْمِنِ» فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمْ، قَالَ:«هِيَ النَّخْلَةُ» .
تابع أبا الوليد إبراهيمُ بن الحسن العلاف، كما في «تعظيم قدر الصلاة» (2/ 705).
واختُلف على مجاهد على ثلاثة أوجه:
1 -
أبو بِشْر بلفظ: (وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا).
2 -
الأعمش بلفظ: (إذ أُتي بجُمَّار). أخرجه البخاري رقم (544)، وابن حِبان (244).
وتابعه ابن أبي نَجِيح، أخرجه البخاري رقم (72)، ومسلم. وسيف بن سليمان، أخرجه مسلم رقم (2811).
3 -
زُبَيْد اليامي بدونها، أ خرجه البخاري رقم (5448)، وتابعه أبو الخليل، أخرجه مسلم (2811)، وتابعهما سلمة بن كُهَيْل، أخرجه أحمد (5647).
وتابعهم متابعة قاصرة عن ابن عمر رضي الله عنهما:
1 -
نافع مولى ابن عمر، أخرجه البخاري (4698).
2 -
مُحارِب بن دِثَار، أخرجه البخاري (6122).
3 -
عبد الله بن دينار، أخرجه البخاري (61، 62، 131) ومسلم (2811).
والخلاصة: أن لفظ (الجُمَّار) صحيح، ولفظ (وهو يأكل) ظاهره الإدراج.
أما شيخنا فكَتَب مع الباحث أحمد النمر، بتاريخ (4) رمضان (1444 هـ) الموافق (26/ 3/ 2023 م): زعم أن في رواية أبي بِشْر عن مجاهد مقالًا
(1)
.
(1)
قال ابن حجر: أبو بِشْر ثقة، مِنْ أثبت الناس في سعيد بن جُبير، وضَعَّفه شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد.
هل يتعارض نفي أنس رضي الله عنه في أكله صلى الله عليه وسلم
الشاة المسموطة بقبوله صلى الله عليه وسلم هدية الكُراع؟
أما النفي فأخرجه الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5385) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ:«مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلَا شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ»
(6457)
- حَدثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدثنا قَتَادَةُ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، وَقَالَ: كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ.
وتابع محمد بن سنان هدبة بن خالد أخرجه البخاري (5421، 6457) و أبو عبيدة أخرجه أحمد (12296) وعبد الصمد بن عبد الوارث أخرجه ابن ماجه (3339) وعفان وبهز أخرجه أحمد (12373).
وخالف همام بن يحيى ثلاثة فلم يذكروا الشاة:
1 -
يونس الإسكافي أخرجه البخاري (5386، 5415) وأحمد (12325).
2 -
سعيد بن أبي عروبة أخرجه البخاري (6450).
3 -
سعيد بن بشير -وهو ضعيف في قتادة- أخرجه ابن ماجه (3337).
والأرجح أن ذكر «الشاة» مرجوحة ولهمام في قتادة بعض الأوهام سبق شيئ منها.
وأما الإثبات فقد سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 235) بإسناد صحيح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ، وَلَوْ دُعِيتُ عَلَيْهِ لَأَجَبْتُ» وله شاهد في البخاري رقم (5178، 2568) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولا رابط بينهما من حيث الإسناد
(1)
.
الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث فاروق بن فاروق الحسيني بتاريخ 7 جمادى الأولى 1445 موافق 21/ 11/ 2023 م: لا داعي في إدخاله فيما ظاهره التعارض إلا إذا أشرنا إلى أن ذلك السمط كان في زمانهم.
(1)
وفي صحيح مسلم (1429) من قوله صلى الله عليه وسلم لا من فعله هكذا: «إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى كُرَاعٍ، فَأَجِيبُوا» .
طهي الأطعمة بالزبيب
قال أبو داود في «سُننه» رقم (3710)
(1)
: حَدَّثَنا عيسى بن محمد أبو عُمَير، حَدَّثَنا ضَمْرة، عن السَّيبانيّ، عن عبد الله بن الدَّيلمي، عن أبيه قال: أَتينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، قد عَلِمْتَ مَنْ نحن ومِن أين نحن، فإلى مَنْ نحن؟ قال:«إلى الله وإلى رسوله» فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن لنا أعناباً، ما نصنع بها؟ قال:«زَبِّبوها» قلنا: ما نصنع بالزبيب؟ قال: «انبِذُوه على غَدائكم واشربوه على عَشائكم، وانبِذوه على عَشائكم واشربوه على غَدائكم، وانبذوه في الشِّنَان، ولا تَنبِذوه في القُلَل؛ فإنه إذا تَأخَّر عن عصره صار خلًّا» .
تابع أبا داود أحمدُ بن أبي عاصم في «معرفة الصحابة» (2582)، وتابعهما الحسن بن سفيان كما في «تهذيب الكمال» (706).
وتابع عيسى بنَ محمد أحمدُ بن الفرج الحمصي، كما في «مختصر الأحكام» (1464) للطوسي.
وتابعهما هيثم بن خارجة كما عند أحمد (18038).
وتابع ضَمْرة بنَ ربيعة إسماعيلُ بن عياش، أخرجه أحمد (17581)،
(1)
والنسائي (5736).
والأوزاعي كما عند أحمد كذلك (2108)
(1)
.
والخلاصة: أن إسناده صحيح وقد توبع ضمرة بن ربيعة
(2)
.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (23) محرم (1445 هـ) الموافق (10/ 8/ 2023 م): في طرقه إلى يحيى السَّيباني بعض الكلام [و] المتن غريب. والله أعلم.
(1)
والراوي عن الأوزاعي محمد بن كثير المِصيصي، قال فيه أبو أحمد بن عدي: مُحمد بن كثير له روايات عن معمر والأوزاعي خاصة أحاديث عداد مما لا يتابعه أحد عليه.
(2)
قال فيه الإمام أحمد: رجل صالح، صالح الحديث، من الثقات المأمونين، لم يكن بالشام رجل يشبهه، وهو أحب إلينا من بقية، بقية كان لا يبالي عمن حَدَّث.
استحباب تعليم الآكل آداب الأكل
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2021) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
(1)
، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ:«كُلْ بِيَمِينِكَ» ، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:«لَا اسْتَطَعْتَ» ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
خالف زيدُ بن الحباب الجماعةَ فزاد: «مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ» وهم:
1 -
وكيع أخرجه أحمد (16493).
2 -
يحيى بن سعيد أخرجه أحمد (16530).
3 -
شعبة أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (6236).
4 -
النضر بن محمد أخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» رقم (8249).
5 -
أبو داود الطيالسي أخرجه الدارمي (2075).
6 -
موسى بن مسعود أخرجه عبد بن حميد
(1)
في «مصنفه» (24445).
7 -
هاشم بن القاسم أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» رقم (388).
8 -
بهز هو بن أسد أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (16499).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد لملوم بتاريخ (5) جمادى الأولى (1445 هه) موافق (19/ 11/ 2023 م): إلى شذوذ: «مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ» وأن زيدًا له زيادات. ا هـ.
لكن لقائل أن يقول بالإدراج.
تنبيه: قال البخاري في «صحيحه» رقم (5377) - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كُلْ مِمَّا يَلِيكَ» .
وأخرجه مسلم رقم (2022) وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ:«أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْتُ آخُذُ مِنْ لَحْمٍ حَوْلَ الصَّحْفَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلْ مِمَّا يَلِيكَ» .
حُكْم ميتة البحر
* جاءت أدلة تجوزها ما لم يكن ثَم ضرر.
منها قوله تعالى عمومًا: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96].
ومنها قصة جيش الخبط، وفيه:«فَأَلْقَى لَنَا البَحْرُ دَابَّةً، يُقَالُ لَهَا: العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ، حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا»
(1)
.
ومنها ما سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 402)«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» .
*-وجاء ما يُعارِض شيئًا من ذلك، وهو ما أخرجه أبو داود في «سُننه» (3815) وابن ماجه رقم (3247): حَدَّثَنا أحمد بن عبدة، أخبرنا يحيى بن سليم الطائفي، حَدَّثَنا إسماعيل بن أُمية، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما ألقى البحرُ أو جَزَرَ عنه فكُلُوه، وما مات فيه وطَفَا فلا تأكلوه» .
وتابع إسماعيلَ على الرفع: الأوزاعي وابن أبي ذئب ويحيى بن أبي أُنيسة.
(1)
أخرجه البخاري (4361).
وخالفهم جماعة فأوقفوه، وَهُمْ:
أيوب السَّختياني كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (19187)، وعبيد الله بن عمر وزهير وحماد بن سلمة، كما في «السنن» (4148) للدارقطني، وفي رواية الأكثر عن سفيان
(1)
.
وتابع أبا الزبير على الرفع وهب بن كيسان، أخرجه الدارقطني (4147) وفي سنده عبد العزيز بن عبيد الله، وهو ضعيف.
خَطَّأ أبو زرعة الرفع وقال: إنما هو موقوف على جابر فقط. وقال الدارقطني: الموقوف هو الصواب، ولا يصح رفعه.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن أيمن الدسوقي، بتاريخ (27) صفر (1445 هـ) الموافق (12/ 9/ 2023 م): الوقف أصح.
(1)
روى الرفع أبو أحمد الزبيري عن سفيان، أخرجه البيهقي (17468) والدارقطني (4148).
حُكْم أكل الجراد
1 -
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5495): حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ. قَالَ سُفيَانُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: سَبْعَ غَزَوَاتٍ.
2 -
قال البزار في «مسنده» رقم (2509): حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ: «أَكْثَرُ جُنُودِ اللهِ، لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» .
وخالف ابن الزِّبرِقان الجماعة فأرسلوه:
1 -
معتمر بن سليمان، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (8929): عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَرَادِ، فَقَالَ:«جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللهِ، لَيْسَ جُنْدٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، لَا آكِلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» ، وَكَانَ يَقُولُ:«مَا لَمْ يُحَرَّمْ فَهُوَ لَنَا حَلَالٌ» .
وتابع ابنَ التيمي وهو معتمر: يزيدُ بن هارون ومحمد بن عبد الله الأنصاري.
ورواه أبو العوام- واسمه فائد بن كيسان وهو مجهول- عن أبي عثمان، وعنه اثنان:
1 -
زكريا بن يحيى بن عمارة- وهو ضعيف- مرفوعًا، أخرجه ابن ماجه وغيره.
2 -
حماد بن سلمة فأرسله، عَلَّقه أبو داود.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن الفيومي، بتاريخ (24) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (17/ 1/ 2023 م): المرسل أصح.
قال ابن قُدامة في «المغني» (13/ 300): يباح أكل الجراد بإجماع أهل العلم.
فضل ادخار التمر
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2046): حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَجُوعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمُ التَّمْرُ» .
وتابع يحيى بنَ حسان ابنُ وهب في «جامعه» (577، 578)، ومَرْوان الطَّاطَرِيّ
(1)
، أخرجه أبو داود (3831) وابن ماجه (3327).
وقال أحمد بن صالح: نظرتُ في كتب سليمان بن بلال، فلم أجد لهذين الحديثين
(2)
أصلًا
(3)
.
(1)
في «الأنساب» (9/ 6) للسمعاني: نسبة لمن يبيع الكرابيس والثياب البيض.
(2)
الحديث الآخَر أخرجه مسلم (2051): حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نِعْمَ الأُدُمُ - أَوْ: الإِدَامُ - الخَلُّ» .
وقال فيه أبو حاتم في «علله» (2384): منكر.
وسَبَق في كتابي «كيف تكون محققًا على نهج كبار المحققين» (ص 171، 172) ط/ دار اللؤلؤة.
وللمتن شاهد من حديث جابر رضي الله عنه، أخرجه مسلم رقم (2052): عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ أَهْلَهُ الأُدُمَ، فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إِلَّا خَلٌّ. فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ وَيَقُولُ:«نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ، نِعْمَ الأُدُمُ الخَلُّ» .
(3)
كما في «علل أحاديث مسلم» لابن عمار الشهيد (ص 72).
تنبيه: يُسلَّم لهذه العلة إذا كان سليمان بن بلال لا يُحدِّث إلا من كتاب.
ولهذا الخبر طريق آخَر صحيح، أخرجه مسلم رقم (2046): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ» أَوْ «جَاعَ أَهْلُهُ» قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
تابع عبدَ الله بن مسلمة جماعةٌ: زيد بن الحُبَاب، كما عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (24496)، وداود بن عمرو المُسَيَّبي
(1)
، أخرجه ابن أبي الدنيا في «النفقة على العيال» (375) وآخَرُون.
وتابع يعقوبَ بن محمد عبدُ الرحمن بن أبي الرجال، أخرجه أحمد (24740).
ويعقوب وثقه ابن مَعِين وأحمد والنَّسَائي. وقال أبو داود: لا بأس به
(2)
.
(1)
بضم الميم وفتح السين المهملة والياء المشددة آخِر الحروف، وفي آخرها الباء الموحدة، نسبة للجد الأعلى لمحمد بن إسحاق. انظر:«الأنساب» (12/ 268).
(2)
وقال الدارقطني في «أطراف الغرائب» لابن القيسراني (2/ 503): هكذا رواه داود بن عمرو المُسيَّبي، عن يعقوب بن محمد بن طحلاء، عن أبي الرجال، عن عَمْرة، عنها.
ورواه الثوري، وعبد الرحمن بن أبي الرجال وغيرهما من الأكابر، عن يعقوب بن طحلاء. تَفرَّد به عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري، وتابعه عبد الرحمن بن مهدي عن يعقوب أيضًا.
ورواه الحكم بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن يعقوب.
تنبيه: قال شيخنا: هذا الكلام كأن به سقطًا.
والخلاصة: أن إسناد يعقوب صحيح، وهذا ما انتهيتُ إليه في كتابي «كيف تكون محققًا على نهج كبار المُحقِّقين؟» (ص 168 - 171).
ثم عَرَضه الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (14) شعبان (1444 هـ) الموافق (6/ 3/ 2023 م) فكَتَب شيخنا على كلام الدارقطني: انقل الكلام بما فيه.
قلت (أبو أويس): فسألتُ شيخنا عن حكمه فقال: أنا متوقف الآن.
تنبيه: للخبر شاهد أخرجه ابن ماجه رقم (3328): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ كَالْبَيْتِ لَا طَعَامَ فِيهِ» .
وهشام بن سعد مُختلَف فيه. وسلمى أُم رافع قال فيها الحافظ: لها صحبة وأحاديث.
تنبيه: أُعِلَّ طريق سليمان بن بلال في متني عائشة رضي الله عنها، لكن المتنين أحدهما ثابت بمتابعة عَمْرة بنت عبد الرحمن، والآخَر له شاهد من حديث جابر رضي الله عنه.
وأما شيخنا فكان يُعِل طريق سليمان بن بلال، أما هذا الطريق فقال: أنا متوقف فيه.
هل الجُنُب لا يأكل إلا إذا توضأ
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (305): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَوَكِيعٌ وَغُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا، فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.
خالف إبراهيمَ الأسودُ، أخرجه الدارمي (784).
* وخالف الأسودَ الجماعةُ:
1 -
أبو سلمة، ولفظه: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ. البخاري (286) ومسلم (305).
2 -
عروة، ولفظه: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ. أخرجه البخاري (288) وغيره.
3 -
عبد الله بن قيس سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
…
فَذَكَرَ الحَدِيثَ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الْجَنَابَةِ؟ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ؟ أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ. قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الأَمْرِ سَعَةً» أخرجه مسلم (307).
وأَعَل لفظ: (الأكل) الإمام أحمد كما في «مسنده» (42/ 375): قَالَ يَحْيَى: تَرَكَ شُعْبَةُ حَدِيثَ الحَكَمِ فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ تَوَضَّأَ.
وفي «فتح الباري» (1/ 350): قد تُكلم في لفظة (الأكل): قال الإمام أحمد: قال يحيى بنِ سعيد: رجع شُعبة عن قوله: (يأكل)، قال أحمد: وذلك لأنه ليس أحد يقوله غيره، إنما هو في النوم.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م) إلى ضعف:(فأراد أن يأكل).
لَعْق الأصابع
وردت فيه أخبار:
1 -
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2032): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ مِنَ الطَّعَامِ» وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ حَاتِمٍ الثَّلَاثَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ.
وقال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5456): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا» .
وتابع عليَّ بن المديني جمعٌ، منهم ابن أبي عمر وإسحاق بن راهويه وعمرو الناقد وأبو بكر بن أبي شيبة، كما عند مسلم (2031).
وتابع عمرَو بن دينار ابنُ جريج، وعنه الجماعة:
1 -
رَوح بن عُبادة كما عند مسلم (2031) وأحمد (3499).
2 -
حجاج بن محمد كما عند مسلم (2031).
3 -
أبو عاصم النبيل كما عند مسلم (2031).
4 -
عبد الله بن الحارث، أخرجه أحمد (2772).
وخالفهم يحيى القطان فزاد: (بالمنديل) في «فلا يَمسحن يده بالمنديل
…
». أخرجه أحمد (3234)، وأبو داود (3847)، وابن سعد في «الطبقات» (3847).
والخلاصة: وَكَّل شيخنا الباحث أحمد النمر ببحث لفظة: «يُلْعِقَهَا»
(1)
ثم انتهى معه إلى شذوذ القطان ب (بالمنديل) و «أو يلعقها» على الشك.
تنبيه:
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (26047): حَدَّثنا ابْنُ عُيَينَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ: كُنْتَ تَشْهَدُ طَعَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَأَيَّ شَيءٍ كُنْتَ تَرَاهُ يَصْنَعُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَرَاهُ يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ. (إسناده صحيح).
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2033): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ» .
(1)
وكان شيخنا -حفظه الله- كَتَب من قبل مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (18) رجب (1444 هـ) الموافق (9/ 2/ 2023 م): أي حديث في مسلم ينبغي أن يُدرَس دراسة مقارنة بسائر الروايات التي يوردها مسلم رحمه الله.
وخالف جريرٌ أبا معاوية كما عند مسلم، ومحمد بن فُضيل كما عند مسلم كذلك، وابن أبي شيبة ويعلى بن عبيد كما عند أبي يعلى، وعيسى بن يونس كما عند أبي عَوانة، ومالك بن سُعير وشيبان بن عبد الرحمن. هؤلاء الستة عن الأعمش دون الزيادة.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إبراهيم بن السيد، بتاريخ (5) محرم (1444 هـ) الموافق (3/ 8/ 2022 م) إلى ضعف زيادة:«إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ» لأن رواية جرير بن عبد الحميد عن الأعمش متكلم فيها، فقد قال حرب عن أحمد: أبو معاوية أثبت في الأعمش من جرير
…
وقال: وجرير لم يكن بالضابط عن الأعمش. ونص مسلم على الزيادة. اه.
تنبيه: معنى الزيادة في قوله تعالى عن إبليس لعنه الله: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17] وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ»
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (2038)، ومسلم (2174).
هل ثَبَت أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا
يأكل حتى يأتي بمسكين يأكل معه؟
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5393): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَالَ: يَا نَافِعُ، لَا تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» .
وخالف عبدَ الصمد اثنان:
1 -
محمد بن جعفر كما عند مسلم (2060) بلفظ: «رَأَى ابْنُ عُمَرَ مِسْكِينًا فَجَعَلَ يَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا. قَالَ: فَقَالَ: لَا يُدْخَلَنَّ هَذَا عَلَيَّ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» .
2 -
وتابع محمدَ بن جعفر عفان بن مسلم، أخرجه أحمد (5438).
ورواه جماعة عن نافع بالقدر المرفوع، وَهُمْ:
1 -
عبيد الله بن عمر، أخرجه مسلم (2060).
2 -
أيوب، أخرجه أحمد (6321).
3 -
مالك، أخرجه البخاري (5394) معلقًا.
وتابع نافعًا على القَدْر المرفوع عمرُو بن دينار، أخرجه البخاري (5395).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (23) رجب (1444 هـ) الموافق (14/ 2/ 2023 م): التقعيد الأظهر عدم صحته، إنما هي واقعة حال.
كتاب الوليمة
هل للوليمة أيام؟
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» (20325): حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ رَجُلٍ أَعْوَرَ مِنْ ثَقِيفٍ- قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مَعْرُوفٌ، إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ زُهَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ، فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ، وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ» .
تابع عبدَ الصمد جماعةٌ: عبد الرحمن بن مهدي كما عند أحمد (23152)، وعفان بن مسلم كما عند أبي داود (3745)، وبَهْزٌ العَمِّيّ كما عند أحمد (20324).
وفي سنده عبد الله بن عثمان، قال ابن حجر في «الإصابة» (1/ 554): تَفرَّد بالرواية عن زهير، وهو مجهول.
وزهير مُختلَف في صحبته، وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 425): لا يصح إسناده، ولا يُعْرَف لزهير صحبة.
2 -
قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (1915): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ الوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْوَلِيمَةُ
أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ».
وتابع محمدَ بن عُبادة شعيبُ بن عبد الحميد، أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (7393).
وعبد الملك بن الحسين متروك الحديث.
3 -
قال الترمذي في «سُننه» رقم (1097): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبدِ الرَّحمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ، وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ، وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ، وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ» .
وقال الترمذي عَقِبه: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عَبدِ اللهِ، وَزِيَادُ بْنُ عَبدِ اللهِ كَثِيرُ الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيرِ. سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَالَ وَكِيعٌ: زِيَادُ بْنُ عَبدِ اللهِ مَعَ شَرَفِهِ لَا يَكْذِبُ فِي الحَدِيثِ.
4 -
قال مَعْمَر في «جامعه» رقم (19660): عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الوَلِيمَةِ: «أَوَّلُ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» .
وتابع قتادةَ على الإرسال اثنان:
1 -
يونس بن عُبيد، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (6562)، وابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (37064).
2 -
عوفٌ الأعرابي، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (37144).
والخلاصة: أن طرقه ضعيفة، ومُرسَل الحسن صحيح.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن صبحي بن عبد الكريم المنوفي، بتاريخ (15) شعبان (1444 هـ) الموافق (7/ 3/ 2023 م) إلى ضعفه.
التباهي في الأفراح
قال البيهقي في «شُعب الإيمان» رقم (5667): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُتَبَارِيَانِ
(1)
لَا يُجَابَانِ وَلَا يُؤْكَلُ طَعَامُهُمَا».
الخلاصة: انتهى الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن مع شيخنا، بتاريخ (21) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (5/ 11/ 2023 م) إلى أن رواة هذا السند ثقات، لكن كَتَب شيخنا: تَفرُّد البيهقي في «شُعب الإيمان» مقلق. ا هـ.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مُعَل بالإرسال والقطع على عكرمة. وقال العُقيلي: الصحيح الموقوف على عكرمة.
(1)
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يَعْنِي الْمُتَعَارِضَيْنِ بِالضِّيَافَةِ فَخْرًا أَوْ رِيَاءً.
قصة وليمة فاطمة رضي الله عنها
-
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (2375): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنهم، أَنَّهُ قَالَ: أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ
(1)
، فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبدِ المُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ البَيْتِ، مَعَهُ قَيْنَةٌ، فَقَالَتْ:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ
…
فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قُلْتُ لاِبْنِ شِهَابٍ: وَمِنَ السَّنَامِ؟ قَالَ: قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، فَذَهَبَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عَلِيٌّ، رضي الله عنه: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ،
(1)
قوله: (بني قينقاع) بطن من اليهود، وقينقاع مصروف بإرادة الحي وممنوع الصرف بإرادة القبيلة ونونه مثلثة. كما في «منحة الباري بشرح صحيح البخاري» (7/ 98) لزكريا الأنصاري (ت/ 926).
فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِآبَائِي؟ فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ.
وتابع هشامَ بن عروة آخرون:
1 -
حجاج بن محمد، أخرجه مسلم (1979).
2 -
عبد الرزاق، كما في «صحيح مسلم» (1979) و «مُستخرَج أبي عَوانة» (8344).
3 -
أبو عاصم، أخرجه ابن حبان (6193) وأبو نُعيم في «الحِلية» (3/ 144).
وتابع ابنَ جريج يونسُ بن يزيد الأيلي لكن أجمل قول: «قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عَلِيٌّ، رضي الله عنه: فَنَظَرْتُ
…
» إلى «قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ
…
» أخرجه البخاري (4003) ومسلم (1979) واللفظ له، وسياقه أتم وبه زيادة:
وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ أَبُو عُثْمَانَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاع يَرْتَحِلُ مَعِيَ، فَنَأْتِي بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي.
فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَجَمَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَدِ اجْتُبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا، قُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ
فَقَامَ حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، فَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا.
فَقَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ. قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِيَ الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ.
قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ فَارْتَدَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَابَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى، وَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ.
قال أبو نُعيم كما في «حلية الأولياء» (3/ 144): زاد يونس: صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَزَادَ: فَطَفِقَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ.
والخلاصة: أن المُفصَّل وهو طريق ابن جريج قاضٍ على المُجمَل وهو طريق يونس، وكلا الطريقين في «الصحيحين». بتاريخ (7) صفر (1445 هـ) الموافق (23/ 8/ 2023 م) وكَتَب شيخنا معي: تَلزم مراجعته بصورة أوسع من ناحية التخريج
(1)
.
ثم راجعه تارة أخرى، بتاريخ (13) صفر (1445 هـ) الموافق (29/ 8/ 2023 م): بَيِّن الوجهتين وأن رواية يونس أقوى في ابن شهاب.
فلما ذكرتُ له كلام بدر الدين العيني في «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» (12/ 219): قوله: (قلت لابن شهاب) القائل هو ابن جُريج الراوي، وهو من قوله هذا إلى قوله:(قال علي) ليس من الحديث، وهو مدرج، وقوله:(قال علي) هو ابن أبي طالب لا علي بن الحسين المذكور فيه، وذَكَره ابن شهاب تعليقًا. اه.
فقال معقبًا على كلام العيني: بل منقطعة بين ابن شهاب وعلي رضي الله عنه.
فائدة: في «إكمال المُعلِم بفوائد مُسلِم» (6/ 439): وزاد فيه من رواية أبي بكر بن عياش: فغرمها النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة. ولا خلاف فيما أفسده السكران من الأموال أنه يَضمنه.
(1)
قال البزار عقبه: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ جُرَيْجٍ.
سبب ذم طعام الوليمة
قول أبي هريرة رضي الله عنه متفق عليه في ذم دعوة الأغنياء وترك الفقراء، وورد ذلك مرفوعًا عند الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1432): حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْأَعْرَجَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ» .
خالف ابنَ أبي عمر في المتن والسند عليُّ بن محمد، أخرجه ابن ماجه رقم (1913): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .
وتابع عليَّ بن محمد وهو الطنافسي متابعةً قاصرة الجمهور: مالك والأوزاعي ويونس وعقيل وصالح بن أبي الأخضر. خمستهم عن الزُّهْري عن الأعرج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (5177) ومسلم (1432).
ورواه جماعة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، مثل الجماعة عن الزهري. أخرجه الطيالسي (2422) وأحمد (9261) والزهري إمام يَتحمل تعدد المشايخ.
وقال الدارقطني في «علله» (1669): الصحيح عن الزهري عن سعيد بن المسيب والأعرج عن أبي هريرة موقوفًا.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (25) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (18/ 1/ 2023 م): الموقوف أصح.
إذا دُعِيَ الرَّجُل فجاء، هل يَستأذن؟
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27]
قال أبو داود في «سُننه» رقم (5190): حَدَّثَنا حسين بن معاذ بن خُلَيْف، حَدَّثَنا عبد الأعلى، حَدَّثَنا سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا دُعي أحدكم إلى طعام، فجاء مع الرسول، فإن ذلك له إِذْن» .
تابع عبدَ الأعلى رَوْحٌ، كما في «مسند إسحاق» (17)، وغيره. وعبد الوهاب، كما في «مشكل الآثار» (1587) وغيره.
وخالفهم شُعيب بن إسحاق، فأَدْخَل خِلَاسًا
(1)
بين قتادة وأبي رافع، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6630).
ورواية الجماعة أرجح بإسقاط (خلاس) وقال أبو داود: قتادة لم يَسمع من أبي رافع. وقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (8/ 354): كأنه يعني حديثًا مخصوصًا، وإلا ففي «صحيح البخاري» تصريح بالسماع منه
(2)
.
(1)
خلاس بِكَسْر أَوله وَتَخْفِيف اللَّام.
(2)
أحد طرق حديث: «إن رحمتي غَلَبَتْ غضبي» أخرجه البخاري (7554): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَبَا رَافِعٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي. فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ» .
لكن أفاد الباحث أحمد بكري أن أكثر الطرق (حَدَّث) بدل (حَدَّثه).
وقال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 788): قال أبو بكر الأثرم في كتاب «الناسخ والمنسوخ» : كان التيمي من الثقات، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة.
وقال أيضًا: لم يكن التيمي من الحُفاظ، من أصحاب قتادة. وذَكَر له أحاديث وهم فيها عن قتادة.
وذَكَر أحاديث منتقدة، ومنها هذا الخبر «إن الله كَتَب كتابًا فهو عنده: إن رحمتي سَبَقَتْ غضبي».
وكان شُعبة يُنْكِر سماع قتادة من أبي رافع. وقال أحمد: لم يَسمع قتادة من أبي رافع. نَقَله عنه الأثرم.
الخلاصة: انتهى شيخنا إلى إعلال هذا الطريق، مع الباحث أبي عمار عبد المقصود الكردي، بتاريخ (15) رجب (1443 هـ) الموافق (16/ 2/ 2022 م). اه.
تنبيه: للخبر طريق آخَر يَرى الباحث أن الخبر يصح به، أخرجه أبو داود (5189) وغيره: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبٍ وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَسُولُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ إِذْنُهُ» .
وخالف موسى سليمانُ بن حرب، فعَطَف حبيبًا على أيوب، بدلًا من هشام على أيوب. أخرجه ابن حِبان (5811) وغيره.
مَنْ أَكَل دون إذن
قال الإمام أبو داود في «سُننه» رقم (3741): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا» .
وتابع مسددًا جمعٌ: يحيى بن يحيى والقاسم بن أمية وعباس بن يزيد، وعبد الرحمن بن عمر وعبد الرحمن بن حمزة.
ومداره على أبان بن طارق، وقال فيه أبو داود: مجهول.
وتابع دُرْسُتَ خالدُ بن الحارث كما في «الكامل» (208).
وتابع نافعًا مجاهد من رواية ابن عون عنه، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6611) وقال: تَفرَّد به الحسين المروزي. وفي سنده محمد بن عبد الله، لم يقف له الباحث على ترجمة.
وتوبع الحسين من أبي صالح الفراء، كما في «جزء من حديث ابن بطحاء» و «جزء ابن ثرثال» وظاهر سنده الصحة.
لكن خالف ابن المبارك غيره فأوقفه وقال الدارقطني في «علله» : الصحيح من الإسناد الموقوف.
وكَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن أيمن الدسوقي
(1)
بتاريخ (13) صفر (1445 هـ) الموافق (29/ 8/ 2023 م): أشار الدارقطني إلى أن الصحيح الوقف. وكَتَب على طريق جزء ابن ثرثال وابن بطحاء: لا نعرف هذا السند.
(1)
وُلد بتاريخ (1/ 8/ 2002 م) بقرية الراهبين بمحافظة الغربية، بمصر، وهو في الفرقة الثالثة بكلية الآداب بجامعة طنطا.
وأجازه شيخنا رفعت البسطويسي -حفظه الله- برواية حفص عن عاصم.
وهذا الحديث ضمن أحاديث تدريبية.
أدعية بعد الطعام
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5459): حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ- وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ- قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ» وَقَالَ مَرَّةً: «لَكَ الحَمْدُ رَبَّنَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا» .
خالف أبا عاصم الجماعة فلم يَذكروا: (أروانا) وَهُمْ:
1 -
سفيان الثوري، أخرجه البخاري (5458).
2 -
يحيى القطان، أخرجه أبو داود (3849) والترمذي (3456).
3 -
الوليد بن مسلم، أخرجه ابن ماجه (3284).
5 -
وكيع، أخرجه أحمد (22168).
الخلاصة: أن لفظة (أروانا) شاذة
(1)
وإن لم يقف الباحث إسماعيل بن حامد على سلف له في ذلك، وكان سبب بحثها أن شيخنا في مناقشتها إياه هذا الحديث بتاريخ الأربعاء (18) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (11/ 1/ 2023 م) طَلَب مراجعة هذه اللفظة هل هي (أروانا) أو (آوانا) فوقف الباحث على التفصيل السابق، وأن (آوانا) جاءت في حديث أنس رضي الله عنه فيما
(1)
وإلى هذا انتهى شيخنا كذلك مع الباحث، في مجلس آخَر بتاريخ (25) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (18/ 1/ 2023 م).
أخرجه مسلم (2715): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ» .
وتابع يزيدَ بن هارون عفانُ بن مسلم، أخرجه الترمذي (3396)، والحسن بن موسى، أخرجه أحمد (12552)، وأبو كامل، أخرجه أحمد (12712).
تنبيه: حديث أبي أمامة في أذكار الطعام، أما حديث أنس ففي أذكار النوم. وإليك هذا البيان:
أبو أُمامة
…
أنس
…
الاتفاق أو الافتراق
1 -
الحمد لله الذي
2 -
كفانا
…
1 - الحمد لله الذي
2 -
كفانا
…
اتفقا
أروانا
…
آوانا
…
افترقا
غير مكفي ولا مكفور
(1)
…
وكم ممن لا كافي له ولا مؤوي
(2)
…
افترقا
(1)
غير مكفي، أي: غني عن خلقه ولا تُجحَد نعمه، فاللهم أعنا على شكرك.
(2)
الله كفانا وآوانا، فكم ممن لا يجد مَنْ يكفيه أو يأويه، فالحمد لله على نعمة التوحيد وشكر النعم، قال تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36].
الشكر بعد الطعام
قال الإمام ابن خُزيمة في «صحيحه» رقم (1987): حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ بِالبَقِيعِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ»
(1)
.
ورواه محمد بن أبي بكر كما عند أبي عَوانة في «مستخرجه» (8242)، ومحمد بن يحيى القُطَعِيّ كما في «مسند البزار» (8221) فقالا: حنظلة بن علي.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 582): وهذا محمول على أن معن بن محمد حَمَله عن سعيد المقبري ثم حَمَله عن حنظلة بن علي.
ورواه معن بن محمد تارة عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وخَطَّأه أبو زُرعة في «العلل» لابن أبي حاتم وقال: حديث معن عن حنظلة عن أبي هريرة مرفوعًا، وهو المحفوظ.
ورواه مَعمر بن راشد عن رجل من غِفَار عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، أخرجه أحمد (7806) والظاهر أن الرجل هو معن فإنه غِفَاري، وعَلَّل ابن حجر ذلك باشتهار الحديث من طريقه.
(1)
علقه البخاري قبل رقم (5145).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي إلى صحة إسناده، وكَتَب: احكم على السند.
وللخبر شاهد من حديث سِنَان بن سَنَّة، أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (19014): حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ عَمِّهِ حَكِيمِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَنَّةَ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ» .
وتابع هارونَ بن معروف جماعة على عبد العزيز.
وخالف عبدَ العزيز سليمانُ بن بلال فقال: عن محمد بن عبد الله بن أبي حُرة عن عمه حكيم عن سلمان الأغر عن أبي هريرة به مرفوعًا. أخرجه أحمد (7889) وغيره.
وخالف محمدَ بن عبد الله بن أبي حُرة موسى بنُ عقبة فقال: عن حكيم بن أبي حُرة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، كما عند البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 143): وقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ سَمِعَ وُهَيْبًا سَمِعَ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ مِثْلُهُ.
والخلاصة: أن أبا زرعة رجح طريق الدراوردي على طريق سليمان بن بلال وقال: إنه أشبه. اه.
وحكيم بن أبي حُرة ذَكَره ابن حبان في «الثقات» وله حديث في البخاري رقم (6338) ووثقه الذهبي، وقال ابن حجر: صدوق.
وانتهى شيخنا مع الباحث إلى أن الأول صحيح دون الشاهد.
كتاب العقيقة
هل يَعق الجَد عن أحفاده في وجود أبيهم؟
قال النَّسَائي في «سُننه» (7/ 164) رقم (4213): أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ.
وتابع الفضلَ بن موسى زيدُ بن الحُبَاب، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» .
وخالفهما علي بن الحسين
(1)
فجَعَله موقوفًا، هكذا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي (بُرَيْدَةَ) يَقُولُ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ، ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللهُ بِالإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَنَلْطَخُهُ بِزَعْفَرَانٍ. أخرجه أبو داود (2843).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث وليد بن خليل، بتاريخ (3) رمضان (1444 هـ) الموافق (25/ 3/ 2023 م): الحسين بن واقد يُتثبَّت في أمره.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لكنه مُعَل بالإرسال، أخرجه النَّسَائي في «سُننه» رقم (4219): أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ- هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ- عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
(1)
في الطحاوي: علي بن الحسن بن شقيق.
عِكْرِمَةَ
(1)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما، بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ.
خالف عبدَ الوارث الجماعةُ فأرسلوه، ورجحه أبو حاتم.
وثَمة طرق أخرى عن عكرمة:
1 -
قتادة على الوصل، كما عند النَّسَائي.
2 -
يونس بن عُبيد، كما عند ابن الأعرابي في «معجمه» (1680).
3 -
يحيى بن سعيد مقطوعًا على عكرمة، كما عند عبد الرزاق.
وأخرجه مُسدَّد كما في «المَطالب العالية» (2308): حدثنا يحيى عن ابن جُريج، حدثني عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم، عن أبي الطُّفَيْل، عن ابن عباس رضي الله عنهما: في العقيقة عن الغلام كبشان، وعن الجارية كبش.
(1)
تابع عكرمةَ على الرفع عطاءُ بن أبي رباح، لكن الراوي عنه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف.
تنبيه: عطاء مشترك في طرق كثيرة في العقيقة، وكذلك قتادة، وثالثة ابن جُريج. أفاده الباحث.
باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5471): حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ.
وَقَالَ حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، وَقَتَادَةُ، وَهِشَامٌ، وَحَبِيبٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: عَنْ عَاصِمٍ وَهِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ بْنَ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَوْلَهُ.
الخلاصة: انتهى شيخنا في مناقشته الباحث وليد بن خليل، بتاريخ (27) شعبان (1444 هـ) الموافق (19/ 3/ 2023 م) إلى أن البخاري اختار سند أبي النعمان، والطريق المُعلَّقة تُؤيِّد ذلك، لكن نريد أسانيد الطرق المُعلَّقة، ومَن حماد فيها؟ هل ابن سلمة؟ وكَتَب: احكم على سنده -أي: سند البخاري-.
ما يُستحَب أن يُسمَّى به
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2132): حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ- وَهُوَ الْمُلَقَّبُ بِسَبَلَانَ- أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخِيهِ عَبْدِ اللهِ، سَمِعَهُ مِنْهُمَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، يُحَدِّثَانِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» .
ورواه نهارٌ العَبْدي وابن أبي شيبة وأبو نُعَيْم، عن مُعتمِر بن سليمان، عن عُبيد الله، عن نافع، به.
وخالفهم غيرهما فقالوا: (عُبيد الله) كما في «العلل» .
وخالفهم مُسدَّد
(1)
فقال: عن مُعتمِر، عن علي بن صالح، عن ابن عجلان، عن نافع، به.
وعلي بن صالح مجهول.
ووجهةُ مَنْ يُضعِّف هذا الخبر أنه معروف بعبد الله العُمَري. قاله البزار والدارقطني.
(1)
وقد توبع، انظر «سُنن الترمذي» (2833).
ووجهةُ مَنْ يُصحِّحه ما يلي:
1 -
إخراج مسلم.
2 -
المتابعات، ومنها متابعة الطائفي عند ابن أبي حاتم في «علله» .
3 -
الخبر في الفضائل.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث نصر بن حسن الكُردي، بتاريخ (1) رمضان (1444 هـ) الموافق (23/ 3/ 2023 م): إذا سِرنا على القواعد التقليدية فالخبر صحيح، لكن للمُعِل بأن الحديث معروف من طريق عبد الله- له وَجْه قوي. والله أعلم. وكَتَب شيخنا لما أوقفه بعض الباحثين على طريق الطائفي: هنا سند لم يورده نصرٌ عفا الله عنه.
كتاب الصيد
صحة زيادة: «وَإِنْ وَقَعَ فِي المَاءِ فَلَا تَأْكُلْ»
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5484): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلَابًا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهَا، فَأَمْسَكْنَ فَقَتَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ، فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِي المَاءِ فَلَا تَأْكُلْ» .
وتابع موسى بنَ إسماعيل متابعة قاصرة الوليدُ بن شجاعٍ السَّكُونيّ، حَدَّثَنَا علي بن مُسْهِر، عن عاصم، به. أخرجه مسلم (1929) وفيه:«وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ، فَلَا تَأْكُلْ» .
وهذه الزيادة تَفرَّد بها عاصم، وخالفه جماعة فلم يَذكروها:
1 -
ابن أبي السفر، أخرجه البخاري (175، 2054)، ومسلم (1929).
2 -
زكريا بن أبي زائدة، أخرجه البخاري (5475)، ومسلم (1929).
3 -
بيان بن بشر، أخرجه البخاري (5483)، ومسلم (1929).
4 -
سعيد بن مسروق والحَكَم بن عُتيبة، أخرجه مسلم (1929).
5 -
سعيد بن جبير، أخرجه أحمد (19369)
(1)
.
6 -
داود بن أبي هند، ذَكَره البخاري تعليقًا، ووَصَله أبو داود (2853)، من طريق الحسين بن معاذ؛ وكان ثبتًا في عبد الأعلى
(2)
.
ورواه مرى بن قطري عن عديّ، كما عند أبي داود (2824) فأتى بسؤال آخَر. ومري بن قطر مقبول
الخلاصة: أَقَر شيخنا الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي على تفرد عاصم بالزيادة، وهي متفق عليها. وذلك بعد شروق (3) صفر (1445 هـ) الموافق (19/ 8/ 2023 م).
(1)
اختُلف في الرواية عن سعيد بن جبير، ففي طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد عند أحمد (19369):«بعد ليلة» ، وكذلك رواه شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن سعيد، كما عند أحمد (19376).
وقال هشيم عن أبي بشر به: «فيغيب عنه ليلة أو ليلتين» على الشك. أخرجه أحمد (19369).
(2)
وخالفه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1968)، أن عَدِيّ بن حاتم قال: يا رسول الله
…
مرسلًا.
ورواه كذلك حماد بن سلمة، كما في «غريب الحديث» (2/ 369).
كتاب الذبائح
ذكاة الجنين ذكاة أمه
وردت فيه أخبار:
الأول: ما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2828): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ [بْنِ رَاهَوَيْه]، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ الْمَكِّيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» .
وعَتَّاب صدوق يخطئ، وتابع عبيدَ الله سفيانُ الثوري كما في «الحِلية» (7/ 925).
وتابعهما زهير بن معاوية كما عند ابن الجعد (2653)، وتابعهم حماد بن شعيب وهو ضعيف، أخرجه أبو يعلى (1808) وغيره.
قال العلائي: ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر.
والحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (11343): حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» .
وتابع يونسَ مُجالِد بن سعيد-وهو ضعيف- مع ذكر سبب الورود، أخرجه أبو داود (2827) وغيره
(1)
: عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَنِينِ فَقَالَ: «كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ» . وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ، أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ قَالَ:«كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ؛ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» .
(1)
وانظر: الترمذي (1476)، وابن ماجه (3199).
وتابع أبا الوَدَّاك عطية العوفي، أخرجه أحمد (11414) وأبو يعلى (1206) وغيرهما.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سلمان الكردي، بتاريخ (27) صفر (1445 هـ) الموافق (12/ 9/ 2023 م): هل يُحسَّن بالمجموع- أعني بحديث أبي سعيد وجابر- أو لا؟ فيه الوجهان. اه.
والحديث الثالث: ما أخرجه الحاكم في «مستدركه» رقم (7308): فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَان، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ إِذَا أُشْعِرَ ذَكَاةُ أُمِّهِ، وَلَكِنَّهُ يُذْبَحَ حَتَّى يَنْصَافَّ مَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ» .
تابع محمدَ بن إسحاق على الرفع أيوبُ بن موسى، أخرجه الطبراني (9453) وعبيد الله بن عمر، أخرجه الدارقطني (4731) وغيره.
وخالف هؤلاء الثلاثةَ بهذه الأسانيد النازلة ثلاثةٌ من الأئمة أصحاب نافع بأسانيد عالية على الوقف:
1 -
الإمام مالك، كما في «الموطأ» (8).
2 -
أيوب، كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (8842).
3 -
الليث، كما في «جزء أبي الجهم» (ص/ 66).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع سلمان الكردي، بتاريخ (27) صفر (1445 هـ) الموافق (12/ 9/ 2023 م): الموقوف أصح.
هَذَا بَابٌ كَبِيرٌ مَدَارُهُ عَلَى طُرُقِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لِذَلِكَ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَرُبَّمَا تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قال الترمذي في «سُننه» ط/ الرسالة (3/ 300):
وَفِي البَابِ عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَهَذَا (1) حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيرِ هَذا الوَجهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ (2)، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسحَاقَ.
وقال ابن المنذر في «الإجماع» (ص: 59): وأجمعوا على أن لا زكاة على الجنين في بطن أُمه. وانفرد ابن حنبل فكان يُحِبه ولا يوجبه.
تنبيه: سألتُ شيخنا عن رأيه في المسألة فقال: أنا لا آكله ولا أترك الآيات المُحكَمات في تحريم الميتة، بحديث مختلف فيه، ونَقْل الإجماع يُحرَّر. اه.
كتاب الأضاحي
العُيوب التي تُجتنَب في الأضاحي
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18510): حَدَّثَنَا عَفَّانُ
(1)
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزَ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْبَرَاءَ عَنِ الْأَضَاحِيِّ، مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا كَرِهَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ:«أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي» . قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقَرْنِ نَقْصٌ، أَوْ قَالَ: فِي الْأُذُنِ نَقْصٌ، أَوْ فِي السِّنِّ نَقْصٌ. قَالَ:«مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ، وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ» .
وتابع شعبةَ يزيدُ بن أبي حبيب، أخرجه الترمذي (1413).
وخالفهما الليث بن سعد فأدخل واسطة بين سليمان وعبيد بن فيروز، هي القاسم أبو عبد الرحمن وهو صدوق يُغرِب، أخرجه ابن حبان (6045) والترمذي في «العلل الكبير» (446).
(1)
تابع عفانَ: عُبيد الله بن موسى ويزيد بن هارون ووكيع ومحمد بن جعفر، ويحيى وسعيد بن عامر وابن مهدي وحفص بن عمر.
ورواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث والليث وابن لهيعة، عن سليمان عن عبيد الله، به. أخرجه النسائي (4371)، وابن حبان (5921)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1413).
وخالف ابنَ وهب الإمامُ مالك فأسقط سليمان وقال: عن عبيد بن فيروز. أخرجه مالك في «الموطأ» (1009) وأحمد (18294) والدارمي (1893).
الخلاصة: أن سند شعبة صحيح وصَرَّح فيه بالسماع، وهو يتحرى التدليس؛ فلذا اختار شيخنا مع الباحث إسلام أبي المجد، بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م) صحة السند.
تنبيه: نَفَى ابن المديني كما عند البيهقي في «السنن الكبير» (19096) سماع سليمان من عبيد بن فيروز، واعتمده الشيخ مقبل في «أحاديث مُعَلة» (55) في حين صَرَّح جُل الرواة عن شعبة بالسماع، وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 583): سليمان بن عبد الرحمن، مولى بني أسد بن خُزيمة، الدمشقي، أبو عمر، سَمِع عُبيد بن فيروز، والقاسم أبا عبد الرحمن.
فهذه زيادة عِلم مُقدَّمة على مَنْ نَفَى.
التضحية بالجَذَع
قال الإمام مالك في «موطئه» رقم (1388): عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ، وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا
(1)
. (صحيح)
قال ابن حزم في «المُحَلَّى» (7/ 249): ومن طريق عبد الرزاق، حَدَّثَنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: لا تجزيء إلا الثنية فصاعدًا.
بيان: وردت أخبار في التضحية بالجَذَع من الضأن:
1 -
ما أخرجه مسلم (1963) من طريق أبي الزبير، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»
(2)
.
2 -
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (15/ 134): إن ابن عمر كان يقول في الضحايا والبدن: الثني فما فوقها. ولا يجوز عنده الجَذَع من الضأن
(3)
، فما فوقها، ولا غيره. وهذا خلاف الآثار المرفوعة، وخلاف الجمهور الذين هم حجة على مَنْ شذ عنهم، وبالله التوفيق.
(1)
قال مالك عقبه: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ.
(2)
سبقت دراسة هذا الخبر، والخلاف القائم في الرواية سندًا ومتنًا.
(3)
قال ابن قُدامة في «المغني» (2/ 453): قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: إِنَّمَا أَجْزَأَ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ لِأَنَّهُ يُلَقِّحُ، وَالْمَعْزُ لَا يُلَقِّحُ إِلَّا إذَا كَانَ ثَنِيًّا.
كتاب الأشربة
استحباب الشرب جالسًا
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (6452): حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الحَدِيثِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ. ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ.
ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَالَ:«يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«الْحَقْ» وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ:«مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ. قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«الحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ لِي» .
قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءُوا أَمَرَنِي،
فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بُدٌّ.
فَأَتَيْتُهُمْ، فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ البَيْتِ، قَالَ:«يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ» فَأَخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ القَدَحَ، فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ:«أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ:«اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ:«اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ:«فَأَرِنِي» فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَسَمَّى، وَشَرِبَ الفَضْلَةَ.
وتابع أبا نُعيم رَوح، أخرجه أحمد (10679).
وخالفهما يونس بن بُكير، أخرجه الترمذي (2477) فلم يَذكر الأمر بالقعود للشرب.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (25) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (18/ 1/ 2023 م) إلى أن لفظة:«اقْعُدْ فَاشْرَبْ، فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ» ثابتة، لكن ليست صريحة في الاستحباب.
ويَرى الباحث صراحتها.
قال ابن حجر في شرح الحديث من «الفتح» (11/ 288): وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم: استحباب الشرب من قعود.
حُكْم الخُشَاف
(1)
أو الخليطين
اختَلف العلماء فيه:
فذهب الجمهور إلى كراهته. ومستندهم ما يلي:
1 -
عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ، وَالْبُسْرُ
(2)
وَالتَّمْرُ
(3)
.
2 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَخْلِطَ بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَأَنْ نَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ
(4)
.
وفي رواية: «مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا، أَوْ تَمْرًا فَرْدًا، أَوْ بُسْرًا فَرْدًا» .
(1)
كلمة تركية أو فارسية تطلق على منقوع التمر المضاف إليه التين والزبيب وغيره. والخشاف من أشهر المشروبات لدى المصريين بخاصة في شهر رمضان. وتحرر الكلمة في اللغة العربية.
(2)
رطّب بعضُه.
(3)
أخرجه مسلم (1986).
(4)
أخرجه مسلم (1988).
3 -
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا، وَلَا تَنْتَبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعًا، وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ»
(1)
.
4 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَقَالَ:«يُنْبَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ»
(2)
.
5 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا، وَأَنْ يُخْلَطَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا، وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ جُرَشَ يَنْهَاهُمْ عَنْ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
(3)
.
6 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَدْ نُهِيَ أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا، وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا
(4)
.
7 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَلِيطَيْنِ
(5)
.
(1)
أخرجه مسلم (1987).
(2)
أخرجه مسلم (1990).
(3)
أخرجه مسلم (1991).
(4)
أخرجه مسلم (1988).
(5)
ضعيف: أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (1584): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، بِهِ.
أقوال العلماء:
قال الشافعي: مَنْ شَرِبَ مَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْرِبَةِ مِنَ الْمُنَصَّفِ
(1)
وَالْخَلِيطَيْنِ، أَوْ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، مِمَّا زَالَ أَنْ يَكُونَ خَمْرًا وَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ كَثِيرُهُ، فَهُوَ عِنْدَنَا مُخْطِئٌ بِشُرْبِهِ، آثِمٌ بِهِ وَلَا أَرُدُّ بِهِ شَهَادَتَهُ
(2)
.
وقال النووي: ومذهبنا ومذهب الجمهور أن هذا النهي لكراهة التنزيه، ولا يَحرم ذلك ما لم يَصِرْ مُسْكِرًا. وبهذا قال جماهير العلماء. وقال بعض المالكية: هو حرام. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهة فيه ولا بأس به؛ لأن ما حَلَّ مُفْرَدًا حَلَّ مخلوطًا. وأَنكَر عليه الجمهور
(3)
.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (4) رمضان (1444 هـ) الموافق (26/ 3/ 2023 م) إلى أن رأي الجمهور على الكراهة، وتَضارَب نقل ابن حجر في «الفتح» في هذه المسألة.
(1)
في «المصباح المنير» (ص: 313): «المُنَصَّف» من العصير، اسم مفعول: ما طُبخ حتى بقي على النِّصف.
(2)
«الأُم» (6/ 223).
(3)
«شرح النووي على مسلم» (13/ 154).
تنبيه: كلام النووي مُقدَّم في تحرير المذهب على كلام الماوردي.
حُكْم استحالة الخمر
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1983): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا، فَقَالَ:«لَا» .
قال أبو حاتم في «المراسيل» (913): سمعتُ أبي يقول: يحيى بن عَبَّاد أبو هبيرة الأنصاري، رَوَى عن خباب وأنس بن مالك وجابر وأبي هريرة، مرسل
(1)
.
تنبيه: هل كلمة (مرسل) تشمل كل ما سبق فيقال: إنه مرسل؟ أو يعود على أبي هريرة فقط ولا انتقاد على مسلم؟ فقال شيخنا: كلام أبي حاتم مُجمَل.
(1)
نحو هذه الطريقة استخدمها أبو زُرعة، كما في «المراسيل» لابن أبي حاتم رقم (289): قال أبو زرعة: سالم بن أبي الجعد، عن عمر وعثمان وعلي، مرسل.
المشاريب المُهضِّمة
(1)
قال مَعمر في «جامعه» رقم (20630)
(2)
: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، قَالَ: لَوْ أَنَّ طَعَامًا كَثِيرًا كَانَ عِنْدَ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، مَا شَبِعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَجِدَ لَهُ أَكْلًا. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ مُطِيعٍ يَعُودُهُ، فَرَآهُ قَدْ نَحَلَ جِسْمُهُ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ: أَلَا تُلَطِّفِيهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ جِسْمُهُ؟ تَصْنَعِينَ لَهُ طَعَامًا. قَالَتْ: إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ وَلَا مَنْ يَحْضُرُهُ إِلاَّ دَعَاهُ عَلَيْهِ، فَكَلِّمْهُ أَنْتَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُطِيعٍ: يَا أَبَا عَبدِ الرَّحْمَنِ، لَوِ اتَّخَذْتَ طَعَامًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ جَسَدَكَ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيَّ ثَمَانِ سِنِينَ مَا أَشْبَعُ فِيهَا شَبْعَةً وَاحِدَةً. أَوْ قَالَ: لَا أَشْبَعُ فِيهَا إِلاَّ شَبْعَةً وَاحِدَةً، فَالآنَ تُرِيدُ أَنْ أَشْبَعَ حِينَ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي إِلاَّ ظِمْءُ حِمَارٍ؟
الخلاصة: إسناد هذا الأثر صحيح، ورواية حمزة بن عبد الله عن ابن عمر في الكتب الستة وهو ثقة.
وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (15) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (30/ 9/ 2023 م): متن غريب عن ابن عمر، وتَفرُّد مَعمر في «جامعه» بإخراجه مريب أيضًا. والأثر موقوف على كل حال.
(1)
من اجتهادات ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
ومن طريقه أبو داود في «الزهد» (304) والبيهقي في «شُعب الإيمان» (13/ 180).
وجاءت روايتان في بيان العلة التي من أجلها سَلَك ابن عمر مسلك عدم الشبع:
الأولى: أخرجها أحمد في «الزهد» (1060): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُوتِيَ بِشَيْءٍ يُقَالُ لَهُ: الْكَبْلُ، فَقَالَ: مَا نَصْنَعُ بِهَذَا؟ قَالَ: إِنَّهُ يُمْرِيكَ. قَالَ: إِنَّهُ يَمُرُّ بِيَ الشَّهْرُ مَا أَشْبَعُ إِلَّا الشَّبْعَةَ وَالشَّبْعَتَيْنِ.
وأبو معاوية في غير الأعمش فيه كلام، لكن تابعه بكر بن خداش. أخرجه ابن أبي الدنيا في «الجوع» (57) وتابعهما محمد بن سابق، أخرجه أبو داود في «الزهد» (295) وفيه زيادة:«ما شبعتُ منذ قُتل عثمان» لكن محمد بن سابق مُختلَف فيه.
وتابع مالكًا- وهو ابن مِغوَل- عبيدُ الله، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (7/ 469) ونسب الذي أتى بالجوارش
(1)
«أن رجلًا من أهل العراق أهدى لابن عمر جوارش
…
» وفيه «
…
منذ ستة أشهر وردّه» وابن أبي الدنيا في «الجوع» (58) وعلة سنده: (حُدِّثْتُ) ولفظه: «مَا شَبِعْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ» .
والثانية: ما أخرجه أحمد في «الزهد» (1050): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: أَجْعَلُ لَكَ جَوَارِشَ؟ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ الْجَوَارِشُ؟ قَالَ: شَيْءٌ إِذَا كَظَّكَ الطَّعَامُ فَأَصَبْتَ مِنْهُ، سَهُلَ عَيْشُكَ. قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا شَبِعْتُ مِنْ طَعَامٍ مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَا ذَاكَ أَنْ لَا أَكُونَ لَهُ وَاجِدًا، وَلَكِنِّي عَهِدْتُ قَوْمًا يَشْبَعُونَ مَرَّةً وَيَجُوعُونَ مَرَّةً. وإسناده صحيح.
(1)
ضبط في بعض نسخ النهاية بضم الجيم وفي بعض آخر منها بالفتح وكذا المحكم: دواء هاضم. انظر: «لسان العرب» (6/ 4672).
حبه صلى الله عليه وسلم الحلواء
قال البخاري رقم (6972): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ العَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فقال لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ
(1)
، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ، قُلْتُ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: لَا، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ.
فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِرَهُ بِالَّذِي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى البَابِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ:«لَا» قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَالَ: «سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ» قُلْتُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ،
(1)
العُكَّة: القربة الصغيرة.
وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ:«لَا حَاجَةَ لِي بِهِ» قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قَالَتْ: قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي.
وأخرجه مسلم رقم (1474): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، به.
الخلاصة: سبق في «سلسلة الفوائد» ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (24100): حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:«كَانَ أَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُلْوَ الْبَارِدَ» وخالف سفيانَ الجماعة فأرسلوه كما سبق.
لكن هل اختُصر هذا المتن من القصة السابقة أو هما حديثان؟ الظاهر لي الأول. بتاريخ (13) محرم (1444 هـ) الموافق (11/ 8/ 2022 م).
ثم عَرَضه الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (24) شعبان (1444 هـ) الموافق (16/ 3/ 2023 م) فانتهى إلى صحة المتفق عليه.
تبريد اللبن بالماء
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5613): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللهِ، رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ، وَإِلاَّ كَرَعْنَا»
(1)
، قَالَ: وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ المَاءَ فِي حَائِطِهِ. قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عِنْدِي مَاءٌ بَائِتٌ، فَانْطَلِقْ إِلَى العَرِيشِ. قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِمَا، فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ. قَالَ: فَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي مَعَهُ.
وتابع أبا عامر العَقَدي عشرةٌ: يحيى بن صالح وإسحاق بن عيسى ويونس بن محمد وموسى بن داود وإسماعيل بن عياش، وسعيد بن منصور ومحمد بن أبي يحيى والمعافى بن سليمان وأحمد بن جعفر وبِشْر بن الوليد.
(1)
الكرع: الشرب بالفم من ماء كثير دون كف أو إناء.
فقد أخرج ابن ماجه رقم (3559): عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَرَرْنَا عَلَى بِرْكَةٍ فَجَعَلْنَا نَكْرَعُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَكْرَعُوا وَلَكِنِ اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ ثُمَّ اشْرَبُوا فِيهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ إِنَاءٌ أَطْيَبَ مِنَ الْيَدِ» وفي سنده ليث بن أبي سُليم، ضعيف.
والخلاصة: أن مدار الخبر على فُليح بن سليمان ولم ينتقده عليه أحد فيما وقف الباحث. وانتهى شيخنا مع الباحث طارق بن جمال بن البِيَلي، بتاريخ (2) ذي الحجة (1444) الموافق (20/ 6/ 2023 م) إلى قَبول مثل هذا وما كان في الفضائل، مُعَلِّلًا انتقاء البخاري لفُليح.
جَلد شارب الخمر
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (6780): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .
*-ورواه عبد الله بن نُمير عن هشام بن سعد عن زيد به، واختُلف عليه في السياق:
فرواه إبراهيم بن زياد كسياق سعيد بن أبي هلال، أخرجه البزار.
وخالفه محمد بن عبد الله بن نُمير، كما عند أبي يعلى رقم (176) هكذا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ وَالْعُكَّةَ مِنَ الْعَسَلِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا يَتَقَاضَاهُ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِ هَذَا ثَمَنَ مَتَاعِهِ.
فَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يَبْتَسِمَ وَيَأْمُرَ بِهِ فَيُعْطَى، فَجِيءَ بِهِ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَلْعَنُوهُ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .
وقال أبو يعلى أيضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ بَرَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ (11) محرم (1444 هـ) الموافق (9/ 8/ 2022 م) إلى أن رواية محمد بن عبد الله بن نُمير مُفسِّرة لأنها تَحمِل قصة.
كتاب الرُّقَى
الرُّقْيَة بكتاب الله عز وجل
-
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82].
قال ابن حِبان في «صحيحه» رقم (6098): أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا، وَامْرَأَةٌ تُعَالِجُهَا- أَوْ: تَرْقِيهَا- فَقَالَ: «عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ» .
وتابع أبا الزبير زيدُ بن الحُبَاب، أخرجه الدارقطني في «سُننه» (3775).
وخالفهما غيرهما فأوقفه.
ورواه زهير بن معاوية، وعلي بن مُسْهِر، وعيسى بن يونس، وابن عُيينة، عن يحيى، عن عَمْرة، عن عائشة، موقوفًا، على أبي بكرٍ الصِّديق.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (5) رمضان (1444 هـ) الموافق (27/ 3/ 2023 م): الرفع ضعيف. اه.
فلما سألتُه: هل الوقف صحيح؟ قال: إن الطرق التي أَتي بها على الوقف لم يسندها إنما هي عند الدارقطني.
التداوي بالقرآن والعسل
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (3452): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَلِ، وَالْقُرْآنِ» .
خالف زيدًا وكيعٌ فأوقفه، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3020) وروايته أرجح، وقال الشيخ مقبل في «أحاديث مُعَلة»: شذ زيد بن الحُباب.
ورواه إسرائيل كما عند ابن أبي حاتم في «تفسيره» (10418) والبيهقي في «السنن الكبير» (19566)، وشعبة كما عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (651) والطبراني في «المعجم الكبير» (8910). كلاهما عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه موقوفًا.
وخالف شعبةَ وإسرائيل عبدُ الله بن محمد فرَفَعه، أخرجه الحاكم في «مستدركه» (8225).
ورواه الأسود بن يزيد عن ابن مسعود موقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25239): حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ
(1)
وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْقُرْآنِ وَالْعَسَلِ.
الخلاصة: أن الخبر اختُلف في رفعه ووقفه.
ورواه عن ابن مسعود اثنان:
الأول: الأسود بن يزيد قولًا واحدًا بالوقف.
الثاني: أبو الأحوص وعنه أبو إسحاق، والأصح عنه الوقف.
وقال ابن عَدي في «الكامل» (7275): ولا نحفظه عن وكيع ولا عن غيره من أصحاب الثوري عنه إلا موقوفًا.
وذَكَر الدارقطني طرقًا أخرى وقال: وَقْفه عن الثوري هو الصحيح
(2)
.
وقال البيهقي في «السنن الكبير» (19565): رَفْعه غير معروف، والصحيح موقوف.
وكَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن عبد الباسط، بتاريخ (11) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (26/ 10/ 2023 م): الأصح الوقف.
(1)
ودون عطف، في رقم (30019).
(2)
«العلل» (5/ 322).
لا بأس بالرُّقَى ما لم تكن شركًا
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2200): حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ:«اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ» .
تابع أبا الطاهر جماعةٌ، كما عند أبي داود (3886)، وابن حبان (6094)، والحاكم (74854).
وتابع ابنَ وهب عبدُ الله بن صالح، أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (2031)، والطحاوي في «معاني الآثار» (7192)، والبزار في «مسنده» (2744).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد الصاوي، بتاريخ (4) محرم (1444 هـ) الموافق (2/ 8/ 2022 م) إلى صحته بشاهد وهو ما أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (2199): وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَرْخَصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ لِبَنِي عَمْرٍو. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: وَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ
يَقُولُ: لَدَغَتْ رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ، وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرْقِي؟ قَالَ:«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» .
وقال البيهقي في «الآداب» (ص/ 283): وَحَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَامٌّ فِي الرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ فِي مَعْنَاهُ، وَقَالَ:«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ نَهْيٍ وَرَدَ عَنِ الرُّقَى أَوْ عَمَّا فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يُعْرَفُ مِنْ رُقَى أَهْلِ الشِّرْكِ، فَقَدْ يَكُونُ شِرْكًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أثر القراءة على البدن
سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 225) ما أخرجه البخاري (5016): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ
(1)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.
وتابع عبدَ الله بن يوسف يحيى بنُ يحيى، كما عند مسلم (2192).
وتابعهما جمهور الرواة- قُتيبة وعبد الله بن مسلمة القَعنبي ومَعْن بن عيسى القزاز، وإسحاق بن عيسى وأبو سلمة الخزاعي وبِشْر بن عمر وابن القاسم-عن مالك.
وخالفهم ابن مهدي فلم يَذكر: «رجاء بركتها» كما عند أحمد (25483)، ووكيع
(2)
كما عند ابن أبي شيبة (23564) وإسحاق في «مسنده» (796).
وتابع مالكًا على الزيادة أبو أويس عبد الله بن عبد الله
(3)
كما عند أحمد (24831).
(1)
وهو في «الموطأ» (3471).
(2)
قال الدارقطني في «علله» (3477، 3480): لم يُتابَع على هذا اللفظ.
(3)
في «التهذيب» :
…
في حديثه عن الزهري شيء.
وتابع ابنَ شهاب هشامُ بن عروة كما عند مسلم (2192) وفيه: «كانت أعظم بركة من يدي» .
ولم يَذكرها مَعمر ويونس ورَوْح بن عُبادة وزياد بن سعد
(1)
عن الزُّهْري.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (3) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (23/ 5/ 2023 م) إلى صحة إسنادها من طريق مالك. ويبدو أن عائشة رضي الله عنها هي التي قالتها؛ للطرق الأخرى.
(1)
وعقيل كذلك لكن عنده مقيد بالنوم.
علاج الحُمَّى
قال الحاكم في «مستدركه» رقم (7643): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَائِشَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا حُمَّ أَحَدُكُمْ، فَلْيَشِنَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ الْبَارِدَ ثَلَاثَ لَيَالٍ مِنَ السَّحَرِ»
(1)
.
وتابع الفضلَ جماعة- منهم ابن أبي داود ومحمد بن غالب ومحمد بن الحسين-.
وتابع عبيدَ الله روحُ بن عبادة، أخرجه أبو يعلى كما في «مسنده» (3794).
وهذا السند وإن كان ظاهره الصحة إلا أنه مُعَل، فقد سُئل أبو حاتم عنه كما في «العلل» (2/ 337) فقال: رَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَشْبَهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ حُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(1)
وقال الحاكم في «مستدركه» (4/ 223): هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَسَانِيدِ فِي أَنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ.
وقال الطبراني في «المعجم الأوسط» (5/ 232): لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ إِلَّا ابْنُ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُمَا أَصْحَابُ حَمَّادٍ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن عبد العاطي الرفاعي- حفظهما الله- إلى أن علماء العلل يُعِلونه بالإرسال عن الحسن البصري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذَكَره الشيخ مقبل رحمه الله في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» رقم (31).
تنبيه: رواية البخاري (5725)، ومسلم (2209) من حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ» ليس فيها تقييد بثلاث ليالٍ من السَّحَر.
الرقية من العين
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5739): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ:«اسْتَرْقُوا لَهَا؛ فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ» .
تابع محمدَ بن وهب جماعةٌ: سليمان بن داود كما عند مسلم (2197) وغيره، وعبد السلام بن محمد في «حديث ابن جوصاء» (22)، وعبد الله بن عبد الجبار كما في «المعجم الكبير» (801).
تابع محمدَ بن حرب عبدُ الله بن سالم، كما علقه البخاري ووَصَله الطبراني في «مسند الشاميين» (1745) لكن قال أبا سلمة بدل عروة.
وخالف الزُّبيدي ثلاثة:
1 -
مَعمر بن راشد عن الزهري مرسلًا، أخرجه عبد الرزاق (19769).
2 -
وتابعه النعمان بن راشد وهو ضعيف، ذَكَره الدارقطني في «العلل» (9/ 213).
3 -
عقيل واختُلف عليه، تارة عن الزهري عن عروة مرسلًا، علقه البخاري. وتارة عن الزهري عن عروة عن عائشة. وقال ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 202): وهو وهم فيما أحسب.
والأرجح عن الزهري لديَّ طريق الزُّبيدي لاتفاق الشيخين عليه وسلامة الإسناد إليه. وقال أبو حاتم: الزُّبيدي أثبت من معمر في الزهري خاصة؛ لأنه سَمِعَ منه مرتين. وقال الأوزاعي: لم يكن في أصحاب الزهري أثبت من الزُّبيدي. وأما ابن معين فقدم عند المقارنة معمرًا وعقيلًا على الزُّبيدي.
ورواه جماعة - ابن نُمير وأبو معاوية
(1)
كما عند أبي يعلى (6879) وابن عيينة
(2)
وحفص بن غِيَاث وعيسى بن يونس والإمام مالك
(3)
- عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن عروة عن أم سلمة موصولًا، لكن بذكر: « .... وعندي صبي يشتكي
…
».
وخالفهم جماعة فأرسلوه - الإمام مالك في «موطئه» (876)، وابن عيينة من رواية أصحابه عنه
(4)
ويحيى القطان والثقفي ويعلى وسليمان بن بلال وعلي بن عاصم، كما في «العلل» للدارقطني (9/ 213) وعبد الرحيم بن سليمان، لكن زاد نافعًا بين يحيى بن سعيد وسليمان بن يسار، كما في «المصنف» (23939) لابن أبي شيبة.
(1)
في «مكارم الأخلاق» (1062).
(2)
ذَكَره الدارقطني.
(3)
لكن السند إليه ضعيف، ذَكَره الدارقطني في «العلل» (9/ 213).
(4)
ذَكَره الدارقطني في «العلل» (9/ 213).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن صادق، بتاريخ (21) صفر (1445 هـ) الموافق (6/ 9/ 2023 م): الأثبات عن يحيى بن سعيد على الإرسال.
وأما طريق الزهري فقال لي: مُنتقَد على الشيخين من قبل، والمتن ليس بمستنكر ويحتمل الوجهين.
كتاب الطب
أشد الناس بلاءً الأنبياء
ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (1481): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ:«الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلَائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» .
تابع سفيانَ وهو الثوري
(1)
جماعةٌ
(2)
: شعبة كما عند أحمد (1494)،
(1)
بدلالةِ مَنْ رَوَى عنه، وهم أبو نُعيم كما في «سنن الدارمي» (2825)، والفريابي في «مشكل الآثار» (2203).
(2)
ورواه العلاء بن المسيب كرواية الجماعة عن عاصم، أخرجه البزار (1155) من طريق عبد الرحمن المحاربي عن العلاء، به.
وتابعه القاسم بن مالك كما ذَكَره الدارقطني في «علله» (590) وصوبه، وهو كذلك؛ لرواية الجماعة عن عاصم.
وخالفهما خالد بن عبد الله الواسطي، فأسقط عاصمًا، أخرجه الحاكم في «مستدركه» (120).
وخالف هؤلاء الثلاثة جرير بن عبد الحميد فقال: عن العلاء عن أبيه عن سعد رضي الله عنه، مرفوعًا، أخرجه ابن حبان (920) وغيره. وقال أبو زُرعة: المسيب بن رافع لم يَسمع من سعد رضي الله عنه.
وحماد بن زيد كما عند أحمد أيضًا (1607) والترمذي (2398) وغيرهما، وحماد بن سلمة كما عند ابن حبان (2900)، وهشام الدَّستُوائي كما عند أحمد (1555)، وأبو بكر بن عياش كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (10828).
تابع عاصمَ بن بهدلة سِمَاكُ بن حرب من رواية شَريك عنه، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2207)، والبزار في «مسنده» (1150) وقال: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ سِمَاكٍ إِلَّا شَرِيكٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبٍ.
الخلاصة: وكَتَب شيخنا مع الباحث سلمان بن عبد المقصود الكردي، بتاريخ (1) جمادى الأولى (1445 هـ) الموافق (15/ 11/ 2023 م): يُحسَّن ولمعناه شواهد.
ومن شواهده: ما اتَّفَق عليه البخاري (5660) ومسلم (2571) من حديث عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي
(1)
، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ» فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَجَلْ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلاَّ حَطَّ اللهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» .
(1)
قال الإمام مسلم: وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ: (فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي).
فضل عيادة المريض
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2008): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ
(1)
، وَالحُسَيْنُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ البَصْرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ القَسْمَلِيُّ- هُوَ الشَّامِيُّ- عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ، نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلًا» .
وتابع يوسفَ حمادُ بن سلمة، أخرجه أحمد (8536) وغيره.
والخلاصة: أن مداره على عيسى بن سنان وهو ضعيف.
وقال الترمذي عقبه: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَأَبُو سِنَانٍ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ، وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنْ هَذَا.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن صبحي بن عبد الكريم، بتاريخ (19) شوال (1444 هـ) الموافق (9/ 5/ 2023 م): سنده ضعيف لكن انظر شواهده.
(1)
وابن ماجه (1443) عن محمد بن بشار.
الطاعون شهادة ورحمة لهذه الأمة
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (20767): حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو نُصَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَسِيبٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْحُمَّى وَالطَّاعُونِ، فَأَمْسَكْتُ الْحُمَّى بِالْمَدِينَةِ، وَأَرْسَلْتُ الطَّاعُونَ إِلَى الشَّامِ، فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي وَرَحْمَةٌ، وَرِجْسٌ عَلَى الْكَافِرِ» .
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن علي، بتاريخ (7) ذي القعدة (1444) الموافق (27/ 5/ 2023 م) إلى ثلاثة أمور:
1 -
غرابة المتن، وفي الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«اللهم انقل حُمَّاها إلى الجُعفة» .
2 -
أبو عَسِيب ليس بالصحابي المشهور.
3 -
مسلم بن عُبيد مُختلَف فيه.
تنبيه: اختُلف في أبي نُصَيْرة، هل هو واحد أو اثنان؟ وبناء على ذلك فهو مختلف فيه بين التوثيق والتجهيل.
التداوي بالقرآن والعسل
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (3452) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَلِ، وَالْقُرْآنِ» .
خالف زيدًا وكيعٌ فأوقفَهُ أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3020) وروايته أرجح وقال الشيخ مقبل في «أحاديث معلة» : شذ زيد بن الحباب.
ورواه إسرائيل كما في عند ابن أبي حاتم في «تفسيره» (10418) والبيهقي في «السنن الكبير» (19566) وشعبة كما عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (651) والطبراني في «المعجم الكبير» (8910). كلاهما عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه موقوفًا.
وخالف شعبة وإسرائيل عبد الله بن محمد فرفعه أخرجه الحاكم في «مستدركه» (8225).
ورواه الأسود بن يزيد عن ابن مسعود موقوفًا أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25239) - حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ
(1)
، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْقُرْآنِ وَالْعَسَلِ.
الخلاصة: أن الخبر اختلف في رفعه ووقفه ورواه عن ابن مسعود اثنان:
الأول: الأسود بن يزيد قولا واحدًا بالوقف.
الثاني: أبو الأحوص وعنه أبو إسحاق والأصح عنه الوقف وقال ابن عدي في «الكامل» (7275): ولا نحفظه عن وكيع ولا عن غيره من أصحاب الثوري عنه إلا موقوفًا. وذكر الدارقطني طرقًا أخرى وقال
(2)
: وقفه عن الثوري هو الصحيح. وقال البيهقي في «السنن الكبير» (19565): رفعه غير معروف والصحيح موقوف.
وكتب شيخنا مع الباحث أحمد بن عبد الباسط بتاريخ (11) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (26/ 10/ 2023 م): الأصح الوقف.
(1)
ودون عطب رقم (30019).
(2)
«العلل» (5/ 322).
المرض كفارة
قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (497): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ اللهُ كَمَا يُخَلِّصُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» .
وتابع عيسى بنَ المغيرة عثمانُ بن طلحة، كما عند ابن أبي الدنيا في «المرض والكفارات» (497).
خالفهما ثلاثة فأسقطوا جُبير بن أبي صالح، وَهُمْ:
1 -
محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخرجه عبد بن حميد (1487).
2 -
عبد الله بن نافع وهو ضعيف، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1900) وقال: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَّا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ.
3 -
أبو عَذَبَة بالتحريك، أخرجه القُضاعي في «مسند الشهاب» (1407).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن فراج، بتاريخ (17) صفر (1445 هـ) الموافق (2/ 9/ 2023 م): السند فيه بعض الاختلاف، ويُنظَر هل ابن أبي ذئب من أصحاب الزهري المشاهير؟ ثم الخبر لمعناه شواهد. اه.
علاج الحرارة المرتفعة بالماء
قال أبو يعلى في «مسنده» رقم (4770): حَدَّثَنَا عُقْبَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَرَضِهِ: «صُبُّوا عَلَيَّ سَبْعَ قِرَبٍ مِنْ مَاءِ سَبْعَةِ
(1)
آبَارٍ شَتَّى» فَفَعَلُوا.
خالف ابنَ إسحاق جمهورُ الرواة- منهم مَعْمَر وعُقيل كما عند البخاري (665) ومسلم (418)، وشُعيب ويونس كما عند البخاري (198، 3099) - فقالوا: (هريقوا عليَّ من سبع قِرب لم تُحلَل أوكيتهن).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (1) رمضان (1444 هـ) الموافق (23/ 3/ 2023 م) إلى شذوذ (آبَارٍ شَتَّى).
(1)
وعند الدارمي وغيره: (سبع).
فضل الحِجَامة
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3316): حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَيْرُ يَوْمٍ تَحْتَجِمُونَ فِيهِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ» . وَقَالَ: «وَمَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، إِلَّا قَالُوا: عَلَيْكَ بِالْحِجَامَةِ يَا مُحَمَّدُ» .
وتابع يزيدَ بن هارون زيادُ بن الربيع، أخرجه ابن ماجه (3477).
وتابعهما النضر بن شُميل، أخرجه الترمذي (2053) وقال عباد في روايته: سمعتُ عكرمة.
وتابعهما يونس بن بكير، أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (771).
وتابعهم أبو عاصم، أخرجه الحاكم (8322).
وتابع عكرمة عطاء، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11367)، وفي سنده نافع أبو هرمز، كَذَّبه ابن معين.
وعِلل هذا الخبر:
1 -
الاختلاف في عباد بن منصور، والأكثر على ضعفه، واختَلف قول يحيى القطان فيه، فتارة وثقه وأخرى قال: لا يَحفظ.
2 -
الرواية التي فيها تصريح عباد بالسماع من عكرمة وهم بنص عباد، حيث إنه سأله القطان: هل سمعتَ: «ما مررتُ بملأ
…
»؟ فقال: حدثني ابن أبي يحيى عن داود بن الحُصين عن عكرمة.
وقال ابن حبان كما في «ميزان الاعتدال» : كل ما روى عن عكرمة سَمِعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود عن عكرمة.
تنبيه: ابن أبي يحيى كذاب، وداود ضعيف في عكرمة خاصة.
وقال أبو حاتم كما «العلل» (12275): هذا حديث منكر، ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن ابن أبي يحيى.
قال البزار: لم يَسمع عباد من عكرمة.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسلام بن عبد التواب الفيومي، بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م) إلى ضعف الخبر.
التداوي مِنْ عِرْق النَسَا
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (3463): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ، ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ، فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ» .
وتابعهما علي بن سهل، أخرجه الحاكم (20614).
وتابع الوليدَ بن مسلم جماعة: المعتمر بن سليمان وأبو أسامة وحماد بن زيد، وابن عون ورَوح بن عبادة ومحمد بن عبد الله الأنصاري.
خالفهم يزيد بن هارون فأوقفه، كما عند أبي نُعيم في «حِلية الأولياء» (6/ 276): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ
(1)
، ثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ
(2)
، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: عِرْقُ النَسَا
(3)
تَأْخُذُ
(1)
هو عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهانى، و هو آخِر مَنْ حَدَّث عنه، وثقه ابن مردويه وعبد الله بن أحمد السوذرجاني. وقال الذهبي: وكان ثقة عابدًا.
(2)
هو أحمد بن الفرات بن خالد، ثقة تُكلم فيه بلا مستند.
(3)
بوزن العَصَا عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذ سمى به لأن ألمه ينسى سواه.
أَلَيْةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ لَا عَظِيمَةً وَلَا صَغِيرَةً، فَتُشَرَّحُ وَتُذَابُ وَتُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ تُشْرَبُ كُلَّ غَدَاةٍ عَلَى رِيقِ النَّفْسِ الثُّلُثُ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ نُعِتَ لِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ مِمَّنْ بِهِ عِرْقُ النِّسَاءِ فَبَرِئَ. كَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ عَنْ هِشَامٍ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ مَرْفُوعًا.
ورواية الجماعة عن هشام بالرفع أرجح للكثرة وعلو السند.
وتابع هشامَ بن حسان:
1 -
حبيب بن الشهيد، أخرجه الطيالسي (2067) والبزار (6797) والدارقطني في «علله» (2340) والراوي عنه عبد الخالق بن أبي المخارق، ذَكَره ابن حبان في «الثقات» ، وروى عنه اثنان.
2 -
أبو قبيصة مسكين بن يزيد، ذَكَره الدارقطني، ومسكين منكر الحديث، قاله البخاري.
وخالفهم خالدٌ الحَذَّاء فقال: عن أنس بن سيرين عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ذَكَره الدارقطني في «علله» كما سبق.
وخالفهم حماد بن سلمة كما عند أحمد (20742) فقال: عن أنس بن سيرين عن معبد بن سيرين عن رجل من الأنصار عن أبيه.
ورجحه أبو حاتم وأبو زرعة.
وقال الدارقطني في «علله» (6/ 5): رواه حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أنس. وأشبهها بالصواب قول حماد بن سلمة، والله أعلم.
والخلاصة: أن وجهة مَنْ يصحح هي الحُكْم على سند الوليد بن مسلم
(1)
ومَن تابعه بالصحة. وهو اختيار العَلَّامة الألباني رحمه الله، ووجه الوقف مرجوح. ووجهة مَنْ يُضعِّف هي تقليد علماء العلل في تقديم رواية حماد بن سلمة على هشام بن حسان في أنس بن سيرين؛ لكونه زاد وسَلَك غير الجادة.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن رمضان بن شرموخ، بتاريخ (7) محرم (1445 هـ) الموافق (25/ 7/ 2023 م): السند به علة تضعفه.
(1)
الوليد صَرَّح بالتحديث.
الضمان في التطبب
سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 303) ما أخرجه ابن ماجه رقم (3466): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَامِنٌ» .
وتابع هشامًا وراشدًا جماعة: سليمان بن عبد الرحمن وعيسى بن أبي عمران ونصر بن عاصم، ومحمد بن الصباح وعمرو بن عثمان ومحمد بن مصفى ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم.
والوليد بن مسلم يدلس ويسوي ولم يُصرِّح إلا عن شيخه. وقال البخاري: ابن جريج لم يَسمع من عمرو بن شعيب.
وقال أبو داود: هذا لم يَروه إلا الوليدُ، لا يُدرَى صحيح هو أم لا.
وخالفه عبد الرزاق كما في «مصنفه» (19134): عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبدِ الْعَزِيزِ فِيهِ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا مُتَطَبِّبٍ لَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا، فَتَطَبَّبَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ بِحَديدةٍ؛ الْتِمَاسَ المِثَالِ لَهُ، فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا، فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا أَصَابَ» .
ورواه حفص بن غياث عن عبد العزيز بن عمر.
قال أبو داود في «سننه» رقم (4587): حَدَّثَنا محمدُ بن العلاء، حَدَّثَنا حفصٌ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حدَّثني بعضُ الوفد الذين قَدِمُوا على أبي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّما طبيبٍ تَطبَّبَ على قومٍ، لا يُعرَف له تَطبُّب قبلَ ذلك فأَعْنَتَ، فهو ضَامِنٌ» . قال عبدُ العزيز: أما إنه ليس بالنَّعت، إنما هو قطعُ العروق، والبَطُّ، والكيُّ.
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (25/ 55): أجمع العلماء على أن المداوي إذا تعدى ما أُمر به، ضمن ما أتلف بتعديه ذلك.
الخلاصة: أَكَّد شيخنا مع الباحث صلاح الدين الخطيب، بتاريخ (3) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (18/ 10/ 2023 م) النتيجة السابقة في «سلسلة الفوائد» (4/ 303) بأن المرفوع معلول، والإجماع على العمل به.
كتاب اللباس
استحباب البَدء باليمين في اللباس
قال أبو داود في «سننه» رقم (4141): حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ
(1)
، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الأَعمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ، فَابْدَءُوا بِأَيَامِنِكُمْ» .
وتابع النفيليَّ عبدُ الرحمن بن عمرو كما عند ابن حبان (402)، وعمرو بن خالد كما عند البزار (9251)، وحسن بن موسى وأحمد بن عبد الملك، كما عند أحمد (8772).
وحَسَّن ابن الصلاح والنووي طريق زهير. وصححه الشيخ الألباني. وقال الشيخ مقبل في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1303): هذا حديث صحيح على شرط البخاري.
وهل يَرجع إليه ما أخرجه الترمذي في «سُننه» رقم (1766): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ» . وقال: قَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا
(1)
ومن طريقه ابن ماجه (402).
الإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْرَ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الوَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ.
ووافق البزارُ في «مسنده» رقم (9250) الترمذي في على هذا الكلام.
تنبيه: متن زهير وهو ابن معاوية من قوله صلى الله عليه وسلم، ورواية شعبة من طريق عبد الصمد من فعله صلى الله عليه وسلم. وقال الشيخ مقبل في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (2/ 333): فالظاهر أنه حديث آخَر، وهو بسند آخَر إلى الأعمش كما ترى، والله أعلم.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد أبو عسكرية، بتاريخ (30) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (15/ 10/ 2023 م): معلول بالوقف.
أَحَبُّ الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
أولًا- الحِبَرَة، وهو ثوب من قطن أو كتان مُخطَّط كان يُصنع باليمن
(1)
.
ومستنده ما أخرجه البخاري رقم (5812): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْبَسَهَا؟ قَالَ: «الحِبَرَةُ» .
وأخرجه مسلم رقم (2079): حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، به.
ثانيًا- القميص. ومستنده ضعيف، وهو ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (26695): حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ
(2)
قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:«لَمْ يَكُنْ ثَوْبٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَمِيصٍ» .
وخالف أبا تُمَيْلَة الفضلُ بن موسى كما عند أبي داود (4025)، وزيد بن
(1)
قال القرطبي: سُميت حبرة لأنها تحبر وتُزيَّن. وقال ابن بطال: وكانت أشرف الثياب عندهم. انظر: «فتح الباري» لابن حجر.
(2)
وعنه أيضًا يعقوب الدورقي، أخرجه ابن ماجه (3575) وزياد بن أيوب، أخرجه الترمذي (1763) وأبو داود لكن قال: عبد الله بن بريدة عن أبيه.
الحُباب كما عند الترمذي (1762) فقالا: عبد الله بن بُريدة عن أم سلمة.
وقال البخاري كما في «العلل الكبير» (532) للترمذي: الصحيح عبد الله بن بُريدة عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (29) ذي القعدة (1444) الموافق (18/ 6/ 2023 م) إلى ضعفه لجهالة أُم عبد الله بن بُريدة.
والقميص ذُكر ست مرات في قَصص نبي الله يوسف عليه السلام، في (الآيات: 18، 25، 26، 27، 28، 93). وكُفن عبد الله بن أُبَيّ بن سَلُول في قميص النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم في المُحرِم:«لا يلبس القميص» .
التشبه بالكفار في اللباس والزينة
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (5114) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
وتابع يزيد هاشم بن القاسم أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (19401) وتابعهما محمد بن يوسف أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (1137) وتابعهم عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، وغَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ كما عند الطبراني في «مسند الشاميين» (216).
وأبو المنيب الجرشي وثقه العجلي وذكره ابن حبان في «الثقات» وروى عند سبعة وهو من طبقة التابعين
(1)
.
(1)
وقال أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: إِنْ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ ميز بَين أبي الْمُنِيب الجرشِي وَبَين أبي منيب الأحدب فِي الكنى الْمُجَرَّدَة قَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم وَمَا أراهما إِلَّا وَاحِدًا. وانظر: «ذيل ميزان الاعتدال» للعراقي (ص: 219).
وحسان بن عطية ثقة وعبد الرحمن بن ثابت مختلف فيه وانظر ما سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 309).
ورواه الأوزاعي واختلف عليه على ثلاثة أوجه:
1 -
الوليد بن مسلم كما عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (231) فقال عن الأوزاعي عن حسان كرواية عبد الرحمن بن ثابت.
2 -
صدقة بن عبد الله فقال عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به ذكرها ابن أبي حاتم في «العلل» (956).
3 -
عيسى بن يونس فقال عن الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن طاووس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (20587).
واختلف عالمان من علماء العلل في الترجيح عن الأوزاعي فرجح أبو حاتم طريق عيسى بن يونس بالإرسال.
بينما رجح الدارقطني طريق الوليد بن مسلم وهو بالعنعنة. وقال شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد بتاريخ 9 جمادى الأولى 1445 موافق 23/ 11/ 2023 م: يحتمل أن الوليد بن مسلم أسقط عبد الرحمن بن ثابت.
وقال: الحديث يحسن لشواهده
(1)
.
الشاهد الأول: ما أخرجه الترمذي في «سننه» (2695) - حَدثنا قُتَيبَةُ، قَالَ: حَدثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمرِو بنِ شُعَيب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
وكان قد ضعف إسناده في تحقيقه «المنتخب» (846) لعبد بن حميد.
قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشَارَةُ بِالأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشَارَةُ بِالأَكُفِّ.
خالف قتيبةَ ابن المبارك فأوقفه ذكره الترمذي (2695) معلقًا.
ورواه يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن شعيب به فقال: أظنه مرفوعًا. أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (738) لكن في الطريق إلى يزيد سلام بن مسلم لا يعرف.
وهذا الشاهد ضعيف والأرجح فيه الوقف؛ لقوة ابن المبارك في ابن لهيعة.
الشاهد الثاني: ما أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» رقم (8327) - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ.
وقال: لَمْ يَرْوِ هَذا الحَديث عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، إلاَّ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، وَلَا عَنْ عَلِيٍّ، إلاَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ، تَفرَّدَ به مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ.
وهذا السند ضعيف؛ فيه أبو عبيدة بن حذيفة روى عنه سبعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حجر: مقبول. وعلي بن غراب مختلف فيه قال أبو حاتم والنسائي: لا بأس به. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال ابن معين: صدوق. وتارة: ليس بالقوي. وقال الدارمي: ليس بقوي. وقال أحمد: ليس له حلاوة. وقال أبو داود: ترك حديثه. وذكره ابن حبان في «المجروحين» وقال ابن نمير: له أحاديث منكرة. وقال ابن عدي: له غرائب وأفراد.
الإسبال في العمامة والقميص والإزار
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (26453): حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الإِسْبَالُ فِي الإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
خالف عبدَ العزيز بن أبي رواد الجماعةُ:
1 -
موسى بن عقبة كما عند البخاري (3665) بلفظ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» .
2، 3 - ابن وهب وحنظلة بن أبي سفيان، كما عند مسلم (2085).
وروايتهم أصوب للكثرة وللتوثيق والمتابعة القاصرة لهم من جماعة عن ابن عمر:
1، 2 - نافع وعبد الله بن دينار، كما عند البخاري ومسلم.
3 -
6 مُحارِب بن دِثَار وجَبَلة بن سُحيم وزيد بن عبد الله بن عمر ومسلم بن يناق، وغيرهم.
ومما يؤيد رواية الجماعة قول موسى بن عقبة كما في البخاري: قُلْتُ لِسَالِمٍ: أَذَكَرَ عَبْدُ اللهِ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ» ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلَّا ثَوْبَهُ.
وكون عبد العزيز ليس من مشاهير أصحاب سالم في «الصحيحين» .
ونَقَل ابن ماجه عقبه عن ابن أبي شيبة أنه قال: ما أَغْرَبَه!
والخلاصة: أن زيادة: «الإِسْبَالُ فِي الإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ» دائرة بين الشذوذ والنكارة. وكَتَب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (29) ذي القعدة (1444) الموافق (18/ 6/ 2023 م): منكرة ضعيف خالف.
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يَسدل عمامته؟
ورد في ذلك أخبار:
منها ما أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (1359): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنِي. وَفِي رِوَايَةِ الْحُلْوَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» وَلَمْ يَقُلْ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى الْمِنْبَرِ
(1)
.
وتابع أبا بكر والحُلْواني الحسنُ بن علي وابن أبي شيبة في «مصنفه» (24980) دون عطف، أما رواية مسلم فبالعطف.
خالف أبا أسامة ثلاثة فلم يَذكروا: «قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» بلفظ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» .
1 -
وكيع كما عند مسلم (1359)، والنسائي (5343)، وغيرهما.
2 -
ابن عيينة، أخرجه الترمذي في «الشمائل» (116) وابن ماجه (1104).
3 -
سهل بن عثمان، أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» .
(1)
وقال ابن أبي عاصم: لم يَقُل وكيع: بين كتفيه.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث خالد بن صالح، بتاريخ (13) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (28/ 9/ 2023 م) إلى شذوذ زيادة:«قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» .
*-قال الترمذي في «سُننه» رقم (1736): حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ» قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْدِلُ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَرَأَيْتُ القَاسِمَ وَسَالِمًا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ.
تابع يحيى بنَ محمد جماعةٌ: مصعب بن عبد الله ومحمد بن سليم والقواريري والوليد بن شجاع وإسماعيل بن مهران-.
وخالف عبدَ العزيز بن محمد أبو أسامة حماد بن أسامة، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (24976): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَعْتَمُّ، وَيُرْخِيهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ: «أَخْبَرَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّهُمْ رَأَوْا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَمُّونَ، وَيُرْخُونَهَا بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ»
(1)
.
سُئل الإمام أحمد، كما عند العقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/ 20) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُرْخِي عِمَامَتَهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَتَبَسَّمَ وَأَنْكَرَهُ أَبِي، وَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا مَوْقُوفٌ.
(1)
ومما يؤيد الوقف رواية محمد بن قيس عن ابن عمر، أخرج بن أبي شيبة نحوها، وفي سندها شريك.
وقال النسائي كما في «التهذيب» : حديث الدراوردي عن عبيد الله بن عمر منكر.
وصَوَّب الدارقطني في «العلل» (2969) الوقف.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث خالد بن صالح، بتاريخ (13) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (28/ 9/ 2023 م): الموقوف أصح.
ثَبَت النهي عن لُبْس الحرير
لكن وقع استثناء في بعض الطرق مرفوعًا
وموقوفًا فأيهما أصح من حديث عمر رضي الله عنه
-؟
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2069): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ: يَا عُتْبَةُ بْنَ فَرْقَدٍ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ، وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيكَ، وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ، فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ، قَالَ:«إِلَّا هَكَذَا» وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا. قَالَ زُهَيْرٌ: قَالَ عَاصِمٌ: هَذَا فِي الْكِتَابِ. قَالَ: وَرَفَعَ زُهَيْرٌ إِصْبَعَيْهِ.
ووافقه البخاري رقم (5829) في السند، لكن اختصر المتن هكذا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا، وَصَفَّ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِصْبَعَيْهِ، وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ.
وتابع زهيرًا حفص بن غياث، أخرجه مسلم (2069) وقال: بمثله.
فالاستثناء مرفوع في طريق عاصم الأحول، وتابعه على الرفع:
1 -
قتادة بن دِعَامة، أخرجه البخاري (5828) ومسلم (2069).
2 -
خالدٌ الحَذَّاء، لكن جاء بلفظ التقعيد هكذا:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي الْحَرِيرِ فِي إِصْبَعَيْنِ» أخرجه أحمد (242).
وجاء طريق رابع قد يُفهَم منه الإدراج، وهو طريق سليمان التيمي، أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2069): وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَهُوَ عُثْمَانُ- وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، وَاللَّفْظُ لِإِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، فَجَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْآخِرَةِ، إِلَّا هَكَذَا» ، وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ: بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَ، فَرُئِيتُهُمَا أَزْرَارَ الطَّيَالِسَةِ حِينَ رَأَيْتُ الطَّيَالِسَةَ.
وتابع جريرًا على لفظ: (إلا هكذا):
1 -
يحيى بن سعيد، أخرجه أحمد (243) والبخاري (5830) لكن دون الاستثناء (إلا هكذا).
2 -
المعتمر كما عند مسلم وقال: بمثل حديث جرير. وأخرجه البخاري (5830) عقب رواية يحيى بن سعيد ولم يَسُق لفظه، لكن أشار إلى تفسير الاستثناء من قول أبي عثمان
(1)
.
(1)
قال ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 287):
قوله: (وأشار أبو عثمان بإصبعيه المسبحة والوسطى) يريد أن معتمر بن سليمان رواه عن أبيه عن أبي عثمان عن كتاب عمر، وزاد هذه الزيادة. وهذا مما يؤيد أن رواية الأكثر في الطريق التي قبلها التي خلت عن هذه الزيادة- أَوْلَى من رواية المستملي التي أوردها فيه، فإن هذا القدر زاده معتمر بن سليمان في روايته عن أبيه.
ثم ظهر لي أن الذي زاده معتمر تفسير الإصبعين، فإن الإسماعيلي أخرجه من روايته ومن رواية يحيى القطان جميعًا عن سليمان التيمي، وقال في سياقه: كنا مع عتبة بن فَرقد فكَتَب إليه عمر يُحدِّثه بأشياء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وفيما كتبه إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا لا يَلبس الحرير في الدنيا مَنْ له في الآخرة منه شيء إلا» وأشار بإصبعيه فعرف أن زيادة معتمر تسمية الإصبعين. وقد أخرجه مسلم والإسماعيلي أيضًا من طريق جرير عن سليمان وقال فيه: بإصبعيه اللتين تليان الإبهام، فرأيناها أزرار الطيالسة حين رأينا الطيالسة.
3 -
يزيد بن هارون ولم يَذكر الاستثناء وجَعَله من قول أبي عثمان (فقال أبو عثمان: وأشار بأصبعيه) أخرجه أبو عَوانة في «مستخرجه» (8520).
ومما يؤيد ترجيح رواية سليمان التيمي في أبي عثمان على عاصم الأحول: تقديمُ يحيى بن سعيد وأبي حاتم والإمام أحمد عمومًا، لكن قد تابع عاصمًا قتادة، وكلاهما متفق عليه، وتابعهما كذلك خالد الحَذَّاء.
*-ورواه سعيد بن غفلة عن عمر، واختُلف عليه في الرفع والوقف:
1 -
خيثمة بن عبد الرحمن فذَكَر الاستثناء موقوفًا، أخرجه ابن الجعد (625).
2 -
عامر الشَّعبي واختُلف عنه بالرفع والوقف، والأكثر على الوقف، وحَكَى الدارقطني الخلاف في «العلل» (180) و «التتبع» (121).
وتابع خيثمةَ على الوقف ثلاثة: عبدة بن أبي لبابة وعمران بن مسلم وإبراهيم بن عبد الأعلى.
ورواه زِر بن حُبيش عن عمر قوله، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (24682) قال عمر: لا تَلبسوا من الحرير إلا أصبعين أو ثلاثة.
واقتَصَر على النهي دون الاستثناء:
1 -
عبد الله بن عمر عن عمر، كما في البخاري (5835) ومسلم (2069) واللفظ للبخاري، من طريق عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الحَرِيرِ، فَقَالَتْ: ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْهُ. قَالَ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: سَلِ ابْنَ عُمَرَ. قَالَ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ- يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ» فَقُلْتُ: صَدَقَ، وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
2 -
عبد الله بن الزبير، كما في البخاري (5834) ومسلم (2069).
3 -
أبو وائل، أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (9663) وفي سنده مسلم الأعور، ضعيف.
الخلاصة: رواه عن عمر رضي الله عنه جماعة:
1 -
ابن عمر وابن الزبير وأبو وائل، بالنهي عن لبس الحرير دون الاستثناء.
2 -
أبو عثمان النهدي. والأرجح أن الاستثناء مرفوع.
3 -
سُويد بن غفلة، والأرجح عنه أن الاستثناء من قول عمر رضي الله عنه.
4 -
زِر بن حُبيش على الوقف.
ومال شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (13) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (28/ 10/ 2023 م) إلى صحة الاستثناء وأنه متفق عليه.
تنبيه: ثَبَت الترخيص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن عوام رضي الله عنهما في لبس الحرير لعلة، أخرجه البخاري (2919) من طريق قتادة، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ؛ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا.
ومسلم (2076) كذلك، وفي طريق أبي أسامة عن سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة زاد التقييد بالسفر، وقال:«مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا» .
حرمة لبس السلاسل الذهبية للشباب
قال الإمام أحمد في «مسنده» (935): حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الصَّعْبَةِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو أَفْلَحَ، عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» .
واختُلف اختلافًا كثيرًا على يزيد بن أبي حبيب، واختُلف أيضًا على ليث
(1)
. وفي سند الخبر أبو أفلح، رَوَى عنه ثلاثة ووثقه العجلي، وقال فيه ابن القطان: مجهول.
وله شاهدان:
الأول: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (3597): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْإِفْرِيقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
(1)
وهل يُعَلّ طريق ليث بما أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (375): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالكَارِهِ لَهُ، وَقَالَ:«لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ» .
وَفِي إِحْدَى يَدَيْهِ ثَوْبٌ مِنْ حَرِيرٍ، وَفِي الْأُخْرَى ذَهَبٌ، فَقَالَ:«إِنَّ هَذَيْنِ مُحَرَّمٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» .
الثاني: حديث أبي موسى رضي الله عنه، أخرجه أحمد في «مسنده» (19502): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرِيرًا بِيَمِينِهِ وَذَهَبًا بِشِمَالِهِ، فَقَالَ:«أُحِلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» .
قال ابن وهب
(1)
في «جامعه» (ص: 704): أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ التَّنُوخِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عليه السلام خَرَجَ، وَفِي إِحْدَى يَدَيْهِ ثَوْبٌ مِنْ حَرِيرٍ، وَفِي الْأُخْرَى ذَهَبٌ، فَقَالَ:«إِنَّ هَذَيْنِ يَحْرُمَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» .
وعبد الرحمن بن نافع ضعيف، وكذا الإفريقي عبد الرحمن بن زياد بن أَنعَم.
وخالف عبدَ الله بن سعيد نافع فأسقط الرجل، وسعيدُ بن أبي هند لم يَسمع من أبي موسى.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فراج، بتاريخ (8) محرم (1444 هـ) الموافق (6/ 8/ 2022 م): الحديث في طرقه مقال ولكنه يصح لشواهده. «حِل لإناث» فيها مقال. اه.
(1)
وعنه الطيالسي في «مسنده» (236) وتابعه عبد الرحيم بن سليمان، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (26662)، وعنه ابن ماجه (3597). وتابعهم إسماعيل بن عياش كما في «مسند الحارث» (585).
لُبْس الخاتم
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5868): حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.
وخالف الليثَ سليمانُ بن بلال وطلحة بن يحيى ويحيى بن نصر، فلم يَذكروا الطرح، كما عند مسلم.
ورواه قتادة وعبد العزيز بن صهيب كما عند البخاري ومسلم، وحميد وثُمامة بن عبد الله كما عند البخاري، وثابت البُناني، فلم يَذكروا الطرح.
أقوال العلماء في توهيم طرح الخاتم:
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (10/ 491): قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ نَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ. وَهَذَا غَلَطٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إِنَّمَا نَبَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ لَا مِنْ وَرِقٍ.
وقال القاضي عياض في «إكمال المُعلِم بفوائد مُسلِم» (6/ 610):
قوله في حديث ابن شهاب: عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم طرح خاتم الوَرِق من يده لما اتخذها الناس. توهم عند جميع أهل الحديث عن ابن شهاب: مِنْ خاتم الذهب، والمروي عن أنس من غير طريق ابن شهاب أيضًا اتخاذ النبي خاتمًا من وَرِق.
وقال بعضهم: يمكن الجمع بين الحديثين عن أنس من رواية ابن شهاب ورواية غيره، أنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غدا على طرح خاتم الذهب وحرمه، اتَّخَذ خاتم الفضة، فلما لبس خاتم الفضة أراه الناس ذلك اليوم لتردهم إباحته، ثم طرح عند ذلك خاتم الذهب، فطرح الناس خواتمهم، يعنى الذهب.
وقال البيهقي في «شُعب الإيمان» (5/ 196): ويُشبِه أن يكون ذِكر الوَرِق في هذا الحديث وهمًا سَبَق إليه لسان الزهري، فحَمَلوه عنه على الوهم.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (21) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (5/ 11/ 2023 م): لم يَذكر أصحاب أنس الطرح، إنما تفرد بذكر الطرح ابن شهاب، وإنما الطرح لخاتم الذهب من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. اه.
أيهما أصح التختم في اليمين أم الشمال؟
وردت فيه أخبار أصحها مع اتساع المخرج ما أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (2095) حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى» .
وتابع ابن مهدي بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ كما عند مسلم ولفظه:
عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ:«إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا، وَنَامُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ» ، قَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ.
ورواه حميد
(1)
وعبد العزيز بن صهيب
(2)
عن أنس رضي الله عنه دون تقييد باليمين أو الشمال.
(1)
أخرجه البخاري (5870).
(2)
أخرجه البخاري (5877) ومسلم (2092).
ورواه قتادة بن دعامة وعنه جماعة:
1، 3 - هشام الدستوائي وخالد بن قيس وقرة بن خالد ثلاثتهم عند مسلم (2092، 640) كرواية حميد وعبد العزيز.
4 -
تابعهم شعبة في الراجح عنه فرواه عنه خمسة
(1)
دون تقييد وخالفهم سلم بن قتيبة وهو صدوق يهم فزاد في «أصبعه اليسرى» أخرجه النسائي (5284).
5 -
وسعيد بن بشير وهو ضعيف في قتادة فقال: «فكان يلبسه في شماله»
(2)
أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» (350).
6 -
سعيد بن أبي عروبة واختلف عليه فرواه الجماعة -يزيد بن زريع، عيسى بن يونس، وخالد بن عبد الله ومحمد بن جعفر
(3)
ومحمد بن بكر- عنه دون تقييد بيمين أو شمال هكذا: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى رَهْطٍ، أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الأَعَاجِمِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلاَّ عَلَيْهِ خَاتَمٌ، فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَكَأَنِّي بِوَبِيصِ، أَوْ: بِبَصِيصِ الخَاتَمِ فِي إِصْبَعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فِي كَفِّهِ» أخرجه البخاري (5872).
خالفهم عباد بن العوام فقال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه» أخرجه النسائي (5283).
(1)
ابن المبارك وعلي بن الجعد وآدم بن إياس وغندر كما عند البخاري (65، 2938، 5875، 7162) وبشر بن المفضل كما عند النسائي (5201).
(2)
أعله أبو حاتم في «العلل» (4/ 319).
(3)
سبق في الرواة عن شعبة.
ورواه الزهري وعنه يونس بن يزيد واختلف عليه فرواه عنه ابن وهب
(1)
وعثمان بن عمرو
(2)
دون تقييد بيمين أو شمال.
خالفهما طلحة بن يحيى وسليمان بن بلال
(3)
فقالا: «لبس خاتم فضة في يمينه»
والأرجح رواية ابن وهب وعثمان بن عمرو دون تقييد؛ لأن طلحة بن يحيى صدوق يهم والراوي عن سليمان بن بلال إسماعيل بن أبي أويس متكلم فيه.
الخلاصة: أن أكثر الروايات دون تقييد
(4)
والأرجح في التقييد أنه في الشمال وأسلمها طريق حماد بن سلمة عن ثابت وقال الدارقطني
(5)
على رواية حماد عن ثابت وهو المحفوظ.
وكتب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد بتاريخ 23/ جمادى الأولى 1445 موافق 7/ 12/ 2023 م: الأرجح في حديث أنس الشمال وأكثر الروايات عن أنس لم تذكر اليمين ولا الشمال. والله أعلم.
(1)
أخرجه مسلم (2094).
(2)
أخرجه النسائي (5277).
(3)
أخرجه مسلم (2094).
(4)
وقال أبو زرعة لما سئل عن التختم في اليمين أو اليسار قال: في يمينه الحديث أكثر ولم يصح هذا ولا هذا. انظر «العلل» (4/ 305) لابن أبي حاتم.
(5)
كما في «العلل المتناهية» (2/ 206) لابن الجوزي.
تنبيه: قال النووي في «شرحه على مسلم» (14/ 72): وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ وَعَلَى جَوَازِهِ فى اليسار ولاكراهة فى واحدة منهما.
واختلفوا أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ فَتَخَتَّمَ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ فِي الْيَمِينِ وَكَثِيرُونَ فِي الْيَسَارِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْيَسَارَ وَكَرِهَ الْيَمِينَ.
وَفِي مَذْهَبِنَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَمِينَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ وأحق بالزينة والإكرام
…
والله أعلم.
حكم لبس الحلقة أو (الحظاظة) أو السلاسل
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (20000) - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً، أُرَاهُ قَالَ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ:«وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟» قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ؟ قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْكَ؛ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا»
وتابع خلف جماعة لكن بذكر العنعنة بين الحسن وعمران و قال الإمام أحمد بن حنبل: كان مبارك بن فضالة يرفع حديثا كثيرا، و يقول فى غير حديث عن الحسن:«قال: حدثنا عمران» ، «قال: حدثنا ابن مغفل»، و أصحاب الحسن لا يقولون ذلك غيره.
وتابع المبارك أبو حرة واصل بن عبد الرحمن كما عند البزار (3545) وأبو حمزة العطار كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (355) وتابعهم صالح بن رستم أبو عامر أخرجه ابن حبان (6088) وغيره.
وخالفهم يونس بن عبيد ومنصور ومعمر فأوقفوه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (23460) -حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ
(1)
، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ
(1)
وأخرجه البزار (3545) مرفوعًا وفي سنده عمرو بن مالك وهو ضعيف.
عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ حَلْقَةً مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟» قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ، قَالَ:«لَمْ يَزِدْكَ إِلَّا وَهْنًا، لَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تَرَاهَا نَافِعَتَكَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ» . حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، مِثْلَ ذَلِكَ.
وتابعهما معمر كما في «جامعه» (20344).
والأرجح الوقف
(1)
لكن الخلاف في سماع الحسن من عمران رضي الله عنه.
وللخبر شاهدان:
الأول من حديث ثوبان رضي الله عنه أخرجه الدولابي في «الكنى» (1065) - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَيَّارٍ النَّصِيبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْكَلَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ثَوْبَانَ يَقُولُ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ خَاتَمًا فَقَالَ: لَبِسْتُهُ مِنَ الْوَاهِنَةِ فَقَالَ: «ضَعْهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا» وتابع بشر بن عمارة عبد الرحمن بن محمد أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (1439) وغيره.
ومداره على الأحوص بن حكيم مختلف فيه. وقال فيه ابن حبان: لا يعتبر بروايته. وقال الدارقطنى: يعتبر به إذا حدث عنه ثقة.
وبشر بن عمارة ضعيف وعبد الرحمن بن محمد ثقة إلا أن أبا حاتم قال: صدوق إذا حدث عن الثقات، و يروى عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسد حديثه بروايته عن المجهولين.
(1)
ورد مرسلا معلقًا عند ابن وهب في «جامعه» (672).
الشاهد الثاني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (7699) وفي سنده عفير بن معدان منكر الحديث. وأبو زيد الحوطي لم يقف له الباحث على موثق.
وثمت مرسل عن أبي سعيد الخراساني وهو مقبول من السادسة أخرجه ابن وهب في «جامعه» (672).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إبراهيم بن محمود بن إبراهيم البلقاسي بتاريخ 23/ جمادى الأولى 1445 موافق 7/ 12/ 2023 م إلى ضعفه.
الثوب الأحمر
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2069): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ، قَالَ: أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةً: الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ
(1)
، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ. فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الْأَبَدَ؟ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ» فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ. وَأَمَّا مِيثَرَةُ الْأُرْجُوَانِ، فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ اللهِ. فَإِذَا هِيَ أُرْجُوَانٌ. فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ فَخَبَّرْتُهَا، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ
(2)
بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ: هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا.
(1)
الأُرجوان: صبغ أحمر.
(2)
كذا وقع في جميع النسخ «وفرجيها مكفوفين» ومعنى المكفوف أنه جعل لها كفة بضم الكاف وهي ما يكف به جوانبها ويعطف عليها ويكون ذلك في الذيل وفي الفرجين وفي الكمين.
وتابع خالدَ بن عبد الله يحيى بنُ زكريا كما عند النسائي (9546)، ويحيى بن سعيد كما عند أحمد (26942).
وتابع عبدَ الملك حجاجُ بن أرطأة، أخرجه ابن ماجه (2819).
وتابعهما المغيرة بن زياد، أخرجه أبو داود (4054).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: د. سيد سكر، بتاريخ (15) ذي القعدة (1444) الموافق (4/ 6/ 2023 م) وهو يناقش رواية أبي داود التي فيها:«مكفوفة الجيب والكمين والفرجين» :
1 -
هل كل الطرق مطولة؟
2 -
ما الحديث الذي استنكره ابن مَعين على المغيرة بن زياد؟
3 -
مزيد مِنْ جمع الطرق والتحرير. ا هـ.
تنبيه: تنظر قصة حُلة عُطَارد
…
وتنظر ترجمة عبد الله مولى أسماء.
حكم لبس المعصفر للرجال
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2077) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ مَعْدَانَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ:«إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا» تابع الدستوائي والد معاذ علي بن المبارك أخرجه مسلم كذلك.
ورواه طاووس من مخرج متسع مع زيادة «الأمر بالحرق» أخرجه مسلم صحيح مسلم (2077) حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمُوصِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ:«أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟» قُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا، قَالَ:«بَلْ أَحْرِقْهُمَا» تابع سليمان الأحول ابن طاووس أخرجه النسائي (7135) وعبد الرزاق (56991).
ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإنكار حرقه فيما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6852) - حَدَّثَنَا أَبُو مُغِيرَةَ
(1)
، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ،
(1)
تابعه عيسى بن يونس أخرجه أبو داود في «سننه» (6604).
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: هَبَطْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا عَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِعُصْفُرٍ، فَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟» ، فَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَرِهَهَا، فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورَهُمْ، فَلَفَفْتُهَا، ثُمَّ أَلْقَيْتُهَا فِيهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ؟» قَالَ: قُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُ مَا كَرِهْتَ مِنْهَا، فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورَهُمْ فَأَلْقَيْتُهَا فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَهَلَّا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ» .
وتابع شعيبا والد عمرو شفعة السمعي وهو مقبول أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4068) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ شُفْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ:«أُرَاهُ وَعَلَيَّ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ مُوَرَّدٌ» ، فَقَالَ:«مَا هَذَا؟» فَانْطَلَقْتُ فَأَحْرَقْتُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا صَنَعْتَ بِثَوْبِكَ؟» فَقُلْتُ: أَحْرَقْتُهُ، قَالَ:«أَفَلَا كَسَوْتَهُ بَعْضَ أَهْلِكَ» .
ورواه مجاهد بزيادة عدم رد السلام فيما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4069) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُزَابَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:«مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» وأبو يحيى القتات لين وقال الإمام أحمد: إسرائيل روى عن أبي يحيى القتات أحاديث مناكير جدًّا كثيرة.
الخلاصة: ثمة تعارض بين روايتي طاووس بلفظ «بل احرقهما»
(1)
وعمرو بن شعيب
(2)
«ألا كسوتهما بعض أهلك فإنه لا بأس به للنساء» ورواية طاووس أقوى إسنادًا لكن رواية عمرو أوفق لهديه صلى الله عليه وسلم كما في قصة عمر رضي الله عنه: «إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا»
(3)
.
بينما انتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد بتاريخ (13) جمادى الأولى (1445 هه) موافق (27/ 11/ 2023 م) إلى أنه لا تعارض بين هذه المتون.
(1)
حمله النووي على الزجر.
(2)
ومتابعه شفعة السمعي.
(3)
أخرجه البخاري (886) ومسلم (2068).
حُكْم الجلوس على الحرير
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5837): حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ.
خالف ابنَ أبي نَجِيح أربعة:
1 -
سيف بن أبي سليمان، أخرجه البخاري رقم (5426)، ومسلم رقم (5450).
2 -
ابن عون، أخرجه البخاري (5633).
3 -
منصور، أخرجه أحمد (23437).
4 -
الأعمش، كما عند البزار (2949) وسنده يرجع إلى وهب بن جرير عن أبيه، عن الأعمش، عن مجاهد، به، بدونها.
وتابع الجماعةَ عن مجاهد بدونها:
1 -
الحَكَم بن عُتيبة، أخرجه البخاري (5632)، وأبو داود (3675)، والترمذي (1878)، وابن ماجه (3590)، وأحمد (23269).
2 -
يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، أخرجه النسائي في «السنن الكبير» (5301)، وابن أبي شيبة (26247)، وأحمد في «مسنده» رقم (23464).
وتابع ابنَ أبي نَجيح عبدُ الله بن عُكَيْم
(1)
كما عند النَّسَائي (5301)، والبزار (2809)، وابن حِبان (1975).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن عادل، بتاريخ (27) شعبان (1444 هـ) الموافق (19/ 3/ 2023 م): الناحية الفنية تفيد أنه بدونها أصوب، والله أعلم.
وسَبَق أن شيخنا مال إلى ضعفها في «سلسلة الفوائد» (1/ 417) وأن السند سباعي، ورواية وهب بن جرير عن أبيه متكلم فيها، ووقع عليه اختلاف.
ثم طَرَح شيخنا سؤالًا: لو أن زوجة فرشت سريرًا بمفرش حرير، وطَلَبَتْ من زوجها الجلوس عليه، فهل يجلس عليه يا فلان؟
ثم أجاب المسئول: أتيناك بمَخرج، وهو ضعف الزيادة.
(1)
ورَدَّ ابن حِبان طريق ابن أبي ليلى لهذه المتابعة، وإليك نص كلامه في «صحيحه» (12/ 157): قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَدَّثَنَا بِهِ أَوَّلًا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُذَيْفَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُذَيْفَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي فَرْوَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمِ. قَالَ سُفْيَانُ: وَلَا أَظُنُّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى سَمِعَهُ إِلَّا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ.
وأما البَزَّار فأشار إلى خلاف في سند هذه المتابعة، ورَجَّح طريق ابن أبي ليلى عن حُذيفة رضي الله عنه. وإليك نص كلامه من «مسنده» (7/ 235): وَلَا نَعْلَمُ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ [أبي] لَيْلَى، عَنْ حُذَيْفَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَخَالَفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ.
استحباب التختم في الخنصر
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2095): حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ. وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى.
وتابع ثابتًا حميد، أخرجه الإمام البخاري رقم (5874): حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا، قَالَ: إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا، وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلَا يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. قَالَ: فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ.
وللخبر طرق وألفاظ كثيرة.
وقال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2095): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ» قَالَ: «فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا» وتابع أبا الأحوص عبدُ الله بن إدريس كما عند مسلم (2078).
تنبيه: طَلَب شيخنا تحرير لفظ: «نهاني ولا أقول: نهاكم» لِما تَحمِله من الخصوصية
(1)
.
(1)
تنظر فهي متعلقة بالركوع والسجود في «صحيح مسلم» وخارجه عن تختم الذهب.
قال النووي في «شرحه على مسلم» (14/ 71): أجمع المسلمون على أن السُّنة جعل خاتم الرَّجُل في الخنصر، وأما المرأة فإنها تَتخذ خواتيم في أصابع. قالوا: والحكمة في كونه في الخنصر أنه أبعد من الامتهان فيما يُتعاطى باليد لكونه طرفًا، ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها، بخلاف غير الخنصر. ويُكرَه للرَّجُل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث، وهي كراهة تنزيه.
حد إزرة المؤمن
1 -
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2086): حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ، فَقَالَ:«يَا عَبْدَ اللهِ، ارْفَعْ إِزَارَكَ» فَرَفَعْتُهُ، ثُمَّ قَالَ:«زِدْ» ، فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ.
وعبد الله بن واقدٍ ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وأَخْرَج له مسلم، وقال ابن حجر: مقبول.
وقد تابعه عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو إلى الضعف أقرب، ورَفَع قدرًا من المتن وأوقف وجه الشاهد، أخرجه أحمد (5727) ولفظه:«كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبْطِيَّةً، وَكَسَا أُسَامَةَ حُلَّةً سِيَرَاءَ. قَالَ: فَنَظَرَ فَرَآنِي قَدْ أَسْبَلْتُ، فَجَاءَ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِي وَقَالَ: «يَا بْنَ عُمَرَ، كُلُّ شَيْءٍ مَسَّ الْأَرْضَ مِنَ الثِّيَابِ فَفِي النَّارِ» قال: فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَّزِرُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ.
*-ورواه زيد بن أسلم عن ابن عمر، واختُلف عليه في اللفظ:
فرواه عنه ثلاثة:
1 -
أيوب السَّختياني، أخرجه أحمد (6263) وفيه:«ارفع إزارك» فرفعتُ
إزاري إلى نصف الساقين. لكن الراوي عن أيوب محمدُ بن عبد الرحمن الطُّفاوي، ضَعَّفه أبو حاتم، وقال أبو زُرعة: منكر الحديث. وقال ابن مَعين: لا بأس به. وقال ابن حجر: صدوق يهم.
2 -
الإمام مالك، أخرجه البخاري (5783) ومسلم (2085): عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» .
3 -
مَعمر جَمَع المتنين، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (19980): عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ» .
قَالَ زَيْدٌ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحَدِّثُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَآهُ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ يَتَقَعْقَعُ، يَعْنِي حَرِيرًا، قَالَ:«مَنْ هَذَا؟» قُلْتُ: عَبدُ اللهِ. قَالَ: «إِنْ كُنْتَ عَبدَ اللهِ فَارْفَعْ إِزَارَكَ» قَالَ: فَرَفَعْتُهُ. قَالَ: «زِدْ» قَالَ: فَرَفَعْتُهُ حَتَّى بَلَغَ نِصْفَ السَّاقِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ:«مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: إِنَّ إِزَارِي يَسْتَرْخِي أَحْيَانًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَسْتَ مِنْهُمْ» .
ورواه جمهورُ الرواة -سَبَق سالم وعبد الله بن دينار، ويضاف إليهما: نافع ومحارب بن دثار وجبلة بن سحيم وزيد بن عبد الله بن عمر وولده محمد ومسلم بن يناق ومحمد بن عباد بن جعفر ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وعطية العوفي- عن ابن عمر، كمتن مالك عن زيد بن أسلم.
والخلاصة: أن الأرجح رواية الجمهور عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولعل الأخرى على فرض ثبوتها رُويت بالمعنى، وجَمْع مَعمر للمتنين يُرجِّح كونهما حديثًا
واحدًا. وانتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (27) شوال (1444 هـ) الموافق (17/ 5/ 2023 م) إلى أن كل الطرق في أنصاف الساقين إلى ابن عمر رضي الله عنهما ضعيفة.
2 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (13605): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ» فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ:«إِلَى الْكَعْبَيْنِ، لَا خَيْرَ فِيمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ» .
وتابع يزيدَ محمدُ بن طلحة كما عند أحمد (12424).
وتابعهما أبو شهاب الحناط، كما عند البيهقي في «شعب الإيمان» (5729).
وخالفهم ابن المبارك كما عند أحمد (13692) فرواه على الشك، هكذا: «كأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال
…
».
وخالفهم سهل بن يوسف فأوقفه، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25324).
والخلاصة: أن الوجهين بالرفع والوقف قائمان، وهو اختيار أخينا محمود بن أبي زيد في بحثه «الإنصاف في حكم الإسبال» (ص/ 8) وقد طَلَب شيخنا من الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (27) شوال (1444 هـ) الموافق (17/ 5/ 2023 م) كلامًا لأهل العلل، معللًا أن الاختلاف في رفعه ووقفه يوهنه. وسَبَق حديث أبي سعيد رضي الله عنه في «سلسلة الفوائد» (4/ 337) في إزرة المؤمن، وأن إسناده حسن على اختلاف كبير.
تنبيه: مداره على العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي سعيد، وهذه غير الجادة كما في رواية الجمهور عن العلاء كما «الموطأ» (2657)، وخالفهم فُليح بن سليمان كما عند النسائي في «الكبرى» (9630) فسَلَك الجادة
(1)
ورَجَّح الدارقطني في «العلل» غير الجادة.
والعلاء بن عبد الرحمن مختلف فيه، فهل يَتحمل الانفراد بمثل هذا الحكم؟ وقد قال ابن عيينة: ليس في الإزار مثل هذا الحديث.
ثم عَرَضه الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (3) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (23/ 5/ 2023 م) فكَتَب شيخنا معه: هل رَوَى أبو سعيد أي شيء في الإسبال؟
(2)
. اه.
وسَبَق كذلك ضعف حديث عبيدة بن خلف رضي الله عنه، وفي سنده رهم بن الأسود، لا يُعرَف.
هل يَشتري الشخص
لنفسه وأهله وأولاده أكثر من نعل؟
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2096): حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ»
(1)
.
وتابع معقلًا ابن لَهيعة كما عند أحمد (14626).
وقال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 793): مَعقِل بن عُبيد الله الجَزَري ثقة، كان أحمد يُضعِّف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يُشْبِه حديثه حديث ابن لَهيعة.
(1)
شَبَّهه بالراكب في قلة المشقة. قاله ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 309).
حُكْم المشي في نعل واحدة؟
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5856): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَمْشِي
(1)
أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا».
وأخرجه مسلم رقم (2097): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، به.
وتابع الأعرجَ أبو رزين، أخرجه مسلم (2098).
وتابعهما محمد بن زياد، أخرجه مسلم (2098).
وتابعهم همام، أخرجه أحمد (8151).
وتابعهم سعيد المقبري، أخرجه ابن ماجه (3617).
*-خالف أبا الزناد جعفر بن ربيعة عن الأعرج فزاد: «وقال: إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة» أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1358)
(2)
.
(1)
حقه: لا يمش، بحذف الياء؛ لأنه نهي، ولعل كتابة الياء من النساخين.
(2)
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ، وَقَالَ:«إِنَّ الشَّيْطَانَ يَمْشِي بِالنَّعْلِ الْوَاحِدَةِ» .
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد النمر، بتاريخ (5) صفر (1444 هـ) الموافق (1/ 9/ 2022): سنده صحيح، وفي لفظة:«إن الشيطان يَمشي في نعل واحدة» ريب عندي، وتُبدِي حُجتك. اه.
كتاب الزينة
هل خَضَب النبي صلى الله عليه وسلم لحيته؟
قال ابن سعد في «الطبقات» (4/ 167) رقم (5288): أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُريِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيجِ- يَعني عُبَيْدَ بْنَ جُرَيْجٍ-: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ. قالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ. قالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا وَيَسْتَحِبُّهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا.
وتابع ابنَ نُمير أبو أسامة، أخرجه ابن ماجه (3626).
وتابع عبيدَ الله الإمامُ مالك، لكن جَعَلها أربعة أسئلة وأَجْمَل في الصبغ. أخرجه البخاري «صحيحه» رقم (166): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ: وَمَا هِيَ يَا بْنَ جُرَيجٍ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمَسُّ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ. وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ
فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا. وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا. وَأَمَّا الإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ.
وتابع عبدَ الله بن يوسف: عبدُ الله بن مسلمة القَعنبي ويحيى بن يحيى وإسحاق بن عيسى.
ورواه زيد بن أسلم واختُلف عليه:
فتارة عن عبيد بن جريج به، وفيه:«يصفر لحيته» أخرجه النسائي (5243) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار
(1)
وصوبها النسائي على الرواية الآتية.
وتارة بإسقاط عبيد بن جُريج، أخرجه النسائي (5085) من طريق الدراوردي
(2)
من رواية يعقوب بن إبراهيم وفيها: «يصفر لحيته» وخالفه القعنبي كما عند أبي داود (4064) وفيه: «يَصبغ ثيابه وعمامته»
(3)
.
ورواه نافع عن ابن عمر، وعنه اثنان:
1 -
ابن أبي رواد، كما عند أبي داود (4210) والنسائي (5244).
2 -
عبد الله بن عمر العمري، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25039) وأحمد (5950).
(1)
وهو صدوق يخطئ عند الحافظ والأكثر على ضعفه، وهو اختيار شيخنا مع الباحث.
(2)
مختلف فيه.
(3)
يُتفطن أن القعنبي من الرواة السابقين عن مالك، وقد ذكر الرواية مجملة في الصبغ.
الخلاصة: أن رواية «الصحيحين» من طريق مالك: «وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا» هكذا مجملة دون تقييد بلحية أو ثوب. وعندي أنها مبينة في رواية عبيد الله بن عمر، وتابعه على هذا البيان مع ضعف في الأسانيد الأشهر في رواية زيد بن أسلم، وهي التي صوبها النسائي، ورواية نافع مولى ابن عمر.
لكن اختار شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد، بتاريخ (11) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (26/ 9/ 2023 م) أنها محمولة على الثياب
(1)
جمعًا بين هذا الحديث وحديث أنس رضي الله عنه، لما سُئل:«لَمْ يَبْلُغِ الْخِضَابَ كَانَ فِي لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ»
(2)
. وأضاف الباحث أن استعمال معاجم اللغة لكلمة الصبغ إنما هو في الثياب، أما اللحية فيُطلَق عليه الخضاب.
(1)
قال النووي في «شرح مسلم» (8/ 95): قَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ: قِيلَ: الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَبْغُ الشَّعْرِ. وَقِيلَ: صَبْغُ الثَّوْبِ. قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ صَبْغَ الثِّيَابِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَبَغَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَبَغَ شَعْرَهُ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بَيَّنَ فِيهَا تَصْفِيرَ ابْنِ عُمَرَ لِحْيَتَهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ ....
(2)
أخرجه مسلم (2341) بهذا اللفظ.
أطيب الطِّيب
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2252): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي خُلَيْدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَصِيرَةٌ، تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ
(1)
، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ
(2)
، فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوهَا، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا» وَنَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ.
تابع أبا أسامة على القصة مطولة شَبَابة بن سَوَّار وعبد الرحمن بن غزوان، كما عند النَّسائي (9352، 9353) وتابعهما يزيد بن هارون، لكن بعطف
(1)
في «فتح المنعم شرح صحيح مسلم» (9/ 33): برفع «مغلق مطبق» خبر مبتدأ محذوف، صفة لخاتم على القطع، أي جعلت للمسك في الخاتم غلقا، يطبق على المسك، فيغلقه حيث تشاء، وتفتحه فيفوح حيث تشاء
(2)
وجملة «أَطْيَبُ الطِّيبِ» جاءت في «صحيح مسلم» (1189): فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: بِأَيِّ شَيْءٍ طَيَّبْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ حُرْمِهِ؟ قَالَتْ: بِأَطْيَبِ الطِّيبِ.
ووُصف طِيبه صلى الله عليه وسلم بأنه أطيب الطِّيب.
فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عِنْدَنَا فَعَرِقَ، وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ، فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ الْعَرَقَ فِيهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟» قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ. أخرجه مسلم (2331).
المستمر بن الريان على خُلَيْد بن جعفر، أخرجه مسلم.
وخالفهم جماعة فاختصروه، وهم:
1 -
وكيع، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (11269): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: ذُكِرَ الْمِسْكُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«هُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ»
(1)
.
2 -
أبو داود الطيالسي كما في «مسنده» (2283)، ولفظه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ» .
3 -
هاشم بن القاسم، أخرجه أحمد (11832)، ولفظه: ذُكِرَ الْمِسْكُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ؟» .
ورواه الجماعة- الطيالسي في «مسنده» (2274)، ومسلم بن إبراهيم، أخرجه أبو داود في «سننه» (3158)، وابن مهدي وزيد بن الحُباب كما عند أحمد (11311، 11590)، وأُمية بن خالد كما عند النسائي (2044)، وعبد الوارث كما عند الحاكم في «مستدركه» (1336) - عن المستمر بن الريان عن أبي نضرة عن أبي سعيد، مرفوعًا مختصرًا.
وخالفهم عثمان بن عمر، كما عند أحمد (11364) بالقصة مطولة.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سلمان بن عبد المقصود الكردي، بتاريخ (1) جمادى الأولى (1445 هـ) الموافق (15/ 11/ 2023 م): احكم على السند، والله أعلم أخشى من الإدراج أو الاختصار المُخِل، فالله أعلم. اه.
(1)
قال ابن خزيمة في «صحيحه» (4/ 156): وَفِي خَبَرِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَطْيَبَ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ. دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ نَجِسٌ.
الطِّيب من الزينة
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (4074): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُرْدَةً سَوْدَاءَ، فَلَبِسَهَا، فَلَمَّا عَرِقَ
(1)
فِيهَا وَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ، فَقَذَفَهَا. قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَكَانَ تُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ.
تابع محمدَ بن كثير جماعةٌ: الطيالسي في «مسنده» (1663)، وعفان بن مسلم، أخرجه أحمد (25643)، ويزيد بن هارون وبهز بن أسد وعبد الصمد بن عبد الوارث، ثلاثتهم عند أحمد (25757، 26480، 26758).
خالف همامًا هشام الدَّستُوائي فأرسله، أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (9583).
الخلاصة: هشام أرجح في قتادة، لكن الراوي عن هشام ابنه معاذ وهو صدوق له أوهام؛ فلذا تَوقَّف شيخنا وطَلَب مزيد بحث من الباحث محمد أبو عسكرية في رواية قتادة عن مطرف، بتاريخ (21) ربيع الآخِر (1445) الموافق (5/ 11/ 2023 م).
(1)
في «المصباح المنير» (م/ ع ر ق): عَرِقَ: «عَرَقًا» من باب تعب فهو «عَرْقَانُ» قال ابن فارس: ولم يسمع للعرق جمع.
الاكتحال وترًا
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8838): حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنِ الْحُصَيْنِ - كَذَا قَالَ - عَنْ أَبِي سَعْدِ الْخَيْرِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عُمَرَ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، وَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ. وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ. وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَنْ لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ. وَمَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا فَلْيَسْتَدْبِرْهُ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» .
وتابع عيسى بنَ يونس عبدُ الملك بن الصباح، أخرجه ابن ماجه (337، 3498) وتابعهما أبو عاصم كما عند الدارمي (689).
ورواه ابن لهيعة
(1)
واختُلف عليه:
فرواه حسن الأشيب عنه عن أبي يونس عن أبي هريرة، أخرجه أحمد (8611).
(1)
وثَم خلاف آخَر أخرجه أحمد رقم (17427): حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا، وَإِذَا اكْتَحَلَ فَلْيَكْتَحِلْ وِتْرًا» .
وخالفه يحيى بن إسحاق واختُلف عليه، فتارة كرواية حسن الأشيب، أخرجه أحمد (8677)، وأخرى عن ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، به، أخرجه أحمد (8612) ولفظه: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اكْتَحَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْتَحِلْ وِتْرًا» بفقرة واحدة.
وتابع ابنَ لهيعة على هذا الوجه أبو الزناد، أخرجه مسلم (237).
وتابع الأعرجَ أبو إدريس، أخرجه البخاري (161).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن فراج، بتاريخ (1) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (16/ 9/ 2023 م): رواية «الصحيحين» من طريق الأعرج اختصرها
(1)
أبو نُعيم على: «إذا استَجْمَر فليُوتِر» ليس فيها ذكر الكحل.
(1)
في «تاج العروس» (25/ 476): أهْلَ الحِجازِ يُؤَنِّثُونَ السُّوقَ والسَّبِيلَ والطَّرِيقَ والصراطَ والزُّقاقَ والكَلاَّءَ.
حُكْم القَزَع
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (4/ 375) حديث ابن عمر المتفق عليه، في النهي عن القَزَع.
ثم أضاف الباحث إسماعيل بن حامد ما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4195): حَدَّثَنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرَّزاق، أخبرنا معمرٌ، عن أيوبَ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى صبيًّا قد حُلِقَ بعضُ شعره، وتُرِكَ بعضُه، فنهاهم عن ذلك، وقال:«احلِقُوا كلَّه أو اترُكوا كُلَّهُ» .
خالف أيوبَ في اللفظ عمرُ بن نافع، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟ قَالَ: «يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ، وَيُتْرَكُ بَعْضٌ» أخرجه البخاري (5920)، ومسلم (2120).
وتابع نافعًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ القَزَعِ. أخرجه البخاري (5921).
والخلاصة: أن روايتي ابن دينار وعمر بن نافع عن أبيه أرجح، ورواية أيوب عن نافع رُويت بالمعنى مع ذكر سبب الورود.
وقال النووي في «شرحه على مسلم» (14/ 101):
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الْقَزَعِ إِذَا كَانَ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمُدَاوَاةٍ وَنَحْوِهَا، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. وَكَرِهَهُ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ مُطْلَقًا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْقُصَّةِ وَالْقَفَا لِلْغُلَامِ. وَمَذْهَبُنَا كَرَاهَتُهُ مُطْلَقًا لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْحِكْمَةُ فِي كَرَاهَتِهِ أَنَّهُ تَشْوِيهٌ لِلْخَلْقِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أَذَى الشَّرِّ وَالشَّطَارَةِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ زِيُّ الْيَهُودِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
كراهية حَلْق المرأة رأسها
قال الترمذي في «سننه» رقم (914): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الحَرَشِيُّ البَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَحْلِقَ المَرْأَةُ رَأْسَهَا.
وخالف محمدَ بن موسى محمدُ بن بشار فأسقط عليًّا، كما عند الترمذي (914).
وتابع محمدَ بن موسى على الوصل عبد الصمد بن النعمان عن همام، أخرجه المحاملي في «الأمالي» (128).
وخالف همامًا جماعة فأرسلوه:
1 -
سعيد بن أبي عَروبة، كما في «الترجل» للخَلَّال (220).
2، 3 - هشام وحماد بن سلمة
(1)
كما عند الدارقطني.
والأكثر على الإرسال، وصَوَّبه الترمذي والدارقطني في «علله» رقم (356).
(1)
لكن عند الترمذي جعل طريق حماد من مسند عائشة رضي الله عنها.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن صلاح، بتاريخ (9) محرم (1445 هـ) الموافق (27/ 7/ 2023 م): كل طرقه معلولة.
1 -
تراجع ترجمة قتادة عن خِلَاس.
2 -
رواية خِلَاس عن علي كثيرًا ما يأتي مقرونة.
3 -
حَرِّر سماع خلاس عن علي.
حُكْم ستر الحوائط بالستائر وغيرها
ورد عن عائشة في «صحيح مسلم» (2106): وفيه: «
…
سَأُحَدِّثُكُمْ مَا رَأَيْتُهُ فَعَلَ، رَأَيْتُهُ خَرَجَ فِي غَزَاتِهِ، فَأَخَذْتُ نَمَطًا فَسَتَرْتُهُ عَلَى الْبَابِ، فَلَمَّا قَدِمَ فَرَأَى النَّمَطَ، عَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ، فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَوْ قَطَعَهُ، وَقَالَ:«إِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ» قَالَتْ فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ وَحَشَوْتُهُمَا لِيفًا، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ.
وما علقه البخاري قبل رقم (5181) ووَصَله مسدد وغيره عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. وهذا السند قد يُحسَّن لحال عبد الرحمن.
وما سبق عامّ في ستر الجدران، أما ما جاء في حديث كعب، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى:«يَا كَعْبُ» قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا» وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَيْ: الشَّطْرَ. قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «قُمْ فَاقْضِهِ» أخرجه البخاري (457) ومسلم (1558) فهو خاص بالباب، وما كان في حكمه كالشُّرَف والبلكونات والنوافذ.
قال النووي في «شرح مسلم» (14/ 86):
وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَذَبَ النَّمَطَ وَأَزَالَهُ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ» فَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ الحِيطَانِ وَتَنْجِيدِ البُيُوتِ بِالثِّيَابِ، وَهُوَ مَنْعُ كَرَاهَةِ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ الْمَقْدِسِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: هُوَ حَرَامٌ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْنَا بِذَلِكَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مَنْدُوبٍ، وَلَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أفاده الباحث إسماعيل بن حامد مع شيخنا، بتاريخ (5) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (20/ 9/ 2023 م) وقال شيخنا: للواقع فقه في هذه المسألة، فلعل النهي كان لقلة الثياب في زمنهم فكُره ستر الحوائط مع حاجة الناس للثياب. ثم قال لما سأله الباحث أحمد بن علي: ما نهاية القول في المسألة؟ فأجاب: تُكرَه لغير الحاجة.
التحذير من الكاسيات العاريات
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2128): حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ. وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» .
تابع زهيرًا عثمان بن أبي شيبة كما في «الآداب» (590) للبيهقي
خالفهم إسحاق بن راهويه فقال: «صنفان من أمتي» أخرجه ابن حبان (7461) والأرجح عن جرير: «صنفان من أهل النار» .
ورواه شَريك بن عبد الله النَّخَعي عن سهيل، وعنه أربعة:
1 -
أسود بن عامر كما عند أحمد (8665).
2 -
يزيد بن هارون كما عند البيهقي في «شُعب الإيمان» (7/ 263) كلفظ زهير وعثمان: «صنفان من أهل النار» .
وخالفهما:
1 -
أبو داود الحَفَري، أخرجه أحمد (9680).
2 -
بشر بن الوليد، أخرجه أبو يعلى (12/ 46) فقالا كرواية إسحاق:«صنفان من أمتي» وشَريك لا يَتحمل الخلاف عليه.
ورواه زهير بن خيثمة عن سهيل، وعنه زهير بن معاوية، وعنه ثلاثة:
1 -
عبد الله بن صالح العِجلي، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (445).
2 -
أحمد بن يونس، كما في المصدر السابق.
كلاهما: «صنفان من أهل النار» .
وخالفه أبو نُعيم الفضل بن دُكين فقال: «صنفان من أمتي» أخرجه أبو عَوانة (17/ 110).
ورواه هدبة بن المنهال عن سهيل بلفظ: «صنفان من أهل النار» أخرجه الرامهرمزي في «أمثال الحديث» (149).
والأشهر والأرجح من طريق سهيل: «صنفان من أهل النار» .
وخالف سهيلًا مسلم بن أبي مريم، وعنه الإمام مالك في «موطئه» (2652): عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ.
ورواه عن مالك بالرفع ابن وهب كما في «شُعب الإيمان» (10/ 223)، وعبد الله بن نافع
(1)
كما في «العلل» (5/ 105) للدارقطني، وقال: وَقَفه أصحاب «الموطأ» وهو المحفوظ.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (26/ 131): ولا أعلم أحدًا رواه مسندًا عن مالك غير عبد الله بن نافع، إلا رواية جاءت عن ابن بكير عن مالك.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن عبد الفتاح بن عوض الكفراوي، بتاريخ (22) محرم (1445 هـ) الموافق (9/ 8/ 2023 م): مالك رحمه الله معروف بالاحتياط، وكذا مسلم بن أبي مريم.
تنبيه:
رواية سهيل
…
رواية مسلم بن أبي مريم
على الرفع قولًا واحدًا، وأن الأَشْهَر لفظ:«صنفان من أهل النار»
…
اختُلف في رفعه ووقفه، والأَشْهَر الوقف.
فقرتان
…
لم يَذكر الصنف الثاني، وهم الذين يَضربون الناس بسياط
…
قال: مِنْ مسيرة كذا وكذا
…
تحديد المسافة التي يُوجَد منها ريح الجنة
(1)
قال الحاكم: سنده غريب عن مالك فإنه في «الموطأ» موقوف.
مَنْ اختار الرفع:
1 -
تقديم سهيل في أبيه، وكون الإمام مسلم أخرجه.
2 -
مسلم بن أبي مريم من الرواة المعروفين بوقف المرفوعات وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (13/ 192): مسلم ثقة وكان يهاب أن يَرفع الأحاديث.
3 -
مثل هذا الخبر في الغيبيات، ولا يقوله أبو هريرة برأيه وفيه: لا يَدخلن الجنة
…
ولا يجدن ريح الجنة ...... مَنْ اختار الوقف:
1 -
قَدَّم مسلم بن أبي مريم على سهيل بن أبي صالح.
2 -
يقال: إن معنى هذا الأثر مروي عن أهل الكتاب. انظر «المصنف» (38899) وفيه جزء من الخبر، لكن من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه
(1)
(1)
وورد بسند منقطع بين سالم بن أبي الجعد وابن عمرو في «مصنف ابن أبي شيبة» رقم (38897): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ الْمُنَزَّلِ صِنْفَيْنِ فِي النَّارِ: قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ الْبَقَرِ، يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ عَلَى غَيْرِ جُرْمٍ، لَا يُدْخِلُونَ بُطُونَهُمْ إِلَّا خَبِيثًا. وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيَلَاتٌ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا.
النهي عن الترجل إلا غِبًّا
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (4/ 373): «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا» .
وورد من حديثَي:
1 -
ابن عمر، ولا يصح، وعن رجل يقال له: عُبيد.
2 -
قال الإمام النَّسَائي في «سُننه» رقم (5239): أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ: عُبَيْدٌ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَى عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ» سُئِلَ ابْنُ بُرَيْدَةَ عَنِ الْإِرْفَاهِ قَالَ: «مِنْهُ التَّرَجُّلُ» .
وتابع يعقوبَ زهير بن حرب لكنه معلق عند البيهقي في «شُعب الإيمان» (6050)، وخالفهما القاسم بن سلام فأرسله كما في «مسند الحارث» (569).
وتابع يعقوبَ متابعة قاصرة عن الجُريري:
1 -
حماد بن سلمة، أخرجه البيهقي في «الشُّعب» (6050).
2 -
يزيد بن هارون وفي روايته ذكر فَضالة ومصر، أخرجه أحمد (23969) وأبو داود (4160).
ورواية يزيد عن الجُريري بعد الاختلاط، قاله ابن معين.
ورواه كَهْمَس بن الحسن واختُلف عنه، فرواه ابن المبارك كرواية الجُريري. أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (2411). وخالف ابن المبارك خالد بن الحارث فقال: عن كهمس عن عبد الله بن شقيق. أخرجه النسائي (5058).
والخلاصة: أن صحة الخبر متوقفة على سماع ابن بُريدة من صحابيَّي الحديث أو أحدهما. وكَتَب شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي، بتاريخ (14) صفر (1445 هـ) الموافق (30/ 8/ 2023 م): المرسل أصح.
قال المنذري في الجمع بين حديث: «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْر فَلْيُكْرِمْهُ» وحديثي «النهي عن التَّرَجُّل إِلَّا غِبًّا» وَحَدِيث «الْبَذَاذَة» عَلَى تَقْدِير صِحَّتهمَا:
1 -
بِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّهْي عَنْ التَّرَجُّل إِلَّا غِبًّا مَحْمُولًا عَلَى مَنْ يَتَأَذَّى بِإِدْمَانِ ذَلِكَ الْمَرَض أَوْ شِدَّة بَرْد، فَنَهَاهُ عَنْ تَكَلُّف مَا يَضُرّهُ.
2 -
وَيَحْتَمِل أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يَعْتَقِد أَنَّ مَا كَانَ يَفْعَلهُ أَبُو قَتَادَةَ مِنْ دَهْنه مَرَّتَيْنِ أَنَّهُ لَازِم فَأَعْلَمَهُ أَنَّ السُّنَّة مِنْ ذَلِكَ الْإِغْبَاب بِهِ لَا سِيَّمَا لِمَنْ يَمْنَعهُ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفه وَشَغْله وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا يَعْتَقِد أَنَّهُ مُبَاح مَنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ. انظر: «عون المعبود شرح سنن أبي داود» (11/ 221).
كتاب الآداب
فضل الرفق
وردت فيه أخبار:
الأول أخرجه الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (6927) - حَدثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ، قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ.
ولفظ: «رَفِيقٌ» تفرد بها أبو نعيم وهو الفضل بن دكين عن ابن عيينة والجماعة بدونها:
1، 2 - عمرو الناقد وزهير بن حرب واللفظ لزهير:«إن الله يحب الرفق في الأمر كله» أخرجه مسلم (2165).
3 -
الإمام أحمد في «مسنده» (24090، 24091).
4 -
الحميدي في «مسنده» (250).
5 -
سعيد بن عبد الرحمن كما عند الترمذي (2701).
6 -
إسحاق بن منصور كما عند أبي يعلى (4421).
7 -
مسدد بن مسرهد كما في «غريب الحديث» (2/ 253) للحربي.
ورواية الجماعة أصوب للكثرة وللمتابعات التامة والقاصرة.
وتابع هؤلاء الجماعة متابعة قاصرة عن الزهري جماعة -معمر بن راشد كما في «جامعه» (19460)
(1)
وصالح بن كيسان كما عند البخاري (6024) ومسلم (2165) وشعيب بن أبي حمزة كما عند البخاري (6256) ويونس بن يزيد كما في «مكارم الأخلاق» (700) للخرائطي
(2)
-.
ورواه الأوزاعي عن الزهري واختلف عليه فرواه مالك كما عند في «مستخرج أبي عوانة» (9506) وغيره، ومحمد بن يوسف كما عند الدارمي في «سننه» (2836)، ومحمد بن كثير كما في «مكارم الأخلاق» (690) فلم يذكروا:«رفيق» .
وخالفهم الوليد بن مسلم فزاد «رفيق» أخرجه ابن ماجه (3689).
وتابع الوليد محمد بن مصعب
(3)
في وجه أخرجه ابن ماجه (3689).
ورواية الجماعة أرجح للكثرة والمتابعات القاصرة عن الزهري.
لكن رواه أبو بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة من مخرج متسع بلفظ: «رفيق» أخرجه مسلم في «صحيحه» (2593) وتارة بإسقاط عمرة أخرجه أحمد (24851) وفي سنده زهير بن محمد متكلم فيه ولأبي بكر بن
(1)
وهو في البخاري (6395) ومسلم (2165).
(2)
وفي سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث وفيه ضعف.
(3)
وهو ضعيف وقال صالح جزرة: وهو ضعيف في الزهري.
حزم أحاديث عن عائشة
(1)
.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي بتاريخ 13/ جمادى الأولى 1445 موافق 27/ 11/ 2023 م: احكم على السند ولا تشغب بما أجلبت به عليه
(2)
.
الحديث الثاني أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (16805) - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَاهُ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» .
وتابع أسود بن عامر، هدبة بن خالد
(3)
وشيبان بن عبد الرحمن كما في «جزء أبي الطاهر» (45).
وتابعهم جماعة لكن بعطف يونس على حميد وهم: عفان بن مسلم أخرجه أحمد (16802) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» .
(1)
فليحرر سماعه.
(2)
حيث أورد الباحث روايات كثيرة عن عائشة فيها الزيادة كما سبق وبدونها من طريق مسروق وابن أبي مليكة ومحمد بن الأشعث والقاسم بن محمد وعطاء بن يسار وأبي صالح وشريح بن هانيء.
(3)
وفي وجه بالعطف كما سيأتي.
تابع عفان حجاج بن منهال أخرجه الدارمي في «سننه» (2835)، وهدبة بن خالد كما في «الآحاد والمثاني» (1091) وحبان بن هلال أخرجه هناد في «الزهد» (2/ 655) وموسى بن إسماعيل في وجه بعطف حميد على يونس أخرجه أبو داود في «سننه» (4807) وفي وجه ب (حميد) دون عطف أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (472).
ومدار هذه الروايات على حماد بن سلمة وهو متكلم فيه إذا عطف الشيوخ لكن كما سبق حديث به بالعطف والإفراد.
وخالفهم سماك بن حرب فقال عن الحسن مرسلًا أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25313) -حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ»
ورواية الحسن عن عبد الله بن مغفل في الكتب الستة وقال ابن معين: سمع من عبد الله بن مغفل.
ورواية أصحاب الحسن وبخاصة يونس بن عبيد بالوصل أصوب.
الحديث الثالث: أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (466) - حَدَّثَنَا الْغُدَانِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَكُونُ الْخُرْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ»
تابع أحمد الغداني المعلى بن أسد أخرجه البزار في «مسنده» (7200) والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (969) وكثير بن أبي كثير هو البصري
وثقه العجلي وقال أبو حاتم: لا بأس به
(1)
. وذكره ابن حبان في «الثقات» وجهله ابن القطان. وذكره العقيلي في الضعفاء لحديث آخر استنكره عليه.
وتابع ثابتا ثلاثة:
1 -
سماك بن حرب أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3771) وقال: تفرد به الحسن بن عيسى. وقال ابن حبان: يخطيء أحيانًا.
2 -
الربيع بن أنس من رواية أبي جعفر عنه أخرجه البزار في «مسنده» (6519). قال ابن حبان في ترجمة الربيع بن أنس: الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛ لأن في أحاديثه عنه اضطرابًا كثيرًا.
3 -
قتادة بن دعامة أخرجه البزار (7114) وابن حبان (1915) وقال الدارقطني في «علله» (2531): والمحفوظ عن قتادة مرسلًا.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي بتاريخ 16/ جمادى الأولى 1445 موافق 30/ 11/ 2023 م: كل طرق حديث إن الله رفيق فيها مقال من حديث أنس رضي الله عنه.
الحديث الرابع: أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (3688) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» .
(1)
في كثير بن حبيب وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (4/ 710): كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ هُوَ كَثِيرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَقِيلَ: هُوَ كَثِيرُ بْنُ حَبِيبٍ اللَّيْثِيُّ الْيَشْكُرِيُّ.
وأبو بكر بن عياش ضعيف في الأعمش قاله محمد بن عبد الله بن نمير.
وتابعه الحسين بن علي الأيلي
(1)
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (8/ 306).
وتابع أبا صالح جماعة بأسانيد متكلم فيها:
1 -
عبيد الله بن عبد الله من رواية ابنه يحيى عنه أخرجه هناد في «الزهد» (1424) قال الإمام أحمد: أحاديث يحيى مناكير وأبوه لا يعرف.
2 -
عطاء الخرساني من رواية كلثوم بن محمد عنه أخرجه إسحاق في «مسنده» (446) وقال ابن عدي في ترجمة كلثوم: يحدث عن عطاء بمراسيل وغيره بما لا يتابع عليه. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يعتبر بحديثه إذا روى عن غير عطاء الخرساني.
3 -
عروة بن الزبير من رواية الزهري عنه ورواه عن الزهري اثنان:
1 -
عبد الرحمن بن أبي بكر من رواية الجماعة-يزيد بن هارون، المعافى بن عمران، وأبو أحمد الزبيري، وابن أبي فديك-
(2)
عنه وهو ضعيف أخرجه البزار في «مسنده» (8036) وابن عدي في «الكامل» (10977) والدارقطني في «علله» (1979).
2 -
عبدان بن أبي بكر التيمي أخرجه البزار في «مسنده» (684)
(1)
لم يقف الباحث له على ترجمة.
(2)
خالفهم عبد الوهاب بن عطاء فجعله من مسند عائشة رضي الله عنها أخرجه الدارقطني في «علله» (1579) وضعفه.
وكل طرقه ضعيفة وطريق الزهري عن عروة يرجع إلى حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه البخاري (6927) فيما سبق.
الحديث الخامس: أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (902) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ
(1)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: أَبِي - سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ -، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» .
خالف عبد الله بن إبراهيم هشام بن يوسف فزاد والد عبد الله بن وهب بن منبه بين عبد الله وأبي خليفة الطائي أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (290).
وقال أبو زرعة كما في «العلل» (2512) لابن أبي حاتم: حديث هشام بن يوسف أصح.
وقال الدارقطني كما في «أطراف الغرائب» (432): تفرد به إبراهيم بن عمر بن كيسان.
وقال ابن حجر في أبي خليفة الطائي: مقبول. وعبد الله بن وهب قال فيه أبو داود: معروف. وقال فيه ابن حجر: مقبول. وقال الذهبي: ما علمت أحدًا وثقه.
الحديث السادس: أخرجه البزار في «مسنده» رقم (5302) - حَدَّثنا مُحَمد بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ الْوَاسِطِيُّ، قَال: حَدَّثنا مُحَمد بن أبي نعيم، قَال: حَدَّثنا سَعِيد
(1)
تابع علي بن بحر سلمة بن شبيب أخرجه البزار (756)، وبكر بن خلف ذكره ابن أبي حاتم في «علله» (2512).
بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ
(1)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا كَانَتِ الأَرْضُ مُخْصِبَةً فَاقْصُرُوا فِي السَّفَرِ وَأَعْطُوا الرِّكَابَ حَظَّهَا فَإِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَإِذَا كَانَتِ الأَرْضُ مُجْدِبَةً فَانْجُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بالليل وإساكم وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَمُرَاحُ السِّبَاعِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نعلَمُ أحَدًا حَدَّثَ بِهِ، عَنْ سَعِيد بْنِ زَيْدٍ إلاَّ مُحَمد بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ، ولَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيرة وَأَنَسٍ شَبِيهًا بِهِ.
السابع: مرسل خالد بن معدان أخرجه مالك في «موطأه» (2804).
الخلاصة النهائية: كَتَب شيخنا مع الباحث محمود العوفي الفيومي، بتاريخ (2) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (31/ 7/ 2022 م): من حديث عائشة رضي الله عنها من الطرق التي أتى بها أخونا محمود العوفي -حفظه الله- لا تَثبُت لفظة «رفيق» . ثم كَتَب: كل طرق حديث «إن الله رفيق» فيها مقال، ولمُحسِّن أن يُحسِّنها بالمجموع. ا هـ.
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث علي بن محمد القناوي بتاريخ 20/ جمادى الأولى 1445 موافق 4/ 11/ 2023 م.
(1)
خالفه أبو الحويرث فأوقفه أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10811) وفي سنده المديني قال فيه الهيثمي: لم أعرفه.
بر الوالدين
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (20048) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ:«أُمَّكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمَّكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ» .
وتابع يحيى بن سعيد خلق-معمر بن راشد، والنضر بن شميل، وحماد بن زيد، وهشام بن حسان، وعدي بن المفضل، ومحمد بن عبد الله، وأبو عاصم، ويزيد بن هارون، وابن المبارك، وهوذة بن خليفة، وعثمان بن عمر، ومكي بن إبراهيم، وعبد الله بن عون وغيرهم-.
ورواه سفيان الثوري عن بهز واختلف عليه فرواه عنه قبيصة بن عقبة كرواية الجمهور عن بهز أخرجه هناد في «الزهد» (2/ 476).
وخالف قبيصة بن عقبة محمد بن كثير فزاد وعطف حديثًا على حديث هكذا أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (5139) - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الأَقْرَبَ، فَالأَقْرَبَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَسْأَلُ رَجُلٌ مَوْلَاهُ مِنْ فَضْلٍ هُوَ عِنْدَهُ، فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ، إِلاَّ دُعِيَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ.
والخلاصة: أن سند المتن الأول حسن وكتب شيخنا مع الباحث مالك بن علي بتاريخ 8 جمادى الأولى 1445 موافق 22/ 11/ 2023 م: إذا صدق المخرّج في تخريجه فالظاهر أن رواية الجماعة أولى من رواية سفيان فضلًا عن الاختلاف على سفيان فضلًا أيضًا -وحتى تبرأ ساحة سفيان قبيصة لم يذكرها وأيضًا فالراويان عنه في روايتهما عن سفيان مقال. والله أعلم.
فضل صلة الأرحام
وردت فيها أدلة كثيرة.
منها ما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (8868): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عِيسَى الثَّقَفِيِّ، عَنْ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ؛ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي أهْلهِ، مَثْرَاةٌ فِي مَالِه، مَنْسَأَةٌ فِي أَثَرِهِ» .
تابع إبراهيمَ- وهو ابن إسحاق-: أحمدُ بن محمد المروزي كما عند الترمذي (1979)، والحسين بن حسن كما في «البر والصلة» (196)، وعبد الله بن عثمان كما عند الحاكم في «المستدرك» (7284) -.
خالف ابنَ المبارك عبدُ الرحمن بن حرملة واختُلف عليه، فتارة زاد عبدَ الله بن يزيد بين عبد الملك ويزيد مولى المُنبعِث، كما في «الأنساب» (1/ 5) للسمعاني. وتارة أسقط عبدَ الله بن يزيد ويزيد، كما عند البزار في «مسنده» (8220).
وخالفهما سليمان بن بلال فأوقفه، كما في «التاريخ الكبير» (6/ 293) للبخاري: قال إسماعيل: عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن عبد الملك بن عيسى، عن عبد الله بن يزيد مولى المُنبعِث، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، في صلة الرحم، لم يرفعه.
ورواية ابن المبارك أرجح؛ للكلام في ترجمة عبد الرحمن بن حرملة
(1)
وقد اختُلف عليه في السند.
والسند إلى سليمان بن بلال فيه إسماعيل بن أبي أويس، مُختلَف فيه وهو مُعلَّق.
وعبد الملك بن عيسى رَوَى عنه جمع، وقال فيه أبو حاتم: صالح. وذَكَره ابن حبان في «الثقات» . وقال الذهبي: صدوق. وقال ابن حجر: مقبول.
ويزيد مولى المُنبعِث
(2)
وثقه الدارقطني
(3)
وذَكَره ابن حبان في «الثقات» .
وتابع يزيدَ مولى المُنبعِث أبو سلمة، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8308) وفي سنده أبو الأسباط بشر بن رافع، قال ابن معين وأحمد: ليس بشيء. وزاد ابن معين: يُحدِّث بمناكير. وذَكَر له هذا الحديث. وقال الدارقطني: منكر الحديث.
(1)
قال ابن مَعين: صالح. وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه ولا يُحتج به. وقال ابن حبان: كان يخطئ. وقال ابن القطان: كان يُلقَّن. وأخرج له مسلم (679) متابعة في حديث: «غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا» .
(2)
روايته عن أبي هريرة رضي الله عنه في الترمذي، وله عن غير أبي هريرة رضي الله في الكتب الستة.
(3)
حيث سُئل عن ابنه فقال: يُعتبَر به. قال البرقاني: قلت: ابن أبي فديك يَروي عن عبد الله بن يزيد عن أبيه عن أبي هريرة. فقال: إن كان هذا يَزيد مولى المنبعث فهو ثقة. كما في «سؤالات البرقاني» (92).
وتابعهما عطاء بن أبي رباح، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (1594) وفي سنده ابن لهيعة.
وأخرجه الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5985) من مَخرج متسع، هكذا: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» .
ووَجْه الربط بين رواية البخاري وما سبق في أمرين:
1 -
ذِكر الصحابي.
2 -
الاشتراك في فقرتين: البسط في الرزق والمَنسأة في الأثر.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث على بن محمد القناوي، بتاريخ (10) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (25/ 10/ 2023 م): المعتمدة
(1)
رواية البخاري بلفظها. اه.
(1)
المعتمد.
تغيير أصرم إلى زرعة
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (4954) - حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا بِشْرٌ، يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، قال: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَمِّهِ أُسَامَةَ بْنِ أَخْدَرِيٍّ، أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: أَصْرَمُ، كَانَ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَنَا أَصْرَمُ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ زُرْعَةُ.
تابع مسددا جماعة-عمرو بن علي كما عند الروياني في «مسنده» (1490) ومحمد بن موسى الحرشي، ومعلى بن أسد أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (523، 874)، وعبد الله بن عمر بن ميسرة كما عند ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (42) وغيرهم-.
الخلاصة: أن إسناده حسن لحال بشير بن ميمون فقد قال فيه ابن معين وأبو داود: ليس به بأس. وذكره ابن شاهين في الثقات وقال الذهبي وابن حجر: صدوق. وروى عنه اثنان.
وكتب شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي بتاريخ 26/ جمادى الأولى 1445 موافق 10/ 12/ 2023 م: احتمالية الإرسال
(1)
قائمة راجع الإصابة
(2)
.
وقال شيخنا هو في فضائل الأعمال.
تنبيه: في رواية الطبراني عن أسامة رضي الله عنه عن أصرم وهذا من رواية صحابي عن صحابي فلا يضر.
(1)
كتب شيخنا هذا؛ لأن أسامة رضي الله عنه لم يشهد الواقعة.
(2)
بعد المراجعة فقد أثبت ابن حجر له الصحبة في الإصابة والتقريب.
هل حديث: «عَلِّقُوا السوط
حيث يراه أهل البيت» صحيح؟
قال عبد الرزاق
(1)
في «مصنفه» رقم (21040 - 20123): أخبرنا الحسن بن عمارة، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس
(2)
، عن أبيه، عن جَده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَلِّقُوا السوط حيث يراه أهل البيت» .
والحسن بن عمارة متروك، وتابعه اثنان:
1 -
ابن أبي ليلى، وهو صدوق سيئ الحفظ جدًّا، أخرجه ابن أبي الدنيا في «النفقة على العيال» (322) وعبد الرزاق في «مصنفه» (17963).
2 -
النضر بن علقمة، وهو مجهول، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (1229).
وتابع داودَ بن علي اثنان:
1 -
عبد الصمد بن علي، أخو داود بن علي، وهو ضعيف، أخرجه الخطيب في «تاريخه» (4114).
(1)
هل هذا مقحم في «جامع مَعمر» أو زيادات؟ يُحرَّر.
(2)
قال فيه ابن مَعين: أرجو أنه ليس يكذب. وقال ابن عَدي: لا بأس بروايته عن أبيه عن جَده؛ فإن عامة ما يرويه عن أبيه عن جَده. وذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال: يخطئ.
2 -
عيسى بن علي، وهو صدوق، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (4382) والراوي عنه سلام بن سليمان، ضعيف.
ومما يَزيد هذه المتابعة ضعفًا أن البزار
(1)
والطبراني
(2)
نَصَّا على أنه معروف من حديث داود.
وله شاهدان:
الأول: ما أخرجه أبو نُعيم في «حِلية الأولياء» (7/ 332): حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَكْفَانِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولٍ، ثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْبَيْتِ»
(3)
.
خالف عبدَ الله بن إبراهيم الجماعةُ، منهم:
1 -
ابن أبي الدنيا في «النفقة على العيال» (321).
(1)
في «مسنده» (11/ 404): وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ إِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَلَا نَعْلَمُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
(2)
في «الأوسط» (4/ 341): لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عِيسَى وَعَبْدِ الصَّمَدِ إِلَّا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ.
(3)
عبد الله بن إبراهيم وثقه الخطيب.
وحبيب بن الحسن وثقه أبو نُعيم والخطيب وضَعَّفه أبو بكر البرقاني.
وهل هذا الحديث يَخدم مذهب الحسن بن صالح من كونه كان يَرى السيف؟
وسويد بن عمرو الكلبي وثقه ابن معين والنسائي، وقال فيه ابن حبان: كان يَقلب الأسانيد ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية، لا يجوز الاحتجاج به بحال.
2 -
أحمد بن إسحاق كما في «المعجم الأوسط» (1869).
3 -
محمد بن هارون كما في «حِلية الأولياء» (7/ 332).
فقالوا: «لَا تَرْفَعِ الْعَصَا عَنْ أَهْلِكِ، وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ عز وجل» . وروايتهم أصوب.
وسُئل أبو حاتم كما في «العلل» (1254) عن «لَا تَرْفَعِ الْعَصَا عَنْ أَهْلِكِ» فقال: هذا حديث كذب.
الثاني: ما أخرجه ابن عَدي في «الكامل» (6/ 42): حَدَّثَنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حَدَّثَنا كثير بن عُبيد، حَدَّثَنا بَقِية، عن عمر بن أبي عمر، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يُعلِّق أحدكم السوط حيث يراه أهل البيت؛ فإن ذلك يَردعهم- أو: يخيفهم-» . وعلته عمر بن أبي عمر الكلاعي الحِمْيَري الدمشقي. فقد أورده في ترجمته وقال: ليس بالمعروف، حَدَّث عنه بقية، منكر الحديث عن الثقات.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن مصطفى المنياوي، بتاريخ (23) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (12/ 6/ 2023 م) إلى أن كل طرقه ضعيفة.
تنبيه: صححه العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (1447) بمتابعة عبد الصمد وعيسى لداود.
كيف تَعرِف إذا أَحْسَنْتَ أو إذا أَسَأْتَ
1 -
قال معمر في «جامعه» رقم (19749): عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ أَوْ إِذَا أَسَأْتُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ: قَدْ أَحْسَنْتَ! فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ أَسَأْتَ! فَقَدْ أَسَأْتَ» .
وعلة هذا الخبر ما أفصح به العالمان الجليلان أبو حاتم وأبو زرعة فيما نَقَل ابن أبي حاتم في «العلل» (5/ 47): وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبد الرزاق، عن مَعمر، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله- عن النبي صلى الله عليه وسلم: كيف لي أن أعلم إذا أحسنتُ أني أحسنتُ؟
…
وذَكَر الحديث، قالا: هذا خطأ، رواه حماد بن شعيب، عن منصور، عن جامع بن شداد، عن الحسن بن مسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل. قالا: وهذا هو الصحيح.
تنبيهان:
الأول: هذا من مفاريد ابن ماجه وليس لمَعمر عن منصور رواية في «الصحيحين» وأفاد الباحث أنه ليس له رواية عنه في الكتب الستة إلا هذا الحديث، وله روايات قليلة خارجها.
الثاني: هذا مثال لأحاديث لا يكفي فيها صحة السند. وثَمة أمثلة كثيرة في «أحاديث مُعَلة ظاهرها الصحة»
(1)
.
قال أبو عَوانة في «مستخرجه» رقم (6469): وفي هذا نظر في صحته وتوهينه.
وقال أبو نُعيم في «حِلية الأولياء» (5/ 43): غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ، لَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وقال الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/ 223): لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَنْصُورٍ إِلَّا مَعْمَرٌ، وَلَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تفرد به عبد الرزاق.
وفي الباب شواهد:
منها ما أخرجه البزار في «مسنده» رقم (9245): حَدَّثَنَا عبد اللَّهِ بن أحمد بن شَبُّوَيْهِ المروزي، حَدَّثَنا علي بن الحسن بن شقيق، حَدَّثَنا الحسين بن واقد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلًا قال: يا رسول الله، دُلني على عمل أدخل به الجنة. قال:«لا تَغضب» قال: وأتاه آخَر فقال: متى أعلم أني محسن؟ قال: «إذا قال جيرانك: (إنك محسن) فإنك محسن، وإذا قالوا: (إنك مسيء) فإنك مسيء» .
وتابع عبدَ الله بن أحمد محمدُ بن موسى بن حاتم
(2)
، أخرجه الحاكم (1403).
(1)
ينصح أبو أويس الكردي ببحث في نقاشات العَلَّامة الألباني لعلماء العلل.
(2)
ذَكَره الذهبي في «المغني» .
قال البزار عقبه: وَهَذَا الحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه إِلَّا الحُسَيْنَ بْنَ وَاقِدٍ.
الخلاصة: في سنده الحسين بن واقد قد يحتمل، لكنه راجع للأعمش في طريق البزار؛ فلذا أَعَل شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي بن عيسوي القاضي الرفاعي القناوي، هذا الخبر بطرقه وأنها لا تَصلح بالشواهد. بتاريخ (7) صفر (1445 هـ) الموافق (23/ 8/ 2023 م).
وفي البخاري (1616) وأحمد (1011) والترمذي (2020) من طريق أَبِي بَكْرٍ- هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ
(1)
- عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
(1)
ولعل من أسباب إخراج البخاري له أمرين:
1 -
قول الفضل بن زياد: أبو بكر يضطرب في حديث هؤلاء الصغار، أما الكبار فما أَقْرَبَهُ من أبي حصين وعاصم.
2 -
كونه أصح كتابًا من غيره.
وأفاد ابن حبان في «ثقاته» (7/ 670) تأصيلًا في شأنه ومَن كان ثقة وله أخطاء، حيث قال:
والصحيح أن اسمه كنيته
…
كان أبو بكر بن عياش من الحُفاظ المتقنين
…
لما كَبِر سنه ساء حفظه فكان يهم إذا روى، والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما البشر، فلو كثر خطؤه حتى كان الغالب على صوابه لا يستحق مجانبة رواياته، فأما عند الوهم يهم أو الخطأ يخطئ لا يستحق ترك حديثه بعد تقدم عدالته وصحة سماعه .... والصواب في أمره مجانبة ما عُلِمَ أنه أخطأ فيه، والاحتجاجُ بما يرويه سواء وافق الثقات أو خالفهم؛ لأنه داخل في جملة أهل العدالة، ومَن صحت عدالته لم يَستحق القدح ولا الجرح إلا بعد زوال العدالة عنه بأحد أسباب الجَرح، وهكذا حُكْم كل مُحدِّث ثقة صحت عدالته وتبين خطؤه.
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ:«لَا تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ:«لَا تَغْضَبْ» .
وفي مسلم (14) من طريق أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولِ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ:«تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» .
وربما تعددت الأسئلة لاتساع المَخرج.
وفي الباب لكنه بعد الوفاة وغير مُقيَّد بالجار من حديث أنس بن مالك قال: مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ» وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ» قَالَ عُمَرُ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بِجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ، فَقُلْتَ:«وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ» ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقُلْتَ:«وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ» ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ» .
2 -
وقال الحاكم في «مستدركه» رقم (6313): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ العَدْلُ، ثَنَا العَبَّاسُ بْنُ الفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ، ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي العَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الفِهْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَقَالُوا: (مَرْحَبًا) فَمَرْحَبًا بِهِ يَوْمَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَإِذَا أَتَى
الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَقَالُوا لَهُ: (قَحْطًا) فَقَحْطًا لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وتابع أبا الوليد أبو عمر الضرير، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (8136)، وفي «الأوسط» (2514).
وقيس الفِهْري مُختلَف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عبد البر: يَنفون سماعه. ونَقَل أبو حاتم عن رجل من ولد الضحاك، أن النبي صلى الله عليه وسلم مات، وهو ابن سبع سنين.
وعلى ما سبق فالسند يُحسَّن، وصححه العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (1189).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فَرَّاج، بتاريخ (30) شعبان (1444 هـ) الموافق (22/ 3/ 2023 م):
1 -
نزول السند.
2 -
الخلاف في صحبة الضحاك.
3 -
الخلاف في سماع حماد من الجُريري، هل قبل الاختلاط أم بعده؟
4 -
غرابة المتن.
حُسْن الخُلُق في المناظرات
قال أبو داود في «سننه» رقم (4800): حدَّثنا محمدُ بنُ عثمان الدمشقيُّ أبو الجُماهِر، حدَّثنا أبو كعْبِ أيوبُ بنُ محمَّد السعدىُّ، حدثني سليمانُ بنُ حَبيب المُحاربىُّ
عن أبي أمامة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعِيم بِبيتِ في رَبَضِ الجنةِ، لمن تركَ المِراء وإن كان مُحِقَّاً، وببيتٍ في وسَطِ الجنةِ» .
وتابع سليمان بن حبيب القاسم بن عبد الرحمن أخرجه الروياني في «مسنده» (1200).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مالك بن علي، بتاريخ (10) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (25/ 10/ 2023 م): يصح لشواهده. ا هـ.
وله شواهد:
أولًا- من حديث أنس رضي الله عنه، وله طريقان:
أ-سلمة بن وردان عن أنس رضي الله عنه أخرجه الترمذي (1993) سلمة بن وردان ضعيف وقال فيه ابن حبان: كان يروى عن أنس أشياء لا تشبه حديثه،
وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، كأنه كان قد حطمه السن، فكان يأتى بالشيء على التوهم حتى خرج عن حد الاحتجاج.
ب-حميد الطويل وعنه عبد الواحد بن سليمان كما في «الغيلانيات» (1088) وعبد الواحد مجهول.
ثانيًا- من حديث معاذ رضي الله عنه.
فضل حُسن الخُلق
قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» رقم (284): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ القَائِمِ بِاللَّيْلِ» .
وصالح بن خَوَّات بن صالح
(1)
رَوَى عنه جماعة، وذَكَره ابن حِبَّان في «الثقات» .
وتابع أبا صالح عطاءُ بن أبي رباح، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3970)، والحاكم (200).
وفي سنده مع نزوله إبراهيم بن المستمر العُرُوقي، رَوَى عنه جمع كبير، وقال فيه النَّسَائي: صدوق. وتارة: ليس به بأس. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال: ربما أغرب.
وتَابَعهما أبو حازم، أخرجه ابن عَدِي في «الكامل» (5/ 442) وفي سنده الحسن بن قُتيبة، متروك.
(1)
وهناك صالح بن خَوَّات بن جُبير، من الرابعة، ثقة.
والإسناد الأول والثاني يُحسَّن بهما الخبر في الفضائل.
وله شواهد:
الشاهد الأول: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (7052): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، أَخْبَرَنِي الحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الأَكْبَرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ المُسْلِمَ المُسَدَّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجَةَ الصَّوَّامِ القَوَّامِ بِآيَاتِ اللَّهِ عز وجل؛ لِكَرَمِ ضَرِيبَتِهِ
(1)
وَحُسْنِ خُلُقِهِ».
وتارة رواه ابن لَهِيعة عن يزيد بن أبي حبيب متابع للحارث، أخرجه الخرائطي (600).
عبد الله هو ابن المبارك، وتابعه ابن وهب كما في «جامعه» (482)، وابن أبي مريم كما في «مكارم الأخلاق» (1/ 38) للخرائطي.
وخالف الجماعةَ عن ابن لهيعة اثنان:
1 -
الحسن الأشيب، كما عند أحمد (6648).
2 -
شُعيب بن يحيى، كما عند الطبراني (3126).
فأبدلا (ابن حُجَيْرة) ب (علي بن رباح) ورواية ابن المبارك وابن وهب أرجح إِنْ تَحمَّل ابن لهيعة الخلاف.
الشاهد الثاني: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه ابن شاهين في «الترغيب في
(1)
أي: سجيته وطبيعته.
فضائل الأعمال» رقم (361): حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حَمْدَانَ المَوْصِلِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» .
وتابع محمدَ بن جعفر إسحاقُ بن بُهلول، أخرجه تَمَّام في «فوائده» (1063).
وهذا السند فيه إشكاليات:
1 -
أنه مَظِنة الغرابة.
2 -
في سند ابن شاهين جعفر بن حمدان، قال فيه الخطيب: رواياته مستقيمة.
3 -
وفي سند تَمَّام محمد بن جعفر، ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
4 -
وعبد الملك بن عُمير رأى عليًّا، وسَمِع سَمُرة وجُندبًا، ويُرسِل عن أبي عُبيدة، ولم يَسمع من ابن عباس. انظر «التهذيب» .
وتابع عبدَ الملك نافعٌ من طريقين إليه:
1 -
ابن أبي ليلى عنه، أخرجه أبو نُعيم في «أخبار أصبهان» (144) وعِلته محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
2 -
عبد الله بن عمر العُمَري، وهو ضعيف، أخرجه ابن أبي الدنيا في «التواضع والخمول» رقم (167). وفي سنده محمد بن القاسم الأسدي، كَذَّبوه.
الشاهد الثالث: حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، أخرجه الترمذي (2003): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ اللَّيْثِ الكُوفِيُّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ» .
ورواه الجماعة - القاسم بن أبي بَزَّة، والحسن بن مسلم، ويعلى بن مَمْلَك
(1)
- عن عطاء، ولم يَذكروا لفظ:«وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ» .
وقال الترمذي عقبه: غريب من هذا الوجه.
وانظر ما سبق عن هذا الخبر في «سلسلة الفوائد» (4/ 392 فما بعد).
الشاهد الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (24595): حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ المُطَّلِبِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ
(2)
قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ».
(1)
بوزن جعفر، كما في «التقريب» .
ورواه البزار (4098) من طريق ابن عُيينة، عن عمرو، عن ابن أبي مُليكة، عن يعلى بن مَمْلَك، عن عطاء بالزيادة.
(2)
وعند أحمد رقم (24355) من وجه آخَر: «دَرَجَةَ» .
وتابع يزيدَ بن عبد الله يعقوبُ بن محمد، أخرجه أحمد (25013) وغيره.
وتابعهما سليمان بن بلال، أخرجه ابن حِبان (480).
وتابعهما زُهير بن محمد في الأصح
(1)
عنه، أخرجه أحمد (25537) وغيره.
وهذا السند منقطع؛ لأن المُطَّلِب لم يدرك عائشة رضي الله عنها، قاله أبو حاتم وزاد: عامة أحاديثه مراسيل. وقال البخاري: لا أعرف للمُطَّلِب عن أحد من الصحابة سماعًا إلا قوله: حدثني مَنْ شَهِد خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الإمام مالك كما في «الموطأ» (3350)، وابن وهب كما في «جامعه» (1/ 603) عن يحيى بن أيوب، كلاهما عن يحيى بن سعيد بلاغًا.
وكَتَب شيخنا مع الباحث رضا بن السيد بن عليوة
(2)
، بتاريخ الثلاثاء، يوم توزيع شيخنا الأجزاء الثلاثة بعد الستة، من «سلسلة الفوائد» في مجلسه، وأعطى الباحث نسخة، (8) شعبان (1444 هـ) الموافق (28/ 2/ 2023 م): في كل طرق الحديث مقال، ولمُصحِّح أن يصححه بمجموعها، والله أعلم.
(1)
خالف ابنَ مهدي وأبا عامرٍ العَقَدي اليمانُ بن عَدِي، وهو ضعيف، فقال: عن زُهير، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة. أخرجه الطبراني في «مكارم الأخلاق» (1/ 313)، والعُقيلي (2098).
(2)
وُلد بقرية علي بن أبي طالب، التابعة لمركز الحامول، بتاريخ (13/ 7/ 1982 م) حاصل على ليسانس آداب، جغرافيا عامة.
وثَمة شواهد أخرى، منها:
1 -
حديث أبي أُمامة، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (7709). وعِلته عُمير بن مَعْدَان، ضعيف.
2 -
حديث أبي سعيدٍ الخُدري، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (7634).
وفي سنده عبد الحميد بن سليمان، تَفرَّد به، وهو ضعيف. قاله البيهقي.
3 -
علي بن أبي طالب، أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» رقم (6273).
وفي سنده عبد العزيز بن عُبيد الله الشامي، قال فيه الذهبي: واهٍ.
4 -
أنس رضي الله عنه، أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (4166) وغيره.
وفي سنده يحيى بن زكريا، ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
ذم كثرة الضحك
قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» رقم (253): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُكْثِرُوا الضَّحِكَ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» .
وتابع محمدَ بن بشار بكرُ بن خلف، أخرجه ابن ماجه في «سُننه» (4193).
وإبراهيم هو ابن عبد الله بن حنين الهاشمي، وثقه النسائي، وقال ابن سعد: ثقة قليل الحديث. وقال ابن حبان: من أَجِلة أهل المدينة. ورَوَى له الجماعة، أما روايته عن أبي هريرة فهي في «الأدب المفرد» وابن ماجه. وليس من أصحاب أبي هريرة المشاهير. وأما سماعه منه فالظاهر لديَّ أنه بعيد لأن روايته عن التابعين، وقد تُوفي بعد المِائة.
وتابع إبراهيمَ بن عبد الله ثلاثةٌ:
1 -
محمد بن سيرين، أخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (1057) وفي سنده يوسف بن هارون أبو يعقوب العَبْديّ، لم يقف له الباحث على مُوثِّق.
2 -
الحسن البصري، واختُلف عليه في الوصل، كما عند الترمذي (2305) وغيره، من طرق عن جعفر بن سليمان عن أبي طارق السعدي عن الحسن عن أبي هريرة. والحسن لم يَسمع من أبي هريرة رضي الله عنه. وأبو طارق السعدي مجهول.
وخالفه حميد فقَطَعه كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (27208): حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَثْرَةُ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ.
3 -
واثلة بن الأسقع
(1)
، وحَكَى الخلاف إليه الدارقطني في «علله» (3/ 414) وقال: وليس هذا القول بمحفوظ، والحديث غير ثابت.
الخلاصة: أن طرقه كلها ضعيفة، والظاهر أنه من قول الحسن، وإسناده صحيح.
وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن أسامة التهامي، بتاريخ (1) جمادى الأولى (1445 هـ) الموافق (15/ 11/ 2023 م): مُشكِل علينا قول الترمذي
(2)
مع وجود كل هذه الطرق، فهل يَرجع بعضها إلى بعض أم لا؟
ثم كَتَب على سند إبراهيم بن حنين: أما السند هذا ففيه عبد الحميد بن جعفر، فيه بعض مقال، وتحرير القول في سماع ابن حنين من أبي هريرة رضي الله عنه. اه.
(1)
أخرجه ابن ماجه (4217) وغيره.
(2)
قال عقب طريق الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَالحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا.
هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، قَالُوا: لَمْ يَسْمَعِ الحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيدَةَ النَّاجِيُّ عَنِ الحَسَنِ هَذَا الحَدِيثَ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
ذم المدح في الوجه
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (26261): حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ» .
وتابع شعبةَ إبراهيمُ بن سعد، أخرجه أحمد (16903).
ومَعبد الجُهني أول مَنْ تكلم في القدر بالبصرة وكان رأسًا في القَدَر، ووثقه ابن معين، وقال العجلي: ثقة كان لا يُتهَم بالكذب. وقال أبو حاتم: صدوق. وذَكَره البخاري وأبو زرعة والدارقطني وابن حبان، وذكروا له الكلام في القَدَر.
قلت: هذا إسناد صحيح، وليس مُؤيِّدًا بدعته حتى يُرَد، وقد سبق ذلك معي في مناقشة مرويات معاوية رضي الله عنه، مع شيخنا -حفظه الله- من أعوام عِدَّة. ثم ناقشه الباحث محمد بن سلامة الأزهري مع شيخنا، بتاريخ (22) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (11/ 6/ 2023 م) فانتهى شيخنا معه إلى أن المتن له شواهد.
يُعرَف المرء بجليسه أو صاحبه
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (4752 - 4833) والترمذي رقم (2378): حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ
(1)
، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قال: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» .
وتابع أبا عامرٍ العَقَدي وأبا داود الطيالسي جماعةٌ-ابن مهدي كما في «أمالي أبي إسحاق» (89) وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (37) والقُضاعي في «مسند الشهاب» (188).
والوليد بن مسلم كما في «مسند إسحاق» (351) ومؤمل بن إسماعيل، أخرجه البغوي في «تفسيره» (1562).
وذَكَر ابن عَدي الخبر في «كامله» (5/ 142) ضمن أخبار أخرى من طريق زهير بن محمد الخراساني وقال: هذه الأحاديث لزهير بن محمد فيها بعض النكرة.
وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية» : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: قال ابن حبان: موسى بن وردان يَروي المناكير عن المشاهير.
(1)
في «مسنده» (2573).
وتابع زهير بن محمد اثنان من الضعفاء:
1 -
كثير بن محمد
(1)
، كما عند أبي إسحاق الحبال في «جزء من حديثه» (2). وقال عنه الذهبي: مجهول. وفي السند إليه العامري، قال فيه أبو سعيد بن يونس: حَدَّث بنسخة موضوعة وكان يَكذب.
2 -
ابن لهيعة وفيه ضعف، أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (355).
وتابع موسى بنَ وردان سعيدُ بن يسار
(2)
، أخرجه أبو الفضل الزهري في «حديثه» (105) وابن المقرئ في «معجمه» (802)، وفي سنده محمد بن الحجاج الضبي، قال فيه ابن عقدة: في أمره نظر. وذَكَره الذهبي في «ذيل ديوان الضعفاء والمتروكين» .
الخلاصة: أن للخبر طريقين عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أحدهما: موسى بن وردان وليس من أصحاب أبي هريرة المشاهير، وسَبَق كلام ابن حبان في أنه يروي المناكير عن المشاهير. والراوي عنه زهير بن محمد، وعَدَّه ابن عَدي من مناكيره.
الثاني: سعيد بن يسار، والسند إليه ضعيف.
(1)
هناك كثير بن محمد اثنان:
1 -
كثير بن محمد بن عبد الله التيمي، لم يوثقه مُعتبَر.
2 -
كثير بن محمد العجلي، جَهِله الذهبي.
(2)
وعنه صفوان بن سُليم. وتابعه إبراهيم بن محمد الأنصاري كما عند الحاكم (7320) والظاهر أنها راجعة لطريق صفوان.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن أشرف بن حسين الشرقاوي
(1)
بتاريخ (4) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (24/ 5/ 2023 م) إلى ضعفه.
وكان قد انتهى شيخنا معي كذلك إلى هذه النتيجة في تحقيقي كتاب «الاعتصام» (ص 122 - 123) للشاطبي، ط دار ابن رجب، عام (2007 م). وهو أول كتاب حققتُه بمنية سمنود، وراجعتُه مع شيخنا وكَتَب لي شيخنا في مقدمته:(وقد أجاد فيه وأتقن، فجزاه الله خيرًا).
(1)
وُلد بتاريخ (1/ 3/ 1998 م) بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وحاصل على بكالريوس علوم، قسم الكمياء، عام (2021 م).
وهذا أول حديث اعتمده شيخنا في المراجعة مع الباحث. وقد كان سبق حديث: «لَعَن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يجلس وسط الحلقة» .
وسأله شيخنا عن كلام العلماء في الكيمياء.
فأجاب: فيها تفصيل:
فقد تُستعمل بصورة حسنة، كصناعة السجاد والدهانات وغيرهما.
وقد تُستعمل في المحرمات، كصناعة المُخدِّرات وتحويل مادة «مورفين» إلى «هروين» .
فطَلَب شيخنا -حفظه الله- علة تحريم العلماء لها، هل تُستخدم في شيء من السِّحر؟ محل بحث.
طهارة القلب من الحقد والحسد
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (4216): حدثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ» قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ:«هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» .
وخالف ابنَ ماجه اثنان فقالا: عن هشام عن صدقة بن خالد. بدل يحيى بن حمزة. ولا يَبعد أن يكون لهشام فيه شيخان إن ضبط:
1 -
يعقوب بن سفيان، أخرجه البيهقي في «الشُّعب» (6094).
2 -
ابن أبي عاصم، أخرجه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (2429).
ورواه القاسم بن موسى عن زيد بن واقد، به، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (1218) وفيه طالب بن قُرة، أَكْثَرَ عنه الطبراني ولم نقف له على مُوثِّق.
(1)
وتابع هشامَ بن عمار محمدُ بن المبارك وهو ثقة، أخرجه الخرائطي (45).
وذَكَره أبو حاتم في «علله» (1873) عن يحيى بن حمزة، وقال: هذا حديث صحيح حسن، وزيدٌ محله الصدق، وكان يَرى رأي القَدَر.
(2)
هو أبو عمرو الشامي، وثقه ابن مَعين وأبو حاتم وغيرهما.
والخلاصة: أن متابعة محمد بن المبارك لهشام بن عمار قوية، وتُؤيِّد صحة الخبر، وقد صححه أبو حاتم الرازي، وصَحَّح إسناده العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (948) وقد طلب شيخنا مزيد بحث من الباحث إبراهيم بن شعبان، بتاريخ (5) صفر (1444 هـ) الموافق (1/ 9/ 2022 م).
فَهْم السلف للآيات المُحرِّمة للغناء
الآية الأولى: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6].
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (21138): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: «الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ» . قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]: «الْغِنَاءُ» .
وتابع وكيعًا ابن مهدي، أخرجه الطبري في «تفسيره» (18/ 535).
وتابع حبيبًا الحَكَم، أخرجه الطبري في «تفسيره» (18/ 536): حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: الْغِنَاءُ.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث منصور الشرقاوي، بتاريخ الاثنين (3) صفر (1444 هـ) الموافق (29/ 8/ 2022 م) إلى صحة الأثر عن مجاهد.
الآية الثانية: قوله تعالى عن حال أهل مكة زمن المبعث: {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ 60 وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 60، 61].
قال الطبري في «تفسيره» (22/ 98): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ، وَهِيَ يَمَانِيَةٌ، يَقُولُونَ: اسْمُدْ لَنَا: تَغَنَّ لَنَا.
وتابع الأشجعيَّ ابنُ مهدي، أخرجه الطبري كذلك.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث منصور الشرقاوي، بتاريخ الاثنين (3) صفر (1444 هـ) الموافق (29/ 8/ 2022 م) إلى صحة الأثر عن ابن عباس.
قال ابن الصلاح في «الفتاوى» (2/ 500): فليعلم أن الدُّف والشبابة والغناء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يَثبت عن أحد ممن يُعْتَدّ بقوله في الإجماع والخلاف أنه أباح هذا السماع. والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نُقل في الشبابة منفردًا والدف منفردًا.
تحريم المعازف
قال ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص 64) رقم (67): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«أَخْبَثُ الْكَسْبِ كَسْبُ الزَّمَّارَةِ» .
وهذا وإن كان ظاهره الحُسن إلا أنه يَرِد عليه أمور:
1 -
أبو رَوح
(1)
ليس من أصحاب أنس المشهورين، وإن كان محتمل السماع، فممن يكنى بأبي رَوح ويَروي عن أنس يزيد بن رومان (ت/ 130) وقد وثقه ابن مَعين والنسائي وابن سعد.
2 -
أبو أسامة الراوي عنه حُدد بأنه حماد بن أسامة، من مشايخ عبد الرحمن بن صالح، لكن تُوفي أبو أسامة سنة (201) وعنده (80) سنة، فيكون قد أدرك من حياة أبي رَوح تسع سنوات، فمحتمل السماع.
وكَتَب شيخنا مع الباحث منصور الشرقاوي، بتاريخ (20) محرم (1444 هـ) الموافق (18/ 8/ 2022 م):
أولًا- تفرد ابن أبي الدنيا، ولا يتحمل التفرد.
ثانيًا- عبد الرحمن بن صالح وإن وثقه قوم لكنه رافضي.
ثالثًا- الكلام في تعيين أبي رَوح وسماعه من أنس.
(1)
وهناك أبو رَوح آخَر في شيوخ أبي أسامة، اسمه النضر بن عربي، لا بأس به لكنه يَروي عن التابعين.
الكتمان علاج من الحسد
قال نبي الله يعقوب: {يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5].
قال الإمام الطبراني في «الأوسط» رقم (2455): حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَّامٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَعِينُوا عَلَى إِنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ؛ فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ»
(1)
.
تابع أبا مسلمٌ جماعةٌ.
وعلة هذا الطريق سعيد بن سلام، اتهمه ابن معين بالوضع، وعَدَّه أبو حاتم من منكراته وقال: هذا حديث لا يُعرَف له أصل. وقال الإمام أحمد وابن معين: موضوع وليس له أصل.
وتابع سعيدًا اثنان:
1 -
شعبة بن الحجاج، أخرجه أبو نُعيم في «أخبار أصفهان» (2/ 188) لكن الراوي عن شعبة عمرو بن يحيى القرشي، متهم بالكذب.
(1)
وقال الطبراني: لا يُروَى هذا الحديث عن مُعاذ إلا بهذا الإسناد، تَفرَّدَ به سعيد.
2 -
حسين بن علوان، أخرجه ابن عدي في «الكامل» (3/ 232) وابن الجوزي في «الموضوعات» (2/ 165) وابن علوان متروك.
والخلاصة: أن لهذا الخبر عددًا من الشواهد، كلها لا تخلو من متروك أو متهم أو منكر الحديث، وأعلاها حديث معاذ السابق. وانتهى شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فراج، بتاريخ (25) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (10/ 10/ 2023 م) إلى ضعفه الشديد من كل طرقه
(1)
ولا تصح بالمجموع.
(1)
واستفاض في شواهده ابن الجوزي في «الموضوعات» وحَكَم عليها بالوضع. ثم عَرَضها العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (1453) وصححها بالشواهد.
قال تعالى:
{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]
قال عبد الرزاق في «مصنفه»
(1)
(20303): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تُخْبِرُنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ:«لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ» .
ثُمَّ قَالَ: «أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ
(2)
: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ قَرَأَ:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} حَتَّى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ» ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: «اكْفُفْ عَلَيْكَ هَذَا» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
(1)
والحديث عند جماعة من طريق عبد الرزاق، كالترمذي (2616)، وابن ماجه (3973)، والنسائي في «الكبرى» (11330).
(2)
في رواية النسائي (11330) وهي من طريق معمر: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟» .
اللهِ، أَوَإِنَّا لَمَأْخُوذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ؟ قَالَ:«ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ- أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» .
ورواية مَعمر عن عاصم فيها ضعف، وسماع أبي وائل من معاذ رضي الله عنه بعيد لأن معاذًا مات سنة (18).
وخالف معمرًا حمادُ بن سلمة فقال: عن عاصم عن شهر بن حوشب عن معاذ نحوه.
أخرجه أحمد (22372، 22484، 22454) والطبراني في «المعجم الكبير» (200).
وقال الدارقطني في «العلل» (3/ 52): قول حماد أشبه بالصواب؛ لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عنه فيه، وأَحْسَنُها إسنادًا حديث عبد الحميد بن بهرام ومَن تابعه عن شهر عن ابن غَنْم عن معاذ.
وطريق عبد الحميد متنها مختصر، أخرجها أحمد في «مسنده» (22063): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(1)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» .
(1)
وتابع سفيان جماعة: يعقوب بن نصر، أخرجه البزار (2669) ومحمد بن يوسف، أخرجه ابن ماجه (72) وسليمان بن داود، أخرجه عبد بن حميد (113) وسعيد بن سليمان، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (115).
وتابع عبدَ الحميد بن بهرام عبدُ الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين بمتن مطول، أخرجه البزار (2670).
*-تابع عبدَ الرحمن بن غَنْم ميمون بن أبي شبيب، أخرجه هناد في «الزهد» رقم (1090): حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، ح قَالَ هَنَّادٌ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ
(1)
، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَالْحَدِيثُ عَلَى لَفْظِ هَنَّادٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَإِنِّي لَأُسَايِرُهُ إِذْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تُخْبِرُنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُنْجِينِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ:«لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمِ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَرَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَإِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ، فَأَمَّا رَأْسُ الْأَمْرِ فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا عَمُودُهُ فَالصَّلَاةُ، وَأَمَّا ذِرْوَةُ سَنَامِهِ فَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَالصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [السجدة: 16].
قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِمَا هُوَ أَمْلَكُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ- أَوْ: بِمَا هُوَ أَمْلَكُ بِالنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ-» قَالَ: فَتَخَلَّفْتُ لِأَذْكُرَ حَدِيثَهُ،
(1)
ورواه الأعمش تارة عن حبيب والحَكَم، كما عند النسائي في «الكبرى» (2546) ورواه الحَكَم عن الأعمش عن ميمون، عند ابن أبي شيبة (3951). ورواه الحَكَم عن عروة بن نزال عن معاذ، أخرجه أحمد (21561).
فَلَحِقَنِي رَكْبٌ مِنْ خَلْفِي فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَلْحَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَحُولُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ حَدِيثِي مِنْهُ. قَالَ: فَنَفَرْتُ- أَوْ: فَنَهَرْتُ- رَاحِلَتِي فَلَحِقْتُ بِهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْلُكَ:«إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِمَا هُوَ أَمْلَكُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ» قال: فَأَوْمَأَ إِلَى لِسَانِهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَإِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا بْنَ جَبَلٍ، وَهَلْ يَكُبُّ الرِّجَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» زَادَ عُثْمَانُ: وَهَلْ يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا هُوَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ.
وعلة هذا السند الانقطاع بين ميمون ومعاذ، وقال عمرو بن علي كما في «التهذيب»: ولم أخبر أن أحدًا يَزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وللخبر طريق ثالث عند البزار (2643) من طريق أبي عمرو الشيباني عن معاذ، ويَحتاج إلى مزيد تحرير.
والخلاصة: أن طرق هذا الخبر فيها ضعف، وأَحْسَنُها ما قاله الدارقطني وصححه الترمذي. وانتهى شيخنا مع الباحث أبي حمزة السويسي، بتاريخ (28) شوال (1444 هـ) الموافق (18/ 5/ 2023 م) إلى أنه يصح لشواهده
(1)
.
(1)
بل لطرقه.
استقامة اللسان
قال عبد بن حُميد كما في «المُنتخَب» رقم (977): حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -يَرْفَعُهُ- قَالَ:«إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ، تَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا، إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا» .
الخلاصة: اختُلف في رفعه ووقفه كما قال الترمذي في «سُننه» (3/ 449):
…
هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَلَمْ يَرْفَعُوهُ.
قال أبو نُعيم في «حِلية الأولياء» (4/ 309): غريب من حديث سعيد، تَفرَّد به حماد عن أبي الصهباء.
وكَتَب شيخنا مع الباحث السيد البدوي، بتاريخ (30) شعبان (1444 هـ) الموافق (22/ 3/ 2023 م) وهو يَعرض بحث «الخمسون الحسان من أحاديث اللسان» لأخينا في الله/ أبي عائشة هاني اللمعي، نيابة عن المؤلف: يُراجَع ففيه ضعف. وكان من قبل كَتَب في تحقيقه «المُنتخَب» : ضعيف.
قال تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ
مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11]
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2502): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(1)
، وَعَبدُ الرَّحمَنِ
(2)
، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا، فَقَالَ:«مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ. وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مُزِجَ بِهَا مَاءَ البَحْرِ لَمُزِجَ».
وتابعهما وكيع كما عند أحمد (25049)
(3)
وفيه: (ذَكَرَتْ قِصَرَهَا) قال صلى الله عليه وسلم: «قَدْ اغْتَبْتِيهَا» .
وتابعهم عبد الرزاق على الشك (أحكي امرأة أو رجلًا) أخرجه أحمد (25560).
(1)
هو القطان، أخرجه أبو داود في «سننه» (4875) من رواية مسدد عن القطان، ولم يَذكر:(تعني قصيرة).
(2)
هو ابن مهدي كما عند أحمد (25560) وعنده: (وَقَالَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَعْنِي قَصِيرَةً).
(3)
وتابع الإمامَ أحمد هنادٌ مختصرًا ولم يَتعرض لصفية رضي الله عنها، أخرجه الترمذي (2503).
الخلاصة: أن إسناده صحيح بذكر صفية رضي الله عنها، وتُحمَل رواية وكيع عليها. وانتهى شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ (7) رجب (1444 هـ) الموافق (29/ 1/ 2023 م) إلى صحته.
سلامة الصدر
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3759): حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْرَائِيلَ بْنَ يُونُسَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ- مَوْلَى لْهَمْدَانَ- عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: «لَا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا؛ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ» .
قَالَ: وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَالٌ فَقَسَمَهُ. قَالَ: فَمَرَرْتُ بِرَجُلَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِقِسْمَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَلَا الدَّارَ الْآخِرَةَ. فَتَثَبَّتُّ حَتَّى سَمِعْتُ مَا قَالَا، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ لَنَا:«لَا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا» وَإِنِّي مَرَرْتُ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَهُمَا يَقُولَانِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَاحْمَرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَشَقَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«دَعْنَا مِنْكَ، فَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ صَبَرَ» .
تابع الحجاجَ حسينُ بن محمد، كما عند أبي داود (4860)، وأبي يعلى (5388).
وتابعهما محمد بن يوسف الفريابي، كما عند أبي داود (4860) والترمذي (3896، 4202).
وخالفهم اثنان بأسانيد نازلة، وإدخال واسطة بين إسرائيل والوليد بن هشام وهو السُّدي:
1 -
عبيد الله بن موسى، أخرجه البزار (2038)، والبغوي (3571) والبيهقي في «الشُّعب» (10599) والأصبهاني (84).
2 -
أحمد بن خالد الوهبي، أخرجه البيهقي (16753).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ (2) رجب (1444 هـ) الموافق (24/ 1/ 2023 م) إلى ضعفه؛ لأن الوليد بن هشام مستور، وشيخه زيد بن زائدة مقبول، والقصة ليست في كل الطرق.
أسباب السعادة
قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (116): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَمِيلٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ: الْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ» .
وتابع محمدَ بن كثير جمعٌ: أبو نُعيم ويحيى بن سعيد ومحمد بن عبيد، ومؤمل بن إسماعيل وموسى بن مسعود النهدي.
وخالفهم ابن مهدي فقال: (رجل) بدل (خَمِيل) كما عند الطبري، وقد يُحمَل المُبهَم على المُبيَّن.
وخالفهم وكيع فعطف مجاهدًا على خَمِيل، أخرجه أحمد في «مسنده» (15409).
وخالفهم أبو إسحاق الفَزَاري كما في «سيره» (496) فأسقط خميلًا.
ورواية الجماعة بإثبات خَمِيل بن عبد الرحمن أصوب، وهو مجهول.
ومَن حَكَم على إسناد أبي إسحاق الفَزَاري برجاله ثقات أو بالصحة، فقد جانبه الصواب.
1 -
لما ظهر بجمع الطرق من إثبات واسطة وهي مجهولة.
2 -
كون حبيب مدلسًا وقد عنعن.
أفاده الباحث محمد بن أبي بكر، بتاريخ الأحد (22) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (12/ 6/ 2023 م).
الترهيب مِنْ قَطْع الأرحام
قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا
فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ 22 أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ
اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22، 23]
قال ابن أبي شيبة في «مسنده» (593): نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، عَنْ حُجَيْرِ بْنِ بَيَانٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ ذِي رَحِمٍ يَأْتِي ذَا رَحِمِهِ، فَيَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ فَيَبْخَلُ عَنْهُ، إِلَّا أُخْرِجَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعٌ يَتَلَمَّظُ حَتَّى يُطَوِّقَهُ» ثُمَّ قَرَأَ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180].
حَكَى الدارقطني في «علله» (1582) الخلاف في هذا الخبر. وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (25) من المحرم (1445 هـ) الموافق (12/ 8/ 2023 م): المتن به غرابة، ويُبحَث عن سند ومتن الروايات التي أشار إليها الدارقطني رحمه الله.
عقوبة الهَجْر ظلمًا
قال البزار في «مسنده» رقم (1773): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ دَخَلَا فِي الإِسْلَامِ فَاهْتَجَرَا، لَكَانَ أَحَدُهُمَا خَارِجًا عَنِ الإِسْلَامِ حَتَّى يَرْجِعَ» يَعْنِي: الظَّالِمَ مِنْهُمَا.
وتابع البزارَ عليُّ بن العباس، أخرجه الحاكم (55).
وتابعهما علي بن مسلم، أخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (173).
وخالف عبدَ الصمد يحيى بنُ سعيد فَوَقَفه، كما في «السُّنة» لعبد الله (787) وللخَلَّال (1474).
وتابع يحيى بنَ سعيد متابعة قاصرة على الوقف- طلحةُ بن مُصرِّف، أخرجه عبد الله في «السُّنة» (788) والطبراني (8904).
صححه الحاكم، واستغربه أبو نُعيم وقال: لم يرفعه إلا عبد الصمد. وقال العُقيلي: هذا يُروَى موقوفًا عن ابن مسعود رضي الله عنه.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن منصور الشرقاوي، بتاريخ (23) شعبان (1444 هـ) الموافق (15/ 3/ 2023 م): الموقوف أصح.
سُكْنَى القُرَى
قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» رقم (579): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ قَالَ: سَمِعْتُ رَاشِدَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا ثَوْبَانُ، لَا تَسْكُنِ الْكُفُورَ؛ فَإِنَّ سَاكِنَ الْكُفُورِ كَسَاكِنِ الْقُبُورِ» .
تابع إسحاقَ- وهو ابن راهويه- حيوة، كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (579).
وتابعهما هشام بن عمار، كما في «أنساب الأشراف» (123).
والخلاصة: أن ظاهر الإسناد الصحة، لكن قال أبو حاتم والإمام أحمد والحربي: راشد لم يَسمع من ثوبان.
وانتهى شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م) إلى الإعلال، وأن الإسناد يطرأ عليه الخطأ أو التصحيف؛ لذا يُقدَّم كلام علماء العلل على أدوات التحمل في ظاهر بعض الأسانيد.
حق الضيف
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17172): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ
(1)
، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْد يكْرِبَ أَبِي كَرِيمَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ مَحْرُومًا، كَانَ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ» .
وتابع يحيى بنَ سعيد الجماعة إلا وجه يحيى بن السكن فقال: (المقداد) بدل (المقدام) كما في «العلل» (3423).
وتابع شعبةَ الثوريُّ من رواية الجماعة عنه إلا رواية خالد بن يحيى فقال: (المقداد) بدل (المقدام) كما في «العلل» (3423).
ورواه جماعة كروايتي شعبة والثوري في الصحيح عنهما.
خطأ أبو حاتم كما في «العلل» (2218) رواية المقداد (بالدال) وقال: الصحيح المقدام بن معدْ يكرب، وكنيته أبو كريمة.
(1)
وقال أبو حاتم كما في «المراسيل» (ص/ 160): ولا أعلم سَمِعَ الشعبي بالشام إلا من المقدام أبي كريمة.
وأثبت السماع كذلك أبو داود، كما في «سؤالات الآجُري» (ص/ 125).
وقال الدارقطني في «علله» (3423) بعد حكاية الخلاف: والصواب قول من قال بالميم، وهو المقدام بن معد يكْرب، يكنى أبا كريمة.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (19) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (4/ 10/ 2023 م): وَهِم مَنْ قال: (المقداد) وعليه فالخبر يصح سنده، والله أعلم.
فائدة: قال السِّندي في «حاشيته على مسند أحمد» (16/ 239): قوله: (لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ) أي: إطعام ليلة الضيف والقيام بأمره فيها على كل الضيافة واجب، وقد نُسخ وجوبها (فَإِنْ أَصْبَحَ) أي: الضيف (بِفِنَائِهِ) أي: فِناء المسلم (كَانَ) قَدْر الضيافة (عَلَيْهِ) أي: على المسلم (إِنْ شَاءَ) الضيف (اقْتَضَاهُ) طَلَب منه كما يَطلب الديون.
إكرام الضيف وفَضْل إيثاره
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2057): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ، كُلُّهُمْ عَنِ الْمُعْتَمِرِ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ
(1)
، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ، بِسَادِسٍ» أَوْ كَمَا قَالَ.
وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ. قَالَ: فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي - وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ: وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي بَكْرٍ - قَالَ: وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ-؟ قَالَ: أَوَ مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ.
قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، وَقَالَ: يَا غُنْثَرُ! فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا. وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا. قَالَ: فَايْمُ اللهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ
(1)
رواية البخاري: (بثالث) وهي الأرجح.
أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا. قَالَ: حَتَّى شَبِعْنَا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ، قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي
(1)
، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مِرَارٍ.
قَالَ: فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ. يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. قَالَ: وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الْأَجَلُ فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، إِلَّا أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قَالَ.
وتابع المعتمرَ ابنُ أبي عَدي، أخرجه البخاري وعنده (ثالث) بدل (ثلاثة) وهي أوضح في المعنى. وقال القاضي عياض على لفظ «ثلاثة»: وهو غلط، والصواب رواية البخاري لموافقتها لسياق باقي الحديث.
(1)
التوضيح لابن الملقن (ج/ ص)(ديوان)(6/ 303)
قولها: (لا وقرة عيني) قرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان ويوافقه؛ لأن عينه تقر لبلوغه أمنيته، فيكون مأخوذا من القرار، وقيل: مأخوذ من القر -بالضم- وهو البرد. أي أن عينه باردة لسرورها وعدم مقلقها. قال الأصمعي وغيره: أقر الله عينه. أي: أبرد دمعته؛ لأن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة. واعترض أبو العباس على الأصمعي فيما نقله القزاز، وقال: بل كل دمع حار. ومعنى القرة: رضا النفس. قال الداودي: أرادت بقرة عينها النبي صلى الله عليه وسلم، فأقسمت به. وقال القرطبي: أقسمت لما رأت من قرة عينها بكرامة الله تعالى لزوجها، و (لا) في قولها:(لا وقرة عيني). زائدة. ويحتمل أن تكون نافية، وفيه محذوف أي: لا شيء غير ما أقول، وهو قرة عيني.
ورواه سعيد الجُريري عن أبي عثمان النهدي واختُلف عليه، ولم يَذكر «مَنْ كان عنده طعام اثنين
…
»:
1 -
فرواه عبد الأعلى عنه عند البخاري (602) نحو رواية سليمان
(1)
.
2 -
ورواه سالم بن نوح فزاد: «فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَرُّوا وَحَنِثْتُ. قَالَ: فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَخْيَرُهُمْ» .
(1)
هكذا: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ.
قَالَ: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، فَلَا أَدْرِي قَالَ: وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ، بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ- أَوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ-؟ قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا. قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ! فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا! فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا!
وَايْمُ اللهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا. قَالَ: يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ، فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، مَا هَذَا؟! قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ. يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ.
وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ: وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ» أخرجه مسلم (2057).
3 -
ورواه إسماعيل بن عُلية فبَيَّن الإدراج في لفظة غدو أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ أَصْبَحَ، فَغَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ وَصَنَعُوا، قَالَ: بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَصْدَقُهُمْ» كما عند أبي داود (3270).
قال أبو داود عقبه: وزاد سالم في حديثه: «ولم يبلغني كفارة» .
وقال ابن رجب على جملة: «وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ» : وهذا من قول بعض الرواة.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 599): ووقع في رواية الجُريري عند مسلم: فقال أبو بكر: يا رسول الله، بروا وحنثتُ! فقال:«بل أنت أَبرُّهم وخَيرُهم» قال: ولم يبلغني كفارة. وسقط ذلك من رواية الجُريري عند المُصنِّف، وكأن سبب حذفه لهذه الزيادة أن فيها إدراجًا بَيَّنتْه رواية أبي داود حيث جاء فيها: فأُخبِرتُ (بضم الهمزة) أنه أصبح فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم
…
إلخ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (29) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (14/ 10/ 2023 م): اكتب ما تراه.
قضاء حوائج المسلمين
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (2948): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الْأَزْدِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلَانٍ - وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ -! فَقُلْتُ: حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عز وجل شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ، وَفَقْرِهِ» قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ.
تابع يحيى بنَ حمزة بقيةُ كما عند الحاكم (7027) وصدقة بن خالد، أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2317) وغيره.
وهذا السند رجاله ثقات وظاهره الصحة، لكن قال ابن مَعين: لم نسمع أن القاسم سمع من أحد من الصحابة رضي الله عنهم.
وتابع القاسمَ جماعةٌ:
1 -
الزبير بن عبد الله الكلاعي
(1)
، أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2879) وابن قانع في «معجم الصحابة» (1/ 225)، والزبير مخضرم
(1)
كذا في «الآحاد والمثاني» وهو الكلابي.
لكن لم يقف الباحث على مُوثِّق له.
2 -
أبو المُعَطَّل مولى بني كِلاب، أخرجه الدولابي في «الكنى» (315) وأبو المعطل قال فيه أبو زُرعة: لا أعرفه إلا في هذا الحديث. وقال الذهبي: لا يُعرَف.
3 -
أبو الشماخ الأزدي عن ابن عم له. وفي «التهذيب» : أبو مريم الأزدي له صحبة. وعنه ابن عمه أبو الشماخ الأزدي، أخرجه أحمد (15651) وأبو الشماخ قال عنه الحسيني: مجهول. كما في «تعجيل المنفعة» (2/ 481).
4 -
أبو الحسن هو الجَزَري، أخرجه الترمذي (1332) وأحمد (18033) وغيرهما، وسمى صحابي الخبر عمرو بن مُرة
(1)
. وأبو الحسن على الأرجح هو الجَزَري، وقد قال فيه ابن المديني: مجهول، ولا أدري سَمِع من عمرو بن مُرة أم لا. وقال الحاكم: ثقة مأمون، واسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن.
والخلاصة: أن الخبر صحيح لِما يلي:
1 -
أن أسلم طريق له هو طريق القاسم، وقد صَرَّح فيه بالتحديث فهي زيادة علم مقدمة على نفي ابن معين العام.
2 -
على فرض تقديم نفي ابن معين بالانقطاع بين القاسم وشيخه، فقد توبع من أربعة في أسانيدهم مقال في طبقة التابعين.
(1)
وعمرو بن مُرة هو الجُهَني أبو مريم الأزدي، قاله البخاري وأبو حاتم والترمذي وابن عبد البر والبغوي.
وخالفهم الحاكم فجَعَل حديث عمرو بن مُرة شاهدًا لخبر أبي مريم الأزدي، كما في «المستدرك» (7027 - 7028) ووافقه الذهبي في «تجريد الأسماء» .
3 -
الحديث مصحوب بقصة، وهي الدخول على معاوية رضي الله عنه.
4 -
له شاهد من حديث معاذ رضي الله عنه، أخرجه أحمد (22076) وابن الجعد (2309) والطبراني (316)، وفي سنده شَريك القاضي، قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ كثيرًا.
5 -
صحح الحاكم إسناد القاسم، وجَوَّد ابن حجر في «فتح الباري» (13/ 133) إسناده.
6 -
عمل معاوية رضي الله عنه بالحديث.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن خضر، بتاريخ (14) صفر (1445 هـ) الموافق (30/ 8/ 2023 م) إلى أنه في ريب من صحبة ابن أبي مريم؛ لنَفْي ابن معين العام سماع القاسم بن مُخيمِرة من أحد من الصحابة رضي الله عنهم، لكن الذي يمشي على الطرق التقليدية يصححه لشاهده
(1)
.
(1)
وهو حديث معاذ رضي الله عنه.
الذب عن عِرض المسلم
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16368): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الحَجَّاجِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ- يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ- قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ
…
فَذَكَرَ حَدِيثًا، قَالَ: وَحَدَّثَنِي لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ بَشِيرٍ مَوْلَى بَنِي مَغَالَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عز وجل فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ» .
وتابع ابنَ المبارك ابنُ أبي مريم عند أبي داود (4884)، وأبو صالح كما عند البيهقي (16780).
وتابعهما يحيى بن بكير وعبد الله بن صالح، كما عند الطبراني (4735).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ (30) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (15/ 10/ 2023 م)
إلى ضعفه لجهالة إسماعيل بن بشير ويحيى بن سليم. وأنه مُعارَض بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] وحديث «صحيح مسلم» (49). «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»
(1)
.
(1)
أخرجه مسلم (49).
كف أذى اللسان واليد
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (28) - حَدثنا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ.
وأخرجه مسلم (39) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ به.
وتابع قتيبة ومحمد بن رمح، محمد بن يوسف أخرجه البخاري (6236) وعبد الله بن صالح كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (46)، وسعيد بن سليمان كما في «مستخرج أبي نعيم» (155)، وآدم بن أبي إياس وابن أبي مريم ويحيى بن بكير وعمرو بن خالد أخرجه ابن منده في «الإيمان» (317)، ويونس بن أحمد كما في «حلية الأولياء» (287)، وحجاج وأبو النضر بالعطف أخرجه أحمد (6581) لكن فيه «أي الأعمال» بدل من «أي الإسلام» .
خالف الليث بن سعد عمرو بن الحارث فأتى بسؤال وجواب آخر أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (40) حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»
(1)
.
وتابع عمرو بن الحارث ابن لهيعة أخرجه أحمد (6581).
الخلاصة: أن الخبرين صحيحان وسلك العلماء مسلك الجمع مع ضيق المخرج وإليك أقوالهم:
قال أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي في «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (1/ 223): قوله: (أي المسلمين خير؟ فقال: من سلم المسلمون من لسانه ويده) هذا السؤال غير السؤال الأول وإن اتحد لفظهما؛ بدليل افتراق الجواب، وكأنه عليه الصلاة والسلام فهم عن هذا السائل أنه إنما سأل عن أحق المسلمين باسم الخيرية وبالأفضلية، وفهم عن الأول أنه سأل عن أحق خصال الإسلام بالأفضلية، فأجاب كلا منهما بما يليق بسؤاله، والله تعالى أعلم، وهذا أولى من أن تقول: الخبران واحد، وإنما بعض الرواة تسامح؛ لأن هذا التقدير يرفع الثقة بأخبار الأئمة الحفاظ العدول، مع وجود مندوحة عن ذلك.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 56): أخرج مسلم من طريق عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب بهذا الإسناد نظير هذا السؤال لكن جعل
(1)
وهذا الخبر مثال لما دخل حديث في حديث على الإمام الدارقطني قاله أبو مسعود الدمشقي في «الجواب عن غلط مسلم» (ص: 93) فانظر تفصيله هنا لك.
الجواب كالذي في حديث أبي موسى فادعى بن منده فيه الاضطراب وأجيب بأنهما حديثان اتحد إسنادهما وافق أحدهما حديث أبي موسى ولثانيهما شاهد من حديث عبد الله بن سلام كما تقدم.
وكتب شيخنا مع الباحث علاء بن محمد العزب بتاريخ 14 جمادى الأولى 1445 موافق 28/ 11/ 2023 م على طريق عمرو بن الحارث: احكم على السند. ا هـ. وقال: قد يكون حديثًا واحدًا ثم جُزِّء.
كف الأذى عن الجار
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (9675): حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ:«هِيَ فِي النَّارِ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ
(1)
، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ:«هِيَ فِي الْجَنَّةِ» .
تابع أبا أسامة جماعةٌ: عبد الواحد وموسى بن أَعْيَن، وجرير، وأبو معاوية.
والخلاصة: انتهى شيخنا فيه مع الباحث حسام بن محمد، بتاريخ (27) شعبان (1444 هـ) الموافق (19/ 3/ 2023 م) إلى أن في سنده أبا يحيى مولى جَعْدة
(2)
.
(1)
أي: بالقطع من اللبن المجفف.
وفي «الغريبين في القرآن والحديث» (1/ 302): الأثوار: واحدها ثور، وهي قطعة من الأَقِط.
(2)
ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 577).
لن يُفلِت الجار من تضييعه
حقوق إخوانه في الدنيا
قال ابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» رقم (346): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَازِنِيُّ، نَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّيُّ، نَا أَبَانُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُمْ مِنْ جَارٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَارِهِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا بِمَا أَغْلَقَ عَنِّي بَابَهُ، وَمَنَعَنِي مَعْرُوفَهُ؟» .
وتارة رواه عطاء عن نافع عن ابن عمر، أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ص/ 182) وعطاء منسوب للخراساني عند الطبري، وفي سنده أبو عبد الرحمن الخراساني، فيه ضعف.
وتابعه ليث بن أبي سُليم، وهو ضعيف.
ورواه الثوري عن ابن عمر تارة موقوفًا وهو منقطع كما في «الزهد» (508) لهناد، وتارة مرسلًا كما في «البر والصلة» (ص/ 108).
الخلاصة: أن كل طرقه ضعيفة. وكَتَب شيخنا مع الباحث حسام الدين بن محمد بن سليمان، بتاريخ (3) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (18/ 10/ 2023 م) على طريق أبان
(1)
عن عطاء، ونسبه الباحث لابن أبي رباح لكون أبان يَروي عن عطاء بن أبي رباح:
(1)
هو ابن صالح.
1 -
الخلاف في سماع عطاء من ابن عمر، والأظهر عدمه. والله أعلم.
2 -
الخلاف في تعيين أبان.
3 -
سعيد بن سليمان فيه كلام. اه.
الرجل أحق بمجلسه
وردت فيه أخبار:
الأول: قال ابن الجعد في «مسنده» رقم (2671): أَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
وتابع زهيرًا- وهو ابن معاوية- جمهورُ الرواة: عبد العزيز بن محمد وأبو عَوانة، أخرجه مسلم (2179)، وحماد بن سلمة
(1)
ومَعمر بن راشد ووهيب بن عجلان وسفيان الثوري، كلهم عند أحمد (10942، 10823، 7810، 7568، 8509، 9047، 9755، 9774) وثَم متابعات أخرى.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ (27) رجب (1444 هـ) الموافق (18/ 2/ 2023 م): حسن.
(1)
من رواية عفان، وفيه قصة رقم (8509): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَالِسًا، وَعِنْدَهُ غُلَامٌ، فَقَامَ الْغُلَامُ، فَقَعَدْتُ فِي مَقْعَدِ الْغُلَامِ، فَقَالَ لِي أَبِي: قُمْ عَنْ مَقْعَدِهِ، إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْبَأَنَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» غَيْرَ أَنَّ سُهَيْلًا قَالَ: «لَمَّا أَقَامَنِي تَقَاصَرَتْ بِي نَفْسِي» .
الحديث الثاني: أخرجه أحمد في «مسنده» (11282): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرَّجُلُ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ، وَأَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ إِذَا رَجَعَ» .
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ (27) رجب (1444 هـ) الموافق (18/ 2/ 2023 م) على إسماعيل بن رافع
(1)
: سند ضعيف جدًّا.
الحديث الثالث: أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (15484): حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَقَامَ إِلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
والخلاصة: أنه راجع إلى طريق أبي سعيد.
تنبيه: خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان مولاهم الواسطي: ثقة ثبت، روى له أصحاب الكتب الستة، من الطبقة الثامنة.
وهناك عمرو بن خالد القرشي الهاشمي مولاهم، أبو خالد، الكوفي ثم الواسطي، من الطبقة السابعة. قال فيه الإمام أحمد: كذاب، يَروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة، يَكذب.
(1)
ضعيف، بل تَرَكه النسائي والدارقطني.
(2)
هذا ثقة، وهناك عمرو بن خالد الكذاب، راوٍ مُسِن توفي بعد (120).
هل ثَبَت النهي عن قيام
الشخص وإكرام غيره بمجلسه؟
*-ورد خبر ضعيف بسبب فُليح بن سليمان، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (8462): حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَلَكِنْ أَفْسِحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ» .
وتابع يونسَ- وهو ابن محمد- سُريج بن النعمان، أخرجه أحمد (10271) وعبد الملك بن عمرو
(1)
كما عند أحمد (10786).
ورواه سُهيل عن أبيه بلفظ: «إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه، فهو أحق به» أخرجه مسلم (5740).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن علي، بتاريخ (5) محرم (1444 هـ) الموافق (3/ 8/ 2022 م): في السند الأول فُليح، فيه كلام واختُلف عليه أيضًا، فالمتن مطروح، والله أعلم.
تنبيه: أثر الخلاف بين متن فُليح وسهيل أن متن سهيل يفيد أن لصاحب المكان أن يُكرِم به غيره.
وفي الباب ما أخرجه الإمام البخاري رقم (6269): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ» .
وأخرجه مسلم رقم (2177): وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، به.
كراهية القيام للعَالِم
قال الإمام أحمد في «مسنده» (13623): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«مَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ رُؤْيَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا؛ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ» .
تابع عفانَ جماعةٌ-ابن مهدي، وعبد الصمد والمظفر بن مدرك
(1)
أخرجه أحمد (12345، 12526، 12370)، وموسى بن إسماعيل، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (946)، وأسد بن موسى كما في «تهذيب الآثار» (834) للطبري، وحبان بن هلال، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1126)، وإبراهيم بن الحجاج، أخرجه أبو يعلى (3784) ومُؤمَّل بن إسماعيل في «الجامع لأخلاق الراوي» (939) -.
وخالفهم قطن بن نُسير وهو ضعيف، فقال: عن حماد عن يونس عن الحسن عن أنس رضي الله عنه، أخرجه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (303) وروايتهم أصوب.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1445 هـ) الموافق (18/ 11/ 2023 م) إلى صحة إسناده.
(1)
لكن في روايته تارة عن حميد عن أنس كالجماعة، وأخرى عن ثابت عن أنس رضي الله عنه.
وجاء تعليل كراهية القيام في خبر ضعيف، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25581) والإمام أحمد في «مسنده» (21627): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الْعُدَيْسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا، فَقُمْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ:«لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا» .
واختُلف فيه على مِسْعَر، فتارة هكذا. وأخرى قال: عن أبي مرزوق عن رجل عن أبي أُمامة مرفوعًا. وتارة عن أبي العديس عن أبي مرزوق عن أبي أُمامة. أخرجهما الطبري في «تهذيب الآثار» (744)، وتارة عن أبي العنبس عن رجل أظنه أبا خلف عن أبي مرزوق عن أبي أمامة. أخرجه أحمد (22201). وتارة عن أبي العبيس عن أبي خلف عن أبي مرزوق عن أبي أُمامة. كما في «مساوئ الأخلاق» (788) والمعافي بن عمران في «الزهد» (836).
ونَقَل ابن حجر في «فتح الباري» (11/ 51) قول الطبري: حديث ضعيف مضطرب السند، فيه مَنْ لا يُعرَف. وحَكَى الدارقطني في «علله» (6/ 268) الخلاف، ثم قال: قول ابن نُمير أشبهها بالصواب.
وطَعَن ابن حبان في «المجروحين» (3/ 159): في أبي مرزوق عن أبي غالب روى أحدهما عن الآخَر، رَوَيا ما لا يُتابَعان عليه، لا يجوز الاحتجاج بهما لانفرادهما عن الأثبات بما خالف حديث الثقات. وذَكَر له هذا الحديث.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1445 هـ) الموافق (18/ 11/ 2023 م) إلى ضعفه.
وانظر: «سلسلة الفوائد» (8/ 408).
المجالس بالأمانة
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (14693): حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ: مَجْلِسٌ يُسْفَكُ فِيهِ دَمٌ حَرَامٌ، وَمَجْلِسٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ فَرْجٌ حَرَامٌ، وَمَجْلِسٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ مَالٌ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ» .
وتابع سريجًا أحمدُ بن صالح، أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4869) والبيهقي في «الأدب» (107) وفي «السنن الكبرى» (21694).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ الأربعاء (12/ 1/ 2022 م): فيه مَنْ لم أجد له ترجمة، وهو ابن أخي جابر، فالخبر ضعيف.
2 -
أخرج أبو الفضل الزُّهْري في «حديثه» (ص: 190) رقم (149): نا جعفر، نا عيسى، نا أمية بن خالد، حدثني حسين بن عبد الله، عن أبيه، عن جَده، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المجالس بالأمانة» .
وتابع أميةَ بن خالد القعنبيُّ، أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (1195) والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (704).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث مختار بن سلام، بتاريخ الأربعاء (12/ 1/ 2022 م) إلى أن علة هذا الخبر حسين بن عبد الله بن ضُمَيْرة، منكر الحديث.
حق الطريق
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18590) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: «إِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تَجْلِسُوا، فَاهْدُوا السَّبِيلَ، وَرُدُّوا السَّلَامَ، وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ» .
وتابع يحيى بن آدم حسين بن محمد كما عند أحمد (18484) ومالك بن إسماعيل عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (172) وعبيد الله بن موسى كما عند ابن حبان (597).
وتابع إسرائيل شعبة لكن اختلف في سماع أبي إسحاق من البراء فقد أخرج الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» رقم (170) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: «إنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَأَفْشُوا السَّلَامَ وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ وَاهْدُوا السَّبِيلَ» .
خالف حجاجُ بنُ منهال أصحاب شعبة كابن مهدي عند أبي يعلى (1718) ومحمد بن جعفر عند أحمد (18569) وغيره، وعفان بن مسلم عند أحمد (18506) وأبي الوليد الطيالسي عند الدارمي (2697) فنقلوا عن شعبة أن أبا
إسحاق لم يسمع هذا الحديث من البراء
(1)
.
قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1/ 157): وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ عَلَى شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ; لِأَنَّ حَجَّاجًا يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعَ أَبِي إِسْحَاقَ إيَّاهُ مِنَ الْبَرَاءِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ يَنْفِي ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ مَا الصَّوَابُ فِيهِ؟.
الخلاصة: أن مدار الخبر على أبي إسحاق وقد سأله شعبة فقال أنه لم يسمعه من البراء رضي الله عنه
(2)
فهذا قاض على التصريح بالسماع في رواية حجاج بن منهال وانتهى شيخنا مع الباحث عبد الله بن أشرف بن سلطان السويسي
(3)
بتاريخ 7 جمادى الأولى 1445 موافق 21/ 11/ 2023 م: إلى ضعفه للانقطاع.
وسبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 424) حديث أبي سعيد في حق الطريق في الصحيحين وفيه: «قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟
قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» وفيه زيادة ضعيفة خارج الصحيحين: «فاهدوا السبيل، وأعينوا المظلوم» .
ويحرر حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي.
(1)
وأبو إسحاق عن البراء في غير هذا الحديث في البخاري (6313) ومسلم (525) حديث تحويل القبلة وغيره.
(2)
هكذا عند أبي يعلى (1718) قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ أَسَمِعْتَهُ مِنَ الْبَرَاءِ؟ قَالَ: لَا.
(3)
ولد بحي فيصل بمدينة السويس بتاريخ 1/ 10/ 2007 م وهو في المرحلة الأولى بالثانوية الأزهرية وهذا أول حديث يعرضه للتدرب.
إن مِنْ الشِّعر حِكمة
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (6145): حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً» .
وتابع شعيبًا يونسُ بن يزيد، كما عند أحمد (21158)، وأبو داود في «سننه» رقم (500)، وابن ماجه (3755) وغيرهم.
وتابعهما زياد بن سعد، أخرجه الدارمي (2746).
وتابعهم إبراهيم بن سعد في وجه عنه
(1)
، أخرجه أحمد (21156).
وخالفهم مَعمر وابن المبارك فقالا: عن الزهري عن عروة. والزهري يتحمل أكثر من شيخ.
ولهذا الخبر شاهد من حديث ابن عباس، بلفظ:«إن مِنْ الشِّعر حُكْمًا» لكنه
(1)
وقال الجماعة عن إبراهيم بن سعد: (عبد الله بن الأسود) بدل (عبد الرحمن).
ورُوي عنه عن ابن الأسود، وهذا الخلاف يتحمله إبراهيم بن سعد.
وقال الإمام أحمد: هكذا يقول إبراهيم بن سعد في حديثه: (عبد الله بن الأسود) وإنما هو عبد الرحمن بن الأسود
…
كذا يقول غير إبراهيم.
من رواية سِمَاك عن عكرمة وهي مضطربة، أخرجه أحمد (2859) والترمذي (2845) وابن ماجه (3756).
وله شاهد ثانٍ من حديث ابن مسعود مُعَل بالإرسال، أخرجه الترمذي (2844) وأَعَله بالإرسال ابن مَعين كما في «الكامل» (2844) لابن عَدي. وقال الترمذي: هذا الحديث غريب من هذا الوجه، إنما رَفَعه أبو سعيد الأشج عن ابن أبي غَنِيَّة.
وله شاهد ثالث من حديث بُريدة رضي الله عنه، وفيه علتان:
أ-مداره على حسام بن مصك، ضعيف، بل قال الدارقطني: متروك.
ب-الإعلال بالإرسال. وقال أبو حاتم في «العلل» (2259): لا يَروي هذا الحديث- يعني موصولًا- إلا حسام. وحمل أبو حاتم الخلاف لحسام بن مصك.
وله شاهد رابع عن عائشة رضي الله عنها، وفيه:«وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ» مِنْ رواية الشَّعبي عنها، وروايته عنها مرسلة. أخرجه أحمد (24023).
وله طريق ثان مداره على شريك النَّخَعي، وهو ضعيف، ويرجع لحديث ابن عباس. انظر أحمد (2473) والترمذي (2848).
وله طريق ثالث من رواية هشام بن عروة في «العلل» (533) للدارقطني، بلفظ:«إن مِنْ الشِّعر لَحكمة» مرسل، وهو الصواب.
والخلاصة: انتهى شيخنا معي بتاريخ الأربعاء (10) رجب (1444 هـ) الموافق (1/ 2/ 2023 م) إلى صحة حديث أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه لشواهده لأنه يرد أخبار مَرْوان بن الحَكَم.
النهي عن ضرب الحيوان على وجهه
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2117): وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:«لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ» .
وقد توبع مَعقِل عن أبي الزبير من سفيان الثوري، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8450).
وقد توبع أبو الزبير من ابن ثوبان، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (14164): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا» .
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد الفيومي، بتاريخ (1) صفر (1444 هـ) الموافق (28/ 8/ 2022 م): هذا الحديث يؤتى به فيما روته السلسلة
(1)
الموافق لغيرها. اه. وانتهى إلى أنه صحيح غير منتقد على مسلم.
تنبيه: هذا من الأخبار التي لم يتوافق ابن لهيعة في روايته إياه مع مَعقِل.
(1)
أي: سلسلة مَعقِل.
كتاب السلام
فضل البَدء بالسلام
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (5197): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ وَهْبٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الْحِمْصِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» .
تابع أبا عاصم النبيل محمدُ بن بشار، أخرجه الروياني في «مسنده» (1272).
وتابع أبا سفيان الحمصي القاسمُ بن عبد الرحمن، أخرجه ابن السُّني (212) وفي سنده إسحاق بن مالك، ضعيف. وأخرجه أحمد (22279) وفي سنده علي بن يزيد، متروك.
وتابعهما سُليم بن عامر، أخرجه الترمذي (2694) وفي سنده يزيد بن سنان أبو فروة، ضعيف.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م) على طريق وهب بن خالد: سنده حسن.
كتاب الاستئذان
كيفية وقوف المُستأذِن على الباب
قال الإمام أحمد في «مسنده» (17694): حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنَ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَحْصَبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَ الْبَابَ يَسْتَأْذِنُ، لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ» يَقُولُ: «يَمْشِي مَعَ الْحَائِطِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ، فَيُؤْذَنَ لَهُ أَوْ يَنْصَرِفَ» .
وتابع بقيةَ بن الوليد إسماعيلُ بن عياش كما عند أحمد (17692)، ومحمد بن سليمان الحَرَّاني كما عند البزار (3499)، ومحمد بن شُعيب كما في «المختارة» (77).
والخلاصة: أن مداره على محمد بن عبد الرحمن بن عِرْق، وثقه دُحيم، وقال ابن حِبان في «الثقات»: رَوَى عن أهل الشام ولا يُحتج بحديثه ما كان من رواية إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد ويحيى بن سعيد العطار وذويهم، بل يُعتبَر من حديثه ما رواه الثقات عنه.
وكَتَب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (27) شوال (1444 هـ) الموافق (17/ 5/ 2023 م): في سنده ضعف.