الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النذر
هل ثبتت زيادة: «وتُهدِي هَدْيًا» ؟
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (3296): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا.
خالف همامًا هشامٌ الدَّستُوائي وسعيد بن أبي عَروبة فلم يَذكرا فيه: «تُهْدِيَ هَدْيًا» إلا أن رواية ابن أبي عَروبة مرسلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*-ورواه بالزيادة مطرٌ الوَرَّاق عن عكرمة، أخرجه أبو داود في «سننه» (3303).
وتابعه مُطرِّف
(1)
إلا أن مطرفًا عن عكرمة عن عقبة لا عن ابن عباس رضي الله عنهما.
*-ورواه سعيد بن مسروق والد الثوري، أخرجه أبو داود (3304) وخالد الحَذَّاء، أخرجه الطبراني (11/ 341) كلاهما عن عكرمة دون الزيادة، إلا أن في رواية سعيد بن مسروق عن عكرمة عن عقبة رضي الله عنه.
وأما خالد فقال: عن ابن عباس رضي الله عنه.
(1)
كأن (مطرف) تصحيف من (مطر). والراوي عن مطر ومطرف: القسملي، وهو ثقة.
*-ورواه كُريب عن ابن عباس رضي الله عنه دون الزيادة، أخرجه أبو داود (3295)، وفي سنده شَريك النَّخَعي، ضعيف.
*-ورواه جماعة عن عقبة فلم يَذكروا الزيادة بل قالوا: «
…
لتَمشِ ولتَركب» وهم: أبو الخير كما في البخاري (1866) ومسلم (1644)، وعبد الله بن مالك، أخرجه أبو داود (3293)، وأبو عبد الرحمن الحبلي
(1)
، أخرجه أبو عَوانة (5869) ودُخَين الحَجَريّ، أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (8406).
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 204): ولا يصح فيه الهَدْي. وأيده البيهقي في «معرفة السنن» (14/ 206).
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي عبد الله محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (13) رجب (1444 هـ) الموافق (4/ 2/ 2023 م): الأصح عن عكرمة بدونها. وسائر الطرق عن عقبة بدونها.
(1)
بضم الحاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة.
كتاب العتق
هل بَريرة ومُغِيث رضي الله عنهما هما الغلام والجارية في الخبر التالي؟
قال إسحاق في «مسنده» رقم (967): أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ
(1)
، نَا ابْنُ مَوْهَبٍ- وَهُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَ لِعَائِشَةَ غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ. قَالَتْ: فَأَرَدْتُ أَنْ أعْتِقهَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «ابْدَئِي بِالْغُلَامِ قَبْلَ الْجَارِيَةِ» .
وخالف حمادَ بن مَسْعَدة عبيدُ الله بن عبد المجيد فوَصَله، أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2237): حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
(2)
، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا زَوْجٌ. قَالَ: فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ.
والخلاصة: أن مدار الخبر على عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوهب، وقد ضَعَّفه العُقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/ 119) وأسند له هذا الخبر، وقال عقبه: لا يُعرَف إلا به.
(1)
ومن طريق حماد بن مَسعدة أخرجه النسائي (4915) وابن ماجه (2532) وابن حبان (4320).
(2)
قَالَ نَصْرٌ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وانتهى شيخنا مع الباحث علي بن محمد بن أحمد بن داود السندوبي
(1)
بتاريخ (3) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (21/ 6/ 2023 م) إلى ضعفه.
تنبيه:
قال البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (10/ 199): وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ لِيَكُونَ عِتْقُهَا وَهُوَ حُرٌّ، فَلَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (11/ 191):
فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا، وَعَلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَا خِيَارَ لَهَا إِذَا أُعْتِقَتْ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا.
فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْقُولٌ فِيهِ أَنَّ الذَّكَرَ مِنْ هَذَيْنِ الْمَمْلُوكَيْنِ هُوَ غَيْرُ زَوْجِ بَرِيرَةَ، وَأَنَّ الْأُنْثَى الَّتِي فِيهِ كَانَتْ غَيْرَ بَرِيرَةَ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا اشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا، وَلَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
وتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَاهُ مِمَّا يَبْعُدُ قَبُولُهُ مِنَ الْقُلُوبِ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرٍ فِيهِ حِيَاطَةٌ لِوَاحِدٍ مِنَ اثْنَيْنِ، وَغَيْرُ حِيَاطَةِ الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَأَنْ يَأْمُرَ بِعَتَاقٍ يُبْطِلُ حَقَّ الزَّوْجَةِ الَّتِي مِنْ شَرِيعَتِهِ وُجُوبُ ذَلِكَ الْحَقِّ لَهَا إِذَا أُعْتِقَتْ، وَيَحُوطُ الزَّوْجَ بِأَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ الِاخْتِيَارُ لِزَوْجَتِهِ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا- وَاللهُ أَعْلَمُ- أَرَادَهُ مِنْهُ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنْ يَكُونَ مِنْهَا فِي مَمْلُوكَيْهَا صَرْفُهُمَا إِلَى صِلَةِ رَحِمِهَا بِهِمَا، وَأَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْعَتَاقِ لَهُمَا
…
إلخ.
(1)
وُلد بتاريخ (3/ 11/ 1998 م) بمدينة سندوب بالمنصورة، وهذا أول حديث يعرضه للتدرب.
هل ثَبَت لفظ: «الاستسعاء» في الحديث
(1)
؟
اختُلف على قتادة في ذكر شيخه على أربعة أوجه
(2)
، أصحها ما اتَّفَق عليه البخاري رقم (2527)
(3)
: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا - أَوْ: شَقِيصًا - فِي مَمْلُوكٍ، فَخَلَاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» .
وتابع يزيدَ عبدُ الله كما عند البخاري رقم (2492).
وتابعهما جمعٌ، منهم يزيد بن زُريع كما عند البخاري، وعيسى بن يونس ومحمد بن بشير وعلي بن مُسهِر وإسماعيل بن إبراهيم، أربعتهم عند مسلم (1503).
(1)
أما معنى الاستسعاء في هذا الحديث، فالذي عليه جمهور القائلين بجواز الاستسعاء: أن العبد يُكلَّف الاكتسابَ والطلبَ حتى يحصل قيمة نصيب الشريك الآخَر، فإذا دفعها إليه عَتَقَ. وقال بعضهم: هو أن يَخدم سيدَه الذي لم يعتق بقدر ما له من الرق. فتتفق الأحاديث على هذا. كما في «العدة شرح العمدة» لأبي الحسن العطار (3/ 1741).
(2)
ومنها: قتادة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة بذكر الاستسعاء تارة، وأخرى بدونه.
ومنها: قتادة عن أبي المليح تارة عن أبيه أن رجلًا. وأخرى مرسلًا.
ورَجَّح الإمام أحمد الإرسال من هذا الوجه.
(3)
ومسلم كما سيأتي في المتابعات.
تنبيه:
رواية شعبة وهمام بن يحيى دون ذكر الاستسعاء، ورجحه الدارقطني في «التتبع» (25) و «العلل» (2031) ونقل عن النيسابوري في «السنن»: وما أحسن ما رواه همام ضبطه وفَصَل بين قول النبي وقول قتادة. ودَفَع هذا ابن حجر بأن همامًا هو الذي خالف الجماعة ففصل.
وقال الحاكم: حديث العتق ثابت صحيح، وذِكر الاستسعاء فيه من قول قتادة، وقد وَهِمَ مَنْ أدرجه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبد البر: الذين لم يَذكروا السعاية أثبت ممن ذكروها. ودَفَعه ابن حجر بتعدد المجلس، وسعيدُ بن أبي عَروبة لم ينفرد عن قتادة بل هو مُتابَع (جرير بن حازم)، كما عند البخاري (2526).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن باسم، بتاريخ (2) ربيع (1444 هـ) الموافق (28/ 9/ 2022 م): ذِكر الاستسعاء فيه نظر، وأَورِد أقوال أهل العلم في ذلك.
وسأل محمدُ بن السيد الفيومي شيخنا عقب النقاش: هل المستسعي العبد أو السيد؟ فقال شيخنا: المستسعي السيد، ولفظة (العبد) لا تَثبت.
تنبيه: استَدل بعض العلماء (منهم ابن القطان والأصيلي) على ضعف الاستسعاء؛ لكونها لم تَرِد في حديث ابن عمر، لكنها موجودة وناقشها الإمام مسلم في «التمييز» (ص/ 143) فقال: .. والدليل على خطئه اتفاق الحُفاظ من أصحاب نافع على ذكرهم في الحديث المعنى الذي هو ضد السعاية، وخلاف الحُفاظ المتقنين لحفظهم يُبيِّن ضعف الحديث من غيره.
كتاب الشهادات
شهادة البدوي على أهل الأمصار
1 -
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (3602): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمَدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ» .
تابع ابنَ وهب اثنان:
1 -
سعيد بن أبي مريم، أخرجه ابن الجارود (1009) والبيهقي في «السنن الصغير» (4711).
2 -
رَوْح بن صلاح، أخرجه الدارقطني في «سننه» رقم (4514) ورَوْح ضعفه ابن عدي وذكره ابن حبان في «الثقات» ووثقه الحاكم.
والخلاصة: أن هذا الخبر وإن كان ظاهر إسناده الحُسن لحال محمد بن عمرو بن عطاء
(1)
، إلا أنه يَرِد عليه أمران:
(1)
قال البزار في «مسنده» (15/ 259): وهذا الحديث لا نَعْلَمه يُروَى إلا عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإسناده حسن، والحديث لا يُعرَف عن رسول الله إلا من هذا الوجه.
الأول: استنكره الذهبي، حيث قال في تعليقه على «المُستدرَك»: لم يصححه المؤلف، وهو حديث منكر على نظافة السند.
الثاني: معارضته لعموم قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (10/ 422):
وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الِاعْتِبَارِ، وَفِيمَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا كَرِهَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْبَدْوِ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْجَفَاءِ فِي الدِّينِ وَالْجَهَالَةِ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْغَالِبِ لَا يَضْبِطُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا، وَلَا يُقِيمُونَهَا عَلَى حَقِّهَا؛ لِقُصُورِ عِلْمِهِمْ عَمَّا يُحِيلُهَا وَيُغَيِّرُهَا عَنْ جِهَتِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وقال الجَصَّاص الحنفي في «أحكام القرآن» (2/ 230):
فإنَّ مِثل هذا الخبر لا يجوز الاعتراض به على ظاهر القرآن، مع أنه ليس فيه ذكر الفرق بين الجِراح وبين غيرها، ولا بين أن يكون القروي في السفر أو في الحضر، فقد خالف المحتج به ما اقتضاه عمومه.
كتاب الصلح
مَنْ تَحمَّل حَمَالة في الإصلاح
هل تُدفَع له من الزكاة؟
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1044): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ، حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ:«أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» .
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا
(1)
مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا، يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا».
تابع حمادَ بن زيد جماعة: مَعمر وحماد بن سلمة كما عند ابن حبان
(1)
أي: العَقْل والفِطْنَة.
(3291، 4830)، والأوزاعي وأيوب كما عند ابن خزيمة (2359، 2360) وسفيان كما عند ابن الجارود (404).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن الدكروني بن عبده، بتاريخ (16) من المحرم (1445 هـ) الموافق (3/ 8/ 2023 م) إلى أنه ليس على شرط بحثه في الرشوة
(1)
، إلا مِنْ وجه فيه تكلف
(2)
.
فقلت له: قَبيصة رضي الله عنه صحابي وافد، والحديث يَحمِل حكمًا؟ فقال: لا نفجر خلافًا، الحديث في مسلم.
وطَلَب شيخنا من الباحث صور الرشوة المعاصرة والمقنعة من بعض أصحاب المناصب، كأن يَدخل محلًّا ليشتري ملابس، وعند دفع الفاتورة التي وصلت مبلغًا كبيرًا يقول البائع: الحساب وصل. فيقول الورع منهم: (لا) مُقْسِمًا مُصِرًّا على دفع الحساب. فيأخذ منه خمسين جنيهًا، والفاتورة بآلاف؛ رجاء اتقاء شره أو طلب مصلحة فيما هو آتٍ.
(1)
و (الرشوة) مثلثة الراء.
(2)
وَجْه إدخاله في الرشوة أن الإنسان الذي يَمد يديه تسولًا لأخذ أموال الناس بغير وجه حق، فهو سُحْت.
كتاب الدِّيَات
هل يُقتَل الحر بالعبد؟
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178].
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (20104): حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ- وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ» .
تابع أبا النضر جماعة: علي بن الجعد وعاصم بن علي وسعيد بن عامر، ويحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر والحسن بن صالح.
تابع شعبةَ سعيدُ بن أبي عَروبة كما عند ابن ماجه (2663).
وتابعهما هشام الدَّستُوائي، أخرجه أبو داود (947)، وابن أبي عاصم في «الدِّيَات» (1/ 30). وتابعهم حماد بن سلمة، أخرجه أبو داود (4515) وتابعهم أبو عَوانة، أخرجه الترمذي (1414) وغيره.
وتابع قتادةَ هشامُ بن حسان، أخرجه أحمد (20197) وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (807).
الخلاصة: أن مدار الخبر على الحسن عن سَمُرة، وأَثْبَتَ سماعَ الحسن من
سمرة لهذا الحديث: البخاري وابن المديني
(1)
.
وخالفهما الإمام أحمد وقال: الحسن عن سَمُرة، ولم يَسمع منه. وقال: سَمِعَ الحسن من سمرة ثلاثة أحاديث، ليس هذا منها.
انتهى شيخنا إلى صحته مع الباحث صلاح الدين الخطيب، بتاريخ (3) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (18/ 10/ 2023 م) وطلب بحثًا عن قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178]
(2)
.
(1)
انظر: «البدر المنير» (4/ 69).
قال الترمذي: سألتُ البخاري عن حديث «مَنْ قَتَل (عبده) قتلناه» فقال: كان علي بن المَديني يقول به، وأنا أذهب إليه، وسماع الحسن من سَمُرة عندي صحيح.
(2)
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45].
كتاب الحدود
حِفظ الحدود في مراقبة الله تعالى
قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] وقال جل ذكره: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229].
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (15/ 114) حديث ثوبان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عز وجل هَبَاءً مَنْثُورًا» قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ. قَالَ:«أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» .
ثم بَحَثه الباحث: د. محمد ياسين، بتاريخ (13) محرم (1445 هـ) الموافق (31/ 7/ 2023 م) فكتب شيخنا معه:
بسم الله الرحمن الرحيم
أبو عامر الألهاني لا يَتحمل هذا التفرد بهذا المعنى، وكذا لا يَتحمل هذا عقبة بن علقمة، وإن كان حديثهما قد يُحسَّن في مواطن، إلا أن غرابة المتن هنا تجعلنا نتوقف.
ويؤيد ما ذكر وَصْف العقيلي أنه لا يُتابَع على حديثه. ووَصْف الذهبي
بالغرابة، وقول الطبراني: لا يُروَى عن ثوبان إلا بهذا الإسناد، تَفرَّد به عقبة.
ثم قلت للشيخ: هل يوضع في المختلف فيه في السلسلة؟
فقال: أما أنا فأرى الضعف. اه.
الرجم مُجمَع عليه
قال النَّسائي في «السنن الكبرى» رقم (7318): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: قَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ! فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، أَلا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَا إِذَا أَحْصَنَ، وَكَانَتِ البَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الحَبَلُ أَوِ الاِعْتِرَافُ. وَقَدْ قَرَأْنَاهَا:(الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا البَتَّةَ) وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ.
رواه أكثر الرواة عن ابن عيينة، وكذلك عن الزهري، دون:«الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا البَتَّةَ» وفي البخاري رقم (6830) ومسلم رقم (1691) وفيه: «فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ» .
وحَمَّل النَّسائي في «السنن الكبرى» (9/ 153) الوهم لسفيان، حيث قال عقبها: لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا ذَكَرَ فِي هَذَا الحَدِيثِ: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا البَتَّةَ» غَيْرَ سُفيانَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَهِمَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وأوردها البيهقي من حديث عمر وأُبَيّ وزيد رضي الله عنهم، ثم قال في «السنن الكبرى» (17/ 150): فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ حُكْمُهَا ثَابِتٌ وَتِلَاوَتُهَا مَنْسُوخَةٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
وقال ابن كثير في «تفسيره» (3/ 319): وهذه طرق كلها متعددة، ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة، فنُسخ
(1)
تلاوتها وبقي حكمها معمولًا به، والله أعلم
(2)
.
والخلاصة: انتهى شيخنا معي، بتاريخ عام (1431 هـ)، في تحقيقي «اللُّمَع»
(1)
هكذا في النسخة وهو وجه صحيح ويجوز (فنسخت)؛ لأن التلاوة عند النحويين مؤنث مجازي فيجوز تأنيث الفعل معه وتذكيره ومن شواهده في كتاب الله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [الأنعام: 157]{قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 73].
(2)
وقال ابن عثيمين في «زاد المُستقنِع» (14/ 229):
وأما من قال: إن لفظ الآية: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم» ، فهذا لا يصح لأمور:
أولاً: أن من قرأه لم يجد فيه مُسْحَة القرآن الكريم، وكلام رب العالمين.
ثانياً: أن الحكم فيه مخالف للحكم الثابت، فالحكم في هذا اللفظ معلق على الكبر، على الشيخوخة، سواءٌ كان هذا الشيخ ثيباً أم بِكراً، مع أن الحكم الثابت معلق على الثيوبة سواء أكان شيخاً أم شاباً.
ونحن لا يهمنا أن نعرف لفظه ما دام عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهد به على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم يسمعون ولم ينكروا، فإننا نعلم أن هذا النص كان قد وُجد ثم نسخ.
تنبيه: قلت: (أبو أويس): ينبغي جمع المتون التي انتقدها العَلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ودراستها ومنها هذه الزيادة هنا من حديث عمر رضي الله عنه، لكنه لم يَستوفِ الشواهد في الردّ. ومنها حديث الجَسَّاسة.
للشيرازي (باب بيان وجوه النَّسَخ) إلى ما انتهى إليه النسائي في حديث عمر رضي الله عنه، وصحتها من حديثَي زيد بن ثابت وأُبَيّ بن كعب رضي الله عنهما.
ثم كَتَب شيخنا -حفظه الله- في كتابه «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم» (ص 338 - 339): أراها شاذة من حديث عمر، ولها شواهد في أسانيدها مقال، وصححها بعض العلماء بمجموعها، وعليها العمل.
استحباب طلب العفو بعد التمكن من القِصَاص
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (5/ 106) ما أخرجه مسلم رقم (1680): من طريق سِمَاك بن حرب، أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ
(1)
، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا قَتَلَ أَخِي!
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقَتَلْتَهُ؟» - فَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ - قَالَ: نَعَمْ، قَتَلْتُهُ.
قَالَ: «كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟» .
قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبِطُ مِنْ شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِي فَأَغْضَبَنِي، فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ، فَقَتَلْتُهُ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكَ مِنْ شَيْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟» .
قَالَ: مَا لِي مَالٌ إِلَّا كِسَائِي وَفَأْسِي.
قَالَ: «فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟» .
قَالَ: أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ ذَاكَ.
(1)
أي بحبل.
فَرَمَى إِلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ، وَقَالَ:«دُونَكَ صَاحِبَكَ» .
فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ» فَرَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ:«إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ» وَأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟» .
قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ - لَعَلَّهُ قَالَ: - بَلَى.
قَالَ: «فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ» .
قَالَ: فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ.
وأنه صحيح مؤول
(1)
.
ثم عَرَضه الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (29) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (23/ 1/ 2023 م) فقال شيخنا: أضف: وثَمة اختلاف في المتون، رَاجِع «سنن النسائي»
(2)
(1)
قال النووي في «شرحه على مسلم» (11/ 173): أما قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ قَتَله فهو مِثله» فالصحيح في تأويله أنه مِثله في أنه لا فضل ولا منة لأحدهما على الآخَر؛ لأنه استوفى حقه منه.
(2)
رقم (4723): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جِيءَ بِالْقَاتِلِ الَّذِي قَتَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، جَاءَ بِهِ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَتَقْتُلُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اذْهَبْ» فَلَمَّا ذَهَبَ دَعَاهُ، قَالَ:«أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَتَقْتُلُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اذْهَبْ» فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ» فَعَفَا عَنْهُ فَأَرْسَلَهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ.
تنبيه: قال أبو عَوانة في «مستخرجه» (6192) عقب رواية إسماعيل بن سالم: في حديث عوف وجامع بن مطر نظر. وأورد حديث أبي هريرة بعده.
و «أبي داود» فروايتهما تُذهِب الإشكال
(1)
.
أخرج أبو داود في «سننه» رقم (4499): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفٍ، حَدَّثنا حَمْزَةُ أَبُو عُمَرَ الْعَائِذِيُّ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جِيءَ بِرَجُلٍ قَاتِلٍ فِي عُنُقِهِ النِّسْعَةُ. قَالَ: فَدَعَا وَلِيَّ الْمَقْتُولِ فَقَالَ: «أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَفَتَقْتُلُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اذْهَبْ بِهِ» فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «أَفَتَقْتُلُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اذْهَبْ بِهِ» فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ:«أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ، يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِ صَاحِبِهِ» قَالَ: فَعَفَا عَنْهُ. قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ النِّسْعَةَ.
وتابع حمزة أبا عمر على طلب النبي صلى الله عليه وسلم منه العفو جامعُ بن مطر، أخرجه أبو داود كذلك.
وتابعهما على سؤال العفو ابن أشوع، كما سبق عند مسلم
(2)
.
وخالفهم إسماعيل بن سالم كما عند مسلم، فرواه مختصرًا وزاد: «القاتل
(1)
المتمثل في قوله: «القاتل والمقتول في النار» أو «إِنْ قَتَله فهو مِثله» فكيف الجَمْع بين هذا وله حق القِصاص وذهب ليقتص بأمره صلى الله عليه وسلم؟
(2)
وظاهرها الإرسال إلا أن تُحمَل على الاتصال بالسند السابق، وأن ابن أشوع من شيوخ علقمة.
والمقتول في النار».
ووافقه سِمَاك بن حرب لكن رواه بالمعنى في أمر العفو، وزاد:«وإِنْ قَتَله فهو مِثله» .
والخلاصة: يَرى الباحث أن أقوى هذه الطرق الأربعة عن علقمة بن وائل طريقُ إسماعيل بن سالم، ويؤيده حديث أبي هريرة عند الترمذي (1407)
(1)
.
(1)
أخرجه الترمذي في «سننه» (1407): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدُفِعَ القَاتِلُ إِلَى وَلِيِّهِ، فَقَالَ القَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَتَلْتَهُ، دَخَلْتَ النَّارَ» فَخَلَّاه الرَّجُلُ، وَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ، فقال: فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ، فَكَانَ يُسَمَّى ذَا النِّسْعَةِ.
وهذا السند على شرط الشيخين، وأتى به الشيخ مقبل في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» .
في كم تُقطَع اليد؟
قال الإمام النسائي في «سننه» رقم (4915): أَنْبَأَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، ثُلُثِ دِينَارٍ، أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» .
وخالف القاسمَ بن مبرور في اللفظ اثنان:
1 -
ابن وهب، أخرجه البخاري (6790) ومسلم (1684): أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» .
2 -
ابن المبارك، أخرجه النسائي (4916).
وتابعهما متابعة قاصرة عن الزهري: مالك وحُميد الأعرج والأوزاعي وقتادة وحفص بن حسان.
وتابعه كذلك جمع آخَر عن الزهري لكن بجعل شيخ الزهري عمرة، أخرجه البخاري (6789) ومسلم (1684) وغيرهما.
وتابع الزهري عن عمرة خَلْق، كما في البخاري (6791) ومسلم (1684) والطيالسي (8710) وغيرهم.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (12/ 104): ورواه أيضًا من رواية القاسم بن مبرور عن يونس بهذا السند، لكن لفظ المتن:«أو نصف دينار فصاعدًا» وهي رواية شاذة.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (26) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (19/ 1/ 2023 م) على «ثُلُثِ دِينَارٍ، أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ، فَصَاعِدًا» : كلها شاذة.
ماذا يُفعَل بمن أَخَذ من الغنيمة شيئًا
قبل قسمتها ومعرفة الإمام؟
قال سعيد بن منصور في «سننه» رقم (2729): نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْغَزْوِ، فَوَجَدَ إِنْسَانًا قَدْ غَلَّ، فَدَعَا سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ وَجَدْتُمُوهُ قَدْ غَلَّ فَاضْرِبُوهُ وَحَرِّقُوا مَتَاعَهُ» فَوُجِدَ فِي رَحْلِهِ مُصْحَفٌ، فَسُئِلَ سَالِمٌ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: بِيعُوهُ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ.
وتابع سعيدًا على التحريق وعموم الضرب وقصة المصحف، النفيليُّ كما عند أبي داود في «سننه» (2713).
وتابعهما أحمد بن حاتم الطويل، كما عند أبي يعلى (204).
وتابعهم موسى بن إسماعيل كما عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4240) وقَيَّد الضرب ب «اضربوا عنقه» .
وتابعهم محمد بن عمرو السواق كما عند الترمذي (1461)
(1)
ويوسف
(1)
وقال في «سننه» (4/ 61): هَذَا الحَدِيثُ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ. وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: إِنَّمَا رَوَى هَذَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، وَهُوَ أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ مُنْكَرُ الحَدِيثِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ رُوِيَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الغَالِّ، فَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِحَرْقِ مَتَاعِهِ.
بن سليمان، بذكر المصحف ودون ذكر الضرب، كما عند البزار (123)
(1)
.
وتابعهم جماعة دون ذكر الضرب ولا بيع المصحف، وَهُمْ:
1 -
أبو سعيد، كما عند أحمد في «مسنده» رقم (144).
2 -
داود بن عمر، كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (28690، 33542).
والخلاصة: أن صالح بن محمد بن زائدة ضعفه أبو زُرعة وأبو حاتم وابن معين. وقال البخاري: منكر الحديث، لا يُتابَع عليه.
وكَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن البدوي، بتاريخ (7) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (27/ 5/ 2023 م): الأكثرون على تضعيفه.
2 -
قال أبو داود في «سننه» رقم (2715): حدَّثَنا محمد بن عَوف، حدَّثَنا مُوسى بن أيوبَ، حدَّثَنا الوليدُ بن مسلم، حدَّثَنا زُهير بن محمد، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَده، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعُمر حَرَّقُوا متاع الغَالِّ وضَربُوه.
(1)
وقال البزار في «مسنده» (1/ 236): وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ زَائِدَةَ، هَذَا رَوَى عَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ صَالِحٍ إِلَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَلَمْ يَرْوِ صَالِحٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ.
وتابع موسى بنَ أيوب الحسنُ بن علي بن بحر، كما عند البيهقي (259، 1821).
3 -
وخالفهما الوليد بن عُتبة وعبد الوهاب بن نجدة، كما عند أبي داود (2715) فقَطَعه، هكذا: حدَّثَنا الوليدُ، عن زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيبٍ قولَه، لم يَذكُر عبدُ الوهاب بن نَجْدة الحَوْطِيُّ: منع سهمه.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن البدوي، بتاريخ (7) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (27/ 5/ 2023 م):
1 -
السند فيه مقال.
2 -
وكذا اختُلف في وصله. والله أعلم.
3 -
رَاجِع المأخوذ على سلسلة عمرو. والله أعلم.
العفو في الحدود
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (4611): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ- وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَبَ القَوْمُ القِصَاصَ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ- عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-: لَا وَاللهِ لَا تُكْسَرُ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ» فَرَضِيَ القَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» .
تابع أبا إسحاق الفَزاري المعتمرُ بن سليمان، أخرجه أبو داود (4595) وفيه:«فَرَضُوا بِأَرْشٍ أَخَذُوهُ»
(1)
.
خالفهما جمهور الرواة فلم يَذكروا: «فَرَضِيَ القَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ» وهم:
1 -
محمد بن عبد الله الأنصاري، أخرجه البخاري (6894) وغيره.
2 -
عبد الله بن بكر السهمي، أخرجه البخاري (4500).
3 -
ابن أبي عَدي، أخرجه أحمد (12302).
(1)
قال العيني في «عمدة القاري» (13/ 281): رواية الفزاري تدل على أن معنى: عفوا، يعني: عن القصاص، وفيه الجمع بين الروايتين فافهم.
4 -
مَرْوان بن معاوية، أخرجه ابن حبان (6490).
5 -
بشر هو ابن المفضل، كما عند النسائي (4756).
6 -
أبو خالد الأحمر، كما عند النسائي أيضًا (4757).
7 -
يزيد بن زُريع، أخرجه ابن أبي الدنيا في «الأولياء» (44) ورواية أبي خالد ويزيد مختصرة، واقتَصَر باقي الرواة على العفو دون الأرش، وهي الأرجح من حيث الكثرة، وأشار البخاري إلى زيادة الفَزاري، وهذا مصير منه إلى قَبول زيادة الثقة.
الخلاصة: الأرجح رواية الجماعة بالعفو وعدم أخذ الأرش. وانتهى شيخنا مع الباحث سيد بن رفعت، بتاريخ (22) محرم (1445 هـ) الموافق (9/ 8/ 2023 م) إلى الجمع بين الروايات، في أخذهم الأرش مع العفو عن القِصَاص، خاصة أن الرواية في البخاري.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 306): قوله (فرضي القوم وقبلوا الأرش) أي زاد على رواية الأنصاري ذكر قبولهم الأرش والذي وقع في رواية الأنصاري (فرضي القوم وعفوا) وظاهره أنهم تركوا القصاص والأرش مطلقا فأشار المصنف إلى الجمع بينهما بأن قوله (عفوا) محمول على أنهم عفوا عن القصاص على قبول الأرش جمعا بين الروايتين.
تنبيه: وقع خلاف في تسمية الجانية، هل هي الرُّبَيِّع كما سبق في رواية حميد؟ أو أختها في رواية ثابت عن أنس رضي الله عنه؟
أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1675): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ، أُمَّ حَارِثَةَ، جَرَحَتْ إِنْسَانًا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الْقِصَاصَ، الْقِصَاصَ» فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ؟ وَاللهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«سُبْحَانَ اللهِ يَا أُمَّ الرَّبِيعِ، الْقِصَاصُ كِتَابُ اللهِ» قَالَتْ: لَا، وَاللهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا. قَالَ: فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» .
وتابع عفانَ بن مسلم جماعةٌ:
1 -
جعفر بن محمد الصائغ، أخرجه أبو عَوانة (6152)
2 -
سليمان بن حرب، أخرجه أبو عَوانة أيضًا (6153).
3 -
إبراهيم بن حجاج السامي، أخرجه الحُميدي (1350).
4 -
زهير، كما عند أبي يعلى (3396).
ووَجْه الجَمْع بين الروايتين عن أنس رضي الله عنه تعدد الواقعة.
وذهب إلى هذا البيهقي في «السنن الكبير» (8/ 64)، والنووي في «شرحه على مسلم» (11/ 162).
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (12/ 215): وقد ذَكَر جماعة أنهما قصتان.
وقال في «تغليق التعليق» (5/ 249):
رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة، فوقع لنا عاليًا على طريقه بدرجتين. وأَصْل الحديث عند البخاري من حديث حميد عن أنس، لكن قال: إن الرُّبَيِّع
بنت النضر عمته لطمت إنسانًا. وهو الأصوب. وتَفرَّد حماد بن سلمة بقوله: أخت الرُّبَيِّع.
وقيل: إنهما قصتان. وهو الأقرب، ومما يؤيده أن في هذه القصة: فقالت أُم الرُّبيع: يا رسول الله أتقتص من فلانة؟ والله لا يُقتص منها. وفي حديث حميد: فقال أنس بن النضر: أتكسر سن الرُّبيع
…
الحديث، وفي حديث ثابت: جَرَحَتْ إنسانًا. وفي حديث حميد: لَطَمَتْ فكَسَرَتْ ثَنِيَّة جارية. والله أعلم.
وقال في «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 134): وأما ما وقع في «صحيح مسلم» من وجه آخَر عن أنس، أن أخت الرُّبيِّع جَرَحَتْ إنسانًا
…
فذَكَره، وفيه: فقالت أُم الرُّبيع: يا رسول اللَّه، أيُقتص من فلانة؟ فتلك قصة أخرى إن كان الراوي حفظ، وإلا فهو وهم من بعض رواته.
وذهب جمعٌ إلى أنها قصة واحدة وقَدَّمُوا طريق حميد التي أخرجها البخاري، منهم:
1 -
ابن الأثير في «جامع الأصول» (10/ 270).
2 -
الزركشي في «شرحه على مختصر الخرشي» (3/ 21).
3 -
البرماوي في «اللامع الصبيح» (16/ 380).
4 -
ابن المُلقِّن في «البدر المنير» (8/ 358).
وقال القاضي عياض في «إكمال المُعلِم» (5/ 474): المعروف أن الرُّبيع هي صاحبة هذه القصة، وكذا جاء الحديث في البخاري من الروايات الصحيحة أنها الرُّبيع بنة النضر وأخت أنس بن النضر. وكذا في المُصنَّفات، وهو الصحيح،
رواه القابس مثل رواية مسلم أو في كتاب الدِّيَات. وضَرَب الأصيلي على قوله: (أخت)، وجاء مفسرًا في غير الأم عند البخاري وغيره، وبين جُرمها، أنها لَطَمَتْ جارية فكسرت ثَنِيَّتها.
الخلاصة: جَنَح شيخنا مع الباحث سيد بن رفعت العارف، بتاريخ الأربعاء (8) محرم (1445 هـ) الموافق (26/ 7/ 2023 م) إلى أنها قصة واحدة، ويَصعب أن تكون قصتين.
رَجْم القردة بعضها بعضًا
قال البخاري في «صحيحه» رقم (3849): حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ.
وتابع هشيمًا:
1 -
علي بن عاصم، كما عند الخرائطي في «اعتلال القلوب» رقم (181).
2 -
عباد بن العوام، كما في «معرفة الصحابة» رقم (5139) لأبي نعيم.
وتابع حصينَ بن عبد الرحمن عيسى بنُ حِطان، أخرجه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» . وعيسى بن حِطان مقبول، وقال ابن عبد البر: لا يُحتج به. وتلميذه عبد الملك بن مسلم ليس به بأس.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث حسان بن عبد الرحيم، بتاريخ (23) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (8/ 10/ 2023 م) إلى ثبوته لكنه مقطوع، ونُعيم بن حماد هو صاحب كتاب «الفتن» وقد كان هذا الكتاب سببًا في ضلال كثير من الناس وذلك بنشر الأحاديث الضعيفة وتنزيلها في الواقع.
أَمْر عمر رضي الله عنه الشباب باجتناب
مَنْ ابتُلي باللواط، عياذًا بالله
قال عبد الرزاق
(1)
في «تفسيره» (2/ 195) رقم (1230): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«أَوَّلُ مَا اتُّهِمَ بِالْأَمْرِ الْقَبِيحِ- يَعْنِي عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ- عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، اتُّهِمَ بِهِ رَجُلٌ، فَأَمَرَ عُمَرُ بَعْضَ شَبَابِ قُرَيْشٍ أَلَّا يُجَالِسُوهُ» .
والخلاصة: أن إسناده صحيح. وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن ممدوح، بتاريخ (23) رجب (1444 هـ) الموافق (14/ 2/ 2023 م): احكم على السند.
(1)
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (436)، والبيهقي (5144).
حُكْم مَنْ وقع على بهيمة
أو عَمِل عَمَل قوم لوط
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2420): حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» .
وتابع أبا سعيد ابنُ وهب، كما عند الحاكم في «مستدركه» (8118) ولفظه:«مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» .
وتابع سليمانَ بن بلال عبدُ العزيز الدراوردي من رواية عبد الله بن محمد
(1)
، كما عند أبي داود (3892) والنسائي (7102) بلفظ:«مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ» فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا شَأْنُ البَهِيمَةِ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ لَحْمِهَا أَوْ يُنْتَفَعَ بِهَا، وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ العَمَلُ.
وخالفهما محمدُ بن إسحاق فجعل العقوبة اللعن، أخرجه الترمذي (1415).
قال البخاري كما في «العلل الكبير» (ص: 236): وَلَا أَقُولُ بِحَدِيثِ عَمْرِو
(1)
وتابع عبدَ الله بن محمد قتيبةُ بن سعيد، أخرجه النسائي (7102).
بْنِ أَبِي عَمْرٍو: أَنَّهُ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ.
وقال ابن معين كما في «ميزان الاعتدال» (3/ 284)
(1)
: عمرو بن أبي عمرو ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقتلوا الفاعل والمفعول به.
وتابع عمرَو بن أبي عمرو جماعةٌ:
1 -
عباد بن منصور، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (28278).
2 -
داود بن الحصين، وهو ضعيف في عكرمة، أخرجه ابن ماجه (2560).
3 -
ابن جُريج، ولم يَسمع من عكرمة، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (5136) بألفاظ متنوعة، والأسانيد ضعيفة.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن ممدوح المنوفي، بتاريخ (7) رجب (1444 هـ) الموافق (29/ 1/ 2023 م): استُنكر هذا الخبر على عمرو بن أبي عمرو مولى المُطَّلِب
(2)
. اه.
وللخبر شواهد:
الأول: من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ
(1)
وقال الذهبي عقبه: وعمرو بن أبي عمرو، حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح.
(2)
سبق في «سلسلة الفوائد» (6/ 382) حديث: «مَنْ عَمِل عَمَل قوم لوط» وأنه مِنْ المُستنكَر على عمرو بن أبي عمرو مولى المُطَّلِب.
لُوطٍ، قَالَ:«ارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ، ارْجُمُوهُمَا جَمِيعًا»
(1)
.
الشاهد الثاني: حديث جابر رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ»
(2)
.
الشاهد الثالث: حديث علي رضي الله عنه مرفوعًا: «يُرجَم مَنْ عَمِل عَمَل قوم لوط»
(3)
.
فائدة: قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (28337): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا حَدُّ اللُّوطِيِّ؟ قَالَ: «يُنْظَرُ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ فَيُرْمَى بِهِ مُنَكَّسًا، ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ» .
وتابع أبا بكر يحيى بنُ مَعين، أخرجه البيهقي (15824).
وتابعهما عبيد الله بن عمر، كما في «ذم الملاهي» (125) والبيهقي (5137).
والخلاصة: أن إسناده صحيح، وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن ممدوح على ترجمة سعيد بن يزيد، بتاريخ (16) رجب (1444 هـ) الموافق (7/ 2/ 2023 م): يُراجَع.
(1)
أخرجه ابن ماجه (2558) وفي سنده عاصم بن عمر، ضعيف.
(2)
أخرجه الحارث في «مسنده» (509) وفي سنده عباد، هو ابن كثير، متروك.
(3)
كما في «كنز العمال» (13644) وسنده منقطع؛ لأن علي بن الحسين لم يَسمع من جَده علي رضي الله عنه.
كتاب القضاء
التذكير بين يدي القضاء
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (22974)
(1)
: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ بَيْنَهُمَا قَدْ دَرَسَتْ، لَيْسَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْكُمْ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، يَأْتِي بِهَا إِسْطَامًا
(2)
فِي عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَتْ: فَبَكَى الرَّجُلَانِ، وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: حَقِّي لِأَخِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا إِذْ فَعَلْتُمَا فَاذْهَبَا وَاقْتَسِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ لِيَحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ» .
تابع وكيعًا جماعة -زيد بن الحباب كما عند أبي يعلى (7027) وسفيان
(1)
أخرجه إسحاق في «مسنده» (1823).
(2)
في «مجمع بحار الأنوار» (3/ 69): فإنما أقطع له «سطامًا» من النار، ويروى: أسطامًا، وهما حديدة تحرك بها النار وتسعر، أي أقطع له ما تسعر به النار على نفسه، أو أقطع له نارًا مسعرة، وتقديره ذات سطام، ويقال لحد السيف: سطام وسطم. ومنه: العرب «سطام» الناس، أي هم في شوكتهم وحدتهم كالحد من السيف.
وابن وهب وعبد الله بن نافع ثلاثتهم في «مشكل الآثار» (755، 756، 758) وصفوان بن عيسى في وجه بالزيادة كما عند أبي يعلى (6897) وآخر بدون (فبكى الرجلان
…
) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (4580).
وهذا السند حسن؛ للخلاف القوي في حال أسامة بن زيد الليثي
(1)
وقد جاء أصل هذا الحديث من مخرج متسع في الصحيحين من طريقين عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أمها:
1 -
ما أخرجه البخاري (2680) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، بِقَوْلِهِ: فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا» .
وتابع مالكًا غير واحد منهم أبو معاوية كما عند مسلم (1713) وغيره.
وتابع هشامًا ابن شهاب لكن بزيادة سبب الورود أخرجه مسلم رقم (1337) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ
(1)
وثقه ابن معين وقال: ليس بحديثه بأس. ووثقه العجلي وأخرج له مسلم. وقال النسائي: ليس بالقوي وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وتركه القطان.
وقال الحاكم: «المدخل» : روى له مسلم، واستدللت بكثرة روايته له على أنه عنده صحيح الكتاب على أن أكثر تلك الأحاديث مستشهد بها أو هو مقرون في الإسناد.
وقال ابن حبان في «الثقات» : يخطيء وهو مستقيم الأمر صحيح الكتاب و أسامة ابن زيد بن أسلم مدنى واه، وكانا في زمن واحد إلا أن الليثي أقدم مات سنة ثلاث وخمسين ومئة.
ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَأَقْضِي لَهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا» والبخاري رقم (7185).
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاؤريخ (20) ربيع الأول (1445 هـ) موافق (5/ 10/ 2023 م): إذا لم يكن أخذ على أسامة فالسند حسن وراجع كتاب أخينا السيد بيومي -حفظه الله - «أسباب ورود الحديث»
(1)
ثم أكد النتيجة مع الباحث: عبد الله بن أسامة التِهامي بتاريخ (9) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (24/ 10/ 2023 م).
تنبيه: قد تتعدد أسباب ورود الحديث الواحد
(2)
كما هنا فقد ذكر ابن حمزة الحسيني في «البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث» (2/ 575) السبب السابق في «صحيح مسلم» وذكر سببًا آخر في تأبير النخل ولم يذكر السبب الأول.
(1)
اسم الكتاب «البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث» للمؤلف ابن حمزة الحسيني الدمشقي (ت: 1120 هـ) ط دار ابن تيمية بتحقيق الباحث الشيخ سيد بيومي حفظه الله ثم طبع الصحيح بدار اللؤلؤة بمصر.
(2)
وانظر في تتعدد أسباب نزول الآيات مقدمة «الصحيح المسند من أسباب النزول» (ص: 47) للشيخ مُقْبل بن هَادِي (ت/ 1422 هـ).
اليمين الكاذبة تجلب غضب الرب عز وجل
-
(1)
1 -
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (2666 و 2667): حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» .
قَالَ: فَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟» قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
وتابع أبا معاوية وكيع، أخرجه مسلم (138).
وتابع الأعمشَ منصورٌ كما عند البخاري ومسلم، وقال: ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا
(1)
وفي التلاعن بين الزوجين قال تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ 8 وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 8، 9].
إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» .
2 -
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (139): حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(1)
، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّ هَذَا انْتَزَى
(2)
عَلَى أَرْضِي يَا رَسُولَ اللهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ، وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عِبْدَانَ - قَالَ:«بَيِّنَتُكَ» قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ. قَالَ: «يَمِينُهُ» قَالَ: إِذَنْ يَذْهَبَ بِهَا. قَالَ: «لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَاكَ» قَالَ: فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» .
تابع عبدَ الملك بن عمير سماكُ بن حرب، أخرجه مسلم وأبو داود (2827) والترمذي (1340) لكن في رواية سماك:«ليَلقين الله وهو عنه مُعرِض»
(3)
.
(1)
خالف أبا عَوانة إبراهيمُ بن عثمان، وهو ضعيف، فرَبَط بين سياق حديث وائل ولفظ حديث الأشعث المرفوع. أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17523).
(2)
أي وثب وغلب عليها واستولى.
(3)
وصفة الإعراض وإن كانت هنا محتملة، إلا أنها متفق عليها في قصة «النَّفَر الثلاثة» من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه، وفيه:«وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ» أخرجه البخاري (66) ومسلم (2176) وسبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 154).
وجوه اتفاق
…
وجوه اختلاف
1 -
الاختصام في قطعة أرض.
2 -
إثبات صفة الغضب لله تعالى.
3 -
اليمين عند عدم البينة.
4 -
تذكير الحالف بالعقوبة .... 1 - حديث ابن مسعود رضي الله عنه متفق عليه. أما حديث وائل ففي مسلم.
2 -
الخصومة بين الأشعث بن قيس رضي الله عنه ورجل يهودي.
أما في حديث وائل ففُسر بأنه (امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ، وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عِبْدَانَ)
3 -
أما حديث ابن مسعود ففيه سبب نزول الآية رقم (77) من آل عمران. أما حديث وائل فليس فيه سبب نزول.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث كريم بن محمد الإسمعلاوي، بتاريخ (27) شعبان (1444 هـ) الموافق (19/ 3/ 2023 م): كسند، الأصح سِمَاك، وكمعنى: ثابت.
اليمين على المُدعَى عليه في الأموال والحدود
قال البخاري في «صحيحه» رقم (2668): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ
(1)
، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِاليَمِينِ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ» .
وتابع أبا نعيم جمعٌ: محمد بن بشر كما عند مسلم (1711)، وابن مهدي ويزيد بن هارون وخلاد بن يحيى ومحمد بن يوسف الفريابي.
وخالفهم الثوري من رواية محمد بن يوسف الفريابي، بلفظ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (10/ 427) رقم (21203): قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا الْفِرْيَابِيُّ.
وهو غريب بهذا الإسناد.
والخلاصة: وافق شيخنا على ما انتهى إليه الباحث محمود السجاعي، بتاريخ (22) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (11/ 6/ 2023 م) وهو شذوذ لفظ:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وصحة اللفظ المتفق عليه. وكَتَب: زعم أن الذي في البخاري ومسلم لفظ: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» فقط. وزعم أن لفظة «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» شاذة من طريق ابن عباس. اه.
(1)
وتابع نافعًا ابنُ جريج.
تنبيه: قال الترمذي عقب اللفظ المتفق عليه: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَغَيْرِهِمْ، أَنَّ البَيِّنَةَ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ.
كتاب الزهد
مَنْ جَعَل الآخرة همه جَمَع الله شمله
قال الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (2465): حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ- وَهُوَ الرَّقَاشِيُّ- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ. وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ» .
تابع وكيعًا جعفرُ بن سليمان، أخرجه ابن أبي الدنيا في «الزهد» (483) وعبد الله بن يزيد، أخرجه ابن أبي عاصم في «الزهد» (164).
تابع يزيدَ اثنان:
1 -
قتادة، أخرجه ابن أبي عاصم في «الزهد» (165)، وفي سنده داود بن المُحبَّر، متروك. وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (8882)، وفي سنده أيوب بن خَوْط، وهو متروك عند النَّسَائي والدارقطني وابن حجر.
2 -
الحسن البصري، أخرجه البزار في «مسنده» (3604)، وفي سنده إسماعيل بن مسلم، وهو المكي، وهو ضعيف عند الجمهور.
وللخبر شاهدان:
أحدهما: من حديث ابن عباس، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11690)، وفي سنده أبو حمزة الثُّمَالي
(1)
، وهو ضعيف عند الجمهور.
الثاني: حديث أبي الدرداء، كما في «سلسلة الأجزاء المنسوخة» (6)، وفي سنده محمد بن سعيد بن حسان، وهو كذاب، قاله النَّسَائي وابن حجر.
الخلاصة: انتهى شيخنا إلى ضعفه، مع الباحث أحمد بن أيمن الدسوقي، بتاريخ (22) شعبان (1444 هـ) الموافق (14/ 3/ 2023 م).
وقال أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (617): حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ فَرَّقَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ. وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَعَلَ اللَّهُ عز وجل غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» .
وتابع الطيالسيَّ محمدُ بن جعفر كما عند ابن ماجه (4105)، وتابعهما يحيى بن سعيد كما عند أحمد (21590) مطولًا.
وتابعهم عمرو بن مرزوق كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (4891).
وعمر بن سليمان وثقه أبو حاتم والنسائي وابن معين.
(1)
بضم الثاء وتخفيف الميم، نسبة إلى ثُمَالة.
وعبد الرحمن بن أبان وثقه النسائي وذَكَره ابن حبان في «الثقات» . ونَصَّ الذهبي على أنه سمع أباه.
وأبان بن عثمان وثقه أحمد وابن سعد، وقال ابن المَديني: لقي زيد بن ثابت وسمع منه.
والخلاصة: أن إسناده صحيح. وانتهى شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (27) شوال (1444 هـ) الموافق (17/ 5/ 2023 م) إلى تحسينه استقلالًا.
تنبيه: له شاهد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه الترمذي (2465) وفي سنده يزيد بن أبان الرَّقَاشي، ضعيف.
قال تعالى:
{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]
قال الإمام الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (720): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» .
تابع عمرَو بن الربيع ابنُ وهب كما في «شُعب الإيمان» (1083)، وسعيد بن أبي مريم كما عند البيهقي في «الأسماء والصفات» (306).
وخالف يحيى بنَ أيوب الليثُ بن سعد فقال: عن عيسى عن صفوان عن رجل من أشجع عن أبي هريرة. أخرجه الطبراني في «الدعاء» (27) والبيهقي في «شُعب الإيمان» (1085).
والخلاصة: أن هذا الخبر مُعَل بعلل:
الأولى: ترجيح رواية الليث وفيها رجل مبهم، وقال البيهقي عن رواية الليث: وهذا هو المحفوظ دون الأول.
الثانية: مداره على عيسى بن موسى بن إياس، وقد ضَعَّفه أبو حاتم.
الثالثة: صفوان بن سُليم لم يَسمع من أنس. قال أبو حاتم: لم يَرَ أنسًا ولا تصح روايته عنه.
واستغرب الخبر أبو نُعيم والبغوي.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن جمال بن خضر، بتاريخ (14) صفر (1445 هـ) الموافق (30/ 8/ 2023 م) إلى ضعفه.
وللخبر شاهد من حديث محمد بن مسلمة الأنصاري، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (519)، وفي إسناده مجاهيل. والرَّامَهرمُزي في «المحدث الفاصل» (1/ 497) وفي سنده محمد بن سعيد، لعله المصلوب الكذاب. ونائل بن نَجيح، قال فيه ابن عَدي: أحاديثه مُظلِمة.
وورد موقوفًا عن أبي الدرداء، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (34594).
وفيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين زيد بن أسلم وأبي الدرداء، فقد نَصَّ أبو زُرعة على أنه لم يَسمع من سعد بن أبي وقاص (ت/ 55) وأبو الدرداء تُوفي (32).
الثانية: ضَعْف الحَكَم بن الفُضيل، فقد قال أبو زرعة: ليس بذاك.
فاستبقوا الخيرات
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (4810) - حدَّثنا الحسنُ بنُ محمَّد بنِ الصّبَّاح، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا عبدُ الواحِدِ، حدَّثنا سليمانُ الأعمشُ، عن مالك بنِ الحارثِ -قال الاعمشُ: وقد سمعتُهم يذكرونَ- عن مُصعَب بنِ سعد عن أبيهِ -قال الأعمشُ: ولا أعلمه إلا- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«التؤدَةُ في كل شيءِ، إلا في عملِ الآخرَةِ» .
تابع عفان بن مسلم إبراهيم بن الحجاج أخرجه أبو يعلى (792) وموسى بن إسماعيل كما في «مسند سعد» (19)، وطالوت بن عباد.
وخالف عبد الواحد بن زياد سفيان الثوري فأوقفه على عمر رضي الله عنه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (35619) - وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ
(1)
، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ» .
(1)
وتابع الحارث إبراهيم النخعي (ت/ 196) كما عند أبي الدنيا في «قصر الأمل» (139) وفي سنده إسماعيل بن مسلم هو المكي ضعيف من الخامسة وهناك إسماعيل بن مسلم العبدي ثقة أنزل من هذا من السادسة.
الخلاصة: أن رواية الثوري بالوقف أرجح لثقة الثوري وعدم شك الأعمش فيها ولبعض الكلام في رواية عبد الواحد عن الأعمش
(1)
وإن كانت في الصحيحين في غير هذا الحديث وبين مالك بن الحارث
(2)
(ت/ 94) وعمر رضي الله عنه (ت/ 23) فيبنهما (71 سنة) فهي منقطعة.
وانتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن شرموخ بتاريخ (22) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (6/ 11/ 2023 م): إلى ضعف الخبر.
(1)
قال معاوية بن صالح: قلت ليحيى بن معين: من أثبت أصحاب الأعمش؟ قال: بعد سفيان، و شعبة: أبو معاوية الضرير، وبعده عبد الواحد بن زياد.
وقال على ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت عبد الواحد بن زياد يطلب حديثا قط بالبصرة، و لا بالكوفة، وكنا نجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة أذاكره حديث الأعمش فلا يعرف منه حرفًا.
وقال أبو داود: ثقة، عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها.
(2)
يرى الباحث أنه السلمي لكون الأعمش روى عنه وليس الأشتر وإن كان له رواية عن عمر رضي الله عنه.
القصد في العبادة
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (4241): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَى صَخْرَةٍ، فَأَتَى نَاحِيَةَ مَكَّةَ فَمَكَثَ مَلِيًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَجَدَ الرَّجُلَ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ، فَقَامَ فَجَمَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ- ثَلَاثًا- فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» .
تابع عمرَو بن رافع جماعةٌ: عبد الأعلى، أخرجه أبو يعلى (1796)، وأبو الربيع، أخرجه ابن حبان (357) وغيره، وجعفر بن حميد، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3729)، ومحمد بن حميد الرازي، أخرجه الطحاوي في «معاني الأخبار» (341).
الخلاصة: أن في إسناده عيسى بن جارية، قال فيه أبو داود: منكر الحديث. وقال ابن مَعين: ليس بذاك وعنده مناكير. وآخِر فقرة لها شاهد في الصحيح.
وانتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن عبد الباسط، إلى ضعفه بعيسى بن جارية. وذلك بتاريخ (1) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (16/ 10/ 2023 م).
قال تعالى:
{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15]
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17471): حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ لكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ» .
وتابع الإمامَ أحمد أحمدُ بن منيع، أخرجه الترمذي (2336).
وتابع الحسنَ بن سَوَّار آدمُ بن أبي إياس، كما عند النسائي (11795) وابن حبان (3223).
وتابعهما حجاج بن محمد، أخرجه ابن أبي عاصم (2516).
وتابع الليثَ بن سعد جماعةٌ: ابن وهب كما في «معجم الصحابة» (2/ 374)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4325) وأحمد بن عيسى بن وهب كما في «فوائد تمام» (1112)، ومَعْن بن عيسى، أخرجه ابن أبي الدنيا (13) وعبد الله بن صالح، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (19/ 179) والبيهقي في «شُعب الإيمان» (9827).
وخالف معاويةَ بن صالح الأزهرُ بن راشد، فأرسله بلفظ: «لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَة،
وإنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ. ولو سُئِلَ لابْنِ آدَمَ وَادٍ من مَالٍ لَتَمَنَّى اللهَ وَادِيا، ولو سُئِلَ لابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ من مَالٍ لَتَمَنَّى الثَّالِثَ، وَلا يُشْبِعُ جَوفَ ابن آدَمَ إِلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ على من تَابَ» أخرجه سعيد بن منصور (6113).
والأزهر ذَكَره ابن حبان في «الثقات» ورواية معاوية أرجح وأشهر.
وقال الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/ 325): لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ.
وأورده العُقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/ 249) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال: لَيْسَ لَه أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ
(1)
.
وممن صححه:
1 -
قال الترمذي: حسن صحيح غريب، إنما نَعرِفه من حديث معاوية بن صالح.
2 -
قال الحاكم في «مستدركه» (4/ 354): هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
3 -
وقال ابن عبد البر: حديثه في فتنة المال صحيح.
والخلاصة: كَتَب شيخنا معي، بتاريخ (26) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (15/ 6/ 2023 م):
السند يُحسَّن، ولمتكلم أن يَتكلم فيه من أجل تفرد معاوية بن صالح.
(1)
أفاد كلامَ العُقيلي الباحث نصر الكردي حفظه الله.
لكن شواهده من الكتاب العزيز والسُّنة المباركة الصحيحة تَشهد له.
من ذلك قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى 6 أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7].
وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15] إلى غير ذلك. اه.
تنبيه: في «شرح مشكل الآثار» (11/ 102): فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُهُ فِتْنَةَ النِّسَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي حَدِيثِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَذِكْرُ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَفِيهَا الْفِتْنَةُ بِالْمَالِ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ وَالْفِتَنُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.
كتاب الذِّكر
فضل الحامدين
قال ابن ماجه
(1)
في «سننه» رقم (3803) - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ أَبُو مَرْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ» ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» .
وتابع صفية القاسم بن محمد لكن الراوي عنه عيسى بن ميمون وهو متروك الحديث أخرجه الحاكم في «المستدرك» (1942).
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن ممدوح المنوفي بتاريخ (15) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (29/ 11/ 2023 م): علة السند إنه من طريق زهير بن محمد من رواية الشاميين عنه وفي روياتهم عنه مقال.
تنبيه: قال البخاري عن زهير بن محمد ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير. وقال أبو حاتم الرازي: وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه.
(1)
تابع ابن ماجه محمد بن أبي زرعة الدمشقي أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1660).
وللحديث شواهد بنحوه:
1 -
حديث علي رضي الله عنه أخرجه البزار في «مسنده» (493) وفي سنده محمد بن عبد الله بن أبي رافع قال فيه ابن القطان: لا يعرف وقال فيه ابن حجر: مجهول الحال.
2 -
ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (4/ 221) وفي سنده مجاهيل مع نزول السند.
3 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه وعنه اثنان:
1 -
محصن بن علي الفهري أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (274) ومحصن روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن القطان: مجهول الحال.
2 -
محمد بن المنكدر أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (3748) وفي سنده الفضل الرقاشي منكر الحديث.
افتتاح الرسائل بالثناء على الله تعالى
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8712): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ كَلَامٍ أَوْ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللَّهِ، فَهُوَ أَبْتَرُ» أَوْ قَالَ: «أَقْطَعُ» .
وتابع ابنَ المبارك جماعةٌ مع اختلاف في الألفاظ:
1 -
الوليد، هو ابن مسلم، أخرجه أبو داود (4840) وغيره بلفظ:«كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَهُوَ أَجْذَمُ» .
2 -
عُبيد الله بن موسى، أخرجه ابن ماجه (1894) ولفظه:«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ، لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ- أَقْطَعُ» .
3، 4 - عبد الحميد بن أبي العِشْرِينَ وشُعيب بن إسحاق، كلاهما أخرجه ابن حبان كما في «صحيحه» رقم (1، 2) ولفظه: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَهُوَ أَقْطَعُ» .
5 -
موسى بن أَعيَن، أخرجه الدارقطني في «سننه» (873) ولفظه:«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالً لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ- أَقْطَعُ» .
6 -
مبشر بن إسماعيل، كما في «أدب الإملاء والاستملاء» (1/ 51) لابن
السمعاني.
7 -
محمد بن كثير، وقال:(يحيى) بدل (قُرة)
(1)
وهو عند السبكي في «الطبقات» (1/ 21) وقال الدارقطني في «العلل» (1391): ورواه محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري كذلك، لم يَذكر قُرة
(2)
.
وخالفهم وكيع فأرسله كما عند الدارقطني في «علله» (1391)، ورواية الجماعة عن الأوزاعي أرجح.
وتابع الأوزاعيَّ على الرفع يونسُ بن يزيد، كما عند السبكي في «الطبقات» (1/ 22) وفي سنده إسماعيل بن أبي زياد، متروك، وسيأتي في لفظ أبي داود أن رواية يونس عن الزهري مرسلة.
وتابع قرةَ بن عبد الرحمن سعيدُ بن عبد العزيز، أخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» (495) هكذا: أَخْبَرَني محمود بن خالد، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن الزُّهْرِيّ، رَفَعه مِثله. فرَجَع هذا الطريق للوليد بن مسلم
(3)
.
(1)
وفي «التهذيب» : قُرة بن عبد الرحمن، ويقال: اسمه يحيى.
(2)
فهل هذا وجه بإسقاط قُرة بن عبد الرحمن بلقبه قُرة وباسمه يحيى، أو إشارة إلى رواية السبكي بذكر يحيى؟
(3)
ورواه محمود بن خالد تارة عن الوليد عن قُرة عن الأوزاعي به، كما عند النسائي (495)، وتابعه على هذا أبو توبة كما عند أبي داود (4840)، وتابعهما داود بن رُشيد، أخرجه الدارقطني في «سننه» (872) وروايتهم عن الوليد أرجح.
وخالف قرةَ بن عبد الرحمن جماعةٌ فأرسلوه:
1 -
عقيل بن خالد.
2 -
الحسن، يعني ابن عمر، أخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» رقم (496): أخبرنَا قُتيبة بن سعيد، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، مُرسَل.
ورقم (497): أخبرنا عليّ بن حُجْر، حدثنا الحسن- يعني ابن عمر- عن الزُّهْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل كلام لا يُبدَأ في أوله بذكر الله، فهو أَبتر» .
3 -
6 - قال أبو داود في «سننه» عقب الخبر: رَوَاهُ يُونُسُ، وَعَقِيلٌ، وَشُعَيْبٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
(1)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا.
خالفهم جميعًا عن الزهري اثنان فقالا: عن الزهري عن عبد الله بن كعب عن أبيه، مرفوعًا:
1 -
محمد بن الوليد الزبيدي، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (141) وفي سنده صدقة بن عبد الله، ضعيف.
2 -
محمد بن سعيد، يقال له: الوصيف، ذَكَره الدارقطني في «علله» (1391).
الخلاصة: أن الأكثر على الإرسال، وأشار إليه أبو داود، وقال الدارقطني: الصحيح عن الزُّهْري مرسل، والسبكي استفاض في طرق هذا الحديث.
(1)
سبق في رواية النسائي بالوصل.
وكَتَب شيخنا مع الباحث معاذ بن محمد طاهر
(1)
بن علي القاهري
(2)
، بتاريخ (4) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (19/ 10/ 2023 م): المُرسَل هو الصواب.
(1)
مُركَّب.
(2)
وُلد بتاريخ (30/ 9/ 2000 م) حاصل على «كلية إعلام بأكاديمية أخبار اليوم» بتقدير عام امتياز، عام (2023 م) وهذا أول حديث للتدريب.
فضل التسبيح
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (26911): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ: مَرَّ بِي ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ- أَوْ كَمَا قَالَتْ- فَمُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ وَأَنَا جَالِسَةٌ. قَالَ:«سَبِّحِي اللَّهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ رَقَبَةٍ تُعْتِقِينَهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. وَاحْمَدِي اللَّهَ مِائَةَ تَحْمِيدَةٍ، تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ، تَحْمِلِينَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَبِّرِي اللَّهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ بَدَنَةٍ مُقَلَّدَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ. وَهَلِّلِي اللَّهَ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ» . قَالَ ابْنُ خَلَفٍ: أَحْسِبُهُ قَالَ: «تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَا يُرْفَعُ يَوْمَئِذٍ لِأَحَدٍ مِثْلُ عَمَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَيْتِ بِهِ» .
تابع سعيدَ بن سليمان الضبي عبدُ السلام بن مطهر كما عند البخاري في «التاريخ الكبير» (2375).
وتابع عاصمَ بن بهدلة ثلاثة:
1 -
جرثومة بن عبد الله النساج، وتارة جويرية بن محمد مولى بن أبي بردة، كما عند الطبراني في «الأوسط» (4223).
2 -
أبان بن أبي عياش، أخرجه مَعمر كما في «جامعه» (20580).
3 -
ثابت البُناني، كما عند البخاري في «التاريخ الكبير» (2375).
وهذه الأسانيد الأربعة مدارها على أبي صالح مولى أُم هانئ، كما عند البخاري في «التاريخ الكبير» ، وأبي نُعيم في «معجم الصحابة» (7803) والطبراني في «المعجم الكبير» و «الدعاء» .
تنبيه: جاء في «أخبار أصبهان» (213) من طريق فائد أبي الورقاء- وهو متروك-عن ذكوان أبي صالح عن أُم هانئ. وهذا مردود لأمور:
1 -
أن مولى أُم هانئ هو باذام، وقيل: بالنون بدل الميم، وقيل: ذكوان. ضعيف يُرسِل عند الأكثر. وقيل: يدلس.
وأما أبو صالح ذكوان عن أبي هريرة رضي الله عنه، فثقة، والطريق التي جاءت بالتنصيص به في سندها متروك.
2 -
الطرق العالية الثابتة المشهورة أنه باذام مولى أُم هانئ.
3 -
نصوص الأئمة، كأحمد والبخاري وأبي نُعيم والطبراني والحافظ المزي وغيرهم.
ثم جاءت متابعات ضعيفة لأبي صالح باذام:
1 -
محمد بن عقبة عند ابن ماجه رقم (3810) وغيره، والراوي عنه أبو يحيى زكريا بن منظور - وهو ضعيف-كما أعله الذهبي به وبالسقط بين محمد بن عقبة وأُم هانئ، ولعله يرجع إلى طريق أبي صالح باذام.
2 -
سعيد بن عمرو بن جعدة بن هُبيرة المخزومي
(1)
، أخرجه الطبراني في
(1)
وبين سعيد بن عمرو وأُم هانئ مسافات كبيرة، فهي جَدة أبيه، كما أفاده الباحث.
«المعجم الكبير» (995) وعلة هذا السند الانقطاع أو الإعضال.
3 -
صالح مولى وجزة - وهو مجهول- وعنه مسلم بن أبي مريم تارة، وأخرى بإسقاطه، كما عند أحمد (26846)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (28876).
4 -
دويد مولى سعيد بن عبد الملك بن مَرْوان، وعنه إسماعيل بن رافع -وهو ضعيف- أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7694)، و «المعجم الكبير» (1071).
الخلاصة: أن علة هذا الخبر تكمن في تحديد الراوي عن أُم هانئ، والصواب أنه أبو صالح باذام، وليس بأبي صالح الثقة عن أبي هريرة، كما ظنه العَلَّامة الألباني رحمه الله في «الصحيحة» .
وكَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي العيسوي القاضي الرفاعي، بتاريخ (4) محرم (1445 هـ) الموافق (22/ 7/ 2023 م): الأكثرون على أنه أبو صالح باذام الضعيف، [و] كل طرقه ضعيفة.
ذِكر الله على كل حال
قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].
وقد سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 431) ما عَلَّقه البخاري مجزومًا به في موطنين
(1)
ووَصَله مسلم رقم (373): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ
(2)
، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» .
(1)
قبل رقمَي (305، 634).
(2)
قال البخاري، عن علي بن المديني: له نحو عَشَرة أحاديث. اه.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، وإسحاق بن منصور، وأحمد بن سعد بن أبي مريم، وعبد الله بن شُعيب، والمُفضَّل بن غسان الغلابي، عن يحيى بن مَعين: ثقة.
وكذلك قال علي بن المديني، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي.
وقال أبو حاتم: شيخ يُكتَب حديثه.
وقال أبو أحمد بن عَدي: وهو في عِداد مَنْ يُجمَع حديثه، و لا أرى برواياته بأسًا.
وذَكَره ابن حِبان في كتاب «الثقات» .
وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عنه كما في «العلل الكبير» فقال: هو حديث صحيح.
وانتهى شيخنا مع الباحث: د. سيد سكر بتاريخ (29) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (18/ 6/ 2023 م): في النفس شيء من البهي، وأخرجه مسلم.
ثم عَرَضه الباحث نصر الكردي، بتاريخ (26) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (11/ 10/ 2023 م): فذَكَّرْتُ شيخنا بالنتيجة السابقة فقال: المصححون كثير، وخالد بن سلمة الأكثر على توثيقه فكيف نَرُدّه؟
فضل الذِّكر في تهدئة الأحوال الجوية
(1)
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (16/ 130) رقم (31182): حَدَّثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ فَدَارَتْ يَقُولُ: شُدُّوا التَّكْبِيرَ فَإِنَّهَا مُذْهِبَتُهُ.
والخلاصة: أن إسناده حسن إن كان أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين (ت: 114) سَمِع من ابن عمر (ت/ 73 أو 74) فهو محتمل. وقد روى عن جماعة من الصحابة، أشهرهم جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (ت/ بعد 70).
وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (10) رجب (1444 هـ) الموافق (1/ 2/ 2023 م): موقوف.
(1)
ورد خبر ضعيف لضعف القاسم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْحَرِيقَ فَكَبِّرُوا؛ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفِئُهُ» .
التذكير بالله
قال البزار في «مسنده» رقم (8541): حَدَّثَنا الحارث قال: حَدَّثَنا سعيد، عن أخيه، عن أبيه
(1)
، عن أبي هريرة- أحسبه رَفَعه - قال:«إذا ذُكِّرتم بالله فانتهوا» .
قال البخاري: حديث سعد بن سعيد عن أخيه
(2)
لم يصح.
وقال الهيثمي في «مَجمع الزوائد» (17687): وفيه عبد الله بن سعيد، وهو ضعيف.
وضَعَّفه العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» لكن حَسَّنه بالشاهد الذي أخرجه ابن عَدي في «الكامل» رقم (8290): أخبرنا ابن قُتيبة، حَدَّثَنا يزيد بن موهب، أخبرنا ابن وهب، عن ابن لَهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنان بن سعد الكِنْدي، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا ذُكِرَ الله فانتهوا» .
قال ابن عَدي في «الكامل» (5/ 442): ولسعدٍ غير ما ذكرتُ من الحديث عن أنس، والليث يَروي عن يزيد بن أبي حبيب فيقول:(عن سعد بن سنان)
(1)
أورده السيوطي في «الجامع الصغير» فقال: رواه البزار عن أبي سعيد المقبري مرسلًا. وتَعقَّبه المُناوي فقال: إنما هو مسند، تَردَّد الراوي في وقفه ورفعه، لا إلى إرساله وعدمه.
(2)
وهو عبد الله بن سعيد، وقال فيه البخاري: تركوه.
وعمرو بن الحارث وابن لَهيعة يرويان عن ابن أبي حبيب فيقولان: عن سنان بن سعد عن أنس.
وهذه الأحاديث ومتونها وأسانيدها والاختلاف فيها يَحمل بعضها بعضًا، وليس هذه الأحاديث مما يجب أن تُترَك أصلًا، كما ذكره ابن حنبل أنه تَرَك هذه الأحاديث للاختلاف الذي فيه من سعد بن سنان وسنان بن سعد؛ لأن في الأحاديث وفي أسانيدها ما هو أكثر اضطرابًا مما في هذه الأسانيد، ولم يتركه أحد أصلًا، بل أدخلوه في مسندهم وتصانيفهم.
قال الإمام أحمد كما في «الكامل» (4/ 392): سعد بن سنان، ويقال: سنان بن سعد، تركتُ حديثه، حديث مضطرب. وسمعتُه يقول: يُشبِه حديثه حديث الحسن، ولا يُشبِه أحاديث أنس.
والخلاصة: قال شيخنا للباحث أحمد بن محمد عبد العاطي العيسوي القاضي الرفاعي
(1)
، بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م): اكتب سنده ضعيف، والمعنى حسن.
تنبيه: ومما يدل على معناه حديث أبي مسعودٍ البَدْرِيّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي:«اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ» فَلَمْ أَفْهَمِ
(1)
ورد خبر عند أبي داود رقم (3068) وفيه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ دَوْمَةٍ، فَأَقَامَ ثَلَاثًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَإِنَّ جُهَيْنَةَ لَحِقُوهُ بِالرَّحْبَةِ، فَقَالَ لَهُمْ:«مَنْ أَهْلُ ذِي الْمَرْوَةِ؟» فَقَالُوا: بَنُو رِفَاعَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ. فَقَالَ: «قَدْ أَقْطَعْتُهَا لِبَنِي رِفَاعَةَ» فَاقْتَسَمُوهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ بَاعَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَمْسَكَ فَعَمِلَ.
فيَستدل به الباحث على نسبته وأن رفاعة بطن من بطون جُهينة.
الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ. قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ:«اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ» قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ:«اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ» قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا
(1)
.
(1)
أخرجه مسلم (1659).
إِنْ الله اصطفى من الكلام أربعًا
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8012): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
(1)
وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ أَرْبَعًا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَمَنْ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ) كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ عِشْرِينَ سَيِّئَةً، وَمَنْ قَالَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ) فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، كُتِبَتْ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً، أَوْ حُطَّ عَنْهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَةً» .
تابع ابنَ مهدي جماعةٌ: عبد الرزاق كما عند أحمد (8093)، ومالك بن إسماعيل، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1681)، ومصعب بن المِقدام، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2981).
والخلاصة: قال شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ السبت (6) رجب (1444 هـ) الموافق (28/ 1/ 2023 م): إسناده صحيح. ثم كتب:
1 -
يُنظَر في العلل.
2 -
يُبحَث عن أبي سنان بدقة، وهل هما واحد أم أكثر؟ اه.
(1)
هل لأبي سعيد متن مستقل بهذا الخبر؟ يُحرَّر.
ثم عَرَضه الباحث تارة أخرى بتاريخ الأربعاء (10) رجب (1444 هـ) الموافق (1/ 2/ 2023 م) فقال شيخنا: احكم على الرجال، وأنا في ريب من تعيين أبي سنان بكونه ابن مُرة، والظاهر لي- والله أعلم- أنه غيره فهو من طبقة سعد بن سنان. اه.
لكن يَظهر للباحث أن أبا سنان هو ضرار بن مُرة؛ للآتي:
1 -
أبو سنان جاء مسمى بضرار بن مُرة عند ابن أبي شيبة والنسائي من طريق ابن مهدي.
2 -
لم يَرْوِ عن أبي صالح الحنفي إلا ضرار.
3 -
وليس في شيوخ إسرائيل إلا ضرار.
4 -
وكل مكنى بأبي سنان في الطبقة السادسة ليس لهم رواية عن أبي صالح إلا ضرار.
*-رواه أبو صالح وهو السمان، واختُلف عليه في السند والمتن:
1 -
رواه الأعمش عنه عن أبي هريرة.
تارة مختصرًا بلفظ: «خير الكلام
…
» أخرجه النسائي (1060)
(1)
.
(1)
وعَطَف النسائي وجهًا موقوفًا فيما أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (9/ 311) رقم (10612): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: سُبْحَانَ اللهِ، قَالَ الْمَلَكُ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
…
» الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ.
أفاده الباحث أبو الحسن إبراهيم بن فراج.
وتارة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد (16412) والنسائي (10610) من روايتي وكيع وابن فضيل، وهي أرجح، وقد يُحمَل بعض أصحاب النبي على أبي هريرة.
2 -
رواه سُهيل عن أبي صالح على وجهين:
أ-عبد الرحمن بن أبي الرجال عن سُهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة مطولًا، أخرجه الحاكم (1890).
ب-وخالفه جرير بن عبد الحميد وخالد الواسطي وزهير بن محمد فقالوا: عن سُهيل عن أبي صالح عن السلولي عن كعب الأحبار من قوله.
وهو الأرجح، وخَطَّأ أبو زُرعة في «العلل» (5/ 335) أبا الرجال وقال: هذا خطأ، إنما هو: سهيل، عن أبيه، عن السَّلُولِيُّ، عن كعب، قوله.
تنبيه: أفاد الباحث أحمد بن سالم كلام ابن رجب في «جامع العُلوم والحِكم» (2/ 644): عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«إن الله اصطفى من الكلام أربعًا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: (سبحان الله) كُتبت له عِشرون حسنة، أو حُطت عنه عِشرون سيئة، ومَن قال: (الله أكبر) مثل ذلك، ومَن قال: (لا إله إلا الله) مثل ذلك، ومَن قال: (الحمد لله رب العالمين) مِنْ قِبل نفسه، كُتبت له ثلاثون حسنة، أو حُطت عنه ثلاثون سيئة» .
وقد رُوي هذا عن كعب من قوله، قيل: إنه أصح من المرفوع.
تنبيه: يُفهَم من كلام ابن رجب أنه لا يَربط الحديثين ببعض، إنما يُفاضِل بين الموقوف والمرفوع. ويُفهَم من عرض النسائي أنه خبر واحد تعددت طرقه.
فائدة: في «صحيح مسلم» رقم (2731) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَا اصْطَفَى اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ»
(1)
.
(1)
قالت ملائكة الرحمن: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].
ماذا يقال عند الاستيقاظ من النوم؟
قال الإمام البخاري في «صحيحه» (6324): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفيَانُ، عَنْ عَبدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» .
تابع أبا نُعيم
(1)
على هاتين الفقرتين:
أبو عَوَانة وقَبِيصة، كما عند البخاري (6314، 6312)، ووكيع، كما عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (31269)، ويحيى القطان، أخرجه ابن حِبَّان (5532) بالفقرتين، والنَّسَائي في «الكبرى» (10626) بفقرة:(الحمد لله الذي بَعَثَنا من بعد موتنا، وإليه النشور)، ومحمد بن يوسف الفِرْيَابي، أخرجه الدارمي (2728) بفقرة:(الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور).
(1)
ورواه عمرو بن منصور عن أبي نُعيم، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (10515) بفقرة:(اللهم باسمك أموت وأحيا).
وتابعه علي بن عبد العزيز، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (283) بفقرة:(الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور).
وتابعهما سعدان بن يزيد، أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (972) بفقرة:(الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور).
تنبيهان:
الأول: الرواة الأكثر بذكر الفقرتين.
الثاني: تَفرَّد أبو عَوَانة عن سائر الرواة عن سفيان، وهم خمسة، فزاد:(كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ). أخرجه البخاري (6314).
*-وخالف عبدَ الملك بن عُمير منصورُ بن المُعتمِر في السند، فقال: عن رِبْعي بن حِرَاش، عن خَرَشَة بن الحُر، عن أبي ذر رضي الله عنه. أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (7395): حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ:«بِاسْمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا» فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» .
وتابع شيبانَ أبو حمزة، أخرجه البخاري (6325).
وتابعهما على جعله من مسند أبي ذر جريرُ بن حازم، لكن قال: عن منصور أو عن عبد الملك. أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (31270).
*-ورواه الجماعة
(1)
- محمد بن جعفر، وابن المبارك، وحَجَّاج بن محمد، ومُعاذ بن عُبيد الله- عن شُعبة، عن عبد الله بن أبي السَّفَر، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن البراء بن عازب رضي الله عنه. أخرجه مسلم (2711) وغيره.
(1)
خالفهم مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، كما عند البخاري (7394) فقال: عن شُعبة، عن عبد الملك بن عُمير، عن رِبْعي، عن حذيفة رضي الله عنه.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (22) شعبان (1444 هـ) الموافق (14/ 3/ 2023 م) إلى ما يلي:
1 -
أن لرِبْعي فيه شيخين.
2 -
نَبَّه على تفرد أبي عَوَانة عن أصحاب سفيان بلفظ: (وَضَع يده تحت خده).
حُذيفة
…
أبو ذر
…
البراء
1 -
أكثر الرواة على ذكر الفقرتين، خ (6324).
2 -
تَفرُّد أبو عوانة بلفظ: (وَضَع يده تحت خده) .... 1 - بالفقرتين خ (6325) .... 2 - من طريق شُعبة بالفقرتين أو نحوهما، كما قال شُعبة، م (2711).
كتاب الهبات والهدايا
رد هدية المشرك لعلة
قال تعالى عن ردّ نبي الله سليمان عليه السلام هدية ملكة سبأ: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36].
ومما يؤيد هذا في شريعتنا ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17482): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ - وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعْرِفَةٌ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ - فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً- قَالَ: أَحْسَبُهَا إِبِلًا- فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ: «إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ» قَالَ: قُلْتُ: وَمَا زَبْدُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «رِفْدُهُمْ، هَدِيَّتُهُمْ» .
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 362):
…
وَالْأَخْبَارُ فِي قَبُولِ هَدَايَاهُمْ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
أما الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/ 399) فقال: فكان الفريقان
-المقوقس من أهل الكتاب وعِيَاض بن حمار من أهل الشرك والكفر والجحود- كافرين جميعًا، لكن يختلف كفرهم وتتباين أحكامهم:
أهل الكتاب كالمقوقس
…
أهل الشرك كعِيَاض
يؤمنون بعيسى عليه السلام واليوم الآخِر، وغير مُصدِّقين بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا كُفْر
…
يَكفرون بالرسول وباليوم الآخِر، ويشركون بالله. وهذا أعظم في الكفر
من حيث التعامل: مأكولة ذبائحهم ومنكوحة نساؤهم وقَبول هداياهم؛ لأنها داخلة في جدالهم بالتي هي أحسن .... غير مأكولة ذبائحهم ولا منكوحة نساؤهم، مردودة هداياهم؛ لأننا أُمرنا بمنابذتهم وبقتالهم حتى يكون الدين كله لله.
ليس كل كفر بالله عز وجل شركًا
…
كل شرك بالله عز وجل كُفْر
انتهى ملخصًا من كلام الطحاوي رحمه الله.
كتاب الوصايا
الوصية بتقوى الله
قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131].
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (11774): حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ- يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ- عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مَرْوَانَ الْكَلَاعِيِّ
(1)
، وَعَقِيلِ بْنِ مُدْرِكٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: أَوْصِنِي. فَقَالَ: سَأَلْتَ عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلِكَ، «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي السَّمَاءِ وَذِكْرُكَ فِي الْأَرْضِ» .
تابع الحسينَ- وهو ابن محمد- ابنُ المبارك لكن دون عطف حَجاج، أخرجه ابن أبي الدنيا (91).
وله طريق آخَر عند ابن الضريس في «فضائل القرآن» (68) وفيه ليث، هو ابن أبي سُليم، ضعيف. وله طريق ثالث فيه رجل.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن عبد الباسط، بتاريخ (1) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (16/ 10/ 2023 م): الخبر ضعيف من طريقيه. وكَتَب على عَقيل: (مجهول).
(1)
وحَجاج ليس بالمشهور، وحديثه في المسند مقرون بعقيل بن مدرك. انظر:«تعجيل المنفعة» رقم (188).
قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ
وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6].
قال النسائي في «سننه» رقم (3668): أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي فَقِيرٌ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ، وَلِي يَتِيمٌ. قَالَ:«كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُبَاذِرٍ وَلَا مُتَأَثِّلٍ» .
تابع خالدًا- وهو ابن الحارث- أربعة:
1 -
رَوح بن عُبادة، أخرجه ابن ماجه (2710).
2 -
أبو خالد الأحمر، أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (4872).
3 -
عبد الوهاب بن عطاء، أخرجه أحمد (6845، 6571).
4 -
هارون بن أبي عيسى، أخرجه العُقيلي (4/ 358) وقال: لا يُتابَع عليه.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث طارق بن جمال بن البيلي، بتاريخ (2) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (20/ 6/ 2023 م) إلى تحسينه، والآية تَشهد له، وهي قوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6].
وكان قد كَتَب: رَاجِع ترجمة الحسين بن ذكوان. ورَاجِع المنتقد على عمرو
بن شعيب.
فأجاب الباحث بأنه لم يقف على أحد انتقده على عمرو بن شُعيب
(1)
والحسين بن ذكوان ثقه.
فاعتَرض أبو الحسن إبراهيم بن فراج بأن أبا جعفر العقيلي قال: ضعيف مضطرب الحديث. وقال القطان: فيه اضطراب.
(1)
وتأمل مقولة العقيلي، هل لها تأثير على المتابعات أو لا؟
كتاب السباق والرمي
المصارعة
قال البزار في «مسنده» رقم (7272): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوقِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَوْمٍ يَصْطَرِعُونَ فَقَالَ:«مَا هَذَا؟» قَالُوا: يَا رسولَ اللهِ، هَذَا فُلَانٌ الصَّرِيعُ، مَا يُصَارِعُ أَحَدًا إِلَّا صَرَعَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ؟ رَجُلٌ ظَلَمَهُ رَجُلٌ فَكَظَمَ غَيْظَهُ، فَغَلَبَهُ وَغَلَبَ شَيْطَانَهُ، وَغَلَبَ شَيْطَانَ صَاحِبِهِ» .
عِلته شُعيب بن بَيَان، ضَعَّفه العُقيلي والجوزجاني.
وإبراهيم وثقه النَّسَائي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال: ربما أغرب.
وعمران ضَعَّفه ابن مَعِين وأبو داود والنَّسَائي. وقال ابن عَدِي: يُكتَب حديثه. وقال البخاري: صدوق يَهِم.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن منصور الشرقاوي
(1)
، بتاريخ (23) شعبان (1444 هـ) الموافق (15/ 3/ 2023 م) إلى ضعفه.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» أخرجه البخاري (5763) ومسلم (2609) يصح استقلالًا، أما هذا فضعيف.
(1)
وُلد بتاريخ (1/ 10/ 1995 م) حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، يَعرِض أحاديث متنوعة.
كتاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
فضائل نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام
-
تعددت فضائل نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام في الوحيين قال تعالى: {يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144]
وقال نبي الله آدم عليه الصلاة والسلام: يَا مُوسَى، أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ؟
(1)
ومنها ما أخرجه الحاكم في «المستدرك» رقم (4100) - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو ظُفُرٍ عَبْدُ السَّلَامِ بْنِ مُطَهَّرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ صَفِيُّ اللَّهِ»
(2)
.
تابع عبد السلام بن مطهر سيار كما في «مسند الفردوس» (2555) وزاد: «وأنا حبيب الله» .
الخلاصة: أن ظاهر إسناده الحسن لحال عبد السلام بن مطهر
(3)
وكتب
(1)
أخرجه البخاري (4738).
(2)
قال الحاكم عقبه: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
(3)
روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات وقال فيه أبو حاتم: صدوق. وأخرج له البخاري وأبو داود.
شيخنا مع الباحث جمعة بن جمال بتاريخ 26/ جمادى الأولى 1445 موافق 10/ 12/ 2023 م على رواية جعفر بن سليمان عن ثابت: ضعيف في ثابت
(1)
.
تنبيه: قول الهروي في حديث «صحيح مسلم» رقم (898)«أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى»
(2)
.
تفرد به جعفر بن سليمان دون أصحاب ثابت. لا يساوي ضعيف مطلقًا.
(1)
بل قال على ابن المدينى: أكثر عن ثابت، و كتب مراسيل وفيها أحاديث مناكير، عن ثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم.
(2)
وانظر بسطًا لهذا الحديث في كتابي «كيف تكون محققًا على نهج كبار المحققين» (ص/ 123 - 125) ط دار اللؤلؤة.
هل ثبتت الرواية بنبوة
يوشع عليه الصلاة والسلام
-؟
جاءت رواية فيها ضعف وعليها جمع من أهل العلم
(1)
أخرجها الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8315) - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» .
قال الإمام أحمد كما في «علل الخلال» (113) لما سئل عن هذا الحديث: لم أسمعه إلا عن الأسود ثم أبو بكر بن عياش كان يضطرب في حديث هؤلاء الصغار فأما عن أولئك الكبار فما أقربه.
وأصل هذا الحديث دون تسمية (يوشع عليه السلام في البخاري رقم (3124) - حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ، حَدثنا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا؟ وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا، وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا آخَرُ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا، فَغَزَا، فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلَاةَ العَصْرِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ
(1)
وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ غَيْرَ مُصَرَّحٍ بِاسْمِهِ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ .... وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ. «قصص الأنبياء» (2/ 199) لابن كثير.
لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ، حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ، يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا، فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولاً، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَجَاؤُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ، فَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللهُ لَنَا الغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا، وَعَجْزَنَا، فَأَحَلَّهَا لَنَا.
وأخرجه مسلم رقم (1747) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ به.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث عماد با زيد بتاريخ 28/ جمادى الأولى 1445 موافق 12/ 12/ 2023 م على طريق أحمد: تراجع شواهده إن وجدت.
وقال: هناك أشعار فيها ذكر يوشع عليه السلام.
لكل نبي حوض
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2443) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نِيْزَكَ البَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً» .
وتابع أحمد بن محمد إبراهيم بن المستمر كما في «السنة» (734) لابن أبي عاصم.
وتابعهما عبد الله بن الحسين أخرجه الطبراني (6881).
وتابعهم أبو زرعة بن عبد الرحمن كما في «مسند الشاميين» (647).
خالف قتادة اثنان فأرسلاه:
1 -
الأشعث بن عبد الملك ذكره الترمذي.
2 -
هشام بن حسان كما في «الزهد» (404).
وتابع الحسن سليمان بن سمرة وعنه ابنه خبيب وهو مجهول أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (7048).
وقال الترمذي عقبه «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ» وَقَدْ رَوَى الأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ
سَمُرَةَ وَهُوَ أَصَحُّ».
والخلاصة: أن الصواب الإرسال؛ لضعف سعيد بن بشير في قتادة
(1)
وكتب شيخنا مع الباحث: محمد بن رمضان بن شرموخ بتاريخ (23) محرم (1445 هـ) موافق (10/ 8/ 2023 م): الصواب مرسل. ثم أكد النتيجة مع الباحث: إسلام بن عبد التواب بتاريخ (17) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (1/ 11/ 2023 م).
تنبيه: للخبر شاهدان ومرسل الحسن
(2)
:
1 -
أبي سعيد الخدري أخرجه اللكائي (117) من رواية عطية العوفي عنه وهو ضعيف وثمة علة أخرى نص عليها ابن حبان وهي روايته عن أبي سعيد فقد يحمل على الصحابي وهو أبو سعيد الكلبي.
2 -
ابن عباس أخرجه ابن أبي الدنيا في «الأهوال» (1/ 596) وفي سنده محصن بن عقبة والزبير بن شبير لم يقف الباحث إسلام على ترجمة لهما وذكره ابن كثير في «تفسيره» واستغربه.
(1)
وثمت خلاف في سماع الحسن من سمرة رضي الله عنه وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث.
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في «الأهوال» (1/ 596) وإسناده حسن لحال خالد بن خداش فهو من رجال مسلم وقال فيه أبو حاتم: صدوق. وكذا ابن معين. وضعفه ابن المديني.
تواضعه صلى الله عليه وسلم
-
قال الحاكم في «مستدركه» (3790) - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، بِهَرَاةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَكِّيُّ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ تَرْعَدُ فَرَائِصُهُ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ فِي هَذِهِ الْبَطْحَاءِ» قَالَ: ثُمَّ تَلَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}
ورجاله ثقات إلا القرشي فمختلف فيه
(1)
.
تابع عباد بن العوام عيسى بن يونس دون ذكر الآية أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (1260) وفي سنده شقران مجهول. وتابع شقران هاشم بن عمرو الحمصي ذكره ابن حبان في الثقات ذكر هذا الطريق الدارقطني في «علله» (1063).
ورواه جعفر بن عون عن إسماعيل بن أبي خالد واختلف عليه في الوصل
(2)
(1)
وقال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» .
(2)
أخرجه ابن ماجه (3312) من طريق إسماعيل بن أسد وخالفه محمد بن عبد الوهاب فأرسله أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (837).
والإرسال. وقال البيهقي: هذا مرسل وهو المحفوظ.
ورواه جماعة-يزيد بن هارون وعبد الله بن نمير كما في «الطبقات» (19) لابن سعد. ويحيى القطان كما في «تاريخ بغداد» (2015)
(1)
، وهشيم بن بشير وزهير بن معاوية وابن عيينة كما في «علل» للدرقطني (1063) كلهم عن قيس بن أبي خالد على الإرسال.
وقال: ورواه هاشم بن عمرو الحمصي، عن عيسى بن يونس، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير، وكلاهما وهم، والصواب عن إسماعيل، عن قيس، مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ بتاريخ (30) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (14/ 11/ 2023 م): الإرسال أصح.
(1)
وفي سنده عبد الرحمن بن محمد بن منصور شيخ قاله أبو حاتم وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
الجواب عن شبهة الاحتفال بالمولد النبوي
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5101) - حَدثنا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخبَرني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفيَانَ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفيَانَ، فَقَالَ:«أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ» ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي» ، قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ» ؟! قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ
(1)
».
قَالَ عُرْوَةُ: وثُوَيْبَةُ مَوْلَاةٌ لأَبِي لَهَبٍ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ.
(1)
أخرجه مسلم رقم (1449) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَتْ به دون قول عروة.
ووجوه ردّ قول عروة:
1 -
أنه مرسل ولا يعلم من أخبره به.
2 -
وذكر السهيلي في «الروض الأنف» (5/ 123) أثر عروة وقال: وفي صحيح البخاري
(1)
أن بعض أهله رآه في المنام ثم ذكر كلام عروة.
وقال وفي غير البخاري أن الذي رآه من أهله هو أخوه العباس
(2)
.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 145): أجيب أولًا بأن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به وعلى تقدير أن يكون موصولًا فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد فلا يحتج به وثانيًا على تقدير القبول فيحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوصًا من ذلك بدليل قصة أبي طالب كما تقدم أنه خفف عنه فنقل من الغمرات إلى الضحضاح.
(1)
وهذا يوهم أن الأثر مسند في البخاري وقد تقدم أنه من مرسل عروة.
(2)
وهذا متعقب؛ لأنه غير مسند ولم يقف الباحث عليه في كتب السير ولا السنة.
كتاب الخلافة والإمارة
الخلافة في قريش
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1822): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ- وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ- عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلَامِي نَافِعٍ، أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الْأَسْلَمِيُّ، يَقُولُ:«لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ، بَيْتَ كِسْرَى- أَوْ: آلِ كِسْرَى-» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِذَا أَعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ» .
تابع عامرًا سماكُ بن حرب
(1)
على متنه، إلا:«إذا أعطى الله أحدكم خيرًا فليَبدأ بنفسه وأهل بيته» .
(1)
في روايات متفرقة.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (4) محرم (1445 هـ) الموافق (22/ 7/ 2023 م) إلى أنه في ريب من سياق هذا المتن لأمرين:
1 -
أن اللفظ المتفق عليه: «يكون اثنا عشر أميرًا» وفي رواية: «كلهم من قريش» .
2 -
الكلام في المهاجر بن مِسمار.
وكَتَب: اذكر اللفظة المتفق عليها، واذكر أيضًا أقوال العلماء في عبد الملك بن عُمير. واذكر المتابعات على اللفظ المعتمد.
خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ
قال ابن أبي شيبة كما في «المطالب العالية» رقم (4337)
(1)
-حدَّثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حدَّثنا العلاء بن [المنهال] العتوي، حدَّثنا مُهَنَّدٌ الْقَيْسِيُّ -وَكَانَ ثِقَةً-، حدَّثني قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ
(2)
، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ فِي نُبُوَّةٍ وَرَحْمَةٍ، وَسَتَكُونُ خِلَافَةٌ وَرَحْمَةٌ، وَيَكُونُ كَذَا وَكَذَا، وَيَكُونُ مُلْكًا عَضُوضًا، يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَيَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ، ومع ذلك ينصرون إلى قيام الساعة» .
وتابع ابن أبي شيبة زيد بن إسماعيل كما عند ابن الأعرابي «معجمه» (1645).
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن العلاء بن المنهال إلا زيد بن الحباب. ا هـ.
وزيد وثقه الجمهور فقد قال أبو حاتم: صدوق صالح ثقة عند جميعهم.
وقال ابن معين: ثقة ومرة كان يقلب حديث الثوري ولم يكن به بأس قال ابن عدي: أحاديثه عن الثوري مقلوبة
…
ومن غير الثوري مستقيمة كلها فهذا السند صحيح.
(1)
ومن طريقه أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6581).
(2)
مختلف في صحبته فأثبتها ابن حجر وقال غير واحد له رؤية وثقه ابن معين والعجلي.
وقد تابع طارق بن شهاب اثنان على صدر الحديث:
1 -
النعمان بن بشير رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18406) - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ
(1)
، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ، فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، فَقَالَ: يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي الْأُمَرَاءِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ، فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ» ثُمَّ سَكَتَ، قَالَ حَبِيبٌ:«فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي صَحَابَتِهِ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي عُمَرَ، بَعْدَ الْمُلْكِ الْعَاضِّ وَالْجَبْرِيَّةِ، فَأُدْخِلَ كِتَابِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسُرَّ بِهِ وَأَعْجَبَهُ»
(2)
.
(1)
وهو عند الطيالسي (439) لكن سياق أحمد أوضح.
(2)
واستبعد العلامة الألباني رحمه الله في «السلسة الصحيحة» (1/ 35) حمل الحديث على عمر بن عبد العزيز حيث قال: ومن البعيد عندي حمل الحديث على عمر بن عبد العزيز، لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة ولم تكن بعد ملكين: ملك عاض وملك جبرية، والله أعلم.
وحبيب بن سالم مختلف فيه فقد وثقه أبو داود وأبو حاتم وقال فيه البخاري: فيه نظر. وذكره العقيلي في «الضعفاء» وقال الجرجاني: ليس في متون أحاديثه حديث منكر
…
إلخ.
2 -
سعيد بن أبي هلال أخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (232) وفي سنده ابن لهيعة ونعيم ضعيفان وثمة انقطاع بين سعيد بن أبي هلال
(1)
وحذيفة رضي الله عنه.
والخلاصة: أن الإسناد إلى طارق بن شهاب عند ابن أبي شيبة صحيح في حين كتب شيخنا مع الباحث: معاذ بن محمد طاهر بن علي القاهري بتاريخ (20) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (4/ 11/ 2023 م) على طريق طارق بن شهاب: المتن غريب ومنكر وتفرد بعض الرواة به لا يطمئن والطريق في المطالب العالية يحتاج إلى مراجعة.
ولبعض الحديث شواهد:
منها حديث أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فيما أخرجه الدارمي في «سننه» رقم (2146) - أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو وَهْبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ أَعْفَرُ، ثُمَّ مُلْكٌ وَجَبَرُوتٌ يُسْتَحَلُّ فِيهَا الْخَمْرُ وَالْحَرِيرُ» ومكحول عن أبي ثعلبة في مسلم (1931) في غير هذا الحديث لكن في «التهذيب» يقال: مرسل.
وتابع مكحولا قتادة أخرجه نعيم في «الفتن» (233).
(1)
فإنه توفي سنة (135) وحذيفة رضي الله عنه سنة (36) فبينهما 99 سنة.
ومنها حديث سفينة فيما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (21919) - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، ح وَعَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي حَمَّادٌ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ عَامًا، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُلْكُ» قَالَ سَفِينَةُ: «أَمْسِكْ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَخِلَافَةَ عُمَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَخِلَافَةَ عُثْمَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَخِلَافَةَ عَلِيٍّ سِتَّ سِنِينَ» .
وتابع حمادًا جماعة-عبد الوارث أخرجه أبو داود في «سننه» (4646) والحشرج بن نباتة أخرجه الطيالسي (1203) والترمذي (2156) وغيرهما. والعوام بن حوشب أخرجه أبو داود (4647) والنسائي (8099) -.
تابع سعيد بن جمهان أبو ريحانة أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» والسند نازل وفيه علي بن عاصم مختلف فيه.
ومنها: حديث معاذ رضي الله عنه أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (المعرفة والتاريخ» (2/ 361): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ قَالَ: ثَنَا مَطَرُ بْنُ الْعَلَاءِ الْفَزَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَسَارٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ- وَكَانَ جَاهِلِيًّا- قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثُونَ خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، وَثَلَاثُونَ نُبُوَّةٌ وَمُلْكٌ، وَثَلَاثُونَ مُلْكٌ وَتَجَبُّرٌ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
ومطر قال فيه أبو حاتم شيخ.
ومنها حديث أبي بكرة أخرجه أحمد في «مسنده» (27531) وفي سنده علي بن زيد ضعيف.
وصية رسول الله لأبي ذر رضي الله عنه
-
وردت من طرق عن أبي ذر رضي الله عنه:
الأول: ما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1826): حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا
(1)
، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ».
وخالف سعيدَ بن أبي أيوب ابنُ لهيعة، فأَدْخَل واسطة بين عبيد الله وسالم، هي مسلم بن أبي مريم، وأَسْقَط والدَ سالم. كما في «التتبع» للدارقطني (158) و «العلل» (1142) وقال: والله أعلم بالصواب.
والأرجح رواية سعيد بن أبي أيوب لثقته، وقال النووي: وسعيد بن أبي أيوب أحفظ من ابن لَهيعة.
لكن في سنده سالم بن أبي سالم، رَوَى عنه أربعة، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وأخرج له مسلم، وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 49): له
(1)
وَجَّهه السيوطي بأنه كان زاهدًا، ثم انضاف إلى ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم عدم كنز المال.
حديثٌ واحد في الكتب.
ووالد سالم اتَّفَق البخاري ومسلم وأبو حاتم والعجلي وابن حبان أنه تابعي. وقال ابن منده: اختُلف في صحبته، وثقه العجلي، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» وأَخْرَج له مسلم.
والطريق الثاني: طريق الحارث بن يزيد.
تارة عن ابن حُجَيْرة الأكبر عن أبي ذر، أخرجه مسلم كذلك رقم (1825): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ:«يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» .
وتارة عن ابن حُجَيْرة عمن سمع أبا ذر، أخرجه أحمد (21513) وفي سنده ابن لَهيعة.
وتارة بإسقاط ابن حُجَيْرة بطريقيه السابقين، أخرجه ابن أبي شيبة (32540) وغيره من طرق- يحيى القطان ويزيد بن هارون والليث وسلام بن سُليم وفَرَج بن فَضَالة
(1)
- عن يحيى بن سعيد عن الحارث بن يزيد، أن أبا ذر.
(1)
وقال فرج وسلام: عن أبي ذر رضي الله عنه.
وخالفهم صدقة بن موسى والوليد بن عباد فقالا: عن يحيى عن الحارث عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر. وقال الدارقطني في «علله» (1099): والصواب قول مَنْ قال: عن الحارث بن يزيد عن أبي ذر مُرسَل.
والطريق الثالث: الحسن البصري عن أبي ذر، كما في «مسند أبي حنيفة» وفي سنده أبو حنيفة الإمام في الفقه، وضَعَّفه شيخنا بأبي حنيفة.
والطريق الرابع: طريق دراج.
تارة عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سِتَّةَ أَيَّامٍ، اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا يُقَالُ لَكَ» إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَلَا تُؤْوِيَنَّ أَمَانَةً وَلَا تَقْضِيَنَّ بَيْنَ اثْنَيْنِ» أخرجه أحمد (21574).
وأخرى عن أبي الهيثم عن أبي ذر، أخرجه أحمد (21573):«وَلَا تَقْبِضْ أَمَانَةً، وَلَا تَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ» .
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ (6) محرم (1445 هـ) الموافق (24/ 7/ 2023 م) إلى تحسين رواية الحارث بن يزيد المرسلة بطريق سالم بن أبي سالم المتصلة، مع التغاضي عن زيادة سالم:«وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» وكَتَب: يُحسَّن بطريقيه والله أعلم.
وردت فيه أخبار منها:
ما أخرجه البزار في «مسنده» رقم (7813): حَدَّثَنا محمد بن رزق الله الكِلوذاني قال: حَدَّثَنا عبد الصمد قال: حَدَّثَنا أبو هلال، عن قتادة، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخَر منهما» .
وتابع محمدَ بن رزق الله علي بن المديني، كما في «فوائد تمام» (255) وابن الأعرابي في «معجمه» (1067).
وتابع عبدَ الصمد عمارُ بن هارون، كما في «الأوسط» (2743) للطبراني.
وخالف أبا هلال الراسبي همامُ بن يحيى فأرسله، كما في «المنتخب من علل الخَلَّال» (87).
ورَجَّح الإرسالَ الإمام أحمد والدارقطني في «علله» (1721)، وقال البزار عقبه: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَبُو هِلَالٍ، وَرَوَاهُ غَيْرُ أَبِي هِلَالٍ، مُرْسَلًا.
والخلاصة: أنه مُعَل بالإرسال. وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن محمود بن محمد بن حشمت
(1)
، بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م): أبو هلال ضعيف وخولف.
(1)
وُلد بقرية البراجيل بمحافظة منيا الصعيد، وهو على مشارف الدخول في المرحلة الثانوية الأزهرية، وهذا أول حديث يَعرضه للتدريب.
ذم الأمراء
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (10927) - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، وَهَاشِمٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ، يَقُولُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيُوشِكَنَّ رَجُلٌ يَتَمَنَّى أَنَّهُ خَرَّ مِنْ عِنْدِ الثُّرَيَّا، وَأَنَّهُ لَمْ يَلِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا» .
وتابع شيبان حماد بن سلمة أخرجه أحمد (10359) وغيره.
وتابعهما أبو بكر بن عياش لكن قال (رَجُلٍ مِنْ بَنِي غَاضِرَةَ).
بدل يزيد بن شريك وهما شخص واحد
(1)
ويزيد بن شريك العامري نسب في طريق شيبان ولم يوقف له على ترجمة وكذا في تحقيق المسند وفي طبقة هذا الراوي يزيد بن شريك التيمي من تيم الرباب ثقة من رجال الشيخين وليست له رواية في مسند أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرجه الطيالسي في «مسنده» رقم (2646) - حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَيْلٌ لِلأُمَرَاءِ، وَيْلٌ لِلأُمَنَاءِ، وَيْلٌ
(1)
انظر «تاج العروس» (13/ 417) حيث قال: بنو عامر هم بنو عامر بن صعصعة وقال في (13/ 244) بنو غويضرة هم بنو ربيعة بن صعصعة.
لِلْعُرَفَاءِ، لَيَتَمَنَّيَنَّ قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا، يَتَذَبْذَبُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا عَمَلاً.
وعطف عبد الوهاب على هشام أخرجه أحمد (10380).
وعباد بن أبي علي ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن القطان كما في «الميزان» (2/ 370): عباد لم تثبت عدالته وساق له الذهبي هذا الخبر وقال هذا حديث منكر.
ورواه معمر واختلف عليه فتارة قال عن هشام بن حسان عن أبي حازم أخرجه ابن حبان (4483) وفي سنده أحمد بن عبد الله لم ويوثقه معتبر.
وتارة قال عن صاحب له عن أبي هريرة موقوفًا. أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (21736) رواية عبد الرزاق أصح.
ورواه ليث بن أبي سليم واختلف عليه تارة عن مجاهد عن عائشة أخرجه أبو يعلى (4745) وأخرى عن أبي إدريس عن ثوبان أخرجه الروياني في «مسنده» (640).
والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: معاذ بن محمد طاهر بن علي القاهري بتاريخ (10) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (25/ 10/ 2023 م): لا يصح كل طرقه ضعيفة ومعل بالوقف
(1)
.
(1)
أي من طريق معمر عن صاحب له كما عند عبد الرزاق (21736).
الرفق بالرعية
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1828): حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ. فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ، فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ. فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي، أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا:«اللَّهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» .
وتابع هارونَ وحرملة موهبُ بن يزيد وعيسى بن أحمد.
وتابع ابنَ وهب جريرُ بن حازم، أخرجه مسلم وغيره.
وقال أبو عوانة في «مستخرجه» (4/ 380) عقبه: قَالَ حَرْمَلَةُ: وَسَمِعْتُ عَيَّاشَ بْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَرَفَقَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا بَهْلَةُ اللَّهِ؟، قَالَ:«لَعْنَةُ اللَّهِ» .
قلت (أبو أويس) وهذا مرسل عن عياش وهل هو معلق أو بالسند السابق
يتأمل.
وتابع عبدَ الرحمن بن شِمَاسة عبدُ الله البهي في بعض الوجوه
(1)
دون ذكر كلام عائشة، أخرجه أحمد (24337) وهناد في «الزهد» (2/ 603) ووكيع في «الزهد» (462).
ووجهة مَنْ يُصحِّح هذا الخبر:
1 -
تصريح ابن شِمَاسة بالسماع (أَتَيْتُ).
2 -
اعتماد الإمام مسلم.
3 -
قول اللالكائي: سَمِع ابن شِمَاسة من عائشة.
4 -
اعتبار متابعة عبد الله البهي على الخلاف القائم في سماعه من عائشة، فقد نفاه أحمد وابن مهدي، وأَثْبَتَه البخاري، وإخراج مسلم.
ووجهة مَنْ يُضعِّف:
1 -
قول أبي حاتم: ابن شِمَاسة عن عائشة مرسل. كما في «الجَرح والتعديل» (24315).
2 -
الاختلاف في ذكر كلام عائشة رضي الله عنها عن أخيها.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ (4) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (22/ 6/ 2023 م) إلى كلام أبي حاتم بالإعلال، لكن للمتن شواهد في الرفق.
(1)
وفي بعضها: عبد الله بن دينار.
ذِكر الوعيد لمن أعان أميرًا على الظلم
وردت فيه أخبار:
الأول: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18126): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ دَخَلَ، وَنَحْنُ تِسْعَةٌ، وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ:«إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ. وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ» .
تابع يحيى بنَ سعيد جماعةٌ: أبو نُعيم وأحمد بن يونس ومحمد بن يوسف وغيرهم.
وتابع الثوريَّ مِسْعَر، كما عند الترمذي (2259) والنسائي (4208) وابن أبي عاصم في «السُّنة» (774)، وتابعهما قيس بن الربيع كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (294).
وخالف أبا حَصين عبيدُ بن مغيث فأسقط عاصمًا. وفي سنده مَعمر بن سهل، مجهول.
ورواه محمد بن طلحة تارة عن زبيد عن الشعبي عن كعب، أخرجه الطبراني (5093). وتارة عن أبيه عن الشَّعبي عن أبي جُحيفة عن كعب. أخرجه ابن الأعرابي (1957) وأنكروا سماع محمد بن طلحة من أبيه لصغره.
والأرجح والأَشْهَر رواية أبي حَصين، وقال الخطيب في «تاريخ بغداد» (3/ 366): المحفوظ عن سفيان عن أبي حَصين عن الشَّعبي عن عاصم، به.
وثَمة متابعات أخرى عن كعب بأسانيد ضعيفة.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الله بن صادق، بتاريخ (13) صفر (1445 هـ) الموافق (29/ 8/ 2023 م) إلى صحة سند أبي حَصين. وعاصم العدوي وثقه النسائي، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» ورَوَى عنه الشَّعبي وأبو إسحاق السَّبيعي.
الحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (15284): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ» قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُمَرَاءٌ سَيَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِحَدِيثِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ. وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِحَدِيثِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَأُولَئِكَ يَرِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، الصَّلَاةُ قُرْبَانٌ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ نَبَتَ
لَحْمُهُ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ
(1)
. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، النَّاسُ غَادِيَانِ، فَغَادٍ بَائِعٌ نَفْسَهُ وَمُوبِقٌ رَقَبَتَهُ، وَغَادٍ مُبْتَاعٌ نَفْسَهُ وَمُعْتِقٌ رَقَبَتَهُ».
وتابع وهيبًا معمرٌ كما في «جامعه» (20719).
وتابعهما حماد بن سلمة من رواية هُدْبَة بن خالد
(2)
، كما عند ابن حِبان (1723).
وتابعهم جماعة بأسانيد نازلة:
1 -
حماد بن زيد كما في «مسند الشهاب» (40).
2 -
زائدة بن قدامة كما عند أبي نُعيم في «الحِلية» (8/ 247).
3 -
يحيى بن طالب، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (5377).
4 -
داود بن عبد الرحمن، أخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1316) بالشطر الأخير.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن صادق، بتاريخ (13) صفر (1445 هـ) الموافق (29/ 8/ 2023 م) على سماع عبد الرحمن بن سابط من جابر رضي الله عنه: البخاري وأبو حاتم الرازي أثبتا السماع، وابن معين نفاه. وقال: حديث كعب بن عُجْرة يُقوِّي حديث جابر رضي الله عنه للكلام في ابن خُثيم.
(1)
ورد لهذه الجملة شاهد من حديث كعب بن عُجْرة رضي الله عنه، وفيه:«إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أَوْلَى به» أخرجه الترمذي (615).
(2)
وتابعه موسى بن إسماعيل بالشطر الأول، كما عند الطحاوي (1345).
توطئة معاوية رضي الله عنه لبيعة ابنه يَزيد
1 -
بَذْله المال، فقد أَخْرَج الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 492): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا دَعَا مُعَاوِيَةُ إِلَى بَيْعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ [قَالَ]: أَتَرَوْنَ هَذَا أَرَادَ. [إِنَّ] دِينِي إِذًا عِنْدِي لَرَخِيصٌ.
الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (14) من المحرم (1445 هـ) الموافق (1/ 8/ 2023 م): سنده في غاية الصحة.
2 -
اجتهاده رضي الله عنه أن ابنه أحق بالخلافة من غيره، فقد أَخْرَج أبو يعلى في «مسنده» (7194 - 7174): حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقِ بْنِ أَسْمَاءَ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ يَزِيدَ، بَعَثَ إِلَى عَامِلِ المَدِينَةِ أَنْ أَفِدْ إِلَيَّ مَنْ شَاءَ. قَالَ: فَوَفَدَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ، فَاسْتَأْذَنَ، فَجَاءَ حَاجِبُ مُعَاوِيَةَ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: هَذَا عَمْرٌو قَدْ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ: مَا جَاءَ بِهِمْ إِلَيَّ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، جَاءَ يَطْلُبُ مَعْرُوفَكَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَلْيَكْتُبْ مَا شَاءَ، فَأَعْطِهِ مَا سَأَلَكَ، وَلَا أَرَاهُ.
قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ الحَاجِبُ، فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ اكْتُبْ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! أَجِيءُ إِلَى بَابِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، فَأُحْجَبَ عَنْهُ؟ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُ فَأُكَلِّمَهُ. فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ لِلْحَاجِبِ: عِدْهُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ فَلْيَجِئْ.
قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى مُعَاوِيَةُ الغَدَاةَ أَمَرَ بِسَرِيرٍ، فَجُعِلَ فِي إِيوَانٍ لَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَ النَّاسَ عَنْهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا كُرْسِيٌّ وُضِعَ لِعَمْرٍو، فَجَاءَ عَمْرٌو فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الكُرْسِيِّ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: حَاجَتَكَ.
قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَعَمْرِي لَقَدْ أَصْبَحَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَاسِطَ الحَسَبِ فِي قُرَيْشٍ، غَنِيًّا عَنِ المَالِ، غَنِيًّا إِلَّا عَنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ اللهَ لَمْ يَسْتَرْعِ عَبدًا رَعِيَّةً إِلَّا وَهُوَ سَائِلُهُ عَنْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، كَيْفَ صَنَعَ فِيهَا» وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَيْهَا.
قَالَ: فَأَخَذَ مُعَاوِيَةَ رَبْوَةٌ وَنَفَسٌ فِي غَدَاةٍ قَرٍّ، حَتَّى عَرِقَ وَجَعَلَ يَمْسَحُ العَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاقَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ امْرُؤٌ نَاصِحٌ، قُلْتَ بِرَأْيِكَ، بَالِغٌ مَا بَلَغَ، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا ابْنِي وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَابْنِي أَحَقُّ مِنْ أَبْنَائِهِمْ. حَاجَتَكَ. قَالَ: مَا لِي حَاجَةٌ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ أَخُوهُ: إِنَّمَا جِئْنَا مِنَ المَدِينَةِ نَضْرِبُ أَكْبَادَهَا مِنْ أَجْلِ كَلِمَاتٍ. قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِكَلِمَاتٍ. قَالَ: فَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزِهِمْ. قَالَ: وَخَرَجَ لِعَمْرٍو مِثْلُهُ.
الخلاصة: أن ظاهر إسناده الحُسن، لكن فيه جعفر بن سليمان الضبي، فيه تَشيُّع، وقال ابن حبان: لم يكن بداعية.
أما شيخنا فقال مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (14) من المحرم (1445 هـ) الموافق (1/ 8/ 2023 م): يُتحفظ عليه من أجل جعفر بن سليمان، فقد تأثر به عبد الرزاق في تشيعه.
تنبيهات:
1 -
أشار شيخنا في نقاشه هذه المسألة إلى أن البعض يَطعن في الحسين بن علي رضي الله عنه سيد شباب أهل الجنة، بأنه خرج على يزيد. والحَقّ أن البيعة لم تكن انعقدت، فابن الزبير بمكة بايعه أكثر البلدان إلا أهل الشام.
2 -
ابن عباس لا يلام على تركه البيعة وخرج من مكة إلى الطائف. وكذا محمد بن الحنفية.
3 -
طَرَح شيخنا سؤالًا: هل اجتمعت البيعة ليزيد بن معاوية؟ فأجاب الباحث: لم تجتمع البيعة له، إنما هي تمهيدات من معاوية رضي الله عنه لابنه.
امتناع ابن عمر رضي الله عنهما من بيعة يزيد في أول الأمر
ورد أثران:
الأول: ما أخرجه خليفة بن خياط في «تاريخه» (ص: 213):
حَدَّثَنا وهب بن جرير بن حازم قال: حَدَّثَني أبي قال: نا النُّعمان بن راشد، عن الزُّهْرِيّ، عن ذَكْوَان مولى عائشة قال: لما أَجْمَعَ معاوية أن يُبايِع لابنه يَزيد، حج فقَدِمَ مكة في نحو من ألف رجل، فلما دنا من المدينة خرج ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر، فلما قدم معاوية المدينة صَعِد المِنبر فحَمِد اللَّه وأثنى عليه، ثم ذَكَر ابنَه يَزيد فقال: مَنْ أَحَقُّ بهذا الأمر منه؟
ثم ارتحل فقدم مكة فقضى طوافه ودخل منزله، فبَعَث إلى ابن عمر، فتَشَهَّدَ وقال: أما بعد يا ابن عمر، فإنك قد كنتَ تُحدِّثني أنك لا تُحِب أن تبيت ليلة سَوْدَاء ليس عليك أمِير، وإني أُحذِّرك أن تَشق عصا المسلمين وأن تَسعى في فساد ذات بينهم. فلما سكت تَكلَّم ابن عمر، فحَمِد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإنه قد كانت قبلك خلفاء لهم أبناء، ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يَروا في أبنائهم ما رأيتَ أنت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث عَلِمُوا الخِيَار. وإنك تُحذِّرني أن أَشق عصا المسلمين وأن أسعى في فساد ذات بينهم، ولم أكن لأفعل، إنما أنا رجل من المسلمين، فإذا اجتمعوا على أمر فإنما أنا رجل منهم. فقال: يرحمك اللَّه.
فخَرَج ابن عمر، وأَرْسَل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فتَشَهَّدَ وَأَخَذ في الكلام، فقَطَع عليه كلامه فقال: إنك والله لوَدِدْتُ أَنَّا وكلناك في أمر ابنك إلى اللَّه، وإنا والله لا نفعل، والله لتَرُدنّ هذا الأمر شُورَى في المسلمين أو لنُعيدنَّها عليك جَذَعَة. ثم وثب فقام فقال معاوية: اللهم اكفنيه بما شئتَ. ثم قال: على رِسلك أيها الرجل، لا تشرفن بأهل الشام؛ فإني أخاف أن يَسبقوني بنفسك حتى أخبر العشية أنك قد بايعتَ، ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك.
ثم أرسل إلى ابن الزبير فقال: يا بنَ الزبير، إنما أنت ثعلب رَوَّاغ، كلما خرج من جُحْر دخل آخَر، وإنك عَمَدْتَ إلى هذين الرَّجُلَين فنفختَ فِي مناخرهما وحَمَلْتَهما على غير رأيهما. فتَكلَّمَ ابن الزبير فقال: إن كنتَ قد مللتَ الإمارة فاعتَزِلها وهَلُم ابنك فلنبايعه، أرأيت إذا بايعنا ابنك معك لأيكما نسمع؟ لأيكما نطيع؟ لا نجمع البيعة لكما والله أبدًا.
ثم قام فراح معاوية فصَعِدَ المِنبر فحَمِد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: إنا وجدنا أحاديث الناس وذوات عوار، زعموا أن ابن عمر وابن الزبير وابن أبي بكر الصِّديق لم يبايعوا يَزِيد، قد سمعوا وأطاعوا وبايعوا له. فقال أهل الشام: لا والله لا نَرضى حتى يبايعوا على رءوس الناس وإلا ضربنا أعناقهم. فقال: مَهْ، سبحان اللَّه! ما أَسْرَعَ الناسَ إلى قريش بالسوء، لا أسمع هذه المقالة من أحد بعد اليوم! ثم نزل فقال الناس: بَايَع ابن عمر وابن الزبير وابن أبي بكر. ويقولون: لا والله ما بايعنا. ويقول الناس: بلى لقد بايعتم. وارتحل معاوية فلحق بالشام.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (21) صفر (1445 هـ) الموافق (6/ 9/ 2023 م) إلى ضعف إسناده؛ لأجل النعمان
بن راشد، فقد وثقه جمعٌ: وثقه ابن شاهين، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال البخاري: صدوق في الأصل، وفي حديثه وهم كثير. وأما ابن مَعين فاختلفت الروايات عنه، فخَمْس روايات بضعفه وواحدة بتوثيقه. وضَعَّفه أحمد والنسائي وأبو داود والعُقيلي.
الأثر الثاني: ما أخرجه ابن سعد في «الطبقات» رقم (5312): أَخْبَرَنا إسماعيل بن إبراهيم الأَسَديّ، عن أيوب
(1)
، عن نافع، قال: لما قَدِمَ معاوية المدينة، حَلَفَ على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليَقتُلنَّ ابنَ عمر. فلما دنا من مكة تَلَقَّاه الناس، وتَلَقَّاه عبد الله بن صفوان فيمن تَلَقَّاه، فقال: إيهًا ما جِئتَنا به، جِئتَنا لتَقتُل عبدَ الله بن عمر؟ قال: ومَن يَقول هَذا؟ ومَن يقول هَذا؟ ومَن يقول هذا؟ ثلاثًا.
وتابع ابنَ علية جريرُ بن حازم، كما عند خليفة (ص/ 214) دون ذكر المنبر.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (21) صفر (1445) الموافق (6/ 9/ 2023 م) إلى صحة إسناده وقال: تلك أمة قد خلت.
تنبيه: في البخاري رقم (7111)
(2)
: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ المَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، جَمَعَ
(1)
وتارة رواه ابن عُلية عن ابن عون عن نافع، كما في «الطبقات» (4/ 139)، وأيوب وابن عون ثقتان، وابن عُلية يَتحمل تعدد المشايخ.
(2)
تحت باب: إِذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلَافِهِ.
ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ القِتَالُ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ إِلَّا كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» .
وتارة أخرجه البخاري (3188) دون التذكير به في بيعة يَزيد.
ورواه كذلك أبو الربيع العتكي (1735)، مؤمل بن إسماعيل كما عند أحمد (5915).
وتابعهم على اللفظ حسن بن موسى لكن في السند قال: عن حماد بن زيد عن مبشر بن حرب عن ابن عمر، به. أخرجه أحمد (5378).
ورواه عن مبشر حماد، يعني ابن سلمة، أخرجه أحمد (6093).
ورواه الجماعة
(1)
- عبد الصمد، أخرجه أحمد (5709) ومحمد بن عبد الله الأنصاري، أخرجه ابن سعد (5311)، وابن عُلية كما عند أحمد (5088)
(2)
- عن صخر بن جويرية عن نافع به، كلفظ سليمان بن حرب.
ورواه جماعة - عُبيد الله بن عمر العمري وجويرية بن أسماء، وأبو حازم سلمة بن دينار- عن نافع مختصرًا على المرفوع.
وتابع نافعًا جماعة - حمزة وسالم كما عند مسلم (1735)، وعبد الله بن
(1)
ورواه عفان الصفار عن صخر به، كما عند أحمد (1735).
(2)
ورواه أحمد بن منيع عن ابن عُلية، كما عند النسائي (1581) مختصرًا.
دينار كما عند البخاري (6178) وغيره، وأنس بن سيرين كما عند البيهقي في «شُعب الإيمان» (5269)، ورجل كما عند أحمد (5457).
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (9) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (24/ 9/ 2023 م) إلى صحة تذكير ابن عمر رضي الله عنهما في بيعة يزيد.
وقال شيخنا في أمر يزيد: لا نتصدى للدفاع عنه لِما حدث على يديه:
1 -
استباحة حرمة مكة والمدينة.
2 -
وقَتْله الحسين بن علي رضي الله عنه.
3 -
وقال الإمام أحمد: لا يُروَى عنه ولا كرامة.
أما الباحث فنَقَل عن ابن حجر الاتفاق على أن يزيد كان أميرًا للجيش المغفور له
(1)
فيما أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (2924): حَدَّثَنِي
(1)
قال ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 102 - 103):
قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول مَنْ غزا البحر، ومنقبة لولده يزيد لأنه أول مَنْ غزا مدينة قيصر.
وتَعقَّبه ابن التين وابن المُنَيِّر بما حاصله أنه لا يَلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يَخرج بدليل خاص؛ إذ لا يختلف أهل العلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: «مغفور لهم» مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة، حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يَدخل في ذلك العموم اتفاقًا، فدل على أن المراد مغفور لمن وُجد شرط المغفرة فيه منهم.
وأما قول ابن التين: (يحتمل أن يكون لم يَحضر مع الجيش) فمردود إلا أن يريد لم يباشر القتال فيمكن، فإنه كان أمير ذلك الجيش بالاتفاق. وجوز بعضهم أن المراد بمدينة قيصر: المدينة التي كان بها يوم قال النبي صلى الله عليه وسلم تلك المقالة، وهي حمص، وكانت دار مملكته إذ ذاك، وهذا يندفع بأن في الحديث أن الذين يغزون البحر قبل ذلك، وأن أُم حرام فيهم، وحمص كانت قد فُتحت قبل الغزوة التي كانت فيها أُم حرام، والله أعلم.
قلت: وكانت غزوة يزيد المذكورة في سنة اثنتين وخمسين من الهجرة، وفي تلك الغزاة مات أبو أيوب الأنصاري، فأوصى أن يُدفَن عند باب القسطنطينية، وأن يُعْفَى قبره. ففُعل به ذلك فيقال: إن الروم صاروا بعد ذلك يَستسقون به.
وفي الحديث أيضًا الترغيب في سكنى الشام.
وقوله: «قد أوجبوا» أي: فعلوا فعلًا وجبت لهم به الجنة.
إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الأَسْوَدِ العَنْسِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهُوَ نَازِلٌ فِي سَاحَةِ حِمْصَ، وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ، وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ. قَالَ عُمَيْرٌ: فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ البَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا» قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ:«أَنْتِ فِيهِمْ» . ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ» فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لَا» .
وأخرجه أحمد في «مسنده» رقم (27454): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ امْرَأَةً حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
ولم يَذكر: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ
…
».
وأخرجه الحُميدي في «مسنده» رقم (352): حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ:
حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ مَيْمُونٍ الْجُهَنِيُّ الرَّمِلِيُّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ حَرَامٍ قَالَتْ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُزَاةَ الْبَحْرِ فَقَالَ: «لِلْمَائِدِ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَلِلْغَرقِ أَجْرُ شَهِيدَيْنَ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ عز وجل أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ! قَالَ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ» فَغَزَتِ الْبَحْرَ، فَلَمَّا خَرَجَتْ رَكِبَتْ دَابَّتَهَا فَسَقَطَتْ فَمَاتَتْ.
وأصل الحديث في البخاري (2894) ومسلم (1912) دون الزيادة فيهما، والسياق لمسلم من طريق محمد بن يحيى بن حَبَّانَ
(1)
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ حَرَامٍ- وَهِيَ خَالَةُ أَنَسٍ- قَالَتْ: أَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ عِنْدَنَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: «أُرِيتُ قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ» فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: «فَإِنَّكِ مِنْهُمْ» قَالَتْ: ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ أَيْضًا وَهُوَ يَضْحَكُ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ! قَالَ: «أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ» قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ، فَغَزَا فِي الْبَحْرِ فَحَمَلَهَا مَعَهُ، فَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ فَرَكِبَتْهَا فَصَرَعَتْهَا، فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا.
وأخرجه البخاري (2788) ومسلم (1912) لكنه من مسند أنس رضي الله عنه، وذلك من طريق الإمام مالك، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَأَطْعَمَتْهُ، ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ.
(1)
وهو في «الجهاد» (200) لابن المبارك هكذا مرسلًا: من طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا مَا يَزُورُ أُمَّ حَرَامٍ
…
قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ
(1)
هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ»، أَوْ «مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ» - يَشُكُّ أَيَّهُمَا - قَالَ: قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ! فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ» كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ! قَالَ:«أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ» فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ.
وِجهَة تصحيح رواية عمير بن الأسود:
1 -
إخراج البخاري إياها.
2 -
اتساع المَخرج.
ووجهة مَنْ يَرُد الزيادة:
1 -
كون القصة في «الصحيحين» دون الزيادة.
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» : تَفرَّد به البخاري دون أصحاب الكتب الستة.
2 -
قال المالكي: وهذا الحديث شاذ، والصحيح اللفظ الآخَر الأقوى. «سَلُّ السنان في الذب عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه» (ص/ 171).
(1)
أي ظهر.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (19) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (4/ 10/ 2023 م) إلى الإشارة إلى كلام العلماء. وكان المقصد من البحث: هل ثَبَت بإسناد أن يزيد كان أميرًا على الغزوة؟ ولم يقف الباحث على هذا، إنما نَقَل اتفاق ابن حجر السابق.
كتاب المناقب
فضل أهل عمان في زمنه صلى الله عليه وسلم
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2544) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو الرَّاسِبِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ، يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ، مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ» .
وتابع سعيد بن منصور جماعة-عفان بن مسلم وعبد الصمد بن عبد الوارث ويونس بن محمد بن مسلم ثلاثتهم عند أحمد (20112، 20085، 20113) وعبد الواحد بن غياث كما عند البزار (3845، 4497) وهدبة بن خالد كما عند أبي يعلى (7435) ومن طريقه ابن حبان (7310) -.
قال البزار عقبه: وهذا الحديث لا نعلمه بهذا اللفظ إلاَّ عَنْ أبي برزة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقد روى، عَنْ ابن عُمَر قريبا منه بغير لفظه.
وأبو الوازع جابر بن عمرو الراسبي
(1)
وثقه أحمد وابن معين في رواية وأخرى: ليس بشيء. وقال النسائي: منكر الحديث. وقال ابن عدي: أبو أحمد
(1)
أخرج له مسلم ثلاثة أحاديث.
بن عدى: لا أعرف له كثير رواية، و إنما يروى عنه قوم معدودون، و أرجو أنه لا بأس به
(1)
.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن أشرف الذهبي بتاريخ (18) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (2/ 11/ 2023 م): في سنده أبو الوازع مختلف فيه. ا هـ.
وقال: أهل عمان الآن إباضية.
(1)
ولم يذكر له هذا الحديث.
فضل عَدَن أَبْيَن
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3079): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَفْطَسِ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ مِنْ عَدَنِ أَبْيَنَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، هُمْ خَيْرُ مَنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ» قَالَ لِي مَعْمَرٌ: اذْهَبْ، فَاسْأَلْهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ.
وتابع عبدَ الرزاق معتمرُ بن سليمان، أخرجه أبو يعلى (2415).
وتابعهما محمد بن الحسن بن آتش، أخرجه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 306) وقال: لا يصح فإن محمد بن الحسن بن أتش مجروح. ثم نقل أنه متروك وكان يَكذب.
ورَدَّ ذلك الشيخ مقبل رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (2617)، وقال معقبًا على ابن الجوزي: ولكنه في مسندَي أحمد وأبي يعلى سالم من العلة، فصَحَّ الحديث والحمد لله.
قال الإمام أحمد كما في «العلل للخَلَّال - انتخاب ابن قُدامة» (ص: 56): المنذر بن النعمان ثقة، صنعاني، ليس في حديثه مسند غير هذا.
تنبيه: أما سماع وهب بن مُنبِّه من ابن عباس رضي الله عنهما، فمحتمل حيث إن وهبًا من الطبقة الثالثة وتُوفي سنة مِائة وبضع عَشْرة، وأما ابن عباس فتُوفي سنة (68) وورد أثر عند الطبري بسند ضعيف أنه صَرَّح بالسماع فيه من ابن عباس
رضي الله عنهما
(1)
.
في حين قال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء» (4/ 545): أَخَذَ وهب عن ابن عباس وأبي هريرة، إن صح.
الخلاصة: أن إسناد الخبر صحيح لديّ.
في حين كَتَب شيخنا معي بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م): تَفرُّد المنذر بهذا الخبر مريب. وكونه-أي: النعمان- لم يَرْوِ إلا هذا الحديث مريب، وهو من أهل اليمن، روى حديثًا في فضلهم. ووَهْب عن ابن عباس يُحرَّر. اه.
(1)
قال الطبري في «تفسيره» (16/ 358): حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: فَحَدَّثْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ حَدِيثَهُ، وَاعْتِنَاقَهَا إِيَّاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:«فَوَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بِيَدِهِ، مَا فَارَقَتْهُ مِنْ عِنَاقِهِ حَتَّى مَرَّ بِهَا كُلُّ مَالٍ لَهُمَا وَوَلَدٌ» .
كتاب فضائل الصحابة
فضائل هذه الأمة
وردت فيها نصوص كثيرة، منها في السُّنة:
قال ابن حبان في «صحيحه» رقم (6647): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ
(1)
رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا. وَإِذَا أَرَادَ
(1)
قال ابن القيم في «شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل» (ص: 47):
والنصوص النبوية في إثبات إرادة الله أكثر من أن تُحصَر.
كقوله: «مَنْ يُرِد الله به خيرًا، يفقهه في الدين» .
«مَنْ يُرِد الله به خيرًا، يُصِب منه» .
«إذا أراد الله بالأمير خيرًا، جَعَل له وزير صدق» .
«إذا أراد الله رحمة أمة، قَبَض نبيها قبلها» .
«إذا أراد الله هلكة أمة، عَذَّبها ونبيُّها حي فأَقَر عينه بهلكها» .
«إذا أراد الله بعبد خيرًا، عَجَّل له العقوبة في الدنيا» .
«إذا أراد الله بعبد شرًّا، أَمْسَك عنه توبته حتى يوافي يوم القيامة كأنه عير» .
«إذا أراد الله قبض عبد بأرض، جَعَل له إليها حاجة» .
«إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا، أَدْخَل عليهم باب الرفق» .
«إذا أراد الله بقوم عذابًا، أصاب مَنْ كان فيهم ثم بُعثوا على نياتهم» .
والآثار النبوية في ذلك أكثر من أن نستوعبها.
هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ».
تابع محمدَ بن المسيب جماعةٌ:
1، 3 - عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْهَجَرِيُّ، بِالأُبُلَّةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، بِدِمَشْقَ، وَعُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، كما عند ابن حِبان (7215).
4 -
الإمام البزار في «مسنده» (3177) وقال عقبه: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَبُو مُوسَى بِهَذَا الإِسْنَادِ.
قيل الإمام مسلم وزاد: «فأهلكها وهو ينظر»
(1)
.
قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (9/ 456): ذَكَر أبو عَوانة عن مسلم أنه قال: حَدَّثَنا إبراهيم بن سعيد. وصَرَّح بتحديثه إياه، وقد جَزَم الحاكم أن مسلمًا أخرجه عن إبراهيم بن سعيد بلا سماع
(2)
.
(1)
نَصَّ البيهقي على الزيادة في «دلائل النبوة» (3/ 77).
(2)
وقال المازري والقاضي: هذا من الأحاديث المنقطعة في مسلم، فإنه لم يُسَمِّ الذي حدثه عن أبي أسامة.
وقال الجَيَّاني: قد أورد مسلم بن الحَجاج في كتابه أحاديث يسيرة مقطوعة، منها هذا الحديث.
وقال النووي في «شرحه على مسلم» (7/ 56): ليس هذا حقيقة انقطاع، وإنما هو رواية مجهول، وقد وقع في حاشية بعض النسخ المعتمدة: قال الجُلُودي: حدثنا محمد بن المسيب الأَرْغِياني قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري بهذا الحديث عن أبي أسامة بإسناده.
*-وتابع أبا أسامة يحيى بنُ بريد بن أبي بردة، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (4306) وابن عَدي «الكامل» (10/ 591) ونقل عن ابن مَعين وأحمد بن حنبل تضعيف يحيى
(1)
، وأورد له هذا الحديث وقال: وهذا طريق حسن ورواه ثقات.
وإليك نص كلامه في «كامله» (2/ 512): ولبُريد بن عبد الله بن أبي بُردة نُسَخ عن أبيه عن جَده، يَروي نسخة منها عنه أبو أسامة، وهي أطول النُّسخ عن بريد، ويَروي عنه أبو يحيى الحِمَّاني نسخة، وأبو زهير عبد الرحمن بن مغراء نسخة، وأبو معاوية الضرير يَروي عنه بنسخة، وغيرهم، وقد اعتبرتُ حديثه فلم أَرَ فيه حديثًا أُنكِره، وأَنْكَرُ ما روى هذا الحديث الذي ذكرتُه:«إذا أراد الله عز وجل بأمة خيرًا قَبَض نبيها قبلها» وهذا طريق حسن ورواه ثقات، وقد أدخله قوم في صحاحهم، وأرجو أن لا يكون ببُريد هذا بأس.
الخلاصة: أن الخبر من مفاريد بُريد بن عبد الله
(2)
، وإسناده صحيح، وهو
(1)
وزاد ابن كثير في «التكميل في الجَرح والتعديل» (2/ 169): وقال أبو زُرعة: واهي الحديث. وقال محمد بن عبد الله بن نُمير: ما يسوى تمرة.
وقال أبو حاتم: ضعيف، ليس بالمتروك، يُكتب حديثه.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
وقد أورد له ابن عَدي أحاديث، منها:«إذا آتاك الله مالًا فليرَ أثره عليك» ، وقال: لا أعلم له حديثاً أنكر من هذا.
(2)
ترجمه ابن حجر في «هُدَى الساري» (ص: 392): وثقه ابن معين والعجلي والترمذي وأبو داود، وقال النسائي: ليس به بأس. وقال مرة: ليس بذلك القوي. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين، يُكتب حديثه. وقال ابن عَدي: صدوق، وأحاديثه مستقيمة، وأنكر ما روى حديث:«إذا أراد الله بأمة خيرًا، قَبَض نبيها قبلها» ومع ذلك فقد أدخله قوم في صحاحهم، وقال: أحمد روى مناكير.
قلت: احتج به الأئمة كلهم، وأحمد وغيره يُطلِقون المناكير على الأفراد المطلقة. اه.
مُعلَّق أو منقطع عند مسلم، وموصول عند ابن حبان وغيره. وصححه العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (3059).
فضائل الأنصار رضي الله عنهم
-
قال الإمام أحمد (15540): حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ، وَكَانَ أَبُوهُ بَدْرِيًّا، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ السَّاعِدِيِّ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ هَذَا. قَالَ:«وَمَنْ هَذَا؟» قَالَ: ابْنُ عَمِّي حَوْطُ بْنُ يَزِيدَ - أَوْ: يَزِيدُ بْنُ حَوْطٍ - قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا أُبَايِعُكَ، إِنَّ النَّاسَ يُهَاجِرُونَ إِلَيْكُمْ، وَلَا تُهَاجِرُونَ إِلَيْهِمْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، لَا يُحِبُّ رَجُلٌ الْأَنْصَارَ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ تبارك وتعالى إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ يُحِبُّهُ، وَلَا يَبْغُضُ رَجُلٌ الْأَنْصَارَ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ يَبْغُضُهُ» .
وتابع يونسَ بن محمد: الفضلُ بن دكين وزائدة بن يحيى وابنه يحيى ويحيى بن عبد الحميد.
وتابع عبدَ الرحمن بن الغَسِيل على عَجُز المتن سعدُ بن المنذر بن أبي حُميد الساعدي
(1)
ورَوَى عنه اثنان، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (32305) وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (777) وأحمد في «المسند» (17937).
(1)
وفي «معجم الصحابة» (1/ 118): سعيد بن حميد.
الخلاصة: أن مداره على حمزة بن أبي أسيد، ذَكَره ابن حبان في «الثقات» وأَخْرَج له البخاري ورَوَى عنه جمع، وقال ابن حجر: صدوق.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (22) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (7/ 10/ 2023 م): صحيح، وللمعنى شواهد
(1)
.
(1)
أخرج البخاري (3783) ومسلم (75): عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللهُ» .
فضائل ابن مسعود رضي الله عنه
-
قال البزار في «مسنده» رقم (1986): كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ يُخْبِرُنِي فِي كِتَابِهِ، أَنَّ هَارُونَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَهُ قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مَنْصُورٍ- يَعْنِي ابْنَ الْمُعْتَمِرِ- عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَضِيتُ لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ لِأُمَّتِي مَا كَرِهَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» .
وخالف عمرَو بن قيس سفيانُ وإسرائيل وزائدة، في وجه فأرسلوه.
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (32231): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَضِيتُ لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» .
الخلاصة: أن الخبر مُعَل بالإرسال، وصَوَّبه الدارقطني والحاكم. وإلى ذلك انتهى شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فَرَّاج، بتاريخ (30) شعبان (1444 هـ) الموافق (22/ 3/ 2023 م).
متى أسلم العباس رضي الله عنه
-؟
*
وردت ثلاثة أخبار مُتكلَّم فيها:
الأول: عام خيبر من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه عبد الرزاق
(1)
في «مصنفه» رقم (9771): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبِيرَ قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلًا، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ، فَأَنَا فِي حلّ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْكَ أَوْ قُلْتُ شَيْئًا؟
فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ، فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكِ؛ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ. وَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَانْقَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا.
قَالَ: وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَعَدَ وَجَعَلَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ. قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ ابْنًا لَهُ يُشْبِهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُقَالُ لَهُ: قُثَمُ، فَاسْتَلْقَى فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: حِبِّي قُثَمْ، شَبِيهُ ذِي الْأَنْفِ الْأَشَمْ، نَبِيِّ رَبٍّ ذِي النِّعَمْ، بِرَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمْ.
(1)
وعنه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (12409)، وعبد بن حميد (1288)، ومن طريقه أبو يعلى (3479)، وابن حبان (4530) والنسائي في «الكبرى» (8592)، والبزار في «مسنده» (6916) وغيرهم.
قَالَ ثَابِتٌ: قَالَ أَنَسٌ: ثُمَّ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ: مَاذَا جِئْتَ بِهِ؟ وَمَاذَا تَقُومُ؟ فَمَا وَعَدَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ: اقْرَأْ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: فَلْيَخْلُ فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ لِآتِيَهُ؛ فَإِنَّ الْخَبَرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ غُلَامُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الدَّارِ قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْحَجَّاجُ فَأَعْتَقَهُ.
قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ تبارك وتعالى فِي أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ ابْنَةَ حُيَيٍّ، فَأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، وَخَيَّرَهَا بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَهُ، أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا، فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَهُ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ كَانَ لِي هَاهُنَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ فَأَذْهَبَ بِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ، وَأَخْفِ عَنِّي - ثَلَاثًا - ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ.
قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِيٍّ وَمَتَاعٍ، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ ثُمَّ انْشَمَرَ بِهِ،
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنْ قَدْ ذَهَبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَتْ: لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: أَجَلْ فَلَا يُخْزِينِي اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلَّا مَا أَحْبَبْنَا، فَتْحَ اللَّهُ تبارك وتعالى خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ، وَأَخْفِ عَنِّي - ثَلَاثًا - ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ.
وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَكِ حَاجَةٌ فِي زَوْجِكِ فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا. قَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ صَادِقٌ، وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ.
قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ: لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْرٌ يَا أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، قَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَنْهُ ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ، وَمَا لَهُ مِنْ شَيْءٍ هَاهُنَا، ثُمَّ يَذْهَبَ.
قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ تبارك وتعالى الْكَآبَةَ الَّتِي كَانَتْ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِمَّنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوُا الْعَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ، وَرَدَّ اللَّهُ تبارك وتعالى مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ حُزْنٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.
وتابع عبدَ الرزاق محمدُ بن ثور كما في «المعرفة والتاريخ» ، وابن المبارك كما في «معجم الصحابة» (1/ 196) لابن قانع.
والخلاصة: أن علة هذا الخبر ضعف مَعمر في ثابت، فقد ضَعَّفه ابن معين، وقال يحيى القطان: مَعمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام.
الثاني: قبل يوم بدر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3310): حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ- يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ-: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ، عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو الْيَسَرِ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، أَحَدُ بَنِي سلمة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَيْفَ أَسَرْتَهُ يَا أَبَا الْيَسَرِ؟» قَالَ: لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ وَلَا قَبْلُ، هَيْئَتُهُ كَذَا، هَيْئَتُهُ كَذَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ» .
وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: «يَا عَبَّاسُ، افْدِ نَفْسَكَ، وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ، وَحَلِيفَكَ عُتْبَةَ بْنَ جَحْدَمٍ» أَحَدَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. قَالَ: فَأَبَى، وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُونِي. قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ، إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقًّا فَاللَّهُ يَجْزِيكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا، فَافْدِ نَفْسَكَ» وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ مِنْهُ عِشْرِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْسُبْهَا لِي مِنْ فِدَايَ. قَالَ:«لَا، ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَاهُ اللَّهُ مِنْكَ» قَالَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ.
قَالَ: «فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ بِمَكَّةَ حَيْثُ
(1)
خَرَجْتَ، عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ، وَلَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ غَيْرُكُمَا، فَقُلْتَ:(إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، فَلِلْفَضْلِ كَذَا، وَلِقُثَمَ كَذَا، وَلِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا)؟» قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي وَغَيْرُهَا، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ.
وخالف يزيدَ الجماعةُ- ابن إدريس في وجه
(2)
كما عند الطبري وابن أبي حاتم، وجرير وعبد الأعلى ويونس بن بكير- عن ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح
(3)
عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ورواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ولم يَسمع منه.
(1)
حين.
(2)
وفي آخَر: ابن إدريس عن ابن إسحاق عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما، به.
(3)
وتابع ابنَ أبي نَجيح ابنُ جريج عن عطاء عن ابن عباس. وفي سنده سُنَيْد: الحسين بن داود المِصيصي (ت/ 226) ضعيف.
والثالث: ما أخرجه الحاكم في «مستدركه» رقم (5505) وعنه البيهقي (12976): حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَقَّ رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ:«إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَافْعَلُوا» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. وَرَدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهَا.
قَالَ: وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اللهُ أَعْلَمُ بِإِسْلَامِكَ، فَإِنْ يَكُنْ كَمَا تَقُولُ فَاللهُ يَجْزِيكَ، فَافْدِ نَفْسَكَ وَابْنَيْ أَخَوَيْكَ: نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَحَلِيفَكَ: عُتْبَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَحْدَمٍ، أَخَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ» فَقَالَ: مَا ذَاكَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي دَفَنْتَ أَنْتَ وَأُمُّ الْفَضْلِ، فَقُلْتَ لَهَا: (إِنْ أُصِبْتُ فَهَذَا الْمَالُ لِبَنِيَّ: الْفَضْلِ وَعَبْدِ اللهِ وَقُثَمَ)؟» فَقَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُهُ، إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا عَلِمَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ أُمِّ الْفَضْلِ، فَاحْسِبْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَصَبْتُمْ مِنِّي عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ مَالٍ كَانَ مَعِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفْعَلُ» .
فَفَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَيْ أَخَوَيْهِ وَحَلِيفَهُ، وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلِمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَأَعْطَانِي مَكَانَ الْعِشْرِينِ
الأُوقِيَّةِ فِي الإِسْلَامِ عِشْرِينَ عَبْدًا، كُلُّهُمْ فِي يَدِهِ مَالٌ يَضْرِبُ بِهِ، مَعَ مَا أَرْجُو مِنْ مَغْفِرَةِ اللهِ عز وجل.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
والخلاصة: أن علة هذا السند الكلام في رواية يونس بن بُكير في ابن إسحاق. وانتهى شيخنا مع الباحث سيد بن بدوي، بتاريخ ذي الحجة (1444 هـ) الموافق شهر يونيو عام (2023 م) إلى ضعفه.
فضائل علي رضي الله عنه
-
*
وردت في فضائله أخبار، منها:
1 -
قال الإمام أحمد في «فضائل الصحابة» رقم (1092): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: «أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا وَسَيِّدٌ فِي الْآخِرَةِ، مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَحَبِيبُكَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ، الْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ مِنْ بَعْدِي» .
وتابع أحمدَ بن عبد الجبار آخرون كما عند الحاكم في «مستدركه» رقم (4640): حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقِتْبَانِيُّ، وَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ، بِالسَّاقَةِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ الْحُلْوَانِيُّ، قَالُوا: ثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمُزَكِّي، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِهِ.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن عبد التواب، بتاريخ (24) صفر (1445 هـ) الموافق (9/ 9/ 2023 م) إلى صحة السند وغرابة المتن، ولمعناه شواهد، واستنكر العلماء هذا الخبر. اه.
تنبيه: حَكَم على الخبر بالبطلان كلٌّ مِنْ:
1 -
ابن مَعين كما في «موسوعته» (1/ 184).
2 -
ابن عَدي في «الكامل» (1123).
3 -
ابن الجوزي في «الموضوعات» (348).
4 -
أورده السيوطي في «اللالئ المصنوعة» (1/ 259).
5 -
ابن عراك في «تنزيه الشريعة» (1/ 398) وقال: وإن كان رواته ثقات، فهو منكر وليس ببعيد من الوضع.
6 -
وقال أبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» (2/ 813): في ترجمة أحمد بن الأزهر لم يأخذوا عليه إلا أنه روى حديثًا عن عبد الرزاق أنكروه عليه.
تنبيه: قال شيخنا الذهبي والجوزجاني: عندهما تحامل على أصحاب علي رضي الله عنه.
2 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3061): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَلْجٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ أتَاهُ تِسْعَةُ رَهْطٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِمَّا أَنْ تَقُومَ مَعَنَا وَإِمَّا أَنْ يُخْلُونَا هَؤُلَاءِ. قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلْ أَقُومُ مَعَكُمْ. قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَحِيحٌ قَبْلَ أَنْ يَعْمَى.
قَالَ: فَابْتَدَءُوا فَتَحَدَّثُوا، فَلَا نَدْرِي مَا قَالُوا. قَالَ: فَجَاءَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَيَقُولُ: أُفْ وَتُفْ، وَقَعُوا فِي رَجُلٍ لَهُ عَشْرٌ، وَقَعُوا فِي رَجُلٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا لَا يُخْزِيهِ اللَّهُ أَبَدًا، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» قَالَ: فَاسْتَشْرَفَ لَهَا مَنِ اسْتَشْرَفَ،
قَالَ: «أَيْنَ عَلِيٌّ؟» قَالُوا: هُوَ فِي الرَّحَى يَطْحَنُ. قَالَ: «وَمَا كَانَ أَحَدُكُمْ لِيَطْحَنَ» قَالَ: فَجَاءَ وَهُوَ أَرْمَدُ لَا يَكَادُ يُبْصِرُ. قَالَ: فَنَفَثَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ هَزَّ الرَّايَةَ ثَلَاثًا، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ، فَجَاءَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ.
قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ فُلَانًا بِسُورَةِ التَّوْبَةِ، فَبَعَثَ عَلِيًّا خَلْفَهُ فَأَخَذَهَا مِنْهُ، قَالَ:«لَا يَذْهَبُ بِهَا إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» .
قَالَ: وَقَالَ لِبَنِي عَمِّهِ: «أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟» قَالَ: وَعَلِيٌّ مَعَهُ جَالِسٌ، فَأَبَوْا، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ: «أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» قَالَ: فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ:«أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟» فَأَبَوْا. قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَقَالَ: «أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .
قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خَدِيجَةَ.
قَالَ: وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، فَقَالَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33].
قَالَ: وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ، لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ. قَالَ: وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ نَائِمٌ. قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ يَحْسَبُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ. قَالَ: فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونٍ فَأَدْرِكْهُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ. قَالَ:
وَجَعَلَ عَلِيٌّ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ يُرْمَى نَبِيُّ اللَّهِ، وَهُوَ يَتَضَوَّرُ
(1)
، قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فِي الثَّوْبِ، لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ فَقَالُوا: إِنَّكَ لَلَئِيمٌ، كَانَ صَاحِبُكَ نَرْمِيهِ فَلا يَتَضَوَّرُ، وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ، وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ.
قَالَ: وَخَرَجَ بِالنَّاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَخْرُجُ مَعَكَ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ: «لَا» فَبَكَى عَلِيٌّ، فَقَالَ لَهُ:«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ؟ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَّا وَأَنْتَ خَلِيفَتِي» قَالَ: وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَلِيِّي فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي» . وَقَالَ: وسَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ جُنُبًا، وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ. قَالَ: وَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ مَوْلَاهُ عَلِيٌّ» .
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ، عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، هَلْ حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَخِطَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ؟ قَالَ: وَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ حِينَ قَالَ: ائْذَنْ لِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ: «وَكُنْتَ فَاعِلًا؟ وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ» .
وله شاهد آخَر من حديث عمران بن حُصين، أخرجه الإمام أحمد رقم (19928): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَفَّانُ الْمَعْنَى، وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ الرِّشْكُ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي
(1)
قوله: (وَهُوَ يَتَضَوَّرُ) أي: يتلوى، ويصيح وينقلب ظهر البطن، وقيل:(يَتَضَوَّرُ) يظهر الضور بمعنى الضرر. كما في «حاشية السندي على مسند أحمد» (4/ 177).
طَالِبٍ، فَأَحْدَثَ شَيْئًا فِي سَفَرِهِ فَتَعَاهَدَ. قَالَ عَفَّانُ: فَتَعَاقَدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَذْكُرُوا أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ عِمْرَانُ: وَكُنَّا إِذَا قَدِمْنَا مِنْ سَفَرٍ بَدَأْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ. قَالَ: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيًّا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيًّا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الثَّالِثُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيًّا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الرَّابِعُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيًّا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّابِعِ وَقَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَقَالَ:«دَعُوا عَلِيًّا، دَعُوا عَلِيًّا، دَعُوا عَلِيًّا، إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي» .
قال الإمام أحمد في ترجمة جعفر: إنما كان يتشيع، وكان يُحدِّث بأحاديث في فضل علي وأهل البصرة، يَغْلُون في علي رضي الله عنه.
وللخبر شاهد آخَر من حديث ابن بريدة رضي الله عنه، أخرجه أحمد (23012)، والنسائي في «الكبرى» (862) وغيرهما والسياق لأحمد، من طرق عن أجلح عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه، هكذا: قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ، عَلَى أَحَدِهِمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلَى الْآخَرِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَقَالَ:«إِذَا الْتَقَيْتُمْ فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ، وَإِنْ افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى جُنْدِهِ» قَالَ: فَلَقِينَا بَنِي زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَاقْتَتَلْنَا، فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَتَلْنَا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَيْنَا الذُّرِّيَّةَ، فَاصْطَفَى عَلِيٌّ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ لِنَفْسِهِ.
قَالَ بُرَيْدَةُ: فَكَتَبَ مَعِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعْتُ الْكِتَابَ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ، بَعَثْتَنِي مَعَ رَجُلٍ، وَأَمَرْتَنِي أَنْ أُطِيعَهُ فَفَعَلْتُ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَقَعْ فِي عَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي، وَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي» .
قال ابن كثير معقبًا على وجه الشاهد: وهذه لفظة منكرة، والأجلح شيعي، ومِثله لا يُقبَل إذا انفرد بمثلها، وقد تابعه مَنْ هو أضعف منه.
وقال ابن تيمية: هذا كذب على رسول الله
(1)
.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن عبد التواب، بتاريخ (17) صفر (1445 هـ) الموافق (2/ 9/ 2023 م): القواعد تقتضي تحسين الخبر أو تصحيحه بمجموع طرقه، لولا ما في الرواة من تشيع، فالله أعلم، ثم هم لا يتحملون هذا المتن الموافق لمذهبهم. اه.
3 -
أخرج الإمام أحمد في «مسنده» رقم (1363): حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ غُفِرَ لَكَ عَلَى أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَكَ؟ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .
وتابع إسرائيلَ الثوريُّ من رواية قَبيصة عنه، أخرجه الدارقطني في «علله» (2/ 3) لكن دون ذكر «مغفور لك» .
ورواية إسرائيل عن جَده لها منزلة رفيعة عند ابن مهدي، حيث قال:
(1)
وكَتَب شيخنا: الأجلح فيه مقال ولا يَتحمل مثل هذا المتن.
إسرائيل في أبي إسحاق أثبتُ من شعبة والثوري.
وسُئل أحمد كما في رواية أبي طالب
(1)
: أيهما أثبت، شريك أو إسرائيل؟ قال: إسرائيل كان يؤدي ما سمع، كان أثبت من شريك. قلت: مَنْ أحب إليك يونس أو إسرائيل في أبي إسحاق؟ قال: إسرائيل، لأنه كان صاحب كتاب.
وقال عيسى بن يونس: كان أصحابنا: سفيان وشريك وعَدَّ قومًا إذا اختلفوا في حديث أبي إسحاق يجيئون إلى أبي، فيقول: اذهبوا إلى ابني إسرائيل، فهو أروى عنه مني، وأتقن لها مني. وهو كان قائد جَده.
وخالفهما ثلاثة:
1 -
علي بن صالح بن حي، كما عند أحمد (712) وغيره.
2 -
والد إبراهيم بن يوسف كما عند النسائي في «الكبرى» (8555).
3 -
نُصَيْر الْقُرَادِيّ كما في «الشريعة» (1516) للآجري.
فقالوا: عن أبي إسحاق عن عمرو بن مُرة عن عبد الله بن سلمة عن علي رضي الله عنه.
ورجحه الدارقطني وقال عن روايتَي إسرائيل والثوري: ليست بمدفوعة.
وإليك نص كلامه: وأشبهها بالصواب قول مَنْ قال: عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مُرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي. ولا يدفع قول إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي ليلى، عن علي.
(1)
وفي رواية عبد الله: إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لِين، سَمِع منه بأخرة.
والخلاصة: أن دعاء الكرب محفوظ من وجه آخَر بمتن مقارب
(1)
.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن عبد التواب، بتاريخ (21) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (10/ 6/ 2023 م) إلى ترجيح رواية الثلاثة عن أبي إسحاق، بإثبات عبد الله بن سلمة المرادي، فكَتَب: في سنده عبد الله بن سلمة المرادي، وفيه مقال.
4 -
أَخْرَج الإمام أحمد في «مسنده» رقم (23012): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَجْلَحُ الكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثَيْنِ إِلَى اليَمَنِ، عَلَى أَحَدِهِمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلَى الْآخَرِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَقَالَ:«إِذَا الْتَقَيْتُمْ فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ، وَإِنِ افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى جُنْدِهِ» .
قَالَ: فَلَقِينَا بَنِي زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَاقْتَتَلْنَا فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَتَلْنَا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَيْنَا الذُّرِّيَّةَ، فَاصْطَفَى عَلِيٌّ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ لِنَفْسِهِ.
قَالَ بُرَيْدَةُ: فَكَتَبَ مَعِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعْتُ الكِتَابَ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ
(1)
في البخاري رقم (6346) ومسلم رقم (2730): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ، يَقُولُ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمُ» .
ولفظ مسلم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» .
صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مَكَانُ العَائِذِ، بَعَثْتَنِي مَعَ رَجُلٍ وَأَمَرْتَنِي أَنْ أُطِيعَهُ، فَفَعَلْتُ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَقَعْ فِي عَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي، وَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي» .
خالف أجلحَ الكِندي ثلاثة فلم يَذكروها:
1 -
علي بن سُويد، أخرجه البخاري (4350).
2 -
سعد بن عُبيدة، أخرجه أحمد (22961).
3 -
عبد الجليل بن عطية، أخرجه أحمد (22).
وتابعهم على عدم ذكرها اثنان:
1 -
ابن عباس عن بُريدة، أخرجه أحمد (12945).
2 -
طاوس، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (346).
الخلاصة: انتهى شيخنا إلى شذوذها مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (27) شعبان (1444 هـ) الموافق (19/ 3/ 2023 م).
تنبيه:
قال ابن كَثِير في «البداية والنهاية» (7/ 380): هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُنْكَرَةٌ، وَالْأَجْلَحُ شِيَعِيٌّ، وَمِثْلُهُ لَا يُقْبَلُ إِذَا تَفَرَّدَ بِمِثْلِهَا، وَقَدْ تَابَعَهُ فِيهَا مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا رِوَايَةُ أَحْمَدَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ وَلَيُّهُ» .
5 -
أخرج النسائي في «سننه الكبرى» (8552): أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بنِ يَرِيمَ قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا الحَسَنُ بنُ عَليٍّ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ فِيكُمْ بِالأَمْسِ رَجُلٌ، مَا سَبَقَهُ الأَوَّلُونَ وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يُقَاتِلُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ لَا تُرَدُّ- يَعْنِي رَايَتُهُ- حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، مَا تَرَكَ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِلاَّ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا مِنْ عَطَائِهِ، كَانَ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا خَادِمًا لِأَهْلِهِ» .
وتابع يونسَ ابنُ أبي خالد كما عند ابن حبان (354)، وشريك كما عند أحمد (1719)، ويزيد بن عطاء كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (2717)، وعمرو بن ثابت وهو متروك، كما عند البزار في «مسنده» (1339).
خالفهم إسرائيل بإبدال هُبيرة بعمرو بن حُبْشي - وهو مقبول- كما عند أحمد (1720).
والخلاصة: أنه سند حسن للاختلاف في هبيرة، والمتن فيه نكارة
(1)
.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن عبد التواب، بتاريخ (14) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (3/ 6/ 2023 م): المتن به غرابة ونكارة، ولا يَتحمل هبيرة مثل هذا المتن. ويراجع حديث:«مع أحدكما جبريل»
(2)
. اه.
(1)
قال أحمد: هُبَيْرَة بن يَرِيم رَوَى أحاديث مناكير. وقال ابن كثير: غريب جدًّا وفيه نكارة.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (31954): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قِيلَ لِي وَلِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ، أَوْ يَقِفُ فِي الصَّفِّ.
وتابع عبدَ الرحيم جمعٌ، منهم أبو نُعيم، أخرجه أحمد (1257).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن عبد التواب، بتاريخ (21) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (10/ 6/ 2023 م): حَسِّنه ما دام الإسناد حسنًا، وما لم تكن هناك علة.
6 -
أخرج الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (3732): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِسَدِّ الأَبْوَابِ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ».
وتابع شعبةَ أبو عَوَانة، أخرجه أحمد (3052).
وقال أبو نُعيم: لم يروه عن عمرو إلا أبو بَلْج فقط. وانظر «الموضوعات» (1/ 364) لابن الجوزي.
والخلاصة: انتهى شيخنا إلى ضعفه، مع الباحث محمد بن عبد التواب، وأن باب علي رضي الله عنه له بعض الطرق
(1)
.
وعلى فرض ثبوته فله توجيه:
1 -
التفرقة بين الباب وخَوخة أبي بكر، فالخوخة متفق عليها
(2)
.
(1)
ويُنظَر أيضًا في مُحاجَّة ابن عمر للخارجي.
(2)
في البخاري رقم (3691) ومسلم (2382) واللفظ له:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ:«عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى، فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» .
تنبيه: وفي رواية: «إلا باب أبي بكر» خ (466) وفي سنده فُلَيْح بن سليمان.
وورد معلقًا من حديث ابن عباس: (إلا باب أبي بكر).
وقال ابن حجر: وَصَله المُصنِّف في الصلاة بلفظ: «سُدوا عني كل خوخة» فكأنه ذَكَره بالمعنى.
3 -
أو غَلْق الأبواب سوى باب آل البيت.
7 -
قال النسائي في «السنن الكبير» رقم (9307) - أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، يَعْنِي العَنقَزِيَّ، قَالَ: أَخبَرنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسحَاقَ، عَنْ عَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبو بَكْرٍ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، وَهِيَ تَقُولُ: "وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَليًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبي، فَأَهْوَى إِلَيْهَا أَبو بَكْرٍ لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ: يَا ابنَةَ فُلانَةَ، أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمْسَكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ أَبو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا عَائِشَةُ كَيْفَ رَأَيْتِ أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ» ؟ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدِ اصْطَلَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَائِشَةُ، فَقَالَ: أَدْخِلانِي فِي السِّلْمِ كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي الحَرْبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ فَعَلْنَا.
ورواه إسرائيل ولم يذكر: (وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَليًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبي، فَأَهْوَى إِلَيْهَا أَبو بَكْرٍ لِيَلْطِمَهَا
…
).
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد التواب بتاريخ (13) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (28/ 10/ 2023 م): إسناده حسن.
تبشير زيد بن حارثة رضي الله عنه بالجنة
قال ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1/ 198) رقم (256): حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ يَا جَارِيَةُ؟ قَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رضي الله عنه» فَبَشَّرَهُ بِهَا حِينَ أَصْبَحَ.
وتابع عليَّ بن الحسين بن واقد زيدُ بن الحباب، أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (4500، 8147).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن رمضان بن شرموخ عام (1444 هـ) الموافق (2023 م): حسين بن واقد يأتي بمفاريد لا يُتابَع عليها.
اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه
-
أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» (2466): حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» .
وتابع عبدَ الله بن إدريس: أبو معاوية وأبو عبيدة بن معن والثوري.
وخالف هؤلاء عن الأعمش أبو عَوانة فلم يَذكر (الرحمن) كما أخرجه البخاري (3803): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ، خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» .
وَعَنِ الأَعْمَشِ
(1)
: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: فَإِنَّ البَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ. فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» .
ورواه أبو عَوانة عن الأعمش عن أبي صالح كما سبق.
(1)
ورواية الأعمش موصولة بالإسناد السابق كما ذَكَر الحافظ في «فتح الباري» .
وتابعه أبو عُبيدة بن معن
(1)
كما عند ابن حبان (7031).
ورواه أبو الزبير عن جابر بلفظ (عرش الرحمن) أخرجه مسلم، رقم (2466): حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَجَنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمُ اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ» .
وتابع أبا الزبير على لفظ (عرش الرحمن) أبو سلمة بن عبد الرحمن، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (6/ 11).
ورواه معاذ بن رفاعة بن رافع عن جابر بالوجهين، أخرجه النسائي (8167) والطبراني (6/ 11).
وله شاهد عند مسلم من حديث أنس، أخرجه مسلم (2467) وفيه (عرش الرحمن).
وسبق في «سلسلة الفوائد» (9/ 213) حديث أبي سعيد: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» .
والخلاصة: أن الخبر متفق عليه بذكر (عرش الرحمن) ولم يقف الباحث على مضعف لها.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (26) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (11/ 10/ 2023 م) إلى أن الحديث يَحتاج إلى مزيد
(1)
وسبق له وجه عن الأعمش عن أبي سفيان.
بحث، وطريق أنس فيها عبد الوهاب الخَفَّاف، مُتكلَّم فيه.
ورواية أبي سفيان عن جابر أخرجها البخاري مقرونة برواية أبي صالح، وهي عند مسلم صحيفة.
ورواية عبد الرزاق عن ابن جُريج عن أبي الزبير يُخشَى من تدليس ابن جريج، لكن رواية مسلم قال:(أخبرني).
فضائل أبي ذر رضي الله عنه في منقبة الصدق
وردت فيها أخبار تحسن لشواهدها منها:
1 -
ما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (27493) - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ
(1)
، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» .
تابع بلال بن أبي الدرداء عبد الرحمن بن غنم أخرجه أحمد (21724) وفي سنده شهر بن حوشب ضعيف.
وخالفهما أبو الجعد وقيل سالم بن أبي الجعد فأوقفه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (35833) - أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ
(2)
سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى أَبِي ذَرٍّ رَسُولًا، قَالَ: فَجَاءَ الرَّسُولُ فَقَالَ لِأَبِي ذَرٍّ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، يَقُولُ لَكَ: اتَّقِ اللَّهَ وَحَقَّ النَّاسِ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: «مَالِي وَلِلنَّاسِ، وَقَدْ تَرَكْتُ لَهُمْ بَيْضَاءَهُمْ وَصَفْرَاءَهُمْ» ، ثُمَّ قَالَ
(1)
تابعهما جماعة-فهد بن عوف وسليمان بن حرب وسعيد بن سليمان وأبو نصر التمار.
(2)
هل (عن) تصحفت إلى (ابن).
لِلرَّسُولِ: «انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ» ، قَالَ: فَانْطَلَقَ مَعَهُ، قَالَ: " فَلَمَّا دَخَلَ بَيْتَهُ إِذَا طُعَيْمٌ فِي عَبَاءَةٍ لَيْسَ بِالْكَثِيرِ، وَقَدِ انْتَشَرَ بَعْضُهُ، قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو ذَرٍّ يَكْنِسُهُ وَيُعِيدُهُ فِي الْعَبَاءَةِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مِنْ فِقْهِ الْمَرْءِ رِفْقَهُ فِي مَعِيشَتِهِ» ، قَالَ: ثُمَّ جِيءَ بِطُعَيْمٍ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «كُلْ» ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ لِمَا يَرَى مِنْ قِلَّتِهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: «ضَعْ يَدَكَ، فَوَاللَّهِ لَأَنَا بِكَثْرَتِهِ أَخْوَفُ مِنِّي بِقِلَّتِهِ» ، قَالَ: فَطَعِمَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:«مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْكَ يَا أَبَا ذَرٍّ» .
والطرق الثلاثة فيها ضعف فالأول فيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف.
والطريق الثانية فيها شهر بن حوشب ضعيف.
والطريق الثالثة أبو معاوية في غير الأعمش متكلم فيه.
2 -
ما أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (3801) - حَدثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، هُوَ أَبُو اليَقْظَانِ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ، أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» .
تابع محمود بن غيلان جماعة -علي بن محمد وابن أبي شيبة، وتميم بن المنتصر، ومحمد بن عبد الله بن نمير، والحسن بن علي-.
وتابع ابن نمير أبو عوانة أخرجه أحمد (6630) والدولابي في «الكنى» (811).
وتابعهما المسعودي كما في «تهذيب الآثار» (259)
(1)
.
خالفهم شريك فقال عن الأعمش عن أبي وائل عن حلام بن جزل
(2)
عن علي رضي الله عنه أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (532) وغيره.
وروايتهم أصح.
وحسن الخبر الترمذي لكن فيه أبو اليقظان عثمان بن عمير منكر الحديث قاله البخاري وضعفه أبو زرعة وتركه الدارقطني وذكر ابن عدي هذا الخبر في ترجمته وقال: أبو اليقظان رديء المذهب غال في التشيع يؤمن بالرجعة على أن الثقات قد رووا عنه وله غير ما ذكرت ويكتب حديثه على ضعفه.
3 -
ما أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (3802) - حَدَّثَنَا العَبَّاسُ العَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ وَلَا أَوْفَى مِنْ أَبِي ذَرٍّ شِبْهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ» ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ كَالحَاسِدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَتَعْرِفُ ذَلِكَ لَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ فَاعْرِفُوهُ.
(1)
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (9/ 23): وروى وكيع عَنِ الأعمش عَنْ أَبِي اليقظان عَنْ عَبْد اللَّه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسل، وقَالَ بعضهم حرب بن أبي حرب ولم يصح. أفاده أحمد بن سالم العقيلي.
(2)
مجهول.
تابع العباس العنبري سليمان بن معبد أخرجه ابن حبان (7135)، وعبد الله بن الرومي أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5148) وقال: لم يرو هذا الحديث عن عكرمة إلا النضر بن محمد.
وسنده فيه ضعف؛ لأن مرثد والد مالك مقبول قاله ابن حجر، وأبو زميل: قال فيه أبو حاتم: صدوق. وعكرمة بن عمار مختلف فيه وقال النسائي: ليس به بأس إلا في حديثه عن يحيى بن أبي كثير. وذكر ابن عدي هذا الخبر في ترجمته.
4 -
أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (34442) - حَدَّثنا يَزِيدُ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى تَوَاضُعِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ.
تابع يزيد وهو ابن هارون سليمان بن داود كما في «تاريخ أصبهان» (2/ 157).
وسئل الإمام أحمد عن هذا الحديث، فقال: اضرب على حديث أبي ذر
(1)
.
وتابع الأعرج الأحنف بن قيس وعنه عمر بن صبيح
(2)
أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1138) وقال: حديث عمر ليس بالقائم وليس بالمعروف بالنقل ولا يبين سماعه منه.
5 -
ما أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» رقم (2192) - نا عِيسَى، نا يَحْيَى، عَنْ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي صِدِّيقٍ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْحَمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وِعَاءٌ مِنَ الْعِلْمِ، وَسَلْمَانُ عَلِمَ عِلْمًا لَا يُدْرَكُ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَلَالِ اللَّهِ وَبِحَرَامِهِ، وَمَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقُ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» .
تابع يحيى يعقوب بن إبراهيم أخرجه الآجري في «الشريعة» (1166)، وتابعهما أحمد بن يونس أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (2/ 158):«مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْبَطْحَاءُ، أَوْ قَالَ: الْغَبْرَاءُ، مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَا يُتَابَعُ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَالْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ الْوَهْمُ، وَالْكَلَامُ عَنْهُ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ، بِأَسَانِيدَ ثَابِتَةٍ جِيَادٍ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد بن عبد الباسط الفيومي بتاريخ (21) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (5/ 12/ 2023 م): أن أقل أحواله يحسن لشواهده.
هل ثَبَت أن معاوية رضي الله عنه كان كاتبًا؟
وردت في ذلك أخبار يُقوِّي بعضها بعضًا، «أن معاوية رضي الله عنه كان كاتبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم» ، لكن هل عموم الكتابة يشمل كتابة الوحي والرسائل؟
فمِن حيث الإسناد ما زلنا في البحث عن كتابة الوحي، وإن قال بها كثير من العلماء كما سيأتي، خلافًا لبعض الرافضة.
وإليك البيان:
الحديث الأول: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2651): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا أَسْعَى مَعَ الصِّبْيَانِ. قَالَ: فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفِي مُقْبِلًا، فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا إِلَيَّ. قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَارٍ. قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي. قَالَ: فَأَخَذَ بِقَفَايَ، فَحَطَأَنِي حَطْأَةً
(2)
، قَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ
(1)
وأخرجه الطيالسي (2860) بعطف هشام الدَّسْتُوائِيّ على أبي عَوَانة، وفيه الشاهد.
(2)
معناه كما في «مطالع الأنوار على صحاح الآثار» (2/ 276): ضَرَب مؤخر رأسه بباطن كفه. وقيل: هو الصفع في القفا. وقيل: فوق الرأس. والأول أكثر. وقيل: هو الضرب بين الكتفين. وقال ابن الأعرابي: (حَطَاني حَطْوَة) بغير همز، أي: دفعني دفعة، وأصل الحطو: التحريك للشيء.
لِي مُعَاوِيَةَ» وَكَانَ كَاتِبَهُ. قَالَ: فَسَعَيْتُ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ.
وتابع عفانَ على لفظ: (وكان كاتبه) جماعةٌ: بكر بن عيسى الراسبي، كما عند أحمد (3104)، وعبد الرحمن بن المبارك، كما في «أمالي ابن بشران» (18)، وفهد بن عوف، كما في «الضعفاء» (1450) للعُقيلي، وموسى بن إسماعيل، كما في «الشريعة» (1927) للآجُرِّي.
وتَابَع أبا عَوَانة على لفظ: (وكان كاتبه):
1 -
سُويد بن سعيد، كما في «مشيخة ابن حيويه» (6) وسُويد ضعيف.
2 -
الثوري في وجه عنه-وهو رواية قَبِيصة بن عقبة
(1)
- كما في «مشيخة ابن حيويه» (7).
3 -
وتابعهم شُعبة في وجه عنه، وهو طريق علي بن الحسين الدرهمي
(2)
، أخرجه القاسم بن موسى الأشيب في «جزئه» (18).
والأصح عن شُعبة عن أبي حمزة بدونها، كما عند مسلم وغيره.
وتابعه على عدم ذكرها هُشَيْم بن بَشِير، كما عند أبي عَوَانة في «مستخرجه» .
(1)
وخالفه محمد بن بشير فلم يَذكرها. وفي سنده أبو الحَجَّاج، مجهول.
(2)
وخالفه محمد بن بشار ومحمد بن المُثنَّى، كما عند مسلم في «صحيحه» (2604) فلم يَذكراها.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، إلى ثلاثة أشياء:
1 -
روايات لم تَذكُرها.
2 -
أبو حمزة ليس من أصحاب ابن عباس المشاهير، وليس له إلا هذا الحديث مرفوعًا عن ابن عباس، قاله النووي في «شرحه» وقال العُقيلي: لا يُتابَع على حديثه، ولا يُعرَف إلا به. وترجمته مُختلَف فيه.
3 -
(وكان كاتبه) الظاهر أنها مُدرَجة، لكن لا ندري مَنْ أدرجها.
الحديث الثاني: ما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2501): حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ العَنْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ المَعْقِرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ- وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ اليَمَامِيُّ- حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا نَبِيَّ اللهِ، ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ. قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ، أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، أُزَوِّجُكَهَا. قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ، تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ. قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ:«نَعَمْ» .
تابع عكرمةَ إسماعيلُ بن مِرْسَال، وهو مجهول، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (12886).
الخلاصة: طَعَن علماء السِّيَر في بعض فقرات هذا الحديث:
1 -
طلبُ أبي سفيان ولايته في تزويج أُم حبيبة. وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بالحبشة.
2 -
اتَّهَم ابنُ حزم عكرمة بوضع هذا الحديث.
3 -
(تُؤمِّرني) فقالوا: لم يُعْلَم لأبي سفيان إمارة في حياته صلى الله عليه وسلم.
ولبعض العلماء تأويلات وتوجيهات لما سبق، واستفاض فيها ابن القيم، وابن كثير في «البداية والنهاية» .
وانتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح إلى أن مَنْ ضَعَّف الفقرتين من الممكن أن يُضعِّف الخبر كله.
وقال بتاريخ (28) شعبان (1444 هـ) الموافق (20/ 3/ 2023 م): الذي يصح بالمجموع أنه كاتب. أما كاتب للوحي فهذه نبحث لها عن سند. اه.
تنبيه: وإذ لم يقف الباحث على سند صحيح بأن معاوية رضي الله عنه كان كاتبًا للوحي، فإن أكثر أهل العلم على أنه كان كاتبًا للوحي، من ذلك:
1 -
جواب الإمام أحمد على مَنْ قال: (إنه ليس كاتبًا للوحي) فقال كما في «السُّنة» (2/ 434) للخَلَّال: هذا قول سوء رديء، يُجانَبون هؤلاء القوم ولا يُجالَسون، ونُبيِّن أمرهم للناس.
2 -
وذَكَر الآجُرِّيّ (ت: 360 هـ) في «الشريعة» (5/ 2431) وهو يَذكر فضائل معاوية، قال: معاوية رحمه الله كاتب رسول الله على وحي الله عز وجل، وهو القرآن، بأمر الله عز وجل.
3 -
قال ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (ص 271): وتترحم على أبي عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان، أخي أُم حبيبة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خال المؤمنين أجمعين، وكاتب الوحي.
4 -
قال ابن عساكر في ترجمة معاوية رضي الله عنه، من «تاريخه» (59/ 55): خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين.
5 -
قال ابن قُدامة في «لُمعة الاعتقاد» (ص/ 40): ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله.
6 -
وذَكَر ابن تيمية في رَدِّه على الرافضي في «منهاج السُّنة» (4/ 427): ولم يَكتب له كلمة واحدة من الوحي. فهذا قول بلا حُجة ولا علم، فما الدليل على أنه لم يَكتب له كلمة واحدة من الوحي، وإنما كان يَكتب له رسائل؟
ولم يقف الباحث على أحد من أهل السُّنة
(1)
نفى أن معاوية رضي الله عنه كَتَب الوحي.
7 -
قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (11/ 397): وصَحِب معاويةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكَتَب الوحي بين يديه مع الكُتَّاب.
وانظر: «الأباطيل والمناكير» (1/ 356)، و «شذرات الذهب» (1/ 59) لابن العماد، وانظر جواب الشُّراح على تبويب البخاري رحمه الله، في «كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم» (باب ذكر معاوية رضي الله عنه.
(1)
أضاف هذا القيد لأن بعض الروافض يقولون: إنه ليس كاتبًا للوحي.
سَعة مُلْك معاوية رضي الله عنه
وكثرة عطائه ونواله
قال أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (2194): أخبرنا عبد الله
(1)
قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا نوح بن يزيد قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما رأيتُ أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أسود من معاوية. قالوا: ولا أبو بكر؟ قال: أبو بكر خير منه، وكان هو أسود منه. قال: فقيل له: ولا عمر؟ فقال: عمر والله كان خيرًا منه، وكان هو أسود منه. قال: فقيل له: ولا عثمان؟ قال: رحمة الله على عثمان إن كان لسيدًا، وهو كان أسود منه.
وتابع أحمدَ بن إبراهيم الدوريُّ كما في «السُّنة» بعد رقم (678) لأبي بكر الخَلَّال. وتابعهما محمد بن المُثَنَّى صاحب بِشر الحافي كما في المصدر السابق.
ورواية ابن إسحاق عن نافع فيها بعض المقال.
وتابع نافعًا اثنان:
1 -
جبلة بن سحيم، وعنه العوام بن حوشب، وعنه اثنان:
(1)
هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، أبو القاسم البغوي.
أحدهما: هشيم بن بشير، أخرجه أبو القاسم البغوي «معجمه» (2194) والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (544) والخَلَّال في «السُّنة» (680).
والثاني: أبو سفيان الحِمْيَري، كما عند أبي القاسم البغوي (2193).
وطَلَب شيخنا من الباحث: هل من شيوخ هشيم أبو سفيان الحميري، فيكون هشيم دلسه لأنه عنعن هنا؟
2 -
المُطلِب بن عبد الله بن حنطب، وفي السند إليه عبد الله بن يزيد البكري، ضَعَّفه أبو حاتم، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (13432) و «الأوسط» (6759).
الخلاصة: هذا الأثر يصح بمجموع طرقه، ولفظة السيادة محمولة على السخاء والعطاء كما فسره الإمام أحمد في «السُّنة» (2/ 441) للخَلَّال.
أما شيخنا فطلب مزيدًا من البحث كما سبق في رواية هشيم، هل دلس في طريقه أو لا؟
وقال ابن عَدي في «الكامل» (9/ 43): قال الدورقي: قال لي يحيى بن مَعين: اختلفتُ إلى نوح في هذا الحديث ثلاثين مرة، فما حدثني به تحملتُ عليه.
فهل يُفهَم من هذا الكتمان ضعف طريق نافع فقط؟
فإن قلنا: نعم، فالطرق الأخرى تقويه، وابن إسحاق مشهور في السير، وهو اجتهاد لابن عمر رضي الله عنهما.
مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَانَ أَخْلَقَ لِلْمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ
رضي الله عنه
قال عبد الرزاق في «مصنفه» (20985): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَانَ أَخْلَقَ لِلْمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، كَانَ النَّاسُ يَرِدُونَ بَيْتَهُ عَلَى أَرْجَاءِ وَادٍ لَيْسَ بِالضَّيِّقِ الْحَصِرِ الْعَصْعَصِ المُتَعَصِّبِ. يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ.
وتابع عبدَ الرزاق ابنُ المبارك كما في «الطبقات» (46) و «السُّنة» لأبي بكر الخَلَّال (2/ 440).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (16) رجب (1444 هـ) الموافق (7/ 2/ 2023 م) إلى صحته.
قصة جليبيب رضي الله عنه
-
أخرجها مطولة بقصتي زواجه واستشهاده الإمام أحمد في «مسنده» رقم (19784) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ امْرَأً يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ، يَمُرُّ بِهِنَّ وَيُلَاعِبُهُنَّ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ جُلَيْبِيبٌ؛ فَإِنَّهُ إِنْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ، لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ. قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا حَاجَةٌ؟ أَمْ لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: «زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ» . فَقَالَ: نِعِمَّ وَكَرَامَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنُعْمَ عَيْنِي. قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي» . قَالَ: فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِجُلَيْبِيبٍ» . قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُشَاوِرُ أُمَّهَا فَأَتَى أُمَّهَا فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ. فَقَالَتْ: نِعِمَّ. وَنُعْمَةُ عَيْنِي. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ. فَقَالَتْ: أَجُلَيْبِيبٌ إنية
(1)
؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنية؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنية؟ لَا. لَعَمْرُ اللَّهِ لَا نُزَوَّجُهُ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا: قَالَتِ الْجَارِيَةُ: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا فَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟ ادْفَعُونِي؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْنِي. فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: شَأْنَكَ بِهَا فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ لَهُ. قَالَ: فَلَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ
(1)
كلمة ذم واعتراض.
لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَفْقِدُ فُلَانًا وَنَفْقِدُ فُلَانًا. قَالَ: «انْظُرُوا هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا» . قَالَ: «فَاطْلُبُوهُ فِي الْقَتْلَى» . قَالَ: فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَا هُوَ ذَا إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ:«قَتَلَ سَبْعَةً وَقَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ. هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَاعِدَيْهِ وَحُفِرَ لَهُ مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ غَسَّلَهُ. قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا.
وَحَدَّثَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثَابِتًا قَالَ
(1)
: هَلْ تَعْلَمْ مَا دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا» . قَالَ فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا.
وتابع عفانَ عارمُ بن الفضل أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (6674).
وتابعهما إبراهيم بن حجاج كما في «الآحاد والمثاني» (2361).
وهذا الإسناد صحيح مرفوعًا بقصتي زواج جليبيب رضي الله عنه واستشهاده أما الدعاء «اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا» فمرسل.
أما قوله: «قَالَ فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا» فربما ثابت أدرك زوجة جليبيب رضي الله عنهما.
(1)
إن الضمير في (قال) عائد على أنس رضي الله عنه فموصول وإلا فمرسل.
ورواه آخرون عن حماد بن سلمة مقتصرين على قصة استشهاده وهم:
1 -
إسحاق بن عمر بن سليط أخرجه مسلم (6441).
2 -
سليمان بن داود أخرجه أحمد (20016).
3 -
الطيالسي في «مسنده» (966).
4 -
هشام بن عبد الملك أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (8189)
(1)
.
خالف حماد بن سلمة في السند معمر بن راشد فقال عن ثابت عن أنس رضي الله عنه نحوه مطولاً أخرجه أحمد في «مسنده» (12420) وعبد بن حميد في «المنتخب» (1243) كلهم عن عبد الرزاق
(2)
عن معمر.
ورواية معمر عن ثابت فيها كلام
(3)
وعليه فتقدم رواية حماد وهو أثبت الناس في ثابت.
(1)
وخالفهم مؤمل القرشي فقال عن حماد عن ثابت عن أنس فسلك الجادة ذكره الدرقطني في «العلل» (2383) وقال: والصحيح عن حماد عن ثابت عن كنانة عن أبي برزة رضي الله عنه.
(2)
وهو في «مصنفه» (10333)
(3)
ضعف حديث معمر في ثابت ابن المديني وابن معين وقال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 804):
ومما أنكر عليه أنه حدث عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث قصة جليبيب، وأخطأ في إسناده، إنما رواه ثابت، عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا رواه حماد بن سلمة عن ثابت.
وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» رقم (3343) - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ
(1)
، حَدَّثنا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ
(2)
، حَدَّثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالَ لَهُ: جُلَيْبِيبُ، فِي وَجْهِهِ دَمَامَةٌ فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّزْوِيجَ فَقَالَ: إِذًا تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ: غَيْرَ أَنَّكَ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ
(3)
.
وديلم بن غزوان سلك الجادة وهو متكلم فيه وأورده ابن عدي في «الكامل» من رواية إِبْرَاهِيم بْن عَرْعَرَةَ عنه وقال: ولَا أَحْسَبُهُ حَفِظَهُ.
وفي «معرفة الصحابة» (2/ 637): رواه ديلم بن غزوان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه وهو وهم.
والخلاصة: أن ثلاثة رووا الخبر عن ثابت:
1 -
معمر وهو متكلم في روايته عن ثابت
(4)
.
(1)
وتابعه القَوَارِيرِيُّ عند أبي يعلى كذلك (3344).
(2)
وثقه ابن معين في رواية الدارمي، وفي رواية أبي بكر بن أبي خيثمة: صالح. قال أبو حاتم: ليس به بأس، شيخ، و هو أحب إلى من على بن أبى سارة.
و قال أبو عبيد الآجرى: سئل أبو داود عنه، فقال: ليس به بأس، قيل: أيما أحب إليك هو، أو هشام بن حسان، قال: هشام فوقه بكثير، ثم قال: ديلم شويخ. و قال فى موضع آخر: ثقة.
(3)
هذه الرواية تشبه ما قيل في زاهر رضي الله عنه الآتي.
(4)
قال ابن المديني في «العلل» (ص: 72): في أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة جعل ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كذا شيء ذكره وإنما هذا حديث أبان بن أبي عياش عن أنس.
وعن ثابت في قصة حبيب قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر لم يروه عن ثابت غيره.
2 -
ديلم بن غزوان وسبق الكلام فيها كذلك وقد سلكا الجادة.
3 -
حماد بن سلمة عن ثابت عن كنانة عن أبي برزة وهو أرجحها وأصحها وقد قَالَ الإمام أحمد عقبه: مَا حَدَّثَ بِهِ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ مَا أَحْسَنَهُ مِنْ حَدِيثٍ.
وقال الدارقطني في «علله» (2383): والصحيح عن حماد بن سلمة عن ثابت عن كنانة عن أبي برزة.
وقال أبو زرعة كما في «العلل» (1012) لابن أبي حاتم: عن أبي برزة أصح عن من حديث ثابت عن أنس.
وكتب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد أحمد أبي الغيط بتاريخ 1445 موافق 2023 م: كل الكلام منصب على كنانة
(1)
.
(1)
وثقه ابن سعد والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات وصحح له مسلم هذا الخبر. وروى عنه أربعة.
زاهر بن حرام رضي الله عنه
-
قال معمر كما في «جامعه» رقم (19688) -عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ أَوْ حِزَامٍ، وَكَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ زَاهِرًا بَادِينَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ» ، قَالَ: وَكَانَ يُحِبُّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ فَقَالَ:«أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟» فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لسَتَ بِكَاسِدٍ، - أَوْ قَالَ: - لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ» .
خالف معمرًا حماد بن سلمة فقال عن ثابت عن إسحاق بن عبد الله مرسلا كما ذكره ابن حجر هكذا في «الإصابة» (2/ 452)
(1)
وقال: حماد في ثابت أقوى من معمر، ولكن للحديث شاهد من رواية سالم بن أبي الجعد الأشجعيّ، عن رجل من أشجع يقال له زاهر بن حرام كان بدويا لا يأتي النبيّ صلى اللَّه عليه
(1)
وقال في مطلع كلامه عن زاهر بن حرام الأشجعي رضي الله عنه حيث قال: وقد جاء ذكره في حديث صحيح أَخرجه أَحمد والتِّرمِذيّ في الشمائل من طريق معمر
…
وآله وسلم إذا أتاه إلا بطرفة أو هديّة، فرآه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يبيع سلعة فأخذ بوسطه
…
الحديث
(1)
.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: مالك بن علي بتاريخ (4) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (18/ 11/ 2023 م): معمر عن ثابت فيها ضعف.
وضعف شيخنا مع الباحث شاهد الطبراني لتفرده.
(1)
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (5/ 274) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا شَاذُّ بْنُ الْفَيَّاضِ، ثنا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَشْجَعَ، يُقَالُ لَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا بَدَوِيًّا لَا يَأْتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ إِلَّا بِطُرْفَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ يُهْدِيَهَا، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسُّوقِ يَبِيعُ سِلْعَةً وَلَمْ يَكُنْ أَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ مِنْ وَرَائِهِ بِكَفَّيْهِ، فَالْتَفَتَ وَأَبْصَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلَ كَفَّيْهِ فَقَالَ:«مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟» قَالَ: إِذَنْ تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللهِ كَاسِدًا، قَالَ:«وَلَكِنَّكَ عِنْدَ اللهِ رَبِيحٌ» .
فضل أمهات المؤمنين
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (24893): حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْنَى عَلَيَّ. فَقَالَ: «إِنَّكُنَّ لَأَهَمُّ مَا أَتْرُكُ إِلَى وَرَاءِ ظَهْرِي، وَاللَّهِ لَا يَعْطِفُ عَلَيْكُنَّ إِلَّا الصَّابِرُونَ» أَوْ «الصَّادِقُونَ» .
وعمر بن أبي سلمة مُختلَف، فيه ووُفق فيه البخاري فقال: صدوق إلا أنه يخالف في بعض حديثه.
وتابعه صخر بن عبد الرحمن، أخرجه أحمد (24485): حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ لَهُنَّ: «إِنَّ أَمْرَكُنَّ لَمِمَّا يُهِمُّنِي بَعْدِي، وَلَنْ يَصْبِرَ عَلَيْكُنَّ إِلَّا الصَّابِرُونَ» وقَالَ قُتَيْبَةُ: «صَخْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» .
تابع أبا سلمة قتيبةُ بن سعيد، أخرجه الترمذي (3749) وتابعهما عبد الله بن صالح كاتب الليث، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3211). وصخر مجهول
(1)
.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (23) محرم (1445 هـ) الموافق (10/ 8/ 2023 م) إلى ضعف الخبر.
(1)
وأشار الحافظ في «تعجيل المنفعة» إلى أن هناك صخر بن عبد الله آخَر، والصواب أنهما واحد، ونَبَّه على ذلك حتى لا يُستدرَك عليه.
وصيته صلى الله عليه وسلم بأهل بيته
قال ابن أبي عاصم في «السنة» رقم (1414) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي مِنْ بَعْدِي» . قَالَ
(1)
: فَبَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ حَدِيقَةً بِأَرْبَعِ مِائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَمَهَا فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وتابع أحمد بن محمد جماعة على الرفع:
1 -
نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ، نا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي مِنْ بَعْدِي» أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» رقم (717).
2 -
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ، خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي مِنْ بَعْدِي» . قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: النَّاسُ يَقُولُونَ: لِأَهْلِهِ
(2)
وَقَالَ هَذَا: لِأَهْلِي. أخرجه أبو
(1)
أبو سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
(2)
في الباب ما أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (3895) - حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ، فَدَعُوهُ» .
يعلى في «مسنده» (5924).
3 -
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي مِنْ بَعْدِي» قَالَ قُرَيْشٌ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:«أَنَّ أَبَاهُ وَصَّى لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِحَدِيقَةٍ بِيعَتْ بَعْدَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ» أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 352) وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
4 -
يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثنا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي مِنْ بَعْدِي» أخرجه أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (2/ 265).
الخلاصة: أن وجهة من يحسّن هذا الخبر أمران:
1 -
أن ظاهر إسناده الحسن.
2 -
ويفهم من قول إسحاق بن إبراهيم فيما نقل عنه البخاري أن قريشًا لم يحدِّث بعد اختلاطه.
ووجهة من يضعفه أمران:
1 -
قول ابن حبان في «المجروحين» (2/ 220) في ترجمة قريش: كان سخيا صدوقًا إلا أنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به، بقي ست سنين في اختلاطه فظهر في روايته أشياء مناكير لا تشبه حديثه القديم، فلما ظهر ذلك من غير أن يتميز مستقيم حديثه من غيره لم يجز الاحتجاج به فيما
انفرد، فأما فيما وافق الثقات فهو المعتبر بأخباره تلك.
2 -
سئل يحيى بن معين عن محمد بن عمرو، فقال: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له، وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبى سلمة بالشاء من رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبى سلمة، عن أبى هريرة رضي الله عنه.
وانتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن شرموخ بتاريخ (14) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (28/ 11/ 2023 م) إلى ضعفه لكلام ابن حبان في مفاريد قريش بن أنس
(1)
.
ثم عرضه الباحث بتاريخ 15/ جمادى الآخرة 1445 موافق 28/ 12/ 2023 م فكتب شيخنا: الظاهر -والله أعلم -عدم ثبوتها من هذا الوجه سواء للكلام في روايات محمد بن عمرو وانفراداته. ا هـ.
(1)
وثقه ابن المديني والنسائي وقال أبو حاتم: لا بأس به إلا أنه تغير وقال البخاري عن إسحاق بن إبراهيم بن حبيب: مات سنة تسع و مئتين، وكان قد اختلط ست سنين في البيت.
وقال أبو حاتم الرازي: يقال إنه تغير عقله، و كان سنة ثلاث و مئتين صحيح العقل، ومات سنة ثمان و مئتين.
وهو من رجال الكتب الستة.
فضائل فاطمة رضي الله عنها
-
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (3729) - حَدثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدثني عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ:«أَمَّا بَعْدُ، أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدثني وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ» ، فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ.
وتابع البخاري عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخرجه مسلم (4590).
وتابع شعيبًا محمد بن عمرو بن حلحلة أخرجه البخاري (2960) ومسلم (4589).
وتابع علي بن حسين ابن أبي مليكة أخرجه البخاري (3531) ومسلم (4588).
وتابع ابن أبي مليكة وعلي بن الحسين عبيد الله بن أبي رافع وعنه اثنان:
1 -
جعفر بن محمد وزاد: «وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة إلا نسبي
وسببي» أخرجه أحمد في «مسنده» (18566) لكن بعطف أم بكر بنت المسور
(1)
على جعفر بن محمد وهذا الإسناد وإن كان ظاهره الحسن؛ لحال محمد بن عباد المكي إلا أنه اختلف عليه فتارة عطف أم بكر على جعفر وأخرى جعل أم بكر من طلاب جعفر بن محمد.
2 -
أم بكر بنت المسور وهي مقبولة واختلفت الأسانيد إليها.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن ممدوح المنوفي بتاريخ (17) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (1/ 11/ 2023 م): إلى ضعف الزيادة وصحة أصل الحديث.
وللزيادة شاهد من حديث عمر رضي الله عنه وأحد طرقه راجعة لطريق جعفر السابقة أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (501) وغيره.
وثمت طرق كثيرة عن عمر رضي الله عنه فيها ضعف وانتهى شيخنا مع الباحث كذلك إلى ضعفه.
فائدة: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
(2)
بن قصي بن
(1)
وهي مقبولة.
(2)
ولعبد الدار بن قصي بن كلاب ثلاثة إخوة:
1 -
عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم الثالث.
2 -
عبد العزى وإليه ينتهي نسب خديجة والزبير وحكيم بن حزام رضي الله عنهم وورقة بن نوفل.
3 -
عبد قصي ولم يقف الباحث: أحمد النمر على نسل له.
كلاب بن مرة
(1)
يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي بن كلاب وأما نسبة مصعب رضي الله عنه إلى هاشم بن عبد مناف بخلاف هاشم بن عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا تشابه في الأسماء على عادة العرب في تسمية بعضهم بأسماء آبائهم وأعمامهم وأقاربهم.
(1)
كما في «الثقات» لابن حبان (3/ 368) و «معرفة الصحابة» لأبي نعيم الأصبهاني (5/ 2556)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 145)، «الإصابة» (10/ 183).
العلاقة النسبية بين الصحابيات الصالحات
رضي الله عنهن
قال النَّسائي في «سُننه» (8526): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ، مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمُّ الفَضْلِ بِنْتُ الحَارِثِ، وَسلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أُخْتُهُنَّ لِأُمِّهِنَّ» .
تابع عمرَو بن منصور إبراهيمُ بن أبي داود، كما عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (12/ 370) ويحيى بن محمد الشهيد، أخرجه الحاكم (4/ 35).
وتابعهم علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكَشّي، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11/ 415) و (24/ 131) وفي «المختارة» (13/ 49)
(1)
.
خالفهم يعقوب بن محمد الزُّهْري فجَعَله عن ابن عباس عن ميمونة. وروايتهم أرجح للكلام في يعقوب. أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»
(1)
خالفهم داود بن أبي الكرم فقال: (موسى بن عقبة) بدلًا من (إبراهيم بن عقبة) أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/ 456). وداود قال فيه العُقيلي: في حديثه وهم.
(24/ 19) وفيه نوع إدراج: «الأخوات المؤمنات يعني ميمونة
…
».
وخالف الدراوردي إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة فأرسله عن أبيه عن كُريب، وزاد:(وأختها لُبابة الصغرى وهزيلة وعزة) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (10/ 263)، وفي سنده محمد بن عمر الواقدي، متروك.
الخلاصة: أن الجماعة عن الدراوردي موصولًا من مسند ابن عباس، وهو حَسَن لحال عبد العزيز. وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن مصطفى بن علي بن حامد المحلاوي، بتاريخ (30) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (15/ 10/ 2023 م): حسن. وأشار شيخنا إلى بحث الصلات بين الصحابة رضي الله عنهم.
كتاب السيرة النبوية
الإسراء والمعراج
قال تبارك وتعالى عن الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1].
وأشار إلى المعراج في قوله جل ذكره: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى 12 وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى 13 عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى 14 عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى 15 إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى 16 مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى 17 لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 12 - 18].
*
وأما السُّنة المباركة فصَحَّ فيها تفصيل الإسراء والمعراج:
فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ»
(1)
. قَالَ:
(1)
«طَرْفه» بسكون الراء، أي: نظره، وهو لا يُثنَّى ولا يُجمَع؛ لأنه على صيغة المصدر، قال تعالى عن الكافرين:{لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] ولم يقل: أطرافهم.
وأما الطَّرَف (بفتح الراء) فبمعنى الناحية، والجمع أطراف، قال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41].
«فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ»
(1)
قَالَ: «فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ
(2)
الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ»
(3)
، قَالَ: «ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ
(4)
، فَقَالَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ
(5)
، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، صَلَوَاتُ اللهِ
(1)
وفي رواية لمسلم: «مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ» .
(2)
«بالحَلْقة» بسكون اللام لا بفتحها كما هو شائع، ومِن ثَم قيل:«لا تَفتح الحَلْقة واكسر الخِزام» والجمع: حَلَقات وحِلَق.
(3)
فيه الاحتياط والأخذ بالأسباب.
(4)
وفي حديث مالك بن صعصعة عند البخاري (3887): «ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ» .
وحَمَل الحافظ ابن حجر تعدد الآنية على أن بعض الرواة ذَكَر ما لم يَذكره الآخَر، وجَمَع بين مكاني عرض الآنية على التعدد أو (ثم) بمعنى الواو على غير بابها. انظر:«فتح الباري» (7/ 256).
(5)
ينبغي لمن يَستأذن أن يقول: (أنا فلان) ولا يقتصر على أن يقول: (أنا).
عَلَيْهِمَا، فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صلى الله عليه وسلم، إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السلام، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ
إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ
(1)
، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} .
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ صلى الله عليه وسلم، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السلام قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى صلى الله عليه وسلم، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ
(2)
، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ
(3)
لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ.
ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ». قَالَ: «فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّي
(1)
فيه استحباب تَلَقِّي أهل الفضل بالبِشر والترحيب والثناء والدعاء.
(2)
الجزاء من جنس العمل، فالبيت المعمور هو قبلة أهل السماء، والكعبة قبلة أهل الأرض، ونبي الله إبراهيم عليه السلام هو الذي بناه.
(3)
هنا عددان ومعدودان:
أما الأول: ف (سبعون) وتمييزه مفرد منصوب وهو (أَلْف) وذلك أن تمييز الأعداد من أحدَ عشَرَ إلى تسعة وتسعين مفردٌ منصوبٌ، إلا في آية واحدة، وهي قوله تعالى:{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 160] وقد جاء جمعًا منصوبًا. وانظر: «إعراب القرآن وبيانه» (3/ 477).
والعدد الثاني: (أَلْف) وتمييزه مفرد مجرور، وهو (مَلَك) وذلك أن تمييز مِائة وألف ومضاعفاتهما مفرد مجرور، كقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] وكقوله: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] وقد ورد جمعًا مجرورًا، كقوله تعالى:{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} [الكهف: 25] بعدم تنوين (مِائة) في قراءة حمزة والكِسائي، وهذا قليل. أفاده شيخنا ابن عبد المعطي رحمه الله.
قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ».
قَالَ: «فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ» فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ»
(1)
.
وأما الإجماع فقال ابن كثير: فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون
(2)
.
(1)
أخرجه مسلم (62) من طريق ثابت البُناني عن أنس رضي الله عنه.
وهو عند البخاري (3570) من طريق شَريك بن عبد الله بن أبي نَمِر عن أنس رضي الله عنه، لكن وقع في رواية شَريك عدد من الأوهام، أحصاها الحافظ في «فتح الباري» (13/ 494) والإمام مسلم ذَكَر صدر الرواية ثم قال: وَقَدَّمَ فِيهِ شَرِيكٌ شَيْئًا وَأَخَّرَ، وَزَادَ وَنَقَصَ.
ولم يذكر الإسراء في رواية شَريك مما كان سببًا في القول بتكرر الإسراء، لكن رواية ثابت عن أنس مقدمة عليها وجمعت بين الإسراء والمعراج.
(2)
في «تفسيره» (5/ 45).
الإسراء كان بجسده ورُوحه صلى الله عليه وسلم
-
*
ذهب الجمهور إلى أنه كان بجسده ورُوحه صلى الله عليه وسلم، ومستندهم:
1 -
قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1].
2 -
قوله جل ذكره: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} .
3 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ
(1)
.
4 -
أن الإسراء لو كان منامًا ما أنكره أبو جهل والكفار.
أما ما جاء في حديث شَريك عن أنس: «ثم استيقظتُ فإذا أنا في الحِجر» فمعدود في غلطات شَريك، أو محمول على أن الانتقال من حال إلى حال يسمى يقظة.
وما أورده ابن إسحاق كما في «السيرة لابن هشام» (2/ 245): حدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: ما فُقد جسد رسول
(1)
أخرجه البخاري (3675).
الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الله أسرى برُوحه. فضعيف لجهالة مَنْ حَدَّث ابنَ إسحاق.
وكذلك: وحدثني يعقوب بن عُتبة بن المغيرة بن الأخنس، أن معاوية بن أبي سفيان كان إذا سُئل عن مَسْرَى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت رؤيا من الله تعالى صادقة. وهذا منقطع؛ لِما بين معاوية ويعقوب من الزمن.
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (4/ 281): مذهب جمهور السلف والخلف، من أن الإسراء كان ببدنه ورُوحه صلوات الله وسلامه عليه، كما دل على ذلك ظاهر السياقات من ركوبه وصعوده في المعراج، وغير ذلك؛ ولهذا قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] والتسبيح إنما يكون عند الآيات العظيمة الخارقة، فدل على أنه بالرُّوح والجسد، والعبد عبارة عنهما. وأيضًا: فلو كان منامًا لما بادر كفار قريش إلى التكذيب به والاستبعاد له؛ إذ ليس في ذلك كبير أمر، فدل على أنه أخبرهم بأنه أُسري به يقظة لا منامًا.
أهم المواقف في الإسراء
1 -
شَقُّ صدره صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث: «فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم، فَفَرَجَ صَدْرِي
(1)
، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا
(2)
، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ»
(3)
.
2 -
رؤيته صلى الله عليه وسلم الأنبياء وصلاته بهم، رؤيته صلى الله عليه وسلم للأنبياء تارة في قبورهم وتارة باجتماعه بهم وثالثة في السموات. ففي الخبر:«رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ، إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ»
(4)
وفي خبر آخَر: «فَحَانَتِ
(1)
أي: شَقَّ، كما في رواية، ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ} أي: انشقت، كما في آية أخرى. انظر:«شرح الشفا» (1/ 394).
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 460): «ففَرَج صدري» هو بفتح الفاء وبالجيم أيضًا، أي: شَقَّه.
ورَجَّح عياض أن شق الصدر كان وهو صغير عند مرضعته حَليمة. وتَعقَّبه السُّهيلي بأن ذلك وقع مرتين، وهو الصواب.
(2)
(حكمة) تمييز، و (إيمانًا) معطوف عليه.
(3)
أخرجه البخاري (349)، ومسلم (163).
(4)
أخرجه البخاري (3239)، ومسلم (165) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ»
(1)
.
3 -
أخذه صلى الله عليه وسلم اللبن: قَالَ: «فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الآخَرِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقَالَ: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ- أَوْ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ- أَمَّا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ
(2)
أُمَّتُكَ»
(3)
.
(1)
أخرجه مسلم (174) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وسبق في حديث أنس رضي الله عنه: «ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» .
ووَجْه الجمع بينهما أن يكون صلى ركعتين تحية المسجد، فلما حانت الصلاة صلى بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقيل: إن صلاته بالأنبياء كانت بعد عروجه صلى الله عليه وسلم.
*وردت رواية عن حذيفة رضي الله عنه تَنفي الصلاة في المسجد الأقصى.
واستدل بأمرين:
الأول: آية الإسراء لم تُذكَر فيها الصلاة.
الثاني: لو صلى صلى الله عليه وسلم لفُرضت على الناس الصلاة.
والجواب عن الأول: أن الآية وإن لم يَثبت فيها الصلاة لكنها ثبتت في السُّنة، وهي مُبيِّنة للقرآن.
وأما عن الثاني: فلا يَلزم من صلاته صلى الله عليه وسلم فيه الفرضية على الأمة.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (7/ 207): فهذا لم يسنده حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أنه قال عن اجتهاد.
وقال البيهقي في «دلائل النبوة» (2/ 365): كأن حذيفة لم يَسمع صلاته في بيت المقدس، وقد رُوِّينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة وغيره، أنه صلى فيه
…
والخبر المُثبِت أَوْلَى من النافي، وبالله التوفيق.
وتنفي الصلاة أصلًا في المسجد الأقصى، ووَجَّهها العلماء بما يلي: نشأ هذا عن اجتهاد منه رضي الله عنه، أو رواية المُثبِت مقدمة على النافي لكون زيادة العلم مع المُثبِت.
(2)
(غَوَى) من باب (رَمَى) قال تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2] فالمصدر (الغَوَاية) بالفتح لا بالكسر كما هو شائع.
(3)
أخرجه البخاري (3437)، ومسلم (159) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ونحوه عن جابر رضي الله عنه في مسلم (167).
3 -
موقف الخطباء الذين لا يَعملون بعلمهم، ففي الخبر:«رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِضَ مِنْ نَارٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: الْخُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ، يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ، وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا يَعْقِلُونَ»
(1)
.
4 -
رؤيته صلى الله عليه وسلم مالكًا خازن النار «وَرَأَيْتُ مَالِكًا
(2)
خَازِنَ النَّارِ وَالدَّجَّالَ» فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ
(3)
.
5 -
رؤيته صلى الله عليه وسلم ماشطة بنت فرعون
(4)
.
6 -
رؤيته صلى الله عليه وسلم المغتابين في صورة بشعة: «لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي، مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ»
(5)
.
(1)
انظر: «سلسلة الفوائد» (1/ 384).
(2)
قال تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77].
(3)
أخرجه البخاري (3239) ومسلم (165).
(4)
رواها عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس رضي الله عنه.
وعطاء اختلط في آخره، والراوي عن عطاءٍ حماد بن سلمة، فالأكثر على أنه قبل الاختلاط، وقد قال العراقي في «التقييد والإيضاح»: واستثنى الجمهور رواية حماد عنه أيضًا.
وقال حمزة بن محمد الكتاني في «أماليه» : حماد بن سلمة قديم السماع من عطاء بن السائب.
(5)
حسن بمجموع طرقه: أخرجها أحمد (13008)، وابن حبان (53)، والبزار (7231) من طرق عن أنس رضي الله عنه، به.
7 -
رؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية عند سدرة المنتهى، فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، يُنْثَرُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ: الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ»
(1)
.
8 -
(2)
.
9 -
دخوله صلى الله عليه وسلم الجنة، ففي الخبر:«ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ»
(3)
.
(1)
حسن: أخرجه أحمد (3905).
(2)
أخرجه مسلم (173) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (349)، ومسلم (163).
وَصْف النبي صلى الله عليه وسلم بيت المقدس
قال صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ
(1)
» قَالَ: «فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ»
(2)
.
ورواية الإمام أحمد رقم (2891) وغيره تفيد موقف أبي جهل من الإسراء.
ولم يصح أن أحدًا ممن أسلم ارتد بسبب حادثة الإسراء
(3)
.
(1)
(قَطُّ): مفعول فيه، ظرف زمان لاستغراق الأزمنة الماضية في النفي في الأغلب، تقول:(ما أكلتُ هذا الطعام قَطُّ)، و (لم أَرَ هذا الشخص قَطُّ)، وهو مبني على الضم في محل نصب.
ومقابله (أبدًا) وهو مفعول فيه، ظرف زمان لاستغراق الأزمنة المستقبلة نفيًا وإثباتًا، فمن النفي:(لن أكلم فلانًا أبدًا). ومن الإثبات قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 57].
و (عَوْضُ): ظرف لاستغراق الأزمنة المستقبلة داخل في النفي، قال الشاعر كما في «شرح ابن عَقيل على ألفية ابن مالك» (1/ 89):
فَمَا لِي عَوْضُ إِلَّاهُ نَاصِرُ
(2)
أخرجه مسلم (174) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ونحوه مختصرًا عن جابر رضي الله عنه، أخرجه البخاري (3836)، ومسلم (173).
(3)
أخرج أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (69)، والحاكم في «مستدركه» (4/ 60) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=وغيرهما، من طريق محمد بن كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيّ قال: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانُوا آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ
…
».
ومحمد بن كَثِير ضعيف، خاصة في مَعمر.
فقد قال ابن عَدي والعُقيلي: يُحدِّث بأحاديث عن مَعمر لا يُتابَع عليها.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ذَكَر أبي محمدَ بن كَثِير فضَعَّفه جدًّا، وضَعَّف حديثه عن معمر جدًّا، وقال: هو منكر الحديث. وقال: يَروي أشياء منكرة.
وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبي: محمد بن كَثِير لم يكن عندي ثقة، بلغني أنه قيل له: كيف سمعتَ من مَعمر؟ قال: سمعتُ منه باليمن، بَعَث بها إليَّ إنسان من اليمن!
وقال حاتم بن الليث الجوهري عن أحمد بن حنبل: ليس بشيء، يُحدِّث بأحاديث مناكير ليس لها أصل.
ورواه صالح بن كَيسان عن الزُّهْري عن ابن المسيب مرسلًا، أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (2/ 359).
ورُوي من قول ابن وهب عند الطبري في «تفسيره» (14/ 421)، (17/ 335).
وأخرج البخاري (3888) وغيره من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} قَالَ: هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ.
فخالف هلالَ بن خباب عَمْرًا في أمرين:
الأول: فقال ناس: نحن نُصدِّق محمدًا بما يقول؟! فارتدوا كفارًا فضَرَب الله أعناقهم مع أبي جهل.
والثاني: رأى الدجال في صورته رؤيا عين.
ورواية عمرو بن دينار أرجح.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهلال بن خباب اختلفوا فيه، هل اختلط أو تغير بآخرة أو لا.
فقال إبراهيم بن عبد الله بن الجُنيد: سألتُ يحيى بن مَعين عن هلال بن خباب، وقلت: إن يحيى القطان يزعم أنه تغير قبل أن يموت واختلط. فقال يحيى: لا، ما اختلط ولا تغير. قلت ليحيى: فثقة هو؟ قال: ثقة، مأمون.
وقال ابن حبان في «الثقات» : يخطئ ويخالف. وقال في المجروحين: اختَلط في آخِر عمره، فكان يُحدِّث بالشيء على التوهم، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
فضل الهجرة
قال سعيد بن منصور في «سُننه» رقم (2359): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعْضُهُمُ: الْهِجْرَةُ قَدِ انْقَطَعَتْ. فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا كَانَ الْجِهَادُ» .
وتابع عمرًا الليثُ، هو ابن سعد، أخرجه أحمد (23186)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2630).
الخلاصة: اختُلف في صحبة جُنادة، فأَثْبَتَها أبو حاتم وابن معين وابن حجر
(1)
، ونَفَى عنه الصحبة الترمذي والعجلي وابن عساكر.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (22) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (7/ 10/ 20223 م): اختُلف في صحبة جُنَادة.
وللخبر شاهدان
(2)
أحدهما يصح به، وهو ما أخرجه النسائي في «سُننه»
(1)
وقال في «التهذيب» : الحق أنهما اثنان: صحابي وتابعي، متفقان في الاسم وكنية الأب، و قد بينتُ ذلك في كتابي في الصحابة.
(2)
انظر «السلسلة الصحيحة» (4/ 240) للعَلَّامة الألباني رحمه الله.
رقم (4172): أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَقْدَانَ السَّعْدِيِّ قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدٍ كُلُّنَا يَطْلُبُ حَاجَةً، وَكُنْتُ آخِرَهُمْ دُخُولًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَرَكْتُ مَنْ خَلْفِي وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ، قَالَ:«لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ» .
وزِيدَ حسان بن عبد الله الضَّمْري بين أبي إدريس وعبد الله، أخرجه النَّسَائي (4173): أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الضَّمْرِيِّ
(1)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ، بِهِ.
(1)
وثقه العِجلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وأخرج له النَّسائي هذا الخبر، وليس بالمشهور. ورَوَى عنه أبو إدريس.
قوله صلى الله عليه وسلم: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ
يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ»
قال الإمام أبو داود في «سننه» (1605) والترمذي في «سننه» رقم (1604) - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ فَاعْتَصَمَ نَاسٌ بِالسُّجُودِ، فَأَسْرَعَ فِيهِمُ القَتْلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ العَقْلِ وَقَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِمَ؟ قَالَ: لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا
(1)
.
(1)
في تأويله أقوال:
أحدهما: أن الله -تعالى- قد فرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها، فجعل الرؤية للنار ولا رؤية لها، فإن معنى «تراءى: ناراهما» -ترى نار هذا نار ذاك وإنما الغرض أن تدنوا هذه، يقال: داري تنظر إلى دار فلان أي: تقابلها.
والثاني: أنه أراد الحرب تقول: هذه تدعوا إلى الله، وهذه تدعوا إلى الشيطان فكيف يتفقان؟ فكيف يساكنهم في بلادهم وهذه حال هؤلاء وهذه حال هؤلاء؟!.
والثالث: أن معناه: لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله والعرب تقول: ما نار إبل أي: ما سمتها ومن ذلك قولهم: نارها ما بخارها أي: بسيمتها تدل على كرمها وعتقها، ومنه قول الشاعر:
قد سقيت إبلهم بالنار
…
والنار قد تشفي من الأوار
المعنى: أنهم يعرفون إبلهم بسيماتها التي يسمونها بها فيقدمونها في السقي
الشافي على غيرها.
والسمة إنما تكون بالحديدة التي تحمى بالنار ثم تكوى بها الإبل وغيرها.
وقوله صلى الله عليه وسلم هذا الجواب عاريا من حرف التعليل مستعملا على طريق التشبيه والتجوز والاتساع، فيه من الفصاحة والبلاغة والإشارة اللطيفة المعروفة من كلامه؛ ما ليس في ظهور ذلك في الخطاب يعرفه ممن كان ذا خاطر لماح وذوق دراك والله أعلم. كما في «الشافي شرح مسند الشافعي» (5/ 226) لأبي السعادات ابن الأثير.
والرابع: أي لا يجتمعان في الآخرة، ويبعد كل واحد منهما من صاحبه. كما في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (7/ 221).
تابع أبا معاوية حجاج بن أرطأة أخرجه الترمذي (1605).
وخالفهما جماعة فأرسلوه فيما أسند الترمذي
(1)
وقال الترمذي عقبه: وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا: عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَنْ جَرِيرٍ.
خالف إسماعيل جماعة فأرسلوه قال أبو داود عقب الخبر: رَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَمُعْتَمِرٌ
(2)
، وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرُوا جَرِيرًا.
وصوب الإرسال البخاري والترمذي.
والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: وليد بن خليل بتاريخ (4) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (18/ 11/ 2023 م): المرسل أصح.
(1)
رقم (1605) من رواية هناد عن عبدة.
(2)
هكذا في ط دار التأصيل وهمشوا بقولهم: في طبعتي الرسالة، ودار القبلة:«ومعمر» .
تنبيه: قال يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (ت/ 855) كما في «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (12/ 97 - 99).
إذا ثبت هذا: فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدهما: أن يكون ممن أسلم وله عشيرة تمنع منه، ولكنه يقدر على الهجرة، ويقدر على إظهار دينه، ولا يخاف الفتنة في دينه .. فهذا يستحب له أن يهاجر؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تراءى ناراهما» . ولا تجب عليه الهجرة.
والضرب الثاني: أن يكون ممن أسلم ولا عشيرة له تمنع منه، ولا يقدر على الهجرة لعجزه عن المشي، ولا له مال يمكنه أن يكتري منه ما يحمله .. فهذا لا تجب عليه الهجرة، بل يجوز له المقام مع الكفار.
والضرب الثالث: أن يكون ممن أسلم ولا عشيرة له تمنع منه، ولكنه يقدر على الهجرة بالمشي، وله مال يمكنه أن يكتري منه ما يحمله .. فهذا تجب عليه الهجرة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] الآية. فأخبر الله: أن من كان مستضعفا بين المشركين وهو يقدر على الخروج من بينهم فلم يفعل .. فإن مأواه النار. فدليل خطابه: أن من لم يكن مستضعفا بينهم، بل يتمكن من إظهار دينه .. أنه لا شيء عليه، فثبت وجوب الهجرة على
المستضعف الذي يقدر على الخروج بنص الآية، وسقوط الهجرة عمن ليس بمستضعف بدليل خطابها، ثم استثنى فقال:{إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} [النساء: 98][النساء: 98] الآية، فأخبر: أن المستضعف الذي لا يقدر على الخروج خارج من الوعيد.
فإن وجبت الهجرة على رجل من بلد، ففتح ذلك البلد وصار دار إسلام .. لم تجب عليه الهجرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا هجرة بعد الفتح» وأراد به: لا هجرة من مكة بعد أن فتحت، ولم يرد: أن الهجرة تنقطع من جميع البلاد بفتح مكة؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» .
كتاب الجهاد
فضل الشهادة في سبيل الله
قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 169 فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 169، 170].
وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
*
وردت في فضل الشهادة أخبار منها:
الحديث الأول: أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17786): حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي عِنَبَةَ الخَوْلَانِيِّ الشُّهَدَاءُ، فَذَكَرُوا المَبْطُونَ وَالمَطْعُونَ وَالنُّفَسَاءَ، فَغَضِبَ أَبُو عِنَبَةَ وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ نَبِيِّنَا عَنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ شُهَدَاءَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فِي خَلْقِهِ، قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا» .
وأبو عِنَبَة رَوَى عنه عَشَرة، واختُلف في صحبته، فنفاها البخاري وأبو حاتم وأبو زُرْعَة وابن مَعِين. وقال الدارقطني: أحاديثه مُرسَلة.
والخلاصة: أن إسناده حسن؛ لحال إسماعيل بن عياش، وهو هنا يَروي عن حمصي
(1)
.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (19) شعبان (1444 هـ) الموافق (11/ 3/ 2023 م) على أبي عِنَبَة: الظاهر عدم صحبته.
تنبيه: للخبر شاهد مُرسَل ضعيف، أخرجه ابن المبارك في «الجهاد» (1/ 87): عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الشُّهَدَاءُ أُمَنَاءُ اللَّهِ، قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ» .
الحديث الثاني: أخرجه الدارمي في «سُننه» رقم (2441): أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَقَامُ الرَّجُلِ فِي الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ- أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الرَّجُلِ سِتِّينَ سَنَةً» .
وتابع الدارميَّ جمعٌ.
وفي هذا السند علل:
1 -
الانقطاع بين الحسن وعِمران بن حُصين. قاله ابن المَدِيني وأحمد والقَطَّان وابن مَعِين.
2 -
ضعف عبد الله بن صالح.
(1)
وصححه العَلَّامة الألباني.
(2)
ضعيف.
3 -
الخلاف في يحيى بن أيوب الغافقي.
4 -
الكلام في رواية هشام بن حسان في الحسن.
وتابع هشامًا إسماعيلُ بن سلمان، والراوي عنه يحيى بن سليم
(1)
. أخرجه البزار (3526)، والطبراني في «المعجم الكبير» (417)، وذَكَره العُقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/ 86) وحديثًا آخَر وقال: الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا غَيْرُ مَحْفُوظَيْنِ.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (19) شعبان (1444 هـ) الموافق (11/ 3/ 2023 م) إلى ضعفه.
الحديث الثالث: أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2390) - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقٍ - نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ - فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنَ الجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا» .
تابع والد يعقوب وهو إبراهيم بن سعد جماعة -عبدة كما عند هناد في «الزهد» رقم (166) وعبد الله بن نمير كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (19321) ويزيد بن هارون كما عند الحاكم في «مستدركه» (2403) وإبراهيم بن المختار كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (10825) ويونس بن بكير كما عند الطبري في «تفسيره» .
(1)
وهناك أكثر من يحيى بن سُليم، فليُحرَّر.
الخلاصة: أن إسناده حسن لحال ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث والحارث بن فضيل وثقه ابن معين والنسائي وقال أحمد: ليس بمحمود الحديث.
وطلب شيخنا من الباحث: محمد بن راضي بتاريخ (20) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (4/ 11/ 2023 م) ترجمة الحارث بن فضيل.
فَضْل مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (1621) - حَدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرنا عَبدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، أَخبَرنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الخَوْلَانِيُّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الجَنْبِيَّ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ.
وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ».
تابع حيوة ابن وهب أخرجه أبو داود في «سننه» (2500) وغيره 0
وتابعهما رشدين بن سعد وهو ضعيف أخرجه أحمد (23954).
قال الترمذي عقبه: حَدِيثُ فَضَالَةَ بن عُبَيد حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن موسى بتاريخ (11) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (26/ 10/ 2023 م): سنده صحيح.
وله شاهد أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (1913) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامَ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ» .
فضل الرباط في عسقلان
وردت أخبار في عسقلان:
منها ما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (11138) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَوَّلُ هَذَا الأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ إِمَارَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الْحُمُرِ فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلَانُ.
أولا: ابن شهاب تصحيف وصوابه (أبو شهاب الحناط) لأمور:
1 -
النظر في المشايخ والتلاميذ مع العلم أن أبا شهاب ليس له عن فطر إلا روايتين لكن قد يشعر كلام ابن حبان بشيء آخر حيث قال: يروي عن الكوفيين قيس بن مسلم وغيره روى عنه زيد بن الحباب.
2 -
القياس على سند مشابه عند أبي نعيم
(1)
(1)
في «معرفة الصحابة» رقم (4328) - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمِصِّيصِيُّ، ثنا مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، ثنا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا الْمُعْطِي مِنْ سَعَةٍ بِأَفْضَلَ مِنَ الْآخِذِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا» والحسن بن منصور المصيصي هو الرماني لم أقف له على موثق.
3 -
وابن شهاب من الطبقة الرابعة وفطر من الطبقة الخامسة عند ابن حجر.
4 -
وما سبق يجعلنا نراجع الأصل المخطوط وهو الذي قام به العلامة الألباني رحمه الله.
ثانيًا: الكلام على رجال السند فمجاهد هو ابن جبر من أصحاب ابن عباس رضي الله عنه الثقات.
وفطر بن خليفة وثقه ابن معين والقطان وأحمد، وضعفه أبو داود والعقيلي وقال الدارقطني
(1)
: زائغ ولم يحتج به البخاري
(2)
وقد يحمل التضعيف على التشيع
(3)
وهذا الخبر لا يوافق تشيعه.
ورواية فطر عن مجاهد في البخاري مقرونًا وأبي داود والترمذي.
وأحيانًا يروى فطر عن مجاهد بواسطة ضعيفة كأبي يحيى القتات.
وموسى بن أعين وثقه ابن معين وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني.
وسعيد بن حفص النفيلي روى عنه جمع كبير ووثقه مسلمة بن القاسم
(1)
انظر: «من تكلم فيه وهو موثق» رقم (277) للذهبي.
(2)
أخرج له البخاري في «صحيحه» مقرونًا رقم (5991) حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُفيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَالحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ سُفيَانُ: لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَفَعَهُ الْحَسَنُ، وَفِطْرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» .
(3)
فقد قال أبو بكر بن عياش: ما تركت عند الرواية إلا لسوء مذهبه.
وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الذهبي وقال أبو عروبة الحراني: كبر ولزم البيت وتغير في آخر عمره
(1)
.
وأحمد بن النضر قال فيه ابن المنادي: كان من ثقات الناس.
ثالثًا: وجهة من يصحح هذا السند الجري على ظاهر القواعد فقد قال الهيثمي: رواه الطبراني رجاله ثقات.
2 -
وقال العلامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» (7/ 803): وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات؛ غير سعيد بن حفص النفيلي، ففيه كلام يسير، وقد وثقه ابن حبان (8/ 268)، وأخرج له في «صحيحه» ثلاثة أحاديث، والذهبي، والعسقلاني فقال:«صدوق تغير في آخر عمره» .
وأبو شهاب: هو موسى بن نافع الخياط، ووقع في الأصل:(ابن شهاب)! والتصحيح من المخطوطة (3/ 111/ 1) وكتب الرجال.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: معاذ بن محمد طاهر بن علي بتاريخ (16) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (31/ 10/ 2023 م): إلى ضعفه لثلاثة أمور:
1 -
الرواة متكلم فيهم.
2 -
تفرد الطبراني.
3 -
الكلام في رواية فطر عن مجاهد.
(1)
لكن لا يدرى حدّث زمن تغيره أو لا؟
4 -
وقال ابن كثير في «مسند الفاروق» (2/ 704): وقد ورد في فضل عسقلان أحاديث أخر لا يقوم منها شيء نعتمد عليه وإنما تداعت رغبات الواضعين فيها لأنها كانت ثغرا في بعض الأزمان فوضعوا عليها ترغيبا للمجاهدين.
ومنها ما أخرجه البزار في «مسنده» رقم (2312) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُوَيْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ، رضي الله عنه، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ وَصَلَّى عَلَى أَهْلِ مَقْبَرَةٍ بِعَسْقَلانَ» .
خالف محمد بن روين اثنان فقالا عن عطاف عن المسور بن خالد عن علي بن عبد الله بن مالك عن أَبِيهِ عَبدِ اللهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ، إِذْ قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَى تِلْكَ المَقْبَرَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: فَلَمْ نَدْرِ أَيَّ مَقْبَرَةٍ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُمْ شَيْئًا، قَالَ: فَدَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عَطَّافٌ: فَحُدِّثْتُ أَنَّهَا عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أَهْلَ مَقْبَرَةٍ فَصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُخْبِرْنَا أَيَّ مَقْبَرَةٍ هِيَ؟ فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا، فَسَأَلَتْهُ عَنْهَا، فَقَالَ لَهَا: أَهْلُ مَقْبَرَةٍ بِعَسْقَلَانَ".
أخرجه أبو يعلى (913) عن محمد بن بكار وتابعه آدم كما في «المعرفة والتاريخ» (2/ 172).
وروايتهما أرجح؛ لقول البزار عقبه: مُحَمَّدُ بْنُ رُوَيْنٍ بَصْرِيُّ لا نَعْرِفُهُ يُحَدِّثُ بِكَثِيرٍ، وَعَطَّافٌ ضَعِيفٌ.
وقال ابن كثير في «مسند الفاروق» (3/ 158) بعد ما أورده من حديث عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر أهل مقبرة يوما، قال: فصلى عليها، فأكثر الصلاة عليها، قال: فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال:«أهل مقبرة شهداء عسقلان، يزفون إلى الجنة كما تزف العروس إلى زوجها» .
وهذا -أيضا- حديث منكر جدا، بل قد ذكره الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في «الموضوعات» ، واتهم به بشر بن ميمون هذا، وهو الخراساني الواسطي، قال فيه يحيى بن معين: اجتمع الأئمة على طرح حديثه. واتهمه البخاري بوضع الحديث.
وقال عَقِبَه: وقد ورد في فضل عسقلان أحاديث أخر لا يقوم منها شيء يعتمد عليه، وإنما تداعت رغبات الواضعين فيها؛ لأنها كانت ثغرا في بعض الأزمان، فوضعوا فيها ترغيبا للمجاهدين.
وورد له مرسلان:
1 -
إسحاق بن رافع أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (10363) -عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بن رَافِعٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَرْحَمُ اللهُ أَهْلَ المَقْبَرَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهْلُ الْبَقِيعِ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللهُ أَهْلَ المَقْبَرَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهْلُ الْبَقِيعِ؟ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: مَقْبَرَةُ عَسْقَلَانَ.
2 -
عطاء الخرساني أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» رقم (2420) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَهْلَ الْمَقْبَرَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: تِلْكَ مَقْبَرَةٌ تَكُونُ بِعَسْقَلَانَ فَكَانَ عَطَاءٌ يُرَابِطُ بِهَا كُلَّ عَامٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى مَاتَ.
وهذا مرسل ضعيف؛ لأن عطاء من الخامسة وإسماعيل يهم في غير أهل بلده.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: معاذ بن محمد طاهر
(1)
بن علي القاهري بتاريخ (8) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (23/ 10/ 2023 م) إلى ضعفه.
تنبيه: ينظر حديث «أفضل رباطكم عسقلان» أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11138) ورسالة ابن الصلاح «أحاديث في فضل الإسكندرية وعسقلان» لعثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (ت: 643 هـ).
(1)
مركب.
تداعي الأمم بسبب حب الدنيا وترك الجهاد
قال أبو داود في «سننه» رقم (4297) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا» ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ» ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ:«حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» .
وأبو عبد السلام صالح بن رستم قال فيه أبو حاتم: مجهول لا نعرفه
(1)
.
(1)
لكن الذي يظهر لي أن أبا عبد السلام، اثنان اشتركا في الرواية عنهما ابن جابر، فقد فرق بينهما البخاري.
أحدهما: روى عن ثوبان، وهو الذي لا يعرف اسمه، وهو الذي أخرج له أبو داود، وذكره البخاري والحاكم أبو أحمد وجهله أبو حاتم، ولم يزيدوا في التعريف
به على روايته عن ثوبان.
والآخر: روى عن أبي حوالة ومكحول، واسمه صالح بن رستم، وهو الذي ذكره النسائي، والدولابي، ويعقوب بن سفيان، والخطيب في «المتفق والمفترق» ،
ووثقه ابن حبان، وابن شاهين، والله أعلم. اه.
وتابع أبا عبد السلام ثلاثة:
1 -
أبو أسماء الرحبي أخرجه أحمد في «مسنده» (22397) - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، حَدَّثَنَا مَرْزُوقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:«أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ» . قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» .
وفي سنده المبارك بن فضالة.
3 -
سالم بن أبي الجعد أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (2228) وفي سنده شك (رجل حسبت أنه عمرو بن مرة).
وخالفهم عمرو بن عبيد التيمي فقال عن ثوبان موقوفًا أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (37247) - أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ:«تُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا يَتَدَاعَى الْقَوْمُ عَلَى قَصْعَتِهِمْ، يُنْزَعُ الْوَهْنُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيُجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَتُحَبَّبُ إِلَيْكُمُ الدُّنْيَا، قَالُوا: مِنْ قِلَّةٍ؟ قَالَ: أَكْثَرُكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ» .
وتابع أبا أسامة الطيالسي في «مسنده» رقم (1085).
وفي سنده عمرو بن عبيد التيمي كتب شيخنا عليه مع الباحث: لم يوثقه أحد.
وتابعه شرحبيل بن مسلم أخرجه أبو داود في «الزهد» رقم (364) -نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ
(1)
، قَالَ: نا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اشْحَذْ سَيْفَكَ. قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: نُزِعَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمُ الرُّعْبُ، وَقُذِفَ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنُ. قَالُوا: بِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: بِحُبِّكُمُ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيِتِكُمُ الْمَوْتَ. طُوبَى لِمَنْ خَزَنَ لِسَانَهُ، وَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ.
وورد من مسند أبي هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله يقول لثوبان كيف أنت يا ثوبان؟ أخرجه أحمد (8713) وفي سنده أبو جعفر المدائني ضعيف.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: مختار بن سلام بتاريخ (7) ربيع الآخر (1445 هـ) الموافق (22/ 10/ 2023 م): كل طرقه ضعيفة.
(1)
هو ابن عياش.
من خرج مجاهدًا فهو في سبيل الله
قال أبو يعلى في «مسنده» رقم (6357): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ حَاجًّا فَمَاتَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ الْحَاجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فَمَاتَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ الْمُعْتَمِرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ الْغَازِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وتابع سَبَلَانَ سالمُ بْنُ جَلْدَةَ، أخرجه ابن شاهين في «الترغيب والترهيب» (438).
وخالفهما الحسين بن عبد الأول فقال: عن أبي معاوية عن ابن إسحاق عن حُميد الطويل. بدل (جميل). أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (4100).
وخالفهم عمرو بن علي فقال: عن أبي معاوية عن هلال بن ميمونة عن عطاء عن أبي هريرة، ووَهَّمه الدارقطني فيه كما في «علله» (2154).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (25) محرم (1445 هـ) الموافق (12/ 8/ 2023 م) إلى ضعف الخبر؛ لأنه من رواية أبي معاوية في غير الأعمش، وجميل بن أبي ميمونة مجهول، وابن إسحاق قد عنعن.
وجوب قتال الكافر المحارب
المحتل أو المداهم بلاد المسلمين
أدلة ذلك من الكتاب والسنة والإجماع فمن الكتاب العزيز قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]
ومن السنة ما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2504) - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حُميدٍ عن أنسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«جاهِدوا المشركين بأَموالِكم وأَنفُسِكُم وأَلسنتِكم» .
تابع موسى بن إسماعيل جمع-يزيد بن هارون وعفان بن مسلم وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وحسن بن موسى الأشيب، وعمرو بن عاصم، وسليمان بن حرب كما عند الدينوري في «المجالسة» (1144)
(1)
وصرح بسماع حميد من أنس-.
(1)
وصاحب المجالسة اسمه أحمد بن مروان الدينوري المالكي قال فيه الذهبي في «ميزان الاعتدال» (1/ 156): اتهمه الدارقطني، ومشاه غيره.
وللشيخ مشهور تحقيق على الكتاب وترجمة للمؤلف انظرها.
والخلاصة: أن إسناده صحيح وحميد وإن كان مدلسًا
(1)
عن أنس فمدفوع بأمرين:
1 -
التصريح في المجالسة للدينوري.
2 -
التنصيص من العلماء كابن معين والعقيلي وابن حبان
(2)
على الواسطة التي يحذفها حميد وهي ثابت البناني وهو ثقة ومن أصحاب أنس رضي الله عنه.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمود بن ربيع بتاريخ 26/ جمادى الأولى 1445 موافق 10/ 12/ 2023 م إلى صحة الإسناد.
وأما الإجماع فنقله جمع -أبو بكر الجصاص
(3)
وابن حزم
(4)
وابن عطية
(5)
والقرطبي في «تفسيره» (8/ 151) وابن القطان في «الإقناع» ، وابن تيمية في «الفتاوى الكبرى» (5/ 537، 538) والمرداوي في «الإنصاف» (10/ 14) وإليك نص ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: 119): واتفقوا ان دفاع المشركين وأهل الكفر عن بيضة أهل الإسلام وقراهم وحصونهم وحريمهم إذا
(1)
وصفه بالتدليس النسائي وأبو زرعة العراقي.
(2)
قال العلائي في «جامع التحصيل» (ص: 168): قال أبو عبيدة الحداد عن شعبة: لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا والباقي سمعها من ثابت أو ثبته فيها ثابت.
قلت (العلائي) فعلى تقدير أن يكون مراسيل قد تبين الواسطة فيها وهو ثقة محتج به.
(3)
«أحكام القرآن» (4/ 312).
(4)
في «مراتب الإجماع» (ص/ 119).
(5)
في «المحرر الوجيز» (1/ 289).
نزلوا على المسلمين فرض على الأحرار البالغين المطيقين.
وقال ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 289): واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين سقط عن الباقين، إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام، فهو حينئذ فرض عين.
دفاع ولي الأمر أو الخليفة أو الحاكم
عن أهل الذمة والمستأمنين في بلاد المسلمين
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (3052) - حَدثنا مُوسَى بْنُ إِسمَاعِيلَ، حَدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ
(1)
، عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه، قَالَ: وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ
(2)
، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ.
قال ابن بطال في «شرح صحيح البخارى» (5/ 214): لا خلاف بين العلماء فى القول بهذا الحديث؛ لأنهم إنما بذلوا الجزية على أن يأمنوا فى أنفسهم وأموالهم وأهليهم.
قال القرافي في «الفروق» (3/ 14 - 15):
اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْ التَّوَدُّدِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا
(1)
هو الأودي وفي «جامع التحصيل» (ص: 247) للعلائي: أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصدق إليه ولم يره فهو تابعي وإنما ذكر في الصحابة للمعاصرة.
وهناك عمرو بن ميمون الجزري من رجال الكتب الستة وهو ثقة من السادسة ورأس في السنة والورع.
(2)
قوله: (وأن يقاتل من ورائهم) أراد به دفع الكافر الحربي، ونحوه عنهم. كما في «عمدة القاري» (14/ 297) للعيني.
جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1] الْآيَةَ فَمَنَعَ الْمُوَالَاةَ وَالتَّوَدُّدَ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} [الممتحنة: 8] الْآيَةَ وَقَالَ فِي حَقِّ الْفَرِيقِ الْآخَرِ {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 9] الْآيَةَ.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «اسْتَوْصُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ خَيْرًا» وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «اسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا» فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ النُّصُوصِ وَإِنَّ الْإِحْسَانَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ مَطْلُوبٌ وَأَنَّ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا وَالْبَابَانِ مُلْتَبِسَانِ فَيَحْتَاجَانِ إلَى الْفَرْقِ وَسِرُّ الْفَرْقِ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ يُوجِبُ حُقُوقًا عَلَيْنَا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِي جِوَارِنَا وَفِي خَفَارَتِنَا وَذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَدِينِ الْإِسْلَامِ فَمِنْ اعْتَدَى عَلَيْهِمْ وَلَوْ بِكَلِمَةِ سُوءٍ أَوْ غِيبَةٍ فِي عِرْضِ أَحَدِهِمْ أَوْ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذِيَّةِ أَوْ أَعَانَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ ضَيَّعَ ذِمَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَذِمَّةَ دِينِ الْإِسْلَامِ.
وَكَذَلِكَ حَكَى ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ لَهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَجَاءَ أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى بِلَادِنَا يَقْصِدُونَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَخْرُجَ لِقِتَالِهِمْ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَنَمُوتَ دُونَ ذَلِكَ صَوْنًا لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ دُونَ ذَلِكَ إهْمَالٌ لِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَحَكَى فِي ذَلِكَ إجْمَاعَ الْأَمَةِ فَقَدْ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ صَوْنًا لِمُقْتَضَاهُ عَنْ الضَّيَاعِ إنَّهُ لَعَظِيمٌ وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الذِّمَّةِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ وَتَعَيَّنَ عَلَيْنَا أَنْ نَبَرَّهُمْ بِكُلِّ أَمْرٍ لَا يَكُونُ ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى مَوَدَّاتِ الْقُلُوبِ وَلَا تَعْظِيمِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ فَمَتَى أَدَّى إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ امْتَنَعَ وَصَارَ مِنْ قِبَلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي الْآيَةِ وَغَيْرِهَا.
أفاده الباحث محمود بن ربيع بتاريخ 26/ جمادى الأولى 1445 موافق 10/ 12/ 2023 م مع شيخنا ووقف النقاش على مسألة تترس الكفار بالمسلمين.
حد ما بين الصغير والكبير
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1868): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَالِ.
تابع عبدَ الله بن نمير جم غفير، منهم يحيى القطان كما عند البخاري (4097)، وحماد بن أسامة، أخرجه البخاري (2664).
وخالفهم ابن جُريج فزاد: «ولم يرني بَلَغْتُ» أخرجها ابن حبان (4728) والدارقطني (4202).
وقال البيهقي في «السنن الكبير» (6/ 91): قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفٌ غَرِيبٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث عبده بن غانم أبي صهيب الدقهلاوي، بتاريخ (4) محرم (1444 هـ) الموافق (2/ 8/ 2022 م): زيادة «ولم يرني بلغتُ» شاذة.
كلمة السر أو الشعار
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (2597) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنْ بُيِّتُّمْ فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حم لَا يُنْصَرُونَ» .
وتابع محمد بن كثير وكيع وأبو حذيفة وعبد الرزاق.
وتابع الثوري شريك أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (16615) - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أُرَاهُمُ اللَّيْلَةَ إِلَّا سَيُبَيِّتُونَكُمْ فَإِنْ فَعَلُوا فَشِعَارُكُمْ حم لَا يُنْصَرُونَ» .
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن سيد الفيومي بتاريخ (10) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (25/ 10/ 2023 م): إلى طلب ترجمة موسعة للمهلب بن أبي صفرة لأن الحافظ قال: كان من ثقات الأمراء.
أثر صوت أبي طلحة رضي الله عنه على المشركين
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (13105) - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ أَشَدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ فِئَةٍ» .
وتابع الإمام أحمد ابن أبي شيبة من رواية عبد بن حميد عنه كما في «المنتخب» (1382).
وهذا السند ظاهره الصحة لكن أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (33423) هكذا- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ» فجعل شيخ حماد علي بن زيد وهو ضعيف.
وتابع ابن أبي شيبة على ذكر (علي بن جدعان لكن مع الشك) عفان بن مسلم أخرجه أحمد (13604) هكذا: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ أَشَدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ فِئَةٍ» .
وتابعهما متابعة قاصرة مع ذكر سبب الورود ابن عيينة أخرجه الحميدي
(1)
في «مسنده» رقم (1236) - ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُدْعَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَنْثِلُ كِنَانَتَهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَجْثُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الْوِقَاءُ، وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ» .
وتابع علي بن زيد عبد الله بن محمد بن عقيل أخرجه أبو الشيخ في «أمثال الحديث» رقم (197) - حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْدَانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ
(2)
، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ أَنَسٍ، لَا
(1)
تابع الحميدي جماعة على ذكر سبب الورود سعيد بن منصور وحسين بن محمد وعلي بن المديني وأبو خيثمة وآخرون دون سبب الورود.
(2)
وأبو حذيفة هو موسى بن مسعود، أبو حذيفة النهدى البصرى قال فيه عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبى و ذكر قبيصة، وأبا حذيفة، فقال: قبيصة أثبت منه حديثا فى حديث سفيان، أبو حذيفة شبه لا شاء، و قد كتبت عنهما جميعا.
أما ابن معين فقال: قال عثمان بن سعيد الدارمى: قلت ليحيى بن معين: أبو حذيفة؟ قال: هو مثلهم. يعنى: مثل عبد الرزاق، و قبيصة، ويعلى، وعبيد الله فى الثورى.
و قال أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز، سئل يحيى بن معين عن أبى حذيفة، فقال: لم يكن من أهل الكذب. قيل ليحيى: إن بندار يقع فيه. قال يحيى: هو خير من بندار و من ملء الأرض مثله.
و قال بندار: موسى بن مسعود ضعيف فى الحديث. كتبت عنه كثيرا ثم تركته.
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سألت أبى عن أبى حذيفة، فقال: صدوق، معروف بالثورى، كان الثورى نزل البصرة على رجل و كان أبو حذيفة معهم، فكان سفيان يوجه أبا حذيفة فى حوائجه، ولكن كان يصحف، وروى أبو حذيفة عن سفيان بضعة عشر ألف حديث و فى بعضها شاء.
أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ»
وتابع أبا حذيفة قبيصة لكن بالشك هل هو من مسند أنس أو جابر رضي الله عنهما
(1)
كما في «مسند الحارث» (1022) وبعطف أنس على جابر أخرجه الحاكم في «مستدركه» (5503) وقال عقبه: لَمْ يَكْتُبْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَرُوَاتُهُ عَنْ آخِرِهِمْ ثِقَاتٌ
(2)
، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا الْمَتْنُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَنَسٍ "
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ بتاريخ 22/ جمادي الأولى 1445 موافق 6/ 12/ 2023 م: طرقه فيها مقال. ا هـ.
قلت (أبو أويس) ووجهة من يصحح هو الأرجح لدي وبخاصة أنه في الفضائل:
1 -
صحة إسناد يزيد ولا مانع من تعدد مشايخ حماد.
2 -
جبر طريق علي بن زيد بعبد الله بن محمد بن عقيل.
ووجهة من يضعف:
1 -
تقديم غير الجادة للقرآن الآتية:
أ-عفان أثبت من يزيد في حماد ولم يختلف عليه وقد توبع متابعة قاصرة من ابن عيينة.
(1)
وسمع ابن عقيل من جابر كما في «التاريخ الكبير» (5/ 183): سَمِع ابْن عُمَر، وجَابِرا، والطُّفَيل بْن أُبَيّ رضي الله عنهم.
(2)
بل عبد الله بن محمد بن عقيل مختلف فيه.
ب-تضعيف بن عقيل وعلي بن زيد.
وقول الحاكم عقب طريق ابن عقيل: " لَمْ يَكْتُبْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَرُوَاتُهُ عَنْ آخِرِهِمْ ثِقَاتٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا الْمَتْنُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَنَسٍ.
تنبيه: جعل العلامة الألباني سفيان في هذا الخبر ابن عيينة والمنصوص عليه في الطرق تارة ابن عيينة وأخرى سفيان الثوري
(1)
.
(1)
حيث قال في «السلسلة الصحيحة» (4/ 548): والظاهر أن ابن عيينة كان يرويه عنه تارة وعن ابن جدعان تارة أخرى، إلا أن الأول كان يزيد في السند جابرا، أو يتردد بينه وبين أنس، والحديث حديث أنس، ويؤيده أن أحمد أخرجه (3/ 203) من طريق آخر فقال: حدثنا يزيد بن هارون: أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به مرفوعًا.
غزوة بدر
مكانة المقداد بن الأسود رضي الله عنه في القتال
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (1023): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ
(1)
، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ
(2)
وتابع ابنَ مهدي الطيالسيٌّ (118) وتابعهما محمد بن جعفر، أخرجه أحمد (1023، 1161)
(3)
وفي «مسند أحمد» (1161) قال أبو إسحاق سمعت حارثة.
وتابع شعبةَ سفيان الثوري كما عند أبي نُعيم في «الحِلية» (9/ 25): حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا حَامِدُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «مَا
(1)
ورواه يحيى القطان عن شعبة مختصرًا بنهاية المتن، أخرجه أبو يعلى (305).
(2)
(غَيْر) بالرفع والنصب.
(3)
ورواه محمد بن جعفر كما عند النسائي (825)، وابن مهدي كما في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» (571)، ومعاذ بن معاذ كما في «تعظيم قدر الصلاة» (213) مختصرًا: «لقد رأيتنا
…
حتى أصبح».
كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَادِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا قَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَةٍ، يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ». وقال: لَمْ يَرْوِهِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا ابْنُ مَهْدِيٍّ.
وتابع الثوريَّ وشعبة أبو الأحوص، أخرجه سعيد بن منصور في «تفسيره» رقم (2506): نا أبو الأحوص، نا أبو إسحاق، عن حارثة بن مُضرِّب قال: كان علي رضي الله عنه يقول: {والعاديات ضبحا} هي الإبل. وكان ابن عباس يقول: هي الخيل. فقال علي لابن عباس: ما كان معنا يوم بدر فارس غير فارس واحد: المقداد بن الأسود، وكان على فرس له أبلق
(1)
.
وتابع أبا الأحوص إسرائيلُ بن يونس ويوسف بن أبي إسحاق، ذَكَرهما الدارقطني في «علله» (348).
وخالفهم جميعًا عمر بن أبي زائدة فقال: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: مَا كَانَ مَعَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا - ذَكَرَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَارِسٌ إِلا الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ، فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ يُمَازِحُهُ: فَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَقَالَ الْبَرَاءُ: إِنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا فَرَّ يَوْمَئِذٍ، كَانَ وَاللَّهِ إِذَا اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَاحْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِهِ. أخرجه أبو عَوانة في «مستخرجه» (7203) والبيهقي في «دلائل النبوة» (3/ 38) وابن عَدي في «الكامل» (254).
الخلاصة: أن الأرجح رواية الجماعة. وقال الدارقطني في «علله» (348): والصحيح حديث حارثة.
(1)
أَبْلَقُ الذي فيه سواد وبياض. كما في «لسان العرب» (5/ 3696).
انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن حامد بن علي بن عمران أبي تيمية
(1)
بتاريخ (22) محرم (1445 هـ) الموافق (9/ 8/ 2023 م) إلى صحته؛ لأنه ليس في الأحكام، وطَلَب النظر في سماع حارثة من علي رضي الله عنه، فأجاب الباحث بأن البخاري أَثْبَتَ السماع في «التاريخ الكبير» .
وكان قد صححه معي من قبل في «ريّ الظمآن في سيرة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم» .
(1)
وُلد بتاريخ (29/ 1/ 1991 م) بقرية كفر سنجاب التابعة لمركز تمي الأمديد، بمحافظة الدقهلية، حاصل على ليسانس حقوق جامعة المنصورة. وقد أجازه الشيخ العوضي بن مصطفى، المقيم بقرية السعودية، بمركز تمي الأمديد، بقراءة عاصم.
وهو ما زال يَدرس بعالية القراءات. وهذا أول حديث للعرض والتدرب.
هل ثَبَت خبر في غزو الهند؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22396): حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الْوُصَابِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَدِيٍّ الْبَهْرَانِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ» .
وتابع أبا النضر أسدُ بن موسى، أخرجه النَّسَائي (3175).
وتابع شيخَي بقيةَ الجَرَّاحُ بن مَلِيح، أخرجه ابن أبي عاصم في «الجهاد» (42)، والطبراني في «مسند الشاميين» (1851).
قال الطبراني في «المعجم الأوسط» (7/ 24): لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ثَوْبَانَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ الزُّبَيْدِيُّ.
والخلاصة: أن علة هذا الخبر:
1 -
لقمان بن عامر، ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه.
2 -
عبد الأعلى من شيوخ حَرِيز الذين وثقهم أبو داود في الجملة، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وترجمه البخاري وذَكَر له هذا الخبر. وترجمه كذلك ابن أبي
حاتم، ولم يَذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ووجهة العَلَّامة الألباني في تصحيحه في «الصحيحة» (1934) أن بقية صَرَّح بالتحديث، وقَبِل مَنْ فوقه.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (5) رمضان (1444 هـ) الموافق (27/ 3/ 2023 م) إلى ضعف الخبر.
لا يَثنيك الجوع عن نصرة دين الله
قال ابن سعد في «الطبقات» رقم (1013): أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبي طَلِيقٍ أُمِّ الحُصَيْنِ قَالَتْ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ جَزءٍ أَبو بَحرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَشُدُّ صُلْبَهُ بِالحَجَرِ مِنَ الغَرَثِ
(1)
.
وتابع حبان محمدُ بن زياد القرشي، أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (488) وفي سنده وضاع وكذاب.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (14) صفر (1445 هـ) الموافق (30/ 8/ 2023 م) إلى ضعفه، وأن شاهد الترمذي
(2)
المختصر مستقل بذاته وإسناده صحيح.
قلت: بل مُعَل؛ لأنه مختصر من قصة في «الصحيحين» هكذا، أخرجها الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1612): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ
(1)
بغين معجمة وراء مفتوحة فمثلثة: الجوع. لكن مر أن جوعه كان اختيارًا لا اضطرارًا. «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/ 276).
(2)
عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: «أَلِطَعَامٍ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا» .
قَالَ: فَانْطَلَقَ، وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتْ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ حَتَّى دَخَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ
(1)
، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ.
(1)
أي: أصلحته بالإدام.
وتابع يحيى بنَ يحيى عبدُ الله بن يوسف، أخرجه البخاري رقم (3578).
وتابعهما إسماعيل كما عند البخاري (5381).
وتابع إسحاقَ بن عبد الله أخوه يعقوب، أخرجه مسلم في المتابعات «صحيح مسلم» (2)(3/ 1614).
وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ، وَقَدْ عَصَّبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ. قَالَ أُسَامَةُ: وَأَنَا أَشُكُّ: عَلَى حَجَرٍ. فَقُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: لِمَ عَصَّبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَطْنَهُ؟ فَقَالُوا: مِنَ الْجُوعِ. فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ عَصَّبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا: مِنَ الْجُوعِ. فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى أُمِّي فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ أَشْبَعْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَلَّ عَنْهُمْ
…
ثُمَّ ذَكَرَ سَائِرَ الْحَدِيثِ بِقِصَّتِهِ.
وأخرجه الترمذي (2237) مختصرًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ:«شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الجُوعَ، وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَجَرَيْنِ» .
والخلاصة: أن وجه الربط بين الطريقين عن أنس رضي الله عنه مع اتساع المَخرج:
1 -
ذِكر الحجر عند مسلم على الشك، وعند الترمذي على الجزم.
2 -
ذِكر الجوع.
3 -
أصل القصة متفق عليها بذكر الجوع دون الحجر، إلا ما ورد سابقًا على الشك عند مسلم.
4 -
استغراب الترمذي إياه، فقد قال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ.
5 -
الحمل في الاختصار على سَيَّار بن حاتم
(1)
واختار شيخنا مع الباحث أحمد النمر، بتاريخ (9) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (24/ 9/ 2023) أن رواية الترمذي مَخرجها واسع، ولا تُعَل بالاختصار لكن تُعَل بضعف سندها.
(1)
سأل أبو داود عنه القواريري فقال: لم يكن له عقل، كان معي في الدكان. قلت للقواريري: يُتهَم بالكذب؟ قال: لا.
وقال أبو أحمد الحاكم: في حديثه بعض المناكير.
وقال العقيلي: أحاديثه مناكير، ضَعَّفه ابن المديني.
وذَكَره ابن حبان في كتاب «الثقات» وقال: كان جَمَّاعًا للرقائق.
متى يُطلَق على الشهيد شهيد؟
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (2829): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ» .
وتابع عبدَ الله بن يوسف قتيبةُ، أخرجه البخاري (652).
وتابعهما يحيى بن يحيى، أخرجه مسلم (1914).
وزاد سهيل عن أبيه: (النُّفَسَاء) فيما أخرجه الإمام أحمد (8092): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟» قَالُوا: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: «إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ، وَالْبَطَنُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ» .
وتابع أبا صالح عمرُ بن الحكم بن ثوبان وعنده زيادات، فيما أخرجه أحمد في «مسنده» (9695): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ- عَنْ أَبِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ؟» قَالُوا: الَّذِي يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ. قَالَ: «إِنَّ الشَّهِيدَ فِي أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، الْقَتِيلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالطَّعِينُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْمَجْنُوبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ» ، قَالَ مُحَمَّدٌ:«الْمَجْنُوبُ صَاحِبُ الْجَنْبِ» .
وأبو مالك بن ثعلبة مقبول، وقد زاد:«وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْمَجْنُوبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ» .
والخلاصة: قال شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (13) صفر (1445 هـ) الموافق (29/ 8/ 2023 م): سند صحيح عند أحمد، وقد رواه بعضهم بألفاظ مختلفة، وما زلنا بصدد تخريج سائر الطرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت لشيخنا: تبويب البخاري: بَابٌ: الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى القَتْلِ.
فقال: هذا مصير منه إلى التصحيح وإن لم يُخرج اللفظتين الأخيرتين على شرطه في «صحيحه» .
قال الإمام مالك في «موطئه» رقم (629): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكٍ، وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرٍ، أَبُو أُمِّهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ» . فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَلَ جَابِرٌ يُسَكِّتُهُنَّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوُجُوبُ؟ قَالَ:«إِذَا مَاتَ» فَقَالَتِ ابْنَتُهُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا؛ فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْقَعَ
أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ
(1)
شَهِيدٌ».
وتابع مالكًا أبو العُمَيْس، أخرجه ابن ماجه (2814).
والخلاصة: أن رجاله ثقات إلا عَتِيك بن الحارث، ذَكَره ابن حبان في «الثقات» ولم يَرْوِ عنه إلا ابنه، وقال ابن حجر: مقبول.
وكَتَب شيخنا مع الباحث حسان بن عبد الرحيم، بتاريخ (4) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (19/ 10/ 2023 م): لفظة الحرق من حديث جابر بن عَتِيك، وسنده فيه عَتِيك بن جابر، أقرب للجهالة، وما سوى ذلك من الفقرات فلها شواهد من حديث أبي هريرة، والله أعلم.
(1)
قوله: (بجمع) بالضم والكسر لغتان. كما في «التمهيد» (19/ 208)، وقوله:«المرأة تموت بجمع» فيه قولان:
أحدهما: المرأة تموت من الولادة وولدها فى بطنها قد تم خلقه، وقيل: إذا ماتت من النفاس فهو شهيد سواء ألقت ولدها وماتت، أو ماتت وهو فى بطنها.
والقول الثانى: هى المرأة تموت عذراء قبل أن تحيض لم يمسها الرجال. والأول أشهر فى اللغة.
تَعامُل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأسرى
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1764): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ:«مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ:«مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ، مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ! وَاللهِ، مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ! وَاللهِ، مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ
بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ! وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا وَاللهِ، لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه البخاري (462): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، بِهِ.
أولًا- قصة ثُمَامَة متفق عليها.
ثانيًا- هناك زيادات على السياق المتفق عليه فيها ضعف، كأمره صلى الله عليه وسلم ثُمامة بالاغتسال من حديثَي قيس بن عاصم والصحيح أنه هو الذي اغتسل.
ثالثًا- مقولات ذُكرت في كتب السِّير لم يقف الباحث لها على سند، منها:
قوله في الرد على مُسيلِمة الكذاب:
مسيلمة ارجع ولا تمحك
…
فإنك في الأمر لم تشرك
(1)
دعانا إلى ترك الديانة والهدى
…
مُسيلِمة الكذاب إذ جاء يسجع
(2)
أفاده الباحث محمد بن عادل بن مصباح مع شيخنا، ضمن رسالته «نَيل الوسام في شرح حديث ثُمامة بن أُثال» بتاريخ (29) محرم (1445 هـ) الموافق (17/ 8/ 2023 م).
(1)
«مختصر سيرة الرسول» (ص/ 280) لابن كثير.
(2)
انظر: «الاستيعاب» (1/ 216) و «الوافي بالوَفَيَات» (11/ 16).
كتاب الدعوات
فضل الدعاء
وردت فيه أخبار:
1 -
قال الطبراني في «الأوسط» رقم (5591): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ فِي الدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ» .
وخالف حفصَ بن غِيَاث ثلاثة فأوقفوه:
1 -
محمد بن فُضيل الضبي في كتابه «الدعاء» (54).
2 -
إسماعيل بن زكريا، أخرجه أبو يعلى (4469) وغيره.
3 -
علي بن مُسهِر، كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (1042).
والخلاصة: انتهى شيخنا إلى إعلاله بالوقف وأن الوقف صحيح، مع الباحث عبد التواب بن محمد الفيومي، بتاريخ الخميس (28) شوال (1444 هـ) الموافق (18/ 5/ 2023 م).
وكَتَب شيخنا: الخبر ضعيف الإسناد مرفوعًا، ومعلول بالوقف كذلك، ولفظة (أبخل الناس)[لها] شواهد فلتُحرَّر. اه.
وله شواهد:
منها حديث عبد الله بن مُغفَّل كما عند الطبراني في «الدعاء» (61)، وفي سنده زيد بن الحَرِيش، مجهول الحال.
ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه ابن شاهين في «الترغيب» (492)، وفي سنده عطاء بن عجلان، متروك، منكر الحديث.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8748): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ» .
وعمران في قتادة فيه ضعف.
تنبيه: أَخْرَج القُضاعي في «مسند الشهاب» من طريق ابن مهدي عن أبان العطار عن قتادة، فيَظن شخص أنها متابعة لعمران، والظاهر أنها خطأ أو تصحيف لأمرين:
1 -
السند العالي جماعة عن ابن مهدي عن عمران، ليس عن أبان.
2 -
في السند إلى أبان العطار بشار الخَفَّاف، ضعيف.
وسعيد بن أبي الحسن أخو الحسن البصري، والحسن البصري لم يَسمع من أبي هريرة، ونَصَّ بعض العلماء على أن الحسن أكبر من سعيد، ومات الحسن بعد سعيد فلا يُدرَى أسَمِع سعيد من أبي هريرة أم لا. قاله الباحث.
وفي السند عنعنة قتادة وإن كان من أصحاب الحسن.
الدعاء هو العبادة
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18436): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يُسَيْعٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، وَيَقُولُ:«إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
تابع ابنَ مهدي عبدُ الرزاق، كما عند أحمد (18352).
ورواه جمع عن الأعمش وجمعٌ عن منصور، كلاهما عن ذر، وجاء منسوبًا عند ابن ماجه (3828): ذَرّ بن عبد اللَّه الهَمْداني. وعند ابن المقرئ (1/ 267): ذَرٍّ أبي عمر الهَمْدانيّ. وفي رواية لأحمد رقم (18432) نَسَبه للهَمْداني، وقال رقم (18437):«أُخْبِرْتُ أَنَّ أُسَيْعًا هُوَ يُسَيْعُ بْنُ مَعْدَانَ الْحَضْرَمِيُّ» وفي «التوحيد» لابن منده (2/ 180): ذَرّ بن عبد اللَّه.
وقال أبو نُعيم في «حِلْيَة الأولياء» (8/ 120): لا يُعرَف هذا الحديث إلا من حديث ذر، وهو ذر بن عبد الله الهَمْداني أبو عمر بن ذر، يُعرَف بيُسَيْع الحضرمي، رواه عن ذرٍّ الأعمشُ ومنصور، ورواه عن الأعمش جماعة، وعن منصور: الثوري وشُعبة وشيبان وجرير
…
وغيرهم.
وقال الحاكم عقبه: صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، وقد رواه شُعبة وجرير عن منصور عن ذَرّ.
و (ذر) وثقه ابن مَعِين والنَّسَائي وابن خِرَاش. وقال أحمد: ما بحديثه بأس. وقال البخاري: صدوق في الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» مِنْ عُبَّاد أهل الكوفة، واتُّهم بالإرجاء. وفي سنده شَريك.
ويُسَيْع الكِنْدي وثقه النَّسَائي. وقال ابن المديني: معروف. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
والخلاصة: لديَّ أن إسناده صحيح، وذر بن عبد الله يَتحمل. بتاريخ (6) رمضان (1444 هـ) الموافق (28/ 3/ 2023 م).
الدعاء كله خير
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (11133): حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا» قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ» .
تابع أبا عمر: أبو أسامة وشيبان بن فَرُّوخ وجعفر بن سليمان ومحمد بن يزيد وعلي بن الجعد.
وخالفهم علي بن الجعد كما في «مسنده» (3283) فأرسله. ورواية الجماعة أصوب.
وتابعهم متابعة قاصرة قتادة عن أبي المتوكل الناجي، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (35) وفي سنده سعيد بن بشير روايته عن قتادة ضعيفة.
والخلاصة: أن الوصل هو الصواب، وإسناده حسن لحال علي بن علي الرفاعي فهو لا بأس به.
وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد التواب بن محمد الفيومي، بتاريخ (18) ذي القعدة (1444) الموافق (7/ 6/ 2023 م): تفضلًا استعن بالله لمعرفة علة المتن.
وله شواهد ضعيفة:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه أحمد (9785) وغيره. وفي سنده عبيد الله عم عبيد الله بن عبد الرحمن. وله طريق آخَر فيه ليث بن أبي ليث، ضعيف.
2 -
عن عبادة رضي الله عنه، أخرجه أحمد (29785) والترمذي (3573) من طريق ابن ثوبان، مُختلَف فيه. وله طريق آخَر في سنده مسلمة بن علي، متروك.
3 -
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وعنه ثلاثة طرق:
أ-أبو الزبير وعنه ابن لَهيعة، أخرجه الترمذي (2381) وأحمد (14879).
ب-خالد بن سعيد، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3772) وفي سنده إسماعيل بن عبد الله بن خالد، مجهول.
ت-محمد بن المنكدر، أخرجه الحاكم (1819) وفي سنده الفضل بن عيسى، ضعيف جدًّا.
سؤال الله العافية
أَخْرَج الإمام أحمد (1783): عَنِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَدْعُو بِهِ. فَقَالَ:«سَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ» قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَدْعُو بِهِ. قَالَ: فَقَالَ: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .
وتابع عبدَ الله بن الحارث عبدُ الله بن عباس، أخرجه أحمد (1766)، وفيه بعض بني عبد المُطَّلِب. ورقم (1767) وفيه رجل من بني عبد المُطَّلِب.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن عبد الباسط، بتاريخ (4) رمضان (1444 هـ) الموافق (26/ 3/ 2023 م): يصح لشواهده. اه.
وله شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه الحاكم في «مُستدرَكه» رقم (1963): حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَمِّهِ:«أَكْثِرِ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ» .
تابع عبدَ الواحد عبادُ بن العَوَّام، أخرجه الحاكم (11908) وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظٍ آخَرَ.
وأخرجه البيهقي في «الدعوات» (281).
تنبيه: مما يُعَل به هذا الشاهد ويُبيِّن قوة تعليق الحاكم، وإن لم يقف عليه الحاكم عند مسلم: ما أخرجه الإمام مسلم رقم (2697): حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ- يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ- حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ مَنْ أَسْلَمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» .
[و] حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَزْهَرَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، بِهِ.
وله شاهد آخَر من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، أخرجه الحاكم (6417)، والطبراني (192) لكن في سند الطبراني سليمان الشاذكوني، وهو متروك.
سؤال الله الحوائج وإن دقت أو صغرت
قال تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34]، {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32]، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} [المؤمنون: 17] على وجه، وهو أن الله لا يشغله شيء عن طلب عباده.
وقال الترمذي في «سُننه» رقم (3604): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ السِّجْزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قَطَنٌ البَصْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا، حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ» .
وتابع قَطَنَ بن نُسَيْر سَيَّارُ بن حاتم، أخرجه البزار (3135).
خالفهما اثنان فأرسلاه:
1 -
صالح بن عبد الله، أخرجه الترمذي (3683).
2 -
عُبيد الله بن عمر، أخرجه ابن عَدِيّ (1596)، ومِن طريقه البيهقي في «الشُّعب» (1079).
وروايتهما أصوب لثقتهما، ولأن قَطَن بن نُسَيْر رُمي بسرقة الحديث، وأَخْرَج له مسلم حديثًا واحدًا مُتابَعة، في قصة ثابت بن قيس بن شَمَّاس. وسَيَّار مُنكَر الحديث.
والخلاصة: أن الخبر ضعيف.
وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد التواب بن محمد، بتاريخ (15) شعبان (1444 هـ) الموافق (7/ 3/ 2023 م): مرسل ضعيف، رواية جعفر عن ثابت فيها ضعف.
وله شاهد آخَر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البيهقي في «الشُّعب» (1079) وفي سنده مُعارِك بن عَبَّاد، وهو ضعيف. وفي السند أيضًا عبد الله بن سعيد المقبري أبو عَبَّاد، وهو ضعيف جدًّا.
وله أيضًا شاهد مُرسَل عن بكرٍ المُزَني، أخرجه البيهقي. وسنده قابل للتحسين لحال معاوية بن عبد الكريم.
قال أبو يعلى في «مسنده» (4560): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الوَضَّاحِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الشِّسْعَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ» .
وتابع هشامًا والدُ إبراهيم بن سعيد، أخرجه البيهقي في «الشُّعب» (1081)، وإسناد أبي يعلى صحيح موقوفًا.
هل ثبتت الاستعاذة عند نُباح الكلاب؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (14283): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ح وَيَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، الْمَعْنَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ-: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ
(1)
مِنَ اللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَغَطُّوا الْجِرَارَ وَأَكْفِئُوا الْآنِيَةَ» قَالَ يَزِيدُ: وَأَوْكُوا الْقِرَبَ.
وخالفهما-يزيد ومحمدً-:
1 -
عبدة، هو ابن سليمان، فرواه مختصرًا: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ
(2)
الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ» أخرجه أبو داود
(1)
الاستعاذة عند نهيق الحَمِير متفق عليها من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ، فَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا. وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمَارِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا» .
أخرجه البخاري (3127)، ومسلم (2729).
(2)
في «المُفهِم» (4/ 29) لأبي العباس القرطبي: «الرُّغَاء» للإبل، و «الثُّغَاء» للغنم، و «النُّهاق» للحَمِير، و «النُّعَاق» للغراب، و «اليعار» للمعز خاصة؛ ومنه: شاة تَيْعَر، و «الحمحمة» للفرس، و «الصياح» للإنسان. كل ذلك أصواتُ مَنْ أضيفت إليه.
(5103)
.
2 -
عبد الأعلى، هو ابن عبد الأعلى، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (30425) وعبد بن حميد (1155) وابن حبان (1996).
3 -
أحمد بن خالد، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (1234).
وخالف محمدَ بن إبراهيم ابنُ جريج، أخرجه البخاري (3280) ولفظه:«إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ» .
وتابع عطاءً جمهور الرواة عن جابر: عطاء بن أبي رباح، وسليمان بن بلال وشُرحبيل بن سعد، وطَلْق بن حبيب، وعمرو بن دينار، وأبو صالح وأبو سفيان، وأبو الزبير، ووهب بن مُنبِّه، وسعيد بن زيد، نحو حديث ابن جريج. انظر البخاري (3316) ومسلمًا (2012) وغيرهما.
وورد للاستعاذة عند نُباح الكلاب سند ضعيف فيه اختلاف، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (1235): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
(1)
وفي «الأدب المفرد» رقم (1233): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَقِلُّوا الْخُرُوجَ بَعْدَ هُدُوءٍ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ دَوَابَّ يَبُثُّهُنَّ، فَمَنْ سَمِعَ نُبَاحَ الْكَلْبِ أَوْ نُهَاقَ حِمَارٍ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ» .
وسعيد بن زياد مجهول واهٍ.
حُسَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ ابْنُ الْهَادِ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«أَقِلُّوا الْخُرُوجَ بَعْدَ هُدُوءٍ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ خَلْقًا يَبُثُّهُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ أَوْ نُهَاقَ الْحَمِيرِ، فَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ» .
وشُرحبيل هو ابن سعد، ضعيف.
والخلاصة: أن وجهة الإعلال للاستعاذة عند نُباح الكلاب مع التقييد بالليل هي الدراسة المقارنة، ووجهة قَبولها اتساع المَخرج مع حسن الإسناد وهو الأَولى، ويؤيده مرسل عند عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (20041): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَا أُرَاهُ إِلَّا رَفَعَهُ. قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْخُرُوجَ بَعْدَ هَدْأَةِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ دَوَابَّ يَبُثُّهَا فِي الأَرْضِ تَفْعَلُ مَا تُؤْمَرُ بِهِ، فَإِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ نَهِيقَ حِمَارٍ أَوْ نُبَاحَ كَلْبٍ فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ» .
واختار شيخنا معي بتاريخ (14) شعبان (1444 هـ) الموافق (6/ 3/ 2023 م) اتساع المَخرج، وكَتَب على طريق ابن إسحاق: سند حسن.
وثَمة زيادة أخرى من مَخرج متسع عن جعفر بن عبد الله بن الحَكَم، عن القعقاع بن حكيم، عن جابر رضي الله عنه، وهي:«فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ» أخرجها مسلم (2014)، وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن عيد، إلى شذوذها.
فائدة: قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (31794): حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سَمِعَ نُهَاقَ الْحِمَارِ، قَالَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
والخلاصة: أن سنده ضعيف لضَعْف طلحة بن عمرو.
الدعاء للكافر بالهداية
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد العُمرين
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (5696)
(1)
: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» .
وتابع خارجةَ عبيدُ الله بن عمر، أخرجه الحاكم (4483) وتارة بجعله عن ابن عمر عن ابن عباس، أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (275)، والحاكم (4484).
وتابعهما يحيى بن سعيد، أخرجه البزار (5862) وفي سنده عصمة بن محمد، متروك.
وتابع نافعًا سالم بن عبد الله، أخرجه ابن أبي عاصم في «السُّنة» (1299): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَنْصُورٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدِينِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
(1)
وأخرجه الترمذي في «سُننه» رقم (3681): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، به.
سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ» قَالَ: فَجَعَلَ اللهُ الدَّعْوَةَ لِعُمَرَ خَاصَّةً فِي نَفْسِهِ، وَفِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِي ابْنِهِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللهِ مَا ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ أَبَا جَهْلٍ.
وسليمان بن أبي سليمان المديني لم يقف الباحث له على مُوثِّق.
وتابع الزهريَّ عمرُ بن عبد العزيز، أخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (5/ 361) وفي سنده مُضارِب بن بُدَيْل
(1)
، عن أبيه.
الخلاصة: أن طريق سالم ونافع كَتَب عليهما شيخنا مع الباحث إسلام بن السيد أبو المجد، بتاريخ (1) صفر (1445 هـ) الموافق (17/ 8/ 2023 م): حسن بطرقه، والله أعلم.
وله شواهد:
1 -
من حديث ابن عباس، أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (311) والترمذي (3683) وغيرهما، وفي سنده النضر أبو عمر، متروك.
2 -
أنس رضي الله عنه، أخرجه البزار (2119) وغيره. وفي سنده قاسم بن عثمان، ضعيف.
(1)
أفاد الباحث أحمد بن عبد العاطي أنه ربما تصحف (بديل) من (نزيل) وذلك بالنظر للشيخ والراوي عن بديل وهو محمد بن سهل انظر: «الإكمال لابن ماكولا» (1/ 264) ط الكتاب الإسلامي.
3 -
عائشة، أخرجه ابن حبان (6882)، وفي سنده عبد الملك بن الماجشون، ضعيف.
وله متابعة أخرى قاصرة، أخرجها الحاكم (4485) والبيهقي (13102) وفي سنده عبد الملك بن جعفر، ضعيف.
4 -
عن عمر رضي الله عنه، أخرجه الآجري في «الشريعة» (1347) والبزار (279) وفي سنده أسامة بن زيد بن أسلم، ضعيف.
5 -
ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه الحاكم (4486) وفي سنده والد عمر بن محمد بن الحسن، ضعيف.
6 -
مرسل الحسن، أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (338) وإسناده صحيح.
اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ
سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 489) ما أخرجه الإمام أحمد رقم (18940) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَيَّامَ حُنَيْنٍ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِشَيْءٍ، لَمْ نَكُنْ نَرَاهُ يَفْعَلُهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ، تَفْعَلُهُ فَمَا هَذَا الَّذِي تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ؟ قَالَ:«إِنَّ نَبِيًّا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْجَبَتْهُ كَثْرَةُ أُمَّتِهِ، فَقَالَ: لَنْ يَرُومَ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ خَيِّرْ أُمَّتَكَ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ، أَوِ الْجُوعَ، وَإِمَّا أَنْ أُرْسِلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، فَشَاوَرَهُمْ، فَقَالُوا: أَمَّا الْعَدُوُّ، فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ، وَأَمَّا الْجُوعُ فَلَا صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ، وَلَكِنِ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَأَنَا أَقُولُ الْآنَ، حَيْثُ رَأَى كَثْرَتَهُمْ،: اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» .
تابع عفان بن مسلم ستة -حجاج بن منهال ووكيع وسليمان بن حرب وأبو عمر الضرير وبهز بن أسد والحسن بن بلال- كلهم على التقييد بحنين وأكثرهم على (بعد الفجر).
خالفهم موسى بن إسماعيل كما عند ابن حبان (2027) فقال: (أيام خيبر بعد الفجر) وروايته شاذة بذكر (خيبر) بدلا من (حنين).
ورواه جماعة دون تقييد ب (حنين) أو (خيبر) وهم:
1 -
إبراهيم بن الحجاج أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (117).
2 -
روح بن عبادة أخرجه أحمد في «مسنده» (23928).
3، 4 - محمد بن عبد الله الخزاعي وعلي بن عثمان اللاحقي أخرجه الطبراني في «الدعاء» (664).
وخالف حمادًا في الأصح عنه معمرٌ فقال: «إذا صلى العصر قال» أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (9751) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ هَمَسَ، وَالْهَمْسُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ كَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ الْعَصْرَ هَمَسْتَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ أُعْجِبَ بِأُمَّتِهِ، فَقَالَ: مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ؟ فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ أَنْتَقِمَ مِنْهُمْ، أَوْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، فَاخْتَارُوا النِّقْمَةَ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا» قَالَ: وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَ بِهَذَا الْآخَرَ
…
أي حديث قصة أصحاب الأخدود
(1)
.
(1)
وقصة أصحاب الأخدود دون ذكر هذا الحديث الذي معنا عند مسلم (3005) من رواية هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة عن ثابت به وتابع هدبة قبيصة كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (482) وعفان كما عند أحمد (23931).
ورواية معمر متكلم فيها عن ثابت كما سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 20).
وتابعهما على الوصل
(1)
سليمان بن المغيرة لكن قال: «إذا صلى قال» .
والخلاصة: أن ظاهر إسناده الصحة كما سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 489) ثم أكد شيخنا هذه النتيجة مع الباحث: أبي عائشة محمد بن جمال الجيزاوي بتاريخ (6) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (20/ 11/ 2023 م) فكتب: الأظهر أن الأصح هنا بناء على ما أورده الأخ محمد جمال من التخريج أن الصواب (حنين بعد الفجر) والله أعلم.
(1)
اختلف عليه فتارة موصلًا كما في روايتي عفان بن مسلم وابن مهدي عنه أخرجه أحمد (18937، 23927) وتارة موقوفًا كما في «الآحاد والمثاني» (288)، وتارة مرسلا كما عند العقيلي في «الضعفاء» (1607) وحكى أبو حاتم في «العلل» (1655) الخلاف ورجح طريق حماد.
القنوت قبل الركوع
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (1002): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ القُنُوتِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ القُنُوتُ. قُلْتُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَبْلَهُ. قَالَ: فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ. فَقَالَ: كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا، يُقَالُ لَهُمُ: القُرَّاءُ، زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا، إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ.
وتابع عبدَ الواحد على لفظ (قبل الركوع) الإمامُ مسلم (677).
ومما يؤيد رواية عاصم ما أخرجه البخاري رقم (4088): حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ، يُقَالُ لَهُمُ: القُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: رِعْلٌ وَذَكْوَانُ، عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ مَعُونَةَ، فَقَالَ القَوْمُ: وَاللهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَتَلُوهُمْ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الغَدَاةِ، وَذَلِكَ بَدْءُ القُنُوتِ، وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ. قَالَ عَبْدُ العَزِيزِ: وَسَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا عَنِ القُنُوتِ: أَبَعْدَ الرُّكُوعِ، أَوْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ القِرَاءَةِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ القِرَاءَةِ.
ورواية حميد جمعت بين الاثنين «سُئل أنس عن القنوت
…
كل كنا نفعل بعد وقبل».
قال البزار في «مسنده» (13/ 109): هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ، مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بن سِيرِينَ وَأبُو مِجْلَزٍ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث نصر بن حسن الكردي، بتاريخ (22) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (7/ 10/ 2023 م): الأكثرون - على ما أورده نصر -حفظه الله- على أن القنوت بعد الركوع.
وقول عبد العزيز بن صُهيب يُخشَى أن يكون معلقًا عند خ
(1)
، فالله أعلم، ومما يُشعِر بذلك أن العلماء وَهَّمُوا عاصمًا لمَّا ذَكَر القنوت قبل الركوع، ولم يتعرضوا لرواية عبد العزيز.
(1)
رمز للبخاري.
كتاب عُلوم القرآن الكريم وفَضْله
فَضْل حامل القرآن العامل به
سَبَق في «سلسلة الفوائد» (6/ 76) حديث: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ:«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» .
ثم كَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن نصر الشاذلي، بتاريخ (13) شعبان (1444 هـ) الموافق (5/ 3/ 2023 م) على طريق عبد الرحمن بن بُديل: سنده حسن.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6799): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» .
وتابع ابنَ مهدي خمسةٌ: وكيع بن الجَرَّاح، ويحيى القطان، وأبو نُعيم الفضل بن دُكين، وأبو داود الحَفَري، وإسماعيل بن عمر الواسطي.
وتابع سفيانَ على الرفع حمادُ بن شُعيب، كما في «أخلاق أهل القرآن» (9).
وخالفهما زائدة فقال: (يقال لصاحب القرآن) موقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» (112) وغيره. وتابعه أبو جعفر، أخرجه ابن الضَّرِيس
(1)
في «فضائل القرآن» (114).
ورواية سفيان ومَن تابعه أرجح، ووَجْه الجمع أن يقال: إنه من الغيبيات.
وانتهى شيخنا معي في شرحي «تحفة الأطفال» إلى ترجيح وجه سفيان، وأن إسناده حسن.
ثم أَكَّد هذه النتيجة مع الباحث محمود بن نصر الشاذلي، بتاريخ (13) شعبان (1444 هـ) الموافق (5/ 3/ 2023 م) فكَتَب: العلة ليست في الوقف والرفع؛ فالرفع أصح، وسفيان أثبت ممن وقفوه، لكن الكلام في عاصم بن أبي النَّجُود، وفيه الوجهان. اه.
وله شاهد أخرجه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» (30678)، وأحمد (10087): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- شَكَّ الأَعْمَشُ- قَالَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اقْرَأْ وَارْقَهُ؛ فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا. وإسناده صحيح موقوفًا.
وثَمة شاهد آخَر من حديث أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه. وفي سنده عطية العَوْفي، ضعيف.
(1)
في «تاج العروس» (16/ 188): الضَّرِيسُ، كأَمِيرٍ: الحِجَارَةُ الَّتِي كَالأَضْرَاسِ، وَمِنْهُ: ضَرِيسٌ طُوِيَتْ بِالضَّرِيسِ.
هل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مَدًّا؟
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5045): حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَانَ يَمُدُّ مَدًّا.
وتابع جريرًا همام كما عند البخاري.
واستَنكر الإمام أحمد هذا الخبر على جرير، وأَعَله ابن أبي خيثمة بالإرسال.
وعلة متابعة همام أنه كان يَزيد في الأسانيد.
والخلاصة: أن وجهة البخاري بالتصحيح من حيث الإسنادين قوية
(1)
عن قتادة، وهي التي اعتَمَدها الدارقطني والحازمي، كما أفاده الباحث سيد حمودة - حفظه الله-.
وأما وجهة الإعلال فكما سبق. وقال شيخنا مع الباحث نصر بن حسن الكردي، بتاريخ (18) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (7/ 6/ 2023 م): ليس لنا إلا أن نعتمد كلام علماء العلل.
(1)
ومخالفة حسام بن مصك بالقطع على قتادة لا يُسلَّم لها؛ لأن حسامًا ضعيف كاد يُترَك. وتابعه سعيد بن بشير، وهو ضعيف في قتادة.
وثمة متابعات أشار إليها الدارقطني لم يقف الباحث على أسانيدها.
تحسين الصوت بالقرآن
وردت فيه أخبار:
الأول: قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (4221): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الثَّورِيِّ.
وخالف معمرًا جماعة رووه عن منصور بلفظ: «زَيِّنوا القرآن بأصواتكم» وهم:
1 -
جرير، كما عند أبي داود في «سُننه» رقم (1461 - 1468): حَدَّثَنَا عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» .
2 -
5 زائدة وعمرو بن أبي قيس وعمار بن محمد وإبراهيم بن طهمان. أخرجه الحاكم (1/ 762، 763).
6 -
أبو الأحوص، كما عند أبي داود (664) دون «زَيِّنوا القرآن
…
».
وتابع الجماعةَ عن منصور متابعة قاصرةً الجماعةُ عن طلحة - شعبة كما عند النسائي (1016)، والأعمش كما عند أبي داود (1468) وزُبَيْد اليامي ومحمد بن طلحة ومالك بن مِغْوَل وزيد بن أبي أُنيسة وغيرهم - فقالوا: «زَيِّنوا القرآن
…
».
الخلاصة: أن اللفظ المحفوظ: «زَيِّنوا القران بأصواتكم» ولفظ مَعمر مقلوب
(1)
. وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد، بتاريخ محرم (1445 هـ) الموافق (2023 م): له شواهد يصح بها.
تنبيه: من الشواهد:
1 -
ما أخرجه أبو عَوانة (3892): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو أُمَيَّةَ الصَّغَانِيُّ، قَالُوا: ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا، زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» حَدِيثُهُمْ وَاحِدٌ.
خالف يحيى بنَ بكير ستة- قُتيبة بن سعيد، أخرجه مسلم (780) والداروردي كما عند الترمذي (2877) ومَعمر وحماد بن سلمة ووُهيب بن خالد، كما عند أحمد (7821، 8443) وسليمان بن بلال، عند أبي عَوانة (3908) - فلم يَذكروا:«زَيِّنوا القرآن بأصواتكم» وهي شاذة من هذا الوجه.
2 -
ما سبق في البخاري (7544) ومسلم (792): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ» .
(1)
وقال شيخنا في النقاش: هذا القلب لا أثر له.
3 -
عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» . أخرجه البخاري (5048) ومسلم (793).
4 -
ما أخرجه الإمام أحمد (1549): حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» .
وتابع عمرَو بن دينار ابنُ جريج كما عند الحميدي (77)
(1)
وثَمة خلافات كثيرة على ابن أبي مُليكة، أَرجحُها هذا الطريق السابق، وهو اختيار الإمام أحمد والبخاري والدارقطني.
وخالف ابنَ عيينة أبو عاصم، فرواه عن ابن جريج عن الزهري، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ» ، وَزَادَ غَيْرُهُ:«يَجْهَرُ بِهِ» . أخرجه البخاري (7527).
قال الدارقطني في «علله» (9/ 240): وَالمَعْرُوفُ بِهَذَا الإِسْنَادِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ» . أخرجه البخاري (5024).
وابن أبي نهيك لم يَرْوِ عنه سوى ابن أبي مُليكة، ووثقه النسائي والعجلي وابن حبان. وقال الذهبي: لا يُعرَف. وسماعه من سعد رضي الله عنه محتمل، فلم يقف الباحث على أحد نفاه أو أثبته.
(1)
لكن مدار الطريقين على ابن عُيينة.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (14) صفر (1445 هـ) الموافق (30/ 8/ 2023 م) إلى ما انتهى إليه من قبل في كتابه العلل، وهو أن رواية البخاري بلفظ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» معلولة، وصوابها: «ما أَذِنَ الله لشيء
…
» وسَبَقهما إلى ذلك الدارقطني في «علله» (9/ 240) والذي وهم فيه هو أبو عاصم.
هل استماع القرآن مُضاعَف الأجر كالتلاوة؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8494): حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وتابع عبادًا صالحُ بن مقسم.
وخالفهما ليث بن أبي سُليم وهو ضعيف، فقال: عن رجل يقال له: الحسن، مقطوعًا. أخرجه ابن الضريس في «فضائل القرآن» (56).
وروايتهما أرجح، لكن صالحًا مجهول. وعَبَّاد بن مَيسرة لَيِّن الحديث عابد. والحسن لم يَسمع من أبي هريرة، قاله أبو حاتم وأبو زُرعة كما في «المراسيل» .
وتابع الحسنَ مجاهدُ بن جبر لكن من رواية ليث بن أبي سُليم، ضعيف، ورجع لطريق ابن الضريس المقطوع.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد بن مصطفى المنياوي، بتاريخ (2) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (20/ 6/ 2023 م) عن طرق هذا الخبر: ضعيفة.
تنبيه: أَخْرَج عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (6012): أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«مَنِ اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
خالف عبدَ الرزاق حجاجُ المِصيصي فأسقط عطاء، أخرجه القاسم بن سلام في «فضائل القرآن» (1/ 62).
قال الإمام أحمد عقب إسناد عبد الرزاق، كما في «العلل ومعرفة الرجال» (3/ 377): هذا حديث منكر. قال عبد الله: كأنه أَنْكَر إسناده.
استحباب الترتيل في القراءة
قال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]
(1)
.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (26526): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنِي لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَقِرَاءَتِهِ، فَقَالَتْ: مَا لَكُمْ وَلِصَلَاتِهِ وَلِقِرَاءَتِهِ؟ كَانَ يُصَلِّي قَدْرَ مَا يَنَامُ، وَيَنَامُ قَدْرَ مَا يُصَلِّي. وَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا.
تابع يحيى بنَ إسحاق جماعةٌ: يزيد بن خالد وقُتيبة بن سعيد وشعيب، وابن المبارك ويحيى بن بُكير وعيسى بن حماد.
*-ورواه ابن جريج واختُلف عليه:
فرواه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (1326): أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ يَعْلَى بْنَ مَمْلَكٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: كَانَ
(1)
قال الطبري في «جامع البيان» (23/ 680): بَيِّن القرآن إذا قرأته تبيينًا، وتَرسَّلْ فيه ترسلًا.
وأَخْرَج الطبري في «جامع البيان» (23/ 681) بسند حسن عن قتادة: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} قال: بَيِّنه بيانًا.
يُصَلِّي الْعَتَمَةَ، ثُمَّ يُسَبِّحُ، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا مَا شَاءَ اللهُ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَرْقُدُ مِثْلَ مَا صَلَّى، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمَتِهِ تِلْكَ، فَيُصَلِّي مِثْلَ مَا نَامَ، وَصَلَاتُهُ تِلْكَ الْآخِرَةُ تَكُونُ إِلَى الصُّبْحِ».
وتابع حجاجًا أبو عاصم النبيل، أخرجه الطبراني (23/ 407).
وخالفهما عبد الرزاق ومحمد بن أبي بكر، فأسقطا والد ابن جُريج، هكذا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مَمْلَكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، به.
وخالفهم الجماعةُ: يحيى بن سعيد، هو الأموي، أخرجه عبد الرزاق (209) وحفص بن غياث وهمام بن يحيى، كما عند أحمد (26742) وعمر بن هارون، عند ابن خزيمة (493)، فأسقطوا والد ابن جُريج ويعلى بن مَمْلَك.
وخالف ابنَ جريج والليث بن سعد نافعُ بن عمر الجمحي فقال: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَعْلَمُهَا إِلَّا حَفْصَةَ، سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ:«إِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَهَا» قَالَتْ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] تَعْنِي التَّرْتِيلَ. أخرجه أحمد (26451، 26470).
والخلاصة: يَلزم الترجيح لقوة الشَّبَه بين الخبرين، ورواية ابن جُريج والليث عن ابن أبي مُليكة أرجح. وهو اخيار شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ شهر الله المحرم عام (1445 هـ) الموافق (2023 م) وكَتَب: يجب أن تراجع كتب العلل للنظر هل ثَبَت ذكر يعلى بن مملك أم الصواب بدون ذكره.
تنبيه: رواية ابن جريج فيها الوقوف على رءوس الآي مرفوعًا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما رواية نافع بن عمر فمختصرة ومجملة، وتفصيلها من فعل ابن أبي مُليكة.
أَيُّ النَّاسِ أَحْسَنُ قِرَاءَةً؟
قال عبد بن حميد كما في «المنتخب» رقم (802): أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا مَرْزُوقٌ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَحْسَنُ قِرَاءَةً؟ قَالَ: «الَّذِي إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ عز وجل» .
وتابع طاوسًا عبدُ الله بن دينار كما في «المجروحين» (1/ 156، 157)، وفي سنده أحمد بن محمد بن مصعب، ضعيف.
ورواه حميد بن حماد عن مِسعر عن عبد الله بن دينار مرفوعًا، وفي سنده ضعف وأُعل بالإرسال، ورجحه الدارقطني في «علله» (2810) وابن عَدي في «الكامل» (3/ 83) وقال: الصواب مرسل.
وله شاهد من حديث جابر، أخرجه ابن ماجه وغيره، وفي سنده عبد الله بن جعفر وإبراهيم بن إسماعيل، وهما ضعيفان.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث خالد بن صالح، بتاريخ (1) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (21/ 5/ 2023 م): كل طرقه تالفة.
هل ثَبَت أن أنسًا رضي الله عنه جَمَع أهله لشهود الختمة؟
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (32033): حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَتَمَ جَمَعَ أَهْلَهُ
(1)
.
وتابع وكيعًا ابنُ المبارك كما في «الزهد» (809)
(2)
.
وخالفهما يحيى بن هشام -وهو ضعيف- فرَفَعه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مع كل ختمة دعوة مستجابة» أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (1919).
وتابعه أبو نعيم بسند ضعيف كما في «شُعب الإيمان» (1908): كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خَتَم القرآن جَمَع أهله. وقال عقبه:
رَفْعُهُ وَهْمٌ وَفِي إِسْنَادِهِ مَجَاهِيلُ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مِسْعَرٍ مَوْقُوفًا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ فِي الرِّقَاقِ.
وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسيره» رقم (27): نَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ جَمَعَ أَهْلَهُ فَدَعَا.
(1)
ورواه قُتيبة بن سعيد: أراه قال: دعا.
(2)
ورواه أحمد بن عثمان عن ابن المبارك عن همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه. وخالفه محمد بن الحسن، فجَعَل شيخ همام ثابتًا بدلًا من قتادة.
وتابع سعيدَ بن منصور جماعةٌ: عفان عند الدارمي (3517)، وقُتيبة بن سعيد كما عند ابن الضريس (83)، وخالد بن خِدَاش كما عند الطبراني (1/ 242).
ورواية جعفر عن ثابت على شرط مسلم، وانتقدها الهروي في غير هذا الموطن.
وتابع جعفرَ بن سليمان صالحٌ المُري، كما عند الدارمي في «سننه» رقم (3516): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا أَشْفَى عَلَى خَتْمِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، بَقَّى مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يُصْبِحَ، فَيَجْمَعَ أَهْلَهُ فَيَخْتِمَهُ مَعَهُمْ. وصالحٌ المُري ضعيف.
والخلاصة: أن أصح طريق للأثر طريق وكيع وابن المبارك، لكن يُفهَم منه الدعاء، ونُصَّ على الدعاء في طريقي جعفر بن سليمان، وهي زيادة تقتضيها الرواية السابقة. وإلى هذا انتهى شيخنا مع الباحث أبي عبد الله محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (2) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (22/ 5/ 2023 م).
فضل تعليم القرآن الكريم
وردت فيه أخبار:
منها ما أخرجه أبو علي بن شاذان انتقاء الأزجي - مخطوط (150):
…
أنبا أبو سهل، نا علي بن إبراهيم أبو الحسن الواسطي، قال: نا إسماعيل بن أبان، عن الربيع بن بدر، عن أبان، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَلَّم آية من كتاب الله كان له ثوابها ما تُليت» .
وعلته الربيع بن بدر، متروك.
وله طريق آخَر في «مشيخة أبي سهل القطان» (4/ 243/ 2): حدثنا محمد بن الجهم، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذَكَره
(1)
. وإسناد أبي سهل صحيح.
(1)
كما في «الصحيحة» (1335) للعَلَّامة الألباني وقال: هذا إسناد جيد عزيز، رجاله ثقات رجال مسلم، غير محمد بن الجهم، وهو ابن هارون الكاتب السِّمَّريّ -بكسر السين المهملة وفتح الميم المشددة- ترجمه الخطيب (2/ 161) برواية جماعة من الثقات عنه، وقال: قال الدارقطني: ثقة صدوق. وقال الحافظ في «اللسان» : ما علمتُ فيه جرحًا. قلت: قد فاته توثيق الدارقطني إياه.
1 -
وأبو سهل اسمه أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد البغدادي، وثقه الدارقطني والذهبي، وقال البرقاني والخطيب: صدوق.
2 -
محمد بن الجهم وثقه الدارقطني، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال أحمد: صدوق، ما أعلم إلا خيرًا.
3 -
يزيد بن هارون ثقة.
4 -
أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق بن أَشْيَم ثقة.
5 -
طارق بن أَشْيَم الأشجعي صحابي رضي الله عنه.
الخلاصة: أن للخبر شواهد لا تصح:
منها: عن أبي أُمامة مرفوعًا، أخرجه الطبراني (7588) وفي سنده موسى بن عمير، متروك، وكذبه أبو حاتم. والبيهقي في «شُعب الإيمان» (2214)، وفي سنده عبيد بن رزين الألهاني، ذَكَره الحافظ المِزي في تلاميذ إسماعيل بن عياش. وقال ابن عَدي في «الكامل» (1/ 471): هذا الحديث ينفرد به عبيد بن رزين عن إسماعيل بن عياش
…
هذا حديث رواه غير عبيد بن رزين عن ابن عباس بإسناد مرسل
…
وأوصله عبيد بن رزين. و «فوائد تمام» (345).
ومنها: حديث أبي سعيد، أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (59/ 290) وعلته ليث.
*-ومرسل حماد الأنصاري، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (2213) وقال البيهقي: وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس، وهو منقطع وضعيف.
*-ومرسل الأوزاعي، أخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (12341)، وفي سنده يحيى بن عمر الثقفي، ذَكَره ابن حبان في «الثقات». وقال أبو حاتم: لا أعرفه. وشيخ يحيى محمد بن النضر تَكلَّم فيه ابن حبان فقال: ما له حديث مسند يُرجَع إليه، إنما له الحكايات في الرقائق
…
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن محمد بن عبد العاطي الرفاعي، بتاريخ (17) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (2/ 10/ 2023 م) إلى ضعفه من كل طرقه. ولم يقف الباحث على المصدر المخطوطي الذي وقف عليه العَلَّامة الألباني رحمه الله.
ترتيب الآيات في المصحف توقيفي
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (399): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ- يَعْنِي الْفَارِسِيَّ- قَالَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى «الْأَنْفَالِ» وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى «بَرَاءَةٌ» وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا - قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: بَيْنَهُمَا - سَطْرًا: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟
قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ، يَقُولُ:«ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا» وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَقُولُ: «ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا» وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ، فَيَقُولُ:«ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا» وَكَانَتِ «الْأَنْفَالُ» مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَ «بَرَاءَةٌ» مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، فَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، وَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا:«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» . قَالَ ابْنُ جعْفَرٍ: وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ.
تابع محمدَ بن جعفر ويحيى بنَ سعيد جماعةٌ: ابن أبي عَدي وسهل بن
يوسف، كلاهما عند الترمذي (399)، وابن عُلية كما عند أحمد (499)، وعبد الله بن حُمران عند الطحاوي في «مشكله» (131)، وعثمان بن الهيثم عند ابن حبان (43)، ورَوح بن عبادة عند الحاكم (3272)، وهَوذة بن خليفة كما عند الحاكم (2875)، وإسحاق الأزرق عند البيهقي (2376).
يَزيد الفارسي قال فيه أبو حاتم: لا بأس به. وقال ابن حجر: مقبول. وجَعَله الإمام أحمد وابن مَهدي ابنَ هرمز الثقة.
تنبيه: قوله: «فقُبض رسول الله ولم يُبيِّن لنا أنها منها، وظننتُ أنها منها، فمِن ثَم قرنتُ بينهما ولم أكتب بينهما سطرًا: بسم الله الرحمن الرحيم» هذا يدل على أنه من اجتهاد عثمان رضي الله عنه.
وجاءت رواية مختصرة عند البخاري رقم (4536) تفيد أنها توقيفية، في رواية يَزيد بن زُريع، وهذا لفظها، هكذا: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي «البَقَرَةِ» : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إِلَى قَوْلِهِ: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ قَالَ: تَدَعُهَا يَا بْنَ أَخِي، لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. قَالَ: قَالَ حُمَيْدٌ: أَوْ نَحْوَ هَذَا.
ومما يَشهد لترتيب الآيات: ما جاء عند أحمد (17918) من طريق عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا، إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ ثُمَّ صَوَّبَهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُلْزِقَهُ بِالْأَرْضِ. قَالَ: ثُمَّ شَخَصَ بِبَصَرِهِ فَقَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الْآيَةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ» {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
وعِلته ليث بن أبي سُليم عن شهر بن حوشب، كلاهما فيه ضعف.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (7) محرم (1445 هـ) الموافق (25/ 7/ 2023 م) إلى تحسين إسناد يزيد الفارسي، وروايةُ البخاري لا ربط بينها وبين هذا.
أشهر أسانيد التفسير عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
-
رواية دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه
-
مثال رقم (1) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» رقم (3492) - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى
(1)
، ثنا ابْنُ وَهْبٍ
(2)
، أَخْبَرَ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ حَرْفٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُذْكَرُ فِيهِ الْقُنُوتُ فَهُوَ الطَّاعَةُ» .
تابع عمرو بن الحارث ابن لهيعة أخرجه الطبري في «تفسيره» (4/ 378) عن أسد بن موسى
(3)
.
(1)
تابع يونس بن عبد الأعلى حرملة كما عند ابن حبان (309) وتابعهما قتيبة بن سعيد كما عند أبي نعيم في «الحلية» (8/ 325) وتابعهم عبد العزيز بن عمران أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5181).
(2)
تابع ابن وهب رشدين بن سعد أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1808).
(3)
وتابعه حسن بن موسى أخرجه أحمد (11711) وأبو يعلى (1379) وتابعهما محمد بن حرب أخرجه الطبري في «تفسيره» (5/ 400).
*
وجهة من يصحح دراج أبي السمح
(1)
عن أبي الهيثم أربعة أمور:
1 -
كونه صاحبه قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (2/ 24): صاحب أبي الهيثم العتواري.
2 -
كونها نسخة
(2)
بخاصة من رواية ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي سعيد رضي الله عنه.
3 -
سُئِلَ يَحْيى
(3)
-هو ابن معين-عَنْ حَدِيثِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيد قَال: مَا كَانَ هَكَذَا بِهَذَا الإِسْنَادِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ دراج يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيد عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالأَسْحَارِ» .
وَيَرْوِي أَيضًا «اذْكُرِ اللَّهَ حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُونٌ» قال هما ثقة دراج وأبو الهيثم وقد روى بعض هذه الأحاديث عَمْرو بْن الحارث قلت ليحيى دراج من هو قال مصري، وَهو أبو السمح قلت له أبو الهيثم من هو قال مصري واسمه سليمان بْن عَمْرو
(4)
.
وقال ابن شاهين: ما كان بهذا الإسناد فليس به بأس.
4 -
تصحيح بعض العلماء كابن حبان والحاكم والسيوطي.
(1)
ضعفه الدارقطني وقال فيه أبو حاتم: فيه ضعف. وردّ فضلك الرازي على ابن معين توثيقه وقال: ما هو بثقة ولا كرامة. وقال فيه الإمام أحمد: حديثه منكر.
(2)
نص عليها الذهبي في «ميزان الاعتدال» (2/ 24).
(3)
في رواية عثمان.
(4)
«الكامل في ضعفاء الرجال» (4/ 11).
قال الحاكم قال الدارقطني: دراج أَبُو السَّمْح ضَعِيف ألقيت عَلَيْهِ حَدِيث شُعْبَة عَنْ عَمْرو بن يحيى قَالَ الحَدِيث الْحسن هَكَذَا يكون
(1)
.
5 -
قول ابن عدي بعد ما أورد ما أنكر عليه
ووجهة من ضعف:
1 -
قول الإمام أحمد وتلميذه أبي داود قال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي يَحْيى: سَمِعْتُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يقول أحاديث دراج، عَنْ أبي الهيثم، عَنْ أبي سَعِيد فيها ضعف.
وقال أبو داود: أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد.
2 -
قول ابن كثير في «تفسيره» (2/ 38): فِي هَذَا الْإِسْنَاد ضَعْف لَا يُعْتَمَد عَلَيْهِ وَرَفْع هَذَا الْحَدِيث مُنْكَر وَقَدْ يَكُون مِنْ كَلَام الصَّحَابِيّ أَوْ مَنْ دُونه وَاَللَّه أَعْلَم وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي بِهَذَا الْإِسْنَاد تَفَاسِير فِيهَا نَكَارَة فَلَا يُغْتَرّ بِهَا فَإِنَّ السَّنَد ضَعِيف وَاَللَّه أَعْلَم.
الخلاصة: كتب شيخنا معي بتاريخ (11) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (25/ 11/ 2023 م): خالف ابن معين غيره والأكثرون على تضعيف السلسلة والمتن أيضًا غير صحيح. {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أمرنا بالسكوت فالقنوت هو السكوت وبذلك صح سبب النزول. ا هـ.
(1)
«سؤالات الحاكم» (ص: 170) للدارقطني.
مثال رقم (2) أخرجه الطبري في «تفسيره» (24/ 494): حَدَّثَنِي يُونُسُ
(1)
، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ
(2)
، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ يَقُولُ: كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي» .
وتابع عمرو بن الحارث ابن لهيعة أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (1374)، والآجري في «الشريعة» (951، 952).
(1)
تابع يونس حرملة أخرجه ابن حبان (3382).
(2)
تابع ابن وهب محمد بن إسماعيل السلمي أخرجه أبو بكر الخلال (318).
فضل ختام «سورة البقرة»
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (31649): حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ لَنَا تُرْبَتُهَا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ طَهُورًا، وَأُوتِيتُ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ مِنْ آخِرِ «سُورَةِ الْبَقَرَةِ» لَمْ يُعْطَ مِنْهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يُعْطَيَنَّهُ أَحَدٌ بَعْدِي».
وأخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (522): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، به. لكن لم يُسَمِّ الخَصلة الثالثة، هكذا: وَذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى
(1)
.
فهل هذا إعلال من مسلم لها؟
وتابع ابنَ فُضيل الجماعة-أبو معاوية وأبو عَوانة وعلي بن مُسهِر- بتسمية الخَصلة الثالثة.
وتابع الجماعةَ متابعة قاصرة على تسمية الخصلة الثالثة سعيدُ بن أبي بُردة، كما عند الطبراني (3/ 169).
(1)
وعَقَّبه مسلم برواية ابن أبي زائدة عن أبي مالك، ولم يَسُق لفظه بل قال: بمثله.
وتابع سعيدًا نعيم بن أبي هند، كما عند الطبراني في «الأوسط» (7493).
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (18) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (3/ 10/ 2023 م): القواعد تقتضي تصحيحها، ولكن يَبقى النظر في أبي مالك نفسه؛ لأن هذه الزيادة تَحتاج لبحث في إدماجها في هذا الحديث. يُرجَى إحضار ترجمة موسعة لأبي مالك.
كتاب تفسير القرآن الكريم
سورة الفاتحة
قال ابن أبي حاتم في «تفسيره» (1/ 31): حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمِصْرِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «{الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]: الْيَهُودُ، {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]: النَّصَارَى» .
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (19381) مطولًا، بقصة إسلام عَدِي بن حاتم رضي الله عنه.
وتابع الإمامَ أحمد يحيى بنُ مَعِين، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (237).
وتابع شعبةَ عمرُو بن أبي قيس، أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (41).
خالفهما حماد بن سلمة، فجَعَل مكان (عَبَّاد):(مُرِّيّ بن قَطَرِيّ) أخرجه الطبري في «تفسيره» (1/ 86).
وفي سنده محمد بن مصعب، صدوق كثير الغلط. ورواية شُعبة ومَن تابعه أرجح.
وعَبَّاد بن حُبَيْش سَمِع عَدِيّ بن حاتم، قاله البخاري، وتَفرَّد عنه سِمَاك، قاله مسلم، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ، وقال ابن حجر: مقبول.
وتابعه:
1 -
أبو عُبيدة بن حذيفة، أخرجه ابن حِبان (6679). ورواية ابن سيرين عن أبي عبيدة تُقوِّي حاله؛ لأنه كان يَنتقي الرجال. ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ، وقال ابن حجر: مقبول.
2 -
الشَّعبي، وعنه اثنان:
أ-إسماعيل بن أبي خالد، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3813).
ب-مُجالِد بن سعيد، أخرجه ابن بِشْران في «أماليه» (1391).
وهذه الطرق يُقوِّي بعضها بعضًا، ويؤيدها مُرسَلان:
الأول: عن عبد الله بن شَقِيق، أخرجه الطبري في «تفسيره» (1/ 187): حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الشَّامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحَاصِرٌ وَادِيَ القُرَى، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُحَاصِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هَؤُلَاءِ المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ: اليَهُودُ» .
وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وتابع سعيدًا الجُريري خالدٌ الحَذَّاء، أخرجه المروزي في «السُّنن» (156): وبُدَيْل العُقيلي، أخرجه الطبري في «تفسيره» .
المُرسَل الثاني: عن إسماعيل بن أبي خالد، أخرجه سعيد بن منصور في «سُننه» (179).
وقال ابن أبي حاتم في «تفسيره» عقبه: وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذَا الحَرْفِ اخْتِلَافًا.
تنبيه: ورد عن ابن عباس موقوفًا، أخرجه الطبري من طريقَي أبي صالح باذام وهو ضعيف، والضحاكِ ولم يَسمع منه.
وورد كذلك عن ابن مسعود موقوفًا، أخرجه الطبري، وسنده قابل للتحسين.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن صبحي بن عبد الكريم، بتاريخ (22) شعبان (1444 هـ) الموافق (14/ 3/ 2023 م) إلى صحته بشواهده، والقرآن يؤيده.
تفسير سورة البقرة
قال تعالى:
{وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57]
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2049): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» .
وتابع عبثرًا- وهو ابن القاسم- جريرُ بن عبد الحميد، أخرجه مسلم كذلك وأبو يعلى (968)، ومسعود بن سعد كما عند أبي عَوانة (5/ 191).
وخالف مطرفًا- وهو ابن طَرِيف- شعبةُ، فلم يَذكر:«الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ» انظر البخاري (5708).
وخالف الحسنَ العُرَني
(1)
عبدُ الملك بن عمير في رواية الجمهور عنه، وَهُمْ:
1 -
شعبة وعنه محمد بن جعفر، أخرجه البخاري (4639، 5708) ومسلم (2049): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبدِ المَلِكِ
(1)
وثقه أبو زرعة وابن سعد والعجلي، وقال يحيى: صدوق لا بأس به. وقال ابن حبان: يخطئ.
قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرُو بْنَ حُرَيْثٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» .
وخالف محمدَ بن جعفر وغيره يزيدُ بن هارون فزاد: «والعجوة من الجنة» أخرجه أبو عَوانة (8347).
2 -
سفيان الثوري، كما عند البخاري (4478) وأبي عَوانة (8357) وأحمد (2634) وزاد: وفي يده كمأة فقال: تدرون ما هذا؟ هذا من المن. وإسنادها صحيح.
3 -
جرير بن حازم، أخرجه مسلم وغيره.
4 -
محمد بن شبيب، أخرجه أحمد (961).
5 -
عمر بن عبيد، أخرجه مسلم وأحمد (1632).
6 -
شهر بن حوشب
(1)
، أخرجه مسلم.
7 -
معتمر بن سليمان، أخرجه ابن أبي شيبة (23693) وغيره.
خالفهم سفيان بن عيينة في رواية الجمهور عنه، فزاد كرواية طريف.
الخلاصة: كَتَب شيخنا معي بتاريخ (19) صفر (1445 هـ) الموافق (4/ 9/ 2023 م): يبدو- والله أعلم- أن لفظة «الذي أَنْزَل الله على بني إسرائيل» مُدرَجة، قولُ بعض الرواة.
زيادةُ «والعجوة من الجنة» لا تصح كذلك.
(1)
رواه تارة عن أبي هريرة عند النسائي (6846)، وشهر ضعيف.
قال البزار في «مسنده» (4/ 82): وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ، رَوَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ
(1)
، وَابْنُ عُمَرَ، وَبُرَيْدَةُ، وَغَيْرُهُمْ
(2)
، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْعُرَنِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ. اه.
(1)
أخرجه النسائي (6846)، وفي سنده شهر بن حوشب، ضعيف، وقد رجع لحديث سعيد بن زيد رضي الله عنه كما أورده مسلم في المتابعات. وليست فيه الزيادة.
(2)
كحديث أبي سعيد عند ابن حبان (6074) وليس فيه وجه الشاهد.
قال تعالى:
{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى
وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 73]
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16192): حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ:«أَمَا مَرَرْتَ بِوَادِي أَهْلِكَ مَحْلًا؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ: «أَمَا مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ مَحْلًا؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَذَلِكَ آيَتُهُ فِي خَلْقِهِ» .
وتابع بهزًا عفانُ بن مسلم كما عند البيهقي في «الأسماء والصفات» (1070)، ويزيد بن هارون، أخرجه ابن أبي الدنيا في «الأهوال» رقم (81).
وتابع حمادَ بن سلمة شعبةُ، أخرجه أحمد (16193، 16196) والطيالسي (1185) لكن عنده (عُدُسٍ) بدل (حُدُسٍ).
وتابع وكيعَ بن حدس سليمانُ بن موسى، أخرجه أحمد (16194).
الخلاصة: أن إسناده صحيح؛ إلى ابن إسحاق ومَن فوقه ثقات، وكذا شعبة ومَن دونه وفوقه إلا وكيع بن حدس، فقد ذَكَره ابن حبان في «الثقات» . بتاريخ (29) محرم (1445 هـ) الموافق (16/ 8/ 2023 م).
قال تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]
قال البخاري في «صحيحه» رقم (399): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ- أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ- شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ اليَهُودُ:{مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلَاةِ العَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَتَحَرَّفَ القَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الكَعْبَةِ.
تابع عبدَ الله بن رجاء الحسنُ بن عطية، وهو ضعيف، أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (8328).
وخالفهما وكيع فلم يَذكر: «وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ اليَهُودُ:{مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ} .
ورواه جمهور الرواة- زهير بن معاوية، أخرجه البخاري (4486)، وأبو الأحوص، أخرجه مسلم (525)، وسفيان وشَريك وزكريا بن أبي زائدة وأبو
بكر بن عياش- عن أبي إسحاق دون الزيادة.
الخلاصة: أن ظاهر الزيادة مدرجة، وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (29) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (14/ 10/ 2023 م): الظاهر بلا ريب أن لفظة (وَهُمْ اليهود) مُدرَجة، ولا يَمنع من أن تُحمَل عليهم وعلى غيرهم من المنافقين. اه.
سبب نزول قوله تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}
[البقرة: 186]
*-قال ابن أبي حاتم في «تفسيره» رقم (1667): حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَنْبَأَ جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي بَرْزَةَ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنِ الصَّلْت بْنِ حَكِيمِ
(1)
، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيهِ أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيهِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} [البقرة: 186] إِذَا أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَدْعُونِي فَدَعَوْنِي، اسْتَجَبْتُ لَهُمْ.
وتابع يحيى محمدُ بن حميد، كما عند الطبري (3/ 222)، وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (2/ 699) وغيرهما.
وجرير هو ابن عبد الحميد، ثقة.
وعلة هذا الخبر الصَّلْت بن حكيم فإنه مجهول، كما في «لسان الميزان» (4/ 327) وقال: ذَكَره الدارقطني في «المُؤتلِف» وحَكَى الاختلاف: هل آخِره بالمُوحَّدة أو بالمُثنَّاة؟ وقال: إنه ابن حكيم بن معاوية بن حَيْدة، فهو أخو بَهْز بن حكيم، المُحدِّث المشهور، وليس للصَّلْت ولا لأبيه ولا لجَده ذِكر في كتب
(1)
بفتح الحاء وضمها. انظر: «تلخيص المتشابه في الرسم» (1/ 93).
الرواة إلا ما قدمتُ.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي حفص محمد بن خليل آل باشا، بتاريخ (3) رمضان (1444 هـ) الموافق (26/ 3/ 2023 م) إلى ضعفه.
قال تعالى:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا
فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]
قال أبو داود في «سننه» رقم (1733): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا أُكْرِي فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَكَانَ نَاسٌ يَقُولُونَ لِي: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ حَجٌّ. فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَنِ، إِنِّي رَجُلٌ أُكْرِي فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ لِي: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ حَجٌّ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَلَيْسَ تُحْرِمُ وَتُلَبِّي، وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَتُفِيضُ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَتَرْمِي الْجِمَارَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ لَكَ حَجًّا، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ، وَقَالَ: لَكَ حَجٌّ.
تابع عبدَ الواحد مروانُ بن معاوية كما عند ابن خزيمة (3051)، وتابعهما عباد بن عوام كما عند ابن أبي حاتم (1845).
خالفهم ابن فُضيل فجعل شيخ العلاء رجلًا من بني وائل، أخرجه ابن أبي شيبة (15140) وكذلك سلام، كما عند الطيالسي (2021) فأبهم شيخ العلاء قائلًا: عمن سَمِع ابن عمر. وأيضًا الثوري كما عند أحمد (6435) فقال: رجل
من بني تَيْم الله. ووَجْه الجمع تُحمَل رواية الثوري على رواية عبد الواحد ومَن تابعه.
وتابعهم متابعة قاصرة عن أبي أمامة الحسنُ بن عمرو الفُقَيْمِيّ، أخرجه أحمد (6434).
وأخرجه الطبري في «التفسير» (3/ 504): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي أُمَيْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَحُجُّ، وَمَعَهُ تِجَارَةٌ، فَقَرَأَ ابْنُ عُمَرَ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]. فاقتَصر على الموقوف، وقال شعبة:(عن أبي أُمَيْمَة) بدلًا من (أبي أُمامة) ولعله من أخطاء شعبة رحمه الله.
والعلاء بن المسيب وثقه ابن مَعين وابن سعد، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال الأزدي: في بعض حديثه نظر.
وأبو أُمامة قال فيه أبو زُرعة: لا بأس به. وقال ابن معين: ثقة لا يُعرَف اسمه
(1)
.
والخلاصة: أن الخبر صحيح الإسناد على الرفع، وإن كان أبو أُمامة ليس من المشهورين بالرواية عن ابن عمر
(2)
. وأفاد الباحث أنه ليس له إلا هذا الخبر، ولم يَرْوِ عنه إلا العلاء.
(1)
وقال ابن حجر: مقبول. وتعقب في «تحرير التقريب» (7946): بل ثقة، وثقه ابن معين، وقال أبو زُرعة: لا بأس به. ولا نعرف فيه جرحًا.
(2)
وصححه العلامة الألباني والشيخ مقبل، والباحث محمد لملوم مع شيخنا.
وكَتَب شيخنا مع الباحث سلمان بن عبد المقصود الكردي، بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023): سنده ضعيف. اه.
ثم قال: العلاء بن المسيب اختُلف في شيخه ولا يتحمل.
وقال أيضًا: لا يصحح لِذاته بل لشواهده، ومنها الآية.
وسبب نزولها فيما أخرجه البخاري رقم (4519): حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ وَمَجَنَّةُ وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ.
فضل آية الكرسي
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (810): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:«وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» .
وتابع الإمامَ مسلمًا ابنُ أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1847).
خالفهما عبد بن حميد (178) والحسن بن سفيان، كما في «شُعب الإيمان» (2/ 69) وعبيد بن غنام، كما في «المستخرج» (1036) فزادوا:«والذي نفسي بيده، إن لها للسانًا وشفتين تُقدِّسان للملك عند ساق العرش» .
وتابع مسلمًا وابن أبي عاصم متابعة قاصرة على عدم الزيادة محمدُ بن المثنى عن عبد الأعلى به، أخرجه أبو داود (1460).
ورواه بدون الزيادة ابن عُلية كما عند أبي عبيد (399)، ويزيد بن هارون كما عند الحاكم (3/ 344) كلاهما عن الجُريري به.
ورواه الثوري عن الجُريري كما عند عبد الرزاق (6001)، وتابعه جعفر بن سليمان كما عند الطيالسي (552) وعند أحمد (21278) فذكرا الزيادة، إلا أن الطيالسي قال: إن لها لسانًا يوم القيامة. ولم يَذكر في إسناده أبا السَّليل. وفي رواية أحمد عن الجُريري عن بعض أصحابه.
الخلاصة: أن إسناد الزيادة صحيح بخاصة عن الثوري ورواية عبد بن حميد عن ابن أبي شيبة، وقد توبع كما سبق.
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (4) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (19/ 9/ 2023 م): النفس فيها من الزيادة شيء، ووَجْهه يتمثل في أن عددًا رووا الحديث بدونها ومِن الرواة مَنْ أثبتها، والنفس أَمْيَل إلى عدم ثبوتها، ويقويه إعراض مسلم عنها، والله أعلم.
قال تعالى عن أهل الإيمان:
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]
قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (2045): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .
وخالف ابنَ ماجه يعقوبُ بن سفيان في شيخ الوليد، فقال: عن ابن لَهيعة عن موسى بن وَردان، عن عقبة بن عامر، مرفوعًا.
ورواه آخرون عن بِشْر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس. أخرجه ابن المنذر في «الإقناع» (196) وغيره.
وتابع بشرًا أيوبُ بن سُويد وهو ضعيف، أخرجه الحاكم (2/ 198).
ورواه سعيد بن جُبير عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2137)، وفي سنده عبد الرحيم بن زيد العَمِّيّ، متروك.
ورواه أيضًا سعيدٌ العَلَّاف عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في «الكبير» (11274) وقال أبو زُرْعَة: لا أظن سعيدًا سَمِع من ابن عباس. وفي السند إليه مسلم بن خالد الزنجي، ضعيف.
وله شاهد من حديث أبي ذر، أخرجه ابن ماجه (2043)، وفي سنده أبو بكرٍ
الهُذَلي، متروك، واختُلف عليه: فتارة من مسند أبي ذر، وأخرى من مسند أبي الدرداء، وثالثة من مسند أُم الدرداء.
وله شاهد ثانٍ من حديث ثوبان، لكن في سنده يزيد بن ربيعة، مُنكَر الحديث.
وله شاهد ثالث من حديث أبي بكرة، أخرجه أبو نُعَيْم في «طبقات المُحدِّثين» (586)، وفي سنده أحمد بن خليل، كذاب. وثَمة ضعفاء.
وأُعِلَّ بالإرسال عن الحسن، أخرجه ابن أبي شيبة (18223) وغيره.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن خليل آل باشا، بتاريخ (13) رمضان (1444 هـ) الموافق (4/ 4/ 2023 م): كل طرقه ضعيفة، ولكن للمعنى شواهد، منها آخِر «البقرة» ، وحديث «ليس في النوم تفريط» ا هـ.
وسبقت هذه النتيجة- أسانيده ضعيفة ولمعناه شواهد صحيحة- معي في تحقيقي كتابي «الاعتصام» للشاطبي (ص 611) ط/ ابن رجب. و «اللُّمَع» للشيرازي، ط/ العُلوم والحِكَم، بمصر.
خواتيم سورة البقرة
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2882): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَرْمِيِّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الجَرْمِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ» .
وانفرد أشعث بن عبد الرحمن بهذا الإسناد عن أبي قِلابة، وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
ورواه جماعة عن أبي قِلابة فذكروا أبا صالح الحارثي، ويقال: الخازني، ويقال: الأشعري بدلًا من أبي الأشعث. وأبو صالح لا يُعرَف، قاله الذهبي.
وإليك تفصيل الجماعة عن أبي قِلابة:
1 -
عامر الأحول عن أبي قلابة عن أبي صالح، لكن وفي سنده عقبة بن عبد الله الأصم، وهو ضعيف.
2 -
محمد بن سيف عن أبي قِلابة عن أبي صالح الأشعري به، وفي سنده والد خالد بن يوسف، متروك. وخالد ضعيف.
3 -
قتادة بإسقاط أبي صالح وفي سنده سعيد بن بشير ضعيف.
4 -
أيوب السَّختياني واختُلف عليه، فرواه عنه عباد بن منصور - وهو ضعيف
(1)
- عن أبي قِلابة عن أبي صالح الخازني به.
وخالف عبادًا وهيب بن خالد فأسقط أبا صالح، أخرجه الفريابي في «القَدَر» (91) ورواية أبي قلابة عن النعمان مرسلة، كما في «جامع التحصيل» وهو أصوب طريق لهذا الخبر. ورَجَّح أبو زُرعة طريق حماد بن سلمة، وظاهره الحُسن لكن استغربه الترمذي كما سبق.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (6) ربيع الآخِر (1445 هـ) الموافق (21/ 10/ 2023 م): فالحديث مختلف فيه على أبي قلابة، والظاهر صحة رواية أبي قلابة عن النعمان. اه. يعني صوب المنقطع.
وقال شيخنا -حفظه الله- عن طريق أشعث بن عبد الرحمن وترجيح أبي زرعة له: أيوب أقوى في أبي قلابة وقد يكون حماد خلط بين شيخه وشيخ أبي قلابة، فهذا أشعث وهذا أبو الأشعث.
(1)
واختُلف عليه فرواه عنه اثنان:
1 -
ريحان بن سعيد موصولًا، أخرجه النسائي في «الكبرى» (10736) وفي روايته عن عباد ضعف.
2 -
خالف أبو أسامة فأرسله. أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (2180).
سورة آل عمران
قال تعالى:
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]
تفسير السبيل بالزاد والراحلة وَرَدَ فيه عن جماعة من الصحابة
1 -
ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه الترمذي (2998) وغيره. وفي سنده إبراهيم الخوزي، متروك. وتابعه محمد بن عبد الله بن عبيد، كما عند الدارقطني في «سننه» (2399) وهو متروك. ووَهمه الدارقطني في «علله» (7/ 210) في ذكره ابن جريج.
2 -
ابن عباس رضي الله عنهما، واختُلف في رفعه ووقفه، والأسانيد إليه بالرفع فيها سِمَاك عن عكرمة، كما عند الدارقطني (2401) وهي مضطربة، وعمر بن عطاء
(1)
كما عند ابن ماجه (2897) ضعيف.
وبالوقف رواه أبو جناب عن الضحاك، كما عند الطبري (5/ 610) ولم يَسمع الضحاك من ابن عباس رضي الله عنهما.
3 -
علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما في «مسند زيد» (ص/ 199).
4 -
جابر رضي الله عنه، أخرجه الدارقطني في «سننه» (2388)، وفي سنده محمد بن
(1)
كما في رواية الطبراني في «المعجم الكبير» (11596) وعند ابن ماجه: قال ابن عطاء.
عبيد الله بن عبيد، منكر الحديث، وهل يَرجع إلى محمد بن عبد الله في حديث ابن عمر رضي الله عنه؟.
5 -
ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه الدارقطني في «سننه» (2392)، وفي سنده بُهلول بن عبيد، متروك.
6 -
ابن عمرو، من سلسلة عمرو بن شُعيب، أخرجه الدارقطني (2389)، وفي سنده ابن لَهيعة، وتابعه محمد بن عبيد الله وهو متروك، ومَرَدُّه لحديث ابن عمر من هذا الطريق.
7 -
أنس رضي الله عنه، وأسلم طريق له ما أخرجه الدارقطني في «سننه» (2392)، وفي سنده ابن أبي زائدة عن سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة عن أنس. ولم يتبين لي رواية ابن أبي زائدة عن سعيد قبل أو بعد الاختلاط.
وثَمة خلاف على قتادة في الإرسال.
وتابع سعيدًا حماد بن سلمة واختُلف عليه، فالأكثر عنه بالإرسال، ووَجْه بالوصل، وفيه أبو قتادة، ضعيف.
والخلاصة: كل طرقه ضعيفة ولا تَرْقَى بمجموعها إلى الصحة.
وانتهى شيخنا مع الباحث أبي حفص محمد بن خليل، بتاريخ (22) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (11/ 6/ 2023 م) إلى ضعفه. وكَتَب على رواية قتادة عند الدارقطني: خلاف على قتادة بما يوهن الحديث. والله أعلم.
قال تعالى:
{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ
أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 80]
قال ابن أبي حاتم في «تفسيره» رقم (3756): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثَنَا سَلَمَةُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ: وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ الْقُرَظِيُّ: حِينَ اجْتَمَعَتِ الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودٍ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ: أَتُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ أَنْ نَعْبُدَكَ كَمَا تَعْبُدُ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ؟ قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ نَصْرَانِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: الرَّئِيسُ: أَوَ ذَاكَ تُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ وَإِلَيْهِ تَدْعُو؟ أَوَ كَمَا قَالَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ نَأْمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، مَا بِذَلِكَ بَعَثَنِي وَلَا أَمَرَنِي» أَوْ كَمَا قَالَ عليه السلام، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا:{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 80].
خالف زُنَيْجًا ابنُ حميد وهو محمد الرازي، فوَصَله، أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 325) هكذا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ الْقُرَظِيُّ، به.
وتابع سلمةَ يونس بن بُكير، أخرجه الطبري والبيهقي في «دلائل النبوة» .
وخالفهم زياد- هو ابن عبد الله- فقال: عن ابن إسحاق: وقال أبو رافع
…
أخرجه ابن المنذر في «تفسيره» (642).
والخلاصة: أن مداره على ابن إسحاق، تارة عن محمد بن أبي محمد مَولى زيد بن ثابت. ذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال الذهبي: لا يُعرَف. وقال ابن حجر: مجهول من السادسة، تَفرَّد عنه ابن إسحاق. وتارة: وقال أبو رافع.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن خليل آل باشا (14) صفر (1445 هـ) الموافق (30/ 8/ 2023 م) إلى ضعفه.
قال تعالى:
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (2520) - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
(1)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ، وَمَشْرَبِهِمْ، وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا، أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ» ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 169] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
خالف عثمان يوسف بن بهلول فأسقط سعيد بن جبير أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» (678).
خالف عبد الله بن إدريس سبعة من الرواة- محمد بن فضيل وموسى بن
(1)
تابعه عدي بن الفضل -وهو متروك- أخرجه البزار في «مسنده» (. . .).
عيسى وابن المبارك وزفر وإسماعيل بن عياش وإبراهيم بن سعد وسلمة- فأسقطوا سعيد بن جبير وروايتهم أرجح للكثرة وأبو الزبير لم يصرح بالسماع من ابن عباس
(1)
وقال أبو حاتم: لم يسمع من ابن عباس إنما رآه رؤيا.
لكن رجح ابن كثير إثبات الواسطة وقال في «تفسيره» (2/ 163): وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ، وَهَذَا أَثْبَتُ. وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
ورواه سعيد بن جبير واختلف عليه في الوصل والإرسال أما الوصل فسبق منه طريق ابن إسحاق
(2)
وأنها معلة بالانقطاع على الأرجح.
ورواه اثنان عن سعيد بن جبير:
الأول: سالم الأفطس وعنه اثنان:
1 -
سفيان الثوري واختلف عنه فرواه عنه أبو عامر الأسدي أخرجه البيهقي في «إثبات عذاب القبر» (214) أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ، ثَنَا مِنْجَابُ بْنُ
(1)
وأخرج له مسلم أكثر من حديث تارة عن سعيد بن جبير رقم (705) وأخرى عن طاووس كما في رقم (403، 536) وثالثة بعطف عكرمة على طاووس رقم (1208).
(2)
تابعه أسامة بن زيد الليثي لكن بإسقاط أبي الزبير أخرجه البيهقي في «إثبات عذاب القبر» (215).
الْحَارِثِ، نَا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«لَمَّا أُصِيبَ مَنْ أُصِيبَ، وَرَأَوْا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الرِّزْقِ قَالُوا: لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ .. } الْآيَةُ.
خالف أبا عامر الأسدي وكيع فأرسله عن سعيد أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنف» رقم (36751) - وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]» قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ قَالُوا: لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ مَا أَصَبْنَا مِنَ الْخَيْرِ كَيْ يَزْدَادُوا رَغْبَةً، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أُبَلِّغُ عَنْكُمْ، فَنَزَلَتْ:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] إِلَى قَوْلِهِ: {الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 171] ".
ورواية وكيع أعلى سندًا وأصح. وتابع وكيعا متابعة قاصرة أبو سعيد مولى بني هاشم أخرجه الطبراني (2946).
الطريق الثاني: إسماعيل بن أبي خالد لكن من رواية الثوري عنه فرجع للإسناد السابق أخرجه الحاكم في «مستدركه» (3502) - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالُويَهْ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي حَمْزَةَ وَأَصْحَابِهِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
والظاهر أن أرجح هذه الطرق عن سفيان هي طريق وكيع السابق أو يقال أن سعيد بن جبير ربما نشط فأسند وربما قصر فأرسل.
والخلاصة: أن شيخنا طلب مراجعته مع الباحث: محمد بن راضي وذلك بحضور الباحث محمد بن لملوم بتاريخ (13) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (27/ 11/ 2023 م) لأنه حسنه في الصحيح من أسباب النزول ولما نظر في خريطة الباحث مال للإعلال بالإرسال فكتب أفلح إن صدق وطلب مراجعة الحديث.
سورة النساء
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [النساء: 77]
قال الإمام الطبري في «تفسيره» (7/ 231) والنسائي في «سننه» (2109)
(1)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَأَصْحَابًا، لَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ، فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً. فَقَالَ:«إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا» فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [النساء: 77] الْآيَةُ "
وتابع محمد بن علي بن الحسن، علي بن زنجة ومحمد بن عبد العزيز أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (5630).
وتابعهم محمد بن موسى بن حاتم أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2377) والبيهقي في «السنن الكبير» (16302).
وخالف عمرو بن دينار ابن جريج فأرسله عن عكرمة أخرجه الطبري (9952) وفي سنده الحسين بن داود الملقب بسنيد ضعيف وتلميذه القاسم لم
(1)
والواحدي في «أسباب النزول» (340).
أقف له على ترجمة.
وعليه فرواية الوصل هي الأصوب لكن في سندها الحسين بن واقد وثقه ابن معين وقال فيه أبو داود وأبو زرعة والنسائي: ليس به بأس. واختلف فيه قول الإمام أحمد فتارة أنكر حديثه. وأخرى ضعف حديثه عن أبي المنيب، وثالثة: أحاديثه لا يدري إيش هي. ورابعة: لا بأس به وأثنى عليه.
وعلي بن الحسن بن شقيق وثقه النسائي وقال أبو حاتم: صدوق. وروى عنه جماعة من عادتهم لا يرون إلا عن ثقة كما في «التنكيل» .
والخلاصة: انتهى شيخنا معي بتاريخ 21/ جمادى الأولى 1445 موافق 5/ 12/ 2023 م: إلى صحة إسناده.
سورة المائدة
قصة تَميم وعَدِيّ بن بَدَّاء
قال الإمام البخاري في «صحيحه» (2780) و «تاريخه الكبير» (1/ 270): وَقَالَ لِي
(1)
عَلِيُّ بْنُ عَبدِ اللهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي القَاسِمِ، عَنْ عَبدِ المَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ
(2)
مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ
(3)
وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا مِنْ
(1)
وفي «التاريخ الكبير» : قال لنا علي بن عبد الله.
(2)
قال ابن حجر في «الإصابة» (1/ 408): ذَكَر ابن بريرة في تفسيره أنه لا خلاف بين المفسرين أنه كان مسلمًا من المهاجرين.
(3)
في «سِيَر أعلام النبلاء» (4/ 75): صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَبُو رُقَيَّةَ تَمِيمُ بنُ أَوْسِ بنِ خَارِجَةَ بنِ سَوْدِ بنِ جَذِيْمَةَ، اللَّخْمِيُّ، الفِلَسْطِيْنِيُّ.
فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ
(1)
، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وُجِدَ الجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ. فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الجَامَ لِصَاحِبِهِمْ. قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} .
وتابع عليَّ بن المديني جماعةٌ:
1 -
الحسن بن علي، هو الخَلَّال، أخرجه أبو داود (3606).
2 -
سفيان بن وكيع، أخرجه الترمذي (3060).
3 -
عبد الله بن صالح، أخرجه الحافظ المِزي في «تهذيب الكمال» ترجمة عبد الملك.
وتابع يحيى بنَ آدم الحارثُ بن سريج، أخرجه أبو يعلى (2453) وصالح بن عبد الله الترمذي، أخرجه الدارقطني في «سننه» (30)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4546)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12509).
وتابع عبدَ الملك بن سعيد عطاءُ بن السائب، أخرجه الدارقطني في «سننه» (31). وفي سنده الحسن بن الحسين العُرَني، قال فيه أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة. وقال فيه ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات ويَروي المقلوبات.
(1)
قوله: (جامًا من فضة مخوَّصًا من ذهب) الجام: القدح الذي يشرب فيه، والمخوص بالخاء المعجمة وصاد مهملة: قال ابن الأثير: كان عليه صفائح من ذهب مثل خُوص النخل.
وتابع سعيدَ بن جبير باذان مولى أُم هانئ، أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (3059): حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بَاذَانَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فِي هَذِهِ الآيَةِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} [المائدة: 106].
قَالَ: بَرِئَ مِنْهَا النَّاسُ غَيْرِي وَغَيْرَ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ
(1)
، وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ الإِسْلَامِ، فَأَتَيَا الشَّامَ لِتِجَارَتِهِمَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلًى لِبَنِي سَهْمٍ، يُقَالُ لَهُ: بُدَيْلُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِتِجَارَةٍ، وَمَعَهُ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ، يُرِيدُ بِهِ المَلِكَ، وَهُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ، فَمَرِضَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبَلِّغَا مَا تَرَكَ أَهْلَهُ.
قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ اقْتَسَمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى أَهْلِهِ دَفَعْنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا، وَفَقَدُوا الجَامَ فَسَأَلُونَا عَنْهُ، فَقُلْنَا: مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا، وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ.
قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الخَبَرَ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا. فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُمُ البَيِّنَةَ فَلَمْ يَجِدُوا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ
(1)
في «أسد الغابة» (3/ 503): قال أبو نُعيم: لا يُعرَف لعَدي إسلام، وقد ذَكَره بعض المتأخرين.
قلت: والحق مع أبي نُعيم؛ فإن الحديث فيه ما يدل على أنه لم يُسلِم، فإن تميمًا يقول في الحديث:«فأَمَرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوه بما يُعظَّم [به] على أهل دينه» وهذا يدل على أنه غير مسلم، والله أعلم.
يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يَعْظمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ، فَحَلَفَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} [المائدة: 106] إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 108] فَقَامَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ فَحَلَفَا، فَنُزِعَتِ الخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ
(1)
.
وهذه الرواية فيها زيادات:
1 -
أن ذلك كان منهم قبل إسلامهم.
2 -
وأن التجارة كانت بأرض الشام، وأراد بالجام المَلِك.
3 -
وأنهما اقتسما ثمنه ورَدَّه بعد إسلامه.
4 -
أن السهمي كان مولى لعمرو بن العاص رضي الله عنه.
لكن السند بهذا التفصيل ضعيف:
1 -
أبو النضر سَمَّاه الترمذي: مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الكَلْبِيُّ، يُكْنَى أَبَا النَّضْرِ، وَقَدْ تَرَكَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ.
2 -
باذام
(2)
مولى أُم هانئ رضي الله عنها لم يَسمع من ابن عباس رضي الله عنهما.
وانتهى شيخنا معي بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م) إلى ضعف سياق ابن إسحاق، وصحة رواية البخاري، والآية تؤيد
(1)
عَلَّق ابن كثير في «تفسيره» (3/ 197) على هذه الرواية: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ.
(2)
ويقال: باذان.
أنهما كانا مسلمَين للنداء ولفظ (منكم).
أقوال العلماء في الحديث:
قال الترمذي على رواية باذام: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ
…
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْءٌ مِنْ هَذَا عَلَى الِاخْتِصَارِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ».
قال ابن المديني في ترجمة محمد بن أبي القاسم: لا أعرفه، وهو حسن الحديث.
ووردت هذه الواقعة بعد زمنه صلى الله عليه وسلم، وقضى فيها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، فيما أخرجه الدارقطني في «سننه» رقم (4349): نَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ مُسْلِمٍ الْوَشَّاءُ، نَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيُّ، نَا أَبُو كُدَيْنَةَ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَعَدِيُّ يَخْتَلِفَانِ إِلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ مَعَهُمَا فَتًى مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَتُوُفِّيَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا فَدَفَعَا تَرِكَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ، وَحَبَسَا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ، فَاسْتَحْلَفْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّهِ مَا كَتَمْتُمَا وَلَا اطَّلَعْتُمَا. ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ، قَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ عَدِيٍّ وَتَمِيمٍ. فَجَاءَ رَجُلَانِ مِنْ وَرَثَةِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا أَنَّ هَذَا الْجَامَ لِلسَّهْمِيِّ، وَلَشَهَادَتُهُمَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، {وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لِمَنِ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 107]. فَأَخَذُوا الْجَامَ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وتابع عباسَ بن عبد الله يعقوبُ بن سفيان، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3266): حَدَّثَنَا الْفَسَوِيُّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ لَفْظًا، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ،
به.
وسند الدارقطني رجاله ثقات، وسماع عامر الشَّعبي من أبي موسى محتمل، وسياق الأثر يفيد أنه سَمِع. وشيخ الحاكم مُتكلَّم فيه.
الخلاصة: كَتَب شيخنا معي بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م): رجاله ثقات.
تنبيه: رواية عامر الشَّعبي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنه في «الصحيحين» جرير بن عبد الله (ت/ 51)، وأبو موسى (ت/ 50)، والنعمان بن بشير (ت/ 65)، والبراء بن عازب (ت/ 72)، وجابر بن عبد الله (ت/ بعد 70)، وابن عمر (ت/ 73 - 74)، وابن عباس (ت/ 68)، وأبو هريرة (ت/ 51 - 60) وفي البخاري عن ابن عمرو (ت/ 68 - 77)، وعند مسلم عن جابر بن سَمُرة (ت/ بعد 70).
*-وله شاهد مُرسَل، أخرجه الطبري في «تفسيره» (9/ 89): حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] الْآيَةَ.
قَالَ: كَانَ عَدِيُّ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَهُمَا مِنْ لَخْمٍ نَصْرَانِيَّانِ يَتَّجِرَانِ إِلَى مَكَّةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَوَّلَا مُتَّجَرَهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ تَاجِرًا فَخَرَجُوا جَمِيعًا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرِضَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ، ثُمَّ أَوْصَى إِلَيْهِمَا.
فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ، فَأَخَذَا مَا أَرَادَا، ثُمَّ قَدِمَا عَلَى أَهْلِهِ فَدَفَعَا مَا أَرَادَا، فَفَتَحَ أَهْلُهُ مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا كِتَابَهُ وَعَهْدَهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ، وَفَقَدُوا شَيْئًا فَسَأَلُوهُمَا عَنْهُ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي قَبَضْنَا لَهُ وَدَفَعَ إِلَيْنَا، قَالَ لَهُمَا أَهْلُهُ: فَبَاعَ شَيْئًا أَوِ ابْتَاعَهُ؟ قَالَا: لَا. قَالُوا: فَهَلِ اسْتَهْلَكَ مِنْ مَتَاعِهِ شَيْئًا؟ قَالَا: لَا. قَالُوا: فَهَلْ تَجَرَ تِجَارَةً؟ قَالَا: لَا. قَالُوا: فَإِنَّا قَدْ فَقَدْنَا بَعْضَهُ، فَاتُّهِمَا، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: 106]. قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ: بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَا قَبَضْنَا لَهُ غَيْرَ هَذَا، وَلَا كَتَمْنَا.
قَالَ: فَمَكَثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَمْكُثَ، ثُمَّ ظُهِرَ مَعَهُمَا عَلَى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٍ مُمَوَّهٍ بِذَهَبٍ، فَقَالَ أَهْلُهُ: هَذَا مِنْ مَتَاعِهِ، قَالَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ وَنَسِينَا أَنْ نَذْكُرَهُ حِينَ حَلَفْنَا، فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَذِّبَ أَنْفُسَنَا، فَتَرَافَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى:{فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} [المائدة: 107]، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْلِفَا عَلَى مَا كَتَمَا وَغَيَّبَا وَيَسْتَحِقَّانِهِ ثُمَّ إِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَسْلَمَ وَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ ".
سورة يونس عليه السلام
-
قال تعالى:
{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية [يونس: 94]
قال أبو داود في «سننه» (5110)
(1)
: حدَّثَنا عباس بن عبد العظيم، حدَّثَنا النضر بن محمد، حدَّثَنا عكرمة - يعني ابن عمار- قال: وحدَّثَنا أبو زُمَيْل
(2)
قال: سألتُ ابن عباس فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به. قال: فقال لي: أشيء مِنْ شك؟ قال: وضَحِك. قال: ما نجا من ذلك أحد. قال: حتى أَنْزَل الله عز وجل: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية [يونس: 94]، قال: فقال لي: إذا وجدتَ في نفسك شيئاً فقل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3].
والخلاصة: أن إسناده صحيح، والضعف في رواية عكرمة بن عمار في يحيى بن أبي كثير، كما سبق في غير هذا الموطن.
ووافقني شيخنا ولم يَرتضِ كلام ابن عطية في «المُحرَّر الوجيز» (3/ 143)
(1)
ومن طريقه المقدسي في «الضياء» (10/ 419).
(2)
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة.
حيث قال: ذكر الزهراوي أن هذه المقالة أنكرت أن يقولها ابن عباس، وبذلك أقول؛ لأن الخواطر لا ينجو منها أحد، وهي خلاف الشك الذي يحال فيه عليه الاستشفاء بالسؤال، والَّذِينَ يَقرءون الكتاب مِنْ قبلك هم مَنْ أَسْلَم من بني إسرائيل، كعبد الله بن سَلَام وغيره، ورُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية:«أنا لا أشك ولا أسأل» .
*-وقال ابن أبي حاتم في «تفسيره» (6/ 1986): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} [يونس: 94] قَالَ: لَمْ يَشُكَّ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَسْأَلْ.
وتابع عليَّ بن الحسين- هو ابن الجُنيد
(1)
- عليُّ بن أحمد بن الحسين. أخرجه المقدسي في «المختارة» (91).
وسعيد بن شرحبيل روى عنه جمع، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» وقال الدارقطني: لا بأس به.
ورواية هُشيم
(2)
- وهو ابن بشير- عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، في الكتب الستة، وأبو بشر مِنْ أثبت الناس في سعيد بن جُبير.
(1)
قال فيه ابن أبي حاتم: صدوق ثقة.
(2)
وهو مدلس وقد عنعن.
والخلاصة: أن الإسناد رجاله ثقات لعنعنة هشيم. وانتهى شيخنا معي بتاريخ (23) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (8/ 10/ 2023 م) إلى صحة الإسنادين لاتساع المَخرج.
تنبيه: أَخْرَج الطبري في «تفسيره» (12/ 288): حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا أَشُكُّ وَلَا أَسْأَلُ» .
وتابع سعيدًا- وهو ابن أبي عَروبة- مَعمر، كما في «المصنف» (10951) والطبري (12/ 288).
ورواية سعيد عن قتادة ثابتة، وازدادت قوة برواية معمر، وإن كانت رواية مَعمر في قتادة فيها ضعف استقلالًا.
قال تعالى:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].
قال الإمام النسائي في «السنن الكبرى» رقم (11172): أَخْبَرَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنَ الْعِبَادِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ» قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللهِ عَلَى غَيْرِ أَمْوَالٍ وَلَا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ - يَعْنِي عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ- لَا يَخَافُونَ إِنْ خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِنْ حَزِنَ النَّاسُ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].
وتابع واصلًا عبدُ الرحمن بن صالح كما عند أبي يعلى (6110)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (5)، وتابعهما عبيد الله بن يعيش، أخرجه البيهقي في «شُعب الإيمان» (8584) وقال: كَذَا قَالَ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وَهُوَ وَهْمٌ. وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبُو زُرْعَةَ عَنْ عُمَرَ، مُرْسَلٌ.
وخالف ابنَ فضيل جريرُ بن عبد الحميد كما عند أبي داود (3527) واللفظ له، وقيس بن الربيع فيه ضعف كما في «حِلية الأولياء» (1/ 5) عَنْ عُمَارَة بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ:«هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} .
وتابع جريرَ بن عبد الحميد متابعة قاصرة طلقُ بن حبيب عن عمر رضي الله عنه. أخرجه هناد في «الزهد» (475) بسند صحيح إلى طلق، لكن روايته عن عمر مرسلة.
وتابع محمدَ بن فضيل متابعة قاصرة بشيرُ بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (1840) والبزار في «مسنده» (9455).
والخلاصة: أن محمد بن فضيل سلك الجادة، وجرير ومَن تابعه سلكا غير الجادة، ووَهَّم البيهقي الجادة. ولمُحسِّن أن يصحح طريقَي أبي زرعة وطلق عن عمر رضي الله عنهما، ولآخَر أن يضعفها. وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (27) صفر (1445 هـ) الموافق (12/ 9/ 2023 م): المرسل أصح (المنقطع).
تنبيه: أَخْرَج مسلم (2566) وغيره من مَخرج متسع، عَنْ أَبِي الحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي» .
سورة الإسراء
قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13].
قال ابن وهب في «جامعه» رقم (629): أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ عَبْدٍ طَائِرُهُ فِي عُنُقِهِ» .
وتابع ابنَ وهب جماعةٌ:
1 -
حسن بن موسى الأشيب، أخرجه أحمد (14281) ولفظه:«طَيْرُ كُلِّ عَبْدٍ فِي عُنُقِهِ» .
2 -
موسى بن داود الضَّبِّيّ، أخرجه أحمد (14351).
3 -
قُتيبة بن سعيد، أخرجه أحمد (14464) ولفظه:«طَائِرُ كُلِّ إِنْسَانٍ فِي عُنُقِهِ» قال ابن لَهيعة: يعني الطِّيَرة.
وخالف ابنَ لَهِيعة الجماعةُ الأثبات:
1 -
أبو خيثمة زهير، أخرجه مسلم (2222) وأحمد (14349)، ولفظه: «لا عدوى ولا طِيَرة ولا غُول
(1)
».
(1)
قوله: «لا غُول» : قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ الغِيلَانَ فِي الْفَلَوَاتِ، وَهِيَ جِنْسٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَتَتَرَاءَى لِلنَّاسِ وَتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلًا، أَيْ: تَتَلَوَّنُ تَلَوُّنًا فَتُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ فَتُهْلِكُهُمْ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاكَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالحَدِيثِ نَفْيُ وُجُودِ الغُولِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِبْطَالُ مَا تَزْعُمُهُ الْعَرَبُ مِنْ تَلَوُّنِ الْغُولِ بِالصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاغْتِيَالِهَا. قَالُوا: وَمَعْنَى «لا غَوْل» أي: لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُضِلَّ أَحَدًا. انظر: «شرح مسلم» (14/ 217) للنووي.
2 -
ابن جُريج من رواية خالد
(1)
عنه بلفظ: «إن يكُ الشؤم في شيء، ففي الرَّبْعة
(2)
والمرأة والفرس».
الخلاصة: أن رواية الجماعة هي الصواب، وأما رواية ابن لَهِيعة، فهي وإن كان ظاهرها الحُسن لرواية ابن وهب عن ابن لَهيعة، فليست رواية مستقلة عن أبي الزبير، إنما هي راجعة للروايات الأخرى عن أبي الزبير:
1 -
لكون ابن لَهيعة نَصَّ على أنها في التطير.
2 -
أن رواية الجماعة عن أبي الزبير هي الصواب، وفيها التطير.
3 -
وبهذا يَظهر أن آية الإسراء لا يُستشهَد بها لتصحيح رواية ابن لَهِيعة.
أما شيخنا فانتهى إلى ضعف رواية ابن لهيعة، مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (19) شعبان (1444 هـ) الموافق (11/ 3/ 2023 م).
وكَتَب شيخنا في تحقيقه «المُنتخَب» لعبد بن حُميد (1053): في سنده ابن لَهِيعة وهو مُختلِط، ومعناه صحيح، قال تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13].
(1)
أما رواية رَوْح بن عُبَادة فلفظها: «لا عدوى ولا صَفَر ولا غول» أخرجها مسلم (222).
(2)
بفتح الراء وسكون الموَحدة: الدار. انظر: «حاشية السِّندي على سُنن النسائي» (6/ 221).
قال تعالى:
{إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]
قال ابن خزيمة في «صحيحه» رقم (1474) - نا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ
(1)
، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قَالَ: «تَشْهَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ مُجْتَمِعًا فِيهَا» .
وعلي بن مسهر وإن كان ثقة فقد استغربه عليه ابن خزيمة وسئل الإمام أحمد عنه فقال: لا أدري كيف أقول كان قد ذهب بصره فكان يحدثهم من حفظه.
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (670) - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
وَالْأَعْمَشُ،
(1)
تابع علي بن مسهر القاسم بن يحيى وحفص.
وخالفهم شعبة فأوقفه ذكره البخاري في «خلق أفعال العباد» (214) معلقًا.
وخالفهم جرير فلم يذكر الآية أخرجه ابن خزيمة وفيه: «تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وفي صلاة العصر» .
(2)
وإبراهيم هو ابن يزيد بينه وبين ابن مسعود غير واحد وقد تابعه أبو عبيدة بن عبد الله أخرجه الطبري في «تفسيره» (15/ 33) موقوفًا ولفظه: كان عبد الله يحدث أن صلاة الفجر عندها يجتمع الحرسان من ملائكة الله، ويقرأ هذه الآية {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} وأبو عبيدة لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه.
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قَالَ: «تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» .
وقال اللالكائي في «مجالسه» (7) على طريق السدي عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله: هذا غريب والمحفوظ عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه.
في حين صحح إسناده ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 36) وقال الترمذي: حسن صحيح.
لكن طعن قال ابن حجر في «العجاب في بيان الأسباب» ) في عطف السدي مشايخه.
وأخرجه البخاري (4714) ومسلم (649) من طريق مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فَضْلُ صَلَاةِ الجَمْعِ عَلَى صَلَاةِ الوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ» ، يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}
وتابع معمرًا شعيب أخرجه البخاري (648).
وتابع أبا سلمة وابن المسيب الأعرج لكن دون ذكر الآية. أخرجه مالك في «الموطأ» (82) ومن طريقه البخاري (3223) وفيه: «يجتمعون في صلاة الفجر
وصلاة العصر»
(1)
والخلاصة: أن الأرجح هي الرواية المتفق عليها وأن ذكر الآية فيها موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه وأما طريق الأعمش فمختلف عليه كما سبق وللخبر شاهد من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أخرجه الطبري (15/ 33) والبزار وفي سنده زيادة بن محمد منكر الحديث.
وانتهى شيخنا معي بتاريخ (9) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (24/ 10/ 2023 م): إلى ترجيح الرواية المتفق عليها.
(1)
وانظر كلام ابن عبد البر في «الاستذكار» (2/ 315)، وابن حجر في «فتح الباري» أنهم يجتمعون في صلاة العصر وهي زيادة قصر عن مالك من لم يأت بها من الرواة
…
إلخ.
فضل
سورة الكهف
قال البخاري في «صحيحه» رقم (5011): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ «سُورَةَ الكَهْفِ» وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالقُرْآنِ» .
وأخرجه مسلم رقم (795): وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ
(1)
به.
وتابع زهيرًا شعبة، كما عند البخاري (3614)، ومسلم (795).
وتابعهما إسرائيل كما عند البخاري (4839).
تنبيه: جاءت هذه القصة من حديث أُسيد بن حُضَيْر رضي الله عنه وأنه هو القارئ، وفي بعض الطرق تسمية «سورة البقرة» معلقة عند البخاري، موصولة عند النسائي وغيره، وعند مسلم دون تسمية السورة، هذه الطرق مدارها على يزيد بن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد عن أُسيد. والأرجح فيها ذكر
(1)
وأبو خيثمة هنا زهير بن معاوية، وليس زهير بن حرب؛ فإنه لم يَرْوِ عن أبي إسحاق وهو أنزلُ من هذا.
تسمية «سورة البقرة» وهذه رواية الجماعة عن يزيد.
ورواه الليث بن سعد عن يزيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أُسيد، وهو منقطع، ومعلق عند البخاري.
وله طرق أخرى عن أُسيد، وكلها منقطعة وفي بعضها تسمية «سورة البقرة» .
وورد بذكر «سورة الكهف» عند الطبراني في (1/ 208) من طريق زِرّ بن حُبيش عن أُسيد. وفي سنده يحيى الحِمَّاني، ضعيف.
والخلاصة: أن ذكر «سورة البقرة» محفوظ من طريق الجماعة عن يزيد بن الهاد، وإسناده صحيح.
وكذلك «سورة الكهف» محفوظة من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، إلا أنه لم يُسَمِّ الصحابي
وهل هما واقعة واحدة؟ هذا هو الظاهر لتشابه القصتين مع اختلاف تسمية السورة، ولم يُختلف على أبي إسحاق في تسمية «سورة الكهف» وهي متفق عليها.
ووجهة كونهما قصتين صحة الأسانيد. ولم يقف الباحث على إعلال لأهل العلم.
وانتهى شيخنا مع الباحث أبي عبد الله محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (24) شوال (1444 هـ) الموافق (14/ 5/ 2023 م) إلى ثبوت اللفظتين.
سورة مريم
قال تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24]
قال ابن الجعد في «مسنده» رقم (2114)، (2115): حَدَّثَنَا مُحْرِزٌ، نَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه:{قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24] قَالَ: جَدْوَلًا.
وتابع شريكًا شعبةُ وسفيان- هو الثوري- وزهيرٌ.
وخالفهم أبو سنان- هو سعد بن سنان
(1)
- فرَفَعه، أخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (685) من طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن أبي سنان.
والخلاصة: أن رواية الجماعة أصوب؛ لأنهم الجماعة، وهم أصحاب أبي إسحاق، على الوقف، وهو صحيح. وكَتَب شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فَرَّاج، بتاريخ (10) رجب (1444 هـ) الموافق (1/ 2/ 2023 م): الصواب الوقف.
*-وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عند الطبراني في «الكبير» (13303) وفي سنده يحيى البابلي وأَيُّوبُ بْنُ نَهِيكٍ، وهما ضعيفان.
(1)
الأكثر على ضعفه كما سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 444).
قال تعالى:
{وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]
قال الإمام أحمد في «مسنده» (17/ 129) حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} [مريم: 39] قَالَ: «فِي الدُّنْيَا» .
تابع الإمام أحمد إسحاق بن إبراهيم كما عند أبي يعلى (1120) وعنه ابن حبان (652) وزهير كما عند أبي يعلى (1224)، وابن نمير كما عند ابن أبي عاصم في «الزهد» (220)، وزياد بن أيوب، وهشام بن عبد الملك أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (11268، 11269).
وخالفهم جماعة فرووه مطولًا:
1، 2 - أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب أخرجه مسلم رقم (2849) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ - وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ - قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ» .
زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ: «فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ» ، وَاتَّفَقَا فِي بَاقِي الْحَدِيثِ - فَيُقَالُ: «يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالَ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ:
نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا ".
3 -
تابعهما سعيد بن منصور في «تفسيره» (1392) والإمام أحمد في «مسنده» (11066).
وتابع أبا معاوية حفص بن غياث أخرجه البخاري (4730) ومحمد بن عبيد كما عند أحمد (1066)، يعلى بن عبيد وحماد بن شعيب كما عند الدارقطني في «علله» (1483) ورواية هؤلاء أرجح وقيل إنه من مسند أبي هريرة أو من قوله. وقال الدارقطني: الحديث حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
الخلاصة: كتب شيخنا معي بتاريخ (15) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (30/ 10/ 2023 م) على طريق محمد بن خازم: هذا الاختصار مخلّ.
سجدة ص
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (11799): حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: رَأَيْتُ رُؤْيَا وَأَنَا أَكْتُبُ «سُورَةَ ص» قَالَ: فَلَمَّا بَلَغْتُ السَّجْدَةَ، رَأَيْتُ الدَّوَاةَ وَالْقَلَمَ وَكُلَّ شَيْءٍ بِحَضْرَتِي انْقَلَبَ سَاجِدًا. قَالَ: فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَزَلْ يَسْجُدُ بِهَا.
وتابع ابنَ أبي عدي حماد بن سلمة، أخرجه الحاكم (3616).
وخالفهما يزيد بن زُريع فقال: عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي بَكْرٌ، أَنَّهُ أُخْبِرَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَأَى رُؤْيَا
…
أخرجه أحمد (11741).
وخالفهم جميعًا هشيم
(1)
من رواية مُسدَّد
(2)
عنه فقال عنه عن حميد عن بكر عن رجل عن أبي سعيد
…
ذَكَره الدارقطني في «علله» (5/ 462) وقال: قول مسدد عن هشيم أشبهها بالصواب.
ورواه عاصم الأحول عن بكر، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه عبد الرزاق (5869).
(1)
هو ابن بشير.
(2)
خالفه شجاع بن الوليد فحَذَف الرجل المبهم فقال: عن بكر عن أبي سعيد. كما في «مسند الحارث» (242).
ورواه محمد بن جحادة عن بكر، أن أبا موسى أتى النبي صلى الله عليه وسلم
…
ذَكَره الدارقطني في «علله» .
والخلاصة: أن مداره على بكر المزني، والصواب فيه إثبات الواسطة كما قال الدارقطني.
وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن محمود بن حشمت المنياوي، بتاريخ (16) من المحرم (1445 هـ) الموافق (3/ 8/ 2023 م): يُفهِّمه الأخ أحمد النمر حفظه الله
(1)
.
ثم عَرَضه الباحث بتاريخ (26) من المحرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م): كل طرقه ضعيفة.
2 -
قال أبو داود في «سننه» (1410 - حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: {ص} فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ، نَزَلَ فَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ، تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ، فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا.
(1)
وذلك بالمقارنة بين هاتين العبارتين: (عن بكر المزني عن أبي سعيد) و (عن بكر المزني أن أبا سعيد) رضي الله عنه، فالصورة الثانية مرسلة، والأولى ظاهرها الوصل.
نحوها (عن عروة عن عائشة) أو (عن عروة أن عائشة).
تابع عمرو بن الحارث خالد بن زيد أخرجه الدارمي وغيره.
الخلاصة: أن ظاهر هذا السند الحسن لكن أعله أبو حاتم
(1)
بإدخال واسطة بين سعيد بن أبي هلال وعياض بن عبد الله هي إسحاق بن أبي فروة وهو متروك وإلى هذا انتهى شيخنا مع الباحث: حسان بن عبد الرحيم بتاريخ (18) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (2/ 11/ 2023 م).
تنبيه: في البخاري عن ابن عباس من قوله أن «ص» ليست من عزائم السجود.
(1)
أما ابن خزيمة في «صحيحه» (3/ 148) فكأنه ردّ هذه العلة في قوله:
سورة الأحقاف
قوله تعالى:
{أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4].
قال الإمام أحمد في «مسنده» (1992) - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ
(1)
، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ سُفْيَانُ: لَا أَعْلَمُهُ إِلا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4]، قَالَ:«الْخَطُّ» .
تابع يحيى وهو القطان الضحاك بن مخلد كما في «جزء ألف دينار» (271) للقطيعي.
وخالفهما محمد بن كثير العبدي فأوقفه
(2)
أخرجه الحاكم في «مستدركه» (3694) وقال: حديث صحيح وقد أسند عن الثوري من وجه غير معتمد.
الخلاصة: أن روايتهما أرجح وإسنادهما صحيح لكن يبقى الشك في الرفع وكتب شيخنا معي بتاريخ (11) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (25/ 11/ 2023 م): الشك يوهنه.
(1)
تابع سفيان وهو الثوري سعيد بن أبي مريم أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 299)(10725) وفي سنده أحمد بن رشدين وهو ضعيف واه.
(2)
وتابع محمد بن كثير على الوقف متابعة قاصرة الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الطبراني في «الأوسط» (472) ولفظه: «أو أثارة من علم» قال: جودة الخط. وفي سنده عمرو بن الأزهر وهو متروك. وقال الحاكم: هذه زيادة عن ابن عباس في قوله عز وجل غريبة في هذا الحديث.
سجدة النجم
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فسجد فيها وسجد من معه
وثبت عنه أيضًا أنها قرئت عليه فلم يسجد فيها
والخبران في الصحيحين
أولًا: أنه سجد فيها بمكة فقد أخرج الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (1067) - حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدثنا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الأَسْوَدَ، عَنْ عَبدِ اللهِ، رضي الله عنه، قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ بِمَكَّةَ، فَسَجَدَ فِيهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى، أَوْ تُرَابٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا.
وعطف محمد بن المثنى على محمد بن بشار عند مسلم (576).
وتابعهما جماعة -سليمان بن حرب وحفص بن عمر وعثمان بن جبلة كما عند البخاري (3640، 1070، 3974)، ويحيى بن سعيد ويزيد بن هارون عند أحمد (4235، 3805) والطيالسي في «مسنده» (281) -.
وتابع شعبة بن الحجاج سفيان هو الثوري أخرجه أحمد (3682).
وتابعهما إسرائيل بن أبي يونس واختلف عليه فرواه وكيع أخرجه أبو يعلى (5218).
وخالف وكيعًا أبو أحمد الزبيري فزاد زيادتين:
1 -
«قَالَ: أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ: {وَالنَّجْمِ}» .
2 -
«وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ» .
أخرجه الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (4863) - حَدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخبَرني أَبُو أَحْمَدَ، يَعْنِي الزُّبَيْرِيُّ، حَدثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبدِ اللهِ، رضي الله عنه، قَالَ: أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ: {وَالنَّجْمِ} قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلاَّ رَجُلًاً رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: فاروق بن فاروق الحسيني بتاريخ (21) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (5/ 12/ 2023 م) أشر إلى هذه الزيادة
(1)
.
(1)
قال ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 552):
…
واستشكل بأن اقرأ باسم ربك أول السور نزولًا وفيها أيضًا سجدة فهي سابقة على النجم وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها وأما بقيتها فنزل بعد ذلك بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة أو الأولية مقيدة بشيء محذوف بينته رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند بن مردويه بلفظ أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم وله من رواية عبد الكبير بن دينار عن أبي إسحاق أول سورة تلاها على المشركين فذكره فيجمع بين الروايات الثلاث بأن المراد أول سورة فيها سجدة تلاها جهرًا على المشركين وسيأتي بقية الكلام عليه في تفسير سورة النجم إن شاء الله تعالى.
ثانيا: أنه صلى الله عليه وسلم قرئت عليه فلم يسجد فيها أخرجه الإمام البخاري (1072) - حَدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدثنا إِسمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخبَرَنا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، رضي الله عنه، فَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:{وَالنَّجْمِ} فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (577) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ حُجْرٍ - قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: لَا، قِرَاءَةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ
(1)
وجعل الجمهور حديث زيد بن ثابت صارف من الوجوب إلى الاستحباب.
أما الحنابلة فقالوا بالوجوب.
(1)
هذه السؤال انفرد به مسلم عن البخاري.
وتابع يزيد بن خصيفة ابن أبي ذئب عند البخاري (1073) وغيره فلم يذكر السؤال كذلك.
سورة الحشر
قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (3303) والنسائي في «السنن الكبرى» (8556)
(1)
- حَدثنا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدثنا عَفَّانُ، قَالَ: حَدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ
(2)
، قَالَ: حَدثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ} قَالَ: اللِّينَةُ النَّخْلَةُ، {وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ} قَالَ: اسْتَنْزَلُوهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ، قَالَ: وَأُمِرُوا بِقَطْعِ النَّخْلِ، فَحَكَّ فِي صُدُورِهِمْ. فَقَالَ المُسْلِمُونَ: قَدْ قَطَعْنَا بَعْضًا وَتَرَكْنَا بَعْضًا، فَلَنَسْأَلَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ لَنَا فِيمَا قَطَعْنَا مِنْ أَجْرٍ؟ وَهَلْ عَلَيْنَا فِيمَا تَرَكْنَا مِنْ وِزْرٍ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} الآيَةَ.
خالفه هارون بن معاوية فأرسله أخرجه الترمذي (3303) وقال عقب الحديث: سألت محمدًا عن هذا الحديث فلم يعرفه واستغربه وسمعه مني.
(1)
وقال النسائي عقبه: قَالَ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ: كَانَ عَفَّانُ حَدثنا بِهَذَا الحَدِيثِ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ حَبِيبٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَحَدثناهُ عَنْ حَفْصٍ.
(2)
خالف حفصًا الجراح والد وكيع وهو مختلف فيه فجعله مقطوعًا بلفظ: {ما قطعتم من لينة} قال: هي النخلة. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (33829).
وعفان بن مسلم
(1)
أوثق من هارون وعليه فروايته أرجح بالوصل وسنده صحيح وإلى هذا ذهب الشيخ مقبل رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1/ 559).
الخلاصة: انتهى شيخنا معي بتاريخ الأربعاء (21) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (5/ 11/ 2023 م): أشر إلى الخلاف والخبر له شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما
(2)
.
(1)
قال فيه أبو حاتم: عفان إمام ثقة متقن متين. وقال في هارون بن معاوية: صدوق.
(2)
أخرجه البخاري (4884) واللفظ له، ومسلم (1746) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ البُوَيْرَةُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ} .
قوله تعالى:
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16].
مرويات قصة برصيصا العابد
لها طرق مرفوعة وموقوفة.
أما المرفوعة فمعلة بالإرسال، فقد أخرج ابن أبي الدنيا في «مكائد الشيطان» رقم (61): نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ عَامِرٍ
(1)
سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ رِفَاعَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَانَ رَاهِبٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَخَذَ الشَّيْطَانُ جَارِيَةً فَخَنَقَهَا، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا أَنَّ دَوَاءَهَا عِنْدَ الرَّاهِبِ، فَأُتِيَ بِهَا الرَّاهِبُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى قَبِلَهَا، فَكَانَتْ عِنْدَهُ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَسَوَّلَ لَهُ إِيقَاعَ الْفِعْلِ بِهَا فَأَحْبَلَهَا، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: الآنَ تَفْتَضِحُ، يَأْتِيكَ أَهْلُهَا، فَاقْتُلْهَا فَإِنْ أَتَوْكَ فَقُلْ: مَاتَتْ. فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا.
فَأَتَى الشَّيْطَانُ أَهْلَهَا فَوَسْوَسَ لَهُمْ، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا ثُمَّ قَتَلَهَا وَدَفَنَهَا. فَأَتَاهُ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَاتَتْ. فَأَخَذُوهُ فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: أَنَا الَّذِي ضَرَبْتُهَا وَخَنَقْتُهَا، وَأَنَا الَّذِي أَلْقَيْتُ فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا، وَأَنَا الَّذِي أَوْقَعْتُكَ فِي
(1)
وثقه الدارقطني كما في «سؤالات السُّلمي» (ص/ 101).
هَذَا، فَأَطِعْنِي تَنْجُو
(1)
اسْجُدْ لِي سَجْدَتَيْنِ. فَسَجَدَ لَهُ سَجْدَتَيْنِ، فَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عز وجل:{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ العَالَمِينَ} .
وتابع عبدَ الرحمن بن يونس عليُّ بن خَشْرَم، كما عند البيهقي في «شُعب الإيمان» (5449)، ومحمد بن أبي عمر كما في «تفسير ابن مردويه» (777).
وسند ابن أبي الدنيا حسن إلى رفاعة؛ لحال عبد الرحمن بن يونس، فقد قال فيه أبو حاتم: صدوق. وأَخْرَج له البخاري أربعة أحاديث كما في «تهذيب التهذيب» . وعُبيد بن رفاعة مُختلَف في صحبته، والأكثر على أنه تابعي. وقال ابن حجر: وُلد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. ووثقه العجلي.
وأما الموقوف فمنه:
1 -
عن علي رضي الله عنه، أخرجه الطبري في «تفسيره» (22/ 541): حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ: ثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَهِيكٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: إِنَّ رَاهِبًا تَعَبَّدَ سِتِّينَ سَنَةً، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ أَرَادَهُ فَأَعْيَاهُ، فَعَمَدَ إِلَى امْرَأَةٍ فَأَجَنَّهَا، وَلَهَا إِخْوَةٌ، فَقَالَ لِإِخْوَتِهَا: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقِسِّ فَيُدَاوِيهَا. فَجَاءُوا بِهَا. قَالَ: فَدَاوَاهَا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ،
(1)
هكذا بالرفع في جواب الطلب ويجوز الجزم (تنج) وجاء على الوجهين قوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا 5 يَرِثُنِي وَيَرِثُ} [مريم: 5، 6] فَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِجَزْمِهِمَا، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِرَفْعِهِمَا، وَتَقَدَّمَ يُبَشِّرُكَ لِحَمْزَةَ فِي آلِ عِمْرَانَ. انظر:«النشر في القراءات» (2/ 317) لابن الجزري.
فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا عِنْدَهَا إِذْ أَعْجَبَتْهُ، فَأَتَاهَا فَحَمَلَتْ، فَعَمَدَ إِلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَجَاءَ إِخْوَتُهَا، فَقَالَ الشَّيْطَانُ لِلرَّاهِبِ: أَنَا صَاحِبُكَ، إِنَّكَ أَعْيَيْتَنِي، أَنَا صَنَعْتُ بِكَ هَذَا فَأَطِعْنِي أُنْجِكَ مِمَّا صَنَعْتُ بِكَ، اسْجُدْ لِي سَجْدَةً. فَسَجَدَ لَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ لَهُ قَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ! فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16].
تابع النضرَ محمدُ بن جعفر وعمرو بن مرزوق، كما عند ابن مردويه في «تفسيره» (779).
وتابع شعبةَ سفيان بن سعيد، أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (3194)، ومن طريقه الحاكم في «مستدركه» (3841)، وعنه البيهقي (5450) لكن عند عبد الرزاق: ثميك بن عبد الله السلولي. وعند الحاكم والبيهقي: حميد بن عبد الله السلولي. بدلًا من عبد الله بن نَهيك.
وعلته عبد الله بن نَهيك، روى عنه أبو إسحاق، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» . والآخران لم أقف لهما على ترجمة.
2 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه الطبري في «تفسيره» (22/ 542): حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16] قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ، وَكَانَ لَهَا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ، وَكَانَتْ تَأْوِي بِاللَّيْلِ إِلَى صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ. قَالَ: فَنَزَلَ الرَّاهِبُ
فَفَجَرَ بِهَا فَحَمَلَتْ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ: اقْتُلْهَا ثُمَّ ادْفَعْهَا؛ فَإِنَّكَ رَجُلٌ مُصَدَّقٌ يُسْمَعُ كَلَامُكَ. فَقَتَلَهَا ثُمَّ دَفَنَهَا.
قَالَ: فَأَتَى الشَّيْطَانُ إِخْوَتَهَا فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الرَّاهِبَ صَاحِبَ الصَّوْمَعَةِ فَجَرَ بِأُخْتِكُمْ، فَلَمَّا أَحْبَلَهَا قَتَلَهَا، ثُمَّ دَفَنَهَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا، وَمَا أَدْرِي أَقُصُّهَا عَلَيْكُمْ أَمْ أَتْرُكُ؟ قَالُوا: لَا، بَلْ قُصَّهَا عَلَيْنَا. قَالَ: فَقَصَّهَا. فَقَالَ الْآخَرُ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ. قَالُوا: فَمَا هَذَا إِلَّا لِشَيْءٍ. فَانْطَلَقُوا فَاسْتَعْدَوْا مَلِكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّاهِبِ، فَأَتَوْهُ فَأَنْزَلُوهُ، ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ، فَلَقِيَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنِّي أَنَا الَّذِي أَوْقَعْتُكَ فِي هَذَا، وَلَنْ يُنْجِيَكَ مِنْهُ غَيْرِي، فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً، وَأَنَا أُنْجِيكَ مِمَّا أَوْقَعْتُكَ فِيهِ. قَالَ: فَسَجَدَ لَهُ، فَلَمَّا أَتَوْا بِهِ مَلِكَهُمْ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَأُخِذَ فَقُتِلَ.
وعلته إبراهيم بن محمد، مجهول.
3 -
عن ابن عباس، أخرجه الخرائطي في «اعتلال القلوب» رقم (196): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَاهِبٌ يَعْبُدُ اللَّهَ زَمَانًا مِنَ الدَّهْرِ، حَتَّى كَانَ يُؤْتَى بِالْمَجَانِينَ يُعَوِّذُهُمْ فَيَبْرَءُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ فِي شَرَفٍ مِنْ قَوْمِهَا قَدْ جُنَّتْ، وَكَانَ لَهَا إِخْوَةٌ فَأَتَوْهُ بِهَا، فَلَمْ يَزَلِ الشَّيْطَانُ يُزَيِّنُ لَهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا لَمْ يَزَلْ يُخَوِّفُهُ وَيُزَيِّنُ لَهُ قَتْلَهَا حَتَّى قَتَلَهَا وَدَفَنَهَا.
فَذَهَبَ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، حَتَّى أَتَى بَعْضَ إِخْوَتِهَا فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي فَعَلَ الرَّاهِبُ، ثُمَّ أَتَى بَقِيَّةَ إِخْوَتِهَا رَجُلًا رَجُلًا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي أَخَاهُ فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَتَانِي آتٍ فَذَكَرَ لِي شَيْئًا كَبُرَ عَلَيَّ ذِكْرُهُ. فَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، حَتَّى رَفَعُوا ذَلِكَ إِلَى مَلِكِهِمْ، فَسَارَ النَّاسُ حَتَّى اسْتَنْزَلُوهُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، وَأَقَرَّ لَهُمْ بِالَّذِي فَعَلَ، فَأُمِرَ بِهِ فَصُلِبَ، فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى خَشَبَةٍ تَمَثَّلَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: أَنَا الَّذِي زَيَّنْتُ لَكَ هَذَا وَأَلْقَيْتُكَ فِيهِ، فَهَلْ أَنْتَ مُطِيعِي فِيمَا أَقُولُ لَكَ، وَأُخَلِّصُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: تَسْجُدُ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً. فَسَجَدَ لَهُ وَقُتِلَ الرَّجُلُ. فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16].
وعَدي بن ثابت ليست له رواية عن ابن عباس في الكتب الستة، وهو ثقة من الرابعة، رُمي بالتشيع.
وأخرجه الطبري (22/ 543) من سلسلة العَوفيين وهي ضعيفة. وله سند آخَر فيه إسحاق بن بشر، كذاب.
وله مقطوعة على طاوس سندها صحيح، أخرجها عبد الرزاق في «تفسيره» (3193): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ عَابِدًا، وَكَانَ رُبَّمَا دَاوَى الْمَجَانِينَ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ أَخَذَهَا الْجُنُونُ، فَجِيءَ بِهَا إِلَيْهِ فَتُرِكَتْ عِنْدَهُ، فَأَعْجَبَتْهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنْ عُلِمَ بِهَذَا افْتُضِحْتَ فَاقْتُلْهَا وَأَرْقِدْهَا فِي بَيْتِكَ. فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا.
فَجَاءَ أَهْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَاتَتْ. فَلَمْ يَتَّهِمُوهُ لِصَلَاحِهِ فِيهِمْ وَرِضَاهُ، فَجَاءَهُمُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ، وَلَكِنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ
فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا، وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا. فَجَاءَ أَهْلُهَا فَقَالُوا: مَا نَتَّهِمُكَ، وَلَكِنْ أَخْبِرْنَا أَيْنَ دَفَنْتَهَا، وَمَنْ كَانَ مَعَكَ؟ فَفَتَّشُوا بَيْتَهُ فَوَجَدُوهَا حَيْثُ دَفَنَهَا، فَأُخِذَ فَسُجِنَ. فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ أُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ، وَتَخْرُجَ مِنْهُ، فَاكْفُرْ بِاللَّهِ. فَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ وَكَفَرَ، فَأُخِذَ فَقُتِلَ، فَتَبَرَّأَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ حِينَئِذٍ.
قَالَ طَاوُسٌ: فَمَا أَعْلَمُ إِلَّا بِهَذِهِ الْآيَةِ أُنْزِلَتْ فِيهِ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16].
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سمير بن فرج دعشوش النبراوي
(1)
، بتاريخ (13) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (28/ 9/ 2023 م) إلى طلب مراجعة إسناد ابن أبي الدنيا، وأن أسلم ما ورد مقطوع طاوس، وأنه من الإسرائيليات، ولا بأس أن يُذكَّر بها مع بيان سندها. وكَتَب على رواية عَدي عن ابن عباس: ليس له عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
.
(1)
وُلد بتاريخ (1/ 1/ 2005 م) وهو في الفرقة الثانية بكلية العلوم جامعة المنصورة، وهذا أول حديث يَعرضه للتدرب، ضمن بحث (أشخاص أشير إليهم في القرآن الكريم).
(2)
-أي رواية.
سورة الكافرون
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (28228): حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ. قَالَ:«اقْرَأْ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا؛ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ» .
وهذا السند رجاله ثقات عدا عبد الرحمن بن نوفل، فقد وثقه العِجلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
والخبر مشهور بأخيه فروة بن نوفل
(1)
، وعنه اثنان:
1 -
أبو إسحاق السَّبيعي واختُلف عليه، فوَصَله الأكثر
(2)
وهم: إسرائيل، وزُهير، وشَرِيك، وابن أبي أُنَيْسَة، وأشعث بن سَوَّار، وأبو مريم.
(1)
قال فيه أبو حاتم: لا تُعرَف له صحبة. وذَكَره ابن حِبَّان في «الثقات» .
(2)
وأرسله ثلاثة:
1 -
سفيان، كما في الأصح عنه. كتب: أخرجه فلان والرقم كما في الذي بعده.
2 -
شُعبة، وأَدْخَل واسطة بين أبي إسحاق وفروة، أخرجه الترمذي (3403).
2 -
عبد العزيز بن مسلم، أخرجه أبو يعلى (1596).
ورَجَّح الترمذي وجه زهير على شُعبة، ورَجَّح الدارقطني في «علله» رواية الجماعة، ووَهَّم روايتي سفيان وشعبة، ورَدَّ رواية عبد العزيز إلى شُعبة.
2 -
إسرائيل بن أبي إسرائيل
(1)
، أخرجه الحاكم (2077).
والخلاصة: أن وجهة مَنْ يُحسِّنه هي ما يلي:
1 -
ترجيح رواية الجماعة عن أبي إسحاق بالوصل، من حديث فروة عن أبيه. وبه أَخَذ ابن حجر.
2 -
متابعة عبد الرحمن بن نوفل لفروة، وأنهما في طبقة كبار التابعين.
3 -
وأنه في الفضائل.
وهذا الأظهر لديَّ، ومال إليه الباحث:
ووجهة مَنْ يُضعِّفه هي:
1 -
الاضطراب في الوصل والإرسال وتسمية الصحابي. وإليه ذهب الترمذي وابن عبد البر.
2 -
أن فروة وأخاه عبد الرحمن لم يوثقهما مُعتبَر.
وبه أَخَذ شيخنا، فكَتَب مع الباحث علي بن سلطان، بتاريخ الأحد (13) شعبان (1444 هـ) الموافق (5/ 3/ 2023 م): في السند مَنْ لا يُعتمَد عليه، وهو فروة بن نوفل وأخوه، فَهُما مجهولان. اه.
(1)
لعله تصحيف عن (إسماعيل بن أبي إسرائيل) وهو ضعيف.
كتاب الرؤيا
رؤيا الأنبياء وحي
*
أولًا- ورد في الباب حديثان مرفوعان، وهما ضعيفان:
الأول: ما أخرجه الطبري في «تفسيره» (13/ 9): حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] قَالَ: كَانَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيًا.
وتابع أبا أحمد الزبيري جماعة: أبو أسامة ومحمد بن يوسف ومحمد بن جُعشُم وقبيصة بن عقبة.
وخالف الثوريَّ إسرائيل فقال: عن سِماك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا. أخرجه ابن أبي حاتم كما عند ابن كثير. وفي سنده أبو عبد الملك الكرندي، لم يقف الباحث له على ترجمة، وأين أصحاب ابن عيينة من تفرد هذا الرجل؟
والأصح رواية الجماعة بالوقف.
والحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22035): حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ مُعَاذًا قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ عُمَرَ فِي الْجَنَّةِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَإِنَّكُمْ تَفَرَّقْتُمْ قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَكُمْ لِمَ قُلْتُ ذَاكَ؟ ثُمَّ حَدَّثَهُمُ الرُّؤْيَا
الَّتِي رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ عُمَرَ. قَالَ: وَرُؤْيَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ.
وعلته الانقطاع بين مصعب بن سعد ومعاذ، فقد قال أبو حاتم كما في «جامع التحصيل» (ص: 280): لم يَسمع من معاذ بن جبل رضي الله عنهما.
*
ثانيًا- نُقل الإجماع على أن رؤيا الأنبياء وحي:
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (27/ 120): لا خلاف بين العلماء أن رؤيا الأنبياء وحي؛ بدليل قوله عز وجل حاكيًا عن إبراهيم وابنه - صلوات الله عليهما -: {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبتي افعل ما تؤمر} [الصافات: 102] يعني ما أَمَرك الله به في منامك. وهذا واضح، والحمد لله كثيرًا.
وقال ابن القيم في «مَدارج السالكين» (1/ 51): رؤيا الأنبياء وحي، فإنها معصومة من الشيطان، وهذا باتفاق الأمة؛ ولهذا أَقْدَمَ الخليل على ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرؤيا.
وقال ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (1/ 33): وقد كانت الرؤيا من الأنبياء عليهم السلام وحيًا، فأي جاهل أجهل ممن يَطعن في الرؤيا ويَزعم أنها ليست بشيء؟
*
ثالثًا- قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ» هل هو على التحقق أو التردد؟
والجواب من وجوه:
1 -
نُقل الإجماع سابقًا على أن رؤيا الأنبياء وحي.
2 -
ورد هذا الأسلوب في الوحيين بما يكون ظاهره التردد، وحقيقته
التحقق.
مثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ»
(1)
. والأدوية فيها شفاء. وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «اسْقِهِ عَسَلًا» فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَقَيْتُهُ عَسَلًا فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ:«اسْقِهِ عَسَلًا» فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ» فَسَقَاهُ فَبَرَأَ
(2)
.
3 -
اتفقت كلمة الشُّرَّاح في معنى قوله: «إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ»
(3)
على أن التردد أو الشك لا يعود إلى أصل الرؤيا أنها من الله، وإنما يعود إلى معنى تأويل الرؤيا.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي عمرَ
(4)
عادل أبو زيد، بتاريخ (24) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (13/ 6/ 2023 م) إلى ضعف الحديثين، وطَلَب مزيدًا من التحقق من نقل الإجماع.
(1)
أخرجه البخاري (5702)، ومسلم (2205).
(2)
أخرجه البخاري (5684)، ومسلم (2217).
(3)
أخرجه البخاري (3895)، ومسلم (2438): عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:«أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ» . وانظر توجيه الكرماني للخبر من كونها صغيرة رضي الله عنه.
(4)
أبو هند سابقًا.
حال النفس عند النوم
الأصل فيها قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42]، {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]، {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]، {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: 60]، {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ} [يونس: 104]، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ} [النحل: 70].
واختُلف في معنى (يَتوفى) على ثلاثة أقوال:
فالأول: بمعنى الموت. وهذا لا إشكال فيه.
الثاني: بمعنى قبض النفس عن التصرف والتمييز والعقل.
قال القرطبي في «تفسيره» (15/ 261): فَإِذًا يَقْبِضُ اللَّهُ الرُّوحَ فِي حَالَيْنِ: فِي حَالَةِ النَّوْمِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ، فَمَا قَبَضَهُ فِي حَالِ النَّوْمِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَغْمُرُهُ بِمَا يَحْبِسُهُ عَنِ التصرف فَكَأَنَّهُ شَيْءٌ مَقْبُوضٌ، وَمَا قَبَضَهُ فِي حَالِ الْمَوْتِ فَهُوَ يُمْسِكُهُ وَلَا يُرْسِلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَوْلُهُ:{وَيُرْسِلُ الْأُخْرى} أَيْ: يُزِيلُ الْحَابِسَ عَنْهُ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ. فَتَوَفِّي الْأَنْفُسِ فِي حَالِ النَّوْمِ بِإِزَالَةِ الْحِسِّ وَخَلْقِ الْغَفْلَةِ وَالْآفَةِ فِي مَحَلِّ الْإِدْرَاكِ. وَتَوَفِّيهَا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ بِخَلْقِ الْمَوْتِ وَإِزَالَةِ الْحِسِّ بِالْكُلِّيَّةِ.
{فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} بِأَلَّا يَخْلُقُ فِيهَا الْإِدْرَاكَ، كَيْفَ وَقَدْ خَلَقَ فِيهَا الْمَوْتَ؟ {وَيُرْسِلُ الْأُخْرى} بِأَنْ يُعِيدَ إِلَيْهَا الْإِحْسَاسَ.
وظاهر الآية وما سبق من كلام القرطبي يفيد أن النفس لم تفارق البدن عند النوم. ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: 60]، و {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]
(1)
وكذلك الأخبار الواردة في قبض الأرواح تفيد أن كل الأنفس عند موتها تنزل إليها الملائكة وتقبضها من أجسادها، وهذا يستوي فيه الأنفس التي تموت في اليقظة والتي تموت في النوم.
ومعلوم أن أرواح الموتى منها ما هو منعم في الجنة لا يَخرج منها، كأرواح الشهداء. ومنها ما هو منعم في قبره أو مُعذَّب، وهو لا يفارق قبره.
القول الثالث: أن أرواح النيام والأموات تتلاقى، فتتحدث فيما بينها ثم ترجع أرواح النيام عند اليقظة. وقال به كثير من المفسرين، وابن تيمية وابن القيم وغيرهم.
واستدلوا لذلك بما يلي:
الحديث الأول: ما أخرجه الحاكم في «مستدركه» رقم (8412): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، بِهَمَذَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَاهَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ الدَّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا الأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ
(1)
والتوفي غير الرفع.
أَبِيهِ قَالَ: لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، الرَّجُلُ يَرَى الرُّؤْيَا، فَمِنْهَا مَا تَصْدُقُ وَمِنْهَا مَا تَكْذِبُ. قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَا مِنْ عَبْدٍ وَلَا أَمَةٍ يَنَامُ فَيَمْتَلِئُ نَوْمًا، إِلَّا عُرِجَ بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْشِ، فَالَّذِي لَا يَسْتَيْقِظْ دُونَ الْعَرْشِ فَتِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَصْدُقُ، وَالَّذِي يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَتِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَكْذِبُ» .
الخلاصة: أن هذا الخبر مُعَل بعلتين:
1 -
تَفرُّد الأزهر بن عبد الله الأودي
(1)
، وقال العقيلي: حديثه عن ابن عجلان غير محفوظ، وهذا الحديث يُعرَف من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن علي موقوفًا.
2 -
تَفرُّد عبد الرحمن بن مَغْرَاء به عن الأزهر. قاله الطبراني.
وعبد الرحمن أقرب إلى الضعف. وقال ابن عَدي وأبو عبد الله الحاكم: يُحدِّث بأحاديث عن الأعمش وغيره لا يتابعه عليها أحد. وقال الذهبي في «التلخيص» (8/ 99): حديث منكر. وذَكَره ابن حجر في «الغرائب الملتقطة مما ليس في الكتب المشهورة» وقال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (4/ 1968): تَفرَّد به عبد الرحمن بن مَغراء.
ورواه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (1/ 3252) من طريق بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو عن سُليم بن عامر الكلاعي، أن عمر قال لعلي رضي الله عنهما.
وفي هذا السند: الانقطاع بين سليم (ت/ 130) وعمر (ت/ 23).
(1)
ولم يقف الباحث لأزهر إلا على هذا الحديث.
قال البيهقي كما في «التهذيب» : أجمعوا على أن حديث بقية ليس بحجة.
الثاني: أثر ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه الطبراني في «الأوسط» رقم (122): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} قَالَ: تَلْتَقِي أَرْوَاحُ الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ فِي الْمَنَامِ، فَيَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ، فَيُمْسِكُ اللَّهُ أَرْوَاحَ الْمَوْتَى، وَيُرْسِلُ أَرْوَاحَ الأَحْيَاءِ إِلَى أَجْسَادِهَا.
وقال: لَمْ يَرْوِهِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، إِلَّا مُوسَى.
وعلة هذا الخبر:
1 -
أن لمُطرِّف أصحابًا كالسفيانين- الثوري وابن عيينة- وزهير بن معاوية وعلي بن مُسهِر وغيرهم، فمقولة الطبراني تومئ إلى إعلاله.
2 -
جعفر بن أبي المغيرة ليس بالقوي في سعيد بن جبير، قاله ابن منده
(1)
(1)
ومما أخذ عليه نقله تفسير الكرسي بالعلم.
قال ابن كثير في «تفسيره» (1/ 681): والصحيح أن الكرسي غير العرش، والعرش أكبر منه، كما دلت على ذلك الآثار والأخبار، وقد اعتَمَد ابن جرير على حديث عبد الله بن خليفة عن عمر في ذلك، وعندي في صحته نظر والله أعلم. اه.
قلت (أبو أويس): وعبد الله بن خليفة مجهول.
وتفسير الكرسي بالعلم لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأنه من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير. وقال ابن منده: جعفر في سعيد ليس بالقوي.
ومما يَزيده ضعفًا أنه ثَبَت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الكرسي موضع القدمين.
وانظر «استدراكات ابن عطية على الطبري» (1/ 231 - 239).
واختُلف عليه، فرواه يعقوب القُمي عنه عن سعيد مقطوعًا عليه، أخرجه الطبري في «تفسيره» .
وللأثر طريق آخَر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ولم يَسمع منه بالإجماع، نَقَله الخليلي.
والراوي عن علي بن أبي طلحة ثعلبة بن مسلم، وقال فيه ابن حجر: مستور.
ووردت أخبار أخرى، منها عن أنس وأبي هريرة، وموقوف أبي الدرداء، وكلها لا تصح.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي عمر عادل أبي زيد إلى ضعف كل الأخبار التي في الباب.
الرؤيا خبر غيبي يُشترَط فيه الصدق
قال البخاري في «صحيحه» رقم (7043): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ- مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ- عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ»
(1)
.
مَدار هذا الخبر على عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وهو عِلته، بخاصة من روايته عن أبيه. وقَدَّم البخاري عليه حديث ابن عباس، وحَكَى فيه الخلاف في الرفع والوقف.
وله شواهد من حديث واثلة في البخاري (3509)، وابن عباس، كما في «البخاري» رقم (7042)، وعلي عند الترمذي (2281).
(1)
وانظر: «فتح الباري» (12/ 430) لابن حجر.
تبشير من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا
قال الطيالسي في «مسنده» رقم (1228): حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، وَطُوبَى سَبْعًا لِمَنْ لَمْ يَرَنِي وَآمَنَ بِي» .
وتابع الطيالسيَّ عبد الصمد وعفان كما عند أحمد (22277)، ويزيد بن هارون وموسى بن داود، كما عند أحمد كذلك.
وخالف همامًا منصور بن زاذان فقال: عن قتادة عن ثُمامة بن عبد الله مرسلًا، كما عند الدارقطني في «علله» (2708).
ورواه حماد بن الجعد، تارة عن همام وأخرى عن الحسن. وحماد بن الجعد ضعيف.
وقال ابن حبان عقب الخبر: سَمِع هذا الخبر أيمن، عن أبي هريرة وأبي أمامة معًا، وأيمن هذا هو أيمن بن مالك الأشعري. وقال فيه ابن حجر في «لسان الميزان»: شيخ مجهول.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فَرَّاج، بتاريخ (13) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (28/ 9/ 2023 م): ضعيف.
يُنبَّه هنا على أمر، هنا اختلاف على قتادة، ولا يصح هنا أن نقول: إن هذه
طرق يقوي بعضها بعضًا، بل يعل بعضها بعضًا. اه.
وله شاهد من حديث أبي سعيد، أخرجه أحمد (11673): حَدَّثَنَا حَسَنٌ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طُوبَى لِمَنْ رَآكَ وَآمَنَ بِكَ! قَالَ:«طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي» قَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَمَا طُوبَى؟ قَالَ: «شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا» .
وتابع ابنَ لهيعة عمرو بن الحارث، أخرجه ابن حبان (7230).
وعلته رواية دَرَّاج عن أبي الهيثم، وقد تابع أبا الهيثم أبو نضرة لكن من رواية إبراهيم بن إسحاق، أخرجه عبد بن حميد (1000) وعِلته إبراهيم.
رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها
-
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2438): حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ، جَمِيعًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي الرَّبِيعِ - حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ، يُمْضِهِ» .
رواه جمهور الرواة: حماد بن سلمة، وعبد العزيز بن المختار، ووُهيب، وأبو أسامة، وأبو معاوية، ومالك. وفي السند إليه ضعف عن هشام بتَكرار الرؤيا «مرتين» .
وأما حماد بن زيد فاختُلف عليه، فرواه الإمام مسلم عن أبي الربيع العتكي عن حماد بن زيد، بلفظ «ثلاث ليالٍ» وخالف أبو يعلى الإمام مسلم، فرواه عن أبي الربيع عن حماد دون ذكر عدد.
ورواه مسدد عند البخاري عن حماد بن زيد، دون ذكر عدد، وهذا يُحمِّل الإمام مسلمًا الوهم.
تنبيه: ورواه عارم أبو النعمان عن حماد بن زيد بلفظ «ثلاث ليالٍ» لكن علي بن عبد العزيز رواه عنه بعد الاختلاط.
ورواه عبد الله بن معاوية عن هشام بلفظ «ثلاث ليالٍ» عند الحاكم. وعبد الله بن معاوية منكر الحديث.
والخلاصة: أن رواية مرتين هي الصواب، و «ثلاث ليالٍ» وهم يتحملها الإمام مسلم. وانتهى شيخنا مع الباحث أبي هند، بتاريخ (4) محرم (1445 هـ) الموافق (22/ 7/ 2023 م) إلى شذوذ «ثلاث ليالٍ» .
تنبيه: متى كان وقت هذه الرؤيا؟
في رواية حماد بن سلمة زيادة أنها بعد وفاة خديجة رضي الله عنها. وتَفرَّد بها الحَجاج بن منهال.
رؤيا صفية بنت حيي رضي الله عنها
-
قال ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» رقم (3113)
(1)
- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، نا عَفَّانُ، نا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ بِعَيْنِ صَفِيَّةَ رضي الله عنها خَضِرَةٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا هَذِهِ الْخَضِرَةُ بِعَيْنِكَ؟» فَقَالَتْ: قُلْتُ لِزَوْجِي إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تُرِيدِينَ مَلِكَ يَثْرِبَ. قَالَتْ: فَمَا كَانَ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ أَبِي وَزَوْجِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ:«يَا صَفِيَّةُ إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ» حَتَّى ذَهَبَ ذَاكَ مِنْ نَفْسِي.
وَقَالَ: أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه.
وتابع الحسن بن محمد أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (24/ 67) ولم يذكر الشك.
لكن طريق ابن أبي عاصم بالشك مؤثر؛ لأن فيه زيادة علم ولولا الشك لحكمت عليه بالصحة.
(1)
وعن ابن أبي عاصم أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (160) مختصرًا ودون ذكر الشك (أراه).
وله شاهدان آخران:
الأول: أخرجه ابن سعد في «الطبقات» رقم (12380) - أَخبَرنا عَمرو بن عاصِم الكِلَابيُّ، حَدَّثَنا سُلَيمانُ بن المُغيرَةِ، عَنْ حُمَيد بن هلَالٍ قالَ: قالَت صَفيَّةُ بِنتُ حُيَيٍّ: رَأَيتُ كَأَنِّي وهَذا الَّذي يَزعُمُ أَنَّ اللهَ أَرسَلَهُ ومَلَكٌ يَستُرُنا بِجَناحِه قالَ: فَرَدّوا عَلَيها رُؤياها، وقالوا لَها في ذَلِكَ قَولاً شَديدًا.
ورجاله ثقات وأما سماع حميد بن هلال -وهو ثقة من الطبقة الثالثة-فيحتمل لأن صفية بنت حيي رضي الله عنها؛ توفيت سنة (50 في خلافة معاوية رضي الله عنه وقيل: 36 وقال ابن حجر
(1)
والأول هو الصحيح) وعليه فالاحتمال قائم.
وروى حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل في البخاري ومسلم وقد توفي (سنة 57).
وله رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه في البخاري وقد توفي سنة (92 وقيل: 93).
الثاني: ما أخرجه ابن أبي عاصم
(2)
في «الآحاد والمثاني» رقم (3112) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَشِيرٍ السَّامِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ وَاقِدٍ، نا النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ابْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَصَفِيَّةُ عَرُوسٌ فِي مَجَاسِدِهَا فَرَأَتْ فِي الْمَنَامِ إِنَّ الشَّمْسَ نَزَلَتْ حَتَّى
(1)
في «التقريب» .
(2)
تابعه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَشِيرٍ الشَّامِيُّ كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (24/ 67).
وَقَعَتْ عَلَى صَدْرِهَا فَقَصَّتْ ذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَمَّنِّينَ إِلَّا هَذَا الْمَلِكَ الَّذِي نَزَلَ بِنَا. قَالَ: فَفَتَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ عُنُقَ زَوْجِهَا صَبْرًا قَالَ: وَتَعَرَّضَ لَهَا مَنْ هُنَاكَ مِنْ فِتْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَتَزَّوَجَهَا حَتَّى أَلْقَى لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمْرًا عَلَى سَقِيفٍ فَقَالَ: «كُلُوا وَلِيمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ رضي الله عنها» .
وهذا السند ضعيف؛ لضعف النهاس بن قهم.
الخلاصة: أن الخبر صحيح لشواهده أما شيخنا فانتهى مع الباحث: أبي عمر عادل أبي زيد بتاريخ (20) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (4/ 12/ 2023 م): إلى صحة الإسناد وبخاصة لا يترتب عليها أحكام. وأن متابعة أبي زرعة الدمشقي تدفع الشك في (أراه).
تأويل الرؤيا الحسنة والإعراض عن السيئة
قال أبو بكر المروزي في «الجزء الثاني من حديث ابن معين» (168) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا تُعْجِبُهُ، فَلْيَذْكُرْهَا وَلْيُفَسِّرِها، وَإِذَا رَأَى الرُّؤْيَا تَسُوءُهُ فَلَا يَذْكُرْهَا وَلَا يُفَسِّرْهَا» .
تابع ابن معين محمد بن أحمد بن برد أخرجه ابن المقريء في «معجمه» (866) وفي سنده سليمان بن أحمد الضحاك الرملي لم يقف الباحث على موثق له.
الخلاصة: أن إسناده حسن لحال العلاء لكن أصل الحديث من رواية ابن سيرين عن أبي هريرة «إذا رأى أحدكم
…
» وأبدل مكان (يفسرها)(ليذكرها) فالظاهر أنها من الرواية بالمعنى.
وكتب شيخنا مع الباحث: أحمد بن عبد العاطي العيسوي القاضي الرفاعي بتاريخ (7) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (21/ 11/ 2023 م): تعليقًا على سند ابن عبد البر في «التمهيد» (1/ 526) الذي اعتمده العلامة الألباني في «الصحيحة» (1340): نزول السند غير مطمئن والمعتمد رواية الصحيح (وابن المفسر) غير موثق. ا هـ.
ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في إسلام عكرمة
قال الحاكم في «مستدركه» رقم (5143) - أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّنْعَانِيُّ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ أَبَا جَهْلٍ أَتَانِي فَبَايَعَنِي، فَلَمَّا أَسْلَمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ صَدَقَ اللهُ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا كَانَ إِسْلَامُ خَالِدٍ، فَقَالَ: لَيَكُونَنَّ غَيْرُهُ، حَتَّى أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَكَانَ ذَلِكَ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ»
(1)
.
خالف عبد الرزاق إن سلم السند إليه ابنُ المبارك
(2)
كما في «الجهاد» (ص/ 57) فأرسله.
الخلاصة: أن المرسل هو الصحيح ولقائل أن يقول إن هذه الرؤيا تخص أهل بيت أبي بكر بن عبد الرحمن لإن عكرمة بن أبي جهل في مقام عم أبي بكر بن عبد الرحمن.
وانتهى شيخنا إلى أن الصواب الإرسال مع الباحث: أبي عمر عادل أبي زيد
(1)
قال الحاكم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
(2)
ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (41/ 61).
بتاريخ (21) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (4/ 12/ 2023 م).
قال ابن حجر في «الإصابة» (7/ 233): وروينا في فوائد يعقوب الجصاص من حديث أُم سَلَمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت لأبي جهل عذقا في الجنة فلما أسلم عكرمة قال يا أُم سَلَمة هذا هو ولم يعقب عكرمة.
رؤيا ابن عباس في مقتل
الحسين بن علي رضي الله عنه
-
(1)
قال الإمام أحمد في «مسنده» (2553) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَمَّارٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا يَرَى النَّائِمُ بِنِصْفِ النَّهَارِ وَهُوَ قَائِمٌ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، بِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْيَوْمِ فَأَحْصَيْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَوَجَدُوهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ» .
(1)
وفي مقتله ما أخرجه البخاري (3110) - حَدثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدثنا أَبِي، أَنَّ الوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ: أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، لَقِيَهُ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا، فَقَالَ: فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ، لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا، حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ، عليها السلام، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، قَالَ: حَدثني، فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي، فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالاً، وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ أَبَدًا.
وتابع عفان جماعة -ابن مهدي والحسن بن موسى وسليمان بن حرب وحجاج بن منهال وغسان بن مالك وشعبة وأبو نصر التمار-.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: عبد الرحمن بن صالح بتاريخ (21) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (5/ 12/ 2023 م): إلى حسن إسناده؛ لحال عمار بن أبي عمار.
مِنْ صفات الرؤيا الصالحة أن تكون بشرى
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (479): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عز وجل، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» .
ولشيخنا ملاحظات على هذا الحديث مع الباحث نصر بن حسن الكردي، بتاريخ (3) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (21/ 6/ 2023 م):
1 -
هل راجعتَ ترجمة إبراهيم بدقة؟ وكم راويًا روى عنه؟
2 -
هل انتقده الدارقطني على مسلم؟
3 -
أين كلام أحمد: (إسناده ليس بذاك) وكذا سائر العلماء؟
4 -
هل له شواهد؟
فذكر أن له شاهدًا من حديث علي، وفيه اختلاف.
دخول الجنة في الرؤيا
قال البخاري في «صحيحه» رقم (7015) - حَدثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدثنا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ:«رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ، لَا أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الجَنَّةِ، إِلاَّ طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ» .
فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ» .
الخلاصة: مع الباحث: أحمد بن عبد الباسط الفيومي بتاريخ (23) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (7/ 11/ 2023 م): حديث ابن عمر ذكر فيه سالم النار ونافع اختلف عليه انقل أقوال العلماء مع ما وصلت إليه.
تعبير الغنم السُّود بالعرب والعُفْر بالعجم
قال الحاكم في «مستدركه» رقم (8273): حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ غَنَمًا سَوْدَاءَ يَتْبَعُهَا غَنْمٌ عُفْرٌ، يَا أَبَا بَكْرٍ اعْبُرُهَا» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ الْعَرَبُ تَتْبَعُكَ ثُمَّ تَتْبَعُهَا الْعَجَمُ حَتَّى تَغْمُرَهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَكَذَا عَبَرَهَا الْمَلَكُ بِسَحَرَ» .
وخالف الحسنَ بن علي محمدُ بن عمران فقال: عن الأعمش عن عمرو بن مُرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر. أخرجه الدُّولابي في «الأسماء والكنى» (46، 49) وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/ 27).
وخالف ابنَ فُضيل عبدُ الله بن إدريس كما عند ابن أبي شيبة (30479)، وسفيان بن عيينة كما في «الغيلانيات» (1/ 80) فأرسلاه.
وقال الدارقطني في «العلل» (1/ 289): وغير ابن فضيل يرويه مرسلًا، لا يَذكر في الإسناد أبا بكر، والمرسل هو المحفوظ.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن محمود الجعيدي
(1)
، بتاريخ (8) صفر (1445 هـ) الموافق (24/ 8/ 2023 م): الحديث مداره على ابن أبي ليلى وعليه اختلاف، وكل الطرق فيها مقال إليه أو بعده، والصواب المرسل. اه.
وله شاهد من حديث عامر بن واثلة رضي الله عنه، أخرجه البزار (2786). وفي سنده مهدي بن عمران، لا يُتابَع على حديثه. وأخرجه أحمد (23801). وفي سنده علي بن زيد بن جُدعان، ضعيف.
ورواه حماد بن سلمة، تارة عن علي بن زيد، أخرجه أبو يعلى (904)، وأخرى عن حبيب الأزدي وحُميد الطويل
(2)
، كلاهما عن الحسن البصري. أخرجه أبو يعلى (2937) وإسناده صحيح لكنه مرسل.
(1)
وُلد بتاريخ (3/ 3/ 2003 م) بمنية سمنود، وهو في الفرقة الثانية بكلية أًصول الدين بالمنصورة، جامعة الأزهر. ودَرَس معي كتابي «إرضاء رب العباد بشرح لمعة الاعتقاد» ط/ دار اللؤلؤة.
(2)
وتابعهما هشام بن حسان، أخرجه عبد الله في «فضائل الصحابة» (150)، وفي إسناده هارون بن سفيان يقال له الديك، وفي «المقصد الأرشد» لبرهان الدين بن مفلح (3/ 72): نقل عَنْ إمامنا أَشْيَاء.
كتاب الفتن
إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتن التي ستقع بعده
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (37354) - يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«بِحَسْبِ أَصْحَابِي الْقَتْلُ» .
وتابع ابن أبي شيبة الإمام أحمد
(1)
في «مسنده» رقم (15876) وزاد كما في «المختارة» (111) قال عبد الله بن أحمد قال أبي: ثنا يزيد بواسط ليس فيه سمع.
وتابع يزيد بن هارون اثنان:
1 -
إسماعيل بن زكريا أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (8195) وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي ضعيف.
2 -
حسين بن حسن العوفي وهو ضعيف أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (1493)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8196).
الخلاصة: أن إسناده صحيح لما يلي:
(1)
وتابعهما آخرون- أحمد بن منصور الرمادي، وعثمان بن أبي شيبة وموسى بن سهل-.
1 -
الأرجح صحبة طارق بن أشيم وله في مسلم أربعة أحاديث وفي بعضها التصريح بالسماع ورد ابن حجر في «الإصابة» (. . . .) على الخطيب البغدادي قوله في صحبته نظر.
2 -
وابنه أبو مالك الأشجعي وثقه أحمد وابن معين وأخرج له مسلم وقال: تفرد عن أبيه بالرواية.
وأثبت البخاري كما في «التاريخ الكبير» (4/ 58) والإمام مسلم في «الأسماء والكنى» (. . . .) سماعه من أبيه. وسمع منه يزيد بن هارون.
وقال الدارقطني في «الإلزامات والتتبع» (ص/ 69): أخرج مسلم أحاديث أبي ماك الأشجعي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخرجها البخاري.
ووجهة من يضعف الطعن في الصحبة بقول العقيلي وابن منده والخطيب وتأمل ردّ ابن حجر في «الإصابة»
وكتب شيخنا مع الباحث: أحمد بن محمد بن عبد العاطي العيسوي القاضي الرفاعي بتاريخ (1) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (15/ 11/ 2023 م): رجاله ثقات وثمت كلام يسير في صحبة طارق بن أشيم. اه.
وللخبر شاهد ضعيف يفسره
(1)
من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه أخرجه ابن
(1)
في «حاشية السندي على مسند أحمد» (14/ 494): قوله (بِحَسْبِ أَصْحَابِي) الباء زائدة، أي: يكفيهم القتل، أي: إذا وقع من أحد ذنب ثم قتل، فهو يكفي جزاء لذنبه، أو المراد: يكفي في فنائهم القتل، ولا يحتاج فناؤهم إلى سبب آخر، فالمطلوب: الإخبار بكثرة القتل فيهم.
أبي عاصم في «السنة» (1491) - ثنا أَبُو يَعْقُوبَ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَارُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ
(1)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِتَنٌ، فَيَكُونُ فِيهَا وَيَكُونُ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَئِنْ أَدْرَكَنَا ذَلِكَ لَنَهْلَكَنَّ. قَالَ: «بِحَسْبِهِمُ الْقَتْلُ»
(2)
.
وعلته أنه هلال بن يساف لم يسمعه من عبد الله بن ظالم قاله النسائي وفي بعض الطرق إثبات هلال بن حيان وفي بعضها فلان بن حيان وهو مجهول وحكى الدارقطني في «علله» (664) الخلاف على هلال بن يساف بالوصل والإرسال وزاد الباحث الإعضال.
(1)
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 367): عبد الله بن ظالم: ليس له حديث إلا هذا.
(2)
وفي رواية الطبراني في «المعجم الكبير» (1/ 151): عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ ذَكَرَ فِتْنَةً - يَعْنِي - النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، فَقَالَ:«يَذْهَبُ النَّاسُ فِيهَا أَسْرَعَ ذَهَابٍ» . فَقِيلَ: كُلُّهُمْ هَالِكٌ؟ قَالَ: «حَسْبُهُمُ الْقَتْلُ» .
تَقارُب الزمان
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (10943): حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ، الْخُوصَةُ» زَعَمَ سُهَيْلٌ.
وتابع هاشمًا عبيد والنفيلي.
وقول أحمد: «زَعَمَ سُهَيْلٌ» هل يشير به إلى الإعلال؟
(1)
.
وتابع أبا صالح عبيد الله بن مسلم، أخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (13412) وفي سنده مجالد وهو ضعيف.
وخالفهما ثلاثة من مَخرج متسع:
1 -
عبد الرحمن الأعرج، أخرجه البخاري (1036).
2 -
سعيد، كما عند البخاري (7061) وأحمد (7186).
3 -
حميد بن عبد الرحمن بن عوف، كما عند مسلم (11).
(1)
نحتاج إلى مزيد بحث في استخدام الإمام أحمد لهذا اللفظ في سنده وسؤالاته.
والخلاصة: أن طريق سهيل حسنة، وتزداد حسنًا بالمتابعتين لاتساع مخرجها.
أما شيخنا فكتب مع الباحث محمود الباز، بتاريخ (30) شوال (1444 هـ) الموافق (20/ 5/ 2023 م): الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فسُهيل لا يَتحمل هذا الخلاف، ورواية «الصحيحين» أَولى بالقَبول والاعتماد. والله أعلم.
ولمتن سُهيل بن أبي صالح شاهد من حديث أنس رضي الله عنه، وفي سنده ضعف لوجود عبد الله بن عمر العمري فيه، أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (2332): حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ العُمَرِيُّ، عَنْ سَعدِ بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الجُمُعَةُ كَاليَوْمِ، وَيَكُونُ اليَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرْمَةِ بِالنَّارِ» .
وقال الترمذي عقبه: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذا الوَجهِ.
السلاح الوقائي من الأعداء
وردت فيه أخبار، من أشهرها مقولة غلام أصحاب الأخدود:«اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ! فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا» ، «اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ! فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا»
(1)
.
قال أبو داود في «سُننه» رقم (1537)، والنَّسَائي في «الكبرى» (10546): حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ» .
وتابع محمدَ بن المُثنَّى جماعة: عُبيد الله بن سعيد، ونصر بن علي، وإسحاق، وعلي بن عبد الله.
وتابع هشامًا ثلاثة:
1 -
عمران بن دَوَّارٍ العَمِّيّ، أخرجه الطيالسي في «مسنده» (526)، وأحمد (19719)، والطبراني في «الأوسط» (2531).
(1)
أخرجه مسلم (3005) وانظر «سلسلة الفوائد» (6/ 62) دراسة رواية: «اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» وأنها مرجوحة.
2 -
مطرٌ الوَرَّاق، أخرجه البزار في «مسنده» (3137).
3 -
حَجَّاج بن الحَجَّاج، أخرجه أبو عَوَانة في «مستخرجه» (6567) ولفظه: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَافَ قَوْمًا، قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَنَدَرَأُكَ فِي نُحُورِهِمْ» .
والخلاصة: أن الخبر منقطع؛ لكون قتادة مدلسًا ولم يُصرِّح بالتحديث. ومما يؤيد ذلك أن رواية قتادة في «صحيح مسلم» وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، عن سعيد بن أبي بُردة لا أبيه. وقال ابن مَعِين: ولا أعلمه سمع من أبي بُردة.
وبهذه العلة أعله الشيخ مُقبِل في «أحاديث مُعَلة ظاهرها الصحة» (ص 266).
وكَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن صابر بن عوض أبو علي
(1)
: رَاجِع الشيخ يوسف الحامولي. وكَتَب على رواية عمران: عمران عن قتادة ضعيف.
(1)
وُلد بقرية المعتمدية، التابعة لمركز المحلة الكبرى، بتاريخ (1/ 1/ 2001 م) وهو في الفرقة الرابعة من كلية أصول الدين، والدعوة الإسلامية، بالمنصورة، قسم حديث. وهذا أول حديث يَعرضه على شيخنا للتدرب.
فتنة الدهيماء
قال الإمام أحمد في «مسنده» (6168): حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عُتْبَةَ الْحِمْصِيُّ- أَوْ- الْيَحْصُبِيُّ- عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُعُودًا، فَذَكَرَ الْفِتَنَ، فَأَكْثَرَ ذِكْرَهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ:«هِيَ فِتْنَةُ هَرَبٍ وَحَرَبٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَلُهَا- أَوْ: دَخَنُهَا- مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ، لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ: انْقَطَعَتْ، تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ: فُسْطَاطُ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطُ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، إِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنَ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ» .
وتابع الإمامَ أحمد يحيى بنُ عثمان، أخرجه أبو داود (4242) وأحمد بن عبد الوهاب، كما عند الطبراني في «مسند الشاميين» (2551) ومحمد بن عون، كما عند الحاكم (8441).
خالف العلاءَ عبدُ الرحمن بن يزيد بن جابر فأرسله، أخرجه نُعيم بن حماد في «الفتن» (93)، ورواية العلاء أرجح للكلام في نُعيم بن حماد. لكن ذَكَر أبو
حاتم كما في «العلل» (2757): هذه الرواية المرسلة، وقال: والحديث عندي ليس بصحيح، كأنه موضوع
(1)
.
والعلاء بن عُتبة الحمصي روى عنه جمع، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ صالح. وعمير بن هانئ قال فيه الفسوي: لا بأس به. ووثقه العجلي، وذَكَره ابن حبان في «الثقات» ورَوَى عنه جمع، وأَخْرَج له أصحاب الكتب الستة، وعليه فإسناد العلاء صحيح لديَّ
(2)
.
وقد كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن صبحي بن عبد الكريم، بتاريخ (19) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (4/ 10/ 2023 م) على ترجمة عُمير بن هانئ العنسي: لم يوثقه مُعتبَر. ولم يَعتمد الرواية المرسلة لضعف حماد، وقال: علة الخبر عمير بن هانئ.
وللخبر شاهد من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، أخرجه نُعيم بن حماد في «الفتن» (94) وفي سنده إسماعيل بن رافع، متروك، وشيخه مبهم.
(1)
وتبع أبا حاتم الشيخ مقبل في «أحاديث مُعَلة ظاهرها الصحة» (248).
(2)
وصَحَّح الخبر العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (972).
خَيْر الناس مَنْ يُرجَى خيره، ويُؤمَن شره
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8920): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ، فَقَالَ:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟» قَالَ: فَسَكَتُوا، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا. قَالَ:«خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ» .
وتابع قتيبةَ اثنان:
1 -
عبد الله بن مسلمة، أخرجه ابن حبان (527).
2 -
ضِرَار بن صُرَد، أخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (1246).
وتابع عبدَ الرحمن بن يعقوب والد العلاء سعيدُ المقبري، كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (33762)، وهناد في «الزهد» (1273). وتارة سعيد عن أبيه به، أخرجه البيهقي في «الشُّعب» (10788).
ومَدار هذه المتابعة على عبيد بن نسطاس
(1)
، وهو مقبول، من الطبقة
(1)
نسطاس بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْمُهْملَة.
السادسة. وهناك عبيد بن نسطاس ثقة، لكنه في طبقة أعلى من هذا، من الطبقة الثالثة.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي، بتاريخ (1444 هـ) الموافق (2023 م): سنده حسن.
تنبيه: في معنى الحديث لكن خاص بالأمراء حديثان:
1 -
حديث عوف بن مالك رضي الله عنه، أخرجه مسلم (1855): عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ:«لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» .
2 -
حديث عمر رضي الله عنه، أخرجه الترمذي (2264) وضَعَّفه بمحمد بن أبي حميد.
هل قَتَل محمد بن أبي بكر عثمانَ بن عفان رضي الله عنه
-؟
اختلفت الآثار على قولين:
الأول: جاءت آثار تَنفي أن محمد بن أبي بكر قتل عثمان رضي الله عنه، منها:
1 -
ما أخرجه ابن شبة في «تاريخه» (4/ 1296): حدثنا عمرو بن الحُباب قال: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عبيدة، عن أبيه، عن جَده قال: دخل عليه محمد بن أبي بكر
…
فأَنشُدك الله هل تَعْلَم أني جئت بالدراهم فصببتها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: استعن بها، فقال لي:«ما يَضر عثمان ما عمل بعد اليوم» ؟ قال: نعم. قال: فكيف تقتلني؟! قال: لا والله لا ألقى الله بدمك أبدًا. قال: فدَخَل عليه آخَر، فقال له مثل ذلك، فقال له: لا والله لا ألقى الله بدمك أبدًا.
وفي سنده عبد الملك بن هارون بن عبيدة، لم يقف عليه الباحث، إنما وقف على عبد الملك بن هارون بن عنترة، الذي يَروي عن أبيه عن جَده، وهو متروك فربما وقع تصحيف في اسم الجَد.
2 -
أخرج إسحاق في «مسنده» رقم (2088): أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، نَا مُحَمَّدٌ- وَهُوَ ابْنُ طَلْحَةَ بْنُ مُصَرِّفٍ- حَدَّثَنِي كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، أَنَّهُ شَهِدَ مَقْتَلَ عُثْمَانَ رضي الله عنه. قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ: أَمَرَتْنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ أَنْ نُرَحِّلَ بَغْلَةً بِهَوْدَجٍ فَرَحَّلْنَاهَا، ثُمَّ مَشَيْنَا حَوْلَهَا إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا
الْأَشْتَرُ وَنَاسٌ مَعَهُ، فَقَالَ الْأَشْتَرُ لَهَا: ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ. فَأَبَتْ، فَرَفَعَ قَنَاةً مَعَهُ أَوْ رُمْحًا، فَضَرَبَ عَجُزَ الْبَغْلَةِ، فَشَبَّتِ الْبَغْلَةُ، وَمَالَ الْهَوْدَجُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَقَعَ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: رُدُّونِي، رُدُّونِي. وَأَخْرَجَ مِنَ الدَّارِ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَضْرُوبِينَ مَحْمُولِينَ، كَانُوا يَدْرَءُونَ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَبَا حَاطِبٍ وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، قُلْتُ: فَهَلْ يَدَيْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: لَسْتُ بِصَاحِبِهِ. وَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ فَخَرَجَ وَلَمْ يَتَّدِ مِنْ دَمِهِ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: فَمَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مُضَرَ يُقَالُ لَهُ: جَبَلَةُ بْنُ أَيْهَمَ. فَجَعَلَ ثَلَاثًا يَقُولُ: أَنَا قَاتِلُ نَعْثَلٍ. قُلْتُ: فَأَيْنَ عُثْمَانُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: فِي الدَّارِ.
وتابع محمدَ بن طلحة زهيرُ بن معاوية مختصرًا، كما في «الطبقات» (3/ 79) لابن سعد، وابن شبة في «تاريخه» (1308).
3 -
أخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (38845): حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حدَّثَنِي مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْد الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، في سياق طويل، وفيه: فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: لَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مَأْخَذًا- أَوْ: قَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا- مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ لِيَأْخُذَهُ- أَوْ: لِيَقْعُدَهُ-. قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ.
والخلاصة: أن الحسن البصري وُلد سنة عشرين، وعثمان رضي الله عنه تُوفي سنة (34) فاحتمال الإدراك قائم، وعليه فيَرى الباحث قوته. في حين قال شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (15) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (4/ 6/ 2023 م): إن الحسن صغير.
القول الثاني: جاءت آثار ومقاطيع تشير إلى أنه قَتَل عثمان رضي الله عنه، فأقواها:
1 -
ما أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (4/ 1299): حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: يَا بْنَ عُمَرَ قُمْ فَاحْرُسِ الدَّارَ. فَقَامَ ابْنُ عُمَرَ، وَقَامَ مَعَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ وابْنُ مُطِيعٍ وَابْنُ نُعَيْمٍ، فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، فَأَتَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما الدَّارَ فَفَتَحَ فَذَكَّرَهُمْ، فَأَخَذُوا بِتَلْبِيبِ
(1)
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، ثُمَّ دَخَلُوا فَقُتِلَ وَمَا شَعَرَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَاعِدٌ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى سَرِيرِ عُثْمَانَ، فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَإِذَا خَلْفَهُ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ: يَا بْنَ فُلَانٍ- تَعْنِي ابْنَ أَبِي بَكْرٍ- امْنَعْنَا الْيَوْمَ. فَقَالَ: فِي الْقَسَمِ أَنْتُنَّ الْآلُ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بِمِثْلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ:(يَعْنِي ابْنَ أَبِي بَكْرٍ). وَهَذَا الْإِسْنَادُ قَوِيٌّ، لَا يُشْبِهُ إِسْنَادَيِ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ
(2)
.
(1)
بفتح المثناة فوق، وسكون اللام، وكسر الموحدة الأولى، وسكون التحتانية، ثم موحدة أخرى، يقال: أخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه تجره به، والتلبيب مجمع ما في موضع اللب من ثياب الرجل. كما في «شرح سنن أبي داود» (14/ 707) لابن رسلان.
(2)
اللذان يبرئان محمد بن أبي بكر من أن يكون قَتَل عثمان رضي الله عنه.
والخلاصة: أن السند صحيح، لكن كَتَب شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (4) ذي الحجة (1444 هـ) الموافق (22/ 6/ 2023 م) على جملة «تَعْنِي ابْنَ أَبِي بَكْرٍ»: تعني يوهن الكلام.
تنبيه: رواية عفان عن حماد بن زيد عند البخاري رقم (2464) لكن غير مكثر، وأَعْرَضَ مسلم عن رواية عفان عن حماد بن زيد
(1)
، وروايةُ سليمان بن حرب عن حماد عند الجماعة في غير هذا الأثر، ولم يأتِ فيها التعيين.
2 -
قول القاسم بن محمد، أخرجه مسدد كما في «المطالب العالية» رقم (4388): حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ
(2)
، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي ذَنْبَهُ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنه.
3 -
مقطوع قتادة يفيد مشاركة ابن أبي بكر، أخرجه خليفة بن خياط في «تاريخه» (ص: 175): حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الَّذِي وَلِيَ قَتْلَ عُثْمَانَ رُومَانُ- رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ- أَخَذَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ بِلِحْيَتِهِ، وَذَبَحَهُ رُومَانُ بِمَشَاقِصَ كَانَتْ مَعَهُ.
(إسناده صحيح إلى قتادة، وقتادة وُلد بعد القصة بنحو ثلاثين سنة).
(1)
وعفان مكثر عن حماد بن سلمة.
(2)
ساق البلاذري من طريق أبي عبد الله عن سعيد بن مسلم عن أبيه. وأبوه ذَكَره ابن حبان في «الثقات» وابن حجر قال: حَدَّث عن ابن عون وهو صدوق. فربما يكون من المزيد في متصل الأسانيد.
4 -
وكذا مقطوع الليث بن سعد، أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (4/ 1307): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى عُثْمَانَ الْمُحَمَّدُونَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي طَعَنَ عُثْمَانَ بِالْمِشْقَصِ، وَرُومَانُ بْنُ سَوْدَانَ الَّذِي قَتَلَهُ.
(وسند الليث صحيح إليه، لكن وُلد بعد القصة بنحو ستين سنة).
5 -
مقطوع عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (4/ 1296): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ الْمَاجِشُونِ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَغَيْرُهُ أَنَّ الَّذِي دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه:«أَرْسِلْهَا يَا بْنَ أَخِي؛ فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ أَبُوكَ مَا أَخَذَ بِهَا» .
(1)
كذا في المطبوع، والذي يَروي عنه موسى بن إسماعيل ويَروي عن أبيه هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة.
كم حديثًا ثَبَت في لعن
النبي صلى الله عليه وسلم الحَكَمَ وما وَلَد؟
*
ثَبَت فيه خبران، وثالث محتمل:
الأول- وهو أشهرها-: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16128): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
(1)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ
(2)
، عَنِ الشَّعْبِيِّ
(3)
قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ،
(1)
وتابع ابن عيينة اثنان:
1 -
ابن فُضيل، أخرجه البزار (2197) وابن فُضيل كان غاليًا في التشيع.
2 -
أحمد بن بشير، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (13/ 121) معطوفًا على محمد بن فُضيل.
(2)
وتابع إسماعيلَ بن أبي خالد اثنان:
1 -
ابن شبرمة، وفي السند إليه أحمد بن محمد بن رشدين، متروك، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (13/ 122).
2 -
محمد بن سوقة، أخرجه الحاكم (8485) وفي سنده كذلك أحمد بن محمد بن رشدين، متروك.
وقال ابن عساكر على رواية ابن سوقة: هذا غريب، والمحفوظ حديث إسماعيل.
(3)
وتابع الشعبيَّ عبدُ الله البهي بلفظ: «لعن فلانًا وولده على المنبر» أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (13/ 118) وفي سنده يزيد بن أبي زياد، ضعيف. ومحمد بن حميد بن حيان، متروك.
وَهُوَ يَقُولُ: وَرَبِّ هَذِهِ الْكَعْبَةِ، لَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فُلَانًا وَمَا وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ.
فهذه الرواية مبهمة لمن لُعن، في حين رواه جماعة عن عبد الرزاق بتسمية مَنْ لُعن بأنه الحَكَم بن أبي العاص عم عثمان بن عفان، وهم:
1 -
أحمد بن منصور بن سَيَّار، أخرجه البزار في «مسنده» رقم (2197) بلفظ: «وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ لَقَدْ لَعَنَ اللَّهُ الْحَكَمَ وَمَا وَلَدَ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ.
وقال البزار: وَهَذَا الْكَلَامُ لَا نَحْفَظُهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإسناد.
2 -
أحمد بن منيع، لكن عطف مجالد بن سعيد على إسماعيل بن أبي خالد، كلاهما عن الشَّعبي به موصولًا. أخرجه ابن منيع كما في «المطالب العالية» (4460).
3 -
إسحاق بن راهويه، لكن عطف مجالد بن سعيد على إسماعيل بن أبي خالد، كلاهما عن الشَّعبي مرسلًا، كما في «المطالب العالية» (4459).
الخلاصة: أن الأرجح عن عبد الرزاق التسمية، ولكن مَنْ الذي أبهمه؟ هل الإمام أحمد تورعًا، أم عبد الرزاق لما حَدَّث به أحمد؟ فالظاهر أنه من عبد الرزاق. ويؤيد هذا أن الإمام أحمد أخرجه من حديث ابن عمرو فقال: يعني الحَكَم
(1)
(1)
انظر: «مسنده» رقم (6520) وسيأتي في الحديث الآتي.
وكَتَب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن عرفة، بتاريخ (16) رجب (1444 هـ) الموافق (7/ 2/ 2023 م) على سند الإمام أحمد: سند صحيح.
وقال لما سألته: لعل الإمام أحمد لم يَنص على الحَكَم تورعًا.
الحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6520): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ ذَهَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ لِيَلْحَقَنِي، فَقَالَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ:«لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ» فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ وَجِلًا، أَتَشَوَّفُ دَاخِلًا وَخَارِجًا، حَتَّى دَخَلَ فُلَانٌ. يَعْنِي الْحَكَمَ.
وخالف ابنَ نمير عبدُ الواحد بن زياد، فأبدل أبا أُمامة بن سهل بشُعيب بن محمد. أخرجه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1786).
وانتهى شيخنا مع الباحث إلى صحة إسناده، سواء قلنا: عن أبي أمامة أو عن شُعيب. وصححه كذلك العَلَّامة مقبل بن هادي والعَلَّامة الألباني، -رحمهما الله-.
الحديث الثالث: ما أخرجه النَّسائي في «السنن الكبرى» رقم (11427): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا بَايَعَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِهِ قَالَ مَرْوَانُ: سُنَّةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: سُنَّةُ هِرَقْلَ وَقَيْصَرَ. فَقَالَ مَرْوَانُ: هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17] الْآيَةَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: «كَذَبَ وَاللهِ، مَا هُوَ بِهِ، وَإِنْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ لَسَمَّيْتُهُ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ
أَبَا مَرْوَانَ، وَمَرْوَانُ فِي صُلْبِهِ، فَمَرْوَانُ فضَضٌ
(1)
مِنْ لَعْنَةِ اللهِ».
وقال الذهبي في «التلخيص» على «المُستدرَك» رقم (8483): فيه انقطاع؛ محمد لم يَسمع من عائشة.
ولم يقف الباحث على أحد قبل الذهبي أو بعده نفى السماع، وطبقته محتملة.
وسَبَق في «سلسلة الفوائد» (6/ 230) أن شيخنا صححه مع الباحث أسامة بن شديد.
(1)
أي قطعة.
هل ثبت خبر في خراب يثرب
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22121) - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ» .
ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا» . أَوْ كَمَا «أَنَّكَ قَاعِدٌ» يَعْنِي: مُعَاذًا
(1)
.
مداره على مكحول واختلف عليه رفعًا ووقفًا والأصح الوقف لأمرين:
1 -
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أقوى من عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان في الجملة وقال صالح بن محمد البغدادي في عبد الرحمن بن ثوبان: شامي صدوق، إلا أن مذهبه مذهب القدر، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه، عن
(1)
وجهة من يصحح هذا الخبر:
1 -
أن ابن ثوبان أقل أحواله أنه صدوق.
2 -
لا مانع من أن يروى الحديث مرفوعًا وموقوفًا.
3 -
على فرض أنه موقوف فله حكم الرفع وصححه ابن كثير في «إرشاد الفقير» والعلامة الألباني.
مكحول مسندة، وحديث الشامي لا يضم إلى غيره، معرف خطؤه من صوابه.
2 -
اختلف على بن ثوبان في الرفع ولم يختلف على عبد الرحمن بن يزيد بن جابر في الوقف وإليه نصّه فيما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (38364) - حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قَالَ: عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّة، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّة خُرُوجُ الدَّجَّالِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِ رَجُلِ، وَقَالَ: وَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ.
وتابع أبا أسامة على الوقف مع زيادة واسطة بين مكحول ومعاذ وهي عبد الله بن محيريز. انظر البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 193) والحاكم في «المستدرك» (2297).
وعبد الله بن محيريز (ت/ 99) جل رواياته عن التابعين وليست له رواية عن معاذ في الكتب التسعة ولم يذكر معاذ رضي الله عنه (ت/ 18) في شيوخه فبينهما (81) سنة فالظاهر أنه منقطع موقوفًا مضطرب مرفوعًا.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي الحسن إبراهيم فراج إلى ضعفه بتاريخ (7) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (22/ 10/ 2023 م).
ثم عرضه الباحث يوسف بن حسيني الحامولي بتاريخ (22) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (6/ 11/ 20223 م) فكتب شيخنا: الخبر ضعيف لإعلاله.
تنبيه: هناك أدلة ثابتة تثبت عمار المدينة:
1 -
منع الدجال من دخول مكة والمدينة.
2 -
إن الإيمان ليأرز إلى المدينة.
3 -
أمرت بقرية تأكل القرى.
4 -
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة بضعفي مكة من البركة.
5 -
على ترجيح الموقوف فيرى معاذ رضي الله عنه أن خروج كثير من الصحابة رضي الله عنه من المدينة إلى الشام خراب للمدينة وإعمار للشام
(1)
.
(1)
أفاد الفائدة الأخيرة الباحث: أحمد النمر في تبيض هذا الحديث بمحل الباحث أبي الحسن المجاور للمكتبة الكبرى بمنية سمنود بعد مجلس شيخنا في «تفسير سورة الأعراف» ودرس «صحيح البخاري» في كتاب الحيض وكتاب «الإجماع» لابن المنذر ما يتعلق بالإمامة والقصر في السفر وكان القاريء الباحث/ إبراهيم بن رشاد.
كتاب أخبار الدجال
هل ثَبَت عن ابن عباس وصفٌ صريح للدجال؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2148): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
(1)
، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ
(2)
، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّجَّالِ:«أَعْوَرُ هِجَانٌ أَزْهَرُ، كَأَنَّ رَأْسَهُ أَصَلَةٌ، أَشْبَهُ النَّاسِ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَإِمَّا هَلَكَ الْهُلَّكُ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» قَالَ شُعْبَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ قَتَادَةَ فَحَدَّثَنِي بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا.
الإحالة في المتن بُينت عند الإمام البخاري في «صحيحه»
(3)
والإمام مسلم
(1)
وتابع شعبةَ الثوريُّ كما عند عبد الرزاق (11713)، وزائدة كما عند ابن أبي شيبة (37470)، والوليد بن ثور كما في «السُّنة» لعبد الله (1004).
(2)
وتابع سماكًا هلال بن خباب، أخرجه أحمد (3546) بمتن مطول نحو متن سماك، لكن هلال العبدي صدوق تغير بآخره، وثابت الراوي عنه اختُلف فيه.
(3)
رقم (3395): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ- يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ.
ورقم (3396): وَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَالَ:«مُوسَى آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ» وَقَالَ: «عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ» وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ.
في «صحيحه» رقم (165): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
(1)
، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ- قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَالَ:«مُوسَى آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ» ، وَقَالَ:«عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ» وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ جَهَنَّمَ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ.
فظَهَر أن قول شعبة: «بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا» هو ما ذكر في «الصحيحين» .
ووجهة مُن يُصحِّح:
1 -
جعل رواية سِمَاك عن عكرمة على شرط مسلم، كما قاله العَلَّامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» رقم (1193) قائلًا: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم
(2)
.
(1)
وتابع شعبةَ شيبانُ بن عبد الرحمن واختُلف عليه:
فرواه يونس بن محمد عنه عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس، كرواية شعبة التي في «الصحيحين» ، أخرجه مسلم (165).
وخالفه الوليد بن مسلم فقال: عن شيبان عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، بمتن سماك. أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11843) عن إسحاق بن إبراهيم الأنماطي عن هشام بن عمار عن الوليد. وهشام مختلف فيه، وإسحاق الأنماطي لم يقف الباحث له على موثق. فرواية يونس أرجح.
(2)
والظاهر أن هذا التقعيد مستفاد من صنيع الحاكم لفظًا، كما في «مستدرك الحاكم» (7/ 204) رقم (7301): أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ فَيَقُولُونَ: مَا ذُبِحَ للهِ فَلَا تَأْكُلُوا، وَمَا ذَبَحْتُمْ أَنْتُمْ فَكُلُوهُ. فَأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وأما الفَهم فلكون الحاكم لا يُخرج في كتابه إلا ما كان على شرط البخاري ومسلم أو أحدهما، ولم يخرجاه.
ومثال ذلك: فيما أخرجه رقم (1566): فَأَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَنَزِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، فَأَرَادُوا أَنْ لَا يَقُومُوا وَلَا يَصُومُوا، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنَ الْحَرَّةِ، فَشَهِدَ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ. وَشَهِدَ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا، فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنْ يَقُومُوا وَأَنْ يَصُومُوا.
قَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِأَحَادِيثَ عِكْرِمَةَ، وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِأَحَادِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
قلت: ليس في مسلم رواية لسِمَاك عن عكرمة
(1)
.
2 -
متابعة هلال بن خباب لسماك.
3 -
والإحالة التي في رواية شعبة عن قتادة عن عكرمة.
ووجهةُ مَنْ يُضعِّف ما يلي:
1 -
اضطراب سماك في عكرمة.
(1)
وانظر تَكرار ذلك في «السلسلة الصحيحة» رقم (191، 1731).
وأَعَل رحمه الله هذه السلسلة في حديث آخَر في «السلسلة الصحيحة» (2/ 322) فقال: وسنده صحيح لولا أنه من رواية سِماك عن عكرمة، وروايته عنه خاصة مضطربة، ولعل ذلك إذا كانت مرفوعة، وهذه موقوفة كما ترى.
2 -
أن متابعة هلال من حيث السند، فهلال تَغيَّر بآخره، وقال ابن حبان فيه: يخطئ ويخالف. وقال: كان ممن اختلط في آخر عمره، فكان يُحدِّث بالشيء على التوهم، ولا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وأما فيما وافق الثقات فإن احتج به محتج أرجو أن لم يُجرَح في فعله ذلك.
وثابت أبو يزيد الراوي عنه مُختلَف فيه، وثقه جماعة، وقال فيه ابن حبان: من متقني أهل البصرة إلا أنه كان يهم في الشيء بعد الشيء.
وأما من حيث المتن فالمتن مطول، وفيه (أقمر) بدل (أزهر) التي في رواية سماك، وقد تُحمَل على الرواية بالمعنى.
3 -
وأما الإحالة فجاءت مُبيَّنة في طريق قتادة عن أبي العالية في «الصحيحين» .
4 -
أن مجاهدًا رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما، فيما أخرجه البخاري (1555): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ: مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ: «أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّي» .
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن فَرَّاج المنصوري، بتاريخ (23) رجب (1444 هـ) الموافق (14/ 2/ 2023 م): الخطأ- ولله الحمد- قد استبان، ووجهه أنه لسِماك حَصَل عطف على قتادة فأحدث ذلك اختلالًا. والله أعلم.
كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنة
الاعتصام بالله
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8987): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِ لُوطٍ:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، إِلَى رَبِّهِ عز وجل» قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيُّا إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ» .
وتابع حمادَ بن سلمة خالدُ بن عبد الله كما عند ابن حبان (6297)، وسليمان بن بلال، أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (11924)، وعبدة وعبد الرحيم كما عند الترمذي (3124)، والفضل بن موسى كما عند الترمذي، وفيه:(ذروة من قومه) ورجح الترمذي لفظ: «ثروة
…
».
وهذا السند ظاهره الحُسن لحال محمد بن عمرو، لكن أصل الحديث متفق عليه، في البخاري (3208) ومسلم (242) من طريقَي أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا: «نحن أحق بالشك من إبراهيم
…
يَرحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد» دون زيادة:«فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ» .
وأيضًا: البخاري (3211) ومسلم (4474) من طريق الأعرج، ثلاثتهم عن أبي هريرة مرفوعًا:«يَغفر الله للوط، إِنْ كان لَيأوي إلى ركن شديد» .
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن ممدوح المنوفي، بتاريخ (26) شوال (1444 هـ) الموافق (16/ 5/ 2023 م)
(1)
: هذه الزيادة يبدو أنها مدرجة.
(1)
وذلك يوم المنتدى التراثي، مع د. بشار عواد، في معهد المخطوطات بالقاهرة.
السُّنة وحي
قال تعالى:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى 3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17174): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَرِيزٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الجُرَشِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا
(1)
عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ.
أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الحِمَارِ الأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ.
أَلَا وَلَا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا.
وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ
(2)
بِمِثْلِ قِرَاهُمْ».
(1)
في هامش «مسند أحمد» (28/ 410) ط/ الرسالة: في عامة النُّسخ بالتنوين، غير (ق) ففيها «شبعانَ» بغير تنوين، و «شبعان» جاء تأنيثه: شَبْعَى وشبعانة. وقد قالوا في الصفة على وزن «فَعْلَان» : يُشترَط في منعها من الصرف أن لا تؤنث بالتاء، فإن أُنثت بها تُمنَع من الصرف.
(2)
قوله: (يُعْقِبُوهُمْ) مِنْ «أَعْقَبَ» أو «عَقَّبَ» بالتشديد، أي: يجازوهم. والله تعالى أعلم. كما في «حاشية السِّندي على مسند أحمد» (16/ 243).
وتابع يزيدَ بن هارون جماعةٌ: علي بن عياش، وأبو اليمان، وأبو عمرو بن كثير، والحسن بن موسى، وعبد القدوس بن الحَجَّاج.
وتابع حَرِيزَ بن عثمان مَرْوان بن رُؤْبَة، أخرجه ابن حِبَّان (12)، والطحاوي في «شرح مُشكِل الآثار» (4230)، والدارقطني في «سُننه» (4192).
وعبد الرحمن بن أبي عوف وثقه الدارقطني، ويشمله عموم قول أبي داود كما سبق في «سلسلة الفوائد» (6/ 389): شيوخ حَريز ثقات.
وتابعه الحسن بن جابر اللَّخْمي
(1)
، وعنه معاوية بن صالح، أخرجه أحمد في «مسنده» (17194): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَزَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ زَيْدٌ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ المِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ يَقُولُ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ، ثُمَّ قَالَ:«يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ! أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ» .
وتابع عبدَ الرحمن بن مهدي
(2)
وزيدَ بن حُبَاب
(3)
أسدُ بن موسى، أخرجه الدارمي (609)، وعبد الله بن صالح، أخرجه الحاكم (339).
والخلاصة: أن طريق عبد الرحمن بن أبي عوف صحيح، ويَزيده قوة متابعة الحسن، وذلك بالقَدْر المشترك بين المتنين.
(1)
وثقه العِجلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ، ورَوَى عنه اثنان. انظر «التهذيب» .
(2)
وأخرجه الترمذي (2664).
(3)
وأخرجه ابن ماجه (12).
وكَتَب شيخنا بتاريخ (13) شعبان (1444 هـ) الموافق (5/ 3/ 2023 م) مع الباحث علي بن محمد القناوي: صحيح لشواهده.
تنبيه: له شاهد أخرجه الحُميدي في «مسنده» رقم (579): حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ مُرْسَلًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِنْ أَمْرِى مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا نَدْرِى، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» .
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: وَأَنَا لِحَدِيثِ ابْنِ المُنْكَدِرِ أَحْفَظُ لِأَنِّي سَمِعْتُهُ أَوَّلًا، وَقَدْ حَفِظْتُ هَذَا أَيْضًا
(1)
.
وحَكَى الدارقطني في «العلل» (1172) الخلاف في الوصل والإرسال باتساع، ثم قال: والصواب قول مَنْ قال: عن سالم بن أبي النضر، عن ابن أبي رافع، عن أبيه.
(1)
وقال الترمذي في «سُننه» رقم (2663): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ وَغَيْرِهِ، رَفَعَهُ قَالَ:«لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاهُ» هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا.
وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ إِذَا رَوَى هَذَا الحَدِيثَ عَلَى الاِنْفِرَادِ بَيَّنَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، وَإِذَا جَمَعَهُمَا رَوَى هَكَذَا.
وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْمُهُ: أَسْلَمُ.
تعريف البدعة
لغةً: ما أُحْدِثَ على غير مثال سابق. ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117]{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9]{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: 27]
(1)
.
شرعًا: فيها قولان:
الأول: فِعل ما لم يُعهَد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
. وهذا التعريف هو المُوافِق للتعريف اللُّغوي، مع زيادة قيد: (على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن أدلته:
1 -
ورد في «صحيح مسلم» رقم (1017): «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ
(1)
والتعريف اللُّغوي يدور على هذا المعنى.
(2)
هذا التعريف لشيخنا تعقيب عليه مع الباحث، بتاريخ (30) شعبان (1444 هـ) الموافق (22/ 3/ 2023 م) وهو تقييده بالأمور التعبدية، حتى تَخرج: الطائرة، والكهرباء، والأقلام، والأمور الدُّنيوية المُستحدَثة. وأَيَّد الباحثُ إبراهيم بن عبد الرحمن ذلك بحديث:«أنتم أعلم بأمور دنياكم» .
أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
2 -
مفهوم حديث: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ» أخرجه البخاري رقم (2550) مسلم رقم (1718) أي: مَنْ أَحْدَث في أمرنا ما هو منه، فليس بِرَدّ.
3 -
قول عمر رضي الله عنه: «نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ» يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. في «صحيح البخاري» رقم (2010).
ويَدخل تحت هذا التعريف كل مُحْدَث:
واجبة
…
مندوبة
…
محرمة
…
مباحة
…
مكروهة
تدوين أصول الفقه
…
بناء المدارس
…
عقائد القَدَرية والجَبْرية والمُرجِئة
…
أنواع الثياب المختلفة
…
زخرفة المساجد
والاشتغال بعلم النحو
…
وصلاة التراويح
التعريف الثاني للبدعة: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة، يُقصَد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه.
ومستنده:
1 -
قوله تعالى في اكتمال الدين: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3].
2 -
عموم حديث جابر: «وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» في «صحيح مسلم» (867).
3 -
وعموم حديث: «عليكم بسُنتي» .
وقال ابن رجب في «جامع العُلوم والحِكم» (2/ 783): قوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» من جوامع الكِلَم، لا يَخرج عنه شيء، وهو أصلٌ عظيم من أصول الدِّين، وهو شبيه بقوله:«مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا ما لَيسَ مِنهُ، فَهُوَ رَدٌّ» .
فكُلُّ مَنْ أحدث شيئًا ونَسَبه إلى الدِّين، ولم يكن له أصل من الدِّين يَرجع إليه، فهو ضلالة، والدِّين بريء منه، وسواءٌ في ذلك مسائلُ الاعتقادات أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة
…
إلخ.
أمثلتها:
1 -
صلاة الرغائب.
2 -
بِدَع القَدَرية والمُرجِئة.
أفاده الباحث إسماعيل بن عرفة، بتاريخ (22) شعبان (1444 هـ) الموافق (14/ 3/ 2023 م).
كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
صبر الداعي على جفوة الناس
قال الإمام النسائي في «سننه الكبرى» رقم (10795): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَبَّ الكَلَامِ إِلَى اللهِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَإِنَّ أَبْغَضَ الكَلَامِ إِلَى اللهِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: اتَّقِ اللهَ! فَيَقُولُ: عَلَيْكَ نَفْسَكَ» .
تابع محمدَ بن يحيى محمدُ بن إسحاق، أخرجه البيهقي في «الدعوات الكبير» رقم (156): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، به.
خالف محمدَ بن سعيد محمدُ بن العلاء فأوقفه، أخرجه النسائي (1726) وتابعه هناد كما في «الزهد» (2/ 463) وفيه: قَالَ: «فَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: اتَّقِ اللَّهَ! فَيَقُولُ: عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ» أبو بكر بن أبي شيبة في «مصنفه» (2403) دون آخِر المتن.
ورواه جماعة عن الأعمش على الوقف:
1 -
أبو الأحوص، أخرجه النسائي كذلك.
2 -
داود، هو ابن نصر الطائي، كما في المصدر السابق.
3 -
ابن فُضيل، أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في «مصنفه» (2403) دون آخِر المتن.
وتابع الحارثَ سعيدُ بن وهب على الوقف، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (8587): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:«إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ: اتَّقِ اللهَ! فَيَقُولُ: عَلَيْكَ نَفْسَكَ، أَنْتَ تَأْمُرُنِي؟» .
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن رمضان بن شرموخ، بتاريخ (6) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (21/ 9/ 2023 م): الموقوف أصح.
تنبيه: أسانيد الأثر موقوفًا صحيحة، وأما المرفوع فتبين إعلاله بالدراسة المقارنة.
إنكار المقدام رضي الله عنه على معاوية رضي الله عنه
-
ما خالف النص مع التقرير والعِلم
قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (4131): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدٍ قَالَ: وَفَدَ الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ مِنْ أَهْلِ قِنَّسْرِينَ، إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: أَعَلِمْتَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ تُوُفِّيَ؟ فَرَجَّعَ الْمِقْدَامُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ
(1)
: أَتَرَاهَا مُصِيبَةً؟ قَالَ لَهُ: وَلِمَ لَا أَرَاهَا مُصِيبَةً، وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ فَقَالَ:«هَذَا مِنِّي» وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ؟ فَقَالَ الْأَسَدِيُّ: جَمْرَةٌ أَطْفَأَهَا اللَّهُ عز وجل.
قَالَ: فَقَالَ الْمِقْدَامُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَبْرَحُ الْيَوْمَ حَتَّى أُغَيِّظَكَ
(2)
، وَأُسْمِعَكَ مَا تَكْرَهُ. ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنْ أَنَا صَدَقْتُ فَصَدِّقْنِي، وَإِنْ أَنَا كَذَبْتُ فَكَذِّبْنِي. قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ
(1)
وفُسر الرجل في رواية أحمد (17187) والطبراني في «المعجم الكبير» (636) بمعاوية رضي الله عنه.
(2)
كان الأسدي سببًا في تهييج المِقدام على معاوية رضي الله عنه.
السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَوَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَيْتِكَ يَا مُعَاوِيَةُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْكَ يَا مِقْدَامُ.
قَالَ خَالِدٌ: فَأَمَرَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ لِصَاحِبَيْهِ، وَفَرَضَ لِابْنِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ، فَفَرَّقَهَا الْمِقْدَامُ فِي أَصْحَابِهِ. قَالَ: وَلَمْ يُعْطِ الْأَسَدِيُّ أَحَدًا شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَمَّا الْمِقْدَامُ فَرَجُلٌ كَرِيمٌ بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا الْأَسَدِيُّ فَرَجُلٌ حَسَنُ الْإِمْسَاكِ لِشَيْئِهِ.
وتابع عمرًا اثنان:
1 -
محمد بن المصفى بطوله، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (636) والراوي عن محمد بن المصفى هو إبراهيم بن محمد الحمصي، قال فيه الذهبي: شيخ للطبراني غير معتمد. ووافقه ابن حجر في «لسان الميزان» .
2 -
حيوة بن شُريح مختصرًا إلى قوله: «هذا مني وحسين من علي» أخرجه أحمد (17189).
وتابعهما ثلاثة مختصرًا:
1 -
أسد بن موسى، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3251) مقتصرًا على النهي عن الركوب على جلود السباع.
2 -
يحيى بن يحيى النيسابوري، أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1127) مقتصرًا على النهي عن لُبس الذهب والحرير وجلود السباع أن يُركَب عليها.
3 -
أحمد بن عبد الملك معطوفًا على حيوة، أخرجه أحمد (17185)
مقتصرًا على النهي عن لبس الذهب والحرير ومياثر النمور.
والخلاصة: أن السند رجاله ثقات، وسماع خالد من المقدام محتمل. وفي البخاري موضعان لخالد عن المقدام: رقم: (2072) «ما أَكَل أحدٌ طعامًا قَطُّ
…
» ورقم: (2128): «كِيلوا طعامَكم» .
وكَتَب شيخنا مع الباحث عبد الرحمن بن صالح، بتاريخ (29) رجب (1444 هـ) الموافق (20/ 2/ 2023 م): احكم على رجال الإسناد.
تنبيه: يَرى الباحث حُسن الخبر وأن الأشياء الثلاثة المأخوذة على معاوية رضي الله عنه ربما كانت في بيته، ولم يستعملها.
كتاب التوبة
توبة القاتل
اختلفت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أولًا- ليس للقاتل توبة، فآية النساء مدنية ناسخة لآية الفرقان المكية، وذلك فيما أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (4762): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي القَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} فَقَالَ سَعِيدٌ: قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذِهِ مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ، الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.
وما أخرجه مسلم رقم (3023): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] فَرَحَلْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ:«لَقَدْ أُنْزِلَتْ آخِرَ مَا أُنْزِلَ، ثُمَّ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ» .
ومما يظهر تنوع اجتهاد ابن عباس رضي الله عنهما وأنه كان يفتي بالتوبة وأحيانًا بدونها لعلة، وإليك برهان ذلك:
1 -
أخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (28326): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ؟ قَالَ: لَا، إِلاَّ النَّارُ. فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا هَكَذَا كُنْتَ تُفْتِينَا، كُنْتَ تُفْتِينَا أَنَّ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةً مَقْبُولَةً، فَمَا بَالُ الْيَوْمِ؟ قَالَ: إِنِّي أَحْسِبُهُ رَجُلًا مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا. قَالَ: فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ.
2 -
ما أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (4): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي، وَخَطَبَهَا غَيْرِي فَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا فَقَتَلْتُهَا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: تُبْ إِلَى اللهِ عز وجل، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ. فَذَهَبْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إِلَى اللهِ عز وجل مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ.
الخلاصة: إسناده صحيح.
3 -
ما أخرجه الطبري في «تفسيره» (7/ 347): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] قَالَ: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ تَوْبَةٌ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ» .
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث حمدي بن إبراهيم سليم، بتاريخ (12) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (1/ 6/ 2023 م) إلى صحة الآثار، وأن أثر ابن عباس رضي الله عنهما محمول على الزجر.
اجتهاد لابن مسعود رضي الله عنه في
تخصيص آيات في مغفرة الذنوب
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (31499): حَدَّثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ، قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ آيَتَيْنِ مَا أَصَابَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَرَأَهُمَا، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} .
والخلاصة: انتهى شيخنا معي في ختام شهر رجب (1444 هـ) الموافق (2023 م) إلى صحة إسناده.
تنبيه: الآية الأولى جاء التنصيص عليها فيما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (1521): عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ [الفَزَارِيِّ] قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلًا إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا، نَفَعَنِي اللهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وَإِذَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ». ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وانظر ما سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 14).
وأما الآية الثانية، فأخرج مسلم في «صحيحه» رقم (7574): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ، حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا»
(1)
.
(1)
وأخرجه البخاري رقم (5318) دون ذكر الآية.
كتاب المصطلح
أيهما يُقدَّم التصريح بالسماع في السند، أم كلام علماء العلل؟
سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 31) ما أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (10409): عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيُّ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ فِي امْرَأَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟» قَالَ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. قَالَ: «لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَهَا مِنْ بُطْحَانَ مَا زِدْتُمْ» .
وقوله: (حَدَّثَنِي أَبُو حَدْرَدٍ) تَفرَّد به عبد الرزاق في «مصنفه» ، وخالفه وكيع كما عند أحمد (15706)، وأبو نُعيم كما في «المعجم الكبير» (882) وأبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (6751)، وآدم بن أبي إياس كما في «تفسير الثعلبي» (1054) ومؤمل بن سعيد كما في «شرح مشكل الآثار» (5051) فروايتهم ظاهرها الإرسال.
وروايتهم بالإرسال أصوب:
1 -
للكثرة، وقد قال أبو حاتم في «الجَرح والتعديل» (480): روى محمد بن إبراهيم عن أبي حدرد مرسلًا.
2 -
ولكونهم مُقدَّمين في الثوري، ففي «معرفة الرجال» لابن محرز (ص: 159): وسألتُ يحيى عن أصحاب سفيان، مَنْ هم؟ قال: المشهورون: وكيع،
ويحيى، وعبد الرحمن، وابن المبارك، وأبو نُعيم، هؤلاء الثقات. قيل له: فأبو عاصم، وعبد الرزاق، وقَبيصة، وأبو حذيفة؟ قال: هؤلاء ضعفاء.
مع العلم بأن رواية عبد الرزاق في الثوري في البخاري ومسلم، كما في «التهذيب» .
3 -
تابع هؤلاء عن يحيى بن سعيد متابعة قاصرة بعدم التحديث: يزيد بن هارون وهشيم ومحمد بن كثير العبدي وزهير بن محمد التميمي.
4 -
جاء من رواية إسماعيل بن عياش في غير أهل بلده إدخال واسطة بين محمد بن إبراهيم التيمي وأبي حدرد، وهي عبد الله بن أبي حدرد. أخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (162)
(1)
.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث مصطفى بن عادل الألفي، بتاريخ (6) صفر (1445 هـ) الموافق (22/ 8/ 2023 م): الأكثرون على أنه محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي حدرد، ولم يَسمع منه. اه.
ثم كلفه بترجمة يزيد بن كيسان ومروياته، ومنها شاهد لهذا الخبر، وهو ما أخرجه مسلم رقم (1424): حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
(1)
وقال العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (2173): وخالفهم إسماعيل بن عياش فقال: عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عبد الله بن أبي حدرد.
قلت: هذه الزيادة منكرة؛ لتفرد إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها.
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. قَالَ: «عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟» قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ، مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ» قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ، بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ.
كيفية التوصل إلى معرفة
التصحيف في السند والمتن؟
أولًا- بجمع الطرق.
ومن أمثلة ذلك ما أخرجه ابن المظفر في «غرائب مالك» رقم (36): حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْمَكِّيُّ
(1)
، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيُّ، نَا مَعْنٌ، نَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ سَعِيدٍ أَبِي الْحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يُصَابُ فِي حَامَّتِهِ
(2)
وَوَلَدِهِ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ». وهو في «الموطأ» (633) أنه بلغه.
* أقوال العلماء:
قال الدارقطني في «علله» (11/ 7) لما سُئل عن هذا الخبر:
يرويه مالك بن أنس، واختُلف عنه:
فرواه أصحاب «الموطأ» عن مالك أنه بلغه عن أبي الحباب.
(1)
ومحمد بن زياد وإن كان مجهولًا فقد توبع من:
1 -
يحيى بن سعيد، كما عند أبي نُعيم في «حِلية الأولياء» (3/ 265) والبيهقي في «شُعب الإيمان» (9376).
2 -
علي بن سعيد بن بشير، أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (24/ 18).
(2)
أي قرابته ومن يُهِمُّه أمره ويحرقه، مأخوذ من الماء الحمم وهو الحار.
ورواه عبد الله بن جعفر البرمكي، عن مالك، عن ربيعة، عن أبي الحباب، تصحف، (أنه بلغه بربيعة)، والصحيح (أنه بلغه).
وقال أبو نُعيم: هذا حديث صحيح ثابت من حديث أبي هريرة، قد رواه أصحاب مالك عنه في «الموطأ» أنه بلغه عن أبي الحباب، ولم يسموا ربيعة، وتَفرَّد معن بتسمية ربيعة.
قال ابن عبد البر: لا أحفظه لمالك عن ربيعة عن أبي الحباب إلا بهذا الإسناد، وأما معناه فصحيح محفوظ عن أبي هريرة رضي الله عنه من وجوه.
فقد رواه بنحوه أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه أحمد (7859) وغيره، وسنده حسن، وقد سبق في «سلسلة الفوائد» .
أفاده الباحث أشرف سلطان مع شيخنا، بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م).
ثانيًا- بمطالعة كلام العلماء من كتبهم أو عقب الأخبار، ككلام الدارقطني هنا فإنه نص على التصحيف.
مثال آخر لبيان التصحيف وهو ما أخرجه البخاري رقم (6427): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ» قِيلَ: وَمَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ؟ قَالَ: «زَهْرَةُ الدُّنْيَا» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟
فَصَمَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ، فَقَالَ:«أَيْنَ السَّائِلُ؟» قَالَ: أَنَا - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ - قَالَ: «لَا
يَأْتِي الخَيْرُ إِلَّا بِالخَيْرِ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرَةِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ. وَإِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ».
وتابع زيدَ بن أسلم هلالُ بن أبي ميمونة، وعنه اثنان:
الأول: فليح، أخرجه البخاري (2842) وأحمد (11866).
الثاني: يحيى بن أبي كثير، وعنه اثنان:
1 -
الأوزاعي، أخرجه ابن حبان (3227).
2 -
هشام بن عروة، وعنه جماعة:
أ-معاذ بن فضالة، أخرجه البخاري (1465) دون الشاهد.
ب-إسماعيل، أخرجه مسلم (1052) دون الشاهد.
ت-الطيالسي كما في «مسنده» (2180) في ط/ المعرفة: (خبطًا) وطبعات: (حبطًا).
ث-يزيد بن هارون، أخرجه أحمد (11037):«خبطًا» ورقم (11157): «حبطًا» . وأبو يعلى (1242) قال زهير بن حرب: «خَبطًا» وهو «حبطًا» .
قال أبو عبيد في «غريب الحديث» (1/ 90): وأما الذي رواه يزيد (يقتل خبطًا) بالخاء فليس بمحفوظ، وإنما ذهب إلى التخبط وليس له وجه.
أفاده الباحث أشرف سلطان مع شيخنا، بتاريخ (26) محرم (1445 هـ) الموافق (13/ 8/ 2023 م).
أحاديث تم الانتقاد فيها للدارقطني
على البخاري في كتابه «التتبع»
1 -
«ليس منا مَنْ لم يَتغنَّ» سبق في «سلسلة الفوائد» وأنه شاذ بهذا اللفظ، وصوابه «ما أَذِنَ الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن يَجهر به» . وله شاهد ضعيف باللفظ الأول من حديث سعد رضي الله عنه، أخرجه أحمد (1476، 1549) وله شاهد ثالث من حديث ابن عباس، خطأه البخاري.
2 -
«عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ- وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟» قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ:«وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلَائِكَةِ» أخرجه البخاري (3992) تَفرَّد جرير بوصله، وأَعَله ابن معين كما في «تاريخه» (3/ 301) بمعاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه، فقال: باطل.
3 -
فقرة وهي «رباط يوم في سبيل الله» زادها عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وهو ضعيف. قال الدارقطني: لم يقل هذا غير عبد الرحمن وغيرُه أَثْبَتُ منه، وباقي الحديث صحيح.
4 -
«كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ، يُقَالُ لَهُ: اللُّحَيْفُ» انفرد به أُبَيّ بن عباس بن سهل، ضَعَّفه أحمد وابن معين والدارقطني، وقال فيه النسائي: ليس بالقوي.
5 -
«أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ» وَقَالَ: «هَذَا رِكْسٌ» » سبقت علته بالتفصيل في «سلسلة الفوائد» (1/ 443).
6 -
«عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حجرًا، فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَسْأَلُهُ. وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا. قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ.
قال الدارقطني والاختلاف فيه كثير. إشارة إلى الاضطراب، وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 376): وعلته ظاهرة، والجواب عنه فيه تَكلُّف وتَعسُّف.
7 -
«عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَعْمَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ؟! إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ:{وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} . علته جهالة رافع بواب مَرْوان، مع الاختلاف في السند.
أفاده الباحث أبو حمزة السويسي، بتاريخ (30) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (15/ 10/ 2023 م) وطَلَب شيخنا منه عرض أحاديث التتبع، في كل مجلس عَشَرة أحاديث، وقال: إنه درّسه كثيرًا. واعتَرَض على حصر الباحث لسبعة أحاديث تم الانتقاد فيها، وذلك فيما انفرد به البخاري مما انتقده عليه الدارقطني.
كتاب الرجال
كيف نميز الأحاديث التي وهم فيها عبد الرزاق
عن مَعمر لاختلاطه
(1)
؟
فاجتمع جواب شيخنا مع الباحث محمد الجمال في النقاط التالية:
(1)
كان يُلقَّن فيَتلقن، وليست هذه الأخبار الملقنة في كتبه.
وقال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بآخرة.
وامتنع ابن مَعين عن الكتابة عنه إلا من كتابه.
وجَعَل البخاري كون الحديث في كتبه على غيرها.
وقال الدارقطني: وهو ثقة يخطئ على مَعمر في أحاديث لم تكن في الكتاب.
وقال أحمد: مَنْ سَمِع منه بعدما ذهب بصره، فهو ضعيف السماع.
قال ابن عَدي في «الكامل» (8/ 391):
لعبد الرَّزَّاق بن همام أصناف وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم، وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأسًا، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد رَوَى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما ذموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير.
فإذا كان الحديث في كتب عبد الرزاق وفيها منكر، قال ابن حجر: فالتبعة فيها على عبد الرزاق، والدبري لا يَتحمل شيئًا من هذا. أفاده الباحث محمد الجمال -حفظه الله-.
أولًا- تنصيص العلماء على توهيم عبد الرزاق.
ثانيًا- أحاديث ليست في «المُصنَّف» ولم تأتِ إلا من طريقه مع نكارة المتن.
ثالثًا- إذا كان الحديث في «المُصنَّف» على الرفع، وفي «الصحيحين» فيه خلاف، كحديث فقء موسى عين مَلَك الموت.
ومن الأمثلة التي أفادني بها الباحث عقب المجلس:
1 -
حديث «البس جديدًا، وعش حميدًا» .
2 -
حديث اختصاره: «لأطوفن الليلة» وقد سبق.
3 -
حديث: «النار جبار» .
4 -
رواة مشهورون بالاختصار
منهم وكيع بن الجراح، كما نَصَّ ابن عبد البر، فقد أخرج إسحاق في «مسنده» رقم (796)
(1)
: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، نَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ.
وخالف وكيعًا جمهور الرواة - عبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى، والقَعنبي، وقُتيبة بن سعيد، والحارث بن مسكين، ومَعْن بن عيسى، وبِشر بن عمر، وعيسى بن يونس، وأبو سلمة الخُزاعي، وأبو مصعب، وإسحاق بن عيسى، وخالد بن حماد الحناط، وعبد الرحمن بن مهدي، ومُطرِّف، وخالد بن مخلد، وأحمد بن حاتم- فقالوا: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا
(2)
.
وتابع مالكًا جمعٌ: عقيل ويونس ومَعمر وعبيد الله، وزياد بن سعد وأبو
(1)
تابع إسحاقَ بن راهويه أبو بكر بن أبي شيبة في «مصنفه» (5110)، وعلي بن ميمون وسهل بن أبي سهل كما عند ابن ماجه (3528).
(2)
قال الإمام مسلم وهو يَذكر الرواة عن ابن شهاب: وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ: (رَجَاءَ بَرَكَتِهَا) إِلَّا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ وَزِيَادٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ.
أويس وسفيان بن عيينة وإسحاق بن راشد. انظر البخاري (6319، 5735، 5751) ومسلمًا (2192) وغيرهما.
وتابع الزهريَّ هشامُ بن عروة كما عند مسلم (2192).
قال الدارقطني في «العلل» (8/ 130): فرواه وكيع بن الجَرَّاح، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَنفث في الرقية. ولم يُتابَع على هذا اللفظ.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (5/ 405): رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ فَاخْتَصَرَهُ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَخْتَصِرُ الْأَحَادِيثَ.
الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد النمر، بتاريخ (12) من المحرم (1445 هـ) الموافق (30/ 7/ 2023 م): اختَصَر وكيع الحديث مخالفًا أصحاب مالك ورواية الجماعة عن مالك، وكذا رواية الجماعة عن الزُّهْري هي الأَولى، والله أعلم.
الكلام في رواية جرير
بن حازم عن يحيى بن أيوب
قال ابن يونس في «تاريخه» (1/ 506) ترجمة يحيى بن أيوب: «حَدَّث عنه الغرباء بأحاديث ليست عند أهل مصر عنه) ثم ذَكَر منهم:
1 -
يحيى بن إسحاق السالحيني
2 -
جرير بن حازم، وذَكَر له حديث:«طُوبَى للشام» وقال: أحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب ليس عند المصريين منها حديث، وهى تُشبِه عندي أن تكون من حديث ابن لَهيعة
(1)
. والله أعلم.
وثَمة أمثلة لهذا:
1 -
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (2246): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ» .
(1)
سبق قول ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 793): مَعقِل بن عُبيد الله الجَزَري ثقة، كان أحمد يُضعِّف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يُشبِه حديثه حديث ابن لَهيعة.
وتابع يحيى بنَ أيوب ابنُ لهيعة، أخرجه أحمد (17451) وغيره.
وتابعهما بالعطف الليث بن سعد وغيره، أخرجه مسلم في «صحيحه» (1414) جاء تفسير (غيره) عند البيهقي بابن لَهيعة.
وتابعهم ابن إسحاق، أخرجه أحمد (17327) وغيره.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ (3) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (23/ 5/ 2023 م) إلى أنه يُصحَّح بمتابعة ابن إسحاق، وللمتن شواهد.
2 -
أخرج الترمذي في «سننه» رقم (3954): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُؤَلِّفُ القُرْآنَ مِنَ الرِّقَاعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«طُوبَى لِلشَّامِ» فَقُلْنَا: لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا»
(1)
وتابع جريرَ بن حازم يحيى بنُ إسحاق عند أحمد (21607).
وتابع يحيى بنَ أيوب ابنُ لَهيعة كما عند أحمد (21606) والطبراني (4934).
(1)
وقال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ» .
وتابعهما عمرو بن الحارث وابن لَهيعة
(1)
كما عند يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (2/ 301).
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ (3) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (23/ 5/ 2023 م) إلى أن علته التي أشار إليها المِزي وابن عبد البر هي تحميل ابن وهب عمرو بن الحارث حديث ابن لهيعة، وكان يتساهل في مثل ذلك كثيرًا
(2)
.
3 -
أخرج أبو داود في «سننه» رقم (334): حَدَّثَنا ابن المُثنَّى، حدَّثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي قال: سمعتُ يحيى بن أيوب يُحدِّث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبير عن عمرو بن العاص قال: احتلمتُ في ليلةٍ باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقتُ أن أغتسل فأهلك، فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصُّبح، فذَكَروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جُنُب؟» فأخبرتُه بالذي مَنَعني من الاغتسالِ، وقلتُ: إني سمعتُ الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. فضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا.
(1)
وعند ابن حبان (7304): قال عمرو بن الحارث وآخَر معه. وعند الطبراني في «المعجم الكبير» (4935) قال: عن عمرو بن الحارث. دون عطف. وفي السند أحمد بن رشدين، ضعيف.
(2)
ومما يشترك في هذه العلة حديث: «عُرِضَتْ عليَّ النار» أخرجه ابن خزيمة (890) وابن حبان (6432).
وعبد الرحمن بن جُبير المصري لم يَسمع من عمرو بن العاص، قاله البيهقي في «الخلافيات» (2/ 480).
وتابع يحيى بنَ أيوب ابنُ لهيعة كما عند أحمد (17812).
وخالفهما عمرو بن الحارث وابن لهيعة كما عند أبي داود (335) وغيره، دون تسمية ابن لهيعة، كابن حبان (1315) فقال: عن يزيد عن عمران عن عبد الرحمن بن جُبير عن أبي قبيس، أن عمرو بن العاص. وخالف في المتن فقال: توضأ وضوءه للصلاة.
قال الحافظ المِزي: كأن ابن وهب حَمَل حديث ابن لهيعة على حديث عمرو بن الحارث.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (11/ 124): ابن وهب يَعطف رواة على بعض، وكان يَتساهل في مثل هذا كثيرًا.
وأَعَل هذا الخبر بالانقطاع الإمام أحمد، كما عند مغلطاي في «شرح ابن ماجه» (2/ 342) وكذلك ابن القطان.
والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي، بتاريخ (3) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (23/ 5/ 2023 م): يراجع قول مَنْ قال: إن ابن وهب كان يَحمِل حديث ابن لهيعة على عمرو بن الحارث.
ترجمة علي بن الجعد بن عُبيد الجوهري
(1)
(وُلد: 133 على قول حنبل بن إسحاق) و (ت: 230)
صاحب «المُسنَد» ، وشيخ البخاري:
المُعدِّل أو المُوثِّق
…
المُجرِّح
وَثَّقه ابن مَعِين وقال: أثبتُ البغداديين في شُعبة، رباني العلم.
وقال خلف بن سالم: سرتُ أنا وأحمد بن حنبل ويحيى بن مَعِين إلى علي بن الجعد، فأَخْرَج إلينا كتبه، وألقاها بين أيدينا وذهب، فظننا أنه يَتخذ لنا طعامًا، فلم نجد في كتابه إلا خطأ واحدًا. فلما فَرَغْنا من الطعام قال: هاتوا. فحَدَّث بكل شيء كتبناه حفظًا.
ونَقَل ابن عَدِي توثيق أحمد ثم قال: وبلغني عن أحمد أنه ضَعَّفه.
ووثقه الدارقطني وصالح جَزَرة.
وقال أبو حاتم: كان متقنًا صدوقًا.
وثقه النَّسَائي تارة فقال: صدوق.
وثَمة أقوال أُخَر .... ذَكَر له العُقيلي طعنًا في ابن عمر والحسن رضي الله عنهما.
لكن في السند أبو غسان، قال الذهبي: لا أعرف له حالًا، وإن كان صدق فلعل عليًّا تاب منها
…
إلخ.
ونَقَل عنه هارون المُستملِي طعنًا في عثمان رضي الله عنه.
ونَقَل عنه دلُّويه أنه أقسم بأن معاوية مات على غير الإسلام.
(1)
هناك علي بن الجعد آخَر.
وضَرَب الإمام أحمد على روايته عنه، كما رآه أبو زُرْعَة.
وقال الذهبي: أَعْرَضَ عنه مسلم لكونه قال: مَنْ قال: «القرآن مخلوق» لم أُعنِّفه.
دَفَع عنه عبدوس تهمة التجهم.
ولما سألتُ شيخنا عن خلاصته في هذه الترجمة التي ناقشها الباحث إبراهيم بن سليمان بن كُريِّم، بتاريخ (15) رمضان (1444 هـ) الموافق (6/ 4/ 2023 م).
قال: ما تكلموا في حفظه، إنما في مُعتقَده من ناحيتين:
أ-التشيع.
ب-خَلْق القرآن أو التجهم؛ لأنه لا يُنكِر على مَنْ قال بخلق القرآن. اه.
التفرقة بين (حفص بن عمر) و (عمر بن حفص)
حفص بن عمر
…
عمر بن حفص
اسمه: حفص بن عمر بن الحارث بن سَخْبَرة، الأزدي النَّمَري، أبو عمر، الحوضي البصري.
أخرج له: (البخاري - أبو داود - النَّسَائي) .... اسمه: عمر بن حفص بن غِيَاث بن طَلْق بن معاوية النَّخَعي، أبو حفص الكوفي.
أخرج له: (البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النَّسَائي).
قال الإمام أحمد: ثبت ثبت متقن لا يؤخذ عليه حرف واحد.
وقال على ابن المدينى: اجتمع أهل البصرة على عدالة أبى عمر الحوضى، وعبد الله بن رجاء.
وقال أبوحاتم: صدوق، متقن، وهو أعرابى فصيح.
وقال ابن حجر: عِيب بأخذ الأجرة على التحديث .... قال أبو حاتم: ثقة. قال العِجْلي، وأبو زُرْعَة: ثقة.
وقال ابن شاهين في «الثقات» : قال أحمد: صدوق.
وذَكَره ابن حِبان في كتاب «الثقات» وقال: ربما أخطأ.
مَيَّز شيخنا بين الراويين بالحرف الأول من الاسم مع الحرف الأول مع الجَد، فالحاء مع (الحارث) والغين مع (غِيَاث)، بتاريخ ليلة الخميس (17) شعبان (1444 هـ) الموافق (9/ 3/ 2023 م) في مجلس البخاري.
تفرقة بين جماعة تتشابه أسماؤهم في التفسير
السُّدي الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن
…
السُّدي الصغير محمد بن مروان
مُقاتِل بن حيان النَّبْطِيُّ
(ت قبيل 150)
…
مُقاتِل بن سليمان البَلْخي
وكَتَب شيخنا معي على ترجمة السُّدي الكبير، بتاريخ الخميس (26) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (15/ 6/ 2023 م):
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما عن السُّدي فبالنظر إلى ترجمته - أعني السُّدي الكبير-يَظهر لي - والله أعلم-أنه يُحسَّن حديثه ما لم يُستنكَر عليه؛ جمعًا بين أقوال الأئمة. والله أعلم.
أخبار مروان بن الحكم الأموي بين الرد والقبول
حُجة مَنْ رَد أخباره
…
حُجة مَنْ قَبِلها
1 -
أنه قَتَل طلحة بن عبيد الله، أحد العَشَرة المُبشَّرين بالجنة
(1)
.
وقد قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (2/ 766): ولا يَختلف العلماء الثقات أنه قَتَل طلحة.
وبهذه العلة رَدَّ ابن حبان خبر بُسْرة، فقال في «صحيحه» (3/ 397): عَائِذٌ بِاللَّهِ أَنْ نَحْتَجَّ بِخَبَرٍ رَوَاهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَذَوُوهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِنَا؛ لَأَنَّا لَا نَسْتَحِلُّ الِاحْتِجَاجَ بِغَيْرِ الصَّحِيحِ مِنْ سَائِرِ الْأَخْبَارِ، وَإِنْ وَافَقَ ذَلِكَ مَذْهَبَنَا، وَلَا نَعْتَمِدُ مِنَ الْمَذَاهِبِ إِلَّا عَلَى الْمُنْتَزَعِ مِنَ الْآثَارِ، وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ قَوْلَ أَئِمَّتِنَا
(2)
.... 1 - أنه كان في قتل طلحة رضي الله عنه متأولًا.
قاله ابن حجر نقلًا عن الإسماعيلي وغيره في «هدي الساري» (1/ 443).
وقال ابن تيمية في «منهاج السُّنة» (6/ 269): وأما الفتنة فأصابت مَنْ هو أفضل من مَرْوان، ولم يكن مَرْوان ممن يحاد الله ورسوله.
وقال المُعلِّمي اليماني في «الأنوار الكاشفة» (ص/ 281): «
…
فلعل البخاري لم يَثبت عنده ما يَقطع بأن مَرْوان ارتكب ما يُخِل بها غير مُتأوِّل
…
».
(1)
وانظر «ديوان السُّنة - موسوعة الطهارة» (19/ 7).
(2)
وهناك إشارة في كلام النَّسائي وابن مَعين وابن خزيمة بِرَدّ رواية مَرْوان للطعن فيه.
ونَصُّ النسائي كما في «موسوعة الطهارة» (19/ 8): قال ابن شراحيل: سألتُ النسائي: ما الذي تأخذ به في مس الذَّكَر؟ فقال: تَرْك الوضوء، وحديث قيس بن طَلْق عن أبيه أَحَبُّ إليَّ. قلتُ له: وقيسٌ تقوم به حجة؟ قال: لا، ولكنه خير من الشيخ الذي قَتَلَ طلحة بن عبيد الله -يعني مَرْوانَ بن الحَكَم- قَتَله يوم الجمل. (أطراف الموطأ للداني 4/ 281).
2 -
شَهَر السيف في طلب الخلافة. قاله الإسماعيلي كما نقله ابن حجر في «هدي الساري» (1/ 443) و «تهذيب التهذيب» (10/ 91): ثم وثب على الخلافة بالسيف .... 2 - أن الرواية حُملت عنه قبل فتنة ابن الزبير، أيام كان واليًا على المدينة في خلافة معاوية رضي الله عنه.
قال بذلك ابن حزم في الكلام على حديث بُسْرة رضي الله عنها، في مَسّ الذَّكَر، في «المحلى» (2/ 243): قال علي: مَرْوان ما نعلم له جرحة قبل خروجه على أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير
رضي الله عنهما، ولم يَلْقَه عروة قط إلا قبل خروجه على أخيه لا بعد خروجه، هذا ما لا شك فيه.
3 -
أنه صادق في الحديث، ولا يُعرَف له كذب فيه.
ويدل على ذلك أمران:
أ-قول عروة بن الزبير: ولا إخاله يُتهم علينا.
ب-أنه روى حديثًا في فضل الزبير رضي الله عنه، مع عداوته للزبيريين.
ج- رواية سهل بن سعد رضي الله عنه عنه في البخاري (4592، 2832).
5 -
لو ثَبَتت صحبته لم يُعوَّل على الطاعنين فيه، وقد اختَلف العلماء في رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم، مع اتفاقهم على أنه لم يَسمع منه صلى الله عليه وسلم وأنه كان صغيرًا.
قال الذهبي: قيل: له رؤية، وذلك محتمل
(1)
.
وقال ابن حجر في «الإصابة» (10/ 389): لم أَرَ مَنْ جَزَم بصحبته، فكأنه لم يكن حينئذٍ مُمَيِّزًا، ومِن بعد الفتح أُخْرِجَ أبوه إلى الطائف وهو معه، فلم يَثبت له أزيد من الرؤية.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث إسماعيل بن عرفة، بتاريخ الثلاثاء (2) رجب (1444 هـ) الموافق (24/ 1/ 2023 م) إلى أن محل النزاع في ترجمة مَرْوان بحث حديث (لَعْن الحَكَم وما وَلَد) وإن كان صححه الشيخ مقبل في عدد من المواطن خارج «الصحيحين» .
(1)
«سِيَر أعلام النبلاء» (3/ 476).
مرويات مَرْوان بن الحَكَم
في «صحيح البخاري»
الأول: ما أخرجه البخاري، رقم (764): حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟
وتابع أبا عاصم خالد بن الحارث، كما عند النسائي (990)، وعبدُ الرزاق كما في «المصنف» (2691)، ومحمد بن جعفر، أخرجه أحمد (21641).
وتابع ابنَ أبي مُليكة عبدُ الرحمن بن أبي الزناد، أخرجه أحمد (21633).
خالفهما- ابنَ أبي مُليكة وعبدَ الرحمن- أبو الأسود، فأسقط مَرْوان، أخرجه النسائي (989)، وهذا منقطع لعدم سماع عروة من زيد رضي الله عنه، وروايتهما أرجح.
وخالفهم هشام بن عروة فقال: عن أبيه، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، أَوْ أَبَا أَيُّوبَ، قَالَ لِمَرْوَانَ: أَلَمْ أَرَكَ قَصَّرْتَ سَجْدَتَيِ الْمَغْرِبِ؟ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِيهَا بِالْأَعْرَافِ. أخرجه أحمد (22010، 23544) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (3591) وابن خزيمة (517).
وخالفهم شعيب بن أبي حمزة، فقال: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. وفيه:
«فَرَّقها في ركعتين» ، أخرجه النسائي (1063).
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (484): هذا خطأ، إنما هو عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والخلاصة: أن طريق ابن أبي مُليكة بمتابعة عبد الرحمن بن أبي الزناد أرجح لديَّ، واختاره البخاري في «صحيحه» .
وسُئل عنه في «العلل الكبير» (ص: 73) فقال: الصحيح عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب- أو: زيد بن ثابت-. هِشام بن عروة يَشك في هذا الحديث، وصحح هذا الحديث عن زيد بن ثابت.
رواه ابن أبي مُليكة، عن عروة، عن مَرْوان بن الحَكَم، عن زيد بن ثابت.
وانتهى شيخنا مع الباحث حمدي بن سليم، بتاريخ (26) ربيع الآخِر (1444 هـ) الموافق (20/ 11/ 2022 م) إلى إعلاله بمَرْوان بن الحكم
(1)
إن
(1)
رَوَى له البخاري مقرونًا بالمِسْوَر بن مَخرمة حديث صلح الحُديبية، ولم يَسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، ورَوَى له الجماعة إلا مسلمًا.
تنبيه:
ورد ذكره في «صحيح مسلم» (1361) في الرد عليه، وإليك النص: عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ خَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ: مَا لِي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ تَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ، إِنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ.
وكذلك في «صحيح مسلم» (1610) في الفصل بين أَرْوَى بنت أُوَيْس، وسعيد بن زيد، أحد العَشَرة المُبشَّرين رضي الله عنه، وأنها ادَّعَتْ على سعيد بن زيد أنه أَخَذ شيئًا من أرضها.
وأيضًا في «صحيح مسلم» رقم (4951) رَدَّ عبد الله بن عمرو عليه تحديثه أن أول الآيات خروجًا الدجال.
وما سبق وغيره ليس مَرْوان بن الحَكَم رحمه الله فيه من رجال الإسناد عند مسلم.
أشار إلى وجود مَرْوان في «صحيح مسلم» الباحث سمير بن قريش -حفظه الله-.
ثَبَت في السند، والانقطاع إن رجح طريق أبي الأسود.
الحديث الثاني: ما أخرجه البخاري رقم (2677): حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ جَالِسًا فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخبَرَنا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيَّ:{لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} قَالَ: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
وتابع عبدَ العزيز بن عبد الله:
1 -
إسماعيل بن عبد الله، أخرجه البخاري (4592).
2 -
يعقوب بن إبراهيم، أخرجه الترمذي (3033) وقال: حسن صحيح.
وتابع صالحَ بن كيسان عبدُ الرحمن بن إسحاق، أخرجه النسائي (3099).
وقال الترمذي: رَوَى غير واحد عن الزهري عن سهل بن سعد.
وخالفهم مَعمر بن راشد فقال: عن ابن شهاب عن قَبيصة بن ذُؤيب عن زيد بن ثابت رضي الله عنه
(1)
، أخرجه أحمد (21601)، وابن حبان (4713)، والترمذي (3033) معلقًا.
ورواية هؤلاء عن الزهري أسند وأرجح لديَّ من رواية مَعمر ومَن تابعه من الشاميين. قاله أبو حاتم كما في «علله» (970) ورجحه قائلًا: ومَعمر كان ألزم للزهري. اه.
ووجهة الجمع أن يقال بتعدد مشايخ الزهري.
أما شيخنا في مناقشته معي بتاريخ (29) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (22/ 1/ 2023 م) فمال إلى رواية صالح ومَن تابعه، لكن علته لديه مَرْوان، وكلامُ الترمذي يفيد علة أخرى وهي الإرسال، حيث قال: ورواه سهل بن سعد عن مَرْوان. ومَرْوان لم يَسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو من التابعين.
لكن الحديث ثابت من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، متفق عليه.
أخرجه البخاري (4594): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا فُلَانًا» فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ، أَوِ الكَتِفُ، فَقَالَ:«اكْتُبْ: {لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}» وَخَلْفَ
(1)
ورواه خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت، لكن من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف، أخرجه أبو داود (2507).
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا ضَرِيرٌ. فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا:{لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} .
وتابع إسرائيلَ شعبةُ، أخرجه البخاري (2831) ومسلم (141)، وتابعهما مِسعر، أخرجه مسلم (142).
قال ابن الوزير في «العواصم والقواصم» (3/ 251): وبالجملة، فلم يَرْوِ مروانُ إلا عن عليّ، وعثمانَ، وزيدِ بن ثابت، وأبي هريرة، وبُسْرة، وعبدِ الرحمن بن الأسود، وقد ذكرتُ جميعَ ما رَوَى عنهم.
وقال أيضًا وهو يُعدِّد مرويات مَرْوان في «العواصم» (3/ 249):
ومنها: أثر موقوف عن عثمان في فضل الزبير، وهذا لا بأس به؛ لأنهم يتسامحون في أحاديث الفضائل.
تنبيه:
وقد تابع عبدَ الرحمن بن إسحاق صالحُ بن كيسان على هذه الرواية.
تنبيه ثانٍ: مَرْوان بن الحَكَم لم يُضعِّفه أحدٌ في النقل، بل له عدد من الأخبار في «صحيح البخاري» إضافة إلى هذا:
1 -
في التفسير رقم (2832) من طريق ابن شهاب قال: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيْهِ:{لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ.
وَكَانَ أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ} .
استدراك
• سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 34) زيادة: «لا مالك إلا الله» في حديث: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ - رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ» وأن ابن أبي شيبة شذ بها مخالفًا تسعة من الرواة، وأن رواية:«لا ملك إلا الله» من طرق:
1 -
مَعمر عن همام عن أبي هريرة.
2 -
عوف بن أبي جميلة عن خلاس عن أبي هريرة.
3، 4 - ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:«أنا الملك، أين ملوك الأرض؟» أخرجه البخاري (6154) ومسلم (787).
وتابعه أبو سلمة كما عند البخاري (4534).
وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (27) شوال (1444 هـ) الموافق (17/ 5/ 2023 م):
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الأكثرين عن سفيان بدون لفظ «لا مالك إلا الله» لكن ثَمة طرق أُخَر
صحت الأسانيد إلى أبي هريرة بها
(1)
.
لكن يَبقى النظر هل أدرجها أبو هريرة لعدم وجودها في طرق أُخَر عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وعلى أية حال فالمعنى لا اختلاف فيه. والله أعلم.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 82) ما أخرجه أبو داود في «سُننه» رقم (4955): حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ يَزِيدَ - يَعْنِي ابْنَ الْمِقْدَامِ - ابْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ، أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْمِهِ، سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ؟» .
فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ، أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ، فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟» قَالَ: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ. قَالَ:«فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قُلْتُ: شُرَيْحٌ. قَالَ: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» .
وأن إسناده صحيح، وسقط (المِقدام) عند النَّسَائي، والجماعة بإثباته.
وعُرِض مرة أخرى بتاريخ الاثنين (19) صفر (1440 هـ) الموافق (29/ 10/ 2018 م) فكانت الخلاصة: رواه ثلاثة عن المِقدام عن شُريح عن أبيه هانئ به.
(1)
بل بلفظ: «لا مَلِك إلا الله» .
أ - يزيد بن المِقدام - وهو حسن الحديث - أخرجه النَّسَائي (5387).
ب - قيس بن الربيع- وهو يَصلح في الشواهد - أخرجه ابن سعد والطبراني في «المعجم الكبير» (464)
ت -شَريك - وهو ضعيف - أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (465).
ثم عرضه الباحث: محمد بن أشرف بتاريخ (16) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (30/ 11/ 2023 م): فكتب على طريق يزيد: إسناده حسن.
ثم قال اكتب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
هذه الحديث تعتريه أمور:
1 -
صحابيه ليس له إلا هذا الحديث
(1)
.
(1)
بل له حديث آخر أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25332) - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ شُرَيْحٍ، عَنْ جَدِّهِ هَانِئِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ، يُوجِبُ لِيَ الْجَنَّةَ، قَالَ:«عَلَيْكَ بِحُسْنِ الْكَلَامِ، وَبَذْلِ الطَّعَامِ» .
وقال الحاكم في «مستدركه» رقم (61) عقبه:
هَذَا حَدِيثٌ مُسْتَقِيمٌ، وَلَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَالْعِلَّةُ عِنْدَهُمَا فِيهِ أَنَّ هَانِئَ بْنَ يَزِيدَ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرُ ابْنِهِ شُرَيْحٍ، وَقَدْ قَدَّمْتُ الشَّرْطَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْمَعْرُوفَ إِذَا لَمْ نَجِدْ لَهُ رَاوِيًا غَيْرَ تَابِعِيٍّ وَاحِدٍ مَعْرُوفٍ احْتَجَجْنَا بِهِ، وَصَحَّحْنَا حَدِيثَهُ، إِذْ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا جَمِيعًا، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ قَدِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ مِرْدَاسٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ» .
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ قَيْسٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ» .
وَلَيْسَ لَهُمَا رَاوٍ غَيْرُ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَكَذَلِكَ مُسْلِمٌ قَدِ احْتَجَّ بِأَحَادِيثِ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ وَأَحَادِيثِ مَجْزَأةَ بْنِ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، فَيَلْزَمُهُمَا جَمِيعًا عَلَى شَرْطِهِمَا الاِحْتِجَاجُ بِحَدِيثِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، فَإِنَّ الْمِقْدَامَ وَأَبَاهُ شُرَيْحَ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ.
2 -
لم يرو عنه إلا ابنه
(1)
.
3 -
اختلف في وصله وإرساله
(2)
.
تنبيه: قلت أبو أويس أنا على الحكم السابق من صحة الإسناد بالطرق الثلاثة عن يزيد.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 108): وبَهْز بن أسد مِنْ أثبت الناس
في بَهْز.
(1)
يعنى إلا هذا الحديث وإلا ففي «جوامع الكلم» ثلاثة آخرون وهم: مسلم أبو رياح ورباط بن عبد الحميد الحنفي والمقدام بن شريح الحارثي.
(2)
بل الصواب الوصل لأمرين:
الأول: لا ندري حال من حدث عبيد الله بن أحمد فما فوقه إلى يونس فقد أورد المرسل ابن الأثير في «أسد الغابة» (5/ 165): أخبرنا عبيد الله بن أحمد البغدادي بإسناده عن يونس بن بكير، عن قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه قال: قدم هانئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني الحارث ابن كعب، وكان يكنى أبا الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«إن الله هو الحكم وإليه لحكم، فلم تكنى بأبي الحكم»
…
الحديث.
الثاني: على فرض ثبوت السند إلى شريح فربما قصر فأرسل والأولى أن التقصير ممن دونه لنزول السند وكثرة الوسائط فابن الأثير توفي سنة (630).
وصوابه (في حماد بن سلمة) بدل (في بهز) أفاده الباحث تامر بن إسماعيل، بتاريخ (3) صفر (1445 هـ) الموافق (19/ 8/ 2023 م).
• سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 216): «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ» .
اختُلف فيه على عمرو بن أبي عمرو: فتارة عن عاصم بن قتادة، وأخرى بإسقاطه، وهو الصواب؛ لأنه من رواية إسماعيل بن جعفر ويزيد بن الهاد.
ثم بَحَثه الباحث سامح الخليفي، بتاريخ (17) من المحرم (1445 هـ) الموافق (4/ 8/ 2023 م): فتبين أن إسماعيل بن جعفر كما في «مسنده» (384) قال: حدثنا عمرو عن عاصم عن محمود عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإثبات عاصم لا بإسقاطه.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 355) ما أخرجه أبو داود في «سُننه» رقم (2503): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَقَرَأْتُهُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْجُرْجُسِيِّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ
(1)
، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ؛ أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ» .
قَالَ: يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِي حَدِيثِهِ: «قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
تابع عمرو بن عثمان ويزيد أربعة -دحيم أخرجه ابن أبي عاصم في
(1)
تابع الوليد بن مسلم مسلمة بن علي وهو متروك أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (2/ 41).
«الجهاد» (1/ 312) وهشام بن عمار أخرجه ابن ماجه (2762)، والحكم بن المبارك أخرجه الدارمي في «سننه» (2462)، وعلي بن سهل أخرجه الروياني في «مسنده» (1201) وعنده تصريح الوليد بالسماع في كل طبقات السند
(1)
هكذا:
نَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ الْوَلِيدُ: وَمَرَّ بِي يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ: إِنَّا قَدْ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَهَلْ مِنْ قَوْسٍ نَتَمَتَّعُ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
هذا السند وإن كان ظاهره الصحة إلا أنه روي عن الوليد بن مسلم من روايتي عمرو بن عثمان كما عند ابن أبي عاصم في «الجهاد» (1/ 310) ودحيم كما في «مسند الشاميين» (2/ 42) والسياق لابن أبي عاصم هكذا: - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يُحَدِّثُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وخالف الوليد بن مسلم عثمان الطرائفي فسمى شيخ عبد الله بن العلاء ب (يونس بن ميسرة) وجعله موقوفًا ذكره الدارقطني في «علله» رقم (2138).
(1)
وغالب الطرق فيها تصريح الوليد من شيخه يحيى بن الحارث.
ورواه مكحول عن أبي هريرة مرفوعًا ولم يسمع منه قاله الحافظ المزي والسند إليه ضعيف. أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» (2/ 339) والطبراني في «مسند الشاميين» (1/ 170).
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث أحمد بن رمضان بن عرفة الجيزاوي بتاريخ (15) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (29/ 11/ 2023 م):
1 -
في السند القاسم عن أبي أمامة وله مفاريد وغرابات عن أبي أمامة.
2 -
في السند الوليد بن مسلم وإن صرح بالسماع عن شيخه ولكنه يسوّي وقد عنعن بعد شيخه في كل الطرق إلا طريق الروياني.
3 -
والمتن به بعض الغرابات.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (1/ 463) حديث: «يُنْضَحُ بَوْلُ الغُلَامِ، وَيُغْسَلُ بَوْلُ الجَارِيَةِ» وأن إسناده حسن.
ثم كَتَب مع الباحث محمد الغَنَّامي، بتاريخ الأحد (6) شعبان (1444 هـ) الموافق (26/ 2/ 2023 م): تُنظَر شواهده، ولم نقف على إسناد شعبة. اه.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 67) حديث: «قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَوَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ» وأنه مُعَل، وطَلَب شيخنا من ابنه يحيى مراجعة طريق الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح بدقة.
ثم بَحَث الخبر الباحث طارق بن جمال البيلي، بتاريخ الثلاثاء (2) رجب (1444 هـ) الموافق (24/ 1/ 2023 م) فكتب: الصواب في هذا الحديث أن هناك واسطة بين الأوزاعي وعطاء، وهي على التحرير رجل مبهم.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 136) ضعف حديث أنس رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ» .
وله طريقان آخران معلان:
الأول: ما أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (2817): حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَهُ إِلَى الْحَرَمِ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: أَلَا تَنْزِلُوا نُصَلِّي؟ فَقُلْتُ: لَوْ تَقَدَّمْتَ إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ. فَقَالَ: أَيُّ مَسْجِدٍ؟ قِيلَ: مَسْجِدُ بَنِي فُلَانٍ. فَفَزِعَ وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «يَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ بِالْمَسَاجِدِ وَلَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا» .
وتابع يونسَ بن بكير سعيدُ بن عامر، أخرجه ابن خزيمة (1321).
وأبو عامر الخزاز مُختلَف فيه، ويُحسَّن له، إلا أن أيوب السَّختياني خالف في الأصوب عنه سندًا ومتنًا فيما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3146): حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَبْنونَ الْمَسَاجِدَ، يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، وَلَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا.
خالف ابنَ علية حمادُ بن سلمة، أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (449): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ» .
ورواية ابن علية في أيوب أرجح لأمرين:
1 -
كَوْنه أثبت في أيوب، فقد قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 700): قال البرديجي: ابن علية أثبت مَنْ روى عن أيوب، وقال بعضهم: حماد بن زيد.
2 -
الكلام في رواية حماد بن سلمة في أيوب، قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (1/ 414) في ترجمة حماد بن سلمة: إنه مِنْ أثبت الناس في بعض شيوخه الذين لزمهم، كثابت البُناني، وعلي بن زيد، ويَضطرب في بعضهم الذين لم يُكثِر ملازمتهم، كقتادة وأيوب وغيرهما.
3 -
القول بأن (حدثني رجل) يُحمَل على (أبي قلابة) هذا يقال إذا كان متن ابن علية وهو أسلم سند لهذا الخبر مرفوعًا، لكن قال:«كَانَ يُقَالُ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَبْنُونَ الْمَسَاجِدَ، يَتَبَاهَوْنَ بِهَا وَلَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا» .
وقد سلك شيخنا هذا المسلك مع الباحث محمود الباز، بتاريخ (24) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (9/ 10/ 2023 م) لكن عند مناقشتي للباحث تبين ما سبق، فالنتيجة زادت تأكيدًا للنتيجة السابقة، وهي ضعف الخبر.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 153) حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ إِبِلٍ فَقَالَ: «تَوَضَّئُوا مِنْهَا» . قَالَ: وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، فَقَالَ:«لَا تُصَلُّوا فِيهَا، فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ» . وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، فَقَالَ:«صَلُّوا فِيهَا، فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ» أن سنده صحيح لدي أما شيخنا فتوقف في عبد الله بن عبد الله الرازي هل هما اثنان أو لا؟.
ثم انتهى مع الباحث: عاصم بن محمود القليعي الرفاعي بتاريخ (12) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (26/ 11/ 2023 م): فقال احكم على السند وعبد الله بن عبد الله الرازي نقبل حديثه ما لم ينتقد.
والمتن به ما يقلق أنه تضمن النهي عن الصلاة في مبارك الإبل وهذه معارضه وهل كلام البزار يتألق أو لا هذا هو الوجه عندنا.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 153): وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، فَقَالَ:«صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ» وأن إسناده صحيح.
ثم طَلَب شيخنا من الباحث: أحمد بن شفيق، بتاريخ الأحد (6) شعبان (1444 هـ) الموافق (26/ 2/ 2023 م) تحرير لفظ:«فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ» .
• سَبَق في «سلسلة الفوائد» (2/ 307) حديث الدندنة وأنه مُعَل، لكن له شاهدان:
أحدهما: من حديث سُليم الأنصاري رضي الله عنه، أخرجه أحمد.
والثاني: زيادة في قصة معاذ من مَخرج متسع عند أبي داود (673)، وسندها صحيح.
وانتهى شيخنا مع الباحث محمد بن صلاح المنياوي، بتاريخ (1) رمضان (1444 هـ) الموافق (23/ 3/ 2023 م) إلى صحته لشواهده.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 427) حديث: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ» قَالَ قَتَادَةُ: وَ {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] وأن الآية مُدرَجة.
ثم ناقشه الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (17) ذي القعدة (1444 هـ) الموافق (6/ 6/ 2023 م) مع شيخنا، فكتب: لا ارتياب في صحة ومعنى «مَنْ نام عن صلاة أو نسيها، فليُصلِّها إذا ذَكَرها» .
وكَتَب عن رواية همام عن قتادة المتفق عليها: «لا كفارة لها إلا ذلك» : رَاجِع لها المُدرَج. اه.
وقال عن رواية شعبة عن قتادة، كما عند أحمد (14007):«مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَإِنَّ كَفَّارَتَهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» : لعل شعبة رواها بالمعنى.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 53) حديث حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دَعَاكَ الدَّاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا؛ فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا، فَإِنْ جَاآ جَمِيعًا فَأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ» .
ثم عرضه الباحث: إبراهيم بن عبد الرحمن بتاريخ (23) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (7/ 11/ 2023 م) مع شيخنا فقال يتحفظ على أبي خالد الدلاني لأنه كثير الخطأ، وأداة التحمل بين حميد والرجل وهي بالعنعنة. ثم طلب مزيد بحث.
• سبق ما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2096) حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا: «اسْتَكْثِرُوا، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ»
(1)
.
(1)
شبهه بالراكب في قلة المشقة قاله ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 309).
وقول ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 793): مَعقِل بن عُبيد الله الجَزَري ثقة، كان أحمد يُضعِّف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يُشْبِه حديثه حديث ابن لَهيعة.
ثم عرضه الباحث: سيد بن عبد العزيز بتاريخ (23) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (7/ 11/ 2023 م) فأعله بعلة أخرى وهي ردّه إلى رواية أخرى عن جابر رضي الله عنه في «صحيح مسلم» رقم (2099) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ، أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ» .
• سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 54) ما أخرجه ما أخرجه النَّسَائي (5351): حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: صَنَعْتُ طَعَامًا، فَدَعَوْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ، فَدَخَلَ فَرَأَى سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَخَرَجَ وَقَالَ:«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ» .
وأن إسناده صحيح لدي وطلب شيخنا سماع ابن المسيب من علي رضي الله عنه.
ثم بحثه الباحث: إبراهيم بن عبد الرحمن بتاريخ (13) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (28/ 10/ 2023 م: فكتب شيخنا معه: وكيع أثبت من المذكورين
(1)
فاحكم على السند.
(1)
هما على الإرسال:
1 -
روح بن عبادة كما في «حلية الأولياء»
1 -
معاذ بن هشام كما عند أبي يعلى (556)
تنبيه: اختلف في إسناد هذا الخبر على الوصل والإرسال فوصله وكيع وخالفه أصحاب هشام فأرسلوه ووقف الباحث على اثنين منهما معاذ بن هشام كما عند أبي يعلى (556) وروح بن عبادة كما في «حلية الأولياء» .
وقال الدارقطني أسنده وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد عن علي رضي الله عنه وخالفه أصحاب هشام فرووه مرسلا وهو أصوب.
وقال البزار في «مسنده» (2/ 157): وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ إِسْنَادٍ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فِي ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَصَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، إِلاَّ وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، وَعَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، إِذْ كَانَ إِسْنَادُهُ صَحِيحًا.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 55) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَفِينَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا ضَافَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَصَنَعُوا لَهُ طَعَامًا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: لَوْ دَعْونَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَنَا. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَجَاءَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، فَإِذَا قِرَامٌ قَدْ ضُرِبَ بِهِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ: اتْبَعْهُ، فَقُلْ لَهُ: مَا رَجَعَكَ؟ فَتَبِعَهُ، فَقَالَ: مَا رَجَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ لِي - أَوْ: لَيْسَ لِنَبِيٍّ - أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا» .
ثم بحثه الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن فمال لتحسينه لأن له شاهدًا
يبحث ثم كتب مع الباحث بتاريخ (7) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (23/ 10/ 2023 م) على ترجمة سعيد بن جمهان: الغريب من حديثه يتقى والموافق لعمومات الشريعة يقبل. جمعًا بين الأقوال
(1)
. والله أعلم.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 136): «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ، وَمَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِئٍ زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» وأن شيخنا كَتَب: حسنٌ. ثم عَرَضه الباحث محمود بن صبحي بن نمر المنياوي، بتاريخ (22) صفر (1445 هـ) الموافق (7/ 9/ 2023 م) فكَتَب: سند صحيح.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 327): «عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيَاضِ، فَيَلْبَسُهُ أَحْيَاؤكُمْ» ، وَقَالَ رَوْحٌ:«فَلْيَلْبَسْهُ أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ؛ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ»
ثم عَرَضه الباحث أحمد بن عبد الباسط الفيومي، فكَتَب شيخنا بتاريخ (16) رجب (1444 هـ) الموافق (7/ 2/ 2023 م) بعد انتهاء معرض الكتاب: الصواب المنقطع. والله أعلم.
وهل سَمِع أبو قِلابة من سَمُرة؟
هل رَوَى أحد أصحاب «الصحيحين» شيئًا لأبي قلابة عن سمرة.
ثم انتهى في النظرة الإجمالية إلى حديث سمرة وابن عباس وابن عمر، فقال اكتب: كل طرقه فيها مقال.
(1)
أي في ترجمة الراوي.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 193) حديث أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» أنه عند مسلم رقم (2956) من طريق عبد العزيز الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
وتابع الدراودي جمهور الرواة: عبد الرحمن بن إبراهيم وزهير بن محمد، كلاهما عند أحمد (9055، 10288) وعبد العزيز بن أبي حازم، كما عند ابن ماجه (4113)، وعبد الرحمن بن محمد، كما عند أبي يعلى (6465) وحفص والثوري ورَوح بن القاسم ومالك بن أنس وسليمان بن بلال ووَجْه عن شعبة وآخَر بالوقف
(1)
.
والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمود بن إبراهيم الشرقاوي
(2)
بتاريخ (22) صفر (1445 هـ) الموافق (7/ 9/ 2023 م) إلى صحته وأن الوقف غير مؤثر.
• سبقت قصة هند في إلاكتها -مضغها- كبد حمزة رضي الله في «سلسلة الفوائد» (5/ 483) وأن شيخنا انتهى إلى تصحيحها بشواهدها ثم طلبها مني لما ذكر له في قناة صفا أن القصة ضعيفة فأوردت له:
1 -
قول ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (39547): حَدَّثنا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخبرَنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ
(1)
حَكَى الخلاف في الرفع والوقف الدارقطني في «علله» (1602).
(2)
وُلد بتاريخ (13/ 8/ 2002 م) بقرية منشية الشاذلي التابعة لمركز قلين، في الفرقة الثالثة بكلية الهندسة بكفر الشيخ. وهذا هو الحديث الثاني في العرض على شيخنا، حَفِظهما الله.
النِّسَاءَ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ، يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى الْمُشْرِكِينَ، فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ لَرَجَوْتُ أَنْ أَبَرَّ، أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ:{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: 152]
…
وفيه: قَالَ: فَنَظَرُوا، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَهُ فَلَاكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَكَلَتْ مِنْهُ شَيْئًا؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «مَا كَانَ اللهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ» .
وخالف حمادا ابن عيينة وأبو الأحوص فأرسلاه ولم يذكرا وجه الشاهد.
والشعبي لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه قاله أبو حاتم.
وكتب رواية حماد عن عطاء عندي قبل الاختلاط.
2 -
مرسل صالح بن كيسان وهو ثقة من الرابعة كما في «السيرة» (516) لابن إسحاق.
3 -
مرسل ابن سيرين أخرجه ابن سعد في «الطبقات» رقم (2785) - أَخبَرنا هَوذَةُ بن خَليفَةَ، قالَ: أَخبَرنا عَوفٌ، عَنْ مُحَمدٍ، قالَ: بَلَغَني أَنَّ هندَ بِنتَ عُتبَةَ بن رَبيعَةَ جاءَت في الأَحزاب يَومَ أُحُدٍ، وكانَت قَدْ نَذَرَت لَئِنْ قَدَرَت عَلَى حَمزَةَ بن عَبد المُطَّلِب لَتَأكُلَنَّ مِنْ كَبِدِه، قالَ: فَلَمّا كانَ حَيثُ أُصيبَ حَمزَةُ ومَثَّلوا بِالقَتلَى، وجاءوا بِحُزَّةٍ مِنْ كَبِد حَمزَةَ، فَأَخَذَتها تَمضُغُها لِتَأكُلَها، فَلَم تَستَطِع أَنْ تَبتَلِعَها فَلَفَظَتها، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النّار أَنْ تَذوقَ مِنْ لَحم حَمزَةَ شَيئًا أَبَدًا، ثُمَّ قالَ مُحَمدٌ: وهَذِه شَديدَةٌ عَلَى هندٍ المِسكينَةِ.
4 -
مرسل عروة أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة للبيهقي محققا (3/ 282).
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: "وَنَادَاهُمْ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ ارْتَحَلُوا:
إِنَّ مَوْعِدَكُمْ مَوْسِمُ بَدْرٍ، وَكَانَ يَقُومُ فِي بَدْرٍ كُلَّ عَامٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«قُولُوا نَعَمْ» ، فَقَالُوا نَعَمْ قَدْ فَعَلْنَا، وَنَادَوْا أَبَا سُفْيَانَ بذلك، قال عروة: وانكفؤا- يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ- إِلَى أَثْقَالِهِمْ ولَا يَدْرِي الْمُسْلِمُونَ مَا يُرِيدُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«إِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ رَكِبُوا وَجَعَلُوا الْأَثْقَالَ تَتْبَعُ آثَارَ الْخَيْلِ فَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوا مِنَ الْبُيوتِ وَالْآطَامِ الَّتِي فيها الدراري وَالنِّسَاءُ، وَأُقْسِمُ لَئِنْ فَعَلُوا لَأُوَاقِعَنَّهُمْ فِي جَوْفِهَا» ، فَلَمَّا أَدْبَرُوا بَعَثَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي آثَارِهِمْ، وَقَالَ: اعْلَمْ لَنَا أَمْرَهُمْ، فَانْطَلَقَ سَعْدٌ يَسْعَى، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ خَيْلَهُمْ تَضْرِبُ بِأَذْنَابِهَا مَجْنُونَةً مُدْبِرَةً، وَرَأَيْتُ الْقَوْمَ قَدْ تَحَمَّلُوا عَلَى الْأَثْقَالِ سَائِرِينَ، فَطَابَتْ أَنْفُسُهُمْ لِذَهَابِ الْعَدُوِّ، وَانْتَشَرُوا يَبْتَغُونَ قَتْلَاهُمْ، فَلَمْ يَجِدُوا قَتِيلًا إِلَّا قَدْ مَثَّلُوا بِهِ، غَيْرَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ كَانَ أَبُوهُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَتُرِكَ لَهُ، وَوَجَدُوا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَاحْتُمِلَتْ كَبِدُهُ حَمَلَهَا وَحْشِيٌّ، وَهُوَ قَتَلَهُ وَشَقَّ بَطْنَهُ، فَذَهَبَ بِكَبِدِهِ إِلَى هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ حِينَ قَتَلَ أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَتْلَاهُمْ يَدْفِنُونَهُمْ رضي الله عنهم».
وسنده ضعيف لضعف ابن لهيعة.
ويشهد لما سبق عموم حديث البراء رضي الله عنه أخرجه البخاري (3039) -
حَدثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدثنا زُهَيْرٌ، حَدثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، رضي الله عنهما، به وفيه:
…
فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ: "أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ، فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ وَاللهِ يَا عَدُوَّ اللهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي القَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا تُجِيبُوا لَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ» ، قَالَ: إِنَّ لَنَا العُزَّى، وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا تُجِيبُوا لَهُ؟ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: اللهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» .
وتابع عمرو بن خالد جمع-حسن بن موسى والحسن بن محمد بن أعين وأبو جعفر بن نفيل ومالك بن إسماعيل وعبد الله بن محمد النفيلي وأبو داود الطيالسي وحسين بن عياش-.
وتابع زهيرًا إسرائيل أخرجه البخاري (4043) وابن حبان (4738).
ويفسر حديث البراء بحديث كعب بن مالك رضي الله عنه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه»
(1)
(39551) - حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
(1)
وأخرجه الطبراني في «الدعاء» (1973)، وفي «المعجم الكبير» (19/ 82)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4051) والبيهقي في «السنن الكبير» (6799).
عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ:«مَنْ رَأَى مَقْتَلَ حَمْزَةَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْزَلُ: أَنَا رَأَيْتُ مَقْتَلَهُ، قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَرِنَاهُ، فَخَرَجَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ، فَرَآهُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُثِّلَ بِهِ وَاللهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَتْلَى، فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جَرِيحٌ يُجْرَحُ، إِلاَّ جُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْك، قَدِّمُوا أَكْثَرَ الْقَوْمِ قُرْآنًا، فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ.
واختلف على الزهري في إسناده فرواه أسامة بن زيد الليثي فقال عن أنس رضي الله عنه وفيه: «وقد جدّع ومثل به» أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11762) وغيره وقال الترمذي: غير محفوظ غلط فيه أسامة.
ورجح البخاري طريق الليث بن سعد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ:«أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» ، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ:«أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ» ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِمْ. أخرجه البخاري (1343) وثمت طرقًا أخرى سبقت في «سلسلة الفوائد» (3/ 47).
فاعتمد معي هنا طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز وهو مختلف فيه وضمه لما سبق وصححها معي بالشواهد كما سبق وهو كذلك وذلك بتاريخ (15) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (29/ 11/ 2023 م).
• سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 389) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: «أَيُسَبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيكُمْ؟» فَقُلْتُ: «سُبْحَانَ اللهِ- أَوْ: مَعَاذَ اللهِ-» قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي» وأن شيخنا اختار فيه الوقف، ثم مع الباحث محمد بن عبد التواب، بتاريخ (22) صفر (1445 هـ) الموافق (7/ 9/ 2023 م): السند يصح لولا ما قيل في الجَدَلي من التشيع الشديد
(1)
.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 431) حديث عائشة قالت: عَثَرَ أُسَامَةُ بِعَتَبَةِ الْبَابِ، فَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمِيطِي عَنْهُ الأَذَى» فَقَذَرْتُهُ، فَجَعَلَ يَمُصُّ الدَّمَ وَيَمُجُّهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ:«لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً، لَكَسَوْتُهُ وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنَفِّقَهُ» وأن شيخنا صححه لغيره.
ثم بَحَثه الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ (23) شوال (1444 هـ) الموافق (13/ 5/ 2023 م) فقال شيخنا: الوجهان- التحسين والتضعيف- قائمان.
(1)
يزعمون أنه على شُرطة المختار، فوَجَّهه إلى ابن الزبير في ثمانمائة من أهل الكوفة ليمنعوا محمد بن الحنيفة مما أراد به ابن الزبير.
نَبَّهَ شيخنا أن أول أمر المختار يختلف عن وسطه، فهو يَدعِي النبوة وآخِره يَدعِي الإلهية.
وكَتَب شيخنا: يُحسَّن.
ثم عَرَضه الباحث سعيد القاضي، بتاريخ (5) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (20/ 9/ 2023 م): يُحسَّن؛ لأنه في الفضائل، والريب من ناحية جبير لأنه ليس من أصحاب ابن عمر المعروفين.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (6/ 37) حديث أبي نَعَامَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ سَمِعَ ابْنًا لَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ مِنَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا عَنْ يَمِينِي. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَتَعَوَّذْهُ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«سَيَكُونُ بَعْدِي قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ» وأن شيخنا انتهى إلى حسن إسناده، لكن خروجًا من الخلاف رجاله ثقات.
ثم بَحَثه الباحث عبد التواب بن محمد، بتاريخ (11) المحرم (1445 هـ) الموافق (29/ 7/ 2023 م) فكَتَب شيخنا: سنده صحيح.
تنبيهات:
1 -
سبق أن الطيالسي في ابن حبان (6763) هو أبو الوليد الطيالسي، وليس أبا داود الطيالسي الراوي عن شعبة.
وقال أبو حاتم: في سماع أبي الوليد من حماد بن سلمة شيء.
وتحقق هذا في هذا الخبر.
2 -
أبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشِّخير، لم يَذكر في «التهذيب» مِنْ شيوخه عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.
وتُوفي ابن مغفل سنة (57) أو بعدها، وتُوفي أبو نَعَامة بين سنتي (110 -
120) فيكون بينهما نحو بضع وخمسين سنة، فهذا يؤيد كلام الذهبي السابق بالإرسال، إلا أن يكون أبو نَعَامة عُمِّرَ طويلًا.
3 -
صَحَّحَ هذا الخبر الحاكم وابن حبان، وصَحَّحَ سنده ابن حجر، وحَسَّنه ابن كثير والعلامة الألباني.
وذَكَره الدبيان في «موسوعة الطهارة» ومال إلى الانقطاع بين أبي نَعَامة وعبد الله بن مغفل رضي الله عنه.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (6/ 230) ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (11427) - أَخبَرنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: لَمَّا بَايَعَ مُعَاوِيَةُ لاِبْنِهِ، قَالَ مَرْوَانُ: سُنَّةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: سُنَّةُ هِرَقْلَ وَقَيْصَرَ، فَقَالَ مَرْوَانُ: هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} الآيَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: كَذَبَ وَاللهِ، مَا هُوَ بِهِ، وَإِنْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ لَسَمَّيْتُهُ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ أَبَا مَرْوَانَ، وَمَرْوَانُ فِي صُلْبِهِ، فَمَرْوَانُ فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ.
وأن هذه الرواية من طريق محمد بن زياد عن عائشة وقد ذكر الذهبي في «التلخيص على المستدرك» : فيه انقطاع محمد لم يسمع من عائشة رضي الله عنها.
ثم ناقشه الباحث عبد الرحمن بن صالح مع شيخنا بتاريخ (11) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (25/ 11/ 2023 م) فانتهيا إلى:
1 -
ليس لمحمد عن عائشة إلا هذه الرواية.
2 -
طبقة محمد بن زياد هو القرشي الجمحي
(1)
(ت/ بعد 120) محتملة السماع من عائشة رضي الله عنها (ت/ 57 - 58) فقد أكثر عن أبي هريرة رضي الله عنه (ت/ 57 - 59) ووفاة أبي هريرة وعائشة متقاربة وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنها.
3 -
قول عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْرٍ: «سُنَّةُ هِرَقْلَ وَقَيْصَرَ» مفسرة لقوله في رواية البخاري (4847)«فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا» .
4 -
تأكيد النتيجة السابقة وهي الصحة برواية البخاري (4847).
• سبق في «سلسلة الفوائد» (7/ 55) حديث: «مَنْ بَاتَ طَاهِرًا، بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا» وأنه مُعَل بعلتين فيما كَتَب شيخنا.
وأضاف إليهما الباحث محمد شرموخ مع شيخنا، بتاريخ (21) محرم (1445 هـ) الموافق (8/ 8/ 2023 م) علة في نظري أنها أقوى.
وهي ترجمة الحسن بن ذَكوان.
فقد رَوَى عنه جمع، وأَخْرَج له البخاري، وقال البزار: لا بأس به. وقال أبو أحمد بن عَدِي: يَروي أحاديث لا يرويها غيره، على أن يحيى القطان وابن المبارك قد رويا عنه، و ناهيك به جلالة أن يرويا عنه، و أرجو أنه لا بأس به. وذَكَره أبو حاتم بن حبان في «الثقات» .
وضَعَّفه ابن معين، وقال أحمد: أحاديثه أباطيل. وقال أبو حاتم: ضعيف
(1)
وهناك في الطبقة محمد بن زياد الألهاني ثقة يروي عن أبي أمامة رضي الله عنه.
ليس بالقوي. وقال النسائي: ليس بالقوي.
وضَعَّفه شيخنا مع الباحث إسماعيل بن موسى.
ثم بَحَثه الباحث فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (15) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (8/ 1/ 2023 م) فأضاف:
1 -
أن ميمون بن زيد خالف ابنَ المبارك في السند، فأبدل سليمانَ الأحول بسليمان بن الربيع، وأبدل أبا هريرة بابن عمر. وفي السند إلى ميمون وهبُ بن يحيى بن زِمام مجهول، أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (288) والطبراني في «الكبير» (13621).
2 -
لم يروه عن العباس بن عتبة إلا إسماعيل بن عياش، ولم يتابعه أحد، إنما رواه عن إسماعيل بن عياش اثنان:
1 -
عبد الله بن صالح، أخرجه ابن شاهين في «الترغيب» (462).
2 -
عاصم بن علي وعنه جماعة، أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (70) والعقيلي في «الضعفاء» (3/ 362).
3 -
والحسن بن ذكوان مُختلَف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، وقد عنعن في كل الطرق.
وقال الدارقطني في «الغرائب والأفراد» (5265): غريب من حديث سليمان الأحول
…
تفرد به الحسن بن ذكوان وعنه ابن المبارك.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (7/ 109) حديث: جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سُئِلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَنَامُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّوْمُ
أَخُو الْمَوْتِ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ».
وأنه معل بالإرسال ثم أكد النتيجة مع الباحث أبي هند عادل أبو زيد بتاريخ (6) جمادى الأولى (1445 هـ) موافق (20/ 11/ 2023 م): وقال لي أضف إجمالا: هل روايات العراقيين عن المدنيين فيها مشاكل أو لا؟
تنبيه: أعله بالإرسال أبو حاتم كما في «العلل» (2/ 219) وقال: الصحيح ابن المنكر عن النبي ليس فيه جابر. والدارقطني في «العلل» (3215) فقال: عن ابن المنكدر مرسلا وهو الصواب.
وصححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (3/ 161) وضعفه في «المشكاة» (3/ 1573).
• سبق في «سلسلة الفوائد» (7/ 172 - 174) ما أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (3032): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا مِنَ اللَّيْلِ. قَالَ: فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَضَعَ لَكَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. فَقَالَ:«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» .
فاختار شيخنا تحسين إسناده مع الباحث محمد بن شرموخ، بتاريخ (20) صفر (1445 هـ) الموافق (5/ 9/ 2023 م).
• سبق في «سلسلة الفوائد» (7/ 300) من طريق عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» .
كَتَب شيخنا مع الباحث: د. إبراهيم يوسف، بتاريخ (21) شوال (1443 هـ) الموافق (22/ 5/ 2022 م): حسنٌ [أو] صحيح بمجموع طرقه.
فقرأتُ لشيخنا في المجلس النقاشي ما كَتَبَ من قبل فقال: اعتَمِد الآتي؛ لأن الكلام في سوار لا يتحمل هذا الخبر.
ثم كَتَب مع الباحث محمد بن أشرف الذهبي، بتاريخ (20) ربيع الأول (1445 هـ) الموافق (5/ 10/ 2023 م): طرق حديث «عَلِّموا أولادكم الصلاة» لا تخلو من مقال، بين مقال شديد يوهمها، وبين تفرد من غير مشهور، فلمُضعِّف أن يُضعِّف الخبر. والله أعلم.
ثم أضاف الباحث له شاهدًا من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «مُروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لثلاث عَشْرة» أخرجه الدارقطني (891) والطبراني في «الأوسط» (4129) ومداره على داود بن المُحَبَّر، وهو متروك.
ثم عَرَضه الباحث علي بن سلطان، بتاريخ الأحد (13) شعبان (1444 هـ) الموافق (5/ 3/ 2023 م) فأضاف: أَثْبَتُ الرواةِ: ابن عُلية كما عند أبي داود (495)، والأوزاعي كما عند أبي داود (4113)، وقُرة بن حبيب كما في «تاريخ البخاري» (675).
والأقوى عن وكيع بدونها.
والأقوى عن عبد الله بن أبي بكر بإثباتها.
عن سَوَّار بن داود، لم يَذكروا:«فَإِنَّ مَا أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِ» .
وربما يرجع ذلك إِنْ سَلِم من الإرداج إلى أنهما حديثان.
وكَتَب شيخنا مع الباحث: الحديث قابل للوجهين (التحسين والتضعيف).
وأضاف كذلك في حديث محمد بن جحش رضي الله عنه مرفوعًا: «خَمِّرْ فَخِذَكَ يَا مَعْمَرُ؛ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ» .
فإن في سنده أبا كثير مولى آل جحش، قال فيه ابن حجر: ثقة، يقال: إن له صحبة. وقال في «الفتح» : لم أجد فيه تصريحًا بتعديل.
وقال ابن القطان: لا يُعْرَف حاله.
وقال ابن حزم: روايته مجهولة.
وكَتَب شيخنا مع الباحث على أبي كثير: لا يُعْرَف.
• سَبَق في «سلسلة الفوائد» (7/ 343) من مفاريد ابن مسعود رضي الله عنه التي نسختِ التطبيق في الصلاة، في مسلم (534) من طريق إبراهيم النَّخَعي، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود، به.
ورواه عبد الرحمن بن الأسود، واختُلف عليه في اللفظ:
فعنه كرواة مسلم:
1 -
أبو إسحاق، أخرجه أحمد (3927).
2 -
جابرٌ الجُعْفي، أخرجه البزار (1642).
وخالفهما سندًا ومتنًا:
1 -
هارون بن عنترة، أخرجه أبو داود (4030): حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا
هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّهُ سَيَلِيكُمْ أُمَرَاءُ يَشْتَغِلُونَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَصَلُّوهَا لِوَقْتِهَا. ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وتابع هارونَ محمدُ بن إسحاق.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (13) رمضان (1444 هـ) الموافق (4/ 4/ 2023 م) إلى شذوذ رفع وضع الرِّجلين على اليمين وعلى الشمال.
• سبقت في «سلسلة الفوائد» (7/ 435) زيادة في تسمية يوم الجمعة بيوم عيد تفرد بها صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عبيد الثقفي عن ابن عباس مرفوعًا وفيه: «جعله الله عيدًا» وأرسله مالك وصوبه أبو حاتم وهو في البخاري (884)
(1)
بدون الزيادة.
ورد وجه الشاهد من حديث أبي سعيد أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1824) وفي سنده رجل مبهم.
وورد وجه الشاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه أحمد (8012) من طريق معاوية بن صالح عن عامر بن لدين الشامي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا ومعاوية يحسن خبره ما لم يستنكر عليه لكن قال ابن أبي خيثمة: وكان معاوية يغرب بحديث أهل الشام جدًّا.
(1)
ولابن رجب في «فتح الباري» (8/ 115): في سماع الزهري لهذا الحديث من طاووس نظر ولعله بلغه عنه؛ فإنه كان كثير الإرسال.
وعامر بن لدين وثقه العجلي ولم يخرجوا له قاله الذهبي في «تاريخ الإسلام» رقم (100).
وتابع عامرًا أبو صالح ذكوان وعنه عبد العزيز بن رفيع وعنه اثنان:
1 -
زياد بن عبد الله -وهو ضعيف- أخرجه البزار (8995).
2 -
المغيرة الضبي أخرجه أبو داود (1073) والمغيرة مدلس وقد عنعن.
وخالفهما إسرائيل فقال عن عبد العزيز عن قيس بن السكن عن أبي ذر رضي الله عنه موقوفًا أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7951) وهو الصواب وإسناده صحيح.
وثبتت في خطبة عثمان رضي الله عنه من قوله: «إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان» أخرجه مالك في «الموطأ» (491) أخرجه البخاري (1990) ومسلم (1137)«شهدت العيد مع عمر رضي الله عنه .... » دون الشاهد.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عبد الله بن سيد القليوبي بتاريخ (27) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (11/ 11/ 2023 م): لفظة: «عيد» لا تثبت
(1)
وليست في البخاري.
تنبيه: ثبتت موقوفة عن عثمان وأبي ذر رضي الله عنهما كما سبق وهي في قول الحبر لهمر رضي الله عنه في سؤاله عن اليوم أكملت لكم دينكم.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (8/ 5) حديث البراء بن عازب الطويل في
(1)
أي مرفوعة.
الاحتضار، وكَتَب عليه شيخنا سبع ملاحظات.
ثم عَرَضه الباحث إسماعيل بن موسى، بتاريخ (14) محرم (1445) الموافق (1/ 8/ 2023 م) فقال لي: اكتب: ولمُحسِّن أن يُحسِّنه على القواعد العامة.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (8/ 24) حديث: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» وأن البخاري وابن المديني ضَعَّفا ما في الباب وتابعهما شيخنا.
ثم كَتَب مع الباحث محمد بن صبحي آل عبد الكريم المنوفي، بتاريخ (9) رجب (1444 هـ) الموافق (31/ 1/ 2023 م): كل طرقه ضعيفة، لي كتاب اسمه «الغسل والكفن» .
وأفاد الباحث: قول أبي داود: هذا الحديث منسوخ.
وقال شيخنا مع الباحث: يكون الغسل هنا على سبيل الاستحباب وليس الوجوب؛ لإصابة المُغسِّل ببعض الرذاذ
(1)
.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (8/ 348) حديث وائلٍ الحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ - أَوْ كَرِهَ - أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ:«إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» .
ثم بَحَثه الباحث نصر بن حسن الكردي مع شيخنا، بتاريخ (15) من المحرم (1445 هـ) الموافق (2/ 8/ 2023 م) فأفاد:
(1)
الرذاذ: مطر كالغبار، واحدتها -أي: الكلمة- رذاذة. «المحيط في اللغة» (2/ 394) للطالقاني.
1 -
إعلال ابن حزم لكون سماك يتلقن، حيث قال:«المحلى» (2/ 182): فهذا كله لا حجة لهم فيه؛ لأن حديث علقمة بن وائل إنما جاء من طريق سماك بن حرب، وهو يَقبل التلقين، شَهِد عليه بذلك شعبة وغيره، ثم لو صح لو يكن فيه حجة
…
ا هـ.
وقول النسائي في ترجمة سماك: كان ربما لُقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يُلقَّن فيَتلقن.
2 -
نفى سماع علقمة من أبيه ابن مَعين وأثبته ابن حبان، وهو على شرط مسلم، وقال شيخنا: وأنا أختار السماع وفي مسلم عدد من ذلك.
3 -
قال شيخنا للباحث: هل تخالف في هذه النتيجة: (أخرجه مسلم ورجاله ثقات؟) فقال: لا.
4 -
وله شاهد من حديث أُم سلمة رضي الله عنها عند ابن حبان يُحرَّر.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (9/ 297) حديث: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتَ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ» .
ثم عَرَضه الباحث هشام بن مجدي السويفي، فكَتَب شيخنا معه، بتاريخ (19/ 1/ 2023 م): تُراجَع ترجمة جبر بن حبيب ومَن روى عنه ومَن روى له.
وكَتَب على أُم كُلثوم بنت أبي بكر بعد ما اختار أنها الصواب في الطرق: لم نقف لها على كبير مُوثِّق.
فلما قلت له: لها روايتان في مسلم. قال: تنظر كيف أَخْرَج لها.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (8/ 415) حديث «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» وأن شيخنا كَتَب عليه مع الباحث علي بن محمد القناوي، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (28/ 11/ 2022 م): صحيح لطرقه. والله أعلم.
ثم عَرَضه الباحث مالك بن علي، بتاريخ (26) جمادى الآخرة (1444 هـ) الموافق (19/ 1/ 2023 م) فقال:«صحيح لطرقه» تُحذَف. وكتب: سند صحيح، ويَبقى النظر في تعيين هؤلاء الأشياخ، لكن الغالب أن أشياخه من الصحابة فهو تابعي كبير. والله أعلم.
سبقت الإشارة إلى ضعف حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ»
(1)
.
(1)
قال الترمذي كما في «العلل الكبير» رقم (3): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ» .
سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقُلْتُ لَهُ: رَوَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ مِثْلَ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ» .
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ مِثْلَ مَا رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ.
قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: فَأَيُّ الرِّوَايَاتِ عِنْدَكَ أَصَحُّ؟ قَالَ: لَعَلَّ قَتَادَةَ سَمِعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَلَمْ يَقْضِ فِي هَذَا بِشَيْءٍ.
قال الترمذي: حديث أنس أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب.
وحَكَى أبو زُرعة الخلاف على قتادة، ثم قال: وحديث عبد العزيز بن صُهيب عن أنس أشبهُ عندي.
وقال الدارقطني: يُشبِه أن يكون القول قول شُعبة ومَن تابعه.
ثم عَرَضه الباحث محمد بن صلاح، بتاريخ (23) شعبان (1444 هـ) الموافق (15/ 3/ 2023) فكَتَب شيخنا: الظاهر رجوع رواية شُعبة إلى رواية الجماعة، وشُعبة خالف سندًا ومتنًا، فالله أعلم.
ولذا تَنكَّب «الصحيحان» عنها.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (8/ 465) فيها حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ غ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ:«اقْتُلُوا الحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ؛ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ البَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الحَبَلَ»
(1)
.
ثم بحثه الباحث: إبراهيم بن محمود بن إبراهيم بن صالح البلقاسي بتاريخ (11) ربيع الآخر (1445 هـ) موافق (26/ 10/ 2023 م): فأفاد مع شيخنا:
1 -
زيادة خارج الصحيحين وهي: «فَمَنْ لَمْ يَقْتُلْهُمَا فَلَيْسَ مِنَّا» أخرجها ابن حبان (5638) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2927) والطبراني في «المعجم الكبير» (13205) من طرق -أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ويونس وأحمد بن صالح
(2)
- عن ابن وهب وأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ
(1)
أخرجه البخاري (3297)، ومسلم (2233).
(2)
وجاء وجه عن أحمد بن صالح بزيادة عبد الملك بن عبد الرحمن القرشي بين بكير وسالم أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (3161) وفي سنده أحمد بن رشدين متهم بالوضع.
بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَقَالَ:«فَمَنْ وَجَدَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَمَنْ لَمْ يَقْتُلْهُمَا فَلَيْسَ مِنَّا» .
الخلاصة: أن رجال السند ثقات وكتب شيخنا مع الباحث: روايات الصحيحين ليس فيها «ليس منا» .
تنبيه: جاءت هذه الزيادة خارج الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها من ثلاثة طرق:
1 -
سائبة عن عائشة رضي الله عنها وهي مجهولة أخرجه أحمد (25040) وغيره.
2 -
أحد الطرق عن هشام عن أبيه عن عائشة أخرجه أحمد (24056) وفي سنده عباد بن عباد ثقة ربما وهم.
3 -
وفي وجه عن أبي معاوية عن هشام أخرجه أبو نعيم في «الحلية» وأبو معاوية متكلم فيه في غير الأعمش.
• سبق في «سلسلة الفوائد» (9/ 318) أن شيخنا كَتَب على حديث: «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا، لَكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي
(1)
، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي
(1)
يعني المآثم، وهو من قوله عز وجل:{إنه كان حوبًا كبيرًا} . واستُعمل الغَسل هنا مع محو الذنب وفي دعاء الاستفتاح.
وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ
(1)
قَلْبِي»: مع الباحث عماد الدمياطي: في النفس شيء، هل هو طلق أم طليق؟ فكلاهما ابن قيس وكلاهما حنفي وكلاهما من نفس الطبقة، وليس لطليق إلا هذا الخبر. فالله أعلم.
تعقيب على قوله: «هو طلق أم طليق؟ فكلاهما ابن قيس وكلاهما حنفي» ؟
من حيث الاسم
…
طليق بن قيس الحنفي الكوفي (ت/
…
) (د ت جه حم) .... طلق بن حبيب العنزي البصري (ت/ بعد 90)(م د ت س جه حم).
يتفقان
…
1 - في تكبير الاسم (طلق) وتصغيره (طُليق)
2 -
في الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما.
3 -
في التوثيق وإن كان طليق أوثق.
يختلفان
…
1 - في النسبة إلى الأب أو البلدة
2 -
أثبتَ البخاري سماع طليق من ابن عباس رضي الله عنهما «التاريخ الكبير» (3163).
(1)
أي: ضغينة وعداوة.
أما طلق عن ابن عباس فعند أبي داود في التعليق والمتابعات، في حديث المستحاضة رقم (281).
3 -
راوي هذا الحديث الذي معنا هو طليق.
أفاده معي الباحث هشام بن مجدي، بتاريخ (9) رجب (1444 هـ) الموافق (31/ 1/ 2023 م).
والخلاصة: أن الخبر إسناده صحيح لديَّ، وكان شيخنا توقف فيه، ثم عرضتُه عليه بتاريخ (21) شوال (1444 هـ) الموافق (11/ 5/ 2023 م) فقال: الإسناد صحيح، وهو في الفضائل.