الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النكاح
• النكاح لغة: الضم والجمع، أو عبارة عن الوطء والعقد جميعاً.
• شرعاً: عقد يتضمن إباحة الاستمتاع بالمرأة، بالوطء والمباشرة والتقبيل والضم وغير ذلك، إذا كانت المرأة غير مَحْرم بنسب أو رضاع أو صهر.
تصرفت مادة النكاح في كتاب الله بين المضارع في البقرة والأمر والمضارع في النساء والأمر والمضارع في النور والمضارع في القصص والماضي والمضارع في الأحزاب والماضي في الممتحنة وجلها بمعنى عقد التزويج إلا موطنان:
1 -
{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] المراد الحلم.
2 -
قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230/ 2] فالمراد به العقد، والوطء لخبر الصحيحين:«حتى تذوقي عسيلته»
(1)
.
(1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (32/ 113): فليس في القرآن لفظ نكاح إلا ولا بد أن يراد به العقد وإن دخل فيه الوطء أيضا. فأما أن يراد به مجرد الوطء فهذا لا يوجد في كتاب الله قط.
الزواج من أسباب سعة الرزق
• قال تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32]
• قال الإمام النسائي في «سننه» رقم (3218) - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عز وجل عَوْنُهُمْ: الْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
• وتابع الليث بن سعد خمسة:
1 -
ابن المبارك أخرجه النسائي (3120).
2 -
يحيى بن سعيد القطان أخرجه أحمد (7416).
3 -
معمر أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» .
4 -
أبو عاصم أخرجه البيهقي.
5 -
أبو خالد الأحمر أخرجه ابن ماجه (2518).
• الخلاصة: أن تحمل الثقات على وجه واحد عن محمد بن عجلان يحسن هذا الخبر ويدفع ما يثار حول اختلاط محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. أفاده الباحث/ حازم بن مسعد أبو زيد الهيتمي بتاريخ الأحد 1 من ذي الحجة 1442 موافق 11/ 7/ 2021 م.
فضل الذرية الصالحة في الآخرة
• قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21].
• قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (12455) - حَدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ
(1)
، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرَقَّى الدَّرَجَةَ، فَيَقُولُ: مَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ لَك» .
وتابع عبد الصمد سريج بن النعمان كما عند البيهقي وحجاج بن المنهال كما عند الطبراني في «الدعاء» (5108).
وتابع حمادَ بن سلمة حمادُ بن زيد
(2)
وخالفهما أبو بكر بن عياش
(3)
وأبو عَوَانة كما عند اللالكائي (2171)، فأوقفاه.
• والخلاصة: أن مدار الخبر على عاصم فربما نشط فرفع وربما كسل فأوقف وكتب شيخنا مع الباحث/ أبي البخاري بتاريخ 10/ محرم 1442 هـ موافق 19/ 8/ 2021 م سنده حسن تغاضيا عن الكلام في عاصم.
(1)
أخرجه ابن ماجه (3660)، والبزار في «مسنده» (3138).
(2)
أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (13459) وإسناده صحيح إلى حماد.
(3)
في «الأدب المفرد» (236).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أنس بن منصور، بتاريخ (2) جُمَادَى الأُولى (1443 هـ) الموافق (6/ 12/ 2021 م) إلى أن الإرسال هو الأرجح.
حرمة الاستمناء
• قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7] و [المعارج: 29 - 31].
• قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (14387): عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُجاهِدٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْهُ قَالَ: ذَلِكَ نَائِكُ نَفْسِهِ.
• الخلاصة: إسناده حسن لحال ابن خُثيم، وهو عبد الله بن عثمان.
• وقال الإمام الشافعي في «الأم» (6/ 246): فلا يَحِلّ العَمَل بالذَّكَر إلا في الزوجة أو في مِلك اليمين، ولا يَحِل الاستمناء، والله تعالى أعلم.
النكاح من سنن المرسلين
• قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38]
وقال نبي الله لوط عليه السلام: {يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الثلاثة: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»
(1)
.
قال ابن ماجه في «سننه» رقم (1847) - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ» .
رواه إبراهيم بن ميسرة عن طاووس واختلف عليه فرواه عنه:
أ - محمد بن مسلم متصلا إلى ابن عباس {أخرجه ابن ماجه (1847)، والطبراني في «الأوسط» (3153)، وأبو حاتم كما في «العلل» (2252) وقال: ما نعلم إبراهيم بن ميسرة أسند عن طاووس عن ابن عباس إلا هذا الحديث.
ب - الثوري أخرجه الخليلي في «الإرشاد» (185) لكن في سنده محمد بن صالح الهمداني تركه الدارقطني.
وخالفهما:
(1)
أخرجه البخاري (5063) ومسلم (1401) واللفظ لمسلم.
1 -
معمر أخرجه عبد الرزاق (010319).
2 -
ابن جريج أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (16151).
3 -
ابن عيينة واختلف عليه فرواه الجماعة:
أ - سعيد بن منصور في «سننه» (492).
ب - الحميدي كما في «الضعفاء» للعقيلي.
جـ - أبو خيثمة كما عند أبي يعلى (2747).
د - أحمد بن أبان أخرجه البزار (701).
وخالفهم مؤمل فوصله كما عند أبي يعلي (185).
• الخلاصة: أن رواية الجماعة عن ابن عيينة بالإرسال هي الأصح ورجحها العقيلي.
اختيار الزوجة الصالحة
• قال تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221].
وقال جل ذكره: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: 26]
(1)
• وفي السنة نصوص كثيرة منها: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ»
(2)
ومنها ما أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (1857) - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ
(3)
فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ» وعلي بن يزيد هو الألهاني قال البخاري منكر الحديث. وقال ابن عدي في ترجمة عثمان
بن أبي
(1)
على أحد الوجوه في التأويل انظر: «زاد المسير» (3/ 287).
(2)
أخرجه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
(3)
أي: حفظته ومنه قوله تعالى عن إخوة يوسف: {قَالُوا يَاأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 11، 12] وبين النصح والحفظ عموم وخصوص فالنصح أعم. أفاده العلامة الفيومي.
العاتكة عامة ما يرويه بهذا الإسناد عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة ومع ضعفه يكتب حديثه.
وفي التقريب: ضعفوا رواية عثمان عن علي بن يزيد.
وله شواهد منها ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (3255) - أَخبَرَنا قُتَيبَةُ، قال: حَدثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبي هُرَيرَةَ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَلا مَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ» . وتابع الليث أبو عاصم الضحاك بن مخلد أخرجه الحاكم (2697) والبيهقي (13607).
وتابعهما يحيى بن سعيد أخرجه النسائي في «الكبرى» (8921) وأحمد (9658).
وخالف ابن عجلان أبو معشر فرواه عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه البزار (8537). ورواية ابن عجلاج أصح لتحمل الحفاظ عنه.
وتابع سعيد المقبري عطاء عن أبي هريرة أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (2115) وفي سنده جابر هو ابن يزيد بن الحارث ضعيف.
• الخلاصة: وكتب شيخنا مع الباحث/ حازم مسعد أبو زيد بتاريخ 14 محرم 1443 موافق 22/ 8/ 2021 م: يبدوا والله أعلم أن هذا يصح بشواهده. ثم قال: ولفظة (مالها) شاذة والصواب (ماله).
وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه أبو داود رقم (1664) وفي سنده جعفر بن إياس عن مجاهد وضعفها شعبة.
وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام أخرجه الطبراني (14969) وينظر سماع معاوية بن قرة من ابن سلام.
وله شاهد مرسل صحيح عن يحيى بن جعدة أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17426) وشاهد آخر مرسل عن مجاهد أخرجه عبد الرزاق (20605).
• تنبيه: لفظ: (في نفسها وماله) في حديث أبي أمامة وعبد الله بن سلام ومرسل يحيى بن جعدة وأما في حديث أبي هريرة ففي كل طرقه (في نفسها ومالها).
الطيبات للطيبين
• قال تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]
(1)
.
(1)
اختلف في المراد بالنكاح في الآية على قولين:
1 -
بمعنى العقد. 2 - الوطء.
قال الشنقيطي في «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (5/ 417): اختلف العلماء في المراد بالنكاح في هذه الآية، فقال جماعة: المراد بالنكاح في هذه الآية: الوطء الذي هو نفس الزنى، وقالت جماعة أخرى من أهل العلم: إن المراد بالنكاح في هذه الآية هو عقد النكاح، قالوا: فلا يجوز لعفيف أن يتزوج زانية كعكسه، وهذا القول الذي هو أن المراد بالنكاح في الآية التزويج لا الوطء في نفس الآية قرينة تدل على عدم صحته، وتلك القرينة هي ذكر المشرك والمشركة في الآية; لأن الزاني المسلم لا يحل له نكاح مشركة، لقوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن [2\ 221] وقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]، وقوله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، وكذلك الزانية المسلمة لا يحل لها نكاح المشرك; لقوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [2\ 221]، فنكاح المشركة والمشرك لا يحل بحال، وذلك قرينة على أن المراد بالنكاح في الآية التي نحن بصددها الوطء الذي هو الزنى، لا عقد النكاح; لعدم ملاءمة عقد النكاح لذكر المشرك والمشركة، والقول بأن نكاح الزاني للمشركة، والزانية للمشرك منسوخ ظاهر السقوط; لأن سورة «النور» مدنية، ولا دليل على أن ذلك أحل بالمدينة ثم نسخ، والنسخ لا بد له من دليل يجب الرجوع إليه.
وقال أبو داود في «سُننه» رقم (2041 - 2052): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو مَعْمَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ»
(1)
.
وهذا الخبر ظاهر إسناده الحُسن، إلا أنه مختصر من قصة عَنَاقَ، فقد أخرج أبو داود في «سُننه» رقم (2051): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأَسَارَى بِمَكَّةَ، وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا: عَنَاقُ، وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي، فَنَزَلَتْ:{وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ وَقَالَ: «لَا تَنْكِحْهَا» وتابع يحيى وهو القطان روح بن عبادة أخرجه الترمذي (3177).
وخالفهما - حبيبا وعبيد الله - داود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب فأرسله
(2)
.
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ عمرو بن عمران، بتاريخ (7) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (11/ 12/ 2021 م): هل راجعتَ ترجمته
(3)
في «الكامل في الضعفاء» ؟:
(1)
قال أبو داود عقبه: وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَني حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
(2)
وللخبر شاهد من حديث ابن عمرو {أخرجه أحمد (6480)، وغيره وفي سنده الحضرمي قاض بالبصرة مجهول.
(3)
أورده ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (3/ 322).
إيراد الحديث في الكامل لاستغرابه في كثير من الأحيان.
وقد يكون أورده لقلة مروياته.
ثم عهد شيخنا به إلى الباحث أحمد النمر لكونه من لبنات بحثه «الأحاديث التي أعلت بالاختصار» فلبّى الباحث وجنح إلى أنه مختصر من قصة عناق وهو كذلك؛ لكون المدار على عمرو بن شعيب في حين اختار شيخنا - حفظه الله - صحة الوجهين
(1)
. وكتب احكم على الأسانيد. والله أعلم.
(1)
وحسن سند المتن المختصر في «التسهيل لتأويل تفسير سورة النور في سؤال وجواب» (ص/ 38) ط مكة.
الغيرة وعلاجها
• قال النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» (5322): أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَتَزَوَّجُ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ؟ قَالَ:«إِنَّ فِيهِمْ لَغَيْرَةً شَدِيدَةً» .
تابع النَّضْرَ بِشْرُ بن السَّرِيّ كما في «العلل» (1169) لابن أبي حاتم.
وخالفهما موسى بن إسماعيل فقال: عن حماد عن إسحاق، أن أُم سُليم
…
مرسلًا، كما في «العلل» .
وخَطَّأ أبو زُرعة وأبو حاتم الموصول، وصَوَّبا المرسل.
ثم أورد ابن أبي حاتم طريقًا آخَر عن يزيد بن هارون، عن حماد، عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس عن أُم سُليم، به.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ إسماعيل بن موسى البحراوي، بتاريخ (27) ربيع الآخر (1443 هـ) الموافق (2/ 12/ 2021 م): مُعَل بالإرسال.
• وفي قصة زوجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة المخزومية القرشية رضي الله عنها «قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا
غَيُورٌ، فَقَالَ:«أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ»
(1)
.
(1)
أخرجه مسلم (1918).
مشروعية الخطبة
(1)
• قال تعالى في مقام تجويز التعريض بالخطبة للمعتدة عدة وفاة: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235]
ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد قالت أم سلمة رضي الله عنها: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ
(2)
.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»
(3)
واستفتاء فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في خطبتها. ونهي المحرم عن الخطبة.
(1)
بكسر الخاء وهي التماس النكاح.
(2)
أخرجه مسلم (918).
(3)
أخرجه البخاري (1408).
لا نكاح إلا بولي
(1)
• قال الترمذي في «سُننه» رقم (1101): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ح، وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، ح، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، ح، وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» .
(1)
قال ابن بطال في «شرح البخارى» (7/ 250 (: اختلفوا فى الولى، فقال مالك، والليث، والثورى، والشافعى: الأولياء هم العصبة الذين يرثون، وليس الخال ولا الجد لأم ولا الإخوة لأم أولياء عند مالك فى النكاح، وخالفهم محمد بن الحسن، فقال: كل من لزمه اسم ولى، فهو ولى يعقد النكاح، وبه قال أبو ثور.
قال الأبهرى: والحجة لمالك ومن وافقه فى أن ذوى الأرحام ليسوا أولياء فى النكاح وأن الأولياء فى ذلك العصبة، هو أن الولى لما كان مستحقًا بالتعصيب لم يكن للرحم مدخل فيه لعدم التعصيب، كذلك عقد النكاح؛ لأن ذلك بولاية التعصيب.
تنبيه: لا يكون الكافر وليًّا للمسلمة قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]
وقال ابن قدامة في «المغني» (9/ 367 (: فلا يثبت لكافر ولاية على مسلمة وهو قول عامة أهل العلم.
وأخرجه أبو داود (2085)، وابن ماجه (1881) عن إسرائيل ويونس وأبي عَوَانة. والدارمي (2183) حدثنا علي بن حُجْر، أنا شَريك. والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 9) من طريق قيس بن الربيع. خمستهم عن أبي إسحاق به موصولًا.
• وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 9): عن الثوري وشعبة
(1)
عن أبي إسحاق عن أبي بُردة، مرسلًا.
وهذا من الأحاديث التي اختُلف فيها على الوصل والإرسال، والوصل أصوب لديَّ، ومن مرجحاته:
كثرة الرواة الذين رووه عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى، به.
سماعهم له في أوقات مختلفة.
رواية إسرائيل ويونس في بعض الأوجه عنه، وهما من أهل بيت أبي إسحاق، وأهل بيت الرجل أعلم به من غيرهم.
إتقان إسرائيل في أبي إسحاق، قال ابن مهدي: كان إسرائيل يَحفظ حديث أبي إسحاق كما يَحفظ سورة الحمد. صَحَّح هذا الوجه ابن مهدي، وابن المديني، والذُّهْلي، وأحمد، ويحيى، والبخاري، والترمذي، والحاكم، وابن خُزيمة، وابن حِبان، وابن المُلقِّن، والذهبي.
(1)
ووَصَله يزيد بن زُرَيْع عن شعبة به، كما عند الدارقطني في «علله» (8).
وقد رواه شعبة وسفيان، واختُلف عليهما في الوصل والإرسال، وإن كان الوصل أرجح إلا أن الوجه الأول أصوب، والله أعلم.
• ومِن أشهر مَنْ أعله بالإرسال الطحاوي.
• والخلاصة: انتهى شيخنا معي
(1)
إلى ترجيح الوصل، وذلك من إحدى عشرة سَنة، ثم أَكَّد ذلك مع الباحث الدكتور الصيدلي/ السيد بن محمد سكر الشرقاوي، فقال: وأجنح إلى ما جنح إليه البخاري، وقد ينشط الراوي فَيَصِل ويَكسل فيُرسِل.
• وللخبر شواهد من القرآن {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: 25]{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232]{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] بتاريخ السبت (12) رمضان (1442 هـ) الموافق (24/ 4/ 2021 م).
(1)
تحقيق «توضيح الأفكار» (1/ 503 - 504) ط/ ابن تيمية، بمشاركة أخي الباحث أبي نور بدر بن رجب.
زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة
• قال الإمام أحمد (2849): حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِيمَا يَحْسَبُ حَمَّادٌ
(1)
-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ خَدِيجَةَ، وَكَانَ أَبُوهَا يَرْغَبُ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَنَعَتْ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَتْ أَبَاهَا وَنَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَطَعِمُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا.
فَقَالَتْ خَدِيجَةُ لِأَبِيهَا: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَخْطُبُنِي، فَزَوِّجْنِي إِيَّاهُ. فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَخَلَعَتْهُ وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالْآبَاءِ. فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ سُكْرُهُ، نَظَرَ فَإِذَا هُوَ مُخَلَّقٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَقَالَ: مَا شَأْنِي؟! مَا هَذَا؟! قَالَتْ: زَوَّجْتَنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: أَنَا أُزَوِّجُ يَتِيمَ أَبِي طَالِبٍ؟! لَا، لَعَمْرِي!
فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أَمَا تَسْتَحِي؟! تُرِيدُ أَنْ تُسَفِّهَ نَفْسَكَ عِنْدَ قُرَيْشٍ؟! تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّكَ كُنْتَ سَكْرَانَ؟! فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ.
تابع أبا كامل جماعةٌ: سليمان بن حرب، وإبراهيم بن الحَجاج، وحَجاج بن المِنهال.
وخالفهم مسلم - لعله ابن أبي عاصم أو ابن إبراهيم، وكلاهما ثقة - فزاد عليَّ بن زيد بن جُدْعان بين حماد بن سلمة وعمار.
(1)
ذَكَر الشك أبو كامل وسليمان بن حرب، كما عند الدولابي.
• ففي هذا الخبر علل إسنادية ومتنية:
• أما الإسنادية، فالشك في قول أبي كامل: فيما يحسبه حماد وزيادة
(1)
حماد بن سلمة علي بن زيد وهو ضعيف.
• وأما المتنية، فنكارة تاريخية حيث إن والد خديجة مات في حرب الفِجار، وعمره صلى الله عليه وسلم خمسة عشر عامًا
(2)
.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث عبد التواب العَشْري إلى ترجيح رواية الجماعة، لكن في المتن نكارة، ومِن ثَم تراجع مرويات عمار بن أبي عمار، ومنها رواية فيها نكارة في «صحيح مسلم» (123): وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، يَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَيَرَى الضَّوْءَ سَبْعَ سِنِينَ، وَلَا يَرَى شَيْئًا، وَثَمَانَ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرًا.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا في مناقشة الباحث/ هاني العشماوي، بتاريخ (6) رمضان (1442 هـ) الموافق (18/ 4/ 2021 م): في علل التضعيف:
1 -
الأولى (فيما أحسب).
2 -
كلام في عمار.
3 -
إدخال علي بن زيد، لكن هذا مدفوع بتصريح حماد بالتحديث من عمار عند أحمد، ومدفوع أيضًا بأن السند نازل. والله أعلم.
(1)
الباحث يُعبِّر بالتدليس، لكن هل أحد وَسَم حمادًا بالتدليس؟
(2)
أفاده الباحث/ هاني العشماوي.
الْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ
• قال الإمام النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» رقم (5365): أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ نَهَارٍ الْعَبْدِيِّ - وَهُوَ مَدَنِيٌّ لَا بَأْسَ بِهِ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِابْنَةٍ لَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَذِهِ ابْنَتِي أَبَتْ أَنْ تَزَوَّجَ، فَقَالَ:«أَطِيعِي أَبَاكِ» .
كلَّ ذَلِكَ تُرَدِّدُ عَلَيْهِ مَقَالَتَهَا، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَتَزَوَّجُ حَتَّى تُخْبِرَنِي مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ!
فَقَالَ: «حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ لَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ فَلَحَسَتْهَا، مَا أَدَّتْ حَقَّهُ» .
فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا! فَقَالَ:«لَا تُنْكِحُوهُنَّ إِلَّا بِإِذْنِهِنَّ»
(1)
.
وإسناده حسن؛ لأن نهارًا العبدي روى عنه اثنان، وترجمه أبو حاتم والبخاري، ولم يَذكرا فيه جَرْحًا ولا تعديلًا. وقال النَّسَائي: لا بأس به مدني.
(1)
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (17407)، وابن حِبان (4164)، والدارقطني في «سُننه» رقم (3571)، والبيهقي في «الكبرى» (290) من طرق عن جعفر بن عون، به.
وقال ابن خِرَاش: صدوق. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال: يخطئ. وأَخْرَج له هذا الحديث.
وربيعة بن عثمان: وَثَّقه ابن سعد وابن مَعِين وابن نُمير، وأَخْرَج له مسلم (2664) حديث: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ
…
» وصَحَّح له هذا الخبر ابن حِبان والحاكم. وقال الذهبي في ربيعة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث، يُكْتَب حديثه. وقال أبو زُرْعَة: إلى الصدق ما هو، وليس بذاك القوي.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أبي حمزة عبد الرحمن بن عبد المعطي السويسي، بتاريخ (23) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (5/ 4/ 2021 م): في إسناده نهارٌ العبدي، وليس بذاك المشهور الثقة الذي يُعتمد عليه في مثل هذا المتن. والله أعلم.
استئذان البكر
• قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (16722) - حَدَّثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَصَمْتُهَا إقْرَارُهَا» .
حدث خلل في السند والمتن أما السند فابن إسحاق يرويه عن صالح عن عبد الله بن الفضل كما هنا وأما في المتن فمالك يقول: «والبكر تستأمر»
(1)
في الصحيح عنه وهي في الموطأ والصحيحين وأما ابن إسحاق فيقول: «وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ» .
• أفاده الباحث/ أشرف سلطان مع شيخنا بتاريخ 2 ربيع آخر 1443 موافق 7/ 11/ 2021 م.
وثمت نصوص أخرى في الباب منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ:«أَنْ تَسْكُتَ»
(2)
.
(1)
أي يطلب أمرها وتشاور.
(2)
أخرجه البخاري (5136) ومسلم (1419).
اختباء الخاطب للمخطوبة
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (14869): حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ - مَوْلَى عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ - عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَقَدرَ أَنْ يَرَى مِنْهَا بَعْضَ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهَا، فَلْيَفْعَلْ» .
وتابع إبراهيم بن سعد اثنان:
1 -
عمر بن علي المُقَدَّمي.
2 -
أحمد بن خالد. كما عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4280)، والحاكم في «مستدركه» (2696).
وخالفهم عبد الواحد بن زياد، فأبدل (واقدَ بن عمرو) الثقة بـ (واقد بن عبد الرحمن) المجهول. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17389)، وأبو داود (2082) وغيرهما.
• والخلاصة: رواية الجماعة أصوب وإسنادها حسن؛ لحال ابن إسحاق وتصريحه عند أحمد بالتحديث في رواية إبراهيم بن سعد عنه. وقد قال الإمام أحمد كما في «مسائل أحمد) رواية ابن هانئ (ص: 489) رقم (2226): وسمعته يقول: إبراهيم بن سعد من أحسن الناس حديثًا عن محمد بن إسحاق، فإذا جَمَع بين رجلين يقول: حدثني فلان، وفلان. لم يُحْكِمه.
بينما قال شيخنا معي بتاريخ الثلاثاء (27) شوال (1442 هـ) الموافق (8/ 6/ 2021 م): هل يَتحمل ابن إسحاق هذا أم لا؟
المبالغة في الصداق
• قال تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] وقال {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27]
• أخرج عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (10409) - عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيُّ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ فِي امْرَأَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟» قَالَ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ: «لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَهَا مِنْ بُطْحَانَ مَا زِدْتُمْ» وأخرجه أحمد في «مسنده» (15707) عن عبد الرزاق به بالتصريح بالتحديث.
وفي روايتي وكيع وأبي نعيم بالعنعنة وكذلك في رواية ابن المبارك عن يحيى بن سعيد.
بينما خالفهما ثلاثة فأتوا بالخبر على صورة الإرسال وهم:
1 -
هشيم كما في «سنن سعيد بن منصور» (604).
2 -
يزيد بن هارون كما في «مصنف بن أبي شيبة» (16385).
3 -
زهير بن محمد أخرجه أبو داود في «مسنده» (1396).
والظاهر أن روايتهم أصح وقد قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (480): روى محمد بن إبراهيم عن أبي حدرد مرسلا.
وروى الخبر عطاء بن يسار عن أبي حدرد أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (7563) وفي سنده عمر بن صهبان ضعيف.
ورواه عبد الواحد بن أبي عون عن جدته عن ابن أبي حدرد أخرجه أحمد (23882) مطولا جدا. والجدة مجهولة.
• الخلاصة: أن الخبرمرسل وله شاهد أخرجه مسلم رقم (1424) حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا، قَالَ:«عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟» قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ، مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ» ، قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ.
واختار شيخنا مع الباحث/ محمود بن عوض الحساني بتاريخ 20 ربيع أول 1443 موافق 26/ 10/ 2021 م: الإرسال في حديث أبي حدرد وأشار إلى رواية مسلم.
قال القرطبي في «تفسيره» (5/ 24): أجمع العلماء أنه لاحد لكثيره.
تفسير الشِّغَار
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16856): حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَسَعْدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنْكَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ ابْنَتَهُ، وَأَنْكَحَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَتَهُ، وَقَدْ كَانَا جَعَلَا صَدَاقًا
(1)
فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ - وَهُوَ خَلِيفَةٌ - إِلَى مَرْوَانَ يَأْمُرُهُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ:«هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
وأخرجه أبو يعلى (7370) وابن حِبان (4153) من طريق إبراهيم بن سعد به، بلفظ:«جعلاه» .
وأخرجه أحمد (4311) عن يعقوب بن إبراهيم دون الشاهد.
(1)
في رواية ابن حِبان في «صحيحه» (4153)، وفي «مسند أبي يعلى» (7370):«وقد كانا جعلاه صداقًا» أي: كانا جَعَلا إنكاح كل واحد منهما الآخَر ابنته صداقًا.
وعلى هذا المعنى يكون مُوافِقًا لما عليه الجمهور من تعريف الشِّغَار.
إلا أن هناك بعض العلماء ممن حَمَل ذلك على ظاهره، كابن حزم، قال: فهذا معاوية بحضرة الصحابة لا يُعْرَف له منهم مُخالِف - يَفسخ هذا النكاح - وإن ذَكَرا فيه الصداق - ويقول: إنه الذي نَهَى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتفع الإشكال جملة. والحمد لله رب العالمين.
انظر «المُحَلَّى بالآثار» (9/ 122).
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ السيد بن البدوي، بتاريخ (26) جمادى الآخرة (1441 هـ) الموافق (20/ 2/ 2020 م):
1 -
الاختلاف في الوقف والرفع، ووَجْه الرفع أضعف.
2 -
قد يكون التفسير - على ما ظهر - من فَهْم معاوية رضي الله عنه.
3 -
الاختلاف على عبد الرحمن بن هُرْمُز مرة عن أبي هريرة رضي الله عنه، كما عند مسلم بلفظ:(نهى عن الشِّغار) دون وجه الشاهد. ومرة عن معاوية رضي الله عنه كما هنا.
4 -
الاختلاف على ابن إسحاق في لفظ الحديث: «وَكَانَا جَعَلَا» أو: «وكانا جعلاه» ولا يمكن الترجيح عليه، وقد صَرَّح بالسماع من شيخه.
5 -
ليس لابن هُرْمُز إلا هذا الحديث عن معاوية رضي الله عنه.
6 -
هناك رسالتان في هذه المسألة:
الأولى: للشيخ ابن باز، وأن النكاح ينفسخ، سَمَّيا صداقًا أو لم يُسمِّيا.
والرسالة الأخرى: لمحمد بن موسى البيضاني، انتصر فيها للجمهور.
تَنْبِيهٌ ذِكْرُ الْبِنْتِ فِي تَفْسِيرِ الشِّغَارِ مِثَالٌ وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ذِكْرُ الْأُخْتِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْبَنَاتِ مِنَ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَغَيْرِهِنَّ كالبنات فِي ذَلِك وَالله أعلم
(1)
.
(1)
انظر «فتح الباري» (9/ 164) لابن حجر بتصرف.
ألفاظ التزويج
• قال الإمام مسلم رقم (2111) - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟» ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ وَلَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا» ، قَالَ: لَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ:«فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَهَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟» ، قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» .
جمهور الرواه على لفظ التزويج ونحوه في الموطأ (2/ 526)«قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» .
وتابع مالكًا ثمانية:
1 -
سفيان بن عيينة كما في البخاري (5149) ومسلم.
2 -
فضيل بن سليمان أخرجه البخاري (5132).
3 -
الداروردي أخرجه مسلم.
4 -
مبشر بن مكسر أخرجه الطبراني (5938).
5 -
عبد الله بن مصعب - وهو ضعيف - أخرجه الطبراني في «الكبير» (2733).
6 -
هشام بن سعد - وهو ضعيف وكذا السند إليه - أخرجه الطبراني في «الكبير» (5750).
7 -
زائدة في الأرجح إليه كما عند مسلم.
8 -
حماد بن زيد في وجه أخرجه البخاري (5029) ومسلم وفي وجه بلفظ «التمليك» أخرجه البخاري (5141).
وتابعه على لفظ «التمليك» أربعة:
1 -
عبد العزيز بن أبي حازم أخرجه البخاري (5087) ومسلم.
2 -
يعقوب بن عبد الرحمن في الأرجح إليه أخرجه البخاري (5126) ومسلم.
3 -
أبو غسان محمد بن مطرف في الأرجح إليه أخرجه البخاري.
4 -
معمر في الراجح إليه أخرجه أحمد (22832).
• والخلاصة: أن اللفظين متفق عليهما وإن كان الأشهر والأرجح والأصح التزويج وقال الدارقطني: الصواب رواية من روى (زوجتكها) وأنهم أكثر وأحفظ وقال ابن التين: أجمع أهل الحديث على أن الصحيح رواية (زوجتكها) وأن رواية «ملكتكها» وهم ووصف ابن حجر ذلك بالمبالغة. وقال البيهقي: فرواية الجمهور على لفظ التزويج إلا رواية الشاذ منها والجماعة أولى بالحفظ من الواحد. وقال العلائي: القلب أميل إلى ترجيح رواية التزويج لكونها رواية
الأكثرين ولقرينة قول الرجل الخاطب: زوجنيها يا رسول الله. وانظر «النكت» (ص/ 81) لابن حجر.
بينما قال شيخنا مع الباحث/ محمود العرباني بتاريخ 22 صفر 1443 موافق 29/ 9/ 2021 م: الخلاف غير مؤثر
(1)
.
(1)
بل مؤثر انظر في ذلك: «الحاوى الكبير» (9/ 393) فقد نقل عن الشافعي
…
وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إِلَّا بِاسْمِ التَّزْوِيجِ أَوِ النِّكَاحِ ".
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْكِتَابَةِ كَانْعِقَادِهِ بِالصَّرِيحِ.
فَجَوَّزَ انْعِقَادَهُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالتَّمْلِيكِ، وَلَمْ يُجِزْهُ بِالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَ
…
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ ذَكَرَ مَعَ هَذِهِ الْكِتَابَاتِ الْمَهْرَ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَصِحَّ، فَاسْتَدَلُّوا عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِالْكِتَابَةِ .... إلخ.
وقد وافقت الحنابلة الشافعية ففي «حاشية الروض المربع» (6/ 246 - 247): (ولا يصح) النكاح (ممن يحسن) اللغة (العربية بغير لفظ: زوجت أَوْ أَنكحت) لأَنهما اللفظان اللذان ورد بهما
…
(و) لا يصح قبول إلا بلفظ (قبلت هذا النكاح، أو تزوجتها.
الدعاء للعروس
(1)
• قال الإمام سعيد بن منصور: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَفَّأَ إِنْسَانًا
(2)
قَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا بِخَيْرٍ»
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (522) وعنه الإمام أحمد (8956) وتابعه.
1 -
قتيبة بن سعيد أخرجه أحمد (8957)، وأبو داود (2130)، والترمذي (1091).
2 -
سويد بن سعيد أخرجه ابن ماجه (1905).
3 -
عبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي أخرجه النسائي (10017) وابن السني
(1)
وصف يستوي فيه الذكر والأنثى ما داما في إعراسهما وجمع الرجل "عُرُسٌ" بضمتين مثل رسول ورسل وجمع المرأة "عَرَائِسُ" كما في «المصباح المنير» (ص: 208).
(2)
قال السندي في «حاشية السندي على مسند أحمد» عقب رقم (8599): قوله (إِذَا رَفَّأَ إِنْسَانًا) بتشديد الفاء بعدها همزة، وقد لا يهمز الفعل، والمراد بالترفئة ها هنا: التهنئة بالزواج، وأصله: قول القائل: بالرفاء والبنين، والرفاء بكسر الراء والمد بمعنى: الالتئام والموافقة، وكان من عادتهم أن يقولوا للمتزوج ذلك، فأبدله الشارع بما ذكر، لأنه لا يفيد، ولما فيه من التنفير عن البنات (بَارَكَ اللهُ لَكَ) أي: عليها (وَبَارَكَ عَلَيْكَ) أي: لها، ففي الكلام صنعة الاحتباك.
في «عمل اليوم والليلة» (604).
4 -
الوليد بن الزيني أبو العباس أخرجه أبو يعلى في «معجمه» (325).
5 -
نعيم بن حماد أخرجه الدارمي (2220).
• الخلاصة: انتهى شيخنا معي في «المسند الجامع في الدعوات» إلى تحسينه ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث أحمد الجندي بتاريخ 20 ربيع أول 1443 موافق 26/ 10/ 2021 م: إسناده حسن.
• تنبيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد بناءه: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»
(1)
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله رضي الله عنه: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ» أَوْ قَالَ: «خَيْرًا»
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (5155)، ومسلم (1427).
(2)
أخرجه البخاري (5367)، ومسلم (715).
ضَرْب الدف في النكاح
1 -
قال الإمام البخاري رقم (5147): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ: قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ: «دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ» .
2 -
وعموم ما أخرجه البخاري (5162): حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْو» .
3 -
قال الإمام الترمذي في «سُننه» (1088): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الجُمَحِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الحَرَامِ وَالحَلَالِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ» .
تابع هُشيمًا شعبةُ بن الحَجاج كما عند أحمد (18210) وغيره. وأبو عَوَانة كما عند أحمد (18279).
• وقال العلائي في «جامع التحصيل» (ص: 263): محمد بن حاطب بن الحارث الجُمَحي وُلد بأرض الحبشة، وله عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها عند
الترمذي «فَصْل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف» قال يحيى بن مَعِين: له رؤية، ولا يُذكَر له صحبة.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا للباحث عبد المنعم بن راضي: تُراجَع ترجمة محمد بن حاطب. و (أبو بَلْج) قال فيه البخاري: فيه نظر. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال أبو حاتم بن حِبان: يخطئ. وذَكَر الذهبي الحديث في «الميزان» في المُنتقَد
(1)
. ا هـ. بتاريخ (12) رجب (1441 هـ) الموافق (7/ 3/ 2020 م).
وثم أكد هذه النتيجة مع الباحث حازم بن مسعد أبو زيد بتاريخ الأحد 29 من ذي الحجة 1442 موافق 8/ 8/ 2021 م: وكتب الحديث مما استنكر على أبي بلج وأبو بلج قال البخاري فيه نظر ووثقه غيره وقال أحمد: استنكر عليه حديث
(2)
وذكر الذهبي هذا الحديث فيما استنكر.
الضعف فيه من وجهين: الكلام في أبي بَلْج، والاختلاف في صحبة محمد بن حاطب
(3)
.
(1)
وفي «فتاوى نساء الأمة» (2/ 128): في سنده أبو بَلْج، مُختلَف فيه.
(2)
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث/ منصور الشرقاوي بتاريخ الثلاثاء 14 صفر 1443 موافق 21/ 9/ 2021 م: وأفاد الباحث أن الحديث الذي استنكر الإمام أحمد حديث: تسد الأبواب.
(3)
رأى النبيَّ وهو غلام صغير، قاله الترمذي. وقال ابن أبي حاتم: له رؤية وليس له صحبة. وقال البيهقي: محمد بن حاطب عن النبي مرسلًا.
• وأبو بَلْج يحيى بن سُليم الفَزَاري مختلف فيه: قال البخاري: فيه نظر. وورد عن ابن مَعِين التوثيق وغيره. وقال أحمد: روى حديثاً منكرًا
(1)
. وقال الأزدي: غير ثقة.
• وقال ابن حِبان في «المجروحين» (2/ 401): كان ممن يخطئ، لم يَفحش خطؤه حتى استحق التَّرك، ولا أتى منه ما لا ينفك منه البشر، فيُسلَك به مسلك العدول، فأرى أن لا يُحتج بما انفرد من الرواية فقط، وهو ممن أستخير الله فيه.
4 -
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي المَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ»
(2)
.
5 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ:
(1)
يُنظر هذا الخبر.
(2)
إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي (1089) وفي سنده عيسى بن ميمون، ضعيف، وترجمه ابن عَدِي وذَكَر له هذا الخبر. ولفظة:«أعلنوا النكاح» لها شاهد من حديث ابن الزبير أخرجه أحمد (4/ 5) وفي سنده ضعف.
تنبيه: في سنده شيخ ابن وهب ويرى شيخنا أنه أقرب إلى الجهالة وبعدما سمع كلام أبي حاتم وسؤال البرقاني للدارقطني وقوله: لا بأس به.
وشاهد آخر من حديث محمد بن حاطب ومن حديث علي رضي الله عنه وفي سنده الحسين بن عبد الله بن ضميرة ضعيف جدًّا.
الخلاصة: وانتهى مع الباحث بتاريخ الأربعاء 8 صفر 1443 هـ. الموافق 15/ 9/ 2021 م: لمضعف أن يضعفه وله شواهد عامة يصح بها وتقييده بالمسجد ضعيف.
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث منصور الشرقاوي بتاريخ 29/ صفر 1443 موافق 5/ 10/ 2021 م.
نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ
…
يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَأُحِبُّكُنَّ»
(1)
.
6 -
قال الترمذي في «سُننه» رقم (3690): حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي، وَإِلَّا فَلَا» فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ» :
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَفِي البَابِ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد بن لملوم، بتاريخ (18) شوال (1442 هـ) الموافق (30/ 5/ 2021 م) إلى أن آفته حسين بن واقد. وقد قال الإمام أحمد عمومًا، كما في «العلل» (1/ 323): عبد الله بن بُريدة، الذي
(1)
أخرجه ابن ماجه (1899).
روى عنه حسين بن واقد، ما أنكرها.
وله شاهد عند أبي داود في «سُننه» (3/ 237) رقم (3312): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ. قَالَ:«أَوْفِي بِنَذْرِكِ» قَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا - مَكَانٌ كَانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ - قَالَ: «لِصَنَمٍ؟» قَالَتْ: لَا. قَالَ: «لِوَثَنٍ؟» قَالَتْ: لَا. قَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِكِ» وآفته أيضًا الحارث بن عُبيد.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد بن لملوم بتاريخ 18 شوال 1442 هـ موافق 30/ 5/ 2021 م إلى أن آفته حسين بن واقد. وقد قال الإمام أحمد عمومًا كما في «العلل» (1/ 323): عبد الله بن بريدة، الذي روى عنه حسين بن واقد، ما أنكرها.
وله شاهد عند أبي داود في «سننه» (3/ 237) رقم (3312) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ، قَالَ:«أَوْفِي بِنَذْرِكِ» قَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، مَكَانٌ كَانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ «لِصَنَمٍ»: قَالَتْ: لَا، قَالَ:«لِوَثَنٍ» ، قَالَتْ: لَا، قَالَ:«أَوْفِي بِنَذْرِكِ» وآفته أيضًا الحارث بن عبيد.
ما جاء في الطبل
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2476): حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْجَرِّ الْأَبْيَضِ، وَالْجَرِّ الْأَخْضَرِ، وَالْجَرِّ الْأَحْمَرِ، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالُوا: إِنَّا نُصِيبُ مِنَ الثُّفْلِ، فَأَيُّ الْأَسْقِيَةِ؟ فَقَالَ:«لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ، وَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيَّ - أَوْ: حَرَّمَ - الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» .
قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ: مَا الْكُوبَةُ؟ قَالَ: «الطَّبْلُ» .
وتابع سفيانَ إسرائل، أخرجه الطبراني في «الكبير» (12598).
وتابع عليَّ بن بَذيمة عبد الكريم الجَزَري على نهاية المتن، أخرجه أحمد (2625)(3272) وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (4448).
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ منصور الشرقاوي، بتاريخ الثلاثاء (5) ذي القعدة (1442 هـ) الموافق (15/ 6/ 2021 م): قيس بن حَبْتَر ليس من أصحاب ابن عباس المعروفين، فانفراده عن ابن عباس بشيء - لا يُتحمل. وقال: رَاجِع الخبر بضميمة حديث الصحيح؛ لأن حديث الصحيح في قصة وفد عبد القيس، وهي هنا.
وأكد هذه النتيجة مع ابنه يحيى بتاريخ 3 ربيع أول 1443 موافق 9/ 10/ 2021 م ولا يتحملها لكونه خالف أصحاب ابن عباس.
الدعاء ليلة العرس
• قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (1918): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَفَادَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً أَوْ خَادِمًا أَوْ دَابَّةً، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ» .
وتابع الثوري يحيى بن أيوب ويحيى بن سعيد وأبو خالد سليمان الأحمر، كما عند أبي داود (2160) وابن ماجه (2252) وسعيد بن أبي أيوب وعبد العزيز بن محمد.
وخالفهم حِبان بن علي العَنَزي - وهو ضعيف - فقال: عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، به. أخرجه أبو يعلى (6610) وغيره. ورواية الجماعة أرجح.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا بتاريخ (21) شوال (1442 هـ) الموافق (2/ 6/ 2021 م) مع الباحث أبي حمزة عبد الرحمن بن عبد المعطي السويسي
(1)
:
(1)
وُلد بتاريخ (10/ 2/ 1969 م) بأدفو التابعة لمحافظة أُسوان، حاصل على بَكالوريوس علوم وتربية، نزيل منية سمنود (2006 - 2010 م).
قَدَّم له شيخنا:
1 -
«اللحية» ط/ المكتبة الإسلامية.
2 -
«صراع الإنسان بين الجن والشيطان» .
3 -
«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» .
4 -
«الوهب الفياض في بيان أحكام طلاق الحائض» ثلاثتها تحت الطبع.
حسن. هل تَكلَّم أحد في رواية عمرو بن شُعيب من طريق محمد بن عجلان عنه؟ زعم أنه لم يجد كلامًا للعلماء في ذلك.
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث/ علي بن عبد اللطيف السجاعي المحلاوي بتاريخ 19/ ربيع أول 1443 موافق 25/ 10/ 2021 م إلى حسنه.
صلاة ركعتين بالزوجة ليلة العرس
• قال الطبراني في «الأوسط» رقم (4018): حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا دَخَلَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ، فَتَقُومُ مِنْ خَلْفِهِ، فَيُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي أَهْلِي، وَبَارِكْ لأَهْلِي فِيَّ، اللَّهُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنِّي، وَارْزُقْنِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا مَا جَمَّعْتَ فِي خَيْرٍ، وَفَرِّقْ بَيْنَنَا إِذَا فَرَّقْتَ إِلَى خَيْرٍ» .
• وخالف الحسينَ بن واقد - مع أنه روى عن عطاء بعد الاختلاط - حمادُ بن زيد فأوقفه، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (8994).
وتابع حمادًا مُتابَعة قاصرة مع التفصيل في المتن الموقوف - أبو وائل شقيق بن سَلَمة، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» رقم (11199): عَنِ الثَّورِيِّ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ إِلَى عَبدِ اللهِ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُ جَارِيَةً بِكْرًا، وَإِنِّي قَدْ خَشِيتُ أَنْ تَفْرِكَنِي. فَقَالَ عَبدُ اللهِ: إِنَّ الإِلْفَ مِنَ اللهِ، وَإِنَّ الْفَرْكَ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيُكَرِّهَ إِلَيْهِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَهُ، فَإِذَا أُدْخِلَتْ عَلَيْكَ، فَمُرْهَا فَلْتُصَلِّ خَلْفَكَ رَكْعَتَيْنِ.
• قَالَ الأَعْمَشُ: فَذَكَرْتُهُ لإِبرَاهِيمَ فَقَالَ: قَالَ عَبدُ اللهِ: وَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي أَهْلِي، وَبَارِكْ لَهُمْ فِيَّ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مِنْهُمْ، وَارْزُقْهُمْ مِنِّي، اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا مَا جَمَعْتَ إِلَى خَيْرٍ، وَفَرِّقْ بَيْنَنَا إِذَا فَرَّقْتَ إِلَى خَيْرٍ.
• وتابع الثوريَّ مَعْمَرٌ، كما عند عبد الرزاق أيضًا. وتابعهما أبو معاوية كما عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (17156).
• وتابع أبا وائل المُسيَّب والد العلاء، أخرجه الضبي في «الدعاء» (33).
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن سلامة الأزهري الشرقاوي، بتاريخ (22) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (4/ 4/ 2021 م): الوقف أصح، بل الصحيح الوقف.
حُكْم إجابة وليمة العرس
(1)
• قال الإمام مالك في «الموطأ» رقم (2/ 546): عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ، فَلْيَأْتِهَا» .
وتابع مالكًا: موسى بن عقبة، وإسماعيل بن أُمية، وعُبيد الله في الأصح
عنه
(2)
وأيوب السَّختياني في الأصح عنه
(3)
وخالفهم الزبيدي
(4)
ومحمد بن عبد الرحمن فقالا: عرسًا أو نحوه.
(1)
قال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 241): أما اختصاص اسم الوليمة بطعام العرس، فهو قول أهل اللغة فيما نقله عنهم ابن عبد البر، وهو المنقول عن الخليل بن أحمد وثعلب وغيرهما، وجَزَم به الجوهري وابن الأثير.
وقال صاحب «المُحْكَم» : الوليمة طعام العرس والإملاك، وقيل: كل طعام صُنع لعرس وغيره.
وقال عِيَاض في «المشارق» : الوليمة: طعام النكاح، وقيل: الإملاك، وقيل: طعام العرس خاصة.
وقال الشافعي وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تُتخذ لسرورٍ حادث، من نكاح أو ختان وغيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح، وتُقيَّد في غيره، فيقال: وليمة الختان، ونحو ذلك.
وقال الأزهري: الوليمة مأخوذة من الوَلْم وهو الجَمْع وزنًا ومعنى؛ لأن الزوجين يجتمعان.
وقال ابن الأعرابي: أصلها من تتميم الشيء واجتماعه. وجَزَم الماوردي ثم القرطبي بأنها لا تطلق في غير طعام العرس إلا بقرينة، وأما الدعوة فهي أعم من الوليمة.
(2)
رواه عنه خالد بن الحارث، وحماد بن أسامة، وعقبة بن خالد، ويحيى بن أبي زائدة. وخالفهم عبد الله بن نُمير فزاد «عرس» .
(3)
رواه عنه حماد بن زيد ووُهيب، وخالفهما معمر فزاد: عرسًا كان أو نحوه. أخرجه مسلم. ورواية معمر عن البصريين فيها مقال.
(4)
كما عند مسلم من طريق بقية: حدثنا الزُّبَيْدي هو محمد بن الوليد.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أحمد سالم العَقيلي: الطرق التي فيها التقييد بالعرس فيها مقال. ا هـ.
قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/ 25): وَكَانَ مَا فِي حَدِيثَيْ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدَ هَذَيْنِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ الْحَقِّ، أَنَّهُ لِدَعْوَةِ عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ - قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ رُوَاةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ.
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ، بِغَيْرِ ذِكْرِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعُرْسِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ
…
فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ إِتْيَانُهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُدْعَى إِلَيْهَا فِي أَحَادِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذِهِ - هِيَ الْوَلِيمَةُ.
ثم حَمَل حديثَي أبي هريرة وجابر في الدعوة العامة على الوليمة.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 242): أما قول المصنف: (حَقُّ إِجَابَةٍ) فيشير إلى وجوب الإجابة. وقد نَقَل ابن عبد البر ثم عياض ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب إجابة وليمة العرس.
وفيه نظر، نعم، المشهور من أقوال العلماء الوجوب، وصَرَّح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين، ونَصَّ عليه مالك. وعن بعض الشافعية والحنابلة أنها مستحبة. وذَكَر اللخمي من المالكية أنه المذهب.
وكلام صاحب «الهداية» يقتضي الوجوب، مع تصريحه بأنها سُنة. فكأنه أراد أنها وجبت بالسُّنة، وليست فرضًا، كما عُرِف من قاعدتهم وعن بعض الشافعية والحنابلة: هي فرض كفاية. وحَكَى ابن دقيق العيد في «شرح الإلمام» (2/ 265): أن محل ذلك إذا عمت الدعوة، أما لو خَصَّ كل واحد بالدعوة، فإن الإجابة تتعين، وشَرْط وجوبها أن يكون الداعي مكلفًا حرًّا رشيدًا، وأن لا يَخص الأغنياء دون الفقراء.
إِذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَيُّهُمَا أَحَقُّ
• قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (998): نَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ الدَّالَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دَعَاكَ الدَّاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا؛ فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا، فَإِنْ جَاآ جَمِيعًا فَأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ» .
وتابع ابنَ أبي شيبة جماعةٌ منهم إسحاق بن رَاهَوَيْهِ.
• الخلاصة: رجاله ثقات إلا أبا خالد الدالاني، قال فيه أبو حاتم: صدوق ثقة. ووثقه ابن مَعِين في رواية. وفي أخرى: لا بأس به. وقال أحمد والنَّسَائي: لا بأس به.
قال ابن سعد: منكر الحديث.
وقال ابن حِبان فى «الضعفاء» : كان كثير الخطأ فاحش الوهم، خالف الثقات في الروايات، حتى إذا سَمِعها المبتدئ فى هذه الصناعة عَلِم أنها معمولة أو مقلوبة، لا يَجوز الاحتجاج به إذا وافق، فكيف إذا انفرد بالمعضلات؟!
بينما قال الحاكم: إن الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان.
إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا رَجَعَ
• ورد فيه ثلاثة أخبار:
الأول: ما أخرجه البخاري رقم (2613): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ {قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيٌّ، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا» ، فَقَالَ:«مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟» فَأَتَاهَا عَلِيٌّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ. قَالَ: «تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلَانٍ، أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ»
(1)
.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 229): قَوْلُهُ: (حَدَّثنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الْكُوفِيُّ، وَلَيْسَ لِفُضَيْلٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.
الخبر الثاني: ما أخرجه النَّسَائي (5351): حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: صَنَعْتُ طَعَامًا، فَدَعَوْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ، فَدَخَلَ فَرَأَى سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَخَرَجَ وَقَالَ:«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ» .
خالف مسعودًا أبو كُرَيْب، كما عند ابن ماجه (3359) وإبراهيم بن زياد،
(1)
تنبيه: يُدْرَس مع حديث عائشة في رواية قصة الستر
…
الباحث/ عاطف بن رشدي.
كما عند البزار (486) فلم يَذكرا: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ» .
وروايتهما أرجح. ويُؤيِّد ذلك متابعة معاذ بن هشام القاصرة لوكيع بدونها، أخرجها أبو يعلى (533).
• والخلاصة: أن سنده صحيح، ورواية سعيد بن المُسيِّب عن علي في البخاري برقم (1569) ومسلم (1223) من طريق سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قَالَ: اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ {، وَهُمَا بِعُسْفَانَ، فِي المُتْعَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ:«مَا تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ، أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا.
وكَتَب شيخنا مع الباحث/ علي بن عبد العزيز بن سليمان، بتاريخ (21) شوال (1442 هـ) المُوافِق (2/ 6/ 2021 م): هل صح سماع سعيد بن المسيب من علي؟
الخبر الثالث: ما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (21922): حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَفِينَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا ضَافَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَصَنَعُوا لَهُ طَعَامًا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: لَوْ دَعْونَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَنَا. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَجَاءَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، فَإِذَا قِرَامٌ قَدْ ضُرِبَ بِهِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ: اتْبَعْهُ، فَقُلْ لَهُ: مَا رَجَعَكَ؟ فَتَبِعَهُ، فَقَالَ: مَا رَجَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ لِي - أَوْ: لَيْسَ لِنَبِيٍّ - أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا» .
• الخلاصة: في سنده سعيد بن جُهْمَان، وثقه ابن مَعِين وأحمد وأبو داود، وقال البخاري: في حديثه عجائب. وقال أبو حاتم: شيخ يُكتب حديثه، ولا يُحتج به. وقال أبو أحمد بن عَدِيّ: روى عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره،
وأرجو أنه لا بأس به؛ فإن حديثه أقل من ذلك.
وكَتَب شيخنا بتاريخ (21) شوال (1442 هـ) الموافق (2/ 6/ 2021 م) مع الباحث علي بن عبد العزيز بن سليمان، على ترجمة سعيد بن جُهْمَان: له غرابات.
مُدَارَاةُ النِّسَاءِ
1 -
قال الإمام مسلم (1468): حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَرْأَةَ كَالضِّلَعِ، إِذَا ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ» .
• وتابع ابنَ المُسيِّب على هذا اللفظ: أبو حازم وعجلان المدني والأعرج. وعنه أبو الزِّناد واختُلف عليه، فرواه الجماعة كرواية الجماعة السابقين، وخالفهم سفيان بن عُيينة فقال: «
…
كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» أخرجه مسلم (1468) بلفظ:«إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» .
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد لملوم، بتارخ (16) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (29/ 3/ 2021 م):«وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» زيادة تفسيرية.
2 -
قال ابن أبي شيبة في المصنف (19270): نا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: نا عَوْفٌ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلْعِ تَكَسَّرَ، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا» .
أشهر أسباب العنف بين الزوجين
1 -
الجهل بالحقوق والواجبات، وعدم الوعي بالتعاليم الإسلامية والبعد عن الدين.
2 -
التأثر بالعادات والتقاليد الخاطئة، كتعليق سوط أو حَمْل خرزانة أو ذبح قطة.
3 -
مطالعة الأفلام - وبخاصة الأجنبية - التي تحض على العنف.
4 -
النظرة القاصرة للحياة الزوجية، وعدم الإدراك الصحيح لمقاصد النكاح.
5 -
الإهمال وعدم التوافق الجنسي.
6 -
وثَم أسباب أُخَر، كشدة الفقر وسوء اختيار الزوجين، وتعاطي المُخدِّرات وعدم التوافق والتكافؤ بين الزوجين، وفَقْد القيم والأخلاق، وتَدخُّل الأهل والرفقاء بطريقة سلبية في حياة الزوجين، والنشوز بين الزوجين وعدم الطاعة بينهما، والغَيرة المذمومة والعصبية، وسرعة الغضب، والعناد المستمر وتَصلُّب الرأي.
ومن الأدلة العامة على حسن المعاشرة بين الزوجين قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] و {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] وقوله صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ
خَيْرًا» أخرجه البخاري (5186) ومسلم (1468) من حديث أبي هريرة. وقوله: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» أخرجه الترمذي (3895) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ، يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ» أخرجه أبو داود (2146) وابن ماجه (1985) وسنده صحيح. وعموم الأدلة في طاعة الزوج المقيدة بالمعروف.
وهذا من بحث (العنف بين الزوجين أسبابه وآثاره وعلاجه» للباحث/ إبراهيم بن رشاد الفقي
(1)
.
(1)
وُلد ببهتيم التابعة لمحافظة القليوبية، بتاريخ (28/ 7/ 1982 م) حاصل على ماجستير في الشريعة الإسلامية، بعنوان «المشكلات الأسرية» من معهد الإمام الباقوري.
له من الكتب التي قَدَّمها شيخنا:
1 -
«أحكام الذبائح المستوردة» ط/ دار اللؤلؤة.
2 -
«وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم» ط/ دار اللؤلؤة.
3 -
«التسول أسبابه وعلاجه» ط/ دار اللؤلؤة.
4 -
«المدح آداب وأحكام» ط/ دار اللؤلؤة.
5 -
«نفحات ربانية لكسب الحسنات ومغفرة السيئات» .
6 -
«العنف بين الزوجين أسبابه وآثاره وعلاجه» وهذا قَيْد المراجعة.
ضَرْب الزوجة
• قال أبو داود في «سُننه» رقم (2147): حَدَّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا عَبدُ الرَّحمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيِّ، عَنْ عَبدِ الرَّحمَنِ الْمُسْلِيِّ،
(1)
عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَا
(2)
ضَرَبَ امْرَأَتَهُ».
قال البزار في «مسنده» (1/ 357): هذا الحديث لا نعلمه يُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، وعبد الرحمن المُسْلِيّ هو عندي أبو وبرة، وعبد الرحمن وابنه قد حدثا بأحاديث، وعبد الرحمن لا نعلم حَدَّث بغير هذا الحديث.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث بتاريخ (7) شعبان (1441 هـ) الموافق (31/ 3/ 2020 م) إلى أن علة هذا الخبر تفرد عبد الرحمن المُسْلِيّ به، ولا يُعْرَف إلا في حديثه هذا عن الأشعث، وقد تفرد داود الأودي عنه به
(3)
وليس له عندهم إلا هذا الحديث
(4)
.
(1)
بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، نِسْبَةً إِلَى مُسْلِيَةَ مِنْ كِنَانَة. كما في «عون المعبود شرح سُنن أبي داود» (6/ 185).
(2)
عند النسائي (9320)(فيم).
(3)
أفاده الذهبي في «الميزان» (2/ 602).
(4)
قاله ابن حجر في ترجمته من «التهذيب» (6/ 304).
• تنبيه: اعلم أيه الزوج أن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن دعوة المظلوم لا ترد والله أعلى وأقوى من كل قوي وإنما أمر بالضرب اليسير كمرتبة أخيرة من مراتب التقويم في قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].
تنبيه الزوج زوجه قبل قدومه من سفره
• قال الإمام مسلم رقم (715): وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ» .
وتابع وكيعًا أبو نُعيم كما في «السُّنن الكبرى» (9096).
وخالفهما محمد بن يوسف كما في «سُنن الدارمي» (2673): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ يَذْكُرُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا، أَوْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ» .
قَالَ سُفْيَانُ: قَوْلُهُ: «أَوْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ» مَا أَدْرِي: شَيْءٌ قَالَهُ مُحَارِبٌ، أَوْ شَيْءٌ هُوَ فِي الْحَدِيثِ.
وخالف الثوري شعبة، فقال: عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلًا» أخرجه البخاري (1801) ومسلم (1928).
• الخلاصة: أن الزيادة التعليلية «لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ» ضعيفة لأسباب:
1 -
نص سفيان السابق.
2 -
كونه غير مكثر عن محارب، وروى عنه في صغره.
3 -
مخالفة شُعبة له في عدم ذكرها كما سبق.
4 -
المتابعات القاصرة بدونها، فقد رواه الشَّعبي عن جابر أخرجه البخاري (5244) ومسلم (715).
وتابعه أبو الزبير عن جابر، أخرجه أحمد (22/ 230) ونُبَيْح العَنَزي، أخرجه أحمد رقم (14304): حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ نُبَيْحٍ، عَنْ جَابِرٍ:«نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ نَطْرُقَ النِّسَاءَ، ثُمَّ طَرَقْنَاهُنَّ بَعْدُ» .
5 -
إعراض البخاري عنها، وإيراد الإمام مسلم لها في نهاية الباب مشيرًا إلى إعلالها.
6 -
قال الترمذي عقب الخبر: وَفِي البَابِ عَنْ أَنَسٍ
(1)
، وَابْنِ عُمَرَ
(2)
، وَابْنِ
(1)
في البخاري (1800) ومسلم (1928): عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لَا يَدْخُلُ إِلَّا غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً» .
(2)
أخرجه أحمد رقم (5814): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَابِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ الْعَقِيقَ، فَنَهَى عَنْ طُرُوقِ النِّسَاءِ اللَّيْلَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا، فَعَصَاهُ فَتَيَانِ فَكِلَاهُمَا رَأَى مَا كَرِهَ».
وخالف ابن عجلان اثنان:
1 -
عمرو بن محمد بن زيد، أخرجه أبو عَوَانة (4/ 513) عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ، قَالَ:«لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ» وَأَرْسَلَ مَنْ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ أَنَّهُ قَادِمٌ بِالْغَدَاةِ
2 -
عُبيد الله بن عمر، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (14016): عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَفَلَ مِنْ غَزْوَةٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْجُرُفُ قَالَ:«لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ، وَلَا تَغْتَرُّوهُنَّ. وَبَعَثَ رَاكِبًا إِلَى الْمَدِينَةِ يُخْبِرُهُمْ أَنَّ النَّاسَ يَدْخُلُونَ بِالْغَدَاةِ» .
وروايتهما أرجح دون «فَعَصَاهُ فَتَيَانِ، فَكِلَاهُمَا رَأَى مَا كَرِهَ» . وبَيَّن رفع هذا الوجه ما أخرجه الخرائطي (803).
عَبَّاسٍ
(1)
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُمْ أَنْ يَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا. قَالَ: «فَطَرَقَ رَجُلَانِ بَعْدَ نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا» .
• قال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 340): هذه الترجمة لفظ الحديث الذي أورده في الباب في بعض طرقه، لكن اختُلف في إدراجه، فاقتَصر البخاري على القَدْر المتفق على رفعه، واستَعمَل بقيته في الترجمة؛ فقد جاء من رواية وكيع عن سفيان الثوري عن محارب عن جابر قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَطْرُق الرجل أهله ليلًا، يتخونهم أو يَطلب عثراتهم» .
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عنه، وأخرجه النَّسَائي من رواية أبي نُعيم عن سفيان كذلك. وأخرجه أبو عَوَانة من وجه آخَر عن سفيان كذلك. وأخرجه مسلم من رواية عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به، لكن قال في آخِره: قال سفيان: لا أدري هذا في الحديث أم لا. يعني «يتخونهم أو يَطلب عثراتهم» ثم ساقه مسلم من رواية شعبة عن محارب، مقتصرًا على المرفوع كرواية البخاري.
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (15736): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا
(1)
أخرجه الدارمي في «سُننه» رقم (1/ 409): عَنْ زَمْعَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا» قَالَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلًا، فانْسلَ رَجُلَانِ إِلَى أَهْلَيْهِمَا، فَكِلَاهُمَا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا. وزَمْعة ضعيف.
سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ لَيْلًا، فَتَعَجَّلَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَإِذَا فِي بَيْتِهِ مِصْبَاحٌ، وَإِذَا مَعَ امْرَأَتِهِ شَيْءٌ، فَأَخَذَ السَّيْفَ، فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: إِلَيْكَ إِلَيْكَ عَنِّي، فُلَانَةُ تُمَشِّطُنِي. فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَنَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا».
علته حُميد الأعرج، ضعيف.
وانتهى شيخنا مع الباحث/ بشير بن السيد البحيري إلى ضعف زيادة: «لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ» .
حكم رتق غشاء البكارة (الرتق العذري)
• اختلف فيه العلماء على قولين في الجملة:
الأول: التحريم مطلقا وبه قال د محمد بن المختار الشنقيطي في «أحكام الجراحة الطبية» (ص/ 432) ود/ صالح بن محمد الفوزان في «الجراحة التجميلية» (ص/ 612) وغيرهم.
وأشهر مستند لهذا القول حديث: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أخرجه مسلم (101).
القول الثاني: الجواز في حالات وقال به مجمع الفقه الإسلامي «القرار رقم 173» مجلة المجمع (11/ 18)
(1)
ومستندهم الآثار الواردة عن عمر رضي الله عنه والأحاديث العامة في الستر وإليك آثار عمر رضي الله عنه:
1 -
عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ إِلَيْهِ ابْنَةً لَهُ، وَكَانَتْ قَدْ أَحْدَثَتْ لَهُ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا رَأَيْتَ مِنْهَا؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ إِلاَّ خَيْرًا، قَالَ: فَزَوِّجْهَا وَلَا تُخْبِرْ. أخرجه قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (11431) - عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ به. وسنده صحيح.
(1)
يجوز رتق غشاء البكارة الذي تمزق بسبب حادث أو اغتصاب أو إكراه، ولا يجوز شرعا رتق الغشاء المتمزق بسبب ارتكاب الفاحشة، سدا لذريعة الفساد والتدليس، والأولى أن يتولى ذلك الطبيبات.
2 -
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَحْدَثَتِ امْرَأَةٌ بِالشَّامِ، فَكُتِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنْ أَنْكِحْهَا وَلَا تُخْبِرْ حَدَثَهَا. قَالَ: أَنْكِحُوهَا وَلَا تَذْكُرُوا حَدَثَهَا. أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» رقم (869) - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ به وعمرو لم يسمع من عمر.
3 -
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ إِلَى رَجُلٍ أُخْتَهُ، فَذَكَرَ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَحْدَثَتْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَضَرَبَهُ أَوْ «كَادَ يَضْرِبُهُ» ثُمَّ قَالَ:«مَا لَكَ وَلِلْخَبَرِ» أخرجه مالك في «موطئه» (2/ 547) وأبو الزبير لم يسمع من عمر.
4 -
عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ جَارِيَةً فَجَرَتْ وَأُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَقْبَلُوا مُهَاجِرِينَ، وَتَابَتِ الْجَارِيَةُ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَحَالُهَا، وَكَانَتْ تُخْطَبُ إِلَى عَمِّهَا، فَكَرِهَ أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى يُخْبِرَ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا، وَجَعَلَ يَكْرَهُ أَنْ يُفْشِيَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ أَمْرَهَا ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: زَوِّجُوهَا كَمَا تُزَوِّجُوا صَالِحِي نِسَائِكُمْ. أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (1/ 479) حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ عن الشعبي به. والشعبي لم يسمع من عمر قاله الدارقطني والبيهقي وابن حجر.
5 -
وعَنِ الشَّعْبِيِّ أيضًا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي وَأَدْتُ ابْنَةً لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَدْرَكْتُهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَاسْتَخْرَجْتُهَا، ثُمَّ إِنَّهَا أَدْرَكَتِ الْإِسْلَامَ مَعَنَا فَحَسُنَ إِسْلَامُهَا، وَإِنَّهَا أَصَابَتْ حَدًّا مِنْ حُدُودِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ نَفْجَأْهَا إِلَّا وَقَدْ أَخَذَتِ السِّكِّينَ تَذْبَحُ نَفْسَهَا، فَاسْتَنْقَذْتُهَا، وَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهَا فَدَاوَيتُهَا حَتَّى بَرَأَ كَلْمُهَا، فَأَقْبَلَتْ إِقْبَالًا حَسَنًا، وَإِنَّهَا خُطِبَتْ إِلَيَّ فَأَذْكُرُ مَا كَانَ مِنْهَا، فَقَالَ عُمَرُ:«هَاهِ، لَئِنْ فَعَلْتَ لَأُعَاقِبَنَّكَ عُقُوبَةً» ، قَالَ أَبُو فَرْوَةَ:
«يَسْمَعُ بِهَا أَهْلُ الْوَبَرِ، وَأَهْلُ الْوَدَمِ» ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ، يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْأَمْصَارِ، أَنْكِحْهَا نِكَاحَ الْعَفِيفَةِ الْمُسْلِمَةِ ". أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (10690) - عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ به. والشعبي لم يسمع من عمر كسابقه.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد أبو عسكرية بتاريخ بتاريخ الأحد 22 من ذي الحجة 1442 موافق 1/ 8/ 2021 م: إلى صحة الستر عن عمر رضي الله عنه وقال الفتوى بإجراء عملية ترقيع لغشاء البكارة لا نستطيع أن نتحملها أمام الله ويترتب عليها أثر عظيم بل اتركها على ما هي عليه وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: 101].
النية في الجماع
• قال تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187].
حديث أبي هريرة في قصة سليمان عليه السلام: «لأطوفن الليلة
…
» رواه عنه ثلاثة:
1 -
الأعرج، كله مرفوع، والروايات عنه بلفظ:(سبعين وتسعين ومِائة) واتَّفَق البخاري ومسلم على لفظ (تسعين) وقال البخاري: وهي أصح.
2 -
محمد بن سيرين، وعنه اثنان:
الأول: هشام بن حسان بلفظ: (مِائة امرأة) والأكثر عنه كله بالرفع.
والثاني: أيوب بلفظ: (ستين) وبالتفصيل في الرفع والوقف.
• قال الإمام مسلم رقم (1654): حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي الرَّبِيعِ - قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً، فَقَالَ: لَأَطُوفَنَّ عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَةَ، فَتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَتَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ.
فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى، لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ» .
وأخرجه البخاري رقم (7469): حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ، به.
• وخالف أيوب هشام- وهو ابن حسان - فقال: (مِائَة امْرَأَةٍ)
(1)
أخرجه أحمد (7137) وغيره، لكن هُشيم عن هشام بالتفصيل. وخالفه يزيد بن هارون، كما عند أحمد وابن أبي شيبة، وعبد الله بن بكر كما عند أبي عَوَانة (5994) ومكي بن إبراهيم كما في «الحِلية» (2279) فرفعوا المتن كله.
3 -
طاوس، وعنه اثنان:
أ - هشام بن حُجير، وعنه سفيان بن عُيينة، بلفظَي (تسعين) وأوله موقوف
(2)
و (سبعين) وكله مرفوع
(3)
.
ب - ابن طاوس، وعنه مَعْمَر، وعنه عبد الرزاق بلفظَي (سبعين)
(4)
و (مِائة)
(5)
والأكثر عن عبد الرزاق أوله موقوف.
• فائدة: في «سُنن الترمذي» رقم (1532): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) لَمْ يَحْنَثْ» .
سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ خَطَأٌ، أَخْطَأَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، اخْتَصَرَهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
(1)
فالمتفق عليه من هذا الطريق (ستين) وطريق هشام بن حسان (مِئة امرأة) فالأُولى يُعزِّزها إخراج الشيخين، والثانية تقويها قوة هشام في ابن سيرين. ولعلها رُويت على الوجهين.
(2)
في البخاري (672) وغيره.
(3)
في مسلم (1654) وغيره.
(4)
البخاري (7242).
(5)
مسلم (1654).
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ قَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلَامًا. فَطَافَ عَلَيْهِنَّ، فَلَمْ تَلِدِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ غُلَامٍ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قَالَ: (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) لَكَانَ كَمَا قَالَ» .
هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، هَذَا الحَدِيثُ بِطُولِهِ.
• قلت (أبو أويس): وقد يكون الخطأ من يحيى بن موسى؛ فقد خالفه الجماعة - وَهُمْ: الإمام أحمد
(1)
وعبد بن حُميد
(2)
ومحمود
(3)
والعباس
(4)
ومحمد بن يحيى
(5)
- فرووه عن عبد الرزاق من قصة سليمان ' مطولًا.
ولكن مما يَشفع لوجهة البخاري ثقة يحيى بن موسى.
• الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث/ إسماعيل بن حامد سِلْمي
(6)
بتاريخ (21) شوال (1442 هـ) المُوافِق (2/ 6/ 2021 م): احكم على السند، وكَتَب: هل طَعَن أحد علماء الحديث في الرواية المرفوعة؟
(1)
رقم (7715).
(2)
مسلم (1654).
(3)
البخاري (5242).
(4)
النَّسَائي (3856).
(5)
كما عند أبي عَوَانة (9859).
(6)
وُلد بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، حاصل على ليسانس دراسات إسلامية، قسم الحديث وعلومه. وجهه شيخنا للكتابة في «آداب قضاء الحاجة» .
زَعَم إسماعيل - حَفِظه الله - أنه لم يجد. ثم طَلَب منه دراسة تأصيلة في المفاضلة بين أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه، أيهم أرجح: الأعرج وطاوس ومحمد بن سيرين وابن المسيب؟.
بَابُ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ،
وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ
• أَخْرَج البخاري رقم (268): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ، مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ» قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَوَكَانَ يُطِيقُهُ؟! قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ.
وتابع هشامًا سعيد بن بَشير - وهو ضعيف في قتادة - أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي» (3/ 457): عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَطُوفُ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ، وَأُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ» .
• وأخرجه البخاري رقم (5068): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ»
(2)
.
(1)
رواه مَعْمَر تارة عن قتادة، وأخرى عن الزُّهْري، وصَوَّب النَّسَائي روايته عن قتادة.
(2)
وتابع سعيدًا مُتابَعة قاصرة مطرٌ الوراق، لكن قال:(ضحوة) بدل (ليلة).
فقد أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (13505): حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَى تِسْعِ نِسْوَةٍ فِي ضَحْوَةٍ» .
• وخالف قتادةَ هشامُ بن زيد، أخرجه مسلم رقم (309): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ - يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ الْحَذَّاءَ - عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ.
• وتابعه حُمَيْدٌ الطويل، كما عند أحمد (11946)، (12967) وتابعهما ثابت البُناني، كما عند أحمد (12632) فلم يَذكروا العدد ولا القوة.
• الخلاصة: أن لفظ: «وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَوَكَانَ يُطِيقُهُ؟! قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ» تَفَرَّد بها معاذ بن هشام مع متابعة سعيد بن بَشير، فهل يَتحمل معاذ بن هشام
(1)
هذا التفرد، مع المخالفة للرواة عن قتادة، وكذلك الرواة عن أنس رضي الله عنه؟ فكلهم:
1 -
لم يَذكروا عدد النسوة (إحدى عَشْرة) بل خالفه يزيد بن زُرَيْع، فقال:(تسع نسوة) ولذا عَقَّب بها البخاري زيادة (إحدى عَشْرة) وأسندها.
2 -
ولم يَذكروا (كنا نتحدث
…
).
(1)
ترجمه الحافظ في «فتح الباري» (1/ 444): مُعاذ بن هشام الدَّستُوائي البصري، من أصحاب الحديث الحُذاق.
وثقه يحيى بن مَعِين في رواية عثمان الدارمي. واعتَمده عليّ بن المَدِينِيّ. وقال الدُّوري عن ابن مَعِين: صَدُوق وليس بحجة. وقال ابن أبي خَيْثَمَة عن ابن مَعِين: ليس بذاك القوي.
وقال ابن عَدِيّ: ربما يَغلط في الشيء، وأرجو أنه صدوق.
وتَكلَّم فيه الحُميدي من أجل القَدَر.
قلتُ: لم يُكْثِر له البخاري، واحْتَجّ به الباقون.
فإن قال قائل: إن سؤال قتادة لأنس يُقَوِّي قَبولها؛ لأن الآخَرِين لم يسألوا.
قلنا: نعم، إِنْ سَلِم السند مع عدم المخالفة، وهنا تَحقَّق تَفرُّد معاذ بن هشام مع مخالفته، وإشارة البخاري رحمه الله إلى رواية سعيد، وهو مِنْ أثبت الناس في قتادة.
3 -
ومما يؤيد رواية الجماعة عن أنس رضي الله عنه: رواية عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا. أخرجه البخاري (267) ومسلم (1192).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ إسماعيل بن حامد، بتاريخ (22) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (4/ 4/ 2021 م) إلى أن زيادة (إحدى عَشْرة) شاذة لا اختلاف فيها.
وأما (كنا نتحدث
…
) فهذا الكلام لا نستطيع أن نَرُده؛ لأنه سؤال خاص بقتادة لأنس، ولا يُعَل بعدم مشاورة الآخَرِين في روايته. وليُحرَّر. يُراجَع بدقة مع حديث سليمان: «لأطوفن الليلة
…
».
امتناع المرأة من إجابة زوجها لغير عذر كبيرة
• قال الإمام مسلم رقم (1436): حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا» .
• خالف يزيد بن كيسان في اللفظ إمامان:
1 -
منصور بن المعتمر.
2 -
الأعمش.
فقالا عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» .
وروايتهما أصح وأرجح للكلام في يزيد عند المخالفة
(1)
وقد تابع الأعمش
(1)
ويزيد بن كيسان وثقه ابن معين والفسوي والنسائي والدارقطني وابن شاهين وقال أحمد: لم يكن به بأس. وقال ابن عدي: أرجو أن لا يكون بروايته بأس. وقال القطان: وهو صالح وسط وليس ممن يعتمد عليه. وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ومحله الستر صالح الحديث. ولا يحتج بحديثه وهو بابة فضيل بن غزوان وزويه بعض ما يأتي به صحيح وبعضه لا. ويحول من ضعفاء البخاري.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان يخطئ ويخالف لم يفحش خطأوه حتى يعدل به عن سبيل العدول ولا أتى من الخلاف بما ينكره القلوب فهو مقبول الرواية إلا ما يعلم أنه أخطأ فيه فحينئذ يترك خطأوه كما يترك خطأ غيره من الثقات.
يزيد بن كيسان هو صاحب حديث استئذنت ربي في أن أزور قبر أمي، وله عدد من الأخبار في صحيح مسلم.
ومنصور على لفظهما متابعة قاصرة زرارة بن أوفى عن أبي هريرة أخرجه البخاري (5194) ومسلم (1436).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ أبي البخاري محمد بن محمود بتاريخ الخميس 19/ من ذي الحجة 1442 موافق 29/ 7/ 2021 م: رواية منصور والأعمش وقد اتحدتا أقوى من رواية يزيد بن كيسان والله أعلم. ا هـ.
• عَنوَن الذهبي لهذا الخبر بالكبيرة الثانية والأربعين: نشوز المرأة.
• تنبيه: سبق الإجماع على علو الله عز وجل
(1)
أما الاستدال بهذه الرواية المرجوحة وهي «إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا» . فلا يسلم لضعفها.
(1)
«سلسلة الفوائد» (1/ 126).
المعاشرات الزوجية
النهي عن إتيان النساء في الأدبار
• ورد فيه عن أربعة من الصحابة:
1 -
أبو هريرة أخرجه أحمد رقم (8532) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُخَلَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» .
تابع وهيبًا على هذا اللفظ معمر وعبد العزيز بن المختار وسفيان في وجه وفي وجه آخر بلفظ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» وفي سنده الحارث بن مخلد مجهول الحال.
وتابع الحارث بن مخالد أبو تميمة الهجيمي - وهو طريف بن مجالد - أخرجه أحمد رقم (9290) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمٌ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ، فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ. وأبو تميمة لم يسمع من أبي هريرة قاله البخاري كما في التهذيب. وحكيم الأثرم فيه لين وضعف البخاري هذا الخبر جدًّا كما في «العلل الكبير» .
2 -
خزيمة بن ثابت أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (21858): حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» .
• خالف سفيانَ بن عيينة الجماعةُ -إبراهيم بن سعد وابن أبي حازم والداروردي وغيرهم - فرووه عن يزيد بن الهاد، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحُصين، عن هرمي بن عبد الله، عن خُزيمة بن ثابت، به.
• ورواية الجماعة أصح، ووَهَّم سفيانَ جماعةٌ: الشافعي والبخاري وأبو حاتم كما في «العلل» (3/ 717) وأبو عوانة والبيهقي.
وهرمي بن عبد الله الخطمى المدنى قال فيه الحافظ: مستور. وعُبيد الله الراوي عنه فيه لِين.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ سيد بيومي
(1)
بتاريخ الأحد (20) رمضان (1442 هـ) الموافق (2/ 5/ 2021 م) إلى ما انتهى إليه الأئمة من توهيم سفيان بن عيينة، والمتن له شواهد أخرى.
(1)
وُلد بمحافظة الفيوم، بتاريخ (18/ 7/ 1972 م) حاصل على معهد القراءات بالفيوم، ومعهد إعداد الدعاة بالأزهر. ورَحَل إلى الشيخ الألباني في عام (1989 م) ومكث عند العَلَّامة أبي إسحاق الحويني عامين (2001 و 2002 م) ونزيل منية سمنود عام (2003 م).
وقَدَّم له شيخنا الكتب التالية:
1 -
«أسباب ورود الحديث» ط/ ابن تيمية. و «الصحيح من أسباب ورود الحديث» ط/ دار اللؤلؤة.
2 -
«أحكام التعزية» ط/ ابن رجب.
3 -
«أدب الطلب» ط/ ابن رجب.
4 -
«الاجتهاد في أحكام الجهاد» ط/ سُبل السلام.
5 -
«تحقيق تفسير ابن أبي حاتم» ط/ اللؤلؤة.
7 -
«تحقيق العدة شرح العمدة» ط/ ابن رجب.
8 -
«فضائل الأعمال في الصحيحين» ط/ ابن رجب.
9 -
«فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ط/ سُبل السلام.
10 -
«أحاديث مشهورة بها علة» تحت الطبع.
11 -
«أمثلة تطبيقية في علم العلل» تحت الطبع والتقديم.
3 -
علي بن طلق أخرجه الترمذي رقم (1164) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَكُونُ فِي الفَلَاةِ فَتَكُونُ مِنْهُ الرُّوَيْحَةُ، وَيَكُونُ فِي المَاءِ قِلَّةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ» .
وتابع عيسى بن حطان - وهو مقبول - عبد الملك بن مسلم - وهو ثقة شيعي - أخرجه الترمذي (1166) لكن هذه المتابعة لا شيء لأن مردها إلى عيسى بن يونس. ففي «تحفة التحصيل» ورواية عبد الملك بن مسلم عن أبيه قيل: بينهما عيسى بن حطان.
قال الترمذي: وَفِي البَاب عَنْ عُمَرَ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ:«حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ» وسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: «لَا أَعْرِفُ لِعَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هَذَا الحَدِيثِ الوَاحِدِ، وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ السُّحَيْمِيِّ» وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ هَذَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ".
4 -
سؤال عبد الرحمن بن سابط لحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن إتيان النساء في أدبارهن. فساقت لها سبب نزول قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} . أخرجه أحمد (26643).
• الخلاصة: كتب مع الباحث/ حازم بن مسعد أبو زيد الهيتمي بتاريخ 8 ذي الحجة 1442 موافق 18/ 7/ 2021 م: النهي عن إتيان النساء في الأدبار يصح بمجموع الطرق ا هـ.
ثم قال: هذا بغض النظر عن اللعن أو الكفر. ا هـ.
شبهة إتيان النساء في الأدبار
• روى هذا الأثر ثلاثة - نافع وسعيد بن يسار وسالم بن عمر - عن ابن عمر رضي الله عنهما، بالجواز والتحريم، وإليك البيان:
أولًا - نافع مولى ابن عمر رضي الله عنه، واختُلف عليه في اللفظ:
1 -
عبد الله بن عون، أخرجه الإمام البخاري رقم (4526): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ البَقَرَةِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ، قَالَ: تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ مَضَى.
وقال الإمام الطبري في «تفسيره» (3/ 751): حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ لَمْ يَتَكَلَّمْ. قَالَ: فَقَرَأْتُ ذَاتَ يَوْمٍ هَذِهِ الْآيَةَ: «{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فَقَالَ: أَتَدْرِي فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: نَزَلَتْ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ» .
• وقال الإمام الطبري في «تفسيره» (3/ 751): حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ أَبُو مُسْلِمٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبُ الْكَرَابِيسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «كُنْتُ أُمْسِكُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الْمُصْحَفَ،
إِذْ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: «{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فَقَالَ: أَنْ يَأْتِيَهَا فِي دُبُرِهَا.
2 -
أيوب بن أبي تميمة السَّختياني، أخرجه الإمام البخاري رقم (4527): وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قَالَ: يَأْتِيهَا فِي
(1)
.
3 -
عُبيد الله بن عبد الله بن عمر. قال الإمام النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» (9128): أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
(4)
، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا
(5)
.
قَالَ مَعْنٌ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: مَا عَلِمْتُه حَرَامًا.
(1)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 751) عن أبي قِلابة - هو عبد الملك بن محمد - عن عبد الصمد، ولفظه:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] قَالَ: فِي الدُّبُرِ». ولفظ البخاري أَوْلَى للغمز في أبي قِلابة.
(2)
وثقه أحمد والنَّسَائي والدارقطني.
(3)
معن هو ابن عيسى القزاز، ثقة، مِنْ أَجَلّ أصحاب مالك.
(4)
خارجة ضَعَّفه الإمام أحمد والدارقطني، وقال أبو أحمد بن عَدِي: لا بأس به وبرواياته عندي، وإن كان ينفرد عن يزيد بن رومان بما ذَكَره البخاري. وقال يحيى بن مَعِين: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: شيخ، حديثه صالح. وقال أبو داود: شيخ.
(5)
في إسناده ضعف: لحال خارجة لكنه مُتابَع فقد علقه البخاري فقال: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
4 -
موسى بن أيوب الغافقي، قال الإمام الطبري في «تفسيره» (3/ 752): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي مَاجِدٍ الزِّيَادِيِّ
(2)
: إِنَّ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فِي دُبُرِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ: كَذَبَ نَافِعٌ، صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَنَافِعٌ مَمْلُوكٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَا نَظَرْتُ إِلَى فَرْجِ امْرَأَتِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا»
(3)
.
5 -
أبو النضر سالم بن أبي أمية القرشي - ثقة ثَبْت - قال الإمام النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» رقم (9126): أَخبَرنا عَليُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ محمدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ قَالَ: حَدَّثنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيمَانَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: قَدْ أُكْثِرَ عَلَيْكَ الْقَوْلَ أَنَّكَ تَقُولُ عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنْ يُؤْتَى النِّسَاءُ فِي أَدْبَارِهِنَّ.
قَالَ نَافِعٌ: لَقَدْ كَذَبُوا عَلَيَّ، وَلَكِنِّي سَأُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ الأَمْرُ، إِنَّ ابنَ عُمَرَ عَرَضَ الْمُصْحَفَ يَوْمًا، وَأَنَا عِنْدَهُ حَتَّى بَلَغَ:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قَالَ: يَا نَافِعُ، هَلْ تَعْلَمُ مَا أَمْرُ هَذِهِ الآيَةِ؟ إِنَّا كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نُجَبِّي النِّسَاءَ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ وَنَكَحْنَا نِسَاءَ الأَنْصَارِ، أَرَدْنَا مِنْهُنَّ مِثْلَ مَا كُنَّا نُرِيدُ مِنْ
(1)
هو الصاغاني.
(2)
ترجمه ابن أبي حاتم، ولم يَذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
(3)
في إسناده ضعف لحال يحيى بن أيوب الغافقي، لكنه مُتابَع في تأويل الآية، وكذلك في تكذيب نافع، وإن كان أبو ماجد لم يُوثَّق.
نِسَائِنَا، فَإِذَا هُنَّ قَدْ كَرِهْنَ ذَلِكَ وَأَعْظَمْنَهُ، وَكَانَتْ نِسَاءُ الأَنْصَارِ إِنَّمَا يُؤْتَيْنَ عَلَى جُنُوبِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(1)
.
• ثانيًا طريق سعيد بن يسار عن ابن عمر رضي الله عنه: ورد عنه الوجهان.
• قال الإمام النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» رقم (9127): أَخبَرنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبُغُ بْنُ الفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ
(2)
قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: إِنَّ عِنْدَنَا بِمِصْرَ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنِ الحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَشْتَرِي الجَوَارِيَ، فَنُحَمِّضُ لَهُنَّ، قَالَ: وَمَا التَّحْمِيضُ؟ قَالَ: نَأْتِيهُنَّ فِي أَدْبَارِهِنَّ. قَالَ: أَوَّ، أَوَ يَعْمَلُ هَذَا مُسْلِمٌ؟ فَقَالَ لِي مَالِكٌ: فَأَشْهَدُ عَلَى رَبِيعَةَ لَحَدَّثنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابنَ عُمَرَ عَنهُ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف:
1 -
عبد الله بن سليمان هو الطويل، من الأبدال، ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال البزار: حَدَّث بأحاديث لا يُتابَع عليها.
2 -
كعب بن علقمة لم أقف له على توثيق، وقال فيه ابن حجر: صدوق.
(2)
وتابع عبد الرحمن بن القاسم بالنفي عبد الله بن وهب، كما عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (15/ 423) وتابعهما عبد الله بن صالح - وهو ضعيف - أخرجه الدارمي في «مسنده» (1159).
(3)
إسناده صحيح: الربيع ثقة، وأصبغ ثقة متقن. وعبد الرحمن من ثقات أصحاب مالك، وإمام في «الموطأ» ونَقَله إلى مصر، لكن قيل: لم يكن صاحب حديث. والحارث بن يعقوب ثقة عابد. وربيعة بن عبد الرحمن ثقة، قال مالك: ذَهَبَتْ حلاوة الفقه منذ مات. وسعيد بن يسار ثقة متقن.
• وقال الطبري في «تفسيره» (3/ 751): حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْغِمْرِ، قَالَ: ثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ عَنْ سَالِمٍ:«كَذَبَ الْعَبْدُ - أَوِ: الْعِلْجُ - عَلَى أَبِي»
(1)
.
فَقَالَ مَالِكٌ: أَشْهَدُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ أَخْبَرَنِي عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ مَا قَالَ نَافِعٌ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ يَعْقُوبَ يَرْوِي عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّا نَشْتَرِي الْجَوَارِيَ، فَنُحَمِّضُ لَهُنَّ؟ فَقَالَ: وَمَا التَّحْمِيضُ؟ قَالَ: الدُّبُرُ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أُفٍّ أُفٍّ، يَفْعَلُ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ - أَوْ قَالَ: مُسْلِمٌ -؟» فَقَالَ مَالِكٌ: أَشْهَدُ عَلَى رَبِيعَةَ لَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ مَا قَالَ نَافِعٌ.
• ثالثًا طريق زيد بن أسلم، قال النَّسَائي في «السُّنن الكبرى» رقم (9129): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الحَكَمِ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
(1)
السند صحيح إلى مالك؛ أبو زيد بن أبي الغَمْر من أصحاب عبد الرحمن بن القاسم، ووثقه ابن وضاح وابن حِبان. وعبد الرحمن بن القاسم من ثقات أصحاب مالك، وإن لم يكن صاحب حديث. لكن قوله: الناس يروون عن سالم.
(2)
وثقه النَّسَائي، وتارة: صدوق لا بأس به، وثالثة: هو أظرف مِنْ أن يَكذب. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال ابن أبي حاتم: كتبتُ عنه، وهو صدوق ثقة، أحد فقهاء مصر، من أصحاب مالك. وقال ابن خُزيمة: ما رأيتُ في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين من محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم. وقال: وأما الإسناد فلم يكن يَحفظه. وقال مَسْلَمة: كان مُقَدَّمًا فى العلم والديانة، ثقة، إمامًا، تَفقَّه لمالك والشافعي. وذكروا له قصة في باب حديثنا.
قَالَ: حَدَّثنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} .
خَالَفَهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، فَرَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ.
• الخلاصة: أن الأصح عن نافع نسبة ذلك لابن عمر رضي الله عنه، لكن خَطَّأه في ذلك سالم وميمون بن مهران.
وثَبَت عن سعيد بن يسار أنه نَسَب الوجهين إلى ابن عمر رضي الله عنهما.
وأن طريق زيد بن أسلم لا تَسْلَم.
ويأتي في سبب نزول الآية عن ابن عباس أوهم ابن عمر رضي الله عنه.
ومَن سَلَك مسلك الجمع حَمَل المُجْمَل في الروايات على المُبيَّن فيها، وأضاف إليها سبب نزول الآية من غير هذا الوجه. والنصوص المحرمة على الاختلاف في صحتها، وعلة الحرث وابتغاء ما كَتَب الله لنا، واتقاء الأذى الدائم - أَوْلَى من الأذى العارض، والله أعلم.
• وقد قال ابن حزم في «المُحَلَّى» (10/ 70): وما رُويت إباحه ذلك عن أحد إلا عن ابن عمر وحده باختلاف عنه. وعن نافع باختلاف عنه. وعن مالك باختلاف عنه فقط. وبالله تعالى التوفيق.
• وفي الباب: عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أنه سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: «كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ. فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]»
(1)
.
وقال الإمام مسلم: زَادَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ
(2)
.
• قال أبو داود في «سُننه» رقم (2164): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّ ابْنَ عُمَرَ - وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ - أَوْهَمَ
(3)
،
(1)
أخرجه البخاري (4528) بلفظ: «كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ» ومسلم (1435) واللفظ له.
(2)
قال القرطبي في «تفسيره» (3/ 93): هذه الأحاديث نَصٌّ في إباحة الحال والهيئات كلها، إذا كان الوطء في موضع الحرث، أي: كيف شئتم، مِنْ خلف ومِن قدام، وباركة ومستلقية ومضطجعة. فأما الإتيان في غير المأتى فما كان مباحًا، ولا يباح! وذِكر الحرث يدل على أن الإتيان في غير المأتى محرم.
وقوله تعالى: (أنى شئتم) معناه عند الجمهور من الصحابة والتابعين وأئمة الفتوى: من أي وجه شئتم، مُقْبِلة ومُدْبِرة، كما ذكرنا آنفًا.
(3)
قال الخطابي في «معالم السُّنن» (3/ 227): قوله: (أوهم ابن عمر) هكذا وقع في الرواية، والصواب:(وَهِم) بغير ألف، يقال: وَهِم الرجل، إذا غلط في الشيء، و (وَهَم) مفتوحة الهاء: إذا ذهب وهمه إلى الشيء. و (أَوْهَم) بالألف، إذا أسقط من قراءته أو كلامه شيئاً. ويُشْبِه أن يكون قد بلغ ابن عباس عن ابن عمر في تأويل الآية شيء خلاف ما كان يَذهب إليه ابن عباس.
إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ، فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ.
وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ، وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ. فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا، وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ، فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ، فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي! حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ: مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ.
• من أقوال أهل العلم:
• قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 43): جَاءَتِ الْآثَارُ مُتَوَاتِرَةً بِالنَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ.
• وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (14/ 128): قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نَهْي النبي صلى الله عليه وسلم عن أدبار النساء، وجَزَمْنا بتحريمه، ولي في ذلك مُصنَّف كبير.
• وقال الحافظ في «فتح الباري» (8/ 191): وذهب جماعة من أئمة الحديث كالبخاري والذُّهْلي والبزار والنَّسَائي وأبي علي النَّيْسَابوري، إلى أنه لا يَثبت فيه شيء.
قلت -ابن حجر - لكن طرقها كثيرة، فمجموعها صالح للاحتجاج به. ويؤيد القولَ بالتحريم أَنَّا لو قَدَّمْنا أحاديث الإباحة للزم أنه أبيح بعد أن حُرم، والأصل عدمه.
فمِن الأحاديث الصالحة الإسناد حديث خُزيمة بن ثابت.
• وقال الصنعاني (ت/ 1182) في «سُبُل السلام» (2/ 202): رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِلَفْظِهِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَعُمَرُ، وَخُزَيْمَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ طَلْقٍ، وَطَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَالْبَرَاءُ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَفِي طُرُقِهِ جَمِيعِهَا كَلَامٌ، وَلَكِنَّهُ مَعَ كَثْرَةِ الطُّرُقِ وَاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ يَشُدُّ بَعْضُ طُرُقِهِ بَعْضًا، وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتِ الْأُمَّةُ إِلَّا الْقَلِيلَ لِلْحَدِيثِ هَذَا، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْمُبَاشَرَةِ إِلَّا مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَلَمْ يُحِلَّ تَعَالَى إِلَّا الْقُبُلَ.
• وأيضًا (2/ 203): «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأُعِلَّ بِالْوَقْفِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا مَسْرَحَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا، سِيَّمَا ذِكْرُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْوَعِيدِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.
• وقال الشوكاني (ت/ 1250) في «الدراري المضية» (ص: 269): وفي الباب أحاديث، وبعضها يُقَوِّي بعضًا.
• وعَدَّه في الكبائر: الذهبي، وابن القيم، وابن حجر الهيتمي
…
وغيرهم.
• أقوال المذاهب الأربعة وأئمتها:
• قال الطحاوي في «شرح المشكل» (15/ 434): فَوَجَدْنَا الْحَرْثَ إِنَّمَا يُطْلَبُ مِنْهُ النَّسْلُ، وَكَانَ النَّسْلُ مَوْجُودًا فِي الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، وَمَعْدُومًا فِي الْوَطْءِ فِي غَيْرِهِ،
فَدَلَّ أَنَّ الْمُرَادُ فِيهَا هُوَ مَا أُبِيحَ مِنْهَا، مِمَّا يَكُونُ عَنْهُ النَّسْلُ، لَا مَا لَا يَكُونُ عَنْهُ نَسْلٌ، وَهَكَذَا كَانَ الْفُقَهَاءُ الْكُوفِيُّونَ جَمِيعًا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ.
• وقال في «شرح معاني الآثار» (3/ 40): فَذَهَبَ قَومٌ إِلَى أَنَّ وَطْءَ المَرأَةِ فِي دُبُرِهَا جَائِزٌ.
وَاحتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الحَدِيثِ، وتَأَوَّلُوا هَذِهِ الآيَةَ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَكَرِهُوا وَطْءَ النِّسَاءِ فِي أَدبَارِهِنَّ، ومَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وتَأَوَّلُوا هَذِهِ الآيَةَ عَلَى غَيْرِ هَذَا التَّأوِيلِ.
• وقال أبو الفضل الحنفي (ت: 683 هـ) في «الاختيار لتعليل المختار» (4/ 155): وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِي الدُّبُرِ وَلَا فِي الْفَرْجِ حَالَةَ الْحَيْضِ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ أَتَى كَاهِنًا وَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» .
• المذهب المالكي:
• قال خليل بن إسحاق المالكي المصري (ت: 776 هـ) في «التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب» (4/ 8): ويَحِل كل استمتاع إلا الإتيان في الدُّبُر، ونُسِب تحليله إلى مالك في كتاب «السِّرّ» وهو مجهول. وعن ابن وَهْب: سألتُ مالكاً عنه، وقلت: إنهم حَكَوْا أنك تراه. فقال: مَعاذ الله. وتلا: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وقال: لا يكون الحَرْث إلا في موضع الزرع
…
لِما خَرَّجه النَّسَائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استحيوا من الله حق الحياء، ولا تأتوا النساء في أدبارهن» . ولِما خَرَّجه أيضاً عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَنظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأة فى الدُّبر» . ولِما خرجه
أبو داود عن أبي هريرة أيضاً، عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:«ملعونٌ مَنْ أتى المرأة فى دبرها» .
فإن قيل: قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] يقتضي إباحته؛ لأن المعنى: حيث شئتم.
قيل: هذا غير صحيح؛ لِما رواه مسلم وغيره عن جابر قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل المرأة من دبرها في قُبُلها، كان الولد أحول. فنزلت:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قال جابر: إن شاء مجبية وإن شاء، غير أن ذلك في صِمام واحد.
• وقال القرطبي في «تفسيره» (3/ 94): ما نُسِب إلى مالك وأصحابه من هذا باطل، وَهُمْ مُبرَّءون من ذلك؛ لأن إباحة الإتيان مختصة بموضع الحرث؛ لقوله تعالى:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} ، ولأن الحكمة في خلق الأزواج بث النسل، فغير موضع النسل لا يناله مالك النكاح، وهذا هو الحق.
• وقال ابن كَثير في «تفسيره» (1/ 449): قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ حُسَيْنٍ، حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ بْنُ رَوْحٍ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ: مَا تَقُولُ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟ قَالَ: مَا أَنْتُمْ إِلَّا قَوْمٌ عَرَبٌ، هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ، لَا تَعْدُوا الْفَرْجَ. قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ: يَكْذِبُونَ عَلَيَّ، يَكْذِبُونَ عَلَيَّ
(1)
. فَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْهُ، وَهُوَ
(1)
إسناده ضعيف: إسرائيل بن رَوْح الساحلي، عن مالك. لا يدري من ذا. روى عنه إسماعيل بن حصن. في «ميزان الاعتدال» (1/ 208).
قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابِهِمْ قَاطِبَةً، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعِكْرِمَةَ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، وَالحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ.
• المذهب الشافعي:
• قال العمراني: في «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (9/ 504): قال المُزَني: قال الشافعي -رحمه الله تعالى- -: (ذهب بعض أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن إلى إحلاله، وآخرون إلى تحريمه، ولا أُرخِّص فيه، بل أنهى عنه.
وروى محمد بن عبد الحَكَم: أن الشافعي رحمه الله قال: (ما صح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تحريمه، ولا في تحليله شيء، والقياس أنه حلال).
• قال الربيع: كَذَب ابن عبد الحكم والذي لا إله إلا هو؛ فقد نَصَّ الشافعي رحمه الله على تحريمه في ستة كتب، فلا يَختلف مذهبنا في أنه محرم. وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه -، وابن عباس، وابن مسعود، وأبو الدرداء رضي الله عنهم، ومجاهد، والحسن البصري، وعكرمة، وقتادة، وأبو حنيفة وأصحابه، وأبو ثور وأحمد، وعامة أهل العلم رضي الله عنهم.
وحَكَى العراقيون من أصحاب مالك عن مالك -رحمه الله تعالى- - مثل مذهبنا.
وحَكَى المصريون وأهل الغرب عنه: أنه مباح، ونص عليه في (كتاب السِّيَر).
وحُكي أن مالكًا سُئل عن ذلك، فقال:(الآن اغتلست منه)
(1)
.
(1)
«البيان في مذهب الإمام الشافعي» (9/ 505).
• مذهب الحنبلية:
• قال ابن قُدامة في «المغني» (10/ 226): لا يحل وطء الزوجة في الدُّبر، في قول أكثر أهل العلم، منهم علي، وعبد الله، وأبو الدرداء، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأبو هريرة.
وبه قال سعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن، ومجاهد، وعكرمة، والشافعي، وأصحاب الرأي، وابن المنذر.
ورُويت إباحته عن ابن عمر، وزيد بن أسلم، ونافع، ومالك.
ورُوي عن مالك أنه قال: ما أدركتُ أحدًا أقتدي به في ديني في أنه حلال.
وأهل العراق من أصحاب مالك يُنكِرون ذلك.
• وقال ابن القيم في «زاد المعاد» (4/ 235): أَمَّا الدُّبُرُ فَلَمْ يُبَحْ قَطُّ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَنْ نَسَبَ إِلَى بَعْضِ السَّلَفِ إِبَاحَةَ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فِي دُبُرِهَا، فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَبَاحَ إِتْيَانَهَا فِي الْحَرْثِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَلَدِ لَا فِي الْحُشِّ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْأَذَى، وَمَوْضِعُ الْحَرْثِ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ:{مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] الْآيَةَ، قَالَ:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223].
وَإِتْيَانُهَا فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا مُسْتَفَادٌ مِنَ الْآيَةِ أَيْضًا: لِأَنَّهُ قَالَ: (أَنَّى شِئْتُمْ) أَيْ: مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ، مِنْ أَمَامٍ أَوْ مِنْ خَلْفٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} [البقرة: 223] يَعْنِي: الْفَرْجَ
(1)
.
وَإِذَا كَانَ اللَّهُ حَرَّمَ الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ لِأَجْلِ الْأَذَى الْعَارِضِ، فَمَا الظَّنُّ بِالْحُشِّ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْأَذَى اللَّازِمِ، مَعَ زِيَادَةِ الْمَفْسَدَةِ بِالتَّعَرُّضِ لِانْقِطَاعِ النَّسْلِ، وَالذَّرِيعَةِ الْقَرِيبَةِ جِدًّا مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ إِلَى أَدْبَارِ الصِّبْيَانِ.
وَأَيْضًا: فَلِلْمَرْأَةِ حَقٌّ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ، وَوَطْؤُهَا فِي دُبُرِهَا يُفَوِّتُ حَقَّهَا، وَلَا يَقْضِي وَطَرَهَا، وَلَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَهَا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الدُّبُرَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِهَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يُخْلَقْ لَهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي هُيِّئَ لَهُ الْفَرْجُ، فَالْعَادِلُونَ عَنْهُ إِلَى الدُّبُرِ خَارِجُونَ عَنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ جَمِيعًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ ذَلِكَ مُضِرٌّ بِالرُّجُلِ؛ وَلِهَذَا يَنْهَى عَنْهُ عُقَلَاءُ الْأَطِبَّاءِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لِلْفَرْجِ خَاصِّيَّةً فِي اجْتِذَابِ الْمَاءِ الْمُحْتَقَنِ وَرَاحَةِ الرَّجُلِ مِنْهُ، وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ لَا يُعِينُ عَلَى اجْتِذَابِ جَمِيعِ الْمَاءِ، وَلَا يُخْرِجُ كُلَّ الْمُحْتَقَنِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَمْرِ الطَّبِيعِيِّ.
وَأَيْضًا: يَضُرُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ إِحْوَاجُهُ إِلَى حَرَكَاتٍ مُتْعِبَةٍ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ لِلطَّبِيعَةِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْقَذَرِ وَالنَّجْوِ، فَيَسْتَقْبِلُهُ الرَّجُلُ بِوَجْهِهِ وَيُلَابِسُهُ.
(1)
«زاد المعاد» (4/ 240).
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ وَارِدٌ غَرِيبٌ بَعِيدٌ عَنِ الطِّبَاعِ، مُنَافِرٌ لَهَا غَايَةَ الْمُنَافَرَةِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُحْدِثُ الْهَمَّ وَالْغَمَّ، وَالنُّفْرَةَ عَنِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُسَوِّدُ الْوَجْهَ، وَيُظْلِمُ الصَّدْرَ، وَيَطْمِسُ نُورَ الْقَلْبِ، وَيَكْسُو الْوَجْهَ وَحْشَةً تَصِيرُ عَلَيْهِ كَالسِّيمَاءِ يَعْرِفُهَا مَنْ لَهُ أَدْنَى فِرَاسَةٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُوجِبُ النُّفْرَةَ وَالتَّبَاغُضَ الشَّدِيدَ، وَالتَّقَاطُعَ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَلَا بُدَّ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُفْسِدُ حَالَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَسَادًا لَا يَكَادُ يُرْجَى بَعْدَهُ صَلَاحٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَحَاسِنِ مِنْهُمَا، وَيَكْسُوهُمَا ضِدَّهَا، كَمَا يَذْهَبُ بِالْمَوَدَّةِ بَيْنَهُمَا، وَيُبْدِلُهُمَا بِهَا تَبَاغُضًا وَتَلَاعُنًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ زَوَالِ النِّعَمِ وَحُلُولِ النِّقَمِ؛ فَإِنَّهُ يُوجِبُ اللَّعْنَةَ وَالْمَقْتَ مِنَ اللَّهِ، وَإِعْرَاضَهُ عَنْ فَاعِلِهِ وَعَدَمَ نَظَرِهِ إِلَيْهِ، فَأَيَّ خَيْرٍ يَرْجُوهُ بَعْدَ هَذَا، وَأَيَّ شَرٍّ يَأْمَنُهُ؟! وَكَيْفَ حَيَاةُ عَبْدٍ قَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَمَقْتُهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ؟!
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْحَيَاءِ جُمْلَةً، وَالْحَيَاءُ هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، فَإِذَا فَقَدَهَا الْقَلْبُ، اسْتَحْسَنَ الْقَبِيحَ وَاسْتَقْبَحَ الْحَسَنَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدِ اسْتَحْكَمَ فَسَادُهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُحِيلُ الطِّبَاعَ عَمَّا رَكَّبَهَا اللَّهُ، وَيُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ طَبْعِهِ إِلَى طَبْعٍ لَمْ يُرَكِّبِ اللَّهُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ، بَلْ هُوَ طَبْعٌ مَنْكُوسٌ، وَإِذَا نُكِسَ الطَّبْعُ
انْتَكَسَ الْقَلْبُ وَالْعَمَلُ وَالْهُدَى، فَيَسْتَطِيبُ حِينَئِذٍ الْخَبِيثَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْهَيْئَاتِ، وَيَفْسُدُ حَالُهُ وَعَمَلُهُ وَكَلَامُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُورِثُ مِنَ الْوَقَاحَةِ وَالْجُرْأَةِ مَا لَا يُورِثُهُ سِوَاهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُورِثُ مِنَ الْمَهَانَةِ وَالسِّفَالِ وَالْحَقَارَةِ مَا لَا يُورِثُهُ غَيْرُهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَكْسُو الْعَبْدَ مِنْ حُلَّةِ الْمَقْتِ وَالْبَغْضَاءِ، وَازْدِرَاءِ النَّاسِ لَهُ، وَاحْتِقَارِهِمْ إِيَّاهُ، وَاسْتِصْغَارِهِمْ لَهُ، مَا هُوَ مُشَاهَدٌ بِالْحِسِّ.
فَصَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي هَدْيِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ، وَهَلَاكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي مُخَالَفَةِ هَدْيِهِ وَمَا جَاءَ بِهِ.
(1)
.
• من الأبحاث التي كتبت في ذلك:
«بَحْث إتيان المرأة في دبرها كفر» لعبد العزيز ريس الريس. وهو مختصر نافع يصلح أن يكون مطوية.
ب - «طَرْق الأبواب الخلفية بين الحِل والتحريم» لمحمد مال الله، ذَكَر فيه آية «البقرة» ونصوصًا كثيرة، وتَطرَّق للنقل عن آل البيت، ثم خَتَم بحثه بمقال دكتورة فوزية الدريع، الذي نُشِر في جريدة الوطن الكويتية.
ت - «إتحاف النبلاء بأدلة تحريم إتيان المحل المكروه من النساء» تأليف أبي أسامة البخاري، ط/ الغرباء الأثرية.
وفي (ص/ 8، 9) قال: الرد على شبهة مَنْ قال: (الأحاديث لا تصح، ولا تَبلغ درجة الاحتجاج) وهذا القول غير صحيح، بل إن الأحاديث في النهي عن إتيان النساء في الدُّبر منها الصحيح والحسن والضعيف المحتمل
…
إلخ.
(1)
«زاد المعاد» (4/ 240).
ث - قال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء» (5/ 100): قد جاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء، وما جاء عنه بالرخصة فلو صح لما كان صريحًا، بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القُبل، وقد أوضحنا المسألة في مُصنَّف مفيد، لا يطالعه عالم إلا ويَقطع بتحريم ذلك
(1)
.
(1)
وانظر كلام ابن كَثير في «تفسيره» .
شُكْر الزوجة لزوجها
• قال تعالى عمومًا: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] وفي الخبر كذلك: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ، لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»
• وقال الإمام النَّسَائي في «سُننه» (9283): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَ: حَدثنا سَرَّارُ بْنُ مُجَشِّرِ بْنِ قَبِيصَةَ البَصْرِيُّ - ثِقَةٌ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكَرُ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» .
• قَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَرَّارُ بْنُ مُجَشِّرٍ هَذَا ثِقَةٌ بَصْرِيٌّ، هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ يُقَدَّمَانِ فِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ؛ لأَنَّ سَعِيدًا كَانَ قد تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ.
• وتَابَع سعيدًا همام، كما عند البزار (2349) والراوي عنه داود، ولم يستطع الباحث تحديده.
• وتابعهما عِمران القطان - وهو ضعيف - كما عند ابن عَدي في «الكامل» (14688)، والطبراني (14184).
• ورواه شُعبة بن الحَجاج، واختُلف عليه في الوقف والرفع، والأرجح عنه الوقف؛ لاتفاق محمد بن جعفر كما عند النَّسَائي (9088)، ويحيى القطان كما عند الحاكم (7337) على الوقف.
خلافًا لابن المبارك وعمرو بن مرزوق، كما في «التاريخ» لابن أبي خَيْثَمة (1998)، وابن أبي الدنيا في «النفقة على العيال» (533). وذَكَر العُقيلي أن هشامًا الدَّستُوائي أوقفه عن قتادة.
وخالف الجميعَ عمر بن إبراهيم، فأبدل سعيد بن المسيب بالحسن البصري، وهو مرجوح، والحسن لم يَسمع من ابن عمرو رضي الله عنهما. انظر «سُنن النَّسَائي» (9087).
• الخلاصة: رواية سعيد - وهو من الأثبات في قتادة - سندها صحيح. وقد توبع على الرفع من همام وعمران. واختُلف على شُعبة. ورواية هشام لم يقف لها الباحث على اتصال، فهذا مما يُقوِّي وجه الرفع، لكن كَتَب شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن عبد الرحمن: الأصح الوقف. وقال البيهقي: الصحيح أنه من قول عبد الله غير مرفوع.
وكذلك كتب هذه النتيجة مع الباحث/ عمرو بن أحمد بتاريخ 13/ 10/ 2021 م.
العدل بين الزوجات
• قال الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (1141) و «علله الكبير» (287): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ»
(1)
.
وَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: وَلَا نَعْرِفُ هَذَا الحَدِيثَ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، وَهَمَّامٌ ثِقَةٌ حَافِظٌ.
• وقال في «العلل الكبير» (ص: 165) عقبه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ
…
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هَمَّامٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«شِقُّهُ مَائِلٌ» .
• قَالَ أَبُو عِيسَى: وَحَدِيثُ هَمَّامٍ أَشْبَهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ حَافَظٌ.
• وقال الشيخ مُقبِل في «أحاديث مُعَلة ظاهرها الصحة» (ص: 407): بل يُعتبَر شاذًّا، وقد خالف همامٌ هشامًا
(2)
وسعيدًا، وكل واحد منهما أثبت منه في قتادة، والله أعلم.
(1)
أخرجه أحمد (7936)، وأبو داود (2133)، وابن ماجه (1969)، وابن الجارود في «المنتقى» (722) من طرق عن همام، به.
(2)
كما في «سُنن الترمذي» (1141) معلقًا.
• الخلاصة: الأرجح لديَّ رواية سعيد وهشام بالقطع؛ لأن همامًا يَهِم أحيانًا، كما في حديث العقيقة، فقد قال فيه:(يدّمى) بدل (يُسَمَّى) قال أبو داود في «سُننه» رقم (2837): خُولِفَ هَمَّامٌ فِي هَذَا الْكَلَامِ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ، وَإِنَّمَا قَالُوا:«يُسَمَّى» .
وتأمل رواية همام في حديث «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دخل الجنة» .
وقد وافق شيخنا شيخَه في إعلال هذا الخبر مع الباحث/ أبي البخاري محمد بن محمود بن علي آل مسلم
(1)
.
(1)
وُلد بمدينة القنطرة شرق، بمحافظة الإسماعلية.
له من المؤلفات التي راجعها شيخنا وقَدَّم لها:
1 -
«إتحاف الراغب بحكم الصلاة على الميت الغائب» ط/ دار اللؤلؤة.
2 -
«القول المفيد في تكبيرات العيدين وأيام ذي الحجة والتشريق» ط/ دار اللؤلؤة.
3 -
«إتحاف الراغبين بحكم لعن المسلمين والكافرين» تحت الطبع.
4 -
«إتحاف الكرام بأحكام المصافحة والمعانقة والتقبيل والقيام» تحت الطبع.
5 -
«إسعاف أهل العصر بمشروعية الزواج قبل الثامنة عَشْر» تحت الطبع.
6 -
«الفَرَج بعد الشدة» ط/ دار التقوى.
7 -
«المقتبس من أدعية الأنبياء والمرسلين» تحت الطبع.
8 -
«تراجم أصحاب الكتب الستة» ط/ دار التقوى.
القسم بين الزوجات
• وردت في الباب أدلة منها قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وقال جل ذكره: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: 135] وثمت نصوص في قسمه صلى الله عليه وسلم بين أزواجه كحديث أنس رضي الله عنه
(1)
وأم سلمة
(2)
ومنها ما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2134) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ» . قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي الْقَلْبَ.
وتابع موسى بن إسماعيل جماعة - يزيد بن هارون وعمرو بن عاصم وبشر بن السري وعفان بن مسلم -.
وخالف حماد بن سلمة حماد بن زيد فأرسله أخرجه الطبري في «تفسيره» (10656). وتابعه إسماعيل بن أمية أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه»
(1)
أخرجه مسلم رقم (1462) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَكَانَ إِذَا قَسَمَ بَيْنَهُنَّ، لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَةِ الْأُولَى إِلَّا فِي تِسْعٍ
…
».
(2)
أخرجه مسلم رقم (1460) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ:«إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ، سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» .
(17830)
وتابعهما معمر بن راشد أخرجه عبد الرزاق (2362) وتابعهم عبد الوهاب الثقفي أخرجه الطبري (10657).
• والخلاصة: رواية الجماعة أرجح وأصح لكثرتهم وثقتهم ولكون حماد بن سلمة يخطئ في غير ثابت وكتب شيخنا مع الباحث/ علي بن رضا الخواجة بتاريخ 5 محرم 1443 موافق 12/ 9/ 2021 م: الصواب مرسل.
حتى تذوقي عُسَيْلَته
• أخرج النَّسَائي في «سُننه» رقم (3413): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْغُمَيْصَاءَ - أَوِ: الرُّمَيْصَاءَ - أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَشْتَكِي زَوْجَهَا أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ كَاذِبَةٌ! وَهُوَ يَصِلُ إِلَيْهَا، وَلَكِنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ ذَلِكَ حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا عليه مع الباحث/ محمد بن سيد الفشني:
أولًا - هناك اختلافات في صحبة عُبيد الله بن عباس {.
ثانيًا - يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي تُراجَع أخطاؤه.
ثالثًا - لم يُعْلَم - أي: الشطر الأول هل هي الغُميصاء أو الرُّميصاء - قبل هذا عن أم سُليم.
رابعًا - تُراجَع ترجمة أُم سُليم الغُميصاء بتوسع.
بتاريخ (14) شوال (1442 هـ) الموافق. (26/ 5/ 2021 م).
• تنبيه: شاهد هذا الخبر دون تقييد بالغُميصاء رضي الله عنها في البخاري (2639) ومسلم رقم (1433): عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ! فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ
تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ».
قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَهُ، وَخَالِدٌ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَنَادَى: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا تَسْمَعُ هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟!
اجتهاد ابن عمر في كراهة نكاح الكتابيات
1 -
عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَاليَهُودِيَّةِ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ المَرْأَةُ: رَبُّهَا عِيسَى! وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ
(1)
.
2 -
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِطَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَرِهَ نِكَاحَ نِسَائِهِمْ
(2)
.
• ووردت النصوص بحِلّ نكاح الكتابيات، قال تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5].
• قال ابن قُدامة: ليس بين أهل العلم - بحمد الله - اختلاف في حِلّ حرائر نساء أهل الكتاب
(3)
.
• وقال ابن عبد البر: قد أجمعوا على جواز نكاح الكتابية
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري (5285).
(2)
إسناده صحيح: أخرجه أبو عُبيد في «الناسخ والمنسوخ» (143): حدثنا يحيى بن سعيد، عن عُبيد الله، عن نافع، به.
(3)
«المغني» (7/ 129).
(4)
«الاستذكار» (1/ 299).
• وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ:
…
جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَهُمْ، أَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّاتِ حَلَالٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ، إِلَّا شَيْئًا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ أَمْسَكَ عَنْ ذَلِكَ وَكَرِهَهُ
(1)
.
• وقال الجَصَّاص: ولا نَعْلم عن أحد من الصحابة والتابعين تحريم نكاحهن. وما رُوي عن ابن عمر فيه فلا دلالة فيه على أنه رآه مُحَرَّمًا، وإنما فيه عنه الكراهة، كما رُوي كراهة عمر لحذيفة
(2)
تزويج الكتابية من غير تحريم، وقد تَزوَّج عثمان وطلحة وحذيفة الكتابيات، ولو كان ذلك مُحَرَّمًا عند الصحابة لظهر منهم نكير أو خلاف، وفي ذلك دليل على اتفاقهم على جوازه
(3)
.
(1)
«الناسخ والمنسوخ» (ص: 84).
(2)
من أقواله رضي الله عنه: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي
…
» أخرجه البخاري (3606) ومسلم (1847).
من مناقبة وشدة ذكائه رضي الله عنه وقوة أمتثاله لأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ:«أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ:«أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» ، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، فَقَالَ:«قُمْ يَا حُذَيْفَةُ، فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ» ، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، قَالَ:«اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ» ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ
…
أخرجه مسلم (1788).
(3)
«أحكام القرآن» (2/ 16).
• فائدة:
• قال ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» رقم (30667): حَدَّثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَنَهَاهُ عَنْهَا وَقَالَ:«إِنَّهَا لَا تُحْصِنُكَ»
(1)
.
• وتابع أبا بكر بن عبد الله أبو سبأ عتبة بن تميم، أخرجه أبو داود في «المراسيل» (206) وعلي بن أبي طلحة لم يُدرِك كعبًا، قاله الدارقطني. وقال البيهقي: حديث منقطع.
• فائدة: إخراج أبي داود له في «المراسيل» من إطلاق الانقطاع على المرسل.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ عمر بن شوقي الكُرْدي، بتاريخ (13) رمضان (1442 هـ) الموافق (25/ 4/ 2021 م) إلى ضعفه.
(1)
وأخرجه سعيد بن منصور في «سُننه» (715).
كتاب الطلاق
أصول أدلة الطلاق من الوحيين والإجماع
• فمن الكتاب العزيز:
1 -
قوله تعالى في إباحة الطلاق: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
2 -
قال تعالى في الطلاق قبل البناء: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] وقوله جل ذكره: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]
3 -
قوله تعالى في بيان الطلاق السني: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق: 1]
4 -
قوله تعالى في منتهى عدد الطلاقات: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
• ومن صحيح السنة:
1 -
حديث ابن عمر في بيان الطلاق السني أخرجه البخاري (4908) ومسلم (1471) واللفظ للبخاري عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر {، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:«لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ العِدَّةُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عز وجل» .
2 -
حديث عائشة رضي الله عنها في قصة ابنة الجون في بيان المختلف فيه في ألفاظ الطلاق «ألحقي بأهلك»
(1)
أخرجه البخاري (5254) عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ، لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا:«لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بِأَهْلِكِ» .
3 -
حديث ابن عباس في قصة اختلاع امرأة ثابت بن قيس بن شماس} وفيه: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» أخرجه البخاري (5273) والطلاق من تفردات أزهر بن جميل.
4 -
طلاقه صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر {أخرجه عَنْ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا» أخرجه أبو داود (2283) وإسناده صحيح وهل يرجع لقول ابن عباس {: «لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]
…
» أخرجه البخاري (2468).
(1)
ومن ذلك أيضًا في شرع من قبلنا قصة فراق إسماعيل عليه السلام زوجه وامتثاله أمر أبيه عليهما الصلاة والسلام. أخرجه البخاري (3364).
5 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ
(1)
، وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» ، قَالَتْ وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَهُ وَخَالِدٌ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَنَادَى: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا تَسْمَعُ هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
(2)
.
أما الإجماع فنقله ابن قدامة في «المغني» (10/ 323): أجمع الناس على جواز الطلاق، والعبرة دالة على جوازه، فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه.
أفاده الباحث/ يوسف بن حسيني الحامولي. بتاريخ 17 جمادى الأولى 1443 هـ 21/ 12/ 2021 م.
(1)
لم يختلف أن الزبير بفتح الزاى كما في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (4/ 606) وتبعه ابن الجوزي في «كشف المشكل من حديث الصحيحين» (4/ 259).
(2)
أخرجه البخاري (2639)، ومسلم (1433).
خوف المرأة من الطلاق، فتَهَب نوبتها لغيرها
• قال البيهقي في «السُّنن الكبير» (13/ 575) رقم (13565): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ سَوْدَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ أَمْسَكَتْ بِثَوْبِهِ، فَقَالَتْ: مَا لِي فِي الرِّجَالِ حَاجَةٌ، لَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُحْشَرَ فِي أَزْوَاجِكَ! قَالَ: فَرَجَعَهَا، وَجَعَلَ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ رضي الله عنها، فَكَانَ يَقْسِمُ لَهَا بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ.
• وخالف حفصَ بن غياث جمهورُ الرواة عن هشام بن عروة، فلم يَذكروا لفظه الذي يَتمسك به أهل الشبهات.
فقد أَخْرَج البخاري
(1)
ومسلم (1463): حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا
(2)
مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ.
(1)
رقم (5212): حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ «وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ» .
(2)
في «النهاية في غريب الحديث» لأبي السعادات ابن الأثير (2/ 389): كَأَنَّهَا تَمَنَّتْ أَنْ تَكُونَ فِي مِثْلِ هَدْيِهَا وَطَرِيقَتِهَا. ومِسْلَاخُ الحَيَّةِ" جِلْدُهَا. والسِّلْخُ (بِالْكَسْرِ): الْجِلْدُ.
قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ. فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ: يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ.
ووردت ضمن قصة الإفك، فقد أَخْرَج البخاري رقم (2688): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود في «سُننه» رقم (2135): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ - عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا بْنَ أُخْتِي، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ، مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا.
وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ حِينَ أَسَنَّتْ، وَفَرِقَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي لِعَائِشَةَ. فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا.
قَالَتْ: نَقُولُ: فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي أَشْبَاهِهَا، أُرَاهُ قَالَ:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]. وسياق أبي داود فيه ابن أبي الزناد، وهو مُختلَف فيه.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد لملوم، بتاريخ (29) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (11/ 4/ 2021 م) إلى ضعف سياق ابن أبي الزناد؛ بسبب النزول، والخلافِ على عبد الرحمن في ذكر عائشة
(1)
وأنكر منه سياق حفص بن غِيَاث السابق.
• تنبيه: وقع وهم في خبر أن الذي لم يقسم لها «وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ، وَالَّتِي لَا يَقْسِمُ لَهَا صَفِيَّةُ» وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/ 132): وَقَفْتُ أَنَا عَلَى أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ غَلِطَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَقْسِمُ لَهَا مِنْ نِسَائِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهَا صَفِيَّةُ وَلَمْ تَكُنْ صَفِيَّةَ، وَلَكِنَّهَا سَوْدَةُ.
(1)
انظر تفسير «سعيد بن منصور» .
هل يَنتظر المُطَلِّق حتى تغتسل الزوجة،
أو له أن يُطَلِّق عند انقطاع الدم؟
• قال مالك وابن تيمية: لا يُطَلِّق إلا بعد الغُسل.
• ودليلهم رواية شاذة بلفظ الاغتسال: «فَإِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الْأُخْرَى، فَلَا يَمَسَّهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا» أخرجها النَّسَائي رقم (3396): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً، فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مُرْ عَبْدَ اللَّهِ فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ فَلْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَحِيضَ، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الْأُخْرَى فَلَا يَمَسَّهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهَا فَلْيُمْسِكْهَا؛ فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» .
وخالفه ثلاثة - ابن نُمير وابن إدريس ويحيى القطان - قالوا: (حتى تَطْهُر).
وتابع عُبيد الله مالك والليث بن سعد في «الصحيحين» بلفظ: «حتى تَطْهُر» .
وجماهير الرواة عن ابن عمر لم يَذكروا الاغتسال.
ووجهة مَنْ يَجمع بين الرواية أن التطهر بمعنى الاغتسال.
وقال الشافعي وأحمد: له أن يطلق إذا انقطع الدم، ويكون ذلك للسُّنة.
• الخلاصة: قال الباحث/ يوسف الحامولي، بتاريخ (5) رمضان (1441 هـ) الموافق (28/ 4/ 2020 م) للشيخ: أراها ضعيفة. ولم يُعقِّب. بينما في «جامع أحكام النساء» (4/ 33) صححها.
الطلاق الثلاث في المجلس الواحد
• اختلف في هذه المسألة على قولين:
الأول: يعد ثلاثة أي مبتوتةً وبه قال الجمهور ومن أقوى أدلتهم:
1 -
استنباط الإمام الشافعي
(1)
من آية الطلاق بقوله:
…
وَجَعَلَ الطَّلَاقَ إِلَى زَوْجِهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ».
2 -
رواية في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: «أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ، طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْيَمَنِ» أخرجه مسلم (1480).
3 -
قول عُوَيْمِر رضي الله عنه عقيب الملاعنة: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
4 -
اجتهاد عمر رضي الله عنه في امضاءه ثلاثًا ولم يصح أنه خولف من الصحابة}
(3)
.
القول الثاني: يعد واحدة وهو المروي عن رسول الله وخلافة أبي بكر وصدر خلافة عمر فعن ابْنِ عَبَّاسٍ {قَالَ: "كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ
(1)
كما في «اختلاف الحديث» (8/ 756).
(2)
أخرجه البخاري (5259)، ومسلم (1492) وتوجيهه أنه فصل بينهما بالملاعنة.
(3)
وفي توجيه الجمهور لحديث ابن عباس انظر: «السير الحاث في معرفة طلاق الثلاث» لابن عبد الهادي.
صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ
(1)
، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ "
وفي رواية عن أبي الصَّهْبَاءِ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَعْلَمُ أَنَّمَا «كَانَتِ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَثَلَاثًا
(2)
مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ»؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «نَعَمْ»
(3)
2 -
حديث ركانة بن عبيد رضي الله عنه وفيه: «إِنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ رَاجِعْهَا» له طرق معلولة كما أفاده الدارقطني في «السنن» (4، 34) والخطابي «معالم السنن» (3/ 236) وغيرهما.
(1)
فيه إعمال عمر رضي الله عنه التعذير وأخذه بالأحوط.
(2)
ثلاثًا بالنصب مفعول به لفعل محذوف تقديره: أخص ثلاثًا أي: ثلاث سنين محذوف المعدود لفهمه من السياق ولأن هناك رواية: «سنتين» وكان الظاهر أن يقال: وثلاث؛ لأنه معطوف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
أخرجه مسلم (1472).
تنبيه: وقع عند أبي داود في «سننه» رواية ضعيفة في حمل حديث ابن عباس المرفوع في غير المخول بها وهاك نصه: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ رَجُلًا، يُقَالُ لَهُ: أَبُو الصَّهْبَاءِ كَانَ كَثِيرَ السُّؤَالِ لِابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؟، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَى، " كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ تَتَابَعُوا فِيهَا، قَالَ: أَجِيزُوهُنَّ عَلَيْهِمْ ".
3 -
وحديث مَحْمُود بن لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانًا ثُمَّ قَالَ:«أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟» حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَقْتُلُهُ؟ واختلف في السند إليه كما سبق في رواية مخرمة عن أبيه وهل رواية محمود بن لبيد موصولة أو مرسلة والأول أرجح لدي لحديث المجة.
4 -
وما رواه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذَا قَالَ:«أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِفَمٍ وَاحِدٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ» علقه أبو داود (2197) ولم يقف عليه الباحث موصولا.
وانتصر للقول الثاني ابن تيمة في «مجموع الفتاوى» (3/ 277) وابن القيم في «زاد المعاد» (5/ 227) واختاره شيخنا مع أخينا الباحث يوسف الحسيني بتاريخ شهر 10/ 2021 م فأجاب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، أختار رأي العلماء القائلين بأن طلاق الثلاث في المجلس الواحد يعد واحدة لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:
وهذا الحديث وإن كان فيه بعض الكلام من الناحية الحديثية لكن بعدَ التحرير وجدته صحيحًا، ولا التفات إلى قول من أعله والله أعلم.
ويؤيد هذا الذي ذكر من الفتوى بأن الله سبحانه وتعالى قال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]
هذا ولم أقف على رواية ثابتة في أن طلاق المرأة ثلاثا في مجلس واحد حدث على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، نعم وردت أحاديث لكن فيها ضعف، والذي
استدل
به بعض أهل العلم من قصة الملاعنة وأن زوجها فارقها ثلاثا في المجلس وهذا الأصل أصلا الملاعنة مفرق بينهما من وجه آخر فلا اعتلال بهذا المتن والله تعالى أعلى وأعلم.
هذا ومن ناحية اللغة أيضا كما قال بعض العلماء: إذا كانت معك زوجة وقلت لها أنت طالق أطلقتها فإذا جئت أطلقتها مرة ثانية وهي مطلقة فهذا إطلاق بعد إطلاق والله تعالى أعلم.
وأنا أقول هذا أن أكثر العلماء على العمل بفعل عمر رضي الله عنه، ولكن الحجة دوما فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• الخلاصة: والذي أختاره في مسألة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كما وضح هو نفسه في أثر ابن عباس أرى الناس قد تسرعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فكأنه يحمل هذا على التعزير، والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.
من طلق فقال: إن شاء الله هل يقع طلاقه؟
• اختلف فيها على قولين:
الأول: ينفعه استثناؤه ولا يقع الطلاق وبه قال أبو حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد ومستندهم ما يلي:
1 -
حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا مُعَاذُ، مَا خَلَقَ اللهُ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ عَتَاقٍ، وَمَا خَلَقَ اللهُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ: هُوَ حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهُ، وَإِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ
(1)
.
2 -
القياس على الاستثناء في اليمين. ومن أقوى أدلته رواية ضعيفة بالاختصار في استثناء سليمان عليه السلام.
القول الثاني: لا ينفعه الاستثناء ويلزمه الطلاق وبه قال مالك والرواية الأخرى عن أحمد؛ ومستندهم أن لا استثناء في الطلاق.
(1)
إسناده ضعيف؛ لضعف حميد وللانقطاع بين محكول ومعاذ وإسماعيل بن عياش في روايته عن غير الشاميين: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (12078).
• وقال شيخنا مع الباحث/ يوسف الحسيني بتاريخ شهر 10/ 2021 م: تلك مسألة فيه الوجهان للعلماء، وأختار قول من قال نرجع في هذا الباب إلى نيته في كلمة إن شاء الله لاحتمالها أكثر من معنى
(1)
والله أعلم.
(1)
هل قالها تبركا أو لا؟.
الطلاق المعلق
• ذهب جمهور العلماء
(1)
إلى إيقاع الطلاق المعلق على شرط إذا وقع الشرط الذي علق عليه خلافا للظاهرية كما في «المحلى» (9/ 476 - 479)
(2)
.
بينما فصّل ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (33/ 44) وابن القيم في «إعلام الموقعين» (4/ 74).
• ومستند الجمهور:
1 -
عموم الوفاء بالعهود ومنه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
2 -
المسلمون عند شروطهم.
3 -
الإجماع السابق.
4 -
وورد عن ابن عمر
(3)
وابن مسعود
(4)
في اعتباره طلاقًا.
وسبق مستند الظاهرية في أنه لا اعتبار به وأما ابن تيمية وابن القيم فعندهما للمعلق صورتان:
(1)
بل نقل الإجماع الكاساني في «بدائع الصنائع» (3/ 140) وابن قدامة في «المغني» (10/ 496).
(2)
واليمن بالطلاق لا يلزم ولا يمين إلا كما أمر الله .... إلخ
(3)
علقه البخاري (7/ 45) وبم يوصله الحافظ في «التغليق» .
(4)
منقطع؛ بين إبراهيم وابن مسعود رضي الله عنه. أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (15090).
أ - أنه ينزل منزلة اليمين ففيه الكفارة للقياس على فتوى حفصة وأخيها - ابن عمر - وزينب} في كفارة العتق
(1)
.
ب - النظر للنية فإن أراد الزجر أو التهديد لا يقع وإن نوى يقع.
وقد سأل الباحث/ يوسف الحسيني شيخنا - حفظه الله - عن اختياره بتاريخ 31/ 10/ 2021 م: فقال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد، فعن الطلاق المعلق وبعد بحث:
1 -
لم أقف على أي حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنه وبتتبع الآثار عزي شيء إلى ابن مسعود لم أقف له على سند ثابت.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 486) عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبدِ اللهِ المُزَنِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبو رَافِعٍ، قَالَ: قَالَتْ لِي مَوْلَاتِي لَيْلَى ابْنَةُ الْعَجْمَاءِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ، إِنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَكَ، أَوْ تُفَرِّقْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَ إِذَا ذُكِرَتِ امْرَأَةٌ بِفِقْهٍ، ذُكِرَتْ زَيْنَبٌ، قَالَ: فَجَاءَتْ مَعِي إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَفِي الْبَيْتِ هَارُوتُ، وَمَارُوتُ؟ فَقَالَتْ: يَا زَيْنَبُ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكِ، إِنَّهَا قَالَتْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ، فَقَالَتْ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ؟ خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، قَالَ: فَكَأَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ حَفْصَةَ، فَأَرْسَلَتْ مَعِي إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكِ، قَالَتْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ، قَالَ: فَقَالَتْ حَفْصَةٌ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ؟ خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، فَكَأَنَّهَا أَبَتْ، فَأَتَيْتُ عَبدَ اللهِ بن عُمَرَ، فَانْطَلَقَ مَعِي إِلَيْهَا، فَلَمَّا سَلَّمَ عَرَفَتْ صَوْتَهُ، فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَبِأُمِّي أَبوكَ، فَقَالَ: أَمِنْ حِجَارَةٍ أَنْتِ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ، أَمْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ أَفْتَتْكِ زَيْنَبُ، وَأَفْتَتْكِ أُمُّ المُؤْمِنِينَ، فَلَمْ تَقْبَلِي مِنْهُمَا، قَالَتْ: يَا أَبَا عَبدِ الرَّحْمَنِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، إِنَّهَا قَالَتْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ قَالَ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ؟ كَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ، وَخَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ. إسناده صحيح؛ وابن التيمي هو معتمر بن سليمان.
2 -
ورد في الباب حديث
(1)
عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ليلى بنت العجماء.
فاستفيد منه أنها كانت علقت أيًا كان التعليق جعلوا كفارة التعليق كفارة يمين.
3 -
وأيضا الذي حضرني في هذا الباب أن رب العزة سبحانه وتعالى قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} ، لم يقل أنتن طوالق بل قال:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]، فرد الأمر إلى من بيده عقدة النكاح.
• الخلاصة: فلهذا أجنح إلى أن الطلاق المعلق لا يقع إنما يكفر صاحبه كفارة يمين، وإن كان الأكثرون من العلماء على غير ذلك.
ومن العلماء من فصل في شأن النية قال إن كانت نيته التطليق وقع، وإن كانت نيته التهديد أو الزجر يكفر كفارة يمين ولا يقع، والله أعلم.
وأما التعليق إذا علق على شيء سيقع حتما، مثل أنت طالق إذا حضت، أنت طالق إذا طلعت الشمس، أنت طالق إذا دخل رمضان، ما علمت فيه اختلافا أنه يقع، لأنه يعتبر بمثابة المنجز إلى أجل
(2)
.
هل المطلقة المبتوتة لها نفقة وسكنى، أو لا؟
• أولًا - لا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثًا، أو أقل منهن، حتى تضع حملها
(1)
.
وقال ابن قُدامة
(2)
: إذا كانت المبتوتة حاملًا، وجب لها السكنى، رواية واحدة. ولا نَعْلم بين أهل العلم خلافًا فيه.
• ثانيًا - المطلقة المبتوتة الحائل - أي: ليست بذات حمل - ففيها ثلاثة أقوال
(3)
:
(1)
«تفسير القرطبي» (18/ 168).
(2)
«المغني» (11/ 300).
(3)
الاستدلالات للمسألة:
1 -
قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] قوله: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قال كثير من العلماء، منهم ابن عباس، وطائفة من السلف، وجماعات من الخلف: هذه في البائن، إن كانت حاملًا أَنْفَق عليها حتى تضع حملها. قالوا: بدليل أن الرجعية تجب نفقتها، سواء كانت حاملًا أو حائلًا.
وقال آخرون: بل السياق كله في الرجعيات، وإنما نص على الإنفاق على الحامل وإن كانت رجعية؛ لأن الحمل تَطُول مدته غالبًا، فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع؛ لئلا يُتوهَّم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة.
واختَلف العلماء: هل النفقة لها بواسطة الحمل، أم للحمل وحده؟ على قولين منصوصين عن الشافعي وغيره.
• الأول: لا نفقة لها ولا سكنى؛ لحديث فاطمة بنت قيس ل. وهو قول ابن عباس، وبه قال أحمد وإسحاق.
• الثاني: عكسه، لها النفقة والسكنى. وهو قول عمر وابن مسعود، وبه قال أبو حنيفة وأهل الرأي.
• الثالث: لها السكنى دون النفقة. وبه قال مالك والشافعي.
• الخلاصة:
• وسبب الخلاف: اختلاف الرواية في حديث فاطمة بنت قيس، ومعارضة ظاهر الكتاب له.
ثم قال: وأما التفريق بين إيجاب النفقة والسكنى فعسير، ووَجْه عسره ضعف دليله.
• والخلاصة: أن شيخنا انتهى مع الباحث/ محمود السجاعي
(1)
السبت (19) رمضان (1442 هـ) الموافق (1/ 5/ 2021 م) إلى تحرير لفظة: «ولا سكنى» هل ثابتة أو لا؟
ثم اختار شيخنا مع الباحث/ يوسف الحامولي بتاريخ 18 ربيع أول 1443 موافق 24/ 10/ 2021 م: تقديم الآية على الحديث المختلف في لفظه وعمل بها عمر رضي الله عنه.
(1)
له من الأبحاث التي راجعها مع شيخنا حفظهما الله:
1 -
«مسائل هامة لعامة الأمة» وهذه إحدى مسائلها.
2 -
واختار الباحث/ محمود السجاعي رأي مالك والشافعي بينما الباحث يوسف الحسيني يرى رأي الإمام أحمد للتمعن في روايات الحديث وقد فصل ابن القيم تفصيلا ماتعًا في هذه المسألة.
حكم زيادة «سنة نبينا»
• قال الإمام مسلم رقم (1480) حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ، فَحَدَّثَ الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً» ، ثُمَّ أَخَذَ الْأَسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصًى، فَحَصَبَهُ بِهِ، فَقَالَ: وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا، قَالَ عُمَرُ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ، أَوْ نَسِيَتْ، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، قَالَ اللهُ عز وجل:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
خالف أبا أحمد الزبيري ثلاثة فلم يذكروا: وسنة نبينا.
1 -
يحيى بن آدم.
2 -
قبيصة كما عند الدارقطني في «سننه» وقال يحيى بن آدم أحفظ من الزبيري وتابعه قبيصة.
3 -
أبو الجواب أخرجه النسائي (3549) فالأصوب دون الزيادة.
ورواه حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي واختلف عليه فرواه بالزيادة علي بن عاصم مع إسقاط الأسود بن يزيد أخرجه أحمد (27338) وخالفه محمد بن فضيل بإثبات الأسود ودون الزيادة أخرجه أبو عوانة (4614) فالإسناد صحيح دون الزيادة.
ورواه سلمة بن كهيل عن عامر بإسقاط الأسود وبالزيادة أخرجه الدارمي (2320) فالإسناد منقطع.
وتابع عامر الشعبي إبراهيم النخعي واختلف عليه فرواه عنه المغيرة الضبي بإسقاط الأسود أخرجه الترمذي (1180). وخالفه الأعمش فأثبت الأسود واختلف عليه في ذكر الزيادة فزادها عنه حفص بن غياث أخرجه الدارمي (2323) وخالفه أسباط بن محمد ومحمد بن فضيل دون الزيادة كما عند الدارقطني.
ورواه الحكم وحماد بن أبي سليمان عن النخعي بالزيادة وفي سنده أشعث بن سوار ضعيف. أخرجه الدارمي (2322).
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد الغنامي بتاريخ الأربعاء 1/ صفر 1443 موافق 8/ 9/ 2021 م: إلى صحة الأثر دون زيادة (وسنة نبينا).
ميراث المطلقة البائن
من زوجها في مرض موته بغير رضاها
• لم يثبت فيها خبر مرفوع إنما الثابت أثر عثمان بن عفان رضي الله عنه ووردت آثار ضعيفة عن عائشة وعلي وأبي بن كعب وعمر}:
أما أثر عثمان فأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (12191) - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، «وَرَّثَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَكَانَ طَلَّقَهَا مَرِيضًا» ورواية ابن المسيب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في البخاري ومسلم وعليه فالسند صحيح.
وأيضًا (12195) - عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُثْمَانَ، «وَرَّثَ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَكَانَ طَلَّقَهَا مَرِيضًا» وينظر سماع أبي سلمة من عثمان فإن له رواية عنه في النسائي كما في التهذيب.
وأيضًا (12192) - أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ فَيَبُتُّهَا، ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:«طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ابْنَةَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيِّ فَبَتَّهَا، ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ» . قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: «وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى أَنْ تَرِثَ الْمَبْتُوتَةُ» . قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: «وَهِيَ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مَرِيضًا» .
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمود السجاعي: الطرق عن عثمان تصح بمجموعها بما مفاده أن عثمان ورث امرأة ابن عوف لما طلقها في مرض موته. ولفظة «في عدتها» سندها صحيح.
• أما أثر عمر فأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (12216) - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ نِسَاءَهُ وَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ، - قَالَ: فِي خِلَافَةِ عُمَرَ -. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَقَالَ:«طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ، وَقَسَمْتَ مَالَكَ بَيْنَ بَنِيكَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْرِقُ مِنَ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِكَ، فَأَلْقَاهُ فِي نَفْسِكِ، فَلَعَلَّكَ أَنْ لَا تَمْكُثَ إِلَّا قَلِيلًا، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُرَاجِعْ نِسَاءَكَ، وَتَرْجِعْ فِي مَالِكَ، لَأُوَرِّثْهُنَّ مِنْكَ إِذَا مُتَّ، ثُمَّ لَآمُرَنَّ بِقَبْرِكَ فَلَيُرْجَمَنَّ كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي رُغَالٍ - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَبُو رُغَالٍ أَبُو ثَقِيفٍ قَالَ: فَرَاجَعَ نِسَاءَهُ وَرَاجَعَ مَالَهُ " وهذا إسناد صحيح بالقدر الموقوف.
بينما حدث به جماعة عن معمر تارة بقصة إسلام غيلان وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإبقاء على أربع. وتارة بالمرفوع والموقوف وخطأ العلماء المرفوع لأمرين:
1 -
تخطأة معمر في تركيب قصة إسلام غيلان المرسلة على هذا السند السابق. قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 253): فَأَخْطَأَ مَعْمَرٌ فَجَعَلَ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ عُمَرَ، لِلْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَفَسَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ.
2 -
الإرسال حيث أرسله مالك وعقيل ووجه عن معمر مرسلا.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمود السجاعي بتاريخ الخميس 28 ذي القعدة 1442 موافق 8/ 7/ 2021 م: احكم على السند وأشر إلى الإعلال وفصّل بما تريد في الحاشية.
فسأله الباحث عن رأيه في هذه المسألة فقال أكتب لك:
الأصل أنها ليست بزوجة فلا إرث لها إلا إذا كانت هناك قرائن أخر فندور مع القرائن وظني أن أميري المؤمنين {رَأَيا ملابسات حملتهما على ما قالا.
كتاب الخلع
تعريف الخلع
•الخُلْعُ
(1)
: مصدر خلع يخلع خلعًا أي: نزع ومنه خلع النعل والثياب قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ نَزَعَ لِبَاسَهُ عَنْهُ
(2)
.
قال الجرجاني: إزالة مِلك
(3)
النكاح بأخذ المال
(4)
وقال ابن حجر رحمه الله: فراق الرجل زوجته ببذل قابل للعوض يحصل لجهة الزوج
(5)
.
(1)
بضم الخاء وسكون اللام والخَلْع بفتحها مصدران للفعل الثلاثي المتعدي خلع والخُلْع مصدر قياسي قال ابن مالك:
فعل قياس مصدر المعدّى من ذي ثلاثةٍ كردّ ردّا
والآخر: مصدر سماعي والفيومي رحمه الله درَج على تسمية المصدر السماعي بالاسم (م).
(2)
ينظر: «المصباح المنير» (م/ خ ل ع).
(3)
مِلك: بكسر الميم أحد ثلاثة مصادر لِمَلِكَ المتعدي فهو مثلث الميم إلا أن المَلْك يتعلق بالنفس تقول: ما فعلته بمَلْكي والمِلك بالكسر الوصف ومنه مالك والمُلك بضم الميم الوصف منه مالك. (م).
(4)
المال أعم من أن يكون متقوّم.
(5)
«فتح الباري» (9/ 396).
• تعليل التسمية
قال ابن قدامة: فَإِنَّ هَذَا يُسَمَّى خُلْعًا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْخَلِعُ مِنْ لِبَاسِ زَوْجِهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187].
وَيُسَمَّى افْتِدَاءً؛ لِأَنَّهَا تَفْتَدِي نَفْسَهَا بِمَالٍ تَبْذُلُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]
(1)
.
(1)
«المغني» (7/ 323).
إفساد المرأة على زوجها من الكبائر
•قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81] وقال جل ذكره: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205]
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22980) - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ، وَمَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِئٍ زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» .
وتابع الوليد عثمان بن عمير أخرجه لبزار في «مسنده» رقم (4426).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمود الباز بتاريخ 11/ جمادى الأولى 1443 هـ موافق 15/ 12/ 2021 م: حسن.
هل يجوز للرجل
أن يأخذ من زوجته أكثر مما أصدقها
• قال تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]
قال البخاري رقم (5273) - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «لَا يُتَابَعُ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ» .
لم يختلف على أزهر في الرفع كما عند النسائي (5628) والطبراني في «الكبير» (11969) والدارقطني (3628) والبيهقي (14838).
خالف عبد الوهاب الثقفي ثلاثة - خالد بن عبد الله وابن طهمان وابن علية - فأرسلوه. وروايتهم أصح وكذا رجح الإرسال الإمام أحمد والدرقطني في «التتبع» (171).
• تنبيه: في رواية خالد الحذاء الأمر بقول الحديقة وتطليقها تطليقة.
وروى هذا الخبر عن عكرمة أربعة:
1 -
خالد الحذاء وسبق القول فيه وأن الأصح في روايته الإرسال.
2 -
أيوب السختياني فوصله عنه جرير بن حازم وإبراهيم بن طهمان وخالفهما حماد بن زيد وابن علية وسعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد فأرسلوه وروايتهم بالإرسال أصح.
3 -
قتادة بن دعامة وعنه اثنان:
1 -
همام بن يحيى موصلا بسند نازل أخرجه البيهقي (14841).
2 -
وسعيد بن أبي عروبة واختلف عليه فعبد الأعلى بن عبد الأعلى عنه موصلا أخرجه ابن ماجه (2056) وغيره.
وخالفه عبد الوهاب بن عطاء ومحمد بن أبي عدي فأرسلاه. أخرجه البيهقي (14843) ورواية عبد الأعلى أرجح لعلو إسنادها ولثقته.
• تنبيه: لفظة: (ولا يزداد) ضعيفة كما أشار البيهقي عقب رواية سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن عكرمة فضلا أن همام لم يذكرها عن قتادة.
• الخلاصة: أن الخبر معل بالإرسال والعمل عليه وحكى البخاري الخلاف وصلا وإرسلا وقال عقب رواية أزهر لا يتابع فيه على ابن عباس. وكذا الدارقطني في «التتبع» (171) وقال في نهاية عرضه وأصحاب الثقفي غير أزهر يرسلون. وانظر مزيدا في «مسائل صالح» (3/ 96 و «السنن الكبير» (7/ 511) للبيهقي و «فتح الباري» (1/ 375). وانتهى شيخنا مع الباحثين حسان بن عبد الرحيم ومحمد بن مجدي بتاريخ 29 صفر 1443 موافق 6/ 10/ 2021 م إلى: أن الصواب فيه الإرسال والتنبيه على ثلاث زيادات:
1 -
(طلقها تطليقة).
2 -
(ولا يزداد).
3 -
(وأمره ففارقها).
• أقوال العلماء:
قال ابن بطال: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاه
(1)
.
وقال مالك: لم أر أحدا ممن يقتدى به يمنع ذلك لكنه ليس من مكارم الأخلاق
(2)
.
قال أبو الحسين العمراني الشافعي
(3)
: ويصح الخلع بالمهر المسمى، وبأقل منه، وبأكثر منه. وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأكثر أهل العلم.
وقال طاوس، والزهري، والشعبي، وأحمد، وإسحاق:(لا يصح الخلع بأكثر من المهر المسمى).
وقال ابن قدامة
(4)
: نَجْمَعُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، فَنَقُولُ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الزِّيَادَةِ لِلْكَرَاهِيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(1)
الضمير عائد على ما (م).
(2)
«فتح الباري» (9/ 397).
(3)
«البيان» (10/ 7). وانظر: «المهذب» (2/ 489).
(4)
في «المغني» (7/ 325).
هل الخلع فسخ أم طلاق؟
• في المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: طلاق وهو رأي أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي وأحمد.
الثاني: فسخ وهو أحد قولي الشافعي وأحمد وابن تيمية وابن القيم.
الثالث: التفريق بين من نوى الطلاق ومن لم ينوه. وهو قول عند الحنفية الشافعية والحنابلة.
ومستند هذه المسألة:
1 -
رواية أزهر بن جميل: «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» وهي ضعيفة.
2 -
أثر ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ فُرْقَةٌ وَفَسْخٌ، لَيْسَ بِطَلَاقٍ، ذَكَرَ اللهُ الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِ الآيَةِ، وَفِي آخِرِهَا، وَالْخُلْعَ بَيْنَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
…
: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
(1)
.
• الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث/ يوسف الحسيني بتاريخ شهر 10/ 2021 م:
هذه المسألة ما أحب إثارتها الآن، كتبت ما يعنيني في جامع أحكام النساء بعد تحريره، لكن لأن قانون الدولة هنا أخذ برأي الجمهور بأن الخلع يعتبر تطليقة واحدة بائنة فلا أحب الشقاق وإن كنت أجنح إلى الرأي الآخر لكن
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (19481) وإسناده صحيح.
الفتيا الآن نمشي على رأي الجمهور حتى لا تحدث فوضى، والله أعلم، لأن الجمهور لهم استدلالاتهم.
هل في الخلع رجعة
• قال ابن قدامة: وَلَا يَثْبُتُ فِي الْخُلْعِ رَجْعَةٌ، سَوَاءٌ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ
(1)
.
• قال ابن القيم رحمه الله: وقد ثبت بالنص والإجماع أنه لا رجعة في الخلع
(2)
.
(1)
«المغني» (7/ 331).
(2)
«زاد المعاد» (5/ 181) أما إذا كان برضاها فقال الشنقيطي في «أضواء البيان» (1/ 149): أجمع العلماء على أن للمختلع أن يتزوجها برضاها في العدة، وما حكاه ابن عبد البر عن جماعة من أنهم منعوا تزويجها لمن خالعها، كما يمنع لغيره فهو قول باطل مردود ولا وجه له بحال. كما هو ظاهر والعلم عند الله تعالى.
عدة المختلعة
• اختلف فيها على قولين:
الأول: عدتها عدة المطلقة وبه قال الجمهور؛ لأنهم يرون الخلع طلقة بائنة. وورد عن عمر
(1)
وعلي {ولا يصح
(2)
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ:«عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ، عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ»
(3)
الثاني: تعتد بحيضة؛ لأنه فسخ؛ ورد مرفوعًا من حديث ابن عباس
(4)
والربيع بنت معوذ} ولا يصح، وصح من فتوى عثمان وابن عمر}.
(1)
كما سيأتي في كلام ابن قدامة رحمه الله.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (18457) وعبد الرزاق (6/ 506) من طريق عبد الأعلى، عن ابن الحنفية عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:«عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ، عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ» وعبد الأعلى ضعيف خاصة في ابن الحنفية قال الإمام أحمد: عبد الأعلى عن ابن الحنفية عن على شبه الريح
…
إلخ.
(3)
إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (18775)، وغيرهم من طريق نافع عن ابن عمر به.
(4)
ضعيف: أخرجه أبو داود (2229)، والترمذي في «جامعه» (1185)، والدارقطني في «سننه» (4/ 377)، والطبراني في «المعجم الكبير» (11/ 207) والبيهقي في «السنن» (7/ 740) من طرق عن هشام بن يوسف عن معمر به موصولا.
وخالفه عبد الرزاق كما في «المصنف» (11759)، ومن طريقه الحاكم في «المستدرك» (2/ 224) والدارقطني في «السنن» (4/ 377) عن معمر فأرسله.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قال أبو داود: وهذا الحديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قال الطبراني: لم يصل هذا الحديث عن معمر إلا هشام بن يوسف.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد غير أن عبد الرزاق أرسله عن معمر.
وقال البيهقي في «السنن الصغير» (3/ 173): هذا منقطعٌ والذي وصله غلط في وصله.
قلت أبو أويس: وهشام وعبد الرزاق ثقتان إلا أن عبد الرزاق تقدم روايته لأمرين:
الأول: نص الإمام أحمد: إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق. انظر: «شرح علل الترمذي» (2/ 702).
الثاني: نص الإمام البيهقي: هذا منقطعٌ والذي وصله غلط في وصله.
قال الترمذي
(1)
: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي عِدَّةِ المُخْتَلِعَةِ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ عِدَّةَ المُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الكُوفَةِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ عِدَّةَ المُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ.
قَالَ إِسْحَاقُ: «وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى هَذَا فَهُوَ مَذْهَبٌ قَوِيٌّ» .
وقال ابن قدامة: أكثر أهل العلم يقولون: عدة المختلعة عدة المطلقة
(2)
قال ابن القيم: وقد اختلف الناس في عدة المختلعة؛ فذهب إسحاق وأحمد في أصح الروايتين عنه دليلا أنها تعتد بحيضة واحدة، وهو مذهب عثمان بن
(1)
«الجامع» (3/ 483).
(2)
«المغني» (8/ 97).
عفان وعبد الله بن عباس، وقد حُكى إجماع الصحابة ولا يعلم لهما مخالف، وقد دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة دلالة صريحة، وعذر من خالفها أنها لم تبلغه، أو لم تصح عنده، أو ظن الإجماع على خلاف موجبها، وهذا القول هو الراجح في الأثر والنظر:
أما رجحانه أثرا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المختلعة قط أن تعتد بثلاث حيض
…
وأما اقتضاء النظر له فإن المختلعة لم تبق لزوجها عليها عدة، وقد ملكت نفسها وصارت أحق ببُضْعِها، فلها أن تتزوج بعد براءة رحمها، فصارت العدة في حقها بمجرد براءة الرحم، وقد رأينا الشريعة جاءت في هذا النوع بحيضة واحدة كما جاءت بذلك في الَمسْبية والمملوكة بعقد معاوضة أو تبرع والمهاجرة من دار الحرب، ولا ريب أنها جاءت بثلاثة أقراء في الرجعية، والمختلعة فرع متردد بين هذين الأصلين؛ فينبغي إلحاقها بأشبههما بها؛ فنظرنا فإذا هي بذوات الحيضة أشبه
…
وقياسهما على المطلقة الرجعية من أبعد القياس وأفسده. ا. هـ مختصرًا
(1)
.
(1)
«إعلام الموقعين» (2/ 253 - 255).
كتاب الظهار
• الظهار لغة: بكسر الظاء مصدر ظاهر كقاتل قتالًا ومقاتلةً واستعمال الظهار مأخوذ من الظهر.
وشرعًا: تشبيه الرجل زوجته غير البائن بظهر أمه.
قال ابن قتيبة: وقد أجمع الناس على أن الظّهار يقع بلفظ واحد
(1)
.
(1)
«غريب القرآن» (392).
حكم الظهار
• محرم بالكتاب والسنة والإجماع.
• أما الكتاب فأربع آيات من صدر صورة المجادلة وجزء آية من سورة الأحزاب قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} [الأحزاب: 4]
وقال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ
(1)
مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 1 - 4].
• قال ابن القيم رحمه الله: الدليل على تحريمه خمسة أشياء:
الأول: ما وصفه بالمنكر.
والثاني: وصفه بالزور.
والثالث: أنه شرع فيه الكفارة ولو كان مباحا لم يكن فيه كفارة.
(1)
خرجت بهذا القيد الأمة عند الجمهور. وكذلك الأجنبية.
والرابع: أن الله قال: {ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ} والوعظ إنما يكون في غير المباحات.
والخامس: قوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} والعفو والمغفرة إنما يكونان عن الذنب
(1)
.
• وأما السنة فقصتان:
الأولى قصة خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها فعَنْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت: تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ، إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ، وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبَابِي، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي، وَانْقَطَعَ وَلَدِي، ظَاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ، فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْرَائِيلُ بِهَؤُلَاءِ الْآيَاتِ:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] "
(2)
.
(1)
«بدائع الفوائد» (1/ 12).
(2)
صحيح: أخرجه أحمد (6/ 146)، والطبري في «التفسير» (23/ 266)، وابن ماجه (188)، والنسائي (6/ 168)، والبخاري معلقًا مختصرًا في الباب الذي يلي رقم (7385) وغيرهم من طريق أبي معاوية ويحيي بن عيسى وجرير وفضيل بن عياض أربعتهم عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها به.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (13/ 386): وهذا أصح ما ورد في قصة المجادلة وتسميتها.
وأخرجه أبو داود في «سننه» (2220)، والطبري (23/ 226)، وابن شبة (2/ 398)، من طريق أسد بن موسى ومحمد بن فضيل وعبد الأعلى بن حماد ثلاثتهم عن حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة به مختصرًا.
وخالفهم موسى بن إسماعيل فأرسله أخرجه أبو داود (2219) حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، «أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت
…
» به. ورواية الجماعة أولى والله أعلم.
قال الحافظ في «فتح الباري» (13/ 386): والرواية المرسلة أقوى ثم وجه الرواية بجميلة بأن هذا كان لقبًا لها.
وأخرجه الطبري حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبان العطار، قال: ثنا هشام بن عروة، عن عروة، أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان به. فأرسله.
تنبيه: مقدار الكفارة في هذا الخبر يحرر.
الثانية قصة سلمان بن صخر الأنصاري البياضي رضي الله عنه فيها تفاصيل الكفارة فعن يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدثنا أَبُو سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبدِ الرَّحمَنِ؛ أَنَّ سَلْمَانَ بْنَ صَخْرٍ الأَنْصَارِيَّ، أَحَدَ بَنِي بَيَاضَةَ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا مَضَى نِصْفٌ مِنْ رَمَضَانَ وَقَعَ عَلَيْهَا لَيْلاً، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَعْتِقْ رَقَبَةً، قَالَ: لَا أَجِدُهَا، قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، قَالَ: لَا أَجِدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِفَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو: أَعْطِهِ ذَلِكَ العَرَقَ، وَهُوَ مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ صَاعًا إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا
(1)
.
(1)
صحيح لشواهده: أخرجه الترمذي في «جامعه» (1200)، والطبراني في «المعجم الكبير» (7/ 42 - 43) والبيهقي في «السنن الصغير» (3/ 139) من طرق عن يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة هو ابن عبد الرحمن أن سلمان بن صخر به.
وفي بعضها ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان متابعًا لأبي سلمة.
وأخرجه ابن ماجه (2062) وأحمد (16421) وأبو داود (2213) وغيرهم من طرق عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء.
وأخرجه أبو داود (2217) وابن الجارود (745) والطبراني في «المعجم الكبير» (7/ 44) من طرق عن بكير بن الأشج كلاهما عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر به. قال البخاري: سليمان لم يسمع من سلمة.
وله شاهد من حديث ابن عباس {.
أخرجه النسائي في (6/ 167) وابن الجارود في «المنتقى» (747) أخبرنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
وخالفه عبد الرزاق عن معمر به مرسلا، أخرجه النسائي (6/ 167).
ومما يرجح الإرسال أن الإمام النسائي أخرجه عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن عبد الأعلى كلاهما عن المعتمر هو ابن سليمان عن الحكم بن أبان عن عكرمة به مرسلا. وصوبه.
والخلاصة: أن الأول مرسل صحيح والثاني منقطع والثالث الراجح فيه الإرسال وبمجموعها يصحح القدر المشترك والله أعلم.
وانظر: «تفسير آيات الأحكام» (6/ 181) للفريق من الباحثين - للمؤلف والمشايخ؛ بدر بن رجب ومحمد بن عبد الجواد وعبد الغني بن نصير، وعبد الفتاح الألفي وأحمد البديوي والصافي بن عبد السلام بإشراف أبي إسحاق السمنودي وبحثه رحمه الله. ط دار مكة.
ثم انتهى شيخنا مع الباحث يوسف الحسيني، بتاريخ (23) ربيع الآخر (1443) الموافق (28/ 11/ 2021 م) إلى أن حديث سلمة بن صخر يُحَسَّن بطريقه، وحَسَّن له الترمذي، والآية موافقة للحديث، وثَم بعض التفصيلات فيها بعض المقال.
• وأما الإجماع فقد قال الشوكاني: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الظِّهَارِ وَإِثْمِ فَاعِلِهِ
(1)
.
(1)
«سبل السلام» (2/ 272).
الإجماعات في كتاب الظهار
• وردت إجماعات في كتاب الظهار منها:
1 -
أجمعوا على أن صريح الظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أُمي.
2 -
أجمعوا على أن ظهار العبد مثل ظهار الْحُرِّ.
3 -
أجمعوا على أن من أعتق في كفارة الظهار رقبة مؤمنة، أن ذلك يُجزئ عنه.
4 -
أجمعوا أن من صام بعض الشهرين ثُمَّ قطعه من غير عذر: أن يستأنف
(1)
.
5 -
أجمعوا على أن من صام شهرًا من ظهاره ثُمَّ جامع نَهارًا
(2)
عامدًا أنه يبتدئ الصوم
(3)
.
(1)
وفي «لسان العرب» (1/ 152): اسْتَأْنَفَ الشيءَ وأْتَنَفَه أَخذ أَوّله وابتدأَه وقيل اسْتَقْبَلَه وأَنا آتَنِفُه ائْتِنافاً وهو افْتعِالٌ من أَنْفِ الشيء وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما إنما الأَمْرُ أُنُفٌ أَي يُسْتَأْنَفُ استئنافاً من غير أَنْ يَسْبِقَ به سابِقُ قضاء وتقدير وإنما هو على اخْتِيارِك ودخولك فيه استأْنفت الشيء إذا ابتدأْته وفعلت الشيء آنِفاً أَي في أَول وقت يقرُب مني واسْتَأْنَفَه بوعْد ابتدأَه من غير أَنْ يسأَله.
(2)
لو جامع ليلا هل يستأنف الصيام؟
(3)
«الإجماع» (ص: 101).
6 -
اتفقوا أنه إن ظاهر من أمته أو ظاهرت زوجته منه على اختلافهم في كيفية الظهار فكفر وكفرت المرأة المظاهرة ان وطأها لها حلال
(1)
.
(1)
«مراتب الإجماع» (ص: 82).
فوائد من آيات سورة المجادلة
أولًا - نَقَل ابن قُدامة في «المغني» (13/ 481) والماوردي في «الحاوي» (10/ 451) الإجماع على أنه إذا كانت الكفارة بالعتق أو الصيام، فإنها تجب قبل المسيس للآيتين السابقتين [المجادلة: 2، 3].
ثانيًا - أما إذا كانت الكفارة بالإطعام، فالجمهور على وجوب الكفارة قبل المسيس، خلافًا لبعض الأحناف، كما في «بدائع الصنائع» (5/ 112) فإنهم أجازوا الجماع قبل الإطعام.
ثالثًا - هل يَجوز الاستمتاع بما دون الوَطْء قبل أن يُكَفِّر؟
اختَلف الفقهاء في هذا على قولين:
1 -
يَحرم الاستمتاع مطلقًا. وهو قول الزُّهْري ومالك وأصحاب الرأي، وأحد قولَي الشافعي وأحمد.
2 -
يَجوز. وبه قال الثوري وإسحاق وأبو حنيفة، وهو القول الثاني للشافعي وأحمد. انظر:«الحاوي» (10/ 452) و «المغني» (8/ 10).
رابعًا - إذا ظاهرت المرأة من زوجها فالجمهور خلافًا لبعض الحنابلة
(1)
على أن قولها لغو. انظر: «المبسوط» (6/ 277) و «المُدوَّنة» (2/ 309) و «الحاوي الكبير» (10/ 433).
(1)
فلهم ثلاثة أقوال:
كالجمهور. 2 - كفارة ظِهار. 3 - كفارة يمين. انظر: «المغني» (8/ 41).
أفاده الباحث/ يوسف الحسيني، بتاريخ الاثنين (2) جُمادَى الأُولى (1443) الموافق (6/ 12/ 2021 م).
وطَلَب شيخنا من الباحث تحرير مسألة: ما العمل إذا جَامَع قبل الكفارة؟
مَنْ ظَاهَر مِنْ أكثر من امرأة في قول واحد
• مَنْ ظَاهَر مِنْ أكثر من امرأة في قول واحد، فالجمهور على أنها كفارة واحدة، خلافًا للشافعي في الجديد، وهو فتوى عمر رضي الله عنه.
• أَخْرَج عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (11566): عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُنَّ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ! فَقَالَ عُمَرُ: «كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ» .
• ورواية عمرو بن شُعَيْب عن ابن المُسيَّب
(1)
- قوية، وروايته عن عمر مرسلة، إلا ما استُثني كنَعْي النعمان بن مُقَرِّن.
• وتابع ابنَ جريج عليُّ بن الحَكَم ومطر الوراق.
• ورواه مجاهد، عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنه. أخرجه الدارقطني من طريق جابر الجُعْفي. والبيهقي من طريق منصور، كلاهما عن مجاهد به، بلفظ:(ظَاهَر من أربع نسوة).
(1)
بفتح الياء على المشهور الذي قاله الجمهور، ومنهم مَنْ يكسرها، وهو قول أهل المدينة. قال ابن خلكان في «وَفَيَات الأعيان» (2/ 378): رُوي عن ابنه سعيد أنه كان يكسرها، ويقول: سَيَّب الله مَنْ يُسيِّب أبي. انظر: «الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم» (4/ 76) لمحمد الأمين الهَرَري.
الباحث/ محمد بن السيد بن عبد المهيمن قريش
(1)
، بتاريخ (9) ربيع الآخِر (1441 هـ) المُوافِق (5/ 12/ 2019 م).
(1)
وُلد بقرية الزهراء، بمركز مطوبس، محافظة كفر الشيخ، حاصل على دار علوم بجامعة القاهرة، يَعرض على شيخنا أحاديث من تحقيق «مسند ابن المبارك» .
كتاب اللعان
هل الزوجة التي زنت - عياذًا بالله - أو المُلاعِنة
تأخذ صداقها كاملًا؟
• ورد في الباب خبران:
الأول: في شأن الزانية:
• قال عبد الرزاق: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: بُصْرَةُ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ، فَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدْهَا»
(1)
.
(1)
ضعيف: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (10704، 10705): عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، مِثْلَهُ.
ثم اختَلف الرواة عن عبد الرزاق خارج «المُصنَّف» على شيئين:
الأول: قالوا: (ابن جُريج عن صفوان) بدل (حُدِّثْتُ). وعلى كلٍّ، فابن جُريج مُدلِّس، وقد ظهر تدليسه في هذا الخبر.
الثاني: الاختلاف في اسم الصحابي:
فقال محمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني، كما عند أبي داود (2131)، والحاكم (2746): رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال محمود بن غيلان، كما عند الحاكم (6515)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1243): بَصْرة بن أبي بَصْرة الغِفَاري س.
وقال الحسن بن علي الحُلْواني ومَخْلَد بن خالد، كما عند أبي داود (2131): رجل من الأنصار يقال له: (بَصْرة) كما هنا.
قال الدارقطني في «سُننه» (4/ 368): حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صَفْوَانَ - هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ.
وقال البيهقي: هذا الحديث أخذه ابن جُريج عن إبراهيم بن أبي يحيى.
وخالف صفوانَ بن سليم:
1 -
سعيد بن زيد.
2 -
عطاء الخُراساني.
3 -
يزيد بن نُعَيْم.
ثلاثتهم عن ابن المُسيِّب مرسلًا. أخرجه أبو داود (2131) وقال: أرسلوه كلهم. وقال البيهقي: هذا حديث مرسل.
إلا في وجه من طريق يزيد بن نُعَيْم الأسلمي قال: عن بَصْرة بن أَكْثَم. أخرجه الحاكم (2747).
قال أبو حاتم كما في «علل الحديث» (1/ 418): هذا حدِيثٌ مُرسلٌ لَيْسَ بِمُتّصِلٍ.
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، لَا يُجَاوِزُهُ مَرْفُوعًا.
وما رواه ابن جُريج، عن صفوان بن سُليم، عن ابن المُسيِّب، عن نضرة بن أكثم: ليس هو مِنْ حديث صفوان بن سُليم. ويُحتمل أن يكون مِنْ حديث ابن جُريج، عن إبراهِيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُليم؛ لأن ابن جُريج يُدلِّس عن ابن أبي يحيى، عن صفوان بن سُليم غيرَ شيء، وهو لا يُحتمل أن يكون منه.
وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (7/ 255): وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا مِنَ الْحُرَّةِ يَكُونُ حُرًّا، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا مَنْسُوخًا.
والثاني: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ:«حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» .
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَالَ:«لَا مَالَ لَكَ: إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا» .
• وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: فَرَّقَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي العَجْلَانِ، وَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَأَبَيَا، فَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ أَيُّوبُ: فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: فِي الحَدِيثِ شَيْءٌ لَا أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ، قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: مَالِي؟ قَالَ: «لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْكَ»
(1)
.
(1)
قوله: (مالي) فإنه فاعل فِعل محذوف، كأنه لما سَمِع:«لا سبيل لك عليها» قال: أيَذهب مالي؟ والمراد به الصداق.
قال ابن العربي: قوله: (مالي) أي: الصداق الذي دفعتُه إليها. فأجيب بأنك استوفيتَه بدخولك عليها وتمكينها لك من نفسها. ثم أَوْضَح له ذلك بتقسيم مُستوعِب، فقال:«إن كنتَ صادقًا فيما ادعيتَه عليها، فقد استوفيتَ حقك منها قبل ذلك. وإن كنتَ كذبتَ عليها، فذلك أبعد لك من مطالبتها» لئلا تَجْمَع عليها الظلم في عرضها ومطالبتها بمال قَبَضَتْه منك قبضًا صحيحًا تستحقه.
وعُرِف من هذه الرواية اسم القائل: (لا مال لك) حيث أُبْهِم في حديث الباب بلفظ: (قيل: لا مال لك) مع أن النَّسَائي رواه عن زياد بن أيوب عن ابن عُلَيَّة، بلفظ: قال: (لا مال لك).
وقوله: (فقد دخلتَ بها) فَسَّره في رواية سفيان بلفظ: (فهو بما استحللتَ من فرجها).
وقوله: (فهو أبعد منك) كذا عند النَّسَائي أيضًا. ووقع عند الإسماعيلي من رواية عثمان بن أبي شيبة، عن ابن عُلَيَّة:(فهو أبعد لك) وسيأتي قبل كتاب النفقات، سواء من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جُبير، بلفظ:(فذلك أبعد وأبعد لك منها) وكرر لفظ (أبعد) تأكيدًا.
قوله: (ذلك) الإشارة إلى الكذب؛ لأنه مع الصدق يَبعد عليه استحقاق إعادة المال، ففي الكذب أبعد.
ويستفاد من قوله: (فهو بما استحللتَ من فرجها) أن الملاعنة لو أَكْذَبَتْ نفسها بعد اللِّعان وأقرت بالزنا، وجب عليها الحد، لكن لا يَسقط مهرها.
رواه عن سعيد بن جُبير جماعة:
1 -
عمرو بن دينار، وعنه سُفيان بن عُيينة. أخرجه البخاري (5312) واللفظ له، ومسلم (1493) وغيرهما.
2 -
أيوب السَّختياني، وعنه جماعة:
أ - سُفيان بن عُيينة دون وجه الشاهد. أخرجه أحمد (4945)، وأبو عَوَانة في «مستخرجه» (4695).
ب - حماد. أخرجه مسلم (1493).
ت - مَعْمَر بن راشد. أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (12454)، وأبو عَوَانة في «مستخرجه» (4687).
ث - إسماعيل ابن عُلَيَّة. أخرجه البخاري (5311): حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: فَرَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي العَجْلَانِ، وَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَأَبَيَا، وَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَأَبَيَا، فَقَالَ:«اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ أَيُّوبُ: فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ فِي الحَدِيثِ شَيْئًا لَا أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ؟ قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: مَالِي؟ قَالَ: قِيلَ: «لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْكَ» .
وهذا القَدْر أسنده أبو عَوَانة في «مستخرجه» (4678) قال أيوب: فحدثني عمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر.
وأخرجه النَّسَائي (3475) بنحوه، وأبو داود (2258) مقتصرًا على التفريق.
3 -
عَزْرَة بن عبد الرحمن. أخرجه مسلم (1493) بلفظ: «فَرَّقَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ» .
4 -
عبد الملك بن أبي سليمان. أخرجه مسلم (1493): عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، فَمَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِي. قَالَ: إِنَّهُ قَائِلٌ. فَسَمِعَ صَوْتِي، قَالَ: ابْنُ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ادْخُلْ؛ فَوَاللهِ، مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا حَاجَةٌ.
فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً، مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ، قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ! وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ!
قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ!
فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: 6].
فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ، وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا!
ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَتْ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنَّهُ لَكَاذِبٌ!
فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنِ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ.
ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ، فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنِ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
محمد بن زيد. أخرجه الدارقطني في «سُننه» (3706).
وتابع هؤلاء عن سعيد بن جُبير مُتابَعة قاصرة - نافع مولى ابن عمر، وعن نافع جماعة:
1 -
عُبيد الله بن عمر. أخرجه البخاري (4748)، ومسلم (1494) بلفظ:«أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَاعَنَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ، ثُمَّ قَضَى بِالوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلَاعِنَيْنِ» .
2 -
مالك بن أنس. أخرجه البخاري (5315)، ومسلم (1494) وغيرهما، «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ» ؟ قَالَ: نَعَمْ.
3 -
جويرية بن أسماء. أخرجه البخاري (5306).
4 -
فُليح بن سليمان. أخرجه أحمد (6098).
5 -
موسى بن عُبيدة. أخرجه الدارمي في «سُننه» (3007).
• والخلاصة: أن قصة اللعان رواها خمسة من الصحابة رضي الله عنهم
(1)
، أربعة لم يَذكروا الزيادة، والخامس ابن عمر رضي الله عنهما، رواه عنه اثنان:
أ - نافع، ولم يأتِ بهذه الزيادة.
ب - سعيد بن جُبير، وعنه خمسة من الرواة - أيوب، وعَزْرَة بن عبد الرحمن، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومحمد بن زيد، وعمرو بن دينار - وتَفَرَّد بها عمرو بن دينار، وعنه سفيان بن عُيينة، وأيوب السَّختياني عند البخاري بلا إسناد، وعند أبي عَوَانة أسنده عن عمرو عن سعيد عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(1)
وهم: سهل بن سعد س: أخرجه البخاري (4745)، ومسلم (1492) في مجيء عويمر العجلاني ثم عاصم بن عدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وابن عباس س، أخرجه البخاري (4747)، ومسلم (1497) أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ
…
وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ س قَالَ: إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا
…
أخرجه مسلم (1495).
وعن أَنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ. أخرجه مسلم (1496).
وذهب ابن حجر في «فتح الباري» إلى أن عمرو بن دينار حَفِظ ما لم يحفظه أيوب.
ففي «فتح الباري» (9/ 457): قوله: (فقال لي عمرو بن دينار: إن في الحديث شيئًا لا أراك تحدثه. قال: قال الرجل: مالي؟ قال: قيل: لا مال لك
…
) إلى آخره - حاصله: أن عمرو بن دينار وأيوب سمعا الحديث جميعًا من سعيد بن جُبير، فحَفِظ فيه عمرو ما لم يحفظه أيوب.
وقد بَيَّن ذلك سفيان بن عُيينة، حيث رواه عنهما جميعًا في الباب الذي بعد هذا، فوقع في روايته عن عمرو بسنده: قال النبي صلى الله عليه وسلم للمتلاعنَين: «حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها» قال: مالي؟ قال: «لا مال لك» .
وانتهى شيخنا معي بتاريخ (10) شعبان عام (1439 هـ) المُوافِق (26/ 4/ 2018 م) إلى ثبوت الزيادة.
• فائدة: والملاعنة جائزة في المسجد عند الجمهور كما في «فتح باب العناية» (5/ 380) و «الأم» (5/ 306) مع تفصيل في أمر الحائض كما في «المغني» (8/ 85) والنصرانية كما في «المدونة» (2/ 354). أفاده الباحث محمد بن شرموخ مع شيخنا بتاريخ 28 ربيع أول 1443 موافق 3/ 11/ 2021 م.
كتاب العدد
أحكام العِدة
• مَنْ ارتفع حيضها وهي في العِدة، إما لسبب معلوم كرضاع ونحوه، أو لغير سبب معلوم.
فإن كان لسبب معلوم كرضاع، فالإجماع نَقَله ابن عبد البر في «الاستذكار» (17/ 272) وعبد الوهاب المالكي في «المعونة» (ص/ 921) وابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (34/ 23) ويحيى بن أبي الخير الشافعي في «البيان» (11/ 22): أنها تتربص حتى تعتد بالأقراء.
وأما إن كان السبب غير معلوم، فقد وقع فيه النزاع بين أهل العلم:
1 -
ذهب الأحناف كما في «بدائع الصنائع» (3/ 195) والشافعي في الجديد كما في «التهذيب» (6/ 239) للبغوي، وهو المذهب، إلى أنها تنتظر حتى تحيض أو تيأس فتعتد بالأشهر.
2 -
وأما المالكية كما في «بداية المجتهد» (2/ 91) والحنابلة كما في «مسائل أبي داود» (1211) و «المغني» (11/ 214) وقول قديم للشافعي كما في «التهذيب» (6/ 239) للبغوي فقد ذهبوا إلى أنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان حملها فبوضع الحمل، وإلا انتظرت ثلاثة أشهر ثم تحل.
الباحث/ يوسف بن حسيني الحامولي.
هل خلوة الزوج بالمعقود عليها توجب العدة؟.
• اختلف فيها على قولين:
الأول: عليها العدة وبه قال الجمهور من الأحناف والمالكية وأحد قولي الشافعية والحنابلة ومستندهم:
1 -
مرسل ضعيف أخرجه الدارقطني في «سننه» (4/ 473): مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَةٍ وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا» .
2 -
أثر زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، قَالَ: قَضَى الْخُلَفَاءُ الْمَهْدِيُّونَ الرَّاشِدُونَ؛ أَنَّهُ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وَوَجَبَتِ الْعِدَّةُ
(1)
.
الثاني: لها نصف الصداق ولا عدة عليها وهو قول الشافعي في الجديد وأحد قولي الحنابلة ومستندهم:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]
2 -
{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] ولم يذكر في الآية عدة.
(1)
منقطع؛ لأن زرارة لم يدرك الخلفاء.
• الخلاصة: اختار شيخنا مع الباحث/ يوسف الحسيني بتاريخ شهر 10/ 2021 م القول الثاني للآية وقال:
لكن يبقى دفع الإشكال الوارد عن عمر رضي الله عنه إذا أرخيت الستور وأغلقت الأبواب فقد وجب الصداق.
أقول توجيهي لهذا الأثر عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن هذا أولا محله عند النزاع إذا اختلفا، ثانيا عند البناء المعلن، يعني أنها زفت إليه واغلقوا الأبواب وبعد مدة قال ما ماسستها وهي قالت مسني، القول قول المرأة، لأثر عمر تنزيل أثر عمر في هذه المثابة، لكن إذا اتفقت المرأة مع الرجل أنه لم يحدث مساس ما أستطيع أن أخالف الآية والله أعلم.
كتاب النفقات
أحكام النشوز
(1)
• إذا مَنَع الرجل زوجه من زيارة والديها وخرجت دون إذنه، فهل تُعَد ناشزًا؟
اختَلف الفقهاء على قولين:
الأول: لا تُعتبَر ناشزًا؛ لأن من حقها زيارةَ أهلها.
قال بذلك المالكية
(2)
وهو الصحيح عند الأحناف وعليه الفتوى
(3)
والظاهرية
(4)
.
ولهم أدلة عامة، منها قوله تعالى في الإحسان إلى الوالدين حالة شركهما،
(1)
معنى النشوز معصية الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته، مأخوذ من النشز، وهو الارتفاع، فكأنها ارتفعت وتعالت عما فرض الله عليها من طاعته، فمتى ظهرت منها أمارات النشوز، مثل أن تتثاقل وتدافع إذا دعاها، ولا تصير إليه إلا بتكره ودمدمة، فإنه يعظها، فيخوفها الله سبحانه، ويذكر ما أوجب الله له عليها من الحق والطاعة، وما يلحقها من الإثم بالمخالفة والمعصية، وما يسقط بذلك من حقوقها، من النفقة والكسوة، وما يباح له من ضربها وهجرها؛ لقول الله تعالى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} فإن أظهرت النشوز، وهو أن تعصيه، وتمتنع من فراشه، أو تخرج من منزله بغير إذنه، فله أن يهجرها في المضجع؛ لقول الله تعالى:{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} .... كما في «المغني» (10/ 259 (لابن قدامة.
(2)
انظر: «حاشية الدسوقي» (2/ 512).
(3)
«فتح القدير» (4/ 398) وفيه: «ولها زيارة أهلها بلا إذنه
…
».
(4)
«المحلى» (10/ 158): وحق الوالدين أوجب من حق الزوج والزوجة.
فمِن باب أَوْلَى وهما مسلمان: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8] وكَوْن عقوق الوالدين من الكبائر، ومَنْعها يَدخل في العقوق والقطيعة.
وفيما أخرجه البخاري رقم (5988) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ» وعموم الأدلة التي في بر الوالدين.
واستدلوا بحديث علي مرفوعًا، وفيه:«لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» أخرجه البخاري (7257) ومسلم (1840).
ووَجْه الدلالة منه أن وجوب طاعة المرأة زوجها مقيد بالمعروف دون المعصية
(1)
.
القول الثاني: تُعتبَر ناشزًا.
وبهذا قالت الشافعية
(2)
والحنابلة
(3)
.
وفصل أبو يوسف
(4)
فقال: تَقْيِيدُ خُرُوجِهَا بِأَنْ لَا يَقْدِرَا عَلَى إِتْيَانِهَا، فَإِنْ
(1)
ومن أدلة ذلك قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].
(2)
قال الشافعي كما في «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (9/ 500): وله منعها من شهود جنازة أبيها وأمها وولدها.
(3)
وفي «المغني» (10/ 224) لابن قُدامة: للزوج منعها من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد، سواء أرادت زيارة والديها، أو عيادتهما، أو حضور جنازة أحدهما. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها، إلا أن يأذن لها.
(4)
كما في «فتح القدير» (4/ 398): عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي «النَّوَادِرِ» .
كَانَا يَقْدِرَانِ عَلَى إِتْيَانِهَا لَا تَذْهَبُ. وَهُوَ حَسَنٌ.
واستدلوا بحديث: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا»
(1)
.
وحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ، وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا، وَكَانَ أَبُوهَا فِي أَسْفَلِ الدَّارِ، وَكَانَتْ فِي أَعْلَاهَا، فَمَرِضَ أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ:«أَطِيعِي زَوْجَكِ» فَمَاتَ أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَطِيعِي زَوْجَكِ» فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لِأَبِيهَا بِطاعَتِهَا لِزَوْجِهَا»
(2)
.
• الخلاصة: يميل شيخنا مع الباحث/ شريف الصابر، بتاريخ (29) شوال (1442 هـ) الموافق (10/ 6/ 2021 م): إلى زيارة والديها دون إذنه إن كانت تأمن ضرر الزوج.
(1)
صحيح لشواهده دون سبب الورود، وسند الترمذي حسن: أخرجه الترمذي رقم (1159): حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا النَّضْر بن شُمَيْل قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
وفي الباب عن معاذ بن جبل، وسُرَاقة بن مالك بن جُعْشُم، وعائشة، وابن عباس، وعبد الله بن أبي أوفى، وطَلْق بن علي، وأم سلمة، وأنس، وابن عمر.
(2)
منكر: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7648) وفي سنده يوسف بن عطية، قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال ابن أبي حاتم: متروك.
نفقة الناشز
• قال ابن المنذر في «الأوسط» (9/ 46): قد أَجْمَع أهل العلم على إيجاب نفقات الزوجات على أزواجهن، إذا كانوا جميعًا بالغين، إلا الناشز منهن الممتنعة، فنفقة زوجة المرء ثابتة بالكتاب والسُّنة والإجماع. اهـ.
خالف الحَكَمُ وابن القاسم من المالكية، وابن حزم، فلم يُسقِطوا نفقة الناشز لعموم الأدلة في النفقة.
• وهي من الكتاب العزيز:
1 -
قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
2 -
وقال جل ذكره: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7].
3 -
وقال تبارك وتعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]
• ومن السُّنة:
1 -
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. فَقَالَ:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ» أخرجه البخاري (5364) ومسلم (7180).
2 -
وفي حديث جابر رضي الله عنه في حجة الوداع: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ» أخرجه مسلم (1218)
(1)
.
• ومن الآثار:
قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (13112): عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ: أَنِ ادْعُ فَلَانًا وَفُلَانًا - نَاسًا قَدِ انْقَطَعُوا مِنَ المَدِينَةِ وَخَلَوْا مِنْهَا - فَإِمَّا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى نِسَائِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيْهِنَّ بِنَفَقَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقُوا وَيَبْعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا مَضَى.
وتابع عُبَيْدَ الله أيوب، لكن بإسقاط ابن عمر، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (13113).
قال ابن رُشْد في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (3/ 77): فأما الناشز: فالجمهور على أنها لا تجب لها نفقة. وشذ قوم فقالوا: تجب لها النفقة.
وسبب الخلاف: معارضة العموم للمفهوم، وذلك أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام:«ولهن عليكم رزقهن وكِسوتهن بالمعروف» يقتضي أن الناشز وغير الناشز في ذلك سواء. والمفهوم من أن النفقة هي في مقابلة الاستمتاع - يوجب أن لا نفقة للناشز.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمود السجاعي، بتاريخ (20) ربيع الآخِر (1443 هـ) الموافق (25/ 11/ 2021 م) إلى إعمال درجة النشوز، وأن الأجناد خمسة
(2)
.
(1)
ووَجْه الشاهد من رواية حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد، وهي من مفاريده.
(2)
وَهُمْ: عمرو بن العاص على مصر، ومعاوية على الشام، وسعد
…
إلخ. [التكميل أفضل].
• تنبيه: إذا سقطت النفقة بالنشوز، فلا تَسقط نفقة الأولاد.
متى تنتهي النفقة على الذرية
• ذهب جمهور العلماء - حنفية ومالكية وشافعية - إلى أن النفقة على الولد الذَّكَر إلى البلوغ. خلافًا للحنابلة فقد قالوا: إلى حد الاستغناء.
• قال البخاري في «صحيحه» رقم (5355) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» تَقُولُ المَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي! وَيَقُولُ العَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي! وَيَقُولُ الِابْنُ: أَطْعِمْنِي، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي؟! فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ:«لَا، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ» .
• قال المهلب: النفقة على الأهل والعيال واجبة بإجماع، وهذا الحديث حُجة في ذلك.
هل يجب على الابن المُوسِر إعفاف أبيه
• اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
الأول: الوجوب. وهو رواية عند الحنفية، وقول عند المالكية، والمشهور عند الشافعية والحنابلة.
للأدلة العامة، كقوله تعالى:{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83].
{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].
• وحديث «أنت ومالك لأبيك» وهو مُعَلّ.
ولِكَوْن هذا من العقوق ودفعًا للعَنَت والمشقة عن أبيه.
الثاني: لا يجب. وهو ظاهر الرواية عند الحنفية، وقول عند المالكية، وقول مرجوح عند الشافعية والحنابلة.
وتحرير محل النزاع هل الوطء من الضروريات كالأقوات من طعام وشراب، أو من التفكهات والتلذذات كالحلواء والفاكهة؟
ومعلوم أن نفقة الولد الموسر على والديه الفقيرين واجبة بالإجماع.
• قال ابن المنذر في «الإشراف» (5/ 167): أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال - واجبة في مال الولد.
كذلك قال مالك، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، والنعمان وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. غير أن الشافعي قال: إذا كانا ذميين. ولم يَذكر ذلك أحد غيره.
وكَتَب شيخنا في مقدمة هذه الرسالة للباحث أشرف سلطان: حاصل الرسالة يجب على الابن الموسر مساعدة والده في زواجه من أجل إعفافه .. وليس في المسألة فيما علمتُ نصًّا خاصًّا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما الاستدلال فيها بالعمومات.
• وكان شيخنا - حَفِظه الله - أشار في المجلس إلى بحث مسألة أخرى، وهي إذا كانت الأم تَمنع؛ لأنه سيتزوج عليها، والأب يأمر، فماذا يَفعل الابن؟
كتاب الأطعمة
لَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ
• قال الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (2395): حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ، أَنَّ الوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ التُّجِيبِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَالَ سَالِمٌ: أَوْ عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ» .
وتابع ابنَ المبارك اثنان:
1 -
ابن وهب، أخرجه ابن حبان، رقم (560).
2 -
أبو عبد الرحمن، أخرجه أحمد (11337) والدارمي (2101).
وخالف حَيْوَةَ ابنُ لَهيعة فقال: عن سالم عن الوليد عن أبي سعيد، به. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3136).
ورواية حَيْوَة بن شُرَيْح أصوب، لكن في سندها الوليد بن قيس، ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ووثقه العِجْلي، وروى عنه أربعة. وقال الترمذي عقب الحديث: هذا حديثٌ حسن، إنما نَعْرفه مِنْ هذا الوجه. وقال فيه ابن حجر: مقبول. وفي «تحرير التقريب» : صدوق حسن الحديث.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أنس بن منصور، بتاريخ (7) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (11/ 12/ 2021 م) إلى ضعفه من أجل
الوليد بن قيس، والفقرة الثانية مخالفة لعموم قوله تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].
أما الخطابي في «معالم السنن» (4/ 115) فسلك مسلك الجمع فقال: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاج وذلك أن الله سبحانه قال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] ومعلوم أن أسراهم كانوا كفاراً غير مؤمنين ولا أتقياء.
وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته فان المطاعمة توقع الالفة والمودة في القلوب يقول لا تؤالف من ليس من أهل التقوى والورع ولا تتخذه جليساً تطاعمه وتنادمه.
غَسْل اليدين قبل الطعام
• قال الترمذي في «سُننه» رقم (1846): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَرِيمِ الجُرْجَانِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ - المَعْنَى وَاحِدٌ - عَنْ أَبِي هَاشِمٍ - يَعْنِي الرُّمَّانِيَّ - عَنْ زَاذَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ الوُضُوءُ بَعْدَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«بَرَكَةُ الطَّعَامِ الوُضُوءُ قَبْلَهُ، وَالوُضُوءُ بَعْدَهُ» .
رواه جماعة عن قيس بن الربيع، ومداره عليه.
وقد ضَعَّفه الترمذي عقب الخبر (3/ 346).
وقال أبو داود عقبه: وَكَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ الْوُضُوءَ قَبْلَ الطَّعَامِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (7/ 450): قيس بن الربيع غير قوي، ولم يَثبت في غَسْل اليد قبل الطعام حديث.
• والخلاصة: أن الخبر ضعيف، وطَلَب شيخنا من الباحث سلمان بن عبد المقصود الكُردي - تحرير سماع زاذان من سلمان رضي الله عنه.
قال محمد بن الحسين البغدادي: قلت لابن مَعِين: ما تقول في زاذان؟ روى عن سلمان؟ قال: نعم، روى عن سلمان وغيره، وهو ثَبْت في سلمان، كما في «تهذيب التهذيب» .
وبَحَثه أيضًا الشيخ سيد بن أحمد حَمُّودة الشرقاوي
(1)
، في «شمائل الترمذي» رقم (188) ط/ دار العُلوم والحِكَم.
(1)
وُلد بقرية كفر الحَمَام، مركز الزقازيق، بمحافظة الشرقية، بتاريخ (25/ 1/ 1977 م) حاصل على معهد مساحة.
وفد منية سمنود قديمًا زمن ش محمد عليوه وش إبراهيم النحاس.
له من المؤلفات التي راجعها وقَدَّم لها شيخنا:
1 -
«شمائل الترمذي» ط/ العلوم والحِكم.
2 -
«شمائل الرسول» لابن كَثير، ط/ فياض.
3 -
«المزاح آداب وأحكام» ط/ العالمية.
4 -
«صحيح وصف الرسول» ط/ العالمية.
5 -
«الجامع الصحيح في شمائل الرسول» ط/ العالمية.
6 -
«التمهيد في علم التخريج ودراسة الأسانيد» ط/ ابن حزم، ثم ط/ أنس بن مالك.
7 -
«النفائس في أحكام الكنائس» ط/ السلف الصالح.
8 -
«الأناة في أحكام البسملة في الصلاة» ط/ سُبل السلام.
وللمؤلف كتب أخرى:
1 -
«الحج والعمرة» في سؤال وجواب.
2 -
«الفقه المُيَسَّر في سؤال وجواب»
كلاهما بتقديم الشيخ عبد المحسن الزامل.
خَلْع النعال والأحذية عند الطعام
• قال الدارمي في «سُننه» رقم (2125): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ، فَاخْلَعُوا نِعَالَكُمْ فَإِنَّهُ أَرْوَحُ لِأَقْدَامِكُمْ» .
• الخلاصة: وافق شيخنا الباحث أبا سهل على ضعفه؛ لأن موسى بن محمد منكر الحديث، وثَم مُتابِع له في السند إليه وهو داود بن الزِّبرقان، متروك. بتاريخ (22) شوال (1442 هـ) الموافق (3/ 6/ 2021 م).
التسمية على الطعام
• قال الإمام أحمد رقم (25106): حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» .
• الخلاصة: رجاله ثقات، وظاهره الصحة، لكن عِلته أن الجماعة - إسماعيل بن عُلَيَّة، ووَكيعًا، ورَوْح بن عُبَادة، وعفان بن مسلم، والطيالسي، وعبد الوهاب بن عطاء، ومعاذ بن هشام - ستتهم خالفوا يزيد بن هارون، فأثبتوا واسطة بين عبد الله بن عُبَيْد وعائشة، وهي أُم كُلثوم، ولم يُذْكَر فيها جَرْح ولا تعديل.
• انظر هذه الروايات عند أحمد والترمذي وأبي داود
…
وغيرهم.
وخَالَف الجميعَ حمادٌ فقال: عن هشام، عن بُدَيْل، عن عبد الله بن عُتبة، عن امرأة
…
مرسلًا. أخرجه أبو يَعْلَى (1505).
ورواية الجماعة بإثبات (أُم كُلثوم) أصح.
ونَصَّ الشيخ مُقْبِل على علة السند الأول.
وقال ابن حزم: عبد الله بن عُبَيْد لم يَسمع عائشة.
وله شاهد من حديث أمية بن مَخْشِيّ
(1)
.
أخرجه أحمد وغيره بسند فيه المُثَنَّى بن عبد الرحمن الخُزَاعي.
جَهِله ابن المَديني، وتَبِعه الذهبي.
وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
وقال ابن حجر: مستور.
وله شاهد آخَر، أخرجه ابن حِبان رقم (5213): أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ، فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ: بِاسْمِ اللهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ طَعَامًا جَدِيدًا، وَيَمْنَعُ الْخَبِيثَ مَا كَانَ يُصِيبُ مِنْهُ» .
ورجاله ثقات، وشيخ ابن حِبان هو (أبو يَعْلَى) صاحب «المُسْنَد» لكن ابن حجر أورده في «المَطالب» رقم (2408).
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا شَبَابٌ الْعُصْفُرِيُّ
(2)
، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى الْجُهَنِيَّ، بِهِ.
لكن هنا إشكالية، وهي نزول هذا السند، ويُحَرَّر.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» رقم (4576): حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: نَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ الْعُصْفُرِيُّ، بِهِ.
(1)
بميم مفتوحة، ثم معجمتين: الأولى ساكنة والثانية مكسورة، بعدها ياء كياء النسبة.
(2)
وفي تعيين شباب العصفري ما جاء في «مسند أبي يعلى» رقم (4079، 4093): حَدَّثنا شَبَابٌ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ العُصْفُرِيُّ.
قال الطبراني: لم يَرفع هذا الحديث عن موسى الجُهَني إلا عمر بن علي، تَفَرَّدَ به شَبَاب العُصْفُري.
وأورده ابن السُّني في «عمل اليوم والليلة» من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا، وفيه زيادة على التسمية قراءة سورة الإخلاص.
وفي سنده حمزة النَّصِيبيّ
(1)
، متروك.
وورد عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» من حديث علي رضي الله عنه موقوفًا. وفي سنده الحارث الأعور، ضعيف.
وناقشه الباحث أبو عُبَيْدة أحمد بن جابر
(2)
، مع شيخنا في مجلسَي الاثنين والثلاثاء، بتاريخ (12) ربيع الآخِر (1441 هـ) المُوافِق (9/ 12/ 2019 م).
وكَتَب شيخنا في المجلس الأول: في كل طرقه مقال، وعليه عمل بعض العلماء.
ثم في المجلس الثاني قال: مَنْ حَسَّنه لشواهده فله وجه.
• قلت (أبو أويس): وهو الذي أختاره، وكذلك الباحث.
وصححه العَلَّامة الألباني، وقَبْله ابن حِبان وَرَدَّ على مَنْ قال بتفرد الجُهَني به.
وكتب شيخنا مع الباحث/ أبي حمزة السويسي بتاريخ 26 ذي القعدة 1442 موافق 7/ 7/ 2021 م عن حديث ابن مسعود ..... ويمنع الخبيث
…
وحديث
(1)
النَّصِيبي، بفتح النون، وكسر الصاد المهملة، وسكون الياء آخِر الحروف، وفي آخرها الباء الموحدة. هذه النسبة إلى نَصِيبين، وهي بلدة عند آمِد وميافارقين من ناحية ديار بكر. انظر:«الأنساب» (13/ 115) للسمعاني.
(2)
له رسالة ماجستير بعنوان «ضوابط الحديث المبهم» .
لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه: تراجعت عن تصحيحهما والصواب ضعفهما.
مندرج تحت التسمية على الطعام وعموم قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24].
هل يأخذ بشماله أو يعطي بها
1 -
قال الإمام مسلم رقم (2020): وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ حَرْمَلَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا» .
قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ يَزِيدُ فِيهَا: «وَلَا يَأْخُذُ بِهَا، وَلَا يُعْطِي بِهَا» ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ:«لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ» .
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ د. محمد ياسين، يوم الثلاثاء، بتاريخ (23/ 11/ 2021 م) إلى ضعف:«وَلَا يَأْخُذُ بِهَا، وَلَا يُعْطِي بِهَا» وقال: كنا نَعمل بها زمنًا، واتضح لنا عدم ثبوتها.
قال النووي في «شرحه» (5/ 197): فيه استحباب الأكل والشرب باليمين وكراهتهما بالشمال وقد زاد نافع الأخذ والاعطاء وهذا إذا لم يكن عذر فان كان عذر يمنع الأكل والشرب باليمين من مرض أو جراحة.
2 -
قال ابن حبان في صحيحه رقم (5228): أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أخبرني جرير بن حازم، عن هشام عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ شَيْئًا أَوْ يَأْخُذَ بِهَا، وَنَهَى أَنْ يَتَنَفَّسَ في إنائه إذا شرب.
• والخلاصة: أن جملة «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ شَيْئًا أَوْ يَأْخُذَ بِهَا» معلولة فقد روى الجماعة الخبر بدون هذه الزيادة، انظر البخاري رقم (153، 154، 5630)، ومسلم (267)، وغيرهما.
حكم أكل الأرنب
• أخرج البخاري في «صحيحه» رقم (2572) - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ:«أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى القَوْمُ، فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا، فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَرِكِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا - قَالَ: فَخِذَيْهَا لَا شَكَّ فِيهِ - فَقَبِلَهُ» ، قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ
(1)
.
وأخرجه مسلم رقم «1953) حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة به.
• وما ورد من أحاديث في المنع من أكل الأرانب فضعيف منها أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (210) - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِطَعَامٍ فَدَعَا إِلَيْهِ رَجُلًا، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ الصِّيَامِ تَصُومُ؟ لَوْلا كَرَاهِيَةُ أَنْ أَزِيدَ أَوْ أَنْقُصَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَاءَهُ الْأَعْرَابِيُّ
(1)
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (12747) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَرْنَا فَأَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَوْا عَلَيْهَا فَلَغَبُوا، فَسَعَيْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا، فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا - أَوْ فَخِذِهَا - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «فَقَبِلَهُ» قَالَ حَجَّاجٌ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: فَقُلْتُ: أَكَلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَكَلَهُ» . قَالَ: لِي بَعْدُ قَبِلَهُ.
بِالْأَرْنَبِ، وَلَكِنْ أَرْسِلُوا إِلَى عَمَّارٍ، فَلَمَّا جَاءَ عَمَّارٌ قَالَ: أَشَاهِدٌ أَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ جَاءَهُ الْأَعْرَابِيُّ بِالْأَرْنَبِ، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ بِهَا دَمًا، فَقَالَ:«كُلُوهَا» قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ:«وَأَيُّ الصِّيَامِ تَصُومُ؟» قَالَ: أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، قَالَ:«إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ وَالْأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَالْخَمْسَ عَشْرَةَ» .
مداره على موسى بن طلحة فتارة هكذا كما سبق وتارة عن ابن الحوتكية عن عمر أخرجه ابن خزيمة (3137) وغيره. وأخرى عن ابن الحوتكية عن أبي ذر أخرجه النسائي (2707).
• الخلاصة: أكثر الطرق موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن عمر وابن الحوتكية مقبول أي حيث يتابع ولم يتابع.
وكتب شيخنا مع الباحث مالك بن علي بتاريخ الخميس 9 صفر 1443 موافق 16/ 9/ 2021 م: الخبر ضعيف.
• وله شاهد من حديث خزيمة بن جزء أخرجه ابن ماجه (3245) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ، عَنْ أَخِيهِ: خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ؟ مَا تَقُولُ فِي الضَّبِّ؟ قَالَ: «لَا آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ» قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ، وَلِمَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ، وَرَأَيْتُ خَلْقًا رَابَنِي» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْأَرْنَبِ؟ قَالَ: «لَا آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ» ، قُلْتُ: فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ، وَلِمَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى» وعبد الكريم بن أبي المخارج متروك.
• وقال ابن قدامة في «المغني» (13/ 325): ولا نعلم أحدا قائلا بتحريمها، إلا شيئا روي عن عمرو بن العاص.
• وقال النووي في «المجموع» (9/ 17): الأرنب وهو حلال عندنا وعند العلماء كافة إلا ما حكي عن ابن عمرو بن العاص وابن أبي ليلى أنهما كرهاها دلت لنا الأحاديث السابقة في إباحتها ولم يثبت في النهى عنها شئ.
تقديم التمر على الطعام
• تنوعت الأدلة في ذلك، ومما يؤيد تقديم التمر:
1 -
عموم قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 20، 21].
2 -
التصبح والإفطار على التمر، فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ»
(1)
وفي رواية لمسلم: «مِمَّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» «لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ حَتَّى يُمْسِيَ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ فِي عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ شِفَاءً - أَوْ: إِنَّهَا تِرْيَاقٌ - أَوَّلَ الْبُكْرَةِ»
(2)
.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ»
(3)
.
3 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ: لَيْلَةٍ - فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ:«مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا» .
(1)
أخرجه البخاري (5769)، ومسلم (2047).
(2)
أخرجه مسلم (2048).
(3)
أخرجه البخاري (953).
فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ
(1)
فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ، قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ فُلَانٌ؟» قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ.
إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي! قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ
(2)
فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ
(3)
.
وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ» ، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا.
فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ»
(4)
.
(1)
(2)
العَذق (بالفتح): النخلة، وتصغيره عُذَيْق. وأما العِذق (بكسر العين) الكباسة، وهو العُرجون. كما في «تفسير غريب الصحيحين» (ص: 40) لأبي عبد الله الحُميدي.
(3)
مما يؤيد هذا تقديم الفاكهة على لحم الطير في قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 20، 21] وأورد العجلوني في «كشف الخفا» (1006): «تفكهوا قبل الطعام» (1/ 358): «هذا مشهور على الألسنة، ولم أقف على أنه حديث أو أثر أو من كلام الناس
…
».
(4)
أخرجه مسلم (2038).
4 -
تحنيك الأطفال بالتمر.
ومما يؤيد تقديم الطعام على ما سواه:
1 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ. قَالَ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ» قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ»
(1)
.
2 -
وفي حديث ثوبان رضي الله عنه: «قَالَ الْيَهُودِيُّ: - لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ» قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ: «يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ، الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا» قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ
(2)
.
3 -
عن سَهْل بن سعد رضي الله عنه قال: لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي
(1)
أخرجه البخاري (3329).
(2)
أخرجه مسلم (315).
تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّعَامِ، أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ، تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ
(1)
.
• الترجيح:
الأَوْلَى تقديم التمر على غيره من الأطعمة إن وُجد؛ لدفع السم والسِّحر، وتعويض الصائم ما يفقده من السكريات، وتنبيه المعدة وتهيئتها لسائر الأطعمة.
وأما ما ورد في تحفة أهل الجنة، فهذا مُقَدَّم بالنص على ما سواه.
والعطف بالواو في الآية لا يقتضي الترتيب عند الجمهور
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (5182). (تور): إناء من نحاس أو غيره. (أماثته): مَرَسَتْه وأذابته
(2)
في «الجنى الداني في حروف المعاني» (ص: 158): ذهب قوم إلى أن الواو للترتيب.
ولكن قال هشام والدِّينَوَري: إن الواو لها معنيان: معنى اجتماع، فلا تبالي بأيتهما بدأتَ، نحو:(اختصم زيد وعمرو)، و (رأيتُ زيدًا وعَمْرًا) إذا اتحد زمان رؤيتهما. ومعنى اقتران، بأن يختلف الزمان، فالمتقدم في الزمان يتقدم في اللفظ، ولا يجوز أن يتقدم المتأخر.
وعن الفراء أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع. وقد عُلِم بذلك أن ما ذكره السيرافي والفارسي والسُّهيلي، من إجماع النحاة، بصريهم وكوفيهم، على أن الواو لا ترتب - غير صحيح.
قال ابن الخباز: وذهب الشافعي، رضي الله عنه إلى أنها للترتيب. ويقال: نَقَله عن الفراء.
وقال إمام الحرمين في «البرهان» : اشتهر من مذهب أصحاب الشافعي أنها للترتيب، وعند بعض الحنفية للمعية، وقد زل الفريقان.
وقال النووي في آية الوضوء من «المجموع» (1/ 445): ذَكَر أصحابنا من الآية دليلين آخرين ضعيفين لا فائدة في ذكرهما إلا للتنبيه على ضعفهما؛ لئلا يُعَوَّل عليهما:
أحدهما: أن الواو للترتيب، ونقلوه عن الفراء وثعلب. وزَعَم الماوردي أنه قول أكثر أصحابنا. واستشهدوا عليه بأشياء وكلها ضعيفة الدلالة.
وكذلك القول بأن الواو للترتيب ضعيف.
قال إمام الحرمين في كتابه «الأساليب» : صار علماؤنا إلى أن الواو للترتيب، وتكلفوا نقل ذلك عن بعض أئمة العربية، واستشهدوا بأمثلة فاسدة. قال: والذي نقطع به أنها لا تقتضي ترتيبًا، ومَن ادعاه فهو مكابر، فلو اقتضت لما صح قولهم:(تَقاتَل زيد وعمرو) كما لا يصح (تَقاتَل زيد ثم عمرو). وهذا الذي قاله الإمام هو الصواب المعروف لأهل العربية وغيرهم.
وأما صنيع أُم أُسيد رضي الله عنها
…
».
قال النووي (ت/ 676): فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ عَلَى الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا
(1)
.
وقال الغزالي (ت/ 505): تقديم الفاكهة أولًا إن كانت فذلك أوفق في الطب؛ فإنها أسرع استحالة، فينبغي أن تقع في أسفل المعدة
(2)
.
وقال العجلوني: «تفكهوا قبل الطعام» هذا مشهور على الألسنة، ولم أقف على أنه حديث أو أثر أو من كلام الناس، لكن ذَكَره شيخ مشايخنا الشيخ علي الأجهوري المالكي، ناظمًا له على تفصيل فيه، فقال:
قَدِّم على الطعام توتًا خوخا
…
ومشمشًا والتين والبطيخا
وبعده إجاص كمثرى عنب
…
كذاك رمان ومثله الرطب
ومعه الخيار الجُمَّيْز
…
قثا وتفاح كذاك اللَّوْز
(3)
فوائد التمور
• قال تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 25: 26].
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} قَالَ: حَرِّكِيهَا
(1)
.
وقال وَهْب بن مُنَبِّهٍ في قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} : فَكَانَ الرُّطَبُ يَتَسَاقَطُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ
(2)
.
• ومن فوائده:
1 -
تَناوُل سبع تمرات يوميًّا على الريق علاج من السُّم والسحر.
2 -
تَناوُل الحامل التمر قبل الوضع وبعده سبب للولادة دون جراحة، كما في قصة مريم عليها السلام.
3 -
يُعوِّض الجسم السكريات التي يَفقدها الصائم.
(1)
صحيح إلى ابن زيد: أخرجه الطبري في «تفسيره» (15/ 510) حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، به.
(2)
إسناده حسن: أخرجه الطبري في «تفسيره» (15/ 511): حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: ثني عبد الصمد بن مَعْقِل قال: سمعتُ وهب بن منبه، به.
4 -
علاج لأنيميا الأطفال، والفتيات في سن الحيض، وللأمهات قبل الحمل وبعده
(1)
.
(1)
أقيم بحث في الأردنّ نُشر في مجلة (أمراض النساء والولادة) عام (2011 م) بعنوان: «تأثير تناول التمر في الشهور الأخيرة على الولادة» فيه أن التمر بإذن الله يُسَهِّل عملية الولادة؛ لأنه يساعد على تمدد عُنق الرحم بصورة كبيرة، ويساعد على الاستغناء عن الطلق الصناعي.
وثَمة دراسة بجامعة عين شمس بمصر، عام (2014 م) نُشرت في مجلة علوم طب الأطفال، تحت عنوان:«تأثير مشروب نبات الحلبة والتمر على إنتاج حليب الأم ووزن الطفل» .
نُشر بحث في المجلة الدولية لعموم الأطعمة والغذاء، عام (2009 م) بعنوان:«هل يكون التمر هو أفضل غذاء في المستقبل؟» أوضح أن التمر يحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات (44 إلى 88 في المائة سكريات) ودهون اثنان من عشرة إلى خمسة من عشرة في المائة (2، 0 إلى 5، 0 في المائة) - بروتين اثنان وثلاثة من عشرة إلى خمسة وستة من عشرة في المائة (0.2 إلى 0.5 في المائة) - فيتامينات، ونسبة عالية من الألياف الغذائية، ستة وأربعة من عشرة إلى أحد عشر وخمسة من عشرة في المائة (604 إلى 1105 بالمائة) والتي تساعد على التخلص من الإمساك - ويحتوي على الأقل 15 خمسة عشر نوعًا من المعادن الغذائية (كلسيوم - بوتاسيوم - حديد - نُحاس - الفلورين الذي يقي الأسنان بإذن الله من التسوس
…
إلخ).
وثَمة دراسة أجريت في أندونسيا ونُشر في مجلة التطورات الحديثة في البحوث متعددة التخصصات عام (2016 م) بعنوان: «تأثير التمر على القدرة الإنجابية للإناث» .
وثَمة دراسة أجريت في بريطانيا بعنوان «تأثير تناول التمر على نمو الميكروبات وصحة الأمعاء» ونُشرت في المجلة البريطانية للغذاء، عام (2015 م) أفادت أن التمر يعمل على التقليل من خطر الإصابة بسرطان القولون.
وثَمة دراسة أجريت عام (2011 م) ونُشرت في مجلة التغذية، بعنوان:«مؤشرات نسبة السكر في الدم لخمسة أنواع من التمر» وذلك على مرضى السكر والأصحاء.
غَسْل التمر وتجفيفه داخل الفرن يساعد على تحول نسبة كبيرة من السكر الثنائي إلى السكر الأحادي.
فائدة: ما يشاع من أن التمر مضر للنساء في الشهور الأولى من الحمل فيه نظر، بل يَحتاج إلى دراسة علمية. أفادني بهذه الخلاصة الشيخ علاء الطحان حَفِظه الله.
5 -
علاج لهشاشة العظام والسُّكَّري
…
نتيجة بحث قام به د: مجاهد أبو المجد.
6 -
علاج للعقم والضعف الجنسي.
حكم الإقران في التمر
• عن ابن عمَرَ رضي الله عنهما، يقول:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ»
(1)
.
• قال النووي في «شرحه على مسلم» (13/ 228):
اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذَا النَّهْيَ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْأَدَبِ؟
فَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ. وَعَنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْأَدَبِ.
وَالصَّوَابُ التَّفْصِيلُ: فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالقِرَانُ حَرَامٌ إِلَّابِرِضَاهُمْ، وَيَحْصُلُ الرِّضَا بِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ، أَوْ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ التَّصْرِيحِ مِنْ قَرِينَةِ حَالٍ أَوْ إِدْلَالٍ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، بِحَيْثُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِهِ. وَمَتَى شَكَّ فِي رِضَاهُمْ فَهُوَ حَرَامٌ.
(1)
أخرجه البخاري (2489)، ومسلم (2045) من طريق سفيان الثوري عن جَبَلة بن سُحيم قال: سمعتُ ابن عمر، به.
وتابعه أبو إسحاق الشيباني، أخرجه أحمد (4513)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (24492).
وتابعهما شُعبة عند البخاري (5446) ومسلم (2045) لكن نَقَل عنه بعض الرواة كمحمد ابن جعفر قوله: «الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ» .
وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمْ اشْتُرِطَ رِضَاهُ وَحْدَهُ، فَإِنْ قَرَنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَحَرَامٌ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الآكِلِينَ مَعَهُ وَلَا يَجِبُ.
وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِنَفْسِهِ وَقَدْ ضَيَّفَهُمْ بِهِ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَانُ.
ثُمَّ إِنْ كَانَ فِي الطَّعَامِ قِلَّةٌ، فَحَسَنٌ أَلَّا يَقْرِنَ لِتَسَاوِيهِمْ.
وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَفْضُلُ عَنْهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِقِرَانِهِ، لَكِنِ الْأَدَبُ مُطْلَقًا التَّأَدُّبُ فِي الْأَكْلِ وَتَرْكُ الشَّرَهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْجِلًا وَيُرِيدُ الْإِسْرَاعَ لِشُغْلٍ آخَرَ، كَمَا سَبَقَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي زَمَنِهِمْ، وَحِينَ كَانَ الطَّعَامُ ضَيِّقًا، فَأَمَّا اليَوْمَ مَعَ اتِّسَاعِ الحَالِ، فَلَاحَاجَةَ إِلَى الْإِذْنِ.
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلِ الصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّفْصِيلِ؛ فَإِنَّ الاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، لَوْ ثَبَتَ السَّبَبُ، كَيْفَ وَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ؟! وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حكم النفخ في الطعام
• النفخ في الطعام ورد فيه عن ستة من الصحابة}:
الحديث الأول: عن ابن عباس {، رواه عنه عكرمة، وعنه خمسة:
أ - خالد الحذاء.
ب - قتادة. روياها بلفظ النهي عن التنفس في الإناء.
ت - عبد الكريم الجَزَري، واختُلف عليه في الرفع والوقف، والوصل والإرسال، فالوقف فيه ضعيف؛ لأنه من طريق شريك. والإرسال أرجح لأنه من طريق الثوري، وهو مُقَدَّم على ابن عيينة.
ث - وسِمَاك بن حرب، وروايته مضطربة في عكرمة.
جـ - يمان بن المغيرة، وهو ضعيف.
الحديث الثاني: حديث أبي قتادة، وفيه لفظة شذ بها عبد الأعلى عن جمهور الرواة.
الحديث الثالث والرابع والخامس والسادس - لا تخلو أسانيدها من وضاع أو مجهول أو ضعيف.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أبي سهل، بتاريخ الأربعاء (6) شوال (1442 هـ) الموافق (16/ 6/ 2021 م): لفظ: «نَهَى عن النفخ في الطعام» لا نَعْلم له إسنادًا صحيحًا، والطرق التي أوردها أغلبها شذ فيها بعض الرواة، ولا نرى الخبر يَثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأكل من حافتي الإناء أو القصعة
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2439) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«كُلُوا فِي الْقَصْعَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا» .
تابع الثوري جمهور الرواة - أبو الأحوص وابن جريج وعمر بن عبيد ومحمد بن فضيل وجرير وغيرهم على هذا اللفظ.
وتابعهم شعبة في رواية الجماعة عنه على اللفظ السابق - وهم ابن مهدي وسعيد بن عامر وآدم بن إياس وخالد وعلي -.
وخالفهم مسلم بن إبراهيم وفي لفظه: «وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا» أخرجه أبو داود رقم (3772) - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ، وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا»
(1)
.
(1)
ورواه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف فأوقفه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (26054) - حَدَّثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيد، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا وُضِعَتِ القَصْعَةُ، فَكُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا، وَذَرُوا ذِرْوَتَهَا، فَإِنَّ فِي ذِرْوَتَهَا الْبَرَكَةُ.
• والخلاصة: أرى أنه لا تعارض بين اللفظين بينما كتب شيخنا مع الباحث أبي حازم مصطفى المحلاوي الأزهري: اللفظة شاذة.
وانتهى مع الباحث إسماعيل بن موسى بتاريخ الأربعاء 28 ربيع أول 1443 هـ موافق 3/ 11/ 2021 م إلى صحة الخبر دون الزيادة.
• وورد له شاهد من حديث عبد الله بن بسر أخرجه أبو داود في «سننه» (3773) وابن ماجه (3275) - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَصْعَةٌ يُقَالُ لَهَا الْغَرَّاءُ يَحْمِلُهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، فَلَمَّا أَضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ - يَعْنِي وَقَدْ ثُرِدَ فِيهَا - فَالْتَفُّوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَثَرُوا جَثَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا، وَدَعُوا ذِرْوَتَهَا، يُبَارَكْ فِيهَا»
وهذا الإسناد ظاهره الحسن لحالي عمرو بن عثمان ومحمد بن عبد الرحمن بن عرق فقد قال دحيم في ابن عرق ما أعلمه إلا ثقة و ذكره ابن حبان في «الثقات» (5/ 377) وقال: روى عنه أهل الشام لا يحتج بحديثه ما كان من رواية إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ويحيى بن سعيد العطار وذويهم بل يعتبر من حديثه ما رواه الثقات عنه. والراوي عنه هنا ثقة.
• تنبيه: هذا الخبر يفيد إحدى جلساته صلى الله عليه وسلم على الطعام.
حكم لعق الأصابع
• قال الترمذي في «سننه» رقم (138) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ ثَلَاثًا» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: «وَرَوَى غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: «يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ» .
• تنبيه: تفرد محمد بن بشار بلفظ: (ثلاثا) وغيره بلفظ: (أصابعه الثلاث) وخالفه جمهور الرواه عن ابن مهدي بلفظ (الثلاث) أحمد وغيره.
وسمي ابن كعب بعبد الرحمن عند ابن أبي شيبة والطبراني وفي الآحاد والمثاني.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ أحمد حسين: هل لكعب أبناء ضعفاء أو مجاهيل.
وهل كل رواية من روى الحديث بذكر ابن كعب أولى والله أعلم.
ثم عرضه الباحث فكتب الأظهر ابن كعب. ومن ناحية المتن (ثلاثا) شاذة.
ثم عرض الباحث/ عزت بن عبد الجواد حديث: «ما ذئبان جائعان» أخرجه أحمد (15784) وفيه ابن لكعب كهذا الحديث وأختار في الخبرين صحة السنة لأن أبناء كعب كلهم ثقات كما قال أحمد في «مسائل ابن هانيء» (2152). ا هـ. وأما معبد بن كعب فعلى مطلق توثيق أحمد السابق ووثقه
العجلي وذكره ابن حبان في الثقات وهو من رجال الصحيحين ومن طبقة التابعين ولم يضعفه أحد وروى عنه أربعة فهذا التوثيق مقدم على قول الحافظ في «التقريب» مقبول.
وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 169): ولم يرو عن أبيه بل عن أخويه عبد الله، وعبيد الله عن أبيهما.
الاقتصاد في المطعم والمشرب
• قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17186): حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثُ طَعَامٍ، وَثُلُثُ شَرَابٍ، وَثُلُثٌ لِنَفْسِهِ» .
وأخرجه الحاكم في «مستدركه» (8159): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عوف، ثنا أبو المغيرة، به.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17035): حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نَجْدة، وأحمد بن زيد الحَوْطيان، قالا: ثنا أبو المغيرة، به.
وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فقد جاء التصريح بالسماع (سَمِعْتُ) عند أحمد والحاكم.
ويحيى بن جابر الطائي مات سنة (126) والمقدام رضي الله عنه تُوفي سنة (87) فبين وفاتيهما (39) سنة، فيحتمل السماع.
وتابع أبا المغيرة بقيةُ بن الوليد، إلا أنه ذَكَر أداة التحمل بين يحيى والمقدام (عن). أخرجه النَّسَائي (7669)، والطبري في «تهذيب الآثار» (1037).
وتابعهما إسماعيل بن عياش، فرواه عنه سعيد بن منصور ويحيى بن يحيى ومحمد بن الصَّبَّاح، كما عند أبي نُعَيْم في «الطب» (126)، والبيهقي في «الشُّعَب» (5261، 5263).
وأيضًا ابن المبارك كما في «الزهد» (603)، وعلي بن حُجْر كما في «نوادر الأصول» (1200) لكن بعطف (حبيب بن صالح) على (سليمان بن سُليم الحمصي).
قال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء» (8/ 326): وقد صَحَّح الترمذي لإسماعيل بن عياش غير ما حديث من روايته عن أهل بلده، منها حديث:«لا وصية لوارث» ، وحديث:«بحَسْب ابن آدم أُكُلات يُقْمِن صُلْبه» .
ورواه محمد بن حرب، واختُلف عليه:
فرواه عنه حاجب بن الوليد، ثنا محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سُليم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن المقدام، به.
أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (5262) بإسناد ثابت إلى حاجب، فيما يَظهر لي من العطف.
وخالف حاجبًا عمرو بن عثمان، فقال: حدثنا محمد بن حرب قال: حدثني أبو سلمة سليمان بن سُليم، عن صالح بن يحيى، عن جَده المقدام بن مَعْدِي كَرِب الكِندي، به. أخرجه النَّسَائي (6737).
وخالفهما محمد بن المتوكل، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا أبو سلمة سليمان بن سُليم، عن صالح بن يحيى بن المِقدام بن مَعْدِي كَرِب، عن أبيه، عن جَده المِقدام، به.
أخرجه البيهقي في «الآداب» (619) بزيادة يحيى بن المقدام بين صالح وجَدّه.
وقال البخاري في صالح بن يحيى: فيه نظر.
وذَكَره ابن حِبان في كتاب «الثقات» وقال: يخطئ.
وقال موسى بن هارون الحَمَّال: لا يُعْرَف صالح وأبوه إلا بجَده. ويحيى بن المِقدام ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
وقال ابن حجر: مستور.
وخالفهم هشام بن عبد الملك الحِمصي، فقال: حدثنا محمد بن حرب قال: حدثتني أمي، عن أمها، أنها سَمِعَتِ المقدام بن معدي كرب، به.
أخرجه ابن ماجه (3349). وأُم محمد وأمها مجهولتان.
وقد أَعَل الإسناد بالإرسال أبو حاتم الرازي في «الجَرْح والتعديل» (9/ 133) فقال: يحيى بن جابر عن المقدام مرسل.
ووافقه الحافظ المِزي في «تهذيب الكمال» (31/ 249).
وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (11/ 191).
وأورده الشيخ مقبل رحمه الله في «أحاديث مُعَلة ظاهرها الصحة» (395).
وقد تابع يحيى بنَ جابر خالدُ بن مَعْدَان وحبيبُ بن عُبيد عن المقدام،
أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (337): حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَحَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مَلأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ [طَعَامٌ]،
وَثُلُثٌ شَرَابٌ، وَثُلُثٌ نَفَسٌ».
ورجاله ثقات، وقال البخاري في «التاريخ» (3/ 176): سَمِع خالدٌ المِقدام. بينما رَجَّح أبو حاتم في «الجَرح والتعديل» (3/ 351) في حديث: «كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ» إثبات واسطة بين خالد والمقدام، وهي جُبَيْر بن نُفَيْر.
لكن أخرجه البخاري في «صحيحه» بدون الواسطة رقم (2128): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ» .
• قلت (أبو أويس): وإن كان الإمام أبو حاتم اختار الواسطة في هذا الخبر، فهناك مرويات كثيرة لخالد عن المقدام رضي الله عنه.
وأيضًا: قد عُطِف في إسناد ابن أبي الدنيا السابق (حبيب بن عُبيد) على (خالد) وله مرويات كثيرة عنه، ولم أقف على أحد نفى سماعه، بل قال: أدركتُ نَيِّفًا وثمانين رجلًا من الصحابة. كما في «موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله» (1/ 226).
• والخلاصة: إن أُعل طريق يحيى بن جابر بعدم السماع من المقدام، فقد توبع من خالد بن مَعْدان وحبيب بن عُبيد، كما عند ابن أبي الدنيا كما سبق، والبغوي في «معجمه» رقم (2130) - أخبرنا عبد الله
(1)
. قال: حدثنا منصور بن
(1)
عبد الله عن منصور بن أبي مزاحم ثلاثة:
1 -
أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي (ت/ 317) سُئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل، إمام من الأئمة ثَبْت، أقل المشايخ خطأ، وكلامه في الحديث أحسن من كلام ابن صاعد.
2 -
أبو بكر عبد الله بن محمد بن عُبيد بن سفيان بن قيس، البغدادي الأموي القرشي، المعروف بـ (ابن أبي الدنيا) (ت/ 281 هـ) قال ابن أبي حاتم: كتبتُ عنه مع أبي، وهو صدوق. قال ابن الجوزي في «المنتظم» (12/ 341): ثقة صدوق، صَنَّف أكثر من مِئة مصنف في الزهد.
قال أبو علي صالح بن محمد الحافظ: إلا أنه كان يَسمع من إنسان يقال له: محمد بن إسحاق البلخي، وكان ذلك كذابًا يضع للكلام إسنادًا، ويَروي أحاديث مناكير.
3 -
عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الرحمن البغدادي (ت/ 290) وثقه النَّسَائي والدارقطني، وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتًا فهمًا.
وسبب هذه المقارنة اشتراك عبد الله البغوي وابن أبي الدنيا في رواية الخبر بالسند نفسه والطبقة، لكن يَترجح لي أنه البغوي؛ لكونه في «معجمه» وراوي المعجم يَذكر صاحب المعجم مرات، وهذا معهود في «صحيح مسلم» وغيره نبهتُ عليه في كتابي «كيف تكون محققًا؟» .
أبي مزاحم قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعْدَان، وحبيب بن عُبيد، عن المقدام بن مَعْدِي كَرِب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطن، حَسْب الرجل أكلات ما أقام صلبه، أما أبت
(1)
ابن آدم فثلث طعام وثلث شراب وثلث نَفَس».
بينما كَتَب شيخنا لي بتاريخ الأحد (18) شوال (1442 هـ) الموافق (30/ 5/ 2021 م): وأقطع بأن يحيى بن جابر الطائي لم يَسمع من المقدام،
(1)
وفي رواية: «أما إذا أبيت ابن آدم» .
والتصريح بالسماع في بعض الطرق أراه وهمًا، والله أعلم.
وابن أبي الدنيا فيه كلام، ولا يُقاوِم غيره عند الاختلاف.
• ثم كَتَب لي بتاريخ الخميس (22) شوال (1442 هـ) الموافق (3/ 6/ 2021 م): لا أستطيع أن أصحح الخبر من طريق ابن أبي الدنيا، وكذا من طريق البغوي المشكوك فيه، هل راجع إلى ابن أبي الدنيا أم لا؟
• سؤال: هل سند البغوي يرجع إلى ما أخرجه البخاري رقم (2072): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» ؟
الذي يَظهر لي عدم رجوع سند البغوي إلى سند البخاري، وعليه فأصحح الخبر، وقد صححه قبلي الترمذي وابن حِبان والحاكم في الموطن الذي صَرَّح فيه يحيى بالتحديث.
وحَسَّنه البغوي في «شرح السُّنة» (4048) وابن حجر في «الفتح» (9/ 528).
وصححه العَلَّامة الألباني في «إرواء الغليل» (7/ 40) و «الصحيحة» (2265).
بينما تَوَقَّفَ شيخنا أبو عبد الله العدوي في (30) ربيع الأول (1441 هـ) المُوافِق (27/ 11/ 2019 م) في مناقشته لهذا الخبر، مع أخينا محمود بن ربيع، فقال:[أنا] في ريب من هذا؛ لنزول السند، ولكونه في البخاري من طريق ثور عن خالد عن المقدام بلفظ آخَر.
التمر في الصباح وقاية من السم والسحر
• قال تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 67]
• وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ»
(1)
،
(1)
أخرجه البخاري (5769) ومسلم (2047).
أكلة الغذاء والعشاء
• قال نبي الله موسى عليه السلام لفتاه في رحلته: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62].
وعَنْ سَهْلٍ، قَالَ:«كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الجُمُعَةِ» قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: "كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ، تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ - قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ - فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ، فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا، وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا، فَنَفْرَحُ مِنْ أَجْلِهِ، وَمَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ " أخرجه البخاري (6248) واللفظ له ومسلم (859).
• أما عن أكلة العشاء فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» أخرجه البخاري (5463) ومسلم (557) واللفظ له.
ومن ذلك ما أخرجه الترمذي في «سننه» (1856) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى الكُوفِيُّ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ
(1)
تابع يحيى محمد بن بحر أخرجه أبو يعلى (4353).
(2)
وخالف محمد بن على الكوفي ابنُ السماك أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (8/ 214) والطبراني في «الأوسط» (9595) فأبدل عبد الملك بن علاق ب (مسلم) وقال الطبراني تفرد به ابن السماك واستغربه أبو نعيم من حديث عنبسة.
وخالفهم عبيدة بن الحارث فقال علاقة بن أبي مسلم أخرجه القظاعي في «مسند الشهاب» (735).
الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عَلَّاقٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَعَشَّوْا وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ حَشَفٍ، فَإِنَّ تَرْكَ العَشَاءِ مَهْرَمَةٌ»
(1)
.
قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَعَنْبَسَةُ يُضَعَّفُ فِي الحَدِيثِ وَعَبْدُ المَلِكِ بْنِ عَلَّاقٍ مَجْهُول.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أحمد بن علي بتاريخ الاثنين 23 من ذي الحجة 1442 موافق 2/ 8/ 2021 م: إلى أنه من مفاريد الترمذي وعلته عنبسة بن عبد الرحمن فقد اختلف عليه في شيخه على ثلاثة وجوه وعنبسة تركه البخاري وأبو حاتم وغيرهما.
(1)
مهرمة: بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء أَي مَظَنَّة للضعف والهرم لِأَن النّوم مَعَ خلو الْمعدة يُورث تحليلا للرطوبات الْأَصْلِيَّة لقُوَّة الهاضمة. كما في «التيسير بشرح الجامع الصغير» (1/ 451).
استحباب أكل البطيخ بالرطب
• قال الحميدي في «مسنده» رقم (257) - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْبِطِّيخِ وَالرُّطَبِ فَيَأْكُلُهُ» .
وتابع ابن عيينة على الوصل جماعة - إبراهيم بن حميد أخرجه النسائي (6687 وسفيان الثوري أخرجه الترمذي (1843)
(1)
ووهيب بن خالد وومحمد بن خازم ويحيى بن هاشم وقيس بن الربيع أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» (678) وعيسى بن يونس أخرجه ابن حبان (5247) وهمام أخرجه أبو نعيم في «الطب النبوي» وأبو أسامة حماد بن أسامة أخرجه أبو داود (3836) وزاد: (نكسر حر هذا ببرد هذا).
وخالفهم وكيع كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (24556) فأرسله.
وتابعه داود الطائي في وجه
(2)
كما عند النسائي في «الكبرى» (6689).
ووجه الجمع أن يقال إن هشاما كان ينشط فيرفع وأما الترجيح فرواية الجماعة بالوصل.
(1)
من رواية معاوية بن هشام عن الثوري.
(2)
وبالوصل عند أبي الشيخ (680) وفي «الحلية» .
وقد تابع هشاما على الوصل يزيد بن رومان أخرجه الترمذي في «الشمائل» (201)
(1)
.
وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه أحمد رقم (12449)
(2)
- حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ
(3)
، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ
(4)
قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْخِرْبِزِ» .
وخالف وهب بن جرير ثلاثة: فقالوا: «البطيخ» وهم:
1 -
حبانُ بن هلال أخرجه أبو يعلى (3867).
2 -
مسلم بن إبراهيم في الأشهر عنه أخرجه البيهقي في «الشعب» (5595) وأبو نعيم في «الطب النبوي» (835) وغيرهما.
3 -
عبد الله بن أبي بكر العتكي أخرجه أبو الشيخ (676).
(1)
تنبيه: زيد في هذا الوجه الزهري كما عند النسائي رقم (6693) وقال: ليس هو بمحفوظ من حديث الزهري. وقال الدارقطني في «علله» : ذكر الزهري فيه وهم. ومن حيث جمع الطرق فذكر الزهري مرجوح فقد اختلف على محمد بن عبد العزيز الرملي فرواه عنه بذكر الزهري محمد بن مسلم بن واره وخالف محمد بن يحيى وصالح بن مسمار.
(2)
ومن طريقه ابن حبان رقم (5248) بلفظ: صحيح ابن حبان - مخرجا (12/ 53)
«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ الطَّبِيخَ أَوِ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ» ، «الشَّكُّ مِنْ أَحْمَدَ» .
(3)
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (6692) عن إسحاق بن منصور عن وهب.، اخرجه الترمذي في «الشمائل» (200).
(4)
وتابع حميدا قتادة أخرجه الطبراني والحاكم والبيهقي وفي سنده يوسف بن عطية الصفار ضعيف وأتى بهيئة فيها الأكل باليدين معا.
وإسناد الخبر صحيح ووجه الجمع أن يقال: الخربز من أسماء البطيخ أو أنه جمع أكثر من طعام.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع ابنه يحيى بتاريخ 29 محرم 1443 موافق 6/ 9/ 2021 م: المتصل أصح والحديث يصح لطرقه.
وفي الباب حديث سهل بن سعد عند ابن ماجه (3336) وفيه يعقوب بن الوليد كذاب.
• تنبيه: في البخاري (5440) ومسلم رقم (2043) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ {، قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ» .
الأكل والشرب في الطرقات
• قال الإمام الترمذي في «العلل الكبير» (578): حَدَّثَنا أبو السائب، حَدَّثَنا حفص بن غِيَاث
(1)
عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام.
وتابع نافعًا يزيدُ بن عُطارد أَبُو الْبَزْرِيِّ
(2)
أخرجه أحمد (4601) وغيره.
وصححه ابن حِبان (2271، 5243، 5322) والعلامة الألباني. وضَعَّفه الأئمة المتقدمون.
• وإليك نصَّهم:
قال الترمذي عقبه في «العلل»
(3)
: فسألتُ محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث فيه نَظَر.
قال أَبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ أَبِي البَزَرِيِّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبُو البَزْرِيِّ اسْمُهُ: يَزِيدُ بْنُ عُطَارِدٍ
(1)
وتابع حفصًا عبد الله بن المبارك، وعنه يحيى الحِمَّاني.
(2)
قال فيه أبو حاتم: ليس ممن يُحتجّ بحديثه.
وقال السمعاني في نسبته في «الأنساب» (2/ 203): بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الزاى بعدها راء، هذه النسبة الى البزر وهو حب يعصر ويخرج منه الدهن للسراج.
(3)
بينما قال في «الجامع» رقم (1880): حديثٌ حَسَن صحيح غريب.
وقال ابن مُحْرِز: سمعتُ يحيى بن مَعِين، وقيل له في حديث حفص بن غِيَاث، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كنا نأكل ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: هو خطأ
(1)
.
وقال الإمام أحمد: ما أدري ما ذاك - كالمُنْكِر له -؟! ما سمعتُ هذا إلا من ابن أبي شيبة عن حفص.
ثم قال: إنما هو حديث يزيد بن عُطارد
(2)
.
وفي «سؤالات الآجُري» لأبي داود (ص: 108) رقم (580): سمعتُ أبا داود يقول: قال علي بن المديني: نعس حفص نعسة. يعني حين روى حديث عُبيد الله بن عمر، وإنما هو حديث أبي البزري.
قال أبو داود: كان حفص بأخرة دخله نسيان، وكان يَحفظ.
• فائدة: (هذا مثال لِما صح سنده، وقُدِّمَتْ عليه أقوال علماء العلل).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع ابنه يحيى، بتاريخ (6) رمضان (1442 هـ) المُوافِق (18/ 4/ 2021 م) إلى ضعفه، مع أن ظاهر إسناده الصحة.
ثم أكد شيخنا هذه النتيجة مع الباحث/ أبي معاذ عبد رب النبي بتاريخ 29 من ذي الحجة 1442 موافق 8/ 8/ 2021 م: فقال الخبر معلول.
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث/ عزت بن عبد الجواد بتاريخ الخميس 4 محرم 1442 موافق 12/ 8/ 2021 م فكتب أعله كبار علماء العلل.
(1)
«موسوعة أقوال يحيى بن مَعِين في الجَرْح والتعديل والعلل» (1/ 484).
(2)
«الجامع لعلوم الإمام أحمد» (15/ 231).
حُكْم أكل المار من البساتين
والمَزارع دون إذن أصحابها
• وَرَد في الأكل دون الاستئذان أخبار في أسانيدها مقال:
الأول: حديث عَبَّاد بن شُرَحْبيل، فقد أخرجه أبو داود (2621) وابن ماجه (2298) وغيرهما، من طرق: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ شُرَحْبِيلَ - رَجُلًا مِنْ بَنِي غُبَرَ - قَالَ: أَصَابَنَا عَامُ مَخْمَصَةٍ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا، فَأَخَذْتُ سُنْبُلًا فَفَرَكْتُهُ وَأَكَلْتُهُ، وَجَعَلْتُهُ فِي كِسَائِي، فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ، فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي!
فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ:«مَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا - أَوْ: سَاغِبًا - وَلَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلًا» . فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِوَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نِصْفِ وَسْقٍ.
وتابعه سفيان بن حسين، كما عند النَّسَائي (5409) وغيره.
وتابعهما أشعث بن سعيد - وهو متروك - كما عند ابن سعد في «الطبقات» (7/ 38).
• الخلاصة: كما قال ابن حجر: إسناده صحيح إلى عَبَّاد بن شُرَحْبيل. ثم الخلاف في صحبة عَبَّاد، فقد أثبتها المِزي وابن حجر. وقال ابن السكن: في صحبته نظر. يُحَرَّر.
الثاني: سلسلة عمرو بن شُعَيْب عن أبيه عن جَده، مطولًا، وفيه:«مَنْ أَخَذ بفمه ولم يتخذ خُبْنة، فليس عليه شيء» .
فقد رواه جماعة عن عمرو - الوليد بن كثير، كما عند أبي داود رقم (1711) وابن ماجه (2596).
وتابعه جماعة على اختلاف ألفاظهم مطولة ومختصرة، بوجه الشاهد وعدمه، منهم محمد بن عجلان كما عند الترمذي (1289).
وتابعهما عُبَيْد الله بن الأخنس، كما عند أبي داود (1712).
وتابعهم محمد بن إسحاق، كما عند أحمد (6683).
وتابعهم أيوب السَّختياني ويعقوب بن عطاء، كما عند الحُميدي (608)، وغيره.
وظاهر السلسلة الحُسْن، بينما يرى الباحث الاضطراب للاختلاف في المتن، مستأنسًا بقول الإمام أحمد عمومًا في السلسلة.
الثالث: حديث أبي سعيد الخُدْري، ورواه عنه ثلاثة:
1 -
أبو نَضْرة، وعنه الجُرَيْري، واختُلف عليه في الرفع والوقف:
فقد رواه عنه مرفوعًا: يزيد بن هارون، وعلي بن عاصم، وحماد بن سلمة، ومَعْمَر - بألفاظ مختلفة، فيها «إذا أتى أحدكم حائطًا، فأراد أن يأكل، فليُنادِ: (يا صاحب الحائط) ثلاثًا، فإن أجابه، وإلا فليأكل» انظر «مسند أحمد» (11045) وغيره.
• تنبيه: رواية هؤلاء عن الجُرَيْري بعد الاختلاط إلا مَعْمَرًا. وقد اقتَصر على ذكر الضيافة، ووافقه على اللفظ لكنه موقوف - أبو أسامة ويزيد بن زُرَيْع وعبد الأعلى، كما عند ابن أبي شيبة (33476) وتمام في «فوائده» (121).
2 -
وتابعهم على الوقف إسرائيل، عن عبد الله بن عصم، عن أبي سعيد موقوفًا، بذكر الضيافة. أخرجه ابن أبي شيبة (20312).
3 -
والطريق الثالث عن أبي سعيد: دَرَّاج عن أبي الهيثم مرفوعًا. وفيها ضعف. كما عند أحمد (11726).
• الخلاصة: هذا الخبر معل بالوقف.
الثاني: حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيه لفظان:
1 -
أخرجه الترمذي رقم (1287):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً» .
وخَالَف يحيى بنَ سليم جماعةٌ، منهم: علي بن مُسْهِر وابن نُمَيْر، كما عند مسلم (1726)، وأبو أسامة ومعتمر بن سليمان ويحيى القطان، خمستهم بلفظ:«لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ إِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ» .
وتَابَع عُبَيْدَ الله جماعة - مالك، كما عند البخاري (2435) ومسلم (1726)، والليث وشُعيب بن أبي حمزة وأيوب وإسماعيل بن أمية - بنحو رواية الجماعة عن عُبَيْد الله.
وسُئِل الإمام أحمد عن اللفظ الأول من حديث ابن عمر، فقال: هذا حديث ضعيف. وقال أبو زُرْعَة: منكر.
• تنبيه: هناك أخبار في الاستئذان في الماشية، من حديث الحَسَن عن سَمُرة، كما عند الترمذي (1296) وأبي هريرة، كما عند ابن ماجه (2303) ورافع بن عمرو، كما عند أحمد (20343) وكلها معلة.
• الخلاصة النهائية مع الباحث أحمد أبو الريش الفيومي: كل طرقه ضعيفة، ومتنه مُخالَف بعمومات، منها:
1 -
حديث: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» أخرجه مسلم (2564).
بل في البخاري (67) ومسلم (1679) من حديث أبي بَكْرة في حجة الوداع: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» .
2 -
وحديث: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا» أخرجه مسلم (1015).
3 -
حديث «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أخرجه أحمد (20695) وفي سنده (علي بن زيد) ضعيف.
4 -
المَفسدة العامة، فلو تُرِك في هذا الزمان الأمر، لسطا الناس على البساتين فأتلفوها.
5 -
بعض أهل العلم حَمَله على الضرورة.
قال البيهقي في «السُّنن الكبير» (19/ 573):
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: مَنْ مَرَّ لِرَجُلٍ بِزَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَمْ يَأْتِ فِيهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ بِإِبَاحَتِهِ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَالِكِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: مَنْ مَرَّ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً.
وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ لَوْ كَانَ يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَنَا، لَمْ نُخَالِفْهُ، وَالكِتَابُ وَالحَدِيثُ الثَّابِتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
ثم ذَكَر أثرًا عن عمر رضي الله عنه في «السُّنن الكبير» (19/ 574):
قَالَ عُمَرُ: إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ وَاحِدًا مِنْكُمْ، فَإِذَا مَرَرْتُمْ بِرَاعِي الإِبِلِ فَنَادُوا:(يَا رَاعِيَ الإِبِلِ) فَإِنْ أَجَابَكُمْ فَاسْتَسْقُوهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْكُمْ فَأْتُوهَا فُحُلُّوهَا وَاشْرَبُوا ثُمَّ صُرُّوهَا.
هَذَا عَنْ عُمَرَ صَحِيحٌ بِإِسْنَادَيْهِ جَمِيعًا، وَهُوَ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وقال الطحاوي في «شرح المعاني» (4/ 240):
فَذَهَبَ قَومٌ إِلَى هَذَا، فَجَعَلُوا لِمَنْ مَرَّ بِالحَائِطِ أَنْ يُنَادِيَ صَاحِبَهُ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا فَأَكَلَ، وَكَذَلِكَ فِي الغَنَمِ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: لَا يَنبَغِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ فَالأَكْلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَالشُّرْبُ لَهُ مُبَاحٌ.
منافع زيت الزيتون
•حديث عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»
(1)
.
(1)
رواه عبد الرزاق، واختُلف عليه في الوصل والإرسال والشك:
فرواه على الوصل:
1 -
يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ. أخرجه الترمذي (1851).
2 -
وتابعه الحسين بن مهدي، أخرجه ابن ماجه (3319) وفيه:«اِئْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ» بدل «كُلوا الزيت» .
وانظر فائدة الاختلاف في اللفظ في «شرح مُشْكِل الآثار» رقم (4450).
3 -
وتابعهما أحمد بن شُعَيْب، كما عند الطحاوي في «شرح مُشكِل الآثار» رقم (4450).
4 -
محمد بن سَهْل بن عسكر، كما عند البزار (275).
- خالفهم محمود بن غَيْلان فقال: أحسبه عن عمر. أخرجه محمد الكعبي في «أحاديث الشيوخ الثقات» (2/ 718) رقم (211).
- وخالفهم أبو داود سليمان بن مَعْبَد السِّنْجِي فأرسله. أخرجه الترمذي في «الشمائل» (159).
وصَوَّب ابن مَعين الإرسال والبخاري.
وسُئِل الإمام أحمد عنه، كما في «مسائل أبي داود» (ص: 295) فقال: حدثنا به عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، ليس فيه عمر.
وقال أبو حاتم كما في «العلل» (4/ 405):
حَدَّث مَرَّة عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
هكذا رواه دهرًا.
ثم قال بعد: زيد بن أسلم، عن أبيه، أحسبه عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم لم يَمُت حتى جعله عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بلا شك.
وقال الترمذي في «سُننه» (4/ 285):
هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَضْطَرِبُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الحَدِيثِ:
فَرُبَّمَا ذَكَرَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَرُبَّمَا رَوَاهُ عَلَى الشَّكِّ فَقَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَرُبَّمَا قَالَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا.
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعَمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: عَنْ عُمَرَ.
وقال في «العلل الكبير» (ص: 306): سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. قُلْتُ لَهُ: رَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ غَيْرُ مَعْمَرٍ؟ [فـ] قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ.
وقال البزار في «مسنده» (1/ 398):
وهذا الحديث لا نَعلمه يُرْوَى عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، ولا رواه عن زيد إلا مَعْمَر وزياد بن سعد.
ورواه غير واحد عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن زيد، عن أبيه، ولا أعلمه إلا عن عمر. ورواه غير واحد بلا شك.
وهذا الكلام قد رُوِي عن أبي أُسَيْد وعن أبي هريرة، وأما إسنادهما فغير ثابت.
• الخلاصة: مُعَل، وله شواهد من السُّنة ضعيفة، لكن في الباب قوله تعالى:{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: 20]. وقوله جل ذكره: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35].
هل يَجوز أكل الهدهد؟
• اختلف في ذلك على قولين:
الأول: الجواز لأنه ليس ذا مخلب من الطير يَجرح به.
وبه قالت الأحناف والمالكية، وهو رواية عند الحنابلة، ورواية مرجوحة عند الشافعية.
الثاني: التحريم لأنه نُهي عن قتله.
وبه قالت الشافعية في الأرجح، ورواية عند الحنابلة.
وهاك أقوالَهم:
فِي «فتاوى الْوَلْوَالجيّ» : أَكْل الهدهد لا بأس به؛ لأنه ليس بذي مِخلب من الطيور
(1)
.
وفي «التاج والإكليل لمختصر خليل» (3/ 229): ولا بأس بأكل الهدهد.
وقال الخطيب الشربيني: وَأَلْحَقَ الْجُرْجَانِيُّ الْهُدْهُدَ بِالْحَمَامِ فِي التَّضْمِينِ بِشَاةٍ. وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْهُدْهُدَ الرَّاجِحُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ
(2)
.
وقال ابن قُدامة: واختُلف عن أحمد في الهدهد والصُّرَد، فعنه أنهما حلال؛ لأنهما ليسا من ذوات المِخلب، ولا يُستخبثان. وعنه تحريمهما؛ لأن النبي -
صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الهدهد والصُّرَد والنملة والنحلة. وكل ما كان لا يصيد بمخلبه، ولا يأكل الجيف، ولا يُستخبث، فهو حلال
(1)
.
والأرجح الجواز لقول نبي الله سليمان رحمه الله: {نَارٌ} [النمل: 21]
(2)
ولأنه ليس من ذات المخالب الجارحة.
وأما على فرض أنه يأكل الدود، فيكون حكمه حكم الجَلَّالة.
ومستند القول الثاني: ما أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (8573): أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالْهُدهُدِ، وَالصُّرَدِ.
وخَالَف عبدَ الرزاق رباحُ بن زيد الصنعاني به، عن الزُّهْري، مرسلًا. كما في «العِلل» لابن أبي حاتم.
وقال ابن أبي حاتم كما في «العِلل» (6/ 165):
قلت لأبي زُرْعَة: فما وجه هذا الحديث عندك؟
قال: أخطأ فيه عبد الرزاق، والصحيح من حديث مَعْمَر، عن الزُّهْري، أن النبي صلى الله عليه وسلم، مُرسَلًا.
وأما نفس الحديث، فالصحيح عندنا على ما رُوي في كتاب ابن جُرَيج: عن عبد الله بن أبي لَبيد، عن الزُّهْري، عن عُبَيد الله ابن عبد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
«المغني» (9/ 413).
(2)
يرى شيخنا حفظه الله أن الآية في باب العقوبة. ليلة الخميس في كتاب الأطعمة من شرح متن أبي شجاع بتاريخ 10 محرم 1442 موافق 19/ 8/ 2021 م.
قلتُ: أليس هشام وأبانُ العَطَّار رَوَيا عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزُّهْري، أن النبي صلى الله عليه وسلم؟
قال: بلى، ولكن زيادة الحافظ على الحافظ تُقبَل.
• الخلاصة: أن أبا زُرْعَة يُصَوِّب وصله من طريق عبد الله بن أبي لَبيد.
وابن أبي لَبيد اثنان:
أحدهما: أعلى من هذه الطبقة، لكن مقبول من الثالثة.
والآخَر: يوافق هذه الطبقة، وهو ثقة.
• تنبيه: عِلة طريق ابن أبي لَبيد التي ظاهرها الصحة - الاختلاف على ابن جُرَيْج:
• فتارة:
1 -
حُدِّثتُ عن الزُّهْري.
2 -
عن عبد الله بن أبي لَبيد عن الزُّهْري، كما سبق.
3 -
عن رجل عن الزُّهْري.
4 -
سليمان بن موسى عن الزُّهْري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس.
لذا قال أبو حاتم في «العلل» (2374): هذا حديث مُضطرِب.
لكن أيهما يُقَدَّم؟ قول أبي زُرْعَة أم قول أبي حاتم؟
قول أبي زُرْعَة الظاهر أنه أسلمها؛ لأن الثوري أوثق من غيره ممن رواه عن ابن جُريج، وهو مُوافِق لِما في كتاب ابن جُرَيْج.
لكن يُعَكِّر عليه أمران:
1 -
تعيين عبد الله بن أبي لَبيد بأنه الثقة.
2 -
وأيضًا: إسناد كهذا في الصحة لماذا لم يشتهر به الحديث في الكتب، وهو حديث أحكام؟!
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أبي سنة الله أحمد بن عبده: اكتب ما بدا لك، وعَلِّق على الحديث بما أورده أهل العلل. لكنه في مَطْلَع النقاش قال: إنه مُعَلّ.
وفي طرق هذا الخبر رسالة تنظر على «الشبكة العنكبوتية» أفادها أحمد بن سالم.
• هذا مثال نافع في بيان أن جمع الطرق به تتبين علل الخبر وللفظة قتل النمل لها شاهد.
حكم أكل الضَّبُع
• قال الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (863): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: أَقَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ.
وتابع ابنَ جريج إسماعيلُ بن أمية على رفع أكل الضَّبُع.
وخالفهما جَرير بن حازم، فاقتصر على الصيد
(1)
والكفارة.
أخرجه أبو داود في «سُننه» رقم (3801): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ، فَقَالَ:«هُوَ صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ» .
• قال الإمام الترمذي: حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ أَصَحُّ.
وقال أيضًا في «العلل الكبير» (ص: 297) عقب طريق ابن جُريج: سألتُ محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث صحيح.
• وقال ابن عَدِيّ في «الكامل» (3/ 50): قال يحيى بن سعيد: كان جَرير بن
(1)
وليس كل صيد يُؤكل؛ فالنسور تصاد ولا تؤكل؛ لأنها ذوات مخالب.
حازم في حديث الضَّبُع يقول: (عن جابر عن عُمر) ثم جَعَله بَعْدُ (عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
• وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (1/ 345): وليس حديث الضَّبُع مما يُعارَض به حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع؛ لأنه حديث انفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار، وليس بمشهور بنقل العلم ولا ممن يُحتج به إذا خالفه مَنْ هو أثبت منه.
وقد رُوي النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من طرق متواترة، عن أبي هريرة وأبي ثعلبة وغيرهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى ذلك جماعة من الأئمة الثقات، الذين تَسكن النفس إلى ما نقلوه، ومُحال أن يُعارَضوا بحديث ابن أبي عمار!
• وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (9/ 95): وَقَدْ وَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، عَنِ الْعَلَائِيِّ عَنْهُ - قَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ صَيَّرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ إِنْكَارًا مِنْهُ إِيَّاهُ عَلَى ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أحمد بن سالم، بتاريخ الخميس (19) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (1/ 4/ 2021 م):
1 -
عبد الرحمن بن أبي عمار ليس من أصحاب جابر.
2 -
أبو الزبير
(1)
وعطاء
(2)
رَوَيا عن جابر عن عمر قوله: «الضَّبُع صيد، وفيه كبش» موقوفًا على عمر.
(1)
جمهور الرواة - مالك ومَعْمَر وابن عُيينة وأيوب وابن عون وحَجاج وهشام بن حسان والأوزاعي - عن أبي الزبير عن جابر، أن عمر قضى في الضَّبُع كبشًا. انظر «الموطأ» ومُصنَّفَي ابن أبي شيبة وعبد الرزاق.
(2)
رواه عطاء عن جابر مرفوعًا، من طريق ضعيفة إليه، وأخرى أرجح موقوفًا، كما عند ابن خُزيمة والطحاوي، وثالثة جابر عن عمر: قضى في الضبع كبشًا. كما عند البيهقي وغيره.
• أرى - والله أعلم - أن المتنين ليس بينهما تعارض؛ فلذا أرى - والله أعلم - رَدَّ حديث جابر عن رسول الله إلى جابر عن عمر؛ لأن أصحاب
(1)
جابر (أبا الزبير وعطاء) أقوى من عبد الرحمن بن أبي عمار جملة في جابر. والله أعلم.
ولا يُقاوِم هذا حديث تحريم كل ذي ناب من السباع.
(ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ المَكِّيُّ، أخرج له مسلم حديثًا في الرخصة في القَصْر، رقم (686): وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا - عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ. فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» .
(1)
صاحبَي.
ثعبان البحر
• قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96].
وعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. أخرجه البخاري (5530) ومسلم (1932).
• اختَلف العلماء في حِله على ثلاثة أقوال:
1 -
جواز أكله. وبه قالت المالكية، وهو قول عند الحنابلة، واختاره ابن عثيمين.
2 -
عدم جواز أكله. وبه قالت الأحناف والشافعية، والحنابلة في المذهب.
3 -
يحل أكل الثعبان إذا كان يعيش في البحر، ولا يعيش في ماء غير البحر. وبه قال عدد من الشافعية، واعتمده النووي.
• والخلاصة: قال شيخنا، بتاريخ (14) شوال (1442 هـ) المُوافِق (26/ 5/ 2021 م) مع الباحث أحمد بن سالم العَقيلي: الأصل جواز أكل ثعبان البحر ما لم يكن به سُم ضار.
ما قُطِعَ من البهيمة
• قال أبو داود في «سُننه» رقم (2858): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فهي مَيْتَةٌ» .
تابع عبدَ الرحمن بن عبد الله عليُّ بن عبد الله بن جعفر وهو ضعيف، والمِسْوَر بن الصَّلْت في وجه وهو متروك.
وخالفهم مَعْمَر
(1)
وسليمان بن بلال
(2)
فأرسلاه
(3)
.
• تنبيه: مدار هذا الخبر على زيد بن أسلم على ثلاثة من الصحابة والأرجح فيها أنها مرسلة ووقع تصحيف عند الحاكم في هذا الخبر كما يفهم من كلام الدارقطني.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ سيد بن عبد التواب، بتاريخ (30) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (12/ 4/ 2021 م): الإرسال أصح.
وبَحَثه الباحث/ أحمد بن سالم، وانتهى إلى ذلك وقال: عليه الإجماع.
(1)
«مُصنَّف عبد الرزاق» (8776).
(2)
«عِلل الدارقطني» (1152).
(3)
وله شاهد من حديث تَميمٍ الداري، وفي سنده أبو بكر الهُذَلي، متروك، أخرجه ابن ماجه (3236).
أكل لحوم الخيل
• ورد في الباب عموم قوله تعالى في مقام الامتنان: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8]
(1)
.
(1)
قال الطبري في «تفسيره» (14/ 173 (حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَلْقَمَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ " كَانَ يَكْرَهُ لُحُومَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَكَانَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] فَهَذِهِ لِلْأَكْلِ، {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8] فَهَذِهِ لِلرُّكُوبِ "وابن أبي ليلي ضعيف.
ورواه أبو إسحاق عن رجل عن ابن عباس به. أخرجه الطبري وفي سنده ابن حميد ضعيف.
ورواه عكرمة عن ابن عباس وفي سنده أبو حنيفة مع إمامته فهو ضعيف في الحديث. أخرجه أبو يوسف في «الآثار» (1051).
ورواه مولى نافع بن علقمة عن ابن عباس {أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (24320) والطبري في «تفسيره» (14/ 173) ولفظه: مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَلْقَمَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ " كَانَ يَكْرَهُ لُحُومَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَكَانَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] فَهَذِهِ لِلْأَكْلِ، {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] فَهَذِهِ لِلرُّكُوبِ".
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ سيد البدوي بتاريخ 19 ربيع الآخر 1443 موافق 24/ 11/ 2021 م: الوارد عن ابن عباس لا يصح من هذه الوجوه التي أوردها.
وقال الطبري في «تفسيره» (14/ 175 (: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ:" لُحُومُ الْخَيْلِ حَرَامٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} [النحل: 5] إِلَى قَوْلِهِ: {لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] ". ا هـ. وعلته ابن أبي غنية.
وقال الطبري: وَكَانَ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى تَحْرِيمِ شَيْءٍ، وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا عَرَّفَ عِبَادَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَسَائِرِ مَا فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ، وَنَبَّهَهُمْ بِهِ عَلَى حُجَجِهِ عَلَيْهِمْ، وَأَدِلَّتِهِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، وَخَطَأِ فِعْلِ مَنْ يُشْرِكُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ.
وعَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ:«نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَكَلْنَاهُ» أخرجه البخاري (5519) ومسلم (1942).
• ووردت أخبار ضعيفة في النهي منها:
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16818) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْحِمْصِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنِ ابْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ جَدِّهِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الصَّائِفَةَ، فَقَرِمَ أَصْحَابِي إِلَى اللَّحْمِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَذْبَحَ رَمْكَةً لَهُ؟ قَالَ: فَحَبَلُوهَا، فَقُلْتُ: مَكَانَكُمْ حَتَّى آتِيَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَأَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ أَصْحَابِي، فَقَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ خَيْبَرَ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ فِي حَظَائِرِ يَهُودَ، فَقَالَ:" يَا خَالِدُ، نَادِ فِي النَّاسِ: أَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُسْلِمٌ " فَفَعَلْتُ فَقَامَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: «يَا
أَيُّهَا
النَّاسُ مَا بَالُكُمْ أَسْرَعْتُمْ فِي حَظَائِرِ يَهُودَ؟ أَلَا لَا تَحِلُّ أَمْوَالُ الْمُعَاهَدِينَ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ حُمُرُ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْإِنْسِيَّةِ، وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ». وتابع أبا سلمة سليمان بن سليم وثور بن يزيد أخرجه أحمد (1681) وغيره.
إسناده ضعيف لضعف صالح وأبيه ولو صح فقد قال البخاري: خالد لم يشهد خيبر. وأعله الدارقطني والبيهقي باضطراب إسناده وقال ابن حزم عن صالح وأبيه هو وأبوه مجهولان وفي خبره في تحريم لحوم الخيل دليل الوضع لأن خالدًا لم يسلم إلا بعد خيبر بلا خلاف.
2 -
قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» رقم (3064) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ:" لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَأَخَذُوا الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ فَذَبَحُوهَا وَمَلَئُوا مِنْهَا الْقُدُورَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَفَأْنَا يَوْمَئِذٍ الْقُدُورَ، وَقَالَ: "إنَّ اللهَ عز وجل سَيَأْتِيكُمْ بِرِزْقٍ هُوَ أَحَلُّ مِنْ هَذَا وَأَطْيَبُ". فَكَفَأْنَا يَوْمَئِذٍ الْقُدُورَ وَهِيَ تَغْلِي، فَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحُمُرَ الْإِنْسِيَّةَ وَلُحُومَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ، وَالْخَلِيسَةَ، وَالنُّهْبَةَ".
قال الإمام أحمد: عكرمة لا يقيم إسناد هذا الحديث فمرة يرسله ومرة عن جابر ومرة عن أبي هريرة رضي الله عنه. وضعفه غير واحد لكونه من رواية عكرمة عن يحيى بن أبي كثير.
قال ابن هبيرة في «اختلاف الأئمة العلماء» (2/ 355): وَاخْتلفُوا فِي لُحُوم الْخَيل:
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يحرم أكلهَا.
وَقَالَ مَالك: هِيَ مَكْرُوهَة إِلَّا أَنْ كراهيتها عِنْده دون كَرَاهِيَة السبَاع.
وَقَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ: هِيَ مُبَاحَة.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ سيد بن بدوي بتاريخ 19 ربيع الآخرة 1443 موافق 24/ 11/ 2021 م: إلى ضعف النهى وأن أحاديث أكل لحم الخيل ثابتة.
إجابة دعوة اليهودي إلى الطعام
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (13201) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، «فَأَجَابَهُ» وفي رواية عفان عن أبيه عند أحمد (13860) - وفيه:«أَنَّ يَهُودِيًّا» : وأيضًا: «أَنَّ خَيَّاطًا» .
رواه قتادة وعنه جماعة:
1 -
أبان وهو ابن يزيد العطار كما هنا.
2 -
همام بن يحيى كما عند أحمد (13671) وفيه أن الداعي: خياط من أهل المدينة.
3 -
هشام الدستوائي كما عند البخاري (2069) والترمذي (1215) وغيرهما وفيه أن أنسًا مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة.
4 -
حماد بن الجعد وهو ضعيف في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» (818) وفيه: «لقد مشيت مرات بخبز شعير وإهالة سنخة» بإسناد ذلك لأنس رضي الله عنه وكان ذلك مرات.
5 -
وشيبان بن عبد الرحمن كما في «مسند أحمد» (13496) وفيه: (لَقَدْ دُعِيَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ) لما لم يسم فاعله.
وخالف قتادة ثابت البناني فجعل ذلك في غزوة الخندق أخرجه أحمد (13654) والقول بالتعدد هو الأظهر والله أعلم.
وجمع الحافظ ابن حجر بين رواية شيبان وإسناد الضمير لأنس رضي الله عنه فقال في «فتح الباري» (5/ 141): وقع لأحمد من طريق شيبان عن قتادة عن أنس "لقد دعي نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على خبز شعير وإهالة سنخة" فكأن اليهودي دعا النبي صلى الله عليه وسلم على لسان أنس فلهذا قال: "مشيت إليه" بخلاف ما يقتضيه ظاهره أنه حضر ذلك إليه».
وقال الحافظ في «فتح الباري» (1/ 82): قوله: «إهالة سنخة» بكسر الهمزة الإهالة ما يؤتدم به من الأدهان والسنخ المتغير الريح.
سبق في تحقيقي «دفع إيهام الاضطراب» .
خروج الرجل مع ضيفه إلى باب الدار
• قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (3358): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مَعَ ضَيْفِهِ إِلَى بَابِ الدَّارِ»
(1)
.
• الخلاصة: انتهى شيخنا بتاريخ (21) شوال (1442 هـ) المُوافِق (2/ 6/ 2021 م) مع الباحث/ علي بن عبد العزيز بن سليمان، إلى ضعفه؛ في سنده علي بن عروة، قال فيه البخاري: مجهول. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث. وقال الذهبي: تركوه.
(1)
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ زِيَادَةِ الْإِكْرَامِ. وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ دَفْعُ مَا يَتَوَهَّمُ جِيرَانُهُ مِنْ دُخُولِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْتَهُ. كما في ««مرقاة المفاتيح» (7/ 2741 (لعلي القاري.
كتاب العقيقة
اجتهاد ابن عمر رضي الله عنهما في مقدار العقيقة عن الغلام
1 -
عن نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ عَقِيقَةً، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَكَانَ يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ، عَنِ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ
(1)
.
2 -
وَعَنْ نَافِعٍ أَيْضًا قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ عَقِيقَةً إِلَّا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ. قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ: «عَلَى الْغُلَامِ شَاةٌ، وَعَلَى الْجَارِيَةِ شَاةٌ»
(2)
.
ورد خبر عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو ضعيف. وثَبَت عن عُرْوَةَ بْن الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَعُقُّ عَنِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ شَاةً شَاةً
(3)
.
• ورد في الباب من المرفوع:
1 -
عَنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ» وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنْ
(1)
صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (1444) عن نافع، به.
(2)
صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7964) وابن أبي شيبة في «المصنف» (24731) من طريق أيوب، عن نافع، به.
(3)
صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (1447) وابن أبي شيبة في «المصنف» (24733) من طريق هشام بن عروة، به.
أَحَدِنَا يُولَدُ لَهُ؟ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ، عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ»
(1)
.
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ»
(2)
. وثَم شواهد أخرى في الباب أشار إليها الإمام الترمذي
(3)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ
(4)
.
(1)
حسن: أخرجه أحمد (6713)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (24244) والنَّسَائي (4212) غيرهم، من طرقٍ - عبد الرزاق، ووكيع، وأبي نُعيم، وعبد الله بن نُمير - عن دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، به.
وخالفهم القعنبي عبد الله بن مَسْلَمة فأرسله، أخرجه البيهقي في «سُننه» (9/ 505) والوصل أرجح.
(2)
إسناده حسن: أخرجه أحمد (24028)، والترمذي (1513) وغيرهما، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَخْبَرَتْنَا أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» وإسناده حسن من أجل ابن خُثيم.
(3)
قال الترمذي في «سُننه» (ص: 489): وَفِي البَابِ: عَنْ عَلِيٍّ، وَأُمِّ كُرْزٍ، وَبُرَيْدَةَ، وَسَمُرَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَنَسٍ، وَسَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم.
(4)
رواه عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما واختُلف عليه، فرواه عنه يزيد بن أبي زياد هكذا، أخرجه البزار (5175). وقال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (6/ 3551): اختُلف على عطاء فيه، فرواه حَجاج بن أرطأة عن عطاء عن عُبيد بن عُمير عن أُم كُرْز، ورواه مطرٌ الوراق عن عطاء عن أم كُرْز، وأبو الزبير ومنصور بن زاذان عن عطاء، وحماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن أُم كُرْز، ومحمد بن إسحاق وعمرو بن دينار وابن جُريج عن عطاء عن حبيبة بنت ميسرة عن أُم كُرْز.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنف» (24726) حدثنا ابن فضيل، عن يزيد، عن عطاء به.
• أقوال العلماء:
قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَقِيقَةِ، أَنَّ مَنْ عَقَّ فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ، الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ، وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ، وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا، وَهِيَ مِنَ الأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا
(1)
.
قال النووي: السُّنَّةُ أَنْ يعقَّ عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً، فَإِنْ عَقَّ عَنِ الْغُلَامِ شَاةً حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ
(2)
.
قال ابن قُدامة: العقيقة سُنة، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة
(3)
.
وأما الأحناف فذهبوا إلى نَسخ العقيقة بالأضحية
(4)
.
• الراجح: أنه لا تَعارُض بين المرفوع الثابت، والضعيف والموقوف؛ لأن المرفوع مُقَدَّم، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1].
وفي العقيقة بحث لأخينا الباحث/ أحمد بن سالم العَقيلي، وبَحْث لأخينا الشيخ حسين حبشي، وبحث ثالث في سؤال وجواب لأبي حاتم السعدي.
(1)
«الموطأ» (1/ 647).
(2)
«المجموع شرح المهذب» (8/ 429).
(3)
«المغني» (9/ 458).
(4)
في «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» (5/ 69): الْعَقِيقَةُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَنَسَخَهَا ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةَ، فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ.
توجيه قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ»
• قال البغوي في «شرح السُّنة» (11/ 268): وقد تَكلم الناس في معنى قوله: «مُرْتهنٌ بِعقِيقتِهِ» أَجْوَدُها ما قال أحمد بن حنبل، أن معناه أنه إِنْ مات طفلًا ولم يُعَقّ عنه، لم يُشَفَّع في والديه، ويُروَى عن قتادة أيضًا أنه يُحْرَم شفاعتهم. وقيل:«مُرْتهنٌ بِعقِيقتِهِ» أَي: بأذى شعره، وهو معنى قوله:«أمِيطُوا عنْهُ الْأَذَى» .
قال ابن القيم: قال يحيى بن حمزة: قلت لعطاء الخُرَاساني: مَا «مُرْتهنٌ بِعقِيقتِهِ» ؟ قال: يُحْرَم شفاعة ولده.
وَقَالَ إسحاق بن هانئ: سألتُ أبا عبد الله عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الغلام مُرتَهن بعقيقته» ما معناه؟ قال: نعم، سُنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعَق عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، فإذا لم يعق عنه فهو مُحتبَس بعقيقته حتى يُعَق عنه.
وقال الأثرم: قال أبو عبد الله: ما في هذه الأحاديث أوكد مِنْ هذا. يعني في العقيقة كل غُلام مُرتَهن بعقيقته
(1)
.
(1)
«تحفة المودود» (ص/ 42).
حلق الرأس بعد العق
• قال ابن حِبان في «صحيحه» رقم (5308): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَقُّوا عَنِ الصَّبِيِّ خَضَبُوا قُطْنَةً بِدَمِ الْعَقِيقَةِ، فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الصَّبِيِّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا
(1)
».
وقال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (8106): عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حُدِّثْتُ حَدِيثًا، رُفِعَ إِلَى عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَقَّ عَنْ حَسَنٍ شَاتَيْنِ، وَعَنْ حُسَيْنٍ شَاتَيْنِ، ذَبَحَهُمَا يَوْمَ السَّابِعِ. قَالَ: وَمَشَقَهُمَا، وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رُءُوسِهِمَا الأَذَى.
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اذْبَحُوا عَلَى اسْمِهِ، وَقُولُوا: بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ، هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ» .
قَالَ: فَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُخَضِّبُونَ قُطْنَةً بِدَمِ الْعَقِيقَةِ، فَإِذَا حَلَقُوا الصَّبِيَّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا. يَعْنِي مَشَقَهُمَا: وُضِعَ عَلَى رَأْسِهِمَا طِينُ مَشْقٍ مِثْلُ الْخَلُوقِ.
(1)
وَهُوَ طيبٌ مَعْرُوفٌ مُرَكب يُتَّخذ مِنَ الزَّعْفَرَان وَغَيْرِهِ مِنْ أنْواع الطِّيبِ، وتَغْلب عَلَيْهِ الْحُمرة والصُّفْرة. كما في «النهاية في غريب الحديث» (2/ 71) لابن الأثير.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أحمد بن شعبان، بتاريخ (16) ربيع الآخِر (1443 هـ) الموافق (21/ 11/ 2021 م): ظاهر إسناده الصحة، لكنه مُعَلّ بالانقطاع بين ابن جُريج ويحيى. ونَصَّ الدارقطني وغيره على الانقطاع.
كتاب الذبائح
كراهية سن السكينة أمام الذبيحة
• قال الحاكم في «مستدركه» رقم (7570) - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا أَضْجَعَ شَاةً يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ؟ هَلْ حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا»
وتابع حمادًا عبد الرحيم بن سليمان أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (11916) - حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْباعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ به.
وخالفهما معمر فأرسله أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (8608) - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا أَضْجَعَ شَاةً فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِهَا، وَهُوَ يُحِدُّ شَفْرَتَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَيْلَكَ أَرَدْتَ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ هَلَّا أَحْدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا» .
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أحمد بن علي بتاريخ 16 جمادى الأولى 1443 موافق 20/ 12/ 2021 م إلى صحة الموصول إن سلمت الأسانيد الموصولة.
• تنبيه: يخشى الباحث من أمرين:
1 -
التصحيف في نسخة الحاكم لأن الإمام الطبراني قال في «المعجم الأوسط» (4/ 54): لَمْ يَصِلْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، تَفَرَّدَ بِهِ: يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ.
2 -
إعراض أصحاب الكتب التسعة عن هذا الخبر.
هل يقال ذِكر غير التسمية
والتكبير في ذبح الهدي أو الأضحية؟
• ورد من طرق ضعيفة مرفوعًا: «اللهم منك وإليك» .
وَرَدَ من حديث أبي هريرة
(1)
وعائشة
(2)
وأنس
(3)
وجابر
(4)
وابن عباس مرفوعًا
(5)
وموقوفًا وهو الصواب.
قال الإمام الطبري في «تفسيره» (16/ 556): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] قَالَا: «قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ مَعْقُولَةٍ؛ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ» .
تابع شعبةَ: الثوري
(6)
ووكيع وجابر بن نوح - وهو ضعيف -
وتابع الأعمشَ منصور، وتارة بإثبات رجل بين منصور وأبي ظَبْيَان عند الطبري
(7)
.
(1)
كما في «الحِلية» وفي سنده يحيى بن عُبيد الله بن مَوْهَب، وهو متروك.
(2)
مداره في أغلب طرقه على عبد الله بن محمد بن عَقيل، وهو إلى الضعف أقرب، وفيه خلاف طويل في الوصل والإرسال، وذِكر الشاهد ودونه.
(3)
والصحيح في الصحيحين بدونها: «ضحى بكبشين أملحين» .
(4)
وفي سنده أبو عياش، مجهول.
(5)
في سنده عبد الله بن خِرَاش، منكر الحديث.
(6)
الراوي عنه عند الطبري أيوب بن سُويد، إلى الضعف أقرب.
(7)
قال مُسدَّد في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (5/ 281) رقم (4668): ثنا هُشيم، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن، أنه كان يقول عند الذبح: باسم الله، والله أكبر، اللهم منك ولك، تَقَبَّلْ من فلان.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أحمد بن سالم العَقيلي، بتاريخ (5) رمضان (1441 هـ) المُوافِق (29/ 4/ 2020 م) إلى أن الأحاديث المرفوعة ضعيفة، والصحيح عن ابن عباس، ومعناه صحيح.
حُكْم التسمية على الذبيحة
(1)
• قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]
(2)
.
(1)
اختُلف فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الجمهور - الحنفية «المبسوط» (11/ 236) ومالك «مسائل المدونة» (5/ 739) ومشهور مذهب أحمد «المغني» (9/ 388) - على أن التسمية واجبة مع الذِّكر، ساقطة مع النسيان.
القول الثاني: أن التسمية شرط مطلقًا، ولا يحل أكل ما لم يُذْكَر اسم الله عليه. قال به أحمد في رواية، وابن حزم، ورجحه ابن تيمية، وابن عثيمين.
القول الثالث: أن التسمية مستحبة.
وقال بها الشافعية «المجموع» (8/ 408) ورواية عن أحمد. انظر: «المغني» (9/ 388) و «الإنصاف» (10/ 401).
(2)
قال ابن رُشْد في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (2/ 211) بعد ذكره الآية، وأنها مُعارَضة بحديث عائشة رضي الله عنها هذا:
فذهب مالك إلى أن الآية ناسخة لهذا الحديث، وتَأوَّل أن هذا الحديث كان في أول الإسلام. ولم يَرَ ذلك الشافعي؛ لأن هذا الحديث ظاهره أنه كان بالمدينة، وآية التسمية مكية، فذهب الشافعي لمكان هذا مذهب الجَمْع بأن حَمَل الأمر بالتسمية على الندب.
وأما مَنْ اشتَرط الذِّكر في الوجوب فمصيرًا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه» .
قال البخاري رقم (5507): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ المَدَنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُوننا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي: أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ، وَكُلُوهُ» قَالَتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالكُفْرِ.
تَابَعَهُ عَلِيٌّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِدٍ
(1)
، وَالطُّفَاوِيُّ
(2)
.
وتابعهم عبد الرحيم بن سليمان كما عند أبي داود، وتابعهم مُحاضِر بن المُورِّع الكوفي كما عند النَّسَائي، وتابعهم النَّضْر بن شُمَيْل البصري كما عند إسحاق
(3)
وتابعهم يونس بن بُكَيْر ومَسْلَمَة بن قَعْنَب وعمرو بن مُجَمِّع وحاتم بن إسماعيل وعبد الله بن الحارث وعبد الله بن عاصم، وهؤلاء على التعليق عند الدارقطني في «علله» والبيهقي.
وخالفهم مالك
(4)
وحماد بن سلمة
(5)
ومَعْمَر
(6)
وعيسى بن يونس
(7)
وجعفر بن عون، ويحيى القطان، وابن عُيينة، والمُفضَّل بن فَضَالة، فأرسلوه.
(1)
أي: الأحمر الكوفي، ووَصَله البخاري رقم (7398).
(2)
أي: الكوفي، ووَصَله البخاري رقم (2057).
(3)
لكن قال: أحسبه عن عائشة. وفي رواية البصريين عن هشام مقال، فقد قال أحمد: حديث أهل المدينة عنه كمالك وغيره أصح من حديث أهل العراق عنه. وثَم أقوال أُخَر انظرها في «شرح علل الترمذي» .
(4)
كما في «الموطأ» .
(5)
كما في أبي داود.
(6)
كما في «المُصنَّف» .
(7)
كما في «مسند إسحاق» .
وقال الدارقطني: المرسل أشبه. وقال أبو زُرْعَة: الصحيح المرسل. وقال ابن حزم: هذا مرسل، والمرسل لا تقوم به حجة.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أحمد بن سالم العَقيلي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد، فبالنظر إلى ما أورده أخي أحمد بن سالم - حَفِظه الله - فإن جماعة رووا الحديث متصلًا، ومنهم بصريون وكوفيون ومدنيون.
وأَخْرَج البخاري الحديث في مواطن ثلاثة عن طريق مشايخ ثلاثة، عن هشام بن عروة متصلًا
(1)
.
وبالنظر إلى أقوال أهل الحديث يظهر ما يلي:
1 -
إخراج البخاري تصحيح له، وخاصة في ثلاثة مواطن، ليس في موطن واحد.
2 -
أبو زُرْعَة والدارقطني رَجَّحا الإرسال.
(1)
فائدة: دَفَع الإمام الذهبي زعم ابن القطان أن هشام بن عروة اختلط، حيث قال في «ميزان الاعتدال» (4/ 302): لَمَّا قَدِم العراق في آخِر عمره، حَدَّث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومِثل هذا يقع لمالك ولشُعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فدع عنك الخبط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين، فهشام شيخ الإسلام، ولكن أَحْسَنَ الله عزاءنا فيك يا بن القطان.
وكذا قول عبد الرحمن بن خِرَاش: كان مالك لا يرضاه، نُقِم عليه حديثه لأهل العراق، قَدِم الكوفة ثلاث مرات: قدمة كان يقول حدثني أبي قال: سمعتُ عائشة. والثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة. وقَدِم الثالثة فكان يقول: أبي، عن عائشة. يعني يرسل عن أبيه.
بعد النظر في عمل الجمهور، فلم يَعترض أحد على تصحيح الخبر من الفقهاء المشاهير، بل رأينا أكثر عملهم عليه.
فلهذا - والله أعلم - نجنح إلى تصحيح الخبر أو على الأقل أنه يصح العمل به؛ فلموافقته فيما نرى عمومات الشريعة لرفع الحرج عن الناسي والجاهل. والله أعلم.
كتاب الأشربة
أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (24100) - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «كَانَ أَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُلْوَ الْبَارِدَ»
• وخالف سفيان أربعة فأرسلوه:
1 -
عبدُ الرزاق كما في «مصنفه» (19583).
2 -
عبد الله بن المبارك لكن بعطف يونس وهو ابن يزيد على معمر أخرجه الترمذي (1896).
3، 4 - هشام بن يوسف وابن ثور ذكرهما أبوزرعة كما في «العلل» (1588) لابن أبي حاتم.
وجاءت رواية يونس عن الزهري دون عطف مرسلا عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (24197).
وتابع الزهري على وجه الوصل هشام بن عروة أخرجه ابن عدي في «الكامل» (5/ 304) وفي سنده عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة ضعيف وبخاصة في هشام وتوبع من حماد بن سلمة لكنه معلق كما في «حديث أبي الفوارس الصابوني (84).
• والخلاصة: أن رواية الجماعة بالإرسال هي الصواب وقال أبو زرعة: المرسل أشبه. وقال الترمذي: الصحيح ما روي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الدارقطني: والمرسل أشبه بالصواب. ولم يتابع ابن عيينة على ذلك.
وكتب شيخنا مع الباحث/ محمد بن مجدي المنوفي بتاريخ 13/ ربيع أول 1443 موافق 20/ 10/ 2021 م: الصواب مرسل.
• تبيه: وردت له شواهد من حديث ابن عباس أخرجه أحمد (3129) وفي سند رجل مبهم وقد سمي من طريق محمد بن جابر وهو ضعيف وثم طريق ثالث في «معجم بن الأعرابي» (211) وفي سنده طلحة بن عمرو متروك قاله ابن حجر.
ومن حديث أبي هريرة أخرجه ابن عدي وفي سنده زمعة بن صالح وهو ضعيف.
ومن مرسل ابن جريج كما عند ابن أبي شيبة (24199).
كراهة التنفس في الإناء
• قال الإمام البخاري (153) - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الخَلَاءَ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ»
(1)
.
وتابع هشاما شيبان النَّحْوي، أخرجه البخاري (5630).
وتابعهما الأوزاعي، أخرجه البخاري (154).
وتابعهم أيوب السَّختياني وهمام بن يحيى، أخرجه مسلم (267).
وتابعهم مَعْمَر وعلي بن المبارك وحَجاج الصواف وحرب بن شداد، كما عند أحمد.
وخالف تسعتهم أبان بن يزيد العطار، فقال:«وَإِذَا شَرِبَ فَلَا يَشْرَبْ نَفَسًا وَاحِدًا» بدل «فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنْاءِ» .
أخرجه أبو داود (31): حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبَانُ، به.
• الخلاصة: رواية «وَإِذَا شَرِبَ فَلَا يَشْرَبْ نَفَسًا وَاحِدًا» شاذة.
قال ابن المُلقِّن في «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» (4/ 148): ذَكَر بعض
(1)
أخرجه مسلم رقم (535) لكن دون الشاهد من هذا الطريق.
الحُفاظ أن أبان بن يزيد تَفرَّد عن يحيى، دون أيوب وهشام والأوزاعي وشيبان وإبراهيم القَنَّاد، بقوله:«وإذا شَرِب فلا يَشرب نَفَسًا واحدًا» .
قال: وإنما المعروف رواية هؤلاء: «فلا يَتنفس في الإناء» .
وقال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5631) - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ، يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَزَعَمَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا» .
وأخرجه مسلم رقم (2028) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا» .
وبلفظي البخاري ومسلم رواه عبد الرحمن بن مهدي كما عند الترمذي في «سننه» (1884) و «الشمائل» (214). وثم متابعات أخرى.
وتابع عذرة قتادة أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (6859) وقال: قتادة في هذا الحديث خطأ والصواب حديث عذرة. والله أعلم.
وتابع ثمامة أبو عصام وزاد: «وَيَقُولُ: «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ» أخرجه مسلم رقم (2028) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، ح وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي عِصَامٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ:«إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ» ، قَالَ أَنَسٌ:«فَأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا»
وورد الشرب من فعله وأمره من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس أخرجه بلفظ الأمر: «إِذَا شَرِبْتَ فَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا» أخرجه ابن المقرئ في «معجمه»
(ص: 62) وأخرجه بلفظ الفعل ابن الأعرابي في «معجمه» (957) وفي سنديهما محمد بن جعفر فيه لين.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أحمد الصاوي بتاريخ 12/ ربيع الآخر 1443 موافق 17/ 11/ 2021 م إلى ضعف زيادة أبي عصام: «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ» .
الشرب من الأنهار ما لم يخش ضررًا
• قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].
قال ابن بَطَّال في «شرح صحيح البخاري» (6/ 507): أَجْمَع العلماء أنه يَجوز الشرب من الأنهار دون استئذان أحد؛ لأن الله - تعالى - خَلَقها للناس والبهائم، وأنه لا مالك لها غير الله تعالى.
• تنبيه: كَتَب شيخنا مع الباحث/ هاني الدميري: سَقْي الأرض يختلف عن الشرب.
النهي عن الشرب قائمًا
• قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2025) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي عِيسَى الْأُسْوَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا» .
وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ، وَابْنِ الْمُثَنَّى، قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي عِيسَى الْأُسْوَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا»
علة هذا الخبر أبو عيسى الأُسْوَاري؛ فقد تفرد بالرواية عنه قتادة، ووثقه ابن حِبان والطبراني، وزَعَم البزار أنه مشهور. وقال علي بن المديني: أبو عيسى الأسواري مجهول، لم يَرْوِ عنه إلا قتادة
(1)
.
(1)
قال ابن بَطَّال في «شرح صحيح البخاري» (6/ 73):
(مَنْ أصابه الجن فى إحدى ثلاث لم يُشْفَ: وهو يشرب قائمًا، أو يمشي في نعل واحدة، أو يشبك بين أصابعه).
وهذا الخبر وإن كان مما لا يُعتمد عليه لضعفه، فإن في إجماع الحجة على أن نهي النبي عن الشرب قائمًا على غير وجه التحريم - له دليل على أنه نهى عنه كراهية له سبب هو غير التحريم.
وابن عبد البر يضعف كل أحاديث النهي عن الشرب قائما كما في «عمدة القارئ» (21/ 193).
وقال القاضي في «إكمال المُعْلِم» (6/ 491): لم يُدْخِل مالك في «موطئه» ولا البخاري في «صحيحه» أحاديث النهي عن الشرب قائمًا، فأدخلا إباحة ذلك من الأحاديث والآثار؛ إذ لم يصح عندهم النهي عن ذلك، والله أعلم.
وذَكَر مسلم في الباب ثلاثة أحاديث:
- حديث قتادة عن أنس وهو معنعن، وكان شعبة يَتقي من حديث قتادة ما لا يقول فيه:(حدثنا).
- وحديث قتادة - أيضًا - عن أبي عيسى الأُسواريّ
(1)
، عن أبي سعيد مثله. وأبو عيسى - أيضًا - غير مشهور. واضطراب قتادة في سند هذا الحديث مما يعلله في مخالفة الأحاديث الأُخر وأئمة الصحابة والخلفاء والتابعين.
وحديث عمر بن حمزة لا يحتمل مثل هذا الحديث؛ لمخالفة غيره عن أبي غَطَفان عن أبى هريرة.
قالوا: وعمر بن حمزة لا يتحمل مثل هذا الحديث؛ لمُخالَفة غيره له.
• والصحيح أنه موقوف على أبي هريرة.
وشُرْب النبي رحمه الله وهو قائم لا يقال فيه: تَرَك ما هو الأَوْلَى؛ لعِلة إنما كان في الحج، والله أعلم.
(1)
بضم الهمزة، وسكون السين المهملة، وفتح الواو، وفي آخرها الراء المهملة. وقيل: بكسر الهمزة. انظر «الأنساب» للسمعاني (1/ 250).
• الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث/ علاء بن جمال: كنا من قبل نجتهد في الجَمْع، ثم بعد ضُعِّفتِ الأخبار في ذم الشرب قائما.
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6627) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ
(1)
، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي ينفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا، وَرَأَيْتُهُ يَشْرَبُ قَائِمًا وَقَاعِدًا» تابع سعيد بن أبي عروبة جمع - يزيد بن زريع، وعبد الواحد وعلي بن المبارك وغيرهم -.
وتابع حسين المعلم عامر الأحول كما عند ابن الأعرابي في «معجمه» (2168)، وحجاج كما عند أحمد (6901) ومقاتل كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (4490) ومطر الوراق كما في المصدر السابق (6771).
• وقال البزار رقم (3512): وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ رَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ هَارُونُ: عَنْ حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَهَارُونُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَزَادَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَيُفْطِرُ، وَلَمْ نَحْفَظْ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَلَوْ حَفِظْنَاهُ كَانَ هَذَا الْإِسْنَادُ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَعْرُوفَ
• والخلاصة: أن سند الخبر حسن ولم يقف الباحث على من انتقده بخصوصه وكتب شيخنا مع الباحث/ سيد بن عبده الدكروني عام 1443 موافق 2021 م: هل استنكر على عمرو أو على حسين.
(1)
وفي رواية في «المعجم» (7892) بعطف حسين على قتادة وفي سندها حامد بن آدم ضعيف.
• قال الإمام أحمد رقم (8335): حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا، وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ، وَأَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي حَائِطِهِ.
وخالف حمادًا جماعة، فلم يَذكروا الشرب قائمًا.
والخبر في «الصحيحين» كذلك. وحماد بن سلمة ضعيف في أيوب. ويُحَرَّر هل هو حماد بن زيد؟
• أفاده الباحث/ محمد وأحمد بكري بتاريخ (21) ربيع الآخِر (1441 هـ) المُوافِق (18/ 12/ 2019 م).
• أقوال الفقهاء في المسألة:
ملخص أقوال الفقهاء (الجمهور على الإباحة):
فالأحناف كما في «حاشية ابن عبدين» (1/ 129) يقولون: إنه مخير بين الأمرين - الشرب قائما أو قاعدًا -.
والشافعية كما في «الوجيز» (8/ 354) يقولون: إن الشرب قائما خلاف الأولى وفعل النبي صلى الله عليه وسلم بيان للجواز.
والمالكية كما في «الزخيرة» (13/ 258) والحنابلة كما في «الإنصاف» (8/ 244) فيقولون: بجواز الشرب قائما.
وذهب ابن حزم في «المحلى» (6/ 229 - 230) إلى حرمة الشرب قائما لأن الأحاديث الوارة في التجويز جعلها منسوخة بأحاديث النهي وعكسه ابن حبان فإنه يقول بأن أحاديث النهي متقدمة والأحاديث المجوزة للشرب قائما متأخرة فنسختها.
أفادها الباحث سيد بن الدكروني عبده بتاريخ 20 ربيع أول 1443 موافق 26/ 10/ 2021 م.
حُكْم الخليطين
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ، وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ
(1)
.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَخْلِطَ بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَأَنْ نَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ»
(2)
وفي رواية: «مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا، أَوْ تَمْرًا فَرْدًا، أَوْ بُسْرًا فَرْدًا» .
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا، وَلَا تَنْتَبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعًا، وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ»
(3)
.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَقَالَ:«يُنْبَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ»
(4)
.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا، وَأَنْ يُخْلَطَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا، وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ جُرَشَ يَنْهَاهُمْ عَنْ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ»
(5)
.
(1)
أخرجه مسلم (1986).
(2)
أخرجه مسلم (1987).
(3)
أخرجه مسلم (1988).
(4)
أخرجه مسلم (1988).
(5)
أخرجه مسلم (1990).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَدْ نُهِيَ أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا، وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا»
(1)
.
قال النووي: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنِ انْتِبَاذِ الْخَلِيطَيْنِ وَشُرْبِهِمَا، وَهُمَا تَمْرٌ وَزَبِيبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَرُطَبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَبُسْرٌ، أَوْ رُطَبٌ وَبُسْرٌ، أَوْ زَهْوٌ وَوَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ: سَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْكِرًا وَيَكُونُ مُسْكِرًا.
وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الجُمْهُورِ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَلَايَحْرُمُ ذَلِكَ، مَا لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا. وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُ المَالِكِيَّةِ: هُوَ حَرَامٌ. وَقَالَ أَبُوحَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ في رِوَايَةٍ عَنْهُ: لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ مُفْرَدًا حَلَّ مَخْلُوطًا. وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
(2)
.
نَقيع التمر ما لم يُسْكِر
• قال ابن بَطَّال في «شرح صحيح البخاري» (6/ 57): أَجْمَع العلماء أن نَقيع التمر وغيره ما لم يُسْكِر، فهو حلالٌ شُربه.
• تنبيه: كَتَب شيخنا مع الباحث/ هاني الدميري، بتاريخ (12) رجب (1441 هـ) المُوافِق (7/ 3/ 2020 م): نَقيع التمر استقلالًا؛ لأنه لا يوجد إجماع في الخليطين.
الخمر أم الخبائث
• قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] وثم نصوص كثيرة في تحريم الخمر.
• وقال الإمام النسائي في (سننه» رقم (5666) - أَخْبَرَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه يَقُولُ: "اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ، أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا، فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ: زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ، وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ "
وتابع معمرًا على الوقف يونس بن يزيد أخرجه النسائي (5667).
وخالفهما عمر بن سعيد - وهو ضعيف - فرفعه أخرجه ابن حبان (5348)
وروايتهما - معمر ويونس أصح -
ورواه يحيى بن جعدة عن عثمان على الوقف أخرجه سعيد بن منصور (823).
ورواه سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (24068).
وقال الدارقطني في «علله» (724): والموقوف هو الصواب. وقال أبو زرعة كما في «العلل» لابن أبي حاتم: الموقوف هو الصحيح.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ أبي سهل الربعي بتاريخ الأربعاء 8 صفر 1443 هـ. 15/ 9/ 2021 م: موقوف.
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث/ محمود بن عوض بتاريخ 28/ صفر 1443 موافق 5/ 10/ 2021 م.
شرب الخمر من علامات الساعة
• قال البخاري في «صحيحه» رقم (5590): وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الكِلَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ - أَوْ: أَبُو مَالِكٍ - الْأَشْعَرِيُّ، وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي: سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا. فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» .
وَصَله ابن حِبان (6754)، والبيهقي (20988)، والطبراني في «الكبير» (3417) وفي «مسند الشاميين» رقم (588) للطبراني.
وأخرجه أبو داود (4039): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ - أَوْ: أَبُو مَالِكٍ - وَاللَّهِ يَمِينٌ أُخْرَى مَا كَذَّبَنِي، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ
يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ» وَذَكَرَ كَلَامًا
(1)
، قَالَ:«يُمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
• قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَعِشْرُونَ نَفْسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَكْثَرُ - لَبِسُوا الْخَزَّ، مِنْهُمْ أَنَسٌ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ.
وتابع عطيةَ بن قيس مالكُ بن أبي مريم، أخرجه ابن ماجه (4020)، والطبراني في «الكبير» (3419) ومالك وحاتم مقبولان. وفيه:(يُضْرَب على رءوسهم بالمعازف والقَيْنات).
• وله شاهد من حديث سهل بن سعد، أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (4375) وفي سنده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وفيه: (إذا ظهرت القَيْنَات والمعازف
…
).
• وله شاهد آخَر من حديث عِمران بن حُصَيْن، أخرجه الترمذي (2212) وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (4376) وفي سنده (عبد الله بن عبد القدوس) قال فيه ابن مَعِين: ليس بشيء، رافضي خبيث.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ منصور بن محمد بن منصور الشرقاوي
(2)
إلى أنه يُحَسَّن لشواهده. بتاريخ (1) رمضان (1442 هـ) المُوافِق (13/ 4/ 2021 م).
(1)
أورد البيهقي هذا الطريق ولم يسق لفظه وثم ذكر لفظة المعازف بعد. أفاده يحيى بن مصطفى العدوي في بحثه بتاريخ 16 محرم 1443 موافق 24/ 8/ 2021 م.
(2)
وُلد بقرية منشأة أبو عامر، مركز الحسينية، بمحافظة الشرقية بتاريخ (26/ 1/ 1964 م) حاصل على دبلوم معلمين، نزيل منية سمنود، شهر (11/ 1998 م).
راجع له شيخنا وقَدَّم له:
1 -
«أحكام اليتيم» .
2 -
«المعازف والغناء» أوشك على الانتهاء.
نسخ قتل شارب الخمر في الرابعة
• عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَرِبُوا الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاقْتُلُوهُمْ»
(1)
وللمعنى شواهد
(2)
منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه
(3)
.
(1)
صحيح: رواه أبو صالح ذكوان عن معاوية رضي الله عنه واختلف عليه فرواه عنه عاصم بن أبي النجود هكذا أخرجه أحمد (16926) أبو داود (4482)، والترمذي (1444)، وابن ماجه (2573) وغيرهم من طرق عن عاصم به.
وخالفه سهيل بن أبي صالح وعنه معمر فأبدل معاوية بأبي هريرة رضي الله عنه أخرجه النسائي (5277)، والترمذي في «علله الكبير» (421) وحديث معاوية أشبه وأصح.
وتابع عاصمًا متابعة قاصرة عبد الرحمن بن عبيد الجدلي أخرجه أحمد (16847) والنسائي في «الكبرى» (5280).
(2)
قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة والشريد وشرحبيل بن أوس وجرير و أبي الرمد البلوي وعبد الله بن عمرو}.
(3)
صحيح: رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه جماعة:
1 -
أبو سلمة بن عبد الرحمن وعنه الحارث بن عبد الرحمن - كما عند أحمد (7911)، أبو داود في «سننه» (4484)، والنسائي في «سننه الكبرى» (5662)، وابن ماجه (2572).
وتابعه عمر بن أبي سلمة أخرجه أحمد (10729) وابن شاهين في «الناسخ والمنسوخ» (524).
وإسنادهما صحيح.
2 -
أبو صالح وعنه سهيل وعنه معمر أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» وعنه أحمد (7762) وسبق التنبيه على هذا الطريق في حديث معاوية رضي الله عنه.
3 -
سعيد بن المسيب وعنه الزهري وعنه سفيان بن عيينة أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (7: 312) وقال: غريب من حديث ابن عيينة.
قال الترمذي: وإنما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ بعد
(1)
.
قال أبو بكر الحازمي: قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْتُهُ
(2)
.
وقال النووي في «شرحه على مسلم» (5/ 218): هو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه.
كتاب الرقى
الدعاء للمريض عند العيادة
• قال الإمام أبو داود في «سُننه» (3107): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكَأُ
(1)
لَكَ عَدُوًّا، أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى جَنَازَةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ: «إِلَى صَلَاةٍ»
(2)
.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ عبد التواب العَشْري كما سبق، ومع أخينا محمد شمروخ، بتاريخ (22) ربيع الآخِر (1441 هـ) المُوافِق (19/ 12/ 2019 م) إلى أنه ضعيف لضعف حُيَيّ بن عبد الله.
(1)
برفع (ينكأ) في موضع الحال، وإلا فالحَقّ الجزم جواباً للأمر؛ أي: يغزو في سبيلك، يقال: أنكأتُ في العدو، أي: أكثرتُ فيهم الجِراح والقتل.
انظر: «شرح المصابيح» (2/ 319) لابن المَلِك.
(2)
إسناده حسن: أخرجه أبو داود (3107) وابن حِبان (2974) والحاكم (2039) وغيرهم، من طرق عن ابن وهب، به.
وأخرجه أحمد (6600) من طريق ابن لَهيعة.
وأخرجه عبد بن حُمَيْد - كما في «المنتخب» (344) - من طريق رِشدين.
ثلاثتهم عن حُيَيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِّي، عن ابن عمرو، به.
• قلت (أبو أويس): حُيَيّ بن عبد الله المعافري روى عنه خمسة، وهو من رجال أصحاب السُّنن، وقد اختلفوا فيه:
1 -
قال فيه أحمد كما في «الضعفاء الكبير» (1/ 319): حُيَيُّ وَدَرَّاجٌ وَزَبَّانُ
(1)
هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَحَادِيثُهُمْ مَنَاكِيرُ.
2 -
قال البخاري كما في «الكامل» لابن عَدِيّ (4/ 209): حُيَيّ بن عبد الله المصري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلّي، سمع منه ابن وهب، فيه نظر.
3 -
قال النَّسَائي: ليس بالقوي. وفي «السُّنن الكبرى» رقم (1971) عقب حديث: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ، قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ» : حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ لَيْسَ مِمَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ
(2)
وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَاللهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مِنَ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا» .
وممن قَبِلوه:
1 -
قال الفَلَّاس كما في «الكامل» (ص: 299): قلت ليحيى: حُيَيّ المصري؟ قال: ليس به بأس.
2 -
قال ابن عَدِيّ في «الكامل» (4/ 212) في ترجمة حُيَيّ أنه روى من طريق عن ابن لَهيعَة بضعة عشر حديثًا، عامتها مناكير. ثم قال: وهذه الأحاديث
(1)
ابن فايد المصري.
(2)
وقال في «السُّنن الكبرى» عقب رقم (3295): سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ لَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إِذَا انْفَرَدَ بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ.
وقال أيضًا: وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُ غَيْرُ حَدِيثٍ مُنْكَرٍ.
التي أمليت عن ابن لَهيعة ولحُيي بهذا الإسناد، عمن ذكرت عن كامل بن طلحة، عن ابن لَهيعة، ولحُيَيّ بهذا الإسناد غير ما ذكرتُ، وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة.
3 -
ترجمه ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار» رقم (1501) فقال: من خيار أهل مصر ومتقنيهم، وكان شيخًا جليلًا فاضلًا. وأَخْرَج له هذا الخبر من رواية ابن وهب عنه.
4 -
قال الحاكم: حديث مصري صحيح الإسناد.
وقال الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص: 108): حسن الحديث.
وحَسَّنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» رقم (6293).
وعلى ما سبق فأرى تحسين خبره في هذا المقام؛ لأمور:
1 -
لرواية الثلاثة - ابن وهب ورشدين وابن لهيعة - عنه.
2 -
كونه في الدعوات، وليس فيه ما يُستنكر إلا لكونه تفرد حُيَيّ بروايته، وعلى هذا يُحْمَل قول الإمام أحمد. ويؤيد قَبوله عموم بعض الأخبار في الرقية، منها
(1)
حديث البخاري، رقم (5659):«اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ» .
3 -
الاختلاف في حاله، وتصحيح ابن حِبان والحاكم له، وتحسين الذهبي والشيخ الألباني له.
(1)
قال العُقيلي: في عيادة المريض أحاديث جيدة الأسانيد بغير هذا اللفظ.
ثم عرضتُ على شيخنا ما توصلتُ إليه بتاريخ الثلاثاء (5) ذي القعدة (1442 هـ) الموافق (15/ 6/ 2021 م) فأقر أن أعرض رأيه وما توصلتُ إليه؛ فهذا من نعم الله في الاتساعية العلمية.
الاستعاذة بعزة الله وقدرته سبعًا
• قال الإمام مسلم رقم (5788): حَدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» .
تابع ابنَ وهب اثنان: أحمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن يونس، أخرجه الروياني (1521) وعمه مجهول. وعثمان بن الحَكَم، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (10774)
(1)
وقال النَّسَائي والدارقطني على طريق عثمان: مرسل.
وتابع الزُّهْري عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك
(2)
وعنه يزيد بن خُصَيْفة وعنه جماعة:
(1)
قال الدارقطني والنَّسَائي: مرسل.
(2)
وثقه النَّسَائي والفسوي وابن حِبان، وذَكَره ابن خلفون في كتاب «الثقات» وقال: وثقه ابن عبد الرحيم.
تنبيه: عَرَض الباحث ترجمة ابن خلفون، وهو أبو بكر محمد بن إسماعيل، قال فيه الذهبي في «السِّير» (23/ 71): الحافظ المتقن العَلَّامة
…
كان بصيرًا بصناعة الحديث، حافظًا للرجال متقنًا
…
وله مصنفات في شيوخ مالك والبخاري ومسلم.
قال شيخنا: لا يُعتبَر بتوثيقه لتأخره.
1 -
مالك، كما في «الموطأ» (9) وعنه روايتان:
إحداهما: أن عثمان بن أبي العاص هو الذي ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم.
والأخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أتى إليه.
2 -
زُهير بن محمد، أخرجه ابن ماجه (3522) وفيه:(وبي وجع كاد يبطلني) وفيه: فقلت ذلك فشفاني الله.
3 -
إسماعيل بن جعفر، أخرجه أحمد (17907) وفيه زيادات:
1 -
تقييد اليد باليمين، هكذا:«ضع يمينك على مكانك الذي تشتكي» .
2 -
إثبات صفة العزة لله تعالى
(1)
(2)
.
3 -
جَعْل المسحات سبعًا، بلفظ:«في كل مسحة» .
• تنبيه: إسماعيل بن جعفر خالف مالكًا هنا، وكذلك في خبر:«أَفْلَح وأبيه إِنْ صَدَق» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن عبد الرحمن على طريق يونس: صحيح.
(1)
وصفة العزة ثابتة في كتاب الله.
(2)
انظر كتاب «الصفات» للشيخ ياسر الدسوقي.
تَكرار قراءة الفاتحة
مع التفل على المريض دون عدد
• قال البخاري رقم (5736): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقَالُوا: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا! فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ.
فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ فَبَرَأَ، فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم! فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» .
• وأخرجه مسلم (2201) فهذه الرواية متفق عليها.
وتابع شعبةَ هُشَيْمٌ مُجْمَلة دون تفل، وقَدَّمها الإمام مسلم في الباب، وتابعهما أبو عَوَانة، أخرجه البخاري (2276) بلفظ:«فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ» فالظاهر لديَّ حَمْلها على الروايتين السابقتين، وأن الواو لا تقتضي الترتيب في تقديم التفل.
وخالف الأعمشُ هؤلاء الثلاثة فزاد: «فقرأتُ عليه الحمد سبع مرات» وروايتهم أصح. أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه.
والظاهر لديَّ أنا والباحث الشيخ عادل الأنصاري والشيخ أحمد بن علي - شذوذ هذه اللفظة لضِيق المَخْرَج.
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ عادل بن عبد السلام الأنصاري: الأكثرون على عدم ذكر سبع مرات، وأَعْرَض البخاري ومسلم عن ذكر سبع مرات.
رقية جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
• قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2185) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَقَاهُ جِبْرِيلُ، قَالَ:«بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ» . وتابع عَبْد الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيّ سليمان بن بلال أخرجه ابن سعد (2061) وعبد العزيز بن أبي حازم أخرجه العقيلي (5121).
وخالف هؤلاء الثلاثة زهير بن محمد فأسقط أبا سلمة أخرجه أحمد (25272) وإسحاق في «مسنده» (1743).
• والخلاصة: أن رواية الجماعة بإثبات أبي سلمة أرجح وهي التي أخرجها مسلم ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من عائشة قاله أبو حاتم في «المراسيل» (188) والدارقطني في «العلل» (8/ 414) وكتب شيخنا مع الباحث على الخواجة بتاريخ 18 ربيع أول 1443 موافق 24/ 10/ 2021 م: هل تابع أحد زهير بن محمد بإسقاط أبي سلمة وهل ذكر الواسطة صحيح.
رُقْيَة أهل الكتاب للمسلمين ما لم تكن شركًا
• قال مالك في «الموطأ» (2/ 382) رقم (1468): عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَحِمَةُ اللهُ عَلَيْهِ - دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي، وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقال أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللهِ جَلَّ وَعزَّ.
وتابع مالكًا عبد الرحيم بن سليمان، كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3581).
وتَابَعهما الزُّهْري، كما عند الخرائطي (1105).
ورجاله ثقات، وربما أَخذتْه عَمْرة من عائشة رضي الله عنها؛ فهي مِنْ أثبت الناس فيها، لكن لا نجد رواية لعَمْرة عن أبي بكر، فيكون هذا من قَبيل المرسل، أي: المنقطع.
• ورواه جماعة عن يحيى عن عائشة رضي الله عنها وهم:
1 -
زُهير بن معاوية.
2 -
علي بن مُسْهِر.
3 -
عيسى بن يونس.
4 -
ابن عُيينة.
أخرجها الدارقطني في «سُننه» (3775).
5 -
أبو معاوية، أخرجه البزار (270).
6 -
سفيان الثوري، واختُلف عليه في الرفع والوقف:
• فوَقَفه محمد بن يوسف، أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (19660).
وخالفه أبو أحمد الزبيري فرفعه، أخرجه ابن حِبان (6098).
وتابعه زياد بن الحُبَاب، أخرجه البزار (271).
• وأخرجه البزار (271) من طريق محمد بن بكر البُرْسَانِيّ
(1)
عن شُعبة عن يحيى، به مرفوعًا.
ومحمد بن بكر صدوق يخطئ. وأبو أحمد الزبيري كثير الخطأ في الثوري.
وأورد الوجيهن الدارقطني.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ علاء بن طه: الأكثرون على الوقف. ا هـ. وهو كذلك.
(1)
البُرْسَاني: بضم الباء الموحدة، وسكون الراء، وبعدها السين المهملة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بني بُرْسَان، وهم بطن من الأزد. كما في «الأنساب» (2/ 162) للسمعاني.
العلاج من العين أو الحسد
أولا: الرقية بالمعوذات وفاتحة الكتاب.
ثانيًا: بطلب غسل أو وضوء العائن أو غَسل بعض أعضائه مع طرف ثيايه فمن الأول حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا»
(1)
.
ومن الثاني حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:«كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ»
(2)
.
ومن الثالث قصة والد أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مع عامر بن ربيعة رضي الله عنهما فعن أبي أمامة قال: رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخْبَأَةٍ، فَلُبِطَ بِسَهْلٍ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ؟ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ أَحَدًا؟ قَالُوا: نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامِرًا، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَلَّا بَرَّكْتَ، اغْتَسِلْ لَهُ، فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ،
(1)
أخرجه مسلم رقم (2188).
(2)
أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (3880) - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ به. إسناده صحيح.
وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
(1)
.
- أما حديث أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ، وَعَيْنِ الْإِنْسِ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا، وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ"
(2)
. فضعيف وعلى فرض ثبوته فالأحاديث التي فيها الاغتسال أو الوضوء أصح منه.
وقال الشيخ محمد الإثيوبي في «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» (40/ 45) قوله: (وترك ما سوى ذلك) أي مما كان يتعوذ به من الكلام، غير القرآن؛
(1)
رجاله ثقات لكنه مرسل: رواه الزهري عن أبي أمامة مرسلا واختلف عليه؛ فرواه عنه مالك وسفيان وغيرهما هكذا أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 317). والنسائي (7769) وغيرهما.
وخالفهم ابن أبي ذئب فزاد والد أبي أمامة به موصولا. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25141).
الخلاصة: انتهى شيخنا معي بتاريخ 16/ جمادى الآخرة 1443 موافق 19/ 1/ 2022 م إلى أنها معلة بالإرسال لكن أبا أمامة يروي قصة حدثت لأبيه وهو من كبار التابعين.
(2)
أخرجه الترمذي في «الدعوات» رقم (364) والنسائي (5494) وابن ماجه (3511) وغيرهم من طرق عن سعيد بن سليمان الواسطي عن عباد يعني بن العوام.
وأخرجه الترمذي في «سننه» رقم (2058)، من طريق القاسم بن مالك المزي كلاهما عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد به.
وقال الترمذي: حسن غريب. وصححه العلامة الألباني رحمهم الله.
تنبيه: لم يتبين لي رواية عباد وهو ابن العوام وإن كان ثقة. والقاسم بن مالك قد قال فيه أحمد كان صدوقًا. ووثقه ابن معين في رواية: ما كان به بأس.
لما تضمنتاه من الاستعاذة من كل مكروه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
كتاب الطب
الوقاية خير من العلاج
1 -
قال البخاري في «صحيحه» رقم (3371) - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ المِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ
(1)
، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ».
2 -
قال الترمذي في «سُننه» رقم (2036): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ قَالَ: حَدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا، كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ المَاءَ» .
(1)
أي: ذوات السموم من هوام الأرض كالعقرب والحية. أما (هامة) بتخفيف الميم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ» فيقول الطحاوي فهِيَ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُهُ فِي مَوْتَاهَا إِنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ عِظَامَ الْمَوْتَى تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ حَتَّى ذُكِرَ ذَلِكَ فِي أَشْعَارِهَ.
وتابع إسحاقَ بن محمد على الاتصال محمدُ بن جَهْضَم، كما عند الحاكم (669) وأحمد بن سهل، كما في «معرفة الصحابة» لأبي نُعيم
(1)
.
خالفهم علي بن حُجْر فأرسله، كما في «الترمذي» (2036) وتابع إسماعيلَ بن جعفر الدراوردي فأرسله، ورجحه أبو حاتم في «العلل» .
وقال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد بن إسماعيل البلقاسي، إلى مراجعة «الإصابة» في سماع محمود بن لَبيد من النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: قال ابن حَجَر في «الإصابة في تمييز الصحابة» (6/ 35):
قال البخاري: له صحبة.
ثم ذَكَر له حديثين:
1 -
أسرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم مات سعد بن معاذ، حتى تَقَطَّعَتْ نعالنا.
وهذا ظاهره أنه حضر ذلك. ويحتمل أن يكون أرسله، وأراد بقوله:(نعالنا) مَنْ حَضَر ذلك من قومه من بني عبد الأشهل، ومنهم رهط سعد بن معاذ.
2 -
أتانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، فلما سَلَّم قال:«اركعوا هاتين الرّكعتين في بيوتكم» يعني السُّبحة بعد المغرب.
وقال ابن عبد البر: إن محمود بن لَبيد أسنّ من محمود بن الربيع.
(1)
وتابع إسماعيلَ بن جعفر على الوصل إسماعيلُ بن عياش، كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (4296).
وذَكَر ابن خُزيمة أن محمود بن الربيع هو محمود بن لبيد، وأنه محمود بن الربيع بن لبيد، نُسِب لجده. وفيه بُعد، ولا سيما ومحمود بن لبيد أشهلي من الأوس، ومحمود بن الربيع خزرجي.
وذَكَر ابن حِبان محمودَ بن لبيد في التابعين، فقال: يَروي المراسيل. ثم قال: وذَكَرْتُه في الصحابة لأن له رؤية. وكذا قال، وقد قال لما ذكره في الصحابة: لأن له رؤية. وقال: أكثر روايته عن الصحابة، وأفاد أن أمه بنت محمد بن سلمة.
• تنبيه: هل يقال: (مُرسَلُ صحابي)؟ ويُحرَّر القول في أحاديثه السابقة، مع التفرقة بينه وبين محمود بن الربيع.
الباحث/ محمد إسماعيل، بتاريخ (29) شعبان (1441 هـ) الموافق (22/ 4/ 2020 م).
الحكمة من المرض
• قال الترمذي في «سُننه» رقم (2157): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ
(1)
، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا، كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ» .
وتابع عُمارةَ بن غَزِيَّة عمرُو بن أبي عمرو
(2)
أخرجه أحمد في «الزهد» (24027).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ سيد الدكروني، بتاريخ (6) شوال (1442 هـ) الموافق (18/ 5/ 2021 م) إلى أنه صحيح إلى محمود بن لبيد، ومما يؤيد صحبته صلاة ركعتين.
(1)
وتابع إسماعيلَ بن جعفر بِشر بن المُفضَّل، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (36856).
وخالفهما إسماعيل بن عياش وابن لَهِيعة، فزادا (رافع بن خَديج) بعد محمود بن لبِيد. وتابعهما محمد بن إسحاق، لكن الراوي عنه إسماعيل بن عياش.
(2)
ورواه الحاكم (7671) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو، فزاد أبا سعيد بعد محمود بن لَبِيد.
مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى
• قال الإمام الترمذي في «سُننه» رقم (3431): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبدِ اللهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا! إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ، كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ» .
وعمرو بن دينار مولى آل الزبير ضعيف، وقد اختُلف عليه في الرفع والوقف، وقد تابعه أيوب السَّختياني، واختُلف عليه أيضًا في الرفع والوقف، والرفع من طريق مَعْمَر عنه وفيها ضعف. والوقف من طريق زكريا بن يحيى
(1)
وهو مجهول. وخالفهما الوليد بن عتبة
(2)
فقال: عن محمد بن سُوقَة عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا، أخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (5/ 13) وسنده نازل.
وله شاهد من حديث ابن عمر، أخرجه الترمذي (3717) وفي سنده عبد الله بن عمر العمري، ضعيف.
(1)
أخرجه البزار (5838) والطبراني في «الأوسط» (5324).
(2)
مختلف في نسبته.
وله شاهد آخَر ضعيف، من حديث جابر رضي الله عنه، أخرجه هَنَّاد في «الزهد» (448) موقوفًا. وفي سنده عمرو بن دينار مولى آل الزبير، فرجع إلى حديث ابن عمر السابق.
ورواه يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر، مرفوعًا، ويوسف ضعيف.
وله شاهد ثالث من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه البزار في «مسنده» رقم (6218) وفي سنده عبد الله بن عمر العمري، ضعيف.
فرجع إلى حديث أبي هريرة السابق.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أبي سهل، بتاريخ (22) شعبان (1441 هـ) الموافق (15/ 4/ 2020 م): ضعيف.
فضل عيادة المريض
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (612) - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَعَائِدًا جِئْتَ أَمْ شَامِتًا؟ قَالَ: لَا، بَلْ عَائِدًا. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنْ كُنْتَ جِئْتَ عَائِدًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ» .
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ مالك بن علي بتاريخ 15 جمادى الأولى 1443 موافق 19/ 12/ 2021 م: الصواب أنه موقوف مع أن في سند الموقوف أيضًا ابن نافع ولم يوثقه معتبر.
لا عدوى مؤثرة بنفسها
• قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102] وفي الخبر: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟»
(1)
.
قال النسائي في «سننه» رقم (9233) - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَمَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: الْمَرْأَةُ وَالْفَرَسُ وَالدَّارُ " وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ الْكَلِمَةَ.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ أشرف سلطان: الفقرتان كل منهما صحيحة استقلالا والعطف الذي حدثت فيه المشكلة
…
يونس عن ابن وهب.
• تنبيه: الحديث متفق عليه أخرجه البخاري رقم (5093) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَسَالِمٍ، ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ {: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالفَرَسِ» وأخرجه مسلم رقم (2225) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ به.
وقال البخاري أيضًا: (5753) - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
(1)
أخرجه البخاري (2220) ومسلم (5717).
عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، {: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ ".
وأخرجه مسلم (2225) وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ به.
استحباب التداوي
• قال الإمام أحمد رقم (18454) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ
(1)
، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرُ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقَعَدْتُ، قَالَ: فَجَاءَتِ الْأَعْرَابُ، فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَتَدَاوَى؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَدَاوَوْا
(2)
، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» قَالَ: وَكَانَ أُسَامَةُ حِينَ كَبِرَ يَقُولُ: «هَلْ تَرَوْنَ لِي مِنْ دَوَاءٍ الْآنَ؟» قَالَ: وَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ، هَلْ عَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«عِبَادَ اللَّهِ، وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ إِلَّا امْرَأً اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِمًا ظُلْمًا، فَذَلِكَ حَرِجَ، وَهَلَكَ» قَالُوا: مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «خُلُقٌ حَسَنٌ»
وتابع محمد بن جعفر حفص بن عمر أخرجه أبو داود (3855). وتابع شعبة جماعة - أبو عوانة وسفيان بن عيينة والأجلح والمطلب بن زياد وعلقمة بن مرثد والمسعودي -.
• والخلاصة رجاله ثقات وقال شيخنا مع الباحث د إبراهيم بن يوسف
(1)
لم يرو عن أسامة بن شريك إلا زياد بن علاقة ونحو هذا في «الإلزمات» للدارقطني.
(2)
بفتح الوار الأولى لأن أصل الفعل تداوى معتل بالألف فتحذف ألفه عند الاتصال بواو الجماعة ويبقى فتح ما قبل واو الجماعة ونظيرها تعالَوا وتناهَو. أفاده العلامة الفيومي.
إسناده صحيح. بتاريخ الأحد 29 من ذي الحجة 1442 هـ الموافق 8/ 8/ 2021 م
• أخرج ابن ماجه رقم (3438): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً، إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً» .
وتابع ابنَ مهدي: يحيى بن سعيد، ومُؤمَّل، ومحمد بن كثير. وخالفهم وكيع فوَقَفه. والأرحج الرفع.
وقد تابع سفيانَ ثمانية - ابن عُيينة، وابن أبي رَوَّاد، وهَمَّام، وعلي بن عاصم، وخالد بن عبد الله، وجرير بن عبد الحميد، وعُبَيْدة بن حُمَيْد، وشَريك النَّخَعي - على الرفع.
وأشار الدارقطني في «علله» رقم (958) إلى الاختلاف في الرفع والوقف.
• تنبيه: غالب الطرق فيها: «عَلِمَه مَنْ عَلِمَه، وجَهِلَه مَنْ جَهِلَه» .
• وهذا الإسناد ظاهره الحُسْن.
وله طريق آخر رواه جماعة فيهم ضعف، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن ابن مسعود.
• وأقوى مَنْ روى عنه الثوري، واختُلف عليه في الرفع والوقف والإرسال، وقال أبو حاتم في «العلل» رقم (2255) أَمَّا الثَّوْرِيُّ، فَإِنَّهُ لَا يُسْنِدُهُ [عَنْهُ] إِلَّا الفِرْيَابيُّ، وَلَا أَظُنُّ الثَّوْرِيَّ سَمِعَهُ مِنْ قَيْسٍ، أُرَاهُ مُدَلَّسًا.
• الخلاصة: انتهى شيخنا إلى أن عطاء لا يتحمل، ولفظ:«عَلِمَه مَنْ عَلِمه»
لا إشكال فيه عَقَديًّا ولا غيره.
الضمان في التطبب
• قال ابن ماجه رقم (3466): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَامِنٌ» .
• وعِلته ابن جُريج عن عمرو بن شُعَيْب.
• قال البخاري كما في «العلل الكبير» (ص: 108): ابن جُريج لم يَسمع من عمرو بن شُعَيْب.
• وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن عبد الله، والحُمَيْدي، وإسحاق بن إبراهيم - يحتجون بحديث عمرو بن شُعَيْب، وشُعَيْب قد سَمِع من جَده.
الأدوية المكروهة
• قال أبو داود في «سُننه» رقم (3871): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثيِرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، «أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِهَا» .
• الخلاصة: في سنده (سعيد بن خالد بن قارظ) وثقه النَّسَائي في «الجرح والتعديل» ونقل عنه تضعيفه وقال ابن حجر: فينظر فى أين قال إنه ضعيف. وقال الدارقطني: يحتج به. وذكره ابن حبان في «الثقات» .
• وكَتَب شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم بن عبد الله بن السيد أبو فراج
(1)
: السند يُحَسَّن ويُصحَّح لشواهده
(2)
وعَمَل الناس وجمهورهم عليه.
(1)
وُلد بالمنصورة بمحافظة الدقهلية قَدَّم له شيخنا:
1 -
«زكاة الأموال النقدية» مطبوع.
2 -
«أسباب الأمن في الدنيا والآخرة» تحت الطبع.
(2)
ورد من حديث ابن عمرو، والصواب فيه الوقف. بَحَثه أبو محمد حسان بن عبد الرحيم.
الكي مُنافٍ للتوكل
• وردت في كراهة الكي أو النهي عنه أدلة منها:
1 -
ما أخرجه البخاري (5681) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ» .
• تنبيه: وجه الشاهد ينبغي تحريره.
2 -
حديث السبعين ألفا. أخرجه البخاري (6541) عن ابن عباس {قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ العَشَرَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، هَؤُلَاءِ أُمَّتِي؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قَالَ: هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» وأخرجه مسلم (220) وفيه لفظ شاذة وهي (لا يرقون).
3 -
قال السري بن يحيى في «حديث سفيان الثوري» رقم (143): حدثنا قَبيصة، حدثنا سفيان، عن منصور وليث، عن مجاهد، عن عَقَّار بنِ المغيرة، عن المغيرة بن شُعبة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ اكتوى أو استرقى، فلم يتوكل» .
• الخلاصة: عقار بن المغيرة روى عنه جماعة، ووَثَّقه العِجلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
وقال شيخنا في (18) جمادى الآخرة (1437 هـ): فيه عقار بن المغيرة، لا يَتحمل مثل هذا.
وفي باب تجويز الكي حديث ما أخرجه الترمذي (2050) - حَدثنا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ.
وتابع يزيد بن زريع جرير بن حازم أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (10/ 27).
وخالفهما عبد الرزاق في «المصنف» (19515) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَسْعَدَ بنِ زُرَارَةَ وَبِهِ وَجَعٌ، يُقَالُ لَهُ: الشَّوْكَةُ، فَكَوَاهُ حَوْرَاءَ عَلَى عُنُقِهِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِئْسَ المَيِّتُ لِلْيَهُودِ، يَقُولُونَ: قَدْ دَاوَاهُ صَاحِبُهُ، أَفَلَا نَفَعَهُ.
وتابع معمرًا على الإرسال جماعة - صالح بن كيسان أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (3/ 610) ويونس بن يزيد أخرجه الحاكم (7495) وزمعه بن صالح أخرجه أحمد (17238) وابن جريج في «الطب النبوي» (523) لأبي نعيم.
• الخلاصة: الأكثر على الإرسال وصوبه أبو حاتم في «العلل» (2277): أخطأ فيه معمر إنما هو الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعدًا مرسل. ونحوه الدارقطني. وصوب ابن رجب في «العلل» (2، 603) الإرسال.
وكتب شيخنا مع الباحث محمد بن صلاح المنياوي بتاريخ 23 صفر 1443 موافق 30/ 9/ 2021 م: الصواب مرسل.
وله طرق ضعيفة لإرسالها وللوهم في بعض ألفاظها أوردها الباحث/ أحمد بن علي بتاريخ 29 صفر 1443 موافق 6/ 10/ 2021 م وانتهى شيخنا معه إلى ضعفها ولا تقوى بطرقها لأن أسعد متقدم الوفاة والروايات عنه مرسلة.
• تنبيه أخرج مسلم رقم (2208) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ، قَالَ:«فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ، ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ»
وانظر: «الطب النبوي» للباحث محمد بن إسماعيل البلقاسي. ط دار اللؤلؤة.
الحجامة على الرأس
(1)
.
• قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (3484): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحْتَجِمُ عَلَى هَامَتِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَيَقُولُ:«مَنْ أَهْرَاقَ مِنْهُ هَذِهِ الدِّمَاءَ، فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ لِشَيْءٍ» .
• وتابع الوليدَ بن مسلم أبو مُعَيْدٍ حفص بن غَيْلان، كما في «تهذيب الآثار» (2485).
• وخالفهم زيد بن الحُباب وعبد الله بن صالح وغَسَّان بن الربيع، فقالوا: عَنْ أَبِي هَزَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ
(2)
، أَنَّهُ كَانَ يَحتَجِمُ عَلَى
(1)
وردت الحجامة في وسط الرأس في البخاري (5698) ومسلم (1203) من حديث ابن بُحَيْنة. وكذلك من حديث ابن عباس بلفظ: «احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ» . وهذان الثابتان في مواضع الحجامة في الرأس.
انظر بحث «الصحيح والضعيف المسند في الطب النبوي» (ص: 56 - 60) باحث/ محمد بن إسماعيل أبي حفص، ط/ دار اللؤلؤة.
فائدة: بتاريخ يوم الاثنين (14) صفر (1440 هـ) المُوافِق (24/ 10/ 2018 م): تحديد الأيام في الحجامة (17، 19، 21) لا يصح فيها حديث. قال أبو زُرْعَة: لا يَثبت في كراهة يوم بعينه، ولا في استحباب يوم بعينه - حديث.
(2)
في «جامع التحصيل» (ص: 221) للعلائي: عبد الرحمن بن خالد بن الوليد: قال ابن عبد البر: أَدْرَك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَحفظ عنه ولا سَمِع منه.
وفي «الإصابة» (8/ 46): قال ابن مَنْدَه: له رؤية. قال ابن السَّكَن: يقال: له صُحبة، ولم يَذكر سماعًا ولا حضورًا.
هَامَتِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالُوا: أَيُّهَا الأَمِيرُ، مَا هَذِهِ الحِجَامَةُ؟ فَقالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحْتَجِمُهَا، وَقَالَ:«مَنْ أَهْرَاقَ مِنْهُ هَذِهِ الدِّمَاءَ، فَلَا يَضُرُّهُ أَلَّا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ لِشَيْءٍ» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن أبي بكر، بتاريخ (9) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (22/ 3/ 2021 م): في سنده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وفيه مقال، ولا يَتحمل التفرد بمتن في الأحكام. والله أعلم.
• قلت (أبو أويس):
1 -
ثابت بن ثوبان، وثقه ابن مَعِين وأبو حاتم والعِجْلي.
2 -
عبد الرحمن بن ثابت مُختلَف فيه:
فقال فيه أبو زُرْعَة: ليس به بأس. وكذا قال علي بن المديني والعِجلي وابن مَعِين في رواية.
وقال ابن عَدِيّ: يُكتَب حديثه على ضعفه، وأبوه ثقة.
بينما قال الإمام أحمد: أحاديثه مناكير
(1)
.
وقال أبو داود: في حديثه لِين. وكذا ابن مهدي.
وضَعَّفه النَّسَائي وابن مَعِين في رواية
…
وثَم أقوال أُخَر.
(1)
وغَمَز في روايته عن أبيه عن مكحول - صالح بن محمد البغدادي.
الكماة شفاء للعين
• أَخْرَج الإمام أحمد (8002) من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ
(1)
، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ
(2)
، وَالْعَجْوَةُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ» وعِلته شهر بن حَوْشَب.
(1)
الْكَمْأَةُ فَبِفَتْحِ الْكَافِ، وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ. كما في «شرح النووي على مسلم» (14/ 4).
وفي «كشف المشكل من حديث الصحيحين» (1/ 257): قوله: «مِنَ الْمَنّ» فيه ثلاثة أقوال:
أَحدهن: مِنْ الذي أُنزلَ على بني إسرائيل.
والقول الثاني: أنها مما مَنَّ الله عز وجل به من غير بذر ولا تعب، كما مَنَّ على بني إسرائيل بالمن.
والثالث: أنها مِنْ المَنّ الذي يَسقط على الشجر في بعض البلاد، يُشْبِه طعمه طعم العَسَل فيُجْمَع، وهو معروف من نبات الأرض، والعرب تسميه (جدري الأرض) فسَمَّاه الشارع مَنًّا، أي: طعامًا بغير عمل.
(2)
قال الغافقي في «المفردات» كما في «فتح الباري» (10/ 165): ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين، إذا عُجن به الإثمد واكتُحل به فإنه يقوي الجفن ويَزيد الرُّوح الباصرحِدة وقوة، ويَدفع عنها النوازل.
وقال النووي: الصواب أن ماءها شفاء للعين مطلقًا، فيُعْصَر ماؤها ويُجْعَل في العين منه. قال: وقد رأيتُ أنا وغيري في زماننا مَنْ كان عمي وذهب بصره حقيقة، فكَحَل عينه بماء الكمأة مجردًا، فشُفي وعاد إليه بصره، وهو الشيخ العدل الأمين الكمال بن عبد الدمشقي صاحب صلاح ورواية في الحديث، وكان استعماله لماء الكمأة اعتقادًا في الحديث وتبركًا به، فنَفَعه الله به.
ورواه عَبَّاد بن منصور، عن القاسم بن محمد، عن أبي هريرة.
• أخرجه ابن أبي شيبة (23478) وعَبَّاد ضعيف.
• وأقوى طريق لهذا المتن: ما رواه جماعة: إبراهيم بن مرزوق، كما في «شرح مُشْكِل الآثار» (5675) ومحمد بن بشار، كما عند البزار (7949) وآخرون، كلهم عن سعيد بن عامر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، به.
• وظاهر إسناده الحُسْن، لكن سُئِل يحيى بن مَعين عن محمد بن عمرو، فقال: ما زال الناس يتقون حديثه.
قيل له: وما عِلة ذلك؟
قال: كان يُحَدِّث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه، ثم يُحَدِّث به مرة أخرى عن أبي سلمة، عن أبى هريرة.
وسُئِل ابن حنبل عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، فقال لي: ربما رَفَع بعض الحديث، وربما قَصَّر به، وهو يحتمل، ويحيى بن سعيد أثبتُ حديثًا منه.
• لكن قال شيخنا مع الباحث/ محمد بن إسماعيل بن السيد البلقاسي
(1)
: لا يَتحمل محمد بن عمرو هذا المتن.
وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعًا، أخرجه الطحاوي (5673)، وفي سنده ابن أبي رَوَّاد، ضعيف.
(1)
وُلد بتاريخ (1/ 10/ 1980 م) حاصل على كلية علوم و «معهد قراءات» .
رَاجَع له شيخنا وقَدَّم له:
1 -
«الصحيح والضعيف المسند في الطب النبوي» ط/ دار اللؤلؤة.
2 -
«العسل دراسة حديثية» ط/ دار اللؤلؤة.
• وله شاهد من حديث جابر، أخرجه الطحاوي (5680) وفي سنده محمد بن عيسى العبدي، منكر الحديث، ويأتي بعجائب عن ابن المنكدر.
وله سند آخر كما في «الكامل» لابن عَدي، لكن فيه المنذر بن أبي زياد، كذاب.
• تنبيه: القَدْر الأول من الحديث في «البخاري» و «مسلم» .
وأما كون العجوة شفاء من السم، فهو المُستغرَب.
ووردت زيادة شاذة تَفَرَّد بها يزيد بن هارون، مُخالِفًا الجماعة - عن شعبة:«العجوة من الجنة» .
أخرجه أبو عَوَانة، وهي من زيادات «المُستخرَج على الصحيحين» .
والخبر في «الصحيحين» عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» .
• وتابع شُعبةَ جماعةٌ، فلم يأتوا بها.
وكذلك تابع سهلُ بن كُهَيْل عبدَ الملك بن عُمَيْر بدونها، كما عند البزار.
الحُمَّى من فَيْح جهنم
• ورد في البخاري (5723) ومسلم (2209) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ» .
ومن حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري (5725) ومسلم (2210).
ومن حديث رافع بن خَديج رضي الله عنه، أخرجه البخاري (5726) ومسلم (2212) وغيرهما.
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنه، من طريق همام على ثلاثة أوجه:
1 -
كرواية هؤلاء مطلقة، كما عند الحاكم (8228).
2 -
مُقيَّدة بماء زمزم، أخرجه أحمد (2649).
3 -
على الشك «فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ - أَوْ قَالَ: بِمَاءِ زَمْزَمَ -» شَكَّ هَمَّامٌ. أخرجه البخاري (3261).
• الخلاصة: الحديث ثابت (أَبرِدوها بالماء) لكن التقييد بماء زمزم اختُلف فيه على همام.
الباحث/ عبد المنعم بن راضي البحراوي. بتاريخ الثلاثاء (20) شوال (1442 هـ) المُوافِق (1/ 6/ 2021 م).
تسمية الحمى بأم ملدم
• قال الإمام أحمد رقم (14393) - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَتِ الْحُمَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: أُمُّ مِلْدَمٍ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا إِلَى أَهْلِ قُبَاءَ، فَلَقُوا مِنْهَا مَا يَعْلَمُ اللَّهُ، فَأَتَوْهُ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ:«مَا شِئْتُمْ؟ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أَدْعُوَ اللَّهَ لَكُمْ فَيَكْشِفَهَا عَنْكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَكُونَ لَكُمْ طَهُورًا» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَتَفْعَلُ؟ قَالَ:«نَعَمْ» ، قَالُوا: فَدَعْهَا.
وتابع أبا معاوية يعلى بن عبيد أخرجه أبو يعلى (2319) وغيره.
وتابعهما سفيان الثوري أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» (1023) وجرير أخرجه ابن حبان (2935) وغيره.
وخالف هؤلاء يعلى بن عبيد كما عند أحمد (27127) وإسحاق في «مسنده» (2384) فقال عن الأعمش عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ طَارِقٍ، مَوْلَاةِ سَعْدٍ قَالَتْ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدًا فَاسْتَأْذَنَ، فَسَكَتَ سَعْدٌ، ثُمَّ أَعَادَ فَسَكَتَ، ثُمَّ أَعَادَ فَسَكَتَ، فَانْصَرَفَ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَنِي سَعْدٌ إِلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ تَزِيدَنَا، فَسَمِعْتُ صَوْتًا بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ وَلَا أَرَى شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا أُمُّ مِلْدَمٍ، فَقَالَ: لَا مَرْحَبًا بِكِ، وَلَا أَهْلا، أَتُهْدَيْنَ إِلَى قُبَاءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: ائْتِيهِمْ. وتابعه أبو إسحاق الفزاري أخرجه ابن أبي الدنيا في «المرض والكفارات» (148).
وخالفهما جرير كما عند الطبراني (350) فقال عن الأعمش عن جعفر بن يزيد به (وجعفر لا يعرف).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ سلمان بن عبد المقصود الكردي بتاريخ الاثنين 15 محرم 1443 موافق 23/ 8/ 2021 م: متن غريب لا يتحمل مع معارضة المتن لحديث: «اللهم انقل حماها إلى الجحفة»
(1)
.
(1)
في البخاري رقم (5677) وفيه: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ» ومسلم (1376) وفيه: «وَحَوِّلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ» .
تفسير الصداع
• قال الإمام أحمد رقم (8395): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَخَذَتْكَ أُمُّ مِلْدَمٍ قَطُّ؟» قَالَ: وَمَا أُمُّ مِلْدَمٍ؟ قَالَ: «حَرٌّ يَكُونُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ» قَالَ: مَا وَجَدْتُ هَذَا قَطُّ. قَالَ: «فَهَلْ أَخَذَكَ الصُّدَاعُ قَطُّ؟» قَالَ: وَمَا الصُّدَاعُ؟ قَالَ: «عُرُوقٌ تَضْرِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي رَأْسِهِ» قَالَ: مَا وَجَدْتُ هَذَا قَطُّ. قَالَ: فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا»
(1)
.
وتابع محمدَ بن بِشر جماعةٌ - عَبْدة بن سليمان، وأبو بكر بن عياش، وعمرو بن خليفة، وسعيد بن يحيى اللخمي، وخالد بن الحارث، وسعيد بن
(1)
قال ابن حِبان عقبه: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا» لَفْظَةُ إِخْبَارٍ عَنْ شَيْءٍ، مُرَادُهَا الزَّجْرُ عَنِ الرُّكُونِ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَقِلَّةِ الصَّبْرِ عَلَى ضِدِّهِ.
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ الْعِلَلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَالْغُمُومِ وَالْأَحْزَانِ سَبَبَ تَكْفِيرِ الْخَطَايَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ صلى الله عليه وسلم إِعْلَامَ أُمَّتِهِ أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكَادُ يَتَعَرَّى عَنْ مُقَارَفَةِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي أَيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ وَإِيجَابِ النَّارِ لَهُ بِذَلِكَ، إِنْ لَمْ يَتَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ.
فَكَأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مُرْتَهَنٌ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ، وَالْعِلَلُ تُكَفَّرُ بَعْضُهَا عَنْهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، لَا أَنَّ مَنْ عُوفِيَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
عامر -.
وتابع أبا سلمة سعيدُ بن أبي سعيد المقبري، أخرجه أحمد (8794) وفي سنده أبو معشر نَجيح، ضعيف.
• قلت (أبو أويس): ظاهر سند محمد بن عمرو الحُسن، لكن أورد البزار عقبه حديث:«إن هذه ضجعة لا يحبها الله» من المَخرج نفسه. وهذا الثاني قال فيه أبو حاتم في «العلل» رقم (2186): له علة.
• ثم أورد له الباحث شواهد، منها حديث أنس، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5905) وفي سنده الحسن بن أبي جعفر، متروك.
وقصة أم مِلْدَم لها شاهد من حديث أُبَيّ رضي الله عنه، أخرجه أحمد (21282) وفي سنده جهالة.
وشاهدٌ آخَر أشار البيهقي إليه في «شُعَب الإيمان» (12/ 308) وأورده ابن بَطَّال، ولم يقف عليه الباحث متصلًا هاكه:
وروى زيد بن أبي أُنَيْسَة، عن عمرو بن مُرَّة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: جاء رجل مُصِحٌّ إلى النبي عليه السلام، فقال له رسول الله:«أصابتك أُم مِلْدَم قط؟» قال له: لا يا رسول الله. فلما ولى الرجل قال لهم رسول الله: «مَنْ سَرَّه أن يَنظر إلى رجل من أهل النار، فليَنظر إلى هذا» كما في «شرح صحيح البخاري» لابن بَطَّال (9/ 391).
وشاهد آخَر من مرسل زيد بن أسلم، ذكره البيهقي في «شُعب الإيمان» (12/ 308) قائلا: وَمِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ عبد الرحمن بن صالح
(1)
بتاريخ الثلاثاء (13) شَوَّال (1442 هـ) الموافق (25/ 5/ 2021 م): تَفرُّد محمد بن عمرو مُقلِق، ولا نُراه يَتحمل مثل هذا المتن.
(1)
وُلد بقرية منشأة عباس، مركز سيدي سالم، بمحافظة كفر الشيخ.
حاصل على بكالوريوس تربية.
يناقش أحاديث الفتن بخاصة موقعتي الجَمَل وصِفين، من مقتل عثمان إلى مقتل علي {.
كيفية علاج الالتهاب الحلقي
(1)
• قال الإمام أحمد رقم (14385): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، الْمَعْنَى
(2)
، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ - قَالَ ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ: دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ بِصَبِيٍّ يَسِيلُ مَنْخِرَاهُ دَمًا - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي حَدِيثِهِ، وَعِنْدَهَا صَبِيٌّ يَثْعَبُ مَنْخِرَاهُ دَمًا. قَالَ: فَقَالَ: «مَا لِهَذَا؟!» قَالَ: فَقَالُوا: بِهِ الْعُذْرَةُ. قَالَ: فَقَالَ: «عَلَامَ تُعَذِّبْنَ أَوْلَادَكُنَّ؟! إِنَّمَا يَكْفِي إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَأْخُذَ قُسْطًا هِنْدِيًّا، فَتَحُكَّهُ بِمَاءٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تُوجِرَهُ إِيَّاهُ» - قَالَ ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ: ثُمَّ تُسْعِطَهُ إِيَّاهُ - فَفَعَلُوا فَبَرَأَ. وتابع أبا سفيان أبو الزبير، كما عند النَّسَائي (7540).
وله طريقٌ آخَر من مَخرج متسع عند البزار، كما في «كشف الأستار» (3024) وفي سنده المسعودي، صدوق مختلط، وإن كان روى عنه عبد الله بن
(1)
أخرج البخاري (5696): عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الحَجَّامِ، فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ، وَقَالَ:«إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، وَالقُسْطُ البَحْرِيُّ» وَقَالَ: «لَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ» ومسلم (1577).
(2)
وتابعهما جمع من الرواة: يعلى ومحمد ابنا عُبيد، وعيسى بن يونس، وجَرير، به.
وخالفهم أبو معاوية فذَكَر (أُم سلمة) بدل (عائشة) {. وقال أبو حاتم (2491): إنما يروون عن أبي سفيان عن جابر.
رجاء قبل الاختلاط، إلا أن أبا زُرْعَة قال: أحاديث المسعودي مضطربة، ويَهِم كثيرًا في غير القاسم ومَعْن بن عبد الرحمن.
• الخلاصة: السند الأول صحيح، وكَتَب شيخنا مع الباحث/ محمد بن إسماعيل البلقاسي، بتاريخ (29) شعبان (1441 هـ) الموافق (22/ 4/ 2020 م) على الشاهد: سنده ضعيف، وأَلْمَح إلى مراجعة الأول لكونه على شرط مسلم.
علاج ذات الجنب
(الالتهاب الرئوي أو الكبدي أو الكلوي)
1 -
قال البخاري في صحيحه رقم (5718): حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا قَدْ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ، فَقَالَ:«اتَّقُوا اللَّهَ، عَلَى مَا تَدْغَرُونَ أَوْلَادَكُمْ بِهَذِهِ الأَعْلَاقِ، عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ»
2 -
قال الترمذي في «سننه» رقم (2079) - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ البَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَدَاوَى مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ بِالقُسْطِ البَحْرِيِّ وَالزَّيْتِ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَقَدْ رَوَى عَنْ مَيْمُونٍ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الحَدِيثَ وَذَاتُ الجَنْبِ: يَعْنِي السِّلَّ
وتابع خالد الحذاء عبد الرحمن بن ميمون أخرجه ابن ماجه رقم (3467).
• الخلاصة إسناده ضعيف؛ لضعيف ميمون أبي عبد الله وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وكتب شيخنا مع الباحث محمود بن عبد الفتاح الكفراوي
بتاريخ 23 صفر 1443 موافق 30/ 9/ 2021 م: لكن هل للحديث شواهد أم لا ابحث وفقك الله.
نقل الأعضاء من الحي أو الميت
• اختُلف في هذه المسألة بين المعاصرين على قولين في الجملة:
الأول: جواز نقل الأعضاء غير التناسلية من كامل الأهلية.
ومِن أشهر أدلته عموم قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] وقوله جل ذكره: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] وكل أدلة رفع الحرج. وحديث جابر {مرفوعًا: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ، فَلْيَفْعَلْ» أخرجه مسلم (2199).
الثاني: عدم الجواز.
ودليله قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فكما لا يَجوز إهلاك النفس، فمِن باب أَوْلَى لا يَجوز إهلاك العضو. {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وهذا ينافي التكريم.
وحديث أسماء قالت: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الحَصْبَةُ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا، أَفَأَصِلُ فِيهِ؟ فَقَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ» أخرجه البخاري (5941) ومسلم (2122).
وحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا»
(1)
أخرجه أبو داود (3207) واختُلف في رفعه ووقفه، والوقف أرجح، قال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 149):«وغير مرفوع أكثر» .
• تنبيه: لما عَرَض الباحث المسألة على شيخنا، طَلَب اختياره، فقال: أَمهِلني حتى أصيغها صياغة مناسبة.
انظر: «موسوعة أحكام الطبيب والنوازل الطبية المعاصرة» للباحث محمد بن محمد بن محمد أبو عسكرية
(2)
وانظر كذلك: «البنوك الطبية البشرية، وأحكامها الفقهية» د. إسماعيل مرحبا. و «الأمراض الوراثية وأحكامها الفقهية» د. هيلة اليابس. و «أحكام نقل الأعضاء في الفقه الإسلامي» د. يوسف الأحمد.
(1)
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (8/ 279): كلام عام يراد به الخصوص لإجماعهم على أن كسر عظم الميت لا دية فيه ولا قود فعلمنا أن المعنى ككسره حيا في الإثم لا في القود ولا الدية لإجماع العلماء على ما ذكرت لك.
(2)
وُلد بمركز بسيون، بمحافظة الغربية، بتاريخ (27/ 10/ 1992 م) حاصل على بكالوريوس تجارة بتقدير جيد جدًا.
يَعرض على شيخنا مسائل فقهية من هذه الموسوعة،، له من المؤلفات:
1 -
«البداية في القواعد الفقهية» ط/ ابن رجب.
2 -
«الجامع لأحكام الاستنساخ» تحت الطبع.
3 -
«حُكْم اختبارجنس الجنين» تحت الطبع.
استخراج السحر من العلاج
• قال الإمام البخاري رقم (2189): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ، يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ.
قَالَتْ: حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ، وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ: ذَاتَ لَيْلَةٍ - دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ دَعَا، ثُمَّ دَعَا، ثُمَّ قَالَ:"يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ جَاءَنِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ - أَوْ: الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي -: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قَالَ: وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ".
قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ:«يَا عَائِشَةُ، وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» .
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ؟ قَالَ:«لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ» .
• الخلاصة: مع الباحث/ محمود بن ربيع، بتاريخ (25) ربيع الآخِر (1443 هـ). (30/ 11/ 2021 م): لفظة: «أفلا أحرقته» شاذة، والصواب رواية البخاري، وأشار مسلم إلى إعلالها.
• تنبيه: قال شيخنا - حفظه الله - تَرِد أسئلة كثيرة الآن في عدد من المحافظات، عن إخراج السِّحر من القبور. وحرمة المؤمن ميتًا أَوْلى من فتح القبر عليه.
كتاب اللباس
فضل الثياب البياض
• قال أبو داود في «سننه» رقم (3878) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ: يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ» .
تابع زهيرا خلق - داود بن عبد الرحمن كما عند النسائي في «الكبرى» (9344) وعبد الله بن رجاء كما عند ابن ماجه (1472) وحماد بن سلمة وأبو عوانة وروح بن القاسم وشجاع بن الوليد ووهيب أخرجه أحمد (3035) وابن حبان (5423) والمسعودي أخرجه أحمد (3342) وبشر بن المفضل وزائدة وابن جريج أخرجه عبد الرزاق (6201) وسفيان أخرجه الحميدي (530) -.
وخالفهم معمر فأوقفه أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (6200).
ورواه ثلاثة
(1)
عن ابن عباس بأسانيد ضعيفة جدًّا:
(1)
الثلاثة: عمرو بن دينار أخرجه الطبراني (11201) وفي سنده حمزة النصيبي متروك.
وعطاء أخرجه الآجري في «الشريعة» (928) وفي سنده هشام بن زياد متروك.
عكرمة أخرجه الترمذي في «السنن» (1757) وفي «العلل الكبير» (528) غيره وفي سنده عباد بن منصور ضعيف ولم يسمع من عكرمة.
• الخلاصة: مداره على عبد الله بن عثمان بن خثيم أبي عثمان المكي (ت/ 133) روى عنه (34) نفسًا من أشهرهم السفيانان وابن علية ومعمر ووهيب وبشر بن المفضل
…
إلخ. قال ابن سعد: ثقة وله أحاديث حسان. وقال أبو حاتم: ما به بأس صالح الحديث. وقال أحمد: ليس به بأس. وقال ابن عدي: عزيز الحديث وأحاديثه حسان.
واختلف فيه قول ابن معين (ثقة حجة)(ليس به بأس)(أحاديثه ليست بالقوية) وكذلك النسائي (ثقة)(ليس بالقوي)(لين الحديث)(منكر الحديث).
وضعفه الدارقطني: وقال ابن المديني: منكر الحديث. وقال ابن حبان: يخطيء. وقال ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (2/ 380): ابن خثيم احتج به مسلم ووثقه جماعة وقال الدارقطني ضعيف لينوه لهذا الحديث. وكتب شيخنا مع الباحث السيد البدوي بتاريخ الخميس بتاريخ 4 محرم 1442 موافق 12/ 8/ 2021 م: إذا انفرد ابن خثيم بحديث في الأحكام يتوقف في أمره. والله أعلم. ا هـ
(1)
.
ثم أورد الباحث شواهد دون الإثمد منها ما أخرجه أحمد في «مسنده» (20235) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَرَوْحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيَاضِ، فَيَلْبَسُهُ أَحْيَاؤكُمْ، وَقَالَ رَوْحٌ: فَلْيَلْبَسْهُ أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ» وتابع
معمرا
(1)
ثم عرضه الباحث أحمد بن عيد بتاريخ الاثنين 7 ربيع الآخر 1443 موافق 15/ 11/ 2021 م: السند يحسن ما لم يخالف.
سعيد بن أبي عروبة أخرجه النسائي (1886) خالفهما جماعة فأسقطوا أبا المهلب.
وتابعهم على الإسقاط متابعة قاصرة خالد الحذاء أخرجه أحمد (20105).
وتابع أبا قلابة ميمون بن شبيب لكنه لم يسمع من سمرة.
ومنها ما أخرجه البزار رقم (6663) من طريق أَشْعَث، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَأَظُنُّهُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِثِيَابِ الْبَيَاضِ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» .
وقال: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَس إلاَّ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ وَمَنْصُورٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ انْتَقَلَ إِلَى وَاسِطَ وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ.
وشيخ البزار هارون بن سفيان المستملي رجل قديم مَشْهُور مَعْرُوف عِنْده عَنْ أَبى عبد الله مسَائِل كَثِيرَة وَمَات لم يحدث بهَا قاله أبو بكر الخلال. وأشك الحسن.
ومنها عن ابن عمر وفي سنده كذاب وأبي الدرداء وفي سنده متروك وعمران بن حصين وفي سنده مجهول وعائشة}.
• قلت أبو أويس: والخبر بهذا الطرق يرتقى للحسن بشواهد سمرة وأنس وعمران} والله أعلم.
الثوب الأحمر
• قال النسائي في «سننه» رقم (5266) - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«نُهِيتُ عَنِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَأَنْ أَقْرَأَ وَأَنَا رَاكِعٌ» .
وخالف محمد بن الوليد عمرو بن علي فلم يذكر: «نُهِيتُ عَنِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ» أخرجه مسلم (481).
ومما يرجح رواية محمد بن الوليد بالزيادة متابعة وهب بن جرير - وهو مختلف فيه - لمحمد بن جعفر أخرجه أبو عوانة (1835).
ومما يؤيد رجحان الزيادة المتابعات القاصرة بدونها عبد الله بن معبد عن ابن عباس أخرجه مسلم (479).
ومما يؤيد ذلك بقوة أن محمد بن المنكدر وإبراهيم بن عبد الله روايا الحديث عن عبد الله بن حنين تارة عن ابن عباس عن علي وأخرى بإسقاط ابن عباس وبدون الزيادة أخرجه مسلم (480).
وورد النهي عن الثوب الأحمر من حديث رافع بن خديج أخرجه أبو داود (4070) وعلته فيه رجل من بني حارثة مجهول العين.
وورد من حديث ابن عمرو أخرجه أبو داود (4069) وفي سنده أبو يحيى القتاد ضعيف.
وورد من حديث امرأة من بني أسد أخرجه أبو داود (4071) وفيه حريث السليحي مجهول وضمضم ضعيف.
وورد من حديث رافع بن يزيد الثقفي أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7708) وفيه أبو بكر الهذلي متروك.
ومن حديث عمران بن حصين أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (14752) وفيه الحسن لم يسمع من عمران. وفي بعض طرقه سعيد بن بشر منكر الحديث.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمد أبو عسكرية: لا يصح في النهي عن الثوب الأحمر حديث. والله أعلم، بتاريخ 15 من ذي القعدة 1442 موافق 25/ 7/ 2021 م.
المزرر بالذهب من الثياب
• قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18927) - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةٌ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا مِسْوَرُ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّهُ قَسَمَ أَقْبِيَةً، فَانْطَلَقْنَا، فَقَالَ: ادْخُلْ، فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَدَخَلْتُ فَدَعَوْتُهُ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، قَالَ:«خَبَأْتُ لَكَ هَذَا يَا مَخْرَمَةُ» قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: رَضِيَ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
وتابع هاشم بن القاسم عبد الله بن صالح كاتب الليث أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3046) وابن زانجويه في «الأموال» (909) وعلقه البخاري عقب (6645) وفيه: «فَدَعَوْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٍ بِذَهَبٍ» .
وخالفهما خمسة - قتيبة بن سعيد كما عند البخاري (2599) و (5800)، والنسائي (5324). ويزيد بن خالد معطوف على قتيبة أخرجه أبو داود (4028). وعبد الله بن وهب أخرجه ابن حبان (4818) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3044) وشعيب بن الليث أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3045) ويزيد بن موهب أخرجه ابن حبان (4817) - فلم يذكروا الذهب وروايتهم أرجح.
ورواه أيوب بن أبي تميمة السختياني واختلف عليه فرواه حاتم بن وردان كرواية الجماعة موصولا دون الشاهد أخرجه البخاري (2657) ومسلم (1085) وغيرهما.
وخالفه حماد بن زيد فأرسله وأتى بوجه الشاهد أخرجه البخاري (3127) وابن سعد في «الطبقات» (117) وابن زنجويه في «الأموال» (908).
وتابعه ابن علية أخرجه البخاري (6132) وابن سعد في «الطبقات» (116) وروايتهما بالإرسال والشاهد أصح.
وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (3/ 387): رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ حَمَّادٍ، هَكَذَا مُرْسَلًا. وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ مَوْصُولًا، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الدِّيبَاجِ وَالْأَزْرَارِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَاهُ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الدِّيبَاجِ وَالْأَزْرَارِ.
• والخلاصة: أن الأصح من طريق الليث بن سعد الوصل دون وجه الشاهد والأصح من طريق أيوب الإرسال بوجه الشاهد وعليه فزيادة (مزررة بالذهب) مرجوحة لدي. وقال الدارقطني في «العلل» (3152) بعدما حكى الخلاف: وهو صحيح من حديث ابن أبي مليكة عن المسور.
بينما يرى شيخنا معي اعتماد طريق هاشم بن القاسم عند أحمد بالزيادة. بتاريخ الخميس 25 محرم 1443 موافق 2/ 9/ 2021 م. ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث حمزة بن عبد المقصود الكردي بتاريخ 30 محرم 1443 موافق
7/ 9/ 2021 م فكتب: على العموم والله أعلم أن رواية مزررة بالذهب تصح لأمور ثلاثة:
1 -
رواية هاشم بن القاسم.
2 -
إحدى الروايات عن عبد الله بن صالح.
3 -
الرواية المرسلة.
4 -
لا تعارض.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 315): قَوْلُهُ: «فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٍ بِالذَّهَبِ» هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ فَلَمَّا وَقَعَ تَحْرِيمُ الْحَرِير وَالذَّهَب على الرِّجَال لم يبْق فِي هَذَا حُجَّةً لِمَنْ يُبِيحُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّحْرِيمِ فَيَكُونَ أَعْطَاهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ بِأَنْ يَكْسُوَهُ النِّسَاءَ أَوْ لِيَبِيعَهُ كَمَا وَقع لغيره وَيكون مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ» أَيْ عَلَى يَدِهِ فَيَكُونُ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ.
صفة الكُم
• قال أبو داود في «سُننه» رقم (4027): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ:«كَانَتْ يَدُ كُمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّسْغِ» .
وخالف الدَّسْتُوائيَّ موسى بن ثَرْوان فأرسله، أخرجه إسحاق في «مسنده» رقم (2285): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أَبُو الْخَطَّابِ، نَا مُوسَى بْنُ ثَرْوَانَ الْمُعَلِّمُ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ:«كَانَ كُمُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّصْغِ»
(1)
.
• وتَابَع محمدَ بنَ سَوَاء وكيع، كما عند أحمد في «الزهد» رقم (24)، وابن أبي شيبة في «المصنف» رقم (24851).
• وتَابَعهما محمد بن ربيعة كما في «الطبقات» (1323) لابن سعد.
• وتَابَعهما النَّضْر بن شُمَيْل، كما عند النَّسَائي (9667).
• والخلاصة: الصواب الإرسال، وفي الوصل شَهْر بن حَوْشَب، ضعيف.
واستغربه الدارقطني.
(1)
لغة في (الرُّسْغ) وهو المَفصِل بين الساعد والكف.
وفي «المصباح المنير» (1/ 226) الرُّسْغُ: مِنْ الْإِنْسَانِ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَالْقَدَمِ إلَى السَّاقِ وَضَمُّ السِّينِ لِلْإِتْبَاعِ لُغَةٌ وَالْجَمْعُ أَرْسَاغٌ.
• وانتهى شيخنا مع الباحث كريم بن محمد - إلى ضعفه، وطلب بحثًا للرواة عن شهر.
• وورد من حديث أنس، كما عند البزار (1173)، وأبي الشيخ في «الأخلاق» (246).
وفي سنده محمد بن ثعلبة، لم يُتابِعه عليه أحد. قاله البزار.
إِزْرَة المؤمن
• وردت فيها أخبار فيها ضعف
(1)
وأسلمها ما أخرجه النسائي في «سننه الكبرى» رقم (9827) - أَخبَرنا عَليُّ بْنُ حُجْرٍ، عَنْ إِسمَاعِيلَ، عَنِ العَلاءِ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ، لا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، فَمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَفِي النَّارِ، لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» .
• الخلاصة: إسناده حسن على اختلاف كبير في طرقه على العلاء بن عبد الرحمن ورجح الدارقطني وابن عدي كونه من مسند أبي سعيد وقال سفيان
(1)
منها ما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (23087): حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ قُرْمٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ عَمَّتِهِ رُهْمٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ خَلَفٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَأَنَا شَابٌّ مُتَأَزِّرٌ بِبُرْدَةٍ لِي مَلْحَاءَ، أَجُرُّهَا، فَأَدْرَكَنِي رَجُلٌ فَغَمَزَنِي بِمِخْصَرَةٍ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ:«أَمَا لَوْ رَفَعْتَ ثَوْبَكَ، كَانَ أَبْقَى وَأَنْقَى» .
فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ. قَالَ:«وَإِنْ كَانَتْ بُرْدَةً مَلْحَاءَ، أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٍ؟» فَنَظَرْتُ إِلَى إِزَارِهِ، فَإِذَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَتَحْتَ الْعَضَلَةِ.
تابع سليمانَ بن قُرْم جماعة - حَجاج أبو الجواب، وأبو عَوَانة، وشيبان، وشُعبة، وأبو الوليد -.
الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث جمعة بن محمود الفيومي، إلى أن في سنده رُهْم بن الأسود، وهو لا يُعْرَف.
الثوي كما «العلل» للدارقطني: ليس في الإزار مثل هذا. بينما ذهب الذهلي إلى حفظ الوجهين: وكتب شيخنا مع الباحث/ أشرف سلطان بتاريخ يوم عرفة 1442 موافق 19/ 7/ 2021 م: الاختلاف قائم وينظر هل لأبي هريرة أحاديث أخرى في الباب أم لا.
وتراجع العلل لمزيد البحث وتنظر المتون.
• قلت: انظر «الإنصاف في حكم الإسبال» لأخينا الباحث/ محمود بن محمد أبو زيد.
تَشَبُّه الرجال بالنساء
• قال البخاري في «صحيحه» رقم (5885): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {، قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» .
تَابَعَ غندرًا جماعةٌ: يحيى بن سعيد، وحَجاج، وخالد بن الحارث، ومُعاذ، وعَمْرو.
وقال البخاري أيضًا رقم (5886): حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ:«أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» قَالَ: فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فُلَانًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا.
وتابع معاذًا: مسلم بن إبراهيم، وإسماعيل، ويحيى، ويزيد، ووَهْب بن جَرير، وبِشْر بن المُفَضَّل.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (2801): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ».
وهذا العطف بجمع طرق الحديث ظهر به خلل في السند والمتن.
فقد قال ابن حجر
(1)
: وَكَأَنَّ أَبَا دَاوُدَ حَمَلَ رِوَايَةَ هِشَامٍ عَلَى رِوَايَةِ شُعْبَةَ؛ فَإِنَّ رِوَايَةَ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ هِيَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَرِوَايَةَ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى هِيَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَبُو دَاوُدَ فِي «السُّنَنِ» كِلَاهُمَا عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أشرف بن سلطان، بتاريخ (25) ربيع الآخِر (1443 هـ) الموافق (30/ 11/ 2021 م):
1 -
خلل في السند من جَرَّاء العطف، إذ جعل رواية هشام وشعبة كلتيهما عن قتادة.
2 -
خطأ في المتن.
(1)
«فتح الباري» (10/ 334).
ألوان ثياب النساء
• عموم قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32].
1 -
لُبْس الأخضر، فعَنْ عِكْرِمَةَ
(1)
أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ القُرَظِيُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى المُؤْمِنَاتُ! لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا.
قَالَ: وَسَمِعَ أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ، إِلَّا أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّي مِنْ هَذِهِ! وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا، فَقَالَ: كَذَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ! وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ، تُرِيدُ رِفَاعَةَ!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ تَحِلِّي لَهُ - أَوْ: لَمْ تَصْلُحِي لَهُ - حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ» .
قَالَ: وَأَبْصَرَ مَعَهُ ابْنَيْنِ لَهُ، فَقَالَ:«بَنُوكَ هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «هَذَا الَّذِي تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ، فَوَاللَّهِ، لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنَ الغُرَابِ بِالْغُرَابِ»
(2)
.
(1)
ثلاثة أحاديث في البخاري لعكرمة عن عائشة، وأَثْبَتَ السماع قوم، ونفاه آخرون.
(2)
أخرجه البخاري (5825) ومسلم (1433) دون وجه الشاهد.
2 -
الثياب المصبوغة، كما في قصة فاطمة في الحج: «وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا
(1)
، وَاكْتَحَلَتْ»
(2)
.
3 -
قصة الوشاح، ولونه أحمر كما في إحدى الروايات، أخرجها البخاري (439) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ العَرَبِ، فَأَعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ مَعَهُمْ.
قَالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ.
قَالَتْ: فَوَضَعَتْهُ - أَوْ: وَقَعَ مِنْهَا - فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ.
قَالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ. قَالَتْ: فَاتَّهَمُونِي بِهِ. قَالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ، حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا. قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ، إِذْ مَرَّتِ الحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ. قَالَتْ: فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ، زَعَمْتُمْ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَهُوَ ذَا هُوَ!
قَالَتْ: فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَتْ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ - أَوْ: حِفْشٌ -. قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي. قَالَتْ: فَلَا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا إِلَّا قَالَتْ:
وَيَوْمَ الوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي
(1)
في «لسان العرب» (8/ 437): أي: مصبوغة غَيْرَ بِيض، وهي (فَعِيل) بمعنى (مفعول). وَفِي الْحَدِيثِ:«فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغةً» أي: يُغْمَسُ كَمَا يُغْمَسُ الثَّوْبُ فِي الصِّبْغِ.
(2)
أخرجه مسلم (1218).
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟! لَا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إِلَّا قُلْتِ هَذَا؟! قَالَتْ: فَحَدَّثَتْنِي بِهَذَا الحَدِيثِ.
4 -
قصة أُم خالد في طفولتها وارتدائها خميصة سوداء، أخرجها البخاري (5823): عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ:«مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟» فَسَكَتَ القَوْمُ، قَالَ:«ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ» . فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ، فَأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا، وَقَالَ:«أَبْلِي وَأَخْلِقِي» وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ، فَقَالَ:«يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاهْ» وَ (سَنَاهْ) بِالحَبَشِيَّةِ: حَسَنٌ.
5 -
المُعصفَر، فعَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ
(1)
.
• وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ
(2)
وَهِيَ مُحْرِمَةٌ
(3)
.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» (24742): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، بِهِ. وعلقه البخاري.
(2)
في معجم «اللغة العربية المعاصرة» : عَصْفَرَ يُعصفِر، عَصْفَرَةً، فهو مُعَصْفِر، والمفعول مُعَصْفَر. عَصْفَرَ الثَّوبَ وغَيْرَه: صَبَغه بالعُصْفُر، وهو نبات يُستخرج منه صِبغ أصفر، ويُستخدم زَهْره تابلًا في الطعام.
(3)
إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» رقم (26350): حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، بِهِ.
الباحث/ خلف بن هيكل
(1)
، بتارخ الأحد (8) شعبان (1442 هـ) المُوافِق (21/ 3/ 2021 م).
(1)
وُلد بقرية نوّارة التابعة لمركز أطسا، محافظة الفيوم.
هذه الفائدة من خلال عرضه على شيخنا بحث «ألوان ثياب النساء» وما زال في عرضه لتحقيق «مسند الطيالسي» وعَرَض بحثًا في اسم الله اللطيف.
ماذا يقول من لبس ثوبا جديدًا؟
• قال النسائي في «السنن الكبرى» رقم (10068) - أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ أَبُو مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ فَقَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ كَسَوْتَنِي هَذَا الثَّوْبَ، فَلَكَ الْحَمْدُ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيَّرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ»
تابع عيسى بن يونس جماعة - ابن المبارك ومحمد بن دينار ويزيد بن هارون وأبو أسامة وخالد الواسطي وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن راشد -.
وخالفهم حماد بن سلمة أخرجه النسائي كذلك رقم (10069) -
أَخبَرنا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدثنا إِبرَاهِيمُ، وَهُوَ ابنُ الحَجَّاجِ، قَالَ: حَدثنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبي العَلاءِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ
(1)
، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَمَنْ خَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ.
وقال النسائي عقبه: وَحَدِيثُ حَمَّادٍ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
(1)
زيد في بعض النسخ (عن أبيه).
وتابع حمادا على الإرسال عبد الوهاب الثقفي كما عند أبي داود (4022) عن الجريري عن أبي نضرة مرسلا.
وتابعهما ابن علية مع اختلاف في اللفظ أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25599) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَوْا عَلَى أَحَدِهِمَ الثَّوْبَ الْجَدِيدَ، قَالُوا: تُبْلِي، وَيُخْلِفُ اللَّهُ عَلَيْكَ.
الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن بتاريخ 16/ محرم 1443 موافق 24/ 8/ 2021 م: الأرسال أصح لكون رواة المتصل كلهم ممن روى عن الجريري بعد الاختلاط
(1)
على ما أورده إبراهيم - حفظه الله -.
ثم كتب مع الباحث/ إسماعيل بن موسى بتاريخ 13/ 10/ 2021 م: السند المرسل أصح من رواية حماد بن سلمة قبل الاختلاط كذا رجح النسائي. وانظر هل له شواهد أو لا.
(1)
وقال ابن حجر في «نتائج الأفكار» (1/ 126: (وكل من ذكرناه سوى حماد والثقفي سمعوا من الجريري بعد اختلاطه، فعجب من الشيخ كيف جزم بأنه حديث صحيح!
ويحتمل أن يكون صحيح المتن لمجيئه من طريق آخر حسن أيضاً، والله أعلم.
ما يقال لمن لبس جديدًا
• قال عبد الرزاق كمافي «جامع معمر بن راشد» رقم (20382) - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ: «أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ هَذَا أَمْ غَسِيلٌ؟» ، قَالَ: بَلْ غَسِيلٌ، فَقَالَ:«الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا، وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»
(1)
، قَالَ: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
ورواه عن عبد الرزاق على هذا السند سبعة - الحسين بن مهدي كما عند ابن ماجه (3558) وابن أبي السري وإسماعيل بن أبي إسرائيل وإسحاق الدبري وأحمد بن الفرات وأحمد بن منصور ونوح بن حبيب في وجه كما عند النسائي (10070) -
وخالفهم اثنان وآخران في وجه وهم - زهير بن حرب وحفص بن عمر ونوح بن حبيب في وجه كما عند أحمد (فضائل الصحابة)(323) وكذلك أحمد بن الفرات كما عند «الدعاء» للطبراني (399) فقالوا: عن عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن عبيد عن سالم عن أبيه به.
(1)
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ كما عند ابن حبان رقم (6897): وَزَادَ فِيهِ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ:«وَيُعْطِيكَ اللَّهُ قُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .
• الخلاصة: تضافرت أقوال علماء العلل على ضعف هذا الخبر وإليك بعض أقوالهم:
1 -
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النسائي: وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، أَنْكَرَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَعْمَرٍ غَيْرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ رَوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرُوِيَ عَنْ مَعْقِلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
2 -
قال الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 373):
سأَلت مُحمدًا عن هذا الحديث؟ قال: قال سُليمان الشَّاذَكُوني: قدمت عَلى عَبد الرَّزاق فحَدثنا بهذا الحديث، عن مَعمَر، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أَبيه، ثم رأَيت عَبد الرَّزاق يحدث بهذا الحديث، عن سُفيان الثَّوْري، عن عاصم بن عُبيد الله، عن سالم، عن ابن عُمر.
قال مُحمد: وقد حدثونا بهذا عن عَبد الرَّزاق، عن سُفيان أَيضًا.
قال مُحمد: وكلَا الحديثين لَا شيءَ.
وأَما حديث سُفيان فالصَّحيح ما حَدثنا به أَبو نعَيم، عن سُفيان، عن ابن أَبي خالد، عن أَبي الأَشهب، أَنْ النَّبي صلى الله عليه وسلم رأَى عَلى عُمر ثوبا جديدا
…
مُرسل.
وكتب شيخنا مع الباحث نصر بن حسن بن شحاته الكردي بتاريخ 17 ذي القعدة 1442 موافق 28/ 6/ 2021 م: معلول وانظر أقوال علماء العلل.
باب فِيمَا تُبْدِي الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا
• قال أبو داود في «سننه» رقم (4104) - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: يَعْقُوبُ ابْنُ دُرَيْكٍ: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:«يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مُرْسَلٌ، خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رضي الله عنها» .
وسعيد بن بشير ضعيف في قتادة قال ابن حبان: كان رداء الحفظ، فاحش الخطأ، يروى عن قتادة ما لا يتابع عليه.
وخالفه هشام الدستوائي فأرسله أخرجه أبو داود في «مراسيله» رقم (437) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إِلَى الْمَفْصِلِ» .
ورواه عبيد بن رفاعة عن أسماء بنت عميس أخرجه البيهقي (13626) وفي سنده ابن لهيعة وشيخه عياض بن عبد الله ضعيفان.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن غلاب بتاريخ 15 من ذي القعدة 1442 موافق 25/ 7/ 2021 م: ضعيف جدًّا ومعل بخمسة علل
(1)
.
• نبه العلامة الألباني رحمه الله على أمر ذي أهمية في الشواهد والاعتبار حيث قال في «جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة» (ص: 47): فهذا بلا شك حديث واحد، مداره على راوٍ واحد، وهو قتادة، إلا أن بعضهم رواه عنهم مرسلًا بلفظ، وبعضهم رواه عنه مسندًا بلفظ آخر، والمعنى واحد، وما علمت أحدًا من أهل الحديث يجعل الحديث الذي رواه راوٍ واحد، تارة مرسلًا، وتارة مسندًا، يجعلهما حديثين بمتنين مختلفين!.
بينما نقض ما أصله هنا وصحح الخبر في (ص: 58) حيث قال: وسعيد بن بشير ضعيف كما في "التقريب" للحافظ ابن حجر. لكن الحديث قد جاء من طرق أخرى يتقوى بها:
أخرج أبو داود في "مراسيله""رقم 437" - كما تقدم - بسند صحيح عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل» .
(1)
بينما ذكر أربعًا منها في «شرح علل الحديث» (ص/ 219):
1 -
خالد بن دريك لم يدرك عائشة فالسند منقطع. قلت: نص عليها أبو داود.
2 -
أن قتادة مدلس وقد عنعن.
3 -
أن سعيد بن بشير ضعيف وخاصة في قتادة قلت: وسبق كلام ابن حبان في ذلك.
4 -
الوليد هو ابن مسلم مدلس وقد عنعن.
قلت: وهو مرسل صحيح يتقوى بما بعده، وليس فيه ابن دريك ولا ابن بشير ..... إلخ.
حُكْم نظر المرأة إلى الرجل
• قال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].
وقال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31].
وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53].
• وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«احْتَجِبَا مِنْهُ» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟! أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟!» .
أخرجه أبو داود (4112) ومداره على الزُّهْري
(1)
عن نَبْهَان مولى أُم سلمة.
(1)
اشتهر بروايته عن الزُّهْري يونس بن يزيد الأيلي، وتابعه عُقيل بن خالد، كما عند النَّسَائي في «الكبرى» (9198).
وقال الإمام أحمد - كما في «التعليقات على المجروحين» للدارقطني (1/ 250) -: لم نَزَلْ نُدافِع عن الواقدي، حتى روى عن مَعْمَر، عن الزُّهْري، عن نَبْهَان، عن أُم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أفعمياوان أنتما؟» فجاء بشيء لا حيلة فيه. والحديث حديث يونس، لم يروه غيره.
وكان أحمد بن حنبل يقول: لا يُشتغل بذكر الواقدي. وانظر «العلل ومعرفة الرجال» (3/ 62)(5166)، و «علل الدارقطني» (15/ 232).
وقد قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه ابن حِبان ووثقه. وتَابَعه على التوثيق العِجلي والذهبي. وقال ابن حجر: مقبول. وتارة: وُثق.
وقال في «فتح الباري» (1/ 550): وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ.
وفي موطن آخَر في «فتح الباري» (9/ 337): وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَأَكْثَرُ مَا عُلِّلَ بِهِ انْفِرَادُ الزُّهْرِيِّ بِالرِّوَايَةِ عَنْ نَبْهَانَ، وَلَيْسَتْ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ؛ فَإِنَّ مَنْ يَعْرِفُهُ الزُّهْرِيُّ وَيَصِفُهُ بِأَنَّهُ مُكَاتَبُ أُمِّ سَلَمَةَ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ أَحَدٌ - لَا تُرَدُّ رِوَايَتُهُ.
• وجَهِله ابن حزم في «المُحَلَّى» (11/ 199). وقال النَّسَائي: لا نَعْلَم أحدًا روى عن نَبْهَان غير الزُّهْري.
• قال أبو العباس القرطبي في «المُفْهِم» (4/ 270) في التعارض بين هذا الخبر واعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم:
والجواب من وجهين:
أحدهما: أن هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل؛ لأن راويه عن أم سلمة نَبْهَان مولاها، وهو ممن لا يُحتجّ بحديثه.
وثانيهما - على تقدير صحته -: فذلك تغليظ منه صلى الله عليه وسلم على أزواجه لحرمتهن، كما غَلَّظ عليهن أمر الحجاب. ولهذا أشار أبو داود وغيره من الأئمة.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن حسن الكَدَواني
(1)
بتاريخ (1) شعبان (1441 هـ) المُوافِق (13/ 3/ 2021 م) إلى ضعفه بسبب جهالة نَبْهَان.
• وورد دليلان في التجويز، ولأهل العلم توجيه لهما:
1 -
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «دَعْهُمَا» . فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ:«تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاذْهَبِي»
(2)
.
2 -
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ!
فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» .
فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ:«تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» .
(1)
وُلد بقرية بني رافع التابعة لمركز منفلوط، بمحافظة أسيوط، بتاريخ (22/ 2/ 1987 م) حاصل على ليسانس لغة عربية ودراسات إسلامية. نزيل منية سمنود نهاية (2012 م) يَعمل مع شيخنا في «أحكام الاستئذان وآدابه» .
(2)
أخرجه البخاري (2907)، ومسلم (892).
قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ:«انْكِحِي أُسَامَةَ» فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ
(1)
.
• كلام العلماء:
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، أَلَا تَرَى إِلَى اعْتِدَادِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ:«اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ» .
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (12/ 89): فإن الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليس كالحجاب على غيرهن؛ لِما هُنَّ فيه من الجلالة، ولموضعهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدليل قول الله تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} الآية.
وقد يَجُوز للرجل أن يَنظر لأهله من الحجاب بما أداه إليه اجتهاده؛ حتى يَمنع منهن المرأة فضلًا عن الأعمى.
وأما الفَرْق بين ميمونة وأُم سلمة وبين عائشة، إذ أباح لها النظر إلى الحبشة، فإن عائشة كانت ذلك الوقت - والله أعلم - غير بالغة لأنه نَكَحها صبية، بنت ست سنين أو سبع، وبنى بها بنت تسع. ويَجوز أن يكون قبل ضرب
(1)
أخرجه مسلم (1480).
الحجاب، مع ما في النظر إلى السودان مما تقتحمه العيون، وليس الصبايا كالنساء في معرفة ما هنالك من أمر الرجال.
• وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (3/ 148): قال ابن عبد البر: حديث فاطمة بنت قيس يدل على جواز نظر المرأة إلى الأعمى، وهو أصح من هذا.
• وقال أبو داود: هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، بدليل حديث فاطمة.
قلت: وهذا جَمْعٌ حَسَن، وبه جَمَع المنذري في حواشيه، واستحسنه شيخنا. ا هـ.
• وقال بدر الدين العيني: قال ابن بَطَّال: حديث عائشة - أعني: حديث الباب - أصح من حديث نَبْهَان؛ لأن نَبْهَان ليس بمعروف بنقل العلم، ولا يَروي إلا حديثين: هذا، و «المُكاتَب إذا كان معه ما يؤدي احتجبت عنه سيدته» فلا يُعْمَل بحديث نَبْهَان لمعارضته الأحاديث الثابتة.
• فإن قلتَ: قد عَرَف نبهانَ بنقل العلم جماعةٌ، منهم ابن حِبان والحاكم، إذ صححا حديثه، وأبو علي الطوسي وحَسَّنه، ورَوَى عنه ابن شهاب ومحمد بن عبد الرحمن مولى طلحة، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ومَن يَعْرِفه الزُّهْري ويصفه بأنه مُكاتَب أُم سلمة، ولم يُخْرِجه حد - لا تُرَد روايته.
• وأما المُعارَضة فلا نقول بها، بل نقول: إن عائشة إذ ذاك كانت صغيرة، فلا حرج عليها في النظر إليهم.
أو نقول: إنه رُخِّص في الأعياد ما لا يُرخَّص في غيرها.
أو نقول: حديث نَبْهَان ناسخ لحديث عائشة.
أو نقول: إن زوجاته صلى الله عليه وسلم قد خُصصن بما لم يُخصص به غيرهن؛ لعِظَم حرمتهن
(1)
.
أو نقول: إن الحبشة كانوا صبيانًا ليسوا بَالغِين.
• قلت: الأَوْجَه أن يقال بالجَمْع بين الحديثين؛ لاحتمال تَقَدُّم الواقعة. أو أن يكون في حديث نَبْهَان شيء يَمنع النساء من رؤيته؛ لكون ابن أُم مكتوم أعمى، فلعله كان منه شيء ينكشف ولا يَشعر به.
ويؤيد قول مَنْ قال بالجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا تراهم النساء، فدل على مغايرة الحُكم بين الطائفتين
(2)
.
• فائدة: الاستشهاد بالقرآن في تقوية الأخبار:
ففي «الاستذكار» لابن عبد البر (18/ 80): ويَشهد لحديث نَبْهَان هذا ظاهر قول الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] كما قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30].
• فائدة: قال ابن عثيمين في «فتاوى موقع الألوكة» (4/ 100):
نظرُ المرأة للرجل لا يخلو من حالين:
1 -
نَظَرٌ بشهوة وتَمَتُّع؛ فهذا محرم لِما فيه من المفسدة والفتنة.
(1)
وفي «الاستذكار» لابن عبد البر (18/ 82) قال: السَّتر والحجاب عليهن أشد منه على غيرهن؛ لظاهر القرآن، وحديث نَبْهَان عن أُم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
«عمدة القاري» (20/ 216) للعيني.
2 -
نظرة مجردة لا شهوة فيها ولا تمتع؛ فهذه لا شيء فيها على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهي جائزة؛ لما ثبت في «الصحيحين» أن عائشة رضي الله عنها كانت تَنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يَسترها عنهم، وأَقَرَّها على ذلك. ولأن النساء يمشين في الأسواق ويَنظرن إلى الرجال وإن كن متحجبات، فالمرأة تنظر الرجل وإن كان هو لا ينظرها، ولكن بشرط ألا تكون هناك شهوة وفتنة. فإن كانت شهوة أو فتنة، فالنظرة مُحَرَّمة في التلفزيون وغيره.
حُكْم الستائر التي فيها صورة تماثيل
• اختَلف فيها الفقهاء:
• فمِنهم مَنْ يَمنع مطلقًا.
• ومنهم مَنْ يُجوِّز مطلقًا.
• ومنهم مَنْ يُفصِّل شريطة الامتهان أو قطع الرأس.
• وردت فيها أخبار:
1 -
عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ - صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ» .
قَالَ بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ، فَعُدْنَاهُ فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللهِ - رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ؟!
فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ: «إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ؟!»
(1)
.
2 -
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَائِر، وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«حَوِّلِي هَذَا؛ فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ، ذَكَرْتُ الدُّنْيَا»
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (5958)، ومسلم (2106).
(2)
أخرجه مسلم (2107).
• وله روايات أخرى تفيد المنع، منها:«مَا أُمِرْنَا بِكِسْوَةِ الحِجَارَةِ» ورواية: «هَتَكَ السِّتْرَ» ، وَقَالَ:«إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» .
• ووردت رواية من حديث أبي هريرة فيها الجواز، شريطة الامتهان، وهي ما أخرجه أحمد (10193)، والترمذي (2806)، وأبو داود (4158)، وغيرهم من طرق، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ رحمه الله، فَقَالَ لِي: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ
(1)
فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ
(2)
سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ
(3)
، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ
(4)
، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ، فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ
(5)
، فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ
(6)
مَنْبُوذَتَيْنِ تُوطَأَانِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ».
(1)
في رواية أبي قَطَن عند أحمد (8045): الليلة.
(2)
سترٌ فيه نقوشٌ.
(3)
في رواية: «تمثال رجل» .
(4)
في رواية الطنافسي عند البيهقي في «السُّنن الكبير» (7/ 269): (جِرْو) أي: كلب صغير.
(5)
في رواية النَّضْر بن شُمَيْل: «الذي فيه تمثال أن يُقْطَع رأس التمثال» .
(6)
في رواية الطنافسي عند البيهقي في «السُّنن الكبير» (7/ 269): تُبتذَلان.
فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِذَا الْكَلْبُ لِحَسَنٍ - أَوْ: حُسَيْنٍ - كَانَ تَحْتَ نَضَدٍ
(1)
لَهُمْ، فَأُمِرَ بِهِ فَأُخْرِجَ»
(2)
.
• عِلته: تَفَرُّد يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد بذكر «تمثال على الباب» .
وتارة رواه يونس مختصرًا: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورثه» .
وهو في البخاري (6015) ومسلم (2625) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وخالف يونسَ أبو إسحاق السَّبيعي، فذَكَر أن في البيت سِترًا فيه تصاوير. فرواه عن أبي إسحاق زيد بن أبي أُنَيْسة ومَعْمَر وأبو بكر بن عياش، ثلاثتهم بهذا اللفظ.
وخالفهم إسرائيل، فرواه بلفظ:«إِنِّي جِئْتُ البَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَدْخُلَ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي البَيْتِ صُورَةٌ أَوْ كَلْبٌ» .
• وفيه عنعنة أبي إسحاق، والرواة عنه هل قبل الاختلاط أو لا؟
• وأثر الخلاف يَظهر في الاستدلال بأن بيت النبوة كان به تمثال. وفي رواية: تمثال رجل.
(1)
«تَحْت نَضَدٍ» هو بالتحريك: السرير الذي تُنْضَد عليه الثياب، أي: يُجْعَل بعضها فوق بعض. وهو أيضًا متاع البيت المنضود. انظر: «حاشية السيوطي على سُنن النَّسَائي» (7/ 170).
(2)
في رواية أبي قَطَن والنضر عند ابن حِبان رقم (5854) وأحمد (8045): «ثُمَّ أَتَانِي جِبْرِيلُ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ - أَوْ: رَأَيْتُ - أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» .
وكَتَب شيخنا مع الباحث/ عاطف بن رشدي، بتاريخ (17) ربيع الآخِر (1441 هـ) المُوافِق (15/ 12/ 2019 م): في هذا السند علة، وأشار إليها الإمام أحمد، ألا وهي الكلام في يونس بن أبي إسحاق.
ثم هناك أيضًا نزاع في سماع مجاهد من أبي هريرة.
ثم غرابة متنه، والزيادات الواردة في هذا المتن عن سائر المتون. والله أعلم.
جواز استخدام الصور الممتهنة في المفروشات
• قال البخاري رقم (5954): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ - وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَتَكَهُ وَقَالَ:«أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» . قَالَتْ: فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْن.
وفي رقم (2479) زيادة: (فاتخذتُ منه نُمْرُقتين كانتا في البيت يُجْلَس عليهما).
وأخرجه مسلم (2107): حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا نَصَبَتْ سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَعَهُ. قَالَتْ: فَقَطَعْتُهُ وِسَادَتَيْنِ.
فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْمَجْلِسِ حِينَئِذٍ، يُقَالُ لَهُ: رَبِيعَةُ بْنُ عَطَاءٍ، مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ: أَفَمَا سَمِعْتَ أَبَا مُحَمَّدٍ يَذْكُرُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا. قَالَ: لَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يُرِيدُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ.
وتَابَع عبد الرحمن بن القاسم - الزُّهْريُّ، كما عند مسلم (2107).
وخالفهما نافع مولى ابن عمر، فيما أخرجه البخاري رقم (3224): حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ
أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وِسَادَةً
فِيهَا تَمَاثِيلُ، كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ البَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟!
قَالَ: «مَا بَالُ هَذِهِ الوِسَادَةِ؟!» .
قَالَتْ: وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث عاطف بن رشدي: من ناحية الترجيح رواية الزُّهْري. ومتابعة عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم أرجح. والله أعلم.
ومما يؤيد هذا الترجيح أن عروة تابع القاسم عن عائشة، كما عند البخاري (5955): عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ» وكما عند مسلم (2107): عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ» .
• تنبيه: (الدُّرْنُوك): نوع من أنواع الستور. وهذا يؤيد أن الإنكار كان على الستر وليس على الوسادة.
• وثَم شاهد آخَر في البخاري (374): عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي» .
• وثَم شاهد من حديث زيد بن خالد الجُهَني، أخرجه مسلم رقم (2107) عن أبي طلحة رضي الله عنه، قال: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا يُخْبِرُنِي، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا
تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَمَاثِيلُ» فَهَلْ سَمِعْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكُمْ مَا رَأَيْتُهُ فَعَلَ، رَأَيْتُهُ خَرَجَ فِي غَزَاتِهِ، فَأَخَذْتُ نَمَطًا فَسَتَرْتُهُ عَلَى الْبَابِ، فَلَمَّا قَدِمَ فَرَأَى النَّمَطَ، عَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ، فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَوْ قَطَعَهُ، وَقَالَ:«إِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ» . قَالَتْ: فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ وَحَشَوْتُهُمَا لِيفًا، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ.
حُكْم جلود السباع
• قال الترمذي في «سُننه» رقم (1770): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ» .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ، أَنَّهُ كَرِهَ جُلُودَ السِّبَاعِ. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ:(عَنْ أَبِي المَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ) غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ» وَهَذَا أَصَحُّ.
• وتابع شعبةَ على الإرسال إسماعيلُ بن عُلية، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (39179): حَدَّثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ:
(1)
وخالف محمدَ بن بشار محمدُ بن المُثَنَّى، أخرجه البزار (2332) فوَصَله.
وتابع ابنَ المثنى عبد الله بن المبارك، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (509).
«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ» .
• وتابع ابنَ عُلية مَعْمَرٌ على الأصح عنه، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (215)
(1)
.
• الخلاصة: كَتَب مع الباحث/ عبد المقصود الكردي: يراجع لقول الترمذي: تَفرَّد بالرفع سعيد. فتراجع أسانيد الروايات المرفوعات.
ثم عَرَض مرة أخرى فكَتَب: الرفع صحيح لأن سعيدًا لم يُختلَف عليه في الرفع، وما وراء ذلك من الوجوه اختُلف على رواتها.
• قلت (أبو أويس): الأصح لديَّ الإرسال كما قال الترمذي؛ لأن ابن عُلية رواه على الإرسال وجهًا واحدًا، وتابعه مَعْمَرٌ في الثابت إليه. وأما شُعبة ومعاذ بن هشام، فتكرر الراوي عنهما بالوصل والإرسال، وهما محمد بن بشار ومحمد بن المُثَنَّى. لكن الأعلى إسنادًا على الإرسال.
(1)
وأخرجه الطبراني (510) من طريق عبد الرزاق موصولًا بسند ضعيف.
النهي عن الانتعال قائما
• وردت فيه أخبار أسلمها ما تفرد به ابن ماجه رقم (3750) - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا.
ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه واختلف عليه في الرفع والوقف فرفعه علي بن محمد الطنافسي أخرجه ابن ماجه (3618) وخالفه أبو بكر بن أبي شيبة كما في «مصنفه» (24936) فأوقفه. ولما قارن أبو حاتم بين هذين الثقتين قال وأبو بكر أكثر حديثًا وأفهم.
وكتب شيخنا مع الباحث/ أحمد بن علي بتاريخ السبت 11 صفر 1443 موافق 18/ 9/ 2021 م: الوقف أصح. ا هـ.
وروي من ثلاثة طرق أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه لكنها ضعيفة
(1)
.
(1)
وهن:
1 -
عمار بن أبي عمار أخرجه الترمذي (1775) وفي سنده الحارث بن نبهان متروك وضعف الخبر البخاري والترمذي والعقيلي في «الضعفاء» (1/ 217).
2 -
عروة بن علي أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6531) وفي سنده سلمة بن حبيب وشيخه مجهولان.
3 -
سيف بن كريب أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (159) وفي سنده سعيد بن بشير وشيخه ضعيفان.
• والخلاصة: أن طريق ابن عمر ظاهره الصحة لكنه من مفاريد ابن ماجه وهناك من ضعف مفاريد ابن ماجه عمومًا.
فقد قال ابن حجر في ترجمة ابن ماجه محمد بن يزيد: كتابه في السنن جامع جيد كثير الابواب والغرائب وفيه أحاديث ضعيفة جدا حتى بلغني أن السري كان يقول مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالبا وليس الامر في ذلك على اطلاقه باستقرائي وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة والله تعالى المستعان.
وقال الحافظ المزي: كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف يعني بذلك ما انفرد به من الحديث عن الائمة الخمسة. انتهى.
ثم قال: وحمل هذا على الرجال أولى وأما حمله على أحاديث فلا يصح كما قدمت ذكره من وجوه الاحاديث الصحيحة والحسان مما انفرد به من الخمسة فمن امثلة الصحاح حديث .. ومن امثلة الحسان حديث .. ومن امثلة الرجال حديث.
وله شاهد من حديث جابر رضي الله عنه أخرجه أبو داود في «سننه» (4135) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا» وخالف أبا أحمد الزبيري الجماعة - وكيع كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25424) ومحمد بن سابق كما عند أحمد (14951) وأبو عاصم كما في «شرح مشكل الآثار» (1359) - بلفظ: «نهى رسول الله أن يمشي أحدنا في النعل الواحدة» وأما رواية وكيع فموقوفة.
وخالف ابن طهمان الجماعة - مالك وابن جريج كما عند مسلم (2099)
وزهير كما عند أبي داود (4137) وهشام الدستوائي كما عند أحمد (14856)
وسفيان كما عند أحمد (14121) وحماد بن سلمة كما عند أحمد (14897) - بلفظ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ، أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ
…
» وانظر «علل ابن أبي حاتم» (2278).
وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه الترمذي رقم (1776) وف سنده سليمان الرقي ضعيف ورواية معمر عن قتادة فيها ضعف. وأخرجه البزار (7356) من طريق عنبسة بن سالم عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس به. وقال أبو داود: عنبسة بن سالم روى عن عبيد الله بن أبي بكر أحاديث موضوعة.
ما ورد عن ابن عمر
في مشيه بإحدى نعليه
• عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَذْرُعًا
(1)
.
• وصح نحوه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «رُبَّمَا مَشَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» رواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها، واختُلف عليه: فرفعه عنه ليث بن أبي سُليم. أخرجه الترمذي في «جامعه» رقم (1777) وخالفه سفيان الثوري وابن عُيينة وغيرهما فأوقفوه.
عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا مَشَتْ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ» أخرجه الترمذي (1778) وقال: وهذا أصح. وقال البخاري: الصحيح عن عائشة موقوفٌ فعلها.
وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3/ 389): لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ، فَإِنَّ رِوَايَتَهُ لَيْسَتْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَسَانِيدِ الْقَوِيَّةِ.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (20220) عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ، به.
• بيان:
ما سبق فيه مخالفة إن كان عن عمد أو علم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا»
(1)
.
وحسن الظن بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ألا يخالفوا النصوص وإنما فعلوا ذلك لحاجة من انقطاع إحدى النعلين، أو لعلة أخرى أو لعدم علمهما بالنهي.
(1)
أخرجه البخاري (5856) ومسلم (2097) ومسلم أيضًا من حديث جابر «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ، أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ
…
».
كتاب الزينة
الترجل غبا
• قال الترمذي في «سننه» رقم (1756) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا» وتابع عيسى بن يونس ثلاثة - يحيى بن سعيد القطان أخرجه أحمد (16793) وابن أبي عدي أخرجه الترمذي في «الشمائل» (34) ومحمد بن عبد الله الأنصاري أخرجه الطبراني في «الأوسط» (276).
وخالف هشام بن حسان اثنان فأرسلاه:
1 -
قتادة وهو من أصحاب الحسن الأثبات. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (5559) والنسائي (9265).
2 -
أبو خزيمة البصري أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5557).
• الخلاصة: أن رواية قتادة بالإرسال أصح من رواية هشام بالرفع فقد قال ابن علية: ما كنا نعد هشاما في الحسن شيئا. وقال أبو داود إنما تكلموا في رواية هشام عن الحسن من كتاب حوشب.
وكتب شيخنا مع الباحث أنس بن منصور بتاريخ 11 محرم 1442 موافق 19/ 8/ 2021 م: هشام متكلم في روايته عن الحسن وهو الذي وصل.
• تنبيه: ورد بسند صحيح عن الحسن وابن سيرين مقطوعًا. أخرجه النسائي (9463).
وورد من حديث أبي هريرة أخرجه النسائي (9315) يحرر.
حكم القزع
• حديث القَزَع رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيح اثنان:
1 -
نافع، أخرجه البخاري (5920)، ومسلم (2120): عَنْ عُمَر بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْقَزَعِ» قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟ قَالَ: «يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ، وَيُتْرَكُ بَعْضٌ» .
2 -
عبد الله بن دينار، أخرجه البخاري (5921): حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
(1)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ القَزَعِ» .
• وتابع عبدَ الله بن المُثَنَّى جماعةٌ، منهم:
1 -
ورقاء بن عمر، أخرجه أحمد (5356).
2، 3 - وعُبيد الله أو مبارك بن فَضَالة، أخرجه أحمد (5989)(5990)
(2)
.
(1)
وعبد الله بن المُثَنَّى مُختلَف فيه، وقد وثقه محمد بن عبد الله الأنصاري، وقال فيه يحيى بن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم: صالح. زاد أبو حاتم: شيخ. وقال النَّسَائي: ليس بالقوي. وذَكَره ابن حبان فى كتاب «الثقات» وقال: ربما أخطأ.
(2)
وتارة رواه مُبَارَك، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، به. أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (1/ 226).
وقال البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (14/ 80): وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ.
4 -
شُعبة في المرجوح عنه، أخرجه ابن ماجه رقم (3638): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْقَزَعِ» .
• وتابع شَبَابةَ الطيالسيُّ لكنه تراجع عنه، أخرجه الدارقطني كما في «سؤالات البرقاني» (4) و «تاريخ ابن مَعِين» (3440)
(1)
.
• وخالفهما جمهور الرواة عن شُعبة، قال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ» أخرجه البخاري (2535) ومسلم (1506).
وتابع عبدَ الله بن دينار: سليمانُ بن بلال وإسماعيلُ بن جعفر والسفيانان والضحاك بن عثمان وعُبيد الله، ستتهم عند مسلم (1506).
• ومِن أهل العلم مَنْ يخطئ شَبَابة، وقيل: شُعبة، والأول أَوْلَى لجمهور الرواة عن شعبة، ومَن تابع شعبة من ورقاء أو عبد الله بن المثنى أو غيرهم متكلم فيهم، بينما مَنْ تابعه على الوجه الآخَر عدد من الثقات.
وإليك أقوال العلماء:
• قال ابن مَعِين كما في «تاريخه» (2/ 75) بعد ذكره الحديث من طريق شَبَابة: حديث شَبَابة ليس يُحَدِّث به غيره.
وقال أيضًا (2/ 146): قيل: إنه خطأ فتَرَكه.
(1)
ورواه الفضل بن محمد كما في «الكامل» (1564) من طريق شعبة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به. والفضل ضعيف جدًّا.
• وقد قال يحيى بن مَعِين مرة: إن أبا داود حَدَّث به في المجلس، فصاح به الناس: يا أبا داود، ليس هذا من حديثك، إنما ذا حديث شَبَابة. فقال أبو داود: فدَعُوه إذن. فدَعَوْه.
• وفي «تاريخ بغداد» (10/ 33): قال يحيى بن مَعِين: إنما هو «نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء، وعن هبته» فأخطأ فيه شُعبة فقال: «نَهَى رسول الله عن القَزَع» .
• وفي «الكامل في ضعفاء الرجال» (4/ 45): قال ابن عَدِي: وهذا أيضًا يُعْرَف بشَبَابة عن شُعبة، وهذه الأحاديث الثلاثة التي ذَكَرْتُها عن شَبَابة عن شعبة هي التي أُنْكِرَتْ عليه.
ثم ذَكَره في ترجمة الفضل بن محمد الأنطاكي، فقال في «الكامل في ضعفاء الرجال» (6/ 18): وهذا الحديث عن شُعبة باطل.
• قلت (أبو أويس): المتنان ثابتان وإنما الإعلال لبعض الطرق وهذا متكرر بكثر في كتب العلل فكثيرا ما يكون الحديث في الصحيحين أو أحدهما ويورده أهل العلل من بعض الطرق وليس هذا إعلالا لأصل الحديث إنما للطريق التي يوردونها. والله أعلم.
خضاب الشَّعر بالسواد
• قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2102): وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ
(1)
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ»
(2)
.
• وبَيَّن علة هذه اللفظة: «وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» سؤالُ أبي خيثمة زهيرَ بن معاوية، فقد أخرج الإمام أحمد رقم (14641): حَدَّثَنَا حَسَنٌ - هُوَ ابْنُ مُوسَى - وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي قُحَافَةَ - أَوْ: جَاءَ عَامَ
(1)
وفي رواية ابن وهب عن ابن جُريج بعض الكلام، لكنه مُتابَع متابعة تامة سلم بن سالم - وهو ضعيف - أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5160).
وتابعه متابعة قاصرة عن أبي الزبير: حيوة بن مسلم، أخرجه ابن بشران في «أماليه» (947) ومطرٌ الوراق وابن لَهِيعة، أخرجه الطبراني (8325) وفي سنده داود بن الزِّبرقان، متروك.
وتابعهم أيوب السَّختياني، أخرجه أبو عَوَانة في «مستخرجه» (1558) بنحو حديث ابن جُريج.
(2)
وتابع أبا الطاهر جماعة: أحمد بن سعيد الهنَائي، كما عند أبي داود (4204)، ويونس بن عبد الأعلى، كما عند النَّسَائي (5076)، والطحاوي في «شرح المشكل» (3683) والليث بن أبي سُليم في أحد الوجهين عنه، كما في «جامع مَعْمَر» (20179).
الْفَتْحِ - وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ مِثْلُ الثَّغَامِ - أَوْ: مِثْلُ الثَّغَامَةِ - قَالَ حَسَنٌ: فَأَمَرَ بِهِ إِلَى نِسَائِهِ، قَالَ:«غَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ» قَالَ حَسَنٌ: قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِأَبِي الزُّبَيْرِ: أَقَالَ: جَنِّبُوهُ السَّوَادَ؟ قَالَ: «لَا» وأخرجه ابن سعد (129) عن حسن بن موسى، به. وأخرجه ابن الجعد في «مسنده» رقم (2652): حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا شَبَابَةُ، نَا أَبُو خَيْثَمَةَ، به.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ عصام بن محمد بن جمعة سَبَل
(1)
: العلة هي نفي أبي الزبير. الأكثرون بدونها.
وكتب مع الباحث/ إبراهيم بن محمد بن شعبان الإسماعلاوي قنطرة شرق: لفظة: «واجتنبوا السواد» لا تصح.
وورد من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه أحمد في المسند رقم (12635) وهو معلول.
(1)
(سَبَل) لقب العائلة. وُلد بمركز الخانكة بمحافظة القليوبية.
قَدَّم له شيخنا بحث «صلاة الضحى» .
أحكام الطِّيب
• وردت أدلة في استخدام الطيب للرجال والنساء
(1)
فمنها في الرجال:
1 -
ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (3939) - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْقُوْمَسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ، عَنْ ثَابِتٍ
(2)
، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» . وتابع عفان جماعة أبو سعيد أبو عبيدة كما عند أحمد (1287، 12488) وعلي بن الجعد وموسى بن إسماعيل كما عند البيهقي (13584) وعمار بن ياسر كما عند أبي يعلى (3482).
وتابع سلام أبا المنذر سلامة بن أبي الصهباء كما في «العلل» للدارقطني (12/ 40). وتابعهما جعفر الضبعي أخرجه النسائي (2/ 3950) وفي سنده سيار بن حاتم ضعيف.
(1)
ومنها في النساء
(2)
وتابع ثابتا على الرفع اثنان:
1 -
إسحاق بن أبي طلحة أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5772) وفي إسناده يحيى الحربي ضعيف في شيخه الهقل بن زياد.
2 -
على بن زيد بن جدعان أخرجه ابن عدي في «الكامل» (4/ 313).
خالفهم حماد بن زيد فأرسله كما في العلل للدارقطني (12/ 40) وهو اختيار شيخنا مع الباحث مع محمد أبو عسكرية بتاريخ الأحد 12 صفر 1443 موافق 19/ 9/ 2021 م فكتب: معلول بالإرسال.
2 -
وما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4162) - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا»
(1)
.
وتابع شيبان إسرائيل أخرجه البزار (7304) وابن سعد في «الطبقات» (1003).
وتابع عبد الله بن المختار الحسين بن ذكوان أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (219) لكن في سنده أبو الحريش لم يقف الباحث له على موثق.
وظاهر الإسناد الأول الصحة لكن أرى أنه مختصر من حديث أم سليم رضي الله عنها أخرجه البخاري رقم (6281) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نِطَعًا، فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ» قَالَ: «فَإِذَا نَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ، فَجَمَعَتْهُ فِي قَارُورَةٍ، ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِي سُكٍّ» قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الوَفَاةُ، أَوْصَى إِلَيَّ أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ، قَالَ: فَجُعِلَ فِي حَنُوطِهِ.
(1)
تابع نصر بن علي محمد بن رافع أخرجه الترمذي (216).
• العلاقة من وجهين:
1 -
السند لأنه من حديث أنس.
2 -
والمتن الاشتراك في السك والعطر والمعنى.
أما شيخنا مع الباحث محمد أبو عسكرية اختار التصحيح.
وأما في النساء فمنه ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (19711) - حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ» وتابع مروان بن معاوية جماعة - يحيى بن سعيد أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (2786) وغيره مطولًا. ومحمد بن أبي عدي كما عند البزار في «مسنده» (3033) وروح بن عبادة كما عند الحاكم (3518) وعبد الواحد بن واصل كما عند أحمد (20061) وخالد بن الحارث كما عند النسائي (1/ 5141) والنضر بن شميل كما عند ابن خزيمة (1681).
وخالفهم وكيع كما عند ابن أبي شيبة (17516) فأوقفه بلفظ: (كل عين فاعلة زانية) وأبو عاصم كما عند الدارمي (2688) لكن قال: يرفعه بعض أصحابنا.
• والخلاصة: رجح شيخنا مع الباحث/ محمد أبو عسكرية رواية الجماعة بالرفع ولفظة: (زانية) ثابتة وإن كان وردت في بعض الروايات بألفاظ أخرى.
ومنها ما أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (2788) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خَيْرَ طِيبِ الرَّجُلِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ»
وتابع أبا بكر الحنفي عبد الأعلى كما عند البزار (3549) وشعيب بن إسحاق كما عند الطبراني في «الكبير» (3141) وروح في وجه كما في المصدر السابق وفي وجه بالإرسال كما عند أحمد (20294) وتابعه على الإرسال مخلد بن خالد أخرجه أبو داود (4048).
• والخلاصة: أن شيخنا انتهى مع الباحث/ محمد أبو عسكرية إلى انقطاعه؛ لأن الحسن لم يسمع من عمران.
ملخص أقوال العلماء في طيب النساء خارج البيت على قولين الجمهور على تحريمه وذهب بعض الشافعية إلى كراهته كراهة تنزية لأن أصل الطيب مباح والنهي في أبواب الآداب يحمل على الكراهة التنزيهية.
خروج المرأة إلى المسجد غير متطيبة
• قال تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205]
• وردت في ذلك أخبار:
1 -
حديث أبي هريرة وزينب امرأة ابن مسعود الثقفية وزيد بن خالد الجهني وعائشة وابن عمر}:
1 -
حديث أبي هريرة وزينب وزيد بن خالدفرواه بسر بن سعيد واختلف عليه من مسند أبي هريرة أو زينب امرأة عبد الله فأخرجه مسلم رقم (444) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ
(1)
، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ» .
وخالف يزيد بن خصيفة بكير بن عبد الله الأشج فجعله من مسند زينب امرأة عبد الله رضي الله عنها أخرجه مسلم رقم (443) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةَ، كَانَتْ
(1)
ورواه صفوان بن سليم عن رجل ثقة عن أبي هريرة مختصرا أخرجه النسائي (9362) فلعل الرجل هو بسر.
تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ» .
وتابع مخرمة بن بكير ابن عجلان أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (9365) - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(1)
، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ به.
وتابع مخرمة وابن عجلان عبيد الله بن أبي جعفر في الأصح عنه أخرجه النسائي (9367) وصوبه
(2)
.
وخالفهم - في اللفظ فجعله كأنه واقعة حال - محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام القرشي
(3)
ولم يوثقه معتبر
(4)
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ
(1)
وتابع يحيى بن سعيد جرير بن عبد الحميد على زينب امرأة عبد الله أخرجه النسائي رقم (9366) وقال: وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَجَرِيرٍ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ .... وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
رواه الليث بن سعد تارة عن عبيد الله بن أبي جعفر وهو ثقة وتارة بإسقاطه أخرجهما النسائي وصوب إثبات الواسطة.
(3)
رواه إبراهيم بن سعد واختلف عليه فتارة عنه أخرجه النسائي (9367) وتارة من رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح هو ابن كيسان عنه. أخرجه النسائي (3970) واختاره ولعل الاختيار لكونه من رواية الابن. وتارة رواه منصور عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عنه أخرجه النسائي (3971). وتارة رواه إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ صَفْوَانَ غَيْرَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ ثِقَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَلْتَغْتَسِلْ مِنَ الطِّيبِ كَمَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ» مُخْتَصَرٌ. أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (9362).
وخالف عبد الرحمن بن إسحاق فأسط بكيرا وجعله من مسند زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أخرجه أحمد (21674) وغيره.
(4)
فقد ذكره ابن حبان في الثقات.
بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي زَيْنَبُ الثَّقَفِيَّةُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: «إِذَا خَرَجْتِ إِلَى الْعِشَاءِ فَلَا تَمَسِّي طِيبًا» أخرجه النسائي (9370) وتارة بإسقاط بكير وجعله من مسند زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ الْمَسَاجِدَ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ»
(1)
أخرجه أحمد (21674، 21682) وابن حبان (3772) وغيرهم.
2 -
أبو سلمة بن عبد الرحمن أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (565) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ
(2)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو
(3)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ» .
(1)
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (3/ 190): فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِأَنْ لَا يُمْنَعْنَ أَمْرُ نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ، لَا أَمْرُ فَرْضٍ وَإِيجَابٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(2)
تابع حمادا اثنا عشر شخصًا - ابن عيينة كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (5121) والحميدي في «مسنده» (1008) والشافعي في «السنن المأثورة» (190) يحيى بن سعيد أخرجه أحمد (9645) وأبو يعلى (5915) وابن حبان (2214)، وابن إدريس أخرجه ابن خزيمة (1679) ومحمد بن عبيد أخرجه أحمد (10835) ويزيد بن هارون أخرجه الدارمي (1351) ويزيد بن زريع أخرجه أبو يعلى (5915) وغيرهم.
وفي روايتي أبي على والبيهقي «وليخرجن إذا خرجن تفلات» .
(3)
وتابع محمد بن عمرو المغيرة أخرجه الطبراني في «الأوسط» (568).
3 -
عُبَيْدٍ، مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ (ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يكتب حديثه
(1)
أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (8109) - عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدٍ، مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اسْتَقْبَلَتْهُ امْرَأَةٌ يَفُوحُ طِيبُهَا لِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ، فَقَالَ لَهَا: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ أَنَّى جِئْتِ؟ قَالَتْ: مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ: أَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَارْجِعِي؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ حَبِيبِي أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ، أَوْ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى تَغْتَسِلَ كَغُسْلِهَا مِنَ الْجَنَابَةِ» . وتابع الثوري شعبة أخرجه أحمد (7959) والطيالسي (2680) وسفيان بن عيينة أخرجه الحميدي (1001) وابن ماجه (4002) وشريك أخرجه أبو يعلى (6479) وعبد بن حميد «المنتخب» (1461)
(2)
.
• والخلاصة أن الخبر ثابت من مسندي أبي هريرة وزينب {ولا يصح من مسند زيد بن خالد الجهني ومن حيث الألفاظ فلفظ: تفلات لا يصح من حديث زيد بن خالد وثبت بسند حسن من مخرج متسع عن أبي هريرة وفيه: «تفلات» أي غير متطيبات عند كثير من العلماء فوجه الجمع أن تحمل على
(1)
وقد اختلف في اسمه ونسبه كثيرا انظر كلام ابن القطان وقال العقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/ 380): وَعُبَيْدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَجْهُولٌ.
(2)
ورواه ليث تارة عن رجل عن أبي هريرة أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8110) وتارة عن عبد الكريم عن مولى أبي رهم عن أبي هريرة أخرجه أحمد (8773) وليث ضعيف.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (5376) من طريق أبي الحارث عبيد بن أبي عبيد عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
الرواية بالمعنى
(1)
ويرى شيخنا معي بتاريخ 28 ربيع أول 1443 موافق 3/ 10/ 2021 م: أن محمد بن عمرو لا يتحملها والله أعلم.
الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها وعنها عمرة بنت عبد الرحمن وعنها ثلاثة:
1 ـ أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري أخرجه أحمد (24406) - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ
(2)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ، فَقَالَ أَبِي: يَذْكُرُهُ عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَلَوْ رَأَى حَالَهُنَّ الْيَوْمَ مَنَعَهُنَّ» (في إسناده ضعف للكلام في عبد الرحمن بن أبي الرجال
(3)
فيرفع أشياء لا يرفعها غيره).
(1)
قال الربيع بن سليمان كما في «اختلاف الحديث» (8/ 624): تفلات: لا يتطيبن. وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (10291): المتفلة: المتغيرت الريح بغير طيب. وقال علاء الدين بن العطار (ت/ 724): (1/ 356): ويلحق بالطيب: ما في معناه؛ من البخور، وحسن الملابس، والحلي الذي يظهر أثره في الزينة؛ فإن منعَ الطيبِ لهن في الخروج؛ إنما هو: لدفع داعية الرجال، وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا؛ وكذلك حكم كل خروج يؤدي بهن إلى مفسدة نهى الشرع عنها.
وفي «لسان العرب (11/ 77 (: تَفِل الشيءُ تَفَلًا: تغَيَّرت رَائِحَتُهُ. والتَّفَل: تَرْكُ الطِّيب. رَجُلٌ تَفِل أَي غَيْرُ مُتَطَيِّب بَيِّن التَّفَل، وامرأَة تَفِلة ومِتْفَال؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِتَخْرُجِ النِّساءُ إِلى الْمَسَاجِدِ تَفِلات» أَي تارِكات للطِّيب؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّفِلَة الَّتِي لَيْسَتْ بِمُتَطَيِّبَةٍ وَهِيَ الْمُنْتِنَةُ الرِّيحُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
إِذا مَا الضَّجِيعُ ابْتَزَّها مِنْ ثِيابها تَمِيل عَلَيْهِ هَوْنَةً غيرَ مِتْفال.
(2)
الحكم هو ابن موسى بن أبي زهير.
(3)
وثقه عدد وقال أبو زرعة: عبد الرحمن أيضا يرفع أشياء لا يرفعها غيره.
وسئل أبو داود عن عبد الرحمن بن أبى الرجال، فقال: أحاديث عمرة يجعلها كلها عن عائشة.
2 -
يحيى بن سعيد وعنه جمع أخرجه البخاري (869) ومسلم (445) عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:«لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ» قُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَوَمُنِعْنَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
3 -
إسماعيل بن أمية أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (5112).
• الخلاصة: رواية الصحيحين مقدمة في حديث عائشة وزيادة (تفلات) فيها عبد الرحمن بن أبي الرجال لا يتحملها فقد وثقه عدد وقال أبو زرعة: عبد الرحمن يرفع أشياء لا يرفعها غيره.
وسئل أبو داود عن عبد الرحمن بن أبى الرجال، فقال: أحاديث عمرة يجعلها كلها عن عائشة.
الحديث الثالث: رواه جمهور الرواه - نافع
(1)
وسالم
(2)
وبلال
(3)
وحبيب بن أبي ثابت والصحيح عن مجاهد
(4)
- عن ابن عمر دون «تفلات»
(1)
أخرجه البخاري رقم (900) عن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالعِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ فِي المَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالَ: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» وأخرجه مسلم (442).
(2)
أخرجه البخاري (5238) من طريق سالم ولفظه: «إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» . وأخرجه مسلم (442).
(3)
أخرجه مسلم (442) ولفظه: «لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِذَا اسْتَأْذَنُوكُمْ» فَقَالَ بِلَالٌ: وَاللهِ، لَنَمْنَعُهُنَّ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ:" أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ أَنْتَ: لَنَمْنَعُهُنَّ "
(4)
أخرجه البخاري (865) من طريقي سالم ومجاهد ولفظه: «إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى المَسْجِدِ، فَأْذَنُوا لَهُنَّ» . وأخرجه مسلم رقم (442) من طريق مجاهد.
زادها ليث بن أبي سليم فهب منكرة: أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (6318) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَلَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ» فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: وَاللَّهِ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ، يَتَّخِذْنَ ذَلِكَ دَغَلًا فَقَالَ: "فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ اللَّهُ بِكَ، تَسْمَعُنِي أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ أَنْتَ: لَا؟ قَالَ لَيْثٌ: «وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ»
• الخلاصة: زيادة (تفلات) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما تفرد بها الليث بن أبي سليم وهي زيادة منكرة.
وكتب شيخنا معي بتاريخ الخميس 22 ربيع أول 1443 موافق 28/ 10/ 2021 م: يُثبت أنه روجع حديث ابن عمر وعائشة وتبين عدم ثبوت اللفظة فيهما. ثم كتب على حديث أبي هريرة يؤجل وفقك الله.
• تنبيه: من آداب المرأة المسلمة عند خروجها من بيتها لحاجة
(1)
ما يلي:
1 -
ترك الطيب كما سبق
(2)
.
2 -
لبس ثياب غير مفتنة للشباب.
3 -
انتقاء الحذاء الذي لا يحدث فتنة من صوت ولمعة.
قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
(1)
قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33].
(2)
نعم قد تترك الزوجة العطر لكن تصحب زوجها المتعطر فلتتفطن لذلك.
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] وقال جل ذكره: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 23 - 25].
كتاب الآداب
فضل حُسن الخُلق
• قال ابن حِبان، رقم (481): أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ مُحْرِزٍ، وَالْحَوْضِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْكَيْخَارَانِيِّ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي الْمِيزَانِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ» .
• وقد تابع القاسمَ بن أبي بَزَّة الحسنُ بن مسلم، كما عند أحمد (27496).
• وأخرجه الترمذي (2120): وغيره بسند صحيح، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن يَعْلَى بن مَمْلَك
(1)
، عن أم الدرداء، به.
• ورواه أبو قِلَابة مرفوعًا وموقوفًا، ولم يُتابَع عليه، كما عند الدارقطني في «العلل» (1078).
• ورواه شَريك، عن خَلَف، عن ميمون، عن أُم الدرداء، مرسلًا
(2)
.
(1)
بفتح الميم الأولى، وسكون الثانية، وبَعْدها لام وكاف، كما في «شرح أبي داود» (5/ 382) للعيني. وفي «مرقاة المفاتيح» (3/ 914) لعلي القاري: بِمِيمَيْنِ عَلَى وَزْنِ جَعْفَرٍ.
(2)
وانظر: «العلل» (2032) لابن أبي حاتم.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أيمن بن عطية بن عبد المولى الفيومي
(1)
- إلى الصحة.
• فائدة:
• قال الطحاوي في «شرح مُشكِل الآثار» (11/ 257): فذلك عندنا - والله أعلم - على حُسْن الدِّين.
• قال ابن أبي الدنيا
(2)
في «مكارم الأخلاق» رقم (6): حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ، يُحِبُّ الْكَرَمَ وَمَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ، وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا»
(3)
.
وهذا الطريق مُعَلّ بالإرسال، كما في «جامع مَعْمَر» (20150)
(4)
.
(1)
وُلد بقرية العِزَازِية، بتاريخ (15/ 5/ 1975 م) حاصل على بكالوريوس تربية جامعة المنصورة.
يَعرض أحاديث من تحقيقه كتاب «كشف الخفا» للعجلوني، بمشاركة الباحث ياسر بن سعيد اللقاني الفيومي، حَفِظهما الله.
(2)
في ترجمته كلام.
(3)
في «النهاية في غريب الحديث» لأبي السعادات ابن الأثير (2/ 374): السفساف: الأمر الحقير والرديء مِنْ كل شيء، وهو ضد المعالي والمَكارِم. وأَصْله: ما يَطِير من غُبَار الدَّقيق إذا نُخِل، والترابِ إذا أُثِيرَ.
(4)
فالأصح عن مَعْمَر الإرسال.
ولا يُغتَر بما عند الحاكم (1/ 301) من طريق حَجاج بن سليمان، عن أبي غسان، عن أبي حازم، به مرفوعًا.
وحَجاج قال فيه أبو حاتم: شيخ معروف. وقد قال أبو نُعيم على طريق مَعْمَر المرفوعة: تَفرَّد به مَعْمَر عن أبي حازم.
واستَند العَلَّامة الألباني في «الصحيحة» رقم (1378) في تصحيحه طريقَي مَعْمَر وأبي غسان كليهما عن أبي حازم. وانظر: «تنبيه الهاجد» (541).
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث عبد الله بن سيد بن حسنين القليوبي
(1)
: كل طرقه فيها مقال.
قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (1308) - حَدَّثَنَا مَطَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: شِرَارُ أُمَّتِي الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَشَّدِّقُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ، وَخِيَارُ أُمَّتِي أَحَاسِنُهُمْ أَخْلاقًا.
وتابع يزيد يحيى بن إسحاق كما عند أحمد (8808) وفيه: «ألا أنبئكم بشراركم
…
» وشيبان بن فروخ كما عند ابن عدي (2/ 227) وأبو نعيم كما عند البيهقي في «السنن» (20800)
وخالفهم يونس بن محمد المؤدب كما عند الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (22) فذكر المتن مختصرا وزاد في الإسناد بديل بن ميسرة بين البراء وعبد الله بن شقيق.
والبراء ضعفه أحمد وغيره وقال ابن عدي هو عندي أقرب إلى الصدق منه إلى الضعف.
وورد من عدة طرق عن أبي هريرة بمعنى لفظ: «وَخِيَارُ أُمَّتِي أَحَاسِنُهُمْ أَخْلاقًا» وأمثلها ما أخرجه أحمد رقم (10022) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا
(1)
يُراجِع مع شيخنا بحثَي: «أحكام يوم الجمعة» و «كيف تكون خطيبًا ناجحًا» .
حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ يَقُولُ: «خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، إِذَا فَقِهُوا» . وإسناده حسن فإن حماد هو ابن سلمة ومحمد بن زياد هو الجمحي.
ومنها ما أخرجه أحمد رقم (10817) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»
وفقرة «شِرَارُ أُمَّتِي الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَشَّدِّقُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ» لها شواهد منها حديث أبي ثعلبة أخرجه أحمد (17732) وعنه مكحول وروايته عنه في مسلم في غير هذا الخبر وفي سماعه اختلاف.
ومنها حديث جابر أخرجه الترمذي (2137) وغيره من طريق محممد بن المنكدر واختلف عليه في الوصل والإرسال وصوب الدارقطني الإرسال.
ومنها حديث ابن عباس أخرجه ابن عدي في «الكامل» (4/ 367) وفي سنده زمعة بن صالح ضعيف وفي روايته عن سلمو بن بهرام متكلم فيها. وأخرجه عبد بن حميد (627) مختصرا.
ومنها حديث ابن مسعود وفي سنده صدقة بن موسى ضعيف أخرجه البزار (1722).
ومنها مرسل هارون بن رئاب كما في «جامع معمر» (20153).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن سالم بتاريخ 29 من ذي الحجة 1442 موافق 8/ 8/ 2021 م صحيح لشواهده.
أخلاقه صلى الله عليه وسلم
-
• قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]
قال أحمد في «مسنده» (25417) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:«لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَلَا صَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يُجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ»
وتابع شعبة زكريا بن أبي زائدة كما في «الزهد» (7) والثوري كما في «العلل» (3751).
وأخرجه إسحاق في «مسنده» رقم (1616) - أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَاللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَمَكْتُوبٌ فِي الإِنْجِيلِ: لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَأَقِ، وَلَا يُجْزِي بِالسَّيِّئَةِ سَيِّئَةً، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ.
والعيزار وثقه ابن معين والنسائي وتوفي سنة (110).
قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (11/ 265): وَهَذِهِ أَحْسَنُ الصِّفَاتِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الَّتِي هِيَ السَّجِيَّةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ تُحْمَدُ سَجِيَّتُهُ.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن عبد الرحمن بتاريخ 14 صفر 1443 موافق 21/ 9/ 2021 م: الخبر يصح إجملا بغض النظرعن رواية العيزار.
• تنبيه: للخبر شاهد أخرجه البخاري رقم (2125) من طريق فُلَيْح بن سليمان، حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ {، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: " أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا " وتابع فليحا هلال بن أبي هلال أخرجه البخاري (4838) أيضًا.
تقبيل الزَّبيبة - السُّرة
-
• قال الطبراني في «المعجم الكبير» (2658): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَسَوِيُّ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُرَنِيُّ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ»
• الخلاصة: سنده ضعيف؛ لضعف قابوس في أبيه، فقد قال ابن حِبان: كان رديء الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع
المراسيل وأسند الموقوف، وأبوه ثقة، يقال: مات في خلافة مَرْوان بن محمد، وقيل: في خلافة أبي العباس.
قال شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن حسن العزازي: إسناده تالف.
تقويم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه
• ورد في ذلك عدة أخبار منها قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر إنك امرؤ فيك:
1 -
عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» أخرجه البخاري (30) ومسلم (1661).
2 -
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ» أخرجه البخاري (4001).
3 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (21679) - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَأَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ، فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو النَّضْرِ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ سَبِّ الدِّيكِ، وَقَالَ:«إِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ» زاد معمر وسفيان بن عيينة سبب الورود
وسنده صحيح هكذا: لَعَنَ رَجُلٌ دِيكًا صَاحَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَا تَلْعَنْهُ، فَإِنَّهُ يَدْعُو لِلصَّلَاةِ» .
وتابع يزيد وأبي النضر مالك بن أنس بإسناد نازل وفيه ضعف أخرجه الطبراني في (5212) وأبو نعيم في «الحلية» .
وتابعهم عبد العزيز بن رفيع كما عند الطبراني وسنده ضعيف.
وتابعهم عاصم بن علي كما عند الطبراني (5209) وتابعهم أبو داود الطيالسي (999) في وجه وفي آخر خالفهم قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ» وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ مَرَّةً أُخْرَى: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدِي.
بينما خالفه في الترجيح الإسنادي أبو حاتم كما في «العلل» (2559) لَيْسَ لابْنِ أَبِي قَتادة عن أبيه هاهنا له مَعْنَى، هَذَا كذبٌ، وحديثُ صَالِحٍ، عن عُبَيد الله بن عبد الله، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) - صحيحٌ.
ومما يؤيد أبي حاتم كثرة المتابعات التامة وإن كان بعضها ضعيفا والقاصرة كمتابعة معمر في «جامعه» (20498) بلفظ: لَعَنَ رَجُلٌ دِيكًا صَاحَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَا تَلْعَنْهُ، فَإِنَّهُ يَدْعُو لِلصَّلَاةِ» فزاد سبب الورود.
والداروري في وجه راجح أخرجه أبو داود (5101) وسفيان بن عيينة لكن على الشك كما عند الحميدي (833) هكذا: قَالَ سُفْيَانُ: لَا أَدْرِي زِيدُ بْنُ خَالِدٍ أَمْ لَا، قَالَ: سَبَّ رَجُلٌ دِيكًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ،
فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ» ورحج أبو حاتم وأبو زرعة هذا الوجه فقالا: وَهُوَ الصَّحيح. ا هـ.
• قلت أبو أويس: وهو الأظهر لدي للآتي:
1 -
لأن الأكثر والأشهر والأعلى إسنادا هذا.
2 -
كل ما سواه فيه خلاف أو ضعف كطريق الداروردي ففيه خلاف في الوصل والإرسال والأرجح الوصل. وطريق الحسن بن أبي جعفر بجعله من مسند ابن عباس وهو ضعيف. وطريق عون بن عبد الله عن أبيه عن ابن مسعود أو بإسقاط أبيه والسند إليه فيه مسلم بن خالد الزنجي ضعيف ورواية إسماعيل بن أبي عياش ضعيفة في غير الشاميين وصالح بن كيسان مدني.
ورواه زهير بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبيد الله مرسلا أخرجه النسائي (10716) ورواية الجماعة عن صالح بن كيسان أصح من رواية زهير بن محمد وترجيح أبي حاتم وأبي زرعة أقوى وأوفق من قول الدارقطني:
وَالْمُرْسَلُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.
• الخلاصة: أن سنده صحيح وزاد معمر وسفيان بن عيينة سبب الورود وورد الخبر عن أربعة من الصحابة - زيد بن خالد وابن عباس وابن مسعود وأبي هريرة
(1)
- مدارهم على صالح وأرجحها أنه من مسند زيد بن خالد رضي الله عنه.
(1)
أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» (1446) - حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسُبُّوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة" وزيد بن خالد فيه ضعف وقد خالف الجماعة عن صالح بن كيسان.
بينما مال شيخنا مع الباحث/ نصر بن حسن الكردي
(1)
بتاريخ 24 من ذي الحجة 1442 موافق 3/ 8/ 2021 م: إلى اضطرب صالح بن كيسان فيه.
وطلب مراجعة الباحث للحديث معي وقد تم ذلك بفضل الله.
الحديث الرابع: قال أبو داود في «سننه» رقم (4084) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي غِفَارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ - وَأَبُو تَمِيمَةَ اسْمُهُ طَرِيفُ بْنُ مُجَالِدٍ - عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ، لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَرَّتَيْنِ، قَالَ:" لَا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ، قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ " قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ، أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ - أَوْ فَلَاةٍ - فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ، رَدَّهَا عَلَيْكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ، قَالَ:«لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً، قَالَ:«وَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ، فَلَا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ»
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمد بن عادل بن مصباح بتاريخ الخميس 20 من ذي الحجة 1442 موافق 30/ 7/ 2021 م إلى غرابة هذا
(1)
وبحث هذا الخبر من قبل الباحثان سعيد القاضي وسيد بن عبد التواب حفظهما الله.
المتن وقد استغربه الإمام أحمد على الجريري وقد توبع من ضعفاء وقال ابن بطال في «فتح الباري» : لا يثبت هذا الخبر.
حق المسلم على المسلم
• قال الإمام مسلم رقم (2066): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، ح، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ:
«أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ - أَوْ: الْمُقْسِمِ - وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ.
وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ - أَوْ: عَنْ تَخَتُّمٍ - بِالذَّهَبِ، وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ، وَعَنِ الْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ».
وتابع أبا خيثمة وزهيرًا أبو الأحوص، أخرجه البخاري (5175) ولم يَذكر الحرير.
وتابعهم سفيان الثوري، وعنه قَبيصة، كما عند البخاري (5849) ومنصور وعمرو بن محمد، وكلاهما عند مسلم (2066) ويحيى بن آدم كما عند أحمد (18644) وخالفهم أبو داود عمر بن سعد، فزاد:«آنية الذهب» أخرجه أحمد (18645).
وانتهى شيخنا مع الباحث إلى شذوذها.
ورواه أبو عَوَانة عن الأشعث به، واختُلف عليه في اللفظ:
1 -
فرواه أبو ربيع العَتَكي، أخرجه مسلم (2066) بإبدال لفظة إبرار القسم بإنشاد الضالة. نص عليه مسلم.
2 -
موسى بن إسماعيل، أخرجه البخاري (5635) دون إنشاد الضالة.
ورواه أبو إسحاق الشيباني عن الأشعث به، واختُلف عليه:
فالجماعة - علي بن مُسْهِر وجَرير وأسباط - بزيادة: «فمَن شَرِب فيها في الدنيا، لم يَشرب فيها في الآخرة» . وخالفهم أبو معاوية، ولم يَذكر الزيادة.
وهذه اللفظة من زيادات أبي إسحاق الشيباني، خالف فيها الجماعة.
• تنبيه: اتَّفَق أبو عَوَانة وأبو إسحاق الشيباني وأبو الأحوص وسفيان الثوري، على لفظ:«إفشاء السلام» .
وخالفهم شُعبة والجَرَّاح بن مَليح وعلي بن صالح، فقالوا:«رد السلام» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ محمود بن ربيع، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1443) الموافق (8/ 12/ 2021 م): من ناحية الترجيح رواية الأكثرين بما فيهم سفيان الثوري - أَوْلَى؛ لأمور:
1 -
كثرة مَنْ ذَكَرها، ومنهم الثوري.
2 -
ما ورد عن شُعبة من الأخطاء في الألفاظ، فالله أعلم.
تشميت العاطس
• قال ابن أبي شيبة في «الأدب» رقم (329): حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَمَّتَهُ، ثُمَّ عَادَ فَشَمَّتَهُ، ثُمَّ عَادَ فَشَمَّتَهُ، ثُمَّ زَادَ فَقَالَ:«حَفَدْتَ وَنَقَوْتَ» .
• الخلاصة: أن هذا الخبر في متنه أمران:
الأول: زيادة «حَفَدْتَ وَنَقَوْتَ» .
الثاني: ليس فيه التصريح بالحمد عقب التشميت، ومع ذالك شَمَّته النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبو خالد الأحمر لا يتحمل
(1)
وإِنْ كان وَثَّقه ابن المَديني، وابن مَعين في رواية، وفي أخرى: صدوق وليس بحجة.
•وقال أبو أحمد بن عَدي: له أحاديث صالحة، وإنما أُتِي من سوء حفظه، فيغلط ويخطئ، وهو في الأصل كما قال ابن مَعين: صدوق وليس بحجة.
(1)
أورد الباحث محمد أحمد بن خليل الشيباني حديثًا من رواية أبي بكر بن أبي شيبة كما في «الأدب» (329) عن أبي خالد الأحمر عن يوسف بن صهيب عن حبيب بن يسار عن زيد بن أرقم عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمته ..... ثم زاد: حفدت ونقوت.
•وقال البزار في كتاب «السُّنن» : ليس ممن يَلزم زيادته حُجة; لاتفاق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظًا، وأنه قد روى أحاديث عن الأعمش وغيره لم يُتابَع عليه.
•وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 407): له عند البخاري نحو ثلاثة أحاديث من روايته عن حُمَيْد وهشام بن عروة وعُبَيْد الله بن عبد الله بن عمر، كلها مما توبع عليه.
وعَلَّق له عن الأعمش حديثًا واحدًا في الصيام، وروى له الباقون.
ومما يعارض هذا الخبر ما أخرجه البخاري (6221)، ومسلم (2991): عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ س قَالَ: عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ:«هَذَا حَمِدَ اللهَ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللهَ» .
اجتهاد ابن عمر في تشميت العاطس
• عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا عَطَسَ، فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: «يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ، وَيَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ»
(1)
.
• وَعَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا شَمَّتَ الْعَاطِسَ، قَالَ:«يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ. فَإِذَا عَطَسَ هُوَ فَشُمِّتَ، قَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، وَيَرْحَمُنَا، وَإِيَّاكُمْ»
(2)
.
• عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ، فَقَالُوا: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«يَهْدِيكُمُ اللهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»
(3)
.
• عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَمَّتَهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا، فَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ:«يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ، وَيَرْحَمُنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ» ، وَقَالَ لِلْيَهُودِ:«يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»
(4)
.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه مالك في «موطئه» (2/ 965).
(2)
إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/ 271) عن أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان. قال العُقيلى: يضطرب في حديث نافع.
ومما يؤيد ذلك أن ابن أبي شيبة أخرجه في «مصنفه» (5/ 271) رقم (26000): حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا عَطَسَ فَشُمِّتَ، قَالَ:«يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ» .
(3)
إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (12/ 411) وفي سنده أسباط بن عَزْرَة، قال فيه أبو حاتم: مجهول.
(4)
إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في «شُعَب الإيمان» رقم (8909): أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال: أنا أبو علي الرَّفَّا الهَرَوي، نا محمد بن صالح الأشج، نا عبد الله بن عبد العزيز، حدثني أبي، به.
قال البيهقي في «شُعَب الإيمان» (11/ 503): تَفرَّد به عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، وهو ضعيف.
صيغ في التشميت تؤيد ابن عمر رضي الله عنهما
-
• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ مَنْ عِنْدَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَلْيَقُلْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ»
(1)
.
• وَعَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلْيَقُلْ مَنْ يَرُدُّ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَقُلْ هُوَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ
(2)
.
(1)
معل بالوقف: أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1983) من طريق أَبْيَضُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مرفوعًا. وتابعه جعفر بن سليمان، علقه البخاري في «الأدب المفرد» (1983). وخالفهما الثوري ووُهيب فأوقفاه، ذَكَره البخاري عقبه. وقال الطبراني في «الدعاء» (ص: 552): هَكَذَا رَوَاهُ أَبْيَضُ بْنُ أَبَانَ وَالْمُغِيرَةُ السَّرَّاجُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مُتَّصِلًا، وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ مَوْقُوفًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.
(2)
إسناده حسن موقوفًا: أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (934): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ به. وتابع الثوريَّ وُهيب كما عند البخاري في «التاريخ» وتابعهما ابن فُضيل، أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (25998).
وأشار البخاري إلى الوقف، ورجحه الطبراني كما سبق، وصَوَّبه البيهقي في «شُعَّب الإيمان» (11/ 500) فقال: هذا موقوف، وهو الصحيح، ورُوي مرفوعًا.
• فائدة: قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (10/ 183): لَيْسَ يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يُقَالُ لِلْعَاطِسِ عِنْدَ عُطَاسِهِ، وَإِنَّ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ هُوَ الَّذِي يَقُولُهُ الْعَاطِسُ لِمَنْ شَمَّتَهُ عِنْدَ عُطَاسِهِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ. وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ.
• الخلاصة: أن الصحيح المرفوع ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»
(1)
.
وقال البخاري في «الأدب المفرد» (ص: 317): أَثْبَتُ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ.
وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (10/ 180): وَلَا نَعْلَمُ حَدِيثًا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ أَحْسَنَ إِسْنَادًا، وَلَا أَثْبَتَ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري (6224) من طريق أبي صالح السمان عن أبي هريرة، به.
وأخرجه البخاري أيضًا رقم (6223) من طريق ابن أبي ذِئْب، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ: هَا! ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ» .
كم مرة يشمت العاطس
• عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ:«يَرْحَمُكَ اللهُ» ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الرَّجُلُ مَزْكُومٌ»
(1)
(1)
إسناده صحيح: رواه عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه، واختُلف عليه في اللفظ: فرواه الجماعة - هاشم بن القاسم، وعاصم بن علي، ووكيع، وبَهْز، وأبو الوليد الطيالسي - هكذا. أخرجه مسلم (2993) والبخاري في «الأدب المفرد» (935) والدارمي (2703).
وخالفهم زيد بن الحُبَاب، وابن المبارك، وسُليم بن أخضر فقالوا:«ثم عطس في الثانية» أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (5981) والترمذي (2743) وقال: حسن صحيح. والنَّسَائي في «الكبرى» (9980).
وأيضًا يحيى بن سعيد فقال: «ثم عطس في الثانية أو الثالثة» . أخرجه أحمد (16529) والترمذي (2743) على الجزم، بلفظ:«ثلاثًا» وقال: «هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ المُبَارَكِ» .
وخالفهم وكيع كما عند ابن ماجه رقم (3714): «يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا، فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ» .
ولعل هذا الاختلاف في اللفظ يرجع إلى عكرمة بن عمار، فقد وثقه ابن مَعِين والدارقطني. وقال ابن عَدِي: كان صدوقًا إن روى عنه ثقة. وقال أحمد: مضطرب الحديث عن غير إياس بن معاوية. وقال أبو حاتم: كان صدوقًا، ربما وهم في حديثه، وربما دلس.
الخلاصة: ثم عرضه الباحث أحمد بن كامل مع شيخنا بتاريخ 10 جمادى الأولى 1443 موافق 14/ 12/ 2021 م: فتبين أن الخلاف حدث على وكيع فرواه محمد بن عبد الله بن نمير موافقا الجماعة عن عكرمة كما عند مسلم وخالفه محمد بن علي الطنافسي فرواه تقعيدا لا واقعة حال فوهم فيه. أخرجه ابن ماجه.
ومن ثم قال ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 605 (: وَأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ قَالَ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَفَادَ تَكْرِيرَ التَّشْمِيتِ وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ لِمُخَالَفَةِ جَمِيعِ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ فِي سِيَاقِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ عِكْرِمَةَ الْمَذْكُورِ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ وَكِيعًا فَإِنَّ فِي حِفْظِهِ مَقَالًا فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
• وفي رواية لابن أبي شيبة: «ثم عَطَس الثانية» وفي رواية لأحمد: «ثم عَطَس الثانية أو الثالثة» وفي رواية ابن ماجه: «يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا، فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ» .
• وفي مرسل أبي بكر بن عمرو بن حزم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ: إِنَّكَ مَضْنُوكٌ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ
(1)
.
• عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُشَمَّتُ العَاطِسُ ثَلَاثًا، فَإِنْ زَادَ فَإِنْ شِئْتَ فَشَمِّتْهُ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا»
(2)
.
(1)
مرسل صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 956). عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم هو وأبوه ثقتان. وقال البيهقي في «الشُّعْب» (8919): مرسل.
(2)
إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي في «سُننه» (27744) وقال: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ» .
فَضْل الجار
• قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (115): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ»
(1)
.
وتابع عبدَ الله بن يزيد المقرئ عبدُ الله بن المبارك، كما في «الجهاد» (ص/ 163) وجمهور الرواة عنه على الرفع، كأحمد بن جميل، أخرجه عنه الترمذي في «السُّنن» رقم (1944) وغيره، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ غَرِيبٌ. وحِبان بن موسى وهاشم بن القاسم، أخرجه ابن حِبان (518) وتابعهم الحسن بن خُزيمة.
وقال البيهقي في «شُعَب الإيمان» (12/ 92): ورواه ابن المبارك، عن حَيْوة بن شُريح فوقفه، ورأيته في «المُستدرَك» فيما لم يُقرَأ مرفوعًا من حديث ابن المبارك.
(1)
وأخرجه أحمد رقم (6566): حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة وابن لَهِيعة، قالا: أخبرنا شُرَحْبيل بن شَريك، به.
• الخلاصة: شُرحبيل بن شَريك المعَافري روى عنه جماعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال النَّسَائي: ليس به بأس. وذَكَره ابن حِبان فى «الثقات» وضَعَّفه أبو الفتح الأزدي.
وانتهى شيخنا مع ابنه عبد الرحمن في ترجمة شرحبيل إلى التحسين.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17372): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ خَصْمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ» .
وابن لَهيعة ضعيف، ولم يَرْوِ عنه أحد العبادلة، وقد تابعه عمرو بن الحارث، أخرجه ابن أبي عاصم (45) والطبراني في «المعجم الكبير» (836) وفي سنده يحيى بن سليمان، له مناكير.
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ عمرو بن عمران، بتاريخ (7) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (11/ 12/ 2021 م): الخبر لا يَثبت لثلاث
(1)
.
(1)
أي: ثلاث علل، وهن:
1 -
عموم ما أخرجه البخاري رقم (3965): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ:«أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ» وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] قَالَ: "هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَعُبَيْدَةُ، أَوْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الحَارِثِ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ".
2 -
لَمَّا ذَكَر الله المحرمات قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24].
3 -
أن التوبة تَجُبّ ما قبلها.
تعاون الجيران
• قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ومن استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه.
قال الإمام البخاري رقم (2463) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ» ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ:«مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ» وتابع عبد الله بن مسلمة جمع منهم يحيى بن يحيى أخرجه مسلم (1609).
ورواه معمر واختلف عليه فرواه عنه عبد الرزاق كما عند مسلم (1909) وأحمد (7702) كرواية الجمهور عن الزهري وخالفه عبد الأعلى كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (23036) وهشام الدستوائي كما في «مشكل الآثار» (2416) فقالا عنه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه
(1)
.
وقال سفيان بن عيينة كما في «مسند الحميدي» (1107): إني لأحفظ المكان الذي سمعته فيه من الزهري ما قال فيه إلا الأعرج ما قال فيه سعيد بن المسيب.
(1)
وورد عند الطبراني في «الكبير» (3/ 378) من طريق يزيد بن زريع عن محمد بن أبي حفصة وبرد بن سناد كلاهما عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال أبو حاتم في «العلل» (1413): وهم فيه معمر إنما هو الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة كذا رواه مالك وجماعة وهو الصحيح.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمد بن صلاح بتاريخ 22 ربيع أول 1443 موافق 28/ 10/ 2021 م: الظاهر -والله أعلم - أن الأصح رواية من روى عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة حسب ما أورده محمد صلاح من تخريج وبالله التوفيق.
شكاية الجار
• قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148].
• قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (124): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي! فَقَالَ:«انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ» فَانْطَلَقَ فَأَخْرِجَ مَتَاعَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟! قَالَ: لِي جَارٌ يُؤْذِينِي، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ» فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْزِهِ. فَبَلَغَهُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَوَاللَّهِ لَا أُؤْذِيكَ.
• تابع صفوانَ أبو خالد الأحمر، أخرجه أبو داود (4488).
• وتابعهما حاتم بن إسماعيل
(1)
.
(1)
أورد الباحث شاهدين ضعيفين، في أحدهما شَريك النَّخَعي، وفي الآخر شهر بن حوشب، وأُعِلَّ بالإرسال.
• الخلاصة: وكَتَب شيخنا مع الباحث/ محمد بن شرموخ، بتاريخ (12) رجب (1441 هـ) الموافق (7/ 3/ 2020 م): حَسَن
(1)
.
(1)
وكذا كَتَب شيخنا مع ابنه عبد الرحمن: سنده حسن. بتاريخ (7) شعبان (1441 هـ) الموافق (31/ 3/ 2020 م) وأورد له شاهدًا من حديث أبي جُحيفة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (125) وفي سنده شَريك وشيخه أبو عمر.
سد حاجة الجار من الإيمان
• قال عبد بن حُميد كما في «المُنتخَب من مسنده» رقم (693): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَبَخَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ، وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» .
• الخلاصة: حَكَم شيخنا على سنده بالضعف في تحقيقه «المُنتخَب» وكذا مع ابنه عبد الرحمن؛ لأن في إسناده عبد الله بن مساور
(1)
ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال ابن المَدِيني: مجهول، لم يَرْوِ عنه غير عبد الملك. كما في «تهذيب التهذيب» (6/ 27).
وأورد له الشيخ أحمد بن أبي العينين في تحقيقه «المُنتخَب) طرقًا وشواهد ضعيفة حَسَّنه بها. ومن قبله العَلَّامة الألباني رحمه الله.
• فائدة: قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 28): فَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ إِيمَانًا خَرَجَ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْكُفْرِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَعْلَى
مَرَاتِبِ الْإِيمَانِ. وَأَشْبَاهُ هَذَا كَثِيرَةٌ، يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا.
(1)
وقيل: ابن أبي المساور. انظر «علل ابن أبي حاتم» (2507).
فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ وُضُوءًا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْحَدَثِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ وُضُوءًا كَامِلًا فِي أَسْبَابِ الْوُضُوءِ الَّذِي يُوجِبُ الثَّوَابَ.
فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمَعَانِي مَا وَصَفْنَا، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلَالَةٌ يُقْطَعُ بِهَا لِأَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ؛ وَجَبَ أَنْ يُجْعَلَ مَعْنَاهُ مُوَافِقًا لِمَعَانِي حَدِيثِ الْمُهَاجِرِ حَتَّى لَا يَتَضَادَّا. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْوُضُوءَ بِلَا تَسْمِيَةٍ يَخْرُجُ بِهِ الْمُتَوَضِّئُ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الطَّهَارَةِ.
وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا رَأَيْنَا أَشْيَاءَ لَا يَدْخُلُ فِيهَا إِلَّا بِكَلَامٍ. مِنْهَا الْعُقُودُ الَّتِي يَعْقِدُهَا بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ مِنَ الْبِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْخُلْعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِأَقْوَالٍ، وَكَانَتِ الْأَقْوَالُ مِنْهَا إِيجَابٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ:(قَدْ بِعْتُكَ، قَدْ زَوَّجْتُكَ، قَدْ خَلَعْتُكِ) فَتِلْكَ أَقْوَالٌ فِيهَا ذِكْرُ الْعُقُودِ.
وَأَشْيَاءُ تَدْخُلُ فِيهَا بِأَقْوَالٍ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ، فَتَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ، وَفِي الْحَجِّ بِالتَّلْبِيَةِ. فَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّلْبِيَةُ فِي الْحَجِّ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِهَا.
ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ، هَلْ تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟ فَرَأَيْنَاهَا غَيْرَ مَذْكُورٍ فِيهَا إِيجَابُ شَيْءٍ كَمَا كَانَ فِي النِّكَاحِ وَالْبُيُوعِ. فَخَرَجَتِ التَّسْمِيَةُ لِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَا وَضَعْنَا، وَلَمْ تَكُنِ التَّسْمِيَةُ أَيْضًا رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ كَمَا كَانَ التَّكْبِيرُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَكَمَا كَانَتِ التَّلْبِيَةُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، فَخَرَجَ أَيْضًا بِذَلِكَ حُكْمُهَا مِنْ حُكْمِ التَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ.
فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْوُضُوءِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فِيمَا يُعْمَلُ فِيهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الذَّبِيحَةَ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَهَا، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ، فَالتَّسْمِيَةُ أَيْضًا عَلَى الْوُضُوءِ كَذَلِكَ.
قِيلَ لَهُ: مَا ثَبَتَ فِي حُكْمِ النَّظَرِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ مُتَعَمِّدًا أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ، لَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُؤْكَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُؤْكَلُ. فَأَمَّا مَنْ قَالَ: (تُؤْكَلُ) فَقَدْ كُفِينَا الْبَيَانَ لِقَوْلِهِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: (لَا تُؤْكَلُ) فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا تُؤْكَلُ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ كِتَابِيًّا. فَجُعِلَتِ التَّسْمِيَةُ هَاهُنَا فِي قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهَا فِي الذَّبِيحَةِ إِنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ الْمِلَّةِ.
فَإِذَا سَمَّى الذَّابِحُ صَارَتْ ذَبِيحَتُهُ مِنْ ذَبَائِحِ الْمِلَّةِ الْمَأْكُولَةِ ذَبِيحَتُهَا، وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ جُعِلَتْ مِنْ ذَبَائِحِ الْمِلَلِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهَا.
وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الْوُضُوءِ لَيْس لِلْمِلَّةِ، إِنَّمَا هِيَ مَجْعُولَةٌ لِذِكْرٍ عَلَى سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ، فَرَأَيْنَا مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ الْوُضُوءَ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ، فَكَانَ مَنْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ لَا بِتَسْمِيَةٍ، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْ تَطَهَّرَ أَيْضًا لَا بِتَسْمِيَةٍ - لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
فضل تربية البنات
• وردت فيه أخبار منها المطلق بلا عدد في البخاري (1418) ومسلم (2629) من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ، فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:«مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»
ومنها المقيد بثلاث بنات من حديث عقبة بن عامر أخرجه أحمد (17403) وغيره وإسناده صحيح والمقيد ببنتين من حديث أنس أخرجه مسلم (2631) وهو أصح الطرق عن أنس وورد من طريق ثابت عن أنس وهي معلة كما عند أحمد (12788) وقال في «العلل» عن طريق ثابت: هذا حديث باطل. وبالنظر تجد الطرق إلى ثابت فيها ضعف.
وورد السؤال عن و ثلاثة واثنتين وواحدة فأقر صلى الله عليه وسلم الواحدة وذلك في حديث أبي هريرة أخرجه أحمد (8541) ومداره على عمر بن نبهان وهو مجهول.
وورد أيضًا التقييد بواحدة من حديث ابن مسعود أخرجه الطبراني في «الكبير» (10447) وفي سنده طلحة بن زيد وهو ضعيف.
• تنبيه والعموم في حديث عائشة رضي الله عنها يشمل الواحدة.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أحمد بن محمد بن قرني بتاريخ 18 ربيع أول 1443 موافق 24/ 10/ 2021 م: إلى صحة الرواية المطلقة من
حديث عائشة والمقيدة بثلاث من حديث عقبة بن عامر والمقيدة بالبنتين من حديث أنس رضي الله عنه.
آداب الطريق
• أخرج البخاري (2465)، ومسلم (2121) من طريقين: عَنْ حَفْص بْن مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ» .
فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا.
قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا» .
قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟
وتابع حفصًا: زهير بن محمد، وهشام بن سعد، وعبد العزيز بن محمد.
وخالفهم مَعْمَر في المتن، فزاد (وإرشاد السائل) وقال بدل (عن عطاء):(عن رجل) كما في «جامع مَعْمَر» (19786).
وزاد أيضًا البيهقي في «الشُّعَب» (8665): «فاهدوا السبيل، وأعينوا المظلوم» من طريقي هشام بن سعد وزهير بن محمد.
وفي سنده أبو الطاهر النَّيْسَابوري، مجهول.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ إلى ضعف زيادتي: «إرشاد السائل» «فاهدوا السبيل، وأعينوا المظلوم» .
- وأخرج الترمذي في «سننه» رقم (2726) - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ البَرَاءِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ:«إِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَرُدُّوا السَّلَامَ، وَأَعِينُوا المَظْلُومَ، وَاهْدُوا السَّبِيلَ» وتابع أبا داود جماعة من الثقات - محمد بن جعفر وعفان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي وابن مهدي -.
وتابع شعبة إسرائيل أخرجه أحمد (4/ 282 و 291) وابن حبان (597) وغيرهما.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ أحمد بن علي بتاريخ الأربعاء 18 من ذي الحجة 1442 موافق 28/ 7/ 2021 م: هذا الحديث بعينة مما لم يسمعه أبو إسحاق من البراء نصّ عليه بنفسه.
الآداب في الأسواق
1 -
قال ابن حِبان في «صحيحه» رقم (72): أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ كُلَّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ سَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ، جِيفَةٍ بِاللَّيْلِ، حِمَارٍ بِالنَّهَارِ، عَالِمٍ بِأَمْرِ الدُّنْيَا، جَاهِلٍ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ» .
وتابع أحمدَ بن محمد أبو بكر القطان، أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (20804).
ورواه عبد الله بن سعيد المَقبُري -وهو متروك - عن أبيه عن أبي هريرة، به، كما في «أمثال الحديث» (234).
وقال أبو حاتم: سعيد بن أبي هند لم يَلْقَ أبا هريرة رضي الله عنه.
• الخلاصة: كتَبَ شيخنا مع الباحث إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (7) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (11/ 12/ 2021 م): علته الانقطاع:
1 -
أليس من علماء العلل
(1)
؟
(1)
بلى وهو أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي (ت/ 277) قال فيه الخليلي في «الإرشاد» (2/ 682): الْإِمَامُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، بِالْحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ، وَالْجَبَلِ، وَخُرَاسَانَ بِلَا مُدَافَعَةٍ
…
وَكَانَ عَالِمًا بِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ وَفِقْهِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ: لَمْ نَلْقَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ مِمَّنْ وَرَدَ عَلَيْنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ.
2 -
ولم يصرح بالسماع؟
3 -
ولم يرد في الصحيحين؟
4 -
من السادسة؟
2 -
قال البزار في «مسنده» رقم (2541): حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا؛ فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ وَبِهَا يَنْصُبُ رَايَتَهُ» .
وخالف ابنَ فُضَيْلَ عبدةُ بن سليمان فأوقفه، أخرجه أحمد في «الزهد» رقم (821): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ رحمه الله: لَا تَكُنْ أَوَّلَ دَاخِلٍ السُّوقَ وَآخِرَ خَارِجٍ مِنْهَا؛ فَإِنَّ بِهَا مَعْرَجَ الشَّيْطَانِ وَمَرْكَزَ رَايَتِهِ. قَالَ يَحْيَى: مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ.
وأخرجه الإمام مسلم رقم (2451): حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُعْتَمِرِ، قَالَ ابْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: لَا تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا؛ فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ.
قَالَ: وَأُنْبِئْتُ
(1)
أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام، أَتَى نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ. قَالَ: فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ:«مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ. قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللهِ، مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ خَبَرَنَا أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
وتابع معتمرًا سفيانُ ويزيد بن هارون، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (10172).
ورواه عون - هو ابن شداد - عن أبي عثمان، به. أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (34675).
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن عبد الرحمن، بتاريخ (7) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (11/ 12/ 2021 م): الخبر لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
القائل: (أُنْبِئْتُ) هو أبو عثمان النَّهْدي، كما في البخاري رقم (3634): حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ:«مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللَّهِ، مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
فضل الشيب
• ورد فيه عن جماعة من الصحابة}:
1 -
أقواها حديث ابن عمرو {أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6675) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَشِيبُ فِي الْإِسْلَامِ شَيْبَةً، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» وتابع ابن عجلان ابنُ إسحاق وغيره.
(شيبة في الإسلام) قيد أي عاملا بشرع الله ممتثلا أمره مجتنبا نهيه.
2 -
كعب بن مرة رضي الله عنه. أخرجه الترمذي في «سننه) (1634) حَدثنا هَنَّادٌ، حَدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ؛ أَنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ، قَالَ: يَا كَعْبُ بْنَ مُرَّةَ، حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاحْذَرْ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ. قال أبو داود كما في «جامع التحصيل» : سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل بن السمط.
3 -
فضالة بن عبيد أخرجه أحمد (23952) وفي سنده ابن لهيعة وتابعه يحيى بن أيوب وعنه جرير بن حازم أخرجه ابن أبي عاصم في «الجهاد» رقم
(168)
ورواية جرير بن حازم عن يحيى قال فيها ابن يونس: ليس عند المصريين منها حديث وهي تشبه أن تكون من حديث ابن لهيعة
(1)
.
4 -
أبو هريرة رضي الله عنه أخرجه ابن حبان (2985) - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ» وفي سنده محمد بن عمرو بن علقمة استنكر يحيى القطان وأحمد بن حنبل روايته عن أبي سلمة مطلقا. وإبراهيم بن الحجاج ثقة يهم قليلا.
5 -
عمرو بن عبَسة السلمي أخرجه الترمذي (1730) والنسائي (3155) وغيرهما من طرق عن عمرو بن عبسة لا تخلوا من ضعف.
6 -
ابن عمر أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1024) من طريق طريف بن زيد الحراني عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر به ونص الذهبي في «الميزان» أن له خبرا منكرا عن ابن جريج وهذا هو.
7 -
معاذ بن جبل أخرجه ابن أبي شيبة (19831) من طريق سالم بن أبي الجعد عن معاذ ولم يدركه لأن سالما توفي (197) ومعاذ توفي (18) وروي مرفوعا عند الطبراني في «الكبير» (315).
(1)
هذا مثال نافع ينبه على في الشواهد التي لا يعتبر بها عند فريق من العلماء.
8 -
أبو موسى ذكره أبو حاتم في «العلل» (2260) وفيه حفص النجار ضعيف وعتيبة بن مهران قال أبو داود: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر جدًّا.
9 -
عمر بن الخطاب أخرجه ابن حبان رقم (355) وفي سند هـ سليم بن عامر توفي سنة (130) فلم يدرك عمر. وأخرجه الطبراني وفي سنده سويد بن عبد العزيز ضعيف.
10 -
طلحة بن عبيد الله أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (10346) والشاشي في «مسنده» (20)
(1)
من طريق سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ، وَيَكْرَهُ شَفَافَهَا، وَمِنْ إِعْظَامِ إِجْلَالِ اللهِ عز وجل إِكْرَامُ ثَلَاثَةٍ: الْإِمَامُ الْمُقْسِطُ، وَذُو الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وَحَامِلُ الْقُرْآنِ غَيْرُ الْجَافِي عَنْهُ وَلَا الْغَالِي فِيهِ"" قال البيهقي: فِي هَذَا الْإِسْنَادِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، وَطَلْحَةَ "
11 -
أنس رضي الله عنه موقوفا أخرجه مسلم رقم (2341) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:"يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَيْنِ وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ ".
(1)
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (28317) وغيره من طريق سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَرِيزٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ جَوادٌ يُحِبُّ الْجُود، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخْلَاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» .
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن عادل بن مصباح السلموني
(1)
إلى: كل طرق حديث من شاب شيبة ضعيفة لكن يمكن تصحيحها بمجموعها وأقوى ما فيها طريق عمرو بن شعيب.
ثم عرضه الباحث أحمد بن محمد بن قُرَني
(2)
بتاريخ 9/ ذي القعدة 1442 موافق 20/ 6/ 2021 م مع شيخنا فكتب: صحيح بمجموع طرقه. بل لشواهده.
• فائدة: قال أبو خليفة: ابيضت لحية محمد بن سلام ورأسه، وله سبع وعشرون سنة.
وكان يقول: أفنيت ثلاثة أهلين ماتوا، وها أنا في الرابعة ولي أولاد. كما في «تاريخ الإسلام» (5/ 918).
(1)
ولد بتاريخ 28/ 4/ 1979 م حصل على الماجستير من دار العلوم بعنوان «الانحرفات العقدية عند الصوفية» بمرتبة جيد جدًّا عام 2007 م والدكتوراه بعنوان «رد شبهات الملاحدة في العبادات والمعاملات» دراسة نقدية تحت الإشراف والدراسة.
نزيل منية سمنود بتاريخ 2003 م وله من الكتب التي قدمها شيخنا:
1 -
«المخالفات العقدية عند الصوفية» تحت الطبع.
2 -
«الاحتكار والتسعير» تحت الطبع.
3 -
«الأحاديث المتعارضه» ما زال في عرضها.
(2)
ولد بقرية هرم ميدوم الواسطة ببني سويف يعرض على شيخنا بحث «مرويات قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة» .
الشيب في عنفقته صلى الله عليه وسلم
-
• قال البخاري رقم (3546) - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ شَيْخًا؟ قَالَ: «كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ»
• الخلاصة: انتهى مع الباحث/ عاطف رشدي بتاريخ 29 محرم 1443 موافق 6/ 9/ 2021 م: أنه ثابت من حديث عبد الله بن بسر ضعيفة من حديث أبي جحيفة.
استئذان صاحب الحق
• قال أبو داود في «سُننه» (4845): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا» .
وتابعه الترمذي في «سُننه» رقم (2752): حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ
…
به. وحَسَّن الخبر.
وتَابَع أسامةَ عامرٌ الأحول، أخرجه أبو داود (4844): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُجْلَسْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا» .
• تنبيه: في سند أبي داود إشارة إلى الإرسال.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث محمود بن غانم المنوفي، بتاريخ (26) جمادى الآخرة (1441 هـ) الموافق (20/ 2/ 2020 م):
هل انتُقد على عمرو بن شُعيب؟
هل اختُلف في وقفه ورفعه؟
إِنْ سَلِم من هذين، فهو حسن الإسناد.
ثم كتب مع الباحث/ محمد بن سيد الفشني بتاريخ 4 محرم 1443 موافق 12/ 8/ 2021 م: حسن بطريقيه.
التكلف للضيف
• قال الإمام أحمد رقم (23733): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ شَابُورَ - رَجُلٌ مَنْ بَنِي أَسَدٍ - عَنْ شَقِيقٍ، أَوْ نَحْوِهِ - شَكَّ قَيْسٌ - أَنَّ سَلْمَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَدَعَا لَهُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ، فَقَالَ:«لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا - أَوْ: لَوْلَا أَنَّا نُهِينَا - أَنْ يَتَكَلَّفَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ، لَتَكَلَّفْنَا لَكَ» وفي رواية: «لَا يَتَكَلَّفَنَّ أَحَدٌ لِلضَّيْفِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ» .
• الخلاصة: قال شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن حسن العزازي: كل طرقه ضعيفة، ومعناه مُخالِف للنصوص التي جاءت في التكلف للضيف في أول يوم، كقصة الخليل، وقوله صلى الله عليه وسلم:«إياك والحَلوب» .
هل الاتكاء على اليد اليسرى
في الجلوس منهي عنه
• قال الإمام أحمد (19454) وأبو داود في «سننه» رقم (4848) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي، فَقَالَ:«أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟» واللفظ لأبي داود.
وتابع علي بن بحر عمرو بن خالد كما عند الطبراني (7242) والحاكم في «المستدرك» (7703) والمغيرة بن عبد الرحمن كما عند ابن حبان (5674) وسليمان بن عمر كما عند الخطيب في «أخلاق الراوي والسامع» (945).
وخالف عيسى بن يونس عبد الرزاق كما في «مصنفه» (3057) فأرسله مع التقييد بالصلاة هكذا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبرَاهِيمُ بن مَيْسَرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بن شَرِيدٍ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي وَضْعِ الرَّجُلِ شِمَالَهُ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ: هِيَ قَعْدَةُ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.
وتارة رواه عبد الرزاق كما في «مسند السراج» رقم (170) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا جَالِسًا فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكَ فِي صَلاتِكَ جُلُوسَ قَعْدَةِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.
وعبد الرزاق من الأثبات في ابن جريج وقد أرسل وعيسى بن يونس رفع ونحو هذا الرفع حدث في حديث الهدية فرفعه عيسى بن يونس أيضًا وأرسله وكيع ومحاضر أخرجه البخاري (2585) وسبق هذا في كتابي «كيف تكون محققا على نهج كبار المحققيين» (ص/ 123) ط دار اللؤلؤة. ورحج الإرسال أحمد وأبو داود وهو اختيار شيخنا فيه واخترت الوصل تبعا للبخاري؛ لأنها زيادة ثقة وقد قال في كتاب الزكاة: «صحيح البخاري» (2/ 126): «وَيُؤْخَذُ أَبَدًا فِي العِلْمِ بِمَا زَادَ أَهْلُ الثَّبَتِ أَوْ بَيَّنُوا» ولقلة المخالفين الذين وقفت عليهم.
ولمن صحح الوصل في وجهة:
1 -
أن عيسى بن يونس ثقة وقد حمل الثقات عنه هذا الخبر على الرفع وعنعنة ابن جريج في المرفوع مدفوعه بتصريحه في الرواية المرسلة إن سلمت من الخطأ.
2 -
أن المخالف عبد الرزاق وهو وإن كان من الأثبات في ابن جريج إلا أنه قد اختلف عليه وكثيرًا ما تقع عليه خلافات.
3 -
صححه العلامة الألباني في «الترغيب والترهيب» (3036).
• والخلاصة: وكتب شيخنا مع الباحث/ محمد بن الشحات بتاريخ الخميس 6 ربيع الآخر 1443 موافق 11/ 11/ 2021 م: يبدو والله أعلم أن المرسل أصح وأيضا فهو مقيد بالصلاة.
كراهية مدح الشخص في وجهه
• وردت فيه أخبار، منها ما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (3002): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ يُثْنِي عَلَى أَمِيرٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ، وَقَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ نَحْثِيَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ
(1)
.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ، فَعَمَدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا، فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأْنُكَ؟! فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمِ التُّرَابَ» .
وإسناده صحيح. ورواه الأعمش واختُلف عليه، والأكثرون خالفوا الأعمش، ومنهم منصور، وهو يهم في الصِّغار. وحَكَى الدارقطني الخلاف في «علله» رقم (3418).
(1)
وانظر كلام البخاري والترمذي في «العلل الكبير» (613) وابن أبي حاتم في «علله» (2205).
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أيمن بن عطية الفيومي، بتاريخ (1) جمادى الأُولى (1443) الموافق (5/ 12/ 2021 م) إلى أنه أَفْصَحَ عن علة طريق الأعمش، وصحة الخبر من غير طريقه.
وقال الدارقطني: وأصحها إسنادًا حديث منصور عن إبراهيم عن همام عن المقداد، وحديث حبيب عن مجاهد عن أبي مَعْمَر، وقول الثوري أَثْبَتُها.
قال النووي في «شرحه على مسلم» (18/ 128): هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمِقْدَادُ الَّذِي هُوَ رَاوِيهِ، وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ. وَكَانُوا يَحْثُونَ التُّرَابَ فِي وَجْهِهِ حَقِيقَةً. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: خَيِّبُوهُمْ فَلَا تُعْطُوهُمْ شَيْئًا لِمَدْحِهِمْ. وَقِيلَ: إِذَا مُدِحْتُمْ فَاذْكُرُوا أَنَّكُمْ مِنْ تُرَابٍ، فَتَوَاضَعُوا وَلَا تُعْجَبُوا. وَهَذَا ضَعِيفٌ.
فضل الحياء وذم الفُحش
• قال تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} [الحج: 24]{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263].
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (12689): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ، وَلَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ» .
وتابع الإمامَ أحمد جماعةٌ -محمد بن عبد الأعلى، أخرجه الترمذي (1974)، والحسن بن علي الخَلَّال، أخرجه ابن ماجه (4185)، وعبد بن حُميد كما في «المُنتخَب» (1241) وغيرهم -.
وخالفهم نوح بن حبيب فقال: عن عبد الرزاق عن مَعْمَر عن قتادة عن أنس، به. أخرجه ابن حِبان (551).
• الخلاصة: كتَبَ شيخنا مع الباحث/ أنس بن منصور، بتاريخ (7) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (11/ 12/ 2021 م): سنده ضعيف؛ لأنه من رواية مَعْمَر عن ثابت، ومَعْمَر يخطئ في البصريين
(1)
.
(1)
قال ابن حجر في ترجمته من «التقريب» : ثقة ثَبْت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئًا وكذا فيما حَدَّث به بالبصرة.
كظم الغيظ
• قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6114) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ جَرْعَةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ، يَكْظِمُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى»
وتابع علي بن عاصم على الوصل حماد بن سلمة كما عند ابن ماجه (4189) وهذا السند صحيح؛ لأن الحسن سمع من ابن عمر قاله أبو حاتم وأحمد وبهز بن أسد وخالفهم ابن المديني فقال: لم يسمع.
وخالفهما العلاء بن المسيب كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (24409) وتابعه رجل مبهم كما في «مسند الشهاب» (1308).
والأرجح الوصل
(1)
.
(1)
وقد توبع الحسن على الوصل من سالم بن عبد الله أخرجه أحمد (5926) لكن يعكر على هذه المتابعة أمران:
1 -
أنها ليست في كل النسخ الخطية وتأمل كلام العلامة الشيخ أحمد شاكر وكذلك ط المكنز.
2 -
في حال ثبوتها هل هي من أوهام شجاع بن الوليد؟.
وخالفهم إسماعيل بن علية كما عند ابن الأعرابي في «معجمه» (5310) وعبد الأعلى بن عبد الأعلى كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (35718) وأبو شهاب بن عبد ربه كما في «الأدب المفرد» (1318) فأوقفوه ورجحه الدارقطني ووافقه شيخنا مع الباحث/ د إبراهيم بن يوسف بتاريخ 29 من ذي الحجة 1442 موافق 8/ 8/ 2021 م.
العجلة من الشيطان
• قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2012) - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ المَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الأَنَاةُ مِنَ اللَّهِ وَالعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ»
تابع أبا مصعب علي بن بحر أخرجه الطبراني في «الكبير» (5702).
وعبد المهيمن قال البخاري: منكر الحديث.
وله شاهد من حديث أنس أخرجه أبو يعلى (4256) ورجاله ثقات إلا سعد بن سنان لم يرو عنه إلا يزيد بن أبي حبيب ووثقه ابن معين وضعفه أحمد والنسائي والدارقطني وابن سعد قال أحمد: روى خمس عشر حديثا منكرا ما أعرف منها واحدا.
وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه إسحاق في «مسنده» رقم (377) وفي سنده عطاء الخرساني لم يسمع من أبي هريرة والراوي عنه كلثوم بن محمد بن أبي سدرة قال أبو حاتم: لا يصح حديثه.
وله شاهد مرسل بسند ضعيف عن الحسن أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (226).
• الخلاصة: انتهى مع الباحث/ عمر بن ثابت بتاريخ الثلاثاء 17 ذي القعدة 1442 موافق 29/ 6/ 2021 م: إلى ضعفه من كل طرقه.
• تنبيه: في مسلم رقم (17) من حديث ابن عباس {: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَشَجِّ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ» .
التحريش بين البهائم
• قال الترمذي في «العلل الكبير» رقم (511) - حَدثنا أَبو كُرَيب، حَدثنا يَحيَى بن آدم، حَدثنا قطبة بن عَبد العَزيز، عن الأَعمش، عن أَبي يَحيَى، عن مُجاهِد، عن ابن عَباس، أَنْ النَّبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن التحريش بين البهائِم.
خالف قطبة سفيان الثوري فأرسله وأخرجه الترمذي في «سننه» رقم (1709) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ البَهَائِمِ» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُقَالُ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ قُطْبَةَ.
• الخلاصة: اختلف في الخبر على الأعمش على ثلاثة وجوه وصل وإرسال وإثبات واسطة بينه وبين مجاهد. فرواه أبو معاوية ووكيع وعبيد الله عن الأعمش عن مجاهد مرسلا وقال الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 280) فسأَلت مُحمدًا فقال: الصَّحيح إِنما هو عن مُجاهِد، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم مُرسل.
وتابعهم على الإرسال سفيان الثوري بإثبات أبي يحيى القتات بين الأعمش ومجاهد. وانظر «العلل» لابن أبي حاتم.
ورواه المنهال بن عمرو واختلف عليه فرواه عنه الأعمش وعنه زياد بن عبد الله البكائي فقال عن مجاهد عن ابن عباس أخرجه الطبراني في «الأوسط»
(2136)
وقال البزار: أخطأ زياد إنما يريويه المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا.
وكتب شيخنا مع الباحث/ زياد أدنى من غيره من الرواة عن الأعمش والله أعلم.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ حازم بن مسعد أبو زيد الهيتمي بتاريخ الأحد 22 من ذي الحجة 1442 موافق 1/ 8/ 2021 م: الأكثرون عن الأعمش بالإرسال سواء أدخلوا واسطة بين الأعمش ومجاهد أم لا.
قصة بكاء الجَمَل، أو حق الحيوان من النفقة
• قال الإمام أحمد في «مسنده» (1754): حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَتَهُ، وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَبَرَّزَ كَانَ أَحَبَّ مَا تَبَرَّزَ فِيهِ هَدَفٌ يَسْتَتِرُ بِهِ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ، فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ نَاضِحٌ لَهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ.
فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ وَسَرَاتَهُ، فَسَكَنَ فَقَالَ:«مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟» فَجَاءَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا. فَقَالَ: «أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؛ فَإِنَّهُ شَكَاكَ إِلَيَّ وَزَعَمَ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ؟!»
(1)
.
(1)
في «شرح مشكل الآثار» (15/ 63) رقم (5842): وكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِفْرَى الْبَعِيرِ هُوَ مَا بَعْدَ أُذُنَيْهِ.
وَمَعْنَى السَّرْوِ الْمَذْكُورِ فِيهِ: هُوَ أَسْرَى مَا فِيهِ وَأَعْلَاهُ، فَأَضَافَ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِقَوْلِ رَاوِيهِ، أَيْ: مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى ذِفْرَاهُ وَعَلَى سَرْوِ مَا فِيهِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِسُكُونِهِ.
وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبِ ذَلِكَ الْبَعِيرِ، بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى تَشَكِّيهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ يُجِيعُهُ وَيُدْئِبُهُ فِي الْعَمَلِ:«أَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا؟!» يَعْنِي أَخَذْتَهُ بِإِعْلَافِهِ بِمَا يُخْرِجُهُ مِنْ مَالِكِي بَنِي آدَمَ فِي مَمَالِيكِهِمُ الَّذِينَ يُجِيعُونَهُمْ.
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْفِقْهِ، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْفِقْهِ فِيهَا:
فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: مَنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ يُجِيعُهَا، لَمْ يُؤْخَذْ بِإِعْلَافِهَا، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَيُؤْمَرُ بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، وَتَرْكِهِ إِجَاعَتِهَا. وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ.
وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: بَلْ يُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ بِهِ وَيُحْبَسُ فِيهِ، كَمَا يُفْعَلُ بِهِ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ مِنْ بَنِي آدَمَ مِمَّنْ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَخَرَةٍ.
وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ الْأَخِيرِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا بِإِجْمَاعِهِمْ، وَإِجْمَاعِ مُخَالِفِيهِمْ عَلَى الْأَخْذِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَمْلُوكِينَ الْآدَمَيِّينَ.
فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِمُخَالِفِيهِمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْآدَمَيِّينَ تَجِبُ لَهُمُ الْحُقُوقُ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْحُقُوقُ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَمَالِيكَ الْآدَمَيِّينَ يَجْنُونَ الْجِنَايَاتِ، فَيُؤْخَذُونَ بِهَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْحُقُوقُ تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا يَجِبُ لَهُمْ عَلَى مَنْ تَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ إِلَيْهَا، ثُمَّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْحُقُوقُ بِجِنَايَاتِهِمْ، فَكَانُوا كَذَلِكَ أَيْضًا فِي تَرْكِهِ وُجُوبَ الْحُقُوقِ لَهُمْ عَلَى مَالِكِيهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ بِخِلَافِ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ، يُؤْمَرُونَ فِيهِمْ بِتَقْوَى اللهِ ?، وَبِتَرْكِ التَّضْيِيعِ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَا عَلَى مَالِكِيهِمْ فِي التَّجَاوُزِ مَا عَلَى غَيْرِ مَالِكِيهِمْ فِيهِ.
ثُمَّ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَائِطِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ وَالْمَاءُ يَقْطُرُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، فَحَرَّجْنَا عَلَيْهِ أَنْ يُحَدِّثَنَا، فَقَالَ: لَا أُفْشِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
أخرجه مسلم (342): حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ - وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ
…
به، دون ذكر قصة الجَمَل.
• الخلاصة: اعتَمَد شيخنا مع الباحث/ عاصم بن عبد الباقي الأُسواني، مع أخيه د/ محمد ياسين، ضمن بحث «الكلمات الحسان في شمائل مَنْ خُلقه القرآن» طريق «المُسنَد» لعلوها بقصة الجمل.
كتاب السلام
فضل السلام والتأمين
• قال ابن ماجه في «سننه» رقم (856) وغيره - حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ، مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ.
وتابع حماد بن سلمة خالد بن عبد الله الطحان أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (1585).
وأخرجه أحمد (25029) والبيهقي (2443) من طريق محمد بن الأشعث -وهو مقبول - عن عائشة نحوه بذكر التأمين وزاد (الجمعة والقبلة).
• الخلاصة: وانتهى شيخنا مع الباحث أبي عمار عبد المقصود الكردي إلى تحسينه لاتساع المخرج ولا يعل بما في البخاري (6024) ومسلم (2165) من طرق عن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» .
قال الإمام البيهقي في «شعب الإيمان» (11/ 289) رقم (8555) - وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: نا حُسْنُ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: نا قَطَرِيٌّ الْخَشَّابُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَحَّبَ بِي وَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ قَالَ:«يَا بَرَاءُ تَدْرِي لِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذْتُ بِيَدِكَ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: لَا يَا نَبِيَّ اللهِ، قَالَ: " لَا يَلْقَى مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَيَبَشُّ بِهِ، وَيُرَحِّبُ بِهِ، وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ إِلَّا تَنَاثَرَتِ الذُّنُوبُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» .
وروى من طرق ضعيفة في كتب عالية مع اختصار المتن منها ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25717) - حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» والأجلح ضعيف.
• والخلاصة: ظاهر إسناد البيهقي الحسن والمتبعات الأخرى تقوى القدر المشترك أما شيخنا فيرى أن سند كهذا لا يقوى على فضيلة المغفرة مع نزولة. وكتب مع الباحث/ أحمد الجندي بتاريخ 16/ 11/ 2021 م ترجى مراجعة السند عند هق. -أي البيهقي -.
السلام قبل الكلام
• قال تعالى في الحديث القدسي لآدم عليه السلام: «اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلَائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ»
(1)
.
وفي قصص إبراهيم عليه السلام: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [هود: 69].
1 -
قال ابن السُّني في «عمل اليوم والليلة» رقم (214): أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، {قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ، فَلَا تُجِيبُوهُ»
(2)
.
• الخلاصة: ابن أبي رَوَّاد هو عبد العزيز
…
وتابعه عبد الله بن عمر العُمَري
(3)
وهو ضعيف.
انتهى شيخنا مع الباحث/ عبد الغني بن إبراهيم الحامولي إلى ضعفه.
(1)
أخرجه البخاري (3326).
(2)
وأخرجه أبو نُعيم في «الحِلية» (8/ 199)، وابن عَدِيّ في «الكامل» (6/ 508).
(3)
أخرجه الطبراني (429) وفي «مكارم الأخلاق» (880).
2 -
أخرج الترمذي في» سننه» رقم (2699) - حَدثنا الفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدثنا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبدِ الرَّحمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: السَّلَامُ قَبْلَ الكَلَامِ.
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا تَدْعُوا أَحَدًا إِلَى الطَّعَامِ حَتَّى يُسَلِّمَ.
• الخلاصة: فيه علتان نصّ عليهما الترمذي:
الأولى: عنبسة بن عبد الرحمن قال فيه البخاري ضَعِيفٌ فِي الحَدِيثِ، ذَاهِبٌ.
الثانية: مُحَمَّدُ بْنُ زَاذَانَ مُنْكَرُ الحَدِيثِ.
أفاده الباحث/ محمد بن حسن الكدواني في بحثه «أحكام الاستئذان» .
تعليم السلام
• قال الإمام أحمد «مسنده» رقم (15476): حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِنَا، فَقَالَ:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» قَالَ: فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا، قَالَ قَيْسٌ: فَقُلْتُ: أَلَا تَأْذَنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: ذَرْهُ يُكْثِرْ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ، وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا؛ لِتُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ.
قَالَ: فَانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ فَوُضِعَ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ - أَوْ قَالَ: نَاوَلُوهُ - مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ، فَاشْتَمَلَ بِهَا، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ» .
قَالَ: ثُمَّ أَصَابَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَرَّبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ حِمَارًا قَدْ وَطَّأَ عَلَيْهِ بِقَطِيفَةٍ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا قَيْسُ، اصْحَبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ قَيْسٌ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبْ» فَأَبَيْتُ، ثُمَّ قَالَ:«إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ» قَالَ: فَانْصَرَفْتُ.
وخالف الوليدَ بن مسلم أربعةٌ فأرسلوه - ابن المبارك كما عند النَّسَائي (327) وشُعيب كما في «عمل اليوم والليلة» (326) وعمر بن عبد الواحد وابن سَمَاعَة، أخرجه أبو داود (5185).
وخالف يحيى بنَ أبي كثير ابنُ أبي ليلى، فأَثْبَتَ واسطة بين محمد وقيس وابن أبي ليلى ضعيف.
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث/ أبي عمار عبد المقصود الكردي، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (9/ 12/ 2021 م): يبدو أن الإرسال أصح، والله أعلم.
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (23127): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَأَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَادِمِهِ: " اخْرُجِي إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسِنُ الِاسْتِئْذَانَ، فَقُولِي لَهُ: فَلْيَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، آَدْخُلُ؟ ".
قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، آَدْخُلُ؟ قَالَ: فَأَذِنَ - أَوْ قَالَ: فَدَخَلْتُ - فَقُلْتُ: بِمَ أَتَيْتَنَا بِهِ؟ قَالَ: "لَمْ آتِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، أَتَيْتُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ - قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ - وَأَنْ تَدَعُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَأَنْ تُصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَأَنْ تَصُومُوا مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا، وَأَنْ تَحُجُّوا الْبَيْتَ، وَأَنْ تَأْخُذُوا مِنْ أَمْوَالٍ أَغْنِيَائِكُمْ فَتَرُدُّوهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ ".
قَالَ: فَقَالَ: هَلْ بَقِيَ مِنَ الْعِلْمِ شَيْءٌ لَا تَعْلَمُهُ؟ قَالَ: " قَدْ عَلِمَ اللَّهُ خَيْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، الْخَمْسَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] ".
وتابع محمدَ بن جعفر معاذ والد عُبيد الله، وتابع شُعبة محمدُ بن سَلَّام وجرير.
وخالفهم أبو عَوَانة فلم يقل: (عن رجل من بني عامر) أخرجه أبو داود (5177) ورواه أبو الأحوص من رواية هناد عنه في وجه عند أبي داود (5178): حُدِّثْتُ أن رجلًا.
• والخلاصة: أن رواية شعبة ومَن تابعه أرجح، وإسناده صحيح.
بينما كَتَب شيخنا مع الباحث/ أبي عمار عبد المقصود الكردي، بتاريخ (4) جمادى الأولى (1443 هـ) الموافق (9/ 12/ 2021 م): هل راجعتَ العلل؟
بذل السلام للعالم
• أخرج البخاري رقم (12) ومسلم (39) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو {، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»
وقال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (31080) - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثَلاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ، وَبَذْلُ السَّلامِ لِلْعَالمِ. تابع سفيان الثوري على الوقف شعبة وإسرائيل وأبو بكر بن عياش وهارون بن سعيد وخديج بن معاوية وفطر بن خليفة ومعمر في وجة كما في «المصنف» (19439) وفي آخر بالرفع كما في «مسند البزار» (1396).
ورواه الحسن البصري عن عمار مرفوعا أخرجه الشهاب في «مسنده» (892) ولم يسمع منه.
ورواه أبو أمامة عن عمار مرفوعا أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 141) وفي سنده محمد بن سعيد بن سويد مجهول عن أبيه وهو ضعيف.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ عمر بن شوقي بتاريخ 25 من ذي الحجة 1442 موافق 4/ 8/ 2021 م: الصواب عن عمار الوقف وراجع لفظ البخاري.
قلت: أي المعلق وإليك نصه: في البخاري «صحيحه» (1/ 15): وقَالَ عَمَّارٌ: "ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ".
السلام بالإشارة على اليهود
• قال عبد الله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» رقم (1331): حَدَّثْتُ أَبِي بِحَدِيثٍ حَدَّثَنَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«تَسْلِيمُ الرَّجُلِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، يُشِيرُ بِهَا - فِعْلُ الْيَهُودِ» .
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. أَنْكَرَهُ جِدًّا
(1)
.
• خالف أبا خالد الأحمر ثلاثة:
1 -
إبراهيم بن حُميد الرُّؤَاسيّ، أخرجه النَّسَائي (10100): أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُسْتَمِرِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، عَنْ ثَوْرٍ قَالَ: حَدَّثَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَهُمْ بِالأَكُفِّ وَالرُّءُوسِ وَالإِشَارَةِ» .
(1)
وقال الإمام أحمد كما في «الجامع لعلوم الإمام أحمد» (15/ 278): أيضًا: هذا موضوع. أو كأنه موضوع. وقال: نراه يَتوهم بهذه الأحاديث. أي: عثمان بن محمد بن أبي شيبة.
قال الباحث: يُحْمَل كلام الإمام أحمد على تفرد عثمان عن أبي خالد بهذا اللفظ، لكن قد تابع أبا خالد الأحمر كما سيأتي جماعةٌ بلفظ مغاير.
ومما يُستدرَك عليه: وكان أخوه أبو بكر لا يُطنِّفُ نفسه بشيء من هذه الأحاديث.
تَابَع ابنَ المُستمِرّ الحسنُ بن علي المَعْمَري، كما عند الديلمي (4/ 150).
2 -
محمد بن عيسي المروزي، كما عند الطبراني في «الأوسط» (503) والراوي عنه محمد بن حُمَيْد، ضعيف.
3 -
طلحة بن زيد، وهو متروك الحديث، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (8520).
• الخلاصة: رواية الجماعة عن ثور بن يزيد أرجح، وهي التي اعتمدها شيخنا مع الباحث/ محمد بن خليل الشيباني، وانتهى معه إلى صحة الحديث.
ونَبَّه على أن لفظ أبي خالد الأحمر غير مُعارِض لبقية الألفاظ.
• وللخبر شاهد من حديث ابن عمرو، أخرجه الترمذي (2695) وفي سنده ابن لَهيعة، واختُلف عليه في الرفع والوقف.
• وتَابَع ابنَ لَهيعة يزيدُ بن أبي حبيب، كما عند الطبراني في «الأوسط» رقم (738) وفي سنده ضعف.
• وتابعهما إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف. أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (2509).
إلقاء السلام على أهل الكتاب
• قال الإمام مسلم رقم (2167) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ - عَنْ سُهَيْلٍ
(1)
، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ» .
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، ح، وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ، عَنْ سُهَيْلٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ:«إِذَا لَقِيتُمُ الْيَهُودَ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ:«فِي أَهْلِ الْكِتَابِ» وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: «إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ» وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
• وللخبر سياق به قصة، أخرجها أبو داود رقم (5205): حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الشَّامِ، فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ بِصَوَامِعَ فِيهَا نَصَارَى، فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ أَبِي: لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ؛ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ» .
(1)
هناك متابعة عند ابن عَدِيّ من الأعمش لسُهيل وضَعَّفها.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ ياسر بن سعيد اللقاني الفيومي
(1)
إلى أن الاختلاف في المتن كـ «لقيتم اليهود
…
لقيتم المشركين» غير مؤثر لأنه في غير المسلمين، وأن الأثبات عن سهيل بذكر «فاضطروهم إلى أضيقه» وأن هذا البحث يَحملنا على البحث في ترجمة سهيل بن أبي صالح، وأن كل مَنْ أتى بفائدة في هذا الخبر له جائزة.
ومما يؤيده ما جاء في رسالته صلى الله عليه وسلم كما في البخاري (7): «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى» .
• وساق بعض إخواننا عمومات في إلقاء السلام، منها:
1 -
(1)
وُلد بقرية كفر المحروق، التابعة لمركز كفر الزيات، محافظة الغربية، بتاريخ (29/ 9/ 1977 م).
حاصل على ليسانس أصول دين، قسم حديث، سَجَّل الماجستير بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية، بعنوان:«الأحاديث التي استَدل بها المستحلون للدماء، جمعًا ودراسة» بإشراف د. أحمد عمر هاشم.
يَعرض على شيخنا أحاديث من تحقيقه «كشف الخفا» للعجلوني، بمشاركة الباحث أيمن بن عطية الفيومي، حَفِظهما الله.
أما تحقيق هذا الحديث الذي بين أيدينا فيقول الباحث: سألتُ شيخنا عنه فقال: ابحثه.
2 -
ومنها ما أخرجه البخاري (3326) وأيضًا رقم (12) ومسلم رقم (39): «وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» .
• وانظر مناقشة ماتعة للعَلَّامة الألباني في «الصحيحة» (704) وقال في رقم (1411): وهذا الاختلاف في لفظه يبدو لي - والله أعلم - أنه من سهيل نفسه؛ فإنه كان فيه بعض الضعف في حفظه. والله أعلم.
• الخلاصة: انتهى مع الباحث/ محمد بن لملوم بتاريخ 25 ربيع أول 1443 موافق 31/ 10/ 2021 م: في ترجمة سهيل الأحاديث التى لم تنتقد نقبلها منه وهذا أهم حديث فيما ذكره ابن عدي في الأحاديث التي تفرد بها.
• فائدة: أخرج البخاري في «الأدب المفرد» رقم (1113) - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَوْ قَالَ لِي فِرْعَوْنُ: بَارَكَ اللهُ فِيكَ، قُلْتُ: وَفِيكَ، وَفِرْعَوْنُ قَدْ مَاتَ.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ أبي عمار الكردي بتاريخ 29 صفر 1443 هـ موافق 6/ 10/ 2021 م: إلى صحته وله فقه.
القيام للقادم في المناسبات
• وردت أدلة في القيام للقادم منها ما أخرجه البخاري (6262) ومسلم (1768) عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه، قَالَ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ:«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أَوْ «خَيْرِكُمْ» .
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا كَانَتْ «إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا»
(1)
.
وقصة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه وفيها: «حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، قَالَ فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ»
(2)
.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (5217) سنن أبي داود (5217) - حدثنا الحسن بن علي، وابن بشار، قالا: حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين، عائشة رضي الله عنها به.
(2)
أخرجه البخاري (4418) مسلم (2769).
أما ورد من النهي من طريق أَبي مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلَ مُعَاوِيَةُ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وابْنِ عَامِرٍ، قَالَ: فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ
(1)
، وَلَمْ يَقُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ أَوْزَنَهُمَا، قَالَ: فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
(2)
(1)
في رواية قبيصة عن سفيان وهي رواية فيها ضعف عند الترمذي (2755): «فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه. فقال: اجلسا» . وفي رواية هناد في «الزهد» (2/ 427)«عبد الله بن جعفر» بدل «ابن عامر» .
(2)
صحيح: رواه جمهور الرواة -سفيان الثوري وشعبة ويزيد بن زريع وإسماعيل بن إبراهيم ومروان بن معاوية، والحمادون -ابن يد وابن سلمة بن أسامة - عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز لاحق بن حميد به. أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1053)، وأحمد في «مسنده» (16830، 16845، 16918) والترمذي في «سننه» (2755)، وهناد في «الزهد» (2/ 427)، وعبد بن حميد كما في «المنتخب» (413) وإسناده صحيح.
وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (839)، والطبراني في «المعجم الكبير» (852)، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» .
والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1125)، والبيهقي في «المدخل» (721) من طريق شبابة بن سوار قال حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ به. وإسناده حسن لحال المغيرة.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (19/ 320)، من طريق عمر بن عبيد بن أبي أمية عن أبيه عن جده عن معاوية به.
وأخرجه ابن طهمان في «مشيخته» (95) من طريق قتادة عن أبي شيخ الهنائي عن معاوية به.
وأخرجه المعافى بن عمران في «الزهد» (82) عن الأوزاعي عن شيخ من أهل الحجاز عن معاوية به.
وله شاهد أخرجه الطبراني في «الأوسط» (4208) من طريق مسرع بن ياسر عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ بَيْنَ يَدَيْهِ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وقال: لا يَرْوِي هَذا الحَديث عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ إِلاَّ بِهذا الإِسناد.
قلت أبو أويس: ومسرع مجهول وفي الإسناد إليه دلهاث مجهول أيضًا.
فقد قال البيهقي في «الآداب» (ص: 100): والذي روي عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار» فإنما هو أن يأمرهم بذلك، ويلزمه إياهم على مذهب الكبر والنخوة، فيكون هو قاعدا وهم منتصبون بين يديه. والله أعلم.
• فائدة: للباحث/ عادل بن كامل بن أبي زيد البور سعيدي
(1)
رسالة «إرشاد النبلاء إلى حكم تقبيل أيدي ورؤوس العلماء» يقول الباحث: خلاصة الرسالة
(1)
ولد بتاريخ 6/ 4/ 1966 م قال: رحلت إلى شيخنا بمنية سمنود عام (1992 م حتى 1996 م) فمكثت معه أربع سنوات وأشهر من كان معي في هذه الحقبة:
1 -
الشيخ عصام جاد وهو من أفاضل الناس الذين عرفتهم في حياتي رزقه الله قوة نفسية وقلبية في الاستقامة على العبودية وله شأن كبير الآن فهو رئيس لجنة الفتيا ببور سعيد. فسّر القرآن وأوشك على الانتهاء من البخاري ومسلم وكل كتب التوحيد. فلو كان الشيخ عصام في زمن الذهبي لترجمه في الطبقة الأولى.
2 -
الشيخ إبراهيم النحاس.
3 -
الشيخ أحمد سليمان.
قدّم له شيخنا حفظهما الله:
أ - فقه الرؤيا ط مكة.
ب - إرشاد النبلاء إلى حكم تقبيل أيدي ورؤوس العلماء وخلاصته أنه لا يثبت فيه شيء مرفوع وثبت فيها فعل بعض السلف مع بعض فلا يتوسع في ذلك. والله أعلم.
ورأى لهذا الكتاب رؤيا عندما صدّ عن طبعه فمكث شهرين يقوم الليل ويدع فيسر الله له ناشرًا وطبع منه ألف نسخة خيري.
أنه لا يثبت فيها شيء مرفوع وثبت فيها فعل بعض السلف مع بعض فلا يتوسع في ذلك. والله أعلم.
ورأى لهذا الكتاب رؤيا عندما صدّ عن طبعه فمكث شهرين يقوم الليل ويدع فيسر الله له ناشرًا وطبع منه ألف نسخة خيري.
تعطير اليد قبل المصافحة
• قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (1012): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ، عَنْ قُرَيْشٍ الْبَصْرِيِّ، - هُوَ ابْنُ حَيَّانَ - عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، «أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه كَانَ إِذَا أَصْبَحَ دَهَنَ يَدَهُ بِدُهْنٍ طَيِّبٍ، لِمُصَافَحَةِ إِخْوَانِهِ»
(1)
.
(1)
إسناده حسن؛ لحال خالد بن خِدَاش؛ فقد وثقه محمد بن سعد وابن قانع. ويعقوب بن شيبة، وزاد: صدوقًا. ووافقه على الزيادة يحيى بن مَعِين، وأبو حاتم، وصالح بن محمد البغدادي.
وضَعَّفه ابن المديني، وقال الساجي: فيه ضعف. وقال يحيى بن مَعِين: قد كتبتُ عنه، ينفرد عن حماد بن زيد بأحاديث.
مصافحة الأجنبية
• قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (17316): حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:«لَأَنْ يَعْمِدَ أَحَدُكُمْ إِلَى مِخْيَطٍ فَيَغْرِزُ بِهِ فِي رَأْسِي - أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَغْسِلَ رَأْسِيَ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنِّي ذَاتَ مَحْرَمٍ» .
• خَالَف بَشير بن عقبة شدادُ بن سعيد الراسبي، واختُلف عليه في السند، فرواه عنه:
1 -
علي بن نصر، كما في «مسند الروياني» (1283).
2 -
النضر بن شُمَيْل، كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (486).
كِلَاهُمَا: حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ رَجُلٍ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ تَمَسَّهُ امْرَأَةٌ لَا تَحِلُّ لَهُ» .
وخالفهما سعيد بن سليمان - وهو ضعيف - فأَدْخَل الجُرَيْري بين شداد ويزيد. أخرجه البيهقي (5072).
• وأخرجه ابن الجعد في «مسنده» (2493): من طريق عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لِأَنَّ يُفْرَعُ رَأْسُ الرَّجُلِ فَرْعًا يَخْلُصُ الْفَرْعُ إِلَى عَظْمِ رَأْسِهِ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ تَضَعَ امْرَأَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ لَا تَحِلُّ لَهُ. وَلَأَنْ
يُبْرَصَ الرَّجُلُ بَرَصًا يَخْلُصُ الْبَرَصُ إِلَى عِطْفِهِ وَسَاعِدَيْهِ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ تَضَعَ امْرَأَةٌ يَدَهَا عَلَى سَاعِدِهِ لَا تَحِلُّ لَهُ».
• وأُعِل بالإرسال.
وفي سنده داود بن عمرو الأودي، لا يَتحمل.
قال فيه الإمام أحمد: حديثه مقارب.
وقال يحيى بن مَعين: مشهور. وفي رواية: ثقة.
وقال أبو زرعة: لا بأس به.
وقال أبو حاتم: شيخ.
وقال أبو عُبَيْد الآجُري: سألتُ أبا داود عن داود بن عمرو، الذي روى عنه هُشَيْم، فقال: صالح، ينبغي أن يكون دمشقيًّا، وقد حَدَّث عنه أبو عَوَانة.
وقال أحمد بن عبد الله العِجْلي: يُكتَب حديثه، وليس بالقوي.
وذَكَره ابن حِبان في كتابه «الثقات» .
• والخلاصة: يَرَى شيخنا مع الباحث/ إبراهيم بن السيد بن إبراهيم أن فيه الوجهين.
• أقوال العلماء:
1 -
قال المَقْدِسي في «اتباع السُّنن» (ص: 41): هذا الحديث على رسم مسلم، والله تعالى أعلم.
2 -
وقال الشيخ الألباني عن المرفوع في «السلسلة الصحيحة» (1/ 447): هذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين، غير شداد بن سعيد، فمن رجال مسلم وحده، وفيه كلام يسير لا يَنزل به حديثه عن رتبة الحَسَن؛ ولذلك فإن
مسلمًا إنما أَخْرَج له في الشواهد. وقال الذهبي في «الميزان» : صالح الحديث. وقال الحافظ في «التقريب» : صدوق يخطئ.
كتاب الاستئذان
كيفية الاستئذان على البيوت
• فيه من فعله وتعليمه صلى الله عليه وسلم أما الأول فأخرجه أبو داود في «سننه» رقم (5186) - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ، أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ.
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (1063) عن محمد بن عبد العزيز. والفريابي في «القدر» (217) عن إسحاق بن راهويه. وأحمد (17241) عن الحكم بن موسى
(1)
. ثلاثتهم عن بقية بن الوليد به.
وتابع بقية أيضًا جماعة؛ إسماعيل بن عياش كما عند أحمد (17692) وعثمان هو ابن سعيد بن كثير القرشي أخرجه البيهقي في «الآداب» (207) ومحمدبن شعيب أخرجه المقدسي في «المختارة» (2975) ويحيى بن سعيد العطار -وهو ضعيف - أخرجه البيهقي في «الشعب» (8279).
(1)
وتارة رقم (17692) عن الحكم عن إسماعيل بن عياش متابعا لبقية بن الوليد.
وتابع محمد بن عبد الرحمن حفص بن عمر الأنصاري
(1)
أخرجه المقدسي في «الضياء» (2944)
ومحمد بن عبد الرحمن وهو اليحصبي روى عنه ثمانية ووثقه دحيم وذكره ابن حبان في «الثقات» (5/ 377) وقال: روى عنه أهل الشام لا يحتج بحديثه ما كان من رواية إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ويحيى بن سعيد العطار وذويهم بل يعتبر من حديثه ما رواه الثقات عنه.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمد بن حسن الكدواني: الحديث فيه محمد بن عبد الرحمن اليحصبي ولم نر له كبير موثق وإن كان للمعنى شواهد.
وأما من تعليمه صلى الله عليه وسلم فقوله لسعد بن عبادة رضي الله عنه:
(2)
مرفوعًا: يا سعد لا تستأذن مستقبل الباب.
رواه منصور بن المعتمر واختلف عليه:
فرواه عنه سفيان بن عيينة واختلف عليه فرواه عنه أسد بن موسى كما عند الطبراني في «الكبير» (5393) فقال عن منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن سعد بن عبادة مرفوعًا. لكن في الإسناد إلى أسد المقدام بن داود وهو
(1)
ذكره ابن حبان في الثقات وقال علي بن الحسين بن الجنيد: منكر الحديث.
(2)
سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ الخَزْرَجي الأَنْصَارِيُّ السَّاعِدِيُّ أَبُو قَيْسٍ المَدَنِيُّ، النَّقِيْبُ، سَيِّدُ الخَزْرَجِ لدية غيرة شديدة تعجب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري (4648) ومسلم (7416) وتصدق عن أمه بعد وفاتها ببستانه المخراف كما في البخاري (2756) وحامل راية الأنصار يوم فتح مكة كما في البخاري (4380) كذلك. توفي بالشام سنة خمسة عشر وقيل غير ذلك.
ضعيف. وخالفه عبد الرحمن بن بشر كما عند البيهقي في «الكبرى» (8/ 339) فقال عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف أن سعدا مرسلا.
وتابعه يونس بن عبد الأعلى كما في «مقدمة الجرج والتعديل» (1/ 222) إلا أنه قال: أراه عن هلال.
ورواه ابن المقري عن سفيان عن منصور عن بعض أصحابه أن سعدًا فذكر الحديث.
وخالف ابن عيينة في هذا الخبر سفيان الثوري وعمر الأبار كما عند «مقدمة الجرح والتعديل» (1/ 222) فقالا عن منصور عن طلحة بن مصرف عن هذيل بن سعد أن سعدًا.
وتابعهما قيس بن الربيع عن منصور عن طلحة عن هذيل عن قيس بن سعد أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (8827).
ورواه الأعمش كما عند أبي داود في «سننه» (5174) فقال عن طلحة بن مصرف عن هذيل بن سعد أن سعدًا. وهذا ما رجحه ابن مهدي وابن أبي حاتم والبيهقي وقالوا: غلط فيه سفيان.
• الخلاصة: أخطأ سفيان في هذا الخبر في موطنين:
1 -
قال هلال بن يساف والصواب طلحة بن مصرف. بدلالة رواية الثوري والأعمش ومن تابعهما.
2 -
قال عن عن سعد بن عبادة والصواب هذيل بن سعد أن سعدًا مرسلا.
• وكتب شيخنا مع الباحث/ سيد بن بيومي بتاريخ الأحد 23 ذي القعدة 1442 موافق 4/ 7/ 2021 م: المرسل أصح.
حرمة البيوت
• قال البخاري رقم (6902) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ» وأخرجه مسلم رقم (2158) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ عن سفيان به وقال: بحصاة بدل بعصاة. ولعل فيها تصحيف.
• ورواه سُهَيْل بن أبي صالح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، واختلف عليه في اللفظ:
1 -
فرواه عنه جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي بلفظ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» أخرجه مسلم (2158) وتابع جريرا سليمان بن بلال أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (26759) وتابعهما معمر كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (203342) ثلاثتهم: «فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» .
2 -
ورواه عن سهيل حماد بن سلمة بلفظ: «فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَقَدْ هَدَرَتْ عَيْنُهُ» أخرجه أحمد (10826) وأبو داود (5172).
وورد من مخرج متسع بنفي الدية والقصاص أخرجه أحمد رقم (8997) - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ
بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ، فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَلَا قِصَاصَ»
(1)
.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمود بن الربيع الأسيوطي بتاريخ 10/ ذي القعدة 1442 موافق 21/ 6/ 2021 م:
1 -
الأرجح رواية الأعرج لقوة سندها.
2 -
لاتفاق الشيخين عليها.
3 -
للأوهام التي تعتري سلسلة سهيل عن أبيه. ا هـ.
ثم قال في رواية النضر عن بشير فيها معاذ بن هشام لا يتحمل ذلك
(2)
.
أخرج البخاري رقم (6900) - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ حُجْرٍ فِي بَعْضِ
(1)
وردت رواية منكرة في حديث سهل بن سعد بلفظ: «فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ» أخرجها الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1158) بسند ضعيف إلى سليمان بن مطر وقد خالف أصحاب سفيان بن عيينة وأصل الحديث في البخاري (6241) ومسلم (2156) بلفظ: «اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ» .
(2)
ثم عرض الخبر الباحث ياسر اليماني بتاريخ 14/ جمادى الآخرة 1443 موافق 17/ 1/ 2022 م:
1 -
لا يتحملها معاذ مع مخالفته للآية: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]
2 -
سهيل يهم وينفرد ورواية الأعرج عن أبي هريرة أولى ومعها كمتابع ابن عجلان عن أبيه.
حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، «فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ، أَوْ بِمَشَاقِصَ، وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ» ومسلم برقم (2157) من طريقين عن حماد بن زيد به.
وتابع عبيد الله حميد الطويل أخرجه البخاري (641) وغيره.
وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (1091) - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى بَيْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَلْقَمَ عَيْنَهُ خَصَاصَةَ الْبَابِ، فَأَخَذَ سَهْمًا أَوْ عُودًا مُحَدَّدًا، فَتَوَخَّى الْأَعْرَابِيَّ، لِيَفْقَأَ عَيْنَ الْأَعْرَابِيِّ، فَذَهَبَ، فَقَالَ:«أَمَا إِنَّكَ لَوْ ثَبَتَّ لَفَقَأْتُ عَيْنَكَ»
وخالف يحيى وهو بن أبي كثير حماد بن سلمة فقال: «فأخذ سهما من كنانته فسدد نحو عينيه» أخرجه البخاري في «الأدب» (1069) وأحمد (12985).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث/ محمود بن الربيع الأسيوطي بتاريخ 10/ ذي القعدة 1442 موافق 21/ 6/ 2021 م: إلى أن رواية الأقوى بلفظ: فقام إليه بمشقص. ا هـ. وهي رواية الصحيحين كما سبق.
حديث ابن عمر أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 588) رقم (17659) - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمُؤَذِّنُ، أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ "
وفي إسناده عبد الرحمن بن أبي عتيق قال فيه أحمد: لا أعلم إلا خيرا. وذكره ابن حبان: في الثقات. وقال الأزدي: صاحب نوادر وسمر وليس من أهل الحديث.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث/ محمود بن الربيع الأسيوطي بتاريخ 16/ ذي القعدة 1442 موافق 27/ 6/ 2021 م: للمتن شواهد. ا هـ. - وهي ما سبق قبل ذلك -.
وأخرج أحمد في «مسنده» رقم (21572) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، وَمُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا رَجُلٍ كَشَفَ سِتْرًا فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَدْ أَتَى حَدًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَقَأَ عَيْنَهُ، لَهُدِرَتْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى بَابٍ لَا سِتْرَ لَهُ فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ، فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ»
تابعهما قتيبة بن سعد أخرجه الترمذي (2707) وحسن بن موسى أخرجه أحمد (21359).
• الخلاصة: انتهى شيخنا إلى ضعفه مع الباحث محمد حسن كدواني بتاريخ 14 ربيع أول 1443 موافق 20/ 10/ 2021 م إلى ضعفه لضعف ابن لهيعة.
• تنبيه: ذهبت الشافعية
(1)
والحنابلة
(2)
بأن من اطلع على بيت بغير إذنهم ففقئوا عينه لا دية عليهم ولا قصاص.
بينما ذهبت الأحناف
(3)
والمالكية
(4)
بأن عليه القَوَد
هناك تفصيل طيب عند الإمام الشافعي يبين لك قيمة دراسة هذه الألفاظ والتفرقة بين الحاد وغيره:
قال الإمام الشافعي في «الأم» (6/ 34): فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ أَنْ يَأْتِيَ نَقْبًا أَوْ كُوَّةً أَوْ جَوْبَةً فِي مَنْزِلِ رَجُلٍ يَطَّلِعُ عَلَى حَرَمِهِ مِنْ النِّسَاءِ كَانَ ذَلِكَ الْمُطَّلِعُ مِنْ مَنْزِلِ الْمُطَّلَعِ أَوْ مِنْ مَنْزِلٍ لِغَيْرِهِ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ رَحْبَةٍ فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهُوَ آثِمٌ بِعَمْدِ الِاطِّلَاعِ. وَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَ الْمُطَلَّعَ عَلَيْهِ خَذَفَهُ بِحَصَاةٍ أَوْ وَخَزَهُ بِعُودٍ صَغِيرٍ أَوْ مِدْرًى أَوْ مَا يَعْمَلُ عَمَلَهُ فِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ جُرْحٌ يَخَافُ قَتْلَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُذْهِبُ الْبَصَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ فِيمَا يَنَالُ مِنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُطَّلِعُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَلَا إثْمٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مَا كَانَ الْمُطَّلِع مُقِيمًا عَلَى الِاطِّلَاعِ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ النُّزُوعِ فَإِذَا نَزَعَ عَنْ الِاطِّلَاعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنَالَهُ بِشَيْءٍ وَمَا نَالَهُ بِهِ فَعَلَيْهِ فِيهِ قَوَدٌ أَوْ عَقْلٌ إذَا كَانَ فِيهِ عَقْلٌ وَلَوْ طَعَنَهُ عِنْدَ أَوَّلِ اطِّلَاعِهِ بِحَدِيدَةٍ تَجْرَحُ الْجُرْحَ الَّذِي يَقْتُلُ أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ كَانَ عَلَيْهِ
(1)
فصلت الشافعية بين الشيء الخفيف الذي لا يجرح والشيء الثقيل الذي يجرح.
(2)
انظر: «المغني» (10/ 350) ط دار الفكر.
(3)
انظر: «رد المحتار» (6/ 549).
(4)
انظر: «الكافي في فقه أهل المدينة» (1/ 607).
الْقَوَدُ فِيمَا فِيهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ الَّذِي يَنَالُهُ بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ الَّذِي يَرْدَعُ بَصَرَهُ لَا يَقْتُلُ نَفْسَهُ.
وقال: وَلَوْ ثَبَتَ مُطَّلِعًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ مَسْأَلَتِهِ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ بَعْدَ رَمْيِهِ بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ غَوْثٍ أَحْبَبْت أَنْ يَنْشُدَهُ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ فِي مَوْضِعِ الْغَوْثِ وَغَيْرِهِ مِنْ النُّزُوعِ عَنْ الِاطِّلَاعِ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ بِالسِّلَاحِ وَأَنْ يَنَالَهُ بِمَا يَرْدَعُهُ. فَإِنْ جَاءَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ جَرَحَهُ فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ وَلَا يُجَاوِزُ بِمَا يَرْمِيه بِهِ مَا أَمَرْته بِهِ أَوَّلًا حَتَّى يَمْتَنِعَ فَإِذَا لَمْ يَمْتَنِعْ نَالَهُ بِالْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَكَانٌ يَرَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ لَمْ يَنَلْ هَذَا مِنْهُ كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُعَاقِبَهُ وَلَوْ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الِاطِّلَاعِ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَالَهُ بِشَيْءٍ إذَا اطَّلَعَ فَنَزَعَ مِنْ الِاطِّلَاعِ أَوْ رَآهُ مُطَّلِعًا فَقَالَ مَا عَمَدْت وَلَا رَأَيْت وَإِنْ نَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ بِشَيْءٍ فَقَالَ مَا عَمَدْت وَلَا رَأَيْت لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ ظَاهِرٌ وَلَا يُعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى فَنَالَهُ بِشَيْءٍ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ بِالِاطِّلَاعِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ الْمُطَلِّعُ ذَا مَحْرَمٍ مِنْ نِسَاءِ الْمُطَّلَعِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنَالَهُ بِشَيْءٍ بِحَالٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَّلِعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَرَى مِنْهُمْ عَوْرَةً لَيْسَتْ لَهُ رُؤْيَتُهَا. وَإِنْ نَالَهُ بِشَيْءٍ فِي الِاطِّلَاعِ ضَمِنَهُ عَقْلًا وَقَوَدًا إلَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْهُمْ مُتَجَرِّدَةً فَيُقَالُ لَهُ فَلَا يَنْزِعُ فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ فِيهِ مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْأَجْنَبِيِّينَ إذَا اطَّلَعُوا.