الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد، فهذه إضافات ابتدأتُها بتاريخ (13) جُمَادى الآخِرة (1443 هـ)، الموافق (16/ 1/ 2021 م) بعد الانتهاء من الأجزاء الستة الأولى من سلسلة الفوائد الحديثية والفقهية، ورَتَّبتُها كترتيبي الأجزاء الستة السابقة، وما كان من تعديل يسير أو تعقيب على ما سبق جعلته على حدة حتى يستطيع من اقتنى الأجزاء الأولى أن يصل إليه بيسر وسهولة.
والله أسأل أن يتقبله مني ومن إخواني ومشايخي بقبول حسن، وأن يبارك في شيخنا وفي علمه وأهله وماله وطلابه، وأن يستعملنا في نصرة دينه ابتغاء وجه ربنا الأعلى عز وجل.
وكتبه
أبو أويس
أشرف بن نصر بن صابر الكردي البرلسي المِصري
بتاريخ الخميس 21/ جمادى الأولى 1444 هـ موافق 15/ 12/ 2022 م
نزيل منية سمنود بلد العلم والعلماء/ أجا/ محافظة الدقهلية بمصر.
كتاب التوحيد
(أسماء الله الحسنى)
الواسع عز وجل
-
وَرَدَ اسم الله الواسع عز وجل في كتاب الله -تعالى-، تارة مقترنًا بالعليم، وهو الأكثر
(1)
، وأخرى بالحكيم، وثالثة بالإضافة إلى المغفرة، وهاكها:
1 -
في أمر القبلة يقول تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115].
2 -
في فضائل طالوت عليه السلام: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247].
3 -
وفي مضاعفة الصدقة {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
4 -
وفي الرد على طبيعة إبليس -لعنه الله-: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ
(1)
وفي ذلك حَضٌّ وحث على سلامة الصدور، والاتجار مع الله، والارتقاء بالأعمال عن ثناءات الخَلْق.
وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268].
5 -
وفي الرد على اليهود المضيقين على الخلق طريق الهداية {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 73].
وسيأتي في السورة نفسها عنهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64].
6 -
وفي الثبات والإقدام على نصرة هذا الدين القيم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54].
7 -
وفي باب التوسعة على المتزوجين: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32].
8 -
وفي المفارقات الزوجية، اقترن الواسع بالحكيم تعالى:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].
9 -
وفي باب التوبة والترغيب فيها، مهما عظمت الذنوب:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: 32].
10 -
وتأمل أثر اسم الله الواسع في الأخبار: «يَدُ اللَّهِ مَلْآ لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» وَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ»
(1)
.
11 -
(2)
.
•
كيفية التعبد بهذا الاسم:
•
أولًا: دراسة أسماء الله وصفاته المقترنة باسم الله الواسع.
1 - فالله واسع في رحمته وعلمه.
ففي دعاء أهل الإيمان: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7]
(3)
.
(1)
(أخرجه البخاري (7411)، واللفظ له، ومسلم (993)، بلفظ:«يمين الله» وهو المتفق عليه.
(2)
أخرجه مسلم (1905).
(3)
وقال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].
وفي قصة موسى والخضر عليهما السلام: «فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً- أَوْ: نَقْرَتَيْنِ- فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ» .
وفي قوله تعالى مرغبًا في التوبة إليه، ومبينًا عظم رحمته:{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 147].
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةٍ، وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ -وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ-: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ:«لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا» يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ
(1)
.
2 - واسع في سمعه وصفاته.
قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ، إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ، وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبَابِي، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي، وَانْقَطَعَ وَلَدِي، ظَاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ، فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْرَائِيلُ بِهَؤُلَاءِ
(2)
الْآيَاتِ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1]
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري (6010)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الجَنَّةِ. وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العَذَابِ، لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ» أخرجه البخاري (6469) ومسلم (2752).
(2)
هذا جائز وإن كان قليلًا، والمراد به التعظيم. أفاده شيخنا ابن عبد المعطي، رحمه الله.
(3)
صحيح: أخرجه أحمد (6/ 146)، والطبري في «التفسير» (23/ 266)، وابن ماجه (188)، والنَّسَائي (6/ 168)، والبخاري معلقًا مختصرًا رقم (7385) وغيرهم، من طريق أبي معاوية، ويحيي بن عيسى، وجرير، وفُضَيْل بن عِيَاض، أربعتهم عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، به.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (13/ 386): وهذا أصح ما ورد في قصة المُجادِلة وتسميتها.
وأخرجه أبو داود في «سُننه» (2220)، والطبري (23/ 226)، وابن شبة (2/ 398)، من طريق أسد بن موسى، ومحمد بن فُضَيْل، وعبد الأعلى بن حماد، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، به مختصرًا.
وخالفهم موسى بن إسماعيل، فأرسله، أخرجه أبو داود (2219): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت
…
به. ورواية الجماعة أَوْلَى، والله أعلم.
قال الحافظ في «فتح الباري» (13/ 386): والرواية المرسلة أقوى، ثم وَجَّه الرواية التي فيها جميلة، بأن هذا كان لقبًا لها.
وأخرجه الطبري: حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبان العطار قال: ثنا هشام بن عروة، عن عروة، أنه كَتَب إلى عبد الملك بن مَرْوان
…
به. فأرسله. والروايات الآتية تؤيد المعنى الإجمالي.
3 - واسع في عطائه،
قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].
وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ
ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ»
(1)
.
وتَأَمَّلْ نداءات الرحمن على عباده في وقت السَّحَر، وكذلك ما الذي يأخذه ويحوزه أدنى أهل الجنة منزلة؟!
•
ثانيًا: أثر اسم الله الواسع على سلوكك فليُرى.
يُرَى ذلك في علمك، وأخلاقك، وتعاملاتك، واعتقاداتك، ونياتك، ومواساتك للفقيرات المتزوجات والمطلقات، ولقد قالت الملائكة في قصص أبينا آدم عليه السلام:{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32]
•
ثالثًا: اسم الله الواسع علاج لأزماتك المادية، بل علاج لأزمة الخَلْق جميعًا.
فوَسِّع نيتك وطلباتك في دعواتك، وتَأَمَّلِ الحديث القدسي:«أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة]
(2)
.
ومهما أثنى المثنون عليه -تعالى-، فلا يحيطون بسَعة الثناء عليه، وفي الحديث الذي سبق:«لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وفي قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة العظمى: «ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ
(1)
أخرجه مسلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (3244)، ومسلم (2824).
الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي»
(1)
.
•
رابعًا: علاج للحسد.
فمَن أَكْرَم الأغنياءَ يكرمك، ومَن عَلَّم العلماء يُعَلِّمك، ومَن أعطى الخَلْق سَعة الذكاء يعطيك.
•
خامسًا: السَّعة في التفكر.
فكلما نظرتَ في السماء، عَلِمْتَ سَعة خلق ربك؛ لذا خُتمتِ الآية {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47] صح إلى ابن زيد، في قوله:{وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} قال: أَوْسَعها جل جلاله
(2)
.
وتَأَمَّلْ سَعَة الكرسي، قال تعالى:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].
وأَمعِن النظر في أصوات الخَلْق واختلافها، وكذلك ألوانهم، وأيضًا بصمات الخلق، وأنها تختلف من زمن لآخَر، ومن شخص لآخَر.
(1)
أخرجه البخاري (7410)، ومسلم (193) من حديث أنس رضي الله عنه، واللفظ للبخاري.
ونحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري رقم (4712) ومسلم رقم (194).
(2)
أخرجه الطبري في تفسير الآية بإسناد صحيح إليه.
العَفُوّ عز وجل
-
وَرَدَ اسم الله (العَفُوّ) مقترنًا ب (الغفور) و (القدير)
قال تعالى في ختام آية التيمم: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43]
(1)
.
وفي المتخلفين بمكة عن الهجرة لعذر: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99].
وفي فض المشاكل بين العباد، والحض على العفو عن مقدرة قال تعالى:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 148، 149].
وقال جل ذكره مذكرًا عباده بالعفو، وإن تمادى ظلمهم وبغيهم:{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60].
وفي آيات الظهار يقول تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ
(1)
وآية المائدة أشهر من هذه في مشروعية التيمم ورَفْع الحرج.
لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: 2].
•
كيفية التعبد بهذا الاسم:
•
أولًا: سَعة عفو الله وإن عظمت ذنوب عباده.
فبنو إسرائيل عبدوا العجل، وعفا الله عنهم، قال تعالى:{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 52].
وتَعَدَّوْا في الدعاء، فقال جل ذكره:{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 153].
وكتموا الحق، فقال تعالى:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15].
فلولا عفو الله، لأهلكنا بذنوبنا وذنوب غيرنا، قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
فعفو الله يَقطع من نفسك اليأس، وإن تكرر الذنب، فعليك بهذا الدعاء:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي»
(1)
.
(1)
مُعَلٌّ: أخرجه الترمذي (3513).
•
ثانيًا: تَأَمَّلِ الفارق بين العَفُوّ والغفور
(1)
.
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25].
وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ محرزٍ المَازِنِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]»
(2)
.
(1)
من معاني العفو: محو الذنب، ومنه قول أهل الجاهلية «إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ» أخرجه البخاري (1564)، ومسلم (1240).
ومن معاني الغفور: السَّتر، ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما الآتي، وفيه:«سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ» .
وثَمة معانٍ للعفو، كالزيادة، ومنه «أَعْفُوا اللحى» ، والفضل، ومنه قوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] وقوله جل ذكره: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219]{ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95].
(2)
أخرجه البخاري (2441)، ومسلم (2768).
•
ثالثًا: التخلق بخُلُق العفو.
فإنه من أخلاق الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وأتباعهم، ويَجلب لك عفو الله ومحبته.
وتَأَمَّلْ عفو الصِّدِّيق يوسف- بعد تمكنه وقوته- عن إخوته.
وتَأَمَّلْ عفوه صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة في فتح مكة، بعد كل الإيذاء الذي سبق.
وتَأَمَّلْ عفو أبي بكر الصِّديق عن مِسْطَح بن أُثَاثَة رضي الله عنهما، في قوله تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].
وأَمَر الله به نبيه، فقال:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199].
ومَدَح الله أهل العفو، فقال:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
وبَيَّن تعالى أن العفو بين الزوجين أقرب للتقوى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 237].
ورَغَّب في العفو عن الأهل والأقارب، فقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: 14].
ويستحب طلبُ العفو من الأحياء للأموات، فعن جَرِير بن عبد الله رضي الله عنه قال: يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ
(1)
، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ؛ فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ.
ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَشَرَطَ عَلَيَّ:«وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ
(2)
.
قصص مُرغِّبة في العفو:
منها: قصة الرُّبَيِّع بنت النضر رضي الله عنها، في كسر سِنة.
فعن أنس رضي الله عنه، أَنَّ الرُّبَيِّعَ-وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ
(3)
، وَطَلَبُوا العَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ:«يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ» فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ، لَأَبَرَّهُ»
(4)
.
•
(1)
أسأل الله أن يعينني على ترجمة له، والاستفادة من ذكائه.
(2)
أخرجه البخاري (58) واللفظ له، ومسلم (56) دون الشاهد الموقوف.
(3)
في «القاموس المحيط» (ص: 584): «الأرْشُ: الدِّيَةُ والخَدْشُ، وطَلَبُ الأرْشِ»
(4)
أخرجه البخاري (2703)، ومسلم (1675).
السلام عز وجل
-
(1)
1 -
قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» رقم (989): حَدَّثَنَا شِهَابٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»
• والخلاصة: أن في إسناده (شهاب)
(2)
غير منسوب، لكن نسب في روايتين في غير هذا الحديث إلى ابْن مَعْمَرٍ الْعَوْقِيّ.
وقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: كان متيقظًا حسن الحفظ لحديثه.
وقال فيه ابن حجر: ثقة صاحب حديث.
وانتهى شيخنا مع الباحث أحمد بن علي، بتاريخ 13 ربيع أول 1444 هـ موافق 9/ 10/ 2022 م بقوله: إسناده صحيح، ولمتنه شواهد.
وكتب شيخنا مع الباحث أبي عمار، عبد المقصود الكردي، بتاريخ 22
(1)
تنبيه: سبق هذا التبويب في (سلسلة الفوائد)(1/ 36 - 42) وذكرت فيه آية الحشر وحديث ابن مسعود المتفق عليه في التشهد.
(2)
وهناك آخر، اسمه شهاب بن عباد العبدي، ثقة (خ م ت ق)، لكن ليس من شيوخه في الأدب المفرد حماد بن سلمة، وإن كان من شيوخه في الكتب الستة.
شوال 1443، موافق 23/ 5/ 2022 م: صحيح لشواهده
(1)
التي تقدم بعضها ولغيرها والله أعلم.
2 -
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (27404): حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ؛ فَأَفْشُوهُ.
وتابع أبا معاوية جماعةٌ: حفص بن غياث، أخرجه البخاري (1039)، وأبو مسهر، وعيسى بن يونس، كما في «جزء أبي علي الصواف» ، رقم (48)، وشعبة، كما في «الفوائد المنتقاة» (1/ 27).
وخالفهم ورقاء، وشريك، كما عند البزار (1770، 1771)، وأيوب بن جابر، وهو ضعيف، كما عند الطبراني في «الكبير» (10391) فرفعوه.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي عمار عبد المقصود الكردي، بتاريخ 22 شوال 1443، موافق 23/ 5/ 2022 م: الصواب موقوف.
(1)
منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه معمر في «جامعه» (20117) وفي سنده بشر بن رافع، ضعيف.
صفات ربنا جل في علاه
ما ورد في صفة الساق لله عز وجل
-
• أولا: ورد من حديث أبي سعيد في الشفاعة وفيه: «فيكشف ربنا عن ساقه» أو «فيكشف عن ساق» ، ومداره على زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد به.
فرواه باللفظ الأول سعيد بن أبي هلال، وعنه خالد بن يزيد، وعنه الليث بن سعد، وعنه اللفظان:
1 -
آدم بن أبي إياس، كما عند البخاري (4919).
2 -
يحيى بن بكير، أخرجه البخاري (7439)، كلاهما باللفظ الأول «ساقه» .
3 -
عيسى بن حماد، أخرجه مسلم (184)«ساق» دون إضافة كآية القلم.
وتابعه متابعة قاصرة عن زيد بن أسلم بلفظ «ساق» :
1 -
عبد الرحمن بن إسحاق، كما عند أحمد (11127).
2 -
هشام بن سعد، أخرجه مسلم (184).
3 -
حفص بن ميسرة، أخرجه مسلم (184) كذلك.
4 -
مصعب الضبعي، أخرجه الطيالسي (2293)، وفي سنده خارجة، وهو متروك.
ورواه معمر ومالك فلم يذكرا الشاهد.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد باسم، بتاريخ (29) ربيع الآخر (1444)، موافق (23/ 11/ 2022 م): تقدم أن الأظهر «فيكشف عن ساق» ، ما دمت أتيت برواية معمر، لزمك أن تأتي برواية مالك.
وكتب على هشام بن سعد ضعيف، لكنه قوي في زيد بن أسلم.
• ثانيًا: أخرج الدارمي في «سننه» رقم (2845): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْعِبَادَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، نَادَى مُنَادٍ: لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَلْحَقُ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَيَبْقَى النَّاسُ عَلَى حَالِهِمْ، فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُولُ: مَا بَالُ النَّاسِ ذَهَبُوا وَأَنْتُمْ هَا هُنَا؟ فَيَقُولُونَ: نَنْتَظِرُ إِلَهَنَا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: إِذَا تَعَرَّفَ إِلَيْنَا، عَرَفْنَاهُ، فَيَكْشِفُ لَهُمْ عَنْ سَاقِهِ فَيَقَعُونَ سُجُودًا، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] يَبْقَى كُلُّ مُنَافِقٍ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْجُدَ، ثُمَّ يَقُودُهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ» .
وخالف شيخ الدارمي محمد بن عبد الله بن نمير أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (732) وفيه: «فيكشف لهم عن ساق» .
وأخرجه ابن منده في «الرد على الجهمية» (ص: 17)، رقم (8): أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْأَزْرَقِ، بِمِصْرَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: «يَكْشِفُ اللَّهُ عز وجل عَنْ سَاقِهِ» وفي سنده أحمد بن محمد بن أبي عبد الله البغدادي، لم يقف له الباحث على موثق.
وخالف أبا عوانة الحسينُ بن واقد، فقال:«عن ساق» ، كما عند ابن مندة (812)، وتابعه سعيد بن الصلت، أخرجه ابن أبي داود في «البعث والنشور» (42).
وخالف هؤلاء الثلاثةَ الجماعةُ، فلم يذكروا:«ساقه» أو «ساق» أبو معاوية راوية الأعمش، أخرجه البخاري (4814)، وحفص بن غياث، أخرجه البخاري (4814) كذلك، ومنصور بن أبي الأسود، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (783).
وتابع هؤلاء متابعة قاصرة الأعرجُ وهمامُ دون الشاهد.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد باسم بتاريخ (29) ربيع الآخر (1444)، موافق (23/ 11/ 2022 م) على طريق ابن إسحاق:
1 -
في السند مقال؛ من أجل يونس وابن إسحاق.
2 -
الاختلاف كذلك في المتن.
• تنبيه:
أصل هذا الخبر في البخاري (3340) من طريق أبي زرعة، عن أبي هريرة
رضي الله عنه في الشفاعة وفيه: «
…
يجمع الله الأولين والآخرين
…
» دون الشاهد.
وكتب على طريق الأعمش ذكر أ «الساق» و «ساقه» : لم تطمئن النفس إلى صحتها من هذا الوجه، وأعرض عنها الشيخان من نفس الطريق.
• ثالثًا: وأورده الباحث من حديثي ابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، وفي سند الأول محمد بن الحارث، ضعيف، وفي سند الثاني محمد بن يزيد، ليس بالقوي، والسند نازل.
وأورد أيضًا تفسير الساق بالنور العظيم يوم القيامة، من حديث أبي موسى، أخرجه أبو يعلى (7283)، وفي سنده مولى لعمر بن عبد العزيز، وروح بن جنادة ضعيف.
أخرج ابن مندة في «الرد على الجهمية» (ص: 16)، رقم (3): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْأَشْعَثِ الْغَزِّيُّ، بِغَزَّةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: «عَنْ سَاقَيْهِ»
• في هذا السند:
1 -
قول ابن عدي عن أبي الزعراء يروي عن ابن مسعود إن كان قد سمع منه.
2 -
عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْأَشْعَثِ الْغَزِّيُّ شيخ بن منده، لم يقف له الباحث على ترجمة.
ورواه مغيرة بن مقسم الضبي عن إبراهيم النخعي قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
«يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَقْسُو ظَهْرَ الْكَافِرِ فَيَصِيرُ عَظْمًا وَاحِدًا» أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (2/ 185)، وحديث المغيرة عن إبراهيم مدخول، قاله أحمد، وإبراهيم عن ابن مسعود منقطع.
ورواه المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه ابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (280) والطبراني (9763)، والدارقطني في «رؤية الله» (162)، والإسنادان إلى المنهال فيهما ضعف ولفظه:«يكشف عن ساق» و «عن ساقه» .
وخالف المنهال نعيم بن أبي هند، فأسقط مسروقًا وقال:«يكشف عن ساق» أخرجه الدارقطني في «رؤية الله» (160، 161)، وفي سندة كرزة بن وبرة، لم أجد أحدا تكلم فيه. والراوي عنه أبو طيبة، ضعفه ابن معين.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن باسم، بتاريخ (6) جمادى الأولى (1444)، موافق (30/ 11/ 2022 م): إلى أن حديث ابن مسعود ضعيف مرفوعًا وموقوفًا.
وكتب: كل طرق ابن مسعود ضعيفة. والله أعلم ا هـ.
وقال: الخلاف قائم في صفة الساق، واختار «فيكشف عن ساقه» أنها ضعيفة.
• تنبيه:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن منده عقب الحديث: «هَكَذَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَيَكْشِفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ» .
هل ثبت «ساعِدُ الله أشدُّ من سَاعدِكَ» ؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (15888): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ:«هَلْ لَكَ مَالٌ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟» قَالَ: قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ، مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ، فَقَالَ:«إِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ» ، ثُمَّ قَالَ:«هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا، فَتَعْمَدُ إِلَى مُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، فَتَقُولُ: هَذِهِ بُحُرٌ، وَتَشُقُّهَا، أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ صُرُمٌ وَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ، وَعَلَى أَهْلِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللَّهُ عز وجل لَكَ، وَسَاعِدُ اللَّهِ أَشَدُّ، وَمُوسَى اللَّهِ أَحَدُّ -وَرُبَّمَا قَالَ: - سَاعِدُ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ، وَمُوسَى اللَّهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا نَزَلْتُ بِهِ، فَلَمْ يُكْرِمْنِي، وَلَمْ يَقْرِنِي، ثُمَّ نَزَلَ بِي أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ، أَمْ أَقْرِيهِ؟ قَالَ:«أقْرِهِ» .
• الخلاصة: اختلف في سنده وانتهى شيخنا مع الباحث عماد الدمياطي، بتاريخ 28 ذي القعدة 1443، موافق 28/ 6/ 2022 م، إلى الحكم على السند فقط، وقال: راجع أخاك ياسر اليماني، فقد أفاد الاختلاف في الوصل والإرسال، والأخير ذكره الدارقطني.
هل ثبت: «بَدَا لِلَّهِ عز وجل أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ» في قصة الثلاثة
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (3464): حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ عز وجل أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ
…
».
خالف عبدَ الله بنَ رجاءٍ عمرُو بن عاصم، كما في البخاري (3464) وشيبان بن فَرُّوخ، أخرجه أحمد (2964).
خالف همامًا عكرمةُ، فرواه عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله مقطوعًا، ولا يُقاوِم عكرمةُ همامًا.
وأَعَلَّ اللفظة ابن حجر في «فتح الباري» ، وأبو الفرج ابن الجوزي في كشف
المشكل لابن الجوزي (3/ 407)، والشيخ الألباني
(1)
• والخلاصة: أَقَرَّ شيخنا الباحث محمد بن ياسين على إعلالها، بتاريخ (16) رجب (1443 هـ)، الموافق (17/ 2/ 2022 م).
(1)
كذا نقل الباحث وانظر، السلسلة الصحيحة (2/ 384).
أحاديث الصورة
• الحديث الأول:
قال ابن أبي عاصم في «السُّنة» ، رقم (517): ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقَبِّحُوا الْوُجُوهَ؛ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» .
تابع يوسفَ جَمْعٌ: زهيرُ بن حرب، وأبو الربيع الزهراني، وإسحاقُ بن رَاهَوَيْهِ، وغيرُهم.
وتابع الأعمشَ مُحاضِرُ بنُ المُوَرِّع
(1)
، كما في «الإبانة» لابن بطة.
وخالفهما سفيانُ الثوريُّ، فأرسله، كما في «التوحيد» لابن خُزيمة (8).
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث، د/ إبراهيم بن يوسف، بتاريخ (12) رجب (1443 هـ)، الموافق (13/ 12/ 2022 م): الحديث بلفظ: «صورة الرحمن» معلول، وسبب العلة:
1 -
الكلام في رواية جرير عن الأعمش المرفوعة.
2 -
الخلاف في سماع عطاء من ابن عمر.
(1)
بضم الميم وفتح الواو وتشديد الراء المكسورة بعدها مهملة.
3 -
عدم ورود الزيادة في الثوابت الصحاح.
وثَمة علل أُخِر، رَاجِع ابن خُزيمة
(1)
. اه.
• الحديث الثاني:
عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل وفيه: «فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ»
(2)
.
• الحديث الثالث:
عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا في حديث الشفاعة: «أَتَاهُمْ رَبُّ العَالَمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا» ، أخرجه البخاري (4581)، ومسلم (183).
• الحديث الرابع:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ
…
» أخرجه البخاري (6227)، ومسلم (2613).
(1)
ذَكَر ابن خُزيمة ثلاث علل: مخالفة سفيان للأعمش، وعنعنة الأعمش وحبيب بن أبي ثابت.
(2)
أخرجه البخاري (6573)، ومسلم (182)، ولفظه:«فَيَأْتِيهِمُ اللهُ تبارك وتعالى فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ» .
• الحديث الخامس:
سبق وهو: «رأيت ربي في أحسن صورة» .
قال ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية» (6/ 373): هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله؛ فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك، وهو -أيضاً- مذكور فيما عند أهل الكتابين من الكتب
…
فما بعد.
وقال ابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» (ص: 322): وَالَّذِي عِنْدِي -وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- أَنَّ الصُّورَةَ لَيْسَتْ بِأَعْجَبَ مِنَ الْيَدَيْنِ، وَالْأَصَابِعِ، وَالْعَيْنِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِلْفُ لِتِلْكَ؛ لِمَجِيئِهَا فِي الْقُرْآنِ، وَوَقَعَتِ الْوَحْشَةُ مِنْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ فِي الْقُرْآنِ، وَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِالْجَمِيعِ، وَلَا نَقُولُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِكَيْفِيَّةٍ وَلَا حَدٍّ.
وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ، (14/ 376): وَقَدْ تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ حَدِيْثَ الصُّورَةِ، فَلْيُعْذَرْ مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا السَّلَفُ، فَمَا خَاضُوا فِي التَّأْوِيْلِ، بَلْ آمَنُوا وَكَفُّوا، وَفَوَّضُوا عِلمَ ذَلِكَ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ -مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ- أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
توحيد الألوهية
فضل لا إله إلا الله
قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24].
1 -
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (917): وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ-ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ- ح وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» .
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، د/ محمد بن ياسين، بتاريخ (8) رجب (1443 هـ)، الموافق (9/ 2/ 2022 م) بقوله: خالف أبا خالدٍ الأحمرَ أربعةٌ، منهم يحيى القطان، وأَعَلَّ هذا المتنَ المختصر بأنه مستخرج من قصة أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:«قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ» «علل أحاديث مسلم» لابن عمار الشهيد (ص: 61).
2 -
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (26): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، كِلَاهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ
(1)
، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مِثْلَهُ سَوَاءً.
• رواه عن خالد الحذاء ثلاثة:
1 -
ابن علية، كما هنا وعند أحمد (498)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (10868)، وغيرهما.
2 -
بشر بن المفضل، كما هنا وكما عند ابن حبان (201)، وغيره.
3 -
شعبة بن الحجاج، وعنه ثلاثة: محمد بن جعفر، أخرجه أحمد (464) وغيره، وعبد الصمد، أخرجه أبو عوانة (12)، وابن ابي عدي، أخرجه النسائي (10886) وفيه:«وهو يشهد»
(2)
.
وخالفهم في السند عبد الله بن حمران، فقال: عن شعبة، عن بيان بن بشر،
(1)
هو ابن أبان، مولى عثمان بن عفان وكاتبه، وثقه الذهبي وابن حجر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، لم أرهم يحتجون بحديثه.
وكتب شيخنا معي بتاريخ (16) ربيع أول (1444)، موافق (11/ 10/ 2022 م): كلام ابن سعد يتنزل على المتون الغريبة التي ينفرد بها حمران، والله أعلم.
وهناك حمران بن أعين الكوفي، ضعيف.
(2)
الخلاصة: كتب شيخنا معي، بتاريخ (16) ربيع أول (1444)، موافق (11/ 10/ 2022 م): الأصح في هذا الباب: «يعلم أن لا إله إلا الله» ، وشعبة اختلف عليه في اللفظ، ثم هو يخطئ في الألفاظ، وخولف من أثبات ا هـ.
سمعت حمران، سمعت عثمان به. أخرجه النسائي في «الكبرى» (10887)، وابن خزيمة في «التوحيد» (68)، ورواية الجماعة أصوب.
وقال النسائي: حديث عبد الله بن حمران خطأ والصواب حديث غندر.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا عبد الله بن حمران.
وتابع الوليدَ بنَ مسلمٍ مسلمُ بنُ يسارٍ، وزاد زيادة أخرجها أحمد في «مسنده» ، رقم (447): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنَا أُحَدِّثُكَ مَا هِيَ، هِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلاصِ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ تبارك وتعالى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى الَّتِي أَلَاصَ عَلَيْهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ عِنْدَ الْمَوْتِ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وإسناده حسنٌ؛ لحال عبد الوهاب، وهو كما قال الإمام أحمد: كان أعلم الناس بحديث سعيد، كان من القدماء.
ومسلم بن يسار وثقه أحمد والعجلي، وهو مفتي أهل البصرة قبل الحسن، وكان يضرب به المثل في العبادة، توفي سنة (100 - 101).
3 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (3625): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً، وَقُلْتُ أُخْرَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، دَخَلَ الْجَنَّةَ» قَالَ: وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، دَخَلَ النَّارَ.
• إن أبا معاوية أخطأ فيه من وجهين:
1 -
مخالفة جمهور الرواة عن الأعمش.
2 -
قَلْب المتن المرفوع، وهو:«مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، دَخَلَ النَّارَ»
(1)
إلى: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، دَخَلَ الْجَنَّةَ»
(2)
.
وهذا مما يَخدم مذهب الإرجاء، وقد نَصَّ ستة علماء -على رأسهم تلميذه الإمام أحمد بن حنبل- على إرجاء أبي معاوية.
3 -
وحَكَم ابن خُزيمة في «كتاب التوحيد» ، وابن الصَّلَاح، على الحديث بأنه مقلوب، وتبعهم ابن حجر في «النكت على ابن الصلاح» (2/ 885).
4 -
وَرَد في هذا الخبر لفظ: «نِد» بدل «يُشْرِك» ، ولعلها من الرواية بالمعنى.
أفاده الباحث: أحمد النمر مع شيخنا، بتاريخ (6) شعبان (1443 هـ)، الموافق (9/ 3/ 2022 م)، وانتهيا إلى الإعلال.
(1)
وهذا النص المرفوع يخالف مذهب المرجئة في وعيد المشرك بالنار، إن مات على شركه.
(2)
وهذا يتوافق مع مذهب الإرجاء، وهو أن عدم الشرك سبب كافٍ لدخول الجنة، دون شرط لأعمال أخرى صالحة.
فضل التوكل على الله
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3]
ومن صفات السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب التوكل على الله.
قال الإمام في «مسنده» ، رقم (18217): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَقَّارُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ حَدِيثًا، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ أُمْعِنْ حِفْظَهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَلَقِيتُ حَسَّانَ بْنَ أَبِي وَجْزَةَ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ حَسَّانُ: حَدَّثَنَاهُ عَقَّارٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اكْتَوَى وَاسْتَرْقَى»
وتابع شعبة جرير وزائدة وعبيدة بن حميد.
وخالفهم سفيان، كما عند الحميدي (78)، والثوري، كما في «العلل» للدارقطني، كلاهما عن عبد الله بن نجيح، عن مجاهد عقار به بإسقاط حسان.
وتابع عبدَ الله بن أبي نجيح ليثُ بنُ أبي سليم، أخرجه أحمد (4/ 249) وغيره.
وتابعهما حمادٌ، كما في «العلل» ، وفي سنده إبراهيم بن يوسف الصيرفي
ضعيف، ويرد إلى طريق الثوري.
ولو سلم السند إلى الثوري لقلت بتعدد مشايخ الثوري.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي، بتاريخ (15) ربيع الآخر (1444)، موافق (9/ 11/ 2022 م): إلى أن مداره على حسان بن أبي وجزة، وهو مجهول، والعلة واضحة في سياق الإمام أحمد السابق. وانظر:«علل الدارقطني» (3/ 302).
لا تقولوا ما شاء الله وشئت
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (27093): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ
(1)
، عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ: أَتَى حَبْرٌ مِنَ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ، لَوْلَا أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ، قَالَ:«سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَا ذَاكَ؟» ، قَالَ: تَقُولُونَ إِذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ، قَالَتْ: فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ قَالَ: «فَمَنْ حَلَفَ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ» ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ، لَوْلَا أَنَّكُمْ تَجْعَلُونَ لِلَّهِ نِدًّا، قَالَ:«سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَا ذَاكَ؟» ، قَالَ: تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، قَالَ: فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ قَالَ، فَمَنْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَلْيَفْصِلْ بَيْنَهُمَا ثُمَّ شِئْتَ»
وتابع المسعوديَّ مسعرُ بن كدام، كما عند النسائي (3773)، والمغيرة بن مقسم، لكن بإسقاط عبد الله بن يسار، أخرجه النسائي كذلك.
وخالف معبدًا منصورُ بن المعتمر، فرواه مختصرًا بلفظ:«لا تقولوا: ما شاء الله وفلان» ، أخرجه أحمد (23347)، وأبو داود (4980).
(1)
هو الجهني كما في (مشكل الآثار) للطحاوي (239)، والطبراني.
ورجح البخاري كما في «العلل» (ص/ 253) للترمذي رواية منصور.
وسئل ابن معين كما في «جامع التحصيل» عن عبد الله بن يسار الذي يروي عن منصور عن حذيفة «لا تقولوا ما شاء الله» ، ألقي حذيفة؟ قال: لا أعلمه.
• والخلاصة: علة هذا الخبر بعد ترجيح رواية منصور بن المعتمر متوقفة على سماع عبد الله بن يسار الجهني من حذيفة، وانتهى شيخنا إلى إعلاله
(1)
بذلك مع الباحث: د/ إبراهيم بن يوسف، بتاريخ (3) جمادى الأولى (1444)، موافق (27/ 11/ 2022 م).
• وللخبر طريق آخر، مداره على عبد الملك بن عمير، واختلف عليه على أربعة أوجه:
1 -
رواه هشام بن يوسف، عن معمر، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن جابر بن سمرة مرفوعًا، أخرجه ابن حبان (5725).
2 -
عبد الرزاق في «مصنفه» عن معمر، عن عبد الملك مرسلا.
3 -
سفيان بن عيينة، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعًا، أخرجه أحمد (23339)، وابن ماجه (2118).
(1)
وهذه النتيجة جاءت بعد طلب شيخنا من الباحث في مجلس سابق أنه كتب:
1 -
تعيين عبد الله بن يسار.
2 -
ريب في سماع عبد الله بن يسار من حذيفة.
3 -
قال: إنه لم يقف في العلل على ترجيح بين منصور ومعبد.
4 -
لم يجد من نفى سماع عبد الله من قتيلة. ا هـ.
رواه جماعة: شعبة
(1)
وحماد بن سلمة وأبو عوانة وعبيد الله بن عمر، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن الطفيل بن سخبرة مرفوعًا، أخرجه أحمد (20694)، وابن ماجه (2118) وغيرهما.
رجح البخاري كما في «الأسماء والصفات» للبيهقي (292): بين طريق الجماعة عن عبد الملك على طريق سفيان بن عيينة
(2)
.
وذكر البزار في «مسنده» (2830) الخلاف، ثم رجح ما رجحه البخاري من حديث الطفيل بن سخبرة.
• والخلاصة: أن على ترجيح البخاري والبزار، فالإسناد صحيح إلى الطفيل بن سخبرة رضي الله عنه، أما شيخنا فاختار اضطراب عبد الملك بن عمير، وكتب مع الباحث: د/ إبراهيم بن يوسف، بتاريخ (3) جمادى الأولى (1444)، موافق (27/ 11/ 2022 م): في سنده عبد الملك بن عمير
(3)
، وهو مضطرب الحديث، وقد ظهر اضطرابه في السند، والله أعلم.
وله شاهد أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (1839): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَجْلَحُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشِئْتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَجَعَلْتَنِي وَاللَّهَ عَدْلًا؟! بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» .
(1)
سبق في حديث حذيفة رضي الله عنه.
(2)
ولم يتعرض للخلاف على معمر.
(3)
قال أحمد فيه عمومًا مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بحافظ صالح الحديث تغير حفظه. قال ابن معين: مخلط. قال النسائي: لا بأس به. وحديثه مخرج في الكتب الستة كما في التهذيب.
ما جاء في كراهية الحلف بغير الله
1 -
سبق النهي عن الحلف بغير الله من حديث عمر رضي الله عنه وأما الحلف بالطواغيت فقد أخرجه الإمام مسلم رقم (1648) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلَا بِآبَائِكُمْ»
خالف هشام بن حسان في الأشهر عنه
(1)
جمهور الرواة في اختصاره للمتن فغير المتن وإن كان لروايته شواهد من حديث عمر
(2)
وأبي هريرة رضي الله عنهما
(3)
وأخرج مسلم رقم (1652) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»
(1)
فقد روي عنه كرواية الجماعة عند أحمد. وعند مسلم بالعطف عليه ولم يذكر لفظه.
(2)
أخرجه البخاري (6108) ومسلم (1646).
(3)
أخرجه البخاري (4860) ومسلم (1647).
• وتابع جريرا على تقديم الكفارة على الحنث:
1 -
جرير بن حازم متفق عليها. 2 - قرة بن خالد. 3 - سليمان بن طرخان. 4 - قتادة. 5 - أبو الأشعث.
وخالفهم الأكثرون وهم عشرة - ابن عون ويونس بن عبيد ومنصور وحميد والمبارك وسماك بن عطية والربيع بن صبيح وعلي بن زيد بن جدعان وإسماعيل بن مسلم وعوف- فقدموا الحنث على التكفير.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز بتاريخ 25 جمادى الأولى 1444 موافق 19/ 12/ 2022 م: هشام بن حسان في روايته عن الحسن البصري كلامًا وخالف الجماهير عن الحسن في متنه وينظر هل أعل روايته أحد من العلماء هنا فإنها هنا ليست بمستنكرة. ا هـ.
2 -
قال الإمام الترمذي في «العلل الكبير» ، رقم (457): حدثنا محمود بن غَيْلَان، حدثنا الفضل بن موسى، وأبو أحمد الزُّبيري، قالا: حدثنا مِسْعَر، عن مَعْبَد بن خالد، عن عبد الله بن يَسَار، عن قُتَيْلة -امرأة من جُهَيْنة- أن يهوديًّا أَتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنكم تُنَدِّدون، وإِنكم تُشْرِكون، تقولون: ما شاء الله وشئتَ، وتقولون: والكعبةِ. فأَمَرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: ورَبِّ الكعبة، ويقول أحدهم: ما شاء الله، ثم شئتَ.
سألتُ محمدًا عن هذا الحديث؟
فقال: هكذا رَوَى مَعْبَد بن خالد، عن عبد الله بن يَسَار، عن قُتَيْلة، وقال منصور: عن عبد الله بن يَسَار، عن حُذيفة.
قال محمد: حديث منصور أَشْبَه عندي وأصح.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث أحمد الصاوي، بتاريخ (24) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (27/ 1/ 2022 م): اختُلف فيه على ابن يسار، وأرى- والله أعلم- أن رواية منصور أَوْلَى، وقد رجحها البخاري، وفي سندها انقطاع بين ابن يسار وحذيفة اه.
وانظر: «علل الدارقطني» (4112)، و «العلل الكبير» (457، 458).
باب الطِّيَرة
قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5093): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ- ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ-، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالفَرَسِ» .
وتابع مالكًا على الجزم بالثلاث أصحاب الزُّهْري، إلا ابن أبي ذئب، فقد أتى باللفظ معلقًا هكذا: «إن كان الشؤم
…
»، وأَرْسَل الحديث، وجَعَل بين سالم والزُّهْري محمدَ بن سالم بن مسلم بن قنفذ.
وخالفهم عُتبة بن مسلم، فقال كلفظ ابن أبي ذئب، أخرجه مسلم، رقم (2225): وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ، فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ» .
وتابع عتبةَ عمرُ بن محمدٍ العسقلاني، أخرجه البخاري، رقم (5094): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ العَسْقَلَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ، فَفِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ» .
وأخرجه مسلم، رقم (2225): وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، به.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث محمد بن سالم، بتاريخ (15) صفر (1444 هـ)، الموافق (10/ 9/ 2022 م) إلى صحة اللفظين، مع توجيه الجزم بالشؤم
(1)
.
• تنبيه: لفظ: (إن كان
…
) له شواهد:
منها: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، أخرجه البخاري، رقم (2859)، ومسلم، رقم (2226): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ، فَفِي المَرْأَةِ وَالفَرَسِ وَالمَسْكَنِ» .
ومنها: حديث جابر رضي الله عنه، أخرجه مسلم (2227): حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الرَّبْعِ
(2)
وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ».
(1)
وقال أبو داود في «سُننه» (4/ 19): قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ: أَخْبَرَكَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الشُّؤْمِ فِي الْفَرَسِ وَالدَّارِ، قَالَ: كَمْ مِنْ دَارٍ سَكَنَهَا نَاسٌ فَهَلَكُوا، ثُمَّ سَكَنَهَا آخَرُونَ فَهَلَكُوا. فَهَذَا تَفْسِيرُهُ فِيمَا نَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: حَصِيرٌ فِي الْبَيْتِ خَيْرٌ مِنَ امْرَأَةٍ لَا تَلِدُ.
(2)
أي الدار.
وخالف إسحاقَ الإمامُ أحمدُ وأبو عاصمٍ النبيلُ وغيرُهم، فقالوا:(المرأة) بدل (الخادم).
وله شاهد، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (1554): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الحَضْرَمِيِّ بْنِ لَاحِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الطِّيَرَةِ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ فَكَرِهْتُ أَنْ أُحَدِّثَهُ مَنْ حَدَّثَنِي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَ، إِنْ تَكُنِ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلا تَهْبِطُوا، وَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ» .
تُنظَر ترجمة الحضرمي بن لاحق، هل هو اثنان أو واحد؟
وله شاهد من حديث عائشة، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (26088): حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ دَخَلَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَا: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ» .
قَالَ: فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ، وَشِقَّةٌ فِي الْأَرْضِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ، مَا هَكَذَا كَانَ يَقُولُ، وَلَكِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ» ثُمَّ قَرَأَتْ عَائِشَةُ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [الحديد: 22] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وتابع أبا حسان مكحولٌ، أخرجه الطيالسي، ومكحول لم يَسمع من عائشة، لكنه في المتابعات.
الرُّقَى الشِّركية
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (3615): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ، عَنْ زَيْنَبَ-امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ- قَالَتْ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ، تَنَحْنَحَ وَبَزَقَ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَهْجُمَ مِنَّا عَلَى شَيْءٍ يَكْرَهُهُ.
قَالَتْ: وَإِنَّهُ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَتَنَحْنَحَ، قَالَتْ: وَعِنْدِي عَجُوزٌ تَرْقِينِي مِنَ الْحُمْرَةِ
(1)
، فَأَدْخَلْتُهَا تَحْتَ السَّرِيرِ، فَدَخَلَ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي، فَرَأَى فِي عُنُقِي خَيْطًا، قَالَ: مَا هَذَا الْخَيْطُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: خَيْطٌ أُرْقِيَ لِي فِيهِ. قَالَتْ: فَأَخَذَهُ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ آلَ عَبْدِ اللَّهِ لَأَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ
(2)
شِرْكٌ».
قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا، وَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ؟ فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِيهَا، وَكَانَ إِذَا رَقَاهَا سَكَنَتْ؟!
(1)
نوع من أنواع الورم.
(2)
قال الأصمعي: التولة -بكسر التاء-: وهو الذى يحبب المرأة إلى زوجها. كما في «غريب الحديث» للقاسم بن سلام (5/ 61).
قَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ، كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ، فَإِذَا رَقَيْتِهَا كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» .
تابع أبا معاويةَ عبدُ اللهِ بنُ بِشر، أخرجه ابن ماجه (3530).
وخالفهما محمد بن مَسْلَمَة، فأبدل ابن أخي زينب بعبد الله بن عُتبة، أخرجه الحاكم (8290).
ويحيى الجزار: صدوق رُمي بالتشيع.
وابن أخي زينب: قال فيه ابن حجر: كأنه صحابي.
وخالف عمرَو بنَ مُرَّةَ فُضَيْلُ بنُ عمرٍو، فقال: (عَنْ يَحْيَى الجَزَّارِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى امْرَأَةٍ، وَفِي عُنُقِهَا شَيْءٌ مُعَوَّذٌ، فَجَذَبَهُ فَقَطَعَهُ
…
)
والظاهر: أنه مُعضَل، أخرجه ابن حِبان (6090).
• ورواه المنهال بن عمرو، واختُلف عليه على ثلاثة أوجه:
1 -
رواه عنه عمرو بن قيس، فقال: عن سيرين أُم أبي عُبيدة- أو ابن أخي أبي عُبيدة، أو ابن أخت أبي عُبيدة- موقوفًا.
أخرجه عبد الله في «السُّنة» (790)، والخَلَّال في «السُّنة» (1485) وسيرين لها ذكر، وليس لها رواية. قاله ابن حجر.
2 -
ورواه عنه عبد الرحمن المسعودي، فقال: عن أبي عُبيدة، موقوفًا.
أخرجه الطبري (8863)، وفي سنده المسعودي، ويُحرَّر السند إليه.
3 -
وتابعه موسى بن داود، عن إسرائيل، عن مَيْسَرة بن حبيب، عن المنهال، عن أبي عُبيدة، به، وفيه: «إن الرُّقَى
…
أو طرفًا من الشرك»
أخرجه الطبري (8862)، وعنده أبو إسرائيل بدل إسرائيل، ولعله تصحيف، كما بَيَّنَتْه المصادر الأخرى.
• وخالف موسى بنَ داود اثنان:
1 -
عثمان بن عمر. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (4442).
2 -
عُبيد الله بن موسى.
لكن قالا: قيس بن السكن بدل أبي عُبيدة. أخرجه الحاكم (7505).
وروته أُم ناجية عن ابن مسعود، وفيه: نهانا رسول الله عن الرقى .... أخرجه الحاكم (7504).
• والخلاصة: أن للخبر ثلاثة
(1)
طرق عن ابن مسعود، المرفوع منها طريق زينب وأم ناجية وقيس بن السكن في الأشهر.
وكَتَب شيخنا مع الباحث: أحمد الصاوي، بتاريخ (17) صفر (1444 هـ)، الموافق (13/ 9/ 2022 م): في كل طرقه مقال، والله أعلم.
(1)
ويجوز [ثلاث] بناء على أن الطَّرِيقَ يُذْكَرُ فِي لُغَةِ نَجْدٍ، وَيُؤَنَّثُ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ. أفاده المصحح اللغوي عبد الغني العوامي-حفظه الله-.
حكم من أتى عرافًا
1 - لم تقبل له صلاة أربعين يوما.
فقد أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (2230): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» .
وتابع محمدَ بنَ المثنى الإمامُ أحمدُ (23222)، وعبدُ الرحمنِ بنُ منصور، كما في «الإبانة» (995)، وأبو بكر بن خلاد أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (10/ 406).
2 - يجوز إطلاق الكفر عليه بقيد التصديق.
فقد قال ابن الجعد في «مسنده» ، رقم (425) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ هُبَيْرَةَ بْنَ يَرِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» .
وتابع شعبة الثوري، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (23528) وغيره.
وتابعهما إسرائيل وزهير، كما في «مسند ابن الجعد» (1941)، وعمرو بن قيس، أخرجه البزار (1873) والحلية لكن مرفوعا فيها.
• وقد توبع هبيرة على الوقف من:
1 -
قتادةَ، ولم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه.
2، 3 - حبةَ العرنيِّ، وأبي الزعراء، لكن في سنده شعبة، يرجع إلى الطريق السابق، أخرجه الخلال في «السنة» (1302) والطبراني في «الأوسط» (1453).
4، 5 - علقمةَ بن قيس، وهناد بن الحارث، أخرجه البزار (1931)، والخلال (1409)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10005).
6 -
الأسود بن هلال، أخرجه أبو داود (382).
• والخلاصة: الموقوف صحيح، وكتب شيخنا مع الباحث أحمد الصاوي بتاريخ 1/ ربيع 1444 موافق 27/ 9/ 2022 م: الصواب الوقف.
هل ثبت «اللهم إني أتوجه إليك بنبيك» ؟
مختلف فيه وقد أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (17240): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، قَالَ:«إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَاكَ، فَهُوَ خَيْرٌ» . فَقَالَ: ادْعُهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ، فَتَقْضِي لِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ.
وتابع الإمامَ أحمدَ جمعٌ، منهم عبد بن حميد كما في «المنتخب» (388).
وتابع عثمانَ بنَ عُمَرَ رَوْحُ بنُ عبادة، أخرجه أحمد (16790).
• وخالفهما في شيخ أبي جعفر اثنانِ، فأبدلا عمارةَ بنَ خزيمةَ بأبي أمامةَ بنِ سهلٍ:
1 -
هشام الدستوائي، أخرجه النسائي (10496).
2 -
روح بن القاسم، أخرجه الطبراني
(1)
في «المعجم الكبير» (9/ 30)(8228) حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عِيسَى بْنِ قَيْرَسٍ الْمِصْرِيُّ الْمُقْرِئُ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ
(2)
، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ رَجُلًا، كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ، فَلَقِيَ ابْنَ حُنَيْفٍ، فَشَكَى ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي، فَتَقْضِي لِي حَاجَتِي، وَتُذَكُرُ حَاجَتَكَ. وَرُحْ حَتَّى أَرْوَحَ مَعَكَ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ لَهُ، ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، فَجَاءَ الْبَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ، فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ، فَقَالَ: حَاجَتُكَ؟ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ وَقَضَاهَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَ السَّاعَةُ، وَقَالَ: مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَأَذْكُرُهَا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ، فَقَالَ لَهُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِيَّ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: وَاللهِ مَا كَلَّمْتُهُ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتَاهُ ضَرِيرٌ فَشَكَى إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَتَصَبَّرْ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ ادْعُ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ» قَالَ ابْنُ حُنَيْفٍ:
(1)
وكذلك في (الدعاء) له رقم (1050).
(2)
تابع أصبغ أحمد بن عيسى أخرجه أبو نعيم في (معرفة الصحابة)(4928).
فَوَاللهِ مَا تَفَرَّقْنَا، وَطَالَ بِنَا الْحَدِيثُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ.
ورواه أحمد بن شبيب، عن أبيه، مقتصرا على المرفوع دون القصة، أخرجه ابن السنى (629).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، أبي حمزة السويسي بتاريخ (29) صفر (1444)، موافق (25/ 9/ 2022 م) بقوله: لمضعف أن يضعف الخبر؛ للخلاف في أبي جعفر الخطمي.
والقصة التي في زمن عثمان رضي الله عنه التي كان يحتج بها المخالف علينا من رواية ابن وهب، عن شبيب بن سعيد، ورواية ابن وهب عنه منكرة، قال ذلك ابن عدي في «الكامل» وابن بشكوال «مشيخة ابن وهب» والحافظ في «التقريب» اه.
• تنبيه:
ذكره الدارقطني في «تعليقاته على ابن حبان» (208) وقبله ابن أبي حاتم في «العلل» (2019) فأفاد متابعة جديدة لهشام لم يقف عليها أبو زرعة.
• تنبيه:
طلب شيخنا جمع أخبار أبي جعفر الخطمي
(1)
؛ للنظر فيها، فأورد الباحث
(1)
وكان شيخنا من قبل كَتَب مع الباحث، حلمي بن سعد الغندور، بتاريخ شهر رجب (1443 هـ)، الموافق شهر (2) عام (2022 م): الزيادات تَبَيَّنَ ضعفها.
يُنظَر لوقت آخَر؛ للسؤال: هل عُيِّن أبو جعفر في بعض الطرق؟ ومَن عَيَّنه؟
أبو حمزة السويسي، بتاريخ (6) ربيع أول (1444)، موافق (2/ 10/ 2022 م):
1 -
«لا يدخل الجنة من النساء إلا كقدر هذا الغراب» . أخرجه النسائي في (الكبرى)(9223).
2 -
كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر أخرجه ابن ماجه (1377).
3 -
إذا شيع جيشا .... «أستودع الله أماناتكم» أخرجه أبو داود (2603).
فانتهى مع الباحث إلى أن فيها غرابة؛ بخاصة ما تفرد منها، بخلاف ما توبع عليه.
كتاب الملائكة
هل ثبت: مَنْ بَاتَ طَاهِرًا، بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ؟
قال ابن حِبان في «صحيحه» ، رقم (1051): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
(1)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاتَ طَاهِرًا، بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ؛ فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا» .
• وتابع سليمانَ الأحولَ العبَّاسُ بنُ عُتبةَ، وعنه اثنان:
1 -
إسماعيل بن عياش، أخرجه أبو عُبيد في «الطهور» (70)، والطبراني في «مسند الشاميين» (2552).
2 -
عبد الله بن صالح - وهو ضعيف-، أخرجه ابن شاهين في «الترغيب والترهيب» (462).
(1)
تنبيه: ذَكَر الباحث، محمد قريش في تحقيقه ل «مسند ابن المبارك» ، رقم (64) أن في المخطوط أبا هريرة، بدل ابن عمر، بخلاف المطبوع، ففيه ابن عمر.
وقال شيخنا: الحديث مشهور بابن عمر.
وسند سليمان الأحول أسلم طريق لهذا الخبر، والخلاف فيه في سماع عطاء
(1)
من ابن عمر رضي الله عنهما.
ووجهة من حسنه كون المثبت مقدم على النافي والخلاف في حال الحسن بن ذكوان.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن موسى، بتاريخ (23) رجب (1443 هـ)، الموافق (24/ 2/ 2022 م): الحديث فيه علتان:
الأولى: عدم سماع عطاء من ابن عمر رضي الله عنهما.
الثانية: السند إلى عطاء، في بعض الطرق فيه العباس بن عُتبة، لا يصح حديثه
(2)
، ويُنْظَر السند الآخَر إلى عطاء. اه.
(1)
قال الإمام أحمد ويحيى القطان: عطاء لم يَسمع من ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
ذَكَره العُقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/ 362) في ترجمة عباس بن عُتبة عن عطاء، من رواية إسماعيل بن عياش، وقال: لا يصح حديثه، ثم قال بعد ذكره الحديث: وقد رُوي هذا بغير هذا الإسناد بإسنادٍ لَيِّن أيضًا.
فقأ نبي الله موسى عليه السلام عين ملك الموت عليه السلام
-
قال مَعْمَر في «جامعه» ، رقم (20530): عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ» ، قَالَ:«فَرَدَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ مَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ» .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ ثَمَّ، لَأَرْيتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» .
قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَهُ.
• تنبيه: لم يُختلَف في «جامع مَعْمَر» على أن الخبر مرفوع
(1)
إنما الخلاف حَدَث عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر، على وجهين: الرفع والوقف.
(1)
إلا رواية الحسن المرسلة، وسندها ضعيف.
وخلاصته: أن الأصح من طريق همامٍ الرفع
(1)
، والأصح من طريق ابن طاوس الوقف
(2)
، وفي نهايته قَدْر مرفوع.
وللخبر طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا، وموقوفا، ومرسلًا
(3)
، وأصحها الرفع.
• الطريق الأول: عمار بن أبي عمار
(4)
، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم
(1)
فرواه على الرفع سبعة، منهم يحيى بن موسى، أخرجه البخاري (3407)، ومحمد بن رافع ومحمد بن يحيى، أخرجهما مسلم (6225).
وخالفهم سَلَمةُ بنُ شَبِيب فوقفه، أخرجه عبد الله في «السُّنة» (599) وأحمد بن منصور الرمادي، أخرجه البيهقي (1032).
والصواب: رواية الجماعة بالرفع.
(2)
فرواه على الوقف تسعة، منهم محمود بن غَيْلَان، أخرجه البخاري (3039)، وعبد بن حُمَيْد، أخرجه مسلم (2371)، عن أبي هريرة: «أُرْسِلَ مَلَك الموت
…
» وفي نهايته: قال رسول الله: «لو كنتُ ثَم لأريتكم قبره» .
وخالفهم إسحاق بن إبراهيم، أخرجه أبو عَوَانة (10474)، وابن حِبان (3016)، والوقف أصح من هذا الوجه.
(3)
ذَكَرها مَعْمَر كما في «جامعه» (20530) عقب الخبر، فقال: عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ، يُحَدِّثُ مِثْلَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وكأن مَنْ سَمِع الحسن فُسِّر عند الحكيم الترمذي (185) بجعفر بن حيان، وهو ثقة.
(4)
وثقه أحمد وأبو زُرَعْة وأبو حاتم وأبو داود.
وقال النَّسَائي: ليس به بأس.
وذَكَره ابن حِبان وقال: كان يخطئ.
وساق له البخاري حديثًا عن ابن عباس، وقال: لا يُتابَع عليه، وكان شُعبة يَتكلم فيه.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: رَوَى شُعبة عنه حديث الحيض، قال: لم يَسمع غيره. تركه عمدًا. قال: لا، لم يَسمع اه.
انظر ترجمته من «التهذيب» و «تحرير التقريب» (4829) فذَكَر د/ بشار عواد، وشعيب الأرناؤوط- التوثيق السابق، وزادا توثيق ابن شاهين، وقالا: قول ابن حِبان: كان يخطئ، أَخَذها منه المُصنِّف، ثم أنزله إلى مرتبة الصدوق، وهذا عجيب منه رحمه الله، فما عَلِمنا في الرجل كلامًا سوى أن شعبة تَكلَّم فيه، وقد قال أحمد: ثقة ثقة، فكان ماذا؟
(10904)
: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يُونُسُ: رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانًا» ، قَالَ:«فَأَتَى مُوسَى، فَلَطَمَهُ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَأَتَى رَبَّهُ عز وجل فَقَالَ: يَا رَبِّ، عَبْدُكَ مُوسَى فَقَأَ عَيْنِي، وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَعَنُفْتُ بِهِ- وَقَالَ يُونُسُ: لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ-، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ: فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ-أَوْ مَسْكِ- ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ وَارَتْ يَدُهُ سَنَةٌ، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: فَقَالَ: مَا بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. قَالَ: فَشَمَّهُ شَمَّةً فَقَبَضَ رُوحَهُ» . قَالَ يُونُسُ: فَرَدَّ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ عَيْنَهُ، فَكَانَ يَأْتِي النَّاسَ خُفْيَةً.
وتابع أميةَ ويونسَ جماعةٌ: مُؤمَّلُ بن إسماعيل، أخرجه أحمد (3577)، وموسى بن إسماعيل، أخرجه البزار (9593)، وعفان بن مسلم، أخرجه الحاكم (4158).
وهذا السند ظاهر الحُسْن؛ لحال عمار بن أبي عمار، ولم يُنتقد عليه هذا الخبر، إلا ما قد يُفْهَم خطأً من روايةٍ في «كشف الأستار» (856)، فقد تم فيها تركيب متن على سند.
وبعد جَمْع الطرق والنظر في «مسند البزار» ، تَبيَّن منها هذا الخطأ واللبس
(1)
.
• الطريق الثاني: محمد بن سيرين، أخرجه أبو نُعَيْم في «تاريخ أصبهان» (2/ 184): ثنا عبد الرزاق، أنا مَعْمَر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«بَعَث الله مَلَك الموت إلى موسى ليَقبض رُوحه، فلَطَم عينه، ففقأها» .
وهذا السند راجع للخلاف على عبد الرزاق، وفي رواية مَعْمَر عن أيوب كلام مع نزول السند.
• الطريق الثالث: حبيب بن سالم، أخرجه الكَلَابَاذِيّ في «بحر الفوائد»
(1)
ولك أن تقارن بين «مسند البزار» ، رَقَمَيْ (9592): حَدَّثَنا إبراهيم بن نصر الرازي، حَدَّثَنا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنا حماد بن سلمة، حَدَّثَنا علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما شَهِدْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغنمًا قَطُّ، إلا قَسَمَ لي منه، إلا يوم خيبر، فإنها كانت لأهل الحُديبية خاصة، فكان أبو هريرة وأبو موسى رضي الله عنهما قدما بين الحُديبية وبين خيبر. وهذا الحديث لا نَعْلَم أحدا رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا عمار بن أبي عمار، (9593): وبإسناده قال: حَدَّثَنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار قال: سمعتُ أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَلَك الموت كان يأتي الناس عِيَانًا، فأَتَى موسى بنَ عمران صلى الله عليه وسلم، فلَطَمه ففقأ عينه، وعَرَج ملك الموت، فَقال: أي رب .... » اه.
و «كشف الأستار» (856) هكذا: حدثنا إبراهيم بن نصر الرازي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، ثنا علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَلَك الموت كان يأتي الناس عِيَانًا
…
» اه.
(1/ 538)، رقم (626): وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَفْصٍ رحمه الله: حَدَّثَنا أَبِي رحمه الله، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ الْأَنْصَارِيِّ، قال: حَدَّثَنا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَى مَلَكُ الْمَوْتِ مُوسَى لِيَقْبِضَ نَفْسَهُ، فَلَطَمَهُ لَطْمَةً، فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ وَهُوَ -تَعَالَى- أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَ، قَال: يا رَبِّ، أَتَيْتُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِكَ، لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، فَصَنَعَ هَذَا بِعَيْنِي»
وحبيب بن سالم مُختلَف فيه، وليس من أصحاب أبي هريرة المشاهير.
وفيه أبو عبد الله بن أبي حفص عن أبيه، تُنْظَر ترجمتهما، فلم يقف عليهما الباحث.
• الطريق الرابع موقوف: أبو يونس، أخرجه أحمد (8616)، وفي سنده ابن لَهِيعة، ضعيف، والراوي عنه: حسن بن موسى، وليس من العبادلة.
• والخلاصة: أن الخبر ثابت من طريق مَعْمَر، والاختلافات إنما مرجعها إلى عبد الرزاق، والمتابعات عن أبي هريرة رضي الله عنه تُؤَيِّدُ وتُعضِّدُ الرَّفْعَ، ونَصَرَهُ الإمامُ أحمدُ وإسحاقُ
(1)
.
(1)
«مسائل الكوسج» (3290).
وأفرد الباحث محمد بن محمود بن علي آل مسلم دراسة لهذا الحديث تحت مسمى: «حديث فقأ موسى لعين ملك الموت، دراسة حديثية عَقَدية» أرسلها لي ونافح فيها عن صحة هذا الحديث جزاه الله خيرًا.
وناقش الخبر كذلك؛ تعقيبًا على د. محمد بن ياسين-حَفِظه الله- لما عرضه، وجَنَح شيخنا معه إلى الإعلال بالوقف، ثم توقف مع الباحثين، ثم عَرَضه الباحث محمد بن يحيى البسيوني بعد، فكَتَب شيخنا ما كَتَب.
• في حين كَتَب شيخنا مع الباحث محمد بن يحيى البسيوني، بتاريخ (22) رجب (1443 هـ) الموافق (22/ 2/ 2022 م):
1 -
تُراجَع ترجمتا طاوس وهمام عن أبي هريرة.
2 -
[غرابة]
(1)
المتن.
3 -
همام يَروي إسرائيليات
(2)
.
4 -
مدار الحديث على عبد الرزاق عن مَعْمَر اه.
وقال: لا شك لديَّ أن طاوسًا أقوى، والمتن مُستغرَبٌ.
كَتَب مع الباحث فارس بن عبد الشافي المصري، بتاريخ (21) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (24/ 1/ 2022 م): في قصة فقء موسى لعين مَلَك الموت بعضُ النزاع
(3)
فليُحرَّر.
(1)
المتن غريب.
(2)
بل راوي الإسرائيليات وهب بن منبه، وليس همامًا.
(3)
أي: في تصحيحه.
كتاب الإيمان بالرسل
تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
-
قال الإمام أحمد: في «مسنده» رقم (7160): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ، أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: «بَلْ عَبْدًا رَسُولًا»
• الخلاصة: قال لي عندما سألته عن مناقشته مع الباحث أبي الحسن المنصوري، بتاريخ (5) ربيع (1444)، موافق (1/ 1/ 2022 م) رجاله ثقات، مع الإشارة إلى:
1 -
تفردات ابن غزوان.
2 -
الشك الذي رواه (وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ).
معيشة النبي صلى الله عليه وسلم
-
قال الإمام الترمذي في «سننه» ، رقم (2362): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ» .
وتابع قتيبة ثلاثة:
1 -
قيس بن حفص، أخرجه ابن عدي في «الكامل» (596)، والأصبهاني (4/ 229).
2 -
قطن بن نسير أخرجه ابن عدي في «الكامل» (7/ 181)
(1)
.
3 -
عبد الله بن سعيد، أخرجه السفلي (31).
وخالفهم أو خالف قتيبة ما ذكره الترمذي معلقا عن جعفر بالإرسال.
وتابع ثابتا البناني على الوصل كثيرُ بنُ سليم، وهو منكر الحديث، أخرجه
(1)
وقال أبو زرعة: هذا يعرف بقتيبة سرقه قطن منه، ورد ذلك الذهبي لكون قطن مكثر عن جعفر.
وقال ابن عدي في «الكامل» (3/ 106): وهذا الحديث يُعرَف بقتيبة عن جعفر، وقد رواه قطن بن نسير، وقيس بن حفص، ورَواه شيخ من أهل بغداد، يُقال له: إدريس الحداد، عن أحمد بن حنبل، عن عَبد الرَّزَّاق، عن جعفر، وأخطأ على أحمد، لأن أحمد عنده حديث؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على الرطب.
عثمان البحيري، رقم (11).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عبد الله بن صادق المرجاوي القاهري، بتاريخ (29) من ذي القعدة (1443)، موافق (29/ 6/ 2022 م): الخبر ضعيف
(1)
.
• تنبيه:
العلة التي بنى عليها التضعيف: هو الكلام في رواية جعفر بن سليمان عن ثابت، وسبق التنبيه عليها، فجدد به عهدًا إن شئت.
(1)
ومما يؤيد الضعف ما أخرجه البخاري (5240)، وفيه:«وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ» .
وفاته صلى الله عليه وسلم
-
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (1637): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟! ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، فَقُلْتُ: يَا بْنَ عَبَّاسٍ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟
قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ، فَقَالَ:«ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي» فَتَنَازَعُوا
(1)
، وَمَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، وَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ؟
(1)
ويجاب على قول عمر رضي الله عنه في البخاري، رقم (5669) ومسلم رقم (1637)«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ» بثلاثة أجوبة:
الأول: أنه خاف المشقة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: خاف أن يكتب أمورًا يعجِز الناس عنها، ولا يكون لهم بدّ من العمل بها؛ لأنها منصوصة.
الثالث: أنه قد يكون مجالًا للمنافقين، فيقدحون فيما كتب وهو في هذه الحالة؛ ولهذا قال، أو خاف لعل بعض المنافقين يتطرقون به إلى القذف في بعض ذلك المكتوب؛ لكونه في حال المرض، فيصير سببًا للفتنة.
انظر: «شرح صحيح البخاري» (1/ 304 - 305) لابن عثيمين. ط. المكتبة الإسلامية.
اسْتَفْهِمُوهُ. قَالَ: «دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ، أُوصِيكُمْ بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ» قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَهَا فَأُنْسِيتُهَا.
وتابع سليمانَ الأحولَ طلحةُ بن مُصَرِّف، بلفظ المضارع:(يَهْجُر) كما عند مسلم.
وتابع سعيدَ بنَ جُبَيْر عُبَيْدُ اللهِ بنُ عبد الله بنِ عُتْبَة من رواية الزُّهْري عنه، دون لفظ:(أَهَجَرَ) أو (يَهْجُر)، أخرجه البخاري (114) وغيره.
• الخلاصة:
انتهى شيخنا مع الباحث، صلاح بن عبد الكريم الشرقاوي، أبي البخاري، بتاريخ (26) رجب (1443 هـ)، الموافق (27/ 2/ 2022 م)، إلى أن الحديث ثابت، لكن طريق الزُّهْري لم يُذْكَر فيه لفظ:(أَهَجَر) أو (يَهْجُر).
أما طريق سليمان الأحول ففيها، ولا يُعْلَم قائلها، مع أن الشيعة ينسبونها إلى عمر رضي الله عنه.
• تنبيه:
نَقَل ابن حجر عن القرطبي توجيهًا لِلَّفْظَةِ، أنه ربما قالها بعض الذين أسلموا قريبًا على عادتهم.
وقال النووي في «شرحه على مسلم» (11/ 92):
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وْقَوْلُهُ: (أَهَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟) هَكَذَا هُوَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» وَغَيْرِهِ (أَهَجَرَ؟) عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى:(هَجَرَ) وَ (يَهْجُرُ)؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ مَعْنَى (هَجَرَ): هَذَى.
وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا مِنْ قَائِلِهِ اسْتِفْهَامًا؛ لِلْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ قَالَ: (لَا تَكْتُبُوا) أَيْ: لَا تَتْرُكُوا أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَجْعَلُوهُ كَأَمْرِ مَنْ هَجَرَ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَهْجُرُ.
وَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ الْأُخْرَى، كَانَتْ خَطَأً مِنْ قَائِلِهَا، قَالَهَا بِغَيْرِ تَحْقِيقٍ، بَلْ لِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْحَيْرَةِ وَالدَّهْشَةِ؛ لِعَظِيمِ مَا شَاهَدَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَفَاتِهِ، وَعَظِيمِ الْمُصَابِ بِهِ، وَخَوْفِ الْفِتَنِ وَالضَّلَالِ بَعْدَهُ، وَأَجْرَى الْهُجْرَ مُجْرَى شِدَّةِ الْوَجَعِ.
وَقَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه: (حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ) رَدٌّ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ، لَا عَلَى أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهُ أَعْلَمُ اه.
تركة النبي صلى الله عليه وسلم
-
قال البخاري في «صحيحه» رقم (2739): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ- خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ- قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا، إِلَّا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً.
وتابع يَحْيَى بنَ أبي بُكَيْرٍ ابنُ الجعد في «مسنده» ، رقم (2537)، والحسنُ بنُ موسى، والفضلُ بنُ دُكَيْنٍ، كما عند ابن سعد في «الطبقات» (2/ 275).
وتابع زهيرَ بنَ معاوية أَبو الأحوصِ، أخرجه البخاري (4461).
وخالفهما - زهيرًا وأبا الأحوص- ثَلَاثَةٌ، فلم يَذكروا:«دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا» ، هم:
1 -
سفيان الثوري، كما عند البخاري (3098)، وهَنَّاد في «الزهد» (735)، وأحمد (18458).
2 -
يونس بن أبي إسحاق، أخرجه النَّسَائي (3622).
3 -
إسرائيل، وعنه حسين بن محمد في «الشمائل» (400) للترمذي.
وعُبيد الله بن موسى
(1)
كما في «الطبقات» (2466) لابن سعد، والطبراني في «المعجم الكبير» (94).
• الخلاصة:
انتهى شيخنا مع الباحث، هشام بن علي الفيومي
(2)
، بتاريخ (22) صفر (1444 هـ)، الموافق (18/ 9/ 2022 م) إلى أنه: وإن كان الراويان عن أبي إسحاق بعد الاختلاط، إلا أن البخاري انتقى لهما، ولم يأتيا بما يُستنكَر عليهما، وللمتن شواهد:
منها: ما أخرجه مسلم رقم (1635): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ
(3)
، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ،
(1)
وخالف حُسينًا وعُبيدًا مُؤمَّلُ بن إسماعيل-وهو ضعيف-، فجَعَله مِنْ مسند جويرية رضي الله عنها، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (511).
(2)
وُلد بتاريخ (21/ 4/ 1986 م)، حاصل على دبلوم صنايع، قِسم تبريد وتكييف، وإجازة أصولية في كتاب:«الإعلام في أصول الفقه» من الشيخ عبد الفتاح مصيلحي.
(3)
تنبيه: في «المُصنَّف» (32989)، فجَعَل شيخ الأعمش سفيان بدل أبي وائل، وذلك من رواية أبي معاوية عن الأعمش، وكذلك عبد الله بن نُمَيْر عن الأعمش عن سفيان.
وثَم خلاف آخَر على أبي معاوية، كما عند الطيالسي (1495)، فجَعَل شيخ الأعمش إبراهيم، عن الأسود.
وتابعه متابعة قاصرة حسن بن عياش، عن الأعمش به، أخرجه النَّسَائي (3623).
في حين جَعَل هَنَّاد في «الزهد» (732) شيخ الأعمش مسروقًا.
عَنْ عَائِشَةَ
(1)
قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ».
وتابع أبا معاوية أربعة:
1 -
عيسى بن يونس، أخرجه مسلم (1635).
2 -
داود الطائي، أخرجه النَّسَائي (3622).
3 -
مُفَضَّل بن مُهَلْهِل، أخرجه النسائي (3621).
4 -
جرير بن عبد الحميد، أخرجه مسلم (1635)، وإسحاق بن رَاهَوَيْهِ في «مسنده» (1419).
ورواه عروة عن عائشة، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3016) ونَصَّ على أنه من تفردات علي بن بحر.
• والخلاصة: أن الخبر صحيح، وفيه زيادة: وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ.
ومنها: ما أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبير» (2/ 275)، رقم (2469): أَخبَرنا عَفَّانُ بْنُ مُسلِمٍ قالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا تَرَكَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، وَلَا وَلِيدَةً، وَتَرَكَ دِرْعَهُ رَهْنًا عِنْدَ يَهُوَدِيٍّ، بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.
(1)
وأخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (25053): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا» .
وهلال: صدوق تَغيَّر بآخره، وخالفه هشام بن حسان، فرواه مختصرًا بلفظ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِعِشْرِينَ
(1)
صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَخَذَهُ لِأَهْلِهِ. أخرجه الترمذي (1256) والنَّسَائي (4694) وغيرهما.
ومنها: مرسل صحيح، أخرجه هَنَّاد في «الزهد» (2/ 378)، رقم (734): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً.
• تنبيه:
في الباب ما أخرجه البخاري، رقم (2776): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ» .
(1)
هذا في لفظ عثمان بن عمر عن هشام بن حسان.
أما لفظ الجماعة-محمد بن جعفر، ويزيد بن هارون، وسفيان بن حبيب- عن هشام، فبلفظ:«ثلاثين» .
النبي صلى الله عليه وسلم أول مَنْ يفيق
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (2412): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا القَاسِمِ، ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ! فَقَالَ:«مَنْ؟» قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ.
قَالَ: «ادْعُوهُ» فَقَالَ: «أَضَرَبْتَهُ؟» قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ! قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟! فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى» .
وخالف موسى بنَ إسماعيل أحمدُ بن إسحاق، فقال:«فأرفع رأسي» أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (32497).
ورواه الثوري عن عمرو بن يحيى، بلفظ:«أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ» أخرجه البخاري (3398)، ومسلم (2373).
ورواه ورقاء بن عمر عن عمرو بن يحيى، بلفظ:«أول مَنْ يَرفع رأسه» أخرجه أحمد (3/ 40).
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: سيد بيومي، بتاريخ (10) شعبان (1443 هـ)، الموافق (13/ 3/ 2022 م): الصواب «أول مَنْ يفيق» .
وله شاهد في البخاري (2411) ومسلم (2373) من حديث أبي هريرة بلفظ: «أول مَنْ يفيق» .
كتاب الإيمان باليوم الآخر
تسليم الخاصة من علامات الساعة
قال البخاري في «الأدب المفرد» ، رقم (1049): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ طَارِقٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ جُلُوسًا، فَجَاءَ آذِنُهُ فَقَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ. فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَرَأَى النَّاسَ رُكُوعًا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَكَبَّرَ وَرَكَعَ، وَمَشَيْنَا وَفَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مُسْرِعٌ فَقَالَ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ، وَبَلَّغَ رَسُولُهُ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا رَجَعَ، فَوَلَجَ عَلَى أَهْلِهِ، وَجَلَسْنَا فِي مَكَانِنَا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ.
فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَسْأَلُهُ؟ قَالَ طَارِقٌ: أَنَا أَسْأَلُهُ. فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوُّ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعُ الْأَرْحَامِ، وَفُشُوُّ الْقَلَمِ، وَظُهُورُ الشَّهَادَةِ بِالزُّورِ، وَكِتْمَانُ شَهَادَةِ الْحَقِّ» .
تابع أبا نُعيم جماعةٌ، منهم: أبو أحمد الزبيري ويحيى بن آدم، كلاهما عند أحمد (6/ 415) و (7/ 89)، ومحمد بن سابق، أخرجه الشاشي في «مسنده» (2/ 197) وغيره. ومَخْلَد بن يزيد ووكيع وعبد الله بن داود الخُرَيْبي، ذَكَرهم
الدارقطني في «العلل» (2/ 341).
وخالفهم الثوري فأبدل سَيَّارًا أبا الحَكَم بسَيَّارٍ أبي حمزة، ذَكَره الدارقطني وقال: قولهم: (سَيَّارٌ أبو الحَكم) وَهَمٌ، وإنما هو سَيَّارٌ أبو حمزة الكوفي.
كذلك رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن بَشِير، عن سَيَّار أبي حمزة، وهو الصواب.
وقال الإمام أحمد كما في ترجمة سَيَّار أبي حمزة من «التهذيب» : هو سَيَّارٌ أبو حمزة، وليس قولهم:(سَيَّارٌ أبو الحَكَم) بشيء، أبو الحَكَم ما له ولطارق بن شهاب؟! إنما هو سَيَّارٌ أبو حمزة.
وقال الدارقطني: قول البخاري- يعني في ترجمة سَيَّارٍ أبي الحَكَم-: (سَمِع طارقَ بن شهاب) وهم منه وممن تابعه على ذلك، والذي يَروي عن طارق هو سَيَّارٌ أبو حمزة. قال ذلك أحمد ويحيى وغيرهما.
• والخلاصة: أن الأكثر عن بَشِير بإثبات سَيَّار منسوبًا إلى أبي الحَكَم، وهو على نقل الدارقطني عن البخاري بإثبات سماع سَيَّارٍ أبي الحَكَم من طارق، فالإسناد حسن، وعلى كلام الإمام أحمد وابن مَعِين
(1)
والدارقطني فمُعَلٌّ.
وكَتَب شيخنا مع الباحث: د/ عمرو بن عبد الهادي البلقاسي، بتاريخ (15) رجب (1443 هـ)، الموافق (16/ 2/ 2022 م):
(1)
في «سؤالات ابن الجُنَيْد ليحيى بن مَعِين» (ص 465): سألتُ يحيى عن بشير بن سلمان، فقال:«ثقة كوفي، الذي روى عن سَيَّار، وليس هو سَيَّار أبي الحَكَم، هو سَيَّار أبو حمزة» .
في سنده سَيَّار، اختُلف في تعيينه، واختُلف في سماعه من طارق
(1)
، في حال كونه أبا الحَكَم، ويُنظَر: هل للمتن شواهد أم لا؟
ثم عَرَضه الباحث في مجلس آخَر، فانتهى إلى إعلال علماء العلل.
(1)
أثبت البخاري السماع.
ذِكْرُ الإِخْبَارِ عَنْ ظُهُورِ الزِّنَا وَكَثْرَةِ الْجَهْرِ بِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ
قال ابن حبان في «صحيحه» ، رقم (6767): أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدثنا أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَسَافَدُوا فِي الطَّرِيقِ تَسَافُدَ الْحَمِيرِ» قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ لَكَائِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ لَيَكُونَنَّ» .
وتابع الحجاجَ الساميَ عفانُ بن مسلم، أخرجه البزار (2353) وقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى من وجه صحيح إلا عن عبد الله بن عمرو بهذا الإسناد. اه.
قلت: وهذا الإسناد وإن كان صحيحًا إلا أنه يرد على أمور تعله:
1 -
عبد الواحد ثقة عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فيوصلها، وقال ابن عبد البر: أجمعوا أنه ثقة ثبت.
2 -
خالفه عبدة بن سليمان فأوقفه، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (37277).
وتابع عبدةَ عبدُ الله بن نمير، أخرجه البزار (2354)، والراوي عن ابن نمير
الفهم بن عبد الرحمن، لم أقف له على موثق.
وتابعهما متابعة قاصرة قيس بن عباد عن ابن عمرو موقوفًا أخرجه الحاكم (8631) بمتن مطول، وصححه الحاكم، وهو كذلك.
والخلاصة لدي: أن الأرجح فيه الوقف، وله حكم الرفع؛ لأنه من الغيبيات.
وقال شيخنا لي بتاريخ السبت (25) ربيع آخر (1444)، موافق (19/ 11/ 2022 م): احكم على السند المرفوع بالصحة، وحشِّ بما عندك.
أهوال القيامة
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (17649): حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ، مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ، هَرَمًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ، لَحَقَّرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
وتابع حيوةَ جماعةُ: سويد بن سعيد، كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (303) وأحمد بن الفرج كما في «فوائد تمام» (1654).
وخالفهم في السند والمتن اثنان فوقفاه:
1 -
صفوان بن صالح، كما في «معرفة الصحابة» (677).
2 -
عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، كما في «أسد الغابة» (4761)
وقالا في السند: عن بحير، عن خالد، عن جبير بن نفير، عن محمد بن أبي عميرة.
ورواه ثلاثة عن ثور بن يزيد، عن خالد مثلهما موقوفًا أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (17650): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النِّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ أَنَّ عَبْدًا خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ
يَوْمِ وُلِدَ، إِلَى أَنْ يَمُوتَ هَرَمًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، لَحَقَّرَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَلَوَدَّ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنْيَا كَيْمَا يَزْدَادَ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ».
وتابع ابن المبارك عيسى بن يونس كما في «التاريخ الكبير» (1/ 5)، وتابعهما الوليد بن مسلم، أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1124).
• والخلاصة: أن إسناد الموقوف صحيح، والمرفوع معل
(1)
، وكتب شيخنا مع الباحث: علي بن محمد القناوي، بتاريخ (27) صفر (1444)، موافق (24/ 9/ 2022 م): هل سمع خالد بن معدان (ت/ 103 - 104) من عتبة بن عبد (ت/ قيل 87 أو 92) أم لم يسمع؟
فأجابه الباحث: أنه لم يسمع، وأيد ذلك بإثبات واسطة بين خالد وعتبة، وهي عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة السلمي في حديث أخرجه أحمد (17648) وفيه:«أن رجلا سأل رسول الله كيف كان أول شأنك يا رسول الله .... » .
(1)
هل معل بالوقف وهذا الذي يظهر لي لأن ابن أبي حاتم قال بأن خالد بن معدان لقي من الصحابة عددا منهم عتبة بن عبد.
الأسباب المنجية من عذاب القبر
تنوعت الأسباب المنجية من عذاب القبر، ومنها:
1 -
الرضا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا وهي أسئلة القبر.
2 -
اليقين المنافي للشك.
وفي الخبر: «فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ»
(1)
.
3 -
المرابط في سبيل الله:
فعن عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ»
(2)
.
4 -
الدعاء عقب التشهد بالنجاة من عذاب القبر.
5 -
حسن التطهر واجتناب النميمة.
6 -
المبطون.
(1)
أخرجه البخاري (86).
(2)
أخرجه مسلم (1913).
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (18310): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، وَخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، وَهُمَا يُرِيدَانِ أَنْ يَتْبَعَا جِنَازَةَ مَبْطُونٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَقْتُلُهُ بَطْنُهُ، فَلَنْ يُعَذَّبَ فِي قَبْرِهِ» ؟ فَقَالَ: بَلَى.
تابع محمدَ بْنَ جَعْفَرٍ جماعةٌ: بَهْزٌ، وحَجَّاجٌ، والطيالسيُّ، والحَوْضيُّ، وهاشمُ بنُ القاسم، وعمرُ بنُ مرزوقٍ، وخالدُ بن الحارثِ.
وتابعَ شعبةَ زيدُ بنُ أبي أُنَيْسَة، كما عند البيهقي (153) وقيسُ بن الربيع، كما عند الطبراني، وأيوبُ بنُ جابر-وهو ضعيف- كما عند الطبراني أيضًا.
وتابع جامعَ بنَ شدادٍ اثنانِ: يزيدُ بنُ أبي خالد، وجابرُ بنُ يزيدَ، كلاهما عند الطبراني.
وعبد الله بن يسار: اثنان في طبقة واحدة من الكوفة، أحدهما ثقة، والآخَر مجهول.
أما الذي معنا، فهو الجُهَني، كما نَسَبه الطبراني في السند، وابن قانع، وترجمه البخاري في «التاريخ» بالجُهَني، ووثقه النَّسَائي، وروى عنه أكثرُ من عَشَرةٍ. وعليه، فالسند صحيح.
وتابع عبدَ اللهِ بنَ يسارٍ أبو إسحاقَ، كما عند أحمد (18312): حَدَّثَنَا قُرَانٌ،
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الشَّيْبَانِيُّ أَبُو سِنَانٍ
(1)
، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَأُخْرِجَ بِجِنَازَتِهِ، فَلَمَّا رَجَعْنَا، تَلَقَّانَا خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، وَكِلَاهُمَا قَدْ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، فَقَالَا: سَبَقْتُمُونَا بِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ، فَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ بِهِ بَطْنٌ، وَأَنَّهُمْ خَشُوا عَلَيْهِ الْحَرَّ، قَالَ: فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قَتَلَهُ بَطْنُهُ، لَمْ يُعَذَّبْ فِي قَبْرِهِ» .
ورَدَّ البخاري هذا الطريق إلى عبد الله بن يسار، فقد قال الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 152): سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، وَلَا أَعْرِفُ لِأَبِي إِسْحَاقَ سَمَاعًا مِنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، وَلَعَلَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ.
• تنبيه:
سياق سند الترمذي يفيد سماع أبي إسحاق من خالد.
• الخلاصة: أن الخبر سنده صحيح.
وكَتَب شيخنا مع الباحث، حسام الدين بن محمد بن سليمان، بتاريخ (8) صفر (1444 هـ)، الموافق (4/ 9/ 2022 م): أشار البخاري إلى إعلاله.
(1)
قال ابن عَدِيّ: له غرائب وإفرادات، وأرجو أنه ممن لا يَتعمد الكذب، ولعله إنما يَهِم في الشيء بعد الشيء.
كتاب الشفاعة
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (7510): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ العَنَزِيُّ
(1)
قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ، فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ.
فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ.
فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ.
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ.
فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ.
(1)
ومَعْبَد بن هلال وإن كان مُقِلًّا، إلا أن اتفاق الشيخين على روايته يَشفع له، وكذا المتابعات.
فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا. فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا، لَا تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ.
ثُمَّ أَعُودُ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ-أَوْ: خَرْدَلَةٍ- مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ.
ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ».
فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ، قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَوْ مَرَرْنَا بِالحَسَنِ، وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.
فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ. فَقَالَ: هِيهْ. فَحَدَّثْنَاهُ بِالحَدِيثِ، فَانْتَهَى إِلَى هَذَا المَوْضِعِ، فَقَالَ: هِيهْ. فَقُلْنَا: لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا.
فَقَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ
تَتَّكِلُوا. قُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَحَدِّثْنَا. فَضَحِكَ وَقَالَ: خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولًا، مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ، حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ، قَالَ:«ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي، لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)» .
وتابع سليمانَ بن حرب جماعةٌ: سعيد بن منصور، كما في مسلم (193)، ويحيى بنُ حبيب، كما عند النَّسَائي (11066) وأبو الربيع العَتَكيُّ، كما عند أبي يعلى (4350) -.
وتابع مَعْبَدَ بن هلال حُمَيْدٌ الطويل، أخرجه البخاري (7590) وغيره، وفيه:«مَنْ كان في قلبه أدنى شيء» .
وتابعهما قتادة، أخرجه البخاري (4410)، ومسلم (394)، وفيه:«لا يبقى إلا مَنْ حَبَسه القرآن» .
وتابعهم ثابتٌ البُنَاني، أخرجه أحمد (12496)، وابن حِبان (5149).
وتابعهم كذلك عمرو بن أبي عمرو، أخرجه أحمد (12497) وغيره.
وخالفهم يزيد الرَّقَاشي-وهو ضعيف- فقال: «مَنْ شَهِد أَنْ لا إله إلا الله يومًا مخلصًا، ومات على ذلك» ، أخرجه أبو يعلى (4130).
وتابعه النضر بن أنس، لكن الراوي عنه حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو الْخَطَّابِ الْأَنْصَارِيُّ، وهو مختلف فيه، أخرجه أحمد (12844).
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن يحيى البسيوني، بتاريخ (2) رجب (1443 هـ)، الموافق (3/ 2/ 2022 م) إلى صحة الخبر، وضَعْف زيادة يزيد الرَّقَاشي. ونَبَّه على الكلام في رواية همام عن قتادة عند البخاري (744)، لكنه مُتابَع من هشام الدَّسْتُوَائى وأبي عَوَانة وشيبان وابن أبي عَرُوبة.
أطفال المشركين في الآخرة
وردت فيهم أخبار.
منها:
1 -
قال أبو داود في «سُننه» رقم (4712): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى
(1)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ:«هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ:«مِنْ آبَائِهِمْ» قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
(1)
أكثر أبو داود في «سننه» من استخدام لفظ (المعنى)؛ تنبيهًا على اتحاد الرويات وإن اختلفت الألفاظ.
وتارة يقول: (المعنى واحد) كما في رقم (502، 589) وأخرى يقول: (الْمَعْنَى قَرِيبٌ) كما في رقم (1153، 3337) وقال أبو داود عقب رقم (1763): سَمِعْت أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ: إِذَا أَقَمْتَ الْإِسْنَادَ وَالْمَعْنَى كَفَاكَ.
ومحمد بن زياد: هو الألهاني، كما في «مسند إسحاق» ، رقم (1671) ثم عَقَّبه بإدخال واسطة بين عبد الله بن أبي قيس وعائشة رضي الله عنها، وهو عازب بن مُدْرِك. وعازب مجهول
(1)
.
وفي الأسانيد بقية بن الوليد، فلعله دلسه.
ومتنه مُخالَف بما في «الصحيحين» من حديثَي ابن عباس
(2)
وأبي هريرة رضي الله عنهما
(3)
.
• الخلاصة: أَجَّلَ شيخنا مع الباحث سلمان بن عبد المقصود الكردي، بتاريخ (11) شعبان (1443 هـ)، موافق (14/ 3/ 2022 م) الحُكم على هذا الحديث.
فلما ذَكَرْتُ له الطريقين بالواسطة وعدمها في «مسند إسحاق» ، وهو من كتب العلل الدقيقة، أَقَرَّنِي-حَفِظه الله- على الإعلال، وأعطاني عسلًا.
(1)
أخرج إسحاق في «مسنده» رقم (1672): أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَازِبِ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ» فَقُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ فَقَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
(2)
أخرجه البخاري (1383) ومسلم (2660) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوْلَادِ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ:«اللَّهُ إِذْ خَلَقَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
(3)
أخرجه البخاري (1384) ومسلم (2658) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَرَارِيِّ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
• تنبيه:
رواية أبي داود بالعطف، وهي محتملة.
2 -
أخرج الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (16971): حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ شُفْعَةَ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّهُ يُقَالُ لِلْوِلْدَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ» . قَالَ: «فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا» ، قَالَ:«فَيَأْتُونَ» ، قَالَ:«فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: مَا لِي أَرَاهُمْ مُحْبَنْطِئِينَ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ» ، قَالَ:«فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ آبَاؤُنَا» ، قَالَ:«فَيَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ» .
وخالف أبا المغيرة جماعةٌ: أبو النضر، كما عند أحمد (17644)، وإسحاقُ بنُ سليمانَ، كما عند ابن ماجه (1604)، والوليدُ كما عند البيهقي في «البعث والنشور» (236)، والحسنُ بنُ موسى الأشيب، كما عند ابن قانع في «معجم الصحابة» (2/ 266)، فسموا الصحابي، وأتوا بمتن آخر هكذا: عن عُتْبَةَ بْن عَبْدٍ السُّلَمِيّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ» .
• والخلاصة: أن لفظ الجماعة هو الصواب، وإسناده صحيح، في حين كتب شيخنا مع الباحث محمود السجاعي، بتاريخ (27) ذي القعدة (1443)،
موافق (27/ 6/ 2022 م): احكم على السند، وفيه شرحبيل بن شفعة
(1)
، ولم يوثقه معتبر، وإطلاق أبي داود ليس بمقنع في هذا المقام.
3 -
قال البخاري في «صحيحه» رقم (7047): حَدَّثَنِي مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ.
وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: «قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا هَذَانِ؟!» قَالَ: «قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ» .
قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ، فَيُشَرْشِرُ
(2)
شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ - قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ - قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ
(1)
قال أبو داود شيوخ حريز ثقات وذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات وروى عنه اثنان.
(2)
أَيْ: يُشَقِّقُهُ ويُقَطِّعُه.
المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: «قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا هَذَانِ؟» قَالَ: «قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ»
(1)
- قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ- «فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ» - قَالَ: «فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا»
(2)
قَالَ: «قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: «قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ» .
قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ- حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ- أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ
(3)
لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا، فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» قَالَ:«قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟» قَالَ: «قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ» ، قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ
(4)
، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا
(5)
، وَيَسْعَى حَوْلَهَا» قَالَ:«قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟» قَالَ: «قَالَا لِي: انْطَلِقِ، انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ
(1)
التَّنُّورُ: الكانُونُ يُخْبَزُ فيه، وصانِعُهُ: تَنَّارٌ، ووجْهُ الأرضِ، وكُلُّ مَفْجَرِ ماءٍ، ومَحْفَلُ ماءِ الوادِي، وجَبَلٌ قُرْبَ المَصِيصَةِ. كما في «القاموس المحيط» (ص: 357).
(2)
يعني ضجوا وصاحوا، والمصدر منه الضوضاة غير مهموز. كما في «غريب الحديث» (3/ 381) للقاسم بن سلام.
(3)
أَيْ يَفْتَحه.
(4)
أَيْ قَبِيحُ المَنْظَر، فعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. كما في (النهاية في غريب الحديث)(4/ 169)
(5)
أَيْ يُوقدُها. يُقَالُ: حَشَشْتُ النَّارَ أَحُشُّها إِذَا أَلْهَبْتَهَا وأضْرَمْتها. كما في «النهاية في غريب الحديث» (1/ 389) لابن الأثير.
لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ» قَالَ:«قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ مَا هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: «قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ» ، قَالَ:«فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ» قَالَ: «قَالَا لِي: ارْقَ فِيهَا» قَالَ: «فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ، فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ، شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ» قَالَ: «قَالَا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ» قَالَ: «وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي، كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ
(1)
فِي البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» قَالَ:«قَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ» ، قَالَ: «فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ
(2)
»، قَالَ:«قَالَا لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ» قَالَ: «قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا، ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالا: أَمَّا الآنَ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ» ، قَالَ:«قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟» ، قَالَ: «قَالَا لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ:
أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ
(1)
المَحْضُ: اللَّبَنُ الخالصُ بلا رَغوة، وكلُّ شيءٍ خَلَصَ حتّى لا يشُوبُه شَيءٌ فهو مَحْضٌ. ورجلٌ مَمْحُوض الضَريبةِ: أي مخلص، وفضة مَحْضَة: لا شَوبَ فيها. انظر: «العين» (3/ 111) للخليل بن أحمد (ت/ 170).
(2)
أي السحابة قال الخطابي في «أعلام الحديث» (4/ 2323): الربابة: السحابة التي ركب بعضها بعضا، وجمعها الرباب.
القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ.
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ».
قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ» .
وَأَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ».
ورواه البخاري في ثلاثة مواطن عن مُؤمَّل مختصرًا، وتابع ابنَ عُلَيَّة ثلاثة:
1، 2 - محمد بن أبي عَدِيّ، ويحيى بن سعيد، كما عند ابن خُزيمة (942)، والبيهقي في «الشُّعَب» (4488)، والبزار (4513) واقتَصر على:«كل مولود مات على الفطرة»
3 -
عبد الوهاب بن عبد الحميد، كما عند أحمد (20101).
وتابع إسماعيلَ بن عُلَيَّة على اللفظ مطولًا أربعة:
1 -
محمد بن جعفر، أخرجه أحمد (20094).
2 -
المُعتمِر بن سليمان، أخرجه النَّسَائي (7611).
3 -
هَوْذَة بن خليفة، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (30486).
4 -
النضر بن شُمَيْل، أخرجه ابن حِبان (655).
وخالف كل هؤلاء شُعبة، فرَوَى المتن مطولًا:
وقال: «والأطفال حوله هم أولاد المسلمين»
(1)
كما عند الطبراني (7/ 239)، ورواية الجماعة أصح وأعلى إسنادًا.
ورواه جرير بن حازم عن أبي رجاء، به، أخرجه البخاري (2085) من طريق موسى بن إسماعيل عن جرير، به، وذلك في أربعة مواطن مختصرًا، وواحدة مطولة، رقم (1386) وفيها عموم:«وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ، فَأَوْلَادُ النَّاسِ» .
وتابع موسى بنَ إسماعيل داودُ بن منصور، أخرجه الطبراني في «الكبير» (7/ 242) وفي سنده الهيثم بن خالد، ضعيف.
وتابعهما يزيد بن هارون في وجه، أخرجه أحمد (20165) وفي الآخَر مختصرًا، أخرجه ابن حِبان (4659).
وتابعهم في السند مع اختصار المتن وهب بن جرير، أخرجه مسلم (2257)
(1)
تنبيه: رواية الجماعة بلفظ: «وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ» قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ؟
وغيره.
وخالف عوفًا وجريرًا عَبَّادُ بن منصور، وهو ضعيف
(1)
فقال: سُئل عن أطفال المشركين، فقال:«هم خدم أهل الجنة» أخرجه البزار (4516) وغيره.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سلمان بن عبد المقصود الكردي
(2)
، بتاريخ (28) رجب (1443 هـ)، الموافق (1/ 3/ 2022 م)، إلى صحة رواية البخاري المطولة، التي رواها أربعة في البخاري وغيره، كما سبق، وفيها:«وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ» قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ» وقال شيخنا: احكم على سنده، ولا نستطيع أن نوهم أربعة.
• تنبيه:
ممن أطال النَّفَس في بحث هذه المسألة: ابن القيم في «طريق الهجرتين وباب السعادتين» (ص 567) وابن حجر في «فتح الباري» (13/ 436).
(1)
ضَعَّفه أبو زُرْعَة وأبو حاتم والنَّسَائي وابن سعد.
وقال ابن مَعِين والدارقطني: ليس بالقوي.
وقال أحمد: أحاديثه منكرة، وكان يُدلِّس.
(2)
وذلك في بحثه في الأحاديث التي سُئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
•
•
;
كتاب الجنة
الجنة غالية
قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].
قال الإمام الترمذي في «سُننه» ، رقم (2450): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ فَيْرُوزَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ
(1)
، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ».
وتابع أبا بكرٍ جماعةٌ: محمدُ بن إسماعيل، والحسينُ بن الفضل، وعبدُ الرحمن بن محمد، والحَجَّاجُ بن يوسف، والحارثُ بن أبي أسامة.
• تنبيه:
وقع عند ابن أبي الدنيا في «قِصَر الأمل» ، رقم (115) والبيهقي في «الشُّعَب» (1092):(بُرْد بن سِنَان) بدل (يزيد بن سنان)، والذي يَظهر لي أنه تصحيف،
(1)
قوله: «ومن أدلج بلغ المنزل» كناية عن التشمير والمسارعة بالأعمال الصالحة قبل القواطع المانعة من باب «بادروا بالأعمال خمسًا»
ورواية الجماعة على (يزيد بن سِنان) هي الصواب.
وبُكَيْرُ بن فيروز ذَكَره ابن حِبَّان في «الثقات» .
وقال ابن حجر: مقبول. و (يزيد بن سنان) مُختلَف فيه.
• وللخبر شاهد قد يُحسِّنه به مُحَسِّن؛ للكلام في ابن عَقِيل، وللاختلاف في اللفظ على وكيع.
أخرجه البيهقي في «شُعَب الإيمان» (13/ 150)، رقم (10093)، وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: وَثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا وَإِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةً، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ» .
وأخرجه أحمد (21241) عن وكيع، مقتصرًا على الفقرة الأخيرة.
وتابع وكيعًا على الزيادة عبدُ اللهِ بنُ الوليد العَدَنيُّ، كما عند الحاكم في «مستدركه» (8064).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، محمد بن وجيه الكردي، بتاريخ (24) صفر (1444 هـ)، الموافق (20/ 9/ 2022 م) إلى ضعف إسناده.
قال ابن القيم في «الكافية الشافية» (ص: 354):
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها في الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها إلا أولو التقوى مع الإيمان
الجنة تحت أقدام الأمهات
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (15538): حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ، أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَدْتُ الْغَزْوَ، وَجِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ:«هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟» قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: «الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلِهَا» ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فِي مَقَاعِدَ شَتَّى كَمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ.
اختُلف في سنده على ابن جُريج، وكذا ابن إسحاق
(1)
.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سعيد القاضي، بتاريخ (25) صَفَر (1444 هـ)، الموافق (21/ 9/ 2022 م):
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
(1)
وانظر تفصيله في «علل الدارقطني» ، رقم (1227) فَقَدْ صَوَّبَ طَرِيقَ الْمُحَارِبِيِّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيِّ. وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.
وقال أبو زُرْعَة كما في «علل ابن أبي حاتم» (936): الصحيح حديث محمد بن سلمة.
ونَبَّه أبو القاسم البغوي وابن حجر على وهم ابن إسحاق في جعله الخبر من مسند معاوية بن جاهمة.
• وبعد:
أولا: بعد النظر فيما أورده أخونا الشيخ سعيد -حَفِظه الله- إِنْ سَلَّمْنا بصحة كل ما أورده، وبعدم تقصيره في البحث، فالسند فيه معاوية بن جاهمة، والخلاف قائم في صحبة معاوية، وتَرجَّح لنا أنه ليس بصحابي، ولم يوثقه مُعتبَر.
ثانيًا: السند فيه محمد بن طلحة وأبوه، ولم يوثقهما مُعتبَر، والله أعلم.
فضلًا عن اختلافات في الأسانيد. اه.
وذَكَر شيخنا عن بعض الأثرياء الصالحين، أنه كان كلما دخل على أمه قَبَّل قدميها، عملا بهذا الخبر الذي بين أيدينا، وقد ضعف كما سمعتم، وليس هذا من هدي السلف رحمهم الله.
فائدة: شَهِد مناقشة هذا المجلس أبو عبد الله الهويمل، حاصل على كلية الدعوة والإعلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام (1421 هـ).
وله ملامح من شخصية شيخنا، مصطفى بن العدوي، وهي:
1 -
حبه لطلب العلم، وحرصه على تعليم طلابه.
2 -
تواضعه، ومن ذلك أنه بعد الانتهاء من مجلس المناقشة العلمية، وقد تناول صاحب المقال الغداء مع شيخنا، فرأى مشهدًا، وهو أن رجلًا قد حضر المجلس، وبه ألم في قدميه، فقام الشيخ العدوي من مكانه وأجلسه.
3 -
سهولة عبارته وإيصال العبارة لطالب العلم بشكل مفهوم.
4 -
فتاوى الشيخ تُواكِب العصر الحاضر والقضايا المعاصرة، مثل
التأمينات الإجبارية على السيارات ونحوها.
5 -
مساعدته طلاب العلم ماديًّا ومعنويًّا، فقد لاحظتُ بعد الخروج من الدرس، الوقوفَ على بعض الفقراء، ومساعدَتَهم رجالًا ونساء، وبالأخص النساء.
أملاه صاحب المقال معي، في مكتبة أهل السُّنة والجماعة، ليلة (26) صَفَر (1444 هـ)، الموافق (22/ 9/ 2022 م).
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (3246): حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لَا يَسْقَمُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ، وَلَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الأَلُوَّةُ - قَالَ أَبُو اليَمَانِ: يَعْنِي العُودَ -، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ»
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الإِبْكَارُ: أَوَّلُ الفَجْرِ، وَالعَشِيُّ: مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ - أُرَاهُ - تَغْرُبَ.
تابع الأعرجَ جمعٌ: همامٌ كما عند البخاري (3245)، ومسلم (2834)،
وأبو رافع كما عند البخاري (8996)، وأبو صالح كما عند مسلم (2834)، وعبدُ الرحمنِ بنُ أبي عمرة، كما عند البخاري (3254)، وأبو زرعةَ
(1)
كما عند البخاري (3327) وغيره.
• ورواه محمدُ بنُ سيرين عن أبي هريرة، واختلف عليه في اللفظ:
فرواه يونس بن عبيد، كما عند أحمد (8542)، وأيوب، كما عند مسلم (2834) كالجماعة، وخالفهم هشام بن حسان، فقال:«إنه ليرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة، ما فيها عزب» أخرجه الدارمي، رقم (2874): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الْقُرْدُوسِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا فِي الْجَنَّةِ أَحَدٌ، إِلَّا لَهُ زَوْجَتَانِ، إِنَّهُ لَيَرَى مُخَّ سَاقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً، مَا فِيهَا مِنْ عَزَبٍ»
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث، أحمد النمر، بتاريخ (29) ذي القعدة (1443) موافق (29/ 6/ 2022 م): وَهِمَ هِشامٌ اه. أي: في لفظ: «مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً» .
(1)
وأيضًا أبو سلمة
…
أول زمرة
…
عكاشة .. أخرجه الدارمي (2865).
وَصْف الخيل في الجنة
قال أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (843): حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَلْ فِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ فَإِنَّهَا تُعْجِبُنِي. قَالَ: «إِنْ أَحْبَبْتَ ذَلِكَ أُتِيتَ بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فَيَطِيرُ بِكَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ» وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ الْإِبِلَ تُعْجِبُنِي، فَهَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ:«يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ أُدْخِلْتَ الْجَنَّةَ، فَلَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنَاكَ» .
وتابع الطيالسيَّ-وهو ممن رَوَى عن المسعودي بعد الاختلاط- اثنان:
1 -
يزيد بن هارون، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (22991).
2 -
علي بن عاصم، أخرجه الترمذي (2543).
وخالف المسعوديَّ سفيانُ الثوريُّ، فقال: عن علقمة عن عبد الرحمن بن سابط، مرسلًا. أخرجه الترمذي (2543).
(1)
وخالف المسعوديَّ الحسنُ بنُ الحارث، فقال البيهقي في «البعث والنشور» (ص 235): عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَاعِدَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُحِبُّ الْخَيْلَ
…
إلخ. وقال البيهقي: تَفَرَّدَ بِهِ الْمَسْعُودِيُّ هَكَذَا. وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ الْجُمَحِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ، مُرْسَلًا، وَقِيلَ: عَنْ عَلْقَمَةَ.
وتابع الثوريَّ على الإرسال أبو الأحوص، لكن قال: عن علقمة مرسلًا. أخرجه هناد في «الزهد» (84).
ورَجَّح أبو حاتمٍ والترمذي وَجْهَ الثوري بالإرسال.
وكَتَب شيخنا مع الباحث، سلمان بن عبد المقصود الكردي، بتاريخ (11) صفر (1444 هـ)، الموافق (7/ 9/ 2022 م): المرسل أصح اه.
ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث عمرو بن عمران وأضاف الباحث شاهدًا آخر قال الترمذي في «سننه» ، رقم (2544): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الأَحْمَسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ وَاصِلٍ هُوَ ابْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي سَوْرَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الخَيْلَ، أَفِي الجَنَّةِ خَيْلٌ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ أُدْخِلْتَ الجَنَّةَ أُتِيتَ بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ لَهُ جَنَاحَانِ فَحُمِلْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طَارَ بِكَ حَيْثُ شِئْتَ»
قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالقَوِيِّ، وَلَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ» وَأَبُو سَوْرَةَ هُوَ: ابْنُ أَخِي أَبِي أَيُّوبَ، يُضَعَّفُ فِي الحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ جِدًّا. وقال أيضًا: سَمِعْتُ البخاري يقول: «أَبُو سَوْرَةَ هَذَا مُنْكَرُ الحَدِيثِ يَرْوِي مَنَاكِيرَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا» .
وقال أيضًا: لا يعرف لأبي سورة سماع من أبي أيوب.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث عمرو بن عمران بتاريخ (30) ربيع الآخر (1444)، موافق (24/ 11/ 2022 م): الحديث معلول.
وكتب عن حديث أبي أيوب: تالف ا هـ.
غناء نساء أهل الجنة لأزواجهن
قال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف: 71]
وفي الحديث القدسي المتفق عليه: «قَالَ اللهُ عز وجل: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» .
قال الطبراني في «الأوسط»
(1)
(5/ 149)، رقم (4917): حَدَّثنا عُمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ، إِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ:
نَحْنُ الْخَيْرَاتُ الْحِسَانْ أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامْ
يَنْظُرْنَ بِقُرَّةِ أَعْيَانْ
وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ:
نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلا يَمُتْنَهْ نَحْنُ الآمِنَاتُ فَلا يَخَفْنَهْ
نَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلا يَظْعَنَّهْ».
(1)
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في (صفة الجنة)(322) والمقدسي (203).
لَمْ يَرْوِ هَذا الحَديث عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِلاَّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، تَفرَّدَ به ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ
(1)
.
وعمارة: ترجمه الذهبي وغيره، وليس فيه جرح، وإنما ذكروا له تاريخا مؤلفا على السنين حدث به.
وله شاهد من حديث أنس، اختلف فيه على ابن أبي ذئب تارة بالرفع، كما عند البخاري في «التاريخ الكبير» (70) معلقا، وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (6497). وأخرى بالوقف، أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (35121).
وكتب شيخنا مع الباحث: عمرو بن عمران، بتاريخ (2) جمادى الأولى (1444)، موافق (26/ 11/ 2022 م): وفي السند اختلاف، وفيه من لم أقف له على توثيق
(2)
.
(1)
وسعيد بن أبي مريم له غرائب وأفراد.
(2)
أي عون بن الخطاب وهو الطريق الذي رجحه الدارقطني في (علله).
هل أهل الجنة ينامون؟
قال الطبراني في «الأوسط» ، رقم (919): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكُوفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سُئِلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَنَامُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«النَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ» .
وتابع يحيى الأنصاريَّ نوحُ بن أبي مريم، وهو كذاب. أخرجه أبو نُعَيْم في «صفة الجنة» (90).
وخالفهما الثوري في الأكثر عنه
(1)
، فأرسله. أخرجه أحمد في «الزهد» (44)، وابن المبارك كذلك (2/ 79).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، سلمان الكردي، بتاريخ (11)
(1)
وَهُمْ: وكيع، وابن المبارك، ومحمد بن يوسف، وقَبِيصة
…
وآخرون.
وخَالَفهم فوَصَله معاذُ بن معاذ، كما عند البيهقي في «الأدب» (677).
وتابعه عبد الله بن محمد بن المغيرة، وهو متروك. كما عند الطبراني وأبي نُعيم والعُقيلي في «الضعفاء» (2/ 301).
صفر (1444 هـ)، الموافق (2022 م) إلى الضعف؛ لأن الصواب مرسل.
ثم أَكَّد النتيجة مع الباحث، محمد بن عبد التواب، بتاريخ (18) صفر (1444 هـ)، الموافق (14/ 9/ 2022 م).
ومما يُعضِّد معنى هذا الخبر: أن الموت يُؤتَى به على صورة كبش، ويُذبَح بين الجنة والنار.
ومما يخالفه: عموم قول الملائكة للمؤمنين: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: 31] وقول الملائكة للمؤمن في قبره: «نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا»
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (184).
كتاب النار عياذًا بالله منها
بكاء أهل النار
قال ابن ماجه في «سننه» ، رقم (4324): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يَصِيرَ فِي وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الْأُخْدُودِ، لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السُّفُنُ لَجَرَتْ» وتابع محمدَ بن عبيدٍ أبو معاوية، أخرجه هناد في «الزهد» (303) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (35129).
وتابعهما ابن شهاب، أخرجه البيهقي (530).
وعلته: يزيد الرقاشي، ضعيف.
وله شاهد من حديث أبي موسى، أخرجه الحاكم في «مستدركه» (8791): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ، قَالَ: حَدَّثَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ، يَعْنِي مَكَانَ الدَّمْعِ» .
ورواه يزيد بن هاروون تارة مرفوعًا، أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (1/ 461)، وموقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (34131).
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد شرموخ بتاريخ (6) جمادى الأولى (1444)، موافق (30/ 11/ 2022 م) إلى ضعفه.
كتاب الإيمان بالقدر
هل القَدَر يُرَدّ بالدعاء؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (22413): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» .
وتابع عبدَ الرزاق أحدَ عَشَرَ راويًا، منهم: وكيعٌ والفضلُ بن دُكَيْنٍ
(1)
، أخرجه ابن أبي شيبة (29867) وابن ماجه (90، 4022)، لكن عن وكيع.
(1)
اختُلف عليه، فرواه عنه ثلاثة:
1 -
أبو زُرْعَة الدِّمَشقي، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (1442).
2 -
فهد، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3069).
3 -
خالفهما في السند فُضَيْل بن محمد، أخرجه الطبراني في «الدعاء» (2/ 799)، رقم (31): حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَلَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِذَنْبٍ يُذْنِبُهُ» . وعلته: نص عليها ابن الجوزي فقال: أبو الأشعث الصنعاني روايته عن ثوبان منقطعة.
خالف الثوريَّ في السند عمرُ بنُ شَبِيب، فقال: عن عبد الله بن عيسى، عن حفص وعُبيد الله ابني أخي سالم، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان. أخرجه الرُّوْيَاني في «مسنده» (626)، وأَعَله أبو حاتم في «علله» (1988).
وأصح الطرق الثلاثة عن عبد الله بن عيسى: هي طريق الثوري.
وقد تابع عبدَ اللهِ بنَ أبي الجعدِ راشدُ بنُ سعدٍ، أخرجه ابن عَدِيّ في «الكامل» (252) وفي سنده طلحة بن زيد، وهو متروك، والراوي عنه أبو عليٍّ الدَّارِسيُّ، وهو منكر الحديث.
وقد تابعهما أيضًا ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه الحاكم (6038)، وفي سنده علي بن قَرِين، كذاب.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث، علي بن محمد بن إبراهيم القناوي، بتاريخ (18) صفر (1444 هـ)، الموافق (14/ 9/ 2022 م):
لا شك أن طريق سفيان، عن ابن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجعد. هي المعتمدة.
وعبد الله بن أبي الجعد مجهول.
ويبدو-والله أعلم- أن السند -أيضًا- فيه انقطاع بينه وبين ثوبان. اه.
وللخبر شواهد، منها ما أخرجه الترمذي في «سُننه» (2139): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ» .
وقال الترمذي في «سُننه» (4/ 448): وَأَبُو مَوْدُودٍ اثْنَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقَالُ لَهُ: فِضَّةُ. وَالْآخَرُ: عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَحَدُهُمَا بَصْرِيٌّ، وَالْآخَرُ مَدَنِيٌّ، وَكَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَأَبُو مَوْدُودٍ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ اسْمُهُ فِضَّةُ، بَصْرِيٌّ
(1)
.
وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (368): حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ، وَهُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مَوْلَى هُذَيْلٍ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ثِقَةٌ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَهُوَ خِلَافُ أَبِي مَوْدُودٍ الْمَدِينِيِّ.
(1)
وقال ابن حجر: فيه لِين.
كتاب الإيمان
التعريف النبوي للمؤمن
تنوع تفسير الإيمان والإسلام في سؤال جبريل وقصة وفد عبد القيس، وهنا
1 -
ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (23958) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا لَيْثٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ»
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد التواب، بتاريخ (28) من ذي القعدة (1443)، موافق (28/ 6/ 2022 م): صحيح لشواهده.
2 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22166): حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ، وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ، فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْإِثْمُ؟ قَالَ:«إِذَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ، فَدَعْهُ» .
تابع رَوْحًا ابنُ عُلَيَّة، كما عند أحمد (22199) وابن حِبان (176)، ومسلم بن إبراهيم، كما عند الحاكم (33)، وأزهر بن القاسم، كما عند الطبراني في «الأوسط» (8288).
تابع هشامًا مَعْمَرٌ، أخرجه أحمد (22199) وغيره.
وتابعهما عليُّ بنُ المبارك، كما عند الحاكم (34)، والرويانيِّ (1255).
• واختُلف في سماع يحيى من زيد بن سَلَّام:
فنفاه ابن مَعِين، وأَثْبَته أبو حاتم.
وقال أحمد: ما أَشْبَهَهُ.
وقال أبو حاتم في سماع أبي سَلَّام من أبي أُمامة مرسل.
وهذا السند وإن كان ضعيفًا، إلا أنه يَشهد لبعض المتن ما أخرجه مسلم (2553): عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ، كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ.
قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث، سلمان الكردي، بتاريخ (11) صفر (1444 هـ)، الموافق (7/ 9/ 2022 م): السند فيه كلام، والمتن له شواهد.
3 -
قال الإمام الترمذي في «سُننه» ، رقم (2165): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو المُغِيرَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالجَابِيَةِ
(1)
فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِينَا، فَقَالَ:«أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ، وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ، أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ» .
وقال أبو حاتم كما في «العلل» : هذا خطأ، رواه ابن الهاد عن ابن دينار، عن الزُّهْري، عن السائب
(2)
.
وتابع ابنَ عمر ابنُ الزبير
(3)
، أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3710)، وفي سنده عبد الملك بن عُمَيْر، مُختلَف فيه.
وله شاهد من حديث أبي موسى، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (19565): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرٍو-
(1)
الجابِيَةُ: بلدة بدِمَشْقَ. وقالَ نَصْر والجَوْهرِيُّ: مَدينَةٌ بِالشَّام. انظر: «تاج العروس» (37/ 316).
(2)
لم يقف عليه الباحث موصولًا.
(3)
ورواه جرير بن حازم عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن جابر. أخرجه أحمد (177) والطيالسي (30).
يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَمْرٍو- عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَسُرَّ بِهَا، وَعَمِلَ سَيِّئَةً فَسَاءَتْهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ» .
وعمرو بن أبي عمرو، قال أبو حاتم: لا بأس به.
وقال أحمد: ما به بأس.
وقال أبو داود: ليس بذاك.
وقال ابن مَعِين: ليس بحُجة، واسم أبيه مَيْسَرَة.
وله شاهد آخَر عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه، أخرجه البزار في «مسنده» ، رقم (3817): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: نَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: نَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَاعَةٌ، مَاتَ ميْتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ خَلَعَهَا بَعْدَ عَقْدِهِ إِيَّاهَا لَقِيَ اللَّهَ لَا حُجَّةَ لَهُ، أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ» .
وعاصم بن عُبَيْد الله ضَعَّفه ابن مَعِين.
وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث.
وقال ابن سعد: لا يُحتَج به.
وقال الدارقطني: يُترَك.
وقال العِجلي: لا بأس به.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، محمد بن سلامة، بتاريخ (15) صفر (1444 هـ)، الموافق (11/ 9/ 2022 م) إلى أنه يُحسَّن لشواهده.
• تنبيه:
الشخص يَفرح بالطاعة، قال تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] وفي الحديث: «وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخُلُوفُ)
(1)
(فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ».
(1)
أي رائحة.
التعريف النبوي للمسلم
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (391): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المَهْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ المُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ
(1)
».
ورواه حُمَيْدٌ الطويل عن أنس، واختُلف عليه، فرواه ثلاثة من الغرباء هكذا مرفوعًا:
1 -
عبد الله بن المبارك، أخرجه البخاري (322): حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» .
(1)
قوله: «فلا تخفروا الله في ذمته» ، أي: لا تغدروا بمن له عهد من الله ورسوله، فلا تفوا له بالضمان، بل أوفوا له بالعهد. وهو مأخوذ من قولهم: أخفرت فلانا، إذا غدرت به، ويقولون: خفرته، إذا حميته. «فتح الباري» (3/ 58) لابن رجب.
2 -
يحيى بن أيوب، عَلَّقه البخاري (393)، ووَصَله ابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» ، رقم (10)، والبيهقي في «السُّنن الصغير» (1/ 137).
3 -
ابن سُمَيْع، أخرجه النَّسَائي (3966).
وفي طريق يحيى بن أيوب تصريح حميد بالسماع من أنس
(1)
، بخلاف
(1)
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (3/ 53 - 54): ومقصود البخاري بهذا تصحيح رواية حُمَيْد عن أنس المرفوعة.
وقد نازعه في ذلك الإسماعيلي، وقال: إنما سَمِعه حُمَيْد من ميمون بن سياه، عن أنس رضي الله عنه.
قال: ولا يُحْتَجّ بيحيى بن أيوب في قوله: (ثنا حميد، ثنا أنس) فإن عادة الشاميين والمصريين جَرَتْ على ذكر الخبر فيما يروونه، لا يطوونه طي أهل العراق.
يشير إلى أن الشاميين والمصريين يصرحون بالتحديث في رواياتهم، ولا يكون الإسناد متصلًا بالسماع.
وقد ذَكَر أبو حاتم الرازي عن أصحاب بقية بن الوليد أنهم يصنعون ذلك كثيرًا.
ثم استَدل الإسماعيلي على ما قاله بما خَرَّجه من طريق عُبيد الله بن معاذ: ثنا أبي، ثنا حميد، عن ميمون بن سياه قال: سألتُ أنسًا: ما يُحَرِّم دمَ المسلم وماله؟ قال: مَنْ شَهِد أَنْ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
…
الحديث.
تنبيه:
قال ابن حجر معقبًا على الإسماعيلي في «فتح الباري» (1/ 498):
هذا التعليل مردود، ولو فُتِحَ هذا الباب لم يُوثَق بروايةِ مُدلِّس أصلًا ولو صَرَّح بالسماع، والعمل على خلافه.
ورواية معاذ لا دليل فيها على أن حُميدًا لم يسمعه من أنس؛ لأنه لا مانع أن يسمعه من أنس، ثم يَستثبت فيه من ميمون لعِلمه بأنه كان السائل عن ذلك، فكان حقيقًا بضبطه، فكان حميد تارة يُحَدِّث به عن أنس لأجل العلو، وتارة عن ميمون لكَوْنه ثَبَّته فيه، وقد جَرَتْ عادة حميد بهذا، يقول:(حدثني أنس، وثَبَّتني فيه ثابت) وكذا وقع لغير حُميد.
الطريقين الآخرين، فهما بالعنعنة.
وخالف هؤلاء الثلاثة ثلاثة آخرون فأوقفوه:
1 -
خالد بن الحارث، أخرجه البخاري (393)
(1)
.
2 -
محمد بن عبد الله الأنصاري، أخرجه النَّسَائي (3416): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا يُحَرِّمُ دَمَ الْمُسْلِمِ وَمَالَهُ؟ فَقَالَ:«مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلَاتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَهُوَ مُسْلِمٌ، لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ» .
3 -
معاذ بن معاذ، ذَكَره الدارقطني في «علله» .
ورَوَى الخبر ثلاثة: حُمَيْدٌ، كما عند ابن المديني، ورجل، كما في «جامع مَعْمَر» ، ويزيد بن إبراهيم، كما عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، ثلاثتهم عن الحسن مرسلًا
(2)
.
• والخلاصة: أن الباحث: د/ محمد ياسين حاول أن يُعِل هذا الخبر بأمرين:
2 -
الكلام في ميمون بن سِيَاه.
(1)
وقال ابن منده في «الإيمان» (1/ 356) عن طريق خالد: هَكَذَا رَوَاهُ مَوْقُوفًا.
(2)
وليقارن بين متنَي المرسل والمرفوع والموقوف.
3 -
كَوْن ثلاثة من الغرباء رووه عن حُمَيْد.
مُعضِّدًا ذلك بقول أبي حاتم كما في «العلل» (5/ 258) قال: لَا يُسْنِدُ هَذَا الحديثَ إِلَّا ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ سُمَيْعٍ.
وقال ابن حِبان في «صحيحه» (13/ 216): مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْغُرَبَاءِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُمَيْعٍ.
ولم يطاوعه شيخنا على ذلك، بل اعتَمد تصحيح البخاري، وأنه ليس من السهل أن نُعِلَّ حديثًا في «الصحيحين» ، ولا مانع من رواية أنس للخبر مرفوعًا ومن فتواه
(1)
، وذلك بتاريخ (10) صفر (1444 هـ)، الموافق (6/ 9/ 2022 م).
(1)
وانظر تفصيلًا ماتعًا ومثل هذه النتيجة في «الجامع في العلل والفوائد» (4/ 110) د/ ماهر الفحل-حَفِظه الله-: ومما تعارض فيه الرفع والوقف، ورُجحت فيه الروايتان، إذ إن كلتا الروايتين محفوظة؛ لثقة وإتقانِ مَنْ رواهما، مثاله ما رَوَى حُمَيْدٌ الطويل، عن أنس بن مالك
…
إلخ.
فضل المؤمن الذي يصبر على أذى الناس
سبق حديث: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، خَيْرٌ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» وأن إسناده صحيح.
ثم أكد شيخنا -حفظه الله- النتيجة السابقة مع الباحث علي القناوي بتاريخ 20 جمادى الأولى 1444 موافق 14/ 12/ 2022 م.
وأفاد الباحث:
1 -
أن ثمة خلاف في تسمية الصحابي تارة ابن عمر وأخرى رجل من أصحاب النبي أظنه ابن عمر. وتارة رجل من أصحاب النبي. وأن الدارقطني في (العلل)(3129) قال: والصحيح قول من قال يحيى بن وثاب عن ابن عمر.
2 -
وثمة قرينة في ترجيح كونه من حديث ابن عمر وهي متابعة حصين بن عبد الرحمن للأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر أخرجه الطبراني في (الأوسط)(5953) واستغربه الدارقطني.
3 -
الخلاف على شعبة في تسمية ابن عمر والأكثر بإثبات ابن عمر كرواية آدم بن أبي إياس التي سبقت في (سلسلة الفوائد).
تفسير المقتصد بالمثال
وهذا تفسير بالمثال للمقتصد فيما أخرجه الإمام مسلم (15): وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ- وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ- عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد الفيومي، بتاريخ (7) صفر (1444 هـ)، الموافق (3/ 9/ 2022 م) إلى أن للمتن شواهد.
• تنبيه:
هذا أول حديث في «صحيح مسلم» من هذه السلسلة.
الإيمان يَزيد بالطاعة ويَنقص بالمعصية
أورد الإمام البخاري أدلة كثيرة على زيادة الإيمان، وأما النقصان فيُفْهَم من كل أدلة الزيادة، ومنها أيضًا «نقصان دينها» و «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»
(1)
واستَدل شيخنا- حَفِظه الله- على النقصان بالردة.
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (1/ 8): وتَوقَّف بعضهم في نقصه، فقال: يَزيد، ولا يقال: يَنقص، ورُوي ذلك عن مالك، والمشهور عنه كقول الجماعة.
وفي «البيان والتحصيل» (18/ 536) لابن رشد: قد أَعْلَمَ الله عز وجل بزيادة الإيمان، فقال:{فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124] وقال: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124].
ومعنى ذلك: زيادة اليقين في القلب، والبُعد مِنْ أن تَطرأ عليه الشكوك فيه. وهذا أَوْلَى ما قيل في معنى زيادة الإيمان الذي نص الله تبارك وتعالى عليه.
وقد رُوي عن مالك أنه كان يُطْلِق القول بزيادة الإيمان، ويَكُف عن إطلاق
(1)
أخرجه البخاري (2475) ومسلم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
نقصانه؛ إذ لم يَنص الله تعالى إلا على زيادته.
فرُوي عنه أنه قال عند موته لابن نافع، وقد سأله عن ذلك: قد أَبرمتموني! إني تدبرتُ هذا الأمر، فما من شيء يَزيد إلا وهو يَنقص، الإيمان يَزيد ويَنقص.
وهذا بَيِّنٌ على القول بأن زيادة الإيمان، إنما هي زيادة اليقين؛ إذ قد يَضعف اليقين بالإيمان، من غير أن يداخله شك فيه، فيكون ذلك هو نقصانه.
وقد قيل: إن معنى زيادة الإيمان: زيادة العدد بتكرره؛ لأن إيمان شهر أقل عددًا من إيمان شهرين.
فعلى هذا القول، لا يُتصور في الإيمان نقصان، إلا على تأويل، وهو نقصانه على المرتبة التي كان عليها من الكثرة. وقد زدنا هذا المعنى بيانًا في كتاب المقدمات، وبالله التوفيق ا هـ.
الإيمان سلاحك ضد الشياطين
قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 99]
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (8940): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنْضِي
(1)
شَيَاطِينَهُ، كَمَا يُنْضِي أَحَدُكُمْ بَعِيرَهُ فِي السَّفَرِ» وتابع قتيبة مجاعة بن ثابت، وهو ضعيف، ويحيى بن إسحاق السيلحيني، وهو ثقة، أخرجه ابن أبي الدنيا في «مكائد الشيطان» (20).
وخالف قتيبةَ ومن تابعه سعيدُ بن شرحبيل الكندي، فأدخل واسطة بين ابن لهيعة وموسى، وهي الحسن بن ثوبان، أخرجه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (106).
(1)
أي: يهزله ويجعله نضوا، أي: مهزولا لكثرة إذلاله له وجعله أسيرا تحت قهره وتصرفه، ومن أعز سلطان الله، أعزه الله وسلطه على عدوه، وحكم عكسه عكس حكمه، فظهر أن المؤمن لا يزال ينضي شيطانه. كما في «فيض القدير» للمناوي (2/ 385).
ورواية قتيبة ومن تابعه أعلى وأرجح، لكن انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن مرعي، بتاريخ (29) من ذي القعدة (1443)، موافق (29/ 6/ 2022 م): إلى ضعفها.
ونقل الباحث قول البيهقي في «معرفة السنن» (9/ 43): وَقَدْ أَجْمَعَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى ضِعْفِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَتَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.
حسن الظن في الله
1 -
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (16016): حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي السَّائِبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَمِينَ وَاثِلَةَ، فَمَسَحَ بِهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَوَجْهِهِ؛ لِبَيْعَتِهِ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ: وَاحِدَةٌ، أَسْأَلُكَ عَنْهَا؟ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: وَأَشَارَ بِرَأْسِهِ، أَيْ حَسَنٌ، قَالَ وَاثِلَةُ: أَبْشِرْ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«قَالَ اللَّهُ عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» .
وتابع الوليدَ بنَ سليمان هشامُ بنُ الغاز، أخرجه أحمد (16979) والدارمي في «سننه» ، رقم (2773)، وابن المبارك كما في «مسنده» (39) وابن حبان (633) وابن أبي الدنيا في «حسن الظن» (2) وغيرهم.
وتابعهما يزيدُ بن عبيدة لكن بلفظ: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا» ، أخرجه ابن حبان (641) وتمَّامُ في «فوائده» (182)، والطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 87) و «الأوسط» (401) وإسناد ابن حبان والطبراني صحيح. وقال: لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن عبيدة إلا محمد بن مهاجر.
وتابع أبا النضر يونسُ بنُ ميسرةَ بن حلبس، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 89)، رقم (215)، وغيره، لكن في سنده عمرو بن واقد، متروك ويروي المناكير عن المشاهير.
• والخلاصة: أن الخبر صحيح باللفظين، والثاني مبين للأول.
2 -
قال أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/ 147): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْدَوَيْهِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسَّالُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا الْجَرَّاحُ بْنُ مُلَيْحٍ أَبُو وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ مُكَافِئٌ كُلَّ عَبْدٍ عَلَى ظَنِّهِ بِهِ، خَيْرٌ فَخَيْرٌ، وَشَرٌّ فَشَرٌّ»
وعلته: إسماعيل بن عمرو البجلي، فقد ضعفه أبو حاتم والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يغرب كثيرًا. وقال ابن عدي: حدث بأحاديث لا يتابع عليها. توفي (227) انظر: «ميزان الاعتدال» (1/ 239) وغيره.
أعمال القلب الصالحة
•
أولًا: أهمية القلب وسلامة عمله،
قال تعالى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ»
(1)
.
•
ثانيًا: القلب والعمل محل نظر الرب عز وجل
-.
فَعَنْ أَبي سَعِيدٍ- مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ- يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
…
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ دَاوُدَ، وَزَادَ وَنَقَصَ، وَمِمَّا زَادَ فِيهِ:«إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).
(2)
أخرجه مسلم (2564).
قَبول العمل أو ردّه بِناءً على ما في القلب لحديث «الأعمال بالنيات»
القلب محل الفَهم والإرادة، قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
أكثر الناس سلامة للقلب أكثرهم انتفاعًا بالعلم؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
ولحديث أبي موسى في العلم، وفيه:«فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ» .
تزكية القلب من مقاصد دعوة الرسل، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].
الخير يَنزل على العباد بسلامة قلوبهم، ولِما فيها من الخير {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 70]
يُؤْجَر المرء على نيته وإن فاته العمل؛ لحديث غزوة تبوك: «إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ» .
أفاده الباحث محمد بن حسن الصغير مع شيخنا، بتاريخ (11) رجب (1443 هـ)، الموافق (12/ 2/ 2022 م)، وسأل الباحثَ: هل حَصَرْتَ كل أعمال القلوب؟
ونَبَّه أن أعمال القلوب منها طاعات، كالتوكل والإنابة والخَشية والمحبة. ومنها السيئ، كالحقد والحسد والغِل.
أعمال القلوب مُؤاخَذ بها
•
من أدلة ذلك في الكتاب العزيز:
1 -
قوله تعالى في باب الأيمان: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 225].
2 -
وفي باب التحذير من نشر الرذيلة: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].
2 -
وقوله تعالى في سلامة القلوب وما فيها من خير وحسن ظن في الله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].
•
ومن صحيح سُنة النبي صلى الله عليه وسلم
-:
1 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ:«وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟» قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» .
قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» .
قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ
وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ
(1)
.
2 -
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ:«إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ» وفي رواية: «إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ»
(2)
.
3 -
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً»
(3)
.
(1)
أخرجه مسلم (2639).
(2)
أخرجه مسلم (1911).
(3)
أخرجه البخاري (6491)، ومسلم (131).
احفظ الله يَحفظك
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (2669): حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَكِبَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» .
تابع الليثَ بن سعد اثنان:
1 -
نافع بن يزيد، أخرجه أحمد (2803) وفيه طول.
2 -
ابنُ لَهِيعة، أخرجه أحمد (2083) والترمذي (2516).
وقد توبع حَنَشٌ الصنعاني من جماعة والأسانيد إليهم فيها ضعف.
• والخلاصة: انتهى شيخنا معي في تحقيقي «الأربعين النووية» من سنين إلى صحته في القَدْر المشترك.
في حين كَتَب مع الباحث: أحمد بن مصطفى المنياوي، بتاريخ الأربعاء (6) شعبان (1443 هـ)، الموافق (9/ 3/ 2022 م): لفظة حنش الصنعاني عن ابن عباس، وهل كلها عنه معتمدة أم لا؟
حِفظ اللسان
قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (3948): حَدَّثَنَا أَسْوَدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ، وَلَا الطَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ» .
لهذا الخبر عدة طرق، أسلمها اثنان:
1 -
هذا السابق.
2 -
ما أخرجه الترمذي في «سُننه» ، رقم (1977): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الفَاحِشِ، وَلَا البَذِيءِ» وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ.
لكن استَنكر الذهبي في «الميزان» (3/ 555) على محمد بن سابق.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي الوفا، بتاريخ (19) رجب (1443 هـ)، الموافق (20/ 2/ 2022 م) إلى ما سبق.
وطَلَب مزيد بحث عن الحسن بن عمرو، هل هو المتروك أو لا؟
وطَلَب من الباحث أن يوليه مزيد بحث، مع الشيخ سيد البيومي حَفِظه الله.
مِنْ حُسْن إسلام المرء تَرْكه ما لا يَعنيه
قال الإمام مالك في «موطئه» ، رقم (2/ 903): عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» .
وجمهور الرواة عن مالك، وهم ثلاثة عشر راويًا، منهم وكيع، كما في «الزهد» (364)، وقُتيبة، كما عند الترمذي (2318)، وابن الجعد في «مسنده» (2925) على الإرسال.
وخالفهم خالد بن عبد الرحمن الخراساني -وهو صدوق له أوهام- فوَصَل الخبر وجَعَله من مسند الحسين بن علي رضي الله عنه، أخرجه تمام في «فوائده» (474)، والدولابي في «الذرية الطيبة» (152) وابن عَدِيّ في «الكامل» (3/ 368) وغيرهم.
ورواية الجماعة بالإرسال هي الصوب، وأَصْلها في «الموطأ» .
وتابع مالكًا على الإرسال أصحابُ الزُّهْري: مَعْمَرُ، كما عند عبد الرزاق (21541)، ويونس بن يزيد، أخرجه ابن وهب في «جامعه» (297)، وزياد بن سعد، أخرجه العدني في «الإيمان» (45).
ورواه على الوصل
(1)
عبد الله بن عمر العُمَري -وهو ضعيف-، أخرجه أحمد (1/ 201)، ومن طريقه الطبراني (2886)، ورُوِي عنه موصولًا، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (10314).
ورواه عُبيد الله بن عمر العُمَري موصولًا، كما عند الطبراني في «الصغير» (2/ 111) و «الأوسط» (8397)، وفي سنده قزعَة، وهو ضعيف، وخالفه غيره فأرسله. انظر «علل الدارقطني» (310).
وثَم خلافات أخرى على الزُّهْري، وهي خلافات مرجوحة وضعيفة.
وقال الدارقطني: والصحيح قول مَنْ أرسله عن علي بن الحسين.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: عبد الله بن أيمن، بتاريخ (18) صفر (1444 هـ)، الموافق (14/ 9/ 2022 م): الصواب بلا ريب أن الخبر مرسل اه.
وقال: وأصح طرقه المرسلة طريق مالك.
• تنبيه:
للخبر سند ظاهره الحُسن، لكن رده الدارقطني للخلاف على الزُّهْري، أخرجه أحمد رقم (1732): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى قَالا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ -يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ الْوَاسِطِيَّ- عَنْ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ، قِلَّةَ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ» .
(1)
كرواية خالد بن عبد الرحمن عن مالك السابقة.
وقال الدارقطني في «العلل» (3158): ووَهِم فيه حَجاج، وإنما رواه شُعيب بن خالد، عن الزُّهْري، عن علي بن الحسين.
ورواه محمد بن علي عن علي بن الحسين تارة مرسلًا، أخرجه أبو نُعَيْم في «الحِلْيَة» (10/ 171)، وتارة موصولًا، أخرجه ابن عَدِيٍّ في «الكامل» (7/ 372)، وفي سنده موسى بن عُمَيْر، متروك.
• وله شواهد مُعَلة وضعيفة، منها:
أولًا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه عنه جماعة:
1 -
سليمان بن يسار، أخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (745)، وفي سنده عبد الله بن إبراهيم المدني، متروك.
2 -
أبو صالح، أخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (108)، والطبراني في «الأوسط» (2902)، وفي سنده عبد الرحمن بن عبد الله العُمَري، متروك.
3 -
سعيد بن المسيب، وعنه الزُّهْري، أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (9/ 195)، وعِلته: نزول السند، ومَرَدّه إلى الزُّهْري.
4 -
أبو سلمة، وعنه اثنان:
1 -
يحيى بن أبي كثير، وعنه الأوزاعي. أخرجه تمام في «فوائده» (481).
2 -
الزُّهْري، وعنه قُرَّة بن عبد الرحمن، وعنه الأوزاعي. أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجه (3976) وغيرهما، وأخرى من طريق الأوزاعي بإسقاط قُرَّة. أخرجه ابن بطة في «الإبانة» (323).
وذَكَر الدارقطني في «علله» (1389) من طريق الأوزاعي وغيره، وقال:
والصحيح حديث الزُّهْري عن علي بن الحسين مرسلًا.
ثانيًا: من حديث أبي بكرٍ الصِّديق، أخرجه أبو نُعَيْم في «معرفة الصحابة» (3991)، وفي السند مالك بن عطية وأبوه وهو شيخه، لم يقف لهما الباحث على ترجمة.
ثالثًا: زيد بن ثابت رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في «الصغير» (2/ 43)، وفي سنده محمد بن كثير، متروك.
رابعًا: أنس بن مالك، كما في «سؤلات السِّجْزي» (1/ 71)، وفي سنده محمد بن أحمد بن عروة، قال فيه الحاكم: محمود في المكاتبة، لم يُشْهَر بالطلب.
المؤمن مرآة أخيه
قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» ، رقم (239): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ» .
وتابع ابنَ أبي حازم جماعةٌ: عبدُ العزيز بنُ محمد، وسليمانُ بن بلال، وأبو أحمد.
وخالفهم سفيان فقال: عن كَثِير، عن المُطَّلِب بن حَنْطَب: قال رسول الله. أخرجه الخرائطي (332)، والبيهقي في «الشُّعَب» (7238).
ورواية الجماعة أرجح، وكَثِير مُختلَف فيه.
وقد تابع الوليدَ بنَ رباحٍ عبدُ الله بن رافع، من رواية سليمان بن راشد، وهو مقبول. أخرجه ابن وهب في «جامعه» (203).
وله شاهد من حديث ابن عمر، في سنده شَرِيك بن أبي نَمِر، مُختلَف فيه كذلك. أخرجه البزار (6193)، وابن عَدِيّ في «الكامل» (7/ 467).
• والخلاصة: أن الخبر يُحسَّن بشواهده، بينما قال شيخنا للباحث عمر بن ثابت، بتاريخ (28) رجب (1443 هـ)، الموافق (1/ 3/ 2022 م): اكتب في سنده: كَثِيرٌ فيه كلام. وكَتَبَ على حديث ابن عمر: ضعيف.
التذكير بالثوابت
•
الأولى: الدين الذي رضيه الله لنفسه ولرسله ولعباده هو الإسلام.
قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وقال جل ذكره: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]
ولم يقر صلى الله عليه وسلم عظيم النصارى في زمانه على باطله، بل قال:«فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ، فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ، وَ {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]»
(1)
.
ولم يقر أهل الكتاب من أهل اليمن على ضلالهم، بل أرسل إليهم معاذًا رضي الله عنه؛ لينقذهم، ففي وصيته صلى الله عليه وسلم إياه: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ
(1)
أخرجه البخاري (7)، ومسلم (1773)، واللفظ لمسلم.
أَمْوَالِ النَّاسِ»
(1)
أما قوله صلى الله عليه وسلم لكفار مكة: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]، فالسورة مكية، في مرحلة الاستضعاف، ثم بعد قال -تعالى- لرسوله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في مرحلة التمكين:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: 73].
وأما قوله جل في علاه في شأن من آمن من النصارى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83]، فمحمول على النجاشي ومن آمن معه، بسبب نزول الآيات؛ ولذا لما مات النجاشي، قال صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ» ، قَالَ: فَقُمْنَا فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ.
(2)
وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62]، فمحمول على من وحد منهم، كابن سلام رضي الله عنه.
•
ثانيًا: عقيدتنا في غير المسلم أنه كافر.
قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1]{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:
(1)
أخرجه البخاري (1458) ومسلم (19).
(2)
أخرجه مسلم (952) من حديث جابر رضي الله عنه.
17] و [المائدة: 72]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»
(1)
.
ويقول خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام: «فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ»
(2)
ويقول سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عَنْه أَنَسٌ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ:«فِي النَّارِ» ، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ:«إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»
(3)
وعن العَبَّاس بْن عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ:«هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ»
(4)
.
(1)
أخرجه مسلم (153).
(2)
أخرجه البخاري (3350)، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
(3)
إسناده صحيح: أخرجه مسلم (203).
(4)
أخرجه البخاري (3883)، ومسلم (209).
•
ثالثًا: مآل الأعمال الصالحة التي يعملها غير المسلم.
إن آمن فهي مُثَقِّلَةٌ لميزانه، وإن مات على ملة غير الإسلام -عياذًا بالله-، جوزي بها في الدنيا.
قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ، فَإِنَّ اللهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ»
(1)
.
وعن عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ، كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ:«لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ»
(2)
وفي «مسند أحمد» ، رقم (6704)، من طريق عَمْرُو بْن شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَنْحَرَ مِائَةَ بَدَنَةٍ، وَأَنَّ هِشَامَ بْنَ الْعَاصِي نَحَرَ حِصَّتَهُ خَمْسِينَ بَدَنَةً، وَأَنَّ عَمْرًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:«أَمَّا أَبُوكَ، فَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ، فَصُمْتَ، وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ، نَفَعَهُ ذَلِكَ» وإسناده حسن.
(1)
أخرجه مسلم (2808).
(2)
أخرجه مسلم (214).
•
رابعًا: من مات على الكفر دخل النار.
قال عيسى بن مريم عليه السلام: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72]
وسبق دليل والد خليل الرحمن، ووالد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ»
(1)
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: «إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ»
(2)
•
خامسًا: التعامل مع غير المسلم.
قد تحالف صلى الله عليه وسلم مع خزاعة، واستعمل ابن أريقط في الهجرة، واستعمل اليهود على شطر ما يخرج من خيبر.
• وأما تعزية غير المسلم فجائزة بضوابط:
1 -
كونه غير محارب؛ لقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]
2 -
لا نترحم عليه، ولا ندع له بالجنة، بل نواصيهم بالصبر والتصبر، وأن الله سيحشره مع من أحب.
(1)
أخرجه البخاري (6528)، ومسلم (221)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (3062)، ومسلم (111)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
3 -
أن لا يوجد شيء من شعائر أهل الكفر أمامنا، قال تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]
(1)
.
•
سادسًا: التعامل مع الحاكم المتغلب
قال ابن حجر في «فتح الباري» (13/ 7): وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ الْمُتَغَلِّبِ، وَالْجِهَادِ مَعَهُ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ، وَتَسْكِينِ الدَّهْمَاءِ، وَحُجَّتُهُمْ: هَذَا الْخَبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسَاعِدُهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنَ السُّلْطَانِ الْكُفْرُ الصَّرِيحُ، فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ، لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، كَمَا فِي الحَدِيث الَّذِي بعده
(2)
.
(1)
أفاد بعض ما تقدم، الباحث سيد بيومي، بتاريخ ليلة (7) ربيع أول (1444)، موافق (3/ 10/ 2022 م) في كلمة ألقاها في مجلس شيخنا، وقال شيخنا عقبها لما صورت دون بثٍ مباشرٍ: بثوا هذا الكلام النافع.
(2)
في ختام عرض الباحث، فارس المصري، بتاريخ (5) ربيع (1444) موافق (1/ 1/ 2022) تعليقه على لمعة الاعتقاد، وقد جمع كلام الآئمة المتقدمين والمتأخرين في التعامل مع الحاكم المتغلب، وأن كلام ابن حجر يشمل ما أورده، حتى عن أبي الحسن الأشعري، فكتب شيخنا معه؛ تبرئة للذمة على نقله عن أبي الحسن الأشعري: يا حبذا لو اقتصر على أئمة أهل الفضل، الذين لم يختلف في صلاحهم من أهل السنة اه.
نظافة السلم
(1)
وأفنية البيوت من صور البراء من اليهود
قال الطبراني في «الأوسط» ، رقم (4057): حَدَّثنا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثنا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا» .
لَمْ يَرْوِ هَذا الحَديث عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلاَّ إِبْرَاهِيمُ، وَلَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ أَبُو دَاوُدَ، تَفرَّدَ به زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ
(2)
ا هـ.
وعلي: هو ابن سعيد بن بشير أبو الحسن.
قال الدارقطني: ليس بذاك تفرد بأشياء.
وتابع الزهريَّ بكيرُ بنُ مسمارٍ، وعنه هارون بن محمد، وهو كذاب، أخرجه الدولابي في «الكنى» (1203).
(1)
بضم السين قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [الطور: 38].
(2)
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 635): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، خلا شيخ الطبراني.
ورواه خالد بن إياس -وهو متروك
(1)
-، واختلف عليه في الوصل والقطع على سعيد بن المسيب، أخرجه الترمذي (2799) وغيره.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث، أحمد بن علي، بتاريخ (9) ذي القعدة (1443)، موافق (9/ 6/ 2022 م): سند ضعيف.
(1)
قال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات، حتى يسبق إلى القلب أنه الواضع لها، لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب، وهو الذى روى:«إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة» .
لا إيمان لمن لا أمانة له
وتابعهما جَمْعٌ: حَجَّاجُ بن منهال، وبَهْزُ بن أسد، وعفانُ بن مسلم، وشيبان
…
وغيرهم.
وخالفهم مصعبُ بن المِقْدَام، فأَسْقَط قتادة. أخرجه ابن أبي شيبة في «الإيمان» (7).
ورواية الجماعة أصح، وأبو هلال محمد بن سُلَيْمٍ الراسبي مُختلَف فيه.
وتابع قتادةَ ثابتُ بن أسلم، أخرجه أبو يعلى (3445) وفي سنده مُؤمَّل بن إسماعيل، مُختلَف فيه.
وتابعهما المغيرةُ بن زيدٍ الثقفي -وهو علة هذا الطريق-، أخرجه أحمد (13637).
وتابعهم سنان بن سعد، أخرجه ابن خُزيمة (2335)، وسِنانُ عِلته.
وله شاهد عن ابن عباس، أخرجه أبو يعلى في «المسند» ، رقم (2467 - 2458): حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَإِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ وَسَنَّ سُنَنًا، وَحَدَّ حُدُودًا، وَأَحَلَّ حَلَالًا، وَحَرَّمَ حَرَامًا، وَشَرَعَ الإِسْلَامَ، وَجَعَلَهُ سَهْلاً سَمْحًا وَاسِعًا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ ضَيِّقًا.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ، وَمَنْ نَكَثَ ذِمَّةَ اللهِ طَلَبَهُ اللهُ، وَمَنْ نَكَثَ ذِمَّتِي خَاصَمْتُهُ، وَمَنْ خَاصَمْتُهُ فَلَجْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَكَثَ ذِمَّتِي، لَمْ يَنَلْ شَفَاعَتِي، وَلَمْ يَرِدْ عَلَى الحَوْضِ.
أَلَا إِنَّ اللهَ لَمْ يُرَخِّصْ فِي القَتْلِ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: مُرْتَدٍّ بَعْدَ إِيمَانٍ، وَزَانٍ بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَاتَلِ نَفْسٍ فَيُقْتَلُ بِهَا، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟».
وعِلته: حسين، قال فيه الهيثمي: متروك.
وورد من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو نُعَيْم في «الحِلْيَة» (3/ 220)، وفي سنده موسى بن عُبَيْدة، ضعيف.
ومن حديث ابن مسعود، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10358) وفي سنده قريشٌ التيمي، لم يقف له على ترجمة.
ومن حديث ثوبان، أخرجه الروياني في «مسنده» (625)، وفي سنده سالم، لم يَسمع من ثوبان، قاله أحمد.
ومن حديث أبي أمامة، أخرجه الروياني (1207)، وفيه القاسم بن عبد الرحمن، مُختلَف فيه.
ومن حديث ابن عمر، أخرجه الطبراني (2333)، وفي سنده مِنْدَلُ بن علي، ضعيف.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن سلامة، بتاريخ (15) صفر (1444 هـ)، الموافق (11/ 9/ 2022 م)، إلى أنه يُحسَّن لشواهده.
ذم الخوارج
(1)
قال الترمذي في «سننه» ، رقم (3000): حَدثنا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدثنا وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ، وَهُوَ ابْنُ صَبِيحٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: رَأَى أَبُو أُمَامَةَ رُؤُوسًا مَنْصُوبَةً عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ، فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ:«كِلَابُ النَّارِ، شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، خَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلُوهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} إِلَى آخِرِ الآيَة» ، قُلْتُ لأَبِي أُمَامَةَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا، حَتَّى عَدَّ سَبْعًا مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ.
(2)
وتابع الربيع وحمادا سفيانُ بن عيينة، أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (1544).
• والخلاصة: أن سنده حسن؛ لحال أبي غالب، وحسنه الترمذي، وكذا يرى الباحث: محمود بن حسني بن والي الفيومي
(3)
، ويوافق شيخنا في النتيجة
(1)
انظر كلام الشاطبي في «الاعتصام» .
(2)
وحسنه الترمذي.
(3)
ولد بتاريخ 1985 م بمحافظة الفيوم، يعرض أحاديث متفرقة في بحث «قاعدة أهل السنة والجماعة في رحمة أهل البدع والمعاصي» لابن تيمية.
وكان قد رحل إلى منية سمنود واستقر فيها من عام 2007 حتى 2012 م اه.
العامة في أبي غالب، في حين كتب شيخنا مع الباحث، بتاريخ (8) رمضان (1443)، موافق (10/ 4/ 2022 م): انتهينا من رواية أبي غالب
(1)
عن أبي أمامة في هذا المتن، والنفس لا تطمئن إلى تصحيحها؛ لغرابة متنها، والكلام في حزور أبي غالب، ولتنظر الشواهد
(2)
إن شاء الله لو كان ثم شواهد.
(1)
طلب شيخنا من الباحث: أحمد بن علي مراجعة مواطن أبي حزور التي في كتب العلامة الألباني رحمه الله.
(2)
له شاهد من حديث ابن عمرو أخرجه أحمد في «السنة» (1545).
الإيمان يمان
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (10978): حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ شَبِيبٍ أَبِي رَوْحٍ
(1)
، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدِّثْنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةَ يَمَانِيَةٌ، وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ» - وَقَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ: «مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، أَلَا إِنَّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَقَسْوَةَ الْقَلْبِ فِي الْفَدَّادِينَ
(2)
أَصْحَابِ الشَّعْرِ وَالْوَبَرِ، الَّذِينَ يَغْتَالُهُمُ
(3)
الشَّيَاطِينُ عَلَى أَعْجَازِ الْإِبِلِ».
وخالف شَبِيبًا مع اتساع المَخرج جماعة، فلم يَذكروا:«وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ» :
1 -
محمد بن سيرين، أخرجه أحمد (7627).
(1)
موثق ضمن شيوخ حريز في عموم قول أبي داود وذكره ابن حبان في الثقات.
(2)
قال الأخفش: في «الفدادين» قولان:
أحدهما: أنهم الأعراب سموا بذلك؛ لارتفاع أصواتهم عند سقي إبلهم وحركاتهم مع رعاء إبلهم، والفديد الأصوات والجلبة.
وقيل: إنما سموا الفدادين من أجل الفدافد، وهي الصحاري والبوادي الخالية، واحدها فدفد، والأول أجود. كما في «التمهيد» (11/ 440).
(3)
في ط عالم الفوائد: (تغتالهم).
2 -
الأعرجُ، أخرجه الحُميدي (1080).
3 -
أبو صالح ذَكْوَان، أخرجه البخاري (4388) وغيره.
4 -
سعيد بن المُسيب، أخرجه مسلم (52).
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: د/ إبراهيم بن يوسف، بتاريخ (5) رجب (1443 هـ)، الموافق (6/ 2/ 2022 م): لفظة: إني «أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ» لا تصح:
1 -
لمخالفة شَبِيب للأثبات، مع تفرده من بين أصحاب أبي هريرة.
2 -
شَبِيب ليس بمعروف بالرواية عن أبي هريرة.
3 -
شَبِيب ليس بالمُوثَّق المُعتمَد.
منقبةٌ لأهل اليمن في آخر الزمان
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (117): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ، فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ - قَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ، وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ» .
وتابع أحمدَ بن عبدة إبراهيمُ بن المنذر، أخرجه الحاكم (8627) وزاد نسبة عبد الله بن سلمان إلى الأغر، ومحمد بن عباد، كما في «التاريخ الكبير» (5/ 109)، وتابعهم داود، لكن بإسقاط شيخ صفوان.
وخالفهم أحمد بن عبدة ومحمد بن سليم، فقالا: عن الدراوردي وحده، وأبدلا عبد الله بن سلمان بأخيه عبيد الله، أخرجه أبو حاتم في «العلل» (2778) ورجح أبو حاتم: عبيد الله.
لكن رواية أحمد الضبي عند مسلم بلا عطف، وسمى عبد الله وتابعه الأثر على ذلك، وذكر البخاري الحديث في ترجمة عبد الله أخي عبيد الله، وكذا هو في صحيح مسلم، واعتمده الدارقطني وصححه.
وعبيد الله بن سلمان الأغر: وثقه ابن معين وغيره.
أما عبد الله بن سلمان: فذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه اثنان: صفوان وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وروى له مسلم هذا الخبر، وصححه هو والدارقطني والبغوي، وتكلم في نسبته إلى الأغر وإن كان الحاكم أثبت نسبته إلاه.
• والخلاصة: كتب شيخنا معي، بتاريخ الأربعاء (24) ربيع الآخر (1444 هـ) موافق (16/ 11/ 2022 م): في النفس شيء من هذا الخبر، واذكر الشواهد
(1)
إن وجدت.
(1)
وورد موقوفًا من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما، أخرجه الحاكم (8628)، وعلته عمران القطان، وورد من حديث عياش بن أبي ربيعة، لكنه من رواية معمر عن أيوب.
فَضْل الإيمان في آخر الزمان
قال الدارمي في «سُننه» ، رقم (2786): أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَسِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جُمُعَةَ- رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ-: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: نَعَمْ، أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا جَيِّدًا! تَغَدَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا؟ أَسْلَمْنَا وَجَاهَدْنَا مَعَكَ. قَالَ:«نَعَمْ، قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي» .
ورواه أحمد في «مسنده» (16976): حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جُمُعَةَ قَالَ تَغَدَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا؟ أَسْلَمْنَا مَعَكَ وَجَاهَدْنَا مَعَكَ. قَالَ:«نَعَمْ، قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي» .
• وتابع أبا المغيرة على وجهِ صالحِ بن جُبَيْر جماعةُ:
1، 2 - بِشْر بن بكر والوليد بن مسلم، وعنهما دُحَيْم، أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (134)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3539).
3 -
عبد الله بن عُطَارد-وهو متروك-، أخرجه أبو يعلى (1559).
ورواه عن صالح بن جُبَيْر:
1 -
معاوية بن صالح، أخرجه البخاري في «خَلْق أفعال العباد» (403)، والرُّوياني في «مسنده» (1545)، وفي سنده عبد الله بن صالح، ضعيف.
2 -
مرزوق بن نافع-وهو ضعيف-، أخرجه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (2172) وغيره.
• والخلاصة: أن الأكثر على صالح بن جُبَيْر، قال فيه أبو حاتم: شيخ مجهول. ووثقه ابن مَعِين، وقال الذهبي: وثقه ابن مَعِين، وليس بمعروف. وقال في «المغني»: وثَّقَهُ ابن مَعِين وغيره، وفيه جهالةٌ ما.
وأبو جمعة مُختلَف في صحبته، وكَتَب شيخنا مع الباحث: صالح بن أحمد، بتاريخ (1) رجب (1443 هـ)، الموافق (2/ 2/ 2022 م): أبو جمعة صحابي مُختلَف في صحبته.
وخالف أبا المغيرة جماعةٌ فقالوا: عن الأوزاعي، عن أَسِيد، عن صالح بن جُبَيْر، عن أبي جمعة، به.
يدرس الإسلام
قال ابن ماجه في «سننه» ، رقم (4049): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ، الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا» فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: يَا صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ. ثَلَاثًا.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي بتاريخ (11) رمضان (1443)، موافق (12/ 4/ 2022 م): به علل:
1 -
أبو معاوية متهم بالإرجاء.
2 -
أبو معاوية في غير الأعمش متكلم فيه.
3 -
خالفه غيره فأوقفوه.
كتاب العلم
إصلاح النية في طلب العلم
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (8457): حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ سُرَيْجٌ فِي حَدِيثِهِ: يَعْنِي رِيحَهَا.
وتابع يونسَ وسريجًا عبدُ اللهِ بنُ وهب، كما عند ابن حبان (78)، وسعيد بن منصور عند ابن ماجه (252)، وبشر بن الوليد، أخرجه الحاكم (288).
وخالف فليحًا محمدُ بن عمارة، فرواه عن أبي طوالة، عن رجل من بني سالم مرسلا، ذكره الدارقطني في «علله» (2087) وقال: المرسل أشبه بالصواب.
وخالفهما زائدة بن قدامة، فقال عن أبي طوالة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن رهط من أهل العراق، عن أبي ذر موقوفًا، أخرجه ابن أبي حاتم في «العلل» (2819)، وقال أبو زرعة: هكذا رواه زائدة ولم يرفعه.
وقال الشيخ مقبل في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (463): لا المرفوع
صحيح؛ لضعف فليح، ولمخالفة زائة بن قدامة وهو ثقة ثبت صاحب سنة كما في التقريب، ولا الموقوف أيضًا؛ لأنه فيه مبهمين من أهل العراق، وأيضًا لا يدرى أسمعوا من أبي ذر أو لا؟.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث، علي بن محمد القناوي، بتاريخ (2) ربيع (1444) موافق (28/ 9/ 2022 م): ضعيف من كل طرقه. اه.
• وله شواهد منها:
1 -
ما أخرجه أخرجه مسلم، رقم (1905): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى
وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ».
2 -
ومنها حديث ابن عمر، أخرجه الترمذي (2846) وغيره، وعلته: أن خالد بن دريك لم يدرك ابن عمر، قاله ابن القطان في «الوهم والإيهام» (5/ 217).
3 -
ومنها حديث جابر نحوه، أخرجه ابن ماجه (254)
(1)
وهو من مفاريده، وعلته: أنه من مناكير يحيى بن أيوب، وقد روي موقوفًا.
4 -
ومنها حديث كعب بن مالك، أخرجه الترمذي (2654): حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ العِجْلِيُّ البَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» وإسحاق بن طلحة مختلف فيه.
نبه شيخنا بتاريخ الاثنين (7) ربيع أول (1444)، موافق (3/ 10/ 2022 م) في مجلس الظهر: اجتهدوا لوجه الله، المكان مكان عمل، لا مكان
(1)
رقم (254): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَالنَّارُ النَّارُ» .
مصيف
(1)
.
(1)
فسألت نفسي لم هذه المقولة، ففجئت بوفاة أ د/ أسامة بن محمد بن عبد العظيم حمزة، العابد الزاهد المربي الأصولي الفقيه الشافعي رحمه الله، بتاريخ (8) ربيع (1444 هـ)، موافق (3/ 10/ 2022 م) وكان قد ولد بتاريخ (25) / 1/ 1948 م بحي الخليفة بالقاهرة.
تعلق قلبه بالمسجد، فالمسجد حصنه، وحصن ذريته وأتباعه، من شياطين الإنس والجن، ومن الواقع الممزوج بالفتن.
فالمحراب ينعاه، ومنبره ينعاه، والخلق ومصر والأزهر بخاصة.
ومن كتبه النافعة:
1 -
أسباب الإجمال في الكتاب والسنة.
شمل الباب الأول:
الأسباب النحوية، كتعدد مرجع الضمير، والتردد بين الفاعل والمفعول.
الأسباب البلاغية للإجمال، كالتردد بين التقديم والتأخير.
أسباب الإجمال الراجعة إلى الوضع اللغوي، كالتردد الحاصل من تغير الشكل أو النقط
الباب الثاني: إجمال الأفعال.
2 -
اتحاف الأكابر بتهذيب كتاب الكبائر، تحقيق وتهذيب وترتيب أ د أسامة محمد عبد العظيم حمزة أ/ أصول الفقه ورئيس قسم الشريعة الإسلامية والعربية بالقاهرة. جامعة الأزهر. ط دار الفتح.
3 -
القصص القرآني وأثره في استنباط الأحكام.
4 -
حجية قول الصحابي.
5 -
السبيل لتصفية علم الأصول من الدخيل.
وثمة كتب أخرى.
من أقواله المنشورة: حاجتنا وهدفنا أن نصلي وأن نصوم وأن نبكي لله تعالى ونخضع. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فاللهم ارحم الشيخ أسامة وموتانا وموتى المسلمين، وبارك اللهم في ذريته: أنس، وابنته زوج الطبيب محمد بن حسين، واخلف على أمتنا الإسلامية.
ثم طرح شيخنا في مجلس الظهر بتاريخ (8) ربيع أول (1444)، موافق (4/ 10/ 2022 م)، سؤالا بعد ترحمه على أ د/ أسامة بن عبد العظيم، وسأل عن الأشياء التي خالف فيها بخلاف المعلوم من إطالته في الصلاة؟
فأجاب د/ محمد بن ياسين، باعتباره من تلاميذ أ د/ أسامة بن محمد بن عبد العظيم، وقد صحبه زمنًا، بما يلي:
1 -
الإطالة في الصبح حتى تكاد تشرق الشمس.
2 -
وتخصيص عصر الجمعة بالإطالة الشديدة.
3 -
والإطالة في المغرب حتى لا يكاد يسلم إلا عند أذان العشاء أو بعده.
4 -
وأنه كان يصلى إمامًا في الكلية، وكذا معرض الكتاب الدولي، لكن لا يطيل كإطالته في مسجده.
5 -
أن الشيخ نفى عن نفسه عقيدة الجبرية في أكثر من نقاش.
6 -
وسأل شيخنا د/ محمد ياسين، هل كان الشيخ يحب الدليل وينتصر له أو كان مقلدًا؟
فأجاب: أنه كان يستدل بالحديث، لكن لا يبالي بصحته من ضعفه.
ثم سأل شيخنا عن هذه الاجتهادات الفردية، هل هي مدونة في كتب؟
فأجاب: أن لا، لكن له طلاب يسيرون على نهجه.
فقال شيخنا: ننبه تنبيهات عامة -إن شاء الله-؛ لأن ذكر المخالفات والمسائل التي اجتهد فيها الشخص وأخطأ لا يعد تنقيصًا له، بل هو من النصح له ا هـ.
النية الصالحة تجارة رابحة
قال البخاري، رقم (5026): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ
(1)
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ، فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ»
وخالف شعبة ثلاثةٌ
(2)
: شيبانُ، كما في «مشكل الآثار» (462)، وجرير بن عبد الله، كما عند البخاري (7232)، ويزيد بن عطاء -وهو ضعيف-، كما في «جزء من فوائد بن حيان» (81).
(1)
وتابع روحًا عن شعبةَ بشرُ بنُ منصورٍ كما في «فضائل القرآن» (102) للفريابي، ولم يذكرها ابن أبي عدي كما في «السنن الكبرى» (7809)، ورواه محمد بن جعفر، كما عند أحمد (10214)، فقال: فسمعه رجل.
(2)
وخالف الجماعة أي هؤلاء الأربعة: شعبة وشيبان وجرير ويزيد، فجعله من مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أخرجه أحمد (10215).
• الخلاصة:
كتب شيخنا مع الباحث، محمد بن سلامة الأزهري، بتاريخ (4) ذي الحجة (1443) موافق (3/ 7/ 2022 م): لم يذكرها إلا شعبة ا هـ. أي زيادة: «فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ» .
مفاتيح
(1)
الفقه في الدين
(2)
• المفتاح الأول:
الدعاء بالفقه في الدين، قال تعالى:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 79].
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (143): حَدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدثنا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، قَالَ: حَدثنا وَرْقَاءُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الخَلَاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا، قَالَ: مَنْ وَضَعَ هَذَا، فَأُخْبِرَ، فَقَالَ:«اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» .
وتابع عبد الله بن محمد الإمام أحمد في «مسنده» (3022).
واقتصر زهير بن حرب وأبو بكر بن النضر على «اللهم فقه» ، أخرجه مسلم (2477).
(1)
المِفتاح: الذي يُفتح به المِغْلاق، وجَمْعه مفاتيح.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ» وذلك أن الحَدَث لما مَنَع من الصلاة، شبهه بالغلق المانع من الدخول إلى الدار ونحوها، والطُّهور لما رَفَع الحَدَث المانع، وكان سبب الإقدام على الصلاة، شبهه بالمفتاح.
(2)
دونت هذه المفاتيح عندما أسند إلي شيخنا تدريس كتابه (مفاتيح الفقه في الدين) ط دار مكة في (معهد الصفوة).
ورواية البخاري والإمام أحمد أرجح، وفي جميعها سبب الورود.
ورواه خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس، واختلف عليه في اللفظ:
أ - «اللهم علمه الكتاب» ، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (3379): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضَمَّنِي إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ»
وتابع إسماعيلَ عبدُ الوارث بن سعيد من رواية أبي معمر عنه، أخرجه البخاري (75).
وخالف أبا معمر مسددٌ، أخرجه البخاري (3546) بلفظ:«اللهم علمه الحكمة» .
وتابع عبد الوارث على لفظ: «اللهم علمه الكتاب» ، أخرجه البخاري (6842)
(1)
.
وخالف خالدً الحذاءَ حسينُ بن عبد الله، وهو ضعيف، فقال:«اللهم أعط ابن عباس الحكمة وعلمه التأويل» ، أخرجه أحمد (2422).
ورواه سعيد بن جبير، وعنه عبد الله بن عثمان بن خثيم، أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (3032): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا
(1)
وتارة عطه البخاري رقم (3546) معطوفا على لفظ مسدد «اللهم علمه الحكمة» .
رَسُولَ اللَّهِ، وَضَعَ لَكَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. فَقَالَ:«اللَّهُمَّ فَقِّهُّ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»
وتابع حمادَ بن سلمة زهيرُ أبو خيثمة، أخرجه أحمد (2397) و (2879) بالقدر المرفوع، مع زيادة وضع يده صلى الله عليه وسلم على كتف ابن عباس أو منكبه.
وقصة مبيت ابن عباس عند النبي صلى الله عليه وسلم لها طرق كثيرة عن ابن عباس مع اتساع مخارجها، فهل هي قصة واحدة أو تعددت؟ الله أعلم.
• والخلاصة: أن رواية البخاري وأحمد أرجح لدي، مع اتفاق الشيخين على سبب الورود، والظاهر أن رواية ابن خثيم رويت بالمعنى، فالدعوة بالفقه في الدين موافقة لرواية البخاري وأحمد ورواية «وعلمه التأويل» في معناها «اللهم علمه الكتاب» .
أما شيخنا في نقاشي له بتاريخ (29) ربيع الآخر (1444)، موافق (23/ 11/ 2022 م): فكأنه اختار التنوع في روايات الصحيحين، وقال: نبه على رواية ابن خثيم، وأنه لا يتحمل.
• المفتاح الثاني:
سلامة المعتقد، وملازمة تلقي الكتاب وصحيح السنة عن الراسخين في العلم
(1)
، سواء كانوا بحورا في العلم أو متخصصين في علم
(2)
، أو متقنين
(1)
فقد تلقى رسولنا من جبريل، وكان يدارسه القرآن، صلوات ربي وسلامه عليهما وسلم.
(2)
كنبي الله مع موسى عليهما السلام.
لمسائل أو مسألة، فالحكمة ضالة المؤمن، ولا ينبل الطالب حتى يأخذ عمن فوقه ومثله وأصغر منه أو دونه
(1)
.
وذلك كله مصحوب بالصبر والتصبر وحسن الظن في الله، قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24].
• المفتاح الثالث:
تقييد العلم وحفظه ونشره قال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة وفد عبد القيس: «احْفَظُوهُنَّ، وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ»
(2)
.
وقال عمرو بن أَخْطَبَ س: «فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا»
(3)
.
وكانت الكتابة سببًا في كثرة علم عبد الله بن عمرو بن العاص، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ»
(4)
.
(1)
فرواية الأكابر عن الأصاغر معلومة وقصة الجساسة في الباب مشهورة، وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة:«صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ» .
(2)
أخرجه البخاري (53)، ومسلم (17) من حديث ابن عباس.
(3)
أخرجه مسلم (2892).
(4)
أخرجه البخاري (113).
قال الإمام الشافعي: «اعْلَمُوا- رَحِمَكُمُ اللَّهُ- أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ يَنِدُّ كَمَا تَنِدُّ الْإِبِلُ، فَاجْعَلُوا الْكُتُبَ لَهُ حُمَاةً وَالْأَقْلَامَ عَلَيْهِ رُعَاةً»
(1)
.
• المفتاح الرابع:
إتقان السُّلمة الأولى في علوم الآلة على أهلها الربانيين، وهي:
1 -
اللغة ك «الآجرومية» و «قطر النَّدَى وبَلّ الصَّدَى» و «المصباح المنير» للفيومي
…
إلخ.
2 -
الأصول، ك «الورقات» ثم «اللُّمَع» للشيرازي. وهكذا كل مذهب.
3 -
المصطلح، ك «نُخْبَة الفِكَر» ثم «مصطلحات الحديث والمُحدِّثين» . وانظر مزيدًا في «كيف تكون محققًا على نهج كبار المحققين» للمؤلف.
ثم ابدأْ في تطبيق ما درستَه نظريًّا من قواعد على ما تُحصِّله وتَنطق به، وتُعَلِّم وتدعو به على بصيرة.
فما تَعارَض عندك ولم تجد له جوابًا، فسَلْ عنه أهل الذِّكر والعلم والتخصص، فقد تجد أمرًا، والأمر يقتضي الوجوب، لكن تجد الجمهور يَحملونه على الندب، والعكس في النهي، يَحملونه على الكراهة.
وأسأل الله باسمه الفتاح، أن يَفتح لنا ولكم، وعلينا وعليكم في الخيرات.
(1)
«تقييد العلم» (ص: 114 (.
• المفتاح الخامس:
إتقان القواعد الكلية الكبرى الخمسة
(1)
بأدلتها وتطبيقاتها، وما يتفرع عليها من قواعد، وهن:
- «الأمور بمقاصدها» .
- «العادة مُحَكَّمة ما لم تُخالِف نصًّا» .
• المفتاح السادس:
البحث الدائم في الكتاب والسُّنة والاجتهاد في تمييز الصحيح من الضعيف وفي الاستنباط ووجه الدلالة من الأدلة ومناقشة أهل العلم في ذلك مع الربط بالواقع ثم النَشْر في الآفاق
…
إلخ.
• المفتاح الثامن:
اجتهد في فكّ الإشكالات التي ترد عليك في مذاكراتك أو بحثك أو دعوتك أو سؤال الآخرين لك فإن عجزت فسل أهل العلم ولا يَمنعك الحياء
(2)
فَعَنْ
(1)
وقد سبقت بفضل الله ومنه وكرمه في (سلسلة الفوائد)(6/ 308).
(2)
عن مجاهد قال: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدِينَةِ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَقَالَ:«إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، مَثَلُهَا كَمَثَلِ المُسْلِمِ» فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هِيَ النَّخْلَةُ»
والجمار: قلب النّخل واحدته جمارة. «المعجم الوسيط» (1/ 134).
عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ، فَقَالَ: «تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا
(1)
، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً
(2)
فَتَطَهَّرُ بِهَا».
فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بِهَا» فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ.
وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ:«تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ- أَوْ: تُبْلِغُ الطُّهُورَ- ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ» .
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ
(3)
.
(1)
هِيَ عِظَامُه وطرائِقُه ومَواصِلُ قَبَائِلِهِ، وَهِيَ أربعةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. انظر:«النهاية في غريب الحديث» (2/ 437).
(2)
في قوله: «فِرْصَةً مُمَسَّكَةً» قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه من الْمسك وَالْمعْنَى تطيبي بهَا.
وَالثَّانِي: أَنه من الْإِمْسَاك بِالْيَدِ، يُقَال: أَمْسَكت ومسكت، وَالْمرَاد: أَنْ تمسكها بِيَدِهَا فتستعملها. «غريب الحديث» (2/ 358) لابن الجوزي.
(3)
أخرجه البخاري، رقم (130) مُعَلَّقًا، ووَصَله مسلم (332).
كل ما سبق مصحوب بتزكية النفس من صدق النية والعمل بالعلم و قيام الليل والاستغفار والصحبة الصالحة.
مدارسة جبريل النبي القرآن ومراتب الإسلام
قد تُطْرَح المسألة للتعليم، كسؤال جبريل عليه السلام، فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ
(1)
، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ
(2)
، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ،
(1)
فضيلة الثوب الأبيض لطالب العلم، فجبريل عليه السلام جاء في صورة سائل، وفي الباب عموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» أخرجه أبو داود، رقم (3878)، وفي سنده عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم، يُحَسَّن إسناده، ما لم يُستنكَر عليه، وله شواهد يصح بها سبقت في «سلسلة الفوائد» (3/ 27) للمؤلف حَفِظه الله.
(2)
مجيء الملائكة في صورة بشر:
1 -
مجيئهم إلى نبي الله إبراهيم ولوط عليهما السلام، قال تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ 69 فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 69، 70].
2 -
مجيء مَلَك الموت لنبي الله موسى عليه السلام، على الخلاف في الرفع والوقف في الخبر.
3 -
مع مريم عليها السلام، قال تعالى:{فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17]
وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ
(1)
.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ. قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ
(2)
. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ. قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» . قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»
(3)
. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا
(4)
، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ
(5)
».
قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي:«يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ»
(6)
.
(1)
مناقشة الرسول المَلَكي مع الرسول البشري في أصول مسائل العقيدة بأسلوب سهل حتى يَتعلم مَنْ لا يَعلم.
(2)
الشاهد من استدلال ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
وزاد في حديث أبي هريرة المتفق عليه: «فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ» . ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ
…
} لقمان: الآية: 34].
(4)
سيدتها.
(5)
أي: يَتنافسون في رفع البناء، ويتفاخرون ويَتبارَون.
(6)
أخرجه مسلم، رقم (8).
وقد تُطْرَح الأسئلة للاختبار، كحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا، فَقَالَ:«مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ، كَالرَّجُلِ المُؤْمِنِ» فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمْ، قَالَ:«هِيَ النَّخْلَةُ» .
ولعل القرينة وهي الجُمَّار سبب في إجابة ابن عمر رضي الله عنه
(1)
.
ومنه حديث أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:«وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ»
(2)
.
(1)
ونحو هذه القرينة، ما جاء في حديث أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:«إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ المُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، إِلَّا خُلَّةَ الإِسْلَامِ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ» أخرجه البخاري (3904)، ومسلم (2382)، وفي «شرح النووي على مسلم» (15/ 151):
الخَوْخَةُ بفتح الخاء، وهي الباب الصغير بين البيتين أو الدارين ونحوه.
(2)
أخرجه مسلم (810).
• تنبيه: ينبغي أن يُكتب بحث حول أسئلة الكتاب العزيز، مع استنباط العقائد والفقه منها.
تحصيل العلم وبذله
قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (630): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَتَى رَجُلَانِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدَانِ السَّفَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا»
تابع محمدَ بنَ يوسفَ وكيعٌ، أخرجه الترمذي (205)، والنسائي (781)، وابن خزيمة (396).
ورواه جمع: يزيد بن زريع، وابن علية، وعبد الوهاب الثقفي، وشعبة، عن خالد دون ذكر السفر.
ورواه أيوب السختياني، عن أبي قلابة، دون تسمية السفر، أخرجه البخاري (685)، ومسلم (674).
• الخلاصة: توقف شيخنا فيه مع الباحث، حسن السويسي، بتاريخ (4) ذي الحجة (1443)، موافق (3/ 7/ 2022 م) والظاهر لي: أن لفظ السفر مفهوم من السياق، وهي زيادة ثقة.
الأمانة في العلم
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (25598): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِالْحَدِيثِ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»
(1)
.
وعن ابن أبي شيبة، أخرجه أبو داود (4868).
وتابع يحيى بنَ آدمَ ابنُ المباركِ، أخرجه الترمذي (1959)، وتابعهما ابنُ وهب والقَعْنَبِيُّ وآخرون.
وتابع ابنَ أبي ذئبٍ سليمانُ بن بلالٍ، أخرجه أحمد (14792، 15242)،
(1)
قال الحسين بن محمود المُظْهِرِيّ في «المفاتيح شرح المصابيح» (5/ 247):
الضمير في (هي) ضمير الحكاية؛ لأن الحديث بمعنى الحكاية، يعني: إذا حَدَّث أحدٌ عندك حديثًا، ثم غاب، صار حديثه أمانة عندك، لا يَجُوز إضاعتها، أي: لا يَجوز إفشاء تلك الحكاية.
وفي «شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» (5/ 324): ففي هاتين الكلمتين من الحمل على آداب العِشْرَةِ وآدابِ الصحبةِ، وكَتْم السر، وحِفظ الود، وحِفظ العهد، وإصلاح ذات البين، والتحذير من النميمة بين الإخوان، المُوقِعة للشَّنَآن، ما لا يكاد يَخفى على مبادئ الأذهان.
والطحاوي (3388).
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث سيد بن بدوي، بتاريخ (19) صفر (1444 هـ)، الموافق (15/ 9/ 2022 م): في السند عبد الملك بن عطاء، تَكلَّم فيه بعض أهل العلم
(1)
.
هل انتُقد؟ تُراجَع ترجمة عبد الملك بن عطاء من: الكامل
(2)
- ضعفاء العُقَيْلي- الذهبي
(3)
. وعبد الملك نحتاج إلى مُوثِّق قوي إضافة إلى ما ذُكِرَ.
(1)
وعبد الرحمن بن عطاء، قال فيه البخاري: فيه نظر، عنده مناكير.
وقال أبو حاتم: شيخ، يُحَوَّل من كتاب الضعفاء. أي: للبخاري.
وقال ابن عبد البر: ليس بذاك، وتَرَك مالك الرواية عنه، وهو جاره.
ووَثَّقه النَّسَائي وابن سعد.
وقال أحمد: ما أرى بحديثه بأسًا.
وقال ابن حجر: صدوق فيه لِين.
(2)
(الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي.
(3)
أي: (ميزان الاعتدال) للذهبي.
بَذْل العلم لأهله
قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9]
(1)
قال البخاري في «صحيحه» رقم (127): حَدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ.
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (26144): حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا تَنْشُرْ سِلْعَتَكَ إلاَّ عِنْدَ مَنْ يُرِيدُهَا
(2)
.
(1)
قال ابن كثير في «تفسيره» (4/ 607): أي ذكّر حيث تنفع التذكرة، ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه عند غير أهله.
(2)
رجاله ثقات، إلا أنه يحتمل أنه منقطع بين ابن مُغفَّل- وهو عبد الرحمن- وابن مسعود رضي الله عنه، فلم أقف على مَنْ نص على سماعه منه، أو في روايته عنه، إلا هذا.
وتكلموا في سماعه من أبيه؛ لصغره، وذَكَروا أنه يَروِي عن ابن عباس، وعلي رضي الله عنهما.
ووثقه أبو زُرْعَة، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
التجمل لمجالس العلم واستقبال الوفود
قال الإمام مسلم رقم (2068): وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَى عُمَرُ عُطَارِدًا التَّمِيمِيَّ يُقِيمُ بِالسُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ، وَكَانَ رَجُلًا يَغْشَى الْمُلُوكَ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَأَيْتُ عُطَارِدًا يُقِيمُ فِي السُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ، فَلَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا لِوُفُودِ الْعَرَبِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ -وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ-. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» .
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحُلَلٍ سِيَرَاءَ، فَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ، وَبَعَثَ إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ بِحُلَّةٍ، وَأَعْطَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حُلَّةً، وَقَالَ:«شَقِّقْهَا خُمُرًا بَيْنَ نِسَائِكَ» .
قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ بِحُلَّتِهِ يَحْمِلُهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَعَثْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، وَقَدْ قُلْتَ بِالْأَمْسِ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ. فَقَالَ:«إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنِّي بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا» .
وَأَمَّا أُسَامَةُ فَرَاحَ فِي حُلَّتِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرًا، عَرَفَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَنْكَرَ مَا صَنَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَنْظُرُ إِلَيَّ، فَأَنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِهَا؟ فَقَالَ:«إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنِّي بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُرًا بَيْنَ نِسَائِكَ» .
• خالف جريرًا جماعةٌ فلم يُفَصِّلوا الحُلَل الثلاثة:
1 -
الإمام مالك، أخرجه البخاري (2068)، ومسلم (2612).
2 -
عُبَيْد الله بن عمر، أخرجه أحمد (4713)، وابن ماجه (3591).
3 -
سالم في الأكثر والأشهر عنه
(1)
، أخرجه البخاري (948)، ومسلم (2068).
4 -
عبد الله بن دينار، أخرجه البخاري (2619).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي الحسن إبراهيم فراج المنصوري، بتاريخ (7) صفر (1444 هـ) الموافق (3/ 9/ 2022 م) إلى أن رواية جرير بالتفصيل مرجوحة.
(1)
وإلا ففي وجهٍ اقتصر على حُلتي عمر وأسامة، رضي الله عنهما.
رِفق المُعلِّم بالمتعلم
قال تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79].
ومن الحكمة وخبرة المعلم: أن يَبدأ مع طلابه المتدربين في البحث الحديثي، بالأحاديث قليلة الاختلاف والطرق؛ حتى ينمو الباحث، ويصل إلى السابقين في مجاله، وكذلك تحرير المسائل الفقهية.
ونَصَح شيخنا-حَفِظه الله- متدربًا لما عَرَض عليه حديث: «إذا جاءكم مَنْ تَرْضَوْنَ دينه وخُلقه
…
» أن لا يَبدأ بالأحاديث الطويلة؛ لأنها قد تكون سببًا في صد الطالب الجديد عن حب هذا العلم، وعدم إتقانه.
ونحو الحديث السابق حديث: «شَيَّبَتْنِي هود وأخواتها» .
تعليم الوافدين الكتاب وصحيح السنة وإكرامهم
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (15559): حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ بِنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ أَوْسَعُوا لَنَا، فَقَعَدْنَا فَرَحَّبَ بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ:«مَنْ سَيِّدُكُمْ وَزَعِيمُكُمْ؟» فَأَشَرْنَا بِأَجْمَعِنَا إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ عَائِذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَهَذَا الْأَشَجُّ» وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ؛ بِضَرْبَةٍ لِوَجْهِهِ بِحَافِرِ حِمَارٍ، قُلْنَا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَتَخَلَّفَ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَعَقَلَ رَوَاحِلَهُمْ، وَضَمَّ مَتَاعَهُمْ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَيْبَتَهُ فَأَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ بَسَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَهُ، وَاتَّكَأَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْأَشَجُّ أَوْسَعَ الْقَوْمُ لَهُ، وَقَالُوا: هَاهُنَا يَا أَشَجُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَوَى قَاعِدًا، وَقَبَضَ رِجْلَهُ:«هَاهُنَا يَا أَشَجُّ» ، فَقَعَدَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَلْطَفَهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ بِلَادِهِ وَسَمَّى لَهُ قَرْيَةً قَرْيَةً الصَّفَا، وَالْمُشَقَّرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ قُرَى هَجَرَ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَعْلَمُ بِأَسْمَاءِ قُرَانَا مِنَّا، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ وَطِئْتُ بِلَادَكُمْ، وَفُسِحَ لِي فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْأَنْصَارِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَكْرِمُوا إِخْوَانَكُمْ، فَإِنَّهُمْ أَشْبَاهُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِكُمْ أَشْعَارًا، وَأَبْشَارًا أَسْلَمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، وَلَا مَوْتُورِينَ إِذْ أَبَى قَوْمٌ أَنْ يُسْلِمُوا حَتَّى قُتِلُوا» قَالَ: فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحُوا
قَالَ: «كَيْفَ رَأَيْتُمْ كَرَامَةَ إِخْوَانِكُمْ لَكُمْ، وَضِيَافَتَهُمْ إِيَّاكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرَ إِخْوَانٍ أَلَانُوا فِرَاشَنَا، وَأَطَابُوا مَطْعَمَنَا، وَبَاتُوا، وَأَصْبَحُوا يُعَلِّمُونَا كِتَابَ رَبِّنَا تبارك وتعالى، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، فَأَعْجَبَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفَرِحَ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَجُلًا رَجُلًا يَعْرِضُنَا عَلَى مَا تَعَلَّمْنَا وَعَلِمْنَا، فَمِنَّا مَنْ عَلِمَ التَّحِيَّاتِ وَأُمَّ الْكِتَابِ، وَالسُّورَةَ وَالسُّورَتَيْنِ وَالسُّنَنَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ:«هَلْ مَعَكُمْ مِنْ أَزْوَادِكُمْ شَيْءٌ؟» فَفَرِحَ الْقَوْمُ بِذَلِكَ وَابْتَدَرُوا رِحَالَهُمْ، فَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَهُ صَبُرَةٌ مِنْ تَمْرٍ فَوَضَعُوهَا عَلَى نِطْعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَوْمَأَ بِجَرِيدَةٍ فِي يَدِهِ كَانَ يَخْتَصِرُ بِهَا فَوْقَ الذِّرَاعِ، وَدُونَ الذِّرَاعَيْنِ، فَقَالَ:«أَتُسَمُّونَ هَذَا التَّعْضُوضَ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صَبُرَة أُخْرَى، فَقَالَ:«أَتُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَفَانَ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صَبُرَة، فَقَالَ:«أَتُسَمُّونَ هَذَا الْبَرْنِيَّ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ تَمْرِكُمْ، وَأَنْفَعُهُ لَكُمْ» قَالَ: فَرَجَعْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ فَأَكْثَرْنَا الْغَرْزَ مِنْهُ، وَعَظُمَتْ رَغْبَتُنَا فِيهِ حَتَّى صَارَ عُظْمَ نَخْلِنَا وَتَمْرِنَا الْبَرْنِيُّ، فَقَالَ: الْأَشَجُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ ثَقِيلَةٌ وَخِمَةٌ، وَإِنَّا إِذَا لَمْ نَشْرَبْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ هِيجَتْ أَلْوَانُنَا، وَعَظُمَتْ بُطُونُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَلْيَشْرَبْ أَحَدُكُمْ فِي سِقَاءٍ يُلَاثُ عَلَى فِيهِ» ، فَقَالَ لَهُ الْأَشَجُّ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَخِّصْ لَنَا فِي مِثْلِ هَذِهِ، وَأَوْمَأَ بِكَفَّيْهِ، فَقَالَ:«يَا أَشَجُّ، إِنِّي إِنْ رَخَّصْتُ لَكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ - وَقَالَ بِكَفَّيْهِ هَكَذَا - شَرِبْتَهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ، - وَفَرَّجَ يَدَيْهِ وَبَسَطَهَا، يَعْنِي أَعْظَمَ مِنْهَا - حَتَّى إِذَا ثَمِلَ أَحَدُكُمْ مِنْ شَرَابِهِ، قَامَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ فَهَزَرَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ» ، وَكَانَ فِي الْوَفْدِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَضَلٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ، قَدْ هُزِرَتْ سَاقُهُ فِي شَرَابٍ لَهُمْ فِي بَيْتٍ تَمَثَّلَهُ مِنَ الشِّعْرِ فِي امْرَأَةٍ مِنْهُمْ، فَقَامَ بَعْضُ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ فَهَزَرَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ الْحَارِثُ: لَمَّا سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
جَعَلْتُ أَسْدُلُ ثَوْبِي، فَأُغَطِّي الضَّرْبَةَ بِسَاقِي، وَقَدْ أَبْدَاهَا اللَّهُ تبارك وتعالى.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي العباس أحمد الفيومي بتاريخ (28) من ذي القعدة (1443)، موافق (28/ 6/ 2022 م) إلى ضعفه.
حكم من جلس وسط الحلقة
(1)
قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (23263): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ فِي الَّذِي يَقْعُدُ فِي وَسْطِ الْحَلْقَةِ قَالَ: مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
تابع شعبةَ همامٌ -هو ابن يحيى-
(2)
، أخرجه الطيالسي (347)، وسعيدُ بن أبي عروبة، أخرجه البزار (2975)
(3)
وأبانٌ -هو ابن يزيدٍ العطارُ-، أخرجه البيهقي (5907).
وقال شعبة كما عند أحمد عقب الخبر في «مسنده» (38/ 394): لَمْ يُدْرِكْ أَبُو مِجْلَزٍ حُذَيْفَةَ ا هـ. وكذا قال ابن معين.
وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (3/ 332): يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَ مِنْهُ نِفَاقًا، وَأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ؛ قَصْدًا إِلَى تَرْكِ الْحِشْمَةِ، وَقِلَّةِ الْمُبَالِاةِ بِأَهْلِ الْحَلْقَةِ.
(1)
ترجم له البيهقي ب: «بَابُ كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ فِي وَسَطِ الْحَلْقَةِ؛ لِمَا فِيهِ -وَاللهُ أَعْلَمُ- مِنْ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ، مَعَ سُوءِ الْأَدَبِ، وَتَرْكِ الْحِشْمَةِ» .
(2)
وعطف همام على شعبة كما في «جزء ألف دينار» (119).
(3)
وقال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ يُرْوَى إِلَّا عَنْ حُذَيْفَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، عبد التواب بن فواز السويسي
(1)
، بتاريخ (16) من ذي القعدة (1443)، الموافق (16/ 6/ 2022 م)، إلى أن علته الانقطاع.
(1)
ولد بتاريخ 25/ 6/ 1978 م بقرية زعبرة، التابعة لمركز دير مواس بمنيا الصعيد، ويعرض أحاديث للتدرب.
من جلس حيث ينتهي به المجلس
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (66): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(1)
، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
(2)
، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» .
وتابع إسماعيلَ قتيبةُ، أخرجه مسلم (2176).
(1)
هو ابن أبي أويس، احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ، إِلَّا أَنَّهُمَا لم يكثرا من تَخْرِيج حَدِيثه، وَلَا أخرج لَهُ البُخَارِيّ مِمَّا تفرد بِهِ سوى حديثين، وَأما مُسلم، فَأخْرج لَهُ أقل مِمَّا أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وروى لَهُ الْبَاقُونَ سوى النَّسَائِيّ
…
«فتح الباري» (1/ 391) لابن حجر.
(2)
أمه أم سليم، وهو الغلام الذي دعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة قبل أن يولد، وسماه بعد مولده بعبد الله. انظر «صحيح مسلم» ، رقم (2144).
• ومن فوائد الخبر في قراءتي عليه، أي على شيخنا، في ليلة (30) صفر (1444)، موافق (25/ 9/ 2022 م)، ما يلي من الفوائد:
1 -
في أصل «الموطأ» (2/ 960) زيادة صحيحة: «فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَا» .
2 -
النفر: اسم جنس، وهو من ثلاثة إلى تسعة، ونحوه قوله تعالى:{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} [النمل: 48] ونحوهما «خمس ذَوْدٍ» في حديث أَبي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ»
(1)
.
وطلب شيخنا من الشيخ مختار سلام كتابًا، في آداب طالب العلم.
(1)
أخرجه البخاري (1405)، ومسلم (979).
المعاصي سبب لنسيان العلم
قال الشافعي كما في «ديوانه» (ص 79) المنسوب إليه:
شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي
…
فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المَعَاصِي
وَأَخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ
…
وَنُورُ اللهِ لَا يُهْدَى لِعَاصِي
• قال شيخنا في شرح البخاري، بتاريخ ليلة (16) رجب (1443 هـ)، الموافق (16/ 2/ 2022 م):
شَكَّك بعضُ أهل العلم في نسبة هذه الأبيات للشافعي، لأن الشافعي لم يَسمع من وكيع، لكن كثيرًا ما يقول الشافعي: أخبرنا وكيع.
كتاب الطهارة
هل النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثا بعد الاستيقاظ خاص بنوم الليل أو عام؟
وردت زيادة عند أبي داود رقم (103) وابن ماجة (393) مقيدة ب «الليل» وهي لا تثبت بالدراسة المقارنة، لكن كإسناد، فإسناد أبي داود صحيح.
قال أبو داود في «سننه» ، رقم (103): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»
خالف ابا معاوية وكيع كما عند أحمد (10091) فقال: «من منامه» .
ورواه جماعة: الأعرج، أخرجه البخاري (162)، وجابر بن عبد الله وعبد الله بن شقيق، كما عند مسلم (278) وأبو مريم، كما عند أبي داود (105) وأبو سلمة، كما عند أحمد (8965) وابن سيرين، كما عند أحمد كذلك (9139) وموسى بن يسار، كما عند أحمد (10497)، عن أبي هريرة دون التقييد بالليل.
وقال ابن ماجه في «سننه» ، رقم (393): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي فِيمَ بَاتَتْ يَدُهُ»
وخالف عبدَ الرحمن الدمشقيَّ أحمدُ بن بكار، فلم يذكر الليل، أخرجه الترمذي (24).
ورواه ابن عيينة عن الزهري دون ذكر الليل، أخرجه النسائي (1).
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن حامد، بتاريخ (25) شوال (1443)، موافق (26/ 5/ 2022 م) إلى أن لفظة الليل لا تثبت، وعلل قائلا: لأن الجمهور علقوا النهي على البيتوتة.
هل العلة من غسل آنية أهل الكتاب النجاسة؟
قال الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 223)، رقم (592): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْمِي بِقَوْسِي، فَمِنْهُ مَا أُدْرِكُ ذَكَاتَهُ، وَمِنْهُ مَا لَمْ أُدْرِكْ ذَكَاتَهُ، مَاذَا يَحِلُّ لِي مِنْهُ؟ وَمَاذَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنْهُ؟ وَأَنَا فِي أَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ فِيهَا الْخَمْرَ، فَآكُلُ فِيهَا وَأَشْرَبُ؟ قَالَ فَصَعَّدَ فِيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَصَرَ وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ:«نُوَيْبَةٌ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نويبة خَيْرٍ أَمْ نويبة شَرٍّ؟ قَالَ:«بَلْ نويبة خَيْرٍ» ثُمَّ قَالَ: «مَا رَدَّ إِلَيْكَ قَوْسُكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ مِنْهُ فَكُلْ، وَإِنْ وَجَدْتَ عَنْ آنِيَةِ الْكُفَّارِ غِنًى، فَلَا تَأْكُلْ فِيهَا، وَإِنْ لَم تَجِدْ غِنًى، فَارْحَضْهَا بِالْمَاءِ رَحْضًا شَدِيدًا، ثُمَّ كُلْ فِيهَا»
وتابع إبراهيمَ بْنَ دُحيمٍ أبو بَكرٍ مُحمدُ بنُ إسماعيل، أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (19745).
• والخلاصة:
أن الشيخ انتهى معي إلى حسن الزيادة، وإن كانت نازلة الإسناد، إلا أنها بيانية متسعة المخرج عما في الصحيحين
(1)
، بتاريخ (5) ربيع الآخر (1444 هـ)، موافق (31/ 10/ 2022 م).
وقال البيهقي في «السنن الكبير» (19/ 610): وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الأَمْرَ بِالغَسْلِ، إِنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ العِلْمِ بِنَجَاسَتِهَا، والله أَعلَم.
• وأفاد شيخنا عند مرجعه من العمرة -بعد ثنائه على إفادات الرحلة- أن ثمة ثلاثة مشاريع محتاجة للإنجاز:
1 -
مراجعة كل كتب العلامة الألباني، وإخراجها أولا بأول؛ لأنه حضر مجالس، كانت غالب مادة المتحدثين فيها من «الترغيب والترهيب» وبه أحاديث ضعيفة كثيرة.
2 -
موسوعة الأسماء الحسنى والصفات العلا، وكيفية التعبد بها، وذلك بالبحث العلمي.
3 -
موسوعة «صحيح آثار الصحابة» رضي الله عنهم.
(1)
وسبب بحث هذه الزيادة أن أخانا في الله ياسر بن محمد بن صفوت -حفظه الله- سألني عنها.
قضاء الحاجة
قال الترمذي في «شمائله» ، رقم (386): حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ مُسْنِدَةً النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِي -أَوْ قَالَتْ: إِلَى حِجْرِي- فَدَعَا بِطَسْتٍ لِيَبُولَ فِيهِ، ثُمَّ بِالَ، فَمَاتَ.
تابع حُمَيْدَ بنَ مَسْعَدَةَ أحمدُ الضَّبِّيُّ، أخرجه ابن خُزيمة (65).
وتابع سُليمَ بْنَ أَخْضَرَ على اللفظ أَزْهَرُ السَّمَّانُ في الأرجح عنه؛ فقد رواه عنه ثلاثة، اثنان بها:
1 -
نَصْرٌ الجَهْضَمِيُّ، أخرجه ابن حِبان (6603).
2 -
عمرُو بنُ علي، أخرجه النَّسَائي (3624).
وخالفهما عبدُ الله بنُ محمد بدونها، أخرجه البخاري (4459).
وخالف سُليمًا وأزهرَ ابنُ عُلَيَّة فلم يَذكرها، أخرجه البخاري (2741)، ومسلم (1639).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، إسماعيل بن حامد، بتاريخ (22) رجب (1443 هـ)، الموافق (23/ 2/ 2022 م)، إلى صحة زيادة:«لِيَبُولَ فِيهِ» ، مع التنبيه على أن البخاري ومسلما تَنَكَّبَا عنها.
دعاء دخول الخلاء
سبق ما أخرجه البخاري، رقم (142): حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ» .
ثم عرضه الباحث، محمد بن سيد الفيومي، بتاريخ (18) ذي القعدة (1443 هـ)، موافق (18/ 6/ 2022 م)، فانتهى شيخنا معه إلى أن جمهور الرواة
(1)
عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس، وفيه لفظ:«اللهم» ، أخرجه البخاري (142)، ومسلم (375).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (18) ذي القعدة (1443 هـ)، موافق (18/ 6/ 2022 م) إلى صحة لفظ: «اللهم
…
» وشذوذ لفظ: «فليقل» بالأمر.
(1)
وهم شعبة بن الحجاج، والجمهور عنه بلفظ:«اللهم» ، وكذا الجمهور عن حماد بن زيد، وكذا الجمهور عن هشيم بن بشير، وتابعهم كذلك سعيدُ بن زيد، إلا أنه قال:«كان إذا أراد أن يدخل» ، أخرجه البخاري معلقا، ووصله في «الأدب المفرد» (692).
ورواه إسحاق بن إبراهيم، عن ابن علية كاللفظ السابق، خلافا للجمهور، أخرجه النسائي في «الكبرى» (9819).
ورواه وهيب بلفظ: «فليتعوذ» علقه أبو داود، رقم (4).
صحة الاستنجاء بالماء من فِعْله صلى الله عليه وسلم
-
1 -
ثبت الاستنجاء من فعله صلى الله عليه وسلم، أخرجه البخاري (217) ومسلم (271) من طريق روح بن القاسم، ومسلم كذلك من طريق خالد الحذاء، رقم (270)، كلاهما عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس رضي الله عنه ..... ولفظ روح:«أتيته بماء فيغسل به» . ولفظ: خالد: فخرج علينا وقد استنجى بالماء.
وتابعهما شعبة وعنه جماعة منهم:
1 -
محمد بن جعفر في البخاري (152)، ومسلم (271)، بلفظ: «
…
يستنجي بالماء».
2 -
سليمان بن حرب مختصرا، أخرجه البخاري (151)،
3 -
هشام بن عبد الملك، أخرجه البخاري (150). وفيه:« .... يعني يستنجي به» ، انتقد الإسماعيلي هذه الجملة قائلا: إنها من قول أبي الوليد. ورد عليه الحافظ بأن غندر أثبتها عن شعبة، وتابع متابعة قاصرة روح وخالد الحذاء كما سبق.
وقال الإمام أحمد في «مسائل حرب» (115): لم يصح في الاستنجاء بالماء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث.
وهو محجوج بما سبق.
وانتهى شيخنا مع الباحث: أبي البخاري بتاريخ (9) ربيع الآخر (1444)، موافق (3/ 11/ 2022 م): إلى أنه صحيح متفق عليه.
وانتهى كذلك في ترجمة عطاء بن أبي ميمونة إلى أن الجمهور على توثيقه وسماعه من أنس صحيح. قاله البخاري في «التاريخ» ومسلم في «الكنى» وأبو حاتم في «الجرح والتعديل» .
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (1644): حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ -أَوْ قَالَتْ: رِجَالَكُنَّ- أَنْ يَغْسِلُوا عَنْهُمْ أَثَرَ الْحَشّ، فَإِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ نَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ.
وتابع يزيدَ في الصحيح عنه على الوقف أبو قلابة في الصحيح إليه، وعاصمُ الأحول، والحسن. انظر:«التاريخ الكبير» (4/ 300) و «علل الداقطني» .
وخالف يزيدَ الرشك قتادةُ فرفعه، وفي سماع قتادة من معاذة نظر.
وتابع قتادةَ إسحاقُ بن سويد العدويُّ، والسند إليه فيه حوثرة بن أشرس وإبراهيم بن مرثد، لم يوثقهما إلا ابن حبان، وشيخ الطبراني لا يعرف.
وتابعهما عائشةُ بنت عرار، واختلف عليها رفعا ووقفا، والصواب عنها الوقف، وهي لا تعرف.
وتابع معاذةَ على الوقف ابنُ سيرين، ولم يسمع من عائشة، قاله ابن معين وأبو حاتم، أخرجه ابن أبي شيبة (1619).
• وتابع معاذةَ على الرفع اثنان:
1 -
شداد أبو عمار، أخرجه أحمد (25262) ولم يسمع من عائشة قاله البيهقي.
2 -
أبو سلمة، ذكره الدارقطني في «علله» (3777).
• أقوال العلماء:
رجح الوقف الإمام أحمد في «مسائل حرب» ، رقم (115).
ورجح الرفع من طريق قتادة أبو زرعة كما في «العلل» لابن أبي حاتم (91)، لكن يعكر على هذا الترجيح ما سبق من الاختلاف في رواية قتادة من معاذة، فغالب الأسانيد بالعنعنة، إلا إسناد عفان بالتحديث قال حدثتني معاذة.
وقال القطان: قتادة عن معاذة لم يصح.
وقال أحمد: لم يسمع.
وهذا يطعن في رواية التصريح التي في السند.
• تنبيه:
هناك حديثان، أحدهما في البخاري (321)، والآخر في مسلم، في تصريح قتادة عن معاذة، لكن الجماعة، عن قتادة بالعنعنة.
وقد حكى الدارقطني الخلاف عن معاذة، ثم قال: رفعه صحيح.
ونقل الإجماع على صحة الاستنجاء بالماء بعد الخلاف الذي وقع فيه بين الصحابة ابن عبد البر كما في «الاستذكار» (2/ 56)
وابن القطان الفاسي (1/ 81) قال: العلماء اليوم مجموعون على أن الاستنجاء بالماء أفضل.
ونقل الترمذي العمل عليه عند أهل العلم.
قال الإمام مالك في «موطئه» (1/ 20): عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ لِمَا تَحْتَ إِزَارِهِ» .
وتابع يحيى محمدُ بن طلحاء، وعبد المجيد بن سهيل.
وخالفهم الضحاك بن عثمان، فقال عن عثمان، عن أخيه معاذ بن عبد الرحمن، عن عمر.
ورواية الجماعة هي الصواب، والراوي عن الضحاك بن عثمان محمد بن فليح متكلم فيه، وثقه الدارقطني، وضعفه ابن معين، وسئل أحمد عنه، فقال: ما به بأس، ليس بذاك القوى.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي البخاري، بتاريخ (13) جمادى الأولى (1444)، موافق (7/ 12/ 2022 م): إلى صحة إسناده، وأن والد عثمان -وهو عبد الرحمن التيمي- صحابي رضي الله عنه.
وسبق أثر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في إنكاره الاستنجاء بالماء، وأنه يحسن بطريقه.
ثم عرضه الباحث: أبو البخاري بتاريخ (29) ربيع الآخر (1444)، موافق (23/ 11/ 2022 م) فقال: أبو نعيم عن أبي عاصم عن عامر لم يبين أبو عاصم
ولا عامر.
وجواب هذا الإشكال: أن أبا عاصم -وهو محمد بن أبي أيوب- قال فيه البخاري: سمع الشعبي.
وقال مسلم في «الكنى» عن الشعبي: روى عنه ابن عيينة وأبو نعيم. وبنحوه قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» .
فكتب شيخنا مع الباحث: يحرر سماع الشعبي من سعد بن أبي وقاص.
وفي ترجمة الشعبي بسند صحيح في «التاريخ الأوسط» وغيره أنه سمع خمسمائة من الصحابة رضي الله عنهم. والشعبي كوفي، وسعد كان أميرًا في الكوفة، والطبقة محتملة للسماع.
وأشار أخونا الباحث: حسان بن عبد الرحيم أن رواية عامر الشعبي عن أم سلمة مرسلة، وهي قد توفيت بعد سعد رضي الله عنه، ورواية الشعبي عن صغار الصحابة رضي الله عنهم.
تطهير الأرض للثوب
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (27453): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، أَنَّهَا قَالَتْ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أَمُرُّ فِي طَرِيقٍ لَيْسَ بِطَيِّبٍ فَقَالَ: «أَلَيْسَ مَا بَعْدَهُ أَطْيَبُ مِنْهُ؟» ، قَالَتْ: بَلَى، قَالَ:«إِنَّ هَذِهِ تَذْهَبُ بِذَلِكَ»
تابع إسرائيلَ زُهَيْرُ، كما عند أحمد (27452)، وأبي داوود (384)، وشريكٌ، كما عند ابن ماجه (533).
وعبد الله بن عيسى: وثقه أبو داوود والنسائي والحاكم.
وقال أبو حاتم: صالح.
وقال ابن المديني: منكر الحديث.
وموسى بن عبد الله: وثقه ابن معين وأحمد والدارقطني وغيرهم.
وهذا السند رجاله ثقات، وكتب شيخنا مع الباحث، إسماعيل بن حامد، بتاريخ (21) من ذي القعدة (1443)، موافق (21/ 6/ 2022 م): هل موسى يروي عن الصحابة؟ ا هـ.
قال ابن حجر في «تعجيل المنفعة» : موسى بن عبد الله عن جرير بن عبد الله البجلي.
• وله شواهد، منها:
1 -
ما أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (26488)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَتْ: كُنْتُ أَجُرُّ ذَيْلِي، فَأَمُرُّ بِالْمَكَانِ الْقَذِرِ، وَالْمَكَانِ الطَّيِّبِ، فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» .
وتابع عبدَ الله بن إدريس جماعَةٌ: عبدُ الله بنُ مسلمة، كما عند أبي داود (383)، وقتيبةُ بنُ سعيد، أخرجه الترمذي (143)، وهشامُ بن عمار، أخرجه ابن ماجه (531).
وأم الولد التي لعبد الرحمن بن عوف مقبولة قاله ابن حجر.
2 -
قال ابن ماجه في «سننه» ، رقم (532): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْيَشْكُرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَنَطَأُ الطَّرِيقَ النَّجِسَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا» .
وابن أبي حبية: ضعيف.
وإبراهيم اليشكري: مجهول الحال، قاله ابن حجر.
• والخلاصة: أن الخبر يحسن لشواهده، في حين طلب شيخنا مراجعة رواية موسى بن عبد الله عن الصحابة كما سبق.
قرض أثر الدم المتبقي بالثوب
(1)
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (2073): نا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا فَغَسَلَهُ، فَبَقِيَ أَثَرُهُ أَسْوَدَ، وَدَعَا بِمِقَصٍّ فَقَصَّهُ فَقَرَضَهُ»
وتابع عُبَيْدَ اللهِ أَيوبُ، أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (2/ 148)، رقم (709) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ به.
• والخلاصة: أن إسناده صحيح، وانتهى شيخنا (19) ربيع أول (1444 هـ)، موافق (14/ 10/ 2022 م) معي إلى ذلك، وطلب قوة ابن نمير في عبيد الله
(2)
.
وقال ابن المنذر: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ
(3)
أَقُولُ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَّامِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَإِذَا غَسَلَ مَنْ فِي ثَوْبِهِ دَمٌ الدَّمَ مِنْ ثَوْبِهِ، فَقَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمَّا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَثَرَهُ قَدْ يَذْهَبُ بِالْغُسْلِ وَقَدْ لَا يَذْهَبُ، وَلَمْ يُفَرَّقِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ ذَلِكَ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي فِيهِ دَمُ الْمَحِيضِ
(1)
من مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
وابن نمير هو عبد الله، وروايته عن عبيد الله في الكتب الستة.
(3)
أي القول بالغسل دون قرض الثوب، وهو القول الثاني.
يُطَهَّرُ بِالْغُسْلِ، عَلَى ظَاهَرِ أَمْرِهِ.
سبب تشدد أبي موسى
رضي الله عنه في أمر البول وحجة حذيفة رضي الله عنه
في إنكاره تشدد أبي موسى رضي الله عنه ومستند كل منهما
أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (273) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ
(1)
، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى، يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ، وَيَبُولُ فِي قَارُورَةٍ وَيَقُولُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ جِلْدَ أَحَدِهِمْ بَوْلٌ قَرَضَهُ بِالْمَقَارِيضِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَوَدِدْتُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا يُشَدِّدُ هَذَا التَّشْدِيدَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةً خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ، فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَيَّ فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ.
وتابع يحيى بن يحيى الإمام أحمد كما في (مسنده)(23248) لكن فيه (إذ
(1)
وأشهر من تابع منصورا دون قصة أبي موسى الأعمش أخرجه البخاري (224) ومسلم (73) قال وكيع: هذا أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح.
وهذا الحديث قد روي عن حذيفة من غير وجه عن أبي وائل عنه وقد قال بعض أصحاب أبي وائل عن المغيرة بن شعبة.
وقال الترمذي: حديث أبي وائل عن حذيفة أصح.
أصاب أحدهم البول).
وتابعهم على القدر المرفوع عثمان بن أبي شيبة كما عند البخاري (225)، وهشام بن زياد أخرجه ابن خزيمة (52).
• وتابع جرير بن عبد الحميد شعبة بن الحجاج وعنه أربعة:
1 -
محمد بن جعفر بلفظ: (إذا أصاب أحدهم) أخرجه أحمد (23422) والنسائي (27) مقتصرًا على المرفوع.
2 -
محمد بن عرعرة أخرجه البخاري (226) بلفظ: (ثوب أحدهم).
3 -
سليمان بن حرب أخرجه البخاري (2471) بالقدر المرفوع.
4 -
ونحوه أبو داود الطيالسي في (مسنده)(407).
ومما سبق يتبين أن روايتي الإمام أحمد ومحمد بن جعفر على لفظ: (إذا أصاب أحدهم البول) وهي الأقوى وأما قرض الثوب أو الجلد فلعلها من الرواية بالمعني وهما مبينان للرواية السابقة وإلى هذا انتهى شيخنا معي بتاريخ 23 جمادى الأولى 1444 موافق 17/ 12/ 2022 م وأن فعل أبي موسى رضي الله عنه من مفاريده.
كتاب الغسل
استحباب غسل الكافر إذا أسلم
قالت به الشافعية والأحناف
(1)
والمالكية في المشهور
(2)
؛ لحديث أَبي هريرة رضي الله عنه قال: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ
…
» وفيه: «
…
فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ
(1)
قال السرخسي في «المبسوط» (1/ 90): فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ (أي: الكافر إذا أسلم) أَنْ يَغْتَسِلَ بِهِ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ جَاءَهُ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ» (وسبق ضعف لفظ الأمر)، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا فَإِنْ أَجْنَبَ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى أَسْلَمَ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ صِفَةِ الْجَنَابَةِ بَعْدَ إسْلَامِهِ كَبَقَاءِ صِفَةِ الْحَدَثِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(2)
في «مواهب الجليل في شرح مختصر خليل» (1/ 311): (وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذُكِرَ) يَعْنِي: أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَةِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، إذَا تَقَدَّمَ لَهُ سَبَبٌ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْغُسْلِ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ: يَجِبُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ سَبَبٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ
الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»
(1)
.
وعلى فرض صحة الأخبار بالأمر، فحملوه على الاستحباب.
ولأن العدد الكثير والجم الغفير أسلموا، فلو أمر كل من أسلم بالغسل، لنقل نقلا متواترًا أو ظاهرًا.
ولأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن لم يأمره أن يأمرَهم به؛ لكونه أول واجبات الإسلام
(2)
وقالت الحنابلة
(3)
والمالكية في وجه بالوجوب؛ لرواية وردت بالأمر في قصة ثمامة رضي الله عنه، وهي شاذة؛ لأن مدارها على المقبري عن أبي هريرة مرفوعا، واختلف عليه، فزادها عبد الرزاق عن عبد الله وعبيد الله بالعطف عن المقبري به، أخرجه عبد الرزاق (9834)، وابن خزيمة (256).
• وخالف عبدَ الله الضعيف وعبيدَ الله المصغر في الاسم المكبر في الرواية ثلاثةٌ:
1 -
الليث بن سعد، وهو أثبت الناس في المقبري، أخرجه البخاري (462، 469، 2423، 4372)، ومسلم (1764) دون الأمر بالاغتسال، وأنه أسلم ثم جاء.
(1)
أخرجه البخاري (462)، ومسلم (1764)، واللفظ لمسلم.
(2)
«المغني» (1/ 152).
(3)
«المغني» (1/ 152).
2 -
تابعه عبد الحميد بن جعفر عند مسلم (1767).
3 -
وتابعهم شعيب بن الليث عند ابن خزيمة (255).
فائدة:
إذا من يُحمّلها عبدُ الرزَّاقِ، أو العطف الذي قد يرد منه الخطأ؟
الظاهر الأول، وإعراض الشيخين عنها يوهمها. من الباحث: أحمد شفيق (14) ربيع (1441)، موافق (2019 م).
ولحديثين ضعيفين أنه صلى الله عليه وسلم أمر قيس بن عاصم
(1)
(2)
وواثلة بن الأسقع
(3)
(1)
أخرجه الترمذي (605) وعلته الأرسال أعله به أبو حاتم «علله» (35) وانظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (2/ 44).
(2)
رواه سفيان الثوري واختلف عليه على وجهين:
فرواه جمهور الرواة: عبد الرزاق ومحمد بن كثير وعبد الله وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ومحمد بن بشار ومحمد بن المثنى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْأَغَرُّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ به. أخرجه أبو داود (335)، والترمذي (605)، والنسائي (188)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (9833)، وابن خزيمة (254، 255).
وخالفهم قبيصة بن عقبة، فأثبت حصينًا والد خليفة بين خليفة وقيس رضي الله عنه، أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (809)، وقبيصة من المشهورين بالخطأ في الثوري، وهو من الطبقة الثانية فيه.
ورواه وكيع واختلف عليه على الوجهين، أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (230) وغيره.
قال أبو الحسن بن القطان الفاسى في «بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام» (2/ 429): ثم قال: هكذا رواه وكيع مجودا عن أبيه، عن جده.
ويحيى بن سعيد وجماعة رووه عن سفيان، لم يذكروا أباه، انتهى كلام أبي علي.
فقد تبين بهذا أن رواية يحيى ومحمد بن كثير عن سفيان منقطعة، فإنها كانت معنعنة، فجاء وكيع -وهو في الحفظ من هو- فزاد «عن أبيه» فارتفع الإشكال، وتبين الانقطاع.
ثم نقول: فإذا لابد في هذا الإسناد من زيادة حصين بن قيس بين خليفة وقيس، فالحديث ضعيف فإنها زيادة عادت بنقص، فإنها ارتفع بها الانقطاع، وتحقق ضعف الخبر، فإن حاله مجهولة، بل هو في نفسه غير مذكور، ولم يجر له ذكر في كتابي البخاري وابن أبي حاتم، إلا غير مقصود برسم يخصه.
وقال أبو حاتم كما في «العلل لابْن أبي حَاتِم» / رقم (35): إن من قَالَ عَنْ خَليفَة بن حُصَيْن، عَنْ أَبِيه، عَنْ جده فقد أَخطَأ؛ وَصَوَابه عَنْ خَليفَة، عَنْ جده. أَي كَمَا أخرجه الْأَئِمَّة.
وقال أبو نعيم في «حلية الأولياء» (7/ 117) عقب رواية عدم الواسطة: مَشْهُورٌ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ.
قال الترمذي عقب الحديث: والعمل عليه عند أهل العلم، يستحبون للرجل إذا أسلم أن يغتسل ويغسل ثيابه.
(3)
أخرجه الطبراني (22/ 82 رقم 199) وعلته منصور بن عمار وقال ابن حجر ضعيف.
رضي الله عنهما به لما أسلما. وورد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أسلم أن يغتسل.
ذكره ابن دقيق العيد في «الإمام» (3/ 39) وعلته: عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر متروك.
• تنبيه:
ذهب الجمهور إلى وجوب الغسل إن كان جنبًا.
سبق هذا في شرح متن أبي شجاع، ومنه أنقل، ثم عرض المسألة الباحث: شريف الصابر، بتاريخ (5) جمادى الأولى (1444)، موافق (29/ 11/ 2022 م).
إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل
اختلفت الألفاظ في حديث عائشة رضي الله عنها في حديث مجاوزة الختان الختان، ويدور الخلاف على معنيين:
أ - «التقاء الختانين» أو «مس الختان»
(1)
.
(2)
أو «الجماع» .
(1)
أما لفظ المس، فأخرجه مسلم، رقم (349) من طريق أبي موسى الأشعري، عن عائشة رضي الله عنها، وسيأتي وجه عن المسيب.
وأما لفظ «التقى» ، فورد من وجه مرجوح عن الوليد بن مسلم، كما سيأتي، وأيضًا من طريق عبد العزيز بن النعمان، ولم يسمع من عائشة، أخرجه أحمد (25902).
وبلفظ: «إذا اختلف الختانان» ، أخرجه أحمد، رقم (26289)، وهو منقطع؛ لأن قتادة مدلس، وقد أسقط عبد العزيز بن النعمان، وعبد العزيز لم يسمع من عائشة كما سبق.
(2)
رواه بلفظ المجاوزة عائشة رضي الله عنها جماعة:
1 -
أبو سلمة بن عبد الرحمن، أخرجه مالك في «الموطأ» (114)، وإسناده صحيح.
2 -
رفاعة بن رافع، أخرجه أحمد (21096)، وسنده حسن لحال ابن إسحاق.
3 -
القاسم هو بن محمد، أخرجه أحمد، رقم (25281)، عن الوليد بن مسلم، وتابع الإمام أحمد محمدُ بن المثنى، كما عند الترمذي رقم (108).
وخالفهما عن الوليد عليُّ بن محمد الطنافسيُّ وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي وهو دحيم بلفظ: «التقى» ، أخرجه ابن ماجه (608) بالعطف، ورواية الإمام أحمد أرجح.
4 -
ابن المسيب واختلف عليه في اللفظ:
أ - يحيى بن سعيد بلفظ: «جاوز» ، أخرجه مالك (115).
وتابعه عليُّ بن زيد -وهو ضعيف- في وجه أخرجه الترمذي (109) وفي لفظ: «ألزق» وآخر «أصاب» .
ب - ابن شهاب بلفظ: «مس» ، أخرجه مالك كذلك (113).
فائدة: سماع ابن المسيب من عائشة في البخاري، رقم (7369، 2637) بالعطف، وفي مسلم، رقم (1348)، وفي سنده الكلام في رواية مخرمة بن بكير عن أبيه. وثَمَّ موطنٌ آخر.
وأما لفظ: الجماع، فروته أم كلثوم عن عائشة، أخرجه مسلم، رقم (350).
والأرجح الثاني كما في الهامش، وعليه الإجماع.
قال النووي في «شرح النووي على مسلم» (4/ 42): قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانِهَا وَلَمْ يُولِجْهُ لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا.
وأما شيخنا فسلك مسلك الجمع مع الباحث: إسماعيل بن حامد الشرقاوي، بتاريخ (10) شوال (1443 هـ)، موافق (11/ 5/ 2022 م) قائلا: قد تكون عائشة رضي الله عنها سئلت أكثر من مرة فأجابت بألفاظ مختلفة، فتحمل على بعضها؛ لاتساع المخارج ا هـ.
وقال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (21100): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ سَهْلٌ الْأَنْصَارِيُّ:، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي زَمَانِهِ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ،: أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَنَا بِالِاغْتِسَالِ بَعْدَهَا»
وتابع يونس بن يزيد جماعة: شعيب بن أبي حمزة، كما عند أحمد (21104)، ومعمر بن راشد، كما عند الترمذي (111)، وأبو حازم، كما عند أبي داود (215).
وخالفهم عمرو بن الحارث، فأدخل واسطة مبهمة بين الزهري وسهل رضي الله عنه
(1)
، وأعله العلماء بهذه الواسطة.
• الخلاصة: أن رواية الزهري عن سهل بن سعد متفق عليها في غير هذا الخبر
(2)
، وقد نص العلماء على استثناء هذه الرواية، فقد قال موسى بن هارون: كان الزهري إنما يقول في هذا الحديث: قال سهل بن سعد، ولم يسمع الزهري هذا الحديث من سهل بن سعد، وقد سمع من سهل أحاديث إلا أنه لم يسمع
(1)
أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (21105) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أُبَيًّا، حَدَّثَهُ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَهَا رُخْصَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لِقِلَّةِ ثِيَابِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا بَعْدُ» يَعْنِي قَوْلَهُمْ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ.
(2)
انظر البخاري، رقم (423)، ومسلم (1492)، في قصة عويمر العجلاني، والبخاري (6901)، ومسلم (2156)، حديث: إنما جعل الإذن من أجل البصر. وفي البخاري (2832) سبب نزول غير أولي الضرر في ابن أم مكتوم رضي الله عنه.
هذا منه
(1)
.
وقال الإمام مسلم كما في «معرفة علوم الحديث للحاكم» (ص: 78) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَسَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ مِنَ الْإِكْسَالِ، وَقَوْلُهُ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ. ثَابِتٌ مُتَقَدِّمٌ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ»
…
إلى أن قال: في «معرفة علوم الحديث» (ص: 79):
…
فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.
وسئل الدارقطني كما في «سؤالات البرقاني» (ص: 6) حديث يونس عن الزهري عن سهل بن سعد عن «الماء من الماء» فقال: لا يصح؛ لأن الزهري لم يسمه من سهل، قلت له: فقد سمع منه، فما تنكر أن يكون سمع هذا منه؟
فقال: الدليل عليه: أن عمرو بن الحارث رواه عن الزهري فقال: فيه حدثني من أرضاه عن سهل بن سعد ا هـ.
وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 256) عقبه: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ سَهْلٍ، إِنَّمَا سَمِعَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ سَهْلٍ.
وتعجب ابن كثير كما في «جامع المسانيد» (1/ 108) من تصحيح الترمذي لهذا الخبر وأعله بالانقطاع.
(1)
«التمهيد» (15/ 24) لابن عبد البر.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن حامد، بتاريخ الاثنين (22) شوال (1443)، موافق (23/ 5/ 2022 م): الثابت عن أبي هريرة في الصحيحين خلاف ذلك، ووجود من لم يسم في السند يوهمه؛ فالوجه ضعيف، والله أعلم. ا هـ.
• • تنبيه:
هذا مثال يبين أهمية جمع الطرق وأقوال العلماء، وأثرهما في الإعلال على الأسانيد التي ظاهرها الصحة.
طهارة المني
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (229): حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الجَزَرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كُنْتُ أَغْسِلُ الجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِنَّ بُقَعَ المَاءِ فِي ثَوْبِهِ» .
وتابع ابنَ المبارَكِ محمدُ بنُ بشر، أخرجه مسلم، رقم (598) قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنِ الْمَنِيِّ يُصِيبُ ثَوْبَ الرَّجُلِ، أَيَغْسِلُهُ، أَمْ يَغْسِلُ الثَّوْبَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ.
• الخلاصة: أثار الباحث: سيد سكر أن سليمان بن يسار متفرد بالغسل، والجماعة من مخارج متسعة بالفرك
(1)
، وكتب شيخنا معه بتاريخ (20) ربيع أول (1444)، موافق (16/ 10/ 2022 م): ينبغي إيراد أقوال أهل العلم بالحديث في ذلك؛ فقد أخرجه الشيخان! ا هـ.
(1)
ينظر كلام الشافعي والبزار.
النهي عن دخول الحمَّامِ من مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما
-
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (1165): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ، فَإِنَّهُ مِمَّا أَحْدَثُوا مِنَ النَّعِيمِ»
(1)
.
وتابع ابنَ سيرينَ نافعٌ، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، رقم (1134) عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا يَطَّلِي.
وتابع عبدَ الله بنَ عمرَ أيوبٌ، لكن من رواية معمر عنه، وفيها ضعف، أخرجه عبد الرزاق (1135) عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دَخَلَ الْحَمَّامَ مَرَّةً وَعَلَيْهِ إِزَارٌ، فَلَمَّا دَخَلَ إِذَا هُوَ بِهِمْ عُرَاةً، قَالَ: فَحَوَّلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْجِدَارِ، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِثَوْبِي يَا نَافِعُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَالْتَفَّ بِهِ، وَغَطَّى عَلَى وَجْهِهِ، وَنَاوَلَنِي يَدَهُ فَقُدْتُهُ، حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، وَلَمْ يَدْخُلْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
(1)
إسناده صحيح، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الثعلبي في «تفسيره» (30/ 49).
• والخلاصة:
انتهى شيخنا معي بتاريخ (16) ربيع أول (1444)، موافق (11/ 10/ 2022 م) بقوله: اكتب رجاله ثقات، وابن سيرين غير مكثر
(1)
عن ابن عمر، لكنه متابع بسند فيه ضعف، ويعد هذا من مفاريده.
وفي «آداب دخول الحمَّام» لابن كثير (ص: 33) قال:
وَقد حكى غير وَاحِد الْإِجْمَاع على جَوَازه بِشَرْطِهِ
(2)
.
(1)
روى عنه حديثا واحد.
(2)
اخْتلف الْعلمَاء رحمهم الله فِي دُخُول الْحمام على أَرْبَعَة أَقْوَال:
القَوْل الأول: أَنه ينْهَى عَنهُ الرِّجَال وَالنِّسَاء.
القَوْل الثَّانِي: يُبَاح للرِّجَال، وَينْهى عَنهُ النِّسَاء.
القَوْل الثَّالِث: يُبَاح للرِّجَال، وَينْهى عَنهُ النِّسَاء، إِلَّا لمريضة أَوْ نفسَاء.
القَوْل الرَّابِع: إِبَاحَته مُطلقًا للرِّجَال وَالنِّسَاء بِشُرُوط.
قاله ابن كثير في «آداب دخول الحمام» (ص: 26)، ثم اختار القول الرابع.
فائدة: في «آداب دخول الحمام» لابن كثير (ص: 43): وَجوز بعض الْعلمَاء لَهُنَّ جمع الْعَصْر إِلَى الظّهْر فِي الْبَيْت لعذر الْحمام، وَهُوَ قَول غَرِيب، وَله حَظّ من الْفِقْه، وَهُوَ شَبيه بقول من ذهب من الْأَصْحَاب إِلَى صِحَة الْجمع فِي الْحَضَر من غير خوف وَلَا مطر، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم.
إذا رأى المُحتلِم الماء وجب عليه الغُسل
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (27312)، وابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (880): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ:«لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَاءُ، كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ حَتَّى يُنْزِلَ» .
وتابع سفيانَ عمارةُ بن راشد، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (652).
ورواه عطاءٌ الخُرَاساني عن ابن المُسيِّب، واختُلف عليه، فرواه عنه إسماعيل بن عياش كرواية ابن زيد مسندًا، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (24/ 240).
ورواه شُعبة بن الحَجَّاج واختُلف عليه، فرواه مسندًا كالسابقَين حَجَّاجٌ وهو ابن المنهال، أخرجه النَّسَائي (198).
وخالفه الجماعةُ: أبو الوليد الطيالسي، كما في «سُنن الدارمي» (789): أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: سَأَلَتْ خَالَتِي خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ الْسُلَمِيَّةُ رضي الله عنها رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَحْتَلِمُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ. فأرسلوه.
وتابع الطيالسيَّ محمدُ بنُ جعفر وحَجاجٌ، كما عند أحمد (27313)، وحَجَّاجٌ، كما عند النَّسَائي (198)، ومسلمُ بن إبراهيم، كما عند الطبراني (24/ 240).
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سلمان الكردي، بتاريخ (23) صفر (1444 هـ)، الموافق (19/ 9/ 2022 م) إلى أنه مُعَل بالإرسال.
وله شاهد في البخاري، رقم (130): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بْنَت أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَأَتِ المَاءَ» فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ -تَعْنِي وَجْهَهَا- وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟! قَالَ:«نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟!» .
وفي مسلم أيضًا، رقم (313): وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، به.
وقال ابن المنذر في «الأوسط في السُّنن والإجماع والاختلاف» (2/ 83): ذِكْرُ النَّائِمِ يَنْتَبِهُ فَيَجِدُ بَلَلًا وَلَا يَتَذَكَّرُ احْتِلَامًا. أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ، وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا، أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ.
وثَمة خلاف شاذ في المسألة.
حكم قراءة الجنب القرآن الكريم
سبق في باب قراءة القرآن للجنب «أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الخَلَاءِ، فَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ -أَوْ قَالَ: يَحْجِزُهُ- عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ، لَيْسَ الْجَنَابَةَ» وأن علته عبد الله بن سلمة المرادي، والأرجح فيه الضعف، بخاصة في هذا الخبر.
ثم أكد شيخنا هذه النتيجة بتاريخ (6) ربيع أول (1444)، موافق (2/ 10/ 2022 م) مع الباحث، محمود بن محروس الفيومي
(1)
، وأضاف الباحث أقوالا لأهل العلم في ضعف هذا الخبر على ما سبق، منها ما يلي:
1 -
قول الإمام الشافعي في «سنن حرملة» : إن كان هذا الحديث ثابتا، ففيه دلالة على تحريم القرآن على الجنب، وقال في جماع كتاب الطهور: أهل الحديث لا يثبتونه.
قال البيهقي: إنما قال ذلك لأن عبد الله بن سلمة راويه كان قد تغير وإنما
(1)
ولد بتاريخ 6/ 9/ 1996 م حاصل على ثانوية عامة و «معهد العالمين للدراسات القرآنية وعلوم القرآن والقراءات» وهذا أول حديث يعرضه على شيخنا ضمن تحقيق «مسند علي بن الجعد» .
روى هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة
(1)
.
2 -
قول الإمام أحمد، كما في «معالم السنن» (1/ 76) للخطابي: وكان أحمد بن حنبل يرخص للجنب أن يقرأ الآية ونحوها، وكان يوهن حديث علي هذا، ويضعف أمر عبد الله بن سلمة
…
وأكثر العلماء على تحريمه ا هـ.
• وصحح الخبر الترمذي والحاكم وابن حجر:
قال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 408): وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ، وابن حِبَّانَ، وَضَعَّفَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ رُوَاتِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ، يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ، لَكِنْ قِيلَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجَرَّدٌ؛ فَلَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ مَا عَدَاهُ.
قال ابن المنذر في (الأوسط)(2/ 221):
1 -
رقم (622) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، مِنْ بَنِي عَبَّابٍ النَّاجِيِّ قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَا فِي جَوْفِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
(2)
.
2 -
رقم (624) وَحَدَّثُونَا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ آدَمَ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُسَيْنُ يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ
(1)
«التلخيص الحبير» (1/ 139).
(2)
عبيد بن عبيدة لم أقف له على ترجمة.
يَقْرَأُ وِرْدَهُ وَهُوَ جُنُبٌ
(1)
.
3 -
رقم (623) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، أنا بَقِيَّةُ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُكْمِلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا
(2)
.
4 -
رقم (625) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا أَبُو غَانِمٍ وَهُوَ يُونُسُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: دَخَلْتَ عَلَيَّ وَقَدْ قَرَأْتُ سُبُعَ الْقُرْآنِ وَأَنَا جُنُبٌ
(3)
.
(1)
علة هذا السند الجهالة في (حدثونا) وخالف يزيد النحوي خالد الحذاء سندًا ومتنًا أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف)(2/ 37) رقم (1095) - أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الآيَةَ وَالآيَتَيْنِ.
(2)
عبد الرحمن بن مكمل لم أقف له على ترجمة.
(3)
عثمان بن عمر لم أقف له على ترجمة.
و يونس بن نافع أبو غانم روى عنه أهل مرو وأول من اختلف إليه ابن المبارك. قال النسائي: ثقة مروزي. قال الخليلي في (الإرشاد)(3/ 900): مشهور غريب الحديث يجمع حديثه.
وقال الذهبي في (تاريخ الإسلام): ما أعلم به بأسًا.
وقال السليماني: منكر الحديث.
وترجمه ابن حبان في (الثقات) وقال: يخطيء. وقيد الخطأ في (مشاهير علماء الأمصار): كان يهم في الأحايين.
وقال ابن حجر: صدوق يخطيء.
وعتبة بن عبد الله اليحمدي روى عنه الكبار بمرو وابن خزيمة النيسابوري وأثنى عليه. ووثقه مسلمة والخليلي ووافقه النسائي تارة وفي أخرى قال: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات.
• من عدّه من مفاريد ابن عباس:
في (إكمال المعلم)(2/ 134): ولم يحل غيره هذا المذهب إِلا عن داود، فقد أجاز للحائض والجنب مس المصحف.
• والخلاصة: أن الأسانيد إلى ابن عباس لم تثبت واختلفت متونها فلا تصحح بالمجموع إنما أسلم ما فيها (أنه كان لا يرى بأسًا أن يقرأ الجنب الآية والآيتين)
(1)
أما شيخنا فطلب من الباحث محمد الغنامي بتاريخ 28/ جمادى الأولى 1444 موافق 20/ 12/ 2022 م: مزيدًا من البحث حول يونس بن نافع وعتبة بن عبد الله.
فائدة: قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (1109) - حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ،
(1)
قال ابن حجر في (تغليق التعليق)(2/ 171): وأما قول ابن عباس فقال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا الثقفي عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس (أنه كان لا يرى بأسا أن يقرأ الجنب الآية والآيتين).
هكذا موصولا لابن عباس وسنده صحيح؛ فخالد هو الحذاء والثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد وكلاهما ثقة.
لكن في (المصنف)(2/ 37) رقم (1095) - أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الآيَةَ وَالآيَتَيْنِ.
فهل فيه سقط أو أنه فهم من السياق أن عكرمة يخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما فليتأمل.
قَالَ: كَانَا يَقْرَآنِ أَجْزَائَهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ بَعْدَ مَا يَخْرُجَانِ مِنَ الْخَلَاءِ، قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّآ. (إسناده صحيح).
تَرْك التيمم عند فقد الماء
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (18328): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي مُوسَى وَعَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَقَدْ أَجْنَبَ شَهْرًا، مَا كَانَ يَتَيَمَّمُ؟
قَالَ: لَا، وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]؟
قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا، لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ، ثُمَّ يُصَلُّوا.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّمَا كَرِهْتُمْ ذَا لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ عَمَّارٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ» وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ مَسَحَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبَتِهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ. لَمْ يُجِزِ
الْأَعْمَشُ الْكَفَّيْنِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ
(1)
.
وأخرجه مسلم، رقم (368).
وأخرجه بالسند والمتن ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (1671)، (1677).
وأخرجه أحمد، رقم (18330): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: إِنْ لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ لَا نُصَلِّي؟ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: نَعَمْ، إِنْ لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، لَمْ نُصَلِّ، وَلَوْ رَخَّصْتُ لَهُمْ فِي هَذَا كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ الْبَرْدَ، قَالَ: هَكَذَا. يَعْنِي تَيَمَّمَ، وَصَلَّى. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَأَيْنَ قَوْلُ عَمَّارٍ لِعُمَرَ؟! قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرَ عُمَرَ قَنعَ
(2)
بِقَوْلِ عَمَّارٍ.
وتابع محمدَ بنَ جعفرٍ جماعةٌ، منهم حفصُ بنُ غِيَاث عند البخاري (346).
ورواه أبو إسحاقَ السَّبيعيُّ عن أبي عُبيدة عن عبد الله، ولم يَسمع منه، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (922)، وتارة رواه عن ناجية بن كعب الكوفي
(1)
إسناده صحيح.
(2)
بكسر النون بمعنى الرضا ففي «المصباح المنير» (م/ ق ن ع): قَنَعَ يَقْنَعُ بِفَتْحَتَيْنِ قُنُوعًا سَأَلَ، وَفِي التَّنْزِيلِ {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] فَالْقَانِعُ: السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يُطِيفُ وَلَا يَسْأَلُ، وَقَنِعْتُ بِهِ قَنَعًا -مِنْ بَابِ تَعِبَ- وَقَنَاعَةً، رَضِيتُ، وَهُوَ قَنِعٌ وَقَنُوعٌ.
- وهو مقبول- عن عبد الله، أخرجه أحمد (18315).
الحامل لابن مسعود- وهو من كبار فقهاء الصحابة رضي الله عنه على ذلك أمران:
أولًا: غَلْق باب الذرائع، بجوابه على أبي موسى رضي الله عنه:«لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا، لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ، ثُمَّ يُصَلُّوا» .
ثانيا: تأثره بعدم قناعة عمر رضي الله عنه «فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ؟»
(1)
.
وممن نص على تفرد ابن مسعود رضي الله عنه:
1 -
سفيان الثوري كما في «مُصنَّف عبد الرزاق» (922)، عَقَّبَ الأثر من طريق أبي عُبيدة، عن ابن مسعود:«لَا يُؤْخَذُ بِهِ» .
2 -
ابن حجر؛ حيث قال في «فتح الباري» (1/ 457): وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّوَقُّفِ عَنْ قَبُولِ حَدِيثِ عَمَّارٍ؛ فَلِهَذَا جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْفُتْيَا بِذَلِكَ، كَمَا أَخْرَجَهُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ انْقِطَاعٌ عَنْهُ.
3 -
ابن المنذر؛ حيث قال في «الأوسط» (2/ 15) عن التيمم للجُنُب: وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلًا مَعْنَاهُ مَنْعُ الْجُنُبِ التَّيَمُّمَ.
(1)
انظر: «موسوعة أحكام الطهارة» (12/ 288 (للدبيان.
الغُسل بفَضْل وَضوء المرأة
قال ابن ماجه في «سُننه» ، رقم (374): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، وَلَكِنْ يَشْرَعَانِ جَمِيعًا»
(1)
.
تابع محمدَ بن يحيى جماعةٌ: محمدُ بنُ خُزيمة، وأبو حاتم، وعليُّ بن عبد العزيز.
وخالف المُعَلَّى بنَ أسدٍ إبراهيمُ بنُ الحَجاج فوقفه، أخرجه أبو يعلى (1564).
وتابعه متابعةً قاصرةً شُعبةُ فوقفه، أخرجه الدارقطني (418)، والبيهقي (921).
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث، أحمد بن عبد الباسط الفيومي، بتاريخ (4) شعبان (1443 هـ) الموافق (6/ 3/ 2022 م): الموقوف أصح.
(1)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاجَهْ: الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي وَهْمٌ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُثْمَانَ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ نَحْوَهُ.
كيف يغتسل أبي موسى رضي الله عنه
-
(1)
قال ابن أبي شيبة في (مصنفه) رقم (1128) - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:«إِنِّي لَأَغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ فَأَحْنِي ظَهْرِي إِذَا أَخَذْتُ ثَوْبِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي» .
ويزيد بن هارون ثقة ثبت مقدم في حماد بن سلمة فقد قال يزيد بن هارون: أحفظ خمسة وعشرين ألف إسناد و لا فخر، وأنا سيد من روى عن حماد بن سلمة و لا فخر.
وقال عنه عفان بن مسلم: أخذ يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة حفظا، وهى صحاح بها من الإستواء غير قليل، و مدحها.
وخالفه ابن مهدي فقال كما في (الزهد لأحمد)(ص: 162) عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى رحمه الله: إِنِّي لَأَغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ فَمَا أُقِيمُ صُلْبِي آخِذًا ثَوْبِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي عز وجل.
وأبو مجلز روى عن أبي موسى (ت: 50) عند النسائي وتوفي (106 - 109)
(1)
قال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [هود: 5]
وروى عن ابن عباس (ت: 68) في الكتب الستة فهو محتمل.
والذي يظهر لي تعدد مشايخ حماد بن سلمة وأن إسناد يزيد صحيح ويزداد قوة بطريق ابن سيرين الآتي.
• قال ابن أبي شيبة في (مصنفه)(2/ 229) رقم (1147) - حَدَّثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: مَا أَقَمْتُ صُلْبِي فِي غُسْلِي مُنْذُ أَسْلَمْت.
• وهذا الأثر رجاله ثقات لكن يظهر أنه منقطع لما يلي:
1 -
بين ابن سيرين (فقد توفي سنة: 110) وأبو موسى (توفي سنة 50).
2 -
ليست لابن سيرين عن أبي موسى رضي الله عنه رواية في الكتب الستة إنما يروي عن ابنيه أبي بردة وأبي بكر.
3 -
روايته عمن مات بعد أبي موسى من الصحابة رضي الله عنهم كأنس رضي الله عنه وقد توفي (92 وقيل: 93) وأبي سعيد (ت: 63 - 74) وطارق بن شهاب (82 أو 83).
• والخلاصة:
كتب شيخنا معي عن سماع ابن سيرين من أبي موسى بتاريخ 23 جمادى الأولى 1444 موافق 17/ 12/ 2022 م: أظنه بعيدًا عنه.
• بيان:
أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الأشعريين عمومًا وكذا اليمانيين وعلى أبي موسى الأشعري اليمني خصوصًا فقال: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»
(1)
لكن ثمة زيادة علم لو علمها أبو موسى رضي الله عنه لكان أسرع الناس إليها هاكها:
1 -
عن مَيْمُونَة رضي الله عنها قَالَتْ: أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ
(2)
.
(1)
أخرجه مسلم (793) بسبب الورود ومتفق عليه دون سبب الورود أخرجه البخاري (5048).
(2)
أخرجه البخاري (257) ومسلم (648) واللفظ لمسلم.
فائدة: هذا النص الثابت في ترك التنشيف وهناك خبر لأنس رضي الله عنه في إثبات التنشيف وأنه عادة له صلى الله عليه وسلم لكن أعله أبو حاتم بالوقف انظر (العلل) رقم (51) وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنه قالت: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعْدَ الوُضُوءِ. لكن قال الترمذي في (سننه)(35) حَدِيثُ عَائِشَةَ لَيْسَ بِالقَائِمِ وَلَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا البَابِ شَيْءٌ.
وأورد ابن قدامة في المغني لابن قدامة (1/ 104): القولين:
الأول: لا بأس به وقال به الأكثر. والثاني على الكراهة. ثم قال: والأول أصح؛ لأن الأصل الإباحة، وترك النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد يترك المباح كما يفعله.
2 -
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ
(1)
ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ
(2)
.
3 -
عن أُمّ هَانِئٍ بِنْت أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنها قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ
(3)
.
(1)
وفي رواية لمسلم: (فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا).
(2)
أخرجه البخاري (251) ومسلم (644) واللفظ لمسلم.
(3)
أخرجه البخاري (280) ومسلم (336).
كتاب الوضوء
حكم المولاة في الوضوء
وردت فيها أخبار، منها:
1 -
ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (15495) قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي، وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ، قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ.
تابع إبراهيمَ حيوةُ، أخرجه أبو داود في «سننه» ، رقم (175)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 135) وقال: كَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَوْصُولٍ
(1)
.
• والخلاصة: اختلف العلماء في قبول هذا الخبر ورده، وأنا مع من قبله وصححه:
قال الإمام أحمد: إسناده جيد.
(1)
ورده ابن دقيق العيد قائلا: وليس هذا -يعني عدم ذكر الصحابي- مما يجعل الحديث في حكم المرسل المردود عند أهل الحديث؛ فإن سماه مرسلا مع أن حكمه حكم الموصول، فلا يضر المستدل به.
وكذلك رد ابن عبد الهادي: وليس كما قال؛ فإن المرسل ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من رواية بعض أصحابه عنه، وجهالة الصحابي لا تضر.
وقال أيضًا: إذا حدث عن المعروفين مثل بحير بن سعد، قُبِلَ
(1)
.
وبقية صرح بالتحديث في رواية الإمام أحمد.
وقال ابن دقيق العيد: فعلى هذا سلم من تهمة التدليس
(2)
.
وقال بقية نفسه: أشهد أني سمعت حديث بحير، عن ابن معدان
(3)
وقال شعبة لبقية: «أهد إلى حديث بحير» وقال له أيضًا: «تمسك بحديث بحير» ، ورفع منه شعبة-أي من رواية بقية عن بحير-
(4)
.
قال ابن عبد الهادي في «تعليقه على علل ابن أبي حاتم» : ورواية بقية عن بحير صحيحة، سواء صرح بالتحديث أو لا.
2 -
قال الإمام مالك في (موطأه)(1/ 31) رقم (30) - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ، فَتَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ وَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ. فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ.
(1)
ومثل هذا قاله ابن رجب في «شرح علل الترمذي» .
(2)
«البدر المنير» .
(3)
«المعرفة والتاريخ»
(4)
كما في «تاريخ أبي زرعة» .
فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ.» قَالَ:«ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ» .
وتابع مالكًا حفص بن ميسرة أخرجه ابن ماجه (282) ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أخرجه ابن شاهين في (الترغيب والترهيب)(32) -.
وخالفهم محمد بن مطرف فقال: عن أبي عبد الله الصنابحي بدل عبد الله الصنابحي أخرجه أحمد (19064) ومحمد بن مطرف ثقة لكن زاد ابن حبان: كان يغرب.
وخالفهم روح بن القاسم فقال: (الصنابحي) بدل (عبد الله الصنابحي) أخرجه الطبراني في (الأوسط)(2794).
وخالفهم هشام بن سعد فقال عبد الرحمن الصنابحي بدل عبد الله الصنابحي أخرجه أبو نعيم في (طبقات المحدثين)(5/ 57).
• والخلاصة: أن محل النزاع في تحديد صحابي أو تابعي الحديث فمن حيث الأسانيد أصح الأوجه على هشام بن سعد الإمامُ مالكٌ ومَن تابعه
(1)
على (عبد الله الصنابحي رضي الله عنه وإسناده صحيح وأثبت صحبته ابن عساكر وابن السكن وقال ابن معين: يشبه أن تكون له صحبة. لكن أعله البخاري بقوله: عبد الله الصنابحي إنما هو أبو عبد الله الصنابحي ووهم مالك. ا هـ.
وليس لها صحبه كما عند أبي حاتم وابنه وابن عبد البر.
(1)
ومن خالفهم محمد بن مطرف ثقة يغرب والراوي عنه أبو سعيد مولى بني هاشم مختلف فيه. وطريقا روح وهشام بن سعد نازلان.
لكن يجاب بأن مالكًا متابع على قوله.
• والخلاصة:
كتب شيخنا مع الباحث حسان بن عبد الرحيم بتاريخ السبت 23 جمادى الأولى 1444 موافق 17/ 12/ 2022 م على حديث عبد الله الصنابحي: انقل الخلاف.
تنبيه: للحديث شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه لكن بأربعة أشياء:
1 -
الوجه. 2 - العينان. 3 - اليدان. 4 - الرجلان-دون ذكر: (فَتَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ وَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ) ومرّده إلى طريق مالك أخرجه مسلم رقم (244) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
(1)
، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ»
(1)
وخالف مالكا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو كذاب.
هل سلم القول بأن بقية يدلس فقط أو يزاد أنه يسوي؟
مفهوم كلام ابن حبان أنه يدلس، وإليك نصه في «المجروحين» (1/ 200): وَلَقَدْ دخلت حمص وَأكْثر همي شَأْن بَقِيَّة، فتتبعت حَدِيثه وكتبت النّسخ عَلَى الْوَجْه، وتتبعت مَا لَمْ أجد بعلو من رِوَايَة القدماء عَنْهُ، فرأيته ثِقَة مَأْمُونا، وَلكنه كَانَ مدلسا، سمع من عبيد اللَّه بْن عُمَر وَشعْبَة وَمَالِك أَحَادِيث يسيرَة مُسْتَقِيمَة، ثُمَّ سمع عَنْ أَقوام كَذَّابين ضعفاء متروكين، عَنْ عبيد الله بن عمر وَشعْبَة وَمَالِك، مثل المجاشع بْن عَمْرو وَالسري بْن عَبْد الحميد وَعمر بن مُوسَى المثيمي وأشباههم، وأقوام لَا يعْرفُونَ إِلَّا بالكنى، فروى عَنْ أولئك الثِّقَات الَّذِينَ رَآهُمْ بالتدليس مَا سمع من هَؤُلاءِ الضُّعَفَاء.
• وأما من ضعفه، فاعتماده على كلام البيهقي، وقد دفع سابقا، وكلام ابن حزم وهو غير مسلم به، وإليك نصه:
قال ابن حزم في «المحلى» : لا يصح؛ لأن راويه بقية، وليس بالقوي، وفي السند من لا يدرى من هو
(1)
؟.
وقال المنذري في «مختصر السنن» : في إسناده بقية، وفيه مقال.
(1)
الظاهر أنه يقصد ابهام الصحابي.
وقال شيخنا مع الباحث: د/ إبراهيم يوسف، بتاريخ (6) ربيع أول (1444)، موافق (2/ 10/ 2022 م): عنعنة خالد تقلقنا؛ لأنه يرسل، وبقية يدلس ويسوي ا هـ.
• وورد له شاهدان:
أحدهما: من حديث عمر، وهو معل بالوقف، أخرجه مسلم (243).
والثاني: من حديث أنس، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (12487) قال: حَدَّثَنَا هَارُونُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ غَيْرَ مَرَّةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ عَلَى قَدَمِهِ مِثْلَ مَوْضِعِ الظُّفُرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» .
ورواية جرير عن قتادة فيها ضعف.
وقال الإمام أحمد عن الخبر: منكر.
وقال أبو داود في «سننه» (1/ 44): «هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا ابْنُ وَهْبٍ وَحْدَهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، قَالَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» .
الوضوء من المذي
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (132): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:«فِيهِ الوُضُوءُ»
وتابع عبدَ اللهِ بنَ داودَ جماعةٌ هم: جريرٌ كما عند البخاري (178)، وشعبةُ، ووكيعٌ، وأبو معاوية، وهشيمٌ، كما عند مسلم (303).
وتابعَ ابنَ الحنفيةِ جماعةٌ: أبو عبد الرحمن السلمي، كما عند البخاري (269)، وابنُ عباسٍ، والمقدادُ، كما عند مسلم (303) وعائشُ بنُ أنس، كما عند النسائي (154)، وعروةُ بنُ الزبير، كما عند النسائي (153) وحصينُ بنُ قبيصة، كما عند أبي داود (206).
وخالفَ الجميعَ يزيدُ بن أبي زيادٍ -وهو ضعيف-، فروى الخبر مختصرًا مقَعِدًا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَذْيِ، فَقَالَ:«مِنَ المَذْيِ الوُضُوءُ، وَمِنَ المَنِيِّ الغُسْلُ» أخرجه الترمذي (114).
• الخلاصة: أن لفظ الاختصار صحيح المعنى
(1)
، ضعيف الرواية.
وقال شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن حامد بتاريخ (30) شوال (1443 هـ)، موافق (31/ 5/ 2022 م): اختصره يزيد، وهو ضعيف.
(1)
قال الترمذي عقبه: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
حكم الزيادة على صفة الوضوء
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (6684): حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ؟ فَأَرَاهُ ثَلَاثًا، ثَلَاثًا قَالَ:«هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَتَعَدَّى، وَظَلَمَ» .
• وخالف الثوري اثنان في اللفظ، فقالا:«فمن زاد أو نقص» :
1 -
أبو عوانة، كما عند أبي داود (135).
2 -
الحكم بن بشر، أخرجه أبو عبيد في «الطهور» (90).
وخالفهم جَابِر بْن الْحُرِّ، وهو متكلم فيه، فقال: توضأ ثلاثا ثلاثا. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7830).
وتابع جابرًا متابعةً قاصرة حبيبُ بن صالح عن عمرو بن شعيب، كما عند الطبراني في «الشاميين» (1111).
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 233): ثُمَّ قَالَ: مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ، فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، لَكِنْ عَدَّهُ مُسْلِمٌ فِي جُمْلَةِ مَا أُنْكِرَ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ ذَمُّ النَّقْصِ مِنَ الثَّلَاثِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَمْرٌ سَيِّئٌ، وَالْإِسَاءَةُ تَتَعَلَّقُ بِالنَّقْصِ وَالظُّلْمُ بِالزِّيَادَةِ، وَقِيلَ: فِيهِ حَذْفٌ، تَقْدِيرُهُ: مَنْ نَقَصَ
مِنْ وَاحِدَةٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ مَرْفُوعًا: الْوُضُوءُ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ، فَقَدْ أَخْطَأَ. وَهُوَ مُرْسَلٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَأُجِيبَ عَنِ الْحَدِيثِ أَيْضًا: بِأَنَّ الرُّوَاةَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى ذِكْرِ النَّقْصِ فِيهِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ مُقْتَصِرٌ عَلَى قَوْلِهِ فَمَنْ زَاد فَقَط كَذَا ا هـ.
وقال ابن رجب: وقد ذكر مسلم الإجماع على خلافه.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: سلمان الكردي، بتاريخ (16) ربيع أول (1444)، موافق (11/ 10/ 2022 م): الخبر فيه نكارة، وقد أعله الإمام مسلم في التمييز.
استحباب النوم على وضوء
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (247): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» .
قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ 0 صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا بَلَغْتُ:«اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ» قُلْتُ: (وَرَسُولِكَ) قَالَ: «لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» .
وتابع الفريابيَّ ابنُ المبارك، أخرجه أبو داود (5048).
وتابع الثوريَّ مُعتمِرُ بنُ سليمان، أخرجه البخاري (6311)، وجريرُ بن عبد الحميد، أخرجه مسلم (2710)، وفُضَيْلُ بن عِيَاض، أخرجه أحمد (18587).
وتابعهم في اللفظ إبراهيمُ بنُ طَهْمَان، كما عند النَّسَائي في «الكبرى» (10549) لكن زاد في الإسناد: الحَكَم بن عُتيبة.
وتابع منصورًا فِطْرُ بنُ خليفةَ بلفظِ: «طاهرًا» أخرجه أحمد (18561).
• وخالف منصورًا اثنان، فلم يَذكرا الوضوء:
1 -
عمرو بن مُرَّة، أخرجه مسلم (2710).
2 -
حُصَيْن بن عبد الرحمن، أخرجه مسلم (2710) ولم يَذكر لفظه
(1)
، مع تنبيهه فيما بعد على أن لفظ منصور أتم.
• ورَوَى الحديثَ جماعةٌ عن البراء بن عازب، دون ذكر الوضوء:
1 -
أبو إسحاق السَّبِيعي، أخرجه البخاري (6313)، ومسلم (2710).
2 -
المُسيب بن رافع، أخرجه البخاري (6315).
3 -
مهاجر أبو الحسن، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (10554) وإسناده صحيح.
4 -
عُبيد بن الحسن، أخرجه ابن حِبان (5542) وإسناده صحيح.
5 -
ابن أبي ليلى، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1248) وفي سنده مُؤمَّل بن إسماعيل، ضعيف.
6 -
عبد الله بن حَنْسٍ، أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (966)، وفي سنده أبو مالك، لم يقف الباحث له على ترجمة. وقُراد بن نوح متكلم فيه.
7 -
الربيع بن البراء، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (10527)، وفي سنده
(1)
بل ذَكَر النَّسَائي في «الكبرى» (10552، 10553) سياق المتن، وليس فيه الوضوء.
محمد بن عبد الله بن يزيد، ضعيف، وأبوه مجهول.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث، محمود بن شعبان العوفي، بتاريخ (22) صفر (1444 هـ)، الموافق (2022 م): إشارة الترمذي إلى تفرد سعد عن أصحاب البراء، وتفرد منصور عن أصحاب سعد يَحملنا على القول بشذوذها، والله أعلم.
• تنبيه:
ووجهة مَنْ جعلها زيادة ثقة قوية ما يلي:
1 -
اتفاق البخاري ومسلم عليها.
2 -
منصور ثقة ثَبْت، وقد قال أبو حاتم لما سُئل عن هذا الحديث قال: منصور أثبت الثلاثة -وهم حُصَيْن، وفِطْر، منصور- وأحفظهم وأتقنهم.
3 -
متابعة فِطر لمنصور في «طاهرًا»
4 -
لم يُصَرِّح أحد بشذوذ لفظة الوضوء، إنما هي إشارة من الترمذي.
وهذا الأظهر لديَّ والله أعلم. أما الباحث فتردد لإشارة الترمذي رحمه الله.
وسبق ما يشهد لذلك حديث: «مَنْ بَاتَ طَاهِرًا، بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ» فجدد به عهدا إن شئت.
المضمضة من القبلة (مفاريد ابن عمر)
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/ 392)، رقم (505): حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَبَّلَ صَبِيًّا فَمَضْمَضَ.
ورقم (506): حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ فَقَبَّلَ بُنَيَّةً لَهُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتمَضْمَضَ. (إسناده صحيح).
وقد قبّل النبي صلى الله عليه وسلم الأطفال ولم يتمضمض:
1 -
قبل النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم رضي الله عنه.
ففي البخاري (1303)، ومسلم (2325) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ
…
»
2 -
عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ»
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (5998)، ومسلم (2317).
• تنبيه:
انتهى شيخنا معي، بتاريخ (9) ربيع أول (1444)، موافق (5/ 10/ 2022 م) إلى أنه لعله تمضمض لعلة أخرى.
فائدة:
سبق في باب القبلة للصائم قياسها على المضمضة، وبين الخطابي وجه الشبه فقال في «المجموع» (6/ 321): قال الخطابي: في هذا الحديث إثبات القياس والجمع بين الشيئين في الحكم الواحد؛ لاجتماعها في الشبه؛ لأن المضمضة بالماء ذريعة إلى نزوله إلى البطن، فيفسد الصوم، كما أن القبلة ذريعة إلى الجماع المفسد للصوم، فإذا كان أحدهما غير مفطر وهو المضمضة، فكذا الآخر.
مفاريد أبي هريرة رضي الله عنه
-
1 -
في باب الوضوء ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (643): حَدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنَ اللَّبَنِ. (وإسناده صحيح).
2 -
في باب المسح على الخُفين، ما أخرجه مسلم في «التمييز» ، رقم (89): حدثنا محمد بن المُثَنَّى، ثنا محمد، ثنا شُعبة، عن يزيد بن زاذان قال: سمعت أبا زُرْعة قال: سألت أبا هريرة عن المسح على الخُفين، قال: فدخل أبو هريرة دار مَرْوان بن الحَكَم، فبال ثم دعا بماء، فتَوَضَّأ وخَلَع خُفيه، وقال: ما أَمَرَنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم.
فقد صح برواية أبي زُرْعَة وأبي رَزِين، عن أبي هريرة إنكاره المسح على الخُفين، ولو كان قد حَفِظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان أَجْدَرَ الناس وأَوْلَاهم للزومه والتدين به، فلما أَنْكَره الذي في الخبر من قوله:«ما أَمَرَنَا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم» .
والقول الآخر: «ما أبالى على ظهر حمار مسحت، أو على خفي» ، بان ذلك أنه غير حافظ المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من أسند ذلك عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم واهي الرواية، أخطأ فيه إما سهوًا، أو تعمدًا.
وتابع أبا زُرْعةَ أبو رَزِينٍ، أخرجه ابن أبي شيبة (1952). (إسناده صحيح، وصححه مسلم، وانتَقد الروايات المرفوعة التي رواها أبو هريرة في المسح على الخفين).
3 -
في باب الغُسْل، ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (386): حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ نَهَى أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ.
(وأبو سَهْلة واحد من ثلاثة: السائب بن خَلَّاد، صحابي صغير. وأبو سَهْلة مولى عثمان، وهو ثقة. وقطن بن قَبِيصة، وهو صدوق).
4 -
في سُؤْر الهر، ما أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» رقم (346): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
(1)
، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، فِي الْهِرِّ يَلِغُ فِي الإِنَاءِ، قَالَ: اغْسِلْهُ مَرَّةً وَأَهْرِقْهُ. وفي رواية: مَرَّتَيْنِ.
5 -
وفي كتاب الصيام:
1 -
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (9243): حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ الْمُحَرَّر بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صُمْتُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَأَمَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ أُعِيدَ الصِّيَامَ فِي أَهْلِي.
وتابع الفضلَ بن دُكَيْن مالكُ بنُ إسماعيلَ، أخرجه الطحاوي (3216).
والمُحَرَّرُ: ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وروى عنه جَمْع.
(1)
رواية معمر عن أيوب متكلم فيها.
وقال ابن حجر: مقبول.
وأَعَله شيخنا مع الباحث الفيومي بالمُحَرَّرِ، وقال: نحن مع ابن حجر في حكمه على هذا الراوي بقوله: مقبول.
2 -
في «سُنن الدارقطني» رقم (2348): حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا لَمْ يَصِحَّ بَيْنَ الرَّمَضَانَيْنِ، صَامَ عَنْ هَذَا، وَأَطْعَمَ عَنِ الْمَاضِي، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا صَحَّ وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ، صَامَ هَذَا وَأَطْعَمَ عَنِ الْمَاضِي، فَإِذَا أَفْطَرَ قَضَاهُ» وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
كتاب الحيض
نجاسة دم الحيض
قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]
قال أبو داود في «سُننه» رقم (363): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ-، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ تَقُولُ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ، قَالَ:«حُكِّيهِ بِضِلْعٍ، وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» .
• الخلاصة: في سنده عَدِيّ بن دينار، وثقه النَّسَائي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ، وليس له في الكتب الستة إلا هذا، فهو قابل للتصحيح؛ لأن متنه غير مُستنكَر، وله شواهد.
وقال شيخنا للباحث د/ محمد بن ياسين: لا تُورِده في المُنتقَد على «السلسلة الصحيحة» ، بتاريخ (12) صفر (1444)، الموافق (8/ 9/ 2022 م).
سؤر الحائض
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (349): حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بِسُؤْرِ الْمَرْأَةِ بَأْسًا، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ جُنُبًا.
• بيان:
أخرج مسلم، رقم (300)، من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ. وَلَمْ يَذْكُرْ زُهَيْرٌ فَيَشْرَبُ.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (5/ 597): وَفِي تَرْجِيلِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخِدْمَتِهَا لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي هَذَا كُلِّهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ سُؤْرَ الْحَائضِ والجنب.
ما يَحِل للرجل من امرأته
قال الإمام البخاري، رقم (302): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ- هُوَ الشَّيْبَانِيُّ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْلِكُ إِرْبَهُ
(1)
؟
وأخرجه مسلم رقم (293): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا -وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا- جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، به.
قال الإمام مالك في «موطئه» ، رقم (95): عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا: هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَتْ: «لِتَشُدَّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا إِنْ شَاءَ» .
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد البسيوني، بتاريخ (18) محرم (1444 هـ)، الموافق (16/ 8/ 2022 م) إلى أن الأثر منقطع؛ لأن نافعًا لم
(1)
يعني: حاجته وشهوته للنساء.
يَسمع من عائشة رضي الله عنها.
قال عبد الرزاق في «مُصنَّفه» ، رقم (1270): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا؟ قَالَتْ: مَا دُونَ الْفَرْجِ. قَالَ: فَغَمَزَ مَسْرُوقٌ بِيَدِهِ رَجُلًا كَانَ مَعَهُ، أَي: اسْمَعْ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا صَائِمًا؟ قَالَتْ: كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الْجِمَاعَ.
قال مالك في «الموطأ» ، رقم (93): حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا، ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا» .
• والخلاصة: انتهى شيخنا إلى أن الرواية الموقوفة صحيحة، وتختلف عن لفظ الصحيح المرفوع من طريق الأسود، بتاريخ (8) صفر (1444 هـ)، الموافق (4/ 9/ 2022 م).
هل المستحاضة يأتيها زوجها
قال أبو داود في «سننه» ، رقم (310): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، «أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا»
وتابع عاصمًا الشَّيبانيُّ، كما عند أبي داود (309)، ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (1561).
قال المنذري: في سماع عكرمة من أم حبيبة نظر، وليس فيه ما يدل على سماعه منها.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» : حديث صحيح إن كان عكرمة سمع منها.
• الخلاصة: أن عكرمة ولد سنة (25)، وتوفي (104 - 106)، وحمنة رضي الله عنها لم يذكر لها سنة وفاة في التهذيب والإصابة، والأثر رجاله ثقات، وقد سبق الكلام في رواية عكرمة عن حمنة.
وانتهى شيخنا مع الباحث: كريم بن محمد إلى أن علته الانقطاع بين عكرمة وحمنة رضي الله عنها.
قال الدارمي في «سننه» رقم (857): أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَمِيرَ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:«الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا»
وخالف حجاجًا غُنْدَرٌ، فجعله مقطوعا من قول الشعبي، أخرجه ابن أبي شيبة (17240)، وتابعه معاذ بن معاذ، كما عند البيهقي (1564).
والأصح عن شعبة القطع، وهو رواية ربيبة محمد بن جعفر.
وقد تابع حجاجًا الأعورُ غيلانُ بنُ جامع، أخرجه أحمد كما في «مسائل الكرماني» ، والتفصيل في رواية معاذ بن معاذ قاض على هذا الخلاف.
وخالف عبدَ الملكِ بنَ ميسرةَ جماعةٌ: فراسُ ومجالدُ وداودُ وإسماعيلُ، وكلها في الدارمي، فذكروا فتيا عائشة في المستحاضة ولم يذكروا:«الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا» .
• والخلاصة: أن قميرَ امرأة مسروق روى عنها أربعة، ووثقها العجلي وابن حجر، وهي في طبقة التابعين، ولم يجرحها أحد؛ فالأثر صحيح إليها بلفظ:«الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ»
وأما شيخنا، فأرجأ الباحث لمزيد بحث في قَمير بتاريخ (1) ذي القعدة (1443)، موافق (1/ 6/ 2022 م).
وذهب الجمهور من الأحناف والمالكية والشافعية إلى: جواز أن يأتيها زوجها في استحاضتها؛ لأنها تصلي وتصوم، وهما أعظم من الجماع، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أما الحنابلة، فقد منعوا إلا خشية العنت.
• فائدة: أم حبيبة اثنتان:
1 -
رملة بنت أبي سفيان، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
2 -
وأم حبيبة بنت جحش، ختنه صلى الله عليه وسلم، أي أخت زوجته زينب بنت جحش رضي الله عنها.
كتاب الأذان
حال الشيطان عند سماع الأذان
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (389): حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ-، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ»
تابع خالدَ بْنَ عبدِ الله اثنانِ: روحُ بنُ القاسم، كما عند مسلم، وأبو أنسٍ، كما عند أبي عوانة (976).
خالف سهيلًا الأَعمشُ فَقَالَ (ضُرَاطٌ) بدل (حُصَاصٌ)، أخرجه مسلم، وأحمد (9170).
• وتابعَ الأعمشَ متابعةً قاصرةً عن أبي هريرة اثنانِ:
1 -
الأعرجُ عبد الرحمنِ بنُ هرمزٍ، أخرجه البخاري (608)، ومسلم.
2 -
أبو سلمةَ بنُ عبد الرحمن، أخرجه البخاري (3285)، ومسلم.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: إبراهيم بن السيد، بتاريخ (20)
شوال (1443)، موافق (21/ 5/ 2022 م) إلى شذوذ:«وَلَهُ حُصَاصٌ»
(1)
.
• ثم نبه على رواة يقع منهم مخالفات، منهم:
1 -
سهيلُ بن أبي صالح.
2 -
مختارُ بن فلفل.
3 -
محمدُ بن عبد الله بن نمير
4 -
إبراهيمُ بن طهمان
5 -
حفصُ بن عمر
وذكر ابن رجب عددا منهم
…
ونستفيد من مقولات ابن حبان في الجرج المفسر؛ فإنه قوي ا هـ.
(1)
اختلف في معنى (حُصَاص) على أقوال:
1 -
أنها بمعنى (ضُرَاط)، فمن حيث المعنى لا شذوذ، أما من حيث اللفظ، فهي شاذة.
2 -
بمعنى شدة العَدْوِ.
قال القاضي في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (2/ 257): قوله: «وله حُصَاصٌ» بمعنى قوله فى الحديث الآخر: «وله ضُراطٌ» ، وقد قيل: الحُصاص شدةُ العَدْوِ، قالهما أبو عبيد، وقال عاصم بن أبى النجود: إذا صَرَّ بأذنيه، ومصَعَ بذَنَبِه وعدا، فذلك الحُصاص.
هل ثبت أن من خرج من المسجد بعد الأذان لغير حاجة يكون منافقًا؟
أخرج ابن ماجه، رقم (734): حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ، لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ»
(1)
.
قال عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (2/ 50): عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبدُ الرَّحْمَنِ بن حَرْمَلَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ المُسَيَّبِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ بَعْضِ الأَمْرِ، وَنَادَى المُنَادِي، فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ سَعيدٌ: قَدْ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ أَصْحَابِي قَدْ مَضَوْا، وَهَذِهِ رَاحِلَتِي بِالْبَابِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ: لَا تَخْرُجْ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ إِلَّا مُنَافِقٌ، إِلَّا رَجُلٌ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَى الصَّلَاةِ» . فَأَبَى الرَّجُلُ إِلاَّ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ سَعيدٌ: دُونَكُمُ الرَّجُلُ، فَإِنِّي عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ جَاءَهُ
(1)
إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الجبار وإسحاق بن أبي فروة.
وكَتَب شيخنا مع الباحث، محمد بن شرموخ، بتاريخ (1443 هـ) الموافق (2022 م): تالف.
رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلَمْ تَرَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ أَبَى-يَعْنِي هَذَا الَّذِي أَبَى إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ- وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ. فَقَالَ لَهُ سَعيدٌ: قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُصِيبُهُ أَمْرٌ
(1)
.
وسبق في الخروج من المسجد بعد الأذان حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
• أقوال الفقهاء:
ذهبت الأحناف إلى: كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان؛ لحديث أبي هريرة، وأنه في حكم المرفوع، وحديث عثمان السابق الضعيف
(2)
.
وأما المالكية، فنَقَل ابن رُشْد الكراهة
(3)
، وحَمَل صاحب «مَوَاهِب الجليل» قول ابن عبد البر
(4)
على ............................................
(1)
إسناده قابل للتحسين إلى سعيد؛ مِنْ أَجْل عبد الرحمن بن حرملة، وثَم وجه موصول ذَكَره الطبراني.
(2)
انظر «حاشية ابن عابدين» (2/ 54).
(3)
«البيان والتحصيل» (17/ 104).
(4)
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (16/ 98): أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يُصَلِّ وكان على طهارة. وكذلك إذا كان قد صلى وحده، إلا لما لا يعاد من الصلوات، على ما ذكرنا من مذاهب العلماء في ذلك، عند ذكر حديث زيد بن أسلم عن بُسْر بن مِحْجَن، فإذا كان ما ذكرنا، فلا يَحِلّ له الخروج من المسجد بإجماع، إلا أن يَخرج للوضوء وينوي الرجوع. واختلفوا فيمن صلى في جماعة، ثم أَذَّن المؤذن وهو في المسجد لتلك الصلاة، على ما قَدَّمْنا ذكره عنهم في باب زيد بن أسلم، والحمد لله. وقد كَرِه جماعة من العلماء خروج الرجل من المسجد بعد الأذان، إلا للوضوء لتلك الصلاة بنية الرجوع إليها. وسواء صلى وحده، أو في جماعة، أو جماعات. وكذلك كَرِهوا قعوده في المسجد والناس يُصَلون؛ لئلا يتشبه بمن ليس على دين الإسلام، وسواء صلى أو لم يُصَلِّ. والذي عليه مذهب مالك أنه لا بأس بخروجه من المسجد، إذا كان قد صلى تلك الصلاة في جماعة، وعلى ذلك أكثر القائلين بقوله، إلا أنهم يَكرهون قعوده مع المصلين بلا صلاة، ويَستحبون له الخروج والبُعد عنهم.
الكراهة
(1)
.
وأما الشافعية، فقالت بالكراهة
(2)
.
وقالت الحنابلة: بالتحريم بِناء على حديثي أبي هريرة وعثمان رضي الله عنهما
(3)
.
• والخلاصة: اختار شيخنا مع الباحث: محمد بن شرموخ، بتاريخ (1443 هـ)، الموافق (2022 م) الكراهة، أو الجواز لحاجة.
(1)
«مواهب الجليل» (2/ 133).
(2)
«المجموع» (2/ 179).
(3)
«كشاف القناع» (1/ 244) قال: ويَحرم خروج من مسجد بعد الأذان بلا عذر أو نية رجوع.
باب الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (614): حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: «اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» .
وتابع البخاريَّ الإمامُ أحمدُ بن حنبل في «مسنده» (14817) ومحمد بن سهل وإبراهيم بن يعقوب، أخرجه الترمذي (211) وعمرو بن منصور، أخرجه النسائي (680) ومحمد بن يحيى والعباس بن الوليد ومحمد بن أبي الحسين، أخرجه ابن ماجه.
وتابع ابنَ المنكدرِ أبو الزبير من رواية ابن لهيعة عنه، أخرجه أحمد (14619).
وأعله أبو حاتم بأنه من أحاديث إسحاق بن أبي فروة.
وإليك نص كلامه ففي «العلل» (5/ 319): أما حديث جابر: فرواه شعيب ابن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وقد طعن فيها، وكان عرض شعيب على ابن المنكدر كتابا، فأمر بقراءته عليه، فعرف بعضا وأنكر بعضا،
وقال لابنه أو لابن أخيه: اكتب هذه الأحاديث، فدون شعيب ذلك الكتاب، ولم يثبت رواية شعيب تلك الأحاديث على الناس، وعرض علي بعض تلك الأحاديث، فرأيتها مشابهة لحديث إسحاق بن أبي فروة، وهذا الحديث من تلك العلل الأحاديث.
• وقال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 861): قاعدة مهمة:
حذاق النقاد من الحفاظ -لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم- لهم فهم خاص (يفهمون) به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان؛ فيعللون الأحاديث بذلك.
ثم قال: ذكر كلام أبي حاتم وقال: ومصداق ذلك ما ذكره أبو حاتم: أن شعيب بن أبي حمزة روى عن ابن المنكدر، عن جابر حديث الاستفتاح في الصلاة بنحو سياق حديث علي ..... إلخ.
• والخلاصة: قال شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز، بتاريخ جمادى الأولى (1444 هـ)، موافق (2022 م): احكِ الوجهين.
وكتب: هل أخرج مسلم هذه السلسلة، أي شعيب عن ابن المنكدر؟
وأجاب الباحث: أن لا.
كتاب المساجد
حُكْم بناء المساجد
قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18].
ولا تعمير لبيوت الله إلا ببنائها والقيام عليها.
وسَبَق حديث عثمانَ بنِ عفان، أنه قال عند قول الناس فيه حين بَنَى مسجدَ الرسول صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ بَنَى مَسْجِدًا- قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ- بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الجَنَّةِ»
(1)
.
قال اللخمي من المالكية في «المختصر الفقهي» (1/ 355): يجب في كل قرية بناء مسجد؛ لإقامة الجماعة، ويُندَب له في محله بعيدة عن جامع بلدها.
وقال النووي في «المجموع» (2/ 179): يُسَن بناء المساجد وعمارتها، وتَعهُّدها وإصلاح ما تَشَعَّثَ منها؛ لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(1)
أخرجه البخاري (450)، ومسلم (533).
وقال البُهُوتي في «كشاف القناع» (5/ 397): يَجِبُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَالْمَحَالِّ، جَمْعُ مَحِلَّةٍ (بِكَسْرِ الْحَاءِ) وَنَحْوِهَا، حَسَبَ الْحَاجَةِ، فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهَا: الْجُسُورُ وَالْقَنَاطِرُ. وأرَاهُ ذَكَرَ الْمَصَانِعَ وَالْمَسَاجِدَ. انْتَهَى.
أفاده الباحث: محمد بن رمضان الشرموخي مع شيخنا، وأَقَره عليه، بتاريخ (14) صفر (1444 هـ)، الموافق (10/ 9/ 2022 م).
فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
-
وردت فيه أخبار منها:
1 -
ما أخرجه الطبراني
(1)
في «الكبير» ، رقم (5911): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ دَخَلَ مَسْجِدِي هَذَا لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ لِيُعَلِّمَهُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ دَخَلَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَرَى مَا يُعْجِبُهُ وَهُوَ شَيْءٌ غَيْرُهُ»
وتابع عبدَ الله بن أحمد أحمدُ بنُ الحسن بن الجعد، أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (4097) (3/ 254) وقال: هذا حديث غريب من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، تفرد به عنه ابنه عبد العزيز
(2)
.
(1)
وعن الطبراني، أخرجه أبو الطاهر السلفي في «كتاب العلم» (20).
(2)
وعبد العزيز مختلف فيه: وثقه ابن معين وابن نمير، و كان يتفقه، ولم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه. وقال أحمد: لم يكن يعرف طلب الحديث إلا كتب أبيه، فإنهم يقولون إنه سمعها. وقال حاتم بن إسماعيل: قد روى عن أبيه أحاديث نهيناه عنها فلم ينته، فلم نكتب عنه. وروى له أصحاب الكتب الستة، كما في التهذيب.
وتابع يعقوبَ بن حميد عبدُ الله الخطابي، وهو ثقة، أخرجه أبو حفص في «جزئه» (13).
• والخلاصة: أن ظاهر إسناد سهل بن سعد الحسن.
وله شاهد من حديثي أبي الدرادء وأبي هريرة، واختلف في سنده على سعيد المقبري، تارة عن أبي هريرة، أخرجه أحمد (9419)، وابن ماجه (227)، وابن حبان (77)، وغيرهم من طريق حميد بن صخر عن سعيد المقبري به.
وخالف حميدًا عبيدُ الله بن عمر، فقال: عن المقبري، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن كعب الأحبار.
وقوله ذكره الدارقطني في «علله» (2066) وقال: قول عبيد الله بن عمر أشبه بالصواب.
وتابعه على القطع ابن عجلان، لكن أبدل عمر بن أبي بكر بأبيه، كما في المصدر السابق.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: طارق بن جمال بن البيلي البلقاسي، بتاريخ (19) جمادى الأولى (1444)، موافق (13/ 12/ 2022 م): القول لكعب الأحبار ليس بأبي هريرة.
وله شاهد بعموم المساجد من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (35759) قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَغْدُو إِلَى الْمَسْجِدِ لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ، أَوْ يُعَلِّمُهُ
إِلاَّ كَتَبَ الله لَهُ أَجْرُ مُجَاهِدٍ، لَا يَنْقَلِبُ إِلاَّ غَانِمًا.
وفي سنده عَبْد الرَّحْمَن بْن مَسْعُودٍ الْفَزَارِيّ ذكره ابن حبان في الثقات.
مساجد أربعة لا يقربها الدجال
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (23685): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْأَزْدِيِّ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُذْكَرُ فِي الدَّجَّالِ، وَلَا تُحَدِّثْنَا عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مُصَدَّقًا، قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَنْذَرْتُكُمُ الدَّجَّالَ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ أُمَّتَهُ، وَإِنَّهُ فِيكُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ، وَإِنَّهُ جَعْدٌ آدَمُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ
(1)
، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ، وَمَعَهُ جَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ، وَنَهْرٌ مِنْ
(1)
وردت زيادة من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، ظاهرها يؤيده، أخرجها الطبراني في «المعجم الكبير» (17736)، ولفظها:«إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ جُنَّةً وَنَارًا وَالطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَقَالَ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ» ، وفي سندها عبيد بن غانم، ولم يقف الباحث على موثق له، وأصل الحديث في البخاري (6723)، ومسلم (4100)، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: مَا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي:«أَيْ بُنَيَّ وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ؟ إِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكَ» قَالَ قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَعَهُ أَنْهَارَ الْمَاءِ وَجِبَالَ الْخُبْزِ، قَالَ:«هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ» دون الزيادة.
وثمة زيادة عند الطبراني، رقم (953):«لا يخرج حتى لا يقسم ميراث» ، وفي سندها إبراهيم بن بشار الرمادي، له أوهام.
وانتهى شيخنا مع الباحث: محمود الباز إلى ضعف الزيادتين، بتاريخ (16) جمادى الأولى (1444)، موافق (10/ 12/ 2022 م).
مَاءٍ
(1)
، وَإِنَّهُ يُمْطِرُ الْمَطَرَ، وَلَا يُنْبِتُ الشَّجَرَ، وَإِنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَى نَفْسٍ فَيَقْتُلُهَا، وَلَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا، وَإِنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يَبْلُغُ فِيهَا كُلَّ مَنْهَلٍ، وَلَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: مَسْجِدَ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدَ الطُّورِ، وَمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَمَا يُشَبَّهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ»
• وتابع منصورًا -وهو ابن المعتمر-، والأعمشَ:
1 -
ابنُ عون، أخرجه أحمد (23683)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4977).
2 -
فطر بن خليفة، أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (6514).
• والخلاصة: أن السند صحيح، وبه ألفاظ تعارض ما جاء في الصحيح، منها:
1 -
«آدم» ، ففي البخاري، رقم (3441) ومسلم (277):«أحمر جسيم» .
2 -
«وَإِنَّهُ يُمْطِرُ الْمَطَرَ، وَلَا يُنْبِتُ الشَّجَرَ» ، والذي في «صحيح مسلم» ، رقم (110) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه «فيأمر السماء فتمطر والأرض
(1)
في البخاري (7122) من حديث المغيرة: إنهم يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء. قال النبي صلى الله عليه وسلم «هو أهون على الله من ذلك» ، وكذلك مسلم (115) وفيه أكثر من لفظ، منها:«إنهم يقولون معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء» . وانظر: «سلسلة الفوائد» (6/ 275 - 276).
فتنبت»، ففيها إثبات الإنبات، أما التي معنا فيها النفي.
أما لفظ: «وَمَسْجِدَ الطُّورِ، وَمَسْجِدَ الْأَقْصَى» ، فيحتاج إلى نص، وقد يؤيده أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال بباب لُدٍّ.
وأما لفظ: «الْعَيْنِ الْيُسْرَى» ، فجاء ما يؤيدها من حديث حذيفة في «صحيح مسلم» (104)«أعور العين اليسرى» وجاء ما يعارضه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في البخاري (3439) ومسلم (273)«أعور العين اليمنى» .
• وكتب شيخنا مع الباحث: محمود الباز، بتاريخ (14) ربيع الآخر (1444)، موافق (8/ 11/ 2022 م):
1 -
المتن به غرابة، وتنكب عنه الشيخان.
2 -
البحث بتوسع في ترجمة جنادة.
3 -
إبهام اسم الصحابي مقلق في هذا.
4 -
معارضة المتن لمتن البخاري ومسلم حديث المغيرة رضي الله عنه ا هـ.
فَضْل الصلاة في المسجد الأقصى
وردت فيه أخبار:
1 - بخمسين ألف صلاة.
أخرج ابن ماجه في «سُننه» ، رقم (1413): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رُزَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ، وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجَمَّعُ فِيهِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ، وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفَ صَلَاةٍ، وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِي بِخَمْسِينَ أَلْفَ صَلَاةٍ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ» .
وتابع ابنَ ماجه محمدُ بنُ نصر، أخرجه الطبراني (7008).
وأبو الخَطَّاب: قال فيه ابن القطان: لا يُعْرَف.
ورُزَيْق: قال فيه ابن حِبان: ينفرد بالأشياء، ولا يُشْبِه حديثه حديث الأثبات.
وقال الخطيب فيه: في عِداد المجهولين.
وقال ابن الجوزي في «العلل» : هذا حديث لا يصح.
وقال الذهبي: منكر.
2 - بألف صلاة.
أخرج أحمد في «مسنده» ، رقم (27626): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، عَنْ أَخِيهِ، أَنَّ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَقَالَ:«أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ؟ قَالَ: «فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ؛ فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ» .
تابع عليَّ بنَ بحر، إسحاقُ، كما في «مسنده» (1211)، وإسماعيل بن عبد الله الرَّقِّيُّ، أخرجه ابن ماجه (1407)، وأبو موسى الهَرَويُّ، أخرجه أبو يعلى (7088)، وأبو جعفرٍ النُّفَيْليُّ، أخرجه الطبراني (55).
وتابع عيسى بنَ يونسَ صدقةُ بنُ عبد اللهِ، أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3448)، والطبراني (56).
وخالف زيادًا معاويةُ بن أبي صالح، فأَسْقَط عثمان بن أبي سودة، أخرجه ابن قانع في «معرفة الصحابة» (783)، والطبراني (1947).
والراوي عن معاوية عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف.
وعثمان بن أبي سودة رَوَى عنه جَمْع، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .
وميمونة بنت سعد أَثْبَتَ لها الصحبة الذهبي، وابن حجر في «التقريب» ، وقال في «الإصابة»: كانت خادمة النبي صلى الله عليه وسلم، وذَكَر لها هذا الحديث.
وقال الذهبي: هذا الحديث منكر جدًّا.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، محمد بن رمضان الشرموخي، بتاريخ (10) صفر (1444 هـ)، الموافق (6/ 9/ 2022 م) إلى ضعفه.
3 - بخَمْسمِائة.
4 - بمِائتين وخمسين صلاة.
5 -
أخرج الطبراني في «الأوسط» (8/ 148)، رقم (8230): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا
(1)
أَفْضَلُ: مَسْجِدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ سِيَةِ قَوْسِهِ مِنَ الأَرْضِ، حَيْثُ يَرَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرًا لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
وتابع موسى بنَ هارون محمدُ بن عبد الله الشُّعَيْريُّ
(2)
، أخرجه الحاكم (777).
خالف الحَجَّاجَ بنَ الحَجَّاج سعيدُ بن بَشِير، فقال: عن قتادة، عن سعيد بن الحسن بن يسار
(3)
بدل أبي الخليل، لكن الراوي عن قتادةَ سعيدُ بن بشير، وهو ضعيف، وبخاصة في قتادة، أخرجه البزار (3965)، والطبراني (2714).
(1)
أظن الصواب: (أيهما)؟
(2)
ولم يقف له الباحث على موثق.
(3)
وتارة بإسقاط سعيد بن أبي الحسن، كما في «علل الدارقطني» (1105).
وتابع سعيدَ بن بَشِير على إثبات سعيد بن أبي الحسن هشامٌ الدستوائيُّ، ذكره البزار بعد رقم (3965) مختصرًا.
وتابع الحَجَّاجَ بن الحَجَّاج سعيدُ بن أبي عَرُوبة
(1)
.
وصَوَّب الدارقطنيُّ في «العلل» طريق الحَجَّاج بن الحَجَّاج، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الصامت، به.
• والخلاصة: أن هذا السند رجاله ثقات، وليس فيه إلا عنعنة قتادة، وإن كان الطبراني حَكَى تفرد الحَجَّاج به، فقد توبع من سعيد بن أبي عَرُوبة، لكن لم يقف الباحث على وصله.
وانتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن رمضان الشرموخي، بتاريخ (10) صفر (1444 هـ)، الموافق (6/ 9/ 2022 م) إلى أن هذا أمثلها، وقال: احْكِ الخلاف.
(1)
ذَكَره الدارقطني، ولم يقف له الباحث على مَنْ وصله.
فضل الصلاة في مسجد قُبَاء
قال الترمذي في «سُننه» ، رقم (324): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَبْرَدِ - مَوْلَى بَنِي خَطْمَةَ- أَنَّهُ سَمِعَ أُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ الأَنْصَارِيَّ -وَكَانَ مِنْ أَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ» .
وتابع أبا كُرَيْب وسفيانَ ابنُ أبي شيبة، كما عند ابن ماجه (1392)، والحسنُ بن علي، كما عند الحاكم (1792).
وأبو الأبرد: مقبول.
وله شاهد من حديث سهل بن سعد، أخرجه أحمد (15982): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ بِقُبَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْكَرْمَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ: قَالَ أَبِي: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ-يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ- فَيُصَلِّيَ فِيهِ، كَانَ كَعَدْلِ عُمْرَةٍ» .
وتابع مُجمِّعَ بن يعقوبَ حاتمُ بنُ إسماعيل وعيسى بنُ يونسَ، أخرجه ابن ماجه (1412).
ومحمد بن سليمان: مقبول، وتابعه يوسف بن طَهْمَان، وهو ضعيف، أخرجه عبد بن حُمَيْد (468).
وله شاهد من حديث ابن عمر، واختُلف فيه على الرفع والوقف، فرَفَعه عن ابن عمر داود بن إسماعيل
(1)
، أخرجه ابن حِبان (1627).
وخالف داودَ بنَ إسماعيل سُلَيْطُ بنُ سعدٍ، وهو ثقة، أخرجه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» (7532)، وأبو خالد سليمان بن حيان يخطئ.
• الخلاصة: أن الخبر بمجموع هذه الطرق يُحسَّن لديَّ
(2)
.
وقد حَسَّنه شيخنا في «المُنتخَب» لعبد بن حُمَيْد، ثم سألته في نقاشه لهذا الخبر فقال: تراجعتُ عنه.
وكَتَب مع الباحث: عمر بن حاتم، بتاريخ (10) صفر (1444 هـ)، الموافق (6/ 9/ 2022 م): كل طرقه ضعيفة.
(1)
ذَكَره ابن حبان، ولم يَذكر فيه أبو حاتم جرحًا ولا تعديلًا.
(2)
ويُؤيِّد هذا كَوْنه في الفضائل، وعليه عَمَل الناس.
زيارة مسجد قباء والصلاة فيه
قال الإمام مسلم، رقم (1399): وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ح، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
وأشار البخاري (1194) إلى زيادة ابن نمير.
وخالف ابنَ نُمَيرٍ
(1)
ثلاثةٌ: يحيى بنُ سعيد، وأبو أسامة، ومحمدُ بن عبيد، فلم يذكروها.
وتابعهم متابعة قاصرة عن نافع خمسة: أيوبُ وابنُ عجلان ومالكٌ وعبدُ الله بن عمر وعبدُ الله بن نافع.
وتابع نافعا بدونها عبدُ الله بنُ دينارٍ، كما في البخاري ومسلم وغيرهما.
(1)
تابع ابن نمير عبد الله بن قيس عن ابن عمر، لكن من طريق ابن إسحاق، أخرجه أحمد.
• تنبيه:
ثمة زيادة ثانية في هذا الخبر، وهي تقييد المجيء إلى مسجد قباء «كل سبت» تفرد بها سفيان بن عيينة، كما عند مسلم.
وتابعه عبدُ العزيز بنُ مسلمٍ من رواية موسى بن إسماعيل عنه، عن عبد الله بن دينار به، أخرجه البخاري.
وخالف موسى بنَ إسماعيلَ عفَّانُ بنُ مسلم، فلم يذكرها، أخرجه أحمد.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز، بتاريخ الثلاثاء (14) من ذي القعدة (1443)، موافق (14/ 6/ 2022 م)، إلى أن اللفظتين فيهما كلام، وأن عبد العزيز بن مسلم ثقة ربما وهم.
الحبس في المسجد
واشتهر فيه قصة ثمامة بن أثال، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المتفق عليه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ؛ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ، رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا»
(العِفْرِيتٌ): المُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ.
وأما في زمن عمر رضي الله عنه فقد أوقف دار صفوان للحبس
(1)
.
قال ملا علي القاري (ت 1014 هـ) في «فتح باب العناية بشرح النقاية» (5/ 384): الحبس ثابتٌ بالكتاب، وهو قوله تعالى:{أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} والمراد بالنفي: الحبس. وبالسنة، فإنه حبس عليه الصلاة والسلام رجلاً في تهمةٍ. رواه أبو داود، وزاد الترمذي والنَّسائي، ثم خلَّى عنه. ولم يكن في عهده عليه الصلاة والسلام وعهد أبي بكر سجن، وإنّما كان يحبس في المسجد أو الدِّهْلِيز بالرَّبط، حتى اشترى عمر داراً بمكة بأربعة آلاف درهمٍ، فاتخذه
(1)
علق البخاري القصة، ووصلها غيره
مَحْبَساً.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 75): قوله (باب الربط والحبس في الحرم)، كأنه أشار بذلك إلى رد ما ذكر عن طاوس، فعند بن أبي شيبة من طريق قيس بن سعد عنه، أنه كان يكره السجن بمكة، ويقول: لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون في بيت رحمة، فأراد البخاري معارضة قول طاوس بأثر عمر وابن الزبير وصفوان ونافع، وهم من الصحابة، وقوى ذلك بقصة ثمامة، وقد ربط في مسجد المدينة، وهي أيضا حرم، فلم يمنع ذلك من الربط فيه.
أفاده الباحث: محمد بن شرموخ، بتاريخ (9) شوال (1443 هـ)، موافق (10/ 5/ 2022 م) مع شيخنا، حفظ الله الجميع.
لا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في المسجد أو غيره
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (4928): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ صَدَقَةَ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ وَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:«أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَعْلَمْ أَحَدُكُمْ مَا يُنَاجِي رَبَّهُ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ»
وتابع معمرا محمدُ بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (8462)، وأحمد (5349) والبزار (6148) وابن خزيمة (2237).
• والخلاصة: أن إسناد الخبر صحيح، وهو ما انتهى إليه شيخنا مع الباحث: مالك بن علي، بتاريخ (18) جمادى الأولى (1444)، موافق (12/ 12/ 2022 م).
حُكْم رفع الصوت في المسجد
وردت في المسألة أخبار، منها ما سبق في «سلسلة الفوائد» (5/ 174)، ومنها الصحيح والضعيف.
فمما سبق حديث كعب، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى:«يَا كَعْبُ» قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا» وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَيْ: الشَّطْرَ. قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «قُمْ فَاقْضِهِ» . أخرجه البخاري رقم (457)، ومسلم (1558).
وحديث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ» .
وفي سنده الحارث بن نبهان، ضعيف، بل قال أبو حاتم: متروك.
وفي الباب ما أخرجه البخاري، رقم (470): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ
خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ، فَحَصَبَنِي رَجُلٌ
(1)
، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا، أَوْ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ. قَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟!
(2)
.
وورد من طريق ابن عجلان عن نافع، وفيها مقال سبق، أن عمر رضي الله عنه ضَرَب أحد الرجلين. أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» ، رقم (1711): عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لَا تُكْثِرُوا اللَّغَطَ، يَعْنِي فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَبَادَرَاهُ، فَأَدْرَكَ أَحَدَهُمَا فَضَرَبَهُ، وَقَالَ:«مِمَّنْ أَنْتَ؟» قَالَ: مِنْ ثَقِيفٍ. قَالَ: إِنَّ مَسْجِدَنَا هَذَا لَا يُرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتُ.
ومِن الآثار في ذلك: ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (7902): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: نَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا رَافِعًا صَوْتَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟
(1)
في «جامع الأصول» لأبي السعادات ابن الأثير (11/ 205): (فحصبني) أي رماني بالحصباء، وهي الحصى الصغار.
(2)
أورده أبو عبد الله الحُميدي في أفراد البخاري في «الجمع بين الصحيحين» (1/ 120).
الخلاصة: صحيح.
وقال شيخنا مع الباحث، أبي حمزة السويسي، بتاريخ (16) صفر (1444 هـ)، الموافق (10/ 9/ 2022 م) وهو يَعرض الأحاديث الضعيفة في تفسير شيخنا، أورده في تفسير سورة الحجرات: لأني لم أخرجه هناك.
قلت: ففي «تفسير جزء الأحقاف» (ص/ 298) ط مكة: لم أقف على إسناده.
ورجاله ثقات، وسماع إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف من عمر محتمل؛ فقد وُلد في زمنه صلى الله عليه وسلم.
• كلام الفقهاء:
قال السرخسي في «المبسوط» (9/ 101): وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا قَوَدٌ، وَلَا تَعْزِيرٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ وَهْمِ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ. وَلِأَنَّ الْمَجْلُودَ قَدْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ، بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ» .
وقال مالك كما في «النوادر والزيادات» (1/ 536) لابن أبي زيد: ولا ينبغي رفع الصوت في المسجد في العلم ولا في غيره، وكان الناس ينهون عن ذلك.
وقال الزركشي في «إعلام الساجد بأحكام المساجد» (ص: 326): يُكْرَه اللغط ورَفْع الصوت في المسجد.
قال البهوتي في «كشاف القناع» (5/ 408): وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ، لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ، وَأَنْ يُصَانَ عَنْ مَجْنُونٍ حَالَ جُنُونِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنْ يُصَانَ عَنْ لَغَطٍ، وَخُصُومَةٍ، وَكَثْرَةِ حَدِيثٍ لَاغٍ، وَرَفْعِ صَوْتٍ بِمَكْرُوهٍ.
وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إِذَا كَانَ مُبَاحًا أَوْ مُسْتَحَبًّا. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ بِالْعِلْمِ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
أفاد جُله الباحث: محمد بن رمضان الشرموخي، بتاريخ (1443 هـ) الموافق (2022 م).
هل النهي عن التفل تجاه القبلة في الصلاة مقيد بها أو عام
جاءت روايتان عامتان والأكثر على التقييد بالصلاة من حديث أنس رضي الله عنه:
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (412): حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ» .
• وخالف حفصُ بن عمر جمهورَ الرواة عن شعبة:
1 -
محمد بن جعفر، أخرجه البخاري (1214)، ومسلم (1167).
2 -
الطيالسي (1974).
3 -
بهزٌ، كما عند أحمد (13953).
4 -
آدم بن أبي إياس، أخرجه البخاري (413).
وتابع حفصا على العموم متابعةً قاصرةً همامُ بن منبه، أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (13567): حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْزُقْ عَنْ شِمَالِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى» .
ورواه سعيد، كما عند أحمد (12063)، وأبو يعلى (3182) مقيدًا بالصلاة.
ورواه هشام كذلك، كما عند البخاري (531).
ورواه حميد عن أنس مقيدًا بالصلاة، أخرجه البخاري (405)، والحميدي (1253).
• والخلاصة: أن الرويات المطلقة محمولة على المقيدة، ولا يستدل بها على العموم، بتاريخ (20) ربيع آخر (1444 هـ)، موافق (14/ 11/ 2022 م)، وانتهى إلى ذلك شيخنا مع الباحث: محمد بن عادل.
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (408 و 409): حَدثنا مُوسَى بْنُ إِسمَاعِيلَ، قَالَ: أَخبَرَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخبَرَنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا، فَقَالَ:«إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى» .
وتابع حميدَ بن عبد الرحمن القاسمُ بنُ مهران، أخرجه مسلم (53).
قال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 510): وكأن البخاري جنح إلى أن المطلق في الروايتين محمول على المقيد فيهما، وهو ساكت عن حكم ذلك خارج الصلاة، وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة، داخل الصلاة وخارجها، سواء كان في المسجد أم غيره، وقد نقل عن مالك أنه قال: لا بأس به، يعني خارج الصلاة، ويشهد للمنع أثر ابن مسعود.
وقال ابن حزم في «المحلى» (4/ 110): وفرض على المصلى أن لا يبصق أمامه ولا عن يمينه، في صلاة كان أو في غير صلاة.
كتاب الصلاة
تعليم الأطفال الصلاة
(1)
قال أبو داود في «سننه» ، رقم (495): حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ يَعْنِي الْيَشْكُرِيَّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَوَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ -قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِيُّ الصَّيْرَفِيُّ-، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» .
وتابع إسماعيلَ وهو ابنُ عليةَ جماعةٌ: وكيعٌ، كما عند أحمد (6689)
(2)
والنضرُ بن شميل، كما عند الدارقطني (887)، وعبد الله بن بكر السهمي، كما في «مكارم الأخلاق» (457) للخرائطي.
وتابع سوارًا
(3)
الليثُ بنُ أبي سليمٍ -وهو ضعيف-، أخرجه البيهقي
(1)
فقد صلى عمرو بن أبي سلمة إماما.
(2)
وقال داود بن سوار.
(3)
وثقه ابن معين، وقال أحمد: شيخ لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني: لا يتابع على أحاديثه فيعتبر به. وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» : لينه العقيلي وغيره ولم يترك. وقال ابن القيسراني: داود ينفرد عن عمرو بهذا الحديث، وضعفه ابن عدي أيضًا.
(3236)
.
• وله شاهدان:
1 -
من حديث سبرة بن معبد رضي الله عنه، أخرجه أبو داود في «سننه» ، رقم (494) والترمذي (407) وغيرهما من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا» .
وعلته: عبد الملك، فقد سئل ابن معين عن أحاديث هذه السلسلة، فقال ضعاف. ووثقه العجلي والذهبي وابن حجر.
2 -
من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ الصَّلَاةَ إِذَا بَلَغُوا سَبْعًا وَاضْرِبُوْهُمْ عَلَيْهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ» ، أخرجه البزار (9823)، وفي سنده محمد بن الحسن العوفي، ضعيف.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث، د/ إبراهيم يوسف، بتاريخ (21) شوال (1443)، موافق (22/ 5/ 2022 م): حسن [أو] صحيح بمجموع طرقه.
حد العورة
وردت فيه أخبار، منها ما سبق، وهو حديث جرهد، وسبق أنه معل بالاضطراب في كلام ابن القطان، وهو كذلك.
• وفي معناه ثلاثة أخبار:
• الأول:
من حديث ابن عباس أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (2493) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَلَى رَجُلٍ وَفَخِذُهُ خَارِجَةٌ، فَقَالَ:«غَطِّ فَخِذَكَ، فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ» وتابع محمدَ بنَ سابقٍ جماعةٌ: يحيى بنُ آدم، أخرجه الترمذي (2796)، وعبيدُ الله بنُ موسى، أخرجه عبد بن حميد (640) ومالكُ بن إسماعيل، أخرجه الطبراني (11119).
ومداره: على إسرائيل، عن أبي يحيى.
وقال أحمد: روى إسرائيل عن أبي يحيى أحاديث مناكير.
وقال البخاري: سمع منه فطر وإسرائيل، وروى عنه الأعمش والثوري.
وأبو يحيى: مختلف فيه، فقد ضعفه ابن معين تارة، وأخرى وثقه.
وقال ابن نمير: حسن الحديث.
وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به.
وقال ابن عدي: في حديثه بعض ما فيه، إلا أنه يكتب حديثه.
وقال البزار: معروف لا يعلم به بأس.
وقال أحمد القطان: حديثه في الكوفيين مثل ثابت في البصريين.
قلت أبو أويس: وبعد النظر في الترجمة نرى أن الخبر يعتبر به في الشواهد، ويؤيد هذا كلام ابن عدي، وقد يحمل كلام الإمام أحمد في النكارة أنها بمعنى التفرد، وليس كل تفرد مردود.
• الحديث الثاني:
من حديث محمد بن جحش أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (22494) قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، خَتَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى مَعْمَرٍ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ مُحْتَبِيًا كَاشِفًا عَنْ طَرَفِ فَخِذِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خَمِّرْ فَخِذَكَ يَا مَعْمَرُ؛ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ»
وتابع حفصا ثلاثة: إسماعيلُ، كما عند أحمد (22495)، وابنُ أبي حازم، كما في «مشكل الآثار» (1700) ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، كما في «المستدرك» (6684).
والعلاء بن عبد الرحمن ممن يحسن حديثه، ما لم يكن من أوهامه، ولم يقف الباحث على أحد أحصاه في أوهامه.
وأبو كثير: روى عنه أربعة، ويقال له صحبة، وقال ابن حجر: ثقة يقال له
صحبة، روى له النسائي حديثا.
• الحديث الثالث:
من حديث علي رضي الله عنه، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (1249) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ الْبَيْسَرِيُّ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ الَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ»
تابع يزيدَ حجاجُ بنُ محمدٍ، كما عند أبي داود (3140)، وروح بن عبادة، كما عند ابن ماجه (1460).
قال أبو حاتم في «العلل» (6/ 51): ابن جريج لم يسمع هذا الحديث بذي الإسناد من حبيب؛ إنما هو من حديث عمرو بن خالد الواسطي، ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم، فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب. والحسن بن ذكوان وعمرو بن خالد ضعيفا الحديث.
• الخلاصة: أن هذه الشواهد يشد بعضها بعضا إلى الحسن في حد العورة، وكذا يرى الباحث، في حين كتب شيخنا مع الباحث، د/ إبراهيم يوسف، بتاريخ (19) من ذي القعدة (1443)، موافق (19/ 6/ 2022 م): كل طرق حديث الفخذ عورة فيها مقال.
وورد أن العورة من السرة إلى الركبة، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (6756): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ،
الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَوَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ، وَإِذَا أَنْكَحَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرَنَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ، فَإِنَّ مَا أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِ»
تابع الطفاويَّ والسُّهَميَّ على وجه الشاهد النضرُ بنُ شميل، كما عند الدارقطني (887)، وإسماعيلُ، كما عند أبي داود (495)، ورواية زهير
(1)
عن وكيع، كما عند أبي داود (4114)
وتابع سوَّارًا الليثُ بنُ أبي سليمٍ، كما عند البيهقي (3236)، وليث ضعيف، والراوي عنه خليل بن مرة، وهو ضعيف.
وخالفهما الأوزاعي في اللفظ، فقيده بالنظر إلى عورة الأمة، أخرجه أبو داود (4113) بلفظ:«إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها» .
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: د/ إبراهيم بن يوسف المنوفي بتاريخ (4) من ذي الحجة (1443)، موافق (3/ 7/ 2022 م): رجاله يحسن حديثهم، ولكن قد ذكره بعض العلماء مشيرين إلى إعلاله
(2)
.
(1)
خالف زهيرًا ابنُ أبي شيبةَ (3482)، وأحمد (6689)، فلم يذكرا الشاهد.
(2)
قال العقيلي في «الضعفاء» (3/ 130) في ترجمة سوار: لا يتابع عليه، وليس يروى من وجه يثبت.
• تنبيه:
الفقرة الأولى، في تعليم الصلاة والتفريق في المضاجع، لها شاهد من حديث سبرة بن معبد، أخرجه أبو داود (494)، والترمذي (407) من طريق عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده.
وعبد الملك بن الربيع: وثقه العجلي والذهبي وابن حجر.
وقال ابن معين كما في «إكمال التهذيب» : أحاديث هذه السلسلة ضعاف.
وكتب شيخنا مع الباحث، د/ إبراهيم بن يوسف: حسن [أو] صحيح بمجموع طرقه
(1)
.
(1)
أي بشاهدي حديث سبرة وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
هل الفخذ من العورة؟
وردت في ذلك حكايات فعل عنه صلى الله عليه وسلم، أشهرها ما يلي:
• الحديث الأول: حديث أنس في فتح خيبر.
ورواه عن أنس رضي الله عنه ثلاثة:
1 -
ثابت البناني
(1)
، وعنه سليمان بن المغيرة
(2)
، أخرجه أحمد (13862)، وأبو عوانة (4178)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنِّي لَرَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: وَأَبُو طَلْحَةَ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَإِنِّي لَأَرَى قَدَمِي لَتَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَأَمْهَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَرَجَ أَهْلُ الزَّرْعِ إِلَى زُرُوعِهِمْ، وَأَهْلُ الْمَوَاشِي إِلَى مَوَاشِيهِمْ، قَالَ: كَبَّرَ، ثُمَّ أَغَارَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ»
2 -
حميد الطويل، وعنه جمع، أخرجه البخاري (600)، وأحمد (13771)، وغيرهما، وروايته نحو رواية ثابت، ليس فيها كشف الفخذ.
(1)
وأخرجها البخاري (947) معطوفا على عبد العزيز دون الشاهد ورقم (2228) من طريق ثابت دون عطف مختصرا دون الشاهد كذلك.
(2)
وتابعه حماد بن سلمة أخرجه أبو عوانة (4178).
3 -
عبد العزيز بن صهيب، وعنه اثنان بذكر الشاهد:
أ-عبد الوارث بن سعيد بلفظ: «وانحسر» ، أخرجه أبو عوانة (4173).
ب-ابن علية، واختلف عليه في اللفظ على ثلاثة أوجه:
فلفظ مسلم وأحمد «كالعبد الوارث» ، وعند البخاري (371) بلفظ:«وحسر الإزار» وعند النسائي (11371)، فانكشف فخذه.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، د/ إبراهيم يوسف إلى صحة رواية عبد العزيز بن صهيب، وقد أخرجها البخاري (371) ومسلم (1765) واستعظم إعلالها
(1)
، في حين يرى الباحث شذوذها.
• الحديث الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها.
وله مخرجان:
أ - عَطَاء، وَسُلَيْمَان ابْنَا يَسَارٍ، وَأَبو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
أخرجه مسلم، رقم (2401): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ - قَالَ: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ-، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسُلَيْمَانَ،
(1)
ونبه على أن الإيغال قد يضر، وذكر قصة رجل، اسمه المتولي، كان هنا في المكان، ألف كتابا كبيرًا، جمع فيه أحاديث معنعنة في الصحيحين.
ابْنَيْ يَسَارٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(1)
، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَوَّى ثِيَابَهُ -قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ- فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ، وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ، وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ، فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ، فَقَالَ:«أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» .
ب - سعيد بن العاص، تارة عن عائشة
(2)
، وأخرى عن عائشة وعثمان
(1)
وأفاد الباحث: أحمد بن علي بلفظة ليس فيها شك، أخرجها أحمد في «مسنده» ، رقم (24330): حَدَّثَنَا مَرْوَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبَدُ اللَّهِ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ، تَذْكُرُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ جَالِسًا كَاشِفًا عَنْ فَخِذِهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَأَرْخَى عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، فَلَمَّا قَامُوا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَذِنْتَ لَهُمَا، وَأَنْتَ عَلَى حَالِكَ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، أَرْخَيْتَ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ، فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ أَلَا أَسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ، وَاللَّهِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَحِي مِنْهُ» لكن عبد الله بن سيار لم أقف له على موثق.
(2)
أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (25339): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ فِي مِرْطٍ وَاحِدٍ. قَالَتْ: فَأَذِنَ لَهُ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ وَهُوَ مَعِي فِي الْمِرْطِ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ، فَأَصْلَحَ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، وَجَلَسَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْكَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَضَى إِلَيْكَ حَاجَتَهُ عَلَى حَالِكَ تِلْكَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْكَ عُمَرُ، فَقَضَى إِلَيْكَ حَاجَتَهُ عَلَى حَالِكَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْكَ عُثْمَانُ، فَكَأَنَّكَ احْتَفَظْتَ؟ فَقَالَ:«إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي لَوْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، خَشِيتُ أَنْ لَا يَقْضِيَ إِلَيَّ حَاجَتَهُ» . وتابع معمرًا عقيلٌ ومالكٌ وابنُ أبي ذئب.
رضي الله عنهما
(1)
دون الشاهد.
قال البزار في «مسنده» (2/ 17): وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ عُثْمَانَ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَحْسَنُ إِسْنَادًا يُرْوَى فِي ذَلِكَ وَأَشَدُّهُ اتِّصَالًا.
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 326): رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَقُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِمَا بِهَذَا اللَّفْظِ «كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ» بِالشَّكِّ وَلَا يُعَارَضُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَمْرِ بِتَخْمِيرِ الْفَخِذِ وَالنَّصِّ عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ
(1)
أخرجه مسلم، رقم (2402): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعُثْمَانَ، حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ:«اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ» ، فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما، كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ، إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ» وتابع عقيلًا ابنُ أبي ذئبٍ وصالحُ بن كيسان.
أَحْفَظُهُمْ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْقِصَّةِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
• الخلاصة: يرى الباحث ضعف الشاهد «كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ» ، في حين اعتمد شيخنا مع الباحث رواية إسماعيل بن جعفر بتاريخ (26) من ذي القعدة (1443)، موافق (2022 م).
• الحديث الثالث: حديث أبي موسى الأشعري.
ورواه عنه ثلاثة:
1 -
سعيد بن المسيب من رواية شريك عنه، أخرجه البخاري (3674) بلفظ:«وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر» ، وليس فيه ذكر الفخذ.
2 -
أبو عثمان النهدي، أخرجه البخاري (3685)، ومسلم (2403) دون الشاهد، إلا في رواية عاصم الأحول، وعلي بن الحكم، بلفظ:«قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته فلما دخل عثمان غطاها» .
3 -
أبو نضرة، في السنة لابن أبي عاصم (1452)
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث، محمد بن لملوم، بتاريخ الأحد (19) من ذي القعدة (1443)، موافق (19/ 6/ 2022 م): حديث أبي موسى «ائذن له وبشره بالجنة
…
» (زعم أبو حاتم، محمد بن لملوم أن هذه الرواية رواية البئر، ليس فيها ذكر الفخذ، ولم يتعرض لغيرها في كشف الفخذ)
حكم الصلاة في الثوب الواحد
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (3224): حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ا قَالَ: لَا تُصَلِّيَنَّ فِي ثَوْبٍ، وَإِنْ كَانَ أَوْسَعَ مَا
(1)
بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ
(2)
.
وفي زوائد عبد الله على «المسند» ، رقم (21276): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وحَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ الثَّقَفِيُّ، فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيُّ، وَقَالَ وَهْبٌ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ سُنَّةٌ، كُنَّا نَفْعَلُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يُعَابُ عَلَيْنَا» .
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ إِذْ كَانَ فِي الثِّيَابِ قِلَّةٌ، فَأَمَّا إِذْ وَسَّعَ اللَّهُ،
(1)
وفي ط (مما).
(2)
إسناده ضعيف: لجهالة أبي زيد عند البخاري وأبي زُرْعَة، ونَقَل ابن عبد البر الاتفاق على ذلك، ولم يُدرِك ابن مسعود. قاله أبو حاتم. وأبو فَزَارَة هو الكوفي، ثقة.
وفي «طرح التثريب في شرح التقريب» (2/ 237): وَهَذَا إسْنَادٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
فَالصَّلَاةُ فِي الثَّوْبَيْنِ أَزْكَى»
(1)
.
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (3207): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: اخْتَلَفَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ فِي الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ أُبَيٌّ: ثَوْبٌ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ثَوْبَانِ.
فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا عُمَرُ فَلَامَهُمَا، وَقَالَ: إِنَّهُ لَيَسُوءُنِي أَنْ يَخْتَلِفَ اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَعَنْ أَيِّ فُتْيَاكُمَا يَصْدُر النَّاسُ؟! أَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَلَمْ يَأْلُ
(2)
، وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أُبَيٌّ
(3)
.
• أقوال العلماء:
قال النووي: فيه جواز الصلاة في ثوب واحد، ولا خلاف في هذا إلا ما حُكِيَ عن ابن مسعود ا فيه، ولا أعلم صحته. وأَجْمَعُوا أن الصلاة في ثوبين أفضل
(4)
.
(1)
رجاله ثقات، ورواية خالد الواسطي عن الجُرَيْري في البخاري (5976) ومسلم (1853، 2340).
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 405): ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سَمِع منه قبل الاختلاط أو بعده.
ورواه الحسن عن ابن مسعود ا.
وقال العراقي في «طرح التثريب في شرح التقريب» (2/ 237): وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ.
(2)
أي: لم يُقَصِّر. «فتح الباري» (1/ 475) لابن حجر.
(3)
إسناده صحيح.
(4)
«شرح النووي على مسلم» (13/ 258).
قال ابن رجب: أَكْثَرُ العلماء على استحباب الصلاة في ثوبين، وقد تقدم عن ابن عمر وغيره، وهو قول أكثر الفقهاء، منهم: مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد.
ويتأكد استحبابه عند مالك وأحمد في حق الإمام أكثر من غيره
(1)
. ويدل على هذا: أن صلاة النبي غ في الثوب الواحد إنما كان تارة في بيته، كما في حديث عمر بن أبي سَلَمة، وتارة في السفر، كما في حديث جابر
(2)
.
• بيان:
وردت الأخبار بالصلاة في الثوب الواحد، منها:
1 -
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ
(3)
.
2 -
وعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي ثَوْبٍ، قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ
(4)
.
ولم يصح المنع عن ابن مسعود، إنما فيما يَظهر الأفضلية، كما يَظهر من فتيا عمر، وحِكمته وحُسْن أدبه في موافقته اجتهاد أُبَيّ بن كعب.
(1)
«فتح الباري» (2/ 174).
(2)
«فتح الباري» (2/ 175) لابن رجب.
(3)
أخرجه البخاري (353)، ومسلم (518).
(4)
أخرجه البخاري (354)، ومسلم (517).
وعن ابن وهب كما في «شرح سُنن أبي داود» (3/ 153) للعيني: صلاة الرجل في ثوب واحد رخصة، وفي ثوبين مأمور به.
فائدة: نصيحة أبي جعفر المنصور للإمام مالك.
قال القاضي عِيَاض في «ترتيب المدارك» (2/ 73): وفي رواية أن المنصور قال له: يا أبا عبد الله، ضُمّ هذا العلم ودَوِّن كتبًا، وجَنِّب فيها شدائد ابن عمر ورُخَص ابن عباس وشواذ ابن مسعود، واقصد أوسط الأمور وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة ا هـ.
أفادها أبو أويس الكُرْدي في جَمْعه مفاريد ابن مسعود مع شيخنا، بتاريخ (24) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (27/ 1/ 2022 م).
الصلاة في النعال مُخالَفة لليهود
(1)
قال أبو داود في «سُننه» ، رقم (652): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ الرَّمْلِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا الْيَهُودَ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ» .
• الخلاصة: يعلى بن شداد روى عنه جمع، ووَثَّقه ابن سعد، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ، وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (4/ 457): بعض الأئمة تَوقَّف في الاحتجاج بخبره، وهو:«صَلُّوا في النعال، خَالِفوا اليهود» ويعلى شيخ مستور، محله الصدق.
قال شيخنا مع الباحث: أبي الحسن المنصوري، بتاريخ (16) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (19/ 1/ 2022 م): نحن نتبع الذهبي في هذه الجزئية.
(1)
يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (2/ 245).
هل يستقبل المسافر القبلة عند افتتاح النافلة
قال أبو داود في «سننه» رقم (1225)
(1)
: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ
(2)
، حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ
(3)
، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ، اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ.
خالفَ الجارودَ أَنسُ بنُ سيرينَ، كما في البخاريِّ (1100) ومسلمٍ (702) فقال: اسْتَقْبَلْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّأْمِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الجَانِبِ -يَعْنِي عَنْ يَسَارِ القِبْلَةِ- فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ القِبْلَةِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ لَمْ أَفْعَلْهُ.
(1)
وروى الخبر ابن المنذر في «الأوسط» (2810) والدارقطني في «سننه» ، رقم (1478) والبيهقي (2218).
(2)
وتابع مسددًا عليُّ بنُ المدينيِّ، أخرجه البيهقي (2218).
(3)
والجارودُ روى عنه أربعةٌ كما في التهذيب، ووثقه الدارقطني، وقال أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات.
• الخلاصة: أن المخرج متسع؛ فلذا حسن طريقَ الجارودِ ابنُ السكنِ، والنوويُّ، وابنُ حجر، والمنذريُّ، وحسنه شيخنا في تحقيقه «المنتخب» لعبد بن حميد، رقم (1331)، في حين ضعفه مع الباحث، سيد بن سكر، بتاريخ (14) شوال (1443)، موافق (15/ 5/ 2022 م)؛ لما يلي:
1 -
من أصحاب أنس من روى الحديث دون هذه الفقرة.
2 -
روى عدد من الصحابة هذا الخبر دون هذه اللفظة.
3 -
الجارود لا يتحمل هذا التفرد.
4 -
سلسلة التفرد ا هـ.
قلت (أبو أويس) وهذا هو الأولى لديَّ، والله أعلم.
وقد قال ابن بطال في «شرحه على البخاري» (3/ 89): وليس فى حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة وجابر استقبال القبلة عند التكبير، وهى أصح من حديث الجارود، وحجة من لم ير استقبال القبلة عند التكبير -وهو قول الجمهور- أنه كما تجوز له سائر صلاته إلى غير القبلة، وهو عالم بذلك، كذلك يجوز له افتتاحها إلى غير القبلة.
متى يصلي في السفينة قائما
قال الحاكم في «مستدركه» ، رقم (1019 - 1034): أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ، فَقَالَ: كَيْفَ أُصَلِّي فِي السَّفِينَةِ؟ قَالَ: «صَلِّ فِيهَا قَائِمًا إِلَّا أَنْ تَخَافَ الْغَرَقَ» .
وتابع أبا نعيمٍ حسينُ بنُ علوانٍ، وهو متروك
(1)
، أخرجه الدارقطني (1473)، وأورده ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (698).
وتابعهما عبدُ الله بنُ داودَ، تارةً عن جعفر، وأخرى بإدخال واسطة رجل من ثقيف
(2)
، أخرجه البزار (424)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1351).
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: خالد بن صالح: كل طرقه ضعيفة.
(1)
وتارة جعله من مسند ابن عباس، وقال البزار: وأحسبه أنه غلط، إنما هو عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
وقال البيهقي: اختلف فيه على عبد الله بن داود، وقيل: لم يسمعه من جعفر، وحديث أبي نعيم: حسن.
وذكر ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (698): علل هذه الأسانيد وقال: إنها بعيدة عن الصحة.
رَفْع اليدين في الصلاة
(1)
وردت فيه أخبار، منها:
ما أخرجه أبو داود في «سُننه» ، رقم (734 - 738): حَدَّثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبدِ الرَّحمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ لِلسُّجُودِ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
هذا الخبر في «المُصنَّف» (2496) عن ابن جُريج دون رفع اليدين، هكذا:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ» .
وأخرجه البخاري (785) ومسلم (392) من طريق مالك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(1)
يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (2/ 246).
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمود بن أبي زيد، بتاريخ (17) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (20/ 1/ 2022 م) إلى ضعف زيادة يحيى بن أيوب، ولا يُعتبَر بمتابعة صالح بن أبي الأخضر التي أوردها أبو حاتم، كما في «العلل» (291) حيث قال: هذا خطأٌ، إنما يُرْوَى هذا الحديث: أنه كان يُكَبِّر فقط، ليس فيه رفع اليدين.
• تنبيه:
هذا مثال للمتابعة التي لا يُعتبَر بها في التقوية.
ومنها: ما أخرجه النَّسَائي في «سُننه» ، رقم (1085): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ.
خالف ابنَ أبي عدي الجماعةُ: حفصُ بن عمر، كما عند أبي داود (745)، والطيالسيُّ كما في «مسنده» (1349)، ويحيى بن سعيد، كما عند أحمد (20531) وخالد، كما عند النَّسَائي (880).
• ورواه هشام عن قتادة، واختُلف عليه:
فرواه معاذ بن هشام كابن أبي عَدِيٍّ، أخرجه النَّسَائي (1087).
وخالفه ثلاثةٌ، كرواية الجماعة السابقين: يزيد بن زُرَيْع، كما عند ابن حِبان (859)، وعبدُ الصمد وأبو عامر، كما عند أحمد (20535).
وتابع الجماعةَ دونَ الزيادةِ أبو عَوَانةَ، كما عند مسلم (319).
رواه سعيد-هو ابن أبي عَرُوبة، واختُلف عليه:
فرواه عنه ابن أبي عَدِيٍّ، وعنه محمد بن المُثَنَّى، تارة عند مسلم بدونها (391)، وعند النَّسَائي (676) بالزيادة.
ورواه عبد الأعلى عن سعيد بالزيادة، كما عند النَّسَائي (6770).
وخالفهما ثلاثة بدونها: إسماعيلُ عن سعيد، كما عند أحمد (20536)، والنَّسَائي و (881) و (1024) ويزيد بن زُرَيْعٍ، كما عند النَّسَائي (1056)، وابن نُمَيْر، كما عند ابن أبي شيبة (2412).
وتابع نصرَ بنَ عاصمٍ دون الزيادة أبو قِلَابةَ، عن مالك بن الحويرث، أخرجه البخاري (737)، ومسلم (391).
• والخلاصة: محمد بن المُثَنَّى هو الذي تفرد بها عن ابن أبي عَدِيّ، وعن عبد الأعلى، ومعاذ بن هشام؛ لذا كَتَب شيخنا مع الباحث: محمود أبو زيد، بتاريخ (24) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (27/ 1/ 2022 م): الجماعة على عدم ذكرها، والزيادة شاذة.
هل ثبت رفع اليدين عند الهوي إلى السجود؟
لم يثبت، إنما هي زيادة شاذة من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، فقد أخرج الدارقطني في «سننه» ، رقم (1121): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَكِيلُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَا: نا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، نا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَهُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: صَلَّيْنَا فِي مَسْجِدِ الْحَضْرَمِيِّينَ، فَحَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا سَجَدَ»
(1)
.
وخالف جريرًا جمهورُ الرواة: خالدُ الطحان، كما في «رفع اليدين» (49) للبخاري، ويعقوب بن إبراهيم كما في «الموطأ» رواية الشيباني (107)، وهشيمٌ، كما عند الدارقطني، وزائدة، كما عند الطبراني (22/ 12)(8)، وورقاء، كما عند الطبراني كذلك، وفي سنده اليمان بن سعيد -وهو ضعيف-، عن حصين، فزاد:«وَإِذَا سَجَدَ» .
(1)
قال الدارقطني: فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَا أَرَى أَبَاكَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ الْوَاحِدَ فَحَفِظَ ذَلِكَ، وَعَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّمَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، لَفْظُ جَرِيرٍ.
ورواه يزيد بن هارون، عن شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختريِّ، عن عبد الرحمن اليَحْصُبِيِّ، عن وائل وفيه:«وإذا رفع أو قال سجد» على الشك، أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (2345).
وخالف يزيدًا جمهورُ الرواة: الطيالسيُّ، كما في «مسنده» (1114) ووكيعٌ، كما عند أحمد (18848)، ومحمدُ بن جعفر، كما عند أحمد كذلك (18853)، ووهب بن جرير، كما في «حديث السراج» (873)، وحفصُ بن عمر، كما في «المعجم الكبير» (22/ 41)(103)، وسهل بن حماد، كما عند الدارمي (1282)، ويحيى بن سعيد، كما في «مسائل حرب» (18)، عن شعبة، فلم يذكروا السجود.
وعبد الرحمن اليحصبي: ترجمه البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات.
• والخلاصة: أن رواية شعبة أرجح من رواية حصين، وفي رواية شعبة اليحصبي، مجهول الحال، وذِكْرُ رَفْعِ اليدين في الهويِّ إلى السجود في الطريقين شاذٌّ.
وكتب شيخنا مع الباحث: أبي صهيب محمد بن السيد الفيومي بتاريخ (29) صفر (1444)، موافق (25/ 9/ 2022 م): حررت والحمد لله، والصواب رواية من روى عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن اليحصبي، عن وائل، وهي ضعيفة؛ لجهالة اليحصبي؛ فالخبر غير ثابت. والله أعلم ا هـ.
• تنبيه:
ورد من حديث أنس رضي الله عنه، والصواب فيه الوقف، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (2434): حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» على خلاف أيضًا في إثبات الشاهد.
هل رفع اليدين عند القيام من السجود ثابت؟
قال أبو داود في «سُننه» ، رقم (723): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي. قَالَ: فَحَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ الْتَحَفَ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ، وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ. قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، أَخْرَجَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَجَدَ، وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ.
وخالف عبدَ الوارث بن سعيد همامُ بن مُنَبِّه، فلم يَذكر زيادة:«وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ» ، أخرجه مسلم رقم، (401): حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، به.
• وتابع همامًا متابعةً قاصرةً على خلاف في شيخ عبد الجبار بن وائل
(1)
ثلاثةٌ:
1 -
المسعوديُّ.
2 -
الحسنُ بن عبد الله النَّخَعي.
3 -
فِطْرٌ.
ثلاثتهم عند أبي داود (724، 725، 727).
ورواه عاصم بن كُلَيْب عن أبيه عن وائل بن حُجْر، به.
• والخلاصة: قال أبو داود عقب الخبر: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هَمَّامٌ، عَنِ ابْنِ جُحَادَةَ، لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ مَعَ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ.
وكَتَب شيخنا مع الباحث: محمود بن أبي زيد، بتاريخ (7) رجب (1443 هـ)، الموافق (8/ 2/ 2022 م): لفظةٌ شاذةٌ من حديث وائل بن حُجْر رضي الله عنه.
تحرير القول في سماع علقمة لا يتسع له الوقت الآن اه.
(1)
تارة عن أهل بيتي، وأخرى بإسقاط الواسطة.
إن في الصلاة لشُغْلًا
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (1216): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَجَعْنَا، سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، وَقَالَ:«إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» .
اختلف فيه على الأعمش، رواه ثلاثة: كابن فضيل بإثبات علقمة، وخالفهم ستة، فأسقطوا علقمة، كما عند أحمد (3884) وغيره.
• وتابع هؤلاء الستة متابعةً قاصرةً على إسقاط علقمةَ اثنان:
1 -
الحكمُ بنُ عتيبة، كما عند النسائي (544).
2 -
حمَّادُ بنُ أبي سليمان، كما عند الطحاوي في «معاني الآثار» (2622).
• الخلاصة: أن الأرجح إسقاط الواسطة، ورجح أبو حاتم وابن عمار الشهيد إسقاط الواسطة، ونقله ابن رجب الحنبلي عن كثير من الحفاظ، في حين طلب شيخنا مزيد بحث من الباحث، خلف الفيومي، بتاريخ (9) رمضان (1443) موافق (10/ 4/ 2022 م).
حُكْم الالتفات في الصلاة
قال الإمام أبو داود في «سُننه» رقم (909): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يُحَدِّثُنَا فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ اللَّهُ عز وجل مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» .
وتابع أحمدَ بنَ صالحٍ أحمدُ بن عبد الرحمن، أخرجه ابن خُزيمة (481) وبحر بن نصر، أخرجه الحاكم (862).
وتابع ابنَ وهبٍ ابنُ المبارك، كما في «الزهد» (1186)، وأخرجه أحمد (21580)، والنَّسَائي (1195).
وتابعهما الليث بن سعد، أخرجه الدارمي (1463)، وابن خُزيمة (482).
وتابع يونسَ صالحُ بنُ أبي الأخضر -وهو ضعيف في الزُّهْري-، أخرجه البغوي في «شرح السُّنة» (2/ 252).
• والخلاصة: أن في سنده أبا الأحوص، مولى بني ليث، وهو إمام مسجد بني ليث، تَفَرَّد عنه الزُّهْري بالرواية، كما نص مسلم والنَّسَائي. وقال فيه ابن مَعِين: ليس بشيء. وقال النَّسَائي: لم نقف على اسمه ولا نعرفه. وقال أبو أحمد
الحاكم: ليس بالمتين عندهم. وقال الذهبي: مجهول. وقال ابن حجر: مقبول؛ فالإسناد ضعيف.
وللمتن له شاهد سبق
(1)
من حديث أبي مالك الأشعري، وفيه:«وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ» وإسناده صحيح.
وكَتَب شيخنا مع الباحث، محمد بن وجيه الكردي، بتاريخ (24) صفر (1444 هـ)، الموافق (20/ 9/ 2022 م): هل له شواهد؟
(1)
«سلسلة الفوائد» (5/ 290).
الخروج من الصلاة قبل تمامها
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (9937): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا إِغْرَارَ فِي صَلَاةٍ، وَلَا تَسْلِيمٍ» .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا إِغْرَارَ فِي الصَّلَاةِ» ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ: «لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبِي: وَمَعْنَى غِرَارٍ، يَقُولُ: لَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ عَلَى الْيَقِينِ وَالْكَمَالِ.
خالف ابنَ مهدي معاويةُ ابنُ هشام، فقال أداة التحمل بين أبي حازم وأبي هريرة أراه على الشك، أخرجه أبو داود في «سننه» ، رقم (6206) وأبو يعلى (929).
وخالف سفيانَ ابنُ فضيل فوقَفَهُ، ذكره أبو داود (929).
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث، أبي عمار عبد المقصود الكردي بتاريخ (15) من ذي القعدة (1443 هـ)، موافق (15/ 6/ 2022 م):
1 -
هناك من وقفه -ابن فضيل-.
2 -
سفيان اختلف عليه، وإن الأظهر عن سفيان الرفع، لكن رواية معاوية
فيها شك عنه، فلعلّ هذا يقوي وجهة الوقف، وأبو مالك الأشجعي لا نتشجع لتصحيح هذا الخبر بعينه عنه ا هـ.
هل الإشارة في الصلاة مبطلة لها؟
قال إسحاق في «مسنده» ، رقم (543): أَخْبَرَنَا يُونُسَ بْنُ بُكَيْرٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، وَمَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إِشَارَةً تُفْهمُ، فَلْيُعِدْ لَهَا الصَّلَاةَ»
(1)
.
تابع إسحاقَ عبدُ الله بن سعيد، كما عند أبي داود (937)، وإسماعيل بن حفص، كما عند البزار في «مسنده» (8416)، ومحمد بن عمر الكِنْدي، أخرجه البزار (8813).
وخالف أبا غطفان الجمهورُ: ذَكْوَان، وابن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن سيرين، وهَمَّام بن مُنَبِّه، وأبو نَضْرة، فلم يَذكروا لفظ: «ومَن أشار
…
» إلخ.
وأبو غطفان رَوَى عنه جماعة، ووَثَّقه ابن مَعِين والنَّسَائي والذهبي وابن حجر.
(1)
سئل أحمد كما في (سؤلات ابن هانيء)(2038): لا يثبت بهذا الإسناد إسناده ليس بشيء.
وقال الدارقطني في «سُننه» (2/ 456): قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: أَبُوغَطَفَانَ هَذَا رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَآخِرُ الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ فِي الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَالصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ. رَوَاهُ أَنَسٌ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ أَيْضًا.
وقال أحمد كما في «فتح الباري» (9/ 492): لا يَثبت هذا الحديث، إسناده ليس بشيء. وفي رواية: لا أعلم رواه غير ابن إسحاق.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد بن السيد جلالة، بتاريخ (8) صفر (1444 هـ)، الموافق (4/ 9/ 2022 م) إلى شذوذ:«وَمَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إِشَارَةً تُفْهمُ، فَلْيُعِدْ لَهَا الصَّلَاةَ» .
• وأما أدلة الجمهور خلافًا للأحناف، فأصحها وأصرحها حديثان:
• الحديث الأول: ما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (540) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ -قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ:«إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي» وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ.
وتابع الليث عمرو بن الحارث، أخرجه النسائي (1190) وابن حبان (2518).
وتابعهما زهير، أخرجه أحمد (14642) و (14345)، وأبو داود (926).
• تنبيه:
كتب شيخنا مع الباحث: أبي عمار الكردي، بتاريخ (16) جمادى الأولى (1444)، موافق (10/ 12/ 2022 م): ليس صريحًا في أن هذا ردٌّ للسلام، بل صريح في عدم رد السلام ا هـ.
• الحديث الثاني: ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (4568)
(1)
: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَسْجِدَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَسْجِدَ قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ رِجَالُ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَدَخَلَ مَعَهُ صُهَيْبٌ فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَصْنَعُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ؟، قَالَ: يُشِيرُ بِيَدِهِ قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لِرَجُلٍ: سَلْ زَيْدًا، أَسَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ وَهِبْتُ أَنَا أَنْ أَسْأَلَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَامَةَ، سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُهُ فَكَلَّمْتُهُ.
وتابع زيدَ بن أسلم على ذكر صهيب رضي الله عنه نابلٌ صاحب العباء، وهو مقبول، أخرجه الترمذي (367)، وأحمد (18931)، والنسائي «الكبرى» (1110).
(1)
تابع الإمام أحمد جماعة: الحميدي في «مسنده» (118) وعبد الرزاق في «مصنفه» (3597) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (36531) وعلي بن محمد، أخرجه ابن ماجه (1017)، ومحمد بن منصور، أخرجه النسائي في «الكبرى» (1111)، ومحمد بن الصباح، أخرجه أبو يعلى (5638).
(2)
خالف سفيان محمد بن عجلان، فرواه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا، أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2609) و (2619)، والطبراني في «الأوسط» (8631)، وفي سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث، ضعيف، وهو يرويه عن الليث به.
وخالفهما نافع من رواية هشام بن سعد عنه، فقلت لبلال بدل صهيب رضي الله عنهما، أخرجه أبو داود (927)، والبزار (1353)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (5509).
وروايتهما أصح، وعليه فالإسناد صحيح. وانتهى شيخنا مع الباحث: أبي عمار الكردي إلى صحة إسناده.
• الحديث الثالث: سبقت دراسته من حديث عمار بن يسار رضي الله عنه، وأنه معل بالإرسال، أخرجه عبد الرزاق (3578).
• أقوال الفقهاء:
قال أبو حنيفة كما في «الحجة على أهل المدينة» (1/ 146): وما أحب أن يشير بيده؛ فإن في الصلاة شغلًا.
وقال الزيلعي في «نَصْب الراية» (2/ 90): قوله: ولا يَرُد السلام بلسانه ولا بيده؛ لأنه كلامٌ معنى، حتى لو صافح بنية التسليم تَبطل صلاته. قلت: أجاز الباقون رد السلام بالإشارة. ولنا حديث جيد اه. فذَكَر رواية أبي غطفان هذه.
وخالفهم الجمهور
(1)
فجوزوا الإشارة في الصلاة للحاجة.
قال النووي في «المجموع للنووي» (4/ 104) في مذاهب العلماء فيما إذا سُلِّم على المصلي:
قد ذكرنا أن مذهبنا لا يَجوز أن يَرُد باللفظ في الصلاة، وأنه لا يجب عليه
(1)
(مواهب الجليل)(2/ 32)، و (المجموع)(4/ 104)، و (المغني)(2/ 10).
الرد، لكن يُستحب أن يَرد في الحال إشارة، وإلا فبَعْد السلام لفظًا.
وبهذا قال ابن عمر، وابن عباس، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وجمهور العلماء، نَقَله الخَطَّابي عن أكثر العلماء.
وحَكَى ابن المنذر والخَطَّابي عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب والحسن البصري وقتادة، أنهم أباحوا رد السلام في الصلاة باللفظ.
وقال أبو حنيفة: لا لفظًا ولا إشارة.
قال ابن المنذر: هذا خلاف الأحاديث.
وحَكَى الشيخ أبو حامد عن عطاء والثوري أنهما قالا: يَرُدُّ بعد فراغ صلاته، سواء كان المُسَلِّم حاضرًا أم لا. ورُوي عن أبي الدرداء. وقال النَّخَعي: يَرُد بقلبه. والله أعلم.
السترة في المسجد الحرام
ورد فيها نص خاص ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (2387): عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ سُتْرَةٌ.
وتابع عمرَو بن قيس على الاتصال جماعةٌ بأسانيد نازلة، لكن رواه ابن عيينة، وبين علته، وهي إثبات واسطة بين كثير بن كثير وجده هي بعض أهله، أخرجه الحميدي (588).
وقال الدارقطني في «علله» (3408): قال ذلك الحميدي عن ابن عيينة وضبطه، وقول ابن عيينة أصحها.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد الفتاح، بتاريخ (10) جمادى الأولى (1444)، موافق (4/ 12/ 2022 م): الخبر معلول ا هـ.
وسألته عقب النقاش عن رأيه فقال: المسجد الحرام شأنه شأن غيره من المساجد إلا للضرورة، والبخاري عنون: بَابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا.
حكم السترة
وردت لفظة بالأمر هكذا: «فليصل إلى سترة» من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وهي شاذة، فقد أخرجها ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (2892): حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَر، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا، وَلا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَمُرُّ فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» .
وخالف ابن عجلان الإمامُ مالك، كما في «الموطأ» (273)، ومن طريقه مسلم (2/ 214) وغيره، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلَا يَدَعْ أَحَداً يَمُرُّ بَيَنَ يَدَيْهِ، وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ. فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» .
وتابع مالكًا الدراورديُّ، كما عند أبي عوانة (1389)، والسدي، كما عند ابن المقرئ في «معجمه» (430)، وقتيبة بن سعيد، كما عند النسائي (835)، وداود بن قيس، كما عند عبد الرزاق (2328).
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد الفتاح، بتاريخ (10) جمادى الأولى (1444)، موافق (4/ 12/ 2022 م): والصواب لفظ الجماعة.
إذا كان مرور الكلب أو الحمار أو المرأة أمام المصلي يؤثر على سلامة الصلاة فكيف بالهواتف والزخارف والمستحدث في هذا الزمان!
1 -
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (511): وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَصَمِّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» .
وزيد على هؤلاء الثلاثة أربعة، وتقييد المرأة بالحائض في خبر ابن عباس لكنه معل، قال عبد بن حميد في «المنتخب» ، رقم (576)
(1)
: حَدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ، حَدَّثني أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ وَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ وَالْخِنْزِيرُ» ، قَالَ:«وَيَكْفِيكَ إِذَا كَانُوا مِنْكَ عَلَى قَدْرِ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ لَمْ يَقْطَعُوا عَلَيْكَ صَلَاتَكَ» .
وأخرجه أبو داود في «سننه» ، رقم (703): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَفَعَهُ
(1)
وتابعه محمد بن إسماعيل وغيره.
شُعْبَةُ - قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ وَالْكَلْبُ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَفَهُ سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
ويفهم من قول الإمام أحمد ترجيح الواقف على هشام فقد قال: «شعبه يرفعه وهشام لم يرفعه، وكان هشام حافظا» .
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد الفتاح بن عيد المنوفي: يبدو -والله أعلم- أن الموقوف أصح؛ لأمرين:
1 -
رواية الشك عند عبد بن حميد، ولم يأت بها الأخ.
2 -
رواية جابر بن زيد الموقوفة ا هـ.
قال الإمام البخاري (489)، ومسلم (512)، من طريق مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ، وَالْحِمَارُ، وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ شَبَّهْتُمُونَا بِالْحَمِيرِ وَالْكِلَابِ، وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.
قال النووي في «شرح مسلم» (4/ 227): اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْطَعُ هَؤُلَاءِ الصَّلَاةَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنه: يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ، وَفِي قَلْبِي مِنَ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ: إِنَّ الكلب لم يجيء فِي التَّرْخِيصِ فِيهِ شَيْءٌ يُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَفِيهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها الْمَذْكُورُ بَعْدَ هَذَا، وَفِي الْحِمَارِ حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ السَّابِقُ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهم وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: لَا تَبْطُلُ
الصَّلَاةُ بِمُرُورِ شَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ نَقْصُ الصَّلَاةِ؛ لِشُغْلِ الْقَلْبِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَالُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي نَسْخَهُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ: لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمَرْءِ شَيْءٌ، وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَهَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتَأْوِيلِهَا وَعِلْمِنَا التَّارِيخَ، وَلَيْسَ هُنَا تَارِيخٌ، وَلَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَالتَّأْوِيلُ، بَلْ يُتَأَوَّلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، مَعَ أَنَّ حَدِيثَ:«لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمَرْءِ شَيْءٌ» ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
التطبيق في الصلاة
قال الإمام مسلم، رقم (534): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ، قَالَا: أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: أَصَلَّى هَؤُلَاءِ خَلْفَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا. قَالَ: فَقُومُوا فَصَلُّوا، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. قَالَ: وَذَهَبْنَا لِنَقُومَ خَلْفَهُ، فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا، فَجَعَلَ أَحَدَنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ. قَالَ: فَلَمَّا رَكَعَ، وَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا. قَالَ: فَضَرَبَ أَيْدِيَنَا، وَطَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا، وَيَخْنُقُونَهَا إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى
(1)
، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً، وَإِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً، فَصَلُّوا جَمِيعًا، وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، وَإِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُفْرِشْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَلْيَجْنَأْ
(2)
، وَلْيُطَبِّقْ بَيْنَ كَفَّيْهِ، فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى اخْتِلَافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرَاهُمْ».
(1)
أَي: يؤخرونها إِلَى اخر وَقتهَان=، شبه مَا بَقِي من الْوَقْت فِي التَّأْخِير بشرق الْمَوْتَى الَّذِي يكون فِي آخر الْحَيَاة، كما في «تفسير غريب الصحيحين» لأبي عبد الله الحميدي (ص: 69).
(2)
معناه: الانحناء والانعطاف في الركوع. انظر: «شرح النووي على مسلم» (5/ 17).
تابع أبا معاوية جماعةٌ: شُعبةُ، أخرجه أحمد (4272)، ومحمد بن فُضَيْل، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (2540)، وعيسى بن يونس، أخرجه ابن حِبان (2540)، والشافعي، كما في «معرفة السُّنن» (3365).
وتابع إبراهيمَ النَّخَعيَّ أبو إسحاق من رواية مَعْمَر عنه
(1)
، أخرجه عبد الرزاق (2952).
وتابعهما عبدُ الرحمن بنُ الأسود بالشاهدِ، لكن قال: عن علقمة بن قيسٍ النَّخَعي، أخرجه أحمد (3974)، وابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (2541)، وابن الجارود في «المُنتقَى» (196) والبخاري في «قُرَّة العينين» (32).
ولفظه: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، فَقَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ فَطَبَّقَ يَدَيْهِ، جَعَلَهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدًا، فَقَالَ: صَدَقَ أَخِي، قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُمِرْنَا بِهَذَا.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهَذَا الْمَحْفُوظُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
• والخلاصة: أن التطبيق ثابت عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(1)
وخالف مَعْمَرًا إسرائيلُ، فقال: عن أبي إسحاق، عن ابن الأسود، عن الأسود وعلقمة، به. أخرجه أحمد (3927).
• بيان:
أولًا: التَمَسَ ابن حِبان أن ابن مسعود رضي الله عنه لم تَبْلغه الأخبار؛ فلذا بَوَّب ب: (ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنُّ الْخَيِّرَ الْفَاضِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ مَا يَحْفَظُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَثُرَ
(1)
مُوَاظَبَتُهُ عَلَيْهَا وِعِنَايَتُهُ بِهَا).
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 274): وَحُمِلَ هَذَا عَلَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ.
ثانيًا: قال الإمام الترمذي في «سُننه» (2/ 44): العَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُطَبِّقُونَ، وَالتَّطْبِيقُ مَنْسُوخٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ.
ومال الدارقطني إلى النَّسْخ، فبَوَّب في «سُننه» (2/ 137): بَابُ ذِكْرِ نَسْخِ التَّطْبِيقِ، وَالْأَمْرِ بِالْأَخْذِ بِالرُّكَبِ.
ثالثًا: الأخبار في هذا الباب:
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي. قَالَ: وَجَعَلْتُ يَدَيَّ بَيْنَ رُكْبَتَيَّ، فَقَالَ لِي أَبِي: اضْرِبْ بِكَفَّيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ. قَالَ: ثُمَّ فَعَلْتُ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَضَرَبَ يَدَيَّ وَقَالَ: إِنَّا نُهِينَا عَنْ هَذَا، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضْرِبَ بِالْأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ. أخرجه مسلم (5).
(1)
كثرت
• وثَمَّةَ نُصوصٌ تؤيد النَّسْخ:
منها حديث أبي حُميدٍ الساعدي، وفيه:«وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ» ، أخرجه البخاري (828).
وحديث وائل بن حُجْر رضي الله عنه، وفيه:«فَلَمَّا رَكَعَ، وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ» ، أخرجه أحمد بإسناد حسن.
ونحوه من حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه ابن ماجه (1062)، لكن في سنده حارثة بن أبي الرجال، ضَعَّفه ابن مَعِين وأحمد وأبو حاتم.
• تنبيه:
في الخبر السابق مسألتان:
1 -
الإقامة عند القيام إلى الصلاة.
2 -
وقوف الرُّجلين عن يمين الإمام وشماله.
قال النووي في «شرحه على مسلم» (14/ 16): هذا مذهب ابن مسعود وصاحبيه، وخالفهم جميع العلماء من الصحابة فمَن بعدهم إلى الآن، فقالوا: إذا كان مع الإمام رجلان، وقفا وراءه صفًّا؛ لحديث جابر وجبار بن صخر، وقد ذَكَره مسلم في «صحيحه» في آخر الكتاب، في الحديث الطويل عن جابر،
وأجمعوا إذا كانوا ثلاثة، أنهم يقفون وراءه
(1)
.
وأما الواحد، فيقف عن يمين الإمام عند العلماء كافة، ونَقَل جماعةٌ الإجماعَ فيه.
ونَقَل القاضي عِيَاضٌ -رحمه الله تعالى-- عن ابن المسيب، أنه يقف عن يساره، ولا أظنه يصح عنه، وإن صح، فلعله لم يَبلغه حديث ابن عباس، وكيف كَانَ، فَهُمْ اليوم مُجمِعُون على أنه يقف عن يمينه.
(1)
من أدلة ذلك: ما أخرجه البخاري (31) ومسلم (658)، من طريق مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ:«قُومُوا فَأُصَلِّيَ لَكُمْ» . قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ.
وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عن طريقٍ آخَرَ لهذا الخبر، فلم يعرفه، كما في «العلل الكبير» (96).
تنويع الأذكار في الركوع والسجود
سبق الذكر المشهور فيهما وإليك ما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (487): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، أَنَّ عَائِشَةَ نَبَّأَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ:«سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» .
تابع محمدَ بنَ بِشْر جَمْعٌ: عَبْدةُ بنُ سليمانَ، وَرْوحُ بن عُبَادةَ، وعبدُ الوهاب، وابنُ عَدِيٍّ، والقَطَّانُ
(1)
، على «ركوعه وسجوده»
(2)
.
وكذلك تابعهم متابعة قاصرة عن قتادة هشامُ الدَّستوائيُّ من رواية ثلاثة عنه: عمرُو بن الهيثم، أخرجه أحمد (24063) ومسلمُ بن إبراهيم، أخرجه أبو
(1)
زاد يحيى القطان تَكرار الذِّكر: «ثلاث مرات» ، قال الإمام أحمد في «مسنده» (25606): ثم شك يحيى في «ثلاث» .
(2)
ورواه سعيد بن عامر، عن سعيد بن أبي عَروبة، بلفظ:«سجوده» ، أخرجه أبو عَوَانة في «مستخرجه» (1810).
ورواه يزيد عن سعيد، بلفظ:«ركوعه» أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (7646).
داود (872)، وشُعبة
(1)
، أخرجه أبو عَوَانة (1813).
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: أبي عائشة محمد بن جمال بن عبد الحميد الجِيزي
(2)
، بتاريخ (28) رجب (1443 هـ)، الموافق (1/ 3/ 2022 م): لفظة ركوعه وسجوده صحيحة، وهي الأصح من رواية سعيد، وكذلك صحيحة من رواية شُعبة من طريق ابن جعفر.
(1)
جمهور الرواة: محمدُ بن جعفر، ورَوْحٌ، وأبو داود، وعفانُ، وبَهْزٌ، وسعيدُ بن عامر، وخالدُ بن الحارث، عن شُعبةَ، عن قتادةَ، بإسقاط هشام.
وخالفهم سليمان بن حرب في وجه عنه، فزاد هشامًا بين شُعبة وقتادة.
تنبيه:
جُلّ الرواة عن شُعبة بلفظ: «في ركوعه» ، وخالفهم محمد بن جعفر ورَوْح، فقالا:«في ركوعه وسجوده» ، وتابعهم أبو داود وسليمان بن حرب، كلاهما في وجه.
(2)
والجِيزة الآن إحدى محافظات مصر، ويُنسَب إليها عدد من العلماء.
ففي (الأنساب)(2/ 144) للسمعاني: هذه النسبة إلى جيزة، بكسر الجيم، وسكون الياء المعجمة بنقطتين من تحتها، والزاي المعجمة. وهي بُليْدة بفسطاط مصر في النيل، كان بها جماعة من العلماء والأئمة، فمنها الربيع بن سليمان بن داود الجِيزي، كان بجِيزة مصر، فنُسِب إليها
…
إلخ.
الطُّمأنينة في الركوع والسجود
سبق فيها حديث أبي مسعود، وفيها أيضًا ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (2957)
(1)
: حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ- وَكَانَ مِنَ الْوَفْدِ- قَالَ: خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَلَمَحَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنِهِ إِلَى رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، قَالَ:«يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، لَا صَلَاةَ لِامْرِئٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» .
وخالف مُلازِمًا في اللفظ أربعةٌ من الضعفاء، فقالوا:«لا يَنظر الله إلى رجل لا يقيم صُلْبه- وفي رواية: ظَهْره- بين الركوع والسجود- وفي رواية: في الركوع والسجود» .
صَحَّح البخاريُّ طريقَ مُلازِم في «التاريخ الكبير» (6/ 261)، وإسناده صحيح.
ومُلازِمٌ: ثقة عند الأكثر، وَهُمُ ابن مَعِين وأبو زُرْعَة والنَّسَائي وابن حِبان والدارقطني، وقال أحمد: مُقارِب من الثقات. وقال أبو حاتم وأبو داود: لا بأس به.
(1)
وأخرجه ابن ماجه.
وعبد الله بن بدر: وثقه الدارمي وأبو زُرْعَة وابن مَعِين والعِجْلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» ولم يقف الباحث على مُضَعِّف له.
• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: محمد بن إسماعيل البلقاسي، بتاريخ (4) رجب (1443 هـ)، الموافق (6/ 3/ 2022 م): احكم على السند وفقك الله.
القنوت قبل الركوع
ورد فيه من حديث أنس
(1)
وضعّف من حيث أبي بن كعب رضي الله عنه، أخرجه النسائي في «سننه» ، رقم (1699): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِذَا فَرَغَ، قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ:«سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ.
وخالف مخلدًا أبو نعيم ومحمدُ بنُ عبيدٍ كما عند النسائي (10503، 10504).
(1)
اخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (1002): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ القُنُوتِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ القُنُوتُ قُلْتُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَبْلَهُ، قَالَ: فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ:«كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ، زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا، إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ» ، وليحرر موطن الشاهد.
وتابع مخلدًا جماعةٌ: مسعرُ كما عند الشاشي (1432)، وفطر بن خليفة كما عند الدارقطني (1660)، والحسن بن عمارة -وهو متروك- عند أبي الشيخ (2/ 65).
خالف هؤلاء جمهورُ الرواةِ عن زبيد: منصورُ وشعبةُ والأعمشُ وعطاءُ بن السائب وغيرهم، فلم يذكروا القنوت قبل الركوع.
ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبد الرحمن به، واختلف على سعيد بن أبي عروبة، فرواه عنه بزيادة القنوت عيسى بن يونس، أخرجه النسائي وغيره.
وخالف عيسى جمهورُ الرواة عن سعيد بدونها.
وتابعهم هشامُ الدَّستوائيُّ وشعبة عن قتادة بدونها.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (28) من ذي القعدة (1443)، موافق (28/ 6/ 2022 م) إلى ضعفها من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
فضل السجود وتقسيم الصلاة أثلاثا
قال البزار في «مسنده» ، رقم (9273): حدثنا زَكَرِيَّا بن يحيى الضرير، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا مغيره ابن مسلم، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالحٍ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّلاةُ ثلاثةُ أثلاثٍ الطهور ثلث والركوع ثلث والسجود ثلث فمن أداها بحقها قبلت منه وقبل منه سائر عمله ومن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله» .
تابع المغيرةَ يزيدُ بنُ سنانٍ، وهو متروك، أخرجه الصيداوي في «معجم الشيوخ» (ص/ 323).
وخالفهما أصحاب الأعمش، فقالوا: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن كعب الأحبار قوله كما علقه البزار
(1)
.
وكذلك تابع الأعمشَ على أنه من قول كعب الأحبار أبو إسحاق السبيعيُّ، أخرجه عبد الرزاق (3791).
(1)
قال البزار: وهذا الحديثُ إنما يحفظ من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن كعب من قوله، ولا نعلم أحدا أسنده فقال: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلا المغيرة بن مسلم، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن مرعي، بتاريخ الأحد (21) شوال (1443)، موافق (22/ 5/ 2022 م) إلى أن الصحيح أنه من قول كعب الأحبار
(1)
.
(1)
وصححه العلامة الألباني (2537).
صفة الجلوس بين السجدتين
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (536): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ -وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ-، قَالَا جَمِيعًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ، فَقَالَ:«هِيَ السُّنَّةُ» فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم» .
وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» ، رقم (2735): أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ إِذَا سَجَدَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأُولَى، يَقْعُدُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، سيد بن بيومي، بتاريخ (22) صفر (1444 هـ)، الموافق (18/ 9/ 2022 م) إلى تحسين إسناده. اه.
فأوردتُ عليه اعتراضًا، وهو أن هذا الخبر راجع إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما في «الصحيحين» في مواطن رفع الأيدي في الصلاة، مع اتساع المَخرج.
فأجاب شيخنا: لا تربطه لاتساع المَخرج.
ثم مع البحث ظهر لي ما يقوي ربطه، وهو ما أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (1/ 29)، رقم (71): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نَا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا كَبَّرَ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا سَجَدَ.
لَمْ يَرْوِهِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ إِلَّا مَسْلَمَةُ.
وبما أخرجه البخاري في «قُرة العينين برفع اليدين في الصلاة» ، رقم (50): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ.
الدعاء بين السجدتين
ورد في الدعاء بين السجدتين حديثان يقوي أحدهما الآخر في القدر المشترك:
•
الأول: حديث حذيفة رضي الله عنه
-.
أخرجه ابن ماجه (897) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ:«رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي»
وخالف حفصًا جماعةٌ: عبد الله بن نمير، وأبو معاوية، وجرير، ثلاثتهم عند مسلم (772) وغيره عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ:«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ.
قَالَ: وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ:«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» .
وتابعهم سفيانُ، كما عند أحمد (23311)، وأيضًا ابنُ فضيل، كما عند أبي عوانة (1819).
ورواية الجماعة بدون وجه الشاهد مقدمة، خاصة أن حفصًا تغيّر. ورواه شعبة بن الحجاج، واختلف عليه، فرواه عنه الأكثر كرواية هؤلاء الخمسة: ابنُ مهدي، والطيالسيُّ، وسعيدُ بن عامر، وسليمانُ بن حرب، وزائدةُ، ابنُ أبي عدي، وحفصُ بن عمر، ويحيى، ومحمدُ بن جعفر، وعفانُ بن مسلم، وبشيرُ بنُ عمر، هؤلاء أحد عشر راويا بدونها. انظر النسائي في «الكبرى» (1028)، والترمذي (262) وأبا داود (871) وغيرهم.
وخالفهم في السند والمتن يزيدُ بن زريع، كما عند النسائي، وخالد وعلي بن الجعد، والطيالسي في وجه، كما عند أبي داود (874)، ويحيى بن أبي بكير، كما في «شرح مشكل الآثار» (712)، وابن المبارك، كما في «الزهد» (101)، فقالوا: عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة طلحة بن يزيد، عن رجل من بني عبس، عن حذيفة مرفوعا:«رب اغفر لي، رب اغفر لي» .
وقال الطيالسي: يرى شعبة أن الرجل من بني عبس هو صلة بن ظفر، ويؤيد هذا أن صلة من بني عبس.
وأبو حمزة: روى عنه عمرو بن مرة، ووثقه النسائي، وابن حبان.
ورواه العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة، عن حذيفة، واختلف عليه، فرواه يحيى بن زكريا، والنضر بن محمد، وزهير بن معاوية،
بلفظ «رب اغفر لي» مرة.
وخالفهم حفص بن غياث، -وقد سبق قبل ذلك أنه ذكرها-، وابن فضيل، وجعفر بن زياد، بدونها.
وقال أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النسائي: «هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي مُرْسَلٌ، وَطَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ، لَا أَعْلَمُهُ سَمِعَ مِنْ حُذَيْفَةَ شَيْئًا، وَغَيْرُ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ» .
• الخبر
الثاني حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا
«رب اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارفعني وارزقني» ، أخرجه الترمذي (284)، وقال غريب، وابن ماجه (898) من طريق كامل أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. وأخرجه أحمد بإسقاط ابن جبير.
القراءة الطويلة جدًّا في الفجر أحيانًا لا عادة
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3583): حَدَّثنا ابْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِالْبَقَرَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ حِينَ فَرَغَ: كَرَبَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ! قَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ.
وتابع ابنَ عيينةَ معمرٌ، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (2711)، وإسناده صحيح.
وتابع الزهريَّ قتادةُ، وعنه شعبة، لكن بذكر آل عمران بدل البقرة
(1)
، أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (657)، وإسناده صحيح.
وتابع الزهري مالكٌ، بذكر سورة البقرة عن عروة بن الزبير، أن أبابكر صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في الركعتين كلتيهما. أخرجه مالك في «الموطأ» (1/ 82) والبيهقي في «السنن الكبير» (2/ 544)، و «معرفة السنن والآثار» (4806)، ورواية عروة عن أبي بكر مرسلة، قاله ابن المديني.
(1)
وتابع شعبةَ معمرٌ، كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (2712)، وهشامٌ، كما عند البيهقي في «السنن الكبير» (1649).
وورد بسند فيه ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه، أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1089).
• والخلاصة:
أن الأثر صحيح، وانتهى شيخنا معي إلى ذلك، بتاريخ (22) ربيع أول (1444)، موافق (17/ 10/ 2022 م).
قال الطحاوي في «شرح معاني» (1/ 180) رقم (1078): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ
(1)
، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ الصُّبْحَ، فَقَرَأَ فِيهَا بِالْبَقَرَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا اسْتَشْرَفُوا الشَّمْسَ، فَقَالُوا طَلَعَتْ، فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ.
وإسناده صحيح؛ يزيد ثقة وكذلك محمد بن يوسف هو الكندي ثقة ثبت.
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/ 42) رقم (7392): حَدَّثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخبرَنا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: شَكُّوا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي عَهْدِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَأَمَرَ مُؤَذِّنَهُ، فَأَقَامَ الصَّلَاة، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ، وَاسْتَفْتَحَ الْبَقَرَةَ حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَاسْتَفْتَحَ آلَ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، قَالَ: وَأَضَاءَ لَهُمُ الصُّبْحُ.
(1)
وتابع السائبَ بنَ يزيدٍ أبو عثمان النهديُّ، وعنه عاصم الأحول، وعنه أبو معاوية، أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (1650)، وفي رواية أبي معاوية عن غير الأعمش مقال، لكنها على كل متابعةٌ.
• والخلاصة:
أن رجاله ثقات؛ هشيم: هو ابن بشير ثقة مدلس، لكن صرح بالتحديث هنا، ومنصور: هو ابن زاذان ثقة
(1)
، والحسن: هو البصري، روايته عن ابن عباس في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، لكن قال ابن المديني: الحسن لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما.
وكتب شيخنا معي، بتاريخ (22) ربيع أول (1444)، موافق (17/ 10/ 2022 م): الحسن عن ابن عباس منقطع.
(1)
وفي طبقته اثنان آخران:
1 -
ابن المعتمر.
2 -
ابن عبد الرحمن الغافقي.
وكلاهما لا يروي عنهما هشيم في التهذيب.
القراءة في المغرب
ثبت فيها سورة الطور والمرسلات، أما الأعراف فمختلف فيه، وأذهب إلى ما ذهب إليه البخاري، فقد أخرج البخاري، رقم (764): حَدثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ.
وتابع أبا عاصم خالد بن الحارث، كما عند النسائي (990)، وعبد الرزاق كما في «المصنف» (2691)، ومحمد بن جعفر، أخرجه أحمد (21641).
وتابع ابن أبي مليكة عبد الرحمن بن أبي الزناد، أخرجه أحمد (21633).
خالفهما -ابن أبي مليكة وعبد الرحمن- أبو الأسود، فأسقط مروان، أخرجه النسائي (989)، وهذا منقطع؛ لعدم سماع عروة من زيد رضي الله عنه، وروايتهما أرجح.
وخالفهم هشام بن عروة، فقال: عن أبيه أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، أَوْ أَبَا أَيُّوبَ، قَالَ لِمَرْوَانَ: أَلَمْ أَرَكَ قَصَّرْتَ سَجْدَتَيِ الْمَغْرِبِ؟ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِيهَا بِالْأَعْرَافِ»، أخرجه أحمد (22010، 23544) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (3591) وابن خزيمة (517).
وخالفهم شعيب بن أبي حمزة، فقال: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة وفيه:«فرقها في ركعتين» ، أخرجه النسائي (1063).
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» : هذا خطأ، إنما هو عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
• والخلاصة: أن طريق ابن أبي مليكة بمتابعة عبد الرحمن بن أبي الزناد أرجح لدي، واختاره البخاري في صحيحه.
وسئل عنه في «العلل الكبير» (ص: 73) فقال: الصَّحيح عن هِشام بن عُروة، عن أَبيه، عن أَبي أَيوب أَوْ زيد بن ثابت. هِشام بن عُروة يشك في هذا الحديث، وصحح هذا الحديث عن زيد بن ثابت.
رواه ابن أَبي مُلَيكة، عن عُروة، عن مَرْوان بن الحكم، عن زيد بن ثابت.
وانتهى شيخنا مع الباحث: حمدي بن سليم، بتاريخ (26) ربيع الآخر (1444)، موافق (20/ 11/ 2022 م) إلى إعلاله بمروان بن الحكم
(1)
إن
(1)
روى له البخاري مقرونا بالمسور بن مخرمة حديث صلح الحديبية، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وروى له الجماعة إلا مسلمًا.
تنبيه:
ورد ذكره في «صحيح مسلم» (1361) في الرد عليه، وإليك النص: عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، خَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ تَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ، إِنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ، قَالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ»
وكذلك في «صحيح مسلم» (1610) في الفصل بين أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ، وسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، أحد العشرة المبشرين رضي الله عنه، وأنها ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا.
وأيضًا في «صحيح مسلم» ، رقم (4951) رد عبد الله بن عمرو عليه تحديثه أن أول الآيات خروجًا الدجال.
وما سبق وغيره ليس مروان بن الحكم رحمه الله فيه من رجال الإسناد عند مسلم.
أشار إلى وجود مروان في «صحيح مسلم» الباحث" سمير بن قريش -حفظه الله-.
ثبت في السند، والانقطاع إن رجح طريق أبي الأسود.
• تنبيه: مروان بن الحكم لم يضعفه أحدٌ في النقل بل له عدد من الأخبار في (صحيح البخاري) إضافة إلى هذا:
1 -
في التفسير رقم (2832) من طريق ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدثني سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخبَرَنا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيْهِ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ، وَكَانَ أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
2 -
في القضاء رقم (5321) من طريق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ؛ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَمِ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ إِلَى مَرْوَانَ، وَهُوَ أَمِيرُ المَدِينَةِ: اتَّقِ اللهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا، قَالَ مَرْوَانُ
فِي حَدِيثِ سُلَيمَانَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَكَمِ غَلَبَنِي، وَقَالَ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ قَالَتْ: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ، فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الحَكَمِ: إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ، فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ.
3 -
في فضل الشعر رقم (6145) من طريق أَبي بَكْرِ بْن عَبدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً.
4 -
في صلح الحديبية رقم (2307).
5 -
في النهي عن المتعة في الحج رقم (1563).
6 -
الإذن في عتق هوازن رقم (7176).
• وأفضل من أجاب عن إخراج البخاري له فيما وقفت عليه ابن حجر في (هدي الساري)(ص: 322) فقال: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، ابن عم عثمان بن عفان:
يقال له رؤية فإن ثبتت فلا يعرج على من تكلم فيه.
وقال عروة بن الزبير
(1)
: كان مروان لا يتهم في الحديث.
وقد روى عنه سهل بن سعد الساعدي الصحابي اعتمادا على صدقه.
وإنما نقموا عليه أنه رمى طلحة يوم الجمل بسهم فقتله ثم شهر السيف في طلب الخلافة حتى جرى ما جرى.
(1)
وكان مروان خصمًا لأخيه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
- فأما قتل طلحة فكان متأولا فيه كما قرره الإسماعيلي وغيره.
وأمَّا ما بعد ذلك فإنما حمل عنه سهل بن سعد وعروة وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في صحيحه لما كان أميرا عندهم بالمدينة قبل أن يبدو منه في الخلاف على بن الزبير ما بدا، والله أعلم.
وقداعتمد مالك على حديثه ورأيه. والباقون سوى مسلم
(1)
.
(1)
جاء ذكره في عدد من الأخبار في (صحيح مسلم) لكن ليس من رجال السند.
ومن أمثلة ذلك:
1 -
في (صحيح مسلم)(1361) في الرد عليه وإليك النص: عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، خَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ:«مَا لِي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ تَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» ، " وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ إِنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ، قَالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ "
2 -
وكذلك في (صحيح مسلم)(1610) في الفصل بين أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ، وسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أحد العشرة المبشرين رضي الله عنه وأنها ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا
…
3 -
وأيضًا في (صحيح مسلم) رقم (4951) رد عبد الله بن عمرو عليه تحديثه أن أول الآيات خروجًا الدجال.
الصلاة على الوسادة
قال البيهقي في «السنن الكبير» ، رقم (3669): أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الرَّزَّازُ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، ثنا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ مَرِيضًا، فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ، فَأَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا، فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ:«صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إِنِ اسْتَطَعْتَ وَإِلَّا فَأَوْمِ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ» .
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ.
قال البيهقي: هَذَا الْحَدِيثُ يُعَدُّ فِي إِفْرَادِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ.
وقال أبو نعيم في «حلية الأولياء» (7/ 92): تَفَرَّدَ بِهِ الْحَنَفِيُّ.
• الخلاصة: أن الأسانيد النازلة ظاهرها الحسن، لكن أعله أبو حاتم بالوقف، ولم يقف الباحث على الموقوف.
وطلب شيخنا مزيد بحث مع الباحث، خالد بن صالح، بتاريخ (16) رمضان (1443)، موافق (17/ 4/ 2022 م).
هل اضطجاعه صلى الله عليه وسلم بعد الوتر أو سنة الفجر؟
جمهور الرواة عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، خلافًا للإمام مالك، فجعله بعد الوتر، كما في «موطئه» (1/ 120)، رقم (8) قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ.
ومن طريقه أخرجه مسلم (1/ 508)، واتفق الرواة: يحيى بن يحيى، وابن وهب، والقعنبيُّ، وقتيبة، ومعن بن عيسى، وابن مهدي، ومطرف، وعبد الله بن يوسف، وعبد الله بن نافع المخزومي، وغيرهم، عن مالك بذلك.
وخالفه جمهورُ أصحاب الزهري، أخرجه البخاري، رقم (626) قال: حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ بِالأُولَى مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ، بَعْدَ أَنْ يَسْتَبِينَ الفَجْرُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ.
وأخرجه مسلم (1/ 508) عن حرملة، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن الزهري به.
وتابع شعيبًا وعمرَو بنَ الحارث يونسُ، وابنُ أبي ذئب، وعقيلٌ، وصالحُ بن أبي الأخضر، وإبراهيمُ بن أبي عبلة، وأبو المؤمل الشامي، وعبدُ الرحمن بن إسحاق، والأوزاعيُّ، ومعمرٌ.
وتابع الزهريَّ أبو الأسود، كما عند البخاري (2/ 55)، ويزيد بن الهاد، أخرجه أحمد (41/ 467).
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عبد الله بن صادق، بتاريخ (1) ربيع (1444)، موافق (27/ 9/ 2022 م): الجماعة عن الزهري بعد ركعتي الفجر والعلماء
(1)
خطَّئُوا مالكًا في هذا ا هـ.
• تنبيه:
الخبر متفق عليه في مبيت ابن عباس عند خالته ميمونه، مثل الشاهد من رواية مالك هنا، فقد أخرج مسلم، رقم (763): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ خَالَتُهُ، قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ
(1)
ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالكٌ، رقم (17)، وعدّه مسلم في «التمييز» (ص/ 190) من أوهام مالك، وقال ابن رجب في «فتح الباري» (9/ 129) وهذا مما عده الحفاظ من أوهام مالك، منهم مسلم في «التمييز» .
فَصَلَّى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.
وأخرجه كذلك البخاري، رقم (183): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ به وفيه: «ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى» .
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (5/ 394): وزعم محمد بن يحيى وغيره أن ما ذكروا من ذلك هو الصواب دون ما قاله مالك، قال أبو عمر: لا يدفع ما قاله مالك من ذلك؛ لموضعه من الحفظ والإتقان، وثبوته في ابن شهاب، وعلمه بحديثه، وقد وجدنا معنى ما قاله مالك في هذا الحديث منصوصا في حديثه عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس، حين بات عند ميمونة خالته.
الضجعة بعد سُنة الفجر
(1)
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (6549): حَدَّثنا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثنا مِسْعَرٌ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، قَالَ: رَأَى ابْنُ عُمَرَ قَوْمًا اضْطَجَعُوا بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ، فَقَالُوا: نُرِيدُ بِذَلِكَ السُّنَّةَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهَا بِدْعَةٌ
(2)
.
وقال أيضًا رقم (6544): حَدَّثنا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ ضَجْعَةِ الرَّجُلِ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: يَتَلَعَّبُ بِكُمُ الشَّيْطَانُ
(3)
.
وقال أيضًا، رقم (6540): حَدَّثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخبرَنا حُصَيْنٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فَمَا رَأَيْتُهُ اضْطَجَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
(4)
.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 43): كذا ما حُكِي عن ابن عمر أنه
(1)
يُلحَق ب «سلسلة الفوائد» (1/ 345).
(2)
إسناده ضعيف؛ لضعف زيدٍ العَمِّيّ.
(3)
إسناده صحيح: عمران بن حُدَيْر ثقة ثقة.
(4)
إسناده صحيح.
بدعة، فإنه شذ بذلك، حتى رُوي عنه أنه أَمَر بحَصْب مَنْ اضطجع.
• بيان:
الصواب عن ابن عمر: أنه استنكر هذه الضجعة، أما وصفها بالبدعية فضعيف، ولعله لم يَبلغه فعله صلى الله عليه وسلم، أما أَمْره بها، فضعيف كما سيأتي.
وقد وَجَّه ابن حجر
(1)
استنكار ابن مسعود ا والشَّعْبي، بعدم العلم به، فقال:«فهو محمول على أنه لم يَبلغهما الأمر بفعله» عَقِب ما أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (1160): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ.
تابع الأسود على الاضطجاع الزهري أخرجه البخاري (626، 994، 1123، 6310) ومسلم (736).
وتابعهما هشام بن عروة وعراك بن مالك دون ذكر الاضطجاع.
وتابع عروة بن الزبير على الاضطجاع أبو سلمة أخرجه الخاري (1161، 1168) ومسلم (743).
وما أخرجه أبو داود في «سُننه» رقم (1261): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو كَامِلٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ
(1)
«فتح الباري» (3/ 43).
الصُّبْحِ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ»، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: أَمَا يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ؟ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: لَا. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ: فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: هَلْ تُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ اجْتَرَأَ وَجَبُنَّا
(1)
. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: فَمَا ذَنْبِي إِنْ كُنْتُ حَفِظْتُ وَنَسُوا؟!.
• خالف عبدَ الواحدِ بنَ زيادِ اثنان، فجعلاه من فعله لا من أمره، هما:
1 -
سُهيل بن أبي صالح، وعنه شُعبة، أخرجه ابن ماجه (1199) وأبو كُدَيْنَة، كما عند النَّسَائي (1460)
(2)
.
(1)
أَخْرَج ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (6536): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا غَيْلَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ. وغَيْلَان بن عبد الله لَيِّن.
(2)
ورواه محمد بن جعفر عن شعبة عن سهيل عن أبيه مرسلا كما في (مسائل أحمد)(524) سؤلات إسحاق.
وقال الإما أحمد كما في (الجامع لعلوم الإمام أحمد)(14/ 278): عندما سئل عن الاضطجاع: شعبه لا يرفعه.
قيل له: فإن لم يضطجع عليه شيء؟
قال: لا، عائشة ترويه، وابن عمر ينكره.
قال الخلال: وأنبأنا المروذي أن أبا عبد الله قال: حديث أبي هريرة ليس بذاك.
قيل له: إن الأعمش يحدث به، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
قال: عبد الواحد وحده يحدث به.
وقال مرة: ليس في الاضطجاع حديث يثبت.
قيل له: حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قال: رواه بعضهم مرسلا.
وقال مرة: ليس بسنة؛ لأن ابن مسعود أنكره.
2 -
محمد بن إبراهيم، أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (4951).
قال ابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 308): وسمعتُ ابن تيمية يقول: هذا باطل، وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها. والأمر تَفَرَّد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه. وأما ابن حزم ومَن تابعه، فإنهم يوجبون هذه الضجعة، ويُبْطِل ابنُ حزم صلاة مَنْ لم يضطجعها.
وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (3/ 64): وَهَذَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا؛ لِمُوَافَقَتِهِ سَائِرَ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وانظر: «الميزان» (2/ 672) و «الجامع في الألفاظ الشاذة» (1/ 35 - 37).
إن لفظ الأمر مستنكر، فقد أخذ على عبد الواحد، كما في «الميزان» (2/ 672).
ثم أكد شيخنا هذه النتيجة مع الباحث فاروق بن فاروق بن محمد بتاريخ 24/ جمادى الأولى 1444 موافق 18/ 12/ 2022 م وأن الأمام أحمد يعل الخبر من حديث أبي صالح عن أبي هريرة لكن يجاب عليه أن الفعل متفق عليه في البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها.
ومن ثم اختلف الفقهاء فالظاهرية وتبعهم العلامة الألباني بالوجوب ولم يبطل الصلاة لكن يرى الإثم لمن تركه.
• تنبيه:
وَرَدَ عن ابن مسعود ا أنه استنكر الضجعة، ولم يصح، وإليك البيان:
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (6543): حَدَّثنا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ إِذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ يَتَمَعَّكُ كَمَا تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ وَالْحِمَارُ؟! إِذَا سَلَّمَ قَعَدَ فَصَلَّى.
وقال أيضًا، رقم (6551): حَدَّثنا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثنا حُصَيْنٌ وَمُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا هَذَا التَّمَرُّغُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ كَتَمَرُّغِ الْحِمَارِ؟!
(1)
.
(1)
إسناده منقطع؛ إبراهيم لم يُدرِك ابن مسعود.
صفة التشهد
(1)
قال مالك في «الموطأ» ، رقم (1/ 91): عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَشَهَّدُ فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، شَهِدْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. يَقُولُ هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَيَدْعُو إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ، بِمَا بَدَا لَهُ، فَإِذَا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، تَشَهَّدَ كَذَلِكَ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّشَهُّدَ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا بَدَا لَهُ، فَإِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ، قَالَ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عَنْ يَسَارِهِ، رَدَّ عَلَيْهِ.
وردت «السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» في بعض طرق حديث ابن مسعود، وهل هي موقوفة أو مقطوعة؟
أخرجه البخاري، رقم (6265): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفٌ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ- التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِي
(1)
مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما.
السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلَامُ -يَعْنِي- عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
تنبيه: طريق مجاهد راجع إلى ابن عمر، والأرجح عنه عن ابن مسعود.
أفاده شيخنا مع الباحث: أحمد النمر، بتاريخ (11) رمضان (1443)، موافق (12/ 4/ 2022 م).
الدعاء بعد التشهد
قال الإمام أحمد في «مسنده» (18974): حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الْأَدْرَعِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ» ثَلَاثَ مِرَارٍ.
وخالف حسينَ المعلمَ مالكُ بن مغولٍ
(1)
، فقال: عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعًا، أخرجه أحمد (22531)، وأبو داود (1493)، وإسحاق في «مسنده» (2311)، وغيرهم.
ورواه محمد بن جحادة، عن سليمان بن بريدة، عن بريدة، أخرجه ابن
(1)
وعنه جمهور الرواة: يحيى، ووكيعٌ، وشعيبُ بن حرب، وزيد بن الحباب، ومحمد بن سابق، وعبد الله بن إدريس، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وعمرو بن مرزوق، ويعقوب الحضرمي، وغيرهم. خالفهم ابن نمير في اللفظ، أخرجه مسلم، رقم (793): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَهُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ أَوْ الْأَشْعَرِيَّ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» .
السني (1/ 683).
وتارة محمد بن جحادة عن رجل عن سليمان به، أخرجه مسدد كما في «إتحاف الخيرة» (6179).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي حمزة السويسي، بتاريخ (4) ذي الحجة (1443)، موافق (3/ 7/ 2022 م): به علة.
حكم سجود السهو
وردت فيه زيادة شاذة تفرد بها ابن عجلان مخالفا الجمهور عن زيد بن أسلم وإليك البيان:
قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (571) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ»
تابع سليمان بن بلال أربعة-عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون كما عند أحمد (11794)، والنسائي (1239)، وفليح بن سليمان أخرجه أحمد (11689)، ومحمد بن مطرف أخرجه أحمد (11830) ومحمد بن عجلان أخرجه أبو داود (1024) وزاد:«وكانت السجدتان نافلة» -.
• وخالفهم جماعة فأرسلوه:
1 -
مالك في «الموطأ» (62) وأبي داود (1026).
2 -
يعقوب بن عبد الرحمن القاري.
3 -
حفص بن ميسرة.
4 -
هشام بن سعد. ثلاثتهم عند أبي داود (1027) تعليقا.
رجح الوصل أحمد كما في «التمهيد» لابن عبد البر، وكذا الدارقطني في «علله» (2774) والنووي.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث عبده بن غانم بتاريخ 28 جمادى الأولى 1444 موافق 22/ 12/ 2022 م: الموصول صحيح.
ثم سأله الباحث عن زيادة ابن عجلان: «وكانت السجدتان نافلة» فأجل الجواب لوقت لاحق.
ويرى الباحث أنها شاذة لتفرد ابن عجلان وإليها أشار ابن تيمية
(1)
؛ لأنه يرى الوجوب ونسبه للجمهور.
(1)
في «مجموع الفتاوى» (23/ 29): وقد احتج بعضهم بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الشك: {كانت الركعة والسجدتان نافلة} وهذا لفظ ليس في الصحيح
…
إلخ.
الاختلاف في إثبات سجود السهو ونفيه
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (714): حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
(1)
، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟» فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ
(2)
، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ.
وتابع مالكا ابنُ عيينة، أخرجه مسلم (573)، وعبد الوهاب الثقفي، أخرجه ابن خزيمة (860)، ومعمر، أخرجه عبد الرزاق (3447).
وخالفهم حماد بن زيد، كما عند مسلم، فجاء بلفظ الإيماء:«فأومئوا: أي نعم» ؛ جوابا على استفهامه صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين؟.
(1)
ورواه جماعة، عن مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان بن أبي أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، صَلَّى بِهِمْ، فَسَهَا، فَلَمَّا سَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ. أخرجه أحمد (9777)، وفي بعض الروايات أنها صلاة العصر. وأبو سفيان بن أبي أحمد ثقة قليل الحديث.
(2)
في رواية حماد بن زيد: فأومئوا: أي نعم. أخرجه مسلم (573)، وأبو داود (1008).
• وتابع أيوبَ جماعةٌ:
1 -
ابن عون، أخرجه البخاري (482)، والنسائي (1224) غيرهما.
2 -
سلمةُ بن علقمة، أخرجه أبو داود (1010).
3 -
يزيدُ بن إبراهيم، أخرجه البخاري (1229) ورقم (6051) وفيه (الظُّهر).
4 -
قتادةُ، أخرجه النسائي (576).
5 -
هشامُ بن حسان، وعنه جماعة: هشيم، أخرجه الترمذي (394)، وأبو خالد الأحمر، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4439)، وحماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش، علقهما أبو داود.
وخالفهم حماد بن زيد، فقال:«كبر ثم كبر ثم سجد»
(1)
أخرجه أبو داود (1009).
5 -
معاوية بن عبد الكريم الضال، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3310) وفيه:«ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ سَلَّمَ» ، وفي سنده عمر بن يحيى متهم.
6 -
أشعث بن سوار، وهو ضعيف، أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في «معجم شيوخه» (1/ 331).
(1)
وهي زيادة لم ترد إلا من هذا الطريق، وأشار إلى ذلك أبو داود، وأفادت تكبيرة الإحرام لسجود السهو.
ورواه الزهري
(1)
، واختلف عليه في شيوخه عن أبي هريرة، وفي الوصل والإرسال، وقال: سألت أهل العلم بالمدينة، فلم أجد أحدًا يخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد لذلك.
ورواه ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، واختلف عليه في إثبات سجدتي السهو، كما عند ابن الجعد (2815)، والطيالسي (2437)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2591)، ونفيه، كما عند السراج (2395) وأبي داود (1015).
• والخلاصة: أن إثبات سجود السهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مختلف في نفيه وإثباته، والأصح الإثبات، وهو المتفق عليه.
فنفاه الزهري رواية ودراية عن أهل المدينة، ووافقه ابن أبي ذئب في وجه مرجوح عنه.
وأثبته أبو سلمة بن عبد الرحمن من رواية الجماعة عنه
(2)
وابن سيرين روايةً، وهي متفق عليها، ووافقه أبو سفيان بن أبي أحمد، لكن مرد طريقه إلى مالك، ومالك إمام.
(1)
ونقل ابن عبد البر الاتفاق على أن الزهري اضطرب فيه سندًا ومتنًا.
(2)
أخرجه البخاري (715)، ومسلم (573)، وجاءت زيادة خارج الصحيحين، انتهى شيخنا فيها مع الباحث إلى شذوذها، وهي:«ذو الشمالين» .
ووافقهما ضمضم بن جَوس في الأشهر عنه
(1)
، أخرجه أحمد (9444) وغيره.
• وانتهى شيخنا مع الباحث: عبده بن غانم، بتاريخ (18) جمادى الأولى (1444)، موافق (12/ 12/ 2022 م) إلى:
1 -
اضطراب رواية الزهري، وفيها نفي التسليم.
2 -
شذوذ لفظة: «ذو الشمالين» .
3 -
وأن السجود قبل التسليم مرجوح.
4 -
وأن تكبيرة الإحرام لسجود السهو شاذة.
5 -
أن التسليم بعد سجود السهو ضعيف من حديث أبي هريرة، صحيح من حديث عمران بن حصين وغيره رضي الله عنهم.
(1)
وفي رواية عند النسائي في «الكبرى» (606) مرجوحة، وفيها «جعل السجود قبل التسليم» .
هل لسجود السهو تشهد؟
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (1231): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ، وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ، وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ:«أَصَدَقَ هَذَا» قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
تابع إسماعيلَ بنَ عُليَّةَ سبعةٌ: عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع ومسلمة بن محمد ووهب بن بقية وحماد بن زيد وشعبة ومعتمر بن سليمان.
ورواه الأشعب بن عبد الملك، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء، وزاد فيه:«التشهد بعد سجود السهو» ، أخرجه أبو داود (1039)، والترمذي (395)، والنسائي (1062).
وهذه الزيادة شذ بها الأشعث بن عبد الملك، وحكم بشذوذها البيهقيُّ وغيره.
• تنبيه:
ذكر البخاري (482)، وأبو داود (1008)، وغيرهما، من طرق ابن عيينة ومعمر وابن عون وأيوب، عن ابن سيرين، أنه سئل عن السلام بعد سجود السهو، فقال: نبئت أن عمران قال: ثم سلم.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: عبده بن غانم، بتاريخ (20) جمادى الأولى (1444)، موافق (14/ 12/ 2022 م) إلى شذوذ لفظ التشهد.
صلاة الجماعة
فضل المَشْي إلى الصلاة في الظلام
(1)
ورد عن جمع من الصحابة: بريدةُ الأسلميُّ، وأنسٌ، وزيد بن حارثة، وابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأسلمها ما أخرجه ابن ماجه في «سننه» ، رقم (780): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لِيَبْشَرِ الْمَشَّاءُونَ فِي الظُّلَمِ، بِنُورٍ تَامٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(2)
وجعله ابن خزيمة من غرائب إبراهيم، ويحيى بن الحارث مقبول.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: مصطفى بن محمود، بتاريخ (27) صفر (1444)، موافق (24/ 9/ 2022 م): كل الطرق فيها مقال، وهل تصح بالمجموع أم لا؟ الأولى الحكم بالقول: في كل طرقه مقال ا هـ.
وصححه العلامة الألباني لشواهده في «صحيح أبي داود» ، رقم (570)، وأورد له اثني عشر صحابيًّا، كما أفاده الباحث.
(1)
يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (2/ 171).
(2)
وأخرجه الحاكم (863) من طريق إبراهيم به، وعطف أبا غسان المدني على زهير بن محمد.
قال أبو داود في «سُننه» رقم (561): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْكَحَّالُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
• تابع أبا عُبيدةَ الحدادَ اثنانِ:
1 -
يحيى بنُ أبي كثيرٍ، أخرجه الترمذي في «سُننه» (223) والطبراني في «الأوسط» (4207).
2 -
محمدُ بنُ عبد الله الأنصاري، أخرجه البيهقي في «السُّنن الصغير» (480).
وإسماعيلُ بن سليمان الكَحَّال: قال فيه أبو حاتم: صالح الحديث. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال: يخطئ. وكذلك في «الضعفاء» : يتفرد عن المشاهير بمناكير.
وعبد الله بن أوس روى عنه إسماعيل هذا الخبر.
وقال ابن القطان: مجهول الحال، ولا نعرف له رواية إلا بهذا الحديث من هذا الوجه.
وقال ابن حجر في «التقريب» : لَيِّن الحديث.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث، إسماعيل بن موسى، بتاريخ (17) جُمادَى الآخرة (1443 هـ)، الموافق (20/ 1/ 2022 م) إلى ضعفه.
• تنبيه:
قال العَلَّامة الألباني في «صحيح أبي داود» (3/ 89) بعد تضعيفه هذا الطريق: «
…
لكننا- على الرغم من ذلك كله- نرى أن الحديث حسن أو صحيح لغيره؛ نظرًا لكثرة شواهده.
وقال أيضًا (3/ 92): وبالجملة، فالحديث يرتقي إلى درجة الصحة بهذه الشواهد الكثيرة، الني بلغت اثتي عشر شاهدًا، وفيها ما هو حسن عند بعضهم، وفيها ما هو محتج به في الشواهد، كما سبقت الإشارة إليه. والله تعالى أعلم.
وفي «تحرير التقريب» (ص 89): وهو حديث حسن بشواهده وإن استغربه الترمذي.
هل ثبت نفي العلة لمن تخلف عن الجماعة في زمانه صلى الله عليه وسلم
-؟
قال الإمام أبو داود في «سننه» ، رقم (549): حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَيَجْمَعُوا حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ» ، قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ: يَا أَبَا عَوْفٍ الْجُمُعَةَ عَنَى أَوْ غَيْرَهَا؟ قَالَ: صُمَّتَا أُذُنَايَ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا ذَكَرَ جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا.
والنفيلي وإن كان صدوقًا قد تغير، فقد توبع من مخلد بن أبي زميل، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7551).
وخالف يزيدَ بنَ يزيد عبدُ اللهِ بنُ محرز، وهو متروك، فلم يزد:«لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ» أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (1985).
وتابعه على عدمِ ذكرِها جعفرُ بنُ برقان، أخرجه مسلم (65)، وإسحاق في «مسنده» (310، 311).
وتابع يزيدَ بنَ الأصمِّ جمهورُ الرواة عن أبي هريرة: الأعرجُ في البخاري (644)، ومسلم (251)، وهمامُ بن منبه، أخرجه مسلم (253)، وأبو صالح،
أخرجه مسلم وغيره، وعجلان، وسعيد المقبري، وحميد بن عبد الرحمن، وأبو حازم.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد جلالة، بتاريخ (6) ربيع أول (1444)، موافق (2/ 10/ 2022 م): إلى شذوذ زيادة: «لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ» .
حسن تسوية الصفوف
قال الإمام البخاري رقم (722): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ» .
وأصل الحديث في «مسند أحمد» و «صحيفة همام» دون «وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ» ، وأخرجها مسلم، رقم (722)
(1)
.
وانتهى شيخنا مع الباحث: ياسر اليماني إلى قوله حفظه الله: نَبِّه على هذه الزيادة، وأنها متفق عليها.
(1)
قال مسلم رقم (722): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ» .
إلصاق الكعب بالكعب في تسوية الصف
سبق في باب تسوية الصوف زيادةٌ تفرد بها أبو القاسم الجدلي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، وهي:«فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَتِهِ، وَمَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِهِ»
(1)
وفي معنى الزيادة ما أخرجه البخاري (725): حَدثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدثنا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ.
قال العلامة الألباني معلقا على أثر أنس رضي الله عنه في «السلسلة الصحيحة» (1/ 73):
ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون، بل أضاعوها إلا القليل منهم، فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث، فإني رأيتهم في مكة سنة (1368) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة - فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا، بل إنهم
(1)
تنبيه: سبق هناك (سلم بن أبي الجعد) وصوابه (سالم بن أبي الجعد).
تتابعوا على هجرها والإعراض عنها، ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع، فإن زاد كره، كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة"(1/ 207)، والتقدير المذكور لا أصل له في السنة، وإنما هو مجرد رأي، ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة، كما تقتضيه القواعد الأصولية.
• وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين - وخاصة أئمة المساجد - الحريصين على اتباعه صلى الله عليه وسلم واكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن يعملوا بهذه السنة ويحرصوا عليها، ويدعوا الناس، إليها حتى يجتمعوا عليها جميعا. وبذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم ".
• ورد عليه الشيخ بكر أبو زيد في (لا جديد في أحكام الصلاة (ص: 12 - 13): ومن الهيآت المضافة مُجَدَّداً إِلى المصَافَّة بِلَا مُسْتَنَد: ما نراه من بعض المصلين: من ملاحقته مَنْ عَلَى يمينه إِنْ كان في يمين الصف، ومن على يساره إِنْ كان في ميسرة الصف، وَلَيِّ العقبين لِيُلْصِقَ كعبيه بكعبي جاره.
وهذه هيئة زائدة على الوارد، فيها إِيغال في تطبيق السُّنَّةِ. وهي هيئة منقوضة بأَمرين: الأَول: أَنْ المصافة هي مما يلي الإِمام، فمن كان على يمين الصف، فَلْيُصافَّ على يساره مما يلي الإِمام، وهكذا يتراصون ذات اليسار واحداً بعد واحد على سمت واحد في: تقويم الصف، وسد الفُرج، والتراص والمحاذاة بالعنق، والمنكب، والكعب، وإِتمام الصف الأَول فالأَول.
أَما أَنْ يلاحق بقدمه اليمنى - وهو في يمين الصف - من عَلَى يمينه، وَيَلْفِت قَدَمَهُ حتى يتم الإِلزاق؛ فهذا غلط بَيِّن، وتكلف ظاهر، وفهم مستحدث فيه غُلُوٌّ
في تطبيق السنة، وتضييق ومضايقة، واشتغال بما لم يُشرع، وتوسيع للفُرج بين المتصافين، يظهر هذا إِذا هَوَى المأْموم للسجود، وتشاغل بعد القيام لملأ الفراغ، ولي العقب للإِلزاق، وَتَفْويتٌ لِتوجيه رؤوس القدمين إِلى القبلة.
وفيه ملاحقة المصلي للمصلي بمكانه الذي سبق إِليه، واقتطاع لمحل قدم غيره بغير حق. وكل هذا تَسَنَّنٌ بما لم يُشرع.
الثاني: أَنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمر بالمحاذاة بين المناكب والأَكعب، قد أَمر أَيضاً بالمحاذاة بين «الأَعناق» كما في حديث أَنس رضي الله عنه عند النسائي (814).
وكل هذا يعني: المصافة، والموازاة، والمسامتة، وسد الخلل، ولا يعني العمل على «الإِلزاق» فإِن إِلزاق العنق بالعنق مستحيل، وإِلزاق الكتف بالكتف في كل قيام، تكلف ظاهر. وإِلزاق الركبة بالركبة مستحيل، وإِلزاق الكعب بالكعب، فيه من التعذر، والتكلف، والمعاناة، والتحفز، والاشتغال به في كل ركعة، ما هو بيِّن ظاهر. فتنبين أَنْ المحاذاة في الأَربعة: العنق. الكتف. الركبة. الكعب: من بابة واحدة، يُراد بها الحث على إِقامة الصف والموازاة، والمسامتة، والتراص على سمت واحد، بلا عوج، ولا فُرج، وبهذا يحصل مقصود الشارع.
(1)
أفاده الباحث: محمد بن عادل مصباح مع شيخنا، بتاريخ الأربعاء (6) جمادى الأولى (1444)، موافق (1/ 11/ 2022 م)
(1)
وانظر: (دعوة إلى السنة في تطبيق السنة منهجًا وأسلوبًا)(ص/ 72) د/ عبد الله الرحيلي.
ثم زاد الباحث أقوال العلماء في مجلس بتاريخ (20) جمادى الأولى 1444 موافق (26/ 12/ 2022 م). ووافق شيخنا الشيخ بكر أبا زيد وذكر أنه يخالف صنيع شيخه العلامة مقبل بن هادي محدث الديار اليمنية في ترجمة أبي حنيفة وأنه نقل كلام المضعفين ولم يذكر الموثقين اكتفاءًا بالشهرة وأن صنيع ابن أبي شيبة في (مصنفه) غير محمود فيما يتعلق بأبي حنيفة رحمه الله.
من وجد الجماعة قائمة وكان قد صلى فليصل معهم
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (16393): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ مِحْجَنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ مِحْجَنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَجَلَسْتُ، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ لِي:«أَلَسْتَ بِمُسْلِمٍ؟» ، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ:«فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي، قَالَ:«فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَلَوْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ فِي أَهْلِكَ» .
وتابع ابنَ مهدي أبو نعيمٍ، كما عند أحمد (16393).
وخالفهما وكيعٌ، فلم يذكر:«أَلَسْتَ بِمُسْلِمٍ؟» .
وروايتهما أرجح؛ لمتابعة مالك لهما، كما في «موطأه» ومعمر، كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (3932)، ويحيى بن صالح.
وفي سنده بسر بن محجن، لا يعرف حاله، قاله ابن القطان.
وله سند أصلح من هذا دون الشاهد، أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2813): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْبَزَّارُ، نا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّيلِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمْ أُصَلِّ مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:«مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟» قُلْتُ: صَلَّيْتُ فِي بَيْتِي. قَالَ: «فَصَلِّ مَعَنَا» .
وخالف الليثَ في السند ابنُ إسحاقَ، أخرجه أحمد (17890).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: سمير قريش، بتاريخ (28) من ذي القعدة (1443)، موافق (28/ 6/ 2022 م): إذا فاضلنا، فسنقول: رواية الليث أصح إن ثبت السند إليه ا هـ.
ويرى الباحث صحة السند إليه، لكن لم يقف على تصريح لقتادة بالسماع.
هل ثبتت: «ولا مطر» في حديث ابن عباس رضي الله عنهما
-
قال الإمام البخاري في «صحيحه» ، رقم (562): حَدثنا آدَمُ، قَالَ: حَدثنا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا.
وتابع آدمَ محمدُ بن جعفر وحسينُ المروزي، أخرجهما أحمد (2582) و (2456).
وخالفهم يحيى فزاد: «ولامطر» ، أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (1953): حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قَتادة قال: سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة، في غير خوفٍ ولا مطر، قيل لابن عباس: وما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يُحرج أمته.
ورواية الجماعة هي الصواب؛ فقد تابع شعبة عن عمرو بن دينار بدونها ابن عيينة، وحماد بن زيد وابن جريج.
ورواه ابن جبير عن ابن عباس، واختلف عنه، فرواه أبو الزبير بدونها، وخالفه حبيب بن أبي ثابت، فذكر «ولا مطر» ، وضعفها ابن خزيمة والبيهقي
وابن عبد البر.
ورواها صالح مولى التوأمة عن ابن عباس، أخرجه أبو يعلى (2678)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (8315) وغيرهما.
وصالح مولى التوأمة ضعيف.
• والخلاصة:
كتب شيخنا مع الباحث: محمد الغنامي عام (1444)، موافق (2022 م): الرواية بعدم ذكر المطر أشبه الصواب لأمور:
منها
1 -
قوة الطريق فهي من طريق عمرو بن دينار عن جابر عن ابن عباس متفق عليها.
2 -
الروايات بذكر «المطر» لا تخلو من إشكالات.
3 -
رواية الزبير عن سعيد بن جبير بدون مطر، والله أعلم.
ثم طلب شيخنا أقوال العلماء المضعفين لفظة: «ولا مطر» فعرضهم الباحث: محمد الغنامي بتاريخ (30) ربيع الآخر (1444)، موافق (24/ 11/ 2022 م): وقال: بأن البيهقي والبزار وابن عبد البر ضعفوها، وصححها العلامة الألباني برواية يحيى عن شعبة في بعض نسخ أحمد.
كتاب الإمامة
التفاضل بين الأئمة
قال عبد الرزاق في «مُصنَّفه» ، رقم (3808): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْعِلْمِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلَا يَؤُمُّ رَجُلٌ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ بِذَلِكَ» .
وتابع مَعْمَرًا الجمهورُ: سفيانُ الثوريُّ، وابن عُيينة، وابن نُمَيْر، وزائدةُ، وجريرٌ، والفضيلُ، وأبو معاوية
(1)
، على لفظ:«أَقْدَمُهُمْ سِنًّا» .
وخالفهم أبو خالد الأحمر، واختُلف عليه في اللفظ، أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (673): وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ
(1)
ولفظه: (فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا).
سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» قَالَ الْأَشَجُّ فِي رِوَايَتِهِ: مَكَانَ «سِلْمًا» : «سِنًّا» .
ورواه الجماعة: شُعبةُ، كما عند مسلم (673) وأبي داود (582)، وأحمد (17063)، وفِطْرُ بن خليفة والمسعودي ومحمد بن جحادة، كما عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3959)، وحَجَّاج بن أرطأة، كما عند أبي داود (584) عن إسماعيل بن رجاء، بلفظ:«سِنًّا» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: أحمد بن عبد الباسط الفيومي
(1)
بتاريخ (13) رجب (1443 هـ)، الموافق (3/ 3/ 2022 م): الأصح «أَقْدَمُهُمْ سِنًّا» ، وتؤيدها رواية «أكبرهم» ، والذي يتحملها هو أبو خالدٍ الأحمر.
(1)
وُلِد بحلوان، عام (18/ 5/ 1998 م)، ويقيم بالفيوم، ويَدرس في الثانوية الأزهرية، الصف الثالث، وهذا أول حديث يعرضه على شيخنا حَفِظه الله، وقد شَرَع في تحقيق المجلد السابع من «الطبقات» لابن سعد، ضمن فريق الباحثين مع الشيخ سيد بيومي، حَفِظهم الله.
جواز حمل الطفل أو الطفلة في الصلاة
قال الشافعي كما في «السنن المأثورة» ، رقم (20): عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
(1)
، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِ، وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا.
وخالف عثمانَ وابنَ عجلان مالكٌ، كما في البخاري (1016) ومسلم (543) وغيرهما، وأبو العميس، كما عند ابن حبان (2339)، وابن جريج، كما عند السراج (1017)، والزبيديُّ، كما في «مسند الشاميين» (1816)، فَرَوَوْهُ دون تقييد بالإمامة.
• والخلاصة: أن الأرجح من طريق عامر عدم ذكرها
(2)
، فقد رواها بكير
(1)
وأخرجه مسلم (543)، والنسائي في «الكبرى» (1129) عن قتيبة، عن ابن عيينة به دون ذكر ابن عجلان.
(2)
وقيدت بطريق عامر؛ لأن المقبري عليه خلاف، والأصح دونها، أخرجه أبو داود (920)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (5917)، ومسلم دونها، من طريقي الليث وعبد الحميد بن جعفر، كلاهما عن المقبري.
بن مسمار، عن عروة بلفظ:«يصلي للناس» ، أخرجه مسلم (534) وأبو داود (919)، من رواية مخرمة، عن أبيه، وسبق القول الكلام في هذه الرواية.
وكتب شيحنا مع الباحث: خالد بن صالح، بتاريخ (1) من ذي القعدة (1443)، موافق (1/ 6/ 2022 م): الصواب بدون لفظة: «وهو يؤم الناس» .
مَنْع الكلام بعد سُنة الفجر
(1)
قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» ، رقم (6463): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ أَكْرَهُ إِلَيْهِ الْكَلَامَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ، مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ
(2)
.
وقال أيضًا، رقم (6462): حَدَّثَنَا مُعتَمِر بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَأَى ابْنُ مَسْعُودَ رَجُلًا يُكَلِّمُ آخَرَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَذْكُرَ اللَّهَ، وَإِمَّا أَنْ تَسْكُتَ
(3)
.
وقال أيضًا، رقم (6468): حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. قَالَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لأَهْلِهِ: الصَّلَاة، قَالَ: لَا بَأْسَ
(4)
.
(1)
من اجتهادات ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما أو صح من مفاريد ابن عمر.
(2)
منقطع: أبو عُبَيْدة بن عبد الله بن مسعود لم يَسمع من أبيه رضي الله عنه، عند الأكثر. وقال الدارقطنى: أبو عُبَيْدة أعلم بحديث أبيه من حُنَيْف (بل: خشيف) بن مالك ونظرائه.
(3)
إسناده ضعيف؛ لضَعْف ليث، وهو ابن أبي سُلَيْم.
(4)
إسناده صحيح.
• بيان:
أولًا: لمُصحِّحٍ أن يُصحِّح الآثار الثلاثة بمجموعها، ولآخَرَ أن يُضَعِّفها بمفاريدها، والأول أقوى لديَّ، وعليه فلعل ابن مسعود رضي الله عنه لم يَبلغه حديثه صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنها.
فقد أَخْرَجَ الإمام مسلم، رقم (743): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ.
وحديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلَاةً، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:«مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟» قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيَقُولُ:«مَا شَاءَ اللَّهُ»
(1)
وما يُفْهَم من حديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ، عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:«هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (1386).
(2)
أخرجه البخاري (846)، ومسلم (71).
ثانيًا: قال البيهقي في «السُّنن الكبير» (4/ 97): وَكَأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا لَا يَعْنِي مِنَ الكَلَامِ؛ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عَبدِ الرَّحمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
وقال أيضًا في «السُّنن الكبير» (4/ 96): رُوِّينَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَإِنَّمَا أَرَادَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وقال النووي في «شرحه على مسلم» (15/ 27): قولها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر، فإن كنتُ مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع» فيه دليل على إباحة الكلام بعد سُنة الفجر، وهو مذهبنا ومذهب مالك والجمهور.
وقال القاضي: وكرهه الكوفيون، ورُوي عن ابن مسعود وبعض السلف؛ لأنه وقت استغفار.
والصواب: الإباحة؛ لفِعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكَوْنُه وقت استحباب الاستغفار لا يَمنع من الكلام.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 45): وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَا يَثْبُتُ عَنْهُ.
• تنبيه:
وردت كراهة الكلام بعد ركعتي الفجر عن ابن عمر رضي الله عنهما.
فقد أَخْرَج البيهقي في «السُّنن الكبير» ، رقم (3033): فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا
هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْحَدِيثَ بَعْدَ الْفَجْرِ-أَوْ قَالَ: بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ- وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَبِّحَ وَيُكَبِّرَ.
(إسناده صحيح، هارون بن سليمان أبو الحسن، قال فيه الذهبي: أحد الثقات. ومحمد بن أبي الوَضَّاح-وهو ابن مسلم-، وثقه أحمد وابن مَعِين وأبو داود والنَّسَائي
…
وغيرهم، وقال البخاري: فيه نظر).
جلسة الشروق
قال الإمام أبو داود في «سننه» ، رقم (4850)
(1)
: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ تَرَبَّعَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاءَ»
ورواه الجماعةُ: أبو الأحوص
(2)
، وزكريا، وزائدة، وزهير بن معاوية، وشعبة، وسفيان الثوري، بالعطف على زكريا
(3)
عن سماك دون ذكر (التربع) في هيئة الجلوس، وهو الصواب، ولعل ذلك من أوهام عثمان بن أبي شيبة
(4)
فقد قال ابن حجر في «هدي الساري» (ص: 463): تكلم في بعض حديثه، وقد ثبته الخطيب.
(1)
وأخرجه عبد الله في زوائده على المسند (20948).
(2)
أخرجه أحمد (20913) وغيره.
(3)
أخرجه مسلم (1471).
(4)
قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (3/ 37): عثمان لا يحتاج إلى متابع، ولا ينكر له أن ينفرد بأحاديث؛ لسعة ما روى؛ وقد يغلط، وقد اعتمده الشيخان في صحيحيهما، وروى عنه أبو يعلى، والبغوي، والناس، وقد سئل عنه أحمد، فقال: ما علمت إلا خيرا، وأثنى عليه. وقال يحيى: ثقة مأمون. قلت: إلا أن عثمان كان لا يحفظ القرآن فيما قيل.
أفاده الباحث: حسن السويسي، بتاريخ (4) ذي الحجة (1443)، موافق (3/ 7/ 2022 م).
تنبيه: الأصح أن الجلسة بعد الفجر حتى الشروق من فعله صلى الله عليه وسلم أما من قوله صلى الله عليه وسلم فمختلف فيه بين القبول والرد فاختار الأول العلامة الألباني رحمه الله والثاني شيخنا حفظه الله.
الذكر بعد الصلاة
(1)
قال الطبراني في «المعجم الكبير» ، رقم (926): حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» .
وخالف آدمَ عبيدُ الله بن موسى، فلم يَذكر:«وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ» ، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (7488).
وتابعه بدونها متابعة قاصرة جمهورُ الرواة: جريرُ بن عبد الحميد، أخرجه البخاري (6330) ومسلم (593) وشُعبةُ، كما عند أحمد (18183)، وزائدةُ بن قُدامةَ، أخرجه عبد بن حُميد (39)، وجعفر بن الحارث، أخرجه الطبراني
(1)
تنبيه: إطلاق (ختام الصلاة) في اللوحات المعلقة في بعض المساجد على (الأذكار بعد الصلاة) فيه نظر نبه عليه بعض العلماء لكون المصلي يتحلل من الصلاة بالتسليم. أفاده الباحث سيد بن بدوي بتاريخ بعد عصر السبت 23 جمادى الأولى 1444 موافق 17/ 12/ 2022 م بمكتبة أهل السنة والجماعة.
(20/ 392)، عن منصور.
وكذلك الأعمش، كما عند مسلم (593)، وكذلك جمهور الرواة: عبدُ الملك بن عُمَيْر، كما في البخاري (844) ومسلم (593)، والشَّعْبي، كما في البخاري (1477)، ومسلم (593)، وعبدة بن أبي لُبَابَة، أخرجه البخاري ومسلم كذلك، ومحمدُ بن عُبيد الله الثقفي، كما عند مسلم (593)، ومحمد بن سُوقة، أخرجه أحمد (18191) وتابعهم آخرون، عن رَوَّاد.
• والخلاصة لديَّ:
أن زيادة «وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ» سندها ومعناها صحيح، لكن يتحملها آدم بن أبي إياس؛ فله عدة زيادات شذ بها عن غيره من الرواة.
وانتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (3) شعبان (1443 هـ)، الموافق (5/ 3/ 2022 م) إلى شذوذها.
عدد التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بعد الصلاة
سبق حديث: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ، إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ؟ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ- خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» وفيه لفظ: «إحدى عَشْرة» شاذ.
ثم عرضه الباحث: محمود العوفي، بتاريخ الأحد (19) ربيع الآخر (1444 هـ)، موافق (13/ 11/ 2022 م)، فانتهى شيخنا إلى اختيار رواية سمي المخزومي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، التي أخرجها البخاري (843): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَا، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ:«أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ، تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» ، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا: نُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ،
فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ»
• تنبيه:
قال ابن رجب في (فتح الباري)(7/ 409):
• أما ألفاظ الحديث، فهي مختلفة:
ففي رواية عبيد الله بن عمر التي خرجها البخاري هاهنا: (تسبحون وتحمدون وتكبرون ثلاثا وثلاثين)، وفسره بأنه يقول:(سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر) حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين.
• وقد تبين أن المفسر لذلك هو أبو صالح، وهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أنه يجمع بين هذه الكلمات الثلاث، فيقولها ثلاثا وثلاثين مرة، فيكون مجموع ذلك تسعا وتسعين.
والثاني: أنه يقولها إحدى عشرة مرة، فيكون مجموع ذلك ثلاثا وثلاثين.
وهذا هو الذي فهمه سهيل، وفسر الحديث به، وهو ظاهر رواية سمي، عن أبي صالح - أيضا
…
إلخ.
هل تُشترط الطهارة لسجود التلاوة؟
(1)
قال البخاري: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ
(2)
وُضُوءٍ
(3)
.
ووَصَله ابن أبي شيبة: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، عَنْ رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّهُ كَنَفْسِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَنْزِلُ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَيُهْرِيقُ الْمَاءَ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُ، وَمَا تَوَضَّأَ
(4)
.
قال البيهقي في «السُّنن الكبرى» ، رقم (427): أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ، ثَنَا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا دَاودُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَا يَقْرَأُ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَا يصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ
(1)
يُلحَق ب «سلسلة الفوائد» (2/ 388).
(2)
في رواية الأصيلي بحذف «غير» ، والأكثر بإثباتها، وهو الأَوْلَى؛ لأثر ابن أبي شيبة. انظر «فتح الباري» (2/ 553) لابن حجر.
(3)
علقه البخاري في «صحيحه» (2/ 41).
(4)
إسناده ضعيف؛ لجهالة شيخ أبي الحسن.
وقال العراقي في «طرح التثريب» (2/ 215): إسناد ابن أبي شيبة فيه جهالة.
إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ
(1)
.
واقتَصر الإمام مالك في «موطئه» (26) عن نافع به، على الفقرة الأخيرة.
• الخلاصة: كَتَب شيخنا معي، بتاريخ (17) جُمادَى الآخرة (1443)، الموافق (20/ 1/ 2022 م): هذا المُعتمَد عن ابن عمر، إذا لم يوجد ما يخالفه.
• أقوال العلماء في تفرد ابن عمر:
قال ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 554): لم يُوافِقِ ابنَ عمرَ أحدٌ على جواز السجود بلا وضوء إلا الشَّعْبي، أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح، وأخرجه أيضًا بسند حسن عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، أنه كان يَقرأ السجدة
(1)
إسناده صحيح: أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى» ، رقم (3775): أخبرنا أبو سعيد شَرِيك بن عبد الملك بن الحسن المِهْرجاني بها، ثنا أبو سهل بِشْر بن أحمد، ثنا داود بن الحسين البيهقي، ثنا قُتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، به.
1 -
وداود بن الحسين: أكْثَرَ عنه البيهقي، وقال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء»: المُحَدِّث الإمام الثقة، رحل وكَتَب الكثير وجَوَّد.
2 -
أبو سهل بِشْر بن أحمد: قال عبد الغافر الفارسي، في «سياق تاريخ نَيْسَابور» انتخاب الصريفيني (ص: 178): مَعْرُوفٌ ثِقَةٌ، سَمِعَ بِنَيْسَابُورَ مِنْ أَصْحَابِ الأَصَمِّ، وَمِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ. وقال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء» (16/ 228 (: الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الجَوَّالُ، مُسْنِدُ وَقتِهِ.
3 -
شَرِيك بن الحسن: قال عبد الغافر الفارسي: المُحَدِّث بن المُحَدِّث، جليل ثقة، من بيت العلم والحديث. انظر:«السلسبيل النقي في تراجم شيوخ البيهقي» (ص: 370 (.
ثم يُسَلِّم وهو على غير وضوء، إلى غير القبلة وهو يمشي يومئ إيماء ا هـ
(1)
.
وقال يوسف المقدسي: ولا نَعْلم عن صحابي خلافه، ولأنه أَسْقَط الطهارة في صلاة الجنازة
(2)
.
• أقوال الفقهاء:
اختُلف فيه على قولين:
الأول: اشتراط الطهارة كالصلاة، وحُكي إجماعًا
(3)
.
الثاني: تَرْك اشتراط الطهارة.
ومِن أشهر أدلتهم: حديث ابن عباس، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالإِنْسُ
(4)
، وورد عن ابن عمر كما سبق، ولا يصح، وعن الشَّعْبي
(5)
.
قال ابن بَطَّال في «شرح البخاري» (3/ 57): وذهب فقهاء الأمصار إلى أنه لا يجوز سجود التلاوة إلا على وضوء، فإن ذهب البخاري إلى الاحتجاج بقول
(1)
وسَلَك مسلك الجمع بين النقلين عن ابن عمر، فحَمَل قوله:«إلا وهو طاهر» على الطهارة الكبرى.
(2)
«المُقَرَّر على أبواب المُحَرَّر» (1/ 266) ليوسف المقدسي، من تلاميذ ابن تيمية.
(3)
«تهذيب سُنن أبي داود» (1/ 98 (، وقال العراقي في «طرح التثريب في شرح التقريب» (2/ 215 (: وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا.
(4)
أخرجه البخاري (1071).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» .
ابن عمر والشعبي: «نسجد مع المشركين» ، فلا حجة فيه؛ لأن سجود المشركين لم يكن على وجه العبادة لله والتعظيم له
…
وإن كان أراد البخاري الرد على ابن عمر والشَّعبي
(1)
بقوله: «والمشرك نجس ليس له وضوء» ، فهو أشبه بالصواب، إن شاء الله تعالى.
قال ابن حزم في «المُحَلَّى» (1/ 80): السجود في قراءة القرآن ليس ركعة ولا ركعتين، فليس صلاة، وإذ ليس هو صلاة، فهو جائز بلا وضوء، وللجُنُب وللحائض، وإلى غير القبلة، كسائر الذِّكر ولا فرق؛ إذ لا يَلزم الوضوء الا للصلاة فقط؛ إذ لم يأتِ بإيجابه لغير الصلاة قرآن ولا سُنة ولا إجماع ولا قياس.
وقال الصنعاني في «سُبُل السلام» (1/ 311): وَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَأَدِلَّةُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَرَدَتْ لِلصَّلَاةِ، وَالسَّجْدَةُ لَا تُسَمَّى صَلَاةً، فَالدَّلِيلُ عَلَى مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ.
(1)
تنبيه: قال ابن القيم في «تهذيب سُنن أبي داود» (1/ 98): وهذا قول كثير من السلف، حكاه عنهم ابن بَطَّال.
موضع البصر أثناء التشهد
سَبَق الحُكم على زيادة: «لا يُجاوِز بصرُه إشارتَه» بأنها شاذة.
ثم أَكَّد شيخنا هذه النتيجة مع الباحث محمود بن خالد العرباني، بتاريخ (5) شعبان (1443 هـ)، الموافق (8/ 4/ 2022 م) فكتب: لفظة: «لا يُجاوِز بصرُه إشارتَه» لا نراها تَثبت؛ للآتي ذكره:
1 -
الأثبات لم يَذكروها.
2 -
الأكثر عن ابن عجلان بعدم ذكرها.
3 -
يحيى القطان عليه اختلاف
(1)
. والله أعلم.
(1)
فَقَدْ رواه عنه بدونها محمد بن المُثَنَّى، أخرجه البزار (2206) مخالفًا للأكثرين، وهم ستة:
1 -
الإمام أحمد، كما في «مسنده» (16099).
2 -
أبو خيثمة، كما عند أبي يعلى (6807).
3 -
بُنْدَار، كما عند أبي داود (990) وابن خُزيمة (718).
4 -
يعقوب بن إبراهيم، أخرجه النَّسَائي (1275).
5 -
يحيى بن محمد، كما في «الأوسط» لابن المنذر (1537).
6 -
عمرو بن علي الفَلَّاس، أخرجه ابن حبان (1944).
مواقيت الصلاة
ظل كل شيء مِثلاه
قال عبد الرزاق في «مُصنَّفه» ، رقم (2028): عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَابنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَتْ بِقَدْرِ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ» .
• والخلاصة: أن هذا السند وإن كان حسنًا للكلام في عبد الرحمن بن الحارث، فله شاهد يصح به من حديث جابر رضي الله عنه، أخرجه النَّسَائي (1/ 263).
وقال البخاري: أصح حديث في المواقيت حديث جابر رضي الله عنه.
وانتهى شيخنا مع الباحث: عيد بن عبد الغفار بن إسماعيل الشرقاوي
(1)
، بتاريخ (5) شعبان (1443 هـ)، الموافق (8/ 3/ 2022 م) في مراجعته كتاب «مواقيت الصلاة» إلى صحته، مع التنبيه على خطأ وقع في نقل الباحث من الشاملة «مثلية» من قوله في الحديث:«وَكَانَتْ بِقَدْرِ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعَصْرَ، حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ» ، فلما راجعتُها من أصل الكتاب، تبين خطأ المكتبة الشاملة.
ثم عرضه الباحث: إبراهيم، فانتهى شيخنا معه إلى أن هذه الجملة لا يتحملها عبد الرحمن بن الحارث بتاريخ (9) ربيع أول (1444 هـ)، الموافق (5/ 10/ 2022 م):«وَكَانَتْ بِقَدْرِ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعَصْرَ، حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ» .
(1)
وُلد بتاريخ (30/ 1/ 1985 م)، حاصل على ليسانس شريعة إسلامية.
وقَدَّم له شيخنا:
1 -
«الطهارة» ط/ دار اللؤلؤة.
2 -
«الزواج» ط/ دار اللؤلؤة.
3 -
«الطلاق» ط/ دار اللؤلؤة.
4 -
«الحدود والجنايات» ط/ دار اللؤلؤة.
كتاب المسافرين
موادعة المسافر
قال الإمام النسائي في «السنن الكبرى» (9/ 189): أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْمُطْعِمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْغَزْوِ أَنَا وَرَجُلٌ مَعِي، فَشَيَّعَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَلَمَّا أَرَادَ فِرَاقَنَا قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مَعِي مَالٌ أُعْطِيكُمَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا اسْتُودِعَ اللهُ شَيْئًا حَفِظَهُ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكُمَا، وَأَمَانَتَكُمَا، وَخَوَاتِمَ عَمَلِكُمَا» .
وتابع المطعم ليث بن أبي سليم كما عند الطبراني في (الأوسط)(7/ 17).
وانتهى شيخنا إلى حسن هذا الإسناد مع الباحث: د/ عمرو بن عبد الهادي، بتاريخ (23) ربيع الآخر (1444)، موافق (17/ 11/ 2022 م)
(1)
.
وسألت شيخنا، هل يعل هذا المرفوع بالإسرائليات مما أخرجه عبد بن حميد كما في «المنتخب» ، رقم (855): ثَنَا قَبِيصَةُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ نَهْشَلٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ» ؟
(1)
أورد الباحث شاهدا عند أبي داود (4/ 243)، وفي سنده أبو جعفر الخطمي مختلف فيه.
فقال: هذا ضعيف؛ لضعف نهشل ومتابعه إسماعيل بن جرير.
وحسناه بعيدا عن طريقي قزعة وأبي غالب.
أذكار السفر
قال الإمام مسلم، رقم (1343): حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ.
تابع ابنَ عُليَّةَ الجمهورُ: عبدُ الواحد بنُ زياد، وحمادُ بن زيد، وشعبة، وجرير بن عبد الحميد، وبشر بن منصور، وغيرهم.
وخالف الجميعَ أبو معاوية محمدُ بن خازم، فزاد:«وإذا رجع بدأ بالأهل» ، أخرجها مسلم وألمح إليها.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ الخميس (18) شوال (1443)، موافق (19/ 5/ 2022 م) إلى شذوذها؛ للمخالفة، وللكلام في رواية أبي معاوية في غير الأعمش.
• تنبيه:
هذه الزيادة متعلقة بضبط لفظ آخر جملة من هذا الحديث، ولا تعارض بينها وبين حديث «فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ» ، أخرجه البخاري (4677) ومسلم (716)، من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.
قال الإمام البخاري، رقم (1344): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَفَلَ مِنَ الْجُيُوشِ أَوِ السَّرَايَا، أَوِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، إِذَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» .
وأخرجه البخاري، رقم (6385): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عن نافع به.
وتابع نافعا سالمٌ، أخرجه البخاري (2995).
وخالفهما عليٌّ الأزديُّ، فزاد متنًا شهيرًا مع اتساع المخرج، أخرجه الإمام مسلم (1342) قال: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ
(1)
، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي
(1)
أخرج له مسلم، وروى عنه جمع، ووثقه العجلي، وقال ابن عدى: ليس له كثير حديث، وهو عندي لا بأس به.
الْمَالِ وَالْأَهْلِ»، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ:«آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» .
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز الشرقاوي، بتاريخ الخميس (18) شوال (1443)، موافق (19/ 5/ 2022 م): احكم على السند مع الإشارة إلى ما تريد ا هـ.
• تنبيه:
بعض فقرات متن عليٍّ الأزديِّ لها شواهد.
دعاء الركوب
قال تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [هود: 41].
وقال جل ذكره: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 13، 14].
قال أبو داود في «سُننه» ، رقم (2599): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَلِيًّا الْأَزَدِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بِعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
(1)
، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنِ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، اللَّهُمَّ اطْوِ لَنَا الْبُعْدَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ»، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ
(1)
هذا مع آيتي الزخرف يذكرنا بالتوافق أو الاقتباس ونحوه قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] مع حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا» . أخرجه البخاري (3127) ومسلم (2729) ويتنبه لهذا في أبواب الأذكار.
عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجُيُوشُهُ إِذَا عَلَوُا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا، فَوُضِعَتِ الصَّلَاةُ عَلَى ذَلِكَ.
زاد الحسن بن علي لفظ: «وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه
…
»، ولم تُذْكَر في «المُصنَّف» ولا «مسند أحمد» .
• وتابع عبدَ الرزاق على عدمها اثنان:
1 -
حَجَّاجُ بن محمد، أخرجه مسلم (1362).
2 -
ابن وهب، أخرجه النَّسَائي (11578)، وابن حِبان، وزاد:«الولد» .
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي رُفَيْدَة الفيومي، بتاريخ (27/ 2/ 2022 م) إلى أن «الولد» داخلة في عموم الأهل.
الجَمْع بين الصلاتين في الحضر
• الخلاصة:
انتهى شيخنا مع الباحثين: محمد الغَنَّامي وغيره، بتاريخ (12) رجب (1443 هـ)، الموافق (13/ 2/ 2022 م) إلى أنه لا يَجوز الجمع في المطر بين الظهر والعصر، وكذا المغرب والعشاء؛ لأنه لم يَثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا؛ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ
(1)
. ففي الضروريات العظمى، كعملية جراحية.
(1)
أخرجه البخاري (543)، ومسلم (705).
الجَمْعُ الصُّوريُّ
قال النَّسَائي في «سُننه» ، رقم (589): أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا، أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاء.
وخالفَ قتيبةَ عليُّ بنُ المدينيِّ، كما عند البخاري (1174)، وأبو بكر بن أبي شيبة، كما عند مسلم (705)، والحُميديُّ، كما عند أحمد (498)، والشافعيُّ، كما في «السُّنن والآثار» (6256) فقالوا: قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ العَصْرَ، وَعَجَّلَ العِشَاءَ وَأَخَّرَ المَغْرِبَ. قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّهُ.
ورواه زُهير عن سفيان بن عُيينة، عند أبي يعلى (2394) دون الزيادة. وكذلك رواه بدونها حماد بن زيد، كما عند البخاري (643)، ومسلم (705)، وشعبةُ، كما عند البخاري (562)، وأحمد (2456)، وابن جُريج، كما عند أحمد (3467)، فلم يَذكروا الزيادة: «أَخَّرَ الظُّهْرَ
…
».
• والخلاصة: انتهى شيخنا إلى ضعفها مع الباحث: محمد الغَنَّامي، بتاريخ (15) رجب (1443 هـ)، الموافق (16/ 2/ 2022 م) وقال: ونحو صنيع قُتيبة
في هذا الخبر صنيعه في جمع التقديم
(1)
.
(1)
أخرجه الترمذي، رقم (553) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَنْ يَجْمَعَهَا إِلَى العَصْرِ، فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ عَجَّلَ العَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ، وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ سَارَ، وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ المَغْرِبِ، أَخَّرَ المَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ العِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ المَغْرِبِ عَجَّلَ العِشَاءَ، فَصَلَّاهَا مَعَ المَغْرِبِ.
كتاب الجمعة
تسمية الجمعة بيوم عيد
قال ابن ماجه في «سننه» ، رقم (1098): حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ، جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ»
• وخالف صالح بن أبي الأخضر:
1 -
ابن إسحاق، أخرجه أحمد (2383).
2 -
شعيب بن ابي حمزة، أخرجه البخاري (884) فقالا عن الزهري قَالَ طَاوُسٌ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا الغُسْلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلَا أَدْرِي.
وتابع الزهري دون ذكر العيد إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أخرجه البخاري (885)، ومسلم (848).
• والخلاصة: أن هذه اللفظة منكرة: «إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ، جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ» ؛ لأن صالح متكلم فيه في الزهري، وخالفه غيره، وفي السند إليه علي بن غراب مختلف فيه.
• تنبيه:
هذه اللفظة كانت مستندًا لمن يجوز التهنئة ب «جمعة مبارك» ، والجمعة وإن كانت مباركة، فيشتغل فيها بأعمالها، من الصلاة والسلام على رسول الله، وتلاوة الكهف، والدعاء إلخ.
اشتراط المسجد للجمعة
اختُلف فيه على قولين:
الأول: اشتراط المسجد، وهو قول المالكية؛ لصلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة في المسجد، وعموم:«صَلُّوا كما رأيتموني أصلي»
(1)
الثاني: عدم اشتراط المسجد، كما عند الشافعية في «المجموع» (4/ 501) والحنابلة كما في «المغني» (2/ 246).
ومن أشهر أدلتهم: تجميع مصعب بن عُمير، وأثر عمر رضي الله عنهما، فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُمْ كَتَبُوا إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْجُمُعَةِ، فَكَتَبَ: جَمِّعُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ
(2)
.
أفاده الباحث: محمد بن شرموخ مع شيخنا، بتاريخ (1443 هـ)، الموافق (2022 م)، وفَرِح شيخنا بأثر عمر، وكلام الشافعية في الرد على مَنْ يَمنع إقامة الجمعة خارج المسجد، وذلك في ظرف كورونا.
(1)
«المَعُونة» (ص: 300).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (5170): حدثنا عبد الله بن إدريس، عن شُعبة، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة به.
هل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب بسورة (ق)؟
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (872): وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُخْتٍ لِعَمْرَةَ، قَالَتْ: أَخَذْتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَقْرَأُ بِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: عبد الله بن السيد إلى ضعف هذا الخبر معللا ذلك بأمور ثلاثة:
1 -
كونه خبر يعم الأمة، ويكون على مرأى ومسمع من الصحابة، ولا يحمله إلا أم هشام، وليس لها إلا هذا الحديث الواحد.
2 -
الاختلاف في ثبوت الأسانيد إليها، وكذلك الاختلاف في ألفاظه (الصبح، أو الجمعة، أو على المنبر).
3 -
أسلم طريق لهذا الخبر طريق سليمان بن بلال وقد أخرجه مسلم كما سبق. ا هـ.
أفاد الباحث: أحمد بن علي أنه يشبه حديث بسرة بنت صفوان في مس الذكر، فقال شيخنا: حديث بسرة روي من وجوه أخرى ضعيفة بخلاف هذا.
أقوى حديث في صرف وجوب غسل الجمعة إلى الاستحباب
هو ما أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» ، رقم (354) قال: حَدَّثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ» .
وتابع همامًا شعبةُ، أخرجه الترمذي (497).
• وخالفهما ثلاثةٌ فأرسلوه:
1 -
معمر، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (5311).
2 -
سعيد بن أبي عروبة.
3 -
أبان بن يزيد العطار، أخرجهما البيهقي في «السنن الكبير» (1411).
وخالف قتادةَ إبراهيمُ بنُ المهاجر -وهو ضعيف-، فقال: عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا، أخرجه العقيلي (2/ 166).
وخالفهما أبو حرة
(1)
، فقال: عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعًا، أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (1412).
(1)
قال البخاري: يتكلمون في روايته عن الحسن.
• ورواية شعبة وهمام أعلى إسنادًا وأرجح من حيث الرفعُ، لكن يرد عليها أمران:
1 -
الكلام في رواية الحسن من سمرة، فقد أثبتها ابن المديني والترمذي، وأخرج له البخاري حديث العقيقة، ونفى السماعَ شعبةُ وابنُ معين وابنُ حبان، وفصّل النسائي، فقال: الحسن عن سمرة كتابًا، ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة
(1)
.
والأظهر لديَّ أن زيادة العلم مع المثبتين، أو كونها كتابا مقدم لديَّ، والله أعلم.
2 -
الاختلاف على قتادة في الوصل والإرسال، ومعلوم أن رواية قتادة عن الحسن في الكتب الستة، وهو مكثر عنه، كما في تفسير الطبري.
3 -
رجح الرفع ابن الملقن وابن حجر، وقال في التلخيص: من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح الحديث. في حين قال في الفتح: فيه علتان: عنعنة الحسن، والاختلاف على قتادة. وصححه لشواهده
(2)
العلامة
(1)
وانظر رسالة في الأحاديث التي سمعها الحسن من سمرة رضي الله عنه.
(2)
منها: حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري (903): عن يَحْيَى بْن سَعِيدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَةَ عَنِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الجُمُعَةِ، رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ. وأخرجه مسلم (847).
ومنها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما في إقرار عمر رضي الله عنه عثمان على ترك الغسل. أخرجه البخاري، رقم (878)، ومسلم (845) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ، فَقَالَ: وَالوُضُوءُ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ.
الألباني.
وانتهى شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن حامد بتاريخ (22) ربيع أول (1444)، موافق (17/ 10/ 2022 م): إلى أن علته عدم سماع الحسن من سمرة.
حكم الاتكاء على عصا أو قوس للخطيب
وردت في الباب أخبار، أحسنها ما أخرجه أحمد في «مسنده» ، رقم (17856) قال: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَسَمِعْتُهُ مِنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابِعَ سَبْعَةٍ، أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ، قَالَ: فَأَذِنَ لَنَا فَدَخَلْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْنَاكَ لِتَدْعُوَ لَنَا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَدَعَا لَنَا بِخَيْرٍ، وَأَمَرَ بِنَا فَأُنْزِلْنَا، وَأَمَرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنْ تَمْرٍ، وَالشَّأْنُ إِذْ ذَاكَ دُونٌ، قَالَ: فَلَبِثْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّامًا، شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ، -أَوْ قَالَ عَلَى عَصًا-، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ، ثُمَّ قَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَنْ تَفْعَلُوا، وَلَنْ تُطِيقُوا كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا» .
تابع الحكمَ بنَ موسى سعيد بن منصور، كما عند أحمد (17857) و أبي داود (1096)
(1)
، والهيثم بن خارجة، أخرجه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (480)، وعمرو بن خالد، أخرجه ابن خزيمة (1452)، وبدلُ بنُ محبرٍ، كما
(1)
قال أبو داود: ثبتني في شيء منه بعض أصحابي، وقد كان انقطع من القرطاس.
علقه البخاري في «التاريخ الكبير» (2649).
وشهاب بن خراش بن حوشب: مختلف فيه، فقد وثقه ابن المديني والدارقطني، وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال ابن عدي: له أحاديث ليست بالكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه. وقال ابن حبان: ممن يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به إلا عند الاعتبار.
وشعيب بن رزيق الطائفي: قال ابن معين: ليس به بأس. وقال أبو حاتم صالح وقال الذهبي: صدوق.
والحكم بن حزن: قال البخاري ليس له غير هذا الحديث. وكذا قال أبو القاسم البغوي. وقال الإمام مسلم: لم يرو عنه إلا شعيب.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: فاروق بن الحسيني، بتاريخ الأحد (26) من ذي القعدة (1443)، موافق (26/ 6/ 2022 م) إلى أنه يحسن، لكنها واقعة حال، وليست تقعيدًا.
قلتُ: هو كذلك يحسن لكن تراجع شيخنا -حفظه الله- فكتب شيخنا مع الباحث: أبي عمار الكردي، بتاريخ (7) ربيع أول عام (1444 هـ)، موافق (3/ 10/ 2022 م): خبر مثل هذا تتوافر الدواعي على نقله، ولم ينقل إلا بهذا الإسناد، حريٌّ بأن يطرح مع ما في السند من عدم قوة، والله أعلم ا هـ.
وله شواهد منها حديث سعد القرظ، أخرجه ابن ماجه (1107) رقم، (1107) قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا خَطَبَ فِي الْحَرْبِ، خَطَبَ عَلَى قَوْسٍ، وَإِذَا خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ، خَطَبَ عَلَى عَصًا. وفي
سنده عبد الرحمن بن سعد بن عمار ضعيف، أبوه مقبول.
وشاهد آخر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي» (399)، وفي سنده الحسن بن عمارة متروك الحديث، وله طريق آخر (764)، وفي سنده المعلى بن هلال متهم بالكذب.
وله شاهد آخر من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، لكنه في خطبة العيد، أخرجه أبو داود (1145) وغيره، وفي سنده أبو جناب الكلبي ضعيف.
وله شاهد مرسل في خطبة الجمعة، أخرجه الشافعي كما في «مسنده» (421 - 422) قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عَلَى عَصًا إِذَا خَطَبَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا.
وعبد المجيد: قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ، و كان مرجئا، وأفرط ابن حبان فقال: متروك.
وأورد الباحث حمزة الكردي شاهدًا مرسلا، أخرجه البزار في «مسنده» (2211) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُشِيرُ بِمِخْصَرِهِ إِذَا خَطَبَ» وفي سنده ابن لهيعة عن أبي الأسود وروايته عنه لا يحتج بها قاله ابن عدي في «الكامل» .
• أقوال الفقهاء:
ذهب الجمهور إلى استحباب حمل العصا للخطيب؛ خلافا لأبي حنيفة، ففي «الفتاوى الهندية» (1/ 148): وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ مُتَّكِئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَتَقَلَّدُ الْخَطِيبُ السَّيْفَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِالسَّيْفِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وفي «المحيط البرهاني في الفقه النعماني» (2/ 169): إذا خطب متكئاً على عصا أو على قوس جاز، إلا أنه يكره، لأنه خلاف السنّة.
وفي «البحر الرائق شرح كنز الدقائق» (2/ 259): الحكمة في أن الخطيب يتقلد سيفا ما قد سمعت الفقيه أبا الحسن الرُّسْتُغْفني
(1)
يقول: كل بلدة فتحت عنوة بالسيف يخطب الخطيب على منبرها متقلدا بالسيف، يريهم أنها فتحت بالسيف، فإذا رجعتم عن الاسلام، فذلك السيف باق في أيدي المسلمين، نقاتلكم به حتى ترجعوا إلى الاسلام، وكل بلدة أسلم أهلها طوعا يخطبون فيها بلا سيف، ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم فتحت بالقرآن، فيخطب الخطيب بلا سيف، وتكون تلك البلدة عشرية، ومكة فتحت بالسيف، فيخطب مع السيف اه.
وهذا مفيد لكونه يتقلد بالسيف، لا أنه يمسكه بيده كما هو المتعارف، مع أن ظاهر ما في الخلاصة كراهة ذلك، فإنه قال: ويكره أن يخطب متكئا على قوس أو عصا، لكن قال في الحاوي القدسي: إذا فرغ المؤذنون، قام الامام
(1)
(الرستغفني): بِضَم الرَّاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَضم التَّاء ثَالِث الْحُرُوف وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وفى آخرهَا النُّون بعْدهَا الْفَاء نِسْبَة إِلَى رستغفن قَرْيَة من قرى سَمَرْقَنْد) انظر: «الجواهر المضية» (2/ 310).
والسيف بيساره، وهو متكئ عليه اه.
وقَالَ مَالِكٌ كما في «المدونة» (1/ 232): وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْمَنَابِرِ أَنْ يَخْطُبُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَهُمْ الْعِصِيُّ يَتَوَكَّؤونَ عَلَيْهَا فِي قِيَامِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا.
قال القرطبي في تأويل قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 17، 18]: والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو عصا، فالعصا مأخوذة من أصل كريم، ومعدن شريف، ولا ينكرها إلا جاهل.
وقال النووي في «المجموع» (4/ 528): يسن أن يعتمد على قوس أو سيف أو عصا أو نحوها؛ لما سبق، قال القاضي حسين والبغوي: يستحب أن يأخذه في يده اليسرى، ولم يذكر الجمهور اليد التي يأخذه فيها.
وقال ابن قدامة في «المغني» (3/ 179): ويستحب أن يعتمد على قوس، أو سيف، أو عصا؛ لما روى الحكم بن حزن الكلفيُّ.
حكم سلام الخطيب على المنبر عند صعوده يوم الجُمُعَةِ في مواجهة الناس
ورد فيه خبران، ومرسل، وخمسة آثار عن الصحابة رضي الله عنهم، وكلها ضعيفة:
• أما
المرفوع:
1 -
قال ابن ماجه في «سننه» ، رقم (1109): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ.
وتابع محمد بن يحيى خمسة.
وتابع عمرَو بْنَ خالدٍ الأوزاعِيُّ، كما في «تاريخ أصبهان» (1/ 290).
وسئل أبو حاتم الرازي عنه في «العلل» (590) فقال: هذا حديث موضوع.
وقال البيهقي في «السنن» (5714): تفرد به ابن لهيعة. وذكره ابن عدي في «الكامل» .
2 -
قال ابن المنذر في «الأوسط» ، رقم (1799): حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ، سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنَ الْجُلُوسِ، ثُمَّ يَصْعَدُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، سَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ»
تابع عبدَ الوهَّابِ محمدُ بنُ أبي السريِّ، كما في «الأوسط» (6677) للطبراني، والوليدُ بن عتبة، وعبدُ الوهاب بنُ الضحاك، كما عند البيهقي (5742) وابن عدي في «الكامل» (6/ 445).
وخالفهم عمرو بن عثمان، فقال: عن الوليد، عن رجل حدثه، عن نافع به، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6677)، والبيهقي في «السنن» (5742، 5743). وفيه عنعنة الوليد بن مسلم، وضعف عيسى بن عبد الله الأنصاري، فقال ابن حبان في «المجروحين» (3/ 103): لا ينبغي أن يحتج بما انفرد؛ لمخالفته الأثبات. وقال ابن عدي في «الكامل» في ترجمته: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال أبو حاتم في «العلل» (1417): ذاهب الحديث مجهول.
• وأما
المرسل:
فأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، رقم (5339) قال: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَعِدَ المِنْبَرَ، أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.
وقال أحمد: ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح.
• وأما
الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم
-:
1، 2 - أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
-.
أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (5301)
(1)
قال: حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثنا مُجَالِدٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَيَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيهِ وَيَقْرَأُ سُورَةً، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَنْزِلُ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْعَلَانِهِ.
وعلته: مجالد بن سعيد ضعيف، والشعبي لم يدرك أبابكر وعمر رضي الله عنهما.
وقال أحمد كما في «العلل» (2216 - 2217): هشيم لم يسمعه من مجالد، لكن جبرت هذه بمتابعة أبي أسامة.
3 - عثمان بن عفان رضي الله عنه
-.
أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (5302) قال: حَدَّثنا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ قَدْ كَبِر، فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ فَأَطَالَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ إِنْسَانٌ أُمَّ الْكِتَابِ.
والمشهور: أن أبا نضرة المنذر بن مالك بن قِطْعَةَ
(2)
روايته عن عثمان رضي الله عنه
(1)
وعبد الرزاق في «مصنفه» (5282).
(2)
بكسر القاف، نص عليه النووي، ويروى أيضًا بضمها.
مرسلة
(1)
.
4 - علي رضي الله عنه
-.
أخرجه عبد الله بن أحمد في «فضائل الصحابة» ، رقم (418) قال: حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ، وقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا قُلْتُ لَكُمْ: قَالَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فتَعَلَّقُوا بِهِ، فَوَاللَّهِ، لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَخْطَفَنِي الطَّيْرُ، أَوْ تَهْوِي بِيَ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، أَوْ عَلَى رَسُولِهِ، أَوْ عَلَى كِتَابِهِ، وَمَا قُلْتُ لَكُمْ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، فَرَاجِعُونِي، خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَمِنْ بَعْدِ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ، وَالثَّالِثُ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ، ثُمَّ يَخْطُبُ.
وفي سنده علتان: الحارث الأعور ضعيف، ومحمد بن الفرات التميمي ضعيف كذلك.
5 - ابن الزبير رضي الله عنهما
-.
أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» ، رقم (1800) حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ نَشِيطٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ سَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ.
وعلته: (حَدَّثُونَا)
(1)
قياسا على أن روايته عن علي وأبي ذر وغيرهما من قدماء الصحابة مرسلة، كما نص عليه ابن حجر في التهذيب.
وسليمان بن نشيط: أثبت له البخاري رؤية ابن الزبير، وقال أبو حاتم: روايته عن ابن الزبير مرسلة.
6 - ومن التابعين عمر بن عبد العزيز.
أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (5303) قال: حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ، سَلَّمَ عَلَى النَّاسِ، وَرَدُّوا عَلَيهِ، وإسناده حسن؛ لأن إسماعيل بن عياش وهو حمصي ثقة في أهل بلده، مضطرب في غيرهم.
وعمرو بن مهاجر دمشقي ثقة.
وتابع عمرَو بنَ مهاجرٍ عمرُو بنُ عثمانَ، أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (5/ 281)، وفي سنده الواقدي، متروك.
• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ الأحد (19) من ذي القعدة (1443)، موافق (19/ 6/ 2022 م) إلى أن كل الطرق التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه إذا صعد المنبر سلم لا يخلوا أي منها من مقال، وفي الباب مرسل.
ثم انتهى مع الباحث: أبي عمار عبد المقصور الكردي، بتاريخ (12) ربيع آخر (1444)، موافق (6/ 11/ 2022 م) إلى تقوية المراسيل والأخبار السابقة بالحديث العام «إِذَا لَقِيتَهُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ
…
».
أخرجه مسلم (5702) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهو مخرج مُتَّسِعٌ، وقد توبع عليه. واتفق الشيخان على «حق المسلم
على المسلم خمس: رد السلام»
• أقوال الفقهاء:
الشافعية
(1)
والحنابلة
(2)
استحبا إلقاء الخطيب السلام، وكره أبو حنيفة
(3)
ومالك ذلك
(4)
.
• تنبيه:
المرفوع والموقوف ضعيف، والمذاهب قد اختلفت، فإلقاء السلام أولى؛ لفضله ودفعا للفتن.
(1)
«المجموع» (4/ 527): إذا وصل أعلى المنبر وأقبل على الناس بوجهه، يسلم عليهم.
(2)
«المغني» (2/ 219): يستحب للإمام إذا صعد المنبر فاستقبل الحاضرين سلم عليهم.
(3)
«التجريد للقادوري» (2/ 975): قال الطحاوي: إذا صعد الإمام المنبر، فظاهر المذهب أنه لا يصلي.
(4)
قال ابن القاسم في «المدونة» (1/ 231): وَسَأَلْتُ مَالِكًا، إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، هَلْ يُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ.
حُكْم تَخَطِّي الرقاب في المسجد يوم الجمعة
وَرَدَ في الباب أخبار صريحة غير صحيحة، وأخبار صحيحة محتملة:
فمن الأول: ما أخرجه أحمد رقم (17674): حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ:«اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ»
(1)
.
• والخلاصة: أن سنده ظاهره الحُسن، إلا أن الباحث يورد عليه أمرين:
1 -
أن هذا حُكْم يعم أُمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويحتاج إلى تثبت أكبر.
2 -
ومعاوية يُغْرِب بأحاديث عن أهل الشام. قاله ابن أبي خيثمة.
وقال: إن شيخنا وافقه على ضعف الخبر.
ومنه كذلك: حديث سَهْل بن معاذ، عن أبيه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، اتُّخِذَ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» ، أخرجه أحمد (15609) وغيره. وفي سنده زَبَّان بن فايد، وهو ضعيف.
(1)
قوله: «وآنيت» كآذيت وزنًا؛ أي: أخرت المجيء وأبطأت فيه.
ومنه كذلك: حديث الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ كَالْجَارِّ قُصْبَهُ
(1)
فِي النَّارِ» أخرجه أحمد (15447). وفي سنده هشام بن زياد، وهو ضعيف.
ومن المحتمل في تخطي الرقاب؛ لأنه قد يوجد تخطي بلا تفريق، كما في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»
(2)
.
• أقوال العلماء:
قال ابن عابدين في «الدر المختار» (2/ 163): (قوله: ولم يُؤْذِ أحدًا) بأن لا يطأ ثوبًا ولا جسدًا، وذلك لأن التخطي حال الخُطبة عمل، وهو حرام، وكذا الإيذاء، والدنو مستحب، وتَرْك الحرام مُقَدَّم على فعل المستحب.
وقال ابن أبي زيد القيرواني عن مالك: وإنما يُنْهَى عن التخطي إذا خرج الإمام وجلس على المنبر، فأما قبل ذلك، فلا بأس إذا كان بين يديه فُرَجٌ
(3)
.
وقال الإمام الشافعي في «الأُم» (2/ 401): وأَكْرَهُ تخطي رقاب الناس يوم
(1)
أي: أمعاءه.
(2)
أخرجه البخاري (910).
(3)
«النوادر والزيادات» (1/ 471).
الجمعة قبل دخول الإمام وبعده؛ لِما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب، وبذلك أُحِبُّ لشاهد الجمعة التبكير إليها، مع الفضل في التبكير إليها.
وقال المَرْدَاوي في «الإنصاف» (2/ 410): قَوْلُهُ (وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا، أَوْ يَرَى فُرْجَةً فَيَتَخَطَّى إلَيْهَا).
أَمَّا إذَا كَانَ إمَامًا، فَإِنَّهُ يَتَخَطَّى مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، إنْ كَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّخَطِّي. هَذَا الْمَذْهَبُ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْإِمَامِ، فَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً، فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِالتَّخَطِّي، فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَيْهَا بِدُونِ التَّخَطِّي، كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ اه.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن شرموخ، بتاريخ (16/ 12/ 2021 م) إلى اختيار الكراهة في التخطي والخطيب على المنبر.
طَرْد النساء من المسجد يوم الجمعة
(1)
قال ابن المنذر في «الأوسط» ، رقم (1733): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ مَسْعُودٍ يُخْرِجُ النِّسَاءَ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَقُولُ: اخْرُجْنَ إِلَى بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} الْآيَةَ [الجمعة: 9]، أَلَيْسَتِ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: لَا.
وتابع مَعْمَرًا شعبةُ، أخرجه ابن الجعد (427) بلفظ:«رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَطْرُدُ النِّسَاءَ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» .
وكذلك الحَجَّاج، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9477).
• تابع أبا إسحاق اثنان بنحوه:
1 -
سعيد بن مسروق، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (7701) بلفظ: سَمِعْتُ رَبَّ هَذِهِ الدَّارِ- يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ- حَلَفَ فَبَالَغَ فِي الْيَمِينِ: مَا صَلَّتِ امْرَأَةٌ صَلَاةً أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ صَلَاةٍ فِي بَيْتِهَا، إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، إِلَّا امْرَأَةٌ قَدْ
(1)
من مفاريد ابن مسعود رضي الله عنه.
أَيِسَتْ مِنَ الْبُعُولَةِ».
2 -
أبو فَرْوة الهَمْداني، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (7699) بلفظ:«رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَحْصِبُ النِّسَاءَ، يُخْرِجُهُنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» .
وخالف هؤلاء إبراهيم الهَجَري- وهو ضعيف-، واختُلف عليه رفعًا ووقفًا، والوقف أصح
(1)
، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَحَبَّ صَلَاةٍ تُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ إِلَى اللَّهِ فِي أَشَدِّ مَكَانٍ فِي بَيْتِهَا ظُلْمَةً» أخرجه ابن خُزيمة في «صحيحه» (1691).
• والخلاصة: أن الأثر صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقد رُوي مرفوعًا، ولا يصح.
• بيان:
ثَبَت أن النساء كُنَّ يصلِّينَ معه صلى الله عليه وسلم في المسجد، وكذلك ثَبَت النهي عن منعِهِنَّ من الإتيان إلى المسجد، في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوًعا:«لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» أخرجه البخاري (900)، ومسلم (442).
وقال ابن المنذر في «الأوسط» (4/ 16): (ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَنِ النِّسَاءِ) أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لَا جُمُعَةَ عَلَى النِّسَاءِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُنَّ إِنْ حَضَرْنَ الْإِمَامَ فَصَلَّيْنَ مَعَهُ، أَنَّ ذَلِكَ مُجْزٍ عَنْهُنَّ.
(1)
لأن المرفوع من رواية أبي معاوية عن إبراهيم الهَجَريِّ.
ورواية أبي معاوية في غير الأعمش قال فيها أحمد: مضطربة، لا يحفظها جيدًا.
أين يتنفل المصلي بعد الجمعة؟
قال الإمام مسلم، رقم (883): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ -ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ- يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: نَعَمْ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ، قُمْتُ فِي مَقَامِي فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ:«لَا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ، فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِذَلِكَ، أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ» .
• ثم عرضه الباحث: عبد الرحمن بن صالح، فكتب شيخنا معه، بتاريخ (5) جمادى الأولى (1444)، موافق (29/ 11/ 2022 م):
إشكالياتنا:
1 -
متن معاوية رضي الله عنه محتمل الخصوصية بالجمعة والتعميم.
2 -
عمر بن عطاء بن أبي الخوار اثنان واعتبرنا منهما الثقة؛ لإخراج مسلم، مع أن كليهما روى عنه ابن جريج.
3 -
هل هو خاص بالجمعة أم عام؟.
4 -
يراجع خبر نهى أن يتطوع الإمام في مكانه حتى يتحول أو يتكلم
(1)
.
(1)
في «صحيح البخاري» (1/ 290): ويذكر عن أبي هريرة رفعه «لا يتطوع الإمام في مكانه» . ولم يصح.
كتاب الكسوف
صفة صلاة الكسوف
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (904): حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَاكَ، فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّهُ عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَهُ، فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ، حَتَّى لَوْ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا أَخَذْتُهُ -أَوْ قَالَ: تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا- فَقَصُرَتْ يَدِي عَنْهُ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا، رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ، وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُرِيكُمُوهُمَا، فَإِذَا خَسَفَا، فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ» .
وخالف أبا الزبير عطاءٌ، واختلف عليه، ولم يذكر الإطالة بعد الركعة الثانية، كما عند مسلم (904).
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (4) من ذي القعدة (1443)، موافق (4/ 6/ 2022 م): نستطيع أن نقول في الوهم الذي يعنينا في كتابنا وَهِم أبو الزبير في ذكر [إطالة] القيام بعد الركوع الثاني ا هـ.
وأفادني أبو البخاري بأن شيخنا قال له المعتمد رواية الأكثرين عن الصحابة وليس فيها إطالة الاعتدال الذي يليه السجود كما هنا وفي إحدى طرق حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وأعلها الباحث في كتابه (صلاة الكسوفين وما يتعلق بهما من فقه وأحكام) ط دار التقوى.
قال النووي في «شرحه على مسلم» (6/ 206): قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: «ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» ، هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ الَّذِي يَلِي السُّجُودَ، وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ، وَلَا فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ الِاعْتِدَالَ الَّذِي يَلِي السُّجُودَ، وَحِينَئِذٍ يُجَابُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بجوابين:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ، فَلَا يُعْمَلُ بِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطَالَةِ تَنْفِيسُ الِاعْتِدَالِ وَمَدُّهُ قَلِيلًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِطَالَتُهُ نَحْوَ الرُّكُوعِ.
قصة خنق الشيطان
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (11780): حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مَسَرَّةُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، حَاجِبُ سُلَيْمَانَ قَالَ رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ قَائِمًا يُصَلِّي، مُعْتَمًّا بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، مُرْخٍ طَرَفَهَا مِنْ خَلْفِهِ، مُصْفَرَّ اللِّحْيَةِ، فَذَهَبْتُ أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَدَّنِي: ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَهُوَ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ، فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ:«لَوْ رَأَيْتُمُونِي وَإِبْلِيسَ، فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي، فَمَا زِلْتُ أَخْنُقُهُ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ لُعَابِهِ بَيْنَ إِصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ - الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا - وَلَوْلَا دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ، لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، يَتَلَاعَبُ بِهِ صِبْيَانُ الْمَدِينَةِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ»
وتابع الإمامَ أحمدَ أحمدُ بن أبي سريج، أخرجه أبو داود (699) مختصرًا.
وتابع عطاءَ بنَ يزيد أبو هارون العبديُّ، وهو متروك، أخرجه عبد بن حميد كما في «المنتخب» (946).
ومَسرَّةُ بن معبد سئل عنه أبو حاتم كما في «الجرح والتعديل» (8/ 423) فقال: شيخ ما به بأس.
وذكره ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: 287): من ثقات أهل
فلسطين وكان يغرب. وقال في «المجروحين» (3/ 42): كَانَ مِمَّنْ ينْفَرد عَنْ الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من أَحَادِيث الْأَثْبَات عَلَى قلَّة رِوَايَته، لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ إِذا انْفَرد.
• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد منصور، بتاريخ (2) جمادى الآخرة (1444)، موافق (24/ 11/ 2022 م): سنده حسن، على إغماض لكلام قيل في مسرة بن معبد.
• ولقصة الخنق شواهد:
منها حديث عائشة، أخرجه النسائي (11375)، وابن حبان (2350)، وسنده حسن؛ لحال أبي بكر بن عياش. وصححه العلامة الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (696).
ومنها ما رواه أبو عبيدة عن ابن مسعود ولم يسمع منه، أخرجه أحمد (3926).
ومنها حديث أبي الدرداء، وفيه السؤال عن بسط اليد، أخرجه مسلم (542).
وفي المعنى حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (461)، ومسلم (541) لكن ليس نصًّا في الخنق واللعاب.
كتاب الاستسقاء
تحويل الرداء والجهر في الصلاة
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (1025): حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قَالَ: فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ.
وتابع آدمَ جماعةٌ: أبو نُعيم، كما عند البخاري أيضًا، وأبو معاوية الضرير ويزيد بن هارون، كما عند أحمد (16439)، والطيالسيُّ، كما في «مسنده» (1196)، وعثمان بن عمر، كما عند ابن خُزيمة (1420)، وسفيان والوليد، كما عند النَّسَائي (1522) على الجهر.
وابن أبي ذئب: ثقة ثَبْت، إلا أن يحيى القطان وابن المديني ويعقوب بن شيبة تكلموا في روايته عن الزُّهْري، ولعل البخاريَّ انتقى له هذا، وقد توبع أيضًا من مَعْمَر عليه، بلفظ الجهر في القراءة، كما عند عبد الرزاق في «المُصنَّف» (4889).
وقد قال الإمام أحمد: كنتُ أُنكره حتى رأيتُ رواية مَعْمَر عن الزُّهْري، كما قال ابن أبي ذئب، يعني أنه جهر بالقراءة.
وقد رواه جماعةٌ: شُعيب بن أبي حمزة، كما عند البخاري (1023)
(1)
ويونسُ بن يزيد، أخرجه مسلم (894)، والزُّبَيْديُّ، أخرجه أبو داود (1163)
(2)
وصالح بن أبي الأخضر
(3)
، أخرجه أحمد (1664)
(4)
، عن الزُّهْري، دون ذكر الجهر.
وفيما سبق ضُعِّف صالح في الزُّهْري، وضُعِّف السند إلى الزُّبَيْدِيِّ، وعليه، فاثنان -وهما يونس وشُعيب- بدون الجهر، واثنان -وهما مَعْمَر وابن أبي ذئب- بالجهر، وقد صحح الجهرَ البخاريُّ
(5)
وأحمدُ كما سبق، ونَقَل النووي الإجماع على الجهر.
• وقد تابع الزُّهْرِيَّ على قلب ردائه أو تحويل ردائه جماعةٌ:
1 -
أبو بكر بن محمد، أخرجه البخاري (1028)، بلفظ:«وحَوَّل ردائه» .
2 -
عبد الله بن أبي بكر بن محمد
(6)
، أخرجه البخاري (1005)، بلفظ:
(1)
تنبيه: زاد شُعيب لفظ: «فأُسْقُوا» قال ابن خُزيمة في «صحيحه» ، رقم (1424): ليس في شيء من الأخبار أعلمه: «فأسقوا» إلا في خبر شُعيب.
(2)
وفي سنده عمرو بن الحارث الحمصي، مقبول.
(3)
وهو ضعيف في الزُّهْريِّ.
(4)
وخالف أصحابَ الزُّهْريِّ جميعًا النعمانُ بن راشد، فقال: عن الزُّهْري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. أخرجه ابن ماجه (1268) بمتن مطول، وقال الدارقطني في «العلل» (1660): وَهِمَ فيه النعمان.
(5)
كما في «صحيحه» .
(6)
خالف محمدُ بن إسحاق أصحابَ عبد الله بن أبي بكر، فزاد:(وتَحَوَّلَ الناسُ معه) أخرجه أحمد (16465). وانتهى شيخنا إلى شذوذها.
«وحَوَّل ردائه» .
3 -
محمد بن أبي بكر، أخرجه البخاري (1011)، بلفظ:«فقَلَب رداءه» .
4 -
عمرو بن يحيى المازني، أخرجه البخاري (6343)، بلفظ:«وقَلَب رداءه» .
• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: فاروق بن فاروق بن محمد الحسيني، بتاريخ (4) شعبان (1443)، الموافق (6/ 3/ 2022 م):
1 -
الأكثرون عن عَبَّاد بن تميم بدون ذكر الجهر.
2 -
تَنكَّب صاحبا الصحيح عن إخراجها، إلا من طريق ابن أبي ذئب، وابن أبي ذئب فيه كلام عن الزُّهْري ا هـ.
فلما ذُكِّر شيخنا بالإجماع، قال: نقول به. وانتهى إلى أن لفظ: «وتَحَوَّلَ الناس» من مفاريد ابن إسحاق.
كتاب الصلاة
فضل التأمين في الصلاة
حديث عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ، مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ» .
ثم كتب مع الباحث: شريف الصابر، بتاريخ (17) شوال (1443)، الموافق (18/ 5/ 2022 م): القواعد التقليدية تقتضي تحسين الخبر؛ لاتساع المخرج، لكن إذا كان لعلماء العلل أقوال، فلهم وجه؛ لما علم عن سهيل من الأخطاء ا هـ.
ومما يؤيد الإعلال: أن متابعة خالد الطحان لحماد بن سلمة عن سهيل عند ابن خزيمة فيها ربط للمتنين، وابن ماجه تفرد بطريق حماد بن سلمة عن سهيل، وفيها كلام والله أعلم.
مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما
صفة اليدين في السجود
قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، رقم (2660): حَدَّثَنَا أبو
(1)
عَاصِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:«كَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَضُمُّ يَدَيْهِ إِلَى جَنْبَيْهِ إِذَا سَجَدَ» ، وإسناده صحيح.
• بيان:
أخرج البخاري (390)، ومسلم (495)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
وسبق في «سلسلة الفوائد» (2/ 285) خمسة أحاديث في باب مجافاة الذراعين عن الجنبين.
(1)
هذا الصواب، بإثبات (أبو)، وفي بعض النسخ بإسقاطها.
فضل صلاتي الفجر والعشاء في جماعة
قال الإمام مسلم في «صحيحه» ، رقم (656): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ»
• تنبيهات:
1 -
روي هذا الخبر خارج مسلم بلفظ العشاء مرتين: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» كما عند البزار (403) وقال: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
2 -
لفظ: «في جماعة» زيادة عند مسلم.
3 -
روى من وجه موقوف دون ذكر الجماعة قولا واحدا.
• الخلاصة: رجح الدارقطني طريق الثوري التي أخرجها مسلم، وهو اختيار شيخنا مع الباحث: أحمد النمر، بتاريخ (12) من ذي القعدة (1443)، الموافق (12/ 6/ 2022 م).
هل إذا نوى قيام الليل فغلبه النوم يؤجر؟
1 -
قال النسائي في «سننه» ، رقم (1463): أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ»
• وتابع هارون اثنان:
1 -
موسى بن عبد الرحمن، أخرجه ابن خزيمة (1172).
2 -
علي بن الحسين كما في «مختصر قيام الليل» (187).
خالف الحسين بن علي معاويةُ بن عمرو فأوقفه، أخرجه الحاكم (1171)، والبيهقي (4725).
وخالف زائدةَ جريرٌ فأوقفه، أخرجه ابن خزيمة (1173).
وتابع حبيبَ بنَ أبي ثابت على الرفع شعبةُ، لكن من رواية مسكين بن بكير
عنه
(1)
، وقد حدث عن شعبة بأحاديث لم يروها أحد غيره، وهو كثير الوهم والخطأ، أخرجه ابن حبان (2588).
• وخالفهما -حبيبًا وشعبة كما في الرواية السابقة وإلا فذكر عنه الوقف
(2)
- اثنان فأوقفاه:
1 -
سفيان الثوري، كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» (4224)، والنسائي (1464)، وابن خزيمة «صحيحه» (1174).
2 -
ابن عيينة، أخرجه النسائي (1464).
وقال الدارقطني في «علله» (1074): والمحفوظ الموقوف.
• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: فاروق بن فاروق الحسيني، بتاريخ (3) جمادى الأولى (1444)، موافق (27/ 11/ 2022 م): الوقف أصح
(3)
.
2 -
قال الإمام أبو داود في «سننه» ، رقم (312) و (1314): حَدَّثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ رضًا، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنَ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلاَّ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً» .
(1)
وعند ابن حبان بشك شعبة عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، أَنَّهُ عَادَ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ، أَوْ أَبُو الدَّرْدَاءِ - شَكَّ شُعْبَةُ.
(2)
انظر: «العلل» (1074).
(3)
وصححه العلامة الألباني في «صحيح أبي داود» ، رقم (1178).
• اختلف في تسمية شيخ سعيد بن جبير على ثلاثة أوجه:
1 -
رجل مبهم كما سبق.
2 -
الأسود بن يزيد، أخرجه النسائي (1462)، وفي سنده أبو جعفر الرازي عيسى بن مهان، وهو سيء الحفظ، واختلف عليه بإثبات الأسود أو إسقاطة، والصواب عنه إسقاطه، وهي رواية وكيع عند أحمد (24341)، وتابعه يحيى بن أبي بكير، أخرجه النسائي (1786).
والصواب إثبات رجل مبهم، وهي رواية مالك كما في «الموطأ» (1/ 117)، ومن خالف مالكًا دونه.
وقال الدارقطني في «علله» (3672): والصحيح ما قاله مالك في «الموطأ» عن ابن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رضي عن عائشة رضي الله عنها.
عدد الركعات في قيام رمضان زمن الفاروق رضي الله عنه
-
قال الإمام مالك في «موطئه» (1/ 115): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً. قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ.
تابع مالكًا على لفظ: «إحدى عَشْرةَ» جماعةٌ: إسماعيلُ بنَ جعفرٍ، ويحيى بنُ سعيد، وعبد العزيز الدراورديُّ، وأسامةُ بن زيد.
وخالفهم محمد بن إسحاق، فقال:«ثلاث عَشْرة ركعة» ، أخرجه أبو بكر النَّيْسابوري في «فوائده» (19).
وخالفهم جميعًا داود بن قيس وغيره، فقالوا:«إحدى وعشرين ركعة» ، أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7730).
وخالفهم يزيد بن خُصيفة
(1)
عن السائب بن يزيد، فقال «عشرين ركعة» ،
(1)
وخالفه الحارث بن عبد الرحمن، فقال:«ثلاثًا وعشرين» ، أخرجه عبد الرزاق (7733)، وفي سنده محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك.
أخرجه ابن الجعد (2825).
وتابع يزيدَ متابعةً قاصرةً يحيى بنُ سعيد الأنصاري، عن عمر بن الخطاب، فقال:«عشرين ركعة» ، ولم يُدرِك عمر.
ورواه يزيد بن رومان عن عمر -ولم يدركه-، فقال:«بثلاث وعشرين ركعة» ، أخرجه مالك في «الموطأ» (5).
• والخلاصة: أن الجمع بين الروايات قائم، باعتبار أنهم تبعوا النبي صلى الله عليه وسلم أولًا في إحدى عَشْرة أو ثلاث عَشْرة، ثم اجتهدوا فزادوا إلى عشرين ركعة، وكلاهما ثابت.
وأيضًا: لديَّ أن رواية داود محتملة على هذا الجمع، غاية أمرها أن الراوي لم يَذكر الكسر، والروايات لم تتحد على لفظ واحد، وإن كان الباحث: محمد بن السيد الفيومي يرى أنها شاذة. وذلك بتاريخ (9) شعبان (1443 هـ) الموافق (12/ 3/ 2022 م).
حال السلف مع قيام الليل
قال البخاري في «صحيحه» ، رقم (5441): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا: يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابهِ تَمْرًا، فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ.
وتابع مسددًا جماعةٌ على لفظ: «سَبْعُ تَمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ» .
وخالف شعبةُ حمادًا فقال: «تمرةً تمرةً» ، أخرجه الترمذي (2474)، وابن ماجه (4157)، وأحمد (7965)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ، فَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَمْرَةً تَمْرَةً.
• وسلك عددٌ من العلماء طرقا للجمع:
منها: القول بالتعدد.
ومنها: أن التخصيص بالعدد لا ينفي الزيادة، واستبعدهما الحافظ.
ومنها: أن يكون قسم خمسة خمسة، ثم فضلت فضلة، فقسمها اثنتين اثنتين.
والذي يظهر لي: ترجيح رواية حماد بن زيد على رواية شعبة؛ لضيق
المخرج، ولكون ما يقع لشعبة من النذر اليسير في ضبط بعض الألفاظ، والله أعلم.
وخالف عباسًا الجريريَّ عاصمٌ الأحولُ، أخرجه البخاري (5442) عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا تَمْرًا، فَأَصَابَنِي مِنْهُ خَمْسٌ: أَرْبَعُ تَمَرَاتٍ وَحَشَفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الحَشَفَةَ هِيَ أَشَدُّهُنَّ لِضِرْسِي.
• لكن من رواية إسماعيل بن زكريا، واختلف عليه في اللفظ:
ففي رواية البخاري كما سبق.
وفي رواية أبي يعلى (6649)«خمسة وحشفة»
وفي رواية ابن حبان (4498)، كلفظ البخاري، لكن بالشك «خمسة أو أربعة» .
ومما يرجح رواية السبع تمرات، أن عبد الله بن شقيق رواه عن أبي هريرة، أخرجه أحمد، رقم (8301): حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ
(1)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَقَمْتُ بِالْمَدِينَةِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَةً، فَقَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا لَنَا ثِيَابٌ إِلَّا الْبِرَادُ الْمُتَفَتِّقَةُ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَى أَحَدِنَا الْأَيَّامُ مَا يَجِدُ طَعَامًا يُقِيمُ بِهِ صُلْبَهُ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَأْخُذُ الْحَجَرَ فَيَشُدُّهُ عَلَى أَخْمَصِ بَطْنِهِ، ثُمَّ يَشُدُّهُ بِثَوْبِهِ لِيُقِيمَ بِهِ صُلْبَهُ،
(1)
والجريري هنا ليس عباسا السابق، إنما هو سعيد الجريري، وقد روى عنه عبد الوارث قبل الاختلاط، وتابعه عبد الأعلى عند الحاكم (7079)، ونص الحاكم والبزار على أنه سعيد الجريري.
فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَنَا تَمْرًا، فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا سَبْعَ تَمَرَاتٍ فِيهِنَّ حَشَفَةٌ، فَمَا سَرَّنِي أَنَّ لِي مَكَانَهَا تَمْرَةً جَيِّدَةً، قَالَ: قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: تَشُدُّ لِي مِنْ مَضْغِي.
• الخلاصة: أن رواية حماد بن زيد التي رواها البخاري وقدمها على رواية عاصم هي الأصح، وقد توبع عليها متابعة قاصرة من عبد الله بن شقيق، ورأى شيخنا مع الباحث أشرف بن محمد الشريف
(1)
، بتاريخ (21) شوال (1443)، الموافق (22/ 5/ 2022 م) أن الأثر المترتب على هذا الخلاف غير مجدٍ من حيث الفقه، وكتب لما ذكر الباحث أن روايتي عبد الوارث وعبد الأعلى عن سعيد الجريري قبل الاختلاط: عليك أن تذكر من أين أتيت بأن هذا روى قبل الاختلاط أم بعده.
(1)
ولد بتاريخ (2/ 4/ 1974 م)، بقرية كفر الواصلين، مركز أطفيح بمحافظة الجيزة، حاصل على بكلوريس شريعة إسلامية جامعة الأزهر.
إلى متى تُصَلَّى النافلة بعد العصر؟
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (1194): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ، إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» .
وتابع شعبةَ جَمْعٌ: جريرُ بن عبد الحميد، وأبو عَوَانة
…
وغيرهما.
وخالفهم شَرِيكٌ، فأبدل (هلال بن يَسَاف) ب (سالم بن أبي الجعد) ذَكَره الدارقطني في «العلل» (2/ 93).
ورواه سفيان الثوري، واختُلف عليه كالوجهين السابقين، هلال بن يَسَاف، كما عند أحمد (1/ 129) وغيره، وسالم بن أبي الجَعْد، كما عند الدارقطني في «العلل» (2/ 93).
وثَمة وجه ثالث: أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (1076): حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ، إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» قَالَ سُفْيَانُ: فَمَا أَدْرِي بِمَكَّةَ، يَعْنِي: أَوْ بِغَيْرِهَا.
• والخلاصة: أن الإسناد صحيح لديَّ من طريقَي وهب
(1)
وعاصم؛ فالثوري يَتحمل أن يكون له أكثر من شيخ.
وأما شيخنا، فكَتَب مع الباحث: أحمد بن علي، بتاريخ (23) صَفَر (1444 هـ)، الموافق (19/ 9/ 2022 م): فيه وَهْب بن الأجدع، لا يتحمله، فالخبر من هذا الوجه ضعيف.
وكَتَب على طريق عاصم: يُراجَع لمزيد من التوهين مسند علي رضي الله عنه. وهل ورد عنه شيء في الباب أو لا؟
• تنبيه:
هذا من الأحاديث التي صححها العَلَّامة الألباني رحمه الله، في «الصحيحة» ، رقم (209).
قال الإمام أحمد في «مسنده» ، رقم (22112): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ لَقِيَ امْرَأَةً لَا يَعْرِفُهَا، فَلَيْسَ يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَتَاهُ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا؟ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَذِهِ الْآيَةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ
(1)
ووَهْب بن الأجدع: قال البخاري: سَمِع عمرَ وعليًّا رضي الله عنهما. ووَثَّقه العِجْلي، وذَكَره ابن حِبَّان في «الثقات» ، وخَرَّج حديثه في «صحيحه» .
وقال ابن سعد: كان قليل الحديث. ورَوَى عنه عامرٌ الشَّعْبي ووَهْب بن الأجدع.
وقال الحافظ المِزِّيّ: رَوَى له أبو داود والنَّسَائي حديثًا واحدًا، وقد وقع لنا بعلو عنه.
اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] الْآيَةَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ» . قَالَ مُعَاذٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً، أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً؟ قَالَ:«بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً» .
وتابع زائدةَ جريرٌ، أخرجه البيهقي (610) وغيره.
وخالفهما شُعبة فأرسله، أخرجه الترمذي (3113) والنَّسَائي (7287).
• والخلاصة: أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يَسمع من معاذ، قاله ابن المديني والترمذي.
وكَتَب شيخنا مع الباحث: سلمان بن عبد المقصود الكردي، بتاريخ (23) صَفَر (1444 هـ)، الموافق (19/ 9/ 2022 م): الخبر ضعيف من هذا الوجه، لكن له شواهد في «الصحيحين» ، ورَاجِع «ابن كَثِير» في تفسير الآية الكريمة.
مِنْ شواهده: في البخاري رقم (526)، ومسلم رقم (2763)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه
(1)
.
وأيضًا: في البخاري رقم (6823)، ومسلم رقم (2764)، من حديث أنس رضي الله عنه.
وكذلك في مسلم رقم (2765)، من حديث أبي أُمَامَة رضي الله عنه.
(1)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِي هَذَا؟ قَالَ:«لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ» .
استحباب السبحة بعد المغرب في البيت
سبق حديث: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، فلما سَلَّم قال:«اركعوا هاتين الرّكعتين في بيوتكم» يعني السُّبحة بعد المغرب.
وانتهى شيخنا مع الباحث حمدي بن سليم بتاريخ 5 ربيع الآخر 1444 موافق 31/ 10/ 2022 م: إلى تحسين إسناده وأن متنه غير مخالف للحث على صلاة النافلة في البيت. وذكر رجل في أحد الطرق مرجوح.
كتاب صلاة المسافرين
اشتراط المَحْرَم في سفر المرأة
قال أبو داود في «سُننه» ، رقم (1724): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالنُّفَيْلِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ الْحَسَنُ: فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً» فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَعْنَبِيُّ وَالنُّفَيْلِيُّ (عَنْ أَبِيهِ)، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ، كَمَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ.
وقال أبو داود رقم (1725): حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ- وَسَلَّمَ
…
فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «بَرِيدًا» .
وخالف سُهيلًا في لفظه مالكٌ، وابنُ أبي ذئب، وابنُ عجلان، وغيرهم، فقالوا:«يومًا وليلة» ، وقال سُهيل:«بَرِيدًا» .
وقال الدارقطني: وَهم على سُهيل.
• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: إبراهيم بن كامل الفيومي، إلى شذوذ لفظة سُهيل، واعتَبَر الوهم من قسم الشاذ، وأن حديث ابن عباس لفظه عام يَقضي على كل الخلافات الواردة في حديث أبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخُدْري، وأن العامل به عامل بكل ما سواه، ولفظه:«تسافر مع غير ذي مَحْرَم» دون تقييد بمدة.