المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الجنائز ‌ ‌حال السعداء والأشقياء عند الخروج من الدنيا قال تعالى: {وَلَوْ - سلسلة الفوائد الحديثية والفقهية - جـ ٨

[أبو أويس الكردي]

فهرس الكتاب

‌كتاب الجنائز

‌حال السعداء والأشقياء عند الخروج من الدنيا

قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [الأنفال: 50، 51].

وقال جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30 - 32].

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (18534):

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا،» ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ،

ص: 5

حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، عليه السلام، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ". قَالَ:«فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» قَالَ: " فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ، يَعْنِي بِهَا، عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ". قَالَ: " فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ". قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ» . قَالَ: " وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي ". قَالَ: " وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ

ص: 6

السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ ". قَالَ:" فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ، فَلَا يُفْتَحُ لَهُ "، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: «اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا» . ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)} [الحج: 31]" فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ".

ص: 7

وتابع أبا معاوية جمع - أبو عوانة، وابن فضيل، وجرير بن حازم، والثوري مطولًا ومختصرًا.

• وتابع الأعمش جماعة:

عمرو بن قيس كما عند ابن ماجه (1549) والراوي عنه أبو خالد الأحمر وهو متكلم فيه. وعمرو بن ثابت وهو ضعيف- كما عند الطيالسي (7489).

ويونس بن خباب وهو ضعيف كما في «السنة» (1441) ومحمد بن سلمة وهو ضعيف كما في «السنة» لعبد الله رقم (1444) ومحمد بن عتبة كما عند الروياني في «مسنده» (991).

• وتوبع زاذان من:

1 -

عدي بن ثابت «الآثار» للطبري (723) وفي سنده عيسى بن المسيب وهو ضعيف.

2 -

سعد بن عبيدة أخرجه البخاري (4699) ومسلم (2871) وغيرهما وهو صحيح لكن بذكر "عذاب القبر" والآية: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27].

3 -

خيثمة أخرجه مسلم (2871) والسنة لعبد الله (1420).

• الخلاصة: كتب مع الباحث: خلف الفيومي بتاريخ (4) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (3/ 7/ 2022 م):

ص: 8

1 -

[أيّ] رواية فيها تصريح الأعمش بالسماع

(1)

؟

2 -

هل رواية جماعة الضعفاء عن المنهال يقوي بعضها بعضًا وخاصة أن الحديث مصحوب بقصة.

3 -

كل الروايات الضعيفة روت الحديث مطولًا.

4 -

الكلام في المنهال وهل يتحمل هذا المتن المطول.

5 -

اقتصار الشيخين على تفسير الآية هل فيه ما يحمل على الغمز في رواية الراوينَ. ا هـ.

6 -

هل أسند طريق الحسن بن عمارة الذي تكلم عليه ابن حبان

(2)

أحد؟.

7 -

الطعن في سماع المنهال.

(1)

ذكر الإمام أحمد تصريح الأعمش والمنهال بالسماع فقد قال في «مسنده» رقم (18535): حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ، قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ «فَيَنْتَزِعُهَا تَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ» قَالَ أَبِي: وَكَذَا قَالَ زَائِدَةُ.

(18536)

- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَاذَانُ، قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«وَتَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الثِّيَابِ، حَسَنُ الْوَجْهِ» ، وَقَالَ فِي الْكَافِرِ:«وَتَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ» .

(2)

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ كما في «صحيحه» (7/ 387): خَبَرُ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ سَمِعَهُ الْأَعْمَشُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَزَاذَانُ لَمْ يسمعه من البراء فلذلك لم أخرجه.

ص: 9

‌فضل الاسترجاع عند المصائب

قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 156، 157].

1 -

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (918):

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ ابْنَ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا» ، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ:«أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ» .

2 -

وقال سعيد بن منصور في «تفسيره» (233):

نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: نِعْمَ

ص: 10

الْعَدْلَانِ، وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157].

وخالف سفيان جرير بن عبد الحميد فأدخل واسطة بين مجاهد، وعمر رضي الله عنهما.

أخرجه الحاكم والبيهقي (7126).

• وحكم الحاكم، وابن حجر على هذا السند بالصحة.

ورواية سفيان أرجح، ومجاهد لم يسمع من عمر رضي الله عنه والأصل في ابن المسيب أنه لم يسمع من عمر إلا ما استثني كنعي النعمان بن مُقَرِّن رضي الله عنه.

وقال ابن حجر في «تغليق التعليق» (2/ 470):

قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي غَرِيب الحَدِيث حَدَّثنا عُبَيْدُ اللَّهِ ثَنَا حَمَّادٌ

(1)

عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ به. وهو منقطع بين نعيم وعمر رضي الله عنهما.

• الخلاصة: انتهى شيخنا معي في شهر شوال (هـ 1443) موافق (2022 م) إلى أنه لمحسن أن يحسنه بطريقيه المنقطعين. والله أعلم.

(1)

حماد عن أيوب ثلاثة:

1 -

حماد بن سلمة وروى عنه عبيد الله بن محمد العيشي.

2 -

حماد بن زيد.

3 -

حماد بن يحيى الأبح وروى عنهما عبيد الله بن عمر القواريري.

ص: 11

‌بَابٌ: فِي إِغْمَاضِ الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ لَهُ إِذَا حُضِرَ

1 -

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (920):

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» ، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ:«لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» .

2 -

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17136):

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَزَعَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ، فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ، فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ، وَقُولُوا خَيْرًا: فَإِنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْمَيِّتِ» .

• وتابع حسن بن موسى ثلاثة:

1 -

عاصم بن علي أخرجه ابن ماجه (1455)، وابن عدي في «الكامل» (3/ 72).

ص: 12

2، 3 - إبراهيم بن الحجاج، وروح بن عبد المؤمن.

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (7/ 291) رقم (7168).

قال ابن عدي: لا أعلمه رواه عن حميد غير قزعة. ونحوه قال البزار.

• والخلاصة: أن الخبر ضعيف لضعف قزعة وهو ابن سويد ولفظ الأمر بالتغميض ضعيف سبق من فعله صلى الله عليه وسلم. وانتهى شيخنا مع الباحث: أبي الحسن المنصوري بتاريخ (9) ربيع الآخر (1444 هـ) موافق (3/ 11/ 2022 م): إلى ذلك.

ص: 13

‌تعريف النعي

هو الإخبار بموت الميت

(1)

مع ذكر اسمه وإن زاد الناعي لقبًا أو صفة صلاح أو آيةً قرآنيةً فلا بأس للترغيب في شهود جنازته.

• ومستند هذا التعريف مرفوع وموقوف:

• أما المرفوع:

فمن نعيه صلى الله عليه وسلم للنجاشي.

فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ:«مَاتَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ»

(2)

.

• وأما الموقوف:

فعلى رؤوس الأشهاد من الصحابة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي خطبة أبي بكر المشهورة في وفاته صلى الله عليه وسلم: «فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ،

(1)

قال الفيومي في «المصباح المنير» (2/ 614): نَعَيْتُ الْمَيِّتَ نَعْيًا مِنْ بَابِ نَفَعَ أَخْبَرْتُ بِمَوْتِهِ فَهُوَ مَنْعِيٌّ.

(2)

أخرجه البخاري (3877) ومسلم (952) ولفظه: «مَاتَ الْيَوْمَ عَبْدٌ لِلَّهِ صَالِحٌ أَصْحَمَةُ» ، فَقَامَ فَأَمَّنَا، وَصَلَّى عَلَيْهِ.

ص: 14

وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وَقَالَ:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ»

(1)

رضي الله عنهم.

• أما نعي الجاهلية:

فهو مصحوب بالاعتراض على الأقدار والتباهي والتفاخر بالأنساب.

ومنه قول طرفة ابن العبد موص ابنة أخيه

(2)

:

إذا مت فانعيني بما أنا أهلُه

وشُقي عليَّ الجيبَ يا ابنة معبد

وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»

(3)

.

وعليه يحمل إن ثبت ما جاء في النهي عن النعي من حديثي حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهما.

(1)

أخرجه البخاري (3668).

(2)

انظر: «شرح المعلقات السبع» (ص: 117) للزوزني.

(3)

أخرجه البخاري (1294) ومسلم (103).

ص: 15

‌فوائد النعي كثيرة

1 -

تذكير بالاسترجاع وأن كل من عليها فان.

قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 156، 157].

2 -

إعلام لمن كان له دين أو عليه دين أن يعلم أهل الميت به فيخصم من الميراث أو يضاف إليه.

3 -

الشفاعة في الميت.

فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ»

(1)

وسبق حديث مالك بن هبيرة رضي الله عنه مرفوعًا: «ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجبت» .

4 -

الفوز بجبلين كجبل أحد في الأجر.

فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» ، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟

(1)

أخرجه مسلم (947).

ص: 16

قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ»

(1)

.

ولما سمع ابن عمر بحديث أبي هريرة أَرْسَلَ خَبَّابًا إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ: وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ:«لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ»

(2)

.

5 -

الدعاء بالثبات للميت والاستغفار له: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ

(3)

، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» وسبق تحسين سنده.

6 -

التذكير بالآخرة ورقة القلب وفي الخبر: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا»

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري (1325) ومسلم (945).

(2)

أخرجه مسلم (945).

(3)

الباء في (بالتثبيت) إما أن تكون مقحمةً أي زائدة وهذا مردود بالكلية.

وقد تكون متضمنةً معنى حرفٍ آخر وهو (من) مثلا. وقد تجعل الفعل متضمنًا معنى فعلٍ آخر ك (ادعو) الله له بالتثبيت وهذا مناسب لمقتضى الحال.

ولكن لمَ آثر التعبير باسألوا بدلَ ادعو؟

لأن اسئلوا فيه مظنة الإجابة لما فيه من الإلحاح واشتغال الجوارح كلها بالسؤال فهو يسأل بلسانه ويمد يده ويرغب بقلبه. أفاده العلامة عبد العزيز الفيومي.

(4)

أخرجه مسلم (1977).

ص: 17

‌حكم النعي

مستحب إن كان المقصد منه صحيحًا وخلا من وصف نعي الجاهلية

(1)

؛ لأن الله نعى نبيه صلى الله عليه وسلم إليه في سورة النصر

(2)

، ونعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي، والثلاثة

(1)

قال ابن عابدين في «رد المحتار» (2/ 259): وكره بعضهم أن ينادى عليه

إلى أن قال: والأصح أنه لا يكره إذا لم يكن معه تنويه بذكره وتفخيم ....

أما الإمام مالك فقد قال: كما في «البيان والتحصيل» (2/ 217) قال ابن القاسم: وسألت مالكًا عن الجنازة يؤذن بها في المسجد يصاح بها، قال لا خير فيه - وكرهه، وقال لا أرى بأسًا أن يدار في الحلق يؤذن الناس بها، ولا يرفع بذلك صوته.

وقال ابن عبد البر: في حديث السوداء جواز الإذن بالجنازة وذلك يرد قول من كره ذلك.

ونقل النووي في «المجموع» (5/ 173 - 174) عن الحاوي الخلاف على ثلاثة أقوال: استحب ذلك لكثرة المصلين، وعكسه لا يستحب،

والثالث: يستحب للغريب إذا لم يؤذن به لا يعلمه الناس.

ثم قال: والصحيح الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة

إن قصد به الإخبار لكثرة المصلين فهو مستحب.

ونقل ابن قدامة في «المغني» (2/ 432 - 434): الكراهة لحديث حذيفة .... إلخ.

(2)

أخرج البخاري (4969) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]، قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ:«مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟» قَالَ: «أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ» .

وفي قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي رقم (3550): «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ» نعي لكل من بلغ هذا.

ونعى نبي الله صالح عليه السلام قومه لما عقروا الناقة: {فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65]

*-وأعلم الله نبيه آدم عليه السلام بعمره فوهب منه أَرْبَعِينَ سَنَةً لداود عليه السلام. وإسناده حسن وإن كان شيخنا يجنح إلى ضعفه كما سبق.

*-وقد يرى الشخص رؤيا فيها نعي أجله ومدة بقائه في الدنيا.

ص: 18

أصحاب مؤته - زيدَ بن حارثة وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم

(1)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة أو الرجل الذي دفن ليلًا: «أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟»

(2)

.

ونعى الصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونعى عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن

(3)

وطلب ابن عمر رضي الله عنهما تأخير جنازة رافع بن خديج حتى يؤذن به

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري (3757).

(2)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه البخاري (1337) ومسلم (956) وعند مسلم زيادة معلة: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» .

(3)

إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (3461)، وهو من رواية سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه، وسماع سعيد من عمر مختلف فيه والأكثر على قبول هذه الرواية، وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (1/ 404): حفظ سعيد ذلك وله سبع سنين.

(4)

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (4242) والبيهقي في «السنن الكبرى» (7180) وغيرهما عن عَمْرو بْن مَرْزُوقٍ الْوَاشِحِيّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ رَافِعٍ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، مَاتَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَأُتِيَ ابْنُ عُمَرَ فَأُخْبِرَ بِمَوْتِهِ، فَقِيلَ لَهُ مَا تَرَى أَيُخْرَجُ بِجِنَازَتِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ:" إِنَّ مِثْلَ رَافِعٍ لَا يُخْرَجُ بِهِ حَتَّى يُؤْذَنَ بِهِ مَنْ حَوْلِنَا مِنَ الْقُرَى فَأَصْبِحُوا وَاخْرُجُوا بِجِنَازَتِهِ ".

وإسناده حسن إن كانت جدة يحيى صحابية فقد ذكرها البارودي في الصحابة ولم يعرفها الهيثمي وقال بقية رجاله ثقات.

ص: 19

•‌

‌ أدلة النعي الممنوع:

حديثا ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما.

1 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ، فَإِنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَالنَّعْيُ: أَذَانٌ بِالمَيِّتِ

(1)

.

2 -

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ: «إِذَا مِتُّ فَلَا تُؤْذِنُوا بِي، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ»

(2)

.

(1)

ضعيف مرفوعًا وموقوفًا؛ فإن مداره على أبي حمزة ميمون الأعور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود، واختلف عليه فرفعه عنبسة وسليمان بن حيان وغيرهما، ووقفه الثوري وإسرائيل، ورجح الوقف الترمذي في «جامعه» (984) والدارقطني في «علله» (5/ 166).

وميمون الأعور ضعفه جمهور المحدثين وبخاصة في إبراهيم فقد قال ابن عدي: أحاديثه التي يرويها خاصة عن إبراهيم مما لا يتابع عليها.

(2)

منقطع: أخرجه الترمذي (986)، وغيره من طرق عن حبيب بن سليم العبسي عن بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة رضي الله عنه به.

وقال ابن معين: رواية بلال عن حذيفة مرسلة. وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 396): والذي روي عن حذيفة وجدته يقول بلغني عن حذيفة. وقال ابن القطان الفاسي: روى عن حذيفة أحاديث معنعنة ليس في شيء منها ذكر سماع. وحسن ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 117): إسناده، وكذا العلامة الألباني.

ص: 20

3 -

عن محمد بن زيد العمري أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَحَيَّنُ بِجِنَازَتِهِ غَفَلَةَ النَّاسِ

(1)

.

• والمرفوع ضعيف والموقوف معارض بأمرين:

1 -

بقول ابن عمر رضي الله عنهما لما علم فضل الجنازة: «لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ»

(2)

.

2 -

وبقوله في نعي رافع بن خديج رضي الله عنه " إِنَّ مِثْلَ رَافِعٍ لَا يُخْرَجُ بِهِ حَتَّى يُؤْذَنَ بِهِ مَنْ حَوْلِنَا مِنَ الْقُرَى فَأَصْبِحُوا وَاخْرُجُوا بِجِنَازَتِهِ ".

(1)

إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (6137) عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ به.

(2)

أخرجه مسلم (945).

ص: 21

‌حكم النعي في المسجد

يجوز النعي في المسجد للآتي ذكره من المرفوع:

1 -

نعي الثلاثة وهو يخطب وفي رواية وهو على المنبر.

2 -

قد يفهم من قوله: «خرج إلى المصلى»

(1)

في نعي النجاشي رضي الله عنه احتمالية أن النعي كان في المسجد.

3 -

ومن الموقوف نعي عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن على المنبر.

4 -

وإعلام أبي هريرة رضي الله عنه حِلق العلم بموت الميت.

• من أدلة المانعين:

1 -

عموم النهي عن النعي في حديثي ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما وقد سبق ضعفهما.

2 -

كراهية رفع الصوت في المسجد

(2)

؛ إن كان يشغل المصلين والمتعبدين.

(1)

أخرج البخاري في «صحيحه» رقم (1245) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا» .

(2)

وقد يفصل المذياع الداخلي ويقتصر على المذياع الخارجي في بعض الدول.

ص: 22

‌صور النعي

قد يكون النعي عبر وسائل التواصل أو في سيارة أو تكتك أو جريدة أو لوحة في المسجد

إلخ من الوسائل ما لم يكن كنعي الجاهلية المصحوب بالتسخط على الأقدار وشق الجيوب والتباهي ونشر المفاخر مع الإفراط في الثناء بخلاف الثناء اليسير كما في نعي النجاشي باللقب والاسم والوصف بالصلاح ولا بأس بذكر آية كما في فعل الصديق رضي الله عنه في نعيه صلى الله عليه وسلم.

انتهى ملخصًا: من «النعي وما يتعلق به وحكم النعي في المساجد» للمؤلف: (أبي أويس الكردي). ط ابن تيمية بالقاهرة.

ص: 23

‌هل ثبت الأمر بالغسل من غسل الميت؟

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (9862):

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ» .

وتابع حجاجًا شبابة.

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11153): وتابعهما على الفقرة الأولى يحيى أخرجه أحمد (9601).

وصالح مولى التوأمة ضعيف وتابعه إسحاق المدني وهو مجهول أخرجه عبد الرزاق (6110) وأحمد (7771). وتابعهما عمرو بن عمير وهو مجهول.

كذلك أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (3161).

ورواه سهيل بن أبي صالح، واختلف عليه في تعيين شيخه وأعل الدارقطني في «علله» (10/ 162) هذا الطريق بالاضطراب.

ص: 24

• وخالفهم جميعًا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وعنه محمد بن عمرو وعنه الجماعة بالوقف:

1 -

عبدة بن سليمان أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11152).

2 -

يزيد بن هارون أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11999).

3 -

عبد الوهاب بن عطاء أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (1443).

وغير هؤلاء على الوقف.

وخالفهم حماد بن سلمة فرفعه ذكره ابن أبي حاتم في «علله» (1035).

وقال أبو حاتم: هذا خطأ إنما هو موقوف على أبي هريرة لا يرفعه الثقات.

وقال البخاري عن طريق حماد المرفوع: لا يصح.

وقال الإمام أحمد وابن المديني: لا يصح في هذا الباب شيء.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن حامد بتاريخ (22) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (17/ 10/ 2022 م): إلى ضعفه.

ص: 25

‌حكم صلاة الجنازة بعد العصر والصبح ما لم تتغير الشمس

• الأصل في هذا الباب:

حديث عُقْبَةَ بْن عَامِرٍ الْجُهَنِيّ رضي الله عنه قال: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا:«حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ»

(1)

.

وقد يستدل بعموم النهي عن النفل بعد الصبح والعصر

(2)

.

وأخذ بالنهي عطاء والنخعي ورواية عن أحمد كما سيأتي خلافًا للجمهور فإنهم قيدوا النهي بالنفل وأن الجنازة فرض كفاية وليست نفلًا.

ومن مستندهم ما صح عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا.

قال الكساني في «بدائع الصنائع» (1/ 317): "وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى

(1)

أخرجه مسلم (831).

(2)

أخرجه مسلم (825) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .

ص: 26

الْجِنَازَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لَيْسَتْ لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْفَرَائِضِ.

وَقَالَ مَالِكٌ كما في «المدونة» (1/ 263): لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، فَإِذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَلَا يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَخَافُونَ عَلَيْهِ فَيُصَلَّى عَلَيْهَا.

وقال الشافعي في «الأم» (1/ 318): ويصلي على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار، وكذلك يدفن في أي ساعة شاء من ليل أو نهار.

وقال النووي في «المجموع» (4/ 172) قال ابن المنذر: وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنائز بعد الصبح والعصر.

وقال المرداوي في «الإنصاف» (2/ 205): الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمَا إجْمَاعًا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَحَكَى فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلًا بِصَلَاةِ الْفَرْضِ مِنْهُمَا.

وَعَنْهُ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَقَطْ.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد بن عيد بتاريخ (23) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (23/ 6/ 2022 م): إلى رأي الجمهور وكان يسأل عن علة تأخير بعض إخواننا في الجزائر دفن الميت بعد العصر.

ص: 27

‌الصلاة على الميت في المسجد

سبق في «سلسلة الفوائد» (6/ 323) في هذه المسألة:

ما أخرجه مسلم رقم (973) من قول عائشة رضي الله عنها: «مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» .

وأيضًا ثبت أثر عروة رحمه الله: «مَا صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ» وأثر ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ عُمَرَ صُلِّيَ عَلَيهِ فِي الْمَسْجِدِ. وإسنادهما صحيح.

ثم أكد شيخنا ذلك مع الباحث: أحمد بن عيد بتاريخ (11) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (11/ 6/ 2022 م):

وكتب على أثر عمر رضي الله عنه: تفضلًا أثبت تعجبنا من عدم تداول الأثر من أصحاب مالك، وعدم احتجاج الفقهاء به مع الإشارة إلى أنهم اعترضوا على المسألة.

فلما تراجع الباحث أحمد بن علي - حفظه الله- وأن محمد بن الحسن لم ينفرد به بل رواه أصحاب الموطأ كيحيى بن يحيى قال لي شيخنا وهو خارج من الدرس اكتب: عدم احتجاج الفقهاء بأثر عمر رضي الله عنه يورث في النفس شيئًا

(1)

. اه.

(1)

بل استدل به الإمام مالك وابن أبي شيبة في «مصنفه» (12337) والبيهقي (7139).

ص: 28

• تنبيه: كره الصلاة على الميت في المسجد الأحناف كما في «المبسوط» (2/ 122) والمالكية كما في «المدونة» (1/ 254)

(1)

.

وجوزها الشافعية كما في «المجموع» (5/ 213) والحنابلة كما في «الإنصاف» (6/ 196).

(1)

وقال ابن عبد البر في «التمهيد)) (13/ 311):

وقد احتج قوم بهذا الحديث في إثبات عمل (أهل) المدينة، وأن العمل أولى من الحديث عندهم لأنهم أنكروا على عائشة ما روته لما استفاض عندهم، واحتج آخرون بهذا الخبر في دفع الاحتجاج بالعمل بالمدينة وقالوا: كيف يحتج بعمل قوم تجهل السنة بين أظهرهم وتعجب أم المؤمنين من نسيانهم لها أو جهلهم وإنكارهم لما قد صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنه فيها وصنعه الخلفاء الراشدون وجلة الصحابة بعده وقد صلي على أبي بكر وعمر في المسجد قالوا فكيف يصح مع هذا ادعاء عمل أو كيف يسوغ الاحتجاج به وكثير ما كان يصنع عندهم مثل هذا حتى يخبره الواحد بما عنده في ذلك فينصرفوا إليه وقالوا: ألا ترى أن عائشة أم المؤمنين لم تر إنكارهم حجة، وإنما رأت الحجة فيما علمته من السنة قال أبو عمر: القول في هذا الباب يتسع، وقد أكثر فيه المخالفون وليس هذا موضع تلخيص حججهم وللقول في ذلك موضع غير هذا، وأما اختلاف الفقهاء في الصلاة على الجنائز في المسجد. فروى ابن القاسم عن مالك أنه قال لا يصلى على الجنائز في المسجد ولا يدخل بها المسجد. قال وإن صلي عليها عند باب المسجد وتضايق الناس وتزاحموا فلا بأس أن يكون بعض الصفوف في المسجد ..... وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن إنه لا يصلى على الجنائز في المسجد، وأجاز ذلك أبو يوسف، وقال الشافعي وأصحابه، وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود لا بأس أن يصلى على الجنائز في المسجد من ضيق وغير ضيق على كل حال وهو قول عامة أهل الحديث.

ص: 29

‌حال الموتى على الأكتاف

قال الإمام البخاري رقم (1316):

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لِأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ لَصَعِقَ» .

خالف عبد الله بن يوسف الجمهور - عبد العزيز بن عبد الله وقتيبة بن سعيد

(1)

كما عند البخاري (1314، 1380) ويعقوب بن إبراهيم كما في «المنتخب» (933)، ويونس وحجاج كما عند أحمد (11372)، وعيسى بن حماد كما عند ابن حبان (3039)، وسعيد بن سليمان كما في «أمالي بن بشران» (786)، وابن بكير كما عند البيهقي (6846) - فلم يذكروا:«قَالَتْ لِأَهْلِهَا» .

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: مالك بن علي السوهاجي بتاريخ (4) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (4/ 6/ 2022 م): إلى أن لفظة: «قَالَتْ لِأَهْلِهَا» مرجوحة.

(1)

وأخرجه أيضا عن قتيبة النسائي (2047).

ص: 30

‌عدد تكبيرات الجنازة

اختلف في ذلك على أقوال:

• أولًا: أربع تكبيرات كما في صلاته صلى الله عليه وسلم على النجاشي في حديثي أبي هريرة، وجابر وصلاته صلى الله عليه وسلم على من دفن ليلًا كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

• ثانيًا: خمس تكبيرات فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا، وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ خَمْسًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُهَا»

(1)

.

• ثالثًا: صح عن ابن عباس، وأنس رضي الله عنهما

(2)

أنهما كبرا ثلاثًا على الجنازة. وكبر علي رضي الله عنه ستًا

(3)

وعلل ذلك بأن الميت بدريٌّ.

(1)

أخرجه مسلم (957).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/ 496) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى جِنَازَةٍ، «فَكَبَّرَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ»

(3)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (6502) -عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبدُ اللهِ بن مَعْقِلٍ، أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، كَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: إِنَّهُ بَدْرِيٌّ.

ص: 31

• الخلاصة: كتب مع الباحث: أحمد بن عيد بتاريخ (23) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (23/ 6/ 2022 م): انتهينا إلى أننا -إن شاء الله- (الآثار) سننظر في التكبيرات الأقل عن أربع والأكثر من خمس بعد ما تبين لنا أنه لم يثبت ذلك عن رسول الله. ا هـ.

ص: 32

‌حكم رفع اليدين مع تكبيرات الجنازة

(1)

اختلف في هذه المسألة على قولين:

• الأول: الرفع مع أول تكبيرة وبه قالت الأحناف، ورواية ابن القاسم عن مالك، ومستندهم حديثان ضعيفان

(2)

، وأثران ضعيفان عن ابن عباس

(3)

وابن مسعود

(4)

.

• الثاني: الرفع مع التكبيرات الأربع وبه قال الجمهور من -الشافعية

(1)

هناك رسالة بهذا العنوان للباحث أبي عبد الرحمن محمد العلاوي ط دار الإيمان بتقديم شيخنا -حفظهما الله-.

(2)

الأول عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، وَوَضَعَ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى» أخرجه الترمذي (1077) وعلته أبو فروة يزيد بن سنان تفرد به عن زيد بن أبي أنيسة وقال ابن عدي عقبه: له نسخة يتفرد بها عن زيد بن أبي أنيسة وعامة حديثه غير محفوظ. ا هـ.

وقد نص غير واحد على هذه العلة وقد توبع من يحيى بن يعلى وهو ضعيف.

الحديث الثاني: عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة، ثم لا يعود. أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (5/ 167) وعلته جهالة الفضل بن السكن.

(3)

وورد عنه أيضًا كان يرفع يديه في تكبيرات الجنازة. ولم يقف عليه الباحث.

(4)

علته معمر بلغه عن ابن مسعود رضي الله عنهما.

ص: 33

والحنابلة ورواية ابن وهب عن مالك ومستندهم أمران:

1 -

القياس على الصلاة.

2 -

والاستئناس بفعل ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ «يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ»

(1)

.

• فائدة: أشار الباحث إلى مطالعة «قاعدة في صفات العبادات الظاهرة» في «مجموع الفتاوى» (22/ 356 - 376) لا بن تيمية والعمل بما فيها من نبذ الخلاف والدعوة إلى الائتلاف.

(1)

إسناده صحيح وورد مرفوعًا لكنه معل بالوقف: أخرجه البخاري في «رفع اليدين» رقم (106): حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.

ص: 34

‌اتباع جنائز أهل الكتاب

ذهب الجمهور- من الأحناف

(1)

والشافعية، وقال الإمام أحمد: يَركب دابة ويسير أمام الجنازة

(2)

، خلافًا للإمام مالك فمَنَع، إلا أن يَضيع الميت فيواريه- إلى جواز اتباع جنائزهم، شريطة أن تكون خالية من المخالفات العَقَدية، كرفع الصليب أمام الجنازة في سيرها

(3)

وغير ذلك.

• ومن أدلتهم:

1 -

قصة مواراة علي بن أبي طالب لأبيه، فقد أخرجها أحمد:(807): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الْأَصَمُّ قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ إِسْمَاعِيلَ، يَذْكُرُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ قَدْ مَاتَ. قَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِهِ، ثُمَّ لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» .

(1)

«بدائع الصنائع» (6/ 123).

(2)

وأفاد الباحث إسماعيل بن عرفة: أن المذهب الحنبلي على حرمة اتباع جنازة الكافر ولو ذميًا.

(3)

وقد يتميز المشيع المسلم من هذا بتقدمه أمام الجنازة، وإن كان يشمله عموم الاتباع.

ص: 35

قَالَ: فَوَارَيْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، قَالَ:«اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، ثُمَّ لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» .

قَالَ: فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ. قَالَ: فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا حُمْرَ النَّعَمِ وَسُودَهَا: وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا غَسَّلَ الْمَيِّتَ، اغْتَسَلَ»

(1)

.

2 -

أثر ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» رقم (10673): أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبو رَجُلٍ وَكَانَ يَهُودِيًّا، فَلَمْ يَتَّبِعْهُ ابْنُهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا عَلَيْهِ لَوْ غَسَّلَهُ، وَاتَّبَعَهُ، وَاسْتَغَفَرَ لَهُ مَا كَانَ حَيًّا. يَقُولُ: دَعَا لَهُ مَا كَانَ الأَبُ حَيًّا؟ قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114] يَقُولُ: لَمَّا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: شريف الصابر، بتاريخ الأربعاء (6) شعبان (1443 هـ) الموافق (9/ 3/ 2022 م) إلى صحة أثر ابن عباس، وضَعْف قصة علي رضي الله عنه.

(1)

ورواه أبو إسحاق السَّبيعي، واختُلف عليه:

فرواه الثوري عنه عن ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه. أخرجه أحمد (29016).

وتابع الثوريَّ إبراهيم بن طَهْمَان عند أبي يعلى (423).

وخالفهما إسماعيل بن مسلم، فأبدل (ناجية) ب (الحارث الأعور) أخرجه البيهقي (1456) وقال: وهو غلط، والمشهور عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب. ا هـ.

والخلاصة: انتهى شيخنا إلى ضعفه مع الباحث: شريف الصابر؛ لضَعْف ناجية، فقد قال ابن المديني: لا أعلم أحدًا رَوَى عنه غير أبي إسحاق، وهو مجهول. وضَعَّفه الدارقطني.

وفَرَّق جَمْع بين ناجية بن خُفَاف المتأخر وهو ثقة، وناجية بن كعب المتقدم، وهو ضعيف، ونَبَّه الحافظ على مَنْ خَلَط بينهما.

ص: 36

ونَبَّه شيخنا: على تقوية أثر ابن عباس بالنظر فيمن قال برأيه من مدرسته، كعطاء بن أبي رباح

(1)

فقد وافقه على ذلك.

قلت: وقد سبق نحو هذا في تفسير سورة المائدة: «هي به كفر» .

• تنبيه: حديث علي وأثر ابن عباس وابن جُريج كلها في القرابة.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (10661): أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: إِنْ كَانَتْ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، فَلْيَتْبَعْ جِنَازَتَهُ. وَقَالَهُ عَمْرٌو رَأْيًا.

ص: 37

‌لعن زوارات القبور

وردت فيه أخبار أقواها ما أخرجه ابن ماجه (1574):

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو بِشْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، وَقَبِيصَةُ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زُوَّارَاتِ الْقُبُورِ» .

وفي سنده عبد الله بن عثمان بن خثيم- واختلف عليه في ذكر شيخه تارة عن عبد الرحمن بن بهمان وأخرى بإسقاطه.

وعبد الرحمن بن بهمان وثقه العجلي وقال ابن المديني: لا نعرفه.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: الشربيني بن فائق بتاريخ (26) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (26/ 6/ 2022 م): إلى أن هذا أسلمها لكن علته عبد الرحمن بن بهمان لم يوثقه معتبر.

• ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه الترمذي (1056)، وابن ماجه رقم (1576)، وفي سنده عمر بن أبي سلمة ضعيف.

• ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه محمد بن جحادة واختلف في الطريق

ص: 38

إليه في تعيين شيخه والأكثر على أنه أبو صالح وأنه باذام

(1)

الضعيف أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (3236)، وغيره.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: الشربيني بن فائق بتاريخ 26 ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (26/ 6/ 2022 م): ضعيف.

• وورد مرسلًا من طريق معمر عن أيوب عن عكرمة مرسلًا أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (6704) ورواية معمر فيها كلام عن البصريين. وقال الإمام مسلم كما في «فتح الباري» لابن رجب هذا الحديث ليس بثابت.

(1)

نص عليه أحمد والترمذي والحاكم.

ص: 39

‌صيغ التعزية

في كتاب الله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185]. وقوله تعالى: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]. وقوله تبارك وتعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26].

وفي صحيح السنة:

1 -

قوله صلى الله عليه وسلم لإحدى بناته: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ»

(1)

2 -

وقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كانت تبكي عند القبر: «اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي»

(2)

.

3 -

إخباره صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَارِثَةَ رضي الله عنها: «إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى»

(3)

.

4 -

بالدعوات كدعائه لأبي سلمة: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ

(1)

أخرجه البخاري (1284).

(2)

أخرجه البخاري (1283)، ومسلم (926).

(3)

أخرجه البخاري (6567).

ص: 40

لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ»

(1)

.

وثمة صيغ أخرى.

ومن الشعر:

إني معزيكَ لا أنيِّ على ثقة

مِنَ الخُلودِ، وَلكنْ سُنَّةُ الدِّينِ

فما المُعَزِّي بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ

ولا المُعَزَّى وإنْ عاشَا إلى حَينِ

(2)

(1)

أخرجه مسلم (920).

(2)

انظر: «دواوين الشعر العربي على مر العصور» (9/ 256).

ص: 41

‌كم زمن التعزية

قال أبو داود في «سننه» رقم (4192):

حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ:«لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ» ، ثُمَّ قَالَ:«ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» ، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ، فَقَالَ:«ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ» ، فَأَمَرَهُ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا.

• الخلاصة: إسناده حسن. وما يفهم مما أخرجه البخاري (5341):

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ:«كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلَ، وَلَا نَطَّيَّبَ، وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ، إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا، فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ» .

ص: 42

‌فضل الذرية الصالحة

قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21].

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16971):

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ شُفْعَةَ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«إِنَّهُ يُقَالُ لِلْوِلْدَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ". قَالَ: «فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا» ، قَالَ:«فَيَأْتُونَ» ، قَالَ: «فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: مَا لِي أَرَاهُمْ مُحْبَنْطِئِينَ

(1)

، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ»، قَالَ:«فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ آبَاؤُنَا» ، قَالَ:«فَيَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ» ".

• وخالف أبا المغيرة الجماعة بلفظ:

«مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ

(1)

بضم فسكون حاء مهملة ثم فتح موحدة فسكون نون فكسر طاء مهملة فهمزة: من احبنطأ، كاحْرَنْجَمَ، أي: انتفخ جوفه وامتلأ غيظًا.

كما في «حاشية السندي» (16/ 125).

ص: 43

الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ

(1)

، مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ»

(2)

.

أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (17644): حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شُفْعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ به.

وتابع هاشمًا إسماعيل بن عمر، والحسن بن موسى.

أخرجه أحمد كذلك (17914).

وإسحاق بن سليمان. أخرجه ابن ماجه (1070).

والوليد بن مسلم. أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 343).

• والخلاصة: أن رواية الجماعة أرجح لدي وإسنادها صحيح وشرحبيل بن شفعة لم يرو عنه إلا حريز وذكره ابن خلفون في الثقات وهو ضمن شيوخ حريز الموثقين من أبي داود ولم يضعفه أحد.

في حين كتب شيخنا مع الباحث: أبي حمزة السويسي بتاريخ (29) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (23/ 11/ 2022 م): على ترجمة شرحبيل: لم يوثقه معتبر وابن خلفون ليس بالمشهور في الجرح والتعديل كغيره وقول أبي داود مشايخ حريز كلهم ثقات متعقب والمتن غريب. ا هـ.

(1)

وردت أحاديث في أبواب الجنة الثمانية هذا أحدها.

(2)

وفي «صحيح البخاري» رقم (1248) من حديث أَنَسٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ، يُتَوَفَّى لَهُ ثَلَاثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ، بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ.

وفي «صحيح مسلم» رقم (2633) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

ص: 44

‌كتاب الزكاة

‌فضل الصدقة

وردت أدلة كثيرة في فضل الصدقة منها:

قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] وقوله جل ذكره: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد/ 11].

وقال الإمام النَّسَائي في «سُننه» رقم (2527):

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، وَالْقَعْقَاعُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ» قَالُوا: وَكَيْفَ؟ قَالَ: «كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ، تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا، وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا» .

وقال أيضًا رقم (2528): أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفٍ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ؟ قَالَ:«رَجُلٌ لَهُ دِرْهَمَانِ، فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَرَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَأَخَذَ مِنْ عُرْضِ مَالِهِ مِائَةَ أَلْفٍ، فَتَصَدَّقَ بِهَا» .

ص: 45

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: أبي الوفا الحديث ضعيف للآتي:

1 -

رواية ابن عَجْلان عن سعيد عن أبي هريرة فيها مقال.

2 -

رواية ابن المبارك مرسلة، وتُعِلّ غيرها أيضًا.

3 -

القعقاع من أبي هريرة.

ص: 46

‌نصاب زكاة الزروع

قال البخاري رقم (1483):

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ

(1)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ»

(2)

.

وتابع سالمًا على الرفع عبد الله بن دينار.

أخرجه ابن حبان (3286) وغيره وفي سنده عاصم بن عمر ضعيف.

وخالفهم نافع فأوقفه.

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7239) وابن أبي شيبة (10084)

(1)

تابع يونس بن يزيد، يزيد بن أبي حبيب أخرجه القاسم بن سلام في «الأموال» (1415) وغيره وفي سنده ابن لهيعة.

(2)

وقال البخاري عقبه: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الأَوَّلِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَبَيَّنَ فِي هَذَا، وَوَقَّتَ وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى المُبْهَمِ، إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ» كَمَا رَوَى الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ فِي الكَعْبَةِ» وَقَالَ بِلَالٌ: «قَدْ صَلَّى» ، فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلَالٍ وَتُرِكَ قَوْلُ الفَضْلِ.

ص: 47

و (10092) وغيرهم من طرق عن نافع به.

وقال أبو حاتم في «العلل» (650): والصحيح عن ابن عمر موقوفًا.

وقال الدارقطني: إنا هو موقوف على ابن عمر.

وذكر النسائي (2279) الوقف.

وقال الإمام أحمد وقال يونس عن الزهري له مناكير وذكر هذا الخبر

(1)

.

وصحح الرفع البخاري والترمذي (639) وقال: والعمل عليه عند عامة الفقهاء.

وقال أبو زرعة الدمشقي «الفوائد المعللة» (194): هو عندي صحيح.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: خلف بن هَيكل الفيومي بتاريخ (21 شوال 1443 هـ) الموافق (22/ 5/ 2022 م): إلى صحة المرفوع لشواهده

(2)

.

(1)

وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 286): هذا الحديث أحد الأحاديث الأربعة التي رفعها سالم عن أبيه عن النبي عليه السلام وأوقفها نافع على ابن عمر فمنها ما جعله من قول ابن عمر وفعله ومنها ما جعله عن ابن عمر عن عمر، والقول فيها قول سالم ولم يلتفت الناس فيها إلى نافع فهذا أحدها.

والثاني: "من باع عبدًا وله مال" جعله نافع عن ابن عمر عن عمر قوله.

والحديث الثالث: "الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة"، والرابع:"فيما سقت السماء والعيون أو كان بعلًا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر".

(2)

منها حديث جابر في مسلم (2234) وغيره من طرق عن عَبْد اللهِ بْن وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ، وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» .

وخالف عمرو بن الحارث اثنان فأوقفاه:

1 -

ابن جريج أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7237، 7221) والقاسم بن سلام في «الأموال» (1421) وقال النسائي: لا نعلم أحدًا رفع هذا الحديث غير عمرو بن الحارث وابن جريج رواه عن أبي الزبير عن جابر قوله وحديث ابن جريج أولى بالصواب وإن كان عمرو بن الحارث أحفظ منه.

2 -

ابن لهيعة أخرجه أحمد (14666).

ومنها: حديث أبي هريرة، واختلف فيه على الوصل كما عند الترمذي (640) وغيره والإرسال كما عند الموطأ (928) وصوب الترمذي إرساله.

ومنها: حديث معاذ رضي الله عنه أخرجه النسائي (2490) من رواية أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن معاذ وتنظر علل هذا السند.

ومنها: حديث علي رضي الله عنه، والصواب فيه الوقف أخرجه عبد الرزاق (7234) وأبو داود (572) وغيرهما موقوفًا وجاء مرفوعًا من طريق محمد بن سالم عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أخرجه أحمد (1240) والبزار (190) ومحمد بن سالم ضعيف. وقال أحمد عن طريق محمد بن سالم المرفوع: أراه موضوعًا. وقال الدارقطني: الصحيح موقوف. وقال العقيلي في «الضعفاء» (4/ 75): لا يتابع عليه فأما المتن فيروى من غير وجه أصلح من هذا.

ص: 48

• تنبيه: بعد النظر في الشواهد تبين أنها تؤيد الوقف وعليها العمل. والله أعلم.

ص: 49

‌الخرص في النخيل والعنب والثمار لا في الحبوب

قال أبو داود في «سُننه» رقم (1603):

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ السَّرِيِّ النَّاقِطُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، قَالَ:«أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا، كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» .

• الخلاصة: أن الخبر ثابت إلى الزُّهْري من خمسة طرق

(1)

. لكن علته الانقطاع بين سعيد وعَتَّاب، قال أبو داود عقب الخبر: سعيد لم يَسمع من عَتَّاب شيئًا. وأثبته البخاري في «التاريخ» .

وكَتَب شيخنا مع الباحث: ربيع بن علي بن جودة الفيومي، بتاريخ (5) رجب (1443 هـ) الموافق (6/ 2/ 2022 م): معلول من كل الطرق.

قال ابن قدامة في «المغني» (2/ 567):

(1)

تابع عبدَ الرحمن بن إسحاق محمدُ بن صالح التمار، أخرجه الترمذي (644) وغيره.

وتابعهما عبد الرحمن بن عبد العزيز، أخرجه الدارقطني (2043)، ومحمد بن عبد الله بن مسلم، لكن من طريق الواقدي، كما عند الدارقطني (2044).

ص: 50

•‌

‌ وصفة الخرص:

تختلف باختلاف الثمرة فإن كان نوعًا واحدًا فإنه يطيف بكل نخلة أو شجرة وينظر كم في الجميع رطبًا أو عنبًا ثم يقدر ما يجيء منها تمرًا.

وان كان أنواعًا خرص كل نوع على حدته لأن الأنواع تختلف.

فمنها: ما يكثر رطبه ويقل ثمره ومنها ما يكون بالعكس وهكذا العنب ولأنه يحتاج الى معرفة قدر كل نوع حتى يخرج عشره فإذا خرص على المالك وعرفه قدر الزكاة خيّره بين أن يضمن قدر الزكاة ويتصرف فيها بما شاء من أكل وغيره وبين حفظها الى وقت الجداد والجفاف فإن اختار حفظها ثم أتلفها أو تلفت بتفريطه فعليه ضمان نصيب الفقراء بالخرص وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمة ما أتلف.

والفرق بينهما: أن رب المال وجبت عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي.

ص: 51

‌هل الولي يخرج الزكاة عن الصغير والمجنون إن كان لهما مال؟

ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة

(1)

إلى وجوب الزكاة في مال اليتيم وأن الولي يخرجها عنه؛ لأنه قائم مقامه.

• ودليلهم العمومات ومنها:

قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].

وفي حديث معاذ لأهل اليمن: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»

(2)

.

وخالف في ذلك الحنفية

(3)

وذلك لأن الولي منهي عن قربان مال اليتيم إلا على وجه أحسن.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: عبده غانم بتاريخ (11 ذي القعدة 1443) الموافق (11/ 6/ 2022 م): إلى رأي الجمهور.

(1)

انظر: «المجموع» (5/ 331)، و «المغني» (4/ 69) و «مواهب الجليل» (8/ 570).

(2)

أخرجه البخاري (1395)، ومسلم (19).

(3)

«بدائع الصنائع» (2/ 5).

ص: 52

‌هل يزكى الدين كل عام أو عند قبضه لكل ما سبق أو مرة واحدة؟

لم يرد نص في الوحيين يفصل زكاة الديون.

• ومن ثمة اختلف الصحابة رضي الله عنهم:

• الأول: يزكيه كل عام قبل قبضه قياسًا على الوديعة

(1)

.

1 -

قال أبو عبيد في «الأموال» رقم (1214):

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُلُّ دَيْنٍ لَكَ تَرْجُو أَخْذَهُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ زَكَاتَهُ كُلَّمَا حَالَ الْحَوْلُ.

(2)

2 -

وقال أيضًا في «الأموال» رقم (1215): حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ لَهُ فِي دَيْنٍ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ، أَيُعْطِي زَكَاتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ

(3)

.

3 -

قال مالك في «الموطأ» رقم (873) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ

(1)

كأنه مال في اليد أشبه الوديعة. انظر «الأموال» لأبي عبيد و «المغني» لابن قدامة (4/ 270).

(2)

إسناده صحيح.

(3)

ظاهر إسناده الحسن.

ص: 53

يَزِيدَ؛ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ: هذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ. فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ. حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ. فَتُؤَدُّونَ مِنْهَا الزَّكَاةَ.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاريخ (16 رمضان 1443) الموافق (17/ 4/ 2022 م): إلى صحة إسناده. وينظر هل أجمع على معناه لأهميته.

• القول الثاني: موافق للأول لكن إخراج الزكاة منه بعد قبضه؛ لأن من شرط الزكاة الملك التام.

4 -

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (10356):

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ الظَّنُونُ أَيُزَكِّيهِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيُزَكِّهِ لِمَا مَضَى إذَا قَبَضَهُ.

(1)

• القول الثالث: يزكيه لسنة واحدة عند قبضه.

قال الإمام مالك في «موطئه» (1/ 345):

"الأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ، أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتِ عَدَدٍ، ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ، لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا، لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، سِوَى الَّذِي قُبِضَ، تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكَّى مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ

(1)

إسناده صحيح.

ص: 54

ذَلِكَ".

قَالَ: "وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَكِنْ لِيَحْفَظْ عَدَدَ مَا اقْتَضَى، فَإِنِ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ، مَعَ مَا قَبَضَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى أَوَّلاً، أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ، فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، فَإِذَا بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا، أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ بِحَسَبِ ذَلِكَ".

قَالَ مَالِكٌ: "وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنِ يَغِيبُ أَعْوَامًا، ثُمَّ يُقْتَضَى فَلَا يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لِلتِّجَارَةِ أَعْوَامًا، ثُمَّ يَبِيعُهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ، أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ مِنْ مَالٍ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ".

وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (3/ 162):

أما مالك رحمه الله: فإنه أوجب فيه زكاة واحدة قياسًا على مذهبه في الدين وفي العرض للتجارة إذا لم يكن صاحبه مدبرًا.

وقد قال كقول مالك في ذلك عطاء والحسن وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي كل هؤلاء يقولون ليس عليه فيه إلا زكاة واحدة.

وأما من قال لا زكاة عليه فيه لما مضى فإنه عنده لما لم يطلق يده عليه ولا تصرف فيه جعلوه كالمال المستعار الطارئ

ص: 55

وأما من أوجب فيه الزكاة لما مضى من السنين فلأنه على ملكه ويثاب عنه ويؤجر فيه إن ذهب.

ثم قال في «الاستذكار» (3/ 162): "الذي عليه غيره من الدين أنه إذا كان قادرًا على أخذه فهو كالوديعة يزكيه لكل عام لأن تركه له وهو قادر على أخذه كتركه له في بيته وما لم يكن قادرًا على أخذه فقد مضى في هذا الباب ما للعلماء في ذلك والاحتياط في هذا أولى والله الموفق للصواب وهو حسبي ونعم الوكيل".

ص: 56

‌هي عليه صدقة، ومِثلها معها

قال الإمام البخاري رقم (1468):

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا، فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا» .

تَابَعه ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ: «هِيَ عَلَيْهِ

(1)

وَمِثْلُهَا مَعَهَا» وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ.

وتابع أبا اليمان في ذكر «هي عليه صدقة» عليُّ بن عياشٍ في وجه، أخرجه النَّسَائي (2464)، وابن خُزيمة (4/ 48)، من رواية محمد بن يحيى الذُّهْلي

(2)

.

(1)

وذَكَر ابن الجوزي أن الهاء زائدة. ولابن خُزيمة كلام حول الحديث، فانظره إن شئت.

(2)

تنبيه: في رواية أبي عَوَانة (2620) عن علي بن عثمان النُّفَيْلي، عن علي بن عياش، لم يقيدها ب «صدقة» ، وكذلك الدولابي في «الكنى والأسماء» (1022) عن عمران بن بكار البَرَّاد، عن علي بن عياش.

وأما النَّسَائي، فرواه عن عمران بن بكار بلفظ:«صدقة» .

ص: 57

وخالف شعيبًا خمسة:

1 -

ورقاء بن عمر اليشكري، أخرجه مسلم (983)، ولفظه:«فهي عليَّ» دون هاء.

2 -

موسى بن عقبة، كما عند النَّسَائي (2465) وابن خُزيمة (2329).

3 -

عبد الرحمن بن أبي الزناد، أخرجه أحمد (8285) والقاسم بن سَلَّام في «الأموال» (1898).

4 -

ابن إسحاق، أخرجه الدارقطنيُّ (2006). وفيه زيادة:«هي له» في قوله: «فهي عليَّ ومِثلها معها، هي له» .

5 -

عبد الله بن عبد الله بن أويس، المكنى بأبي أويس، أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (11918).

فلم يُقيِّد هؤلاء الخمسة الرواية بذكر «صدقة» .

قال ابن خُزيمة في «صحيحه» (4/ 48):

والصحيح في هذه اللفظة قوله: «فهي له» وقوله: «فهي عليَّ ومثلُها مَعَهَا» .

وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (7368): فَأَمَّا الَّذِي رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، فَإِنَّهُ يَبْعُدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا؛ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ رَجُلًا مِنْ صُلْبِيَّةِ بَنِي هَاشِمٍ، تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، فَكَيْفَ يَجْعَلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا عَلَيْهِ مِنْ صَدَقَةِ عَامَيْنِ صَدَقَةً عَلَيْهِ؟!

ص: 58

وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«فَهِيَ لَهُ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا» وَقَدْ يُقَالُ: «لَهُ» بِمَعْنَى «عَلَيْهِ» ، فَرِوَايَتُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:«فَهِيَ عَلَيْهِ» أَيْ: عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ وَرْقَاءَ، وَرِوَايَةُ وَرْقَاءَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِمُوَافَقَتِهَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الرِّوَايَاتِ الصَّرِيحَةِ بِالِاسْتِسْلَافِ وَالتَّعْجِيلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وانظر «الأموال» (1898) للقاسم بن سَلَّام.

• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: حسن بن محمد بن حسن، بتاريخ (29) رجب (1443 هـ)، الموافق (2/ 3/ 2022 م): انقل كلام العلماء اه.

وقال في نهاية النقاش: لو عَدَّها أحد في أوهام شُعيب، لارتحنا.

ص: 59

‌كتاب الصيام

‌فضائل الصيام

وردت فيه أدلة كثيرة منها:

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].

وقال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (22149):

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مُرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ» ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لِي: «عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ» .

وتابع عبدَ الصمد يعقوبُ الحضرمي ويحيى بن كثير بن درهم، كلاهما عند النَّسَائي (2240، 2241).

وخالفهم سليمان بن داود كما عند أحمد (22276) فأسقط رجاء.

ص: 60

ورواية الجماعة أرجح.

• وخالف شعبةُ ثلاثة:

واصل مولى أبي عُيينة

(1)

ومهدي بن ميمون

(2)

وجرير بن حازم

(3)

فأسقطوا أبا نصر.

وقالوا: عن محمد بن عبد الله الضَّبِّيّ، عن رجاء بن حَيْوَة، عن أبي أُمامة، به.

قال أبو حاتم بن حبان في «صحيحه» (8/ 214): أَبُو نَصْرٍ هَذَا هُوَ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، وَلَسْتُ أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ بِطُولِهِ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَسَمِعَ بَعْضَهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ.

وله شاهد من حديث أبي فاطمة، وفيه:«عليك بالصيام فإنه لا مِثل له» بسند نازل عند الطبراني في «الكبير» (810) وفي «الشاميين» (198).

• الخلاصة: طَلَب شيخنا مع الباحث: عمرو بن عمران الشرقاوي، بتاريخ (14) رجب (1443 هـ) الموافق (15/ 2/ 2022 م) مراجعته مرة ثانية؛ للخلاف في أبي نصر بَيْن ابن حجر فإنه يجهله، وابن حبان يقول بأنه حميد بن هلال، والخلافِ في الشاهد في صحبة أبي فاطمة.

(1)

أخرجه أحمد (22140) وغيره.

(2)

أخرجه أحمد (22220)، وابن حِبان (3429) وغيرهما.

(3)

أخرجه النَّسَائي (2239)، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» (8556).

ص: 61

‌تبييت نية الصيام من الليل

(1)

قال أبو داود في «سُننه» (2454):

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ» .

اختُلف على الزُّهْري في تسمية شيخه وشيخ شيخه، وفي رفعه ووقفه.

والأرجح في شيخ الزُّهري سالم وحمزة، ابنا عبد الله بن عمر.

والأرجح في الرفع والوقف الثاني؛ لأنها رواية الجماعة عن الزُّهْري.

(1)

تنبيه: ذهب الجمهور إلى تبييت نية صيام الفرض من الليل بحديث ابن عمر هذا خلافًا للأحناف.

أما صيام النفل فذهب الجمهور إلى جواز إنشائه من النهار لحديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ غ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقُلْنَا: لَا. قَالَ: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ» ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ:«أَرِينِيهِ؛ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا» فَأَكَلَ. أخرجه مسلم رقم (1154).

ص: 62

• واختُلف على ابن عمر على وجهين:

الأول: ابن عمر عن حفصة أخته موقوفًا، وهو رواية سالم وحمزة.

الثاني: ابن عمر موقوفًا، وهو رواية نافع مولى ابن عمر.

وكلاهما محفوظ عن ابن عمر.

(ورَجَّح البخاري والنَّسَائي والترمذي الوقف، وأشار إليه أبو داود وأورد الدارقطني في «علله» الوقف، وقال في «سُننه»: رجاله ثقات).

وكَتَب شيخنا مع الباحث: محمد بن مرعي الشباسي، بتاريخ رجب (1443 هـ) الموافق شهر (2) عام (2022 م): الحديث معلول بالوقف على حفصة رضي الله عنها، بَسَط الخلاف الإمام النَّسَائي في «سُننه»

(1)

.

(1)

أي بسط النسائي فيه الخلاف.

ص: 63

‌تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً

(1)

قال الطبراني في «المعجم الكبير» (6/ 251) رقم (6127):

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلاَّفُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْجَمَاعَةِ، وَالثَّرِيدِ، وَالسُّحُورِ. وعلته أبو عبد الله البصري.

وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وله إسنادان فيهما ضعف.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع: أبي الحسن المنصوري بتاريخ (9 ربيع الآخر 1444) الموافق (3/ 11/ 2022 م) إلى ضعفه إلا لفظ السحور فله شاهد ثابت.

(1)

أخرجه مسلم (1095).

ص: 64

‌صيام عشر ذي الحجة

(1)

ورد فيه خبران مثبت وناف:

فالأول المثبت أخرجه النسائي في «سننه» رقم (2372): أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْحُرِّ بْنِ صَيَّاحٍ، عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ امْرَأَتِهِ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَخَمِيسَيْنِ» .

وخالف أباعوانة عمرو بن قيس الملائي فقال عن الحر عن هنيدة عن حفصة أربع لم يكن يدعهن

أخرجه أحمد (26459) وغيره وفي سنده أبو إسحاق الأشجعي مجهول.

وخالفه أيضًا زهير بن معاوية عن الحر عن هنيدة دخلت على أم المؤمنين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام

والخميس ثم الخميس. أخرجه النسائي

(1)

وفي فضل هذه الأيام:

1 -

صيام يوم عرفة لغير الحاج.

2 -

الذبح يوم النحر

3 -

التكبير المطلق.

ويشمل هذا وغيره من الأعمال الصالحة حديث: «ما من أيام العمل الصالح فيهن

».

ص: 65

(2736)

.

وخالفه أيضًا شريك النخعي فقال عن الحر سمعت ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الخميس والاثنين

أخرجه أحمد (5643) وغيره وشريك ضعيف.

وخالف الحرَّ، الحسنُ بن عبيد الله فقال عن هنيدة عن أمه عن أم سلمة كان النبي يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الإثنين والجمعة والخميس. أخرجه أحمد (26480) وغيره من طريق محمد بن فضيل

(1)

.

• الخلاصة: أنه اختلف في سنده ومتنه وكتب شيخنا مع الباحث: محمد بن خضر بتاريخ (29) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (28/ 6/ 2022 م): هنيدة لم يوثقه معتبر.

• والخبر الثاني النافي:

ما أخرجه مسلم رقم (1176):

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ» .

وخالف الأعمشَ منصور فأرسله وإن كان منصورًا مقدمًا على الأعمش إلا أنه هنا يقدم الأعمش لكثرته عن إبراهيم.

(1)

وخالف محمد بن فضيل عبد الرحيم بن سليمان كما عند أبي يعلى (6898) فقال عن امرأته بدل أمه.

ص: 66

‌أَكْل البَرَد للصائم

قال عبد الله في زوائده على «المسند» رقم (13971): حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مُطِرْنَا بَرَدًا وَأَبُو طَلْحَةَ صَائِمٌ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ، قِيلَ لَهُ: أَتَأْكُلُ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟! قَالَ: إِنَّمَا هَذَا بَرَكَةٌ.

وتابعهما ثابت، أخرجه الطحاوي (5/ 116).

وخالفهم علي بن زيد- وهو ضعيف- فرَفَعه، أخرجه أبو يعلى (3999) وأَعَل الدارقطني المرفوع وقال: الموقوف أصح.

ورواية الجماعة أصح، وسنده صحيح.

• أقوال المذاهب:

قال الكاساني في «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» (2/ 93):

وَلَوْ أَكَلَ حَصَاةً أَوْ نَوَاةً، أَوْ خَشَبًا أَوْ حَشِيشًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ عَادَةً، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ، يَفْسُدُ صَوْمَهُ لِوُجُودِ الْأَكْلِ صُورَةً.

وقال النووي في «المجموع» (6/ 317):

قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إذا ابتَلع الصائم ما لا يؤكل في العادة، كدرهم ودينار، أو تراب أو حصاة أو حشيشًا، أو نارًا أو حديدًا أو خيطًا، أو غير ذلك، أَفْطَر بلا خلاف عندنا.

ص: 67

وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد، وداود، وجماهير العلماء من السلف والخَلَف.

وحَكَى أصحابنا عن أبي طلحة الأنصاري الصحابي رضي الله عنه، والحسن بن صالح وبعض أصحاب مالك

(1)

أنه لا يُفطِر بذلك. وحَكَوْا عن أبي طلحة أنه كان يَتناول البَرَد وهو صائم ويبتلعه، ويقول: ليس هو بطعام ولا شراب.

واستَدل أصحابنا بما ذَكَره المُصنِّف، وبما رواه البيهقي بإسناد حسن أو صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: إنما الوضوء مما يَخرج وليس مما يَدخل، وإنما الفطر مما دخل وليس مما خرج. والله تعالى أعلم.

وقال ابن قدامة في «المغني» (4/ 350):

وأَجْمَع العلماء على الفطر بالأكل والشرب بما يُتغذَّى به.

فأما ما لا يُتغذَّى به، فعامة أهل العلم على أن الفطر يَحصل به.

وقال الحسن بن صالح: لا يفطر بما ليس بطعام ولا شراب.

وحُكي عن أبي طلحة الأنصاري، أنه كان يأكل البَرَد في الصوم، ويقول: ليس بطعام ولا شراب.

ولعل مَنْ يذهب إلى ذلك يَحتج بأن الكتاب والسُّنة إنما حَرَّمَا الأكل

(1)

ونص المذهب على أنه مفطر، ففي «بداية المُجتهِد ونهاية المُقتصِد» (2/ 52): تحصيل مذهب مالك أنه يجب الإمساك عما يصل إلى الحلق من أي المنافذ وصل، مغذيًا كان أو غير مُغَذٍّ.

ص: 68

والشرب، فما عداهما يبقى على أصل الإباحة.

ولنا دلالة الكتاب والسُّنة على تحريم الأكل والشرب على العموم، فيَدخل فيه محل النزاع، ولم يَثبت عندنا ما نُقل عن أبي طلحة، فلا يُعَد خلافًا.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي البخاري، بتاريخ (7) صفر (1444 هـ) الموافق (3/ 9/ 2022 م) إلى أن هذا القول شاذ، وأن البَرَد يُفطِر لأنه داخل في الشراب.

وهو طليعة بحث «الأقوال الفقهية الشاذة» .

ص: 69

‌هل القُبلة مفطرة للصائم؟

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (9663):

حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الْهَزْهَازِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ- وَهُوَ بِالتَّمَّارِينِ- فَسَأَلَهُ عَنْ صَائِمٍ قَبَّلَ امرأته، فَقَالَ: أَفْطَرَ.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» رقم (3359): حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ هَانِئٍ- وَكانَ، يُسَمَّى الهزْهَازَ، قَالَ: سُئِلَ عَبدُ اللهِ عَنِ القُبلَةِ لِلصَّائِمِ، فَقَالَ: يَقضِي يَومًا آخَرَ

(1)

.

وقال البيهقي في «السُّنن الكبير» رقم (8186): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالًا- يَعْنِي ابْنَ يَسَافٍ- يُحَدِّثُ عَنِ الهَزْهَازِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ فِي القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ قَوْلاً شَدِيدًا. يَعْنِي يَصُومُ يَوْمًا

(1)

وهانئٌ الهَزْهَاز ترجمه البخاري وابن أبي حاتم، فلم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال بدر الدين العيني في «نُخَب الأفكار» (8/ 487): كل هؤلاء ثقات.

ص: 70

مَكَانَهُ

(1)

• بيان:

أولًا: لمُضَعِّف أن يُضَعِّف هذا الأثر؛ لأن هانئ الهَزْهَاز ترجمه البخاري وابن أبي حاتم، فلم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ولمصُحِّح أن يَستند إلى توثيق بدر الدين العيني في «نُخَب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار» (8/ 487): فيُصحِّح؛ لأنه قال عقب سند شُعبة: كل هؤلاء ثقات.

ثانيًا- حَمَله ابن حزم في «المُحَلَّى» (7/ 78) على التقبيل المقترن بالإنزال؛ فقد قال: لعله أراد إذا كان معها مَنِيّ.

وكذا البيهقي، كما في «نُخَب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار» (8/ 487): قال البيهقي: هذا عندنا إذا قَبَّل فأَنْزَل.

ثالثًا: وَرَدَ عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يباشر نصف النهار، وهو صائم.

ففي «المُحَلَّى» (6/ 212): عن سفيان بن عيينة، عن زكريا- هو ابن أبي زائدة- عن الشَّعبي، عن عمرو بن شُرحبيل، أن ابن مسعود كان يباشر امرأته نصف النهار وهو صائم.

وهذه أصح طريق عن ابن مسعود.

(1)

في «المُحَلَّى» (6/ 210 (: عن حذيفة قال: مَنْ تَأَمَّلَ خَلْق امرأته وهو صائم، بَطَل صومه.

ص: 71

رابعًا: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ».

أخرجه البخاري (1927)، ومسلم (1106).

وقال ابن حجر في «فتح الباري» (4/ 150):

قَدِ اخْتُلِفَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ:

1 -

فَكَرِهَهَا قَوْمٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.

2 -

وعَنْ قَوْمٍ تَحْرِيمُهَا.

وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] الْآيَةَ، فَمَنَعَ الْمُبَاشَرَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَهَارًا.

وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ أَبَاحَ الْمُبَاشَرَةَ نَهَارًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاشَرَةِ فِي الْآيَةِ الْجِمَاعُ، لَا مَا دُونَهُ مِنْ قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3 -

وأَبَاحَ الْقُبْلَةَ قَوْمٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَنْقُولُ صَحِيحًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدٌ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَائِفَةٌ.

4 -

بَلْ بَالَغَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، فَاسْتَحَبَّهَا.

5 -

وَفَرَّقَ آخَرُونَ بَيْنَ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ، فَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ وَأَبَاحَهَا لِلشَّيْخِ.

وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُمَا. وَجَاءَ فِيهِ حَدِيثَانِ مَرْفُوعَانِ فِيهِمَا ضَعْفٌ.

ص: 72

‌التفريق في القبلة للصائم بين الشاب والشيخ الكبير

أشهر ما ورد في التفريق خبران:

•‌

‌ الأول: حديث أبي هريرة والأرجح فيه الوقف.

أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2387):

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، «فَرَخَّصَ لَهُ» ، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، «فَنَهَاهُ» ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ.

وتابع أبا داود القاسم بن زكريا.

أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2712) في المستنكر على إسرائيل بن يونس.

وأبو العنبس وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حجر: مقبول.

• وتابع أبا مسلم الأغر على الرفع ثلاثة:

1 -

عبد الرحمن بن هرمز أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 192)

ص: 73

وفي سنده الحكم بن أبي الحكم مقبول قاله ابن حجر.

2 -

عمار بن أبي عمار أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8337) وفي سنده الحارث بن نبهان متروك.

3 -

عطاء بن يسار أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8131) وفي سنده عثمان بن مقسم متروك.

• وخالفهم ثلاثة:

1 -

شهاب بن مدلج وهو ليس من أصحاب أبي هريرة المشاهير وإن وثقه أبو زرعة وذكره ابن حبان في «الثقات» .

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (9398) وسنده صحيح.

2 -

أبو سلمة بن عبد الرحمن. أخرجه البيهقي في «الكبرى» (8085) ويرى الباحث حسن إسناده للكلام في عمر بن أبي سلمة فإنه صدوق يخطيء.

3 -

سعيد بن أبي سعيد في الصواب عنه.

أخرجه مسدد كما في «المطالب العالية» (1068) من رواية ابن عجلان عن سعيد به.

ورواه زيد بن أسلم عن أبي هريرة ولم يسمع منه.

أخرجه عبد الرزاق (7422) وفي «الموطأ» (17).

• الخلاصة: اختار شيخنا مع الباحث: أحمد بن محمد قرني بتاريخ (19 ربيع الآخر 1444 هـ) الموافق (13/ 12/ 2022 م) الوقف.

ص: 74

• الخبر‌

‌ الثاني: حديث ابن عباس والأصح فيه الوقف كما عند مالك في «موطئه»

(1/ 395) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ؟ فَأَرْخَصَ فِيهَا لِلشَّيْخِ، وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ. وإسناده صحيح

(1)

.

وثمة فتاوى للصحابة رضي الله عنهم في التفريق.

وسبق الكلام عن القبلة للصائم من فعله صلى الله عليه وسلم وأنه صحيح.

وانظر كذلك أثر القبلة على الوضوء فيما سبق.

• تنبيه: عمار بن أبي عمار لا يتحمل هذا ولفظ مؤمل عند أحمد فيه إدراج.

الاختلافات الطويلة على عبد الرزاق مقلقة وليس بالثقة الذي يعتمد عليه.

(1)

وأخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 409) أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ، نا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَهْوَازِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رُبَّمَا أَنْبَأْتُكُمْ بِالشَّيْءِ، أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، احْتِيَاطًا بِكُمْ، وَإِشْفَاقًا عَلَى دِينِكُمْ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ رَجُلٌ شَابٌّ، يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَنَهَاهُ عَنْهَا، وَسَأَلَهُ شَيْخٌ عَنْهَا فَأَمَرَهُ بِهَا» ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ وضاع.

ص: 75

‌جواز الصوم في السفر

(1)

قال الإمام مسلم رقم (1121):

حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ- حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ل، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ:«صُمْ إِنْ شِئْتَ، وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ» .

وتابع حمادَ بن زيد على لفظ (أَسْرُد الصوم) ثمانية من الرواة

(2)

: أبو معاوية، ووكيع، ويحيى القطان، وعَبْدة بن سليمان، وأيوب، وعلي بن مُسْهِر، وسفيان بن عُيينة، والدراوردي.

وخالفهم عِشرون راويًا- مالك، والليث، وابن نُمَيْر، وعبد الرحيم بن سليمان، وشُعبة، وسفيان الثوري، وابن عجلان، وابن إدريس، وعبد الرحمن بن عثمان، وعيسى بن يونس، وجرير بن عبد الحميد، وعمر بن علي المُقَدَّمِيّ، وزائدة بن قُدَامة، وأبو أويس

وغيرهم- فمنهم مَنْ لم يَذكرها، ومنهم مَنْ

(1)

يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (3/ 198).

(2)

مِنْ هؤلاء الرواة التسعة سبعةٌ عراقيون، وفي رواية العراقيين عن هشام كلام. وهذا فيما نرى أن كتبه لم تكن معه في العراق فيرجع إليها، والله أعلم. انظر «شرح علل الترمذي» (2/ 769).

ص: 76

قال: (يُكْثِر الصيام) كمالك عند البخاري.

وخالف هشامَ بن عروة في السند أبو الأسود يتيم عروة، فقال: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ» . قَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ «هِيَ رُخْصَةٌ» وَلَمْ يَذْكُرْ: «مِنَ اللهِ» .

ورواه سليمان بن يسار عن أبي مُرَاوِح به. وتابع أبا مُرَاوِح أبو سلمة، كلاهما عند النَّسَائي، دون ذكر سرد الصوم.

وخالفهما- أبا مُرَاوِح وأبا سلمة- حنظلة بن علي، فذَكَر سرد الصوم، أخرجه النَّسَائي. وفي سنده ابن إسحاق. وحنظلة وثقه النَّسَائي.

• • الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: عاطف بن رشدي، بتاريخ (16) جُمادَى الآخرة (1443 هـ) الموافق (19/ 1/ 2022 م):

لفظة: (أَسْرُد الصوم) يمكن حملها على الإكثار أو التواصل أيامًا، وعليه فلا تَعارُض بينه وبين حديث ابن عمرو؛ لِما عَلِمه النبي صلى الله عليه وسلم من حال ابن عمرو رضي الله عنهما. ا هـ.

• تنبيه: الظاهر لديَّ أنها من قبيل الرواية بالمعنى، والله أعلم.

ص: 77

‌الحجامة للصائم

وردت فيها أخبار، منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وعنه جماعة

(1)

:

• عكرمة، وعنه ثلاثة:

هشام بن حسان: أخرجه البخاري رقم (5700) بلفظ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَأْسِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؛ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ: لُحْيُ جَمَلٍ» .

وتابع هشامًا خالد، أخرجه البخاري (2103) وغيره.

• وخالفهما أيوب السَّختياني واختُلف عليه، فرواه عنه خمسة:

1 -

بِشر بن هلال بلفظ: (مُحْرِم صائم) أخرجه الترمذي (775).

2 -

أبو مَعْمَر بلفظ: (صائم) أخرجه البخاري (1939).

3 -

مُعَلَّى بن أسد بلفظ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» أخرجه البخاري (1938).

(1)

ورواه مِقْسَم عن ابن عباس، واختُلف عليه:

فرواه عنه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، بلفظ:«احتَجَم وهو صائم مُحْرِم» .

وخالفه الحَكَم بن عُتَيْبَة، ولم يَسمع من مِقْسَم، بلفظ:«احتَجَم وهو مُحْرِم» .

وثَمة طرق أخرى عن ابن عباس، انظرها في «الألفاظ الشاذة» (3/ 358) ط/ دار اللؤلؤة.

ص: 78

4 -

ابن عُلية عن أيوب عن عكرمة مرسلًا، ذَكَره الترمذي.

5 -

حماد بن زيد، لكن قال: عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عباس. ذَكَره ابن أبي حاتم.

وتابعه مَعْمَر عن ابن سيرين به بلفظ: «احتَجم، وأَعْطَى الحجامَ أجره» أخرجه عبد الرزاق (19818).

وتابعهما جماعة عن ابن سيرين بهذا اللفظ.

وابن سيرين لم يَسمع من ابن عباس، قاله شُعبة وأحمد وابن المديني.

• والخلاصة: أن الأصح لديَّ في طريق عكرمة رواية هشام وخالد، بلفظ:«وهو مُحْرِم» . ويؤيده قول الإمام أحمد ويحيى القطان

(1)

. وصَحَّح رواية «وهو صائم» : البخاري والترمذي. وتَبِعهما ابن حجر في «التلخيص الحبير» . وجَمَع ابن حجر بتعدد الواقعة. ويؤيده رواية مُعَلَّى بن أسد عن وُهَيْب عن أيوب عن عكرمة، بلفظ:«احتجم وهو صائم، واحتَجم وهو مُحْرِم» . أخرجه البخاري (1938).

وكَتَب شيخنا مع الباحث: كريم بن محمد الإسمعلاوي، بتاريخ رجب (1443 هـ) الموافق (2/ 2022 م): الجَمْع أَوْلَى من رد رواية البخاري، إلا إذا أَطْبَق العلماء على ردها. فالله أعلم.

(1)

نَقَله ابن عبد الهادي.

ص: 79

‌حكم القيء

وردت فيه أخبار:

• الخبر الأول:

ما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (2381):

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ، حَدَّثَنِي مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، حَدَّثَهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ» ، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَقُلْتُ إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَاءَ فَأَفْطَرَ» ، قَالَ: صَدَقَ، وَأَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ صلى الله عليه وسلم.

وتابع الترمذي محمد بن ميمون. أخرجه النسائي (3107).

وتابعهما محمد بن إبراهيم أخرجه الدارقطني في «سننه» (2258).

وهذا السند على نزوله فرجاله ثقات وهو صحيح.

وتابع أبا معمر وهو عبدَ الله بنَ عمرو عبدُ الصمد بن عبد الوارث

(1)

أخرجه

(1)

ورواه محمد بن المثنى ومحمد بن يحيى القطيعي والحسين بن عيسى البسطامي وأبو قلابة كلفظ أبي معمر «فأفطر» وأشير إلى خلاف في اللفظ في ط دار التأصيل لسنن الترمذي رقم (87) في الأصل: «قاء فتوضأ» وصحح عليه بالأصل. وفي الحاشية بخط مغاير «فأفطر» ونسبه لنسخة.

ص: 80

أحمد (27502) والدارمي (1769) كلاهما عن عبد الصمد.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبير» (3109) وابن خزيمة (1956) وابن حبان (1097) من طريق عبد الصمد.

وهذا أيضًا إسناد صحيح معضد لما قبله.

وخالف حسين المعلم هشام الدستوائي واختلف عليه فرواه عنه أبو النضر عن هشام عن رجل عن يحيى بن أبي كثير به. أخرجه النسائي (3111).

وخالفه إسماعيل بن علية كما عند أحمد (22381).

وتابعه يزيد بن هارون أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (30) والنسائي في «السنن الكبرى» (3110).

ورواية حسين المعلم أرجح لعدم الخلاف عليه ولقول البخاري: جوده حسين المعلم. وخطأ الترمذي

(1)

رواية معمر التي تخالف روايتي حسين وهشام حيث أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (525)

(2)

عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:«اسْتَقَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَفْطَرَ وَأُتِيَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ» .

(1)

في «العلل الكبير» (57).

(2)

ومن طريقه أخرجه أحمد (27537) والنسائي (3116).

ص: 81

• تنبيه: على رواية معمر؛ فيها خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء وفي متنها معنى جديد: «اسْتَقَاءَ» يخالف لفظ: «قاء» .

وقال البيهقي في «السنن الكبير» : هذا الحديث مضطرب واختلف فيه اختلافًا شديدًا.

وقال في «الخلافيات» : إسناده مضطرب.

واختار شيخنا مع الباحث: ربيع بن علي بن جودة بتاريخ (6 ربيع أول 1444 هـ) الموافق (2/ 10/ 2022 م): قول البيهقي بالاضطراب.

• الخبر الثاني:

قال ابن الجعد في «مسنده» رقم (1709) - أنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْجُودِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يُقَالُ لَهُ بَلْجٌ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْمَهْرِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قِيلَ لَهُ: حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَاءَ فَأَفْطَرَ» .

وتابع ابن الجعد الطيالسي (1086).

وتابعهما جمع منهم محمد بن جعفر أخرجه أحمد (22372) وروح كما في «شرح معاني الآثار» (3405)، وشبابة بن سوار كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (9200) ومسلم بن إبراهيم كما عند الطبراني في «المعجم الكبير» (1440).

وبلج المهري ذكره ابن حبان في الثقات وقال البخاري عن هذا الحديث: إسناده ليس بمعروف.

وأبو شيبة المهري ذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو زرعة: هو من

ص: 82

التابعين ولا يعرف اسمه.

• والخلاصة: أن الخبر إسناده ضعيف. وانتهى شيخنا إلى ضعفه مع الباحث: ربيع بن علي بن جودة بتاريخ (6 ربيع أول 1444 هـ) الموافق (2/ 10/ 2022 م).

الخبر الثالث: قال أبو داود في «سُننه» رقم (2380): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنِ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» .

وتابع عيسى بنَ يونس حفصُ بن غِيَاث، أخرجه ابن ماجه (1676).

• ورواه جمهور الرواة:

يزيد بن زُرَيْع، أخرجه البخاري (1933).

وإسماعيل بن عُلَيَّة، أخرجه مسلم (1155).

وحماد بن سلمة، أخرجه أبو داود (2398).

ويزيد بن هارون، أخرجه أحمد (9489).

ومحمد بن جعفر، أخرجه أحمد (10369).

ورَوْح بن عُبَادة، أخرجه أحمد (10665).

وعبد الأعلى السامي، أخرجه ابن خُزيمة (1989). وجرير بن عبد الحميد، كما عند الدارمي (1767).

ص: 83

وعبد الله بن المبارك (3520)، وعيسى بن يونس، كما عند النَّسَائي (3263): عن هشام بن حسان بلفظ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» .

• والخلاصة لديَّ: أن الوجهين محفوظان

(1)

عن هشام بن حسان؛ ولذا فهو يتحملها، كما قال عيسى بن يونس في «سُنن الدارمي» (2/ 1079):«زَعَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنَّ هِشَامًا أَوْهَمَ فِيهِ، فَمَوْضِعُ الْخِلَافِ هَا هُنَا» .

في حين حَمَّله الإمام أحمد ل (عيسى بن يونس)

(2)

فقد سُئل: ما أصح ما

(1)

قال الشيخ الألباني في تحقيقه «صحيح ابن خُزيمة» (3/ 226): إسناده صحيح، وقد أُعِلَّ بتفرد عيسى بن يونس. ويَرُده الإسناد الذي بعده؛ ولذلك قد أشار ابن تيمية إلى تقويته، انظر رسالته في الصيام مع تعليقي عليها.

(2)

قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 97):

فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ كَيْفَ حُكْمُ الصَّائِمِ إِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوِ اسْتَقَاءَ، وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ تُحْمَلَ الْآثَارُ عَلَى مَا فِيهِ اتِّفَاقُهَا وَتَصْحِيحُهَا، لَا عَلَى مَا فِيهِ تَنَافِيهَا وَتَضَادُّهَا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْنَا؛ حَتَّى لَا يُضَادَّ مَعْنَاهُمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ.

فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا رَأَيْنَا الْقَيْءَ حَدَثًا فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَغَيْرَ حَدَثٍ فِي قَوْلِ الْآخَرِينَ، وَرَأَيْنَا خُرُوجَ الدَّمِ كَذَلِكَ.

وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا فَصَدَ عِرْقًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُفْطِرًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ، فَانْفَجَرَتْ عَلَيْهِ دَمًا مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ. فَكَانَ خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا مِنْ بَدَنِهِ وَاسْتِخْرَاجُهُ إِيَّاهُ- سَوَاءً فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ هُمَا فِي الطَّهَارَةِ.

وَكَانَ خُرُوجُ الْقَيْءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْرَاجٍ مِنْ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ- لَا يَنْقُضُ الصَّوْمَ، فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِاسْتِخْرَاجِ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ كَذَلِكَ، لَا يَنْقُضُ الصَّوْمَ. فَلَمَّا كَانَ الْقَيْءُ لَا يُفْطِرُهُ فِي النَّظَرِ، كَانَ مَا ذَرَعَهُ مِنَ الْقَيْءِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ.

فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، وَلَكِنَّ اتِّبَاعَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.

ص: 84

فيه؟ يعني في: «مَنْ ذَرَعَهُ القيء وهو صائم» . فقال: نافع عن ابن عمر.

قال أبو داود له: حديث هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة؟ قال: ليس من هذا شيء، إنما هو:«مَنْ أَكَل ناسيًا» يعني: وهو صائم.

وقال الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 115):

سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ: مَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا. وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ لَا يَرَى الْقَيْءَ يُفْطِرُ الصَّائِمَ.

وقال في «سُننه» (3/ 90): وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَثَوْبَانَ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: «حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ. وقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا أُرَاهُ مَحْفُوظًا.

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَثَوْبَانَ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ.

ص: 85

وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا فَقَاءَ، فَضَعُفَ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ. هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الحَدِيثِ مُفَسَّرًا.

وَالعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ:

عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ».

وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (4) شعبان (1443 هـ) الموافق (6/ 3/ 2022 م) إلى اعتماد كلام العلماء في إعلاله.

ص: 86

‌فضل الصيام في شعبان

فيه أخبار:

منها: ما أخرجه الإمام الترمذي في «سننه» رقم (663):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الصَّوْمِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: «شَعْبَانُ لِتَعْظِيمِ رَمَضَانَ» ، قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ» .

تابع موسى بن إسماعيل يزيد بن هارون أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (9763) وغيره.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: سلمان بن عبد المقصود بتاريخ (8) رمضان (1443 هـ) الموافق (10/ 4/ 2022 م) علته صدقة بن موسى وقال الترمذي عقبه: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَصَدَقَةُ بْنُ مُوسَى لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِذَاكَ القَوِيِّ» .

ومنها: ما سبق في «سلسلة الفوائد» (3/ 221):

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنَ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ

ص: 87

وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» لكن في سنده ثابت بن قيس أبو الغصن مختلف فيه واختار شيخنا -حفظه الله- أنه أقرب إلى الضعف.

ص: 88

‌كتاب العيدين

‌حُكْم صلاة العيدين في المسجد

الأصل صلاة العيدين في الخلاء أو الفضاء؛ لعدد من الأخبار، منها حديث أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ، فَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، قَامَ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِهَا

(1)

.

• وأما الصلاة في المسجد فلم تَصح عنه صلى الله عليه وسلم:

1 -

قال أبو داود في «سُننه» رقم (1160):

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، ح، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنَ الْقَرَوِيِّينَ- وَسَمَّاهُ الرَّبِيعُ فِي حَدِيثِهِ عِيسَى بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي فَرْوَةَ- سَمِعَ أَبَا يَحْيَى عُبَيْدَ اللَّهِ التَّيْمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ.

وعلة هذا الخبر جهالة عيسى بن عبد الأعلى.

(1)

أخرجه البخاري (304)، ومسلم (889).

ص: 89

وقد ذَكَر الذهبي الخبر في ترجمته وقال: هذا حديث فرد منكر.

وقال ابن القطان: لا أعلم عيسى هذا مذكورًا في شيء من كتب الرجال، ولا في غير هذا الإسناد.

2 -

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (5939): حَدَّثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ قَالَ: قيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّ ضَعَفَةً مِنْ ضَعَفَةِ النَّاسِ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ

(1)

. فَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ لِلْعِيدِ، وَرَكْعَتَيْنِ لِمَكَانِ خُرُوجِهِمْ إِلَى الْجَبَّانَةِ.

وعلته ليث، وهو ابن أبي سُلَيْم، ضعيف.

• أقوال الفقهاء:

قال ابن الهُمَام في «فتح القدير» (2/ 72):

وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ إلَى الْجَبَّانَةِ، وَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالضُّعَفَاءِ فِي الْمِصْرِ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ

(2)

.

وقال ابن الجَلَّاب المالكي

(3)

في «التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس» (1/

(1)

الجبَّانَةُ، مُشَدَّدَة: المَقْبَرَةُ، والصَّحْراء، والمَنْبِتُ الكريمُ، أو الأرضُ المُسْتَوِيَةُ في ارْتِفَاعٍ. «القاموس المحيط» (ص: 1185).

(2)

وكذا في «الفتاوى الهندية» (1/ 150).

(3)

وهو أبو القاسم عبيد الله بن الحسين بن الحسن بن الجلاب البصري تفقه بالأبهري وكان أحفظ أصحابه وأنبلهم وتفقه به القاضي عبد الوهاب وغيره من الأئمة.

له كتابان:

1 -

في مسائل الخلاف.

2 -

التفريع في المذهب. وهو مشهور.

توفي عند منصرفه من الحج سنة (387)«الديباج المذهب» (1/ 461) لابن فرحون.

ص: 90

80): الاختيار أن تُصلَّى في المُصلَّى دون المسجد، إلا أن يكون قوم لا مُصلَّى لهم، فلا بأس أن يصلوها في المسجد.

وقال الشافعي في «الأُم» (2/ 496): بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَخرج في العيدين إلى المُصلَّى بالمدينة، وكذلك مَنْ كان بعده، وعامة أهل البلدان إلا أهل مكة فإنه لم يَبلغنا أن أحدًا من السلف صلى بهم عيدًا إلا في مسجدهم.

وأحسب ذلك- والله تعالى أعلم- لأن المسجد الحرام خير بقاع الدنيا، فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم.

قال: وإنما قلت هذا لأنه قد. كان، وليست لهم هذه السَّعة في أطراف البيوت بمكة سَعة كبيرة، ولم أعلمهم صَلّوْا عيدًا قَطُّ ولا استسقاء إلا فيه

(1)

.

(1)

قال ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 450): ومقتضى هذا أن العلة تدور على الضِّيق والسَّعة، لا لذات الخروج إلى الصحراء؛ لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حَصَل في المسجد مع أفضليته كان أَوْلَى.

وتَعقَّبه الشوكاني في «نَيْل الأوطار» (3/ 347): وَفِيهِ أَنَّ كَوْنَ الْعِلَّةِ الضِّيقَ وَالسَّعَةَ مُجَرَّدُ تَخْمِينٍ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاعْتِذَارِ عَنِ التَّأَسِّي بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخُرُوجِ إلَى الْجَبَّانَةِ، بَعْد الِاعْتِرَافِ بِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعِلَّةُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ، فَيُجَابُ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْخُرُوجِ إلَى الْجَبَّانَةِ لِضِيقِ أَطْرَافِ مَكَّةَ، لَا لِلسَّعَةِ فِي مَسْجِدِهَا.

ص: 91

وقال المَرْداوي

(1)

في «الإنصاف» (2/ 426): قَوْلُهُ: (وَتُسَنُّ فِي الصَّحْرَاءِ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ عَلَى مَا يَأْتِي. (وَتُكْرَهُ فِي الْجَامِعِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ) وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: لَا تُكْرَهُ فِيهِ مُطْلَقًا.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن شرموخ بتاريخ (6) رجب (1443 هـ) الموافق (7/ 2/ 2022 م) إلى جواز الصلاة في المسجد وفِعل النبي صلى الله عليه وسلم في المصلى.

وانظر: كتاب «أحكام العيدين وبدعهما» (ص/ 167) ط/ دار المورد، للباحث/ د. رمزي بن صادق البلاصي.

(1)

نسبة إلى مَرْدَاء: بلدة بنَابُلُسَ، ويُقْصَرُ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُور على الأَلْسِنة انظر:«تاج العروس» (9/ 167).

واسم المرداوي: عَليّ بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْعَلَاء المرداوي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالمرداوي شيخ الْمَذْهَب.

ومن كتبه: «الْإِنْصَاف فِي معرفَة الرَّاجِح من الخلاف» وَاخْتَصَرَهُ فِي مُجَلد سَمَّاهُ «التَّنْقِيح المشبع فِي تَخْرِيج أَحْكَام الْمقنع» .

توفي سنة (885) انظر: «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» (5/ 225) للسخاوي (ت/ 902)، و «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع» (1/ 446) للشوكاني (ت/ 1250).

ص: 92

‌ترك الأكل قبل الخروج يوم الفطر

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5720):

حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ

(1)

، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ إِلَى الْمُصَلَّى، وَلَا يَطْعَمُ شَيْئًا.

وإن كانت لفظة (العيد) تشمل العيدين فقد جاءت مقيدة بالفطر من وجه ضعيف أخرجها عبد الرزاق في «المصنف» رقم (5817) - عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ.

وعليها درج العلماء كعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن بطال رحمهم الله.

• تنبيه: ورد عن ابْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: لَا تَأْكُلُوا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا يَوْمَ

(1)

وبعد مراجعات طبعات الكتاب كطبعة مؤسسة علوم القرآن بتحقيق الشيخ محمد عوامة وط دار الفاروق فالمثبت فيها (عبيد الله) أما في شرح ابن بطال فأشار المحقق إلى أن في نسخة (هـ) عبد الله.

وبالنظر في «مصنف» ابن أبي شيبة نجد أن ابن نمير مكثر عن عبيد الله وفي بعض المواطن عن عبد الله وإن لم يذكر في التهذيب أن عبد الله من مشايخ ابن نمير فليس المصنف من شرط التهذيب.

ص: 93

الْفِطْرِ إِنْ شِئْتُمْ

(1)

ولا يصح.

بيان: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ»

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (5759) وابن المنذر في «الأوسط» (2108) وفي سنده عبد الكريم هو ابن أبي المخارق ضعيف وذلك لأمرين:

الأول: أنه في عدد من الروايات في غير هذه الرواية منسوب ابن أبي المخارق.

الثاني: من مشايخ ابن أبي المخارق إبراهيم النخعي كما في التهذيب بخلاف عبد الكريم الجزري فليس من مشايخه إبراهيم النخعي والذي دعانا لهذا ان ابن جريج يروي عن ابن أبي المخارق والجزري.

(2)

أخرجه البخاري (953) - حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس بن مالك به.

وتابع سعيدًا جبارة بن المغلس وهو ضعيف أخرجه ابن ماجه (1754).

وخالفهما جماعة -أحمد بن منيع كما عند ابن خزيمة (1428)، وأبو بكر بن أبي شيبة كما في «المصنف» (5582)، وابو الربيع الزهراني كما عند الدارقطني (1718) - فقالوا عن هشيم نا محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله عن أنس رضي الله عنه به.

وقال الدارقطني في «التتبع» (ص: 304): وقد أنكر أحمد بن حنبل هذا من حديث هشيم، عَنْ عُبيد الله بن أبي بكر. وقال: إنما رواه هشيم، عَنْ ابن إسحاق، عَنْ حفص بن عُبيد الله، عَنْ أنس. وقيل: إن هشيماً كان يدلسه، عَنْ عُبيد الله بن أبي بكر.

والذي يظهر لي وجه الجمع؛ لأن هشيمًا صرح بالإخبار في رواية البخاري والقول بتعدد مشايخ هشيم أقوى لدي وهو الذي أيده شيخنا معي بتاريخ (15) شوال (1443) الموافق (16/ 5/ 2022 م).

قال العقيلي في «الضعفاء الكبير» (2/ 168) بعد تضعيفة رفع أثر علي رضي الله عنه: وفي الأكل يوم الفطر قبل الصلاة رواية صالحة، عن أنس وغيره.

فائدة: ورواه عتيبة بن حميد الضبي -وهو ضعيف- عن عبيد بن أبي بكر بن أنس عن أنس رضي الله عنه بلفظ: «

مَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وِتْرًا» أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (2107) وغيره.

تنبيه: ورد متنان آخران عن أنس رضي الله عنه:

الأول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن رطبات فتمرات

» أخرجه أحمد (12676) وأبو داود (2356) من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس به وإسناده صحيح لدي لاتساع مخرجه وثقة رجاله ولمتكلم أن يتكلم فيه للربط بين المتنين وللكلام في جعفر بن سليمان عن ثابت وفيه نظر.

الثاني: «من وجد تمرًا فليفطر عليه ومن لا فليفطر علي ماء فإن الماء طهور»

اختلف فيه على شعبة ثلاثة وجوه:

1 -

سعيد بن عامر الضبعي عنه عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس أخرجه الترمذي في «العلل الكبير» (194)، والنسائي (3303) وخطأ هذا الوجه البخاري والنسائي والترمذي.

2 -

محمد بن جعفر وأبو قتيبة عنه عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر أخرجه النسائي وغيره.

3 -

خالفهم الجمهور كالثوري وابن عيينة وعبد الواحد بن زياد وغيرهم فأثبتوا واسطة بين حفصة وسلمان هي الرباب وهي مقبولة. وزاد ابن عيينة التعليل في الفطر على التمر: «فإنه بركة» وقال النسائي: ولا أحسبه محفوظًا.

وتابع شعبة على وجه الجمهور أبو معاوية وحماد. وتابع عاصمًا هشام أخرجه النسائي (3307).

والخلاصة: أن أسلم هذه الطرق الأخير وفيه إثبات الرباب وهي مقبولة.

ص: 94

وسبق ضعف حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، «كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَنْحَرَ» .

ص: 95

وعَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«اطْعَمْ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْمُصَلَّى»

(1)

وقال ابن المنذر في «الأوسط» (4/ 292): وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْفِطْرِ.

(1)

إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5583) وغيره وفي سنده الحارث الأعور وشك أبي إسحاق عند عبد الرزاق (5737).

ص: 96

‌كتاب الحج

‌الحج بعد خروج يأجوج ومأجوج

قال البخاري في «صحيحه» رقم (1593):

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيُحَجَّنَّ البَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ».

تَابَعَهُ أَبَانُ، وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُحَجَّ البَيْتُ» .

وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ، سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ.

• والخلاصة: انتهى شيخنا إلى صحة رواية أبان بن يزيد العطار

(1)

. ورواية إبراهيم بن طَهْمَان لا تُطَمْئِن لبعض غرائبه.

وانظر «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» (9/ 236):

ظاهرهما التعارض، لأن الأول يدل على أن البيت يحج بعد أشراط الساعة.

(1)

وهي عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (37543): حَدَّثنا عَفَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ» .

ص: 97

والثاني: يدل على أنه لا يحج.

• ويمكن الجمع بينهما بأن يقال:

لا يلزم من حج الناس بعد خروج يأجوج ومأجوج أن يمتنع الحج في وقت ما عند قرب ظهور الساعة، والذي يظهر، والله أعلم، أن يكون المراد بقوله:(ليحجن البيت) أي: مكان البيت، ويدل على ذلك ما روي أن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد ذلك على ما يأتي، إن شاء الله تعالى،

وقال التيمي: قال البخاري: والأول أكثر، يعني: البيت يحج إلى يوم القيامة.

ص: 98

‌الحج يكفر الخطايا

قال الترمذي في «سننه» رقم (810):

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ» .

وتابع قتيبة وأبا سعيد عدد - محمد بن يحيى كما عند النسائي (2695)، وابن أبي شيبة كما عند أبي يعلى (479)، والإمام أحمد كما عند ابن حبان (3993) وغيرهم. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

• ولهذا الخبر شواهد منها:

ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (3596):

أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ وَهُوَ سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» .

وتوبع عمرو بن دينار من عطاء.

ص: 99

كما عند الطبراني (11428). وعلته يحيى بن صالح. ويوسف بن مهران أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3814) وعلته علي بن زيد.

وثمة شواهد أخرى نص عليها الترمذي بقوله: وَفِي البَابِ عَنْ عُمَرَ

(1)

، وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجَابِرٍ.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي الوفا بتاريخ (21) شوال 1443 هـ) الموافق (22/ 5/ 2022 م): إلى تحسين القدر المشترك من الخبر لشواهده.

(1)

في سنده عاصم بن عبيد الله ضعيف أخرجه ابن ماجه (2887).

ص: 100

‌حج الصبي

فيه خبران:

•‌

‌ الأول: ما أخرجه مسلم رقم (1336):

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ:«مَنِ الْقَوْمُ؟» قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «رَسُولُ اللهِ» ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» .

•‌

‌ الثاني: حديث جابر أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (924):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ الكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَفَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِهَذَا حَجٌّ، قَالَ:«نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» .

وتابع محمد بن طريف جماعة، وخالف محمد بن خازم أبا معاوية أسباط بن نصر فأرسله أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (1321).

وتابع محمد بن خازم القاسم بن غص وهو ضعيف أخرجه ابن الأعرابي (1921).

وتابعه أيضًا متابعة قاصرة عن ابن المنكدر يوسف بن محمد بن المنكدر

ص: 101

وهو ضعيف أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (759).

وتابعه كذلك إسماعيل بن مسلم أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1252) وفي سنده علي بن محمد.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عبد العظيم بن النجار الأكثرون على الإرسال وله شواهد من طرق أخرى. ا هـ.

بل الأكثرون على الوصل وهو الأولى.

ص: 102

‌هل مَنْ أَهْدَى هَدْيًا، حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ؟

(1)

قال الإمام البخاري رقم (1700):

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ

(2)

كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا، حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ.

قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي،

(1)

من مفاريد ابن عباس رضي الله عنهما.

(2)

وَقَعَ في جميع نسخ صحيح مسلم أن بن زِيَادٍ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي وَجَمِيعُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ هَذَا غَلَطٌ. «شرح النووي على مسلم» (9/ 72).

وفي «موسوعة أقوال الدارقطني» (1/ 269): قال السلمي: قال الدَّارَقُطْنِيّ: كان زياد بن أبي سفيان يكتب إلى عائشة أم المؤمنين «من زياد بن أبي سفيان» ، ويبعث إليها بمال، رجاء أن تكتب إليه «زياد بن أبي سفيان» وكانت تكتب إليه «من عائشة أم المؤمنين، إلى ابنها» .

ص: 103

فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ.

وأخرجه مسلم رقم (1321): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ

به.

وقال الإمام مالك في «موطئه» (1/ 341):

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ، فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ فَقَالُوا: إِنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ؛ فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ. قَالَ رَبِيعَةُ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.

وخالف مالكًا اثنان، فسَمَّيَا الرجلَ بابن عباس رضي الله عنهما:

1 -

عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي.

أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (12868):

حدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَدِيرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ، فِي زَمَانِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مُتَجَرِّدًا عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ، فَقَالوا: إِنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ؛ فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ. فَلَقِيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.

2 -

وتابع عبدَ الوهاب أبو أويس.

أخرجه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (3710).

ووَجْه الجَمْع هنا أَوْلَى، فيُحْمَل الرجل المبهم على المُبيَّن؛ لأن مالكًا ربما

ص: 104

قَصَّر في الرواية. وقد قال الدارقطني في «العلل» (3/ 42): ومِن عادة مالك إرسال الأحاديث، وإسقاط رجل.

• أقوال الفقهاء:

• قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 267):

وَلَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ ابنُ الزُّبَيرِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ بِدعَةٌ، إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ خِلَافُ ذَلِكَ.

*- وسُئِلَ مالك في «الموطأ» : عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْإِحْرَامِ لِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ، مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ، فَقَالَ:«الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ- قَوْلُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ أَقَامَ، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ» .

• وقال ابن رُشْد في «البيان والتحصيل» (3/ 438):

وأما مَنْ لم يُرِد أن يُحْرِم، وبَعَث بهَدْي، فليس عليه أن يُحْرِم عندما يُقلِّد الهَدْي ويُشْعِر، خلافًا لما رُوي عن ابن عباس مِنْ أنه قال: مَنْ أَهْدَى هديًا حَرُم عليه ما يَحرم على الحاج حتى ينحر الهَدْي، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: ليس كما قال ابن عباس، أنا فَتَلْتُ قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قَلَّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• وقال أحمد بن إسماعيل الكوراني الحنفي (ت/ 893) في «الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري» (4/ 130):

وقد سلف أن عائشة في قولها: «وأنا فَتَلْتُ قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم» إنما

ص: 105

ذَكَرَتْه ردًّا على ابن عباس، وقد نُقل عن غير ابن عباس، ورُوي مرفوعًا ما ذهب إليه، ولم يصح، والظاهر أن الذي قالوا به قالوه قياسًا للنيابة على المباشرة، ولا قياس مع قيام نص عائشة.

• وقال النووي «على مسلم» (9/ 70):

وَفِيهِ أَنَّ مَنْ بَعَثَ هَدْيَهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.

وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً، إِلَّا حِكَايَةً رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَحَكَاهَا الخَطَّابِيُّ عَنْ أَهْلِ الرَّأْيِ أَيْضًا، أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ لَزِمَهُ اجْتِنَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يَصِيرُ مُحْرِمًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ؛ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.

• وقال السفاريني في «كشف اللثام شرح عمدة الأحكام» (4/ 323):

وقد وافق ابنَ عباس رضي الله عنهما جماعةٌ من الصحابة، منهم ابن عمر، رواه سعيد بن منصور.

وقال ابن المنذر: قال عمر، وعلي، وقيس بن سعد، وابن عمر، وابن عباس، والنَّخَعي، وعطاء، وابن سيرين، وآخرون: مَنْ أَرْسَل الهَدْي وأقام، حَرُم عليه ما يَحْرم على المُحْرِم.

وقال ابن مسعود، وعائشة، وأنس، وابن الزبير، وآخرون: لا يصير بذلك مُحْرِمًا. وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار.

ص: 106

• وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (4/ 80):

اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ:

فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا قَلَّدَ الْحَاجُّ هَدْيَهُ، فَقَدْ أَحْرَمَ وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُلَبِّي بِالْحَجِّ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَشْعَرَ هَدْيَهُ.

وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيلِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْإِحْلَالُ كَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاهُ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إِلَّا مَنْ أَحْرَمَ وَلَبَّى، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا نَوَى بِالتَّقْلِيدِ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ، فَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ.

وَهَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197].

وَكُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُ الْحَجِّ وَتَلْبِيَتِهِ فِي حِينِ تَقْلِيدِهِ الْهَدْيَ وَإِشْعَارِهِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ، سَوَاءٌ خَرَجَ مَعَهُ أَوْ بَعَثَ بِهِ، وَأَقَامَ وَهُوَ يَفْعَلُهُ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْيٍ لِنَفْسِهِ، فَأَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَةَ. قَالَ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلَا يُشْعِرَهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ، إِلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَبْعَثُ بِهِ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: يَعْنِي حَالًّا.

ص: 107

وَسُئِلَ مَالِكٌ: هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرَ مُحْرِمٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْإِحْرَامِ لِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ، مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ، فَقَالَ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ- قَوْلُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ أَقَامَ، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُسْنَدِ: فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ إِلَى الْكَعْبَةِ، لَزِمَهُ إِذَا قَلَّدَهُ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَجْتَنِبَ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُهُ الْحَاجُّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ.

وَتَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَطَائِفَةٌ، مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ.

رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ بُدْنَهُ قُلِّدَتْ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ جَارِيَتِهِ، فَانْتَزَعَهُ.

وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَيْمُونُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ: مَنْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ أَوْ جَلَّلَ، فَقَدْ أَحْرَمَ.

وَرُوِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَثَرٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام وَفِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَعُلُومِ الدِّيَانَةِ، فَلَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَكْثَرَ مِنْ رَدِّ قَوْلِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ.

ص: 108

‌مواسم الحج

(1)

قال البخاري في «صحيحه» رقم (2050):

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلَامُ، فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ، فَنَزَلَتْ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198].

(فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ)، قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ.

وتابع عبدَ الله بن محمد عليُّ بن المديني. أخرجه البخاري (2098) وتابعهما الحسنُ بن الصَّبَّاح البَزَّار. أخرجه ابن حِبان (3894) وتابعهم آخرون.

وتابع سفيانَ بن عُيينة ابنُ جُريج.

أخرجه البخاري (1770) وفيه عثمان بن الهيثم، مُتكلَّم فيه. وقد تابعه عيسى، كما في «المصاحف» (ص 191) لابن أبي داود.

وتابع عمرَو بن دينار عُبَيْدُ بن عُمَيْر

(2)

أخرجه أبو داود في «سُننه» (1734)،

(1)

من مفاريد ابن عباس رضي الله عنهما.

(2)

قال ابن أبي داود في «المصاحف» (ص 191): لَيْسَ هُوَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيَّ، هَذَا هُوَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ، وَيُقَالُ: مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه.

تنبيه: عُبَيْد بن عُمَيْر مولى أُم الفضل قال فيه ابن حجر: مجهول. وأما عُبَيْد بن عُمَيْرٍ الليثي، فمُجْمَع على توثيقه.

ص: 109

وابن خُزيمة (3054).

• وخالف عمرَو بن دينار وعبيدَ بن عمير اثنان، فلم يَذكرا «مواسم الحج»:

1 -

مجاهد، وعنه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف. أخرجه سعيد بن منصور في «تفسيره» (351)، وأبو داود في «سُننه» رقم (1731).

2 -

علي بن أبي طلحة، ولم يَسمع من ابن عباس. أخرجه الطبراني (13022).

• والخلاصة: أن قراءة «مواسم الحج» إسنادها صحيح.

وكَتَب شيخنا معي: بتاريخ (17) صفر (1444 هـ) الموافق (13/ 9/ 2022 م): الظاهر لي - والله أعلم- أنها تفسيرية

(1)

.

قال ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 595): فَهِيَ عَلَى هَذَا مِنَ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ، وَحُكْمُهَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ حُكْمُ التَّفْسِيرِ.

وقال أيضًا في «فتح الباري» (4/ 290): وَقِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ: (فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ) مَعْدُودَةٌ مِنَ الشَّاذِّ الَّذِي صَحَّ إِسْنَادُهُ، وَهُوَ حُجَّةٌ، وَلَيْسَ بِقُرْآنٍ.

• تنبيه: في «فتح الباري» (12/ 321): قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] أَيْ: لَهُنَّ. وَقَدْ قُرِئَ فِي الشَّاذِّ: (فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ

(1)

في «الكواكب الدراري» (8/ 217) للكرماني: قوله: (في مواسم الحج) كلام الراوي، ذَكَره تفسيرًا للآية الكريمة.

ص: 110

بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَنُسِبَتْ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْهُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ، وَكَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِ.

ص: 111

‌ترك التجمر قبل الإحرام بجمعتين

(1)

قال ابن عبد البر في «التمهيد» (12/ 242):

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتْرُكُ الْمَجْمَرَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِجُمْعَتَيْنِ. (صحيح).

وقال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (13681):

حدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ بُرْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ تَرَكَ إجْمَارَ ثِيَابِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِخَمْسةِ عَشْرٍ.

وإسناده حسن؛ برد هو ابن سنان الشامي، وثقه ابن معين ودحيم وعبد الرحمن بن خراش، وذكره النسائي في الطبقة السادسة من أصحاب نافع وتارة وثقه وأخرى: لا بأس به ووثقه يحيى تارة وأخرى لا بأس به. وقال أبو زرعة لا بأس به كان صدوقًا في الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين وكان صدوقًا في الحديث. وقال أحمد: صالح الحديث.

وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السامي البصري وثقه ابن معين وأبو زرعة وآخرون وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن سعد: ليس بالقوي.

(1)

من مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 112

• بيان:

سبق ما أخرجه البخاري (1189):

حَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ ل قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَطْيَبِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، ثُمَّ يُحْرِمُ» . وتابع هشامًا سفيان، أخرجه مسلم (1189).

ص: 113

‌حُكْم الطهارة للطواف

قال النَّسَائي في «الكبرى» رقم (4134):

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ، فَأَقِلُّوا بِهِ الكَلَامَ.

وتابع أبا عَوَانة سفيان بن عيينة، أخرجه الأزرقي في «أخبار مكة» .

وتابع إبراهيمَ بن ميسرة عبدُ الله بن طاوس، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (9789)، وابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (12809).

• ورواه عطاء بن السائب واختُلف عليه:

فرواه عنه على الوقف اثنان:

1 -

ابن فُضَيْل، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (12808).

2 -

جعفر بن سليمان، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (9791).

وخالفهما أربعة فرفعوه

(1)

:

1 -

سفيان الثوري، وروايته عنه قبل الاختلاط، لكن سنده نازل عند الحاكم

(1)

ورواه فُضَيْل بن عِيَاض عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس، مرفوعًا. أخرجه الحاكم (3058) وتابع عطاءً القاسمُ بن أبي أيوب، أخرجه الحاكم (3056) وفي متنه طول.

ص: 114

في «مستدركه» (1686، 1687) بإسنادين يُقَوِّي بعضهما بعضًا.

2 -

موسى بن أَعْيَن، أخرجه الدارمي (1890)، وابن الجارود في «المُنتقَى» (461).

3 -

الفُضَيْل بن عِيَاض، أخرجه ابن الجارود في «المُنتقَى» (460)، والدارمي (1889)، وابن حِبان (3836).

4 -

جرير بن عبد الحميد، أخرجه الترمذي (960)، وإسحاق في «مسنده» (767)، والبزار (4853)، وابن خُزيمة (2739).

وإن كان الجميع عن عطاء بعد الاختلاط إلا الثوري، والسند إليه نازل، فمِن ثَم تُقَدَّم رواية ابن طاوس وإبراهيم بن ميسرة على الوقف.

*-ورواه ليث بن أبي سُلَيْم- وهو ضعيف- عن طاوس بالرفع، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10955).

وخالف الجميعَ حسنُ بن مسلم فقال: عن طاوس، عن رجل أَدْرَك النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أحمد (15423) وغيره.

وخالفم جميعًا حنظلة بن أبي سفيان، فأَبْدَلَ (ابنَ عباس) ب (ابن عمر) واختُلف عليه في الرفع

(1)

والوقف. وعلى فرض ثبوته فالوقف أصح. أخرجه الشافعي في «الأُم» (2/ 189)، والنَّسَائي (2/ 36).

(1)

أَخْرَج الرفع الدارقطني في «علله» (3044).

ص: 115

وقال البيهقي: ووَقَفه عبد الله بن طاوس وإبراهيم بن ميسرة في الرواية الصحيحة.

وقال النووي في «المجموع» (8/ 14):

(أما) الحديث الأول، فمروي من رواية ابن عباس مرفوعًا بإسناد ضعيف (والصحيح) أنه موقوف على ابن عباس، كذا ذَكَره البيهقي وغيره من الحفاظ، ويُغْنِي عنه ما سنذكره من الأحاديث الصحيحة

(1)

في «فرع: مذاهب العلماء) إن شاء الله تعالى.

وقال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (21/ 274): وهو يُرْوَى موقوفًا ومرفوعًا، وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفًا، ويجعلونه من كلام ابن عباس، لا يُثْبِتون رفعه، وبكل حال فلا حجة فيه؛ لأنه ليس المراد به أن الطواف نوع من الصلاة، كصلاة العيد والجنائز، ولا أنه مثل الصلاة مطلقًا، فإن الطواف يباح فيه الكلام بالنص والإجماع، ولا تسليم فيه، ولا يبطله الضحك والقهقهة، ولا تجب فيه القراءة باتفاق المسلمين، فليس هو مِثل الجنازة فإن الجنازة فيها تكبير وتسليم، فتُفتح بالتكبير وتُختم بالتسليم.

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: كريم بن محمد، بتاريخ (8) رجب (1443 هـ) الموافق (9/ 2/ 2022 م): الصواب فيه الوقف. وقال شيخنا: خالف الجمهورَ القائلين باشتراط الوضوء: ابنُ تيمية وابن عثيمين، وهو الأوفق.

(1)

كوضوئه صلى الله عليه وسلم للطواف، ونَهْي عائشة رضي الله عنها عن الطواف.

ص: 116

‌هل يأكل المحرم مما صاده غير المحرم؟

قال الإمام البخاري رقم (2854):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ، حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: الجَرَادَةُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ فَحَمَلَ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ فَأَكَلُوا فَنَدِمُوا، فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَالَ:«هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟» ، قَالَ: مَعَنَا رِجْلُهُ. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَكَلَهَا.

خالف فُضَيْلًا محمدُ بن جعفر

(1)

فقال: «معنا العضد» بدل «معنا رِجله» أخرجه البخاري (5407).

وتابع عبد الله بن أبي قتادة على لفظ: «هذه العضد» مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أخرجه أحمد (5/ 206) وسنده حسن لحال ابن إسحاق وأولاد كعب ثقات كما قال الإمام أحمد.

ورواه محمد بن جعفر تارة أخرى عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة، به، أخرجه البخاري (5407) عقب رواية العضد.

(1)

ورواه فُلَيْح بن سليمان دون ذكر شيء. أخرجه البخاري (5406).

ص: 117

• الخلاصة: أن رواية «العضد» أرجح، وفي اطلاع البخاري على هذا الخلاف إلماحة إلى هذا.

وَكتَب شيخنا مع الباحث: سيد بيومي، بتاريخ (10) شعبان (1443 هـ) الموافق (13/ 3/ 2022 م): الأظهر تحسين الروايتين، ولا يضر انفراد فُضَيْل عن محمد بن جعفر؛ لأن قوة محمد بن جعفر في اهتمامه بشُعبة، وقد اختُلف عليه في شيخه، والأظهر قَبول الروايتين، والله أعلم

(1)

.

لكن تَبَيَّن لنا ضعف فُضَيْل بن سليمان بما لا يُقاوِم محمد بن جعفر. اه.

قَبول الروايتين أن فُضَيْل بن سليمان لا يتحمل مخالفة محمد بن جعفر، وأن الصحيح لفظ (عضد) ولفظ:«رِجله» شاذة، بل منكرة لحال فُضيل بن سليمان؛ فهو كفُلَيْح.

(هذا مثال لتراجع شيخنا-حفظه الله- في الحكم على الحديث في مجلس واحد)

(1)

ثم ضَرَب على الكلام السابق، وكَتَب الأخير؛ وذلك لَمَّا عَلِم أن عددًا من الأئمة ضعفوا فُضَيْل بن سليمان، وأن حاله كحال فُلَيْح بن سليمان.

ص: 118

‌حكم الطواف قبل الرمي

قال الإمام مسلم رقم (1306):

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» وَأَتَاهُ آخَرُ، فَقَالَ: إِنِّي أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُ سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا قَالَ «افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ» .

فخالف محمد بن أبي حفصة جمهور الرواة -مالك وابن جريج وعبد العزيز بن أبي سلمة ويونس بن كيسان وابن عيينة ومعمر وابن إسحاق وغيرهم- عن الزهري فزاد: «إِنِّي أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ» .

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي بتاريخ (13) شوال (1443) الموافق (14/ 5/ 2022 م) لفظة الطواف شاذة.

وأيضًا لفظة: «سعيت قبل أن أطوف شاذة» ا هـ. أي من حديث أسامة بن

ص: 119

شريك

(1)

.

• تنبيه: ومما يؤيد شذوذ الطواف حديث ابن عباس رضي الله عنهما في البخاري (1734) ومسلم (1307) أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: لا حرج.

(1)

أخرجه الدارمي (1921) وابن حبان (3878):

وله ثلاث علل:

1 -

الإرسال.

2 -

رواية حماد عن قيس ضعيفة.

3 -

ترك يحيى القطان أسامة بن شريك من أجل هذا الحديث.

ص: 120

‌إذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلا النِّسَاءَ

قال الإمام أحمد في «سننه» رقم (2090):

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلا النِّسَاءَ» . فَقَالَ رَجُلٌ: وَالطِّيبُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ» أَفَطِيبٌ ذَاكَ أَمْ لَا؟

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي إلى ضعفه مرفوعًا وموقوفًا.

ص: 121

‌كتاب العمرة

‌ادخال الحج على العمرة

قال البخاري رقم (1693):

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم لِأَبِيهِ: أَقِمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُهَا أَنْ سَتُصَدُّ عَنِ البَيْتِ، قَالَ:«إِذًا أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، «فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِي العُمْرَةَ» ، فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ مِنَ الدَّارِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ، وَقَالَ:«مَا شَأْنُ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ» ، ثُمَّ اشْتَرَى الهَدْيَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا.

خالف يحيى بن يمان على ضعفه فأسند شراء الهدي من قديد للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا منكر ورواية الصحيحين على الوقف.

*-أخرجه الترمذي في «السنن» (ص: 304) رقم (907): حَدثنا قُتَيبَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قَالَا: حَدثنا يَحْيَى بْنُ اليَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنْ قُدَيْدٍ.

قال أَبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ اليَمَانِ.

ص: 122

وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنْ قُدَيْدٍ.

قال أَبو عيسى: وَهَذَا أَصَحُّ.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: الفيومي بتاريخ (16) رمضان (1443) الموافق (17/ 4/ 2022 م): إلى صحة الوقف وضعف الرفع.

ص: 123

‌حكم العمرة

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (14173):

حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللهِ أَحَدٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ.

وتابع أبا خالد الأحمر جماعة- إبراهيم بن موسى، وعبد المجيد بن عبد العزيز، وهشام بن يوسف، وهشام بن سليمان المكي- كما عند الدارقطني (2720)، والحاكم (1732)، والبيهقي (8762).

قال البيهقي في «سُننه» رقم (8761): أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ الْمَاسَرْجِسِيُّ، ثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَ شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ

(1)

.

وهذا السند ظاهره الحُسن؛ فإن أبا عثمان بن عمرو بن عبد الله قال فيه الذهبي: الإمام القدوة.

وقال عن تلميذه: كان ثقة جليلًا، وباقي السند ثقات، حتى جعفر بن عون على الأرجح، فقد وَثَّقه ابن مَعِين،

(1)

وهذا الخبر في «المناسك» (82) لابن أبي عَرُوبة، حَدَّثوا عن نافع به.

ص: 124

وقال أبو حاتم: صدوق.

وأوصى الإمام أحمد بالرحلة إليه.

وأخرجه ابن المقرئ في «معجمه» رقم (209):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ وَاجِبَتَانِ.

وعبد الله هو ابن بَزِيغ، قال فيه الدارقطني: لين الحديث، ليس بمتروك.

• والخلاصة: أن الأثر بهذه الطرق ثابت عن ابن عمر رضي الله عنهما، وانتهى شيخنا إلى تحسينه مع الباحث: أحمد بن محمد بن قرني، بتاريخ (5) رجب (1443 هـ) الموافق (6/ 2/ 2022 م) وقال: ضُمها إلى مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما.

بل من اجتهاداته رضي الله عنهما.

ص: 125

‌هل زيادة «العمرة» في حديث: «لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» ثابتة؟

قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (1520):

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ:«لَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» .

• تابع خالدًا- هو ابن عبد الله الطحان- جماعةٌ:

1 -

جرير بن عبد الحميد، أخرجه إسحاق في «مسنده» (1014).

2 -

يزيد بن عطاء، أخرجه أحمد (24422).

3 -

عبد الواحد بن زياد، أخرجه البخاري (1861).

خالفهم محمد بن فُضَيْل من رواية الجماعة عنه، فزاد:(العمرة). أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (12655) وغيره.

وتابع حبيبًا على عدم الزيادة معاوية بن إسحاق، أخرجه البخاري (2720) وأحمد (24383).

ص: 126

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث حسام بن يحيى بن محمود

(1)

إلى ضعف الزيادة؛ لتَفرُّد محمد بن فُضَيْل.

(1)

وُلِدَ بتاريخ (31/ 3/ 1992 م) بمركز براني، بمحافظة مَرْسَى مطروح. ويَعرض أحاديث متفرقة للتدرب.

ص: 127

‌هل تنقض العمرة بالحيض؟

قال البخاري رقم (305):

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:«مَا يُبْكِيكِ؟» قُلْتُ: لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ العَامَ، قَالَ:«لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» .

وتابع القاسم الأسود وأبو سلمة وخالفهم عروة فقال إنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الهَدْيَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ» ، فَفَعَلْتُ

(1)

، فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ

(1)

قال الخطابي في «أعلام الحديث» (2/ 848): قوله صلى الله عليه وسلم: " انقضي رأسك، وامتشطي وأهلي بالحج، ودعي العمرة " معناه مشكل جدًّا، وكان الشافعي يتأوله على أنه إنما أمرها بأن تدع عمل العمرة، وتدخل عليها الحج، فتكون قارنة، لا أن تدع العمرة نفسها، إلا أن قوله:" انقضي رأسك وامتشطي "، لا يشاكل هذه القضية، وقد روى بعض أهل العلم بإسناد له أنه كان مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة كان له أن يستبيح ما يستبيحه المحرم إذا رمى جمرة العقبة، وهذا شيء لم يحك عن أحد سواها، ولا يكاد يعلم وجهه، وكان الشافعي، رحم الله، يتأول أيضًا أن عمرتها من التنعيم غير واجبة، لدخولها في عقد الإحرام بالحج، وإنما أراد النبي، صلى الله عليه وسلم، تطييب نفسها بذلك، حين قالت له:" ما بال نسائك ينصرفن، بعمرة، وأنصرف بلا عمرة "، وظاهر قوله، صلى الله عليه وسلم:" دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي: ثم قوله لها: " هذه مكان عمرتك " يوهن ما تأوله الشافعي، والأمر في ذلك مشكل جدًّا، إلا أن يتأوله متأول على الترخيص في فسخ العمرة، كما أذن لأصحابه في فسخ الحج، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (5/ 499): الاضطراب عن عائشة في حديثها (هذا) في الحج عظيم وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه ودفع بعضهم بعضا ببعض ولم يستطيعوا الجمع بينها ورام قوم الجمع بينها في بعض معانيها وكذلك أحاديثها في الرضاع مضطربة أيضًا (وقال بعض العلماء في أحاديثها في الحج والرضاع إنما جاء ذلك من قبل الرواة وقال بعضهم بل جاء ذلك منها فالله أعلم.

ص: 128

عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ، فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ

(1)

.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن لملوم بتاريخ (14) شوال (1443) الموافق (15/ 5/ 2022 م): إلى أن هذا الاختلاف من باب الرواية بالمعنى ويرى أن المرأة إذا دخل عليها يوم عرفة وهي متمتعة وكانت حائضًا لها أن تفرد الحج

(2)

.

(1)

أخرجه البخاري (316) ومسلم (1211).

(2)

ويحرر رأي الجمهور.

ص: 129

‌دخول الكعبة

قال الإمام أبو داود في «سننه» رقم (2029):

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَهُوَ مَسْرُورٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ وَهُوَ كَئِيبٌ، فَقَالَ:«إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي، مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا دَخَلْتُهَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي» .

وتابع عبد الله بن داود وكيع أخرجه أحمد (25056) والترمذي (873) وابن ماجه (3064).

وتابع إسماعيل ابنُ رفيع وعنه جابر بن مصعب وهو متروك أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8409).

وإسماعيل بن عبد الملك ضعيف.

• وقد توبع متابعة قاصرة من:

1 -

عرفجة والراوي عنه جابر الجعفي ضعيف أخرجه إسحاق في «مسنده» (1615).

2 -

شريح بن هانيء وعنه ثعلبة أبو بحر وهو مجهول أخرجه الدولابي في «الكنى» (691).

ص: 130

• والخلاصة: أن طرقه ضعيفة وانتهى شيخنا مع الباحث حلمي الغندور بتاريخ (13) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (9/ 10/ 2022 م): إلى ضعفه كذلك.

ص: 131

‌العمرة من التنعيم

قال البخاري في «صحيحه» رقم (2985):

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(1)

، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما، قَالَ:«أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ، وَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» .

خالف عمرو بن أوس حفصة بنت عبد الرحمن فزادة: «فَإِذَا هَبَطْتَ بِهَا مِنَ الأَكَمَةِ فَلْتُحْرِمْ فَإِنَّهَا عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ» أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (1995) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عنها به.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: الشربيني بن فائق إلى ضعف زيادة: «فَإِذَا هَبَطْتَ بِهَا مِنَ الأَكَمَةِ فَلْتُحْرِمْ فَإِنَّهَا عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ» ؛ لجهالة حفصة بنت عبد الرحمن فقد وثقها العجلي وذكرها ابن حبان في الثقات وروى لها مسلم في الشواهد وعنها أربعة من الرواة وروت عن ثلاثة

(2)

.

(1)

وتابعه جماعة منهم أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير كما في مسلم (1212).

(2)

حديث أن عائشة كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم في إناء واحد وانفردت بلفظ: «يسع ثلاثة أمداد أو قريبًا من ذلك» .

ص: 132

وقال البزار: لا نعلم روت حفصة عن أبيها إلا هذا الحديث.

لكن الظاهر لدي أن الذي يتحملها عبد الله بن عثمان بن خثيم.

ص: 133

‌كتاب البيوع

‌فَضْل الكسب الحلال

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51].

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (24148):

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ» .

• الخلاصة: للخبر طرق مختلف فيها، وزيادة منكرة لحماد بن أبي سليمان، وانتهى شيخنا مع الباحث سلطان الراجحي، بتاريخ (7) رجب (1443 هـ) الموافق (8/ 2/ 2022 م) إلى هذا السند، وكَتَب: سنده صحيح.

ثم عرضه الباحث: حسان بن عبد الرحيم بتاريخ (15) ربيع الآخر (1444) الموافق (9/ 11/ 2022 م): فانتهى إلى النتيجة السابقة مع التأكيد على طريق الثوري عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة عن عائشة.

• وعن الثوري جماعة رفعًا ووقفًا:

1 -

ابن مهدي رفعه أخرجه النسائي في «الكبرى» (6000) وانتقده الدارقطني.

2 -

وتابع ابن مهدي يحيى بن سعيد.

ص: 134

• وخالفهما:

1 -

وكيع فأوقفه كما في «المصنف» (36216) عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ، وَلَا يَأْكُلُ الْوَلَدُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» .

2 -

تابعه ابن مهدي في وجه.

وقال أبو حاتم كما في «العلل» (1/ 473): صح رفعه من رواية يحيى القطان ولم يرفعه غيره.

وقال الدارقطني في «علله» (8/ 255): لم يرفعه عن عبد الرحمن، عن الثوري، غير عمرو بن علي، حدث به ببغداد، وهو محفوظ، عن يحيى بن سعيد القطان، عن الثوري، مرفوعًا.

ص: 135

‌السماحة في البيع والشراء

(1)

قال الترمذي في «سُننه» رقم (2488):

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ- أَوْ: بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ-؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ» .

وعبد الله بن عمرو الأَوْدِيّ مقبول، وله مُتابِع مُبهَم، أخرجه أبو يعلى (5060).

• وله شواهد:

1 -

من حديث أبي هريرة، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5725) وغيره. وفي سنده وهب بن حكيم، مجهول.

2 -

من حديث أنس، كما في المصدر السابق (8256) وفي سنده الحارث بن عُبيدة، ضعيف.

3 -

من حديث مُعَيْقِيب، أخرجه الطبراني في «الكبير» (832). وفي سنده أبو

(1)

يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (3/ 374).

ص: 136

أُمية بن يعلى، وهو متروك.

• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: أحمد الجندي: كل طرقه ضعيفة. وذلك بتاريخ (22) جُمادَى الآخرة (1443 هـ) الموافق (25/ 1/ 2022 م).

ص: 137

‌البركة في البكور

ورد عن جم غفير من الصحابة رضي الله عنهم وأصحها اثنان عائشة وجابر رضي الله عنهما على نزول الإسناد بهما.

• وتفرد الطبراني:

1 -

قال الطبراني في «المعجم الأوسط» رقم (996):

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا الْهَيْثَمُ قَالَ: نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» .

وتابع الليث بن سعد أبو بكر الهذلي -متروك- أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (835).

2 -

قال الطبراني في «المعجم الأوسط» رقم (4829): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: نَا عَمَّارُ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: نَا عَفَّانُ بْنُ سَيَّارٍ الْبَاهِلِيُّ الْجُرْجَانِيُّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا، وَاجْعَلْهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ» .

وقال: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَارِبٍ إِلَّا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَفَّانُ بْنُ سَيَّارٍ".

وكتب شيخنا مع الباحث إسماعيل بن حامد بتاريخ (21) ذي القعدة

ص: 138

(1443)

الموافق (21/ 6/ 2022 م): يستلزم أن تنظر وننظر في الطرق هل فيها رابط أم لا؟

وكتب عن عفان بن يسار

(1)

وفيه ضعف.

قال أبو حاتم في «العلل» (6/ 40): لا أعلمُ فِي: اللَّهُمَّ، بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا حديثً صحيح.

وقال ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 114): حديث بورك لأمتي في بكورها أخرجه أصحاب السنن وصححه بن حبان من حديث صخر الغامدي بالغين المعجمة وقد اعتنى بعض الحفاظ بجمع طرقه فبلغ عدد من جاء عنه من الصحابة نحو العشرين نفسًا.

وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 529): قال أبو عمر: قد رواه جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم. منهم: عليّ

(2)

، وابن عباس، وابن مسعود

(3)

، وابن عمر

(4)

، وأبو هريرة

(5)

، وأنس ابن مالك، وعبد الله بن سلام

(6)

، والنواس بن سمعان،

(1)

قال فيه أبو حاتم: شيخ وقال البخاري: لا يعرف بكثير حديث.

وقال العقيلي: لا يتابع على رفع حديثه. وقال ابن حجر: صدوق يهم.

(2)

في سنده عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف والنعمان بن سعد مقبول.

(3)

في سنده المسيب بن رافع لم يسمع من ابن مسعود.

(4)

في سنده عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني ضعيف.

(5)

في سنده محمد بن ميمون المدني مستور.

(6)

في سنده هشام أبو المقدام ضعيف وكذا عمار بن هارون.

ص: 139

وعمران بن حصين

(1)

، وجابر بن عبد الله وبعض أسانيده جيد، ونبيط بن شريط، وزاد في حديثه: يوم خميسها، وبريدة، وأوس ابن عبد الله، وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وفي كثير من أسانيدها مقال، وبعضها حسن، وقد جمعتها في جزء، وبسطت الكلام عليها

(2)

.

• الخلاصة: أن كل طرقه متكلم فيها ولمحسن أن يحسنه لشواهده ويحمل كلام أبي حاتم على صحة كل حديث منفردًا.

وقال شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن حامد بتاريخ (21) ذي القعدة (1443) الموافق (21/ 6/ 2022 م): يشهد له ما أخرجه مسلم رقم (822):

حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَوْمًا بَعْدَ مَا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ، فَسَلَّمْنَا بِالْبَابِ، فَأَذِنَ لَنَا، قَالَ: فَمَكَثْنَا بِالْبَابِ هُنَيَّةً، قَالَ: فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ، فَقَالَتْ: أَلَا تَدْخُلُونَ، فَدَخَلْنَا، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ يُسَبِّحُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا وَقَدْ أُذِنَ لَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا، إِلَّا أَنَّا ظَنَنَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَيْتِ نَائِمٌ، قَالَ: ظَنَنْتُمْ بِآلِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ غَفْلَةً، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ؟ قَالَ: فَنَظَرَتْ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَطْلُعْ، فَأَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى إِذَا

(1)

في سنده المعلى بن تركة متروك.

(2)

وفي الباب أبو بكرة أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2975) وفي سنده الخليل بن زكريا متروك.

وأيضًا صخر الغامدي أخرجه أحمد (19430) وغيره وفي سنده عمارة بن حديد مجهول.

ص: 140

ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ، قَالَ: يَا جَارِيَةُ انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ؟ فَنَظَرَتْ، فَإِذَا هِيَ قَدْ طَلَعَتْ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقَالَنَا يَوْمَنَا هَذَا - فَقَالَ مَهْدِيٌّ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَمْ يُهْلِكْنَا بِذُنُوبِنَا، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ كُلَّهُ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: «هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّا لَقَدْ سَمِعْنَا الْقَرَائِنَ، وَإِنِّي لَأَحْفَظُ الْقَرَائِنَ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنَ الْمُفَصَّلِ، وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم» .

ص: 141

‌الاقتصاد في طلب الرزق

قال تعالى على وجه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]

(1)

.

• ووردت في الباب أخبار:

1 -

قال ابن ماجه في «سننه» رقم (2144):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا

(1)

قال القرطبي في «تفسير القرطبي» (13/ 314):

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا} اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ: لَا تُضَيِّعْ عُمْرَكَ فِي أَلَّا تَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا فِي دُنْيَاكَ، إِذِ الْآخِرَةُ إِنَّمَا يُعْمَلُ لَهَا، فَنَصِيبُ الْإِنْسَانِ عُمْرُهُ وَعَمَلُهُ الصَّالِحُ فِيهَا. فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ شِدَّةٌ فِي الْمَوْعِظَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: مَعْنَاهُ لَا تُضَيِّعُ حَظَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ فِي تَمَتُّعِكَ بِالْحَلَالِ وَطَلَبِكَ إِيَّاهُ، وَنَظَرِكَ لِعَاقِبَةِ دُنْيَاكَ. فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِيهِ بَعْضُ الرِّفْقِ بِهِ وَإِصْلَاحُ الْأَمْرِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ. وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ الْمَوْعُوظِ خَشْيَةَ النَّبْوَةِ مِنَ الشِّدَّةِ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. قُلْتُ: وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ قَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: احْرُثْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا وَعَنِ الْحَسَنِ: قَدِّمِ الْفَضْلَ، وَأَمْسِكْ مَا يُبَلِّغُ. وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا سَرَفٍ.

ص: 142

وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ».

• وتابع الوليد بن مسلم ثلاثة:

1 -

محمد بن بكر

(1)

أخرجه الحاكم (2135).

2، 3 - عبد العزيز بن أبي رواد تارة كما عند الحاكم (7924) وأخرى بإسقاطه عن ابنه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3109) والبيهقي (10405).

وتابع أبا الزبير محمد بن المنكدر أخرجه ابن حبان (3239) والحاكم (2134) والبيهقي (10404) من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن ابن المنكدر به ورجاله ثقات

(2)

.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي صهيب الراجحي بتاريخ (1) ذي القعدة (1443) الموافق (1/ 6/ 2022 م): يصح استقلالًا.

2 -

وله شاهد من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه بفقرة معللة أخرجه ابن ماجه (2142) - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَجْمِلُوا فِي

(1)

صالح الحديث قاله أحمد وقال أبو حاتم: شيخ محله الصدق.

(2)

وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (3/ 156) من طريق وهب لن جرير عن شعبة عن محمد بن المنكدر به.

وفي رواية وهب بن جرير عن شعبة مقال انظره في ترجمته من «تهذيب التهذيب» .

ص: 143

طَلَبِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ».

• وتابع عمارة بن غزية اثنان:

1 -

سليمان بن بلال أخرجه الحاكم (2133) والبيهقي (10403).

2 -

عبد العزيز بن محمد أخرجه البزار (3719) وقال عقبه هذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد أحسن من هذا الإسناد، ولا نعلم أحدًا يروي أجل من أبي حميد الساعدي بهذا الإسناد.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي صهيب الراجحي بتاريخ (1) ذي القعدة (1443) الموافق (1/ 6/ 2022 م): تراجع بتوسع ترجمة عبد الملك لكن على العموم للحديث شواهد.

3 -

قال ابن ماجه في «سننه» رقم (2143): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِهْرَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، زَوْجُ بِنْتِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْظَمُ النَّاسِ هَمًّا الْمُؤْمِنُ، الَّذِي يَهْتَمُّ بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَأَمْرِ آخِرَتِهِ» «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ» وإسماعيل والحسن ويزيد الرقاشي ضعفاء.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي صهيب الراجحي بتاريخ (1) ذي القعدة (1443) الموافق (1/ 6/ 2022 م): احكم على السند بالضعف.

4 -

قال ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» رقم (49): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْكُلَيْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعِيزَارِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «احْرُثْ لَدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ

ص: 144

كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا».

وخالف أبابكر الكليبي أبو عمرو الصفار حماد بن واقد فقال عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْعَيْزَارِ، قَالَ: لَقِيتُ شَيْخًا بِالرَّمْلِ مِنَ الأَعْرَابِ كَبِيرًا، فَقُلْتُ لَهُ: لَقِيتَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: مَنْ؟ فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: احْرِزْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا.

• والخلاصة: أن الأثر ضعيف سواء من قول ابن عمرو أو ابن عمر رضي الله عنهما؛ لأن أبا عمرو الصفار ضعيف وأبا بكر لم يقف له الباحث على ترجمة وشيخ عبد الله العيزار مبهم.

• تنبيه: يغني عن هذا الأثر ما أخرجه البخاري (6416): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو المُنْذِرِ الطُّفَاوِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِي، فَقَالَ:«كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ:«إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ»

(1)

.

(1)

سبق أن ردّ البخاري على من طعن في سماع الأعمش من مجاهد فجدد به عهدًا وقال الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 388): قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: يَقُولُونَ: لَمْ يَسْمَعِ الْأَعْمَشُ مِنْ مُجَاهِدٍ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ. قَالَ: رِيحٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لَقَدْ عَدَدْتُ لَهُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً، نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَقُولُ فِيهَا: حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ.

ص: 145

5 -

قال ابن أبي عاصم في «السنة» رقم (264): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ» .

وتابع هشام بن خالد صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1/ 318).

خالف عبد الرحمن بن يزيد عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد فأوقفه وصوبه الدارقطني في «علله» (1089)

(1)

.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي صهيب الراجحي بتاريخ (21) ذي القعدة (1443) الموافق (21/ 6/ 2022 م): المعنى صحيح وله شواهد وهذا أحد الوجوه في قول لقمان: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ} [لقمان: 16].

لكن السند صوابه الوقف.

(1)

في «العلل» (3/ 159): فرَواه عَبد الرَّحمَن بن يَزيد بن جابر، عَنْ إِسماعيل، مَرفُوعًا.

قال ذلك هِشام بن خالد، عَنْ الوليد، عَنْ ابن جابر، وغَيرُه، يَرويه عَنه مَوقوفًا.

وقيل: عَنْ هِشام بن خالد أَيضًا، عَنْ الوليد، عَنْ الأَوزاعي عَنْ إِسماعيل بن عُبيد الله، ولا يَصِح فيه الأَوزاعي.

ورَواه الهَيثم بن خارِجَة، عَنْ عَبد الله بن عَبد الرَّحمَن بن يَزيد بن جابر، عَنْ إِسماعيل بن عُبيد الله، عَنْ أُم الدَّرداء، عَنْ أَبي الدَّرداء

ص: 146

‌أثر العبادة في استجلاب الرزق

قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].

قال زكريا عليه السلام لمريم رضي الله عنها: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37].

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8696):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ يَعْنِي ابْنَ زَائِدَةَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: " قَالَ اللَّهُ عز وجل: ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي، أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ، مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ ".

• تابع محمد بن عبد الله على الرفع ثلاثة:

1 -

عبد الله بن داود بن عامر أخرجه ابن ماجه (4107). 2 - عيسى بن يونس أخرجه الترمذي (2670) 3 - أبو أحمد الزبيري كما عند الحاكم (3657).

خالفهم أبو أسامة فأوقفه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (34699).

ص: 147

والأرجح الرفع لقوة الجماعة وزائدة بن نشيط ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الذهبي وقال ابن حجر مقبول.

• وعضَّدَد هذا السند: ما أخرجه الحاكم بسند حسن رقم (8139):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ رَبُّكُمْ تبارك وتعالى: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ قَلْبَكَ غِنًى وَأَمْلأْ يَدَيْكَ رِزْقًا، يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تُبَاعِدْ مِنِّي، فَأَمْلأْ قَلْبَكَ فَقْرًا، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ شُغْلاً.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: سلطان الراجحي بتاريخ (3) ذي الحجة (1443) الموافق (2/ 7/ 2022 م): إلى تحسينه ففي فضائل الأعمال.

قلت (أبو أويس): وأنا في ريب من هذا لتفرد الحاكم ونزول سنده وأن الخبر السابق قد اختلف في رفعه ووقفه وإن كان المعنى ملموسًا.

قال البزار في «مسنده» رقم (4099): حَدَّثنا إبراهيم بن الجنيد، قَال: حَدَّثنا هشام بن خالد، قَال: حَدَّثنا الوليد بن مسلم، قَال: حَدَّثنا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ

(1)

، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيد اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ.

وتابع هشام بن خالد وهو الأزرق هشام بن عمار أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في «معجمه» (1/ 452).

(1)

وقيل أيضًا عند غيره عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد.

ص: 148

ورواه عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد على الوقف كما عند الدارقطني (1089) وصوب الوقف.

وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، ولَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَ هَذَا الطَّرِيقِ، ولَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الْوَلِيدِ إلاَّ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ إلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدِ احْتَمَلَهُ عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَذَكَرُوهُ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلاَّ مَا ذَكَرُوا مِنْ تَفَرُّدِ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ بِهِ، ولَا نَعْلَمُ له علة.

• الخلاصة: انتهى مع الباحث: سلطان بتاريخ (12) ذي القعدة (1443) الموافق (12/ 6/ 2022 م)

ص: 149

‌تذكير التاجر أنه ربما يرزق بكفالة يتيم أو غيره

قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2345):

حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ

(1)

.

تابع محمد بن بشار عمرو بن علي، ومحمد بن بشار.

أخرجه البزار (6988) ويحيى بن جعفر أخرجه الحاكم في «مستدركه» (320) والبيهقي (335) ومحمود بن غيلان أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (301).

وتابع الطيالسي بشر بن السري

(2)

أخرجه البزار (6988) وابن عدي في

(1)

وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

(2)

وبشر بن السري له عن حماد بن سلمة أحاديث في مسلم (2710، 4439، 4599) قال فيها حدثنا حماد.

وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 415): وبشر بن السري هذا له غرائب من الحديث عن الثوري ومسعر وغيرهما، وهو حسن الحديث، ممن يكتب حديثه، ويقع في أحاديثه من النكرة، لأنه يروي عن شيخ يحتمل، وأما هو في نفسه فلا بأس به.

ص: 150

«الكامل» (2/ 176) وأبو نعيم في «الحلية» (8/ 302) وذكر ابن عدي جملة من مفاريد حماد بن سلمة وقال هذا منها.

وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حماد إلا أبو داود.

• والخلاصة: أن إسناده صحيح لدي وما يتوقع من أخطاء الطيالسي

(1)

فمدفوع بمتابعة بشر بن السري وكتب شيخنا مع الباحث علي بن محمد القناوي: رجاله ثقات.

إذا حَرَّم الله شيئًا حَرَّم ثمنه:

سبق التعليق عليه، وأفاد الباحث: إبراهيم بن عبد الرحمن مع شيخنا، بتاريخ (13) شعبان (1443) الموافق (16/ 2022 م): أن الجمهور- من الحنفية كما في «معاني الآثار» (4/ 54) والمالكية كما في «التمهيد» (4/ 143) لابن عبد البر، والشافعية كما في «الحاوي الكبير» (7/ 533)، و «شرح مسلم» (11/ 8)، و «جامع العُلوم والحِكم» (2/ 446) على معنى لفظ:«إذا حَرَّم الله شيئًا حَرَّم ثمنه» .

(1)

قال ابن المديني: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي داود. وقال الإمام أحمد: لا يعد لأبي داود خطأ

ولما قيل له إنه يخطيء فقال: يحتمل له.

وقال أبو حاتم الرازي: أبو داود محدث صدوق كان كثير الخطأ فهو أحفظ من أبي أحمد الزبيري.

وقال الخطيب: كان أبو داود يحدث من حفظه والحفظ خوان فكان يغلط مع أن غلطه يسير في جنب ما روى على الصحة والسلامة.

ص: 151

قال ابن رجب في «جامع العُلوم والحِكم» (3/ 1211):

فالحاصل: من هذه الأحاديث كلها أن ما حَرَّم الله الانتفاع به، فإنه يَحرم بيعه وأكل ثمنه، كما جاء مصرحًا به في الراوية المتقدمة:«إن الله إذا حَرَّم شيئًا حَرَّم ثمنه» .

وهذه كلمة عامة جامعة، تَطَّرِد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حرامًا.

• وهو قسمان:

أحدهما: ما كان الانتفاع به حاصلًا مع بقاء عينه، كالأصنام، فإن منفعتها المقصودة منها هو الشرك بالله، وهو أعظم المعاصي على الإطلاق.

ويلتحق بذلك ما كانت منفعته محرمة، ككتب الشرك والسِّحر والبِدع والضلال. وكذلك الصور المحرمة، وآلات الملاهي المحرمة كالطُّنْبُور

(1)

، وكذلك شراء الجواري للغناء ....

القسم الثاني: ما يُنتفع به مع إتلاف عينه، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرمًا، فإنه يَحرم بيعه، كما يَحرم بيع الخنزير والخمر والميتة، مع أن في بعضها منافع غير محرمة، كأكل الميتة للمضطر، ودَفْع الغُصة بالخمر، وإطفاء الحريق

(1)

آلة من آلات اللعب واللهو وصورتها هكذا كما في «المعجم الوسيط» (ص/ 567):

|

ص: 152

به. والخرز بشَعر الخنزير عند قوم، والانتفاع بشعره وجِلده عند مَنْ يَرى ذلك.

ولكن لما كانت هذه المنافع غير مقصودة، لم يُعبأ بها، وحُرِّم البيع بكون المقصود الأعظم من الخنزير والميتة أكلهما، ومن الخمر شربها، ولم يُلتفت إلى ما عدا ذلك.

ص: 153

‌النهي عن تلقي الجلب أو الركبان

• أولًا: النهي عن تلقي الركبان أو الجلب ثابت متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

• ثانيًا: دراسة زيادة: «فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ» .

فقد أخرجها الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1519): حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامٌ الْقُرْدُوسِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ» .

• وتابع ابن جريج عن هشام بالزيادة جمع:

1 -

ابن علية ويزيد كما عند أحمد.

2 -

أبو أسامة أخرجه ابن ماجه.

3 -

عبد الله بن بكر السهمي أخرجه أبو عوانة.

• وخالفهم جمع:

1، 2 - يزيد ومحمد بن جعفر أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (10586):

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،

ص: 154

فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، لَا سَمْرَاءَ».

3 -

6 - وتابعهما حماد بن سلمة والنضر بن شميل ووهب بن جرير وابن علية-.

وخالف هشام بن حسان عبد الله بن عون عن ابن سيرين: نُهِيَ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبَ، فَإِنْ تَلَقَّى رَجُلٌ فَاشْتَرَاهُ، فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا قَدِمَ الْمِصْرَ. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (22784)

(1)

.

ورواه أيوب السختياني عن ابن سيرين واختلف عليه في اللفظ فرواه عبيد الله بن عمرو وهو الرقي وهو ثقة فقيه ربما وهم أخرجه أبو يعلى في «مسنده» رقم (6078):

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُتَلَقَّى الْجَلَبُ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ إِنْسَانٌ فَابْتَاعَ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ، إِذَا وَرَدَ السُّوقَ» .

• وخالف عبيد الله -سفيان بن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي كما عند مسلم وابن علية أخرجه أبو يعلى (6065):

حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ هِشَامٌ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَاسَمْرَاءَ» .

(1)

ظاهرها القطع وقد تحمتل الإرسال.

ص: 155

وتابع أيوب في لفظه جماعة؛ قرة بن خالد ويونس بن عبيد وحبيب الشهيد وعوف وقتادة

(1)

.

وتابع ابن سيرين على هذا الوجه ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد كما عند البخاري وموسى بن يسار وأبو صالح وهمام بن منبه كما عند مسلم ومحمد بن زياد، وإبراهيم والشعبي أخرجه أحمد.

• والخلاصة: أن لفظة: «إذا أتى سيده

» تحتمل أمرين:

1 -

الشذوذ وإليه جنح شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز الشرقاوي بتاريخ (5) ربيع (1444) الموافق (1/ 1/ 2022 م): وقال بأن كلام أبي حاتم الآتي فتح لنا بابًا.

2 -

الوهم وذلك بإدخال متن في متن من هشام بن حسان.

وأفاد الباحث: أبو الحسن إبراهيم فراج لنا عند تبييض الحديث بالمكتبة الكبرى مع الباحث تعليق الشافعي كما في «معرفة السنن والآثار» (8/ 167): قال الشافعي: وبهذا نأخذ إن كان ثابتًا". ثم قال البيهقي: هذا ثابت. ا هـ.

وأفاد الباحث: أشرف سلطان في المجلس أن أبا حاتم قال: «لَيْسَ فِي شيءٍ مِنَ الْحَدِيثِ: «إِذَا دخلَ المِصْرَ فإنَّ صاحبَهُ بالخِيار مَا بينَهُ وبينَ نِصْفِ النَّهار» .

(1)

والسند إليه فيه حماد بن الجعد ضعيف.

ص: 156

‌شراء السمك في الماء من الغرر

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3676):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَّاكِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ، فَإِنَّهُ غَرَرٌ» .

وخالف محمد بن السماك الجمهور- ابن فضيل كما عند ابن أبي شيبة (22050) وزائدة كما عند الطبراني (9607) وهشيم بن بشير والثوري كما في «معرفة السنن» للبيهقي (11457، 11458) - فأوقفوه.

• والخلاصة: أن مداره على يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. قال أحمد: لم يكن بالحافظ. وقال ابن معين: لا يحتج بحديثه ليس بذاك. وقال الدارمي: ليس بالقوي. وضعفه أبو يعلى. وقال الدارقطني: لا يخرج عنه في الصحيح ضعيف يخطيء كثيرًا ويلقن إذا لقن. والمسيب بن رافع عن ابن مسعود مرسل قاله أبو حاتم.

وانتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن وجيه الكردي بتاريخ (2) ربيع (1444) الموافق (28/ 9/ 2022 م): إلى أن علته يزيد بن أبي زياد والانقطاع.

ص: 157

‌ألفاظ في قصة شراء النبي صلى الله عليه وسلم جمل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

-

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (715):

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَتَخَلَّفَ نَاضِحِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِيهِ: فَنَخَسَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ لِي:«ارْكَبْ بِاسْمِ اللهِ» ، وَزَادَ أَيْضًا قَالَ: فَمَا زَالَ يَزِيدُنِي وَيَقُولُ: «وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ» .

• خالف عبد الواحد اثنان فلم يذكرا (بِاسْمِ اللهِ):

1 -

يزيد بن هارون.

2 -

خالد بن عبد الله.

وورد لفظ (اركب) دون البسملة في البخاري ومسلم.

*-الزيادة الثانية لعبد الواحد بن زياد في هذا الخبر: «فَمَا زَالَ يَزِيدُنِي وَيَقُولُ: «وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ» .

*-الزيادة الثالثة زادها معاذ بن معاذ عن شعبة وهي: «اشْتَرَى مِنِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ، فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا» علقها البخاري ووصلها مسلم.

ص: 158

وخالف معاذًا وكيع فقال: «نحر جزورًا أو بقرة» .

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز الشرقاوي بتاريخ (3) جمادى الأولى (1444) الموافق (27/ 11/ 2022 م): نتحفظ على رواية الجريري عن أبي نضرة لما في الجريري من اختلاط والرواة عنه بعد الاختلاط والحديث من وجوه أخر ثابت دون الألفاظ التي تفرد بها الجريري. والله أعلم.

ص: 159

‌هل يجوز بيع الحيوان بالحيوان؟

وردت فيه أخبار

• أسلمها ما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (20264):

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» .

وتابع عفان بن مسلم جماعة -موسى بن إسماعيل وعبد الواحد بن غياث وعبد الرحمن بن مهدي-.

وتابع حماد بن سلمة سعيد بن أبي عروبة من رواية جماعة عنه أخرجه أحمد (20215، 20143)

(1)

، وابن ماجه (2270) وغيرهما.

وتابع حماد بن سلمة وسعيد بن أبي عروبة شعبةُ كما عند النسائي (4620) وهشامٌ كما عند الطحاوي في «معاني الآثار» (5744) وأبان بن يزيد كما عند الطبراني (6847) وسعيد بن بشير كما في «مسند الشاميين» (2657) وعمر بن عامر كما عند الطبراني (6850).

وتابع قتادة مجّاعة بن الزبير أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6940).

(1)

وزاد في أحد الطرق قَالَ يَحْيَى: ثُمَّ نَسِيَ الْحَسَنُ، فَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَلَا بَأْسَ.

ص: 160

قال الترمذي: حَدِيثُ سَمُرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَسَمَاعُ الحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ هَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ.

قال البيهقي في «السنن الصغير» (2/ 247): يقال: هو في معنى المرسل، لأن الحسن أخذه من كتاب لا عن سماع، ثم هو محمول على بيع أحدهما بالآخر نسيئة من الجانبين، فيكون دينا بدين.

وقال في «السنن الكبرى» (5/ 472): وكذلك رواه حماد بن سلمة، عن قتادة إلا أن أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن البصري من سمرة في غير حديث العقيقة.

وهذا الخبر رجاله ثقات ومعلوم الاختلاف في سماع الحسن من سمرة.

وانتهى شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاريخ (28) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (22/ 11/ 2022 م): إلى أنه لم يسمع إلا حديث العقيقة.

• الحديث الثاني: حديث جابر رضي الله عنه.

أخرجه أحمد في «مسنده» (14331) والترمذي (1238) وابن ماجه (2271) وغيرهم من طرق عن حجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً: اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ، وَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ ". وحجاج بن أرطأه ضعيف ومدلس وقد عنعن.

وتابعه أشعث بن سوار وهو ضعيف- أخرجه الطحاوي في «شرح معاني

ص: 161

الآثار» (5740) وأشعث بن سوار ضعيف.

وتابعهما بحر بن كنيز السقاء وهو ضعيف. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2741).

وخالفهم في اللفظ الليث بن سعد عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِعْنِيهِ، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسْأَلَهُ: أَعَبْدٌ هُوَ؟ أخرجه مسلم (4120) والنسائي في «السنن الكبير» (7/ 269) رقم (4664).

ورواية الليث بن سعد هي الصواب.

وكتب شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاريخ (28) ربيع الآخر (1444) الموافق (22/ 11/ 2022 م): ضعيف. وكتب على طريق النسائي: راجع مسلم.

وخالف أبا الزبير عطاءٌ فأوقفه أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (20806):

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ بيع البعير بالْبَعِيرَيْنِ

(1)

.

(1)

أضاف هذا الطريق محمد بن عيسى في بحثه هذا الحديث بتاريخ (14) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (8/ 12/ 2022 م).

ص: 162

• الحديث الثالث: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

أخرجه ابن حبان (5028)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (5783)، والدارقطني في «سننه» (3059) والحاكم في «مستدركه» (2341) من طريق الثوري عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ» .

• وخالف الثوري ومن تابعه عبد الرزاق واختلف عليه:

تارة عن معمر عن عكرمة عن يحيى عن رجل عن ابن عباس به.

وتارة أخرى بالوصل أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (14133) وبالإرسال أخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (609) وذكره البيهقي.

ورواه عبد الأعلى عن معمر بالإرسال ذكره البيهقي. (10522).

وخالف معمرًا علي بن المبارك فأرسله ذكره البيهقي (10533).

ورجح العلماء المرسل

(1)

قال الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 182) سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: قد روى داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر هذا، وقال: عن ابن عباس، وقال الناس: عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. فوهن محمد هذا الحديث.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاريخ (28) ربيع الآخر (1444) الموافق (22/ 11/ 2022 م): معل بالإرسال.

(1)

أبو حاتم والبيهقي.

ص: 163

• تنبيه: الروايات الموصولة نازلة إلا طريق عبد الرزاق.

• الحديث الرابع:

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (19066) - حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُبَارَكٍ، أَخْبَرَنَا مجالد

(1)

بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً مُسِنَّةً، فَغَضِبَ وَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ، فَسَكَتَ.

ومجالد ضعيف وخالفه إسماعيل بن أبي خالد فأرسله أخرجه ابن أبي شيبة (10181) وهو الصواب.

وسئل عنه البخاري فذكر المرسل وقال كما في «العلل الكبير» (ص: 101): أنا لا أكتب حديث مجالد، ولا موسى بن عبيدة.

وإلى ذلك انتهى شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاريخ الخميس (28) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (22/ 12/ 2022 م): وبارك للباحث على حصوله على الدكتوراة وقال: الله يجعلها عونًا لك على طاعته.

• الحديث الخامس: حديث ابن عمر رضي الله عنه:

أخرجه البزار في «مسنده» رقم (5955): حَدَّثنا أحمد بن مالك القشيري، حَدَّثنا أَبُو أمية بن يَعْلَى، حَدَّثنا نافع، عَنْ ابن عُمَر قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ

(1)

وتصحف إلى (خالد).

ص: 164

بيع حَبَل الحَبَلَة حتى تنتج، ثُمَّ تنتج نَهَى عَنْ ذلك، ونهى عَنْ بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.

وأبو أمية: تركه النسائي، والدارقطني.

وقال البخاري: سكتوا عنه.

وقال شعبة: اكتبوا عنه فإنه شريف لا يكذب.

وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه.

وتابع نافعًا زياد بن جبير.

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» والطبراني وفي سنده محمد بن دينار ضعفه ابن معين.

وسئل البخاري عن هذا الحديث فقال إنما يرويه زياد بن حية عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وقال أحمد: كما في سؤلات أبي داود (547): ليس فيه ابن عمر هو عن زياد بن جبير موقوف.

وقال البيهقي: ثم قد حمله بعض أهل الفقه على ما لو كان نسيئة جمعًا بينه وبين ما ذكرنا من حديث عبد الله بن عمرو.

(5888)

عَنه أَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ. وقال: وهذا اللفظ لا نعلم رواه عن نافع إلا ثابت وثابت رجل من أهل البصرة. وقال البخاري ثابت بن زهير: منكر الحديث. وقال ابن عدي: يخالف الثقات في المتن والسند.

ص: 165

*-قال الإمام مالك في «موطئه» رقم (60) - عَنْ نَافِعٍ

(1)

، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ «اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ» .

وتابع مالكًا أبو بشر جعفر بن أبي وحشية أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (20428) ولفظه: أَنَّهُ اشْتَرَى نَاقَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ بِالرَّبَذَةِ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ فَانْظُرْ، فَإِنْ رَضيت فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ.

وتابع نافعًا أبو الوازع أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (21668) بلفظ: «مَنْ يَبِيعُنِي بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ، مَنْ يَبِيعُنِي نَاقَةً بِنَاقَتَيْنِ» .

وخالفهما أنس بن سيرين فقال: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ، قَالَ: يَدًا بِيَدٍ؟ فقُلْتُ: لَا، إِلَى أَجَلٍ، قَالَ: فَكَرِهَهُ. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (21659).

• والخلاصة: الأثر صحيح وأن كل راو نقل مشهدًا وفتيا ابن عمر رضي الله عنهما مبينةٌ لفعله في حين كتب شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي بتاريخ (28) ربيع الآخر (1444) الموافق (22/ 11/ 2022 م): فيه تضارب في فعل ابن عمر بعض الشيء. ا هـ.

(1)

خالف نافعًا ثابت بن زهير فرفع الخبر نهى عن بيع اللحم بالحيوان أخرجه البزار في «مسنده» (1/ 450): لا نعلم رواه عن نافع إلا ثابت وهو بصري ضعيف.

ص: 166

‌كتاب الشركة

‌مشاركة أهل الكتاب في التجارة وغيرها

ورد في تجويزها:

1 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ:" أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ اليَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا "

(1)

.

2 -

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:«تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ»

(2)

.

استدل من عموم رهن الدرع على جواز المشاركة.

3 -

وتجويز الزواج من أهل الكتاب نوع من المشاركة.

ومنع الأحناف نوعًا من الشركة: وهي شركة المفاوضة لأن من شرطها التساوي في التصرف انظر «بدائع الصنائع» (6/ 63). واشترط المالكية: ألا يغيب الكافر في شيء من العمل عن المسلم كما في «مواهب الجليل» (5/ 118). واشترط الإمام أحمد: أن المسلم هو الذي يلي العمل انظر: «المغني» (5/ 3).

(1)

أخرجه البخاري (2499).

(2)

أخرجه البخاري (2916) ومسلم (1630).

ص: 167

وقال الشافعي كما في «المهذب» (1/ 345): ويكره أن يشارك المسلم الكافر واستدل بحديث منقطع وهو: «نهى رسول الله عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم.

• تنبيه: يمنع ابن عباس من مشاركة أهل الكتاب معلل أنه يرابي أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (19980) نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا جَلَّابًا يَجْلُبُ الْغَنَمَ، وَإِنَّهُ لَيُشَارِكُ الْيَهُودِيَّ، وَالنَّصْرَانِيَّ قَالَ:«لَا يُشَارِكُ يَهُودِيًّا، وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا مَجُوسِيًّا» قَالَ: قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُمْ يُرْبُونَ وَالرِّبَا لَا يَحِلُّ» .

وسمي أبو حمزة في رواية البيهقي بعِمْرَانَ بْنِ أَبِي عَطَاءٍ، وثقه ابن معين، وقال أحمد: ليس به بأس صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، ولينه أبو زرعه، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بقوي. وضعفه أبو داود.

وهناك أبو حمزة ميمون أنزل من هذا وهو ضعيف.

ص: 168

‌كتاب السَّلَم

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (21827): حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يَرَى بِالسَّلَمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَأْسًا، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، مَا خَلَا الْحَيَوَانَ.

• وتابع ابنَ أبي زائدة اثنان:

1 -

جعفر بن عون، أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (11106).

2 -

شجاع بن الوليد، أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (5746).

وأبو مَعْشَر هو زياد بن كُلَيْب، ثقة. وسعيد هو ابن أبي عَرُوبة. وإبراهيم هو النَّخَعي، ولم يُدرِك ابنَ مسعود رضي الله عنه.

ص: 169

‌كتاب الربا

‌لعن آكل الربا

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1598):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ» ، وَقَالَ:«هُمْ سَوَاءٌ» .

وتابع هؤلاء الثلاثة زكريا بن يحيى الواسطي أخرجه أبو يعلى (1960).

• وورد نحو هذا الخبر من طرق متسعة المخارج عن ابن مسعود رضي الله عنه مع الاختلاف في الزيادات:

1 -

علقمة أخرجه مسلم (1597) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَأَلَ شِبَاكٌ إِبْرَاهِيمَ، فَحَدَّثَنَا عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ» ، قَالَ: قُلْتُ: وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؟ قَالَ:«إِنَّمَا نُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا» .

2 -

هذيل وفيه زيادة: «وَالْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» أخرجه النسائي في «الكبرى» رقم (5579) - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ النَّسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ

ص: 170

صلى الله عليه وسلم «الْوَاشِمَةَ، وَالْمُوتَشِمَةَ، وَالْوَاصِلَةَ، وَالْمَوْصُولَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَالْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .

3 -

عبد الرحمن بن مسعود أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (3333) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ» . وتابع زهيرًا إسرائيل كما عند أحمد (3737) وأبو عوانة أخرجه الترمذي (1206).

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي الحسن إبراهيم فراج (17) رمضان (1443 هـ) الموافق (18/ 4/ 2022 م) إلى اتساع المخارج في حديث ابن مسعود وطلب تحرير القول في سماع عبد الرحمن بن مسعود من أبيه وأن لعن آكل الربا وموكله صحيح لا غبار عليه وفقرة كاتبيه وشاهديه لها شاهد من حديث جابر رضي الله عنه.

ونصح الباحث بكتابة بحث في الربا لأن اقتصاره على البنوك مسألة حادثة تابعة لربا النسيئة.

ص: 171

‌لا تستصغر المعصية

قال تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].

1 -

قال ابن أبي الدنيا في «الصمت» رقم (175):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الرِّبَا، وَعَظَّمَ شَأْنَهُ، فَقَالَ:«إِنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ الرِّبَا، أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْخَطِيئَةِ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ زِنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ، وَأَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» .

وتابع محمد بن علي محمدُ بن موسى بن حاتم.

أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5135)، وقال: تفرد به أبو مجاهد عبد الله بن كيسان المروزي، عن ثابت وهو منكر الحديث.

• الخلاصة: أن علته أبو مجاهد فقد كتب شيخنا مع الباحث أحمد الصاوي بتاريخ (27) ربيع الآخر (1444) الموافق (21/ 11/ 2022 م): قال البخاري: منكر الحديث وضعفه الأكثرون.

وسبق في «سلسلة الفوائد» (3/ كتاب الربا)«دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» وأنه معل بأنه من قول كعب الأحبار.

ص: 172

2 -

قال ابن ماجه في «سننه» رقم (2274): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا، أَيْسَرُهَا أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» .

• وتابع عبد الله بن إدريس اثنان:

1 -

النضر بن شميل أخرجه محمد بن نصر في «السنة» (6345).

2 -

ابن ناجية أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5134).

ومداره على أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، وهو ضعيف من الطبقة الثامنة.

بخلاف أبي معشر زياد بن كليب الكوفي ثقة ثبت ومن السادسة.

• وتابع سعيد المقبري جماعة:

1 -

والده أبو سعيد المقبري وعنه عبد الله بن سعيد وهو مترك أخرجه هناد في «الزهد» (1176).

2 -

أبو سلمة من رواية عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عنه وعكرمة

(1)

(1)

وخالف عكرمة عمر بن راشد فقال عن يحيى بن أبي كثير عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن البراء بن عازب أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7151) وقال: لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير إلا عمرو بن راشد، ولا رواه عن عمرو بن راشد إلا معاوية بن هشام، ولا يروى عن البراء إلا بهذا الإسناد ". ا هـ.

وعمر بن راشد ضعيف. وقال أبو حاتم كما في «المراسيل» (916): إسحاق لم يدرك البراء رضي الله عنه.

ص: 173

مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير قاله أحمد. أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (22005) والبيهقي في «شعب الإيمان» (5132).

3 -

سعيد بن المسيب أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6345) وفي سنده النعمان بن راشد ضعيف.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث أحمد الصاوي بتاريخ (27) ربيع الآخر (1444) الموافق (21/ 11/ 2022 م): كل طرق الحديث ضعيفة.

ص: 174

‌حُكْم بيع الرُّطَب بالتمر

قال أبو داود في «سُننه» رقم (3360):

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ- عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا عَيَّاشٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً» .

وخالف يحيى بنَ أبي كثير الجماعةُ- مالك كما عند أبي داود (3359)، وإسماعيل بن أُمية كما عند النَّسَائي (4546)، وأسامة بن زيد كما في «المُنتقَى» (657)، وداود بن الحُصَيْن كما عند البيهقي (10558)، والضحاك بن عثمان كما عند الدارقطني (2994) - فلم يَذكروا «نَسِيئة» .

ورواية الجماعة أصح.

وثَمة رواية من وجه آخَر أخرجها الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6171): فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ نَسِيئَةً.

وخالف عمرَو بن الحارث مَخْرَمَةُ بن بُكَيْر، فلم يَزدها أخرجه البيهقي في (10563).

ص: 175

• والخلاصة: أن الزيادة من ناحية الإسناد والمعنى غير ثابتة، وصححها الطحاوي، لكن ضَعَّفها الدارقطني والبيهقي.

الباحث محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (3) شعبان (1443 هـ) الموافق (5/ 3/ 2022 م).

ص: 176

‌حكم بيع وشراء الذهب بالفصوص؟

الأصل فصلهما أو خصم مقدار الفص إن كان يعلم وزنه

(1)

ومستند الأول ما أخرجه مسلم رقم (4080) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُلَيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ، وَهِيَ مِنَ الْمَغَانِمِ تُبَاعُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ.

وفي رواية لمسلم: «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ» .

ثم شفع المرفوع بفتيا فضالة بن عبيد رضي الله عنه فيما أخرجه مسلم كذلك: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ عَامِرَ بْنَ يَحْيَى الْمَعَافِرِيَّ، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ حَنَشٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي غَزْوَةٍ، فَطَارَتْ لِي وَلأَصْحَابِي قِلَادَةٌ

(1)

وهل يجوز للبائع أن يقول للمشتري أنا سأشتريه منك بفصه كما بعته لك لكن حافظ على فاتورة المبيعات؟

محل بحث ونظر.

ص: 177

فِيهَا ذَهَبٌ وَوَرِقٌ وَجَوْهَرٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا، فَسَأَلْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، فَقَالَ: انْزِعْ ذَهَبَهَا فَاجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ، وَاجْعَلْ ذَهَبَكَ فِي كِفَّةٍ، ثُمَّ لَا تَأْخُذَنَّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ.

نبه شيخنا -حفظه الله-في قراءة «صحيح مسلم» بعد الشروق بتاريخ (20) ربيع الآخر (1444) الموافق (14/ 11/ 2022 م): إلى بحث ترجمة عامر بن يحيى المعافري.

• قلت: وثقه أبو داود والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جمع، وأخرج له مسلم والترمذي وابن ماجه، وهو مقل في الرواية.

ص: 178

‌البنوك الربوية مثال لربا النسيئة

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1596): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، مَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ غَيْرَ هَذَا، فَقَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي تَقُولُ؟ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل، فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي

(1)

أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» .

وتابع ابن عيينة ابن جريج أخرجه البخاري (2179).

وتابع أبا سعيد عبيد الله بن أبي يزيد وعكرمة وابن أبي مليكة وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح في الأكثر عنه.

(2)

(1)

تابع ابن عباس سعيد بن المسيب أخرجه أحمد وقال البزار: لا نعلم لسعيد بن المسيب طريقًا عن أسامة إلا هذا الطريق.

(2)

وهم: عامر الأحول وإبراهيم الصائغ وعبد العزيز والمغيرة ويحيى بن أبي كثير- أما الأوزاعي فقال: إن أبا سعيد لقي ابن عباس

كما عند مسلم وابن جريج قال إن ابن عباس قال: أخبرني أسامة رضي الله عنه. كما عند النسائي في «الكبرى» .

ص: 179

خالفهم طاووس في رواية الأشهر إليه فقال: «لَا رِبًا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أخرجه مسلم في نهاية الروايات وفي مسند أحمد (21743) أنها بمعنى الرواية السابقة هكذا: «لَا رِبَا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» قَالَ: يَعْنِي إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِاءِ. أما ابن حجر فسماها زيادة في «فتح الباري» (4/ 381): وزاد في رواية طاوس عن بن عباس لا ربا فيما كان يدًا بيد.

قال الشوكاني في «نيل الأوطار» (5/ 227): واستدلوا على جواز ربا الفضل بحديث أسامة عند الشيخين وغيرهما بلفظ: «إنما الربا في النسيئة» زاد مسلم في رواية عن ابن عباس «لا ربا فيما كان يدا بيد»

وأما ما أخرجه مسلم عن ابن عباس أنه لا ربا فيما كان يدا بيد كما تقدم فليس ذلك مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكون دلالته على نفي ربا الفضل منطوقة، ولو كان مرفوعا لما رجع ابن عباس واستغفر لما حدثه أبو سعيد بذلك كما تقدم.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث سيد بن عبد العزيز بتاريخ السبت (25) ربيع آخر (1444) موافق (19/ 11/ 2022 م): إلى أن طاووس خالف في اللفظ والمعنى.

• فائدة:

في وجوه الجمع والترجيح بين هذا الحديث وغيره قال ابن حجر في «فتح الباري» (4/ 382):

اتفق العلماء على صحة حديث أسامة، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد فقيل منسوخ لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال وقيل المعنى في قوله: لا ربا الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد كما

ص: 180

تقول العرب لا عالم في البلد إلا زيد مع أن فيها علماء غيره وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل وأيضا فنفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم فيقدم عليه حديث أبي سعيد لأن دلالته بالمنطوق ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر كما تقدم والله أعلم.

وقال الطبري: معنى حديث أسامة لا ربا إلا في النسيئة إذا اختلفت أنواع البيع والفضل فيه يدًا بيد ربًا جمعًا بينه وبين حديث أبي سعيد رضي الله عنه. ا هـ.

وفي «المبسوط» (12/ 112) للسرخسي: وتأويل حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «سئل عن مبادلة الحنطة بالشعير والذهب بالفضة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ربا إلا في النسيئة.» فهذا بناء على ما تقدم من السؤال فكأن الراوي سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع ما تقدم من السؤال أو لم يشتغل بنقله.

وأما المعنى فنقول: اتفق فقهاء الأمصار رحمهم الله على أن حكم الربا غير مقصود على الأشياء الستة، وأن فيها معنى يتعدى الحكم بذلك المعنى إلى غيرها من الأموال، إلا داود من المتأخرين وعثمان البتي من المتقدمين.

ص: 181

‌هل ثبت أن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما تراجعا عن تجويز ربا الفضل

1 -

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1594): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، فَإِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: مَا زَادَ فَهُوَ رِبًا، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جَاءَهُ صَاحِبُ نَخْلِهِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ طَيِّبٍ، وَكَانَ تَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذَا اللَّوْنَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّى لَكَ هَذَا؟» قَالَ: انْطَلَقْتُ بِصَاعَيْنِ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ هَذَا الصَّاعَ، فَإِنَّ سِعْرَ هَذَا فِي السُّوقِ كَذَا، وَسِعْرَ هَذَا كَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وَيْلَكَ، أَرْبَيْتَ، إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ، فَبِعْ تَمْرَكَ بِسِلْعَةٍ، ثُمَّ اشْتَرِ بِسِلْعَتِكَ أَيَّ تَمْرٍ شِئْتَ» ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ:«فَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ رِبًا، أَمِ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ؟» ، قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بَعْدُ فَنَهَانِي، وَلَمْ آتِ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الصَّهْبَاءِ

(1)

، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ بِمَكَّةَ فَكَرِهَهُ.

2 -

أخرج الحاكم في «مستدركه» (2317): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سلْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ

(1)

صحب ابن عباس ووثقه أبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له مسلم وروى عنه جماعة وضعفه النسائي.

ص: 182

الْعَدَوِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ، مَا كَانَ مِنْهُ عَيْنًا، يَعْنِي يَدًا بِيَدٍ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، فَلَقِيَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَلَا تَتَّقِي اللهَ؟ إِلَى مَتَى تُؤَكِّلُ النَّاسَ الرِّبَا؟ أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنِّي لأَشْتَهِي تَمْرَ عَجْوَةٍ، فَبَعَثَتْ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَجَاءَتْ بَدَلَ صَاعَيْنِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ، فَقَامَتْ، فَقَدَّمَتْهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهُ أَعْجَبَهُ، فَتَنَاوَلَ تَمْرَةً، ثُمَّ أَمْسَكَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: بَعَثْتُ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَتَانَا بَدَلَ صَاعَيْنِ هَذَا الصَّاعُ الْوَاحِدُ، وَهَا هُوَ كُلْ، فَأَلْقَى التَّمْرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقَالَ: رُدُّوهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، يَدًا بِيَدٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ رِبًا، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ أَيْضًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَزَاكَ اللهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ الْجَنَّةَ، فَإِنَّكَ ذَكَّرْتَنِي أَمْرًا كُنْتُ نَسِيتُهُ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَكَانَ يَنْهَى عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ

(1)

.

وتابع الحسن بن مكرم إسحاق أخرجه ابن بشران في «أماليه» (1442) وتابع روح بن عبادة يونس بن محمد أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (10617) وتابعهما إبراهيم بن الحجاج أخرجه ابن عدي في «الكامل» (3/ 346).

(1)

قال ابن حجر في «إنباء الغمر» (4/ 130): سمع يونس بن حسين (مولده/ 757) مدرساً يذكر مسألة الصرف وقول أبي سعيد لابن عباس: إلى متى تؤكل الناس الربا؟ فاشتد إنكاره ونزه ابن عباس عن ذلك.

ص: 183

وحيان بن عبيد الله العدوي قال فيه أبو حاتم وإسحاق: صدوق. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال البزار: مشهور لا بأس به. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه إفرادات ينفرد بها

(1)

. وقال البيهقي: تكلموا فيه.

ودخل على ابن الجوزي حيان بن عبد الله الكذاب في حيان بن عبيد الله ونبه على ذلك السيوطي في «اللآلي» .

• والخلاصة: أن إسناده قابل للتحسين ويؤيده رواية مسلم. وكتب شيخنا معي على ترجمة حيان بن عبيد الله: منازع في حاله.

(1)

وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (10/ 155): له مناكير وغرائب، وما رأيت أحدًا وهاه.

ص: 184

‌ترخيص العرايا

قال أبو داود في «سننه» رقم (3362) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ» .

خالف يونسًا معمر وابن عيينة كما عند عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (14316) فأوقفاه على زيد بن ثابت رضي الله عنه.

وتابعهما في اللفظ -ابن إسحاق وصالح والنعمان بن راشد-لكن رفعوه عن زيد.

ورواه -صالح بن كيسان والأوزاعي وأسامة بن زيد- عن سالم عن أبيه عن زيد مرفوعًا.

ورواه عقيل على الشك (بالرطب أو بالتمر) أخرجه البخاري (284) ومسلم (1539).

وخالفهم معمر والزبيدي فلم يذكروا الرطب في حديثهم.

ورواه نافع -وهو أثبت من سالم في أبيه على الأرجح لدى الباحث- بلفظ: «التمر» ولم يذكر «الرطب» أخرجه البخاري (2192)، ومسلم (1539).

ص: 185

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن السيد الفيومي بتاريخ (20) شوال (1443) الموافق (21/ 5/ 2022 م): الأصح عن خارجه موقوفًا

(1)

.

أرى والله أعلم أن هذا الحديث يودع في كتب العلل لاعتبارات متعددة وليس عمله هنا بالدرجة الأولى.

قال ابن حجر في «فتح الباري» (4/ 385): قوله: (رخص بعد ذلك) أي بعد النهي عن بيع التمر بالثمر في بيع العرايا.

وهذا من أصرح ما ورد في الرد على من حمل من الحنفية النهي عن بيع الثمر بالتمر على عمومه ومنع أن يكون بيع العرايا مستثنى منه وزعم أنهما حكمان مختلفان وردا في سياق واحد وكذلك من زعم منهم كما حكاه بن المنذر عنهم أن بيع العرايا منسوخ بالنهي عن بيع الثمر بالتمر لأن المنسوخ لا يكون بعد الناسخ.

(1)

وأنه من رواية ابنه عنه.

ص: 186

‌ما جاءَ في المخابرة

قال الترمذي في «العلل الكبير» رقم (347): حَدثنا جَعفر بن مُحمد بن عِمران الثعلبي، حَدثنا يَحيَى بن سُلَيم

(1)

، عن عَبد الله بن عُثمان بن خُثَيم، عن أَبي الزُّبَير، عن جابر، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله

(2)

.

خالف ابن خثيم جماعة -حماد كما عند أحمد (14841) وأيوب كما عند النسائي (4636) والترمذي (1313) وغيرهم في النهي عن المخابرة ورواه ابن جريج وأبو خيثمة وزهير كما عند مسلم (1554) بلفظ آخر يفيد التعدد في معنى المخابرة «نهى عن بيع الصبرة ..... لو بعت من أخيك تمرا

».

وتابع أبا الزبير جماعة - عطاء بن رباح وسعيد بن ميناء وعمرو بن دينار-

(1)

تابع يحيى عبد الله بن رجاء ومحمد بن سعيد.

(2)

قال الترمذي: سأَلت مُحمدًا عن هذا الحديث قلت له: رَوى هذا الحديث عن ابن خُثَيم غير يَحيَى بن سُلَيم؟ قال: نعَم، رواه مُسلِم بن خالد، وداوُد بن عَبد الرَّحمَن العَطار.

قلت له: ما معنى هذا الحديث؟ قال: إِنما نَهَى رَسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلك الشروط الفاسدة التي كانوا يشترطون فقال: من لم ينته عن الذي نهيت عنه فليؤذن بحرب من الله ورسوله.

ص: 187

بلفظ: نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث الشربيني بن فايق بتاريخ (14) شوال (1443) الموافق (14/ 5/ 2022 م): إلى تفرد ابن خثيم بهذا اللفظ.

ونص أبو نعيم على تفرد ابن خثيم عن أبي الزبير وضعفه العلامة الألباني بعنعنة أبي الزبير.

ص: 188

‌كتاب الإجارة

‌مشروعية الإجارة من الوحيين والإجماع

• أما الكتاب:

فقوله جل ذكره: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} [القصص: 26] قوي فيما ولي أمين فيما استودع

(1)

.

وقوله تعالى: عن الرجل الصالح لنبي الله موسى عليه السلام: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 27، 28].

وقال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 233] وقال جل ذكره: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6].

وقال موسى عليه السلام: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ

(1)

«فتح الباري» (4/ 515).

ص: 189

لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77].

وقال تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32]. والشاهد من الآية: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} أي من التسخير فالفقير يعمل عند الغني وكل صاحب حاجة يستأجر ما يقضي حاجته.

• وأما من السنة فمنها:

1 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ اليَهُودُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنَ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ "، فَغَضِبَتِ اليَهُودُ، وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا، وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ قَالَ:«هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ:«فَذَلِكَ، فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ»

(1)

.

وفيه فوائد منها قياس مضاعفة الأجر على مضاعفة الثواب.

2 -

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: " وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ

(2)

،

(1)

أخرجه البخاري (2268).

(2)

بكسر الدال قبيلة تنسب إلى الديل بن بكر. «فتح الباري» (7/ 237). وقال أبو العباس القسطلاني في «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (4/ 128): قوله: (من بني الديل) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية هو عبد الله بن أريقط.

ص: 190

ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - الخِرِّيتُ: المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ "

(1)

.

3 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ»

(2)

.

4 -

حديث الخازن الأمين

إلخ

(3)

.

5 -

احتجامه صلى الله عليه وسلم وإعطائه الحجام أجرًا.

6 -

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ» ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ»

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري (2263).

(2)

أخرجه البخاري (5737).

(3)

وأخرج البخاري (2718) ومسلم (113) من حديث جابر رضي الله عنه في قصة بيعه جمله للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «

فَقَالَ: بِعْنِيهِ، فَبِعْتُهُ مِنْهُ بِخَمْسِ أَوَاقٍ، قَالَ: قُلْتُ: عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُهُ بِهِ، فَزَادَنِي وُقِيَّةً، ثُمَّ وَهَبَهُ لِي».

(4)

أخرجه البخاري (2262).

ص: 191

وثمة أخبار أخرى منها حديث «اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرًا»

(1)

.

• وأما الإجماع فقال ابن قدامة

(2)

:

أجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة.

*-الحكمة من الإجارة أنها وسيلة للتيسير على الناس وقد قال تعالى عمومًا: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

(1)

شاذ بهذا اللفظ وهو من زيادت أبي عوانة (1557) على مسلم (468).

وورد عند أحمد (16271) من طريق حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص.

وتابعه حماد بن زيد (16316) فالإسناد صحيح.

وخالف الجريري ابن إسحاق فلم يذكرها.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (2369) من طريق الحسن عن عثمان بن أبي العاص به. وسماع الحسن من عثمان فيه نظر انظر كلام البخاري في التاريخ وابن حجر.

وخالفهما الجمهور؛ ابن المسيب وعبد ربه وداود بن عاصم وعبد الله بن الحكم والمغيرة بن شعبة بلفظ: «من أم قوما فليخفف فإن فيهم الكبير

» مختصرًا ومطولًا.

(2)

«المغني» (5/ 321).

ص: 192

‌أنواع الإجارة

1 -

على عين معينة مشاهدة كتأجير شقة أو سيارة بعد رؤيتها.

2 -

على منفعة في الذمة كخياطة ثوب صفته كذا.

3 -

على عين موصوفة كتأجير شقة على المخطوط قبل بنائها.

أفاده الباحث سيد الدكروني بتاريخ (11) شوال (1443 هـ) الموافق (12/ 5/ 2022 م).

ص: 193

‌اشتراط الأجر قبل العمل

قال الرجل الصالح لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27].

قال ابن أبي حاتم في «العلل» رقم (2835) - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة

(1)

، عَنِ حمَّاد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سعيد الخُدْري، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّه نَهَى أَنْ يُستَأْجَرَ الأَجيرُ حَتَّى يُعلَمَ أَجرُهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَرَوَاهُ الثَّوري، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْقُوفٌ

(2)

؟

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ: موقوفٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ لأنَّ الثَّوريَّ أحفظُ. اه.

• تنبيه: وتابع الثوري على الوقف شعبة أخرجه النسائي في «المجتبى» (3857) وفي «السنن الكبرى» (4656).

(1)

أخرجه أحمد (11565).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (21109).

واختلف على سفيان فرواه عبد الرزاق في «مصنفه» (15024) بالرفع تارة وأخرى بالوقف معطوفا على معمر بن راشد رقم (15023).

ص: 194

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث محمد بن مشحوت بن إبراهيم السحايتي

(1)

بتاريخ (10) شوال (1443 هـ)(11/ 5/ 2022 م): به ثلاث علل:

1 -

إعلال بالوقف.

2 -

ووجود حماد بن أبي سليمان وهو إلى الضعف أقرب.

3 -

دعوى إن إبراهيم بن أبي يزيد النخعي لم يسمع من أبي سعيد الخدري. اه.

(1)

ولد بتاريخ 20/ 9/ 1998 م وهو في الفرقة الرابعة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر.

ص: 195

‌أخذ الأجرة على تعليم القرآن

سبق أشهر دليل للجمهور في تجويز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ»

(1)

.

وأن الأدلة المانعة ضعيفة ومنها ما أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 208) رقم (11685) - حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ إِمْلَاءً، ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ أَخَذَ قَوْسًا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَلَّدَهُ اللهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ ".

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث د محمد بن ياسين بتاريخ (2) ذي القعدة (1443) موافق (2/ 6/ 2022 م): الخبر ضعيف والوليد يسوي ولعله أسقط عمرو بن واكد المتروك.

• تنبيه: أعلى أسانيده البيهقي.

(1)

أخرجه البخاري (5737) وقال القرطبي في «المفهم» (5/ 588):

أمَّا الأجرة على تعليم القرآن: فأجازها الجمهور من السلف والخلف متمسكين بهذا الحديث

إلخ.

ص: 196

‌تحديد الزمن في الإجارة

قال الرجل الصالح لموسى عليه السلام: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27]

{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ} [القصص: 29]

(1)

.

وسبق حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ»

(2)

.

وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: " وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا "- الخِرِّيتُ: المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ

(3)

.

(1)

أخرج ابن ماجه (2444) والطبراني في «المعجم الكبير» (333)، والدينوري في «المجالسة» (948) عُتْبَةَ بْنَ النُّدَّرِ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأَ طسم، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى، قَالَ:«إِنَّ مُوسَى صلى الله عليه وسلم أَجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ، أَوْ عَشْرًا، عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ، وَطَعَامِ بَطْنِهِ» وفي سنده مسلمة بن علي متروك.

(2)

أخرجه البخاري (2268).

(3)

أخرجه البخاري (2263).

ص: 197

‌حكم الإجارة من الباطن

ذهب الآئمة الأربعة إلى الجواز.

والخلاف هل يجوز للمستأجر أن يؤجرها بأكثر من الثمن أو لا؟ فالجمهور على الجواز.

• وأما الحنفية فعلى المنع إلا في حالتين:

أ -أن يؤجرها بغير الجنس.

ب-أن يحدث في العين شيئًا من دهانات أو دكورات.

ونبه شيخنا الباحث محمود السجاعي بتاريخ (9) شوال (هـ 1443)(10/ 5/ 2022 م): ما لم يشترط المؤجر عدم الإيجار.

ص: 198

‌أعط الأجير حقّه قبل أن يجف عرقه

قال البخاري في «صحيحه» رقم (2270): حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ» .

تابع يوسفَ بن محمد جَمْع، وخالفهم عبد الله بن محمد النُّفَيْلي كما عند البيهقي (11169) فقال:(سعيد بن سعيد) بدل (إسماعيل بن أُمية).

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث السيد الدكروني، إلى أن في السند يحيى بن سُليم، وهو مُتكلَّم فيه. وكَتَب: رَاجِع مقدمة الفتح كيف وُجِّه

(1)

.

وأشار الباحث أحمد بن علي إلى أنه راجع إلى حديث: «أَعْطُوا الأجيرَ حقه

». فقال شيخنا: إنه خبر ضعيف، ولا يُرجَع إليه.

(1)

قال ابن حجر في «هدي الساري» (ص: 368): لم يخرج له الشيخان من روايته عن عبيد الله بن عمر شيئا ليس له في البخاري سوى حديث واحد عن إسماعيل بن أمية عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى ثلاثة أنا خصيمهم الحديث. وله أصل عنده من غير هذا الوجه.

ص: 199

‌كتاب النكاح

‌النكاح من سنن الأنبياء

قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38].

وقال تعالى عن آدم عليه السلام وحواء عليهما السلام: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 189، 190].

وقال جل ذكره: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: 10].

وقال الرجل الصالح لموسى عليه السلام: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 27، 28].

وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)

ص: 200

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 89، 90].

1 -

قال الإمام البخاري (5063) ومسلم (1401):

والسياق لمسلم: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. فَقَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .

2 -

قال أبو داود في «سننه» رقم (1369):

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَجَاءَهُ، فَقَالَ:«يَا عُثْمَانُ، أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي» ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ، قَالَ:«فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ» .

*- ورواه الزهري واختلف عليه تارة بالوصل وأخرى بالإرسال.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي حمزة السويسي بتاريخ (20) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (16/ 10/ 2022 م): إلى صحته بأمرين:

1 -

طريق ابن إسحاق.

2 -

بضميمة وجه الوصل من الخلاف على الزهري. ا هـ.

ص: 201

*-حديث آخر سبق حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» .

وأنه معل بالإرسال.

ثم أكد شيخنا هذه النتيجة مع الباحث: عبد الفتاح بن عاطي العدولي بتاريخ (18) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (12/ 12/ 2022 م):

• وأورد الباحث للخبر شواهد.

منها باللفظ، ومنها ببعض الفقرات معلة.

وكتب شيخنا عليها: كل طرقه ضعيفة.

• الشاهد الأول:

ما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (24440):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ مِنَ الدُّنْيَا ثَلَاثَةٌ: الطَّعَامُ، وَالنِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، فَأَصَابَ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً، أَصَابَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، وَلَمْ يُصِبِ الطَّعَامَ ".

وتابع محمد بن عبد الله الفضل بن دكين.

أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (1/ 342).

وعلته جهالة شيخ أبي إسحاق.

ص: 202

• الشاهد الثاني:

ما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (12/ 352) رقم (13320):

حدثنا بن الحسن الخفاف ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع عن أبيه قال سمعت ابن عمر: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصبنا من دنياكم إلا نساءكم» .

وعلة الخبر والد زكريا.

وقد خالف أحمد بن صالح أحمد بن الوليد كما في «الأنوار» (ص/ 406) وابن أبي عاصم في «الزهد» (ص/ 46) فجعل شيخ ابن أبي فديك عمر بن وكيع وهو مجهول.

• الشاهد الثالث:

ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (6/ 150):

من طريق قتادة عن أنس وفيه: " لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل".

واختلف فيه على قتادة، وصوب الدارقطني الإرسال بعدما حكى ثلاثة أوجه علة قتادة.

• وثمة مراسيل:

• المرسل الأول:

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (7939):

عَنِ ابنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ لَيْثٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «حُبِّبَ إِلَيَّ

ص: 203

الطِّيبُ، وَالنِّسَاءُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».

وليث هو ابن أبي سليم ضعيف. وابن التيمي هو معتمر بن سليمان التيمي وهو وأبو ثقتان.

• المرسل الثاني:

أخرجه أحمد في «الزهد» رقم (2358):

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ:«لَمْ يُصِبِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ» .

وتابع حسين بن محمد عبد الله بن جعفر الرقي أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (1/ 304) وسند أحمد صحيح إلى ميمون وعبد الله بن جعفر.

• والمرسل الثالث:

ما أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (1/ 342) رقم (997):

أَخبَرنا موسَى بن إِسماعيلَ، أَخبَرنا أَبو بِشرٍ صاحِبُ البَصريِّ، عَنْ يونُسَ، عَنْ الحَسَن قالَ: قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما أَحبَبتُ مِنْ عَيش الدُّنيا إِلاَّ الطّيبَ والنِّساءَ» .

وأبو بشر فقال فيه أبو زرعة: ليس بالقوي.

ووثقه تلميذه موسى بن إسماعيل والبزار وذكره ابن حبان. وعليه فإسناده صحيح.

ص: 204

• والمرسل الرابع:

ما أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (1/ 342) رقم (1000):

أَخبَرنا الفَضلُ بن دُكَينٍ، أَخبَرنا موسَى بن قَيسٍ الحَضرَميُّ، عَنْ سَلَمَةَ بن كُهَيلٍ قالَ:" لَم يُصِب رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَيئًا مِنَ الدُّنيا أَحَبَّ إِلَيه مِنَ النِّساء والطّيبِ".

وموسى بن قيس الحضرمي قال فيه ابن معين ثقة.

وقال أبو حاتم: لا بأس به.

وقال أحمد: لا أعلم إلا خيرًا وعليه.

وقال العقيلي: يحدث بأحاديث مناكير.

فالسند صحيح ما لم يستنكر عليه.

ص: 205

‌متى يأثم الخاطب إذا خطب على خِطبة أخيه؟

• أولًا- إذا تَمَّتِ الخِطبة ورَضُوا بالخاطب وركنوا إليه، فيأثم المتعدي على خِطبة أخيه.

للأحاديث الآتية:

1 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: "نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ"

(1)

.

2 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه:" وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ"

(2)

.

3 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ»

(3)

.

(1)

أخرجه البخاري رقم (5142) ومسلم رقم (1412).

(2)

أخرجه البخاري (2140)، ومسلم (1408).

(3)

أخرجه مسلم (1414).

ص: 206

• ثانيًا- إذا تكلموا بالخِطبة دون ركون أو استئذان، فلا إثم عليه في التقدم للخطبة؛ للرواية السابقة:"أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ".

ولحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: " فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ:«انْكِحِي أُسَامَةَ» فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ

(1)

.

• أقوال أهل العلم:

ذهب الجمهور- من المالكية كما في «البيان والتحصيل» (4/ 453)

(2)

والشافعية كما في «الأُم» (5/ 42) والحنابلة كما في «المغني» (7/ 146)

(3)

.

(1)

أخرجه مسلم (1480).

(2)

قال ابن عبد البر في «الكافي في فقه أهل المدينة» (2/ 521): " ومَن خَطَب امرأة على خِطبة أخيه بعد الركون والميل، وتمام القول بينهما، وعَقَد على ذلك نكاحه، وطَلَب ذلك الأول الذي رُكن إليه وأُذِن فيه، فُسِخ نكاح الثاني قبل الدخول وبعده، كما لو تَزوَّج زوجة غيره، رُوي ذلك عن مالك.

وقال به بعض أصحابه: " إنه يُفسَخ نكاحه قبل الدخول استحبابًا؛ لأنه تعدى ما نُدب إليه، وبِئس ما صَنَع،

فإن دخل بها، مضى النكاح ولم يُفسَخ لأنها امرأة لم يَعقد عليها غيره. وهذا هو تحصيل مذهب مالك والمأخوذ به.

(3)

قال في «المغني» (7/ 146):

خِطبة الرجل على خِطبة أخيه في موضع النهي- مُحَرَّمة.

قال أحمد: لا يَحِل لأحد أن يَخطب في هذه الحال.

وقال أبو حفص العُكْبَري: هي مكروهة غير محرمة، وهذا نَهْي تأديب لا تحريم.

ولنا ظاهر النهي؛ فإن مقتضاه التحريم. ولأنه نَهْي عن الإضرار بالآدمي المعصوم، فكان على التحريم، كالنهي عن أكل ماله وسَفْك دمه.

فإِنْ فَعَل فنكاحه صحيح، نَصَّ عليه أحمد فقال: لا يُفَرَّق بينهما. وهو مذهب الشافعي. ورُوي عن مالك وداود أنه لا يصح

إلخ.

ص: 207

وأهل الظاهر كما في «المُحَلَّى» (9/ 166): إلى الحرمة. وذهبت الحنفية، كما في «شرح مختصر الطحاوي» (4/ 339): إلى الكراهة.

ص: 208

‌من أعظم النساء بركة؟

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (25119):

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ سَخْبَرَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً» .

وخالف يزيدَ عفانُ بن مسلم فقال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، به.

• وخالفهما أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1530):

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ تَلِيدَانَ- مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، به.

وسواء قلنا: (ابن سَخْبَرة) أو (ابن الطُّفيل) أو (موسى بن تليدان) فهذا علة الخبر.

ورُوي من طريق عروة عن عائشة بلفظ: "أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجهًا، وأقلهن مهرًا" أخرجه القُضَاعي في «الشهاب» (1146).

وفي سنده إسماعيل بن أحمد، مجهول.

وسليمان بن أبي كريمة ضعيف.

والسند نازل.

ص: 209

وأخرجه أيضًا البزار، كما في «كشف الأستار» رقم (395):

وفي سنده أسامة بن زيد، ومحمد بن حميد، وهما ضعيفان.

ورواه الحارث بن شِبْل- وهو ضعيف- عن أُم النعمان- وهي مجهولة- عن عائشة، به.

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (9451).

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: محمد وجيه الكردي، بتاريخ (13) شعبان (1443 هـ) الموافق (16/ 2022 م): كل طرقه ضعيفة.

ص: 210

‌أدلة الولاية في النكاح والحكمة منها

1 -

قال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232].

وعَنِ الحَسَنِ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ»

(1)

.

2 -

وقال جل ذكره: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221].

3 -

وقال جل ذكره: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32].

4 -

وقول الرجل الصالح لموسى عليه الصلاة والسلام: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27].

(1)

أخرجه البخاري (5130).

ص: 211

5 -

عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»

(1)

.

6 -

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ

(1)

صحيح: أخرجه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) عن إسرائيل ويونس وأبي عوانة.

والدارمي (2183) حدثنا علي بن حجر أنا شريك.

والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 9) من طريق قيس بن الربيع خمستهم عن أبي إسحق عن أبي بردة عن أبي موسى به.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 9): عن الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة مرسلًا.

وهذا من الأحاديث التي اختلف فيها على الوصل والإرسال والوصل أصوب.

فمن مرجحات الوصل:

1 -

كثرة الرواة الذين رووه عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى به.

2 -

سماعهم له في أوقات مختلفة.

3 -

رواية إسرائيل ويونس في بعض الأوجه عنه وهما من أهل بيت أبي إسحاق، وأهل بيت الرجل أعلم به من غيرهم.

4 -

اتقان إسرائيل في أبي إسحاق قال ابن مهدي: كان إسرائيل يحفظ حديث

أبي إسحاق كما يحفظ سورة الحمد.

5 -

صحح هذا الوجه ابن مهدي، وابن المديني، والذهلي، وأحمد، ويحيى والبخاري، الترمذي، والحاكم، وابن خزيمة، وابن حبان، ابن الملقن، والذهبي.

وقد رواه شعبة وسفيان واختلف عليهما في الوصل والإرسال وإن كان الوصل أرجح إلا أن الوجه الأول، أصوب والله أعلم.

وانظر غير مأمور: «العلل» للدارقطني (1295) و «البدر المنير» (7/ 548)، و «إرواء الغليل» (6/ 235).

ص: 212

وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»

(1)

.

7 -

عن عُرْوَة بْن الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ: " أَنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ:

فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ:

(1)

ظاهر إسناده الحسن لحال سليمان: أخرجه الترمذي (1102) من طريق جماعة عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ به.

وسليمان مختلف فيه، وقال عثمان بن سعيد الدارمى: قلت ليحيى بن معين: سليمان بن موسى ما حاله فى الزهرى؟ فقال: ثقة.

وفي «البدر المنير» (2/ 454) لابن الملقن: عن يحيى بن معين أنه قال: ثلاثة أحاديث لا تصح: حديث "مس الذكر"، و "لا نكاح إلا بولي"، و"كل مسكر حرام".

*- وأين أصحاب الزهري من هذا الحديث؟.

ص: 213

يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ"

(1)

.

قال ابن قدامة: والعلة في منعها [من النكاح دون ولي]، صيانتها عن مباشرة ما يشعر بوقاحتها ورعونتها وميلها إلى الرجال، وذلك ينافي حال أهل الصيانة والمروءة، والله أعلم

(2)

.

(1)

أخرجه البخاري (5127).

(2)

«المغني» (7/ 8) لابن قدامة.

ص: 214

‌توجيه فعل عائشة رضي الله عنها

-

قال الإمام مالك في «موطئه» (2/ 64) رقم (1596):

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَمِثْلِي يُصْنَعُ هَذَا بِهِ، وَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ؟ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا كُنْتُ لأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِهِ، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا".

وتابع عبد الرحمن يحيى بن سعيد.

أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» رقم (1662):

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: "أَنَّهَا زَوَّجَتْ بِنْتًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ يُقَالُ لَهَا: قُرَيْبَةُ فَزَوَّجَتْهَا مِنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ غَيْبَتِهِ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ:«أَمْثِلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاتِهِ؟»

فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَعَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ تَرْغَبُ؟ لَنَجْعَلَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهِ، فَجَعَلَ الْمُنْذِرُ أَمْرَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ فَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَمْ يَرَوْا ذَلِكَ شَيْئًا ".

ص: 215

• الخلاصة: انتهى شيخنا معي إلى صحة الأثر.

وإليك نص المدونة (3/ 270) عن هذا الأثر وأنه ينضاف إلى الأخبار التي لم يعمل بها

(1)

:

لا نعرف ما تفسيره إلا أنا نظن أنها وكلت من عقد نكاحها.

[قلت] أليس وإن هي وكلت ينبغي أن يكون النكاح في قول مالك فاسدًا وإن أجازه والد الجارية عليه.

(قال) قد جاء هذا الحديث ولو صحبه عمل حتى يصل ذلك إلى من عنه

أخذنا وأدركنا وعمن أدركوا لكان الأخذ به حقا ولكنه كغيره من الأحاديث مما لم يصحبه عمل.

(1)

وانظر: مزيدًا في «شرح علل الترمذي» (1/ 325).

ص: 216

‌الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا

(1)

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1421):

وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا

(2)

، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا».

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: حسان بن عبد الرحيم، بتاريخ (16) رجب (1443 هـ) الموافق (17/ 2/ 2022 م) إلى صحته وتوجيهه في أحقية البِكر في الاختيار.

(1)

يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (4/ 28).

(2)

قال الخَطَّابي في «مَعالِم السُّنن» (3/ 205):

قوله: «الثيب أحق بنفسها من وليها» يَجْمَع نصًّا ودلالة، والعمل واجب بالدلالة وجوبه بالنص.

ودلالته أن غير الثيب- وهي البِكْر- حُكْمها خلاف حُكْم الثيب في كونها أحق بنفسها، وتأولوا استئمار البِكْر على معنى استطابة النفس، دون الوجوب.

قالوا: ومعنى قوله: «أَحَقُّ بنفسها» أي: في اختيار الغير لا في العقد، بدليل أنها لو عَقَدَتْ على نفسها لغير كُفْء رُدَّ النكاح من غير خلاف فيه.

وقد استَدل به أصحاب أبي حنيفة في أن للمرأة أن تَعْقِد على نفسها بغير إذن الولي. إلا أنهم لم يُفَرِّقوا بين البِكْر البالغ والثيب في ذلك، وقد دل الحديث على التفرقة.

ص: 217

• وثَمة ألفاظ منتقدة:

1 -

«أبوها» مِنْ «يستأمرها أبوها» . أخرجه أحمد (1922) وأبو داود (2099) وقال أبو داود: غير محفوظة.

2 -

تَفرُّد صالح بن كَيْسَان بلفظة: «اليتيمة» .

أخرجها النَّسَائي (3262) بدلًا من لفظ: «البِكر» .

3 -

تَفرُّد مَعْمَر بلفظ: «ليس للولي مع اليتمة أَمْر» أخرجها أبو داود (2100) وغيره.

ص: 218

‌هل ثبت: «انْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» ؟

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (27352):

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ: " أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا:«أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» ،

قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«فَأَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟» - قَالَ يَعْلَى: «فَكَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟» - قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ:«انْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» .

وتابع يزيد بن هارون جمع -الليث بن سعد والأوزاعي وسفيان وغيرهم.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عمرو بن عمران. بتاريخ (29) ذي القعدة (1443 هـ) موافق (29/ 6/ 2022 م): حصين ليس بصحابي وقد رويت القصة مرسلة فسواء كانت مرسلة أو متصلة فحصين لم يوثقه معتبر.

ص: 219

‌ما جاء في الطبل

سبق فيه حديث ابن عباس، وفيه النهي عن عدة أشياء:

منها الْكُوبَةُ: وقد فُسِرت بالطبل.

وتفرد بها قيس بن حبتر، وروى عنه أربعة.

ووثقه أبو زرعة، والنسائي، ويعقوب بن سفيان.

وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يعرفه أحمد، وجهله ابن حزم وليس من أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما.

وقد يرجع الحديث لقصة وفد عبد القيس الشهيرة والإعلال بها لدي أشهر من الكلام في قيس بن حبتر

(1)

.

• وورد له شاهد:

من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما. أخرجه أحمد (6547) وفي سنده إبراهيم بن عبد الرحمن بن رافع مجهول.

وأبو داود (3685) وفي سنده الوليد بن عبدة مجهول وتارة أبدله ابن لهيعة

(1)

وقد تابع قيس بن حبتر شيبة بن المساور، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7529) وفي سنده عباد بن أبي علي مقبول.

ص: 220

على ضعفه بعمرو بن الوليد.

أخرجه أحمد (6478)، وفي لفظه «الكوبة» .

• ثم عرض الباحث: منصور الشرقاوي.

بتاريخ (5) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (4/ 7/ 2022 م): أقوال الفقهاء في حكم الطبل:

ذهبت الأحناف

(1)

والشافعية

(2)

إلى تحريمه والإمام أحمد

(3)

إلى كراهته وقد يفهم عنه التحريم

(4)

ومالك إلى جوازه

(5)

وما زال في المسألة تفصيل.

• فائدة:

من مسميات الطبل: الكَبَر. انظر: «التمهيد» (10/ 180).

(1)

«المبسوط» (16/ 38).

(2)

«المهذب» (2/ 327) للشيرازي.

(3)

«المغني» (9/ 468) ومسائل أحمد (1174).

(4)

كما في «الفروع» (8/ 377) لابن مفلح.

(5)

«التمهيد» (10/ 180).

ص: 221

‌حكم الدف

(1)

سبقت الأخبار في جواز الدف للنساء:

وثبت منها: حديث الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاء عند البخاري (5147).

(1)

قال ابن تيمية: كان دفهم-أي الصحابة رضي الله عنهم ليس له صلاصل-أي جرس أو قطع حديد- ولهذا تنازع العلماء في دف الصلاصل على قولين.

وقال الشوكاني في «نيل الأوطار» (6/ 224): قال الإمام يحيى: دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار، له صوت يطرب لحلاوة نغمته، وهذا الإشكال في تحريمه وتعلق النهي به.

وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه وطوله إلى أربعة أشبار، فهو الذي أراده صلى الله عليه وسلم لأنه المعهود حينئذ.

وقد حكى أبو طالب عن الهادي أنه محرم أيضا إذ هو آلة لهو. وحكى المؤيد بالله عن الهادي أنه يكره فقط وهو الذي في الأحكام.

وقال أبو العباس وأبو حنيفة وأصحابه: بل مباح لقوله صلى الله عليه وسلم: «واضربوا عليه بالدفوف» وهذا هو الظاهر للأحاديث المذكورة في الباب بل لا يبعد أن يكون ذلك مندوبا؛ ولأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله: «أعلنوا هذا النكاح» الحديث، ويؤيد ذلك ما في حديث المازني المذكور:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف» . قوله: ما كان معكم لهو قال في الفتح في رواية شريك: «فقال: هل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني؟ قلت: تقول ماذا؟ قال: تقول:

أتيناكم أتيناكم

فحيانا وحياكم

ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم

ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم

ص: 222

وحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ:

نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ

يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ

فَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَأُحِبُّكُنَّ»

(1)

.

وأفاد الباحث: منصور الشرقاوي مع شيخنا بتاريخ (5) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (4/ 7/ 2022 م):

• أقوال الفقهاء:

ذهب الجمهور من الأحناف

(2)

والشافعية

(3)

والحنابلة

(4)

إلى جواز الضرب بالدف للنساء خلافًا لمالك فقال بالكراهة

(5)

.

وقال ابن رشد في «البيان والتحصيل» (4/ 431): فاتفق أهل العلم فيما

(1)

إسناده صحيح: أخرجه ابن ماجه (1899): من طريق هشام بن عمار عن عيسى بن يونس عن عوف عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك.

وتابع عيسى بن يونس سعيد بن يونس أخرجه الطبراني في «الصغير» (78).

وتابع ثمامة ثابت.

أخرجه أبو يعلى (3409) وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 119).

(2)

«بدائع الصنائع» (6/ 408) جوازها مطلقًا.

(3)

«المهذب» (2/ 327) يرون جوازه في العرس والختان دون غيرهما.

(4)

«المغني» (24/ 157) و «الإنصاف» (12/ 51) جوزوه في العرس وكرهوه في غير النكاح.

(5)

«المدونة» (3/ 398).

ص: 223

علمت على إجازة الدف وهو الغربال في العرس

(1)

.

• تنبيه: أما ضرب الدف للرجال فلم يقف الباحث على آية أو حديث تجوزه أو تمنع منه ثم نقل عن الجمهور من علماء المالكية والشافعية وابن مفلح والمرداوي من الحنابلة أن الضرب بالدف جائز للرجال والنساء على السواء لكن خصه ابن تيمية

(2)

وتلميذه ابن رجب

(3)

والعلامة الألباني والشيخ عبد العزيز بن باز رحمهم الله بالنساء وأما ابن عثيمين فيرى أنه لا يوجد دليل يبين أن الدف خاص بالنساء وإن كان الوارد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أنهن اللاتي كن

(1)

القيد بالعرس هنا وكذا الحنابلة وزاد الشافعية الختان وأطلقه الأحناف انظر: «بدائع الصنائع» (6/ 408) وأضاف الباحث إسماعيل بن عرفة: أنه مستحب في المذهب الحنبلي للرجال والنساء في ثلاثة أشياء: العرس والختان وقدوم الغائب وما سواها مباح.

(2)

«مجموع الفتاوى» (11/ 565).

(3)

قال ابن رجب في «فتح الباري» (6/ 81): وقد وردت الشريعة بالرخصة للنساء لضعف عقولهن بما حرم على الرجال من التحلي والتزين بالحرير والذهب، وإنما أبيح للرجال منهم اليسير دون الكثير، فكذلك الغناء يرخص فيه للنساء في أيام السرور، وإن سمع ذلك الرجال تبعًا.

ولهذا كان جمهور العلماء على أن الضرب بالدف للغناء لا يباح فعله للرجال؛ فإنه من التشبه بالنساء، وهو ممنوع منه، هذا قول الأوزاعي، وأحمد، وكذا ذكر الحليمي وغيره من الشافعية.

وإنما كان يضرب بالدفوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء، أو من يُشبه بهن من المخنثين).

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم: "بنفي المخنثين وإخراجهم من البيوت".

وقد نص على نفيهم: أحمد، وإسحاق عملًا بهذه السنة الصحيحة.

ص: 224

يضربن بالدف

ومن أهم المواطن التي يشرع فيها الضرب بالدف إعلان النكاح، وضرب الرجال بالدف أبلغ في إعلان النكاح؛ لأن النساء يكن في مكان مغلق أما الرجال فيكونوا ظاهرين وصوت الدف عندهم أقوى ثم اختار الشيخ رحمه الله أنه يرجع في ذلك إلى العرف.

(1)

(1)

انظر: «إعلام الأنام بأحكام الغناء والمعازف في الإسلام» تأليف أبي محمد منصور الشرقاوي ط دار اللؤلؤة بتقديم شيخنا حفظهم الله.

ص: 225

‌مرويات متعة النساء عن ابن عباس رضي الله عنهما وهل تَراجَع عنها؟

•‌

‌ أولاً- قراءته في آية النساء:

قال الإمام الطبري في «تفسيره» (6/ 587):

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، قال: أَمَا تَقْرَأُ سُورَةَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَمَا تَقْرَأُ فِيهَا: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» ؟ قُلْتُ: لَا، لَوْ قَرَأْتُهَا هَكَذَا مَا سَأَلْتُكَ. قَالَ: فَإِنَّهَا كَذَا

(1)

.

وتابع داودَ بن أبي هند هُبَيْرَةُ بن يَرِيم

(2)

.

أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف» (ص 203، 204)

(3)

، والحاكم (3192).

(1)

وتابع بِشْرَ بن المُفضَّل عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى، وعنه محمد بن المُثَنَّى كما عند الطبري.

(2)

وعن هُبَيْرة أبو إسحاق، وعنه شعبة تارة، وأخرى شعبة عن أبي مسلمة عن أبي نَضْرة عن ابن عباس رضي الله عنه.

وهبيرة قال أحمد: لا بأس بحديثه. وقال مرة: أَحَبُّ إلينا من الحارث. وقال النَّسَائي: ليس بالقوي. وقال ابن مَعِين: مجهول. وقال أبو حاتم: شبيه بالمجهول.

(3)

ولفظه: أنه كان يَقرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى). وفي لفظ: {فما استمتعتم به منهن} فقال ابن عباس: (إلى أجل مسمى). قال: قلت: ما هكذا أقرأها. قال والله لقد نزلت معها. قالها ثلاث مرات.

ص: 226

• والخلاصة: أن الأثر بالقراءة ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (19) صفر (1444 هـ) الموافق (15/ 9/ 2022 م):

أقول وبالله التوفيق: هنالك مواطن يُفسِّر فيها ابن عباس رضي الله عنهما آية، فيظنها بعضهم قراءة في بعض الأحيان، وإنما قد تكون تفسيرية. والله أعلم. اه.

• تنبيه: لا يَسْلَم هذا الكلام في هذا المَقام؛ لأن السند ثابت بأنها قراءة، وهي من الشاذ المعمول به في التفسير.

•‌

‌ ثانيًا- ترخيصه رضي الله عنه متعة النساء في حال الشدة:

1 -

قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5116): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ" سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَرَخَّصَ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ؟ أَوْ نَحْوَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ".

*- وتابع محمدَ بن جعفر المُلقَّب بغُنْدَر جماعةٌ: وهب بن جرير، كما في «شرح معاني الآثار» (4321)، وعمرو بن مرزوق، كما عند البيهقي في «السُّنن الكبير» (14162).

وتابعهم عمرو بن حَكَّام- وهو متروك- أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (12965).

وأبو جمرة نصر بن عمران قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة.

ص: 227

• والخلاصة: أن الأثر صحيح.

2 -

قال عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (7/ 496) رقم (14021): عَنِ ابنِ جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَأَوَّلُ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ المُتْعَةَ صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْ يَعْلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ بِالطَّائِفِ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ لَهُ بَعْضُنَا، فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ. فَلمْ يَقِرَّ فِي نَفْسِي حَتَّى قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ، ثُمَّ ذَكَرُوا لَهُ المُتْعَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ، اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ، اسْتَمْتَعَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ بِامْرَأَةٍ- سَمَّاهَا جَابِرٌ فَنِسيتُهَا- فَحَمَلَتِ المَرْأَةُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَدَعَاهَا فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: مَنْ أُشْهِدُ؟ (قَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي قَالَتْ: أُمِّي، أَمْ وَلِيُّهَا) قَالَ: فَهَلَّا غَيْرُهُمَا؟ قَالَ: خَشِيَ أَنْ يَكُونَ دَغَلًا الآخَرُ.

قَالَ عَطَاءٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللهُ عُمَرَ، مَا كَانَتِ المُتْعَةُ إِلَّا رُخْصَةً مِنَ اللهِ عز وجل، رَحِمَ بِهَا أُمَّةَ مُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم، فَلَوْلَا نَهْيُهُ عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شَقِيٌّ. قَالَ: كَأَنِّي وَاللهِ أَسْمَعُ قَوْلَهُ: إِلَّا شَقِيٌّ، عَطَاءٌ الْقَائِلُ.

قَالَ عَطَاءٌ: فَهِيَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: 24] إِلَى كَذَا، وَكَذَا مِنَ الأَجَلِ، عَلَى كَذَا وَكَذَا، لَيْسَ بِتَشَاوُرٍ، فَإِنْ بَدَا لَهُمَا أَنْ يَتَرَاضَيَا بَعْدَ الأَجَلِ وَأَنْ يَتَفَرَّقَا، فَنَعَمْ، وَلَيْسَ بِنِكَاحٍ.

وتابع عبدَ الرزاق حَجَّاجٌ، أخرجه أبو عُبَيْد في «الناسخ والمنسوخ» (135)، وتابعهما يحيى الغافقي كما في «شرح معاني الآثار» (4318).

• والخلاصة: أن إسناده صحيح، وعطاء هو ابن أبي رباح. وقال لي شيخنا

ص: 228

في مجلس بعد ظهر الخميس، بتاريخ (18) صفر (1444 هـ) الموافق (15/ 9/ 2022 م):

اكتب: سنده صحيح، وهو مُقَوٍّ لقوله بالمتعة.

•‌

‌ ثالثًا- القول بأن المتعة كالميتة للمضطر:

قال أبو عُبَيْد في «الناسخ والمنسوخ» رقم (139): حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا عَلَيْكَ فِي الْمُتْعَةِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِيهَا مَا قَالَ، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: هِيَ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ".

يزيد هو ابن هارون، ثقة. وشيخه حَجَّاج هو ابن أرطأة، صدوق كثير التدليس والخطأ، قاله الحافظ. والمنهال بن عمرو حسن الحديث.

وتابع حجاجًا الحسنُ بن عمارة، وهو متروك.

أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (14166).

وتابع المنهال بن عمرو خَتَنُ ليث

(1)

. أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (14167).

(1)

في «المصباح المنير» (ص: 88): قال الجوهري: "الخَتَنُ" بفتحتين عند العرب كلّ من كان من قبل المرأة كالأب والأخ والجمع "أَخْتَانٌ"، و"خَتَنُ" الرجل عند العامة زوج ابنته، وقال الأزهري:"الخَتَنُ" أبو المرأة و"الخَتَنَةُ" أمها "فَالأَخْتَانُ" من قبل المرأة و"الأَحْمَاءُ" من قبل الرجل و"الأَصْهَارُ" يعمهما ويقال "المُخَاتَنَةُ" المصاهرة من الطرفين يقال "خَاتَنْتُهُمْ" إذا صاهرتهم.

ص: 229

• والخلاصة: أن سند الأثر ضعيف؛ لضَعْف حَجَّاج. ولا يُعتَدّ بمتابعة الحسن بن عمارة؛ فهو متروك.

•‌

‌ رابعًا- تَراجُع ابن عباس عن فتياه، وقوله بالنسخ، لم يصح:

1 -

قال أبو عَوَانة في «مُستخرَجه» (11/ 228): رَوَى أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفُتْيَا. (هكذا معلقًا).

2 -

قال الطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 320): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَكَانُوا يَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: 24] إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْبَلَدَ لَيْسَ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةٌ، فَيَتَزَوَّجُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَفْرُغُ مِنْ حَاجَتِهِ؛ لِتَحْفَظَ مَتَاعَهُ وَتُصْلِحَ لَهُ شَأْنَهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [النساء: 23]، وَنُسِخَ الْأَجَلُ وَحُرِّمَتِ الْمُتْعَةُ، وَتَصْدِيقُهَا فِي الْقُرْآنِ: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] فَمَا سِوَى هَذَا الْفَرْجِ فَهُوَ حَرَامٌ"

(1)

.

• الخلاصة: أن سنده ضعيف؛ لضَعْف موسى بن عُبَيْدة.

*- قال الترمذي في «سُننه» (3/ 422): وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْءٌ مِنَ

(1)

وأخرجه البيهقي في «السُّنن الكبير» (14168).

ص: 230

الرُّخْصَةِ فِي المُتْعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ، حَيْثُ أُخْبِرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

*- وقال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 173):

وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: رَوَى أَهْلُ مَكَّةَ وَاليَمَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِبَاحَةَ الْمُتْعَةِ.

وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ، وَإِجَازَةُ الْمُتْعَةِ عَنْهُ أَصَحُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ.

وَأَمْرُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ المُتْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.

•‌

‌ خامسًا- ردود الصحابة رضي الله عنهم على ابن عباس رضي الله عنه

-:

أولًا- رَدُّ علي رضي الله عنه، فقد أَخْرَج الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1407): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللهِ- ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ- عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ:«مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» .

• وتابع عُبَيْدَ الله جماعة:

1 -

مَعْمَر بن راشد في وجه، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (14032) بلفظ: وَبَلَغَهُ أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: "إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ

". وتارة رقم (8720) دون هذه الجملة "إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ" وأخرجه كذلك بدونها الإمام أحمد، عن حماد بن زيد، عن مَعْمَر.

ص: 231

2 -

يحيى بن سعيد، أخرجه سعيد بن منصور في «تفسيره» (849) بلفظ: "إن عَلِيًّا رضي الله عنه مَرَّ بِابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يُفْتِي فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا

».

3 -

مالك، كما في «الموطأ» (41) مقتصرًا على الحديث دون عتاب.

4 -

وتابعه سفيان، كما عند سعيد بن منصور في «سُننه» رقم (848)

(1)

.

وفي رواية لأبي عَوَانة (4078): "إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ".

5 -

وتابعهم إسحاق بن راشد. أخرجه أبو عَوَانة في «مُستخرَجه» رقم (4082).

*- ورواه حَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَعَنْ ثَمَنِ الْمَيْتَةِ، وَعَنْ لَحْمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، وَعَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ

(2)

الْأُرْجُوَانِ".

وإسناده منقطع؛ لأن حسن بن ذَكْوَان لم يَسمع من حبيب، قاله ابن مَعِين.

ثانيًا- رَدّ ابن الزبير رضي الله عنه، قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1406): وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ:

(1)

وردت زيادة: بأسانيد نازلة وضعيفة.

(2)

المياثر: جمع ميثرة. وهي مأخوذة من الوثارة، وهي: اللين والنعمة. ومنه قولهم: فراش وثير؛ أي: وطيء لين. الأرجوان: هو الصوف -بفتح الهمزة وضم الجيم-. كما في «المفهم» لأبي العباس القرطبي (5/ 389).

ص: 232

أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ:"إِنَّ نَاسًا أَعْمَى اللهُ قُلُوبَهُمْ، كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ- يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ" يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ، فَنَادَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ لَجِلْفٌ جَافٍ، فَلَعَمْرِي، لَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ- يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ:"فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ، فَوَاللهِ، لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ".

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ سَيْفِ اللهِ، أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَاهُ فِي الْمُتْعَةِ، فَأَمَرَهُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ: مَهْلًا. قَالَ: مَا هِيَ؟ وَاللهِ، لَقَدْ فُعِلَتْ فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ. قَالَ: ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ: إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا، كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ أَحْكَمَ اللهُ الدِّينَ وَنَهَى عَنْهَا.

• نسخ المتعة للأبد:

1 -

عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا» أخرجه مسلم (1406).

2 -

خُتِمَ النهي بزمن عمر رضي الله عنه.

فعن أبي نَضْرَة قال: كُنْتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ، فَقَالَ جَابِرٌ:"فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَمْ نَعُدْ لَهُمَا" أخرجه مسلم (1405).

ص: 233

•‌

‌ سابعًا- الإجماعات التي في المسألة:

1 -

قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 27): فَهَذَا عُمَرُ رضي الله عنه قَدْ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ عَلَى مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى النَّهْيِ فِي ذَلِكَ عَنْهَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِهَا وَحُجَّةٌ.

ثُمَّ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: إِنَّمَا أُبِيحَتْ وَالنِّسَاءُ قَلِيلٌ. أَيْ: فَلَمَّا كَثُرْنَ، ارْتَفَعَ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُبِيحَتْ.

2 -

قال أبو عُبَيْد في «الناسخ والمنسوخ» (ص: 82): وَأَمَّا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْيَوْمَ جَمِيعًا، مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الشَّامِ، وَأَصْحَابِ الْأَثَرِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَغَيْرِهِمْ: نَّهُ لَا رُخْصَةَ فِيهَا لِمُضْطَرٍّ وَلَا لِغَيْرِهِ، وإنها مَنْسُوخَةٌ، حَرَامٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْءٌ شَبِيهٌ بِالرُّجُوعِ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ.

3 -

قال ابن المنذر في «الأوسط» (8/ 422): ممن أَبْطَل نكاح المتعة: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

ولا أعلم أحدًا يجيز اليوم نكاح المتعة إلا بعض الرافضة. ولا معنى لقول يُخالِف القائلُ به كتاب الله وسُنن رسوله.

4 -

قال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 173):

قَالَ عِيَاضٌ: ثُمَّ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِهَا إِلَّا

ص: 234

الرَّوَافِضَ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنه رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: رَوَى أَهْلُ مَكَّةَ وَاليَمَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِبَاحَةَ الْمُتْعَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ، وَإِجَازَةُ الْمُتْعَةِ عَنْهُ أَصَحُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ.

قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْآنَ أُبْطِلَ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ، إِلَّا قَوْلَ زُفَرَ إِنَّهُ جَعَلَهَا كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ، فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا» قُلْتُ: وَهُوَ فِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ، عِنْدَ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: تَحْرِيمُ الْمُتْعَةِ كَالْإِجْمَاعِ، إِلَّا عَنْ بَعْضِ الشِّيعَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي الرُّجُوعِ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ إِلَى عَلِيٍّ وَآلِ بَيْتِهِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهَا نُسِخَتْ.

ص: 235

‌هل ثبت أن ابن مسعود رضي الله عنه رأى منكرًا، ولم يَنْهَ عنه؟

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (16666):

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عُرْسًا فِيهِ مَزَامِيرُ وَلَهْوٌ، فَقَعَدَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ.

• أولًا- الأثر ضعيف؛ لإبهام شيخ أبي إسحاق.

• ثانيًا- قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] وقال جل ذكره: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].

• ثالثًا- سبق: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ مِزْمَارًا. قَالَ: "فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَنَأَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي: يَا نَافِعُ، هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: فَرَفَعَ إِصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا، فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا".

واستنكره أبو داود.

ص: 236

‌هل ثبت: "إِنَّ الْمَرْأَة تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ"؟

قال الإمام مسلم في «1403):

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ

(1)

، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً

(2)

لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:«إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» .

وتابع هشامًا في وجهٍ حربُ أبي العلية أخرجه أحمد أحمد في «مسنده» رقم

(1)

هي بنت جحش بن رئاب بن يعمر الأسدية أم المؤمنين رضي الله عنها و «كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ» أخرجه البخاري (7420).

قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (2/ 212): وَكَانَتْ مِنْ سَادَةِ النِّسَاءِ دِيْناً، وَوَرَعاً، وَجُوْداً، وَمَعْرُوْفاً رضي الله عنه.

(2)

قال النووي في «شرحه على مسلم» (9/ 178): قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هي الجلد أول ما يوضع في الدباغ وقال الكسائي يسمي منيئة ثم أفيق بفتح الهمزة وسر الفاء وجمعه أفق كفقيز وقفز ثم أديم عُبَيْدَةَ هُوَ فِي أَوَّلِ الدِّبَاغِ مَنِيئَةٌ ثُمَّ أَفِيقٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَجَمْعُهُ أُفُقٌ كَقَفِيزِ وَقُفُزٌ ثُمَّ أَدِيمٌ.

ص: 237

(14537)

عن عبد الصمد.

وأخرجه مسلم عن زهير عن عبد الصمد وقال: وَلَمْ يَذْكُرْ: «تُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ» .

وهي كرواية هشام. وهو صدوق يهم في وجه عنه ب «تقبل» دون «تدبر»

(1)

وكذلك بالوصل والإرسال.

• ورواه ثلاثة فلم يذكروا: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ» وهم:

1 -

معقل بن عبيد الله الجزري أخرجه مسلم.

2 -

موسى بن عقبة كما عند أحمد.

3 -

ابن جريج كما عند ابن حبان.

وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (4/ 39): في صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، وهى من غير طريق الليث عنه، ففى القلب منها شيء، من ذلك حديث: لا يحل لاحد حمل السلاح بمكة.

وحديث: رأى عليه الصلاة والسلام امرأة فأعجبته، فأتى أهله زينب.

وحديث: النهى عن تجصيص القبور. وغير ذلك.

(1)

كما نص الإمام مسلم فقال: وَلَمْ يَذْكُرْ: «تُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ» لكن هذا من رواية زهير عن عبد الصمد أما رواية الإمام أحمد في «مسنده» (14537) عن عبد الصمد فكرواية هشام.

ص: 238

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز بتاريخ (14) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (14/ 6/ 2022 م): إلى أن الأكثرين عن أبي الزبير دون تقبل وتدبر وتفرد هشام ووجه عن حرب فيه تقبل.

وأفاد الباحث: أحمد.

أن عند الإمام أحمد تصريحًا لأبي الزبير من جابر في رواية ابن لهيعة

(1)

.

• لكن تعقب بأمرين:

أن التصريح ليس في كل الطرق

(2)

وأن اللفظ ليس فيه تقبل وتدبر.

(1)

أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (14744) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ، فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَلْيُوَاقِعْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مِنْ نَفْسِهِ» .

(2)

فقد أخرج الإمام أحمد في «مسنده» رقم (14672) - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَعْجَبَتْ أَحَدَكُمُ الْمَرْأَةُ، فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَلْيُوَاقِعْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مِنْ نَفْسِهِ» .

ص: 239

‌ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ

قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]:

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (23943):

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ، حَدَّثَهُ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَعَصَى إِمَامَهُ، وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، قَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ، وَثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ، فَإِنَّ رِدَاءَهُ الْكِبْرِيَاءُ وَإِزَارَهُ الْعِزَّةُ، وَرَجُلٌ شَكَّ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ".

وتابع حيوة بن شريح ابن وهب.

أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (590).

قال الحاكم في «المستدرك» (1/ 206): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته ولم يخرجاه، ولا أعرف له علة.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد التواب بتاريخ (12) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (12/ 6/ 2022 م): لكني أرى -والله أعلم- أن قول أبي مسعود الدمشقي له وجه قويٌّ.

ص: 240

‌هل يقول الذِّكر قبل الجماع أو بعده؟

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (17439):

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ أَخِي عَلْقَمَةَ بن قَيس، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ إذا غَشِيَ أَهْلَهُ فَأَنْزَلَ قَالَ:" اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيمَا رَزَقْتنَا نَصِيبًا".

بيان: هذا الأثر حسن، ويفيد الذِّكر بعد الجماع المُقيَّد بالإنزال، لكن يَرِد عليه أمران:

• الأول: عموم تهديد الله لإبليس لعنه الله: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الإسراء: 64].

قال الطبري في «تفسيره» (14/ 665):

كُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أُنْثَى عُصِيَ اللَّهُ بِتَسْمِيَتِهِ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ، أَوْ بِإِدْخَالِهِ فِي غَيْرِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ، أَوْ بِالزِّنَا بِأُمِّهِ، أَوْ قَتْلِهِ وَوَأْدِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَعْصِي اللَّهَ بِهَا بِفِعْلِهِ بِهِ أَوْ فِيهِ. فَقَدْ دَخَلَ فِي مُشَارَكَةِ إِبْلِيسَ فِيهِ مِنْ وَلَدِ ذَلِكَ الْمَوْلُودِ لَهُ أَوْ مِنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُخَصِّصْ بِقَوْلِهِ:{وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الإسراء: 64] مَعْنَى الشَّرِكَةِ فِيهِ بِمَعْنًى دُونَ مَعْنًى.

فَكُلُّ مَا عُصِيَ اللَّهُ فِيهِ أَوْ بِهِ، وَأُطِيعَ بِهِ الشَّيْطَانُ أَوْ فِيهِ، فَهُوَ مُشَارَكَةُ مَنْ

ص: 241

(1)

أخرجه البخاري (7336) ومسلم (1434) وغيرهما، من طرق- عثمان بن أبي شيبة، ويحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عيسى- بلفظ:«إذا أراد» خالفهم عمرو بن رافع، كما عند ابن ماجه (1919) فقال: «لو أن أحدكم إذا أتى امرأته

».

*-ورواية الجماعة أرجح للكثرة، وقد اتَّفَق عليها البخاري ومسلم. وتابع جريرَ بن عبد الحميد همام في رواية أخرجها ابن حبان (983) وفي أخرى:«إذا أتى أهله» . أخرجها البخاري (3271).

*-ورواه شيبان كما عند البخاري (5165) وإسرائيل، أخرجه الدارمي (2258) وسفيان بن عيينة في رواية عنه، كما عند النَّسَائي (8981) بلفظ:«حين يُجامِع أهله» .

*-ورواه جماعة بلفظ: «إذا أتى أهله» وَهُمْ: شُعبة بن الحَجَّاج كما عند البخاري (3283)، وعبد العزيز بن عبد الصمد، أخرجه أحمد (1867)، والحُمَيْدي كما في «مسنده» (526)، وسفيان الثوري، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (10465) وفي رواية عند عبد بن حُمَيْد:(إذا أراد) كرواية جرير.

قال القاضي عِيَاض في «إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم» (4/ 610):

قيل لهذا الضر: هو ألا يُصْرَع ذلك المولود. وقيل: لا يَطعن فيه الشيطان عند ولادته، كما جاء في الحديث. ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء.

وقال ابن الجوزي في «كشف المشكل» (2/ 347):

فإن قال قائل: مَا معنى «لم يَضُرّه الشيطان» ؟ أتراه: لا يوقعه قَطُّ في زلة؟ وكيف يكون هذا ولم يَسْلَم الأكابر من هذا؟

فالجواب: أنه يُحْتَمل أن يكون معنى دَفْع ضَرَر الشيطان: حِفظه من إغوائه وإضلاله بالكفر والزيغ. ويُحْتَمل أن يكون حِفظه من الكبائر والفواحش. ويَحْتَمل أن يكون توفيقه للتوبة إذا زل.

ص: 242

‌يُكْرَه العزل

(1)

عن الحرة إلا بإذنها

تنوعت النصوص في شأن العزل:

فمنها العامّ بإباحته في الحرائر والإماء:

كحديث جابر رضي الله عنه قال: «كُنَّا نَعْزِلُ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ»

(2)

.

ومنها في شأن المرضع أو الحامل، فَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَ وَالِدَهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟» فَقَالَ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا- أَوْ: عَلَى أَوْلَادِهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا، ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ»

(3)

.

ومنها في شأن السَّبْي وأن العزل لا يَمنع ما قُدِّر، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

(1)

قال القرطبي في «المُفْهِم» (4/ 166): العَزْل: هو أن يُنَحِّي الرجلُ ماءه عند الجماع عن الرحم، فيلقيه خارجه.

(2)

أخرجه البخاري (5208)، ومسلم (1440).

(3)

أخرجه مسلم (1443).

ص: 243

رضي الله عنه قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا، فَكُنَّا نَعْزِلُ، ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَنَا:«وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ»

(1)

.

ومنها ما يُفْهَم منه النهي عن العزل، فَعَنْ جُدَامَةَ

(2)

بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ

(3)

، حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ»

(4)

.

• أقوال العلماء:

قال ابن عبد البر في «التمهيد» (2/ 494):

وكذلك لا خلاف بين العلماء أيضًا في أن الحرة لا يُعْزَل عنها إلا بإذنها؛ لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف التام إلا أن لا يَلحقه العزل.

وقال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 308): ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هُبَيْرة.

• وتُعقِّب بأن المعروف عند الشافعية:

أن المرأة لا حق لها في الجماع أصلًا

(5)

ثم في خصوص هذه المسألة عند

(1)

أخرجه البخاري (5210)، ومسلم (1438) واللفظ لمسلم.

(2)

وقيل بالذال، وصَوَّب مسلم عقب الحديث أنه بالدال.

(3)

بكسر الغين، ومعناها عند الأكثر أن يَمَس الرجل امرأته وهي ترضع. أفاده ابن عبد البر عن الإمام مالك.

(4)

أخرجه مسلم (1442).

(5)

قال النووي في «شرحه على مسلم» (2/ 9): وهو مكروه عندنا في كل حال وكل امرأة، سواء رضيت أم لا؛ لأنه طريق إلى قطع النسل؛ ولهذا جاء في الحديث الآخَر تسميته الوأد الخفي؛ لأنه قَطْع طريق الولادة كما يُقتَل المولود بالوأد.

وأما التحريم فقال أصحابنا: لا يَحرم في مملوكته ولا في زوجته الأَمَة، سواء رَضِيَتا أم لا؛ لأن عليه ضررًا في مملوكته بمصيرها أُم ولد وامتناع بيعها، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقًا تبعًا لأمه.

وأما زوجته الحرة، فإِنْ أَذِنَتْ فيه لم يَحرم، وإلا فوجهان.

ص: 244

الشافعية خلاف مشهور في جواز العزل عن الحرة بغير إذنها.

قال الغزالي وغيره:

يَجوز. وهو المُصحَّح عند المتأخرين. واحتج الجمهور لذلك بحديث عن عمر، أخرجه أحمد وابن ماجه، بلفظ:"نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها" وفي إسناده ابن لَهيعة .... اه.

واتفقت المذاهب الثلاثة على أن الحرة لا يُعْزَل عنها إلا بإذنها، وأن الأَمَة يُعْزَل عنها بغير إذنها. واختلفوا في المُزوَّجة. اه.

وقال النووي في «شرحه على مسلم» (2/ 9):

ثم هذه الأحاديث مع غيرها يُجْمَع بينها بأن ما ورد في النهي محمول على كراهة التنزيه، وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي البخاري، في «شرح مشكل الآثار» إلى ما انتهى إليه النووي رحمه الله وذلك بتاريخ ليلة الخميس (12) صفر (1444 هـ) الموافق (7/ 9/ 2022 م).

ص: 245

‌الهجر في البيت

قال تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34].

قال أبو داود في «سننه» رقم (2142): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟، قَالَ:«أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ:" وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ اللَّهُ ".

وتابع حمادًا جماعة -شعبة وشبل بن عباد والحجاج بن الحجاج الباهلي-.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: د/ إبراهيم يوسف بتاريخ (21) شوال (1443) الموافق (22/ 5/ 2022 م): إلى تحسين السلسلة وكتب على لفظة: «ولا تهجر إلا في البيت» هل راجعت الكامل أو الميزان؟

• تنبيه: من الأخطاء الشائعة إخراج الزوجة إلى بيت أهلها عند الغضب أو الطلاق الرجعي.

ص: 246

‌امرأة المفقود امرأة زوجها حتى يأتيها البيان

ورد فيها حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أخرجه الدارقطني (4/ 483) وفي سنده محمد بن شرحبيل الهمداني متروك.

وأثر علي رضي الله عنه أخرجه البيهقي في «السنن الصغرى» (3/ 169) وفي سنده حنش غير منسوب ورواية سماك عنه.

وثمة قول آخر تتربص أربع سنين كما في أثر عمر رضي الله عنه في الرجل الذي اختطفته الجن وأمر زوجه أن تتربص أربع سنوات ثم تعتد للوفاة

إلخ.

ونسب التربص كذلك بأربعة سنوات لعلي وعثمان وابن عباس وابن الزبير وليحرر.

وانتهى شيخنا مع الباحث: عبد الفتاح العَدُولي بتاريخ (13) شوال (1443 هـ) الموافق (14/ 5/ 2022 م): إلى أن هذا لا يصح دليلًا على المدة التي تتربصها المرأة وأن الأمر متروك لملابسات كل حاجة.

ص: 247

‌كتاب الطلاق

‌أسباب المفارقات الزوجية:

•‌

‌ أولًا: القوامة في الكتاب العزيز

تتمثل في أمرين:

أ-قوة بدنية متمثلة في الفحولة والرجولة وكمال العقل ومستندها من الكتاب العزيز: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34].

ب-قوة مالية ينفق منها الزوج ومستندها قوله جل ذكره: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].

ففي بعض دول الخليج الآن تعيّن المرأة براتب خمسة عشر ألف ريالًا في حين زوجها يتقاضى سبعة آلاف ريالا فمن ثم تطلب الطلاق من زوجها لكونها ستأخذ متعة ونفقة أولاد وأبوها يساعدها على الطلاق لكون سيأخذ من راتب ابنته المطلقة ألفين أو ثلاثة آلاف ريالا ثم إن ابنته تتزوج بزواج المسيار ولذا فنسبة الطلاق في النساء العاملات أكثر من نسبته في النساء القاعدات في بيوتهن دون عملٍ.

•‌

‌ ثانيًا: عدم الكفاءة في الأصل بين الزوج والزوجة

فالزوجة كانت في رفاهية وسعة فلما تزوجت زوجًا ضيق الحال ما

ص: 248

استطاعت أن تواكب الحياة معه وصارت تأخذ من أبويها أو من هدايا أخواتها لأمها فطلبت الطلاق لذلك.

•‌

‌ ثالثًا: سوء العشرة

وقد قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 237]

(1)

.

وفي الحديث: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» . أخرجه البخاري (5186) ومسلم (1468) من حديث أبي هريرة. وقوله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» .

أخرجه الترمذي (3895) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ، يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ» . أخرجه أبو داود (2146) وابن ماجه (1985) وسنده صحيح. وعموم الأدلة في طاعة الزوج المقيدة بالمعروف.

•‌

‌ رابعًا: الهاتف المحمول والنت.

•‌

‌ خامسًا: سفر الزوج لمدة طويلة.

•‌

‌ سادسًا: مشاكل بعض الحموات من غيرة الحمة على ابنها.

•‌

‌ سابعًا: ضعف الديانة.

أفاده شيخنا وبعض الجالسين والباحث: يوسف الحسيني بتاريخ (12) جمادى الأولى (1444) الموافق (6/ 12/ 2022 م).

(1)

وتأمل ختام الآية ليعينك ذلك على حسن التعامل.

ص: 249

‌ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ

قال تعالى في سياق آيات الطلاق: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231].

قال الإمام أبو داود في «سُننه» رقم (2194):

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ- عَنْ عَبدِ الرَّحمَنِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ» .

وتابع عبدَ العزيز حاتمُ بن إسماعيل، أخرجه الترمذي (11840)، وابن ماجه (2039).

• الخلاصة: أن علة هذا الخبر عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك، فقد قال فيه النَّسَائي: منكر الحديث. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال الذهبي: صدوق له ما يُنكَر. وقال ابن حجر: لَيِّن الحديث.

• تنبيه: نَقَل د/ بشار عواد معروف، في حاشية «تهذيب الكمال» (17/ 53): قال ابن حجر في «التقريب» ترجمة عبد الرحمن بن أدرك: (مجهول).

قلت (أبو أويس): بل الموجود في ط «تحرير التقريب» وط دار العاصمة:

ص: 250

لَيِّن الحديث.

• والخلاصة: انتهى شيخنا أكثر من مرة إلى ضعف هذا الخبر، وقال: يقوم مقامه عموم الآية: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231] ا هـ.

وقد قال الترمذي عقبه: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَغَيْرِهِمْ.

• فائدة: إذا قال عبد العزيز بن محمد الدراوردي: (عن عُبيد الله بن عمر) فهو عبد الله بن عمر. قاله الإمام أحمد. وقال النَّسَائي: حديثه عن عُبيد الله منكر

(1)

.

قال تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

قال الإمام أبو داود في «سُننه» رقم (2178):

حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُعَرِّفِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ»

(2)

.

(1)

وكان سبب بحث هذا الحديث أن الباحث: الشيخ سيد بن حمودة الشرقاوي، حَفِظه الله كلف به أويس ابني فطلب مراجعته مني فأثبت ما انتهيت إليه معه وذلك بتاريخ شهر صفر (1444 هـ) الموافق شهر (9) عام (2022 م).

ثم عرض على شيخنا عدة مرات.

(2)

قال أبو الحسن العَطَّار في «العُدَّة شرح العمدة» (3/ 1321) مستدلًّا بهذا الحديث على: أن الطلاق في غير زمن الحيض لا إثم فيه، وكذلك في الطُّهر الذي يجامعها فيه. لكنه مكروه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«أَبْغَضُ الحلال إلى الله تعالى الطلاق» .

ص: 251

خالف أبا داود ابنُ ماجه كما في «سُننه» (2018) فأبدل مُعَرِّفًا بعبد الله بن الوليد، وهو متروك

(1)

.

وخالف محمدَ بن خالد الجماعةُ، فأرسلوا الخبر، وصَوَّب أبو حاتم والدارقطني والبيهقي المرسل.

وكَتَب شيخنا مع الباحث: عبد الله بن صادق، بتاريخ (17) صفر (1444 هـ) الموافق (13/ 9/ 2022 م): المرسل أصح.

(1)

وتابع ابنَ ماجه متابعة قاصرة عبيد الله بن الوليد. أخرجه تمام في «فوائده» (ص 21).

وتابعهما عيسى بن يونس. أخرجه ابن عَدِيّ في «الكامل» (4/ 323).

ص: 252

‌حسبت تطليقة

قال البخاري رقم (5253):

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ".

وفي بعض النُّسَخ: قال أبو مَعْمَر، وهو من شيوخ البخاري المكثر عنهم، واسمه عبد الله بن عمرو المُقْعَد.

• والخلاصة: أن عبد الوارث تفرد بلفظ: "حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ" ومقتضى الروايات يؤيد هذا ولفظة: "لم يَرَها شيئًا" تَفرَّد بها ابن جُريج عن أبي الزبير عن ابن عمر، مُخَالِفًا جمهور الرواة عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وانتهى شيخنا إلى ذلك مع الباحث: علي بن قاسم، بتاريخ (2) رجب (1443 هـ) الموافق (3/ 2/ 2022 م).

وكَتَب شيخنا مع الباحث: علي بن قاسم: الأظهر عن ابن عمر رضي الله عنهما لشواهده- أنها حُسِبَتْ عليه تطليقة.

ص: 253

‌كتاب الرضاع

‌هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ؟

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (17893):

حَدَّثنا عَبْدَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ

(1)

، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ، وَالْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» .

• اختلف على قتادة في لفظه:

1 -

«لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ، وَالْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» .

2 -

يَا نَبِيَّ اللهِ، هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ:«لَا» . رواية هشام الدستوائي عن قتادة أخرجه مسلم (1451).

3 -

«لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَالْإِمْلَاجَتَانِ» . رواية حماد بن سلمة أخرجها مسلم.

4 -

" سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتُحَرِّمُ الْمَصَّةُ؟ فَقَالَ: «لَا» . رواية همام عن قتادة عند مسلم.

(1)

وخالفه هشام من رواية ابنه معاذ عنه فرواه على الشك هكذا: «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوِ الرَّضْعَتَانِ، أَوِ الْمَصَّةُ أَوِ الْمَصَّتَانِ» أخرجه مسلم.

وأشار إلى الاختلاف في الألفاظ.

ص: 254

ورواه أيوب نحوًا من رواية حماد بن سلمة مع ذكر قصة هاك لفظه:

عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، قَالَتْ: "دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي بَيْتِي، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ، فَتَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا أُخْرَى، فَزَعَمَتِ امْرَأَتِي الْأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتِي الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَالْإِمْلَاجَتَانِ» ، قَالَ عَمْرٌو فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ.

أخرجه مسلم.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: سيد بن عبد العزيز بتاريخ (25) شوال (1443 هـ) الموافق (26/ 5/ 2022 م):

1 -

أيوب عن أبي الخليل الإملاجة بلا اختلاف على أيوب.

2 -

البخاري لم يخرج الحديث من أي طريق.

3 -

رواية هشام هنا غير معتمدة لاختصاره ولكون ابنه الذي رواها ولكونه خالف الأكثرين

(1)

.

• ثم عرضه الباحث: تارة أخرى بتاريخ (30) شوال (1443 هـ) الموافق (31/ 5/ 2022 م) فكتب:

لم يأت بها الشيخ سيد -حفظه الله- بوجه يثبت بلفظ الرضعة

(2)

.

(1)

أي لفظ سعيد وهمام وحماد بن سلمة.

(2)

سبق أن عرض الباحث هذا الحديث من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: «لا تحرم المصة ولا المصتان» أخرجه مسلم واختلف فيه على ابن الزبير تارة عن عائشة مرفوعًا وأخرى بإسقاط عائشة وثالثة من قوله ورابعة عن أبيه أخرجها البزار وانتقدها أهل العلم.

ص: 255

‌اجتهاد أبي موسى رضي الله عنه في إرضاع الكبير وقد تراجع عنه

قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (14699) - عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْوَادِعِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ مَعِي امْرَأَتِي، فَحُصِرَ لَبَنُهَا فِي ثَدْيِهَا، فَجَعَلْتُ أَمُصُّهُ ثُمَّ أَمُجُّهُ، فَأَتَيْتُ أَبَا مُوسَى، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: حَرُمَتْ عَلَيْكَ. قَالَ: فَقَامَ، وَقُمْنَا مَعَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: مَا أَفْتَيْتَ هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي أَفْتَاهُ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَخَذَ بِيَدِ الرَّجُلِ: أَرَضِيعًا تَرَى هَذَا، إِنَّمَا الرَّضَاعُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ. فَقَالَ أَبو مُوسَى: لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا كَانَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَاللهِ لَا أُفْتِيكُمْ مَا كَانَ بِهَا.

• والخلاصة أن هذا السند صحيح وللأثر طريق أخرى عند مالك منقطعة وثالثة عند أحمد (4114) في سندها أبو موسى الهلالي مجهول.

وانتهى شيخنا معي بتاريخ (23) جمادى الأولى (1444) الموافق (17/ 12/ 2022 م): إلى صحته وأنه من اجتهادات أبي موسى التي تراجع عنها.

ص: 256

‌كتاب النفقات

‌وجوب نفقة الزوج على أهله

قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].

قال الإمام مسلم رقم (996):

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ الْكِنَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، إِذْ جَاءَهُ قَهْرَمَانٌ

(1)

لَهُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: أَعْطَيْتَ الرَّقِيقَ قُوتَهُمْ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَعْطِهِمْ".

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ» .

وخالف خيثمةَ بن عبد الرحمن وهبُ بن خالد الخَيْواني في اللفظ، أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (6495): حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» .

(1)

قَوْلُهُ (قَهْرَمَانُ): بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ الْخَازِنُ الْقَائِمُ بِحَوَائِجِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْوَكِيلِ. انظر: «شرح مسلم» (7/ 82).

ص: 257

• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: د. إبراهيم بن يوسف، بتاريخ (4) شعبان (1443 هـ) الموافق (6/ 3/ 2022 م) عن لفظ وهب

(1)

: سنده ضعيف بهذا اللفظ: «كفى بالمرء إثمًا أن يُضيع مَنْ يَعُول» .

• تنبيه

(2)

: الولد الذي له مال يغنيه عن أبيه- لا يُلزَم الوالد بالإنفاق عليه ولا بإخراج زكاة الفطر عنه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: " فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَالحُرِّ وَالمَمْلُوكِ"

(3)

.

وقال ابن المنذر في «الإجماع» (ص 95): أجمعوا على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال، الذين لا مال لهم.

*-وقال أبو الحسن السُّغْدي في «النتف في الفتاوى» (1/ 196): أما الأولاد فَهُمْ صنفان: ذُكُور وإناث، فإن كانوا أغنياء فنفقتهم فِي أموالهم، وإن كانوا فقراء فعلى آبائهم ما داموا صغارًا، فإذا كَبِروا سَقَطَتْ نفقة الأبناء، إلا أن يَكُونوا زَمْنَى لا يَقْدِرون على العمل. وأما البنات، فإن نفقتهن عليه ما لم يُزوَّجن.

*-وفي «المُدوَّنة» (5/ 362) لسحنون:

ألا تَرَى أن مِنْ الصبيان مَنْ هو

(1)

مُختلَف فيه: جَهِله ابن المديني والنَّسَائي. ووَثَّقه ابن مَعِين والعِجْلي. ولفظ ابن المديني: مجهول، سَمِع من عبد الله بن عمرو قصة يأجوج ومأجوج، وسَمِع منه: «كفى بالمرء إثمًا

» الحديث.

(2)

يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (4/ 175).

(3)

أخرجه البخاري (1512)، ومسلم (984).

ص: 258

قبل الاحتلام قوي على الكسب، إلا أنه على كل حال على الأب نفقته ما لم يحتلم، إلا أن يكون للصبي كسب يَستغني به عن الأب، أو يكون له مال فيُنفِق عليه من ماله، فكذلك الزَّمْنَى والمجانين، بمنزلة الصبيان في ذلك كله.

*-وقال الإمام الشافعي في «الأُم» (5/ 94): ويُنفِق على ولده حتى يَبلغوا المحيض والحُلُم، ثم لا نفقة لهم عليه، إلا أن يتطوع، إلا أن يكونوا زَمْنَى فيُنفِق عليهم؛ قياسًا على النفقة عليهم إذا كانوا لا يُغْنُون أنفسهم في الصغر. وسواء في ذلك الذَّكَر والأنثى، وإنما يُنفِق عليهم ما لم تكن لهم أموال، فإذا كانت لهم أموال فنفقتهم في أموالهم.

*-وقال ابن قُدامة في «المغني» (11/ 374): ويُشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط. وذَكَر منهن أن يكونوا فقراء، لا مال لهم، ولا كَسْب يَستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يَستغنون به، فلا نفقة لهم؛ لأنها تَجِب على سبيل المواساة، والموسر مستغنٍ عن المواساة

إلخ.

أفاده الباحث: محمود السجاعي مع شيخنا، بتاريخ (22) رجب (1443 هـ) الموافق (23/ 2/ 2022 م).

ص: 259

‌هل تجب نفقة الأولاد على أمهم عند موت الأب أو عَجْزه عن النفقة؟

ذهب الجمهور

(1)

من الحنفية في «المبسوط» (5/ 223 - 228)، والشافعية في «الحاوي الكبير» (11/ 1087) والحنابلة في «المغني» (8/ 169) إلى وجوبها.

خلافًا للإمام مالك، كما في «التفريع» (2/ 63) فقال: إنها لا تجب على الأُم بحال.

• ومن أدلتهم:

أولًا- العمومات، ومنها آية الرضاع في البقرة (233)،

فلما أوجب على الأُم ما عَجَز عنه الأب من الرضاع، وجب عليها ما عَجَز عنه من النفقة.

ثانيًا- القياس، فلما تَحَمَّل الولد نفقة أبويه وجب أن يَتحمل الأبوان نفقته.

ثالثًا- أن الأُم أحد الوالدين، فأَشْبَهَتِ الأب.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمود السجاعي، بتاريخ (29)

(1)

تنبيه: يَرى هؤلاء الجمهور كذلك وجوب نفقة الأبناء على جَدهم عند فقد الأب، ولا مال لهم.

ص: 260

رجب (1443 هـ) الموافق (2/ 3/ 2022 م) إلى رأي مالك.

والباحث: يَرى رأي الجمهور.

ص: 261

‌نفقة المطلقة

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1480):

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ- وَقَالَ قُتَيْبَةُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ:" أَنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ دُونٍ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: وَاللهِ لَأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا"

قَالَتْ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«لَا نَفَقَةَ لَكِ، وَلَا سُكْنَى» .

الراجح عن الليث كمالك، وعُقيل مثلهم، لكن السند إليه ضعيف.

• الخلاصة: كَتَب مع الباحث: سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (11) صفر (1444 هـ) الموافق (7/ 9/ 2022 م):

الصواب فيما بدا أن رواية أبي سلمة- وليس فيها السكنى- أصح. ا هـ.

• ثم كَتَب تلخيص البحث مع الباحث: سيد بن عبد العزيز، بتاريخ (17) صفر (1444 هـ) الموافق (13/ 9/ 2022 م):

بسم الله الرحمن الرحيم

رواية فاطمة بنت قيس في السكنى حاصل ما فيها ما يلي:

ص: 262

• أولًا- قد رواها عن فاطمة جماعة، والذين يُعَوَّل عليهم منهم ثلاثة:

1 -

أبو سلمة، والأرجح عنه بدون السكنى.

2 -

الشَّعْبي، والأظهر أن الأرجح عنه بنفي السكنى مع النفقة، مع ما يشار إليه في بعض الروايات عنه أنها هي التي استأذنت.

3 -

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ولفظه أنها هي التي استأذنته.

خارج البحث أثر عمر [و] أثر عائشة، كلاهما في إثبات السكنى. مصعب بن الزبير. اه.

ص: 263

‌نفقة المُتوفَّى عنها زوجها

(1)

• أولًا- إن كانت غير حامل، فالإجماع على أن لا نفقة لها

(2)

.

• ثانيًا- إن كانت حاملًا، فالجمهور- من الأحناف كما في «المبسوط» (5/ 203)، والمالكية كما في «المُدوَّنة» (2/ 51)، والشافعية كما في «الأُم» (4/ 104)، والحنابلة كما في «الإنصاف» (9/ 368) - أَنْ لا نفقة لها كذلك، خلافًا لابن عمر رضي الله عنهما، أن لها النفقة

(3)

.

(1)

يُلْحَق ب «سلسلة الفوائد» (4/ 173).

(2)

نَقَل الإجماع الماوردي في «الحاوي» (11/ 529): لَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا. وَبِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ، وَالْفُقَهَاءِ.

وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]. وَكَالْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ، وَاعْتِبَارًا بِوُجُوبِ السُّكْنَى.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا النَّفَقَةُ لِلَّتِي يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا» وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا رَجْعَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ.

وَلِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ مُتَجَدِّدٌ مَعَ الْأَوْقَاتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِالْوَفَاةِ كَنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ. وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا لِلنَّفَقَةِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِحَمْلِهَا، أَوْ لَهَا: فَإِنْ كَانَ لَهَا فَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّهَا لَوْ كَانَتْ حَائِلًا، فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْمُرْتَفِعِ بِالْمَوْتِ. وَإِنْ كَانَتْ بِحَمْلِهَا فَالْحَمْلُ.

(3)

حَكَى ابن المنذر في «الإشراف» (5/ 347) خلافًا في نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها، ثم اختار أن لا نفقة لها؛ «لأنهم أجمعوا على أن نفقة كُلِّ مَنْ كان يُجْبَر على نفقته وهو حي، مثل أولاده الأطفال، وزوجاته، ووالديه- يَسقط عنه، فكذلك يَسقط عنه نفقة الحامل من أزواجه» .

ص: 264

قال عبد الرزاق في «مُصنَّفه» رقم (12853):

عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ فِي المُتُوفَّى عَنْهَا وَهِيَ حَامِلٌ: لَهَا النَّفَقَةُ.

وقال أيضًا في «مُصنَّفه» (12854):

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ عَنِ المُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ حَامِلٌ، عَلَى مَنْ نَفَقَتُهَا؟ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى نَفَقَتَهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلاً أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ فِيمَا تَرَكَ زَوْجُهَا، فَأَبَى الأَئِمَّةُ ذَلِكَ، وَقَضَوْا بِأَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا.

ووَرَدَ القول بالنفقة أيضًا عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (12855):

عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ: النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ المَالِ لِلْحَامِلِ.

وعِلته ضعف أشعث، وهو ابن سَوَّار. والشَّعْبي لم يَسمع عليًّا ولا ابن مسعود.

ص: 265

• الخلاصة: طَلَب شيخنا مني بعد مناقشة هذه المسألة مع الباحث: محمود السجاعي، بتاريخ الخميس (24) جُمادَى الآخرة (1443 هـ) الموافق (27/ 1/ 2022 م) أيام مَعْرِض الكتاب الدولي بالقاهرة، أن أضمها إلى مفاريد ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 266

‌كتاب الحضانة

‌تعريف الحضانة

(1)

الحضانة لغة مأخوذة من الحِضن وهو الجنب، وهي الضم إلى الجنب.

قال المجد

(2)

: (

حَضَنَ الصَّبِيَّ حَضْناً وحِضانَةً، بالكسر:

جَعَلَهُ في حِضْنِه، أو رَبَّاهُ، كاحْتَضَنَهُ، وحضن الطائِرُ بَيْضَهُ حَضْناً وحِضاناً وحِضانَةً، بكسرهما، وحضُوناً: رَخَّمَ عليه للتَّفْريخِ

).

• قال الكساني: الحضانة في اللغة تستعمل في معنيين:

أحدهما: جعل الشيء في ناحية يقال: حضن الرجل الشيء أي اعتزله فجعله في ناحية منه.

والثاني: الضم إلى الجنب يقال: حضنته واحتضنته إذا ضممته إلى جنبك، والحضن الجنب فحضانة الأم ولدها هي ضمها إياه إلى جنبها واعتزالها إياه من أبيه ليكون عندها فتقوم بحفظه وإمساكه وغسل ثيابه ولا تجبر الأم على

(1)

في «المصباح المنير» (1/ 140): وَرَجُلٌ حَاضِنٌ وَامْرَأَةٌ حَاضِنَةٌ لِأَنَّهُ وَصْفٌ مُشْتَرَكٌ وَالْحَضَانَةُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ.

وقال محمد ملا في «درر الحكام» (1/ 410): (بَابُ الْحَضَانَةِ) هِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا.

(2)

«القاموس المحيط» (م: ح ض ن).

ص: 267

إرضاعه إلا أن لا يوجد من ترضعه فتجبر عليه وهذا قول عامة العلماء

(1)

.

وشرعًا: حفظ من لا يستقل بأمره عما يضره وتربيته بعمل ما يصلحه

(2)

.

قال الجرجاني

(3)

: الحضانة: هي تربية الولد.

(1)

«بدائع الصنائع» (4/ 40).

(2)

قاله البسام في «توضيح الأحكام» (4/ 48).

(3)

«التعريفات» (ص/ 88).

ص: 268

‌حكم الحضانة

قال ابن قدامة

(1)

: كفالة الطفل وحضانته واجبة؛ لأنه يهلك بتركه، فيجب حفظه عن الهلاك.

قال محمد بن أحمد بن رشد

(2)

:

لا خلاف بين أحد من الأمة في إيجاب كفالة الأطفال الصغار؛ لأن الإنسان خلق ضعيفًا مفتقرًا إلى من يكفله ويربيه حتى ينفع نفسه ويستغني بذاته، فهو من فروض الكفاية لا يحل أن يترك الصغير دون كفالة ولا تربية حتى يهلك ويضيع.

‌الأدلة على مشروعية الحضانة من الكتاب والسنة والإجماع:

• أولًا- من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37].

وقال جل ذكره: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233]

(3)

.

وقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].

(1)

«المغني» (8/ 237) لابن قدامة.

(2)

«المقدمات» (1/ 564).

(3)

قال السيوطي: ويؤخذ من قوله: {يرضعن أولادهن} أن الأم أحق بالحضانة؛ لأن حاجة الولد إلى من يحضنه كحاجته إلى من يرضعه.

ص: 269

• وأما‌

‌ ما ثبت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فمنه:

الحديث الأول: ما أخرجه أبو داود في «سُننه» رقم (2276):

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو- يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو" أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي"! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»

(1)

.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي حمزة السويسي، بتاريخ (12) رجب (1443 هـ) الموافق (13/ 12/ 2022 م) إلى تحسينه.

الحديث الثاني: عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه: "

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم - يعني من مكة - فَتَبِعَتْهُمْ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي

(2)

، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا،

(1)

حسن: أخرجه أحمد (6707)، وقال الحاكم في «مستدركه» (2/ 225): هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(2)

قال ابن القيم في «زاد المعاد» (3/ 331): وقول زيد: " ابنة أخي" يريد الإخاء الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة لما واخى بين المهاجرين، فإنه واخى بين أصحابه مرتين، فواخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض قبل الهجرة على الحق، والمواساة، وآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزبير وابن مسعود، وبين عبيدة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، وبين سعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله.

والمرة الثانية: آخى بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك بعد مقدمه المدينة.

ص: 270

وَقَالَ: «الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ» ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ:«أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ» ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ:«أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»

(1)

، وَقَالَ لِزَيْدٍ:«أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا»

(2)

.

قال السبكي في هذا الخبر

(3)

: هو عمدة باب الحضانة.

الحديث الثالث: في تخييره إذا كان يعقل:

فعَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ سَلْمَى مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَجُلَ صِدْقٍ، قَالَ: " بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا فَادَّعَيَاهُ، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَرَطَنَتْ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ، زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ وَرَطَنَ لَهَا بِذَلِكَ، فَجَاءَ

(1)

قال ابن دقيق العيد في «إحكام الإحكام» (2/ 216): أما جعفر: فإنه حصل له مراده من أخذ الصبية، فكيف ناسب ذلك جبره بما قيل له؟ فيجاب عن ذلك: بأن الصبية استحقتها الخالة والحكم بها لجعفر بسبب الخالة لا بسبب نفسه، فهو في الحقيقة غير محكوم له بصفته فناسب ذلك جبره بما قيل له.

(2)

أخرجه البخاري (2699).

(3)

«الأشباه والنظائر» (2/ 135) وقال ابن القيم في «زاد المعاد» (3/ 331) هذه القصة من الفقه: أن الخالة مقدمة في الحضانة على سائر الأقارب بعد الأبوين.

وقال ابن دقيق العيد في «إحكام الأحكام» (2/ 216) الحديث أصل في باب الحضانة، وصريح في أن الخالة فيها كالأم، عند عدم الأم.

ص: 271

زَوْجُهَا، فَقَالَ: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، وَقَدْ نَفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «اسْتَهِمَا عَلَيْهِ» ، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ» ، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ"

(1)

.

الحديث الرابع:

عن رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ " أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: ابْنَتِي، وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شَبَهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْعُدْ نَاحِيَةً» وَقَالَ لَهَا: «اقْعُدِي نَاحِيَةً» فَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوَاهَا»، فَمَالَتْ إِلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ اهْدِهَا» فَمَالَتْ إِلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح: أخرجه الحميدي في «مسنده» (1114)، والترمذي (1357)، وابن ماجه (2351)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3085)، عن سفيان.

وعبد الرزاق في «مصنفه» (12611، 12612) والنسائي (3496)، وأبو داود (2277)، عن ابن جريج كلاهما عن زياد بن سعد عن هلال بن أسامة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة رضي الله عنه وكلهم ثقات.

(2)

ضعيف: أخرجه أحمد (23757)، وأبو داود (2244)، من طريق عيسى بن يونس حدثنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني أبي، عن جدي، رافع بن سنان به.

قال عبد العزيز النخشبي كما في «جامع التحصيل» (ص: 155): هذا مرسل لأنه - جعفر بن عبد الله -لم يدرك جد أبيه.

قال ابن المنير في «البدر المنير» (8/ 321): وقال ابن الجوزي في «جامعه» : إن رواية من روى أنه كان غلامًا أصح.

ص: 272

الحديث الخامس:

عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جَدِّهِ، " أَنَّ أَبَوَيْهِ اخْتَصَمَا فِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ كَافِرٌ، فَخَيَّرَهُ فَتَوَجَّهَ إِلَى الْكَافِرِ مِنْهُمَا، فَقَالَ:«اللهُمَّ اهْدِهِ» فَتَوَجَّهَ إِلَى الْمُسْلِمِ، فَقَضَى لَهُ بِهِ

(1)

.

(1)

رواه عثمان أبو عمرو البتي واختلف عليه فرواه ابن علية وعيسى بن يونس وحماد بن سلمة وعلي بن غراب الثوري خمستهم عنه عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده به. أخرج أحمد (23755) طريق ابن علية.

وخالفهم هشيم فأسقط والد عبد الحميد. أخرجه أحمد (23756) طريق ابن علية.

قال الدارقطنى: عبد الحميد بن سلمة و أبوه و جده لا يعرفون.

قال ابن تيمية في «المستدرك على مجموع الفتاوى» (5/ 90): عبد الحميد هذا هو عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن رافع بن سنان الأنصاري وهذا الحديث قد ضعفه بعضهم فقال ابن المنذر: في إسناده مقال.

وقال غيره: هذا الحديث لا يثبته أهل النقل.

وقد روي على غير هذا الوجه، وقد اضطرب فيه هل كان المخبر ذكرا أم أنثى؟ ومن روى أنه أنثى قال فيه "إنها فطيم" أي مقطوعة وفعيل بمعنى مفعول إذا كان صفة يستوي فيه الذكر والمؤنث يقال: عين كحيل، وكف خضيب، فيقال للصغير، فطيم وللصغير، فطيم.

ولفظ "الفطيم" إنما يطلق على قريب العهد بالفطم فيكون له نحو ثلاث سنين، ومثل هذا لا يخير باتفاق العلماء.

وأيضًا: فإنه خير بين مسلم وكافر وهذا لا يجوز بين مسلم وكافر كالشافعي وأحمد.

وأما القائلون بأن الكافرة لها حضانة كأبي حنيفة وابن القاسم فلا يخيرون لكن أبو ثور يقول بالتخيير فيما حكاه عنه ابن المنذر، والجمهور على أنه لا حضانة لكافر، وهو مذهب مالك والشافعي والبصريين كسوار وعبد الله بن الحسن.

وقال أبو حنيفة وأبو ثور وابن القاسم صاحب مالك: الذمية في ذلك كالمسلمة وهي أحق بولدها من أبيه المسلم، وهو قول الاصطخري من أصحاب الشافعي.

وقد قيد ذلك أبو حنيفة فقال: هي أحق بولدها ما لم يعقل الأديان ويخاف أن يألف الكفر، والأب إذا كان مسلمًا كان الولد مسلمًا باتفاقهم.

ص: 273

• وأما الإجماع:

فنقله ابن المنذر حيث قال: أجمع كلُّ من يُحفَظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقَا ولهما ولدٌ طفلٌ أن الأمّ أحقُّ به ما لم تنكح، وممن حفظنا عنه ذلك: يحيى الأنصاري والزهري ومالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، وبه نقول. وقد روينا عن أبي بكر الصديق أنه حكم على عمر به، وبصبيٍّ لعاصم لأمِّه أمِّ عاصم، وقال: حجرُها وريحُها ومَسُّها خيرٌ له منك حتى يَشِبَّ فيختار

(1)

.

•‌

‌ آثار الصحابة رضي الله عنهم

-:

أولاً- قضاء أبي بكر بين عمر وزوجه أم عاصم رضي الله عنهم.

(1)

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ، ثُمَّ أَتى عَلَيْهَا، وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهَا، فَتَجَاذَبَاهُ بَيْنَهُمَا حَتَّى بَكَى الْغُلَامُ، فَانْطَلَقَا إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا عُمَرُ، مَسْحُهَا وَحِجْرُهَا وَرِيحُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْك حَتَّى يَشِبَّ الصَّبِيُّ فَيَخْتَارَ

(2)

.

(1)

«جامع المسائل» (3/ 426).

(2)

صحيح إلى سعيد: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (19464)، حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب به. وسعيد لم يسمع من عمر إلا ما استثني. وولد بعد خلافة عمر بسنتين وقيل بأربع كما في التهذيب.

ص: 274

(2)

وعَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رضي الله عنه قَضَى بِهِ لِأُمِّهِ، وَقَالَ:" رِيحُهَا، وَشَمُّهَا، وَلُطْفُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ"

(1)

.

(3)

عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ قال: " كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ، ثُمَّ إِنَّهُ فَارَقَهَا، فَركب عُمَرُ يومًا إلى قُبَاءً، فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ، فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ، فأقبلا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه، فَقَالَ عن عُمَرَ: ابْنِي، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: ابْنِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: "خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ"

(2)

.

وعن الشَّعْبِيّ: " أَنَّ عُمَرَ خَاصَمَ امْرَأَتَهُ أُمَّ عَاصِمٍ فِي ابْنِهِ مِنْهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فَقَضَى أَبُو بَكْرٍ لِأُمِّهِ، ثُمَّ قَالَ: "عَلَيْكَ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَبْلُغَ"

(3)

.

وعَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى بِهِ لِأُمِّهِ، وَقَالَ: إِنَّ رِيحَهَا وَحِجْرَهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ

(4)

.

(1)

صحيح إلى عكرمة: أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (2/ 139) نا هُشَيْمٌ، أنا خَالِدٌ - هو ابن مهران -، عَنْ عِكْرِمَةَ به. وعكرمة لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه.

(2)

صحيح إلى القاسم: أخرجه مالك في «الموطأ» (3016)، والقاسم لم يسمع من أبي بكر رضي الله عنه.

(3)

ضعيف: أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (2/ 139)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (19463) نا هُشَيْمٌ، أنا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا الشَّعْبِيُّ به. ومجالد ضعيف.

(4)

صحيح إلى الحسن: أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (2/ 139) نا هُشَيْمٌ، أنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ به. ولم يدرك أبا بكر رضي الله عنه.

وهذه المراسيل بمجموعها تقوي أصل القصة، وأكثر الروايات في الأثر أن أبا بكر رضي الله عنه قضى للأم لا للجدة.

ص: 275

فائدة: هل أم عاصم هي مسلمة من الأنصار أو ممن طلقا حال الكفر والظاهر الأول.

قضاء عمر رضي الله عنه:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه "خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَبَيْنَ أُمِّهِ"

(1)

.

ثالثا: قضاء علي رضي الله عنه:

عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: "غَزَا أَبِي نَحْوَ الْبَحْرِ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَغَازِي قَالَ: فَقُتِلَ فَجَاءَ عَمِّي لِيَذْهَبَ بِي فَخَاصَمَتْهُ أُمِّي إلَى عَلِيٍّ قَالَ: وَمَعِي أَخٌ لِي صَغِيرٌ قَالَ: فَخَيَّرَنِي عَلِيٌّ ثَلَاثًا فَاخْتَرْت أُمِّي فَأَبَى عَمِّي أَنْ يَرْضَى قَالَ: فَوَكَزَهُ عَلِيٌّ بِيَدِهِ وَضَرَبَهُ بِدِرَّتِهِ وَقَالَ: وَهَذَا أَيْضًا لو قَدْ بَلَغَ خُيِّر.

وفي رواية: " كنتُ ابنَ سبعٍ أو ثمانِ سنينَ"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح: أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (2/ 141) نا سفيان - هو ابن عيينة-، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن عبد الرحمن بن غنم، أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه به.

(2)

ضعيف: أخرجه الشافعي في «مسنده» (206)، و سعيد بن منصور في «سننه» (2/ 141) مختصرًا وابن أبي شيبة في «المصنف» (19468) واللفظ له ونحوه الشافعي: عن سفيان هو ابن عيينة وعباد بن العوام كلاهما، عن يونس بن عبد الله بن ربيعة، عن عمارة بن ربيعة الجرمي به. وعمارة مجهول ووقع في التهذيب أنه ابن رويبة وهو خطأ. والرواية عند الإمام الشافعي بسند إبراهيم بن يحيى وهو متروك.

ص: 276

‌كتاب الأطعمة

‌استحباب غسل اليد بعد الطعام

قال أبو داود في «سننه» رقم (3852):

حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ

(1)

وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ».

وتابع أحمد بن يونس الفضل بن دكين أخرجه ابن أبي شيبة (26218)، وأبو كامل أخرجه أحمد (7569)، وعلي بن الجعد كما في «مسنده» (2674).

وخالفهم محمد بن الصلت فزاد سميا بين سهيل وأبي صالح أخرجه البزار (8957) وذكره الدارقطني في «علله» (1972).

وتابع زهيرًا جماعة -خالد بن عبد الله الواسطي أخرجه الدارمي (2107) وابن حبان (5521).

وحماد بن سلمة أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (1235).

وعبد العزيز بن عبد المختار أخرجه ابن ماجه (3297) وثم آخران.

قال البغوي في «شرح السنة» (2878): هذا حديث حسن،

(1)

في بعض الطرق من «بات» .

ص: 277

وكذلك قال البيهقي في «السنن الكبير» (14/ 606) وقال ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 579): أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط مسلم.

قلت: بل حسن للكلام في سهيل بن أبي صالح

(1)

.

ورواه الزهري واختلف عليه بالوصل والإرسال عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة والأصح المرسل وصوبه النسائي (6880) وخطأ الموصول من حديث أبي هريرة

(2)

.

• وله شواهد من حديث:

1 -

فاطمة بنت رسول الله أخرجه ابن ماجه (3296) وفي سنده جبارة بن المغلس ضعيف.

2 -

ابن عمر أخرجه أبو يعلي (5567) وفي سنده الوزاع بن نافع متروك.

3 -

عطية بن بسر أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (5540) وفي سنده عبيد بن كثير متروك.

(1)

ورواه سهيل عن الأعمش عن أبي صالح من طريق أبي همام الدلال عن الثوي وإبراهيم بن طهمان عن سهيل أخرجه البزار (9227) وابن الأعرابي في «معجمه» (221/ 233) وتمام في «فوائده» (965) وهو من الغرائب والطريق الأعلى أشهر وأسلم.

(2)

وورد أيضًا من حديث ابن عباس بأسانيد ضعيفة وكذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

وكذلك رواه سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة أخرجه النسائي (6880) وسفيان فيه ضعف في الزهري.

ص: 278

• والخلاصة: أن الخبر سنده حسن من حديث أبي هريرة وقال شيخنا للباحث فاروق بن فاروق الحسيني بتاريخ (26) ربيع الآخر (1444) الموافق (20/ 11/ 2022 م): احكم على السند.

• تنبيه: في طرق هذا الحديث ألفاظ ضعيفة:

1 -

إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم.

وعلتها يعقوب بن الوليد كذاب أخرجه الترمذي (1859) وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع.

2 -

«فأصابه خبل» أخرجه ابن عدي في «الكامل» (3/ 102) وفي سندها الحسن بن عمارة متروك.

3 -

«فأصابه وضح - أي برص-» أخرجه الطبراني في «الكبير» (5435) وفي سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث.

ثم أكد شيخنا النتيجة السابقة مع الباحث: عبد الله بن أيمن بتاريخ الأحد (24) جمادى الأولى (1444) الموافق (18/ 12/ 2022 م): وقال: الحكم النهائي على الخبر: يحسن طريق سهيل بمرسل عبيد الله وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة.

ونطرح رواية جرير عن الأعمش للكلام في رواية جرير عنه

(1)

.

(1)

وانظر في «العلل» (5/ 596) لابن أبي حاتم.

ص: 279

‌ترك الطعام حتى تذهب حرارته

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (26958):

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَدَتْ، غَطَّتْهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ، ثُمَّ تَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ» .

اختلف على ابن لهيعة تارة بإسقاط عقيل وأخرى بإسقاط عروة.

ابن المبارك: اختلف عليه تارة بإثبات عقيل، وأخرى بإسقاطه، وقتيبة بإسقاط عروة، ومدار الخبر على ابن لهيعة وهذا الخلاف مما يجعله لا يتحمله ولا ينشط الباحث لتصحيحه لكون أحد العبادلة رواه عنه.

وإلى هذا انتهى شيخنا مع الباحث: د/ محمد ياسين.

وتابع ابن لهيعة قرة بن عبد الرحمن المعافري وهو ضعيف.

ووجهة من صححه برواية العبادلة ومتابعة قرة.

ص: 280

‌التسمية على الطعام

قال الطبراني في «الدعاء» رقم (886):

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ح وَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْخَلَّالُ الْمَكِّيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، رضي الله عنهما قَالَ:" كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ، إِذَا أَكَلْتَ فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طُعْمَتِي بَعْدُ".

وخالف معاذ بن المثنى البخاري رقم (5376) وأحمد بن الحسين كما عند البيهقي (10268) فقالا: «سم الله» .

*-ورواه ابن أبي عمر واختلف عنه فرواه كرواية معاذ بن المثنى أحمد بن عمر أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 28).

وخالفه مسلم في «صحيحه» رقم (2022) وإبراهيم بن أبي طالب أخرجه البيهقي (14612) فقالا: «سم الله» .

*-ورواه ابن أبي شيبة واختلف عليه فرواه عنه عبيد بن غنام كرواية معاذ أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 28).

ص: 281

وخالفه مسلم (2022)، وابن ماجه (3267)، والحسن بن سفيان كما عند البيهقي (14612) فقالوا:«سم الله» وهو كذلك في «المصنف» (24441).

وهكذا رواه الجماعة - أحمد بن حنبل والحميدي ومحمد بن الصباح وغيرهم- عن ابن عيينة بلفظ: «سم الله» .

وهكذا رواه مالك عن وهب بن كيسان أخرجه البخاري (5378)، ومحمد بن عمرو بن طلحة كما عند البخاري (5377)، ومسلم (2022) بلفظ:«كل مما يليك» .

ورواه أربعة عن عمر بن أبي سلمة منهم أبو جزة السعدي وعروة بن الزبير فقالا: «سم الله» ومنهم محمد بن عمر بن أبي سلمة وعبد الرحمن بن سعد فقالا: «واذكر اسم الله» .

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي بتاريخ (18) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (18/ 6/ 2022 م): إلى أن لفظ: «فقل بسم الله» شاذ والصواب «سم الله» وهو أعم من الأول؛ لأنه يشمل: بسم الله، وبسم الله الرحمن الرحيم.

• تنبيه: ووردت البسملة كاملة في مواطن منها ما كتبه نبي الله سليمان عليه السلام إلى ملكة بلقيس حيث قالت: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30].

ص: 282

وفي صلح الحديبية

(1)

ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم

(2)

.

• تنبيه: هذا مثال للخلل الذي يقع في المتون لنزول السند.

(1)

ففي البخاري رقم (2731) "فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ» .

(2)

ففي البخاري رقم (7) وفيه: " ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ".

ص: 283

‌الأكل باليمين

سبق ما أخرجه مسلم: من طريق الْقَاسِم بْن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا» قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ يَزِيدُ فِيهَا: «وَلَا يَأْخُذُ بِهَا، وَلَا يُعْطِي بِهَا» ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ:«لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ» .

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: إبراهيم بن السيد بتاريخ (14) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (14/ 6/ 2022 م): إلى صحته دون زيادة الأخذ والعطاء وزاد يصح لشواهده.

• تنبيه: هل القاسم بن عبيد الله تلميذ سالم وروى عنه عمر بن محمد كما عند مسلم وعاصم بن محمد كما عند النسائي.

هو أبو بكر بن عبيد الله تلميذ ابن عمر وروى عنه الزهري؟

وأثر الخلاف هل هما في درجة واحدة في التوثيق أو القاسم أدنى من أبي بكر الظاهر أن القاسم أدنى وليحرر ولابن حزم كلام شديد في القاسم فقال: متفق على سقوطه.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد: قليل الحديث.

ص: 284

الاقتصاد وقاية

قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].

وقد سبق: «مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثُ طَعَامٍ، وَثُلُثُ شَرَابٍ، وَثُلُثٌ لِنَفْسِهِ» .

سبق أن شيخنا ربطه بمتن في البخاري (2072) عَنِ المِقْدَامِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ؛ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» .

ثم أكد هذه النتيجة بالإعلال بالربط بين المتنين مع الباحث: إسماعيل بن حامد. بتاريخ (6) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (30/ 11/ 2022 م):

1 -

الربط والإعلال بالمشابهة بين المتنين

2 -

الاشتراك في سند ابن أبي الدنيا والبخاري في ثلاث طبقات: عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ رضي الله عنه.

ص: 285

‌فضل التصبح على الريق بسبع تمرات

قال البخاري في «صحيحه» رقم (5445):

حَدَّثَنَا جُمْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ

(1)

، أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ

(2)

، أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ» .

*-وقد تابع هاشم بن القاسم عبد الله بن عبد الرحمن يعنى بن معمر أبو

(1)

تابع مروان وهو بن معاوية الفزاري:

1 -

أبو أسامة أخرجه أبي شيبة في «مصنفه» رقم (23477) وعنه مسلم في «صحيحه» رقم (2047).

2 -

مكي بن إبراهيم أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (717) وزاد: قَالَ هَاشِمٌ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ عَامِرًا ذَكَرَهُ إِلَّا مِنَ الْعَجْوَةِ الْعَالِيَةِ.

3 -

شجاع بن الوليد كما عند أبي يعلى (787).

4 -

أبو ضمرة كما عند الحميدي (70).

وخالف هؤلاء عن هاشم بن هاشم عبد الله بن نمير فرواه عن هاشم عن عائشة بنت سعد عن أبيها به أخرجه أحمد (1571) ووهم أبو حاتم ابن نمير.

ورواه بعضهم عن هاشم عن خالد بن سعد عن سعد ذكره البزار وخطأه معللًا لا نعلم لسعد ابنًا يقال له خالد.

والخلاصة: أن رواية الجماعة عن هاشم هي الصواب.

(2)

في «المستخرج» لأبي عوانة (5/ 190): هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.

ص: 286

طوالة

(1)

لكن بتقييدها ب" ما بين لابتيها".

أخرجه مسلم رقم (2047):

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ

(2)

، حَدَّثَنَا

(3)

سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ

(4)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(5)

، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ

(1)

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (5/ 362): غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُمَرَ، تَفَرَّدَ بِهِ طَاهِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ نِزَارٍ، عَنْ أَبِيهِ.

(2)

خالف القعنب ابن وهب وخالد بن مخلد فلم يذكرا (ما بين لابتيها) أخرجه أبو عوانة (8341).

(3)

ورواه أبو عوانة من طريق سليمان بن بلال في «مستخرجه» (5/ 189): قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو طُوَالَةَ: وَسَمِعْتُ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ: "عَجْوَةً"، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَقُولُونَ: عَجْوَةً.

(4)

وتابع سليمان بن بلال:

1 -

فليح أخرجه أحمد (1442) ولفظه: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ مِنْ بَيْنَ لابَتَيِ الْمَدِينَةِ عَلَى الرِّيقِ، لَمْ يَضُرَّهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ شَيْءٌ حَتَّى يُمْسِيَ» قَالَ فُلَيْحٌ: وَأَظُنُّهُ قَالَ: «وَإِنْ أَكَلَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يُصْبِحَ» .

2 -

وأبو مصعب أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» (145) ولفظه: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ إِلَى اللَّيْلِ» .

3 -

ومحمد بن عمارة أخرجه أبو يعلى (786).

(5)

أعل الطحاوي هذا الطريق في «شرح مشكل الآثار» (14/ 363): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: خَرَجَ نَاسٌ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَخْبَرُوا أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْد ....... فَفَسَدَ بِذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ، وَعَادَ مَا حَصَلَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ فِيهِ لِمَا جَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، مِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.

ص: 287

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَ اتٍ مِمَّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ، لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ حَتَّى يُمْسِيَ» .

• الخلاصة: أن رواية هاشم بن هاشم أصح ومتفق عليها وليس فيها تقييد بالعالية على الصحيح.

وكتب شيخنا معي بتاريخ (1) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (1/ 6/ 2022 م):

رواية سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في الصحيحين دون ذكر المدينة لكن فيها ذكر العجوة.

وتفرد مسلم في إحدى الطرق التي ينظر فيها من ناحية الإعلال لكونها من طريق سليمان بن بلال وله وجه آخر في السند وفيها ذكر ما بين لابتيها. ا هـ.

ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث: د/ محمود بن عبد العليم بتاريخ (1) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (30/ 6/ 2022 م).

*-قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2048) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ

(1)

، عَنْ شَرِيكٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ فِي عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ شِفَاءً - أَوْ

(1)

وهو في حديث إسماعيل بن جعفر (414)، وعند أحمد (24737)، والنسائي (7516)، و «مسند إسحاق» (1778)، (1813).

ص: 288

إِنَّهَا تِرْيَاقٌ - أَوَّلَ الْبُكْرَةِ»

(1)

.

• وتابع إسماعيل بن جعفر سليمان بن بلال وعنه جماعة:

1 -

خالد بن مخلد كما عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (23480) والنسائي (6681) وفيه بيان: «أول البكرة على الريق» .

2 -

وتابعه على اللفظ منصور بن سلمة أخرجه أحمد (24484).

3 -

وتابعهم كذلك أبو عامر العقدي أخرجه أحمد (25187) وإسحاق في «مسنده» (1117).

4 -

وتابعهم كذلك أبو سعيد كما عند أحمد (24753) وفيه بيان آخر: «شفاء من كل سحر أو سم» .

• والخلاصة: كتب شيخنا معي بتاريخ (1) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (1/ 6/ 2022 م) في السند شريك فلينظر مخالفوه.

• أقوال أهل العلم في تفضيل تمر المدينة على غيره:

قال أبو عوانة في «مستخرجه» (5/ 189) تبويبه لهذا الخبر:

بَيَانُ فَضْلِ التُّمُورِ، الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ لَابَتَي الْمَدِينَةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَنَّ مْنْ تَصَبَّحَ مِنْهَا بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ.

وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (14/ 360): بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا

(1)

ترجم لها أبو عوانة في «مستخرجه» (5/ 190) ب: بَيَانُ فَضْلِ تَمْرِ عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ، وَأَنَّهَا شِفَاءٌ لِمَنْ بَكَّرَ بِأَكْلِهَا، وَأَنَّ السُّنَّةَ فِي أَنْ يُحَنَّكَ الْمَوْلُودُ أَوَّلَ مَا يُولَدُ، بِالتَّمْرِ.

ص: 289

رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي الْعَجْوَةِ، هَلْ هُوَ عَلَى الْعَجْوَةِ مِنْ سَائِرِ النَّخْلِ الَّذِي فِي الْبُلْدَانِ، أَوْ مِنْ خَاصٍّ مِنْهَا؟.

قال ابن القيم في «الطب النبوي» (ص: 99):

وهذا الحديثُ من الخطاب الذى أُريد به الخاصُّ، كأهلِ المدينة ومَن جاوَرَهم، ولا ريبَ أنَّ للأمكنة اختصاصًا ينفع كثير من الأدوية فى ذلك المكان دونَ غيره، فيكون الدواء الذى قد ينبت فى هذا المكان نافعًا من الداء، ولا يوجد فيه ذلك النفعُ إذا نبت فى مكان غيره لتأثير نفس التُّربة أو الهواء، أو هما جميعًا، فإنَّ للأرض خواص وطبائع يُقارب اختلافُها اختلافَ طبائع الإنسان، وكثيرٌ من النبات يكون فى بعض البلاد غذاءً مأكولًا، وفى بعضها سُمًّا قاتلًا، ورُبَّ أدويةٍ لقوم أغذية لآخرين، وأدوية لقوم من أمراض هى أدويةٌ لآخرينَ فى أمراض سواها؛ وأدوية لأهل بلدٍ لا تُناسب غيرهم، ولا تنفعهم.

وأمَّا خاصية السَّبْعِ، فإنها قد وقعت قدْرًا وشرعًا، فخلق الله عز وجل السَّمواتِ سبعًا، والأرضَينَ سبعًا، والأيام سبعًا، والإنسان كمل خلقه فى سبعة أطوار، وشرع الله سبحانه لعباده الطواف سبعًا، والسعى بين الصفا والمروة سبعًا، ورمىَ الجمارِ سبعًا سبعًا، وتكبيراتِ العيدين سبعًا فى الأولى .... إلخ.

*-وتابع عامر بن سعد أخته عائشة بنت سعد

(1)

.

(1)

روى عنها أكثر من عشرة وأخرج لها البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ووثقها العجلي وذكرها ابن حبان في الثقات وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 255): هِيَ مِنَ الثّقات، تُوُفِّيت باتفاقٍ سنة سبع عشرة، ولها أربعٌ وثمانون سنة.

ص: 290

أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (1571):

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمٌ

(1)

، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلا سِحْرٌ» .

(1)

قال البزار في «مسنده» (3/ 336): وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ سَعْدٍ، إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ فَرَوَاهُ بَعْضُهُمُ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْطَأَ فِيهِ لَأَنَّا لَا نَعْلَمُ لِسَعْدٍ ابْنًا يُقَالُ لَهُ خَالِدٌ.

ص: 291

‌أحب الطعام إلى نبي الله يعقوب عليه السلام

-

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (2471):

حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: " حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، حَدِّثْنَا عَنْ خِلِالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهَا، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، فَكَانَ فِيمَا سَأَلُوهُ أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ قَالَ: «فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ عليه السلام مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَطَالَ سَقَمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ، لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ، وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، فَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، لُحْمَانُ الْإِبِلِ، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا؟» فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ".

تابع الحسين وهو ابن محمد جماعة منهم هاشم بن القاسم. أخرجه أحمد (2514)، ومحمد بن بكار والطيالسي ومحمد بن يوسف.

ورواية عبد الحميد في الأعمش قوية وقد تُوبِعت فقد أخرجه الترمذي (3117) وغيره من طرق عن أبي نعيم الفضل بن دكين.

وتابع أبا نعيم أبو أحمد الزبيدي أخرجه أحمد (2438) و ابن أبي حاتم في «تفسيره» (952) كلاهما عن عبد الله بن الوليد العجلي عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

ص: 292

وبكير بن شهاب شيخ ذكره ابن حبان في الثقات.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي حمزة السويسي بتاريخ (4) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (3/ 7/ 2022 م) للحديث شواهد.

ص: 293

‌أكل الهدهد

سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 227 - 228) حديث: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالْهُدهُدِ، وَالصُّرَدِ".

ثم بحثه الباحث: أحمد بن سالم.

• فنبه على أن مدار الخبر على الزهري واختلف عليه:

أولًا- طريق ابن جريج رواه الجماعة الثقات -ابن المبارك والقطان وابن وهب- عن ابن جريج حدثت عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به.

وخالفهم الثوري فأدخل واسطة بين ابن جريج والزهري هي عبد الله بن أبي لبيد.

وخالفهم سعيد بن سالم ومحمد بن ربيعة الكلابي فروياه بالعنعنة بين ابن جريج والزهري.

ووافقهما كذلك بالعنعنة أبو معاوية وحفص بن غياث

(1)

لكن جعلا شيخ

(1)

ورواه أيوب بن سويد وهو ضعيف فقال عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن سليمان بن يسار عن عبيد الله عن ابن عباس وقال أبو زرعة: أخطأ سويد فيه.

ص: 294

الزهري سليمان بن يسار بدل عبيد الله.

خالفهم أيوب بن سويد وهو ضعيف.

الثاني: إثبات الواسطة بين ابن جريج والزهري فقد قال القطان وجدت في كتاب الثوري عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي لبيد عن الزهري وقال أبو زرعة هو الأصح وقال أيضًا زيادة الثقة على الثقة تقبل.

وعبد الله بن أبي لبيد ليس من الرواة المعروفين عن الزهري وابن جريج لم يصرح بالتحديث عنه فما زال الإشكال موجودًا وهو عدم تصريح ابن جريج من عبد الله بن أبي لبيد.

والذي يترجح لدى الباحث رواية الجماعة عن ابن جريج.

ثمة طرق أخرى فيها مقال عن ابن جريج عن الزهري دون حدثت أو إثبات الواسطة لكن قال أبو زرعة: إن ابن جريج لم يسمعه من الزهري.

وأرجح الطرق عن ابن جريح الثلاثة الأول لثقتهم ولعلو إسنادهم ولكون ابن جريج مدلس ومتكلم في روايته عن الزهري.

• أما ترجيح أبي زرعة رواية سفيان الثوري فيعكر عليه:

1 -

عنعنة ابن جريج فيها.

2 -

أن عبد الله بن أبي لبيد ليس من أصحاب الزهري المشهورين وليس له رواية عنه في الكتب الستة.

ص: 295

3 -

أن الأرجح عن الزهري بالإرسال وإليك البيان:

• رواه عن الزهري ستة:

1 -

إبراهيم بن سعد عنه عن عبيد الله عن ابن عباس وعن ابنراهيم اثنان:

أ-الحارث بن عبد الله الهمداني متكلم فيه وقال أبو زرعة أخطأ فيه ويشبه أن يكون دخل عليه حديث في حديث.

(1)

ب-أبو ثابت محمد بن عبيد الله وعنه الفضل الشعراني متكلم فيه قاله ابن أبي حاتم وأخرجه البيهقي.

2، 3 - عقيل وابن جريج كرواية ابراهيم بن سعد أخرجه ابن حبان وفي سنده حبان بن علي العنزي ضعيف وبشر بن الوليد مختلف فيه.

4 -

معمر واختلف عليه فرواية كرواية الثلاثة السابقين عبد الرزاق في «مصنفه» وخالفه رباح بن زيد الصنعاني وهو ثقة فأرسله ذكره ابن أبي حاتم في «العلل» معلقًا، ورجح أبو زرعة الأرسال فقال: أخطأ فيه عبد الرزاق والصحيح من حديث معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

5 -

يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري مرسلًا أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» .

6 -

وتابعه على الإرسال عبد الرحمن بن إسحاق ذكره ابن أبي حاتم معلقا.

(1)

لعله يقصد ما أخرجه أبو نعيم في «الحلية» من طريق الحارث عن شداد عن الحسن عن عمران بن حصين وأبي هريرة وجابر رضي الله عنهم وفيه: " نهى رسول الله عن قتل أربع". وعباد متروك.

ص: 296

والأرجح من هذه الوجوه الست عن الزهري الإرسال؛ لأن أسلم طريق في الوصل طريق عبد الرزاق وخطأه أبو زرعه وقد خولف كما سبق. وكتب شيخنا مع الباحث: أحمد بن سالم العقيلي

(1)

بتاريخ (7) جمادى الأولى (1444 هـ)

(1)

ولد في مركز ومدينة قنطرة غرب التابع لمحافظة الإسماعلية بتاريخ 12/ 8/ 1991 م. حاصل على كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.

قدّم له شيخنا:

1 -

الأنكحة المحرمة والمختلف فيها فتناول فيه:

أ-إذا أسلم الرجل وعنده خمس نسوة فيجب عليه أن يبقى على أربعة بالإجماع ومن مستنداته حديث غيلان رضي الله عنه والراجح فيه الإرسال.

ب-هل يشترط في الربيبة - وهي ابنة الزوجة من رجل آخر-أن تكون في الحجر. والآئمة الأربعة لا يشترطون أن تكون في الحجر وأن قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] خرجت مخرج الغالب. ومن أدلتهم أن الله ذكر شرطين:

1 -

الحجر. 2 - الدخول بالأم.

فلما ذكر الله الدخول {دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} ولم يذكر الحجر دلّ ذلك على عدم اعتباره وأنه خرج مخرج الغالب.

وخالف الجمهورَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصح عنه.

وقال ابن حزم قالوا: يشترط أن تكون في الحجر لعموم الآية ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي» أخرجه البخاري (5372) ومسلم (1449).

2 -

الجامع لأحكام الرضاع ومن أبرز مسائله:

أ-عدد الرضعات المحرمات وأنهن خمس عند الشافعية ورواية عن أحمد وهو المذهب لحديث عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:" كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ" أخرجه مسلم (1452). =

ص: 297

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=خلافًا للجمهور - الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد وعدد من السلف قالوا: إن قليل الرضاعة وكثيرة يثبت به التحريم.

والأرجح إن كان ثم زواج فيعمل بالخمس وإن لم يتم فيعمل بالقليل إحطياطًا ولحديث: «وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ» أخرجه البخاري (2218) ومسلم (1457).

ب- رضاع الكبير مختلف فيه على ثلاثة أقوال:

1 -

لا يثبت به التحريم وقالوا: هذه رخصة خاصة بسالم مولى حذيفة.

2 -

يثبت به التحريم مطلقًا وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها وهو قول ابن حزم.

3 -

أنه إذا دعت الحاجة إلى ذلك فإنه يثبت به التحريم وهو قول شيخ الإسلام بن تيمية وحسنه الصنعاني ورجحه الشوكاني.

ومدار هذه المسألة على واقعة سالم مولى حذيفة ويرى الباحث أنها خاصة بسالم ولا يقاس عليها.

وأما القول الثالث وتقييده بالحاجة فهذا يستلزم قصة تشبه قصة سالم وهذا صعب في هذا العصر؛ لأن التبني محرم وأما في عصر سالم كان هناك تبني ونسخ.

أن هناك حالات قريبة من ذلك والحاجة ملحة إليها ولم يرخص فيها النبي صلى الله عليه وسلم مثل: وجود الأخ في البيت مع أخيه.

والنبي صلى الله عليه وسلم سئل: " بيوتنا ما نذر منها وما نترك يا رسول الله فقال: «الحمو الموت» ولم يقل: أرضعه".

ومال إلى هذا ابن عثيمين رحمه الله.

د- بنوك اللبن وانتهى المجمع الفقهي الإسلامي بمكة إلى حرمتها.

3 -

الجامع لأحكام العقيقة ومن أشهر مسائله:

أ- حكم العقيقة فذهب الجمهور إلى سنيتها خلافًا لابن حزم فقد قال بوجوبها وأيضًا للأحناف فقد اختلفت الأقوال داخل المذهب بين منسوخة -مكروهة-مباحة-تطوع.

تنبيه: نقل النووي عن أبي حنيفة أنه قال ببدعيتها ولم يقف الباحث عليه بل قال بدر الدين العيني: هذا افتراء.

ب- مقدار ما يذبح عن الغلام والجارية وأدلة هذه المسألة فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد عق عن الحسن والحسين هكذا مطلقًا وجاءت روايتان: "كبشًا كبشًا""كبشين كبشين" وكلاهما ضعيف.

وأما من قوله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في حديث عائشة عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة. ومن سلسلة عمرو بن شعيب: "من أحب أن ينسك فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة" وهو حسن.

ولما كان ابن حزم يضعف هذه السلسلة قال بالوجوب.

وهناك قول مروي عن الحسن وشقيق بن سلمة "يعق عن الغلام ولا يعق عن الجارية" وكلاهما ضعيف وروي عن قتادة ولم أقف له على سند.

ص: 298

الموافق (1/ 12/ 2022 م): الإرسال أصح. ا هـ. وهو اختيار الباحث.

في حين اختار أبو حاتم الاضطراب لكثرة الاختلافات على الزهري.

• تنبيه: لمصحح هذا الخبر أن يتمسك بطريق الثوري عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي لبيد عن عبيد الله عن ابن عباس

(1)

أخرجها أحمد والطحاوي وإسنادها صحيح والواسطة بين ابن جريج والزهري قد علمت وهي ثقة وكذلك زيادة ثقة من الثوري. وهو اختيار أبي زرعة وهو كذلك.

وكذلك تمسكه بظاهر رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس كرواية عبد الله بن أبي لبيد

(2)

(1)

ورواه حماد بن عبيد عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس أخرجه ابن عدي وفي «الكامل» (3/ 29) في ترجمة حماد بن عبيد وقال البخاري وأبو حاتم: لم يصح حديثه. وجابر الجعفي ضعيف.

(2)

إضافة إلى رواية إبراهيم بن سعد من رواية أبي ثابت عنه.

ص: 299

وصححه بهذين الطريقين الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2/ 326) قائلًا:

فعقلنا أن هذا الحديث قد صح لنا من رواية ابن جريج كصحته لنا من رواية معمر.

وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 533) بعد ذكره الشواهد الآتية: وأقوى ما ورد في الباب حديث عبيد الله.

وصحح إسناده النووي وابن كثير وقال ابن دقيق العيد وتبعه ابن جحر: رجاله رجال الصحيح وسبق إخراج ابن حبان له من طريق عقيل وابن جريج بالعطف عن الزهري موصولًا.

وصححه العلامة الألباني في «إرواء الغليل» (8/ 142): وإسناده صحيح.

وثمة شواهد أخرى من حديث أبي هريرة كما عند ابن ماجه وفي سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي متروك. وتابعه سليمان بن أرقم كما عند البزار وحاله كحال إبراهيم في الترك. ولهما متابعة قاصر راجعة إلى رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي صالح عن أبي هريرة وفي سندها سهل بن يحيى بن سبأ مجهول ووهمه الدارقطني وقال إنما هو الزهري عن عبيد الله.

ومن حديث سهل بن سعد أخرجه الروياني في «مسنده» : وزاد في اللفظ على الأربعة النهي عن قتل الضفدع.

وفي سنده عبد المهيمن بن عباس بن سهل منكر الحديث قاله البخاري وأبو حاتم.

ص: 300

‌حكم أكل الضفدع

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (15757) - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: ذَكَرَ طَبِيبٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَوَاءً، وَذَكَرَ الضُّفْدَعَ يُجْعَلُ فِيهِ، «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ

(1)

».

ويزيد هو ابن هارون وتابعه الطيالسي كما في «مسنده» (1279) وسفيان الثوري كما عند أبي داود (3871) وأبو عامر العقدي كما عند عبد بن حميد (313) وابن وهب وأسد بن موسى

(2)

أخرجهما الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1779، 1780) وهاشم بن القاسم أخرجه أحمد (16069) وعبيد

(1)

الضِّفْدِعُ: بكسرتين: الذكر و"الضِّفْدِعَةُ": الأنثى، ومنهم من يفتح الدال وأنكره الخليل وجماعة وقالوا: الكلام فيها كسر الدال.

والجمع "الضَّفَادِعُ" وربما قالوا "الضَّفَادِي" على البدل كما قالوا الأراني في الأرانب على البدل. كما في «المصباح المنير» (م/ د ف دع).

وفي «شرح مختصر خليل» (1/ 82) للخرشي: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ كَالْحُوتِ أَوْ تَطُولُ حَيَاتُهُ كَالضُّفْدَعِ الْبَحْرِيِّ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.

(2)

وجاء عند الحاكم (5882) بإسقاط ابن المسيب. ورواية الجماعة أصح وهي في المصادر العالية.

ص: 301

الله بن عبد المجيد أخرجه الدارمي (2023) وابن أبي فديك أخرجه النسائي في «الكبرى» (4848) وعاصم بن علي أخرجه الحاكم (8261) وأبو عاصم الضحاك أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (19379).

• والخلاصة: أن إسناده حسن لدي؛ للخلاف في سعيد بن خالد القارظي فقد وثقه النسائي ونقل عنه التضعيف وقال ابن حجر وغيره أين قال ضعيف.

وقال الدارقطني: مدني يحتج به. وقال ابن سعد: له أحاديث.

وروى عنه ثلاثة كما في التهذيب.

وقال البيهقي: وهذا أقوى ما ورد في الضفدع.

وقال النووي في «المجموع» (9/ 31): رواه أبو داود بإسناد حسن والنسائي بإسناد صحيح من رواية عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التميمي الصحابي وهو ابن أخى طلحة بن عبيد الله.

وكتب شيخنا مع الباحث عمرو بن عمران الشرقاوي بتاريخ (16) ربيع آخر (1444) الموافق (10/ 11/ 2022 م) على سعيد بن خالد القارظي: لم يوثقه معتبر. أ هـ.

• ثم أورد الباحث له شواهد:

منها حديث أنس أخرجه عبد الرزاق (8551) وفي سنده أبو سعيد الشامي متروك.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الشكر» (36) موقوفًا وفي سنده خالد بن محدوج كذاب.

ص: 302

ومنها: حديث سهل بن سعد أخرجه الطبراني في «المعجم الكبيير» (5728) وفي سنده عبد المهيمن بن عباس بن سهل منكر.

ومنها: حديث ابن عمر أو ابن عمرو اختلف على قتادة عن زرارة تارة عن ابن عمرو مرفوعا عن أخرجه الطبراني (521) ورجحها أبو زرعة كما في «العلل» (2510) لابن أبي حاتم.

وتارة قتاد عن زرارة عن ابن أبي نعم موقوفًا أخرجه عبد الرزاق (8579)«لا تقتلوا الضفدع فإن صوتها الذي تسمعون تسبيح» .

ومنها حديث أبي هريرة في النهي عن قتل الضفدع والصرد والهدهد

وليحرر.

• وذهب الجمهور من الفقهاء إلى تحريم أكله:

1 -

قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (5/ 34):

نَهْيَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مُخَالَفَتِهِ بَيْنَ حُكْمِهِ وَبَيْنَ حُكْمِ السَّمَكِ؛ لِأَنَّ السَّمَكَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، وَلَمَّا كَانَ الضِّفْدَعُ مَنْهِيًّا عَنْ قَتْلِهِ، كَانَ بِخِلَافِ السَّمَكِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ خِلَافِ السَّمَكِ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِهِ بِخِلَافِ السَّمَكِ فِي حِلِّ أَكْلِهِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ لِأَنَّهُ يُسَبِّحُ. قِيلَ لَهُ: وَالسَّمَكُ أَيْضًا يُسَبِّحُ، قَالَ اللهُ عز وجل:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِهِ لِأَكْلِهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الضِّفْدَعَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ لِخِلَافِ ذَلِكَ، وَهُوَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، وَكُلُّ مَا لَا يُؤْكَلُ فَقَتْلُهُ عَبَثٌ، وَالْعَبَثُ فِي ذَلِكَ فَحَرَامٌ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

ص: 303

2 -

قال ابن قدامة في «المغني» (13/ 345): وكل صيد البحر مباح، إلا الضفدع. وهذا قول الشافعي.

ص: 304

‌حُرمة لحم البغال

قال أبو داود في «سُننه» رقم (3789)

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:" ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ البِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَلَمْ يَنْهَنَا عَنِ الْخَيْلِ".

خالف حمادًا جماعة- ابن جُريج كما عند مسلم (1941) وأيوب كما عند ابن حِبان (5269) والحسين بن واقد كما عند النَّسَائي (4329) ومحمد بن جُحادة

(1)

كما عند ابن الأعرابي في «معجمه» (304) - فلم يَذكروا "البغال".

وتابعهم متابعة قاصرة جماعة - محمد بن علي بن الحسين كما عند البخاري (4209) ومسلم (1941) وعمرو بن دينار كما عند الترمذي (1943) وعطاء بن أبي رباح كما عند النَّسَائي (4329) - فلم يَذكروا "البغال" كذلك.

وورد ذكرها في طريق عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر. أخرجه الترمذي (1478).

وخالفه محمد بن عمرو، فرواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة. أخرجه

(1)

بضم الجيم وتخفيف المهملة ثقة من الخامسة كما في «التقريب» (5781).

ص: 305

الترمذي (1479) ولم يَذكر "البغال" وقال البخاري: هذا أشبه.

• الخلاصة: ذِكر" البغال" شذ بها حماد بن سلمة عن الجماعة. ورواية عكرمة بن عمار عن يحيى فيها اضطراب، ورَجَّح البخاري غيرها.

وإلى هذا انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي، بتاريخ (10) شعبان (1443 هـ) الموافق (13/ 3/ 2022 م).

وهذا الخبر من أدلة الشافعية والحنابلة، وفي المسألة خلاف.

ص: 306

‌كتاب العقيقة

‌تحنيك الأطفال بالتمر

فقد حنك النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من صغار الصحابة رضي الله عنهم بالتمر

(1)

.

1 -

عبد الله بن الزبير بن العوام

(2)

:

فقد أخرج مسلم رقم (2146):

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ: " أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ»

(3)

.

(1)

في البخاري (222) ومسلم (286) عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيُبَرِّكُ عَلَيْهِمْ وَيُحَنِّكُهُمْ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» ولم يقيد التحنيك بالتمر.

(2)

توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن تسع وقال الواقدى، وخليفة بن خياط، وعمرو بن على: قتله الحجاج، وصلبه بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث و سبعين.

(3)

وأخرجه البخاري رقم (5469) - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ به .... وفيه:" كَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلَامِ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، لِأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ اليَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلَا يُولَدُ لَكُمْ".

ص: 307

2 -

عبد الله بن أبي طلحة رضي الله عنه

(1)

:

فقد أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2144):

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " ذَهَبْتُ بِعْبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وُلِدَ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ، فَقَالَ:«هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ، فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ فِي فِيهِ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ»

(2)

وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ

(3)

.

3 -

إبراهيم بن أبي موسى الأشعري

(4)

:

أخرج البخاري في «صحيحه» رقم (6198):

(1)

قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (3/ 483): فَنَشَأَ عَبْدُ اللهِ، وَقَرَأَ العِلْمَ، وَجَاءهُ عَشْرَةُ أَوْلَادٍ قَرَؤُوا القُرْآنَ، وَرَوَى أَكْثَرُهُم العِلْمَ، مِنْهُم: إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ - شَيْخُ مَالِكٍ - وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.

(2)

قال النووي في «المجموع» (8/ 435): قوله صلى الله عليه وسلم «حب الأنصار» روي - بضم الحاء وكسرها - فالكسر بمعنى المحبوب كالذبح بمعنى المذبوح والباء على هذا مرفوعة أي محبوب الأنصار التمر (وأما) من ضم الحاء فهو مصدر وتكون الباء على هذا منصوبة بفعل محذوف أي انظروا حب الأنصار التمر وهذا هو المشهور في الرواية وروي بالرفع مع ضم الحاء أي حبهم التمر لازم. والله أعلم.

(3)

أخرجه البخاري رقم (5470).

(4)

قال ابن حبان في «الثقات» (ص: 2): ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، وإنما ذكرناه لأن له من النبي صلى الله عليه وسلم لقيا، وهو من التابعين.

ص: 308

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:"وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ»، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى"

(1)

.

تابع محمد بن العلاء إسحاق بن نصر أخرجه البخاري (840).

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في «مصنفه» (23482) كلفظ مسلم.

• أقوال أهل العلم:

قال الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ

(2)

:

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْبَقَ إلَى جَوْفِ الْمَوْلُودِ الْحَلَاوَةُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ؛ لِأَنَّهُ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْحَجَّاجَ لَمْ يَرْضَعْ ثَدْيَ أُمِّهِ حِينَ وُلِدَ، فَأَتَى شَيْخٌ، فَقَالَ: اذْبَحُوا جَدْيًا وَأَطْعِمُوهُ مِنْ دَمِهِ، وَيَرْجِعُ إلَى الرَّضَاعِ فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ، وَرَضَعَ فَخَرَجَ سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: قِيلَ إنَّ الشَّيْخَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ فِي قَضِيَّةِ الْحَجَّاجِ هُوَ إبْلِيسُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال النووي في «المجموع» (8/ 434): ويستحب أن يحنك المولود

(1)

وأخرجه مسلم (2145) بلفظ: " وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ» .

(2)

هل هو الذي نقل عنه الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (16/ 78): هُوَ القَائِلُ فِي رسَالَةٍ: وَلَسْنَا نجعلُ مَنْ تصديرُهُ فِي كتبِهِ، وَمسَائِلِهِ: يَقُوْلُ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيْعَةُ، كَمَنْ تصديرُهُ فِي كتبِهِ: يَقُوْلُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ، وَالإِجْمَاعُ .. هَيْهَاتَ!

تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.؟

ص: 309

بالتمر.

وقال أيضًا في «المجموع» (8/ 443): السنة أن يحنك المولود عند ولادته بتمر بأن يمضغه إنسان ويدلك به حنك المولود ويفتح فاه حتى ينزل إلى جوفه شيء منه قال أصحابنا فإن لم يكن تمر فبشيء آخر حلو .... وينبغي أن يكون المحنك من أهل الخير فإن لم يكن رجل فامرأة.

وقال المرداوي في «الإنصاف» (4/ 114): يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَنَّكَ بِتَمْرَةٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: بِتَمْرٍ أَوْ حُلْوٍ أَوْ غَيْرِهِ.

ص: 310

‌عقيقة الوالد عن بنيه

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (24272):

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ:" كَانَ يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِالْجَزُورِ".

وتابع وكيعًا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أخرجه ابن أبي الدنيا في «النفقة على العيال» (64): حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ به.

وخالف الحسين بن محمد وهو السعدي في السند ولفظ المتن أبو مسلم الكشي قال الطبراني في «المعجم الكبير» (1/ 244) رقم (685) - حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ

(1)

، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ثنا قَتَادَةُ، " أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَعُقُّ عَنْ بَنِيهِ الْجَزُورَ".

• الخلاصة: أن أبا مسلم الكشي سلك الجادة وغيره أرجح لدي في حين يرى شيخنا مع الباحث: أحمد بن سالم بن محمد بن عقيل العَقيلي بتاريخ ليلة الأربعاء (22) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (22/ 6/ 2022): أنهما إسنادان مستقلان وحمّل ابن أبي الدنيا الوهم.

قال ابن المنذر في «الإشراف» (3/ 416): روينا عن أنس بن مالك "أنه كان يعتق عن ولده الجزور".

(1)

هو الكشي ثقة بل أوثق من الحسين بن محمد السعدي.

ص: 311

‌كتاب الذبائح

‌الذبح بالحجر الحاد

قال البخاري رقم (5505): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ:

حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ- أَوْ: سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ- أَخْبَرَهُ: " أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَبَحَتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«كُلُوهَا»

(1)

.

• اختُلف فيه على نافع على ستة أوجه:

1 -

رجل من الأنصار كما سبق.

2 -

رجل من الأنصار، أخرجه البخاري (5502) وأيضًا عن الليث معلقًا.

3 -

سليمان بن يسار، أخرجه عبد الرزاق (8551).

4 -

ابن كعب بن مالك عن أبيه، أخرجه أحمد (15768) وغيره. وقال البزار: وهو الصواب.

5 -

ابن عمر.

(1)

تابع جويريةَ أيوب بن موسى، أخرجه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (8560).

ص: 312

قال أبو زُرْعَة:

والصحيح حديث مالك عن نافع عن رجل.

وقال الدارقطني في «التتبع» : والاختلاف فيه كثير.

وقال في «العلل» (2975): والصحيح عن حماد بن سلمة عن قتادة وأيوب وعُبيد الله عن نافع مرسلًا.

• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: محمد باسم، بتاريخ (19) رجب (1443 هـ) الموافق (20/ 2/ 2022 م):

الخبر مُعَل من ناحية الإسناد، إلا أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أَنْهَرَ الدم وذُكِر اسم الله، فكُلُوا، ليس السِّنَّ والظفر» .

ويراعى حديث: «إن الله كَتَب الإحسان

». اه.

وقال: لو شريحة حجر كالسكين تقوم مَقام السكين.

ص: 313

‌ذبح العصافير

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6551) - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ عَفَّانُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ صُهَيْبٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهُ؟ " قَالَ: «يَذْبَحُهُ ذَبْحًا، وَلَا يَأْخُذُ بِعُنُقِهِ فَيَقْطَعُهُ» .

وتابع حماد بن سلمة ابن عيينة أخرجه الحميدي (598) وغيره.

وتابعهما شعبة أخرجه أحمد (6550).

وخالفهم أبان بن صالح فقال عن عمرو بن دينار عن عمرو بن الشريد عن أبيه أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (873) والطبراني (7246) وفي سنده خالد بن يزيد الكاهلي صدوق يخطيء ورواية الجماعة مقدمة.

*-ورواه عامر الأحول عن صالح بن دينار عن عمرو بن الشريد عن أبيه أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 277) وصالح بن دينار مجهول.

وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه وفي سنده زياد بن المنذر متروك أخرجه ابن عدي في «الكامل» (4/ 132).

*-ورواه معمر عن قتادة مرسلًا أخرجه عبد الرزاق.

ص: 314

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع أبي العباس أحمد الفيومي بتاريخ (19) جمادى الأولى (1444) الموافق (13/ 12/ 2022 م): إلى ضعفه من كل طرقه.

ص: 315

‌كتاب الأضاحي

‌أصول في كتاب الأضحية

(1)

• أولاً- من الكتاب العزيز:

قال تعالى - في الإخلاص في الهدي والأضحية مقاسة عليه: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].

وقال جل ذكره في وقتها: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].

وقال تعالى في تعظيمها واختيار الأفضل: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] وبين أن الهدي من الشعائر: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36].

وقال جل ذكره مخبرًا عن مناسك الأمم قبلنا: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34].

وقال تعالى في الأكل والإطعام من الهدي والأضحية مقاسة عليه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]. {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا

(1)

"ضَحَّى""تَضْحِيَةً" إذا ذبح "الأُضْحِيَّةَ" وقت الضُّحى هذا أصله ثمّ كثر حتى قيل "ضَحَّى" في أي وقت كان من أيام التشريق. كما في «المصباح المنير» (ص: 186).

ص: 316

وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36].

• وأما من السنة ف:

1 -

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ

(1)

أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا"

(2)

.

2 -

وفي سنها عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»

(3)

.

(1)

الأملح الذي فيه بياض وسواد وبياضه أغلب.

(2)

أخرجه البخاري (5565) ومسلم (1966).

(3)

أخرجه مسلم (1963) رواه عن أبي الزبير عن جابر ثلاثة:

أ-زهير بن معاوية أخرجه مسلم وأحمد (1963)، وابن ماجه (3141) وغيرهما.

ب-سليمان الأعمش لكن بلفظ: " إِذَا عَزَّ عَلَيْكَ المَسَانُّ مِنَ الضَّأْنِ أَجْزَأَ الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ".

أخرجه أبو يعلى (2323) من طريق محمد بن عثمان القرشي عن سليمان به. وهذا اللفظ له تأثير في الحكم فهو لا يفيد وجوبًا في السن.

ت-ابن جريج أخرجه عبد الرزاق ومسلم (1964) وأحمد من طريق ابن جريج أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: " صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمَدِينَةِ، فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا، وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَحَرَ، «فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» .

والخلاصة: أن الأصح والأقوى لدي رواية ابن جريج عن أبي الزبير ليس فيها السن.

ويرد على رواية زهير بن معاوية أمران:

1 -

زهير روى عن أبي الزبير حديث سورة الملك فلما سأله زهير: «أسمعت جابرًا يذكر، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام، حتى يقرأ: {الم. تنزيل}، و {تبارك}؟» .

قال: ليس جابر حدثنيه، ولكن حدثني صفوان، أو ابن صفوان.

2 -

حديث جابر رضي الله عنه: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل".

قال الإمام أحمد في «الجامع لعلومه» (14/ 446): ليس نجد أحدًا يرفع غير زهير يعني في المحرم إذا لم يجد نعلين. وكان زهير من معادن العلم.

ثانيًا: أعل الخبر بعنعنة أبي الزبير ابن حزم في «المحلى» (7/ 363)، والعلامة الألباني في «السلسلة الضعيفة» رقم (65) رحمهما الله.

ثالثًا: الاختلاف في تحديد سليمان وقد قيل هو الأعمش والاختلاف في تمييز مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ القُرَشِيّ فهنا لك خمسة أشخاص:

1 -

محمد بن عثمان بن خالد القرشى الأموى، أبو مروان العثمانى وثقه أبو حاتم وقال صالح بن محمد الأسدى: ثقة، صدوق، إلا أنه يروى عن أبيه المناكير. وقال فيه البخاري: صدوق. من الطبقة العاشرة (ت/ 241) وإن حملنا سليمان على الأعمش فيبعد أن يكون هذا لأن الأعمش (ت/ 147 - 148) فبين وفاتيهما (94 - 95).

2 -

محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب القرشى التيمى مولاهم، و يقال هو عمرو ثقة من الطبقة السادسة. وسليمان الأعمش من الطبقة الخامسة فيحتمل أنه هو.

3 -

محمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع القرشى المخزومى المدنى وثقه الإمام أحمد من السادسة.

4 -

محمد بن عثمان بن سيار، و يقال ابن سنان، القرشى مجهول قاله الدارقطني ونص ابن حجر أنه من الطبقة الثامنة. ضعف العلامة الألباني هذا الطريق لجهالة محمد بن عثمان.

5 -

محمد بن عثمان بن صفوان بن أمية بن خلف القرشى الجمحى المكى ليس بقوي قاله الدارقطني وقال ابن حجر: من الثامنة.

ص: 317

3 -

وفي سنها أيضًا حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: قال الإمام البخاري

(1)

في

(1)

ومسلم رقم (1961) قَالَ شُعْبَةُ: وَأَظُنُّهُ قَالَ.

ص: 318

«صحيحه» رقم (5557):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ

(1)

، عَنْ سَلَمَةَ

(2)

، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ

(3)

، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: "ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ

(4)

قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَبْدِلْهَا» قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي إِلَّا جَذَعَةٌ - قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ - قَالَ: «اجْعَلْهَا مَكَانَهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .

*-ورواه أبو عامر العقدي بالقطع دون شك أخرجه مسلم (1961) وابن حبان (5911).

(1)

ورواه عفان عن شعبة عن منصور وزبيد وداود وابن عون ومجالد عن الشعبي به "عندي جزعة خير من مسنة" أخرجه ابن حبان (5907).

ورواه سويد بن عبد العزيز كما في «الحلية» (7/ 184) عن شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي به دون الشاهد "أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم ننحر" تفرد به سويد.

ورواه عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن الأسود عن جندب البجلي بلفظ: " من كان ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله" دون ذكر السن.

(2)

هو ابن كهيل الكوفي ثقة ثبت.

(3)

هو وهب بن عبد الله السوائى صحابي رضي الله عنه.

(4)

أَبُو بُرْدَةَ هو ابنُ نِيَارِ بنِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ البَلَوِيُّ الأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ خَالُ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ شَهِدَ العَقَبَةَ، وَبَدْراً، وَالمَشَاهِدَ النَّبَوِيَّةَ. وَبَقِيَ إِلَى دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ. انظر «سير أعلام النبلاء» (2/ 35).

ص: 319

• ورواه جماعة عن شعبة دون شك:

1 -

محمد بن جعفر كما في مسلم (1961).

2، 3، 4 - سليمان بن حرب كما عند البخاري (968)، وآدم بن أبي إياس كما عند البخاري (965)، وحجاج بن منهال كما عند البخاري (5560).

5 -

بهز كما عند النسائي (1776).

6 -

أبو داود كما عند أبي عوانة (7812).

وتابعهم متابعة قاصرة محمد بن طلحة

(1)

بلفظ: «عندي جزعة خير من مسنة» أخرجه البخاري (976).

*-ورواه جمهور الرواة -مطرف كما عند البخاري (5556) ومسلم (1961) "عندي داجنا

(2)

جذعة من المعز ضح بها ولا تصح لغيرك"، وابن عون كما عند البخاري (6673):

"عندي عناق جذع عناق لبن هي خير من شاتي لحم" وعاصم الأحول كما عند مسلم (1961)، وداود بن أبي هند كما عند مسلم كذلك (1961)، ومنصور أيضًا كما عند مسلم وأحمد (2800)، وابن أبي عدي كما عند أحمد

(1)

قال الإمام أحمد: لا بأس به إلا أنه كان لا يكاد يقول فى شيء من حديثه: حدثنا.

وقال ابن معين عند صالح. وتارة قال: كان يقال: ثلاثة يتقى حديثهم وذكر منهم محمد بن طلحة بن مصرف.

(2)

هِيَ جَمْع دَاجِنٍ، وَهِيَ الشاةُ الَّتِي يَعْلُفها النَّاسُ فِي مَنازِلهم. كما في «النهاية في غريب الحديث» لأبي السعادات ابن الأثير (2/ 102).

ص: 320

(18630)

وداود بن علي كما عند ابن الجارود في «المنتقى» (908)، وعبيدة وحريث كما عند البخاري معلقًا.

وفراس هو ابن يحيى الهمداني واختلف عليه في اللفظ فرواية زكريا بن أبي زائدة عنه كرواية الجماعة أخرجه مسلم (1961)، وخالفه أبو عوانة كما عند البخاري فقال:"فإن عندي جذعة هي خير من مسنتين آذبحها"- الرواة عن الشعبي دون ذكر السن.

• الخلاصة: أن لفظ السن مرجوح ومفهوم من ذكر اللحم وعليه الإجماع في المعز

وانتهى شيخنا معي إلى أن الصحيح رواية الجماعة عن الشعبي وشعبة عندنا يتحفظ عليه في الألفاظ أو نعتمد رواية الجماعة عن الشعبي ونترك رواية زبيد.

4 -

وفي العيوب التي تتقى فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُشِيرُ بِإِصْبُعِهِ وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا: «الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي»

(1)

.

وللباحث أبي عبد الرحمن محمد بن علي بن عكاشة بن علي العلاوي بحث نافع في الأضحية

(2)

.

(1)

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (4445).

(2)

ولد بمنية سمنود بتاريخ (9/ 4/ 1970 م) حصل على الابتدائية من مدرسة ناصر

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكذلك الإعدادية والثانوية من المدرسة نفسها.

وهنا ظهر نجمُ وعلَمُ منية سمنود في عام (1986 م أو 1987 م) فضيلة الشيخ مصطفى بن العدوي.

ومن أعظم المعالم التي أسس عليها الشيخ دعوته:

1 -

أنها دعوة علمية معتمدة على الكتاب والسنة حيث بدأ في المسجد الصغير قبل بناء المسجد الكبير فكان يدرس:

1 -

«صحيح البخاري» بشرح «فتح الباري» وإذا أشكل عليه شيء طلب من الشيخ أحمد بن أبي العينين أن ينظر في الشرح ويسعف الجالسين.

2 -

يعطي الشيخ أحمد بن أبي العينين «صحيح مسلم» بشرح النووي.

وجاء الشيخ أسامة القوصي مع بعض إخوانه من القاهرة في عقيقة فتأمل هذا الترابط.

ثم درست المصطلح في سؤال وجواب وتعلمت التخريج وكان أول بحث قمت به أنا والأخ صلاح بن عبد الرحمن من كفر الشيخ (2)«قصة إسلام عمر رضي الله عنه» وخلاصتها أن القصة الشهيرة في إسلام عمر وقالت أخته: لا تلمس الصحيفة. أسانيدها ضعيفة.

ثم ذكرا ما صح من إسلامه رضي الله عنه.

والذي قدّم لهذه الرسالة الشيخ مصطفى العدوي، والشيخ أحمد بن أبي العينين راجع أو قدّم.

وكانت هذه الرسالة في نهاية مرحلة الجامعة عام (1992 م).

الرسالة الثانية: قمت برسالة: «حكم رفع اليدين في تكبيرات الجنائز» ط دار الإيمان ثم ط دار السلام بالفيوم.

وملخصها أنه اختلف فيها على قولين:

الأول: قول الجمهور أنها ترفع في التكبيرات الأربع.

الثاني: قول الأحناف وبعض المالكية إنها ترفع في التكبيرة الأولى.

والخلاف فيها سائغ وإن كان الأولى الرفع لأثر ابن عمر الصحيح أنه كان يرفع في التكبيرات الأربع.

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا وهو عند سعيد بن منصور وهناك أحاديث ضعيفة بالرفع أو بعدمه.

وجمهور التابعين على ذلك - الشافعي وأحمد ورواية عن مالك ورواية عن أبي حنيفة ذكرها ابن حزم وبعض الأحناف خالفوا جمهورهم فقالوا بالنظر يرفع يديه حتى يراه الأصم.

الأحناف لا يقولون إلا بالرفع في الأولى حتى في الصلاة.

3 -

«فقه الأضحية» وسبب تأليفها كثرة الاسئلة الواردة على الشيخ مصطفى بن العدوي في شأن الأضحية فكلفني بذلك.

ومن أشهر مسائلها هل تغني السمن عن السن؟

والصواب في ذلك أنه لا يغني السمن عن السن لحديث: "لا تذبحوا إلا مسنة". والصواب تصحيحه.

4 -

آداب السفر وأحكامه وكان في الأصل خاص بآداب السفر ثم ذيل بأهم الأحكام.

ومن أهم آداب السفر:

1 -

مصاحبة القريب الصالح.

2 -

أدعية السفر.

5 -

تحقيق «كتاب التوحيد» لابن باز ط دار الضياء ثم ط ابن عباس. ومن أشهر سمات الشرح أنه مختصر ودقيق.

6 -

تحقيق «فتح المجيد» ط دار ابن رجب.

7 -

ثم استفدت من تحقيق أصل «كتاب التوحيد» وشرحه لابن باز و «فتح المجيد» وسائر الشرحات المعاصرة والمتقدمة للكتاب وخرجت بشرح موسع. نسأل الله أن ييسر خروجه.

وأفضل ما في هذا الشرح أمران:

1 -

لب الشروحات.

2 -

تحقيق مسائله بخاصة من كتب شيخ الإسلام بن تيمية، وابن القيم وغيرهما.

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

3 - تعقبات على الشروحات أذكرها في المقدمة وهي:

أ-الاستدلال بالأحاديث الضعيفة أو الحديث المرفوع وهو موقوف.

ب-بعض التبويبات مبهمة.

8 -

تحقيق «حادي الأرواح» لابن القيم، ومن أبرز ما فيه التحقيق الحديثي وكان سببًا في تأليفي «الصحيح من وصف الجنة» ط العالمية بالأسكندرية.

9 -

تحقيق «الشفا بحقوق المصطفى» ومن أبرز ما أخذ على القاضي:

أ-أنه جعل أفضل الأمكنة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

ب-وعدم وقوع الصغائر من النبي صلى الله عليه وسلم خلافًا للجمهور.

وثم أشياء في المقدمة والهوامش.

10 -

تحقيق «صيد الخاطر» لابن الجوزي ط دار ابن رجب وهو مليء بالفوائد يحتاج إلى مراجعة لمتن الكتاب والتحقيق خاص بالمرفوعات والآثار والموقوفات تحتاج إلى تحقيق.

بخلاف التعقبات على بعض المسائل في الكتاب والمؤلف أشعري.

11 -

جزء من فوائد سمويه وينبغي جمع أحاديث سمويه من كل الكتب المسندة وغيرها سواء في «المختارة» أو في «الدر المنثور» ، أو «تفسير ابن كثير» .

12 -

علو الهمة عند النساء ط العالمية.

أ-علو الهمة في الإيمان كامرأة فرعون.

ب-علو الهمة في العلم كعائشة رضي الله عنها.

ت-علو الهمة في العبادة والنفقة كزينب رضي الله عنها.

وثم تحقيقات أخر أشرت إلى بعضها في تحقيق كتاب التوحيد لابن باز في آخر ورقة ط دار ابن عباس.

وسبب التكني بعبد الرحمن؛ لأنه الولد الأكبر وأما سبب التسمية فلأنه فهو خير الأسماء. وتوفي عبد الرحمن وهو ابن أربع عشر سنة وهو حامل للقرآن الكريم نسأل الله أن يعيننا ويجعلني على الصراط المستقيم. آمين.

ص: 324

‌التضحية بكبشين أملحين

1 -

قال البخاري في «صحيحه» رقم (5554):

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» .

تَابَعَهُ وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ، وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ.

وأخرجه مسلم رقم (1966):

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى

مقولة صاحب الترجمة عن الشيخ مصطفى بن العدوي ومكانه

هو من المشايخ الداعين إلى الكتاب والسنة وكفى بها نعمة وكفى بها فضل.

والمكان عنده من أفضل الأماكن التي يتعلم فيها العلم من غير تعصب.

تم إملاء ما سبق بفضل الله في يوم الجمعة بتاريخ (13) رجب (1439 هـ) الموافق (30/ 3/ 2018 م): وذلك في العودة من خطبة الجمعة بقرية منشئة هلال التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وكانت لصاحب الترجمة بعنوان: «الأشهر الحرم» أما خطبة أبي اويس الكردي فكانت بعنوان تفسير سورتي الشمس والليل.

ثم استكمل في يوم الجمعة بتاريخ (8) شوال (1439 هـ) الموافق (22/ 6/ 2018 م): في العودة من خطبة السنبلاوين بصحبة أخينا قائد السيارة أبي مي حنفي أبي العينين حفظه الله.

ص: 325

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».

2 -

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (1679):

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ، فَقَالَ:«أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:«أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ:«أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» .

قَالَ: ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا.

• خالف عبد الله بن عون في الفقرة الأخيرة الجماعة:

1 -

أيوب كما في البخاري (105)، ومسلم (1679).

2 -

قرة بن خالد أخرجه البخاري (1741)، ومسلم (1679).

3، 4 - يونس بن عبيد وأشعث بن سوار - وهو ضعيف- أخرجهما أحمد

ص: 326

(20419)

.

4 -

سالم الخياط وهو ضعيف.

• الخلاصة: أن جملة: "ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا" وهم.

فقد قال الدارقطني في «العلل» (3/ 328): فرَواه عَبد الله بن عَون، عَنْ مُحمد بن سِيرِين، وأَتَى به بِطُوله، وذَكَر في آخِرِه أَلفاظًا وهِم فيها، فأَدرَجَها في حَديث أَبي بَكرَة، وهي قَولهُ: ثُم مَال إِلى غُنَيماتٍ، فجَعَل يُقَسِّمُها بَين الناس الشاة، والشاتَين، والثَّلَاثة، ولَيس هَذِه الكَلمات من حَديث أَبي بَكرَةَ، وإِنما رَواها مُحمد بن سِيرِين، عَنْ أَنس بن مالك.

وكتب شيخنا مع الباحث: محمد بن السيد الفيومي أشعر والله أعلم أن هذه خارج البحث

(1)

ويلزم منك لا تقليدًا أن تبين لنا من القائل بخارطة. ا هـ.

(1)

أي بحث الألفاظ الشاذة.

ص: 327

‌كتاب الأشربة

‌حكم الشرب قائمًا

وردت فيه أخبار:

1 -

سبق حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا» .

وأنه معل باضطراب قتادة كما قال القاضي عياض وأبو الوليد الباجي «المنتقى شرح الموطأ» (7/ 237) وأبو بكر الأثرم كما نقل عنه ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 84) وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (8/ 355): ولم يصح في النهي شيء عند مالك.

(1)

ثم أكد شيخنا مع الباحث: سيد الدكروني بتاريخ (3) جمادى الأولى (1444) الموافق (27/ 11/ 2022 م): النتيجة السابقة ورجح طريق غير الجادة وهي رواية شعبة وسعيد وهشام وهمام أربعتهم عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد الخدري.

(1)

ولفظه: «الاستذكار» (8/ 355): إنما رسم مالك هذا الباب وذكر فيه عن عمر وعلي وعثمان وسعد وعائشة وبن عمر وبن الزبير أنهم كانوا يشربون قياما لما سمع فيه من الكراهية والله أعلم ولم يصح عنده الحظر وصحت عنده الإباحة فذكرها في باب أفرد لها من كتابه هذا وهي الأكثر عند العلماء وعليها جماعة الفقهاء.

ص: 328

على طريق الجادة وهي هم الأربعة السابقون أنفسهم ومعهم مطر الوراق

(1)

فقالوا: عن قتادة عن أنس رضي الله عنه وأخرج الطريقين مسلم.

2 -

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2026):

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو غَطَفَانَ الْمُرِّيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» .

وعلة هذا الطريق ضعف عمر بن حمزة.

ورواه معمر واختلف عليه فرواه عنه:

هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة نحوه أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2101) والزهري لم يسمع من أبي هريرة.

ورواه عبد الرزاق كما في «المصنف» (19589) عن معمر واختلف عليه فتارة عن معمر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الدارقطني: والصحيح عن معمر عن الأعمش.

وأخرى عن سفيان عن الأعمش به. كما في «العلل» (2125).

وثالثة معمر عن الزهري عن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه أحمد

(1)

أخرجه البزار في «مسنده» (7287) وزاد مطر: النهي عن الأكل قائمًا والمجسمة والجلالة والشرب من في السقاء. ومطر الوراق قال فيه ابن حجر: صدوق كثير الخطأ.

قال البزار: وهذا الحديث يروى بعض كلامه عن قتادة عن أنس وبعضه عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 329

(2/ 283).

ورابعة معمر عن الزهري عن أبي هريرة. كما في «المصنف» (19588).

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي الظاهر والله أعلم أن الأصح هو رواية هشام الصنعاني عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة منقطعًا

(1)

.

1 -

عدم الخلاف على هشام.

2 -

موافقة عبد الرزاق له في بعض الطرق.

هذا وعلى اية حال معمر عن الأعمش فيها مقال.

وثمة إعلال بالوقف أشار إليه عياض رحمه الله. ا هـ.

وقال نبه على الاختلاف في الألفاظ.

3 -

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (8003):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي زِيَادٍ الطَّحَّانِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَشْرَبُ قَائِمًا، فَقَالَ لَهُ:«قِهِ» قَالَ: لِمَهْ؟ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، الشَّيْطَانُ» .

وتابع محمد بن جعفر جماعة - حجاج وسعد الربيع وعبد الرحمن بن

(1)

ومن ثم طرح رواية عبد الرزاق للخلاف عليه وقلت له في النقاش هل اضطرب عبد الرزاق فيه؟ فأقرني على مقولتي - حفظه الله-.

ص: 330

زياد، وخالد بن الحارث، وحفص بن عمر وبكر بن بكار وعبد الرحمن بن زياد-

وخالفهم عمرو بن مرزوق فأثبت إبراهيم بين شعبة وأبي زياد أخرجه البزار (8822).

أبو زياد الطحان وثقه ابن معين وأبو حاتم قال فيه الذهبي في «الميزان» (7/ 369): لا يعرف. له حديثان في كتاب إغراب شعبة للنسائي. وقال ابن حجر في «لسان الميزان» (9/ 72): لا يعرف وحديثه في غرائب شعبة للنسائي.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: إسلام بن السيد بن محمد أبو المجد بتاريخ (21) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (15/ 11/ 2022 م): أبو زياد الطحان ليس من أصحاب أبي هريرة المعروفين وليس له كبير حديث وأيضًا فإنه مختلف فيه.

ص: 331

‌ساقي القوم آخِرهم شربًا

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (681):

وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ- يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ- حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ

(1)

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللهُ غَدًا» .

فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

(2)

.

قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ

(3)

، وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ. قَالَ: فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ

(4)

، مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، قَالَ: فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ.

(1)

وَثَّقه النَّسَائي وابن سعد والعِجلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال البخاري في «تاريخه الكبير»: لا يُتابَع على قوله: (مَنْ نسي صلاة، فليُصَلِّها إذا ذَكَرها ولوقتها من الغد).

(2)

"لا يلوى أحد على أحد ": أى لا يعطف عليه، ولا ينتظره. كما في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (2/ 674).

(3)

انتصف.

(4)

معناه: حتى ذهب أكثره وانهدم كما يتهور البناء.

ص: 332

قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ، مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ

(1)

، فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟» قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ. قَالَ: «مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي؟» قُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ. قَالَ: «حَفِظَكَ اللهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ» ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ؟» ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟» قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، ثُمَّ قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ، حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ.

قَالَ: فَمَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ:«احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا» فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ. قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ:«ارْكَبُوا» فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ

(2)

كَانَتْ مَعِي، فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ. قَالَ: وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ مَنْ مَاءٍ. ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ: «احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ؛ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ» ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ.

قَالَ: وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَكِبْنَا مَعَهُ. قَالَ: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ: «أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» ثُمَّ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ

(1)

أَي يَنْقَلِب وَيسْقط. «تفسير غريب الصحيحين» (ص: 112) لأبي عبد الله الحميدي.

(2)

بميضأة هي بكسر الميم وبهمزة بعد الضاد وهي الإناء الذي يتوضأ به كالركوة. «شرح النووي على مسلم» (5/ 185).

ص: 333

الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا» ثُمَّ قَالَ: «مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ، وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا.

قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ وَحَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْنَا، عَطِشْنَا. فَقَالَ:«لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي»

(1)

قَالَ: وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ، فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحْسِنُوا الْمَلَأَ

(2)

، كُلُّكُمْ سَيَرْوَى» قَالَ: فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ، حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي:«اشْرَبْ» فَقُلْتُ: لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» قَالَ: فَشَرِبْتُ، وَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً

(3)

.

قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ،

(1)

الغمر: قدح صغير، أو قعب صغير. والمعنى: جيئوني به. انظر: «كشف المشكل» (2/ 154) لابن الجوزي.

(2)

أي الخُلق. قال الفراء: أحسنوا إملاءكم، أي عَوْنَكُم من قولك: مَالأت فلانًا، أي أعنته. كما في «المعلم بفوائد مسلم» (1/ 442).

(3)

أي: ممتلئين ماءً، من جمام المكوك وهو امتلاؤه. كما في «مطالع الأنوار على صحاح الآثار» (2/ 142).

ص: 334

إِذْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ؛ فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. قَالَ: قُلْتُ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ. فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ: حَدِّثْ؛ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ. قَالَ: فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: لَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَمَا شَعَرْتُ أَنْ أَحَدًا حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ.

وتابع سليمانَ بن المغيرة الحمادان: ابن زيد وابن سلمة. وفيه: (ساقي القوم آخِرهم) أخرجهما أحمد (22546، 22577).

*- ورواه أبو داود الطيالسي عن شُعبة عن ثابت، مختصرًا دون الشاهد

(1)

. أخرجه النَّسَائي (617).

*- وتابع ثابتًا عليُّ بن زيد- وهو ضعيف- وخالدٌ الحَذَّاء، والسند إليه فيه عبد الله بن عبد الكريم، مجهول

(2)

مختصرًا بالشاهد. أخرجه أبو الشيخ في «أمثال الحديث» (182، 186).

*- ورواه قتادة عن عبد الله بن رباح، أخرجه أحمد (22575) وفيه:(ثُمَّ جَعَلَ يَصُبُّ فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ يَشْرَبُ الْقَوْمُ، حَتَّى شَرِبُوا كُلُّهُمْ).

*- ورواه خالد بن سمير عن عبد الله بن رباح، أخرجه أبو داود (438)

(1)

وفي «سُنن أبي داود» رقم (3677 - 3725): حَدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبرَاهِيمَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمُخْتَارِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» .

وتابع مسلمَ بن إبراهيم جَمْعٌ على هذا. وأبو المختار هو سفيان بن أبي حبيب، قال ابن المديني: لم يَرْوِ عنه غير شعبة. وقال ابن حجر: مقبول.

(2)

وتابعه يعقوب بن إبراهيم، كما عند الدارقطني في «علله» (6/ 157).

ص: 335

دون الشاهد.

*- ورواه مختصرًا دون (ساقي القوم .... ) حُمَيْدٌ الطويل، عن بكر بن عبد الله المُزَني، عن عبد الله بن رباح. أخرجه مسلم (683) وغيره.

وتابع حميدًا المباركُ بن فَضَالة، أخرجه أحمد (22592) بلفظ:(سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ).

*- ورواه عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ» قَالَ بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ.

فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ:«يَا بِلَالُ، أَيْنَ مَا قُلْتَ؟» قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ! قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ، قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ» فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى. أخرجه البخاري (595، 4717).

• والخلاصة: أن لفظ: (ساقي القوم آخِرهم) سندها صحيح من طريق ثابت، ولا تُعَل بطريق عبد الله بن أبي قتادة لاتساع المَخْرَج. ويَرى الباحث إعلالها

(1)

.

(1)

ودَعَّم قوله بالإعلال أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عمران بن حصين، كما عند البخاري (344)، ومسلم (682)، وأبو هريرة، كما عند مسلم (680)، وابن مسعود، أخرجه أبو داود (447)، وجُبَيْر بن مُطْعِم، أخرجه أحمد (16746)، وابن عباس، أخرجه النَّسَائي (625) - رَوَوُا الخبر كلفظ عبد الله بن أبي قتادة السابق، وليس فيه:(ساقي القوم آخِرهم).

ص: 336

أما شيخنا فقال الزيادة: سندها حسن، ولن نستطيع إعلالها لأنها في قصة طويلة.

بتاريخ (11) صفر (1444 هـ) الموافق (7/ 9/ 2022 م).

ص: 337

‌حرمة المُسْكِرات

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (26634):

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ» .

تابع ابنَ نمير جماعةٌ: شعبة، ومَرْوان الفَزَاري، وأبو شهابٍ الحَنَّاط، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي.

وعلة هذا الخبر شهر بن حَوْشَب، والاختلاف في سماع شَهْر من أُم سلمة؛ فقد قال الطبري في «تفسيره» (12/ 53): ولا نعلم لشهر سماعًا يصح عن أُم سلمة.

• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: محمد بن وجيه بن مسعد الكردي، بتاريخ (13) رجب (1443 هـ) الموافق (14/ 2/ 2022 م): ضعيف، ولفظة:«مُسْكِر» لها شواهد

(1)

.

(1)

من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه مسلم (2003) وغيره.

ومنها: حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه مسلم (2001) وغيره.

ومنها: حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه أحمد (12099) وفيه:«فَإِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وإسناده صحيح، وأصله في «الصحيحين» دون الشاهد.

ومنها: حديث بُرَيْدة رضي الله عنه، أخرجه مسلم (977) وفي سماع ابن بُرَيْدَة من أبيه كلام.

ومنها: حديث أبي موسى رضي الله عنه، أخرجه أحمد (4644) والنَّسَائي (5595) وإسناد النَّسَائي أقوى من إسناد أحمد، وكلاهما يُقَوِّي الآخَر.

ومنها: حديث ابن عباس رضي الله عنه، أخرجه أحمد (3274).

ص: 338

‌هل يجوز شرب أو استعمال يسير المسكر؟

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25784):

حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:"أُتِيَ عُمَرُ بِنَبِيذِ زَبِيبٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَطَّبَ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيهِ ثُمَّ شَرِبَ".

وتابع وكيعًا حفص بن غياث أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (6459).

وقال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25790):

حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: "اشْرَبُوا هَذَا النَّبِيذَ فِي هَذِهِ الأَسْقِيَةِ، فَإِنَّهُ يُقِيمُ الصُّلْبَ، وَيَهْضِمُ مَا فِي الْبَطْنِ، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبْكُمْ مَا وَجَدْتُمَ الْمَاءَ".

ص: 339

وهذان إسنادان صحيحان.

وقد روى نحوهما عن سعيد بن المسيب عن عمر أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (23878) والخلاف في رواية سعيد من عمر سبق وثمة طرق أخرى ضعيفة.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث أبي سهل الربعي إلى صحته وأن الأثر مفيد في باب القياس الدواء الذي به نسبة كحل كخمسة في المائة.

وقال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/ 219):

كَانَ مَا فَعَلَهُ فِي هَذَا دَلِيلًا أَنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ ذَلِكَ عِنْدَهُ، مِنَ النَّبِيذِ الشَّدِيدِ، هُوَ السُّكْرُ مِنْهُ لَا غَيْرُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا، أَوْ رَآهُ رَأْيًا. فَإِنَّ مَا يَكُونُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ يَكُونُ رَآهُ رَأْيًا، فَرَأْيُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا حُجَّةٌ، وَلَا سِيَّمَا إِذْ كَانَ فِعْلُهُ الْمَذْكُورُ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ

(1)

.

• تنبيه: هناك أثر يفيد أن النبيذ الذي شربه عمر قد خلل أخرجه النسائي في «سننه» برقم (5707):

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ:" كَانَ النَّبِيذُ الَّذِي يَشْرَبُهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ خُلِّلَ".

(1)

ورد ابن حزم على الطحاوي في «المحلى» فجدد به عهدًا.

ص: 340

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا حَدِيثُ السَّائِبِ

(1)

وإسناده صحيح.

(1)

أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 842): وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ مِنْ فُلَانٍ رِيحَ شَرَابٍ. فَزَعَمَ أَنَّهُ شَرَابُ الطِّلَاءِ وَأَنَا سَائِلٌ عَمَّا شَرِبَ. فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ تَامًّا. وإسناده صحيح.

ص: 341

‌كتاب الرقى

‌هل ثَبَت رفع: (لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ)؟

لا، بل ثَبَت أنها موقوفة.

قال الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (5705):

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، قَالَ:"لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ"

(1)

.

فَذَكَرْتُهُ

(2)

لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي

(3)

سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ: بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ: انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ هَا

(1)

في «أعلام الحديث» (3/ 2116) للخطابي: الحمة: سم كل شيء يلدغ أو يلسع، وقد ثبت أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رقى لديغًا بفاتحة الكتاب وأخذ عليه جعلًا، فطيبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«ما أدراك أنها رقية» ؟

(2)

الضمير يعود لحصين بن عبد الرحمن.

(3)

تأمل كلام ابن حجر على قوله «حتى رفع لي» فقد قال في «فتح الباري» (10/ 157): قوله: في هذه الرواية حتى وقع في سواد كذا للأكثر بواو وقاف وبلفظ في وللكشميهني حتى رفع براء وفاء وبلفظ لي وهو المحفوظ في جميع طرق هذا الحديث.

ص: 342

هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ. فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الأُفُقَ، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ».

ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ، فَأَفَاضَ القَوْمُ وَقَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ، أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلَامِ، فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ.

فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ فَقَالَ:«هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» .

فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ قَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» .

وخالف محمدَ بن فُضَيْل الجماعةٌ مالك بن مِغْوَل، أخرجه أحمد (19930) وأبو داود (3884)، وشعبة بن الحَجَّاج، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1449)، وإسماعيل بن زكريا، أخرجه البيهقي (19589) وسفيان بن عُيينة، أخرجه الحُمَيْدي (858) والترمذي (2057) فرفعوا الخبر مختصرًا: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ» .

والصواب رواية الجماعة عن حُصَيْن بالرفع، لكن مُعَلّ بالإرسال؛ لكون الشَّعْبي لم يَسمع من عمران. قاله ابن حجر في «فتح الباري» (10/ رقم الخبر 5705).

*- ورواه جماعة عن حُصَيْن بن عبد الرحمن عن الشَّعبي عن بُرَيْدة مرفوعًا وموقوفًا، فرواه بالرفع أبو جعفرٍ الرازي- وهو صدوق سيئ الحفظ- أخرجه ابن ماجه (3513)، وعَبَّاد بن العوام، أخرجه الروياني في «مسنده» (52)، وأبو عَوَانة، كما عند ابن عبد البر في «الاستذكار» (40019).

ص: 343

وخالفهم هُشَيْم بن بَشِير فأوقفه، أخرجه أحمد (2449) ومسلم (220)

(1)

وابن حبان (6430).

(1)

رقم (220): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: " أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ؟

قُلْتُ: أَنَا. ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ، وَلَكِنِّي لُدِغْتُ.

قَالَ: فَمَاذَا صَنَعْتَ؟

قُلْتُ: اسْتَرْقَيْتُ.

قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟

قُلْتُ: حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ.

فَقَالَ: وَمَا حَدَّثَكُمُ الشَّعْبِيُّ؟

قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:" لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ".

فَقَالَ: قَدْ أَحْسَنَ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ، وَلَكِنْ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَقَوْمُهُ، وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ. فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ» .

ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللهِ. وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ.

فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟» فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ:«هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْقُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» .

فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ: «أَنْتَ مِنْهُمْ» ؟ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» .

ص: 344

وتابعه شعبة بن الحَجَّاج، أخرجه البيهقي (19545) و «جزء محمد بن عاصم» (40).

وتابع حُصَيْنَ بن عبد الرحمن على الرفع والوقف- جماعة بأسانيد ضعيفة

(1)

أقواها محمد بن فُضَيْل، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشَّعْبي، عن ابن مسعود موقوفًا. أخرجه ابن أبي شيبة (23537) والشَّعبي لم يَسمع من ابن مسعود.

• والخلاصة: أن سند هُشَيْم عن حُصَيْن بن عبد الرحمن عن الشَّعْبي عن بُرَيْدة موقوفًا- صحيح، وقد تابع هُشيمًا شعبةُ، وروايته عن حُصَيْن قبل الاختلاط، ورواية البخاري بالوقف تؤيد، وإن كان يُعَكِّر عليها إرسال الشَّعْبي عن عمران.

وكَتَب شيخنا مع الباحث: علي بن محمد بن إبراهيم القناوي، بتاريخ (24) صفر (1444 هـ) الموافق (20/ 9/ 2022 م): رَاجِع مع أحد إخوانك.

وأخرجه مسلم رقم (220): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به.

(1)

منها وهم شَرِيكٍ النَّخَعي، فجَعَله من مسند أنس. ورواه مُجالِد بن سعيد- وهو ضعيف- فجَعَله من مسند جابر، وتارة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه جابرٌ الجُعْفي- وهو ضعيف- فجَعَله عن عائشة رضي الله عنها موقوفًا.

ص: 345

كتاب الطب

‌الوقاية خير من العلاج

سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 291) حديث قتادة بن النُّعْمَان، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا، كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ المَاءَ» .

ثم عَرَضه الباحث: عمرو بن عمران، بتاريخ (18) صفر (1444 هـ) الموافق (14/ 9/ 2022 م) فأفاد خلافًا على محمود بن لَبِيد، تارة عن قتادة بن النعمان، وأخرى عن رافع بن خَدِيج، وثالثة عن أبي سعيد، ورابعة بدونهم، فالخلاف حيثما دار فكلهم صحابة رضي الله عنهم.

وكَتَب شيخنا: على أية الوجوه كان السند، فالسند صحيح.

قال ابن ماجه رقم (3466):

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَامِنٌ» .

وعِلته ابن جُريج عن عمرو بن شُعَيْب.

قال البخاري كما في «العلل الكبير» (ص: 108): ابن جُريج لم يَسمع من عمرو بن شُعَيْب.

ص: 346

وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن عبد الله، والحُمَيْدي، وإسحاق بن إبراهيم- يحتجون بحديث عمرو بن شُعَيْب، وشُعَيْب قد سَمِع من جَده.

وقال شيخنا لما ناقشه الباحث: أحمد النمر بتاريخ (9) شوال (1443 هـ) و (10/ 5/ 2022 م) زد على العلة السابقة: الاختلاف على ابن جريج وقد رواه عبد الرزاق وهو أثبت عن كتاب لعمر بن عبد العزيز. كما في «مصنفه» رقم (18044): عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا مُتَطَبِّبٍ لَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا، يَتَطَبَّبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، بِحَدِيدَةِ النمَاس المثاله، فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا أَصَابَ» .

ص: 347

‌إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ

قال الإمام مسلم رقم (1984):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ - أَوْ كَرِهَ - أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ:«إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» .

وتابع محمد بن جعفر جمع منهم وكيع وحجاج وابن المبارك وروح بن عبادة ومسلم بن إبراهيم وغيرهم.

وتابع شعبة إسرائيل أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (17101) وعنه أحمد (18859).

وخالفهما حماد بن سلمة فقال عن سماك عن علقمة عن طارق بن سويد أو سويد بن طارق

(1)

أخرجه أحمد (18787) وابن أبي شيبة في «مسنده» (651)،

(1)

اختلف في اسمه فقال ابن مندة: سويد بن طارق وهم. وقال البغوى: الصحيح عندى طارق بن سويد. وقال أبو حاتم الرازى: سويد بن طارق أشبه.

وقال البخارى: فى اسمه نظر.

ص: 348

وابن حبان (1389)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2476).

• والخلاصة: أن رواية شعبة وإسرائيل أصح؛ لأنهما أقوى في سماك ومنصوص على شعبة أنه سمع منه قديمًا وإخراج مسلم لهذا الوجه ولكون رواية حماد بن سلمة عن سماك جاءت في مسلم على المتابعة

(1)

.

أما شيخنا فكتب مع الباحث: كريم بن محمد بتاريخ (30) صفر (1444 هـ) الموافق (26/ 9: 2022 م): تراجع كتب العلل إن لم تكن روجعت.

هل راجعت ترجمة طارق بن سويد من الإصابة وهل راجعت سماع علقمة منه؟

(1)

رقم (1821) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً» ، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» .

ص: 349

‌كتاب اللباس

‌فضل الثوب الجديد

سبق في «سلسلة الفوائد» (4/ 374) فيه خبر من حديث ابن عمر رضي الله عنهما لكنه معل بالإرسال.

وسبق كذلك حديث أبي سعيد الخدري وأنه معل لكن ورد له طريق نازل عند أبي يعلى والحاكم عن أبي أسامة عن الجريري فنقل الباحث: محمد أبو عسكرية عن بعض المخرجين أنه حماد بن زيد فرده شيخنا لأمرين:

1 -

نزول السند.

2 -

الاختلاف على الجريري ولعل الخطأ منه لاختلاطه.

أفاده شيخنا مع الباحث: محمد أبو عسكرية بتاريخ (4) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (3/ 7/ 2022 م).

ثم تعقب ذلك الباحثَ: الباحثُ أحمدُ بنُ علي أنه لم يصرّ على حماد بن زيد بل أبي أسامة فتراجع الباحث وأعطى شيخنا عسلًا لأحمد بن علي، وطلب من الباحث التراجع وقد تم في المجلس ولله الحمد.

*-وما أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4023):

حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي

ص: 350

أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» قَالَ: وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» .

وسهل بن معاذ ضعفه ابن معين والذهبي.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد أبو عسكرية بتاريخ (26) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (26/ 6/ 2022 م): أين الشواهد.

ص: 351

‌حكم لبس الثياب المُصنَّعة من جلود السباع

قال أبو داود في «سُننه» رقم (4131):

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدٍ قَالَ: " وَفَدَ الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، مِنْ أَهْلِ قِنَّسْرِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: أَعَلِمْتَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ تُوُفِّيَ؟

فَرَجَّعَ الْمِقْدَامُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتَرَاهَا مُصِيبَةً؟

قَالَ لَهُ: وَلِمَ لَا أَرَاهَا مُصِيبَةً، وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ، فَقَالَ:«هَذَا مِنِّي» وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ؟

فَقَالَ الْأَسَدِيُّ: جَمْرَةٌ أَطْفَأَهَا اللَّهُ عز وجل.

قَالَ: فَقَالَ الْمِقْدَامُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَبْرَحُ الْيَوْمَ حَتَّى أُغَيِّظَكَ، وَأُسْمِعَكَ مَا تَكْرَهُ!

ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنْ أَنَا صَدَقْتُ فَصَدِّقْنِي، وَإِنْ أَنَا كَذَبْتُ فَكَذِّبْنِي. قَالَ: أَفْعَلُ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ

ص: 352

وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَوَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَيْتِكَ يَا مُعَاوِيَةُ.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْكَ يَا مِقْدَامُ!

قَالَ خَالِدٌ: فَأَمَرَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ لِصَاحِبَيْهِ، وَفَرَضَ لِابْنِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ، فَفَرَّقَهَا الْمِقْدَامُ فِي أَصْحَابِهِ. قَالَ: وَلَمْ يُعْطِ الْأَسَدِيُّ أَحَدًا شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: أَمَّا الْمِقْدَامُ فَرَجُلٌ كَرِيمٌ بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا الْأَسَدِيُّ فَرَجُلٌ حَسَنُ الْإِمْسَاكِ لِشَيْئِهِ.

وتابع عمرَو بن عثمان حَيْوَة بن شُرَيْح وأسد بن موسى.

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: محمد أبو عسكرية، بتاريخ (19) رجب (1443 هـ) الموافق (20/ 2/ 2022 م):

1 -

تُبْحَث [رواية بقية في بَحِير].

2 -

يُبحث هل ضَعَّفه أحد من الأولين؟

3 -

هل له شواهد؟ اه.

قال الإمام أحمد كما في «موسوعة أقوال أحمد» (1/ 162): بقية إذا حَدَّث عن المعروفين مثل بَحِير بن سعد وغيره (قُبِلَ).

ص: 353

‌هل يُشترط وضع شيء على الكتف؟

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (21786):

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ- عَنِ ابْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أُسَامَةَ قَالَ: "كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبْطِيَّةً

(1)

كَثِيفَةً، كَانَتْ مِمَّا أَهْدَاهَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقُبْطِيَّةَ؟!» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً؛ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا» .

وتابع زهيرًا عبيدُ الله بن عمرو، كما عند أحمد وغيره. وتابعهما أبو مالك النَّخَعي - وهو ضعيف- أخرجه ابن أبي شيبة.

وخالف هؤلاء الثلاثة بِشْر بن المُفَضَّل قال عن ابن عَقِيل عن ابن عمر، أخرجه مُسَدَّد كما في «إتحاف الخِيَرة» وابن عَقِيل لم يَسمع من ابن عمر.

وتابع ابن عَقِيل موسى بن عقبة، أخرجه البزار، لكن في سنده خالد بن يوسف، ضعيف، وأبوه يوسف بن خالد متروك.

وللخبر شاهد دون لفظ "غِلَالَة" أخرجه أبوداود في «سُننه» رقم (4116):

(1)

بضم القاف ثياب تجلب من مصر.

ص: 354

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ

(1)

، حَدَّثَهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَبَاطِيَّ، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قُبْطِيَّةً، فَقَالَ:«اصْدَعْهَا صَدْعَيْنِ، فَاقْطَعْ أَحَدَهُمَا قَمِيصًا، وَأَعْطِ الْآخَرَ امْرَأَتَكَ تَخْتَمِرُ بِهِ» فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ: «وَأْمُرِ امْرَأَتَكَ أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبًا لَا يَصِفُهَا» .

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، فَقَالَ: عَبَّاسُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

• وهذا الشاهد به علل:

1 -

مداره على موسى بن جُبَيْر، وهو ضعيف.

2 -

الاختلاف على موسى بن جُبَيْر في اسم شيخه؛ فقد خالف ابنَ لهيعة يحيى بنُ أيوب عن موسى عن عباس بن عُبيد الله. وتارة عباس بن عبد الله، كما عند الحاكم والبيهقي، وقال البخاري: عباس بن عبيد الله أكثر.

3 -

خالد بن يزيد لم يَسمع من دحية، قاله الذهبي.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: حسام الدين بن محمد بن سليمان الإسماعلاوي

(2)

بتاريخ (23) رجب (1443 هـ) الموافق (24/ 2/ 2022 م)

(1)

عند الطبراني: عبد الله بن عياش. وفي «معرفة الصحابة» : عبد الله بن عباس.

(2)

وُلد بتاريخ (9/ 9/ 1986 م) حاصل على ماجستير في الجودة من جامعة القاهرة، وهذا ثاني حديث للتدرب، والخبر الأول:«لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» وهو خبر ضعيف.

ص: 355

إلى ضعف خبر أسامة رضي الله عنه؛ لاختياره ضعف ابن عقيل.

وضَعَّف الشاهدَ بنحو العلل السابقة، ونَبَّه على أن الأخوات المتدينات يتشددن في الملبس بهذا الخبر، ومعلوم أن السَّتر أصل للمرأة، إذا لَبِسَتْ ملابس شفافة أن تضع تحتها ما يسترها، وإن لم يصح الخبر.

ص: 356

‌لباس الشهرة

1 -

قال أبو داود في «سُننه» رقم (4029):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- يَعْنِي ابْنَ عِيسَى- عَنْ شَرِيكٍ

(1)

، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ الشَّامِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ، أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ» زَادَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ: «ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ".

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: ثَوْبَ مَذَلَّةٍ.

وعِلته المُهاجِر الشامي، فيه جهالة.

ورُوي من طريق ليث بن أبي سُلَيْم وهو ضعيف، عن رجل، عن ابن عمر. أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (19979) وقال أبو حاتم في «العلل» (4/ 341): الموقوف أصح.

2 -

قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (3608):

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ مُحْرِزٍ النَّاجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَهْمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ

(1)

- وشريك يَرْفَعُهُ.

ص: 357

لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ، أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى يَضَعَهُ مَتَى وَضَعَهُ».

وتابع العباسَ بن يزيد رَوْح بن عبد المؤمن، أخرجه البيهقي في «الشُّعَب» (6230)، وأبو نُعَيْم في «الحِلْيَة» (5406).

عِلته عثمان بن جَهْم، ذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وقال ابن حجر: مقبول.

3 -

قال الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (2906):

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْقَزَّازُ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رضي الله عنهما يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَبِسَ مَشْهُورًا مِنَ الثِّيَابِ، أَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

وعلته أبو سعيد التيمي، ضعيف.

4 -

قال الحارث بن أبي أسامة في «بغية الباحث» رقم (1094):

حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَبِسَ ذَا شُهْرَةٍ أَوْ رَكِبَ ذَا شُهْرَةٍ، أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيًّا» .

وعِلته داود بن المُحبَّر، وضاع.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد أبو عسكرية، بتاريخ (10) شعبان (1443 هـ) الموافق (13/ 3/ 2022 م): كل الأخبار فيها ضعف، ولا نستطيع تحريم كل ثوب شهرة، كأهل الأزهر وأهل القضاء وأهل الجيش والمناقشين للرسائل. اه.

ص: 358

‌خلع الثياب في غير البيت

قال عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (1142):

عَنِ الثَّورِيِّ، عَنْ مَنصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي مُلَيْحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَتَيْنَهَا نِسَاءٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَتْ:"لَعَلَّكُنَّ مِنَ الْكُورَةِ الَّتِي تَدْخُلُ نِسَاؤُهَا الْحَمَّامَاتِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَتْ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، فَقَدْ هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عز وجل»، أَوْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عز وجل".

تابع عبد الرزاق وكيع أخرجه ابن ماجه (3750).

وتابع سفيان الثوري شعبة أخرجه الطيالسي (1621) ومن طريقه الترمذي (2803)، والحاكم (7781) لكن جاءت رواية فيها عطف قد يفهم شخص أن ثمة واسطة بين أبي المليح وعائشة رضي الله عنها وليس كذلك بل رواية حجاج أبهمت أبا المليح ورواية محمد بن جعفر نصت عليه هاكها.

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (25407):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ حَجَّاجٌ: عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: "دَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: أَنْتُنَّ اللَّاتِي تَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ سِتْرًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ

ص: 359

وَجَلَّ» قَالَ حَجَّاجٌ: «إِلَّا هَتَكَتْ سِتْرَهَا» .

خالف شعبة وسفيان الأعمش كما عند أحمد (24140)، وجرير بن عبد الحميد كما عند أبي داود (4010)، ومسند إسحاق (1605) فأسقطا أبا المليح، و رواية الثوري وشعبة بالوصل أصح، وكذا قال الدارقطني في «علله» رقم (3745).

• الخلاصة: هل سمع أبو المليح من عائشة أو لا؟

قال عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الكبرى» (1/ 406): وأبو المليح لم يسمعه من عائشة.

• وللخبر شاهد:

من حديث أم الدرداء أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (27038):

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَبَّانُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، تَقُولُ: خَرَجْتُ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ؟» قَالَتْ: مِنَ الْحَمَّامِ، فَقَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا، إِلَّا وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ» تابع ابن لهيعة رشدين بن سعد أخرجه أحمد (27038) والطبراني في «الكبير» (6460).

تابع معاذ بن أنس يحنس أبو موسى أخرجه أحمد (27041) والطبراني في «الكبير» (652).

أما طريق زبان فإنه منكر الحديث جدًّا وبخاصة في روايته عن سهل بن معاذ

ص: 360

أفاده ابن حبان وابن حجر.

وزاد ابن حجر في «الإصابة» هذا إسناد ضعيف جدًّا.

وينظر في سماع يُحَنَّس من أم الدرداء الكبرى.

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: حسن بن محمد السويسي بتاريخ الأحد (19) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (19/ 6/ 2022 م): إلى ضعفه بالانقطاع وقوى ذلك بقول حجاج في رواية أحمد عن رجل وفي الأخير نظر كما سبق.

ص: 361

‌المرأة عورة

قال ابن حِبان في «صحيحه» رقم (5598):

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ

(1)

، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ أَقْرَبَ مِنْهَا فِي قَعْرِ بَيْتِهَا» .

وتابع عمرَ بن محمد ابنُ خُزيمة في «صحيحه» رقم (1686).

وخالف سليمانَ بن طَرْخَان والدُ المُعتمِر سُوَيْدٌ أبو حاتم، وهو يُخَلِّط في قتادة

(2)

فأَدْخَل مُوَرِّقًا بين قتادة وأبي الأحوص. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8096).

(1)

تابع قتادة:

1 -

إبراهيم الهَجَري، وهو ضعيف، والأسانيد إليه نازلة. أخرجه البيهقي (5363)، والطبراني (9478).

2 -

حُميد بن هلال، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (7616) وغيره.

3 -

وخالفهم أبو إسحاق فأوقفه، أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» (17710) وغيره.

(2)

قال ابن عَدِيّ: حديثه عن قتادة ليس بذاك، وسُوَيْد فيه ضعف، وإنما يُخَلِّط عن قتادة، ويأتي عنه بأحاديث لا يأتي بها عنه أحد غيره، وهو إلى الضعف أقرب.

ص: 362

• وتابعه همام في السند بإثبات مُوَرِّقٍ العِجْلي

(1)

وخالفه في المتن، أخرجه أبو داود في «سُننه» رقم (570):

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا» .

وقال ابن خُزيمة في «صحيحه» (2/ 814):

وَإِنَّمَا قُلْتُ: (وَلَا هَلْ سَمِعَ قَتَادَةُ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ؟) لِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ مُوَرِّقًا مِنَ الْإِسْنَادِ. وَهَمَّامٌ وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ أَدْخَلَا فِي الْإِسْنَادِ مُوَرِّقًا، وَإِنَّمَا شَكَكْتُ أَيْضًا فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنِّي لَا أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ قَتَادَةَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ مُوَرِّقٍ.

ثم عنون بابًا عَلَّق فيه الحُكْم على صحة الخبر فقال: بَابُ اخْتِيَارِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، إِنْ كَانَ قَتَادَةُ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ مُوَرِّقٍ.

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: أبي الحسن إبراهيم بن فراج المنصوري، بتاريخ الخميس شهر شعبان (1443 هـ) الموافق (10/ 3/ 2022 م):

1 -

احكم على هذا السند، أي: سند أبي داود.

2 -

انظر هل في كل الطرق «إذا خَرَجَتْ

» «وأَقْرَب ما تكون» . اه.

(1)

وثقه النَّسَائي وابن سعد والعِجْلي، ورَوَى عنه جَمْع.

ص: 363

‌كتاب الزينة

اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بيته الأفضل في الزينة إن ثبت الخبر

(1)

قال الإمام النسائي في «سننه» رقم (5136):

أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا عُشَّانَةَ هُوَ الْمَعَافِرِيُّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يُخْبِرُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْنَعُ أَهْلَهُ الْحِلْيَةَ وَالْحَرِيرَ وَيَقُولُ:«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ حِلْيَةَ الْجَنَّةِ، وَحَرِيرَهَا فَلَا تَلْبَسُوهَا فِي الدُّنْيَا» .

وهذا المتن يرجع إلى ما أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» رقم (6676):

(1)

لعموم قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32]. وإن كان سياق الآية في الثواب والعقاب.

وأنص في الدلالة ما أخرجه البخاري رقم (5361):

عن عَلِيّ رضي الله عنه، "أَنَّ فَاطِمَةَ عليهما السلام، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ:«عَلَى مَكَانِكُمَا» ، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ:«أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، أَوْ: أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا، فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ» .

ص: 364

حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَبَحْرٌ، قَالَ يُونُسُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ بَحْرٌ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ أَبِي رُقَيَّةَ اللَّخْمِيَّ، حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ، يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ أَمَا لَكُمْ فِي الْقُطْنِ، فِي الْكَتَّانِ، مَا يُغْنِيكُمْ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؟ وَهَذَا فِيكُمْ رَجُلٌ، يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُمْ يَا عُقْبَةُ. فَقَامَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا حُرِمَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْآخِرَةِ»

(1)

.

• ووجوه الربط ثلاثة:

الصحابي واحد وهو عقبة والمدار على ابن وهب عن عمرو بن الحارث وثمة اشتراك في الرواة عن ابن وهب وهم:

بحير بن نصر وحرملة روياه على الوجهين في حين رواه وهب بن بيان على متن كان يمنع.

• الخلاصة: كتب وقال شيخنا مع الباحث: د/ محمد ياسين: في هذا الحديث اختلاف في السند والمتن والله أعلم. لكن يشهد للمتن الثاني عمومات. والتوجيه على فرض الثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار لأهل بيته الأفضل.

(1)

وهذا المتن له شواهد منها ما أخرجه مسلم وغيره.

ص: 365

‌إكرام الشعر

(1)

قال أبو داود في «سننه» رقم (4163):

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ» .

وتابع ابن وهب داود بن عمر الضبي كما عند الطحاوي.

وتابعهما سعيد بن منصور من رواية معاذ بن المثنى عنه أخرجه البيهقي في «الشعب» (6030).

(1)

ومما يدل على إكرام الشعر إهلاله صلى الله عليه وسلم ملبدًا كما في البخاري (1540) ومسلم (1184).

وفيما أخرجه البخاري (5918) ومسلم (1190): عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:" لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُهِلُّ".

وفي وصفه صلى الله عليه وسلم عيسى بن مريم صلوات ربي وسلامه عليهما: " فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ".

أخرجه البخاري (3440) وعموم "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ" أخرجه مسلم (91) وقد سبق في «سلسلة الفوائد» .

ص: 366

وخالف معاذًا إسماعيل بن عبد الله العبدي فقال: ابن أبي ذئب بدلًا من ابن أبي الزناد أخرجه أبو نعيم كما في «تسمية ما انتهى إلينا من الرواة) رقم (17) ط العاصمة.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: د/ محمد بن ياسين بتاريخ

(1)

(22) شوال (1443 هـ) الموافق (23/ 5/ 2022 م): حجتك في توهيم رواية من روى ابن أبي ذئب ما يلي:

1 -

نزول السند. 2 - الأكثرون على ابن أبي الزناد. 3 - سعيد بن منصور نفسه قد رواه عن ابن أبي الزناد وهو نفسه الذي رواه عن ابن أبي ذئب.

4 -

ليس لابن أبي ذئب رواية عن سهيل.

هل أعله أحد بهذه العلة؟ زعم ما وقف ثم قال الأخ إسماعيل بن عرفة -حفظه الله-إن الطبراني في «الأوسط»

(2)

ذكر تفرد بن أبي الزناد به. ا هـ.

وأفاد الباحث: سيد البدوي -حفظه الله- أن الذهبي في «ميزان الاعتدال» (2/ 507) عدّه أنه من مناكير ابن أبي الزناد.

• تنبيه: هذا مثال للمتابعات التي لا يعتد بها لنزول السند والاختلاف فيها على سعيد بن منصور وأن الخبر معروف من رواية ابن أبي الزناد.

*ورد في وصف الأحنف بن قيس لأبي ذر رضي الله عنه: "فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالهَيْئَةِ". أخرجه البخاري (1407).

(1)

وعرضه من قبل بتاريخ (20) شوال (1443 هـ) الموافق (21/ 5/ 2022 م): إلى ضعف الخبر.

(2)

رقم (8485) وقال عقبه: لَمْ يَرْوِ هَذا الحَديث عَنْ سُهَيْلٍ، إلاَّ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ.

ص: 367

‌يُكْرَه نتف الشيب، ويُستحَب تغييره بالصبغ

• أولًا- سَبَق في «سلسلة الفوائد» (4/ 430) حديث في فضل الشيب يصح لشواهده وهو: «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ؛ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَشِيبُ فِي الْإِسْلَامِ شَيْبَةً، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» .

• ثانيًا- سبق في «صحيح مسلم» أنه صلى الله عليه وسلم قال: في شأن والد أبي بكرٍ الصِّديق: «غَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ» .

وحَمَل الجمهور- من المالكية كما في «المنتقى» : سُئل مالك عن نتف الشيب، فقال: ما عَلِمْتُه حرامًا، وتَرْكه أَحَبُّ إليَّ. والشافعية كما في «المجموع» وفيه: يُكْرَه نتف الشيب. والحنابلة كما في «المغني» وفيه: يُكْرَه نتف الشيب- النهي على الكراهة.

ص: 368

‌سد الذرائع في الزينة

قال ابن حبان في «صحيحه» رقم (5968):

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْأَحْمَرَيْنِ: الذَّهَبِ وَالْمُعَصْفَرِ» .

وتابع سفيان أبو حاتم الرازي كما في «شعب الإيمان» (5780).

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: د/ محمد ياسين، بتاريخ (2) ربيع (1444 هـ) الموافق (28/ 9/ 2022 م): في سنده عباد بن عباد مختلف في تعيينه فنسبه العلامة الألباني إلى المهلبي وحسنه وغيره يرى أنه آخر ضعيف.

ويرى شيخنا أن محمد بن عمرو لا يتحمل هذا الحديث وعلى فرض ثبوته فموجه على أن النساء يتبرجن بهما.

ص: 369

‌خروج المرأة إلى المسجد

سبقت أدلة خروج المرأة إلى المسجد غير متطيبة في «سلسلة الفوائد» (4/ 384) ويضاف إليها أمران:

1 -

لفظة مختلف فيها، قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (5468):

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» قَالَ: فَقَالَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: بَلَى وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَسْمَعُنِي أُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ مَا تَقُولُ؟!

وأصل الحديث في «الصحيحين» دون لفظ: "وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ".

وهذه من زيادات حبيب، ولم يَسمع من ابن عمر. قاله ابن المَديني.

2 -

أقوال المذاهب:

1 -

في «البناية شرح الهداية» (2/ 354) للعيني: (قال: ويُكْرَه لهن حضور الجماعات) ش: أي: يُكْرَه للنساء (يَعني الشواب منهن) ش: وهي جَمْع شابة.

2 -

وهذه اللفظة بإطلاقها تَتناول الجُمَع والأعياد والكسوف والاستسقاء. وعن الشافعي: يباح لهن الخروج: (لِما فيه) ش: أي: في حضورهن الجماعة م: (مِنْ خوف الفتنة) ش: عليهن من الفساق، وخروجهن سبب للحرام، وما

ص: 370

يُفضِي إلى الحرام فحرام. وذَكَر في كتاب الصلوات مكان الكراهة: الإساءة، والكراهة فُحش.

قلت: المراد من الكراهة التحريم ولا سيما في هذا الزمان لفساد أهله.

وفي «المدونة» (1/ 195): قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلنِّسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ إِلَى الْعِيدَيْنِ، أَوْ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ؟ قَالَ: أَمَّا الْخُرُوجُ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَكَانَ يَقُولُ: لَا يُمْنَعْنَ. وَأَمَّا الِاسْتِسْقَاءُ وَالْعِيدان، فَإِنَّا لَا نَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ كُلُّ امْرَأَةٍ مُتَجَالَّةٍ

(1)

.

وفي «المجموع» (4/ 197) للنووي:

وأما النساء فجَمَاعتهن في البيوت أفضل؛ لِما رَوَى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن» .

فإن أرادت المرأة حضور المساجد مع الرجال، فإن كانت شابة أو كبيرة تُشتهَى، كُرِه لها الحضور. وإن كانت عجوزًا لا تُشتهَى لم يُكرَه؛ لِما رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء عن الخروج، إلا عجوزًا في منقليها.

(1)

وفي «البيان والتحصيل» (1/ 422) لابن رُشْد: وتلخيص هذا الباب على تحقيق القول فيه عندي أن النساء أربع:

- عجوز قد انقطعت حاجة الرجال منها، فهي كالرجل في ذلك.

- ومُتَجَالَّة لم تَنقطع حاجة الرجال منها بالجملة، فهي تَخْرج إلى المسجد ولا تُكثِر التردد، كما قال في الرواية.

- وشابة من الشواب، فهذه تَخرج إلى المسجد في الفرط وفي جنائز أهلها وقرابتها.

- وشابة فاذة في الشباب والثخانة، فهذه الاختيار لها ألا تَخْرج أصلًا. وبالله التوفيق.

ص: 371

وفي «المغني» (3/ 38) لابن قدامة: ويباح لهن حضور الجماعة مع الرجال؛ لأن النساء كن يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مَخْدَعها

(1)

أفضل من صلاتها في بيتها»

(2)

.

وقال ابن حزم في «المُحَلَّى» (3/ 129): ولا يَحِل لولي المرأة ولا لسيد الأَمَة مَنْعهما من حضور الصلاة في جماعة في المسجد، إذا عُرِف أنهن يُرِدن الصلاة. ولا يَحِل لهن أن يَخرجن متطيبات ولا في ثياب حسان، فإن فَعَلَتْ فليَمنعها، وصلاتهن في الجماعة أفضل من صلاتهن منفردات.

• الخلاصة: أَقَر شيخنا الباحث: محمد بن رمضان الشرموخي (26) محرم (1444 هـ) الموافق (24/ 8/ 2022 م) على تفصيل ابن حزم رحمه الله.

(1)

(المُخْدَع) بضم الميم وفتح الدال: بيت صغير يُحفَظ فيه الأمتعة، فالمرأة إذا كانت في المُخْدَع تكون أسترَ من أن تكون في البيت، وفي البيت أسترَ من أن تكونَ في الحجرة، وإذا كانت أسترَ فصلاتُها أفضلُ. انظر:«المفاتيح في شرح المصابيح» (2/ 219).

(2)

وفي «كشاف القناع عن متن الإقناع» (1/ 456): (ويُكْرَه حضورها) أي: جماعة الرجال (لحسناء) شابة أو غيرها؛ لأنها مَظِنة الافتتان (ويباح) الحضور (لغيرها) أي: غير الحسناء، تَفِلة غير متطيبة، بإذن زوجها. وبيتها خير لها؛ للخبر.

ص: 372

‌كتاب الآداب

‌اختيار الله لعبده أفضل من اختيار العبد لنفسه

قال تعالى في غزوة بدل: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 5 - 8].

وقال جل ذكره عمومًا: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

وقال تعالى في قصص نبي الله موسى عليه السلام: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61].

1 -

قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2560):

2 -

حَدثنا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.

ص: 373

وتابع قتيبة يونس بن محمد وشبابة بن سوار وعاصم بن علي وعبد الله بن صالح.

وخالف الليث بن سعد اثنان فأبدلا سعد بن سنان إلى سنان بن سعد وهما: أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (2050) والحاكم في «مستدركه» (8799) من طريق ابن وهب عنهما.

وسعد بن سنان لم يرو عنه إلا يزيد بن أبي حبيب ووثقه ابن معين وضعفه أحمد والنسائي والدارقطني وابن سعد قال أحمد: روى خمس عشر حديثًا منكرًا ما أعرف منها واحدًا.

وهل هو سنان بن سعد وحدث قلبٌ أم هما ترجمتان؟

قال أحمد: لم أكتب أحاديث سنان بن سعد؛ لأنهم اضطربوا فيها فقال بعضهم: سعد بن سنان وبعضهم: سنان بن سعد.

وقال: يشبه حديثه حديث الحسن ولا يشبه حديث أنس

(1)

.

(1)

هذه العلة لها مثال آخر عند أحمد في أحاديث معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير وأنها تشبه أحاديث بن لهيعة.

ففي «شرح علل الترمذي» (2/ 793): معقل بن عبيد الله الجزري، ثقة، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة ويقول: يشبه حديثه حديث ابن لهيعة.

ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير، فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء.

تنبيه: لكن ثمة أحاديث لم يجد الباحث: أحمد بن عبد الباسط الفيومي لها متابعة من ابن لهيعة.

ص: 374

• وله شاهد أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (16806):

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَعَلَ يُلَاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَهْ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ - وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: ذَهَبَ بِالْجَاهِلِيَّةِ - وَجَاءَنَا بِالْإِسْلَامِ. فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَأَصَابَ وَجْهَهُ الْحَائِطُ، فَشَجَّهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ:«أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا. إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ عَيْرٌ» .

قال أبو نعيم في «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء» (3/ 25): غريب من حديث يونس، عن الحسن، تفرد به حماد. وعير: جبل بالمدينة شبه النبي صلى الله عليه وسلم عظم ذنوبه وكثرتها به.

• وعلة هذا السند:

1 -

أن حماد بن سلمة يخطيء في يونس بن عبيد كما نص الإمام مسلم

(1)

(1)

في «التمييز» (ص: 153): وحماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت، كحديثه عن قتادة، وأيوب، ويونس، وداود بن أبي هند، والجريري، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم، فإنه يخطاء في حديثهم كثيرًا.

وغير حماد في هؤلاء أثبت عندهم، كحماد بن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع، وابن علية.

وعلى هذا المقال الذي وصفنا عن حماد في حسن حديثه وضبطه، عن ثابت، حتى صار أثبتهم فيه جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، ويزيد بن الأصم، فهو أغلب الناس عليه، والعلم بهما وبحديثهما.

ص: 375

2 -

والحسن البصري مدلس وقد عنعن، وإن قال الإمام أحمد: سمع الحسن من عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.

3 -

وهذا المتن يعارضه ما أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (2688):

حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ - أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلَا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ

(1)

.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: علي بن محمد القناوي بتاريخ جمادى (1444 هـ) موافق (10/ 12/ 2022 م): الخبر ضعيف.

(1)

أفاد الدليل المعارض الباحث: عبد المنعم البحراوي فأثنى شيخنا على عقليته وحثه على مواصلة العرض والبحث.

ص: 376

‌احرص على ما ينفعك

قال الإمام الترمذي في «سننه» رقم (2317)

(1)

:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» .

وتابع إسماعيل بن عبد الله بن سماعة جماعة: محمد بن شعيب والوليد بن مزيد وعمارة بن بشير وبشر بن بكر وغيرهم عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

وقرة بن عبد الرحمن ضعيف الرواية عن الزهري وأين أصحاب الزهري كمعمر و يونس، والزبيدى، وعقيل، و ابن عيينة من رواية الخبر بل كما سيأتي أن مالكًا يرويه عن الزهري عن علي بن الحسين مرسلًا.

وأما قول الأوزاعي: ما أحد أعلم بالزهرى من ابن حيوئيل.

فيظهر من هذه القصة أن مراد الأوزاعى أنه أعلم بحال الزهرى من غيره، لا فيما يرجع إلى ضبط الحديث، و هذا هو اللائق، والله أعلم. انظر التهذيب.

(1)

أخرجه ابن ماجه (3976) وابن حبان (229).

ص: 377

وخالفهم بقية بن الوليد وهو مدلس فأسقط قرة وتابعه عمر بن عبد الواحد وأبو المغيرة ورواية الجماعة بإثبات قرة أرجح وثم خلافات أخر انظر «علل الدارقطني» (8/ 25).

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (108) والطبراني في «الأوسط» (2881) وأبو الشيخ في «الأمثال» (53) وغيرهم من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله العمري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به.

وقال الطبراني عقيب الخبر: لم يرو هذا الحديث عن سهيل إلا عبد الرحمن بن عبد الله.

وسئل أبو حاتم كما في «العلل» (1888) عن هذا الطريق فقال: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ جِدًّا بهذا الإسناد.

وقال الدارقطني في «علله» (8/ 27): وروى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، ولا يصح عن سهيل، والصحيح حديث الزهري، عن علي بن الحسين مرسلًا.

وقال أيضًا في «علله» (8/ 26) عقيب الخلاف على الأوزاعي: والمحفوظ حديث أبي هريرة، وحديث علي بن الحسين مرسلًا.

• وأما مرسل علي بن الحسين فصح عنه:

رواه مالك واختلف عليه فرواه عنه أصحابه (يحيى بن يحيى والقعنبي، أبو مصعب، ومحمد بن الحسن الشيباني وقتيبة) ثلاثتهم عن الزهري عن علي بن الحسين مرسلًا كما في «الموطأ» (1883) والترمذي (2318) والعقيلي في

ص: 378

«الضعفاء» (113).

وخالفهم خالد بن عبد الرحمن الخرساني فوصله عن الحسين بن علي رضي الله عنه.

أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (413) وخالد في حفظه شيء. وانظر: «تاريخ الإسلام» (5/ 66)

وتابعه عبيد الله بن عمر أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1199) لكن الراوي عنه قزعة بن سويد وهو ضعيف.

وتابعهما عبد الله بن عمر العمري وعنه موسى بن داود واختلف عليه فأخرجه الإمام أحمد (1737) عنه.

وتابعه محمد بن أحمد الأنطاكي كما عند العقيلي «الضعفاء» (415).

وخالفهما محمد بن حبيب الدلال فقال عن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعبد الله العمري ضعيف.

ورواية أصحاب مالك المرسلة أصح.

وقال العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/ 572): بعد عرضه طرق حديثي علي بن أبي طالب وأبي هريرة رضي الله عنهما: والصحيح حديث مالك.

وقال الدارقطني في «علله» (13/ 259) بعد جوابه على الخلاف في حديث الحسين بن علي رضي الله عنه: والصواب من ذلك قول من قال: عن الزهري، عن علي بن الحسين مرسلًا.

ص: 379

• والخلاصة: أن أكثر طرق الأوزاعي بإثبات قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه:

وأصح الطرق في حديث الحسين بن علي مالك عن الزهري عن علي بن الحسين مرسلًا والإمام مالك من أصحاب الزهري فمقدم على رواية قرة بن عبد الرحمن على ضعفه كما سبق وعليه فلا يعضدد المرسل بالموصول من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وأيضًا رواه خالد بن يزيد العمري وهو ضعيف من طريق الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنه وهو منكر.

وروي من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه وفي سنده محمد بن كثير بن مروان متروك انظر: «مسند الشهاب» (191).

• والخلاصة: انتهى شيخنا معي في تحقيق الأربعين النووية من أعوام إلى ضعف أسانيده ثم عرضه الباحث: أبو جويرية أحمد بن عبد الهادي الشرقاوي

(1)

بتاريخ (14) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (8/ 12/ 2022 م): فقال شيخنا: الصواب المرسل.

(1)

ولد بقرية بعزبة الإصلاح الزراعي بأبي كبير محافظة الشرقية وهو في الفرقة الثانية بكلية التجارة شعبة تجارة إنجليزي بجامعة الزقازيق وهذا أول عرض له.

ص: 380

‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

-

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (1736): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» .

قال أبو سعيد: فلم يصل علي صلى الله عليه وسلم كثيرًا.

وتابعهما خالد بن مخلد أخرجه ابن أبي شيبة (791) وغيره. وتابعهم يحيى بن عبد الحميد أخرجه الطبراني (2885).

وخالف سليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر عبد العزيز بن محمد الدراوردي فقال عن عمارة عن عبد الله بن علي بن حسين عن علي بن أبي طالب مرسلًا. أخرجه النسائي (9802).

وروايتهما أرجح وأنه من مسند الحسين بن علي رضي الله عنه وقال الدارقطني وقول سليمان بن بلال أشبه بالصواب.

وعبد الله بن علي ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الذهبي وقال ابن حجر:

ص: 381

مقبول.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: هشام بن مجدي الصحيح متصل. وضرب على كلمة (حسن).

• تنبيه: نص هنا على الحسين بن علي وفي بعض الطرق عن أبي عامر العقدي (عبد الله بن علي بن حسين عن أبيه عنه جده) لذلك جنح أبو حاتم في «العلل» (5/ 114) إلى الإرسال لأمرين:

1 -

رواية الدراوردي التي نص فيها علي علي بن أبي طالب وهي منقطعة.

2 -

بعض الرواة لم يصرح بذكر الحسين وقال عبد الله بن علي بن حسين عن أبيه عن جده.

ص: 382

‌حكم الصَّلَاة عَلَى غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ -عليهم الصلاة والسلام

-

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (8955):

حَدَّثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا أعْلَمُ الصَّلَاةَ تَنْبَغِي مِنْ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ، إِلاَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وتابع هشيمًا حفص بن غياث أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (2915).

• الخلاصة: كتب شيخنا معي بتاريخ الثلاثاء (23) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (15/ 11/ 2022 م): ظني - والله أعلم- أن هذا كان في سياق واختصر القول بما جعل المعنى غامضًا.

وعلى أية حال فإنه إنما ينفي صفة معينة وإلا كان من مفاريد ابن عباس رضي الله عنهما.

• بيان

1 -

قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103].

2 -

صلاته صلى الله عليه وسلم على آل أبي أوفى رضي الله عنهم.

3 -

وقوله صلى الله عليه وسلم معلمًا أمته الصلاة عليه وعلى آله وأزواجه.

وقال ابن بطال في «شرحه على صحيح البخارى» (10/ 115) معلقًا على

ص: 383

تبويب البخاري: هل يصلى على غير النبى صلى الله عليه وسلم؟:

والصلاة على غير النبى صلى الله عليه وسلم جائزة بدليل الكتاب والسنة، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى على من أتاه بصدقته، وفى حديث أبى حميد أمر بالصلاة على أزواجه وذريته وأزواجه من غير نسبة.

وهذا الباب رد لقول من أنكر الصلاة على غير النبى صلى الله عليه وسلم ثم ذكر أثر ابن عباس رضي الله عنهما وقال: والحجة فى السنة لا فيما خالفها.

أما البيهقي: فحمل الأثر على صفة معينة فقال عقب الآثر (2/ 218): يُرِيدُ بِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ تَحِيَّةٌ لَذِكْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ، فَأَمَّا صَلَاتُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَالتَّبْرِيكِ وَتِلْكَ جَائِزَةٌ عَلَى غَيْرِهِ.

ص: 384

‌هل يسم الله عند نفض الفراش؟

قال البخاري في «صحيحه» رقم (7393) - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ:«بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» .

• في هذا المتن لفظان:

1 -

التقييد ب «ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» تابع مالكًا عليه ابن عجلان أخرجه الترمذي (3401).

2 -

«فَاغْفِرْ لَهَا» وتابع مالكًا عليها ابن عجلان في أحد الطرق الثلاثة

(1)

إليه وهي طريق قتيبة بن سعيد عن سفيان عن ابن عجلان. أخرجها النسائي

(1)

وخالف قتيبة اثنان فقالا: «فارحمها» بدلا من «فاغفر لها» :

أ-الإمام أحمد في «مسنده» (7360).

ب-ابن أبي عمر كما عند الترمذي (3401).

وتابعهما متابعة قاصرة إسماعيل بن أمية المكي عن سعيد المقبري أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (946) والراوي عن إسماعيل بن أمية إسماعيلُ بن عياش الشامي وهو مخلط في غير أهل بلده.

ص: 385

(10660)

وكذلك تابعهما عبد الله بن عمر العمري كما عند أحمد (7938).

• ورواه عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري به دون التقييد بثلاث مرات وثبت عنه من وجهين تارة: «فَاغْفِرْ لَهَا»

(1)

وأخرى «فارحمها» وعليها الأكثر وهم:

1 -

زهير بن معاوية أخرجه البخاري (6320).

2 -

ابن نمير أخرجه ابن أبي شيبة (26525).

3 -

يحيى القطان أخرجه أحمد (9589).

4 -

عبدة بن سليمان أخرجه مسلم (2714).

5 -

يحيى بن سعيد الأموى أخرجه أحمد (9469).

6 -

وأنس بن عياض في وجه عنه أخرجه البزار (8421).

• والخلاصة: أن الأرجح على عبيد الله «فارحمها» والصحيح عن مالك وقد توبع عليه «فاغفر لها» والذي يظهر لي أن التنوع من باب الرواية بالمعنى أما شيخنا فقد كتب مع الباحث فاروق بن فاروق الحسيني بتاريخ (19) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (13/ 11/ 2022 م): الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

1 -

اختلف على عبيد الله.

(1)

رواها معمر أخرجه أحمد (7811). وحماد بن زيد أخرجه الدارمي (2726) وسعيد بن أبي مريم أخرجه الطبراني في «الدعاء» (255) وفي سنده يحيى بن أيوب العلاف فيه كلام. وفي وجه عن أنس بن عياض أخرجه مسلم (2714).

ص: 386

2 -

لم يختلف على مالك.

3 -

مالك وابن عجلان بلفظ: «فاغفر لها» .

4 -

عبيد الله عنه الوجهان.

فالأظهر والله أعلم على ما أتى به أخونا فاروق -حفظه الله-أن الأصح رواية فاغفر لها ولعل عبيد الله رواها بالمعنى وهو أليق بأن يلصق به ذلك.

• تنبيهات:

الأول: رواية معمر بلفظ: «إذا قام أحدكم من الليل ثم رجع إلى فراشه

» ونحوها رواية ابن عجلان.

والآخرون قالوا: «إذا أتى أحدكم فراشه» «إذا آوى أحدكم إلى فراشه» فائدة الخلاف هل على لفظ معمر يتكررالذكر مع تكرر النوم أو يكفي مرة في أول الليل على رواية الأكثر؟

الثاني: زاد أبو داود عن البخاري في روايتهما عن أحمد بن يونس «ثم ليضطجع على شقه الأيمن» وقد توبع أبو داود عليها عند مسلم (2714) وابن أبي شيبة (26525).

الثالث: زاد إسحاق بن موسى الأنصاري عن أنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر مع نفض الفراش: «وليسم الله» أخرجها مسلم (2714) والظاهر لي أنها شاذة.

ص: 387

‌فضل الوالد

وردت فيه أخبار:

1 -

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (21717):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ كِلَاهُمَا، قَالَ: شُعْبَةُ يَقُولُ ذَلِكَ، أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِائَةَ مُحَرَّرٍ، فَأَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي الضُّحَى يُطِيلُهَا، وَصَلَّى مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَوْفِ نَذْرَكَ، وَبَرَّ وَالِدَيْكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الْوَالِدُ أَوْسَطُ بَابِ الْجَنَّةِ» . فَحَافِظْ عَلَى الْوَالِدِ أَوْ اتْرُكْ.

تابع شعبة السفيانان وحماد بن زيد ومحمد بن فضيل وشريك.

• الخلاصة: أن محل النزاع هل الرجل من رجال السند أولا؟ يرى الباحث: مالك بن علي السوهاجي أنه ليس من رجال السند في حين انتهى شيخنا من قبل مع: أبي حازم مصطفى المحلاوي إلى أنه من رجال السند بقرينة عند أحمد أن الرجل رحل إلى أبي الدرداء بالشام. ثم كتب مع الباحث: مالك بن علي السوهاجي بتاريخ (5) رمضان (1443 هـ) الموافق (6/ 4/ 2022 م): الحديث به علة فلتراجع. ا هـ.

ثم عرضه الباحث تارة أخرى بتاريخ (11) رمضان (1443 هـ) الموافق

ص: 388

(12/ 4/ 2022 م): فقال للباحث احكم على ظاهر السند والخبر به علة.

ثم أكد هذه النتيجة مع الباحث: سيد البدوي بتاريخ (15) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (11/ 10/ 2022 م): الصواب فيما يبدوا والله أعلم أن هناك واسطة في الخبر بين أبي عبد الرحمن السلمي وأبي الدرداء رضي الله عنه.

والرجل مبهم لم يسم فالخبر من هذه الوجوه ضعيف والله أعلم.

2 -

قال ابن وهب في «جامعه» رقم (93):

أَخْبَرَنِي شَبِيبُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ مُرْضِيًّا لِوَالِدَيْهِ، أَصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وَإِنْ أَمْسَى مُرْضِيًّا لِوَالِدَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ. وَإِنْ أَصْبَحَ مُسْخِطًا لِوَالِدَيْهِ أَصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إِلَى النَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وَإِنْ أَمْسَى مُسْخِطًا لِوَالِدَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ» .

قَالَ: ثُمَّ أَتْبَعَ النَّبِيُّ عليه السلام: «وَإِنْ ظَلَمَاهُ، وَإِنْ ظَلَمَاهُ» .

وأبان متروك وقد توبع عطاء الخرساني من جماعة بأسانيد ضعيفة

(1)

.

(1)

- سعيد القيسي أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (7) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الْقَيْسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ وَالِدَانِ مُسْلِمَانِ، يُصْبِحُ إِلَيْهِمَا مُحْسِنًا، إِلاَّ فَتْحَ اللهُ لَهُ بَابَيْنِ، يَعْنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وَإِنْ أَغْضَبَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ، قِيلَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ؟ قَالَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ. وسعيد القيسي مقبول.

2 -

أبو سنان عن رجل عن ابن عباس أخرجه هناد في «الزهد» (2/ 485).

3 -

سعد بن مسعود أو غيره أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (25407) وغيره.

4 -

يزيد بن مرثد أخرجه الدولابي في «الكنى» (1884) وفي سنده الوضين بن عطاء وهو ضعيف.

ص: 389

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: سيد البدوي بتاريخ (15) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (11/ 10/ 2022 م): إلى ضعفه.

3 -

وسبق حديث ابن عمرو رضي الله عنه: «رضا الرب في رضا الوالد» وأنه ضعيف.

4 -

قال أبو يعلى في «مسنده» رقم (5566 - 5556): حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِيُّ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: العَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ، وَالمَرْأَةُ المُتَرَجِّلَةُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: فَثَنَّى العَاقَّ لِوَالِدَيْهِ، وَمُدْمِنُ الخَمْرِ، وَالمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى".

وتابع عمر بن محمد سليمان بن بلال أخرجه ابن خزيمة رقم (2/ 859).

وعبد الله بن يسار مقبول وقد توبع من الزهري أخرجه ابن خزيمة (2/ 861) وهذا السند ظاهره الصحة.

وتابع سالمًا عبيد بن عمير أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (13442) وفي سنده صالح مولى مازن مجهول.

ص: 390

‌فضل بر الوالدين

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (20328):

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، وَبَهْزٌ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى، يُحَدِّثُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ دَخَلَ النَّارَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ»

(1)

.

وتابع حجاجًا جماعة علي بن الجعد كما في «مسنده» (955)، وعمرو بن مرزوق كما في «التاريخ الكبير» (1616)، وعبيد بن سعيد وآدم ومحمد بن جعفر وغيرهم.

ورواه أيضًا محمد بن جعفر كما عند أحمد (20330)، والطيالسي (1419)، وعلي بن الجعد (926) وأسد بن موسى فقالوا عن شعبة عن علي

(1)

سئل يحيى بن معين، عن حديث شعبة هذا؟ فكتب على أبي بن مالك بيده: خطأ. «تاريخه» (2/ 1/ 58).

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: أثبت الناس في قتادة: ابن أبي عروبة، وهشام، يعني الدستوائي، وشعبة، ومن حدث من هؤلاء بحديث عن قتادة، فلا تبالي أن لا تسمعه من غيره. كما في «موسوعة أقوال يحيي بن معين في الجرح والتعديل والعلل» (2/ 332).

ص: 391

بن زيد عن زرارة عن أبي بن مالك أو ابن مالك به.

• وتابع هؤلاء عن شعبة عن ابن زيد مع الاختلاف في اسم الصحابي جماعة:

1 -

حماد بن سلمة كما عند أحمد (19030) وغيره.

2 -

هشيم كما في «الآحاد والمثاني» (1479) والطبراني (670).

3 -

وسفيان أخرجه ابن المبارك كما في «الزهد» (656) وغيره.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أحمد العزازي بتاريخ الأحد (19) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (19/ 6/ 2022 م): العلة الموجودة تكفينا لتضعيفه وهو وجود علي بن زيد.

ثانيًا: الخلاف في تعيين الصحابي إن ثبتت صحبته. ا هـ.

ص: 392

‌إكرام البنات

قال الإمام أحمد

(1)

في «مسنده» رقم (17373):

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَكْرَهُوا الْبَنَاتِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ» .

وتابع قتيبة عمرو بن هاشم أخرجه تمام في «فوائده» (2/ 116).

وتابعهما عثمان السهمي أخرجه الروياني (1/ 181).

ورواية قتيبة عن ابن لهيعة تقوي حاله كما اختاره العلامة الألباني نقلا عن الذهبي في «السير» .

• وله شواهد:

1 -

مرسل سعيد بن أبي هند أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (11/ 154).

2 -

ورواه ابن المبارك عن نافع بن ثابت تارة:

أ-عبد الله بن الزبير أخرجه البيهقي في «الشعب» (11/ 155).

(1)

تابع الإمام أحمد جعفر بن محمد الفريابي أخرجه الطبراني (17/ 410) والحسن بن سفيان أخرجه أبو نعيم (4/ 153).

ص: 393

وتارة عن سالم بن أبي النضر أخرجه ابن أبي الدنيا في «العيال» (94).

وتارة عن سالم بن أبي الجعد مرسلًا أخرجه المروزي (29).

*-ورد من حديث عائشة أخرجه ابن عدي في «الكامل» (9/ 398) وفي سنده محمد بن معاوية متهم بالكذب.

وورد أيضًا عن عروة مرسلًا.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عبد الله بن صادق بتاريخ (29) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (29/ 6/ 2022 م): يراجع مع أحد الأخوة:

1 -

ماذا قال البيهقي. 2 - رجال البيهقي.

وبعد النظر أرى أن طرقه ضعيفة ولمحسن أن يقويه بها وهو الأولى لقوة قتيبة في ابن لهيعة ولم يختلف عليه والله أعلم.

ص: 394

‌حق اليتيم

وقال ابن ماجه في «سننه» رقم (3678):

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ» .

وتابع القطان الليث كما عند الحاكم وابن حبان.

وخالفهم محمد بن سلمة فزاد في السند والد سعيد أخرجه النسائي في «الكبرى» .

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أبي الحسن المنصوري بتاريخ (5) ربيع (1444 هـ) الموافق (1/ 1/ 2022 م): سند الخبر ضعيف للانقطاع بين ابن عجلان وأبي هريرة.

ص: 395

‌حُرمة الجار

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (23854):

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ظَبْيَةَ الْكَلَاعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: «مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟» قَالُوا: حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: «لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ- أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ» قَالَ: فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟» قَالُوا: حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَهِيَ حَرَامٌ، قَالَ:«لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشَرَةِ أَبْيَاتٍ- أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ» .

تابع عليَّ بن عبد الله جماعةٌ، منهم إسحاق بن إبراهيم، أخرجه البزار (2115)، وسعيد بن منصور كما عند الطبراني في «الأوسط» (6333)، وأحمد بن حُميد كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (103) وغيرهم.

• والخلاصة: أن السند حسن لحال محمد بن فُضَيْل

(1)

.

(1)

قال فيه أحمد: كان يتشيع، وكان حسن الحديث. وقال فيه أبو زُرْعَة: صدوق، من أهل العلم. وقال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو داود: كان شيعيًّا محترقًا. وقال ابن سعد: بعضهم لا يَحتجّ به.

ص: 396

وأما أبو ظَبْيَة فوثقه ابن مَعِين، وقال الدارقطني: ليس به بأس. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .

ومحمد بن سعد الأنصاري قال فيه ابن مَعِين: ليس به بأس. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» . وله هذا الحديث وحديث آخَر.

وكَتَب شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي، بتاريخ (5) شعبان (1443 هـ) الموافق (8/ 3/ 2022 م): رَاجِع بدقة ترجمة محمد بن فُضَيْل. اه.

وقال معلقًا على كلام البزار في «مسنده» (6/ 51): «وهذا الحديث لا نحفظ أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا المقداد» : إن كتاب البزار على ما فيه من تفردات، لكن البزار يَنظر إلى العمومات أو معانٍ أخرى في الباب.

ص: 397

‌منزلة الجار

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (9675):

حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، مَوْلَى جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ:«هِيَ فِي النَّارِ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ:«هِيَ فِي الْجَنَّةِ» .

وتابع أبا أسامة عبد الواحد بن زياد كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (119) وأبو معاوية الضرير كما عند الخرائطي في «مساويء الأخلاق» (373) وموسى بن أعين كما في «المستدرك» (7305).

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: مالك بن علي السوهاجي بتاريخ (25) شوال (1443 هـ) الموافق (26/ 5/ 2022 م): أبو يحيى مولى جعدة بن هبيرة لا ننشط لتحسين حديثه وفي المتن بعض النظر والله أعلم. ا هـ.

ثم قال شيخنا للباحث حسام الإسمعلاوي بتاريخ (26) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (20/ 11/ 2022 م): اكتب في سنده يحيى مولى الجعدة مختلف فيه.

ص: 398

‌الاستعاذة بالله من جار السوء

قال النسائي في «سننه» رقم (5502):

أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ، مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ» وتابع يحيى صفوان بن عيسى

(1)

.

وقال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25421):

حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ» .

وقال أيضًا (31355):

حَدَّثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ دَاوُد عليه السلام: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ".

وتابع ابن عجلان على الرفع عبد الرحمن بن إسحاق بنحوه أخرجه أحمد

(1)

وأخرجه النسائي في «الكبرى» رقم (7886): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ.

ص: 399

(8553)

عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ جَارِ الْمَقَامِ، فَإِنَّ جَارَ الْمُسَافِرِ إِذَا شَاءَ أَنْ يُزَايِلَ زَايَلَ» .

• والخلاصة: أن الأقوى عن ابن عجلان الرفع وقد توبع فلمحسن أن يحسنهما ولآخر أن يعله بأنه من الإسرائليات وهو الأظهر لدي والله أعلم.

وكتب شيخنا مع الباحث: مالك بن علي السوهاجي بتاريخ (25) شوال (1443 هـ) الموافق (26/ 5/ 2022 م): في السند كلام لكن المتن في فضائل الأعمال.

ص: 400

‌الحل النبوي لمشكلة الجار

سبق حديث: «انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ» فَانْطَلَقَ فَأَخْرِجَ مَتَاعَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟! قَالَ: لِي جَارٌ يُؤْذِينِي، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ» وأنه حسن.

ثم عرضه الباحث: محمد بن أبي بكر بتاريخ (15) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (15/ 6/ 2022 م):

فأضاف شيخنا: ولقائل أن يقول إن محمد بن عجلان لا يتحمل هذا المتن. ا هـ.

• تنبيه: قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148] تؤيد معنى المتن وله شواهد ضعيفة.

تنبيه آخر أفاده الباحثان: شريف الصابر، وأحمد بن علي وهو: أن ما أخرجه النسائي في «سننه» رقم (5519): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِى دَارِ الْمُقَامِ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ» .

راجع إلى هذا الخبر وأنه يكون الدعاء مختصرًا من القصة للاشتراك في

ص: 401

السند ومعنى المتن؟

اختلف على ابن عجلان في شيخه على ثلاثة وجوه تارة عن أبيه عن أبي هريرة بقصة إخراج المتاع وتارة عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بالتعوذ وثالثة بإسقاط ابن عجلان وثم خلاف رابع في متن التعوذ وأنه من دعاء داود عليه السلام.

وأرى والله أعلم أن ابن عجلان لا يتحمل مثل هذا الخلاف في المتنين وأن التعوذ مختصر من القصة والأثبت والأقوى بإثبات التعوذ.

وقد قال البزار في «مسنده» (15/ 88): عن متن إخراج المتاع: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نعلمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيرة إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ.

وَقَدْ روى في هذا الكلام ونحوه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَبُو هُرَيرة بهذا الإسناد.

ورواه أَبُو جحيفة وهب بْنُ عَبد اللَّهِ، عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ورواه أيضًا يوسف بن عَبد الله بن سلام عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 402

‌إذا أَحَبَّ أخٌ أخاه فليُعْلِمه

قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» رقم (542):

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ- وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُعْلِمْهُ أَنَّهُ أَحَبَّهُ» .

وتابع مُسَدَّدًا: الإمامُ أحمد في «مسنده» (17171)، وبُنْدَار محمد بن بشار، أخرجه الترمذي (2392).

وتابعهما يزيد بن سنان، أخرجه ابن حِبان (570).

وتابعهم شُعيب بن يوسف، أخرجه النَّسَائي في «الكبرى» (9663).

وتابع يحيى القطانَ محمدُ بن الزِّبْرِقان، أخرجه ابن قانع في «معجمه» (3/ 106)، ومحمد بن الفرج ويحيى بن يزيد، أخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (65).

• والخلاصة: أن إسناده صحيح، وصححه الترمذي

(1)

وابن حِبان والحاكم والعَلَّامة الألباني، رحمهم الله.

(1)

حيث قال في «سُننه» (4/ 599): وَفِي البَاب عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَنَسٍ: حَدِيثُ المِقْدَامِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَالمِقْدَامُ يُكْنَى أَبَا كَرِيمَةَ.

ص: 403

وكَتَب شيخنا مع الباحث: إسماعيل بن موسى، بتاريخ (12) صفر (1444 هـ) الموافق (8/ 9/ 2022 م): هل سَمِع- أي: حبيب- من المقدام؟

(1)

ومَن وثقه- أي: حبيبًا-؟

(2)

.

وله شاهد قوي من حديث أنس رضي الله عنه.

أخرجه أحمد (13535)(12430)، وأبو يعلى (34420)، وأبو داود (5125) من طرق مُتكلَّم فيها عن ثابت عن أنس نحوه.

وقد تابع ثابتًا الأشعث، أخرجه عبد الرزاق (20319) وكذلك الحسن، أخرجه الترمذي (23861).

(1)

سَبَق في رواية البخاري، وكان قد أدركه.

(2)

وَثَّق حبيبًا: النَّسَائي والعِجْلي، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .

وقال الإمام أحمد: رَوَى عنه معاوية، وثور، لا بأس به.

ص: 404

‌النهي عن القيام

عن أَبي مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلَ مُعَاوِيَةُ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وابْنِ عَامِرٍ، قَالَ: فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ

(1)

، وَلَمْ يَقُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ أَوْزَنَهُمَا، قَالَ: فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16830) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلَ مُعَاوِيَةُ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وابْنِ عَامِرٍ، قَالَ: فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ، وَلَمْ يَقُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ أَوْزَنَهُمَا، قَالَ: فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .

وتابع شعبة جماعة؛ سفيان الثوري ويزيد بن زريع وإسماعيل بن إبراهيم ومروان بن معاوية، والحمادون -ابن يد وابن سلمة بن أسامة- عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز لاحق بن حميد به. أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1053)، وأحمد في «مسنده» (16830، 16845، 16918) والترمذي في

(1)

في رواية قبيصة عن سفيان وهي رواية فيها ضعف عند الترمذي (2755): «فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه. فقال: اجلسا» . وفي رواية هناد في «الزهد» (2/ 427)«عبد الله بن جعفر» بدل «ابن عامر» .

ص: 405

«سننه» (2755)، وهناد في «الزهد» (2/ 427)، وعبد بن حميد كما في «المنتخب» (413) وإسناده صحيح.

وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (839)، والطبراني في «المعجم الكبير» (852)، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» .

والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1125)، والبيهقي في «المدخل» (721) من طريق شبابة بن سوار قال حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ به. وإسناده حسن لحال المغيرة.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (19/ 320)، من طريق عمر بن عبيد بن أبي أمية عن أبيه عن جده عن معاوية به.

وأخرجه ابن طهمان في «مشيخته» (95) من طريق قتادة عن أبي شيخ الهنائي عن معاوية به.

وأخرجه المعافى بن عمران في «الزهد» (82) عن الأوزاعي عن شيخ من أهل الحجاز عن معاوية به.

وله شاهد أخرجه الطبراني في «الأوسط» (4208) من طريق مسرع بن ياسر عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ بَيْنَ يَدَيْهِ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وقال: لا يَرْوِي هَذا الحَديث عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ إِلاَّ بِهذا الإِسناد.

ص: 406

قلت أبو أويس: ومسرع مجهول وفي الإسناد إليه دلهاث مجهول أيضًا.

• والخلاصة: انتهى شيخنا معي من أعوام إلى صحة إسناده ثم أكد النتيجة السابقة مع الباحث مختار بن حسين بن سلام بتاريخ 13/ جمادى الأولى (1444) موافق (7/ 12/ 2022 م) وأنه محمول على أنه يريد ذلك كبرًا.

ص: 407

‌كلام العلماء في الجمع

ذكر الإمام البيهقي قيام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه لكعب بن مالك رضي الله عنه في توبته «قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ»

(1)

، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة:«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ»

(2)

وقيام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها وبعض الأحاديث التي فيها ضعف ثم قال: أما حديثلم قيامَهم له وحديث أبي أمامة في ذلك وقوله: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا» . فإنما هي والله أعلم إذا كان القيام على وجه التعظيم لا التكريم، مخافة الكبر والذي روي عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار» فإنما هو أن يأمرهم بذلك، ويلزمه إياهم على مذهب الكبر والنخوة، فيكون هو قاعدا وهم منتصبون بين يديه والله أعلم

(3)

.

قال الطحاوي: وَالْمُغِيرَةُ هَذَا هُوَ الْقَسْمَلِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ السَّرَّاجُ وَهُوَ أَحَدُ الْأَثْبَاتِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ هُوَ أَخُوهُ وَالْمُغِيرَةُ فَوْقَهُ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ

(1)

أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769).

(2)

أخرجه البخاري (3043) ومسلم (1768).

(3)

«الآداب» للبيهقي (ص: 100).

ص: 408

فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ; لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْأُوَلَ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ فِيهَا إطْلَاقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِيَامَ الرِّجَالِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ بِاخْتِيَارِ الْقَائِمِينَ لِذَلِكَ لَا بِذِكْرِ مَحَبَّةِ الَّذِينَ قَامُوا لَهُمْ إِيَّاهُ مِنْهُمْ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ الْمَحَبَّةُ مِنَ الَّذِي يُقَامُ لَهُ لِذَلِكَ مِمَّنْ يَقُومُهُ لَهُ، فَتَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ أَنْ تَكُونَ الْأَحَادِيثُ الْأُوَلُ عَلَى مَا لَا مَحَبَّةَ فِيهِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الْمَحَبَّةِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ بِذَلِكَ الْقِيَامِ، فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مُحْتَمِلٌ لِمَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَلَمْ يَبِنْ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ تَضَادٌّ لِجِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ لِلْجِنْسِ الْآخَرِ مِنْهُمَا.

ثم ذكر حديث أَنَسٍ، قَالَ:" لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُوا مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ "

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ دَلَّ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ الْقِيَامَ لَهُ صلى الله عليه وسلم لِعِلْمِهِمْ بِكَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ مِنْهُمْ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَوْلَا كَرَاهَتُهُ لِذَلِكَ مِنْهُمْ لَقَامُوا لَهُ وَقَدْ تَكُونُ كَرَاهَتُهُ لِذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّوَاضُعِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ; لَا لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لَهُ، وَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَامَ بِمَحْضَرِهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ نُزُولِ تَوْبَتِهِ مُهَنِّئًا لَهُ بِذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ

(1)

ص: 409

قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله في معنى هذا: " هو أن يأمرهم بذلك، ويلزمه إياهم على مذهب الكبر والنخوة، وقوله: " يمثل "، معناه: يقوم وينتصب من بين يديه، قال: وفي حديث سعد دلالة على أن قيام المرء بين يدي الرئيس الفاضل، والوالي العادل، وقيام المتعلم للعالم مستحب غير مكروه، قلت: وهذا القيام يكون على وجه البر والإكرام كما كان قيام الأنصار لسعد، وقيام طلحة لكعب بن مالك، ولا ينبغي للذي يقام له أن يريد ذلك من صاحبه، حتى إن لم يفعل حنق عليه أو شكاه أو عاتبه "

(1)

(1)

«شعب الإيمان» (11/ 277).

ص: 410

‌التبادح بالبطيخ

قال البخاري في «الأدب المفرد» رقم (266):

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ حَبِيبٍ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَبَادَحُونَ

(1)

بِالْبِطِّيخِ، فَإِذَا كَانَتِ الْحَقَائِقُ كَانُوا هُمُ الرِّجَالَ".

وحبيب هو ابن أبي مرزوق قال فيه أحمد: ما أرى به بأسًا.

وقال ابن معين: مشهور.

وقال هلال بن العلاء: شيخ صالح، بلغني أنه اشترى نفسه من الله ثلاث مرات.

قصة ذكرها شيخنا مع الباحث: د/ محمد ياسين بتاريخ (12) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (6/ 12/ 2022 م) عند نقاشه لهذا الحديث: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَبَادَحُونَ بِالْبِطِّيخِ» .

قال كان ضابط يمني له منزلة وكان مشغولًا بالدعوة إلى الله ويأتينا عند الشيخ مقبل - رحمه الله فأكلنا بطيخنا وترامينا بقشر البطيخ عملًا بهذا الحديث

(1)

قوله: «يتبادحون» : يترامَون بالبِطيخ والرُّمّان ونحوه. انظر: «الإفصاح في فقه اللغة» (2/ 1352).

ص: 411

فرميته بقشرة فغضب غضبًا شديدًا جدًّا وكنا نحبه ويحبنا فحاولنا نصلح ونبين له أن الحديث صححه الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» رقم (435).

ثم عقب شيخنا: كنا نحتاج إلى مزيد فهم في مخاطبة الناس.

ص: 412

‌قتل العصافير بغير حق

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (6551):

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ عَفَّانُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ صُهَيْبٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهُ؟ " قَالَ: «يَذْبَحُهُ ذَبْحًا، وَلَا يَأْخُذُ بِعُنُقِهِ فَيَقْطَعُهُ» .

وتابع حماد بن سلمة ابن عيينة أخرجه الحميدي (598) وغيره.

وتابعهما شعبة أخرجه أحمد (6550).

وخالفهم أبان بن صالح فقال عن عمرو بن دينار عن عمرو بن الشريد عن أبيه أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (873) والطبراني (7246) وفي سنده خالد بن يزيد الكاهلي صدوق يخطيء ورواية الجماعة مقدمة.

*-ورواه عامر الأحول عن صالح بن دينار عن عمرو بن الشريد عن أبيه أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 277) وصالح بن دينار مجهول.

وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه وفي سنده زياد بن المنذر متروك أخرجه ابن عدي في «الكامل» (4/ 132).

*-ورواه معمر عن قتادة مرسلًا أخرجه عبد الرزاق.

ص: 413

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع أبي العباس أحمد الفيومي بتاريخ (19) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (13/ 12/ 2022 م): إلى ضعفه من كل طرقه.

ص: 414

‌لا يحل لمسلم أن يروع أخاه

قال ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (958):

نا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَشْيَاخِهِ

(1)

، قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» .

ورواه عبد الله بن يسار عن عبد الرحمن واختلف عليه فرواه الأعمش كعبد الرحمن أخرجه أحمد (23064) وأبو داود (5004)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (957) وهناد في «الزهد» (2/ 624) و «معرفة الصحابة» (6623).

وخالف الأعمش فطر بن خليفة فأرسله أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1625) ورواية الأعمش أصح وقد توبع عليها وفطر متكلم فيه.

• والخلاصة: أن إسناده صحيح إن كان الأشياخ صحابة فهو مكثر عنهم وإلا فمرسل وكتب شيخنا مع الباحث: علي بن محمد القناوي بتاريخ (4)

(1)

وقال ابن نمير عن الأعمش أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا.

وأما شعبة عن الأعمش فقال: أصحابنا مرفوعًا.

وأما أبو معاوية عن الأعمش فقال: أشياخه كرواية ابن أبي شيبة وهي الأرجح لقوة أبي معاوية وقد توبع عليها.

ص: 415

جمادي الأولى (1444 هـ) الموافق (28/ 11/ 2022 م): صحيح لطرقه. والله أعلم.

• تنبيه: أي لطريقيه إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ص: 416

‌مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً، فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ»

ثم أَكَّد شيخنا أن علة هذا الخبر الوليد بن أبي الوليد، مع الباحث: محمد بن وجيه، بتاريخ (13) شعبان (1443 هـ) الموافق (16/ 2022 م).

فلما أطلعه الباحث على أقوال العلماء في ترجمة الوليد

(1)

كَتَب: رَاجِع «الكامل في الضعفاء» والذهبي في «الميزان» والعُقيلي في «الضعفاء» وانظر ترجمته، هل أتوا بالحديث فيها هم وغيرهم أم لا.

قال مَعْمَر في «جامعه» رقم (20556): عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ

(2)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَ مِائَةِ أَلْفٍ»

(3)

.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَهَكَذَا» وَجَمَعَ

(1)

وثقه ابن مَعِين وأبو زُرْعَة والذهبي. وقال ابن المَدِيني: كان صالحًا وسطًا، ولم يُحَدِّث عنه إلا المصريون. وسُئل عنه أبو داود، فقال فيه خيرًا. وقال ابن حِبان: شيخ، لا أدري مَنْ هو. وتارة قال: ربما خالف على قلة روايته. وقال ابن حجر: لَيِّن الحديث.

(2)

في «مسند أحمد» (12695): (النضر بن أنس، أو أنس بن مالك) وأَسْقَط هذه الواسطة أبو هلال الراسبي، كما عند أحمد (13007) وغيره.

(3)

اختَلف الرواة عن أبي هلال الراسبي في اللفظ، فمنهم مَنْ قال:"سبعون ألفًا بغير حساب". والجماعة عنه: "مِائة ألف" وفيه خلافات أخرى.

ص: 417

كَفَّيْهِ. قَالَ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «وَهَكَذَا» وَجَمَعَ كَفَّيْهِ.

فَقَالَ عُمَرُ: حَسْبُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَعْنِي يَا عُمَرُ، مَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا اللَّهُ الْجَنَّةَ كُلَّنَا؟!

فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ عُمَرُ» .

• وخالف مَعْمَرًا جماعة:

1 -

سعيد بن بشير- وهو ضعيف في قتادة- وفيه: "ثلاث مِائة ألف".

2 -

الحَجاج بن الحَجاج، كما في «معرفة الصحابة» (6115).

كلاهما عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن محمود بن عُمير بن سعد، به.

3 -

هشام الدَّستُوائي عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس

(1)

عن أبي بكر بن عُمير، عن أبيه. أخرجه أبو نُعَيْم في «معرفة الصحابة» (5272) والطبراني رقم (123).

• الخلاصة: اختُلف فيه على قتادة، وأصح الوجوه عن قتادة هشام الدَّستُوائي، مع نزول سنده، ورجحه أبو حاتم كما في «العلل»

(2)

رقم (2158)

(1)

وقال ابن السَّكَن: تَفرَّد به معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، وكان معاذ ربما ذَكَر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وربما لم يَذكره. كما في «الإصابة» (7/ 171).

(2)

ولفظه: رَوَى هَذَا الحديثَ معاذُ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن النَّضْر بن أنس، عن أبي بكر بن عُمَير، عن أبيه.

وهشامٌ الدَّسْتَوائي أَحْفَظُ.

ويَحتمل أن يكونَ كنيةَ النَّضْر بن أنس: «أبو بكر» . ويَحتمل أيضًا أن يكونَ محمودُ بن عُمَيْر كنيتُه: «أبو بكر» وعُمَير بن سعد لَه صُحْبة، فقصَّر سعيدُ بن بَشِير، ولم يقل: عن أبيه.

ص: 418

والدارقطني كما في «العلل» (2642)

(1)

وفي سنده أبو بكر بن عُمير، ترجمه البخاري وابن أبي حاتم، ولم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وكَتَب شيخنا مع الباحث: أحمد بن مصطفى المنياوي، بتاريخ (13) شعبان (1443 هـ) الموافق (16/ 2022 م): كل طرقه ضعيفة؛ فيه خلاف على قتادة، وهذا متن غير محتمل، وسياقه كذلك.

• تنبيه: للخبر طريق آخَر عن أنس رضي الله عنه، بلفظ:"سبعون ألفًا"، أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (3783، 3797): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ القَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا» قَالُوا: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «لِكُلِّ رَجُلٍ سَبْعُونَ أَلْفًا» قَالُوا: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَانَ عَلَى كَثِيبٍ، فَحَثَا بِيَدِهِ، قَالُوا: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: «هَذَا وَحَثَا بِيَدِهِ» قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَبَعْدَ اللهُ مَنْ دَخَلَ النَّارَ بَعْدَ هَذَا.

وفي سنده عبد القاهر، قال فيه ابن مَعِين: صالح. وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» .

وتابعه أبو عاصم العَبَّاداني، كما في «كشف الأستار» (3547) وقال البزار: لا نعلم أحدًا رواه عن حُميد عن أنس إلا أبا عاصم. ا هـ.

(1)

ونصه: القَول ما قال هِشام؛ لأَن أَبا هِلال ضعيف، ومَعْمَر سيئ الحفظ لحديث قتادة والأَعمش.

ص: 419

ورواه مبارك مولى عبد العزيز بن صُهيب- وهو متروك- عن عبد العزيز عن أنس. أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (3545).

ص: 420

‌النهي عن التجسس على عامة الناس

(1)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا»

(2)

.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا، أَوْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ» .

قَالَ سُفْيَانُ: قَوْلُهُ: «أَوْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ» مَا أَدْرِي: شَيْءٌ قَالَهُ مُحَارِبٌ، أَوْ شَيْءٌ هُوَ فِي الْحَدِيثِ.

أخرجه مسلم (715) وسبق التنبيه على ضعف زيادة: «أَوْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ» .

وعَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ

(1)

وقيدت بعامة الناس؛ لأن ثمة أخبار فيها الحض على التجسس للمصلحة أو دفع الضرر العام الذي يراه حاكم المسلمين ومما يستدل به من يأتيني بخبر القوم في غزوة الخندق وقصة ابن صياد.

(2)

أخرجه البخاري (5143) ومسلم (2563) واللفظ لمسلم.

ص: 421

عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ» فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:«كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا»

(1)

.

(1)

صحيح لشواهده: أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (4888) وأبو يعلى (7389) والطبراني في «الكبير» (7633) وغيرهم من طرق عن الْفِرْيَابِيّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عن معاوية به.

وهذا السند يعتيربه أمران:

1 -

الكلام في رواية الفريابي عن الثوري.

2 -

الكلام في راشد بن سعد وأنه قليل الرواية عن معاوية لكن قال البخاري شهد معه صفين.

وقد تابع راشدًا جبير بن نفير أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (240):

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَلَامًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ - أَوْ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ -: «إِنَّكَ إِذَا اتَّبَعْتَ الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ» فَإِنِّي لَا أَتَّبِعُ الرِّيبَةَ فِيهِمْ فَأُفْسِدَهُمْ. ورجاله ثقات ما عدا عمرو بن الحارث الزبيدي فذكره ابن حبان في الثقات وقال: مستقيم الحديث. واختلف قول الذهبي فيه تارة ثقة وأخرى لا يعرف. وقال ابن حجر مقبول.

فائدة: ولا يهولنك ثمانية في سند البخاري هذا فله في الصحيح أنزل منه وهو حديث «ويل للعرب من شر قد اقترب» فقد روا تساعيًّا رقم (7135) وتارة ثمانيًّا رقم (3346) وسباعيًّا (3598).

والخلاصة: أنه يحسن بطريقيه وانتهى شيخنا مع الباحث: عبد الرحمن بن صالح بتاريخ (22) شوال (1443 هـ) الموافق (23/ 5/ 2022 م): إلى تصحيحه لشواهده.

ص: 422

• وثمة أخبار ضعيفة منها:

1 -

عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبِي أُمَامَةَ، قَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ»

(1)

.

2 -

عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ بَعْدَ مَا رَجَمَ الأَسْلَمِيِّ فَقَالَ:" اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَلْيَسْتَتِرْ".

3 -

خرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (14128) عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار به.

وخالف ابن جريج عبد الوهاب الثقفي فوصله عن ابن عمر أخرجه ابن الأعرابي في «المعجم» (831) وغيره.

(1)

أخرجه أبو داود (4889) أحمد رقم (23815) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (88) وغيرهم من طرق عن إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة الحمصي عن شريح بن عبيد واختلف في تعيين شيخه على وجوه كثيرة مما يدل اضطراب سنده.

والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عمر بن ثابت بتاريخ (18) شوال (هـ 1443) الموافق (19/ 5/ 2022 م):

1 -

الكلام في ضمضم بن زرعة ولا ينهض الشخص لتحسين حديثه.

2 -

الخلاف على شيخه في الحديث.

3 -

وكذا الخلاف على تلاميذه أيضًا.

4 -

الكلام في سماع شريح من الصحابة في حال سقوط الواسطة.

ولتنظر شواهده. ا هـ.

ص: 423

وتابعه على الوصل أنس بن عياض من روايتي هارون بن موسى وأسد بن موسى كما عند البيهقي (1802) والحاكم (7615) و (8158) والطحاوي في «شرح المشكل» (91).

وأخرجه مالك في «الموطأ» (2386) عن زيد بن أسلم مرسلًا.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عمر بن ثابت بتاريخ (11) شوال (1443 هـ) الموافق (12/ 5/ 2022 م): الصواب بلاغ.

ص: 424

‌الترهيب من فضيحة المسلمين

قال البيهقي في «شُعَب الإيمان» رقم (10682):

حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ بْنِ حَمْدَوَيْهِ الْمُذَكِّرُ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقَزْوِينِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ

(1)

فِي بُيُوتِهَا- أَوَ قَالَ: فِي خُدُورِهَا- ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِقَلْبِهِ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ» .

• وتابع إسماعيلَ بن توبة اثنان:

1 -

إبراهيم بن دينار، أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الغِيبة» (29).

2 -

ضِرَار بن صُرَد- وهو ضعيف- أخرجه أبو نُعيم، رقم (2).

وإسناد البيهقي وابن أبي الدنيا قابل للتحسين، وهو أَمْثَل طريق لهذا الخبر.

(1)

جمع عاتق، وقال ابن دريد: عتقت الجارية: صارت عاتقا إذا أوشكت البلوغ، وقال ابن السكيت: العاتق فيما بين أن تدرك إلى أن تعنس ما لم تزوج، والخدور: البيوت. انظر: «شرح صحيح البخارى» (2/ 570) لابن بطال.

ص: 425

ونحوه حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه الترمذي (2032) وابن حِبان (5763) من طريق الحسين بن واقد، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المِنْبَرَ، فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ» .

قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ- أَوْ: إِلَى الكَعْبَةِ- فَقَالَ: «مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ» .

وقال الترمذي: حديث حسن غريب، لا نَعْرفه إلا من حديث الحسين بن واقد.

• وله شواهد، منها:

1 -

حديث أبي بَرْزَة الأسلمي، أخرجه أحمد (19776) وغيره. وفي سنده سعيد بن عبد الله مولى أبي بَرْزَة، كَره ابن حِبان في «الثقات» وجَهِله أبو حاتم، وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/ 421): مجهول العدالة، لم يُضَعَّف.

2 -

حديث ابن عباس، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (11444) وفي سنده إسماعيل بن شيبة.

وعنه قُدامة بن محمد، قال ابن حِبان في «الثقات» (8/ 93): شيخ يَروي عن ابن جُريج، روى قُدامة بن محمد الخَشْرَمي عنه، يُتقَّى حديثه من رواية قُدامة عنه. وقال النَّسَائي: منكر الحديث.

ص: 426

3 -

حديث بُرَيْدة، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (1155) وفي سنده رُبَيْح بن هلال الطائي، قال فيه ابن حِبان: ينفرد عن المشاهير بالمناكير.

• والخلاصة: أن الخبر حسن لشواهده

(1)

في حين كَتَب شيخنا مع الباحث: محمد بن راضي، بتاريخ (2) رجب (1443 هـ) الموافق (3/ 2/ 2022 م): كل طرقه فيها مقال، وقد يُحَسِّنه بعض العلماء لشواهده، فالله أعلم.

(1)

وعمومات الشريعة في السَّتر وشدة التحري في إقامة الحدود- تُوافِق هذا.

ص: 427

‌الرفق بالناس

1 -

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3938):

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيَّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ الْأَوْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ» .

تابع سعيد بن عبد الرحمن هشام بن عروة في الأرجح عنه أخرجه الترمذي (4386) وابن حبان (2/ 215) وغيره.

والأودي مجهول وهناك عبد الله بن حنش الأودي

(1)

جعلهما مغلطاي واحدًا والباحث يرى أنه ابنه غالبًا.

*-ورواه عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن رجل من بني ابن مسعود عنه أخرجه أبو يعلى (4/ 221).

• وله شواهد:

1 -

معيقيب رضي الله عنه أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1/ 237) والطبراني في «الأوسط» (8/ 229) والبيهقي في «الشعب» (10/ 444) وفي

(1)

وثقه ابن معين وقال أبو حاتم: لا بأس به.

ص: 428

سنده أبو أمية متروك.

2 -

جابر رضي الله عنه أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1/ 256) والبيهقي في «الشعب» (10/ 446) وفي سنده عبد الله بن مصعب ضعيف وخطأ أبو زرعة هذا الطريق وصوّبه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه السابق.

3 -

أبو هريرة رضي الله عنه أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (2/ 461)، وغيره، والطبراني في «الأوسط» (6/ 38) والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (6/ 232)، بأسانيد نازلة وضعيفة.

4 -

أنس رضي الله عنه أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8/ 156) وموسى ضعيف.

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: عبد الفتاح العدولي: أسانيده ضعيفة لكن معناه صحيح له شواهد كثيرة جدًّا من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 429

‌الحرص على الخيرات نجاة

قال تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]

قال الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (13925):

حدثنا محمَّد بن الحُسَين الأَنْمَاطي، ثنا محمَّد بن حسَّان السَّمتي، ثنا عبد الله بن زيد الحمصي، ثنا الأوزاعي، عن عبدة ابن أبي لُبَابة، عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ للهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ العِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا يَبْذُلُونَهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ فَحَوَّلَهَا إِلى غَيْرِهِمْ» . وتابع الحسين الأنماطي:

1، 2 - محمد بن مسروق ومحمد بن عبيد أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (11/ 60).

3 -

أحمد بن محمد بن مسروق أخرجه الخطيب في «تاريخه» (3237).

وعبد الله بن زيد الحمصي أبو عثمان الكلبي ضعفه الأزدي وذكر له الذهبي حديثًا بهذا السند

(1)

وتابعه معاوية بن يحيى الشامي وهو منكر الحديث أخرجه تمام في «فوائده» (262).

ص: 430

وتابعهما الوليد بن مسلم أخرجه البيهقي (7662) وفي سنده أحمد بن محمد اللباد وهو ضعيف.

وتابع الأوزاعي عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر أخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» (1007) والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (82) وعبد الرحمن ضعيف والسند إليه كذلك.

وللخبر شاهد مداره على الوليد بن مسلم تارة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة كما في «أخبار أصبهان» (1/ 11) وفي سنده عمران بن عبد الرحيم شيخ أبي نعيم ضعيف. وشيخه أحمد بن محمد المصيصي يروي المناكير عن الوليد.

• وخالفه إبراهيم بن محمد الشامي في أمرين:

1 -

جعله من مسند ابن عباس.

2 -

أسقط الأوزاعي.

وإبراهيم بن محمد مجهول.

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمد بن شرموخ بتاريخ (20) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (14/ 12/ 2022 م): إلى ضعف الخبر لكن معناه صحيح.

• تنبيه: صححه العلامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» لشواهده. والشاهدان مدارهما على الوليد بن مسلم فيلزم الترجيح.

ص: 431

‌سعة المجالس

1 -

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (11137):

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أُخْبِرَ أَبُو سَعِيدٍ بِجِنَازَةٍ، فَعَادَ تَخَلَّفَ حَتَّى إِذَا أَخَذَ النَّاسُ مَجَالِسَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ تَشَذَّبُوا عَنْهُ، فَقَامَ بَعْضُهُمْ لِيَجْلِسَ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ: لَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ خَيْرَ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا، ثُمَّ تَنَحَّى وَجَلَسَ فِي مَجْلِسٍ وَاسِعٍ» وتابع أبا عامر جماعة منهم أبو سعيد مولى بني هاشم وعبد الله بن مسلمة ومعلى بن منصور وغيرهم-.

• والخلاصة: وكتب شيخنا مع الباحث: مختار بن حسين بن سلام البرلسي

(1)

: عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري اثنان:

(1)

ولد بتاريخ 30/ 5/ 1963 م درس في كلية القرآن الكريم جامعة الأزهر وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.

وهذا أول حديث عرضه على شيخنا ضمن بحث كلفه به شيخنا وهو «آداب المجالس»

وكانت وصية شيخنا لي في بلطيم من نحو خمس وعشرين سنة وكان الشيخ في درس هناك فنصحني في خطبي ودروسي بالكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة وهذه أجل نصيحة كانت لي ونفعني الله بها والتزمت بها إلى يومنا هذا. جزاه الله عنا خيرًا ونفع الله به وجعل هذا في ميزان حسناته. =

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كنا في 2013 م في عقد زواج ابني عبد الباسط وكان يوم جمعة وكنا معه في السيارة وباقي دقائق قليلة على خطبة الجمعة وكانت في «مسجد شهداء بدر» ببرج البرلس فعرفه أحد الناس وكان في الطريق مقابل مدينة بلطيم فنادى على الشيخ قائلًا: كيف حالك يا شيخ مصطفى فنزل الشيخ من السيارة وسلم عليه رغم أني ذكرته بضيق الوقت.

فتعلمنا من هذا كيف نتعامل مع عامة الناس وهذا من أدب الشيخ وفقهه.

تنبيه: مركز البرلس يشمل ثلاثة مدائن: مدينة بلطيم والبرج والمصيف. وأشهر المعالم بالبرلس:

1 -

مسجد الصحابي غانم بن عياض الأشعري رضي الله عنه وكانت أول خطبة في هذا المسجد لصاحب الترجمة في عام 1988 م وتكلم فيها عن فضائل الصحابة الذين نزحوا إلى البرلس وأحفادهم من أهل البرلس حيث فيهم التدين الفطري والمحافظة على صلاة الجماعة في المساجد في أول وقتها وكثرة المساجد واتساعها.

وثمة رسالة للباحث الشيخ د/ حسان بن عبد الرحيم في المساجد التي بها قبور قد ناقشتها معه وهي مرفوعة على قناتي على اليتيوب.

وذكر السمعاني عددًا من الصحابة ممن قطنوا البرلس.

2 -

وصناعة المراكب والسفن الكبيرة وتصدر إلى جميع أنحاء العالم.

3 -

بها ميناء الصيد المعروف على شاطيء البحر الأبيض المتوسط وملتقى البحر ببحيرة البرلس.

4 -

مصيف بلطيم به ستة مساجد أكبرهن النرجس فالزهراء ثم الأمل ثم البرغوت والفنار والسلام.

5 -

ومقابل مدينة مصيف بلطيم مصنع الرمال السوداء وهو الوحيد على مستوى العالم.

6 -

بلطيم مشهورة بزارعة الفواكة والخضراوات والأسماك حيث تحيطها بحيرة البرلس ولها اتساع على الخارطة معلوم.

أملاه صاحب الأسطر والترجمة بمسجد أهل السنة والجماعة بمنية سمنود بعد صلاة العصر يوم عرضه أول حديث.

ص: 433

أحدهما ثقة.

والآخر مقبول عند ابن حجر

(1)

ولم يسمع من أبي سعيد فليحرر إن استطعت وإن لم تستطع أثبت هذا الكلام. ا هـ.

ثم عرضه الباحث مرة أخرى بتاريخ: (13) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (7/ 12/ 2022 م): فوافق شيخه مقبل بن هادي على الإعلال.

• تنبيه: له شاهد أخرجه الحاكم في «مستدركه» (7785): من طريق مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" خَيْرُ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا " ومصعب بن ثابت ضعيف.

• تنبيه آخر: أن عبد الرحمن بن أبي عمرة في سند حديث أبي سعيد اشتبه مع آخر:

1 -

اشتركا في التسمية.

2 -

النسبة.

3 -

في الراوي عنهما وهو عبد الرحمن بن أبي الموال.

واختلافا في الطبقة والتوثيق فالأعلى منهما ثقة وروى له الستة أما الأنزل في الطبقة فروى عنه عبد الرحمن الذي معنا وله شيخ واحد اسمه القاسم بن محمد

(1)

انظر «تهذيب الكمال» وكلام الشيخ مقبل رحمه الله.

ص: 434

ولابن عبد البر كلام انظره

(1)

وأعل الخبر الشيخ مقبل في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (167).

(1)

«تهذيب التهذيب» (6/ 243) لابن حجر.

ص: 435

‌ذم الشماتة والتعيير

قال الترمذي في «سننه» رقم (2506):

حَدثنا عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الهَمْدَانِيُّ، حَدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ (ح) وحدثنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدثنا أُمَيَّةُ بْنُ القَاسِمِ، الحَذَّاءُ البَصْرِيُّ، قَالَ: وَحَدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ، فَيَرحمه الله وَيَبْتَلِيكَ» .

وتابع مكحولًا أبو حنيفة كما في «جامع مسانيد أبي حنيفة» (1/ 25، 86).

• الخلاصة: أن الأسانيد إلى حفص بن غياث ضعيفة واختلف في سماع محكول من واثلة أثبته الترمذي وقال غيره: مكحول دخل على واثلة ولكنه لم يسمع منه.

وكتب شيخنا مع الباحث: عمرو بن عمران بتاريخ (29) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (29/ 6/ 2022 م): ضعيف جدًّا.

ثم أكد النتيجة مع الباحث: إسلام بن السيد أبو المجد.

بتاريخ (23) ربيع الآخر (1444 هـ) الموافق (17/ 11/ 2022 م).

ص: 436

‌تغيير الاسم إلى الأحسن

قال ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» رقم (1365): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ رضي الله عنه: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ وَلَهُ الِاسْمُ لَا يُحِبُّهُ حَوَّلَهُ، وَلَقَدْ أَتَيْنَاهُ تِسْعَةً مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، أَكْبَرُنَا الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ، فَبَايَعْنَاهُ جَمِيعًا مَعًا".

وتابع محمدَ بن عوف أحمدُ بن عبد الوهاب بن نَجْدة، كما في «مسند الشاميين» (1627) وعَطَف أبو نُعَيْم في «معرفة الصحابة» (5354) أبا زيد الحَوْطي على أحمد بن عبد الوهاب.

وعُتبة بن عُبيد تُوفي (87) وقيل: (90) وشُريح بن عُبيد ثقة يرسل كثيرًا، وسُئل محمد بن عوف عن سماعه من الصحابة، فقال: ما أظن ذلك؛ وذلك لأنه لا يقول في شيء من ذلك: (سَمِعْتُ) وهو ثقة.

• والخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي، بتاريخ (23) صفر (1444 هـ) الموافق (19/ 9/ 2022 م): سند ضعيف للانقطاع، والمعنى له شواهد، وبالله التوفيق.

• تنبيه: هذا من الأحاديث التي صححها العَلَّامة الألباني رحمه الله، في «الصحيحة» رقم (200).

ص: 437

‌دفع التثائب

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (2995):

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» .

تابع سفيان على ذكر الصلاة معمر في وجه عند أحمد (11323) وهو عند عبد الرزاق (3325) بدون زيادة الصلاة.

ورواه جماعة عن سهيل دون التقييد بالصلاة وهيب كما عند أحمد (11916) وعبد العزيز بن محمد كما عند الدارمي (1422) وخالد الطحان كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (951). وسليمان بن بلال كما عند البخاري في «الأدب المفرد» (951).

ص: 438

‌ترك شيء في ضَرع الحيوان عند نهاية الحَلْبَ

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (16704):

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بَحِيرٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلِي بِلَقُوحٍ

(1)

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلِبَهَا فَحَلَبْتُهَا، فَقَالَ: «دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ

(2)

».

وتابع وكيعًا جماعة: ابن المبارك، وعبد الله بن داود، ويعلى بن عُبيد، وأبو معاوية، وزهير بن معاوية.

وخالفهم سفيان الثوري، فأبدل (يعقوب) وهو لا يُعْرَف، ب (عبد الله بن سنان) ووثقه ابن مَعِين، أخرجه أحمد (18792)، والطبراني في «المعجم الكبير» (817).

*- ورواه موسى بن عبد الملك بن عُمير، عن أبيه، عن ضِرَار، به.

(1)

أي: ناقة ذات لبن.

(2)

أَيْ: أبْقِ فِي الضَّرْع قَلِيلًا مِنَ اللبَنِ، وَلَا تَسْتَوْعِبْهُ كُلَّهُ؛ فَإِنَّ الَّذِي تُبْقِيهِ فِيهِ يَدْعُو مَا وَرَاءَهُ مِنَ اللَّبَنِ فَيُنْزِلُهُ. وَإِذَا اسْتُقْصِيَ كُلُّ مَا فِي الضَّرْعِ، أَبْطَأَ دَرُّهُ عَلَى حَالِبِهِ.

انظر: «النهاية في غريب الحديث» (2/ 120) لأبي السعادات ابن الأثير.

ص: 439

وموسى ضعيف. انظر «الإصابة» (5/ 340).

*- ورواه نقادة الأسدي، أخرجه الطبراني (264) وسنده ضعيف.

وأخرجه أيضًا الطحاوي (5701)، والطبراني في «الأوسط» (3743).

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: مشهور بن عبد العزيز الفيومي

(1)

: رَاجِع «الإصابة» وهل هناك أكثر من عبد الله بن سنان؟

وفيما يبدو- والله أعلم- أن ذِكر يعقوب هو الأصح. وعليه ولجهالة يعقوب، فالخبر ضعيف.

(1)

وُلد بتاريخ (10/ 1/ 1967 م) حاصل على معهد المعلمين بالفيوم، عام (1988 م).

ص: 440

‌هل صح حديث بلفظ (الخجل)؟

وردت أخبار ضعيفة، منها:

1 -

قال ابن ماجه في «سُننه» رقم (3295):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ، فَلَا يَقُومُ رَجُلٌ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ وَإِنْ شَبِعَ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ، وَلْيُعْذِرْ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ، فَيَقْبِضُ يَدَهُ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةٌ» .

(وعِلته عبد الأعلى، وهو ضعيف).

2 -

قال سعيد بن منصور في «سننه» رقم (6595):

حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الحَبَشَةِ اسْتَقَبَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَخَجِلَ، فَقَالَ:«إِنَّ النَّجَاشِيَّ إِذَا أَكْرَمَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ- خَجِلَ» .

وقال الفاكهي في «أخبار مكة» رقم (654): حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ الأَزْدِيُّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، قَالَ: "حَجَجْتُ مَعَ أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ

ص: 441

يَتَعَرَّضُ لِامْرَأَةٍ فِي الطَّوَافِ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقِهَا، كُلَّمَا مَرَّتْ عَبَثَ بِهَا وَكَلَّمَهَا! فَقَالَتْ لأَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا: لِيَكُنْ بَعْضُكُمْ قَرِيبًا مِنِّي إِذَا أَتَيْتُ الطَّوَافَ. فَجَعَلَتْ تَمُرُّ بِهِ، فَإِذَا رَأَى مَعَهَا رَجُلًا، لَمْ يُكَلِّمْهَا.

فَتَمَثَّلَتْ بِقَوْلِ الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ، أَوِ الزِّبْرِقَانِ:

تَعْدُو السِّبَاعُ عَلَى مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ

وَتَحْتَمِي مَرْبَضَ الْمُسْتَنْفِرِ الْحَامِي

قَالَ: فَمَا خَجِلْتُ مِنْ شَيْءٍ خَجَلِي مِنْهَا.

(وفي سنده الحسن بن عمارة، متروك).

ص: 442

‌ذم العجب

قال الإمام البيهقي في «شعب الإيمان» (9/ 396) رقم (6865):

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ ابْنُ الْحَمَامِيِّ، بِبَغْدَادَ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّصْرِ أَبُو بَكْرٍ، نا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سُلَيْمٍ الصَّوَّافُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، فَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَتَقْوَى اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَوْلُ بِالْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالسُّخْطِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتِ: فَهَوًى مُتَّبِعٌ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَهِيَ أَشَدُّهُنَّ» .

وعلة هذا الطريق بكر بن سليم الصواف روى عنه جمع وقال فيه أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وتارة: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن حجر والذهبي: صدوق.

وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 441): يحدث عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وعن غيره، ما لا يوافقه أحد عليه.

ورواه عبد الله بن سعيد-وهو متروك- عن أبيه عن أبي هريرة كما في «بحر الفوائد» (1145) و «ثلاثة مجالس من أمالي عبد الله» (2).

ص: 443

وورد بعضه من حديث ابن عباس وابن عمر وعنهما سعيد بن جبير وفي السند إليه محمد بن عون متروك

(1)

. وفي سند ابن عمر ابن لهيعة.

وورد كذلك من حديث عبد الله بن أبي أوفى كما في «كشف الأستار» (83) وفي سند ابن عون أيضًا متروك.

• وورد أيضًا من حديث أنس رضي الله عنه وعنه أربعة:

1 -

قتادة أخرجه البزار (7293) وفي سنده أيوب بن عتبة ضعيف والشجري في «ترتيب الأمالي» (2527) وفي سنده عكرمة بن إبراهيم ضعيف.

2 -

زياد النميري -وهو ضعيف-وعنه زائدة بن أبي الرقاد منكر الحديث أخرجه البزار (6491).

3 -

الحسن البصري أخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (847) والطبراني في «الأوسط» (5452)، في سنده حميد بن الحكم منكر الحديث.

4 -

يغنم بن سالم-متهم بالوضع- أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (961).

• والخلاصة: أن هذه الطرق منها المنكر ومنها الضعيف جدًّا وأرقاها طريق البيهقي وسبق ما فيها من كلام ابن عدي ولا أراها ترتقي بالمجموع

(2)

(1)

توبع سعيد من محمد بن كعب وفي السند عيسى بن ميمون متروك.

(2)

في حين حسنها بالمجموع العلامة الألباني رحمه الله في «السلسلة الصحيحة» (4/ 416) فقال: هذه الطرق حسن على أقل الدرجات إن شاء الله تعالى، وبه جزم المنذري

وهو مروي عن جماعة من الصحابة وأسانيده وإن كان

لا يسلم شيء منها من مقال، فهو بمجموعها حسن إن شاء الله تعالى.

ص: 444

وكتب شيخنا مع الباحث: عبد الغني العوامي بتاريخ (6) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (2/ 10/ 2022 م): كل طرقه ضعيفة. ا هـ.

ص: 445

‌هل ثبت خبر في الجلوس بين الظل والحر؟

ورد عن بريدة ورجل من الصحابة وأبي هريرة وجابر ومرد حديث جابر إلى أبي هريرة رضي الله عنهم:

• الأول: حديث بريدة رضي الله عنه أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (25728):

حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الْمُنِيبِ الْعَتَكِيُّ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ "أَنَّهُ نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ مَجْلِسَيْنِ، أَمَّا اللِّبْسَتَانِ: فَتُصَلِّي فِي السَّرَاوِيلِ لَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَالرَّجُلُ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَا يَتَوَشَّحُ بِهِ، وَالْمَجْلسَانِ: يَحْتَبِيَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَتُبْصَرُ عَوْرَتُهُ، وَيَجْلِسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ".

وتابع زيد بن الحباب يحيى بن واضح أبو تميلة أخرجه أبو داود (636) وغيره.

قال الإمام أحمد في رواية أبي المنيب عن ابن بريدة ما أنكر حديثه عنه. قال البخاري: عند أبي المنيب مناكير. وثقه ابن معين. والنسائي تارة وأخرى ضعفه. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. قال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات.

ص: 446

• الثاني: حديث رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» رقم (15421):

حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُجْلَسَ بَيْنَ الضِّحِّ وَالظِّلِّ، وَقَالَ:«مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ» .

وتابعهما همام كما في «الآحاد والمثاني» (2905).

قال ابن حجر في «أطراف المسند» (11207): رواه شعبة، عن قتادة فأرسله، أخرجه مسدد، عن يحيى، عنه.

وأبو عياض قال فيه ابن عبد البر: أجمعوا على أنه كان من العلماء الثقات، مات في خلافة معاوية.

وكثير هو ابن أبي كثير روى عنه أربعة ووثقه العجلي وجهله ابن حزم وتعقبه ابن القطان بتوثيق العجلي وذكره العقيلي في" الضعفاء" وما قال فيه شيئًا.

والخلاصة: أن الصواب في هذا الوجه الإرسال.

• الثالث والربع: أخرجه الإمام الحميدي في «مسنده» رقم (1172): حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدَيَّ فِي الطَّوَافِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ، أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْفَيْءِ، فَقُلِّصَ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ، فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْهُ» .

ص: 447

وتابع الحميدي ابن السرح ومخلد بن خالد أخرجه أبو داود في «سننه» (4821) والبيهقي في «السنن الكبير» (5921). وتابعهم محمد بن منصور ومحمد بن أبي عمر أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (631).

وخالف سفيان معمر كما في «جامعه» (19799). وتابعه عبد الوارث أخرجه أحمد (8976) فأسقطا الواسطة بين ابن المنكدر وأبي هريرة رضي الله عنهما.

ومحمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه قاله ابن معين وأبو زرعة.

وخالفهم الثوري كما في «الكامل» (10507) وفي سنده مقدام بن داود ضعيف. وكذا شيخه عبد الله بن محمد بن المغيرة.

وتابع الثوري محمد بن حمران وهو صدوق فيه لين وشيخه إسماعيل بن مسلم ضعيف الحديث. أخرجه البزار (2014). وكلاهما من حديث ابن المنكدر عن جابر والسند إليهما ضعيف.

ورجع حديث جابر إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنهما.

• والخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: محمد بن عبد التواب بتاريخ الأحد (19) ذي القعدة (1443 هـ) الموافق (19/ 6/ 2022 م): في طرقه مقال الأول حديث أبي هريرة ضعيف لإعلاله بالإرسال والانقطاع.

الثاني فيه كثير البصري إلى الجهالة أقرب.

ثم عرضه الباحث: أبو عمار الكردي بتاريخ (6) ربيع (1444 هـ) الموافق (2/ 10/ 2022 م): على شيخنا فكتب: ظني -والله اعلم أن النهي عن الجلوس في الظل جزءٌ وجزء في الشمس يحسن على الأقل بمجموع الطرق. اه.

ص: 448

‌الأدب في المناظرة

ثَلاثُ كَلِمَاتٍ لِلشَّافِعِيِّ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهن وَانْفَرَدَ بِهن

(1)

الأُولَى: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيُّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: إِذَا صَحَّ لَكُمُ الْحَدِيثُ، فَخُذُوا بِهِ، وَدَعُوا قَوْلِي.

الثَّانِيَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْذِرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ.

الثَّالِثَةُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّيْلَمَهِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ لَوْ تَعَلَّمُوا هَذِهِ الْكُتُبَ، وَلَمْ يَنْسُبُوهَا إِلَيَّ

(2)

.

(1)

«آداب الشافعي» (ص: 247).

(2)

قال ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص: 68): أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ الْمِصْرِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: "مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ، وَمَا فِي قَلْبِي مِنْ عِلْمٍ، إِلا وَدِدْتُ أَنَّهُ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ، وَلا يُنْسَبُ إِلَيَّ".

وأبو محمد هو ابن ابي حاتم والحسن الجروي ثقة.

ص: 449

‌كتاب الاستئذان

‌كيفية الاستئذان

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (17692):

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَيّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَريُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا أَتَى بَيْتَ قَوْمٍ، أَتَاهُ مِمَّا يَلِي جِدَارَهُ، وَلَا يَأْتِيِ مُسْتَقْبِلًا بَابَهُ» .

تابع إسماعيل بن عياش بقية بن الوليد كما في البخاري «الأدب المفرد» (1078) وأبو داود في «سننه» (5186)، وتابعهما يحيى بن سعيد العطار أخرجه البيهقي في «الشعب» (8438). وتابعهم محمد بن شعيب أخرجه المقدسي في «الضياء» (77).

وتابعهم عثمان بن سعيد وهو ثقة أخرجه البيهقي في «الأدب» (207)

(1)

بسند حسن إليه.

وخالف هؤلاء الخمسة محمد بن سليمان فذكره بالقول والتقعيد أخرجه

(1)

وأخرجه أيضًا أخرجه المقدسي في «الضياء» (78) وفيه حبيش بن يزيد لم يقف الباحث: عمرو على ترجمته.

ص: 450

البزار (3499): «لَا تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَلَكِنِ ائْتُوهَا مِنْ جَوَانِبِهَا، ثُمَّ سَلِّمُوا فَإِنْ أُذِنَ لَكُمْ فَادْخُلُوا، وَإِلَّا فَارْجِعُوا» .

ورواية الخمسة أرجح لكن المدار على محمد بن عبد الرحمن اليحصبي فوثقه دحيم قائلًا من مشيخة أهل حمص ما أعلمه إلا ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: لا يعتد بحديثه ما كان من حديث إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ويحيى بن سعيد العطار ودونه بل يعتبر بحديثه من رواية الثقات عنه.

وقال الذهبي: وثق. وقال ابن حجر: صدوق.

والذي يظهر لي صحة هذا السند لكون بقية وابن عياش ويحيى ومن تابعهم لم يختلفوا على شيخهم.

• أما شيخنا فكتب مع الباحثين:

أ-مالك بن علي. ب-عمرو بن عمران الشرقاوي بتاريخ (14) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (8/ 12/ 2022 م): في السند مقال من أجل محمد بن عبد الرحمن اليحصبي والرواة عنه.

ص: 451

‌الاستئذان عند الانصراف

قال تعالى عمومًا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 62].

*- قال أبو الشيخ الأصبهاني في «طبقات المحدثين» (2/ 205): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ

(1)

، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَارَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُومُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ» .

وخالف إسحاق بن محمد أبو محمد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فاسقط والد يحيى بن عبيد الله كما في «صفوة التصوف» لابن القيسراني (ص: 265).

(1)

وأخرجه المقدسي في «الأحاديث المختارة» (13/ 147) رقم (236) - أخبرنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن الطرح بِبَغْدَاد أَنْ أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الأرموي أخْبرهُم ابْنا أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن النقور ابْنا عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد الْحَرْبِيّ ثَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أسيد الْأَصْبَهَانِيّ إملاء ثَنَا يحيى بن وَاقد ابو صَالح الطَّائِي به.

ص: 452

• الخلاصة: كتب شيخنا مع الباحث: أحمد بن علي بتاريخ (13) ربيع (1444 هـ) الموافق (9/ 10/ 2022 م):

1 -

يحيى بن واقد لم يوثقه معتبر.

2 -

نزول السند.

3 -

الخلاف في السند بإثبات الأب وبحذفه.

4 -

قال المناوي في «فيض القدير» : فيه من لا يعرف.

ثم عرضه الباحث مالك: بن علي بتاريخ (18) جمادى الأولى (1444 هـ) الموافق (12/ 12/ 2022 م): فانتهى شيخنا معه إلى أن علة هذا الخبر يحيى بن واقد فلم يقف الباحث إلا على توثيق إبراهيم بن أورمة له في تاريخ أصبهان.

قلت (أبو أويس): ثم ظهرت لي علة وهي ردّ هذا الخبر إلى ما أخرجه البخاري رقم (2489) ومسلم رقم (2045) من طريق سُفْيَان، حَدَّثنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، رضي الله عنهما، يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ.

وخالف شعبة الثوري فوافقه على النهي عن القران وجعل الاستئذان من فعل ابن عمر.

أخرجه البخاري (5446) ومسلم (2045).

ص: 453

‌حكم المعازف

سبق أن الأصل في تحريم المعازف حديث هشام بن عمار الذي علقه البخاري، ووصله غيره، وأنه ثابت بلفظ المعازف ثم أفاد الباحث: منصور الشرقاوي مع شيخنا بتاريخ (3) ذي الحجة (1443 هـ) الموافق (2/ 7/ 2022 م): الإجماع على التحريم نقله ابن رجب في «فتح الباري» (6/ 83): وأما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرم مجمع على تحريمه، ولا يعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذَلِكَ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى

(1)

.

وقال ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/ 38): فأما علم الموسيقى واللهو فمطرح ومنبوذ عند جميع أهل الأديان على شرائط العلم والإيمان.

(1)

ولم يجد الباحث في المذاهب الأربعة خلافًا لما نقله ابن رجب إلا ما نقل عن مالك من الكراهة كما في «المدونة» (3/ 432): هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الدِّفَافَ فِي الْعُرْسِ أَوْ يُجِيزُهُ وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ الْإِجَارَةَ فِيهِ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ كُلَّهَا فِي الْعُرْسِ وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَضَعَّفَهُ وَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ.

ثم نقل عن القرطبي بما يفيد أن هذه الكراهة محمولة على التحريم حيث قال «تفسير القرطبي» (14/ 54): فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام.

ص: 454

وأسقط ابن المنذر عدالة من يمتهن الموسيقى ففي «الأوسط» (7/ 309): وجميع الملاهي والمعازف، من كان من أهل الصنعة لها، أو كان من أهل الكسب بها، فهذه الصناعات وما أشبهها التي لا يكون أهلها عدولا أبدًا.

ص: 455

‌الأدلة المُجوِّزة للغناء ما لم يكن مصحوبًا بالمعازف، أو الكلمات التي تدعو إلى الفواحش والمُحرَّمات

*-سبقت أدلة عامة من كتاب الله [الآية: 6] من سورة لقمان عليه السلام و [الآية: 64] من سورة الإسراء، و [الآية: 61] من سورة النجم، على تحريم الغناء.

*- وسبق أيضًا الكلام عن تحريم المعازف، من حديث أبي عامر- أو: أبي مالك- الأشعري رضي الله عنه.

*- ووَرَد في المنع من المزمار أثر ابن عمر، أَنَّهُ سَمِعَ مِزْمَارًا، قَالَ نَافِعٌ: فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَنَأَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي: يَا نَافِعُ، هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: فَرَفَعَ إِصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ وَقَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا، فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا.

وهذا المتن بهذا السياق سبق إعلاله، لكن ساق أبو داود بعده نحوه

(1)

بسند، وإن كان صحيحًا إلا أنه استنكره.

(1)

ولم يَسُق المرفوع من المتن، ولم يقف الباحث على المتن مطولًا في غيره؛ مما جَعَله يرتاب في (نحوه) هل تشمل المرفوع أو مقتصره على الموقوف؟.

ص: 456

• أما الأدلة المُجوِّزة لصورة من صور الغناء، فهي:

1 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «دَعْهُمَا» .

فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ

(1)

وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ:«تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاذْهَبِي»

(2)

.

2 -

عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُولِي هَكَذَا، وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ»

(3)

.

3 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ، وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ:

نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ

يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ

(1)

بفتحتين جمع درقة، وهي الترس من جلد بلا خشب.

(2)

أخرجه البخاري (2907)، ومسلم (892).

(3)

أخرجه البخاري (4001).

ص: 457

فَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَأُحِبُّكُنَّ»

(1)

.

قال القرطبي في «تفسيره» (14/ 54) بعد ذكره الآثار الواردة في ذم الغناء:

وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يُحرِّك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل، والمجون الذي يُحرِّك الساكن ويَبعث الكامن.

فهذا النوع إذا كان في شِعر يُشبَّب فيه بذكر النساء ووَصْف محاسنهن، وذِكر الخمور والمحرمات- لا يُختلَف في تحريمه؛ لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق.

فأما ما سَلِم من ذلك، فيَجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق وحَدْو أنجشة وسلمة بن الأكوع.

فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة، من الشَّبَّابات والطار والمعازف والأوتار، فحرام؟

أفاده الباحث: منصور الشرقاوي مع شيخنا، بتاريخ (10) صفر (1444 هـ) الموافق (6/ 9/ 2022 م).

(1)

أخرجه ابن ماجه (1899)، والطبراني في «المعجم الصغير» (1/ 65) من طريقَي عيسى وسعيد ابنَي يونس، عن ثُمَامة بن عبد الله عن أنس، به. وإسناده صحيح.

وتابع ثُمَامَة ثابت بإسناد ضعيف إلى ثابت. أخرجه أبو يعلى (3409)، وأبو نُعَيْم في «الحِلْيَة» (3/ 119).

الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: منصور الشرقاوي، إلى صحة إسناده.

ص: 458

‌هل عرش إبليس من حديد وحوله الحيات؟

قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (5317):

حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا سالم بن نوح، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: " لقيه (أي ابن صياد) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر في بعض طرق المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أتشهد أني رسول الله» ؟ فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ما ترى» ؟ قال: أرى عرشًا على الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى» ؟ قال: أرى صادقين وكاذبًا، أو كاذبين وصادقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لبس عليه، دعوه» .

وتابع سالم بن نوح عبد الأعلى أخرجه الترمذي (2225).

وخالفهما علي بن عاصم وهو ضعيف فزاد: «أرى عرشًا من حديد» .

وتابعه متابعة قاصرة عن أبي نضرة علي بن زيد بن جدعان وزاد: «حوله الحيات» أخرجه أحمد (16428) وابو يعلى (1185) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (36846).

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمود الباز إلى ضعف اللفظتين وصحة رواية مسلم بتاريخ (20) ربيع أول (1444 هـ) الموافق (16/ 10/ 2022 م).

ص: 459

‌الحيات منها الجانّ

قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» رقم (2941):

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْجِنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْلَاثٍ: فَثُلُثٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَثُلُثٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ، وَثُلُثٌ يَحُلُّونَ وَيَظْعَنُونَ» .

• الخلاصة: كَتَب شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، بتاريخ (16) جمادى الآخرة (1443) المُوافِق (19/ 1/ 2022 م): المتن غريب، ومعاوية لا يتحمله، والسند بعيد عن الكتب الستة. ا هـ.

ص: 460

‌تَشكُّل الجن في صور حيات وكلاب

قال ابن حِبان في «صحيحه» رقم (6156):

أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهبٍ

(1)

، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْجِنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ، وَصِنْفٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ يَحُلُّونَ وَيَظْعَنُونَ» .

تابع ابنَ وهب عبدُ الله بن صالح، أخرجه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (6627).

قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (27/ 261): وهذا إسناد جيد، رواته أئمة ثقات، وهو خير من إسناد حديث أبي الدرداء

(2)

.

(1)

تابع يزيدَ أحمدُ بن صالح، أخرجه أبو يعلى كما في «المطالب العالية» (343)، وبحر بن نصر كما في «مشكل الآثار» (2941).

(2)

أخرجه أبو يعلى كما في «إتحاف الخِيَرة» للبوصيري (6/ 170): عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

«خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ، وَخَشَاشُ الأَرْضِ. وَصِنْفٌ كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ. وَصِنْفٌ عَلَيْهِمُ الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ.

وَخَلَقَ اللَّهُ الإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ كَالْبَهَائِمِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} الآيَةَ من [الأعراف: 179]، وَصِنْفٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آدَمَ، وَأَرْوَاحُهُمْ أَرْوَاحُ الشَّيَاطِينِ. وَصِنْفٌ فِي ظِلِّ اللهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ».

وفي سنده أبو فَرْوة الرهاوي، ضعيف. وشيخه أبو المنيب الحمصي مجهول.

ص: 461

• والخلاصة: أن هذا السند على شرط مسلم، وظاهره الحُسن من أجل معاوية بن صالح.

لكن كَتَب شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، عام (1443 هـ) الموافق (2022 م): معاوية بن صالح لا يَتحمل مثل هذا المتن، والسند بعيد عن الكتب الستة والمسند، والمتن غريب. والله أعلم.

ص: 462

‌مَسْخ الجنّ

قال عبد الله في «زوائده على المسند» رقم (3255): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَّاتُ مَسْخُ الْجِنِّ» .

وتابع إبراهيمَ بن الحَجاج- وهو ثقة- أبو كامل الجَحْدَرِيّ، أخرجه ابن حِبان (5640).

وتابع خالدًا الحَذَّاء أيوبُ السَّخْتياني، أخرجه مَعْمَر في «جامعه» رقم (20524 - 19617): عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَ الْحَدِيثَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ، وَقَالَ: مَنْ تَرَكَهُنَّ خَشْيَةَ- أَوْ: مَخَافَةَ- ثَائِرٍ، فَلَيْسَ مِنَّا.

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الْحَيَّاتِ مَسِيخُ الْجِنِّ، كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (19908): حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ، وَيَأْمُرُ بِقَتْلِهَا، وَيَقُولُ:«الْجَانُّ مَسْخٌ الْجِنُّ كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ» .

فرواية أيوب السَّختياني محتملة الرفع، لكن يعكر علاه قول أبي زُرْعَة، كما في «العلل لابن أبي حاتم» (2/ 290): هَذَا الْحَدِيثُ هُوَ مَوْقُوفٌ، لا يَرْفَعُهُ إِلَّا

ص: 463

عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَلَا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ.

• والخلاصة: أن سند الخبر صحيح مرفوعًا، لكن استغربه ابن كَثير في «تفسيره» (5/ 274) فقال: هَذَا حَدِيث غَرِيب جِدًّا. وكَتَب شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، عام (1443) الموافق (2022 م): والله أعلم الأصح الوقف.

ص: 464

‌هل حيات البيوت تُستأذن؟

منها ما يُستأذن ومنها ما لا يُستأذن، وهو ذو الطُّفْيَتَيْنِ أو مقطوع الذَّنَب.

فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: «اقْتُلُوا الحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ

(1)

وَالأَبْتَرَ؛ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ البَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الحَبَلَ».

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لَا تَقْتُلْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الحَيَّاتِ. قَالَ: إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ البُيُوتِ، وَهِيَ العَوَامِرُ

(2)

.

وَجْه الجَمْع: ذو الطُّفْيَتَيْنِ يُقتل، ويُستثنى عوامر البيوت بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

(1)

أي: ذُو الْخَطَّيْنِ فِي ظَهْرِهِ. الاستذكار لابن عبد البر (27/ 254)، المنتقى شرح الموطإ (7/ 301).

(2)

أخرجه البخاري (3297)، ومسلم (2233).

قال الدارقطني في «علله» (6/ 298): وفي لفظ هذا الحديث وهم، وهو قوله: عن ابن عمر النهي عن قتل الجنان. فإن ابن عمر يَروي هذا عن أبي لُبَابَة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 465

‌هل ثبتت مناشدة الحيات

بعهد نوح وسليمان عليهما السلام؟

لم تَثبت مناشدة الحيات بعهد نوح وسليمان صلى الله عليهما السلام.

فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ أَبُو لَيْلَى: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ظَهَرَتِ الحَيَّةُ فِي المَسْكَنِ، فَقُولُوا لَهَا: إِنَّا نَسْأَلُكِ بِعَهْدِ نُوحٍ، وَبِعَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، أَنْ لَا تُؤْذِيَنَا! فَإِنْ عَادَتْ فَاقْتُلُوهَا»

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف؛ لِضَعْف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أخرجه أبو داود (526)، والترمذي (1485)، وابن أبي شيبة (21094) من طرق عن ابن أبي ليلى، عن ثابتٍ البُنَاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.

والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، بتاريخ (1443 هـ) الموافق (2022 م) إلى ضعفه بسبب ابن أبي ليلى.

ص: 466

‌ما ورد في فضل قتل الحيات

1 -

قال الإمام أحمد في «مسنده» رقم (3996):

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ- يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْأَعْيَنِ الْعَبْديِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ قَالَ: "بَيْنَمَا ابْنُ مَسْعُودٍ يَخْطُبُ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ مَرَّ بِحَيَّةٍ تَمْشِي عَلَى الْجِدَارِ، فَقَطَعَ خُطْبَتَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهَا بِقَضِيبِهِ حَتَّى قَتَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قَتَلَ حَيَّةً، فَكَأَنَّمَا قَتَلَ رَجُلًا مُشْرِكًا قَدْ حَلَّ دَمُهُ»

(1)

.

ورواه جماعة على الرفع

(2)

والوقف، والأصح الوقف، وأصحها ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (19916): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

(1)

في «الإكمال لأبي المحاسن الحسيني» (ص 485):

أبو الأَعْيَن العَبْدِي عن أبي الأحوص الجُشَمِيّ، وعنه محمد بن زيدٍ قاضي مَرْو.

قال ابن مَعِين: ضعيف ولا يُعْرَف. وقال أبو حاتم: مجهول، لا أعلم روى عنه غير محمد بن زيد. وقال ابن حبان: كان ممن يأتي بأشياء مقلوبة وأوهام معمولة، لا يجوز الاحتجاج به.

(2)

كَزِرّ بن حُبَيْش، كما عند البزار (1847) وفي «التمهيد» (16/ 23) بالوقف. وقال الدارقطني في «العلل» (720): والموقوف أشبه بالصواب. اه. وكذلك رواه على الوجهين القاسم بن عبد الرحمن.

ص: 467

«مَنْ قَتَلَ حَيَّةً قَتَلَ كَافِرًا» .

وخالف سفيانَ- وهو الثوري- أبو معاوية، فأسقط الأسودَ، وهو ابن يزيد. ورواية الثوري أرجح، وهو مُقَدَّم في الأعمش على أبي معاوية في قول الأكثر

(1)

.

• الخلاصة: أن الوقف صحيح.

وكَتَب شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، عام (1443 هـ) الموافق (2022 م): الوقف أصح.

2 -

قال ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» رقم (30514): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانًّا، فَأُتِيَتْ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقِيلَ لَهَا: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِمًا. قَالَتْ: فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهَا: مَا تَدْخُلُ عَلَيْك إِلَّا وَعَلَيْك ثِيَابُك فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً وَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وتابع عبدَ الله بن بكر رَوْحُ بن عُبَادة، أخرجه أبو نُعَيْم في «الحِلْيَة» (2/ 49).

• والخلاصة: أن إسناد ابن أبي شيبة صحيح.

وانتهى شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، بتاريخ (1443 هـ) الموافق

(1)

انظر: «شرح علل الترمذي» لابن رجب الحنبلي (2/ 715).

(2)

وخالف حاتمًا عُبَيْدُ الله بن أبي يزيد، فأَسْقَط عائشة بنت طلحة. أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (1097).

ص: 468

(2022 م) إلى صحة الوقف

(1)

.

• تنبيه:

الآيات في كتاب الله عز وجل تفيد أن البشر يخافون من الحيات، قال تعالى لموسى عليه السلام:{قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 19 - 21] وقيل في قوله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36].

(1)

رواه محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن مَيْسَرة، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها بَيْنَمَا هِيَ مَرَّةً تُصَلِّي، إِذَا بِحَيَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهَا. قَالَ: فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ، فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا: أَقَتَلْتِ رَجُلًا مُسْلِمًا جَاءَ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ؟! فَدِيهِ. قَالَ: فَأَخْرَجَتْ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. أخرجه البيهقي في «الخلافيات» (7/ 41).

ص: 469

‌دَفْع الصائل من الجن

وردت في هذا الباب أخبار:

منها ما أخرجه الإمام مسلم رقم (2236):

حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَيْفِيٍّ- وَهُوَ عِنْدَنَا مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ- أَخْبَرَنِي أَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ.

قَالَ: " فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ، فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِي عَرَاجِينَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ، فَوَثَبْتُ لِأَقْتُلَهَا، فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ.

فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ.

قَالَ: فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْصَافِ النَّهَارِ، فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ؛ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ» .

فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلَاحَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً، فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ، وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ، فَقَالَتْ لَهُ: اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ، وَادْخُلِ الْبَيْتَ

ص: 470

حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي!

فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدَّارِ، فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ، فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا، الْحَيَّةُ أَمِ الْفَتَى!

قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ وَقُلْنَا: ادْعُ اللهَ يُحْيِيهِ لَنَا. فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» .

تابع مالكًا في إثبات أبي السائب ابنُ عجلان في الصحيح عنه

(1)

. وتابع صيفيًّا بالمتن مختصرًا عبدُ الله بن أبي سلمة الماجشون، أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (10/ 310) وفي سنده ابن لَهِيعة، ويحيى بن عثمان مقبول.

وخالفا مالكًا عُبَيْدُ الله بن عمر في الأصح

(2)

عنه، فأسقط أبا السائب،

(1)

فرواه يحيى القطان عن ابن عجلان، عن صَيْفِيّ عن أبي السائب به، كما عند مسلم (141) وغيره.

وتابعه الليث بن سعد، كما عند أبي داود (5257) وغيره.

وخالفهما ابن عُيينة فأسقط أبا السائب، وزاد سعيد بن أبي سعيد المقبري بين صَيْفِيّ وابن عجلان. أخرجه النَّسَائي في» السُّنن الكبرى «(10739).

وقال الترمذي عقب الخبر عن طريق مالك: وهذا أصح من حديث عُبيد الله بن عمر، ورواه محمد بن عجلان عن صَيْفِيّ نحو رواية مالك. وقال الدارقطني في «العلل» (2283): وكذلك رواه مالك بن أنس عن صَيْفِيّ عن أبي السائب عن أبي سعيد، وهو الصواب.

(2)

وثَمة وَجْه مرجوح عن عُبيد الله عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سعيد، ذَكَره الدارقطني في «علله» .

ص: 471

أخرجه أحمد (11215) والترمذي (1484).

ورَجَّح الترمذي والدارقطني رواية مالك.

• ورواه أسماء بن عُبيدٍ الضُّبَعي

(1)

واختُلف عليه في السند:

فرواه عنه حماد بن زيد، عن رجل، عن السائب بن يزيد، عن أبي سعيد. ذَكَره ابن أبي حاتم في «العلل» (2466).

وقال أبو حاتم: ونَرى أن هذا الرجل الذي روى عنه أسماء بن عُبيد هو صَيْفيّ، وليس للسائب بن يزيد معنى.

وخالفه جرير بن حازم فقال: عن أسماء، عن رجل يقال له: السائب، عن أبي سعيد، به. أخرجه مسلم (140) وقال مسلم: الرجل عندنا هو أبو السائب.

• تنبيه: وَرَدَ في طريق أسماء بلفظ: «فحَرِّجُوا عليه

(2)

ثلاثًا، فإن ذهب، وإلا فاقتلوه فإنه كافر».

• الخلاصة: أن أسلم طريق للخبر هو طريق مالك، وإسناده صحيح، وصيفي مولى ابن أفلح وثقه النَّسَائي. وله خبران في مسلم، هذا أحدهما، وذَكَره

(1)

بضم الضاد المعجمة وفتح الباء المنقوطة بواحدة وفي أخره العين المهملة. «الأنساب» (4/ 8) للسمعاني.

(2)

اختلف في المراد بالثلاث فقيل ثلاث مرات وقيل ثلاثة أيام ومعنى قوله حرجوا عليهن أن يقال لهن أنتن في ضيق وحرج إن لبثت عندنا أو ظهرت لنا أو عدت إلينا. انظر: «فتح الباري» (6/ 349) لابن حجر.

ص: 472

ابن حِبان في «الثقات» وروى عنه سبعة، منهم الإمام مالك، ولم يضعفه أحد

(1)

.

وكَتَب شيخنا مع الباحث: محمود بن ربيع، بتاريخ (11) رجب (1443 هـ) الموافق (12/ 2/ 2022 م):

احكم على السند، ولي تَحفُّظ لمزيد من البحث، والله أعلم.

ثم قال شيخنا: والمتن غريب، وعندي مُعارِض أقوى منه، وإن لم يكن مُقيَّدًا بالبيت، وهو حديث عبد اللَّه رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَارٍ بِمِنًى، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ وَالمُرْسَلَاتِ، وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«اقْتُلُوهَا» فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا» .

أخرجه البخاري (1830) ومسلم (2234).

• تنبيه:

لفظ: «فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» رواه يحيى بن يحيى وعبد الله بن وهب وابن القاسم وأحمد بن أبي بكر، أربعتهم بتقييد (ثلاثة أيام) وخالفهم مَعْن بن عيسى فقال:(ثلاثًا) مطلقًا دون تقييد.

ورواها يحيى القطان عن ابن عجلان بلفظ: (ثلاثًا) مطلقًا. وتابعه الليث بن سعد في وجه مرجوح، والأصح عنه:«فآذِنوه ثلاث مرات» .

(1)

يُنْظَر: هل هناك أكثر من صَيْفِيّ؟

ص: 473

وقال ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» (ص 17):

• واختَلف العلماء: هل يُنْذِرها ثلاثة أيام، أو ثلاث مرات ولو في ساعة واحدة؟

وجمهورهم على الأول، ولعله لبيان الأفضل والأكمل، وإلا فأصل طلب الإنذار يَحصل بثلاث مرات، كما ورد في حديث، وإن كان حديث الأول أصح.

ولم أَرَ في الأحاديث ما يدل على طلب التحول من الدار لأجلها، وإنما الذي في الأحاديث ما تقرر من أنها تُنْذَر، فإن ذهبت وإلا قُتِلَتْ لأنها شيطان، كما في رواية (أو كافر) كما في أخرى.

ص: 474

‌كتاب السلام

‌إفشاء السلام في الأسواق

قال الإمام مالك في «موطئه» (2/ 961): عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَخْبَرَهُ "أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَيَغْدُو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ.

قَالَ: فَإِذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ، لَمْ يَمُرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سقاطٍ، وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ، وَلَا مِسْكِينٍ، وَلَا أَحَدٍ، إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ.

قَالَ الطُّفَيْلُ: فَجِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمًا، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا تَصْنَعُ فِي السُّوقِ، وَأَنْتَ لَا تَقِفُ عَلَى الْبَيِّعِ، وَلَا تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ، وَلَا تَسُومُ بِهَا، وَلَا تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ السُّوقِ؟! قَالَ: وَأَقُولُ: اجْلِسْ بِنَا هَاهُنَا نَتَحَدَّثُ.

قَالَ: فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: "يَا أَبَا بَطْنٍ- وَكَانَ الطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍ- إِنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلَامِ، نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا".

• الخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث: أبي عمار عبد المقصود الكردي، بتاريخ (15) رجب (1443 هـ) الموافق (16/ 2/ 2022 م) إلى صحته، وأنه في الموقوفات.

ص: 475

‌السلام في افتتاح المجلس وعند اختتامه أو عند الدخول في المجلس وعند الانصراف

قال الإمام البخاري في «الأدب المفرد» رقم (986):

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ:«عَشْرُ حَسَنَاتٍ» ، فَمَرَّ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَ:«عِشْرُونَ حَسَنَةً» ، فَمَرَّ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ:«ثَلَاثُونَ حَسَنَةً»

(1)

، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ وَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَوْشَكَ مَا نَسِيَ صَاحِبُكُمْ، إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَجْلِسَ فَلْيُسَلِّمْ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ، وَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ، مَا الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ»

وهذا الإسناد صحيح.

وقد تابع يعقوب بن زيد سعيد المقبري دون الأجر أخرجه أحمد في

(1)

أخرج الترمذي في «سننه» (2689) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: عَشْرٌ، وَجَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: عِشْرُونَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثُونَ.

ص: 476

«مسنده» رقم (7142) - حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَلْيُسَلِّمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيْسَ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ» وتبع بشر بن المفضل جماعة- سليمان بن بلال وأبو عاصم وسفيان بن عيينة ويحيى القطان والوليد بن مزيد والليث وابن جريج- وهم الأكثر.

وخالفهم صفوان بن عيسى فزاد واسطة بين سعيد وأبي هريرة وهي إثبات والد سعيد

(1)

.

أخرجه البخاري في «الأدب» (1007) وتابعه الوليد بن مسلم أخرجه النسائي في «الكبرى» (10130).

• والخلاصة: انتهى شيخنا مع الباحث مختار بن سلام بتاريخ (26) جمادى (1444 هـ) الموافق (20/ 12/ 2022 م): إلى تحسينه.

• تنبيه: المتأمل في أحاديث السلام

(2)

يجد سنة السلام عند الانصراف من

(1)

وانظر رواية سعيد عن أبيه عن أبي هريرة وكذا بإسقاط أبيه في البخاري ومسلم.

ونص على أن شعبة روى عن سعيد المقبري بعدما كبر وليست في هذا الخبر ولا روايته عنه في الكتب الستة.

وقال أبو أحمد بن عدى: إنما ذكرت سعيدا المقبرى لأن شعبة يقول: حدثنا سعيد بعدما كبر، و أرجو أن يكون سعيد من أهل الصدق، و قد قبله الناس، وروى عنه الأئمة و الثقات من الناس، و ما تكلم فيه أحد إلا بخير. ا هـ.

وقيل: لم يحدث سعيد بعدما كبر.

(2)

انظر: «أحكام السلام» للباحث ناصر الدمياطي. ط مكتبة أولاد الشيخ.

ص: 477

المجالس في هذا الخبر فقط فالحمد لله على ثبوته واللهم أعنا على تطبيقه في مجالسنا واختتامها به وكذا المكالمات الهاتفية.

قال النووي في «الأذكار» (ص: 411)

السلام سنة عند الانصراف كما هو سنة عند الجلوس، وفيه هذا الحديث.

ص: 478