الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْعِلَلِ
جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْحَدِيثِ فَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ، وَقَدْ أَخَذَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا خَلَا حَدِيثَيْنِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْمَدِينَةِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَلَا مَطَرٍ، وَحَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ. وَقَدْ بَيَّنَّا عِلَّةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا فِي الْكِتَابِ.
وَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنِ اخْتِيَارِ الْفُقَهَاءِ. فَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَأَكْثَرُهُ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، وَمِنْهُ مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو الْفَضْلِ مَكْتُومُ بْنُ الْعَبَّاسِ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ.
وَمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَأَكْثَرُهُ مَا حَدَّثَنَا بِهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَبْوَابِ الصَّوْمِ فَأَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَبَعْضُ كَلَامِ مَالِكٍ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْآمُلِيُّ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْهُ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدَانَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ فَضَالَةَ النَّسَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَلَهُ رِجَالٌ مُسَمَّوْنَ سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ
وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَأَكْثَرُهُ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَمَا كَانَ مِنَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فَحَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْوَلِيدِ الْمَكِّيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَمِنْهُ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ الْبُوَيْطِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَذُكِرَ فِيهِ أَشْيَاءُ عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ أَجَازَ لَنَا الرَّبِيعُ ذَلِكَ وَكَتَبَ بِهِ إِلَيْنَا.
وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، إِلَّا مَا فِي أَبْوَابِ الْحَجِّ وَالدِّيَاتِ وَالْحُدُودِ، فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْأَصَمُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.
وَبَعْضُ كَلَامِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَفْلَحَ، عَنْ إِسْحَاقَ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا عَلَى وَجْهِهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْمَوْقُوفُ.
وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْعِلَلِ فِي الْأَحَادِيثِ وَالرِّجَالِ وَالتَّارِيخِ، فَهُوَ مَا اسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ كِتَابِ التَّارِيخِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مَا نَاظَرْتُ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَمِنْهُ مَا نَاظَرْتُ بِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبَا زُرْعَةَ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَأَقَلُّ شَيْءٍ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي زُرْعَةَ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا بِالْعِرَاقِ وَلَا بِخُرَاسَانَ فِي مَعْنَى الْعِلَلِ وَالتَّارِيخِ وَمَعْرِفَةِ الْأَسَانِيدِ كَبِيرَ أَحَدٍ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
وَإِنَّمَا حَمَلَنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ وَعِلَلِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّا سُئِلْنَا عَنْ هَذَا، فَلَمْ نَفْعَلْهُ زَمَانًا، ثُمَّ فَعَلْنَاهُ؛ لِمَا رَجَوْنَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ النَّاسِ، لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ تَكَلَّفُوا مِنَ التَّصْنِيفِ مَا لَمْ يُسْبَقُوا إِلَيْهِ، مِنْهُمْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، صَنَّفُوا فَجَعَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً كَثِيرَةً، فَنَرْجُو لَهُمْ بِذَلِكَ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ عِنْدَ اللهِ لِمَا نَفَعَ اللهُ الْمُسْلِمِينَ بِهِ، فَهُمُ الْقُدْوَةُ فِيمَا صَنَّفُوا.
وَقَدْ عَابَ بَعْضُ مَنْ لَا يَفْهَمُ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ الْكَلَامَ فِي الرِّجَالِ، وَقَدْ وَجَدْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنَ التَّابِعِينَ قَدْ تَكَلَّمُوا فِي الرِّجَالِ، مِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَطَاوُسٌ تَكَلَّمَا فِي مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، وَتَكَلَّمَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، وَتَكَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ فِي الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي الرِّجَالِ وَضَعَّفُوا.
وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - النَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، لَا يُظَنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الطَّعْنَ عَلَى النَّاسِ أَوِ الْغِيبَةَ، إِنَّمَا أَرَادُوا عِنْدَنَا أَنْ
يُبَيِّنُوا ضَعْفَ هَؤُلَاءِ؛ لِكَيْ يُعْرَفُوا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ مِنَ الَّذِينَ ضُعِّفُوا كَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ، وَبَعْضَهُمْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي الْحَدِيثِ، وَبَعْضَهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ غَفْلَةٍ وَكَثْرَةِ خَطَإٍ، فَأَرَادَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ أَنْ يُبَيِّنُوا أَحْوَالَهُمْ شَفَقَةً عَلَى الدِّينِ وَتَثَبُّتًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الدِّينِ أَحَقُّ أَنْ يُتَثَبَّتَ فِيهَا مِنَ الشَّهَادَةِ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ.
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَشُعْبَةَ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ فِيهِ تُهْمَةٌ أَوْ ضَعْفٌ أَسْكُتُ؟ أَوْ أُبَيِّنُ؟ قَالُوا: بَيِّنْ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ:«قِيلَ» لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ : إِنَّ أُنَاسًا يَجْلِسُونَ وَيَجْلِسُ إِلَيْهِمُ النَّاسُ، وَلَا يَسْتَأْهِلُونَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: كُلُّ مَنْ جَلَسَ جَلَسَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَصَاحِبُ السُّنَّةِ إِذَا مَاتَ أَحْيَا اللهُ ذِكْرَهُ، وَالْمُبْتَدِعُ لَا يُذْكَرُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:«كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ،» فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ سَأَلُوا عَنِ الْإِسْنَادِ؛ لِكَيْ يَأْخُذُوا حَدِيثَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَيَدَعُوا حَدِيثَ أَهْلِ الْبِدَعِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : «الْإِسْنَادُ» عِنْدِي مِنَ الدِّينِ، لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ بَقِيَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ذُكِرَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدِيثٌ، فَقَالَ: يُحْتَاجُ لِهَذَا أَرْكَانٌ مِنْ آجُرٍّ، يَعْنِي أَنَّهُ ضَعَّفَ إِسْنَادَهُ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ تَرَكَ حَدِيثَ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَعُثْمَانَ الْبُرِّيِّ، وَرَوْحِ بْنِ مُسَافِرٍ، وَأَبِي شَيْبَةَ الْوَاسِطِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، وَأَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ، وَأَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، وَنَصْرِ بْنِ طَرِيفٍ أَبِي جَزْءٍ، وَالْحَكَمِ، وَحَبِيبٍ، الْحَكَمُ رَوَى لَهُ حَدِيثًا فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَحَبِيبٌ لَا أَدْرِي.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَانَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَرَأَ أَحَادِيثَ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، فَكَانَ أَخِيرًا إِذَا أَتَى عَلَيْهَا أَعْرَضَ عَنْهَا، وَكَانَ لَا يَذْكُرُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ قَالَ: سَمَّوْا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ
⦗ص: 233⦘
رَجُلًا يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَأَنْ أَقْطَعَ الطَّرِيقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ.
وَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ الْكُوفِيِّ.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَلَا أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَسَمِعْتُ الْجَارُودَ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: لَوْلَا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِغَيْرِ حَدِيثٍ، وَلَوْلَا حَمَّادٌ لَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِغَيْرِ فِقْهٍ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَذَكَرُوا
⦗ص: 234⦘
مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، فَذَكَرُوا فِيهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، فَقُلْتُ: فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ؟ فَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: نَعَمْ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَارِكُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ» قَالَ: فَغَضِبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ: اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ، اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ، مَرَّتَيْنِ.
وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ جِدًّا فِي الْحَدِيثِ.
فَكُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثٌ مِمَّنْ يُتَّهَمُ أَوْ يُضَعَّفُ لِغَفْلَتِهِ وَكَثْرَةِ خَطَئِهِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ- فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنِ الضُّعَفَاءِ، وَبَيَّنُوا أَحْوَالَهُمْ لِلنَّاسِ.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُنْذِرِ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: اتَّقُوا الْكَلْبِيَّ، فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّكَ تَرْوِي عَنْهُ، قَالَ: أَنَا أَعْرِفُ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ.
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَفَّانُ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ اشْتَهَيْتُ
⦗ص: 235⦘
كَلَامَهُ، فَتَتَبَّعْتُهُ عَنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَبَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَرَأَهُ عَلَيَّ كُلَّهُ عَنِ الْحَسَنِ، فَمَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ شَيْئًا.
وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِنَ الضَّعْفِ وَالْغَفْلَةِ مَا وَصَفَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ، فَلَا يُغْتَرُّ بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحَدِّثُنِي فَمَا أَتَّهِمُهُ، وَلَكِنْ أَتَّهِمُ مَنْ فَوْقَهُ.
وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي وِتْرِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
وَرَوَى أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي وِتْرِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، هَكَذَا رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ.
وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ هَذَا، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا بَاتَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ فِي وِتْرِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
وَأَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ وُصِفَ بِالْعِبَادَةِ وَالِاجْتِهَادِ، فَهَذَا حَالُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَالْقَوْمُ كَانُوا أَصْحَابَ حِفْظٍ، فَرُبَّ رَجُلٍ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لَا يُقِيمُ الشَّهَادَةَ وَلَا يَحْفَظُهَا، فَكُلُّ مَنْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي الْحَدِيثِ
⦗ص: 236⦘
بِالْكَذِبِ أَوْ كَانَ مُغَفَّلًا يُخْطِئُ الْكَثِيرَ فَالَّذِي اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ لَا يُشْتَغَلَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ حَدَّثَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُمْ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ.
أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ، فَجَعَلَ يَرْوِي عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ الْأَحَادِيثَ الطِّوَالَ، الَّتِي كَانَتْ تُرْوَى فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ، وَقَتْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِي أَبِي مُقَاتِلٍ: يَا عَمِّ، لَا تَقُلْ: حَدَّثَنَا عَوْنٌ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ! قَالَ: يَا بُنَيَّ، هُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ.
وَسَمِعْتُ الْجَارُودَ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ أَبِي مُقَاتِلٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ كَوْرِ الزَّنَابِيرِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، هُوَ بِمَنْزِلَةِ صَيْدِ الْبَحْرِ. فَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: مَا أَقُولُ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ كَذَّابٌ، وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي قَوْمٍ مِنْ أَجِلَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَضَعَّفُوهُمْ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِمْ، وَوَثَّقَهُمْ آخَرُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِجَلَالَتِهِمْ وَصِدْقِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ وَهِمُوا فِي بَعْضِ مَا رَوَوْا، وَقَدْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ثُمَّ رَوَى عَنْهُ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ فَقَالَ: تُرِيدُ الْعَفْوَ؟ أَوْ تُشَدِّدُ؟ قُلْتُ: لَا، بَلْ أُشَدِّدُ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مِمَّنْ تُرِيدُ، كَانَ يَقُولُ: أَشْيَاخُنَا أَبُو سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
⦗ص: 237⦘
حَاطِبٍ.
قَالَ يَحْيَى: وَسَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ فِيهِ نَحْوَ مَا قُلْتُ. قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَعْلَى مِنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَهُوَ عِنْدِي فَوْقَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى: مَا رَأَيْتَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ؟ قَالَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أُلَقِّنَهُ لَفَعَلْتُ. قُلْتُ: كَانَ يُلَقَّنُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ عَلِيٌّ: وَلَمْ يَرْوِ يَحْيَى عَنْ شَرِيكٍ وَلَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَلَا عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ وَلَا عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ.
وَإِنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَدْ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْ هَؤُلَاءِ، فَلَمْ يَتْرُكِ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ أَنَّهُ اتَّهَمَهُمْ بِالْكَذِبِ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَهُمْ لِحَالِ حِفْظِهِمْ. وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى الرَّجُلَ يُحَدِّثُ عَنْ حِفْظِهِ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا لَا يَثْبُتُ عَلَى رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ تَرَكَهُ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَرَكَهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ.
وَهَكَذَا تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، وَأَشْبَاهِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِمْ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِمْ فِي بَعْضِ مَا رَوَوْا، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُمُ الْأَئِمَّةُ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كُنَّا نَعُدُّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ ثَبْتًا فِي
⦗ص: 238⦘
الْحَدِيثِ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا فِي الْحَدِيثِ.
وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عِنْدَنَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ: أَحَادِيثُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ بَعْضُهَا: سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبَعْضُهَا: سَعِيدٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَاخْتَلَطَتْ عَلَيَّ فَصَيَّرْتُهَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّمَا تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عِنْدَنَا فِي ابْنِ عَجْلَانَ لِهَذَا.
وَقَدْ رَوَى يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ الْكَثِيرَ.
وَهَكَذَا مَنْ تَكَلَّمَ فِي ابْنِ أَبِي لَيْلَى إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: رَوَى شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعُطَاسِ. قَالَ يَحْيَى: ثُمَّ لَقِيتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى نَحْوُ هَذَا غَيْرَ شَيْءٍ، كَانَ يَرْوِي الشَّيْءَ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا، يُغَيِّرُ الْإِسْنَادَ، وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ، وَمَنْ كَتَبَ مِنْهُمْ إِنَّمَا كَانَ يَكْتُبُ لَهُمْ بَعْدَ السَّمَاعِ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ وَغَيْرِهِمَا إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِمْ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِمْ وَكَثْرَةِ خَطَئِهِمْ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُمْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، فَإِذَا تَفَرَّدَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثٍ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ، كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يُحْتَجُّ بِهِ، إِنَّمَا عَنَى إِذَا تَفَرَّدَ بِالشَّيْءِ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ هَذَا إِذَا لَمْ يَحْفَظِ الْإِسْنَادَ، فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ نَقَصَ أَوْ غَيَّرَ الْإِسْنَادَ أَوْ جَاءَ بِمَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْمَعْنَى، فَأَمَّا مَنْ أَقَامَ الْإِسْنَادَ وَحَفِظَهُ وَغَيَّرَ اللَّفْظَ، فَإِنَّ هَذَا وَاسِعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ عَلَى الْمَعْنَى فَحَسْبُكُمْ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْ عَشَرَةٍ، اللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، يَأْتُونَ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْمَعَانِي، وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، يُعِيدُونَ الْحَدِيثَ عَلَى حُرُوفِهِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: إِنَّكَ تُحَدِّثُنَا بِالْحَدِيثِ، ثُمَّ تُحَدِّثُنَا بِهِ عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثْتَنَا! قَالَ: عَلَيْكَ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ.
حَدَّثَنَا الْجَارُودُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِذَا أَصَبْتَ الْمَعْنَى أَجْزَأَكَ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَيْفٍ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: أَنْقِصْ مِنَ الْحَدِيثِ إِنْ شِئْتَ وَلَا تَزِدْ فِيهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ: إِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ كَمَا سَمِعْتُ فَلَا تُصَدِّقُونِي، إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَعْنَى وَاسِعًا فَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ.
وَإِنَّمَا تَفَاضَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحِفْظِ، وَالْإِتْقَانِ، وَالتَّثَبُّتِ عِنْدَ السَّمَاعِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الْخَطَإِ وَالْغَلَطِ كَبِيرُ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مَعَ حِفْظِهِمْ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: إِذَا حَدَّثْتَنِي فَحَدِّثْنِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي مَرَّةً بِحَدِيثٍ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ فَمَا أَخْرَمَ مِنْهُ حَرْفًا.
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: مَا لِسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَتَمُّ حَدِيثًا مِنْكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: إِنِّي لَأُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَمَا أَدَعُ مِنْهُ حَرْفًا.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا وَعَاهُ قَلْبِي.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْدَ الزُّهْرِيِّ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يُحَدِّثُ فَإِذَا حَدَّثْتُهُ عَنْ أَيُّوبَ بِخِلَافِهِ تَرَكَهُ، فَأَقُولُ: قَدْ سَمِعْتُهُ، فَيَقُولُ: إِنَّ أَيُّوبَ كَانَ أَعْلَمَنَا بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ
⦗ص: 242⦘
سَعِيدٍ: أَيُّهُمَا أَثْبَتُ؟ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ؟ أَوْ مِسْعَرٌ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مِسْعَرٍ، كَانَ مِسْعَرٌ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: مَا خَالَفَنِي شُعْبَةُ فِي شَيْءٍ إِلَّا تَرَكْتُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: قَالَ لِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: إِنْ أَرَدْتَ الْحَدِيثَ فَعَلَيْكَ بِشُعْبَةَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَوَيْتُ عَنْ رَجُلٍ حَدِيثًا وَاحِدًا إِلَّا أَتَيْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَالَّذِي رَوَيْتُ عَنْهُ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ أَتَيْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ مِرَارٍ، وَالَّذِي رَوَيْتُ عَنْهُ خَمْسِينَ حَدِيثًا أَتَيْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ مَرَّةً، وَالَّذِي رَوَيْتُ عَنْهُ مِائَةً أَتَيْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ، إِلَّا حَيَّانَ الْكُوفِيَّ الْبَارِقِيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: شُعْبَةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ شُعْبَةَ، وَلَا يَعْدِلُهُ أَحَدٌ عِنْدِي، وَإِذَا خَالَفَهُ سُفْيَانُ أَخَذْتُ بِقَوْلِ سُفْيَانَ.
قَالَ عَلِيٌّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: أَيُّهُمَا كَانَ أَحْفَظَ لِلْأَحَادِيثِ الطِّوَالِ؟ سُفْيَانُ؟ أَوْ شُعْبَةُ؟ قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ أَمَرَّ فِيهَا، قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ شُعْبَةُ أَعْلَمَ
⦗ص: 243⦘
بِالرِّجَالِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، وَكَانَ سُفْيَانُ صَاحِبَ أَبْوَابٍ.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: الْأَئِمَّةُ فِي الْأَحَادِيثِ أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: قَالَ شُعْبَةُ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي، مَا حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ شَيْخٍ بِشَيْءٍ فَسَأَلْتُهُ إِلَّا وَجَدْتُهُ كَمَا حَدَّثَنِي.
سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ مُوسَى الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ عِيسَى الْقَزَّازَ يَقُولُ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُشَدِّدُ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَاءِ وَالتَّاءِ وَنَحْوِ هِذَا.
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرَيْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَاضِي الْمَدِينَةِ، قَالَ: مَرَّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَلَى أَبِي حَازِمٍ وَهُوَ جَالِسٌ يُحَدِّثُ فَجَازَهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَمْ تَجْلِسْ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَجِدْ مَوْضِعًا أَجْلِسُ فِيهِ، فَكَرِهْتُ أَنْ آخُذَ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَائِمٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.
قَالَ يَحْيَى: مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، كَانَ
⦗ص: 244⦘
مَالِكٌ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ.
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ بِعَيْنِي مِثْلَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ وَكِيعٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ فَقَالَ أَحْمَدُ: وَكِيعٌ أَكْبَرُ فِي الْقَلْبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ إِمَامٌ.
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نَبْهَانَ بْنِ صَفْوَانَ الثَّقَفِيَّ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: لَوْ حَلَفْتُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ لَحَلَفْتُ أَنِّي لَمْ أَرَ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ.
وَالْكَلَامُ فِي هَذَا وَالرِّوَايَةُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَكْثُرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا شَيْئًا مِنْهُ عَلَى الِاخْتِصَارِ؛ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَنَازِلِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَتَفَاضُلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَمَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَيِّ شَيْءٍ تُكُلِّمَ فِيهِ.
وَالْقِرَاءَةُ عَلَى الْعَالِمِ إِذَا كَانَ يَحْفَظُ مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ أَوْ يُمْسِكُ أَصْلَهُ فِيمَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَحْفَظْ، هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِثْلُ السَّمَاعِ.
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ أَقُولُ؟ فَقَالَ: قُلْ: حَدَّثَنَا.
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ
⦗ص: 245⦘
أَبِي عِصْمَةَ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ نَفَرًا قَدِمُوا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ فَيُقَدِّمُ وَيُؤَخِّرُ، فَقَالَ: إِنِّي بَلِهْتُ لِهَذِهِ الْمُصِيبَةِ، فَاقْرَءُوا عَلَيَّ فَإِنَّ إِقْرَارِي بِهِ كَقِرَاءَتِي عَلَيْكُمْ.
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، قَالَ: إِذَا نَاوَلَ الرَّجُلُ كِتَابَهُ آخَرَ، فَقَالَ: ارْوِ هَذَا عَنِّي- فَلَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلَ عَنْ حَدِيثٍ، فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَقْرَأَ هُوَ، فَقَالَ: أَأَنْتَ لَا تُجِيزُ الْقِرَاءَةَ وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُجِيزَانِ الْقِرَاءَةَ.؟
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ الْمِصْرِيُّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ: مَا قُلْتُ: حَدَّثَنَا - فَهُوَ مَا سَمِعْتُ مَعَ النَّاسِ، وَمَا قُلْتُ: حَدَّثَنِي - فَهُوَ مَا سَمِعْتُ وَحْدِي، وَمَا قُلْتُ: أَخْبَرَنَا - فَهُوَ مَا قُرِئَ عَلَى الْعَالِمِ وَأَنَا شَاهِدٌ، وَمَا قُلْتُ: أَخْبَرَنِي - فَهُوَ مَا قَرَأْتُ عَلَى الْعَالِمِ؛ يَعْنِي: أَنَا وَحْدِي.
وَسَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مُحَمَّدَ بْنَ الْمُثَنَّى يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ
⦗ص: 246⦘
الْقَطَّانَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَاحِدٌ. كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُصْعَبٍ الْمَدِينِيِّ فَقُرِئَ عَلَيْهِ بَعْضُ حَدِيثِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قُلْتُ: كَيْفَ نَقُولُ؟ فَقَالَ: قُلْ: حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ.
وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْإِجَازَةَ، وَإِذَا أَجَازَ الْعَالِمُ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ قَالَ: كَتَبْتُ كِتَابًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ: أَرْوِيهِ عَنْكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: عِنْدِي بَعْضُ حَدِيثِكَ، أَرْوِيهِ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، إِنَّمَا يُعْرَفُ بِمَحْبُوبِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ.
حَدَّثَنَا الْجَارُودُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بِكِتَابٍ، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ، أَرْوِيهِ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ جُرَيْجٍ إِلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِكِتَابٍ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُكَ، أَرْوِيهِ عَنْكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ يَحْيَى: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَعْجَبُ أَمْرًا.
وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ
⦗ص: 247⦘
الْخُرَاسَانِيِّ فَقَالَ: ضَعِيفٌ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي؟ قَالَ: لَا شَيْءَ، إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ دَفَعَهُ إِلَيْهِ.
وَالْحَدِيثُ إِذَا كَانَ مُرْسَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعَ الزُّهْرِيُّ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَاتَلَكَ اللهُ يَا ابْنَ أَبِي فَرْوَةَ! تَجِيئُنَا بِأَحَادِيثَ لَيْسَ لَهَا خُطُمٌ وَلَا أَزِمَّةٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ بِكَثِيرٍ، كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ. قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى: مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ.
قُلْتُ لِيَحْيَى: مُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ أَمْ مُرْسَلَاتُ طَاوُسٍ؟ قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: مُرْسَلَاتُ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدِي شِبْهُ لَا شَيْءَ، وَالْأَعْمَشُ وَالتَّيْمِيُّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُرْسَلَاتُ ابْنِ عُيَيْنَةَ شِبْهُ الرِّيحِ، ثُمَّ قَالَ: إِي وَاللهِ وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ.
قُلْتُ لِيَحْيَى: فَمُرْسَلَاتُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ مَالِكٍ.
حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ
⦗ص: 248⦘
الْقَطَّانَ يَقُولُ: مَا قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَجَدْنَا لَهُ أَصْلًا إِلَّا حَدِيثًا أَوْ حَدِيثَيْنِ.
وَمَنْ ضَعَّفَ الْمُرْسَلَ فَإِنَّهُ ضَعَّفَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ قَدْ حَدَّثُوا عَنِ الثِّقَاتِ وَغَيْرِ الثِّقَاتِ، فَإِذَا رَوَى أَحَدُهُمْ حَدِيثًا وَأَرْسَلَهُ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، قَدْ تَكَلَّمَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ ثُمَّ رَوَى عَنْهُ.
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي قَالَا: سَمِعْنَا الْحَسَنَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَمَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ؛ فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ.
وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَكَانَ كَذَّابًا، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ، وَأَكْثَرُ الْفَرَائِضِ الَّتِي يَرْوِيهَا عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ هِيَ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ عَلَّمَنِي الْفَرَائِضَ، وَكَانَ مِنْ أَفْرَضِ النَّاسِ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، لَقَدْ تَرَكْتُ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ لِقَوْلِهِ، لَمَّا حَكَى عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ، ثُمَّ هُوَ يُحَدِّثُ عَنْهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: وَتَرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدِيثَ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ.
وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمُرْسَلِ أَيْضًا.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَسْنِدْ لِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ فَهُوَ الَّذِي سَمَّيْتُ، وَإِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ - فَهُوَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَضْعِيفِ الرِّجَالِ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْعِلْمِ، ذُكِرَ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ ضَعَّفَ أَبَا الزُّبَيْرِ الْمَكِّيَّ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَكِيمَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ. ثُمَّ حَدَّثَ شُعْبَةُ عَمَّنْ هُوَ دُونَ هَؤُلَاءِ فِي الْحِفْظِ وَالْعَدَالَةِ، حَدَّثَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْهَجَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْعَرْزَمِيِّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُضَعَّفُونَ فِي الْحَدِيثِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَبْهَانَ بْنِ صَفْوَانَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: تَدَعُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ وَتُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْعَرْزَمِيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَدْ كَانَ شُعْبَةُ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَيُقَالُ: إِنَّمَا تَرَكَهُ لَمَّا تَفَرَّدَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرَّجُلُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا، وَقَدْ ثَبَّتَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ
⦗ص: 250⦘
الْأَئِمَّةِ، وَحَدَّثُوا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: كُنَّا إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ تَذَاكَرْنَا حَدِيثَهُ، وَكَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ أَحْفَظَنَا لِلْحَدِيثِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: كَانَ عَطَاءٌ يُقَدِّمُنِي إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَحْفَظُ لَهُمُ الْحَدِيثَ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، يَقْبِضُهَا.
إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْإِتْقَانَ وَالْحِفْظَ.
وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مِيزَانًا فِي الْعِلْمِ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: تَرَكَهُ شُعْبَةُ مِنْ أَجْلِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَى فِي الصَّدَقَةِ؛ يَعْنِي حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَمُوشًا فِي وَجْهِهِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ،
⦗ص: 251⦘
وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ.
قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى: وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَزَائِدَةُ، قَالَ عَلِيٌّ: وَلَمْ يَرَ يَحْيَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ بِحَدِيثِ الصَّدَقَةِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ صَاحِبُ شُعْبَةَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: لَوْ غَيْرُ حَكِيمٍ حَدَّثَ بِهَذَا! فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: وَمَا لِحَكِيمٍ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ شُعْبَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: سَمِعْتُ زُبَيْدًا يُحَدِّثُ بِهَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ.
وَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثٌ حَسَنٌ فَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِهِ حُسْنَ إِسْنَادِهِ عِنْدَنَا.
كُلُّ حَدِيثٍ يُرْوَى لَا يَكُونُ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ شَاذًّا، وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوَ ذَلِكَ- فَهُوَ عِنْدَنَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ يَسْتَغْرِبُونَ الْحَدِيثَ لِمَعَانٍ:
رُبَّ حَدِيثٍ يَكُونُ غَرِيبًا لَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، مِثْلُ مَا حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ فَقَالَ: لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا أَجْزَأَ
⦗ص: 252⦘
عَنْكَ فَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ، وَلَا يُعْرَفُ لِأَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا اشْتُهِرَ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ.
وَرُبَّ رَجُلٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ، فَيَشْتَهِرُ الْحَدِيثُ لِكَثْرَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ، مِثْلُ مَا رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، رَوَاهُ عَنْهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَوَهِمَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَالصَّحِيحُ هُوَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. هَكَذَا رَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَى الْمُؤَمَّلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ، فَقَالَ شُعْبَةُ: لَوَدِدْتُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ دِينَارٍ أَذِنَ لِي حَتَّى كُنْتُ أَقُومُ إِلَيْهِ فَأُقَبِّلُ رَأْسَهُ.
وَرُبَّ حَدِيثٍ إِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ لِزِيَادَةٍ تَكُونُ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ
⦗ص: 253⦘
إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ، مِثْلُ مَا رَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَزَادَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَرَوَى أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ نَافِعٍ، مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ.
وَقَدْ أَخَذَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ وَاحْتَجُّوا بِهِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَا: إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبِيدٌ غَيْرُ مُسْلِمِينَ لَمْ يُؤَدِّ عَنْهُمْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، وَاحْتَجَّا بِحَدِيثِ مَالِكٍ، فَإِذَا زَادَ حَافِظٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ.
وَرُبَّ حَدِيثٍ يُرْوَى مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ لِحَالِ الْإِسْنَادِ.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ وَأَبُو السَّائِبِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي
⦗ص: 254⦘
سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ،» وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى.
سَأَلْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلَانَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، لَمْ نَعْرِفْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِهَذَا، فَجَعَلَ يَتَعَجَّبُ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ بِهَذَا غَيْرَ أَبِي كُرَيْبٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكُنَّا نَرَى أَنَّ أَبَا كُرَيْبٍ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فِي الْمُذَاكَرَةِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ» وَالْمُزَفَّتِ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا حَدَّثَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ
⦗ص: 255⦘
غَيْرَ شَبَابَةَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. وَحَدِيثُ شَبَابَةَ إِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ؛ لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ.
وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: الْحَجُّ عَرَفَةُ فَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُزَاحِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُزَاحِمٍ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ» ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ : وَأَخْبَرَنَا مَرْوَانُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ سَفِينَةَ ، عَنِ
⦗ص: 256⦘
السَّائِبِ سَمِعَ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
قُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا الَّذِي اسْتَغْرَبُوا مِنْ حَدِيثِكَ بِالْعِرَاقِ؟ فَقَالَ: حَدِيثَ السَّائِبِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ هَذَا الْحَدِيثُ لِحَالِ إِسْنَادِهِ لِرِوَايَةِ السَّائِبِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي قُرَّةَ السَّدُوسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: «قَالَ رَجُلٌ» : يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: اعْقِلْهَا، وَتَوَكَّلْ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: هَذَا عِنْدِي حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
⦗ص: 257⦘
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هَذَا.
وَقَدْ وَضَعْنَا هَذَا الْكِتَابَ عَلَى الِاخْتِصَارِ؛ لِمَا رَجَوْنَا فِيهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، نَسْأَلُ اللهَ النَّفْعَ بِمَا فِيهِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ لَنَا حُجَّةً بِرَحْمَتِهِ، وَأَنْ لَا يَجْعَلَهُ عَلَيْنَا وَبَالًا بِرَحْمَتِهِ.