المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن طبقة على رأس المائتين وهي العاشرة - سير أعلام النبلاء - ط الحديث - جـ ٨

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌ومن طبقة على رأس المائتين وهي العاشرة

‌ومن طبقة على رأس المائتين وهي العاشرة

‌1432 - معاذ بن هشام

(1)

: " ع"

ابن أبي عبد الله سنبر الإمام المحدث الثقة البصري.

حدث عن: أبيه هشام الدستوائي فأكثر، وقد روى اليسير عن: ابن عون وأشعث بن عبد الملك وبكير بن أبي السميط وشعبة.

حدث عنه: أحمد وابن راهويه وعلي، وأبو خيثمة والقواريري، وبندار، وأبو موسى الزمن، وأبو قدامة عبيد الله السرخسي، وعمرو بن علي وبكر بن خلف، وإبراهيم بن عرعرة وأبو سعيد الأشج، ونصر بن علي، وأبو هشام الرفاعي، ويزيد بن سنان وزيد بن أخزم وخلق.

روى الميموني، عن أحمد قال: كان في كتابه عن أبيه ليس المعاصي من قدر الله.

قلت له: وما علمك? قال: أنا رأيته في كتابه عن أبيه ثم خرج إلى مكة في تجارة، فجلس يحدثهم فقال الحميدي: لا تسمعوا من هذا القدري شيئًا.

قال: وسمع أبو عبد الله من يكثره في الحديث والفقه فقال: وأي شيء عنده من الحديث? ما كتبت عنه إلَّا مجلسًا سبعة عشر حديثًا.

وروى عباس عن ابن معين: صدوق وليس بحجة.

وقال ابن المديني: سمعت معاذ بن هشام يقول بمكة، وقيل له: ما عندك? قال: عندي عشرة آلاف. فأنكرنا عليه وسخرنا منه فلما جئنا إلى البصرة، أخرج إلينا من الكتب نحوًا مما قال يعني: عن أبيه فقال: هذا سمعته وهذا لم أسمعه فجعل يميزها.

وقال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود: معاذ بن هشام عندك حجة? فقال: أكره أن أقول شيئًا كان يحيى لا يرضاه، قال أبو عبيد: لا أدري من عنى: يحيى القطان أو يحيى بن معين وأظنه يحيى القطان.

(1)

ترجمة في التارخ الكبير "7/ ترجمة 1572"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 88، 146"، "3/ 265"، والكنى للدولابي "2/ 60"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1133"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة رقم 1913"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 307"، والكاشف "3/ ترجمة 5608"، والمغني "2/ ترجمة 6307" وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8615"، وتهذيب التهذيب "10/ 196 - 197"، وتقريب التهذيب "2/ 257"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7065"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 359".

ص: 106

قال ابن عدي: وله عن أبيه عن قتادة حديث كثير، وله عن غير أبيه أحاديث صالحة وربما يغلط في الشيء، وأرجو أنه صدوق. قال ابن حبان في الثقات: مات سنة مائتين.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أخبرنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله بن عبد العزيز المراتبي، أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري، أخبرنا عاصم بن الحسن أخبرنا أبو عمر بن مهدي حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا زيد بن أخزم حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن حماد عن ربعي بن حراش عن حذيفة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج قوم من النار برحمة الله وشفاعة الشافعين يقال لهم: الجهنميون"

(1)

. قال حماد: فذكر أنهم استعفوا الله من ذلك الاسم فأعفاهم.

هذا حديث جيد الإسناد، ولم يخرجوه في الكتب الستة.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 402" من طريق محمد بن جعفر وحجاج، كلاهما عن حماد، به. وقال الحجاج: الجهنميين.

ص: 107

‌1433 - أبو البختري

(1)

:

قاضي القضاة، وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد القرشي الأسدي المدني، من نبلاء الرجال إلَّا أنه متروك الحديث.

يروي عن: هشام بن عروة، وجعفر بن محمد وعبيد الله بن عمر.

وعنه: رجاء بن سهل والمسيب بن واضح وجماعة.

ونزل بغداد وولي قضاء عسكر المهدي ثم قضاء المدينة، وحربها معًا وصلاتها.

وقال الخطيب: ولي قضاء القضاة بعد أبي يوسف وكان جوادًا ممدحًا، محتشمًا.

قال أحمد وابن معين: يضع الحديث.

وقال البخاري: سكتوا عنه.

وقال الخطيب: كان فقيهًا أخباريًا، جوادًا سريًا، تزوج بأمه جعفر الصادق، وهي عبدة بنت علي بن يزيد بن ركانة المطلبية، وقد صنف: في النسب وفي الغزوات وغير ذلك. توفي سنة مائتين وله بضع وسبعون سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 332"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2581"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1929"، والمجروحين لابن حبان "3/ 74"، وتاريخ بغداد "3/ 451"، والعبر "1/ 334"، وميزان الاعتدال "4/ 353"، ولسان الميزان "6/ 231"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 360".

ص: 107

‌1434 - سليم بن عيسى

(1)

:

ابن سليم بن عامر، شيخ القراء، أبو عيسى، وأبو محمد الحنفي مولاهم الكوفي.

تلميذ حمزة، وأحذق أصحابه وهو خلفه في الإقراء.

تلا عليه: خلف البزار، وخلاد بن خالد وأبو عمر الدوري، وأبو حمدون الطيب، وأحمد بن جبير الأنطاكي، وترك الحذاء، وخلق كثير.

وروى عن: حمزة والثوري.

روى عنه: ضرار بن صرد، وأحمد بن حميد.

قال الدوري: قال لي الكسائي: كنت أقرأ على حمزة فجاء سليم فتلكأت فقال حمزة: تهابه، ولا تهابني? قلت: أيها الأستاذ أنت إن أخطأت قومتني، وهذا إن أخطأت عيرني.

وقيل: إن سليمًا تلا على حمزة بن حبيب عشر ختم.

قال خلف وهارون بن حاتم: مات سليم سنة ثمان وثمانين ومائة. وقيل: سنة تسع وثمانين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2198"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 674"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 933"، والعبر "1/ 300"، وميزان الاعتدال "2/ 231"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 320".

ص: 108

‌1435 - محمد بن شعيب

(1)

: " (4) "

ابن شابور الإمام المحدث العالم، الصادق أبو عبد الله الدمشقي مولى بني أمية سكن بيروت.

مولده في حدود العشرين ومائة.

روى عن: يحيى بن الحارث الذماري، وعمر مولى غفرة، ويزيد بن أبي مريم، ويحيى بن أبي عمرو السيباني بمهملة وعثمان بن أبي العاتكة، والأوزاعي، وعروة بن رويم، وعبد الرحمن بن حسان الكناني، وشيبان النحوي وقرة بن حيويل وعدة.

حدث عنه: سليمان بن عبد الرحمن ودحيم، ومحمد بن مصفى، وكثير بن عبيد ومحمد بن هاشم البعلبكي، ومحمود بن خالد السلمي، وأبو عتبة الحجازي وخلق سواهم.

وثقه: دحيم.

وقال أحمد بن حنبل: ما أرى به بأسًا كان رجلًا عاقلًا.

وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضًا عن يحيى الذماري وكان يفتي في مجلس الأوزاعي.

قال محمد بن مصفى: توفي سنة تسع، وتسعين ومائة.

وقال هشام بن عمار: توفي سنة ثمان وتسعين. وقال دحيم: سنة مائتين.

قال ابن عساكر: هو مولى لسليمان بن عبد الملك، وله دار عند الشلاحة بباب توما.

روى عنه: ابن المبارك مع تقدمه. وتلا عليه: الربيع بن ثعلب.

قال دحيم: سمعته يقول: ولدت سنة ست عشرة ومائة.

وهم الحافظ عبد الغني الأزدي إذ ضبط جده شابور بسين مهملة.

وقال أحمد بن أبي الحواري: استفتي الوليد بن مسلم وابن شابور جالس فقال: سل أبا عبد الله.

قال أبو بكر النقاش: سمعت الفضل بن محمد العطار بأنطاكية يقول: قلت لهشام بن عمار: عندنا بأنطاكية من يحدثنا عن الوليد بن مسلم عنك. فقال: روى عني الوليد، ومن هو أجل منه: ابن شابور. سمعها: أبو علي بن شاذان من النقاش.

هاشم بن مرثد: سمعت ابن معين يقول: محمد بن شعيب كان مرجئًا، وليس به بأس في الحديث.

وقال أحمد العجلي: ثقة.

وقال أبو حاتم: هو أثبت من محمد بن حمير، ومن بقية، ومن محمد بن حرب.

قلت: كان إمامًا طلابة للعلم.

(1)

ترجمته في المعرة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 190، 250"، "2/ 102، 342"، "3/ 263" والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1548"، والكاشف "3/ ترجمة 4982"، والعبر "1/ 330"، "2/ 46"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7672"، وتهذيب التهذيب "9/ 222"، وتقريب التهذيب "2/ 170"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6304" وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 357".

ص: 109

‌1436 - الطيالسي

(1)

: " م، (4) "

سليمان بن داود بن الجارود، الحافظ الكبير، صاحب المسند أبو داود الفارسي، ثم الأسدي ثم الزبيري مولى آل الزبير بن العوام الحافظ، البصري.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وطائفة، سمعوا عمر بن محمد أخبرنا أحمد بن الحسن أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا محمد بن يونس القرشي حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا عمارة بن مهران عن ثابت قال: صلى بنا أنس بن مالك صلاة فأوجز فيها فقال: هكذا كانت صلاة نبيكم صلى الله عليه وسلم

(2)

.

أخبرنا سنقر بن عبد الله بحلب، أخبرنا يوسف بن خليل أخبرنا خليل بن بدر، وغيره قالوا: أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو داود حدثنا عبد الملك بن ميسرة، عن عطاء عن أبي هريرة قال: وصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن إن شاء الله: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وألا أنام إلَّا على وتر"

(3)

.

أنبأنا به أحمد بن سلامة عن خليل.

سمع: أيمن بن نابل وهو تابعي ومعروف بن خربوذ، وطلحة بن عمرو، وهشام بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 298"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1788"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 567"، "2/ 101"، "3/ 9، 64، 170"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 491"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 749"، وتاريخ بغداد "9/ 24"، والعبر "1/ 345"، وميزان الاعتدال "2/ 203"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 340"، والكاشف "1/ ترجمة 2102"، وتهذيب التهذيب "4/ 182"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2684"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 12".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "469"، وأحمد "3/ 101"، من طرق عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجز في الصلاة ويتم.

وفي رواية لمسلم عن طريق قتادة، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أخف الناس صلاة في تمام.

(3)

صحيح: أخرجه الطيالسي "2392"، وأحمد "2/ 459"، والبخاري "1178"، ومسلم "721"، والنسائي "3/ 229"، والبيهقي "4/ 293" من طريق شعبة، حدثنا عباس الجريري هو ابن فروخ، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة رضي الله عنه به.

ص: 110

أبي عبد الله، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وبسطام بن مسلم، وأبا خلدة خالد بن دينار، وقرة بن خالد وصالح بن أبي الأخضر، وأبا عامر الخزاز والحمادين، وداود بن أبي الفرات وزمعة بن صالح، وجرير بن حازم وفليح بن سليمان والمسعودي، وحرب بن شداد، وابن أبي ذئب وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وزائدة، وإسرائيل، وهمام بن يحيى، ومحمد بن أبي حميد، وخلقًا كثيرًا. وينزل إلى ابن المبارك وابن عيينة. وقيل: إنه لقي ابن عون، وما ذاك ببعيد.

روى عنه: جرير بن عبد الحميد أحد شيوخه وأحمد بن حنبل، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن بشار، ويعقوب الدورقي ومحمد ابن سعد الكاتب، وعباس الدوري، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وأحمد بن الفرات، والكديمي وهارون بن سليمان، وخلق آخرهم موتًا: محمد بن أسد المديني شيخ أبي الشيخ له عنه مجلس ليس عنده سواه.

وعمر إلى سنة ثلاث وتسعين ومائتين، ولقيه الطبراني، فعاش بعد أبي داود تسعين عامًا، وهذا نادر جدًا، لم يتهيأ مثله إلَّا للبغوي وأبي علي الحداد، وابن كليب، وأناس نحو بضعة عشر شيخًا خاتمتهم: أبو العباس الحجار.

قال الفلاس: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي داود.

قلت: قال مثل هذا، وقد صحب يحيى القطان وابن مهدي ورافق ابن المديني.

قال عبد الرحمن بن مهدي: أبو داود هو أصدق الناس.

قلت: كانا رفيقين في الطلب بالبصرة، فاستعملا البلاذر فجذم أبو داود، وبرص الآخر.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: رحلت يعني من الكوفة إلى أبي داود، فأصبته قد مات قبل قدومي بيوم. قال: وكان قد شرب البلاذر فجذم.

قال عامر بن إبراهيم الأصبهاني: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن ألف شيخ.

وورد عن أبي داود: أنه كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث. قال سليمان بن حرب: كان شعبة يحدث فإذا قام قعد أبو داود الطيالسي، وأملى من حفظه ما مر في المجلس.

وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن يونس بن حبيب قال: قال أبو داود: كنا ببغداد وكان شعبة وابن إدريس يجتمعون يتذاكرون فذكروا باب المجذوم. فقلت: حدثنا ابن أبي

ص: 111

الزناد، عن أبيه عن خارجه بن زيد قال: كان معيقيب يحضر طعام عمر بن الخطاب. فقال له: يا معيقيب كل مما يليك. فقال شعبة: يا أبا داود لم تجئ بشيء أحسن مما جئت به.

قال وكيع: ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود. قال: فذكر ذلك لأبي داود فقال: قل له: ولا قصير.

قال علي بن أحمد بن النضر: سمعت ابن المديني يقول: ما رأيت أحفظ من أبي داود الطيالسي.

وقال عمر بن شبة: كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس كان معه كتاب.

قلت: سمع يونس بن حبيب عدة مجالس مفرقة فهي المسند الذي، وقع لنا.

وقال أبو بكر الخطيب: قال لنا أبو نعيم: صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود.

وقال حفص بن عمر المهرقاني: كان وكيع يقول: أبو داود جبل العلم.

وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: أخطأ أبو داود في ألف حديث. قلت: هذا قاله إبراهيم على سبيل المبالغة، ولو أخطأ في سبع هذا لضعفوه.

وقد تكلم فيه محمد بن المنهال الضرير، وقال: كنت أتهمه قال لي: لم أسمع من عبد الله بن عون، ثم سألته بعد: أسمعت من ابن عون? قال: نعم نحو عشرين حديثًا.

قلت: الجمع بين القولين أنه سمع منه شيئًا ما ضبطه ولا حفظه فصدق أن يقول: ما سمعت منه، وإلا فأبو داود أمين صادق، وقد أخطأ في عدة أحاديث، لكونه كان يتكل على حفظه ولا يروي من أصله، فالورع أن المحدث لا يحدث إلَّا من كتاب كما كان يفعل ويوصي به إمام المحدثين أحمد بن حنبل، ولم يخرج البخاري لأبي داود شيئًا؛ لأنه سمع من عدة من أقرانه فما احتاج إليه.

قال الفلاس: سمعت أبا داود يقول: أسرد ثلاثين ألف حديث، ولا فخر وفي صدري اثنا عشر ألفًا لعثمان البري، ما سألني عنها أحد من أهل البصرة، فخرجت إلى أصبهان فبثثتها فيهم.

قال حجاج بن يوسف بن قتيبة: سئل النعمان بن عبد السلام وأنا حاضر عن أبي داود الطيالسي فقال: ثقة، مأمون.

ص: 112

عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني: عن إبراهيم الأصبهاني، سمعت بندارًا يقول: ما بكيت على أحد من المحدثين، ما بكيت على أبي داود. قلت له: كيف? قال: لما كان من حفظه، ومعرفته وحسن مذاكرته.

وقال أحمد بن الفرات: ما رأيت أحدًا أكثر في شعبة من أبي داود، وسألت أحمد بن حنبل عنه، فقال: ثقة، صدوق. قلت: إنه يخطئ. قال: يحتمل له.

وقال عثمان بن سعيد: سألت ابن معين عن أصحاب شعبة. قلت: أبو داود أحب إليك أو عبد الرحمن بن مهدي? فقال: أبو داود أعلم به. ثم قال عثمان الدارمي: عبد الرحمن أحب إلينا في كل شيء، وأبو داود أكثر رواية عن شعبة.

وقال العجلي: أبو داود ثقة، كثير الحفظ رحلت إليه فأصبته مات قبل قدومي بيوم.

وقال النسائي: ثقة من أصدق الناس لهجة.

وقال ابن عدي: ثقة يخطئ، ثم قال: وما هو عندي، وعند غيري إلَّا متيقظ ثبت.

وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث ربما غلط توفي بالبصرة سنة ثلاث، ومائتين، وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة.

وقال خليفة: مات في ربيع الأول، سنة أربع ومائتين.

قلت: استشهد به البخاري في صحيحه.

ص: 113

‌1437 - سعيد بن عامر

(1)

: " ع"

الضبعي البصري الزاهد، الحافظ، أبو محمد مولى بني عجيف وأخواله من بني ضبيعة.

ولد بعد العشرين ومائة.

حدث عن: شبيل بن غزرة صاحب أنس وقال: حملني على كتفه فسمعت شبيلًا يقول.

وحدث أيضًا عن: حبيب بن الشهيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة ويونس بن عبيد، وسعيد بن أبي عروبة وحميد بن الأسود وهمام بن يحيى، وصالح بن رستم وعدة.

حدث عنه: علي بن المديني وأحمد، ويحيى بن معين، وابن راهويه، وبندار، والدارمي وعبد بن حميد ومحمود بن غيلان، وعبد الله بن محمد بن مضر الثقفي، والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وأحمد بن الفرات الرازي، وعدد كثير.

قال محمد بن الوليد البسري: سمعت يحيى القطان يقول: سعيد ابن عامر شيخ المصر منذ أربعين سنة.

وقال أبو داود السجستاني: إني لأغبط جيران سعيد بن عامر.

قال زياد بن أيوب: ما رأيت بالبصرة مثل سعيد الضبعي. وكذا قال: أحمد بن الفرات.

وقال يحيى بن معين: حدثنا سعيد بن عامر الثقة المأمون.

وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أفضل منه ومن حسين الجعفي.

قال أبو حاتم الرازي: كان سعيد بن عامر رجلًا صالحًا صدوقًا، في حديثه بعض الغلط.

قال أبو بكر الخطيب: حدث عنه: عبد الله بن المبارك ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، وبين موتهما مائة وتسع سنين.

قلت: القزاز توفي سنة تسعين، ومائتين.

قال أبو حاتم البستي: مات سعيد بن عامر لأربع بقين من شوال سنة ثمان ومائتين، وله ست وثمانون سنة رحمه الله.

يقع من عواليه في الغيلانيات: أخبرنا أحمد بن سلامة إذنًا عن خليل بن بدر، ومسعود الخياط، قالا: أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم حدثنا محمد ابن أحمد بن أبي العوام، حدثنا سعيد بن عامر حدثنا شبيل بن عزرة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يصبك من عطره أو قال: يعطك من عطره أصبت من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل القين، إن لم يحرق ثوبك أصابك من ريحه".

هذا حديث صحيح الإسناد غريب. وشبيل: صدوق من أئمة العربية. أخرجه: أبو داود في سننه

(2)

عن عبد الله بن الصباح عن سعيد بن عامر فوقع لنا بدلًا عاليًا بدرجتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 296"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1671"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 208"، والكاشف "1/ ترجمة 1929"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 339"، وتهذيب التهذيب "4/ 50"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2483"، وشذرات الذهب "2/ 20".

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود "4831" من طريق عبد الله بن الصباح العطار، عن سعيد بن عامر، به. وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري أخرجه البخاري "2101"، ومسلم "2628" من طريق بريدة، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى الأشعري، به.

ص: 114

‌1438 - علي الرضى

(1)

:

الإمام، السيد، أبو الحسن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين الهاشمي العلوي، المدني. وأمه نوبية اسمها: سكينة.

مولده بالمدينة في سنة ثمان وأربعين ومائة عام وفاة جده.

سمع من: أبيه وأعمامه: إسماعيل، وإسحاق، وعبد الله، وعلي أولاد جعفر، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وكان من العلم والدين والسؤدد بمكان.

يقال: أفتى وهو شاب في أيام مالك. استدعاه المأمون إليه إلى خراسان، وبالغ في إعظامه، وصيره ولي عهده، فقامت قيامه آل المنصور، فلم تطل أيامه وتوفي.

روى عنه ضعفاء: أبو الصلت عبد السلام الهروي، وأحمد بن عامر الطائي، وعبد الله بن العباس القزويني. وروى عنه فيما قيل: آدم ابن أبي إياس وهو أكبر منه، وأحمد بن حنبل ومحمد بن رافع، ونصر بن علي الجهضمي، وخالد بن أحمد الذهلي الأمير، ولا تكاد تصح الطرق إليه.

روى المفيد وليس بثقة: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي، حدثنا علي بن موسى عن أبيه فذكر حديثًا منكر المتن.

وعن علي بن موسى الرضى عن أبيه قال: إذا أقبلت الدنيا على إنسان، أعطته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه، سلبته محاسن نفسه.

قال الصولي: حدثنا أحمد بن يحيى أن الشعبي قال: أفخر بيت قيل قول الأنصار يوم بدر:

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 192"، والمجروحين لابن حبان "2/ 106"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 324"، والكاشف "2/ ترجمة 4033"، والمغني "2/ ترجمة 4345"، والعبر "1/ 340"، وميزان الاعتدال "3/ 158"، وتهذيب التهذيب "7/ 387"، وتقريب التهذيب "2/ 44" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5054".

ص: 115

وببئر بدر إذ يرد وجوههم

جبريل تحت لوائنا ومحمد

ثم قال الصولي: أفخر منه قول الحسن بن هانئ في علي بن موسى الرضى:

قيل لي: أنت واحد الناس

في كل كلام من المقال بديه

لك في جوهر الكلام بديع

يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلام تركت مدح ابن موسى

بالخصال التي تجمعن فيه

قلت: لا أهتدي لمدح إمام

كان جبريل خادمًا لأبيه

قلت: لا يسوغ إطلاق هذا الأخير إلَّا بتوقيف بل كان جبريل معلم نبينا صلى الله عليه وسلم وعليه.

قال أحمد بن خالد الذهلي الأمير: صليت خلف علي الرضى بنيسابور، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة.

قال الحاكم: حدثنا إسحاق بن محمد الهاشمي بالكوفة، حدثنا القاسم بن أحمد العلوي حدثنا أبو الصلت الهروي، حدثني علي بن موسى الرضى، قال: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. ويروى عن علي الرضى عن آبائه: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.

وعن أبي الصلت قال: سمعت علي بن موسى بالموقف يدعو: اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم وكما وسعني علمك فليسعني عفوك، وكما أكرمتني بمعرفتك، فأشفعها بمغفرتك يا ذا الجلال والإكرام.

توفي سنة ثلاث ومائتين كهلًا.

قال ابن حبان: علي بن موسى يروي عن أبيه العجائب روى عنه: أبو الصلت، وغيره. كان يهم ويخطئ.

قال ابن جرير في تاريخه: إن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو عرض أصحابه، ورد عليه كتاب الحسن بن سهل يعلمه فيه أن المأمون جعل علي بن موسى ولي عهده؛ لأنه نظر في بني العباس، وبني علي فلم يجد أحدًا هو أفضل ولا أعلم ولا أورع منه، وأنه سماه الرضى من آل محمد، وأمره بطرح لبس السواد ولبس الخضرة في رمضان سنة إحدى ومائتين، ويأمره أن يأمر من قبله بالبيعة له، ويلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم

ص: 116

وأعلامهم ويأخذ أهل بغداد جميعًا بذلك. فدعا عيسى أهل بغداد إلى ذلك على أن يعجل لهم رزق شهر فأبى بعضهم وقالوا: هذا دسيس من الفضل بن سهل. وغضب بنو العباس، ونهض إبراهيم ومنصور ابنا المهدي، ثم نزعوا الطاعة وبايعوا إبراهيم بن المهدي.

قال الحاكم: ورد الرضى نيسابور سنة مائتين، بعث إليه المأمون رجاء بن أبي الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة، ثم منها إلى الأهواز فسار منها إلى فارس، ثم على طريق بست إلى نيسابور، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال، ثم سار به إلى مرو.

قال ابن جرير: دخلت سنة ثلاث فسار المأمون إلى طوس، وأقام عند قبر أبيه الرشيد أيامًا ثم إن علي بن موسى أكل عنبًا فأكثر منه، فمات فجأة في آخر صفر فدفن عند الرشيد، واغتم المأمون لموته.

وقيل: إن دعبلًا الخزاعي أنشد علي بن موسى مدحة، فوصله بست مائة دينار، وجبة خز بذل له فيها أهل قم ألف دينار فامتنع، وسافر فجهزوا عليه من قطع عليه الطريق، وأخذت الجبة فرجع، وكلمهم. فقالوا: ليس إلى ردها سبيل. وأعطوه الألف دينار وخرقة من الجبة للبركة.

قال المبرد: عن أبي عثمان المازني قال: سئل علي بن موسى الرضى: أيكلف الله العباد ما لا يطيقون? قال: هو أعدل من ذلك. قيل: فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون? قال: هم أعجز من ذلك.

قيل: قال المأمون للرضى: ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس? قال: ما يقولون في رجل فرض الله طاعة نبيه على خلقه وفرض طاعته على نبيه. وهذا يوهم في البديهة أن الضمير في طاعته للعباس، وإنما هو لله فأمر له المأمون بألف ألف درهم.

وكان لعلي أخوة من السراري وهم: إبراهيم وعباس، وقاسم، وإسماعيل، وهارون وجعفر، وحسن وأحمد، ومحمد وعبيد الله وحمزة، وزيد، وإسحاق وعبد الله، والحسين، والفضل، وسليمان، وعدة بنات، سردهم الزبير في كتاب النسب.

فقيل: إن أخاه زيدًا خرج بالبصرة على المأمون، وفتك وعسف فنفذ إليه المأمون علي بن موسى أخاه ليرده. فسار إليه فيما قيل وقال: ويلك يا زيد! فعلت بالمسلمين ما فعلت، وتزعم أنك ابن فاطمة? والله لأشد الناس عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي لمن أخذ برسول الله أن يعطي به فبلغ المأمون فبكى وقال: هكذا ينبغي أن يكون أهل بيت النبوة هكذا!.

ص: 117

وقد كان علي الرضى كبير الشأن، أهلًا للخلافة ولكن كذبت عليه، وفيه الرافضة وأطروه بما لا يجوز، وادعوا فيه العصمة وغلت فيه، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا.

وهو بريء من عهدة تلك النسخ الموضوعة عليه، فمنها: عن أبيه عن جده عن آبائه مرفوعًا: "السبت لنا والأحد لشيعتا والاثنين لبني أمية، والثلاثاء لشيعتهم، والأربعاء لبني العباس، والخميس لشيعتهم، والجمعة للناس جميعًا".

وبه: "لما أسرى بي سقط من عرقي فنبت منه الورد".

وبه: "ادهنوا بالبنفسج فإنه بارد في الصيف حار في الشتاء".

وبه: "من أكل رمانة بقشرها أنار الله قلبه أربعين ليلة".

وبه: "الحناء بعد النورة أمان من الجذام".

وبه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس قال له علي: رفع الله ذكرك وإذا عطس علي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعلى الله كعبك".

فهذه أحاديث وأباطيل من وضع الضلال.

ولعلي بن موسى مشهد بطوس يقصدونه بالزيارة.

يقصدونه بالزيارة.

وقيل: إنه مات مسمومًا. فقال أبو عبد الله الحاكم: استشهد علي ابن موسى بسنداباد من طوس لتسع بقين من رمضان سنة ثلاث ومائتين، وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر.

وقيل: إنه خلف من الولد: محمدًا، والحسن وجعفرًا وإبراهيم والحسين وعائشة.

ص: 118

‌1439 - زيد بن الحباب

(1)

: " م، (4) ".

ابن الريان، وقيل: ابن رومان الإمام الحافظ الثقة الرباني أبو الحسين العكلي، الخراساني ثم الكوفي الزاهد. والحباب في اللغة: هو نوع من الأفاعي.

ولد في حدود الثلاثين ومائة.

وروى عن: أسامة بن زيد الليثي، وأسامة بن زيد بن أسلم العمري، وأيمن بن نابل وسيف بن سليمان، وعكرمة بن عمار والضحاك بن عثمان الحزامي، ومعاوية بن صالح الحمصي وقرة بن خالد، ومالك بن مغول وموسى بن علي بن رباح والحسين بن واقد المروزي، وسفيان الثوري، ويحيى بن أيوب، وموسى بن عبيدة، وخلق كثير.

وجال في طلب العلم من مرو الشاهجان وإلى مصر حتى قيل: إنه دخل إلى الأندلس.

حدث عنه: أحمد بن حنبل وأبو خيثمة ومحمد بن رافع وأبو إسحاق الجوزجاني، والحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن الله بن نمير، وأبو كريب محمد بن العلاء، وسلمة بن شبيب، وأحمد بن سليمان الرهاوي، ويحيى بن أبي طالب، وعدد كثير حتى إن يزيد بن هارون مع تقدمه قد روى عنه.

وثقة علي بن المديني وغيره.

وقال بعض الحفاظ: هو صالح الحديث لا بأس به.

وقال أحمد بن حنبل: صاحب حديث كيس قد رحل إلى مصر، وخراسان في الحديث ما كان أصبره على الفقر! كتبت عنه بالكوفة وههنا قال: وقد ضرب في الحديث إلى الأندلس.

رواه: أبو بكر المروذي عن أحمد فقال أبو بكر الخطيب: ظن أحمد رحمه الله أن زيدًا سمع من معاوية بن صالح بالأندلس، فقد كان على قضائها وهذا وهم، وأحسب أنه سمع منه بمكة فإن ابن مهدي وغيره سمعوا منه بمكة.

وقال الخطيب في كتاب السابق: حدث عن زيد بن الحباب: عبد الله بن وهب ويحيى بن أبي طالب، وبين وفاتيهما ثمان وسبعون سنة.

وروي عن علي بن حرب الطائي قال: أتينا زيد بن الحباب فلم يكن لن ثوب يخرج فيه إلينا، فجعل الباب بيننا وبينه حاجزًا وحدثنا من وراثه رحمه الله.

قال مطين وغيره: توفي سنة ثلاث ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 402"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1302"، والمعرفة والتاريخ "1/ 138، 195"، "2/ 647"، والكنى للدولابي "1/ 149"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2538"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 707"، وتاريخ بغداد "8/ 442"، والأنساب للسمعاني "9/ 32"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 338"، والعبر "1/ 339"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 2997"، وتهذيب التهذيب "3/ 402"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2249"، وشذرات الذهب "2/ 6".

ص: 119

‌1440 - العوفي

(1)

:

قاضي الشرقية ببغداد ثم قاضي عسكر المهدي، العلامة أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن المحدث عطية العوفي الكوفي الفقيه. روى عن: أبيه وعن الأعمش، وأبي مالك الأشجعي وعبد الملك بن أبي سليمان.

حدث عنه: ابنه حسن، وابن أخيه سعد بن محمد، وبقية بن الوليد وهو أكبر منه، وإسحاق بن بُهْلُول، وعمر بن شبة.

قال ابن معين: كان ضعيفًا في القضاء ضعيفًا في الحديث.

وقال الحسين بن فهم: كانت لحيته تبلغ ركبته.

قلت: له حكايات في القضاء، وفيه دعابة وكان مسنًا كبيرًا.

قال خليفة: توفي سنة إحدى ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2862"، والضعفاء الكبير "1/ ترجمة 298"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 215"، والمجروحين لابن حبان "1/ 246"، وتاريخ بغداد "8/ 29"، وميزان الاعتدال "1/ 532".

ص: 120

‌1441 - يحيى بن سلام

(1)

:

ابن أبي ثعلبة، الإمام العلامة، أبو زكريا البصري نزيل المغرب بإفريقية.

حدث عن: سعيد بن أبي عروبة، وفطر بن خليفة وشعبة والمسعودي، والثوري، ومالك.

وأخذ القراءات عن أصحاب الحسن البصري وجمع وصنف.

روى عنه: ابن وهب وهو من طبقته، وولده محمد بن يحيى، وأحمد بن موسى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه.

قال أبو عمرو الداني: روى الحروف عن أصحاب الحسن، وغيره. وله اختيار في القراءة من طريق الآثار سكن إفريقية دهرًا، وسمعوا منه: تفسيره الذي ليس لأحد من المتقدمين مثله، وكتابه الجامع قال: وكان ثقة ثبتًا عالمًا بالكتاب والسنة وله معرفة باللغة والعربية ولد سنة أربع وعشرين ومائة.

وقال ابن يونس: مات بمصر، بعد أن حج، في صفر، سنة مائتين رحمه الله.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 642"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2145"، وميزان الاعتدال "4/ 380"، ولسان الميزان "6/ 259".

ص: 120

‌1442 - الحسين بن علي الجعفي

(1)

: " ع"

ابن الوليد، الإمام، القدوة، الحافظ المقرئ المجود الزاهد بقية الأعلام، أبو عبد الله وأبو محمد الجعفي مولاهم الكوفي.

قرأ القرآن على: حمزة الزيات وأتقنه وأخذ الحروف عن: أبي عمرو بن العلاء وعن أبي بكر بن عياش.

وسمع من الأعمش، وجعفر بن برقان، ومجمع بن يحيى الأنصاري، وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وسفيان الثوري، وزائدة وطائفة سواهم.

وصحب: الفضيل بن عياض وغيره.

حدث عنه: سفيان بن عيينة، وهو من شيوخه وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور الكوسج ويحيى بن معين، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو إسحاق الجوزجاني وأبو كريب، ومحمد بن رافع وأحمد بن الفرات، وأحمد بن عمر الوكيعي، وعبد بن حميد وهارون بن عبد الله الحمال، وعباس الدوري، ومحمد بن عاصم الثقفي وخلق كثير.

قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أفضل من حسين الجعفي يريد بالفضل: التقوى والتأله هذا عرف المتقدمين.

قال يحيى بن معين وغيره: هو ثقة.

وقال قتيبة: قيل لسفيان بن عيينة: قدم حسين الجعفي. فوثب قائمًا وقال: قدم أفضل رجل يكون قط.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 396"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2848"، والمعرفة والتاريخ "1/ 195"، "2/ 146"، "3/ 241"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 252"، والعبر "1/ 339"، وتهذيب التهذيب "2/ 357"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1439"، وشذرات الذهب "2/ 5".

ص: 121

وقال موسى بن داود: كنت عند ابن عيينة فجاء حسين الجعفي فقام سفيان، فقبل يده.

وقال يحيى بن يحيى التميمي عالم خراسان: إن كان بقي من الأبدال أحد، فحسين الجعفي وذكر اثنين.

وقال محمد بن رافع: حدثنا الحسين الجعفي، وكان راهب أهل الكوفة.

وروى أبو هشام الرفاعي عن الكسائي قال: قال لي هارون الرشيد: من أقرأ الناس? قلت: حسين الجعفي.

قال حميد بن الربيع: رأى حسين الجعفي كأن القيامة قد قامت، وكأن مناديًا ينادي: ليقم العلماء فيدخلوا الجنة. قال: فقاموا، وقمت معهم فقيل لي: اجلس لست منهم أنت لا تحدث قال: فلم يزل بعد يحدث بعد أن كان لا يحدث، حتى كتبنا عنه أكثر من عشرة آلاف حديث.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: حسين الجعفي: ثقة كان يقرئ القرآن رأس فيه، وكان رجلًا صالحًا لم أر رجلًا قط أفضل منه، قد روى عنه سفيان بن عيينة حديثين، ولم نره إلَّا مقعدًا. قال: ويقال: إنه لم ينحر، ولم يطأ أنثى قط. قلت: هذا كما يقال: فلان لا نكح ولا ذبح قال: وكان جميلًا لباسًا يخضب، وخضابه إلى الصفرة، وخلف ثلاثة عشر دينارًا، وكان من أروى الناس عن زائدة بن قدامة كان زائدة يختلف إليه إلى منزله يحدثه، وكان سفيان الثوري إذا رآه عانقه وقال: هذا راهب جعفي.

قلت: تصدر للإقراء تلا عليه: أيوب بن المتوكل، وغيره وحديثه في كتب الإسلام الستة، وفي مسند أحمد. ويقع لنا حديثه عاليًا في مسند عبد، وفي أجزاء عدة.

قيل: إن مولده في سنة تسع عشرة، ومائة وتوفي في شهر ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين وله بضع وثمانون سنة.

وتوفي معه في العام: يحيى بن آدم عالم الكوفة، وعلي بن موسى الرضى العلوي، وأبو داود الحفري عمر بن سعد ومحمد بن بشر العبدي، وزيد بن الحباب، وأزهر بن سعد السمان، والوليد بن مزيد العذري.

أخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني غير مرة عن أبي جعفر الصيدلاني في كتابه العام.

وأخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن خليل بن بدر، وأحمد بن محمد بن عبد الله التيمي،

ص: 122

قالوا: أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا أبو جعفر محمد بن عاصم الثقفي، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة، وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد"

(1)

.

هذا حديث حسن قوي الإسناد.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، وإسماعيل بن يوسف، وعيسى بن أبي محمد، وآخرون، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن بن داود أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن ابن عقيل عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "متى توتر"؟ قال: بعد العتمة قبل أن أنام. وقال لعمر: "متى توتر"؟. قال: من آخر الليل. قال: "حزم هذا، وقوي هذا"

(2)

.

(1)

حسن: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 345"، وأحمد "1/ 405، 435"، والبزار "3420"، والطبراني في "الكبير""10413"، وأبو يعلى "5316"، وابن خزيمة "789"، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان "1/ 142" من طرق عن زائدة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق، عن عبد الله، به.

قلت: إسناده حسن، من أجل عاصم بن أبي النجود، وشقيق هو ابن سلمة الأسدي، وزائدة هو ابن قدامة.

(2)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، ابن عقيل، هو عبد الله بن محمد الهاشمي، لين. وأخرجه أحمد "3/ 309، 330"، وابن ماجه "1202" من طريق زائدة، به.

وأخرجه أبو داود "1434" من حديث أبي قتادة، به، وأخرجه ابن ماجه "1202" من حديث ابن عمر، به.

ص: 123

‌1443 - الأصم

(1)

:

شيخ المعتزلة أبو بكر الأصم.

كان ثمامة بن أشرس يتغالى فيه، ويطنب في وصفه.

وكان دينًا وقورًا صبورًا على الفقر منقبضًا عن الدولة إلَّا أنه كان فيه ميل عن الإمام علي.

مات سنة إحدى ومائتين.

وله: تفسير وكتاب خلق القرآن، وكتاب الحجة والرسل، وكتاب الحركات، والرد على الملحدة، والرد على المجوس والأسماء الحسنى، وافتراق الأمة وأشياء عدة، وكان يكون بالعراق.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "214".

ص: 123

‌1444 - روح بن عبادة

(1)

: " ع"

ابن العلاء، بن حسان بن عمرو الحافظ، الصدوق الإمام أبو محمد القيسي، البصري من قيس بن ثعلبة.

حدث عن: ابن عون وهشام بن حسان وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وعوف الأعرابي وحسين المعلم، وأسامة بن زيد المدني وإسماعيل بن مسلم العبدي، وأيمن بن نابل، وزكريا بن إسحاق وعباد بن إسحاق، وابن جريج وعبيد الله بن الأخنس وعلي بن سويد بن منجوف، وعمر بن سعيد بن أبي حسين، ومحمد بن أبي حفصة، وموسى بن عبيدة، وسعيد بن أبي عروبة، وحبيب بن الشهيد وحجاج الصواف، وحاتم بن أبي صغيرة، وحماد بن سلمة وسفيان، وشعبة وابن أبي ذئب ومالك، وخلق كثير. وينزل إلى: سفيان بن عيينة ونحوه وكان من كبار المحدثين.

حدث عنه: علي وأحمد وإسحاق، وابن نمير وبندار، وأحمد بن سعيد الرباطي، وزهير بن محمد المروزي وأبو إسحاق الجوزجاني، وعبد بن حميد وعلي بن حرب ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وأبو بكر الصاغاني، وأبو قلابة الرقاشي وأحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، ويحيى بن أبي طالب، وإسحاق الكوسج ويعقوب بن شيبة، والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن يونس الكديمي، وبشر بن موسى وخلق كثير. قال الكديمي: سمعت علي بن المديني يقول: نظرت لروح بن عبادة في أكثر من مائة ألف حديث كتبت منها عشرة آلاف.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 296"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1052"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 439، 715"، "2/ 61"، "3/ 352"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 496"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2255"، وتاريخ بغداد "8/ 401"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 337"، والعبر "1/ 347"، والكاشف "1/ ترجمة 1606"، وميزان الاعتدال "2/ 58"، والمغني "1/ ترجمة 2140" وتهذيب التهذيب "3/ 293"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2082"، وشذرات الذهب "2/ 13".

ص: 124

وقال يعقوب بن شيبة: روح كان أحد من يتحمل الحمالات، وكان سريًا مريًا كثير الحديث جدًا صدوقًا سمعت عليًا يقول: من المحدثين قوم لم يزالوا في الحديث لم يشغلوا عنه نشئوا فطلبوا ثم صنفوا، ثم حدثوا منهم: روح بن عبادة.

قال يعقوب: وحدثني محمد بن عمر: سألت يحيى بن معين عن روح فقال: صدوق ليس به بأس حديثه يدل على صدقه يحدث عن ابن عون، ثم يحدث عن حماد بن زيد عن ابن عون فقلت ليحيى: زعموا أن يحيى القطان كان يتكلم فيه. فقال: باطل ما تكلم فيه بشيء، وهو صدوق.

قال يعقوب: وسمعت علي بن المديني فذكر هذه القصة فلم أضبطها عنه، فحدثني عبد الرحمن بن محمد سمعت عليًا قال: كانوا يقولون: إن يحيى بن سعيد يتكلم في روح، فإني لعند يحيى إذ جاءه روح فسأله عن شيء من حديث أشعث، فلما قام قلت ليحيى: أما تعرف هذا? قال: لا. قلت: هذا روح بن عبادة كأنه كان يعرفه، ولكن لم يجمع بين اسمه وصفته. قال: فقال: هذا روح? ما زلت أعرفه يطلب الحديث ويكتبه. قال علي: ولكن كان عبد الرحمن بن مهدي يطعن على روح، وينكر عليه أحاديث ابن أبي ذئب عن الزهري هذه المسائل. فقال لي معن: وما يصنع بها هي عند بصرى لكم كان عندنا ههنا حين قرأ علينا ابن أبي ذئب هذا الكتاب. قال علي: فأتيت عبد الرحمن فأخبرته فأحسبه قال: استحله لي.

وقال يعقوب بن شيبة: قال محمد بن عمر: قال يحيى بن معين: هذا القواريري يحدث عن عشرين من الكذابين ويقول: لا أحدث عن روح بن عبادة.

قال يعقوب: وسمعت عفان بن مسلم لا يرضى أمر روح بن عبادة. وحدثني محمد بن عمر: أنه سمع عفان، وذكر روح بن عبادة فقال: هو أحسن حديثًا عندي من خالد بن الحارث، وأحسن حديثًا من يزيد بن زريع، فلم تركناه? يعني كأنه يطعن عليه فقال له أبو خيثمة: ليس هذا بحجة كل من تركته أنت ينبغي أن يترك أما روح بن عبادة فقد جاز حديثه الشأن فيمن بقي.

قال يعقوب: وأحسب أن عفان لو كان عنده حجة مما يسقط بها روح بن عبادة، لاحتج بها في ذلك الوقت.

أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كان القواريري لا يحدث عن روح، وأكثر ما أنكر عليه تسع مائة حديث حدث بها عن مالك سماعًا.

ص: 125

قال أبو داود: وسمعت الحلواني يقول: أول من أظهر كتابه: روح بن عبادة وأبو أسامة. قال عقيب هذا أبو بكر الخطيب: يعني أنهما رويا ما خولفا فيه! فأظهرا كتبهما حجة لهما على مخالفيهما إذ روايتهما عن حفظهما موافقة لما في كتبهما. قال: وروح كان بصريًا قدم بغداد، وحدث بها مدة طويلة ثم انصرف إلى البصرة، فمات بها وكان كثير الحديث صنف الكتب في السنن والأحكام، وجمع التفسير، وكان ثقة.

وقال أحمد بن الفرات: طعن على روح بن عبادة اثنا عشر أو ثلاثة عشر فلم ينفذ قولهم فيه.

قال علي بن المديني: ذكر عبد الرحمن بن مهدي روح بن عبادة فقلت: لا تفعل فإن هنا قومًا يحملون كلامك. فقال: أستغفر الله. ثم دخل فتوضأ يذهب إلى أن الغيبة تنقض الوضوء.

وقيل: إن عبد الرحمن تكلم فيه: وهم في إسناد حديث.

وهذا تعنت وقلة إنصاف في حق حافظ قد روى ألوفًا كثيرة من الحديث، فوهم في إسناد فروح لو أخطأ في عدة أحاديث في سعة علمه، لاغتفر له ذلك أسوة نظرائه، ولسنا نقول: إن رتبة روح في الحفظ والإتقان كرتبة يحيى القطان، بل ما هو بدون عبد الرزاق ولا أبي النضر.

وقد روى: الكناني عن أبي حاتم الرازي قال: روح لا يحتج به. وقال النسائي في الكنى، وفي أثناء كتاب العتق: ليس بالقوي.

قال خليفة ومطين: مات سنة خمس، ومائتين. زاد غيرهما، فقال: في جمادى الأولى. ووهم الكديمي، فقال: مات سنة سبع.

أخبرنا عبد الرحمن بن قدامه الفقيه وجماعة إذنًا قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي حدثنا روح بن عبادة، حدثنا عثمان بن غياث حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يمر الناس على جسر جهنم، وعليه خطاطيف وحسك وكلاليب تخطف الناس، وبجنبتيه ملائكة يقولون: اللهم سلم سلم. فمن الناس من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الفرس المجرى، ومنهم من يسعى سعيًا ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم من يزحف زحفًا، فأما أهل النار الذين هم

ص: 126

أهلها فلا يموتون ولا يحيون، وأما أناس يؤخذون بذنوب وخطايا، فيحترقون ثم يؤذن في الشفاعة

" الحديث

(1)

.

أخرجه النسائي، من حديث خالد الطحان، عن عثمان بن غياث أحد الثقات.

ابن أبي عاصم في كتاب اللباس: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا شعبة عن الشيباني عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة وفيها تصاوير

(2)

.

رواه البخاري دون: "وفيها تصاوير".

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 25" من طريق يحيى بن سعيد، "3/ 26" من طريق روح كلاهما عن عثمان بن غياث، به، وأخرجه البخاري "7439"، ومسلم "183"، وأحمد "3/ 16" من طرق عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، به.

(2)

أخرجه البخاري "379"، ومسلم "513"، "270"، وأبو داود "656"، والنسائي "2/ 57" وأحمد "6/ 330، 336" من طريق سليمان الشيباني، به.

ص: 127

‌1445 - الهُجَيْمي

(1)

:

شيخ الصوفية العابد القانت أحمد بن عطاء الهجيمي البصري القدري، المبتدع فما أقبح بالزهاد ركوب البدع!.

كان تلميذ شيخ البصرة عبد الواحد بن زيد ذكره: أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك فقال: برز في العبادة والاجتهاد، وأخذ المعلوم من القوت، وذكر أن الطريق إلى الله لا يكون إلَّا من هذه الأبواب: الصوم، والصلاة، والجوع، وكان يميل إلى اكتساب القوت بيده، ولزم طريق شيخه في اللطف، فكان قدريًا غير معتزلي، وكتب شيئًا من الحديث.

قال عبد الرحمن بن عمر رسته: رآني ابن مهدي يوم جمعة جالسًا إلى جنب أحمد بن عطاء، وكان يتكلم في القدر، وكان أزهد من رأيت، فاعتذرت إلى عبد الرحمن فقال: لا تجالسه فإن أهون ما ينزل بك أن تسمع منه شيئًا يجب لله عليك أن تقول له: كذبت ولعلك لا تفعل.

وكان ابن عطاء قد نصب نفسه للأستاذية، ووقف دارًا في بَلْهُجَيم للمتعبدين والمريدين يقص عليهم.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 119"، ولسان الميزان "1/ 221".

ص: 127

قال ابن الأعرابي: وأحسبها أول دار وقفت بالبصرة للعبادة.

صحبه جماعة منهم: أحمد بن غسان الزاهد، وأبو بكر العطشي، وأبو عبد الله الحمال، وجلس في المشيخة بعده: ابن غسان فوقف دارًا لنفسه.

قال الدارقطني: أحمد بن عطاء الهجيمي يروي عن خالد العبد، وعن الضعفاء، متروك الحديث.

وقال زكريا الساجي: هو صاحب المضمار، وكان مجتهدًا يعني: في العبادة وكان مغفلًا يحدث بما لم يسمع.

وقال علي بن المديني: أتيته يومًا فوجدت معه درجًا يحدث به. فقلت له: أسمعت هذا? قال: لا، ولكن اشتريته وفيه أحاديث حسان أحدث بها هؤلاء. فقلت: أما تخاف الله? تقرب العباد إلى الله بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم!.

قلت: ما كان الرجل يدري ما الحديث، ولكنه عبد صالح، وقع في القدر، نعوذ بالله من ترهات الصوفة فلا خير إلَّا في الاتباع ولا يمكن الاتباع إلَّا بمعرفة السنن.

توفي الهجيمي هذا سنة مائتين.

ومات أحمد بن غسان: قبل الثلاثين، ومائتين ولكنه رجع عن القدر، وامتنع من القول بخلق القرآن، فأخذ وحبس فرأى في الحبس أحمد بن حنبل، والبويطي فأعجبهما سمته وكلامه، وخاطباه فانتفع.

قال ابن الأعرابي: إلَّا أن أصحابه ينكرون رجوعه عن القدر.

ص: 128

‌1446 - خالد بن يزيد

(1)

:

ابن أمير العراق خالد بن عبد الله بن أسد، البجلي، القسري، الدمشقي.

روى عن: هشام بن عروة، ومحمد بن سوقة وعمار الدهني، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبي حيان التيمي، وابن عون، وأبي حمزة الثمالي، وأبي روق وسليمان بن علي العباسي، وأمي الصيرفي وغيرهم.

وكان صاحب حديث ومعرفة، وليس بالمتقن، ينفرد بالمناكير.

روى عنه: الوليد بن مسلم، وهو من طبقتة، وهشام بن عمار، ودحيم وسليمان بن بنت شرحبيل، وأحمد بن جناب المصيصي، وهشام بن خالد، ويوسف بن سعيد بن مسلم، وأحمد بن بكرويه البالسي، وآخرون.

وقع لي من عواليه في جزء ابن أبي ثابت.

قال أبو جعفر العقيلي: لا يتابع على حديثه.

وقال أبو حاتم: ليس بقوي.

وذكره ابن عدي، فساق له جماعة أحاديث، وقال: أحاديثه لا يتابع عليها كلها، لا إسنادًا، ولا متنًا. ثم قال: ولم أر للمتقدمين الذين يتكلمون في الرجال فيه قولًا، وهو مع ضعفه يكتب حديثه. ومن مناكيره: حدثنا أمي الصيرفي عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا صلى المغرب دون المزدلفة أعاد.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1616"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 425"، وميزان الاعتدال "1/ 647"، والمغني في الضعفاء "1/ 208"، ولسان الميزان "3/ 391".

ص: 128

وفي العلماء جماعة باسمه، فمنهم:

‌1447 - خالد بن يزيد بن معاوية

(1)

:

ابن أبي سفيان الأمير أبو هاشم الأموي.

روى عن: دحية الكلبي، وأبيه.

وعنه: رجاء بن حيوة الزهري.

وداره هي التي صارت اليوم قيسارية مد الذهب، وكانت من قبل تعرف بدار الحجارة شرقي الجامع.

وكان من نبلاء الرجال، ذا علم وفضل، وصوم، وسؤدد.

قال ابن خلكان في ترجمته: كان من أعلم قريش بفنون العلم. قال: وكان بصيرًا بهذين العلمين: الطب، والكيمياء وله نظم رائق.

(1)

ترجمته في التاريخ "3/ ترجمة 613"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 571"، "2/ 8، 365"، "3/ 205، 331"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1615"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 224"، والعبر "1/ 105"، والكاشف "1/ ترجمة 1376"، وتهذيب التهذيب "3/ 128"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1815"، وشذرات الذهب "1/ 96".

ص: 129

‌1448 - وخالد بن الخليفة:

يزيد بن الوليد بن عبد الملك صلبه مروان الحمار.

‌1449 - وخالد بن يزيد بن صالح

(1)

:

ابن صبيح أبو هاشم المري.

يروي عن: جده ومكحول، ويونس بن ميسرة.

وتلا على ابن عامر.

روى عنه: ابنه عراك ومحمدا بن شعيب بن شابور وأبو مسهر، ونعيم بن حماد، وعدة.

وثقه أبو حاتم.

مات بعد الستين ومائة.

‌1450 - وخالد بن يزيد بن عبد الرحمن

(2)

: " ق"

ابن أبي مالك الهمداني.

روى عن: أبيه والصلت بن بهرام، وأبي حمزة الثمالي.

وعنه: الوليد بن مسلم، وأبو مسهر وهشام، وأحمد بن أبي الحواري، وسويد بن سعيد. ضعفه ابن معين، والدارقطني.

مات سنة خمس وثمانين، ومائة وله ثمانون سنة وأبوه ثقة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 615"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 455"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1621"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 314"، وميزان الاعتدال "1/ 648"، والكاشف "1/ ترجمة 1373"، وتهذيب التهذيب "3/ 125"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1812".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 620"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب "3/ 378"، والكنى للدولابي "2/ 103"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 427"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1623"، والمجروحين لابن حبان "1/ 284"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 577"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2475"، والكاشف "1/ ترجمة 1374"، والمغني "1/ ترجمة 1890"، وتهذيب التهذيب "3/ 126"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1813".

ص: 130

‌1451 - وخالد بن يزيد

(1)

:

أبو الهيثم العدوي العمري المكي، وبعضهم كناه أبا الوليد.

روى عن: ابن أبي ذئب، والثوري.

وعنه: علي بن حرب، ومحمد بن عوف الطائي، وجماعة.

كذبه يحيى، وأبو حاتم.

وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.

‌1452 - وخالد بن يزيد بن مسلم

(2)

:

الغنوي البصري.

روى عنه: إبراهيم بن المستمر العروقي.

عداده في الضعفاء.

‌1453 - وخالد بن يزيد الكاهلي

(3)

:

أبو الهيثم الكحال، كوفي.

أخذ عن: حمزة الزيات، وهو من شيوخ البخاري.

‌1454 - وخالد بن يزيد بن عمر

(4)

:

ابن هبيرة الفزاري، ولد نائب العراق.

حدث عنه: بقية.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 622"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1630"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 580"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2476"، ولسان الميزان "2/ 389".

(2)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 426"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2478"، ولسان الميزان "2/ 391".

(3)

ترجمته في "المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي""2/ 119"، "3/ 206، 376"، والكنى للدولابي "2/ 156"، والجرح والتعديل "1631"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 142"، والكاشف "1/ ترجمة 1372"، وتهذيب التهذيب "3/ 125"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1811".

(4)

ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2483"، والكاشف "1/ ترجمة 1375"، وتهذيب التهذيب "3/ 128"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1814".

ص: 131

‌1455 - وخالد بن يزيد

(1)

:

أبو عبد الرحيم المصري، ثقة.

روى عنه: الليث.

‌1456 - وخالد بن يزيد العتكي

(2)

:

عن ثابت البناني. صدوق.

‌1457 - وخالد بن يزيد السلمي

(3)

:

شيخ لدحيم. وجماعة سواهم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 612"، والمعرفة والتاريخ "1/ 120، 247"، "2/ 216، 445"، "3/ 138، 226"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1619"، والكاشف "1/ 1377"، وتهذيب التهذيب "3/ 129"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1816"، وشذرات الذهب "1/ 207".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 616"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1620، 1635"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2484"، والكاشف "1/ ترجمة 1378"، وتهذيب التهذيب "3/ 129"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1817".

(3)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 700"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1628"، والكاشف "1/ ترجمة 1379"، وتهذيب التهذيب "3/ 130"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1818".

ص: 132

‌1458 - الحفري

(1)

: " م، (4) "

الإمام الثبت القدوة الولي أبو داود عمر بن سعد الحفري الكوفي العابد.

والحفر: موضع بالكوفة، وهو بكنيته أشهر.

حدث عن: مالك بن مغول، ومسعر بن كدام، وصالح بن حسان، وبدر بن عثمان، وسفيان الثوري، وعدة.

ولم يرحل ولكنه ثقة صاحب حديث.

روى عنه: أحمد بن حنبل ومحمود بن غيلان، وإسحاق بن منصور، وعلي بن حرب، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد وبنو أبي شيبة، وأبو كريب وخلق سواهم.

قال عباس: سمعت يحيى بن معين يقدم الحفري في حديث سفيان على محمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة.

وقال أبو حاتم: صدوق رجل صالح.

وقال الدارقطني: كان من الصالحين الثقات.

حكي: أنه أبطأ يومًا في الخروج إلى الجماعة ثم خرج فقال: أعتذر إليكم، فإنه لم يكن لي ثوب غير هذا، صليت فيه ثم أعطيته بناتي حتى صلين فيه ثم أخذته، وخرجت إليكم.

قال وكيع بن الجراح: إن كان يدفع بأحد في زماننا فبأبي داود الحفري.

وقال علي بن المديني: لا أعلمني رأيت بالكوفة أعبد منه.

قال الهجيمي: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الجوهري قال: رأيت أبا داود الحفري، وكان لا يرى أديم جسده من الشعر وعليه خرقتان: إزار ورداء فيه عدة رقاع، وكان إذا أراد أن ينتشر خرج من المسجد، وكان مسجدهم محصبًا. فقيل: أليس كفارتها دفنها? فيقول: لعلي أؤخذ قبل أن أكفر.

وتزوج بامرأة فأصدقها ثلاثة دنانير، وكان قوته كل ليلة قرصين وبفلس فجل أو هندبا.

قال أبو حمدون الطيب المقرئ: دفنا أبا داود الحفري رحمه الله، وتركنا بابه مفتوحًا ما كان في البيت شيء.

قال ابن سعد، وغيره: مات في جمادى الأولى سنة ثلاث ومائتين.

قلت: مات، وقد شاخ أحسبه من أبناء السبعين وحديثه عندنا متيسر.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 403"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2019"، والمعرفة والتاريخ "1/ 195، 717"، "2/ 622"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 596"، والأنساب للسمعاني "4/ 173" والعبر "1/ 340"، والكاشف "2/ ترجمة 4122"، وتهذيب التهذيب "7/ 452"، وتقريب التهذيب "2/ 56" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5166".

ص: 133

‌1459 - بشر بن عمر

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الثبت أبو محمد الزهراني البصري.

سمع عكرمة بن عمار، وشعبة بن الحجاج، وعاصم بن محمد العمري، وهمام بن يحيى، وأبان بن يزيد وجماعة.

حدث عنه: إسحاق بن راهويه، وبشر بن آدم، وإسحاق الكوسج، والذهلي ونصر بن علي ومحمد بن يحيى القطعي وآخرون.

وثقه ابن سعد، وقال: توفي بالبصرة سنة سبع، ومائتين.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقيل: إنه توفي في آخر يوم من سنة ست ومائتين.

أخبرنا محمد بن محمد بن سليم، وأحمد بن عبد الرحمن بدمشق قدما علينا قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي أخبرنا جدي، أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا مكي بن علان أخبرنا أبو بكر الحيري، أخبرنا أبو علي بن معقل، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا بشر بن عمر، حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء"

(2)

. أخرجه النسائي عن الذهلي فوافقناه بعلو.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 300"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1758"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1379"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 319"، والكاشف "1/ ترجمة 595"، وتهذيب التهذيب "1/ 455"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 18".

(2)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 66"، ومن طريقه أخرجه أحمد "2/ 460، 517"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 43"، والبيهقي في "السنن""1/ 35"، وفي "المعرفة""1/ 185"، وابن خزيمة "140" عن ابن شهاب الزهري، به.

ص: 134

‌1460 - الوليد بن مزيد

(1)

: " د، س"

الحافظ الثقة الفقيه أبو العباس العذري البيروتي صاحب الأوزاعي.

أخذ عن: الأوزاعي تصانيفه. وعن: عبد الله بن شوذب، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعثمان بن عطاء الخراساني، وسعيد بن عبد العزيز، وعثمان بن أبي العاتكة، ومقاتل بن سليمان وعدة.

حدث عنه: ابنه العباس بن الوليد الحافظ وأبو مسهر الغساني، ودحيم وأبو عمير عيسى بن محمد الرملي، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن وزير الدمشقي، وعبد الله بن خالد الرملي، ومحمد بن عثمان الكفرسوسي، وآخرون.

قال البخاري في تاريخه: الوليد بن مزيد الشامي سمع الأوزاعي عن عمر مرسل لم يزد.

وقال الدارقطني: كان من ثقات أصحاب الأوزاعي ثبت.

وقال ابن زبر: مولده في سنة (126).

وقال محمد بن بركة: أخرج إلي سعد البيروتي أصول العباس يعني: عن أبيه فإذا أكثرها: سمعت الأوزاعي، سمعت الأوزاعي، وكان الأوزاعي احترق علمه، فمن أخذ عن الأول فهو حجة وسواه ليس بحجة.

ابن أبي حاتم: حدثنا عباس بن الوليد، سمعت أبا مسهر يقول: لقد حرصت على جمع علم الأوزاعي، حتى كتبت عن إسماعيل بن سماعة ثلاثة عشر كتابًا حتى لقيت أباك، فوجدت عنده علمًا لم يكن عند القوم.

وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت أبا مسهر يقول: قال الأوزاعي: عليكم بكتب الوليد بن مزيد، فإنها صحيحة.

وقال أبو يوسف بن السفر: سمعت الأوزاعي يقول: ما عرض علي كتاب أصح من كتب الوليد بن مزيد.

وقال النسائي: الوليد بن مزيد أحب إلينا في الأوزاعي من الوليد ابن مسلم لا يخطئ ولا يدلس.

قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت الوليد بن مزيد يقول: من أكل شهوة من حلال قسا قلبه.

وقال أبو مسهر: كان الوليد بن مزيد ثقة، ولم يكن يحفظ وكتبه صحيحة.

قال العباس: مات أبي في سنة ثلاث ومائتين عن سبع وسبعين سنة، هذا سمعه الأصم منه.

وروى: الفسوي عن دحيم قال: الوليد بن مزيد: ثقة مات سنة سبع وثمانين.

قلت: الأول أثبت.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2541"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 143، 553"، "2/ 467، 474"، "3/ 212"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 77"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 232"، والكاشف "3/ ترجمة 6200"، وتهذيب التهذيب "11/ 150"، وتقريب التهذيب "2/ 335"، وشذرات الذهب "2/ 8".

ص: 135

‌1461 - البرساني

(1)

: " ع"

الإمام المحدث الثقة أبو عبد الله، وأبو عثمان محمد بن بكر بن عثمان البرساني الأزدي البصري. وبرسان: بطن من الأزد.

حدث عن: ابن جريج، وهشام بن حسان، ويونس بن يزيد الأيلي، وسعيد بن أبي عروبة، وعبيد الله بن أبي زياد، وأيمن بن نابل، وشعبة وحماد بن سلمة وعدة.

حدث عنه: أحمد، وإسحاق وبندار، وإسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهارون الحمال وأبو محمد الدارمي وعبد بن حميد وأحمد بن منصور الرمادي، وعدد كثير.

قال يحيى بن معين: حدثنا البرساني، وكان والله ظريفًا صاحب أدب ثقة.

وقال ابن سعد: ثقة مات في ذي الحجة سنة ثلاث، ومائتين بالبصرة.

قلت: مات في عشر الثمانين.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورًا أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا واهب بن محمد بالبصرة حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج عن ابن المنكدر، عن أبي أيوب عن مسلمة بن مخلد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلمًا ستره الله عز وجل في الدنيا والآخرة، ومن فك عن مكروب فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"

(2)

.

هذا حديث غريب فرد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 296"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 96"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 277"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1175"، وتاريخ بغداد "2/ 92"، والكاشف "3/ ترجمة 4818"، والعبر "1/ 341"، والمغني "2/ ترجمة 5334"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7277"، وتهذيب التهذيب "9/ 77"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6084"، وشذرات الذهب "2/ 7".

(2)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "4/ 104" من طريق محمد بن بكر البرساني، به.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""13/ 156" من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن البرساني، به، وله شاهد من حديث أبي هريرة: عند أحمد "2/ 252"، ومسلم "2699"، وأبي داود "4946"، وابن ماجه "225".

ص: 136

‌1462 - عمر بن يونس

(1)

: " ع"

الإمام المحدث أبو حفص اليمامي.

حدث عن: عكرمة بن عمار، وعاصم بن محمد العمري، وعمر ابن أبي خثعم وحباب بن فضالة صاحب أنس بن مالك، ووالده يونس بن القاسم الحنفي.

وعنه: أبو خيثمة وأبو ثور الفقيه، وعمرو الناقد وإسحاق بن وهب العلاف، وعبد الرحمن رستة، ومحمد بن بشار وعبد بن حميد وخلق سواهم.

وثقه يحيى بن معين والنسائي. توفي بعيد المائتين.

وحفيده:

‌1463 - أحمد بن محمد بن عمر اليمامي

(2)

أحد المتروكين.

يروي عن: جده عمر بن يونس وعبد الرزاق. وعنه: قاسم المطرز وابن أبي داود.

‌1464 - يحيى بن عيسى

(3)

: " م، د، ت، ق"

التميمي، النهشلي، الكوفي الفاخوري الجرار نزيل الرملة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 556"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2185"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 283"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 774"، والكاشف "2/ ترجمة 4187"، والعبر "1/ 341" وتهذيب التهذيب "7/ 506"، وتقريب التهذيب "2/ 64"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5247".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 130"، والمجروحين لابن حبان "1/ 143"، وميزان الاعتدال "1/ 142".

(3)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3063"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 224"، "3/ 191، 228"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 630"، والكنى للدولابي "1/ 179"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2047"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 739"، والمجروحين لابن حبان "3/ 126"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2114"، والكاشف "3/ ترجمة 6337"، والمغني "2/ ترجمة 7028" وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9600"، وتهذيب التهذيب "11/ 262"، وتقريب التهذيب "2/ 355"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 3".

ص: 137

حدث عن: الأعمش، وعبد الأعلى بن أبي المساور ومسعر وجماعة.

روى عنه: علي بن محمد الطنافسي، ومحمد بن مصفى، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن سنان وخلق، وكان يتردد إلى العراق وكان أحمد بن حنبل حسن الثناء عليه.

وقال أحمد بن سنان القطان: قال لنا أبو معاوية: اكتبوا عن يحيى بن عيسى فطالما رأيته عند الأعمش.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

محمد بن مصفى: حدثنا يحيى بن عيسى، حدثنا الأعمش، قال: اختلف أهل البصرة في القصص فأتوا أنسًا فسألوه: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقص? قال: لا، إنما بعث بالسيف.

قيل: توفي سنة اثنتين ومائتين.

ص: 138

‌1465 - الجارود

(1)

:

ابن يزيد الفقيه الكبير أبو الضحاك العامري النيسابوري، ويقال: أبو علي.

ولد في خلافة هشام في حدود العشرين ومائة وارتحل في طلب العلم.

وحمل عن: سليمان التيمي، وبهز بن حكيم، وإسماعيل بن أبي خالد، وعمر بن ذر وأبي حنيفة، ومسعر وشعبة، والثوري. وتفقه بأبي حنيفة، وأكثر عن الثوري، وشعبة.

وليس هو بمحكم لفن الرواية.

روى عنه: أبو سلمة التبوذكي، وأحمد بن أبي رجاء الهروي وسلمة بن شبيب، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه والحسن بن عرفة وآخرون.

قال الحاكم: هو من كبار أصحاب أبي حنيفة، والملازمين له. وخطة الجارود منسوبة إليه، وهي سكة الجارودي في المربعة الصغيرة، ومسجده على رأس السكة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2308"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 248"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 2183"، والمجروحين لابن حبان "1/ 220"، وميزان الاعتدال "1/ 384"، ولسان الميزان "2/ 90".

ص: 138

قال محمد بن إسحاق السراج: توفي سنة ثلاث، ومائتين ونقل أبو عمرو أحمد المستملي قال: توفي سنة ست ومائتين قال: وفي تلك السنة قدم طاهر بن الحسين الأمير.

قال البخاري: هو منكر الحديث، كان أبو أسامة يرميه بالكذب. وروى عباس، عن يحيى: ليس بشيء.

العُقَيلي: حدثنا بشر بن موسى، حدثنا محمد بن مقاتل المروزي حدثنا الجارود، حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أترعون عن ذكر الفاجر؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس". قال العقيلي: ليس لذا أصل.

قلت: ورواه سلمة بن شبيب عنه.

قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه.

وقال النسائي: متروك الحديث.

ص: 139

‌1466 - عثمان بن عبد الرحمن

(1)

: " (4) "

ابن مسلم الحراني الطرائفي المؤدب مولى بنى أمية وقيل: ولاؤه لبني تيم في كنيته أقوال.

حدث عن: عبيد الله بن عمر، وجعفر بن برقان، وهشام بن حسان، وابن أبي ذئب وأيمن بن نابل، وأشعث بن عبد الملك الحمراني، ومعاوية بن سلام وعدة.

وعنه: بقية بن الوليد وهو أكبر منه وأبو جعفر النفيلي وقتيبة وأبو كريب، وعلي بن ميمون الرقي وأبو شعيب السوسي، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وعدد كثير.

وكان أبيض الرأس واللحية لا يغير شيبه.

قال يحيى بن معين: صدوق.

وقال أبو عروبة: شيخ، متعبد لا بأس به يحدث عن قوم مجهولين بالمناكير.

وقال ابن عدي: كنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: هو في الجزريين كبقية في الشاميين حاطب ليل.

وقال ابن أبي حاتم: أنكر أبي على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء له.

قال محمد بن يحيى بن كثير الحراني: مات سنة ثلاث ومائتين. وقيل: بل مات سنة اثنتين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2269"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1210"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 868"، والمجروحين لابن حبان "2/ 96"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1331"، والمغني "2/ ترجمة 4036"، والعبر "1/ 340"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5532"، وتهذيب التهذيب "7/ 134"، وتقريب التهذيب "2/ 11"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4763".

ص: 139

أما:

‌1467 - عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي

(1)

:

الزهري، فأكبر من الطرائفي.

يروي عن: محمد بن المنكدر، وجماعة متروك الحديث.

ومن طبقته.

‌1468 - عثمان بن عبد الرحمن الجمحي

(2)

:

بصري صويلح.

يروي عن: نعيم المجمر، ومحمد بن زياد الجمحي.

وعنه: علي بن المديني ونصر بن علي، وأحمد بن عبدة الضبي وجماعة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2270"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 36، 49"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 418"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1209"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 865"، والمجروحين لابن حبان "2/ 98"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1321"، وتاريخ بغداد "11/ 279"، والكاشف "2/ ترجمة 3771"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5531"، والمغني "2/ ترجمة 4038" وتهذيب التهذيب "7/ 133"، وتقريب التهذيب "2/ 11"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4761".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 869"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1330"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 3773"، والمغني "2/ ترجمة 2440"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5537"، وتهذيب التهذيب "7/ 135"، وتقريب التهذيب "2/ 12"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4763".

ص: 140

‌1469 - عمر بن شبيب

(1)

: " ق"

المعمر المحدث أبو حفص المسلي، المذحجي الكوفي.

رأى أبا إسحاق السبيعي، وروى عن: عبد الملك بن عمير وليث بن أبي سليم وإبراهيم بن مهاجر، وعمرو بن قيس الملائي وكثير النواء وإسماعيل بن أبي خالد وعدة.

وعنه: أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن طريف، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعمر بن شبة وسعدان بن نصر والحسن بن علي بن عفان وعدد كثير.

قال أبو زرعة: لين الحديث، وقال أبو زرعة: ليس بثقة.

وقال أبو حاتم: لا يحتج به.

وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي.

وقال ابن حبان: كان صدوقًا لكنه يخطئ كثيرًا على قلة روايته.

قلت: هذا فيه تناقض فالصدوق لا يكثر خطؤه، والكثير الخطأ مع القلة هو المتروك، وله حديث واحد في سنن ابن ماجه، وهو أمثل من عمر بن حبيب العدوي.

توفي في سنة اثنتين ومائتين.

وقع لي من عواليه وهو صويلح.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 388"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 38"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 472"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1163"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 621"، والمجروحين لابن حبان "2/ 90"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1204"، والكاشف "2/ ترجمة 4136"، والمغني "2/ ترجمة 4485"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6136"، وتهذيب التهذيب "7/ 461"، وتقريب التهذيب "2/ 57"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5182"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 3".

ص: 141

‌1470 - عمر بن عبد الله بن رزين

(1)

: " م، د"

الإمام الكبير، أبو العباس السلمي، النيسابوري أخو جعفر، ومبشر.

سمع ابن إسحاق وسفيان بن حسين، والثوري وإبراهيم بن طهمان وجماعة.

وعنه: أحمد بن يوسف وأحمد بن الأزهر، وأيوب بن الحسن وسهل بن عمار، وآخرون.

قال سهل بن عمار: لم يكن بخراسان أنبل منه توفي سنة ثلاث ومائتين.

(1)

ترجمته في الكاشف "2/ ترجمة 4144"، وتهذيب التهذيب "7/ 668"، وتقريب التهذيب "2/ 58"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5192"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 7".

ص: 142

‌1471 - أيوب بن سويد

(1)

: " د، ت، ق"

محدث الرملة أبو مسعود الحميري السيباني الرملي.

حدث عن: أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السيباني، وابن جريج، والأوزاعي ويونس بن يزيد وأسامة بن زيد الليثي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعدة.

حدث عنه: أبو الطاهر أحمد بن السرح، ودحيم وكثير بن عبيد، والربيع بن سليمان المرادي، وبحر بن نصر ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وآخرون.

وكان سيئ الحفظ لينًا.

روى عباس عن يحيى: ليس بشيء يسرق الحديث.

وقال إبراهيم بن عبد الله: سألت يحيى بن معين عنه فقال: ليس بشيء حدثهم بالرملة بأحاديث عن ابن المبارك ثم جعلها بعد عن نفسه، عن شيوخ ابن المبارك.

وقال أبو حاتم: لين الحديث.

وقال النسائي: ليس بثقة.

وقال ابن عدي: يكتب حديثه في جملة الضعفاء.

وذكره ابن حبان في الثقات لكن قال: كان رديء الحفظ.

وقال البخاري: يتكلمون فيه.

قلت: وممن روى عنه: بقية بن الوليد والشافعي ومحمد بن أبي السري.

قال ابن أبي عاصم: توفي سنة اثنتين ومائتين.

وقال البخاري: قال لي محمد بن إسحاق: سمعت عبد الله بن أيوب يقول: غرق أيوب بن سويد في البحر سنة ثلاث وتسعين ومائة.

قلت: الأول هو الصحيح.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1333"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 131"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 891"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 193"، وميزان الاعتدال "1/ 278"، والكاشف "1/ ترجمة 524"، وتهذيب التهذيب "1/ 405"، وتقريب التهذيب "1/ 90".

ص: 142

‌1472 - أبو سفيان الحميري

(1)

: " خ، ت"

هو: سعيد بن يحيى الواسطي أحد الثقات.

سمع معمر بن راشد والعوام بن حوشب، وعوفًا الأعرابي والضحاك بن حمرة وجماعة.

وعنه: يعقوب الدورقي، وعبد الله بن محمد المخرمي، ومحمد ابن وزير الواسطي، وأحمد بن سنان، ومحمد بن يحيى الذهلي وآخرون. وثقه أبو داود، وغيره.

وعاش تسعين سنة. مات: في شعبان سنة اثنتين ومائتين.

‌1473 - سلمة بن سليمان

(2)

: " خ، م، ت"

المروزي الحافظ المؤدب.

حدث عن: أبي حمزة السكري، وابن المبارك.

وعنه: أحمد بن أبي رجاء الهروي، وأحمد بن سعيد الرباطي وعبدة بن عبد الرحيم المروزي، ومحمد بن أسلم الطوسي، ومحمد ابن عبد الله بن قهزاذ وآخرون.

وقال أحمد بن منصور زاج: حدثنا من حفظه بنحو من عشرة آلاف حديث.

وقال النسائي: ثقة.

قيل: توفي سنة ست وتسعين ومائة. نقله البخاري عن محمد بن الليث. وقيل: مات سنة ثلاث، أو أربع ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 314"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1744"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 281"، والكنى للدولابي "1/ 199"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 313"، وتاريخ بغداد "9/ 75"، والكاشف "1/ ترجمة 1995"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3295"، "4/ ترجمة 10250" والمغني "1/ ترجمة 2469"، "2/ ترجمة 7498"، وتهذيب التهذيب "4/ 99"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2560".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 378"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 2048"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 716"، والكاشف "1/ ترجمة 2025"، وتهذيب التهذيب "4/ 145"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2631".

ص: 143

‌1474 - سَلْمُويه

(1)

: " خ، س"

الحافظ المعمر أبو صالح سليمان بن صالح الليثي مولاهم المروزي.

صاحب ابن المبارك.

عنه: ابن راهويه وأحمد بن شبويه وعدة.

يقال: عاش مائة سنة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1826"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 537"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 2120"، وتهذيب التهذيب "2/ 199"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2705".

ص: 144

‌1475 - عبد المجيد

(1)

: " م، (4) "

ابن الإمام عبد العزيز بن أبي رواد، العالم القدوة الحافظ الصادق شيخ الحرم، أبو عبد المجيد المكي، مولى الملهب بن أبي صفرة. حدث عن: ابن جريج بكتبه وعن أبيه ومعمر بن راشد، وأيمن بن نابل، ومروان بن سالم وعثمان بن الأسود وجماعة.

حدث عنه: أبو بكر الحميدي، وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى العدني، وحاجب المنبجي، وأحمد بن شيبان الرملي والزبير بن بكار، وحسين بن عبد الله الرقي، وخلق كثير.

وكان من المرجئة، ومع هذا فوثقه: أحمد ويحيى بن معين.

وقال أحمد: كان فيه غلو في الإرجاء يقول: هؤلاء الشكاك يريد قول العلماء: أنا مؤمن إن شاء الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 500"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1875"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 42، 50"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1068"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 340" والمجروحين لابن حبان "2/ 160"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1500"، والكاشف "2/ ترجمة 3482"، والمغني "2/ ترجمة 3793"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5183"، وتهذيب التهذيب "6/ 381"، وتقريب التهذيب "1/ 517"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4410".

ص: 144

قال يحيى بن معين: كان أعلم الناس بحديث ابن جريج، ولم يكن يبذل نفسه للحديث ثم ذكر من نبله وهيئته وقال أيضًا: كان صدوقًا ما كان يرفع رأسه إلى السماء وكانوا يعظمونه. وقال عبد الله بن أيوب المخرمي: لو رأيت عبد المجيد لرأيت رجلًا جليلًا من عبادته.

وقال الحسين الرقي: حدثنا عبد المجيد، ولم يرفع رأسه أربعين سنة إلى السماء قال: وكان أبوه أعبد منه.

وقال أبو داود: كان عبد المجيد رأسًا في الإرجاء.

وقال يعقوب بن سفيان: كان مبتدعًا داعية.

قال سلمة بن شَبيب

: كنت عند عبد الرزاق فجاءنا موت عبد المجيد وذلك في سنة ست ومائتين فقال: الحمد لله الذي أراح أمة محمد من عبد المجيد.

قال ابن عدي: عامة ما أنكر عليه الإرجاء.

وقال هارون بن عبد الله الحمال: ما رأيت أخشع لله من وكيع وكان عبد المجيد أخشع منه.

قلت: خشوع وكيع مع إمامته في السنة جعله مقدمًا بخلاف خشوع هذا المرجئ عفا الله عنه أعاذنا الله وإياكم من مخالفة السنة، وقد كان على الإرجاء عدد كثير من علماء الأمة فهلا عد مذهبًا، وهو قولهم: أنا مؤمن حقًا عند الله الساعة مع اعترافهم بأنهم لا يدرون بما يموت عليه المسلم من كفر أو إيمان، وهذه قولة خفيفة وإنما الصعب من قول غلاة المرجئة: إن الإيمان هو الاعتقاد بالأفئدة، وإن تارك الصلاة والزكاة، وشارب الخمر، وقاتل الأنفس والزاني وجميع هؤلاء يكونون مؤمنين كاملي الإيمان ولا يدخلون النار ولا يعذبون أبدًا. فردوا أحاديث الشفاعة المتواترة وجسروا كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات، نعوذ بالله من الخذلان.

وقد غلط أبو نعيم الحافظ وقال: مات عبد المجيد سنة سبع وتسعين ومائة. والصواب: وفاته سنة ست ومائتين، كما قال سلمة بن شبيب.

ص: 145

‌1476 - محمد بن عبيد

(1)

: " ع"

ابن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب الحافظ أخو يعلى بن عبيد.

حدث عن: إسماعيل بن أبي خالد، والأعمش ويزيد بن كيسان، وعبيد الله بن عمر، والعوام بن حوشب، وإدريس الأودي والثوري، وخلق كثير.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وإسحاق، وابن نمير وابنا أبي شيبة وأبو خيثمة وأحمد بن الفرات، وأحمد بن سليمان الرهاوي ومحمد بن يحيى الذهلي وعباس الدوري، ويعقوب بن شيبة، وخلق كثير.

قال أحمد ويحيى بن معين: عمر ومحمد ويعلى بنو عبيد ثقات. وقال الدارقطني: عمر ويعلى ومحمد وإدريس وإبراهيم بنو عبيد: كلهم ثقات.

وروى صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: كان محمد بن عبيد يخطئ ولا يرجع عن خطئه.

قال ابن سعد نزل محمد بن عبيد بغداد دهرًا، ثم رجع إلى الكوفة فمات قبل يعلى في سنة أربع ومائتين قال: وكان ثقة كثير الحديث صاحب سنة، وجماعة.

وقال يعقوب السدوسي: كان ممن يقدم عثمان على علي وقل من يذهب إلى هذا من الكوفيين. توفي: سنة أربع.

وقال خليفة بن خياط وجماعة: مات سنة خمس ومائتين.

وقال محمد بن عبد الله بن عمار: محمد بن عبيد وإخوته: أثبات وأحفظهم يعلى وأبصرهم بالحديث: محمد وعمر شيخهم.

قلت: عمر من أقران هشيم.

وقال يعقوب بن شيبة: محمد بن عبيد مولى لإياد سمعت ابن المديني يقول: كان كيسًا.

وقال العجلي: ثقة عثماني حديثه أربعة آلاف حديث يحفظها.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 397"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 518"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 225، 228"، "3/ 129"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 40"، وتاريخ بغداد "2/ 365"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 315"، والكاشف "3/ ترجمة 5107"، والعبر "1/ 348"، والمغني "2/ ترجمة 5804"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7917"، وتهذيب التهذيب "9/ 327"، وتقريب التهذيب "2/ 188"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6475"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 14".

ص: 146

‌1477 - الوليد بن القاسم

(1)

: " ت، ق"

ابن الوليد الهمداني ثم الخبذعي الكوفي. وخبذع: بطن من قبائل همدان قيده الأمير بفتح الخاء والذال وقيده غيره بالكسر فيهما. حدث عن: إسماعيل بن أبي خالد، وأبي حيان التيمي والأعمش، ويزيد بن كيسان وفضيل بن غزوان ومجالد بن سعيد وعدة.

حدث عنه: أحمد بن حنبل وعبد بن حميد وأحمد بن منصور الرمادي والحسين بن علي الصدائي، ومؤمل بن إهاب ومحمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام وآخرون.

قال ابن الجنيد الدقاق: سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: ثقة كتبنا عنه، وكان جارًا ليعلى بن عبيد فسألت يعلى عنه فقال: نعم الرجل هو جارنا منذ خمسين سنة ما رأينا إلَّا خيرًا.

وقال أحمد بن حنبل: قد كتبنا عنه أحاديث حسانًا عن يزيد بن كيسان فاكتبوا عنه.

وقال أبو أحمد بن عدي: إذا روى عن ثقة فلا بأس به.

قال يحيى بن معين في رواية أحمد بن زهير عنه: هو ضعيف. قال مطين: مات في سنة ثلاث، ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2526"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 58"، والمجروحين لابن حبان "3/ 80"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2007"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 125"، والأنساب للسمعاني "5/ 38"، والكاشف "3/ ترجمة 6193"، والمغني "2/ ترجمة 6880"، والعبر "1/ 342"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9395"، وتهذيب التهذيب "11/ 145"، وتقريب التهذيب "2/ 335"، وشذرات الذهب "2/ 8".

ص: 147

‌1478 - جعفر بن عون

(1)

: " ع"

ابن جعفر بن عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة، الإمام الحافظ محدث الكوفة أبو عون المخزومي العمري نسبة إلى عمرو بن حريث الصحابي. ولد سنة بضع عشرة ومائة.

وسمع من: هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش وإسماعيل بن أبي خالد، وأبي العميس عتبة بن عبد الله وأبي حنيفة، ومسعر، وعدة.

وعنه: إسحاق بن راهويه، وإسحاق الكوسج، وأبو إسحاق الجوزجاني وأحمد بن الفرات وعبد بن حميد، وإبراهيم بن عبد الله العبسي القصار ومحمد بن أحمد بن أبي المثنى الموصلي وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال أحمد بن حنبل: رجل صالح ليس به بأس.

قال محمد بن عبد الوهاب، وهو من المكثرين عن جعفر قال لي أحمد بن حنبل: أين تريد? فقلت: الكوفة فقال: عليك بابن عون يعني: جعفر بن عون.

وقال بعضهم: إن جعفر بن عون توفي في أول سنة سبع، ومائتين وهو راجع من الحج وله نيف وتسعون سنة.

قلت: يقع من عواليه في جزء ابن الفرات

(2)

، وجزء الجابري

(3)

، ومسند عبد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 396"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2179"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 196"، والكنى للدولابي "2/ 38"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1981"، والكاشف "1/ ترجمة 805"، والعبر "1/ 351"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 118"، وتهذيب التهذيب "2/ 101"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1046"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 17".

(2)

ابن الفرات: هو الحافظ الحجة أبو مسعود أحمد بن الفرات الرازي، محدث أصبهان، وصاحب التصانيف، كتب عن ألف وسبع مائة شيخ. وكتب ألف ألف حديث وخمس مائة ألف وعمل من ذلك في تواليفه خمس مائة ألف حديث. توفي في شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين.

(3)

هو: عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلي، شيخ أبي نعيم الحافظ، توفي سنة "360 هـ".

ص: 148

‌1479 - أزهر بن سعد

(1)

: " خ، م، د، ت، س"

الإمام الحافظ، الحجة، النبيل أبو بكر الباهلي مولاهم البصري السمان.

حدث عن: سليمان التيمي ويونس بن عبيد وعبد الله بن عون وقرة بن خالد، وطائفة سواهم، وله جلالة عجيبة.

حدث عنه: علي بن المديني وإسحاق بن راهويه، وأحمد وبندار، ومحمد بن المثنى ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن الفرات وعباس الدوري والكديمي، وخلق كثير.

وحدث عنه من رفقائه: عبد الله بن المبارك ولما احتضر ابن عون أوصى له، وكان من أوعية العلم.

قال أبو بكر بن علي المروزي: سمعت يحيى بن معين يقول: ليس في أصحاب ابن عون أعلم من أزهر.

قيل: إنه كان صاحبًا للمنصور أبي جعفر قبل أن يلي الخلافة فلما ولي قدم إليه أزهر مهنئًا له فقال: أعطوه ألف دينار وقولوا له: لا تعد فأخذها ثم عاد إليه من قابل فحجبوه، ثم دخل إليه في المجلس العام فقال: ما جاء بك? قال: سمعت أنك مريض فجئت أعودك فقال: أعطوه ألف دينار قد قضيت حق العيادة فلا تعد فإني قليل الأمراض قال: فعاد من قابل ودخل في مجلس عام فقال له: ما جاء بك? قال: دعاء سمعته منك جئت لأحفظه منك قال: يا هذا! إنه غير مستجاب إني في كل سنة أدعو به أن لا تأتيني وأنت تأتيني.

مات سنة ثلاث ومائتين وله أربع وتسعون سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 294"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 1474"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 164"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1187"، والعبر "1/ 339"، وميزان الاعتدال "1/ 172"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 325"، والكاشف "1/ ترجمة 253"، وتهذيب التهذيب "1/ 202".

ص: 149

‌1480 - وهب بن جرير

(1)

: " ع".

ابن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الحافظ الصدوق الإمام أبو العباس الأزدي البصري.

ولد بعد الثلاثين ومائة.

وروى عن والده فأكثر وعن ابن عون وهشام بن حسان، وقرة بن خالد وعكرمة بن عمار وشعبة، وغالب بن سليمان والأسود بن شيبان، وسلام بن أبي مطيع، وهشام الدستوائي وموسى بن علي بن رباح، وصخر بن جويرية وعدة.

وعنه: أحمد وإسحاق ويحيى، وعلي وعمرو بن علي وأبو خيثمة، وبندار وعبد الله المسندي وعبد الله بن منير وعقبة بن مكرم، ومحمد بن رافع وابن مثنى ومحمود بن غيلان، وأحمد بن الأزهر، وأبو إسحاق الجوزاني، وأحمد بن سعيد الدارمي وأحمد بن سعيد الرباطي، والحسن بن أبي الربيع، ومحمد بن سنان القزاز ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وسليمان بن سيف الحراني ويعقوب السدوسي وخلق كثير.

أمر أحمد بن حنبل بالكتابة عنه وأكثر عنه في مسنده.

وقال أبو محمد بن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: صدوق فقيل له: وهب وروح وعثمان بن عمر? فقال: وهب أحب إلي منهما وهو صالح الحديث.

وقال النسائي، وغيره: ليس به بأس.

وقال العجلي: بصري ثقة كان عفان يتكلم فيه توفي بالمنجشانية على سته أميال من المدينة منصرفًا من الحج، فحمل حتى دفن بالبصرة.

قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يذكر عن وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني ثم قال أبو داود: جرير روى هذا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 298"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2578"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 196، 500"، "2/ 29، 47، 89"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1928"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 124"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 1993"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 318"، والعبر "1/ 258، 350"، والكاشف "3/ ترجمة 6213"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9424"، وتهذيب التهذيب "11/ 161"، وتقريب التهذيب "2/ 338"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 16".

ص: 150

عن ابن لهيعة طلبتها بمصر فما وجدت منها حديثًا واحدًا عند يحيى بن أيوب، وما فقدت منها حديثًا واحدًا من حديث ابن لهيعة، فأراها صحيفة اشتبهت على وهب بن جرير.

قال ابن سعد: مات وهب سنة ست ومائتين.

روى عثمان بن سعيد عن ابن معين: وهب بن جرير ثقة.

قلت: في تاريخ أصبهان لأبي نعيم، وعليه خطه حديث لوهب عن عبيد الله بن عمر، عن نافع وأراه وهمًا لعله عن عبد الله أخي عبيد الله فإنه لا يلحق ذلك.

وقع لنا جملة من عواليه.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا أحمد بن يوسف، والفتح بن عبد السلام قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي "ح"، وأخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح الهروي أخبرنا يوسف بن أيوب قالا: أخبرنا أبو الحسين بن النقور أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي حدثنا يحيى بن معين حدثنا وهب أخبرني أبي سمعت محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية عن بجير بن أبي بجير سمعت عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال: هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان، فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه". فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن.

أخرجه أبو داود

(1)

عن يحيى.

(1)

ضعيف: أخرجه أبو داود "3088"، وفيه علتان: الأولى ابن إسحاق، مدلس، وقد عنعنه، والثانية: جهالة بجير بن أبي بجير.

ص: 151

‌1481 - أبو عبيدة

(1)

:

الإمام العلامة البحر أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي مولاهم البصري النحوي صاحب التصانيف.

ولد في سنة عشر ومائة في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري.

حدث عن: هشام بن عروة ورؤبة بن العجاج وأبي عمرو بن العلاء وطائفة.

ولم يكن صاحب حديث وإنما أوردته لتوسعه في علم اللسان وأيام الناس.

حدث عنه: علي بن المديني وأبو عبيد القاسم بن سلام وأبو عثمان المازني، وعمر بن شبة وعلي بن المغيرة الأثرم وأبو العيناء وعدة.

حدث ببغداد بجملة من تصانيفه.

قال الجاحظ: لم يكن في الأرض جماعي ولا خارجي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة.

وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني ذكر أبا عبيدة فأحسن ذكره وصحح روايته وقال: كان لا يحكي عن العرب إلَّا الشيء الصحيح.

وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.

قال المبرد: كان هو، والأصمعي متقاربين في النحو، وكان أبو عبيدة أكمل القوم.

وقال ابن قتيبة: كان الغريب، وأيام العرب أغلب عليه، وكان لا يقيم البيت إذا أنشده ويخطئ إذ قرأ القرآن نظرًا وكان يبغض العرب وألف في مثالبها كتبًا، وكان يرى رأي الخوارج.

وقيل: إن الرشيد أقدم أبا عبيدة، وقرأ عليه بعض كتبه، وهي تقارب مائتي مصنف منها: كتاب مجاز القرآن وكتاب غريب الحديث وكتاب مقتل عثمان وكتاب أخبار الحجاج، وكان ألثغ بذيء اللسان وسخ الثوب.

وقال أبو حاتم السجستاني: كان يكرمني بناء على أنني من خوارج سجستان.

وقيل: كان يميل إلى المرد إلَّا ترى أبا نواس حيث يقول:

صلى الإله على لوط وشيعته

أبا عبيدة قل بالله آمينا

فأنت عندي بلا شك بقيتهم

منذ احتلمت وقد جاوزت سبعينا

قلت: قارب مائة عام أو كملها.

فقيل: مات سنة تسع ومائتين وقيل: مات سنة عشر.

قلت: قد كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا البصير بالفقه، واختلاف أئمة الاجتهاد بلى، وكان معافى من معرفة حكمة الأوائل، والمنطق وأقسام الفلسفة وله نظر في المعقول، ولم يقع لنا شيء من عوالي روايته.

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 315"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1175"، وتاريخ بغداد "13/ 252"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 731"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 367"، والكاشف "3/ ترجمة 5665"، والمغني "2/ ترجمة 6370"، والعبر "1/ 359"، "2/ 14، 69"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8690"، وتهذيب التهذيب "10/ 246"، وتقريب التهذيب "2/ 266"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 24".

ص: 152

‌1482 - حجاج بن محمد

(1)

: " ع"

الإمام الحجة الحافظ أبو محمد المصيصي الأعور مولى سليمان بن مجالد ترمذي الأصل سكن بغداد ثم تحول إلى المصيصة ورابط بها، ورحل الناس إليه.

سمع من: ابن جريج فأكثر، وأتقن. ومن: يونس بن أبي إسحاق وحريز بن عثمان وعمر بن ذر وشعبة وحمزة الزيات وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وإسحاق، وأبو خيثمة وأبو عبيدة بن أبي السفر، وأبو يحيى صاعقة وهارون الحمال ويوسف بن سعيد بن مسلم وهلال بن العلاء، وخلق كثير.

ذكره أحمد بن حنبل فقال: ما كان أضبطه، وأصح حديثه وأشد تعاهده للحروف! ورفع أمره جدًا وقال: كان صاحب عربية، وكان لا يقول: حدثنا ابن جريج، وإنما قرأ هو علي ابن جريج ثم ترك ذلك فبقي يقول: قال ابن جريج قد قرأ الكتب عليه، وسمع منه كتاب التفسير إملاء.

قال أبو داود السجستاني: رحل أحمد وابن معين إلى حجاج الأعور قال: وبلغني أن يحيى كتب عنه نحوًا من خمسين ألف حديث.

وقال يحيى بن معين: كان أثبت أصحاب ابن جريج.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 333، 489"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2840"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 195، 232"، "2/ 9، 16"، "3/ 13، 206"، والكنى للدولابي "2/ 94"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 708"، وتاريخ بغداد "8/ 236"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 329"، والعبر "1/ 349"، والكاشف "1/ ترجمة 952"، وميزان الاعتدال "1/ 464"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 317"، وتهذيب التهذيب "2/ 205"، وتقريب التهذيب "1/ 154"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 181"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1248"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 15".

ص: 153

قال إبراهيم بن عبد الله السلمي الخشك: حجاج بن محمد نائمًا أوثق من عبد الرزاق يقظان.

وقال محمد بن سعد: قدم حجاج بن محمد بغداد في حاجة، وكان ثقة إن شاء الله فمات ببغداد في شهر ربيع الأول سنة ست ومائتين.

قال: وقد تغير في آخر عمره حين رجع إلى بغداد.

قلت: ما هو تغيرًا يضر.

وقد قال إبراهيم الحربي الحافظ: أخبرني صديق لي قال: لما قدم حجاج بغداد في آخر مرة خلط فرآه يحيى يخلط فقال لابنه: لا تدخل على الشيخ أحدًا.

قلت: كان من أبناء الثمانين، وحديثه في دواوين الإسلام، ولا أعلم له شيئًا أنكر عليه مع سعة علمه.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن يوسف والفتح بن عبد السلام "ح"، وأخبرنا عمر بن عبد المنعم عن أبي اليمن الكندي قالوا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج بن محمد حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل

(1)

.

وبه: حدثنا حجاج عن ابن جريج حدثتني حكيمة بنت أميمة عن أمها أميمة بنت رقيقة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره قال: فوضع تحت سريره فجاء فأراده فإذا القدح ليس فيه شيء فقال لامرأة يقال لها: بركة كانت تخدم لأم حبيبة جاءت معها من الحبشة: "أين البول الذي كان في القدح"؟. قالت: شربته يا رسول الله.

أخرجه

(2)

أبو داود عن محمد بن عيسى عن حجاج.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 101"، قال: أخبرنا يحيى بن معين، به.

وأخرجه ابن سعد "1/ 101" من حديث ابن عباس، ومن حديث عمران بن مناح، وعن سعيد بن جبير، وقيس بن مخرمة قالوا جميعا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل.

وأخرجه ابن سعد "1/ 100" من حديث أبي جعفر محمد بن علي قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول، وكان قدوم أصحاب الفيل قبل ذلك للنصف من المحرم، فبين الفيل، وبين مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس وخمسون ليلة". وفي إسناده محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك، وأخرجه أحمد "4/ 215"، والترمذي "3619"، والحاكم "3/ 455 - 456" من طريق ابن إسحاق، حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن أبيه، عن جده.

(2)

صحيح لغيره: أخرجه أبو داود "24"، والنسائي "1/ 31"، والحاكم "1/ 167"، والبيهقي "1/ 99"، والطبراني في "الكبير""24/ 477"، والبغوي "194" من طرق عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، به وله شاهد عند النسائي "1/ 32 - 33" من حديث عائشة.

ص: 154

‌1483 - عبد الله بن بكر

(1)

: " ع"

ابن حبيب الحافظ الحجة أبو وهب السهمي الباهلي البصري نزيل بغداد.

مولده في خلافة هشام بن عبد الملك.

سمع أباه بكر بن حبيب شيخ العربية، وحميدًا الطويل، وابن عون وسعيد بن أبي عروبة وهشام بن حسان، وحاتم بن أبي صغيرة وشعبة وطبقتهم.

حدث عنه: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق الكوسج، ومحمود بن غيلان، وعبد الله بن منير وعبد بن حميد، وعباس الدوري ومحمد بن أحمد بن أبي العوام ومحمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة وعلي بن الحسن بن عبدويه، وآخرون وقيل: إن أبا بكر الأثرم لقيه وحمل عنه، وهذا بعيد.

وثقه أحمد بن حنبل وجماعة وكان أحد الفقهاء وأصحاب الحديث.

قال: سمعت من سعيد بن أبي عروبة في سنة إحدى، وأربعين ومائة أو سنة اثنتين يعني: أنه أخذ عنه قبل أن يتغير.

قيل: توفي في شهر المحرم سنة ثمان، ومائتين وقد قارب التسعين.

وقيل: إن أبا عمرو بن العلاء المازني وعيسى بن عمر اختلفا في كلمة: سطر وسطر، فحكما بكر بن حبيب عليهما.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 295"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 114"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 518"، "2/ 51"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 72"، وتاريخ بغداد "9/ 421"، والأنساب للسمعاني "7/ 202"، والكاشف "2/ ترجمة 2676"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 327"، وتهذيب التهذيب "5/ 62"، وتقريب التهذيب "1/ 404"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3408".

ص: 155

‌1484 - عبد الوهاب بن عطاء

(1)

: " م، (4) "

الإمام الصدوق العابد، المحدث أبو نصر البصري الخفاف مولى بني عجل سكن بغداد.

وحدث عن: حميد الطويل وسعيد الجريري وسليمان التيمي وابن عون وخالد الحذاء، وثور بن يزيد وسعيد بن أبي عروبة فأكثر عنه ومحمد بن عمرو بن علقمة، وأبي عمرو بن العلاء وروى عنه حرفه.

حمل عنه القراءة: أحمد بن جبير الأنطاكي وخلف بن هشام.

وحدث عنه: أحمد بن حنبل، وعمرو الناقد والحسن بن محمد الزعفراني، وعباس الدوري، ويحيى بن جعفر والحارث بن أبي أسامة وخلق كثير.

قال ابن سعد: كان كثير الحديث لزم ابن أبي عروبة وعرف بصحبته.

وقال يحيى بن معين: ثقة وكذا قال الدارقطني وغيره.

وروى أنه كان عبدًا صالحًا بكاء.

وقال البخاري: ليس بالقوي.

وقال أحمد بن حنبل: كان عبد الوهاب يقرأ عند سعيد تصانيفه فكان عبد الله الأفطس يقول: حدثنا عبد الوهاب طَرِّبْ طَرِّبْ قال: وكان يحيى بن سعيد القطان حسن الرأي فيه.

وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: أعبد الوهاب ثقة? قال: تدري ما تقول? الثقة يحيى القطان!

وروى الأثرم عن أحمد قال: كان عبد الوهاب عالمًا بسعيد.

وقال يحيى بن جعفر: بلغنا أنه كان مستملي سعيد وكان أكثر الناس بكاء.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 333"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1824"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 374"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1043"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 372"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1436"، وتاريخ بغداد "11/ 21"، والكاشف "2/ ترجمة 3568"، والمغني "2/ ترجمة 3895"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5322"، والعبر "1/ 346"، "2/ 10، 51: "، وتهذيب التهذيب "6/ 450"، وتقريب التهذيب "1/ 528"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 1510"، وشذرات الذهب "2/ 13".

ص: 156

وقال أبو زرعة: هو أصلح من علي بن عاصم روى عن ثور حديثين ليسا من حديثه.

قلت: أحدهما في العباس: "اللهم اخلفه في ولده"

(1)

. حسنه الترمذي.

توفي في آخر سنة أربع ومائتين.

وروى الميموني عن أحمد قال: ضعيف الحديث مضطرب.

قلت: حديثه في درجة الحسن.

(1)

أخرجه الترمذي "3762" حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن حذيفة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "إذا كان غداة الاثنين فأتني أنت وولدك حتى أدعو لك بدعوة ينفعك الله بها وولدك"، فغدا وغدونا معه وألبسنا كساء ثم قال:"اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا، اللهم احفظه في ولده".

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وقال الذهبي في ترجمة "عبد الوهاب بن عطاء الخفاف" في "ميزان الاعتدال": -"قال صالح جزرة: أنكروا على الخفاف حديث ثور في فضل العباس، ما أنكروا عليه غيره. وكان ابن معين يقول: هذا موضوع؛ فلعل الخفاف دلسه، فإنه بلفظة "عن". ثم ذكر الذهبي الحديث من طريقه هذا.

وقال الحافظ في "التقريب": أنكروا عليه حديثا في فضل العباس، يقال: دلسه عن ثور.

ص: 157

‌1485 - الواقدي

(1)

:

محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم الواقدي المديني القاضي صاحب التصانيف، والمغازي العلامة الإمام أبو عبد الله أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه.

ولد بعد العشرين، ومائة.

وطلب العلم عام بضعة وأربعين. وسمع من: صغار التابعين فمن بعدهم بالحجاز والشام وغير ذلك.

حدث عن: محمد بن عجلان وابن جريج وثور بن يزيد، ومعمر بن راشد وأسامة بن زيد الليثي، وكثير بن زيد وعبد الحميد بن جعفر والضحاك بن عثمان، وابن أبي ذئب وأفلح بن حميد والأوزاعي، وهشام بن الغاز وأبي بكر بن أبي سبرة ومالك وفليح بن سليمان وخلق كثير إلى الغاية من عوام المدنيين.

وجمع فأوعى وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم.

حدث عنه: محمد بن سعد كاتبه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي، ومحمد بن شجاع الثلجي وسليمان بن داود الشاذكوني، ومحمد بن يحيى الأزدي، وأحمد بن عبيد بن ناصح وأبو بكر الصاغاني، والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن الفرج الأزرق وأحمد بن الوليد الفحام، وأحمد بن الخليل البرجلاني وعبد الله بن الحسن الهاشمي وعدة.

الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم نزل ندافع أمر الواقدي حتى روى عن: معمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفعمياوان أنتما؟ "

(2)

. فجاء بشيء لا حيلة فيه فهذا حديث يونس ما رواه غيره عن الزهري.

قال الحافظ ابن عساكره: ورواه الذهلي أخبرنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 425"، "7/ 334"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 543"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 531"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1666"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 92"، والمجروحين لابن حبان "2/ 290"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1719"، وتاريخ بغداد "3/ 3"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 644"، والكاشف "3/ ترجمة 5160"، وتهذيب التهذيب "9/ 363"، وتقريب التهذيب "2/ 194"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6538"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 18".

(2)

ضعيف: أخرجه أبو داود "4112"، والترمذي "2778"، وأحمد "6/ 296"، والبيهقي "7/ 91، 92" من طريق الزهري قال: حدثنا نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه. فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ ".

وقال الترمذي: حسن صحيح.

قلت: إسناده ضعيف، آفته نبهان مولى أم سلمة، فإنه مجهول، وله شاهد: عن أبي بكر الشافعي في "الفوائد""2/ 4 - 5"، من طريق وهب بن حفص 3، أخبرنا محمد بن سليمان، أخبرنا معتمر بن سليمان عن أبيه، عن أبي عثمان، عن أسامة قال: كانت عائشة وحفصة عند النبي صلى الله عليه وسلم جالستين، فجاء ابن أم مكتوم الحديث.

قلت: إسناده واه بمرة، آفته وهب بن حفص البجلي الحراني، فإنه كذاب؛ كذبه الحافظ أبو عروبة وقال الدارقطني: كان يضع الحديث.

ص: 158

وقال الرمادي: لما حدثني سعيد بن أبي مريم بهذا، ضحكت فقال: مم تضحك? فأخبرته بما قال علي بن المديني: وكتب إليه أحمد يقول: هذا حديث تفرد به يونس، وهذا أنت تحدث به عن نافع بن يزيد عن عقيل فقال: إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزهري قال: وفيما كتب أحمد إلى ابن المديني: كيف تستحل تروي عن رجل يروي عن معمر حديث نبهان مكاتب أم سلمة?

رواه الحافظ محمد بن المظفر عن عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، عن الرمادي.

إبراهيم بن جابر الحافظ: سمعت الرمادي، وحدث بحديث عقيل عن ابن شهاب فقال: هذا مما ظلم فيه الواقدي.

قال محمد بن سعد: محمد بن عمر الواقدي مولى لبني أسلم ثم بني سهم بطن من أسلم، ولي القضاء ببغداد للمأمون أربع سنين، وكان عالمًا بالمغازي والسيرة والفتوح، والأحكام واختلاف الناس، وقد فسر ذلك في كتب استخرجها ووضعها، وحدث بها أخبرني أنه ولد سنة ثلاثين ومائة.

وقال ابن سعد في الطبقات الكبير: هو مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي، قدم بغداد في دين لحقه سنة ثمانين ومائة فلم يزل بها، وخرج إلى الشام والرقة، ثم رجع فولاه المأمون القضاء، إذ قدم من خراسان، ولاه القضاء بعسكر المهدي فلم يزل قاضيًا حتى مات ببغداد لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين.

وذكره البخاري فقال: سكتوا عنه تركه أحمد، وابن نمير.

وقال مسلم، وغيره: متروك الحديث.

وقال النسائي: ليس بثقة.

وقال الخطيب: هو ممن طبق ذكره شرق الأرض، وغربها، وسارت بكتبه الركبان في فنون العلم من المغازي، والسير والطبقات والفقه، وكان جوادًا كريمًا مشهورًا بالسخاء.

قال محمد بن سلام الجمحي: الواقدي عالم دهره.

وقال إبراهيم الحربي: الواقدي أمين الناس على أهل الإسلام كان أعلم الناس بأمر الإسلام. قال: فأما الجاهلية فلم يعلم فيها شيئًا. وقال موسى بن هارون: سمعت مصعبًا الزبيري يذكر الواقدي فقال: والله ما رأينا مثله قط.

ص: 159

وعن الدراوردي، وذكر الواقدي فقال: ذاك أمير المؤمنين في الحديث. رواها يعقوب الفسوي عن عبيد بن أبي الفرج عن يعقوب مولى آل عبيد الله عنه.

وعن الواقدي قال: كانت ألواحي تضيع فأوتي بها من شهرتها بالمدينة يقال: هذه ألواح ابن واقد.

قد كانت للواقدي في وقته جلالة عجيبة، ووقع في النفوس بحيث إن أبا عامر العقدي قال: نحن نسأل عن الواقدي? ما كان يفيدنا الشيوخ والحديث إلَّا الواقدي.

وقال مصعب الزبيري: حدثني من سمع عبد الله بن المبارك يقول: كنت أقدم المدينة فما يفيدني ويدلني على الشيوخ إلَّا الواقدي.

وقال معاوية بن صالح الدمشقي: حدثني سيد بن داود قال: كنا عند هشيم فدخل الواقدي فسأله هشيم عن باب: ما يحفظ فيه؟ فقال: ما لا عندك يا أبا معاوية فذكر خمسة أحاديث أو ستة في الباب ثم قال هشيم للواقدي: ما عندك? فحدثه بثلاثين حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتابعين ثم قال: وسألت مالكًا، وسألت ابن أبي ذئب وسألت وسألت فرأيت وجه هشيم يتغير فلما خرج قال هشيم: لئن كان كذابًا فما هي الدنيا مثله، وإن كان صادقًا فما في الدنيا مثله.

أحمد بن علي الأبار: سمعت مجاهد بن موسى يقول: ما كتبنا عن أحد أحفظ من الواقدي.

وقال إبراهيم الحربي: قال سليمان الشاذكوني: كتبت ورقة من حديث الواقدي، وجعلت فيها حديثًا عن مالك لم يروه إلَّا ابن مهدي عنه، ثم أتيت بها الواقدي فحدثني إلى أن بلغ الحديث فتركني، وقام ثم أتى فقال لي: هذا الحديث سأل عنه إنسان بغيض لمالك فلم أكتبه ثم حدثني به.

قال محمد بن جرير: قال ابن سعد: كان الواقدي يقول: ما من أحد إلَّا، وكتبه أكثر من حفظه وحفظي أكثر من كتبي.

قال يعقوب بن شيبة: لما انتقل الواقدي من جانب الغربي يقال: إنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر.

وعن أبي حذافة السهمي قال: كان للواقدي ست مائة قمطر كتب.

قال إبراهيم الحربي: سمعت المسيبي يقول: رأينا الواقدي يومًا جالسًا إلى أسطوانة في

ص: 160

مسجد المدينة، وهو يدرس فقلنا: أي شيء تدرس? فقال: جزئي من المغازي، وقلنا يومًا له: هذا الذي تجمع الرجال تقول: حدثنا فلان وفلان وجئت بمتن واحد لو حدثتنا بحديث كل واحد على حدة فقال: يطول قلنا له: قد رضينا فغاب عنا جمعة ثم جاءنا بغزوة أحد في عشرين جلدًا فقلنا: ردنا إلى الأمر الأول.

قال أبو بكر الخطيب: كان الواقدي مع ما ذكرناه من سعة علمه، وكثرة حفظه لا يحفظ القرآن: فأنبأني الحسين بن محمد الرافقي حدثنا أحمد بن كامل القاضي، حدثني محمد بن موسى البربري قال: قال المأمون للواقدي: أريد أن تصلي الجمعة غدًا بالناس فامتنع قال: لا بد فقال: والله ما أحفظ سورة الجمعة قال: فأنا أحفظك فجعل المأمون يلقنه سورة الجمعة حتى بلغ النصف منها فإذا حفظه ابتدأ بالنصف الثاني فإذا حفظه نسي الأول فأتعب المأمون، ونعس فقال لعلي بن صالح: حفظه أنت قال علي: ففعلت فبقي كلما حفظته شيئًا نسي شيئًا فاستيقظ المأمون فقال لي: ما فعلت? فأخبرته فقال: هذا رجل يحفظ التأويل، ولا يحفظ التنزيل اذهب فصل بهم واقرأ أي سورة شئت.

فهذه حكاية مرسلة والبربري: فحافظ.

قال إبراهيم بن جابر الفقيه: سمعت أبا بكر الصاغاني، وذكر الواقدي فقال: والله لولا أنه عندي ثقة ما حدثت عنه قد حدث عنه: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيد وسمى غيرهما.

وقال إبراهيم الحربي: سمعت مصعب بن عبد الله يقول: الواقدي ثقة مأمون.

وسئل معن بن عيسى عن الواقدي فقال: أنا أسأل عن الواقدي? الواقدي يسأل عني.

وسألت ابن نمير عنه فقال: أما حديثه ههنا فمستو وأما حديث أهل المدينة فهم أعلم به.

وروى جابر بن كردي عن يزيد بن هارون قال: الواقدي ثقة.

الحربي: سمعت أبا عبد الله يقول: الواقدي ثقة قال الحربي: أما فقه أبي عبيد فمن كتب الواقدي: الاختلاف، والإجماع كان عنده ثم قال إبراهيم الحربي: وهو إمام كبير، وإن أخطأ في اجتهاده هذا من قال: إن مسائل مالك، وابن أبي ذئب تؤخذ عمن هو أوثق من الواقدي فلا يصدق؛ لأنه قال: سألت مالكًا، وسألت ابن أبي ذئب.

قال أبو داود السجستاني: أخبرني مع سمع علي بن المديني يقول: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب.

ص: 161

وروى عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه قال: عند الواقدي عشرون ألف حديث لم أسمع بها ثم قال: لا يروى عنه وضعفه.

وعن يحيى بن معين قال: أغرب الواقدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ألف حديث.

وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: كتب الواقدي كذب.

المغيرة بن محمد المهلبي: سمعت ابن المديني يقول: الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي.

قلت: أجمعوا على ضعف الهيثم.

أحمد بن زهير، عن ابن معين قال: ليس الواقدي بشيء، وقال مرة: لا يكتب حديثه الدولابي: حدثنا معاوية بن صالح قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب.

النسائي في الكنى: أخبرنا عبد الله بن أحمد الخفاف، قال: قال إسحاق: هو عندي ممن يضع الحديث يعني: الواقدي.

أبو إسحاق الجوزجاني: لم يكن الواقدي مقنعًا ذكرت لأحمد موته يوم مات ببغداد فقال: جعلت كتبه ظهائر للكتب منذ حين.

وقال البخاري: ما عندي للواقدي حرف، وما عرفت من حديثه فلا أقنع به.

وقال أبو داود: لا أكتب حديثه ما أشك أنه كان ينقل الحديث لا ينظر للواقدي في كتاب إلَّا تبين أمره فيه روى في فتح اليمن وخبر العنسي أحاديث عن الزهري، ليست من حديثه، وكان أحمد لا يذكر عنه كلمة.

قال النسائي: المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد بالشام.

وقال أبو زرعة: ترك الناس حديث الواقدي.

قلت: لا شيء للواقدي في الكتب الستة إلَّا حديث واحد عند ابن ماجة حدثنا ابن أبي شيبة، حدثنا شيخ لنا فما جسر ابن ماجه أن يفصح به، وما ذاك إلَّا لوهن الواقدي عند العلماء ويقولون: إن ما رواه عنه كاتبه في الطبقات هو أمثل قليلًا من رواية الغير عنه.

قال أبو بكر بن الأنباري: حدثنا أبي حدثنا أبو عكرمة الضبي حدثنا العنبري قال: قال الواقدي: كنت حناطًا بالمدينة في يدي مائة ألف درهم للناس أضارب بها، فتلفت

ص: 162

الدراهم فشخصت إلى العراق، فأتيت يحيى بن خالد البرمكي في دهليزه، وآنست الخدم وسألتهم أن يوصلوني إليه فقالوا: إذا قدم الطعام إليه لم يحجب عنه أحد، ونحن ندخلك قال: فأدخلوني فأجلسوني على المائدة فقال: من أنت? وما قصتك? فأخبرته فلما رفع الطعام، دنوت لأقبل رأسه فاشمأز من ذلك، فلما خرجت لحقني خادم بألف دينار، وقال: الوزير يقرأ عليك السلام ويقول: استعن بهذه، وعد إلينا. قال: فعدت من الغد فوصلني بألف دينار أخرى، وفي اليوم الثالث بألف وقال: لم يمنعني أن أدعك تقبل رأسي إلَّا أنه لم يكن وصلك من معروفنا ما يوجب ذلك يا غلام! أعطه الدار الفلانية وأعطه مائتي ألف درهم، ثم قال: الزمني، وكن عندي. فقلت: أعز الله الوزير لو أذنت لي في الشخوص إلى المدينة لأقضي الناس أموالهم، وأعود. قال: قد فعلت وأمر بتجهيزي قال: فقضيت ديني ورجعت فلم أزل في ناحيته.

وروى حسين بن فهم، عن أحمد بن مسبح: حدثنا عبيد الله بن عبد الله قال: قال لي الواقدي: حج هارون الرشيد فورد المدينة فقال ليحيى بن خالد: ارتد لي رجلًا عارفًا بالمدينة والمشاهد، وكيف كان نزول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ومن أي وجه كان يأتيه، وقبور الشهداء؟ فسأل يحيى فكل أحد دله علي فبعث إلي فأتيته فواعدني إلى عشاء الآخرة، فإذا شموع فلم أدع مشهدًا، ولا موضعًا إلَّا أريتهما فجعلا يصليان، ويجتهدان في الدعاء فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر ثم أمر لي بكرة بعشرة آلاف درهم، وقال لي الوزير: لا عليك أن تلقانا حيث كنا قال: فاتسعنا وزوجنا بعض الولد ثم إن الدهر أعضنا فقالت لي أم عبد الله: ما قعودك? فقدمت العراق فسألت عن أمير المؤمنين فقالوا: هو بالرقة. فمضيت إليها وطلبت الإذن على يحيى فصعب فأتيت أبا البختري، وهو في عارف فقال: أخطأت على نفسك، وسأذكرك له وقلت نفقتي وتحرقت ثيابي فرجعت مرة في سفينة ومرة أمشي حتى وردت السيلحين فبينا أنا في سوقها إذ بقافلة من بغداد من أهل المدينة، وإن صاحبهم بكارًا الزبيري أخرجه أمير المؤمنين ليوليه قضاء المدينة وهو أصدق الناس لي فقلت: أدعه حتى ينزل ويستقر. ثم أتيته فاستخبرني أمري فقال: أما علمت أن أبا البختري لا يحب أن يذكرك لأحد قلت: أصير إلى المدينة قال: هذا رأي خطأ ولكن صر معي، فأنا الذاكر ليحيى بن خالد أمرك قال: فصرت معهم إلى الرقة فلما كان من الغد ذهبت إلى باب الوزير، فإذا الزبيري قد خرج فقال: أبا عبد الله! أنسيت أمرك قف حتى أدخل إليه، فدخل ثم خرج الحاجب فقال لي: ادخل فدخلت في حال خسيسة، وقد بقي من رمضان ثلاثة أو أربعة أيام فلما رآني يحيى في تلك الحال رأيت

ص: 163

الغم في وجهه فقرب مجلسي، وعنده قوم يحادثونه فجعل يذاكرني الحديث بعد الحديث.

وقال: أفطر عندنا فأفطرت عنده وأعطاني خمس مائة دينار وقال: عد إلينا فذهبت فتجملت، واكتسيت، ولقيت الزبيري فلما رآني بتلك الحال سر، وأخبرته الخبر ولم يزل الوزير يقربني، ويوصلني كل ليلة خمس مائة دينار إلى ليلة العيد فقال لي: يا أبا عبد الله تزين غدًا لأمير المؤمنين بأحسن زي للقضاة، واعترض له فإنه سيسألني عن خبرك فأخبره.

ففعلت قال: وجعل أمير المؤمنين يلحظني في الموكب ثم نزلنا، ومضيت مع يحيى بن خالد فقال لي: يا أبا عبد الله ما زال أمير المؤمنين يسألني عنك فأخبرته بخبر حجنا وقد أمر بثلاثين ألف درهم ثم تجهزت إلى المدينة، وكيف ألام على حب يحيى؟ وساق حكاية طويلة.

قال أبو عكرمة الضبي: حدثنا سليمان بن أبي شيخ حدثنا الواقدي قال: أضقت مرة وأنا مع يحيى بن خالد، وحضر عيد فجاءتني الجارية فقالت: ليس عندنا من آلة العيد شيء فمضيت إلى تاجر صديق لي ليقرضني، فأخرج إلي كيسًا مختومًا فيه ألف دينار ومائتا درهم فأخذته فما استقررت في منزلي حتى جاءني صديق لي هاشمي فشكا إلي تأخر غلته وحاجته إلى القرض، فدخلت إلى زوجتي فأخبرتها فقالت: على أي شيء عزمت? قلت: على أن أقاسمه الكيس قالت: ما صنعت شيئًا أتيت رجلًا سوقة فأعطاك ألفًا ومائتي درهم، وجاءك رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم تعطيه نصف ما أعطاك السوقة? فأخرجت الكيس كله إليه فمضى فذهب صديقي التاجر إلى الهاشمي، وكان صاحبه فسأله القرض، فأخرج الهاشمي إليه الكيس بعينه فعرفه التاجر، وانصرف إلي فحدثني بالأمر. قال: وجاءني رسول يحيى يقول: إنما تأخر رسولنا عنك لشغلي فركبت إليه فأخبرته أمر الكيس فقال: يا غلام! هات تلك الدنانير فجاءه بعشرة آلاف دينار فقال: خذ ألفي دينار لك، وألفي دينار للتاجر وألفين للهاشمي وأربعة آلاف لزوجتك فإنها أكرمكم.

رواها المعافى والدارقطني عن ابن الأنباري حدثنا أبي حدثنا أبو عكرمة.

وقد روي بإسناد آخر إلى الواقدي نحو منها لكن أمر له بخمس مائة دينار، ولكل من الثلاثة بمائتي دينار وهذا أشبه.

قال الحسن بن شاذان عنه: صار إلي من السلطان ستة مائة ألف درهم ما وجبت علي زكاة فيها.

ص: 164

قال عباس الدوري: مات الواقدي وهو على القضاء، وليس له كفن فبعث المأمون بأكفانه.

وقال البخاري: مات الواقدي في ذي الحجة سنة سبع ومائتين.

قرأت على المؤيد علي بن إبراهيم بن يحيى الكاتب أخبرنا عبد الرحيم بن نجم، أخبرتنا فخر النساء شهدة، وأخبرنا المؤيد أخبرنا علي بن باسويه المقرئ أخبرنا أبو السعادات القزاز قالا: أخبرنا محمد بن عبد الكريم الخشيشي أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا محمد بن جعفر الأدمي القارئ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن عمر الواقدي، حدثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود يولد إلَّا الشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه إلَّا مريم وابنها". ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم}

(1)

[آل عمران: 36].

قرأت على أبي الفهم بن أحمد السلمي أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا مالك بن أحمد البانياسي حدثنا علي بن محمد المعدل، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن الفرج، حدثنا الواقدي حدثنا عاصم بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة عن أبي أروى السدوسي قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا فطلع أبو بكر، وعمر فقال:"الحمد لله الذي أيدني بكما"

(2)

.

أخبرنا إسماعيل بن الفراء، أخبرنا ابن قدامة أخبرنا ابن البطي أخبرنا النعالي أخبرنا ابن بشران، أخبرنا ابن البختري حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا الواقدي حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد الحميري قال: "هو أول من كسا البيت"

(3)

.

وقد تقرر أن الواقدي ضعيف يحتاج إليه في الغزوات، والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج أما في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر فهذه الكتب الستة ومسند أحمد، وعامة من جمع في الأحكام نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء بل متروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئًا مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه، ويروى؛ لأني لا أتهمه بالوضع وقول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه: كيزيد، وأبي عبيد والصاغاني والحربي، ومعن وتمام عشرة محدثين إذ قد انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة، وأن حديثه في عداد الواهي رحمه الله.

(1)

صحيح: وهذا إسناد واه آفته الواقدي، فإنه متروك. والحديث أخرجه البخاري "3431"، ومسلم "2366".

(2)

ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 74"، وفي الإسناد الواقدي، متروك. وفيه عاصم بن عمر بن حفص العمري، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.

(3)

ضعيف جدا: فيه الواقدي، وهو متروك.

ص: 165

‌1486 - العقدي

(1)

: " ع"

الإمام، الحافظ، محدث البصرة أبو عامر عبد الملك بن عمرو القيسي العقدي البصري.

حدث عن: زكريا بن إسحاق، وأيمن بن نابل وأفلح بن حميد وقرة بن خالد، ومحمد بن أبي حميد، وعمر بن أبي زائدة وعكرمة بن عمار، ورباح بن أبي معروف، وأفلح بن سعيد وشعبة، ومالك وإبراهيم بن طهمان وحماد بن سلمة وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد وابن راهويه وأبو خيثمة وإسحاق الكوسج، وأحمد بن الفرات وعباس الدوري، ومحمد بن شداد المسمعي ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد بن حميد ومحمد بن يونس الكديمي وخلق كثير.

وكان من مشايخ الإسلام وثقات النقلة ذكره النسائي فقال: ثقة مأمون.

وقال محمد بن سنان القزاز وهو من الرواة عنه: هو مولى للعقديين من بني قيس، وكان لا يخضب وقال غيره: كان من حفاظ أهل البصرة.

قلت: يقع حديثه عاليًا في "الغيلانيات"

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 299"، والتاريخ الكبير "5/ 1382"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 332"، "2/ 111، 145"، "3/ 74"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1698"، والإكمال لابن ماكولا "6/ 351"، والأنساب للسمعاني "9/ 16"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 333"، والكاشف "2/ ترجمة 3514"، والعبر "1/ 347"، وتهذيب التهذيب "6/ 409"، وتقريب التهذيب "1/ 521"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4446"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 14".

(2)

سبق تعريفنا بالغيلانيات في هذا الجزء بتعليقنا رقم "130".

ص: 166

قال محمد بن سعد ونصر الجهضمي: مات في سنة أربع ومائتين.

أخبرنا ابن أبي عمرو أبو الغنائم القيسي، وجماعة في كتابهم قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن الحصين أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن شداد المسمعي، حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا قرة عن الحسن، قال: جاء مسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام من عنده قال: "هذا يبعث هلكة لقومه"

(1)

.

أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله، وعبد الدائم الوزان، وعلي ابن محمد الحنبلي، وأبو بكر بن عبد الله بن عمر، وأحمد بن عبد الرحمن الوراق، وعمر بن أبي بكر الأباري قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا أبو عاصم الفضيلي، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، حدثنا يحيى يعني: ابن صاعد حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا عبيد الله بن إسحاق عن أبيه عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون، وما فسد عليكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله". يعني: المملوكين.

هذا حديث غريب، فرد، وعبيد الله هذا: ذكره ابن أبي حاتم، وأنه يروي عن أبيه، وما غمزهما، والمتن محفوظ بإسناد آخر

(2)

.

(1)

ضعيف: فيه محمد بن شداد، ضعيف. وكذا قرة ضعيف أيضا وهو مرسل فهذه ثلاث علل.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "30"، ومسلم "1661""40"، من طريق شعبة، عن واصل الأحدب، عن المعور بن سويد قال: رأيت أبا ذر وعليه حلة وعلى غلامه مثلها فسألته عن ذلك؟ قال: فذكر أنه ساب رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه. قال: فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم. فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك امرؤ فيك جاهلية. إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه، فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه".

ص: 167

‌1487 - يحيى بن سعيد العطار

(1)

:

الإمام، المحدث، الصدوق أبو زكريا الأنصاري الحمصي.

روى عن: يونس بن يزيد وحريز بن عثمان والمسعودي وفضيل بن مرزوق، ومحمد بن عبد الرحمن بن عرق اليحصبي ويحيى بن أيوب المصري، وأبي غسان محمد بن مطرف.

وعنه: أبو همام ومحمد بن مصفى وأبو التقي اليزني، ومحمد بن عمرو بن حنان وآخرون.

وثقه ابن مصفى. وضعفه: ابن معين والدارقطني.

وقال ابن خزيمة: لا يحتج به.

وهو مصنف كتاب حفظ اللسان.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2985"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2026" والجرح والتعديل "9/ ترجمة 628"، والمجروحين لابن حبان "3/ 123"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2098"، والأنساب للسمعاني "8/ 474"، والمغني "2/ ترجمة 6974"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9519"، وتهذيب التهذيب "11/ 220"، وتقريب التهذيب "2/ 348".

ص: 168

‌1488 - يونس بن محمد المؤدب

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الثقة أبو محمد البغدادي. واسم جده: مسلم.

حدث عن: داود بن أبي الفرات وشيبان النحوي، وحرب بن صفوان الكبير، وفليح بن سليمان، والقاسم بن الفضل الحداني ونافع بن عمر الجمحي، والحمادين وسلام بن أبي مطيع والليث ابن سعد، ويعقوب القمي وشريك، والصعق بن حزن، ومحمد بن علي عم الشافعي، وعبد الواحد بن زياد، ومفضل بن فضالة المصري، وأم الأسود الخزاعية، وأم نهار البصرية التي تروي عن أنس، وعن خلق سواهم.

وعنه: أحمد بن حنبل وأبو خيثمة وأبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله المسندي، وعبد بن حميد، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وعباس الدوري، ومحمد بن عبيد الله بن المنادى، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبو إسحاق الجوزجاني، وابنه حرمي بن يونس واسمه إبراهيم، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وأحمد بن الخليل النيسابوري، وحسين بن عيسى البسطامي، وخلق كثير.

وثقه يحيى بن معين وغيره.

وقال أبو حاتم: صدوق. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثقة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 337"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3517"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1033"، وتاريخ بغداد "14/ 350"، والكاشف "3/ ترجمة 6593"، والعبر "1/ 356"، وتهذيب التهذيب "11/ 447"، وتقريب التهذيب "2/ 386".

ص: 168

وقد وهم صاحب الكمال

(1)

، وزعم أنه روى عن: عبد الوهاب بن بخت، وعبيد الله بن عمر وهذا مستحيل.

وقد اختلفوا في وفاته: فقال أبو حسان الزيادي وابن حبان: سنة سبع ومائتين زاد ابن حبان: في تاسع صفر.

وقال ابن سعد وخليفة ومطين: سنة ثمان زاد ابن سعد فقال: يوم الثلاثاء، لسبع خلون من صفر.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه، أخبرنا أحمد بن المقرب أخبرنا طراد بن محمد النقيب أخبرنا علي بن عبد الله الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمرو حدثنا محمد ابن عبيد الله، حدثنا يونس بن محمد حدثنا أبو أويس عن ابن شهاب عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر عن أبيهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الشؤم في الفرس والمرأة والدار".

متفق عليه من حديث ابن شهاب

(2)

. ويرويه النسائي عن محمد بن نصر النيسابوري عن أيوب بن سليمان، عن أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال، عن موسى بن عقبة، وآخر عن ابن شهاب فكأن ابن المقرب الكرخي سمعه من النسائي.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد بقراءتي، أخبرنا موسى بن عبد القادر وأخبرنا أبو الحسين

(1)

صاحب الكمال: هو الحافظ بعد الغني بن عبد الواحد بن علي سرور بن رافع، أبو محمد المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي، صاحب التصانيف. ولد في سنة إحدى وأربعين وخمس مائة.

كان كثير العبادة ورعا متمسكا بالسنة على قانون السلف تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره أهل التأويل من الفقهاء وشنعوا عليه؛ فعقد له مجلس بدار السلطان بدمشق فأصر، وأباحوا قتله، فشفع فيه أمراء الأكراد على أن يبرح من دمشق، فذهب إلى مصر، وأقام بها خاملا إلى حين وفاته. توفي رحمه الله يوم الاثنين الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست مائة.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 972"، والطيالسي "1821"، وأحمد "2/ 8، 115، 126، 136"، والبخاري "5093"، "5772"، وفي "الأدب المفرد""916"، ومسلم "2225"، وأبو داود "3922"، والنسائي "6/ 220"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 313"، والقضاعي في "مسند الشهاب""294"، والبغوي "2244" من طرق عن الزهري، به.

وورد عن سهل رضي الله عنه: عند مالك "2/ 972"، وأحمد "5/ 333، 338"، والبخاري "2859"، "5095"، ومسلم "2226"، وابن ماجه "1994"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 314"، والطبراني في "الكبير""5770" كلهم من طريق مالك عن أبي حازم، عن سهل، به.

ص: 169

ابن الفقيه، وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر قالا: أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد الله بن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان، عن قتادة حدثنا أنس بن مالك: أن رجلًا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة? قال: "إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه في النار".

أخرجه

(1)

مسلم عن ابن حميد فوافقناه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4760"، ومسلم "2806" من طريق يونس بن محمد، به.

ص: 170

‌1489 - يعلى بن عبيد

(1)

: " ع"

ابن أبي أمية الحافظ الثقة الإمام أبو يوسف الطنافسي، الكوفي أحد الأخوة.

حدث عن: يحيى بن سعيد الأنصاري، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وعبد الملك بن أبي سليمان، وأبي حيان التيمي، وزكريا بن أبي زائدة، وابن إسحاق وسفيان الثوري، ومسعر وخلق.

وعنه: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمود بن غيلان، وهارون الحمال وعلي بن حرب، وعبد بن حميد ومحمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن الفرات، وعدد كثير.

وانتهى إليه علو الإسناد بالكوفة مع جعفر بن عون.

قال أحمد بن حنبل: كان صحيح الحديث صالحًا في نفسه.

وروى الكوسج عن يحيى بن معين: ثقة.

وقال سعيد بن أيوب البخاري: كان يعلى بن عبيد يحفظ عامة حديثه أو جميع ما عنده، وما رأيت أحفظ من وكيع.

وقال أبو حاتم الرازي: هو أثبت أولاد أبيه في الحديث.

وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: ما رأيت أفضل من يعلى بن عبيد، وما رأيت أحدًا يريد بعلمه الله إلَّا يعلى بن عبيد رحمه الله.

وقال أحمد بن الفرات: ما رأيت يعلى ضاحكًا قط.

وقيل: لم يكن يعلى بالمتقن لما حمل عن سفيان الثوري.

قال ابن سعد: مات بالكوفة في خامس شوال سنة تسع ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 397"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3552"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1312"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 316"، والكاشف "3/ ترجمة 6532"، والمغني "2/ ترجمة 7211" والعبر "1/ 357"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9838"، وتهذيب التهذيب "11/ 402"، وتقريب التهذيب "2/ 378"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 23".

ص: 170

‌1490 - أبو حذيفة

(1)

:

الشيخ العالم القصاص الضعيف التالف أبو حذيفة إسحاق بن بشر بن محمد بن عبد الله بن سالم الهاشمي مولاهم، البخاري مصنف كتاب المبتدأ، وهو كتاب مشهور في مجلدتين ينقل منه ابن جرير فمن دونه، حدث فيه ببلايا وموضوعات.

عن: الأعمش وابن أبي خالد، وابن جريج وابن إسحاق، وعبد الله بن طاووس، وجويبر بن سعيد ومقاتل بن سليمان وعدد كثير.

وعنه: سلمة بن شبيب وأحمد بن حفص ومحمد بن يزيد النيسابوريون ومحمد بن قدامة البخاري وإسماعيل بن عيسى العطار، وعلي بن حرب الجنديسابوري.

قال مكي بن عبدان: حدثنا محمد بن عمر الداربجردي حدثنا أبو حذيفة البخاري ثقة عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من طاف بالبيت فليستلم الأركان كلها"

(2)

.

قلت: لا يفرح بتوثيق هذا الرجل فالحديث كما تشاهد باطل.

قال مسلم: أبو حذيفة تركوا حديثه.

وقال ابن المديني: كذاب كان يحدث عن ابن طاووس وابن طاووس مات قبل أن يولد.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 116"، والمجروحين لابن حبان "1/ 135"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 164"، وتاريخ بغداد "6/ 326"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 70"، والعبر "1/ 348"، وميزان الاعتدال "1/ 184"، ولسان الميزان "1/ 354"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 15".

(2)

باطل: متنه من أبطل الباطل والإسناد واه، فيه أبو حذيفة، متروك. والعلة الثانية ابن جريج مدلس، وقد عنعنه.

ص: 171

وقال الدارقطني: متروك الحديث.

وقال أحمد بن سيار: يروي عمن لم يدرك، وكان يزن بحفظ.

وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات قد روى عن: الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مرض يوم يكفر ثلاثين سنة"

(1)

.

قلت: خلط ابن حبان ترجمة هذا بترجمة إسحاق بن بشر الكاهلي الكوفي، أحد الهلكى أيضًا.

مات أبو حذيفة: ببخارى في رجب سنة ست ومائتين. قاله: غنجار

(2)

.

(1)

باطل: أخرجه ابن حبان في "المجروحين""1/ 136"، وفيه أبو حذيفة، وهو متروك كما ذكر العلماء في ترجمته المظلمة.

(2)

غنجار: هو الحافظ العالم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل البخاري صاحب "تاريخ بخارى". مات في سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.

ص: 172

‌1491 - أبو عاصم

(1)

: " ع".

الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم بن الضحاك، الإمام الحافظ شيخ المحدثين الأثبات أبو عاصم الشيباني مولاهم ويقال: من أنفسهم البصري، وأمه: من آل الزبير، وكان يبيع الحرير. ولد سنة اثنتين وعشرين ومائة.

وحدث عن: يزيد بن أبي عبيد، وأيمن بن نابل، وبهز بن حكيم، وسليمان التيمي أحرفا من التفسير، وحنظلة بن أبي سفيان وزكريا بن إسحاق، وهشام بن حسان، وابن عجلان، وعثمان بن سعد الكاتب، وحيوة بن شريح وجرير بن حازم، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وثور بن يزيد، وجعفر الصادق، وجعفر بن يحيى بن ثوبان، وحجاج بن أبي عثمان الصواف وابن عون، وعبد الحميد بن جعفر، وإسماعيل بن عبد الملك، وإسماعيل بن رافع وأشعث بن عبد الله، وابن جريج وشبيب بن بشر، وموسى بن عبيدة وعبيد الله بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 295"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 3038"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 198، 247، 270"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 2042"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 360"، والكاشف "2/ ترجمة 2459"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3941"، وتهذيب التهذيب "4/ 450"، وتقريب التهذيب "1/ 373"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3145"، وشذرات الذهب "2/ 28".

ص: 172

أبي زياد القداح، وطلحة بن عمرو وجبير بن فرقد، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وعباد بن منصور ومستقيم بن عبد الملك، وعمر بن محمد العمري، وشعبة والأوزاعي وابن أبي عروبة وسفيان، ومالك وخلق كثير.

وعنه: البخاري، وهو أجل شيوخه وأكبرهم، وجرير بن حازم شيخه، والأصمعي والخريبي وإسحاق بن راهويه وعلي وأحمد وأبو خيثمة، وبندار وابن مثنى ومحمود بن غيلان والحسن الحلواني، وهارون الحمال والذهلي والفلاس وعبد الله بن منير وابن وارة، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني والكوسج، والحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وأحمد بن عصام الأصبهاني وعباس الدوري وعبد الله بن محمد بن أبي قريش، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي وأبو مسلم الكجي، وخلق آخرهم موتًا: محمد بن حبان الأزهر القطان.

وثقه يحيى بن معين.

وقال أحمد العجلي: ثقة كثير الحديث له فقه.

وقال أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إلي من روح بن عبادة.

وقال عمر بن شبة: حدثنا أبو عاصم النبيل ووالله ما رأيت مثله.

قال محمد بن عيسى الزجاج: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج بحديث فقلت لأبي عاصم: ذكر ابن جريج؟ فقال: كل شيء حدثتك به حدثوني به، وما دلست حديثًا قط إني لأرحم من يدلس.

قال ابن سعد: كان أبو عاصم ثقة فقيهًا.

وقال عبد الرحمن بن خراش: لم ير في يده كتاب قط.

وذكره أبو يعلى الخليلي فقال: متفق عليه زهدًا وعلمًا، وديانة وإتقانًا.

وقال البخاري: سمعت أبا عاصم يقول: منذ عقلت أن الغيبة حرام ما اغتبت أحدًا قط.

وروى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: كان أبو عاصم يحفظ قدر ألف حديث من جيد حديثه وكان فيه مزاح. ويقال: إنما قيل له: النبيل لأن فيلًا قدم البصرة فذهب الناس ينظرون إليه فقال له ابن جريج: ما لك لا تنظر? قال: لا أجد منك عوضًا قال: أنت نبيل.

ص: 173

وبعضهم نقل: أن أبا عاصم كان ضخم الأنف فتزوج امرأة فلما خلا بها دنا منها ليقبلها فقالت له: نح ركبتك عن وجهي قال: ليس ذا ركبة إنما هو أنف.

نقل ذلك إسماعيل بن أحمد والي خراسان عن أبيه عن أبي عاصم.

وقيل: لأنه كان يلبس الخز وجيد الثياب، وكان إذا أقبل قال ابن جريج: جاء النبيل.

وقيل: لأن شعبة حلف ألَّا يحدث أصحاب الحديث شهرًا فقصده أبو عاصم فدخل مجلسه وقال: حدث، وغلامي العطار حر لوجه الله كفارة عن يمينك، فأعجبه ذلك.

قال محمد بن عيسى الزجاج: سمعت أبا عاصم يقول: من طلب الحديث، فقد طلب أعلى الأمور، فيجب أن يكون خير الناس.

قال عمرو بن علي الفلاس: سمعت أبا عاصم يقول: ولدت أمي سنة عشر ومائة وولدت أنا في سنة اثنتين وعشرين.

قال عبد الله بن إسحاق الجوهري المستملي بدعة: سمعت أبا عاصم يقول: ولدت في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين ومائة.

وقال محمد بن سعد: توفي في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة لأربع عشرة ليلة خلت منه وأرخه فيها: خليفة، والكديمي وأبو داود ومحمد بن أحمد بن حبيب الذراع، وغير واحد.

وقال الفلاس: مات سنة اثنتي عشرة ما ذكر الشهر.

وقال جابر بن كردي: مات سنة إحدى عشرة فهذا قول شاذ.

وقال يعقوب الفسوي، ومحمد بن يحيى الزماني: سنة ثلاث عشرة، ومائتين وهذا بعيد وأبعد منه ما روى: ابن المقرئ عن أبي طلحة محمد بن أحمد الحسن التمار عن حمدان بن علي الوراق قال: ذهبنا إلى أحمد بن حنبل سنة ثلاث عشرة فسألناه أن يحدثنا فقال: تسمعون مني، ومثل أبي عاصم في الحياة? اخرجوا إليه.

وقال البخاري فوهم رحمه الله: مات سنة أربع عشرة ومائتين في آخرها.

قال أبو بكر الخطيب: روى عن أبي عاصم جرير بن حازم ومحمد بن حبان وبين وفاتيهما مائة وإحدى وثلاثون سنة.

قلت: مات ابن حبان سنة إحدى وثلاث مائة، وهو ضعيف.

ص: 174

أخبرنا محمد بن عبد السلام، وأحمد بن هبة الله، وزينب بنت كندي قراءة عن المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل "ح"، وأخبرونا عن عبد المعز بن محمد أخبرنا تميم بن أبي سعيد، وأخبرونا عن زينب الشعرية، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم أن عمر بن مسرور الزاهد أخبرهم قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد، أخبرنا أبو مسلم الكجي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وأبو عاصم قالا: حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله! من أبر? قال: "أمك" قلت: ثم من? قال: "ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 3"، والبخاري في "الأدب المفرد""3" وأبو داود "5139"، والترمذي "1897"، وفي إسناده بهز بن حكيم، صدوق.

وله شاهد من حديث أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أبوك".

أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 541"، وأحمد "2/ 391"، ومسلم "2548"، "3"، وابن ماجه "2706"، والبغوي في "شرح السنة""3416" من طريق شريك، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة به.

ص: 175

‌1492 - حفص

(1)

: " خ، د، س، ق"

ابن عبد الله بن راشد الإمام الحافظ الصادق القاضي الكبير أبو عمرو، وأبو سهل السلمي الفقيه قاضي نيسابور.

ولد بعد الثلاثين ومائة.

سمع في الرحلة من: مسعر بن كدام، وعثمان بن عطاء الخراساني، وسفيان الثوري، وإسرائيل وورقاء بن عمر ومحمد بن عبيد العرزمي، وعبد القدوس بن جندب، وإبراهيم بن طهمان ولازمه مدة، وعمر بن ذر، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي وهو ثبت في ابن طهمان.

حدث عنه: ولده المحدث أحمد بن حفص، وقطن بن إبراهيم ومحمد بن يزيد محمش، ومحمد بن عقيل الخزاعي، ومحمد بن عمرو قشمرد، وياسين بن النضر وأيوب بن الحسن ومن رفاقه: أبو نعيم وآخرون.

قال قطن بن إبراهيم: سمعته يقول: ما أقبح بالشيخ المحدث يجلس للقوم فيحدث من كتاب.

جعفر بن محمد بن سوار: حدثنا محمد بن شعيب حدثنا حفص بن عبد الله سمعت سفيان الثوري يقول: ليس على نساء خراسان حج.

قلت: هذا قول عجيب أفما هن من الناس? فكأنه لمح بعد الشقة وكثرة المشقة.

قال أبو عوانة الحافظ: سمعت محمد بن عقيل يقول: كان حفص بن عبد الله قاضيًا بالأثر، ولا يقضي بالرأي البتة.

وقيل: إنه ولي القضاء عشرين سنة.

قال النسائي: ليس به بأس.

وقال ولده أحمد: مات لخمس بقين من شعبان سنة تسع ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2753"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 752"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 362"، والعبر "1/ 357"، والكاشف "1/ ترجمة 1157"، وتهذيب التهذيب "2/ 403"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1507"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 22".

ص: 175

‌1493 - ابن أبي فديك

(1)

: " ع"

الإمام الثقة المحدث أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك، وإسمه دينار الديلي مولاهم، المدني.

حدث عن: سلمة بن وردان والضحاك بن عثمان، وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وعدة من أهل المدينة، ولم يرحل في الحديث وكان صدوقًا صاحب معرفة وطلب.

حدث عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وسلمة بن شبيب، وأحمد بن الأزهر، وعبد بن حميد، وأبو عتبة أحمد بن الفرج ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون الحمال، وحسين بن عيسى البسطامي، ومحمد بن مصفى وخلق كثير.

قال أبو داود: قد سمع من محمد بن عمرو بن علقمة حديثًا واحدًا.

قلت: هو أقدم شيخ لقيه.

قال البخاري: توفي سنة مائتين، وقال ابن سعد: توفي سنة تسع وتسعين ومائة، وليس بحجة كذا قال: ابن سعد.

وقد احتج بابن أبي فديك الجماعة، ووثقه غير واحد لكن معن أحفظ منه وأتقن، ووقع لنا من عواليه في أماكن.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 437"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 58"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 145، 280، 329"، "3/ 41، 53"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1071"، والأنساب للسمعاني "5/ 402"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 330"، والكاشف "3/ ترجمة 4798"، والعبر "1/ 333"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7236"، وتهذيب التهذيب "9/ 61"، وتقريب التهذيب "2/ 145"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6061"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 359".

ص: 176

‌1494 - أبو علي الحنفي

(1)

: " ع"

عبيد الله بن عبد المجيد الإمام الصدوق أخو أبي بكر الحنفي، ولهما أخوان ما اشتهرا: شريك وعمير.

حدث أبو علي عن: هشام الدستوائي وقرة بن خالد وإسماعيل بن مسلم ومالك بن مغول، وابن أبي ذئب وعكرمة بن عمار وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وخلق سواهم.

روى عنه: بندار وإسحاق الكوسج، وأبو محمد الدارمي ومحمد ابن يحيى الذهلي، وعلي بن نصر الجهضمي ووالده وسليمان بن سيف، ومحمد بن يونس الكديمي وخلق سواهم.

ويقع لنا حديثه عاليًا في الغيلانيات وفي القطيعيات.

قال أبو حاتم الرازي وغيره: لا بأس به.

وقال الكديمي: مات سنة تسع ومائتين.

أخبرنا يحيى بن أبي منصور، وطائفة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا أبو علي الحنفي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس فقال: "هو عمي وصنو أبي"

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1257"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1105"، والكاشف "2/ ترجمة 3620"، والمغني "2/ ترجمة 3936"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5381"، وتهذيب التهذيب "7/ 34"، وتقريب التهذيب "1/ 536"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4574".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "983".

ص: 177

‌1495 - أبو بكر الحنفي

(1)

: " ع"

هو: عبد الكبير بن عبد المجيد البصري.

حدث عن: خثيم بن عراك، وأسامة بن زيد الليثي، وعبد الحميد بن جعفر ويونس بن أبي إسحاق، وسعيد بن أبي عروبة، والضحاك بن عثمان، وأفلح بن حميد وطائفة.

وكان من أئمة الحديث.

روى عنه: أحمد بن حنبل وإسحاق وابن المديني، وبندار ومحمد بن المثنى، وإسحاق الكوسج ومحمد بن يحيى والكديمي وخلق كثير.

وثقه أحمد بن حنبل وغيره.

مات سنة أربع ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 299"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1921"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 439، 633"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 331"، والعبر "1/ 346"، والكاشف "2/ ترجمة 3471"، وتهذيب التهذيب "6/ 370"، وتقريب التهذيب "1/ 515"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5628"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 12".

ص: 178

‌1496 - عمر بن حبيب

(1)

: " ق".

العدوي البصري القاضي.

حدث عن: حميد الطويل، وخالد الحذاء وهشام بن عروة، ويونس بن عبيد ومحمد بن عجلان وجماعة.

وعنه: حفص بن عمرو الربالي وإسحاق الفارسي شاذان، وحماد بن الحسن بن عنبسة، ومحمد بن سنان القزاز، وأبو أمية الطرسوسي، وأبو قلابة الرقاشي والكديمي، وخلق.

قال البخاري: يتكلمون فيه.

وقال عباس عن يحيى: ضعيف يكذب.

وقال النسائي: ضعيف.

وقال ابن عدي: حسن الحديث يكتب حديثه مع ضعفه.

قلت: ولي قضاء البصرة ثم ولي قضاء الجانب الشرقي من بغداد للمأمون، وهو جد أبي رفاعة عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب العدوي.

نقل غير واحد أنه مات بالبصرة سنة سبع ومائتين.

ويقال: إن الرشيد أراد قتله لكونه رد عليه خطأ فدفع الله عنه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1978"، والمعرفة والتاريخ "1/ 435"، "2/ 245"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 471"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1139"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 553"، والمجروحين لابن حبان "2/ 89"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1208"، والعبر "1/ 352"، والكاشف "2/ ترجمة 4094"، والمغني "2/ ترجمة 4440"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة رقم 6067"، وتهذيب التهذيب "7/ 431"، وتقريب التهذيب "2/ 51"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5134" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 17".

ص: 178

‌1497 - يعقوب بن إبراهيم

(1)

: " ع"

ابن سعد بن إبراهيم ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف. الإمام الحافظ الحجة أبو يوسف الزهري، العوفي، المدني ثم البغدادي.

حدث عن: أبيه الحافظ إبراهيم بن سعد وشعبة، وعاصم بن محمد العمري، وعبيدة بن أبي رائطة، ومحمد ابن أخي الزهري وشريك، والليث، وعبد العزيز بن المطلب وسيف بن عمر، وأبي أويس عبد الله بن عبد الله، وعبد الملك بن الربيع بن سبرة وكان من كبار المحدثين.

حدث عنه: أحمد، وإسحاق وعلي، ويحيى وأبو خيثمة، ومحمد بن يحيى وإسحاق الكوسج، وسليمان بن سيف، وعلي بن سلمة اللبقي، وعبد بن حميد، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وأحمد بن سعيد الرباطي وعباس الدوري وابن أخيه عبيد الله بن سعد، والفضل بن سهل الأعرج، ويعقوب بن شيبة، وخلق كثير.

وثقه يحيى، والعجلي وطائفة.

وقال أبو حاتم: صدوق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 343"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3459"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 638"، "2/ 232"، "3/ 182"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 843"، وتاريخ بغداد "4/ 268"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 317"، والكاشف "3/ ترجمة 6498"، والعبر "1/ 356"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9798"، وتهذيب التهذيب "11/ 380"، وتقريب التهذيب "2/ 374"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 22".

ص: 179

قال الذهلي: إبراهيم بن سعد روى عن الزهري، وعن أصحاب الزهري عنه، وكثرت روايته لحديث الزهري، وأغرب عنه ومدار حديثه على ابنه يعقوب بن إبراهيم سمع هو وأخوه سعد الكتب قال: فمات أخوه سعد قبل أن يكتب عنه كبير أحد، وبقي يعقوب فكتب الناس عنه فوجدوا عنه علمًا جليلًا من حديث الزهري وغيره.

وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا يقدم على أخيه في الفضل، والورع والحديث، ولم يزل ببغداد ثم خرج إلى الحسن بن سهل بفم الصلح فلم يزل معه حتى توفي هناك في شوال سنة ثمان ومائتين، وكان أصغر من أخيه سعد بأربع سنين. وقال جماعة كذلك في موته.

قرأت على أحمد بن عبد الحميد، أخبركم موسى بن عبد القادر أخبرنا أبو الوقت السجزي أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن خزيم حدثنا عبد بن حميد، حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثني أبي عن صالح بن كيسان حدثنا نافع أن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقوم الناس لرب العالمين يوم القيامة حتى يغيب أحدهم إلى أنصاف أذنيه في رشحه".

أخرجه مسلم

(1)

عن عبد.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862".

ص: 180

‌1498 - سعد بن إبراهيم

(1)

: " خ، س".

والد: عبد الله وعبيد الله.

سمع أباه وابن أبي ذئب وعبيدة بن أبي رائطة.

وعنه: ابناه وأحمد بن حنبل ومحمد بن الحسين البرجلاني ومحمد بن سعد.

قال أحمد: لم يكن به بأس لكن أخوه أحر رأسًا، وأقرأ للكتب منه.

وقال العجلي: لا بأس به كان على قضاء واسط.

قيل: مات سنة إحدى ومائتين، بالمبارك.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 343"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1929"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 343"، وتاريخ بغداد "9/ 123"، والعبر "1/ 336"، والكاشف "1/ ترجمة 1835"، وتهذيب التهذيب "3/ 462"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2370".

ص: 180

‌1499 - أبو زيد الأنصاري

(1)

: " د، ت"

الإمام العلامة حجة العرب أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير "ابن" صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي زيد الأنصاري البصري النحوي صاحب التصانيف.

ولد سنة نيف وعشرين ومائة.

وحدث عن: سليمان التيمي، وعوف الأعرابي وابن عون، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ورؤبة بن العجاج وأبي عمرو بن العلاء، وسعيد بن أبي عروبة وعمرو بن عبيد القدري وعدة.

حدث عنه: خلف بن هشام البزار وتلا عليه، وأبو عبيد القاسم وأبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي، وأبو حاتم السجستاني وأبو عثمان المازني، وعمر بن شبة، وأبو حاتم الرازي، والعباس الرياشي، وأبو العيناء والكديمي وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، وخلق كثير.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يجمل القول فيه، ويرفع شأنه ويقول: هو صدوق.

وقال صالح جزرة: ثقة.

قلت: جده الأعلى أبو زيد هو أحد من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه: ثابت بن زيد بن قيس الخزرجي.

وعن أبي عثمان المازني قال: كنا عند أبي زيد فجاء الأصمعي فأكب على رأسه وجلس، وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ ثلاثين سنة فبينا نحن كذلك إذ جاء خلف الأحمر فأكب على رأسه وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ عشرين سنة.

المازني: سمعت أبا زيد يقول: وقفت على قصاب فقلت: بكم البطنان? فقال: بمصفعان يا مضرطان. فغطيت رأسي وفررت. وحكى السيرافي: أن أبا زيد كان يقول: كل ما قاله سيبويه: أخبرني الثقة فأنا أخبرته، وقد مات أبو زيد بعد سيبويه بنيف وثلاثين سنة.

(1)

ترجمته في الكنى للدولابي "1/ 180"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 12"، والمجروحين لابن حبان "1/ 324"، وتاريخ بغداد "9/ 77"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 212"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 263"، والعبر "1/ 367"، والكاشف "1/ ترجمة 1873"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3141"، "4/ ترجمة 10213" وتهذيب التهذيب "4/ 3"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2418"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 34".

ص: 181

قال: ويقال: إن الأصمعي كان يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثي اللغة، وكان الخليل يحفظ نصف اللغة، وكان عمرو بن كركرة الأعرابي يحفظ اللغة كلها.

قلت: عمرو هذا ليس بمشهور.

قال المبرد: الأصمعي، وأبو عبيدة، وأبو زيد أعلم الثلاثة بالنحو أبو زيد، وكانت له حلقة بالبصرة.

وعن أبي زيد قال: قلت لابن أخ لي: اكتر لنا فصاح: معشر الملاحون قلت: ويحك! ما تقول? قال: أنا أحب النصب.

قال أبو موسى الزمن، وغيره: مات أبو زيد سنة خمس عشرة ومائتين. وقال أبو حاتم: عاش ثلاثًا وتسعين سنة.

ص: 182

‌1500 - أبو زيد الهروي

(1)

: " خ، م"

سعيد بن الربيع البصري بياع الهروي يعني: الثياب التي تجلب من هراة.

يروي عن: قرة بن خالد، وشعبة وعلي بن المبارك. حدث عنه: البخاري، وبندار وحجاج بن الشاعر، وعبد والكديمي. صدوق قاله: أبو حاتم.

وروى مسلم عن رجل عنه.

توفي سنة إحدى عشرة ومائتين وكان جده مكاتبًا لزرارة بن أوفى.

وأبو زيد من قدماء مشيخة البخاري، وموته أقدم من موت الأنصاري بأربعة أعوام، ولكن أبا زيد الأنصاري أسند منه وأسن.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1570"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 218، 436"، "2/ 516، 641"، "3/ 21، 206"، والكنى للدولابي "1/ 180"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 83"، والكاشف "2/ ترجمة 1901"، وتهذيب التهذيب "4/ 27"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2449"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 26".

ص: 182

‌1501 - يحيى بن أبي بكير

(1)

: " ع"

ابن نسر بن أسيد الحافظ، الحجة الفقيه قاضي كرمان أبو زكريا العبدي القيسي مولاهم الكوفي، وقيل: اسم أبيه نسر وقيل: بشر، وقيل: بشير.

حدث ببغداد وبغيرها عن: شعبة وزائدة، وإبراهيم بن طهمان، وأبي جعفر الرازي وإسرائيل وزهير وعدة.

وعنه: أحمد بن سعيد الدارمي وعيسى بن أبي حرب، وعباس الدوري، ومحمد بن سعد العوفي والحارث بن أبي أسامة وعلي بن سهل، وإبراهيم بن الحارث البغدادي، وحفيده عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير، وطائفة سواهم.

وثقه يحيى بن معين وأحمد العجلي.

قال محمد بن المثنى: مات سنة ثمان، ومائتين وقال ابن قانع: سنة تسع.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورًا أخبرنا علي بن المسلم أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن جميع حدثنا الحسن بن إدريس القافلاني ببغداد، حدثنا عيسى بن أبي حرب حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"

(2)

.

رواته ثقات وهو من الأفراد لم يخرجوه في الكتب الستة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2937"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 557"، وتاريخ بغداد "14/ 155"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 384"، والكاشف "3/ ترجمة 6252"، والعبر "1/ 356"، وتهذيب التهذيب "11/ 190"، وتقريب التهذيب "2/ 344"، وشذرات الذهب "2/ 22".

(2)

صحيح: ورد من حديث جرير بن عبد الله: أخرجه الطيالسي "664"، وابن أبي شيبة "15/ 30 - 31"، وأحمد "4/ 358، 363، 366"، والبخاري "121"، "4405"، "6844"، "7080"، ومسلم "65"، والنسائي "7/ 127 - 128"، وابن ماجه "3942"، والدارمي "2/ 69"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""3/ 194"، والطبراني "2402"، وابن منده "657"، والبغوي "2550" من طرق عن مشكل الآثار" "3/ 194"، والطبراني "2402"، وابن منده "657"، والبغوي "2550" من طرق عن شعبة، قال: حدثنا علي بن مدرك قال: سمعت أبا زرعة يحدث عن جده جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنصت الناس في حجة الوداع، ثم قال: فذكره وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه ابن أبي شيبة "15/ 30" وأحمد "2/ 58، 87، 104"، والبخاري "6166"، 6868"، "7077"، ومسلم "66"، وأبو داود "4686"، والنسائي "7/ 126"، وأبو عوانة "1/ 25"، وابن منده "658" من طرق عن شعبة، عن واقد بن عبد الله، عن أبيه عن ابن عمر، به.

ص: 183

‌1502 - يحيى بن الضريس

(1)

: " م، ت"

ابن يسار القاضي الإمام، الحافظ قاضي الري أبو زكريا البجلي مولاهم الرازي رأى: محمد بن أبي ليلى.

وحدث عن: ابن جريج وابن إسحاق، وزكريا بن إسحاق، وفضيل بن مرزوق، وإبراهيم بن طهمان، وعمرو بن أبي قيس الرازي وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة وطبقتهم وكان من بحور العلم.

حدث عنه: إبراهيم بن موسى القزاز، وأبو غسان زنيج ويحيى ابن معين وابن راهويه، وإسحاق بن الفيض، ويحيى بن أكثم ومحمد بن حميد، وموسى بن نصر وخلق.

حدث عنه من شيوخه: جرير بن عبد الحميد، وكان جرير معجبًا بحفظه.

قال النسائي: ليس به بأس.

وقال الحافظ إبراهيم بن موسى: منه تعلمت الحديث.

قال علي بن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث.

روى البخاري عن يوسف بن موسى قال: مات يحيى بن ضريس في ربيع الأول سنة ثلاث، ومائتين.

قلت: وهو جد محدث الري محمد بن أيوب البجلي مؤلف كتاب فضائل القرآن.

قال يحيى بن معين: يحيى بن الضريس ثقة.

وقال أبو حاتم: كان عنده عن حماد عشرة آلاف حديث.

وقال وكيع: هو من حفاظ الناس، وقد خلط في حديثين.

قلت: لو خلط في عشرين حديثًا في سعة ما روى لما عد إلَّا ثقة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 380"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3011"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 659"، والأنساب للسمعاني "2/ 86"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 332"، والكاشف "3/ ترجمة 6296"، والعبر "1/ 248"، وتهذيب التهذيب "11/ 232"، وتقريب التهذيب "2/ 350".

ص: 184

‌1503 - أشهب بن عبد العزيز

(1)

ابن داود بن إبراهيم الإمام العلامة مفتي مصر أبو عمرو القيسي العامري المصري الفقيه يقال: اسمه مسكين وأشهب لقب له مولده سنة أربعين ومائة.

سمع مالك بن أنس والليث بن سعد ويحيى بن أيوب وسليمان بن بلال وبكر بن مضر وداود بن عبد الرحمن العطار وعدة.

حدث عنه: الحارث بن مسكين ويونس بن عبد الأعلى وبحر ابن نصر ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ومحمد بن إبراهيم بن المواز وسحنون بن سعيد فقيه المغرب وعبد الملك بن حبيب فقيه الأندلس وهارون بن سعيد الأيلي وآخرون ويكفيه قول الشافعي فيه: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه.

قال أبو عمر بن عبد البر: كان فقيهاً حسن الرأي والنظر فضله ابن عبد الحكم على ابن القاسم في الرأي فذكر هذا لمحمد بن عمر ابن لبابة الأندلسي فقال: إنما قال ذلك ابن عبد الحكم لأنه لازم أشهب وكان أخذه عنه أكثر وابن القاسم عندنا أفقه في البيوع وغيرها وقيل: كان أشهب على خراج مصر وكان صاحب أموال وحشم قال سحنون: رحم الله أشهب ما كان يزيد في سماعه حرفاً واحداً.

قال ابن عبد البر: لم يدرك الشافعي إذ قدم مصر أحداً من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم.

قلت: وأدرك ابن الفرات وسعيد بن أبي مريم قال سعد بن معاذ الفقيه: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة.

وعن ابن عبد الحكم قال: سمعت أشهب يدعو في سجوده على الشافعي بالموت فمات والله الشافعي في رجب سنة أربع ومات أشهب بعده بثمانية عشر يوماً واشترى من تركة الشافعي عبداً اشتريته أنا من تركة أشهب.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير (2/ ترجمة 1673)، والجرح والتعديل (2/ ترجمة 1297)، تهذيب التهذيب (1/ 359)، وتقريب التهذيب (1/ 80)،، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 12).

ص: 185

قال ابن يونس: مات لثمان بقين من شعبان سنة أربع.

قلت: قول ابن عبد البر: كان أخذ ابن عبد الحكم عن أشهب أكثر يعني: من أخذه عن ابن القاسم: فيه نظر فما علمته أخذ عنه إنما لحق ابن وهب، وقد لحق ابن القاسم وهو مراهق فلعله باعتناء والده أخذ شيئًا يسيرًا عنه والله أعلم.

ودعاء أشهب على الشافعي من باب كلام المتعاصرين بعضهم في بعض لا يعبأ به، بل يترحم على هذا وعلى هذا ويستغفر لهما، وهو باب واسع أوله موت عمر وآخره رأيناه عيانًا وكان يقال لعمر: قفل الفتنة.

ص: 186

‌1504 - إسحاق بن الفرات

(1)

: " س"

الإمام الكبير فقيه الديار المصرية، وقاضيها أبو نعيم التجيبي مولاهم المصري تلميذ مالك الإمام، ليس هو بدون ابن القاسم. حدث عن: حميد بن هانئ وهو أقدم شيخ له ويحيى بن أيوب والليث ومالك وطائفة.

حدث عنه: أبو الطاهر بن السرح وأحمد بن عبد الرحمن بحشل، وبحر بن نصر الخولاني، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وجماعة.

روي عن الشافعي أنه قال: ما رأيت أحدًا أعلم باختلاف العلماء من إسحاق بن الفرات.

وقال بحر بن نصر الخولاني: سمعت ابن علية يقول: ما رأيت ببلدكم أحدًا يحسن العلم إلَّا إسحاق بن الفرات.

وقال ابن عبد الحكم: ما رأيت فقيهًا أفضل منه.

وقال أحمد بن سعيد الهمداني: قرأ علينا إسحاق بن الفرات موطأ مالك من حفظه، فما أسقط منه حرفًا فيما أعلم.

وعن إسحاق قال: مولدي سنة خمس وثلاثين ومائة.

قلت: هو إسحاق بن الفرات بن الجعد بن سليم مولى الأمير معاوية بن حديج ولي قضاء مصر نيابة عن القاضي محمد بن مسروق.

سئل أبو حاتم الرازي عنه فقال: شيخ ليس بالمشهور قال ابن الذهبي: ما هو بمشهور بالحديث بلى هو مشهور بالإمامة في الفقه عاش سبعين سنة.

قال أبو سعيد بن يونس: مات في ثاني شهر ذي الحجة سنة أربع ومائتين.

قلت: وفيها مات قبله: الشافعي وأشهب بمصر فمثل هؤلاء الثلاثة إذا خلت منهم مدينة في عام واحد، فقد بان عليها النقص ومات: حافظ البصرة أبو داود الطيالسي وعالم مرو: النضر بن شميل وشيخ النسب: هشام بن الكلبي ومسند الوقت: أبو بدر شجاع بن الوليد وعبد الوهاب بن عطاء، وعدة من العلماء.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 810"، والعبر "1/ 344 - 345"، وميزان الاعتدال "1/ 195"، والكاشف "1/ ترجمة 314"، وتهذيب التهذيب "1/ 246"، وتقريب التهذيب "1/ 60".

وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 11".

ص: 186

‌1505 - عبد العزيز بن أبي رزمة

(1)

: " د، ت"

غزوان الإمام المحدث أبو محمد اليشكري مولاهم المروزي من كبار مشايخ مرو.

سمع من إسماعيل بن أبي خالد ومالك بن مغول والمسعودي وجويبر بن سعيد، وأبي المنيب العتكي وشعبة.

وعنه: ابنه محمد بن عبد العزيز، وعبد بن حميد وأبو وهب محمد بن مزاحم، وأحمد زاج، وأهل مرو. ذكره ابن حبان في الثقات.

مولده في سنة تسع وعشرين ومائة.

والحاكم الذي ذكر أنه سمع ابن أبي خالد توفي سنة ست ومائتين في المحرم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 376"، والكنى للدولابي "2/ 99"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1822"، والكاشف "2/ ترجمة 3433"، وتهذيب التهذيب "6/ 336 - 337"، وتقريب التهذيب "1/ 509"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4346".

ص: 187

‌1506 - يحيى بن إسحاق

(1)

: " م، (4) "

الحافظ الإمام الثبت أبو زكريا السيلحيني والسالحين: من قرى العراق.

ولد في حدود الأربعين ومائة.

وحدث عن: يحيى بن أيوب المصري، وموسى بن علي بن رباح، وأبان بن يزيد، وحماد بن سلمة، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي، ويزيد بن حيان أخي مقاتل، ومحمد بن سليمان الأصبهاني، وفليح بن سليمان وعبد العزيز بن الماجشون، والربيع بن بدر والليث بن سعد وجعفر بن كيسان، وعدد كثير وارتحل إلى الآفاق.

حدث عنه: أحمد وابنا أبي شيبة، وهارون الحمال، ومحمد بن سعد ومحمد بن عبد الله المخرمي، وأحمد بن سيار المروزي وأحمد بن أبي غرزة الغفاري، والحارث بن أبي أسامة، وبشر بن موسى، وأحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن ملاعب، وعباس الدوري وخلق كثير.

قال أحمد بن حنبل: شيخ صالح ثقة سمع من الشاميين وابن لهيعة.

وقال ابن سعد: كان ثقة حافظًا لحديثه توفي ببغداد سنة عشر ومائتين. زاد غيره: في شعبان.

قلت: من أغرب ما جاء به حديثه عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل أذني القلب. خالفه: مسدد وإسحاق بن إسرائيل فرووه عن: عبد الله عن أبيه فقال: عن رجل من الأنصار مرسلًا.

ورواه هكذا: أبو داود في المراسيل.

قال عثمان الدارمي: سألت يحيى بن معين عن السيلحيني فقال: صدوق المسكين.

وقال علي بن المديني: كان عبد الرحمن ينكر حديث مبارك عن الحسن في حل العقد في القبر يعني: عن السيلحيني.

قلت: هو حجة صدوق إن شاء الله ولا تنزل رواية حديثه عن درجة الحسن وكان من أوعية العلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 340"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2916"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 532"، وتاريخ بغداد "14/ 157"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 373"، والكاشف "3/ ترجمة 6237"، والعبر "1/ 251"، وتهذيب التهذيب "11/ 176"، وتقريب التهذيب "2/ 342"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 27".

ص: 188

‌1507 - بشر بن بكر

(1)

: " خ، د، س، ق"

الإمام الحجة أبو عبد الله البجلي الدمشقي، ثم التنيسي.

ولد سنة أربع وعشرين، ومائة سمعه محمد بن وزير يقوله.

حدث عن: الأوزاعي وعبدة بنت خالد بن معدان وأبي بكر بن أبي مريم الحمصي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وسعيد بن عبد العزيز وطائفة.

وعنه: ولده أحمد وابن وهب، وهو أكبر منه والشافعي، والحميدي، ودحيم وأبو الطاهر بن السرح، والحارث بن أسد الهمداني لا المحاسبي والربيع المرادي وابن عبد الحكم، وبحر بن نصر.

قال أبو زرعة: ثقة وكذا وثقه: الدارقطني.

وقال ابن يونس: كان أكثر مقامه بتنيس ودمياط، وبدمياط توفي في ذي القعدة سنة خمس ومائتين.

قال الخطيب: آخر من روى عنه: سليمان بن شعيب الكيساني بقي إلى سنة ثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1724"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1336"، وميزان الاعتدال "1/ 314"، والكاشف "1/ ترجمة 578"، وتهذيب التهذيب "1/ 443"، وتقريب التهذيب "1/ 98".

ص: 189

‌1508 - ابن كناسة

(1)

: " س"

الإمام العلامة الثقة البارع الأديب أبو عبد الله، وأبو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى بن عبد الله بن خليفة بن زهير بن نضلة الأسدي الكوفي، وكناسة: لقب لجده عبد الأعلى، وقيل: لقب لأبيه ويجوز أن يكون لقبًا لهما.

مولده في سنة ثلاث وعشرين ومائة.

وسمع من: هشام بن عروة، والأعمش وإسماعيل بن أبي خالد، وعبد الله بن شبرمة، وجعفر بن برقان ومحمد بن السائب الكلبي ومسعر بن كدام وعدة.

وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير وأبو خيثمة، ومؤمل بن يهاب والرمادي وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن الفرج الأزرق ويعقوب بن شيبة والحارث بن أبي أسامة، وآخرون.

وثقه يحيى بن معين، وعلي وأحمد والعجلي وأبو داود وآخرون.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 401"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 409"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1628"، وتاريخ بغداد "5/ 404"، والكاشف "3/ ترجمة 5035"، والعبر "1/ 353"، والمغني "2/ ترجمة 5665"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7739"، وتهذيب التهذيب "9/ 259"، وتقريب التهذيب "2/ 177"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6374"، وشذرات الذهب "2/ 17".

ص: 189

وقال أبو حاتم: كان صاحب أخبار يكتب حديثه ولا يحتج به.

وقال يعقوب السدوسي: ثقة صالح الحديث له علم بالعربية، والشعر، وأيام الناس، وهو ابن أخت إبراهيم بن أدهم الزاهد قال السدوسي: مات بالكوفة لثلاث خلون من شوال سنة سبع ومائتين، وفيها أرخه: مطين، وقال ابن قانع فوهم هو أو الناسخ فقال: سنة تسع.

ولابن كناسة كتاب الأنواء، وكتاب معاني الشعر، وكتاب سرقات الكتب من القرآن.

وله في ابنه يحيى:

وسميته يحيى ليحيا ولم يكن

إلى قدر الرحمن فيه سبيل

تفاءلت لو يغني التفاؤل باسمه

وما خلت فالًا قبل ذاك يفيل

أنبأنا أحمد بن سلامة عن خليل بن بدر وأحمد بن محمد قالا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا محمد بن الفرج، والحارث بن محمد قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن كناسة، حدثنا هشام بن عروة عن أخيه عثمان عن أبيه عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود"

(1)

.

تفرد به: ابن كناسة هكذا وأخرجه النسائي عن حميد بن زنجويه عنه قال الدارقطني: لم يتابع عليه رواه: الحفاظ عن هشام عن عروة مرسلًا، ورواه: زيد بن الحريش عن عبد الله بن رجاء عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا بنحوه.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 165"، والنسائي "8/ 137 - 138"، وأبو يعلى "681"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 180" من طريق محمد بن كناسة، به.

وفي الباب عن أبي هريرة: عند أحمد "2/ 261، 499"، والترمذي "1751"، وابن سعد "1/ 439" من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، به. وسنده حسن.

ص: 190

‌1509 - مروان بن محمد

(1)

: " م، (4) "

ابن حسان الإمام القدوة الحافظ أبو بكر، ويقال: أبو عبد الرحمن الأسدي الدمشقي الطاطري والطاطري: هو الخامي وهو البطائني.

قال الطبراني: كل من باع الثياب الكرابيس بدمشق يقال له: الطاطري، فعن مروان قال: ولدت سنة سبع وأربعين ومائة عام الكواكب.

حدث عن: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن سلام، ومالك والليث وبكر بن مضر، وابن لهيعة، والهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة وإسماعيل بن عياش، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن العلاء بن زبر وعثمان بن حصن بن علاق، والهقل بن زياد وعبد العزيز الدراوردي، وسفيان بن عيينة وخالد بن يزيد المري ورشدين بن سعد وصخر بن جندل البيروتي وعلي بن حوشب وعيسى بن يونس وخلق.

حدث عنه: بقية بن الوليد مع تقدمه ومحمود بن خالد وهشام بن خالد الأزرق، ومحمد بن مصفى، وابن ذكوان وسلمة بن شبيب، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعباس الترقفي، وهارون بن محمد بن بكار وأحمد بن ناصح المصيصي، وأحمد بن الأزهر وولده إبراهيم بن مروان وخلق كثير.

وثقه أبو حاتم وصالح بن محمد جزرة.

قال عبد الله بن يحيى بن معاوية الهاشمي: أدركت ثلاث طبقات أحدها طبقة سعيد بن عبد العزيز، ما رأيت فيهم أخشع من مروان بن محمد.

وقال أبو سليمان الداراني: ما رأيت شاميا خيرًا من مروان بن محمد قيل له: ولا معلمه سعيد بن عبد العزيز، ولا يحيى بن حمزة? قال: ولا معلمه؛ لأنه كان على بيت المال ولا يحيى؛ لأنه كان على القضاء.

قال البخاري: مات سنة عشر ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1600"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1788"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1257"، والأنساب للسمعاني "8/ 173"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 335"، والكاشف "3/ ترجمة 5466"، والمغني "2/ ترجمة 6173"، والعبر "1/ 275، 359"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8435"، وتهذيب التهذيب "10/ 95"، وتقريب التهذيب "2/ 239"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6929"، وشذرات الذهب "2/ 24".

ص: 191

قلت: عاش ثلاثًا وستين سنة وكان سيدًا إمامًا.

أخبرنا عمر بن محمد الفارسي وهدية بنت علي، وابن قدامة الحاكم قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن بن داود، أخبرنا عبد الله بن أحمد السرخسي أخبرنا عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ، حدثنا مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: "ربنا لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي ولما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".

أخرجه مسلم

(1)

عن عبد الله أتم من هذا.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "477"، وأبو داود "847"، والنسائي "2/ 198، 199"، من طرق عن سعيد بن عبد العزيز، به.

ص: 192

‌1510 - شبابة

(1)

: " ع"

ابن سوار الإمام الحافظ، الحجة أبو عمرو الفزازي مولاهم المدائني.

ولد في حدود عام ثلاثين ومائة.

روى عن: يونس بن أبي إسحاق وابن أبي ذئب وحريز بن عثمان وشعبة وإسرائيل، وعبد الله بن العلاء بن زبر وورقاء وسفيان وطبقتهم.

وعنه: أحمد وإسحاق، وعلي ويحيى وأبو خيثمة والحسن الحلواني، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن عاصم الثقفي، وعباس الدوري وعبد الله بن روح وخلق كثير.

وكان من كبار الأئمة إلَّا أنه مرجئ.

قال أحمد العجلي: قيل لشبابة: أليس الإيمان قولًا وعملًا? قال: إذا قال فقد عمل.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 320"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 2770"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 453"، "3/ 112"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 719"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1715"، والكامل لابن عدي "4/ ترجمة 905"، والأنساب للسمعاني "9/ 295"، والكاشف "2/ ترجمة 2250"، والمغني "1/ ترجمة 2732"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 352"، والعبر "1/ 349"، "2/ 18، 21"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3653"، وتهذيب التهذيب "4/ 300"، وتقريب التهذيب "1/ 345"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2992".

ص: 192

وقال أبو زرعة: رجع شبابة عن الإرجاء.

وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة يتفقد أصحاب الحديث، فقال يومًا: ما فعل ذاك الغلام الجميل? يعني: شبابة.

وقال ابن قتيبة: خرج شبابة إلى مكة فمات بها.

وقال أحمد: كان داعية إلى الإرجاء.

وقال أبو حاتم: صدوق، ولا يحتج به.

وقال أبو أحمد بن عدي: يقال: اسمه مروان ولقبه شبابة.

وروى أحمد بن أبي يحيى عن أحمد بن حنبل قال: تركته للإرجاء.

وقال عثمان الدارمي: قلت ليحيى: فشبابة في شعبة? قال: ثقة. وقال علي بن المديني: صدوق إلَّا أنه يرى الإرجاء ولا ينكر لمن سمع ألوفًا أن يجيء بخبر غريب.

قال طائفة: مات شبابة سنة ست ومائتين.

أخبرنا جماعة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن طبرزد أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا عبد الله بن روح المدائني، حدثنا شبابة حدثنا ابن زبر حدثنا الزهري عن أبي سلمة عن عائشة قالت:"أهللت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرة في حجته"

(1)

. قال الزهري: وسمعت غيرها يقول: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرة وحجة.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله وذكر شبابة فقال: روى عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر. قال: وهذا ليس بشيء. رواه: غير واحد عن شعبة عن قتادة عن أنس.

قيل لأبي عبد الله: وروى عن: شعبة عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي في الدباء. فقال: وهذا إنما روى شعبة بهذا الإسناد حديث الحج.

وقال أبو عبد الله: كنت كتبت عن شبابة قديمًا شيئًا يسيرًا قبل أن نعلم أنه يقول بهذا يعني: الإرجاء.

وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي ينكر حديث شبابة عن شعبة عن معن قال: كان ينتبذ لعبد الله في جر.

وذكر العقيلي: أن شبابة قدم من المدائن للذي أنكر عليه أحمد فكانت الرسل تختلف بينهما قال الناقل: فرأيت شبابة تلك الأيام مغمومًا مكروبًا، ثم انصرف إلى المدائن قبل أن ينصلح أمره عند أحمد بن حنبل.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1556"، ومسلم "1211".

ص: 193

‌1511 - عبد الصمد

(1)

: " ع"

ابن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان الإمام الحافظ الثقة أبو سهل التميمي، العنبري مولاهم، البصري التنوري.

حدث عن: أبيه بتصانيفه وعن: هشام الدستوائي، وعكرمة بن عمار، وأبي خلدة خالد بن دينار، وإسماعيل بن مسلم العبدي وربيعة بن كلثوم، وأبان بن يزيد وشعبة، وهمام وحرب بن شداد، وحرب بن ميمون، وحرب بن أبي العالية وخلق من البصريين.

حدث عنه: يحيى بن معين وإسحاق، وأحمد وبندار، وهارون الحمال، وعبد بن حميد، ومحمد بن يحيى الذهلي وحجاج بن الشاعر، وأبو قلابة الرقاشي وابنه عبد الوارث بن عبد الصمد وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال ابن سعد وطائفة: مات سنة سبع ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 300"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1848"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 142، 237، 542"، "2/ 130، 243"، "3/ 62، 71"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 269" والكاشف "2/ ترجمة 3424"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 328"، والعبر "1/ 352"، وتهذيب التهذيب "6/ 327"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4332"، وشذرات الذهب "3/ 17".

ص: 194

‌1512 - عبد الصمد بن حسان

(1)

:

فهو: أبو يحيى المروزي قاضي هراة.

حدث عن: زائدة والثوري وإسرائيل والكوفيين.

حدث عنه: الذهلي أيضًا ومحمد بن عبد الوهاب الفراء وأحمد بن يوسف السلمي.

مات سنة عشر ومائتين.

وكان من العلماء ولا شيء له في الكتب الستة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1849"، وميزان الاعتدال "2/ 260"، ولسان الميزان "4/ 20".

ص: 194

‌1513 - وعبد الصمد بن النعمان

(1)

:

شيخ بغدادي بزاز.

روى عن: عيسى بن طهمان وشعبة وطائفة.

وعنه: عباس الدوري وتمتام وأحمد بن ملاعب وآخرون وثقه ابن معين وغيره.

وقال الدارقطني: ليس بالقوي توفي سنة (216).

‌1514 - قراد

(2)

: " خ، د، س، ت"

الحافظ الإمام الصدوق أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي، ويقال: الضبي مولاهم الملقب: بقراد نزيل بغداد كان من علماء الحديث وله ما ينكر.

حدث عن: عوف الأعرابي، ويونس بن أبي إسحاق، وعكرمة بن عمار، وجرير بن حازم، وشعبة، وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومحمد بن سعد، وإبراهيم بن يعقوب السعدي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وعبد الله بن أبي مسرة المكي، ومحمد بن سعد العوفي وأبو بكر الصاغاني وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة وخلق كثير. وحدث عنه من القدماء: أبو معاوية الضرير.

قال مجاهد بن موسى: ما كتبت عن شيخ أحر رأسًا من أبي نوح إنما كان يهدر: حدثنا شعبة، حدثنا شعبة.

وقال علي بن المديني وابن نمير: ثقة.

وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.

وقال أحمد بن حنبل: كان عاقلًا من الرجال.

وقال ابن حبان: كان يخطئ يتخالج في القلب منه لروايته عن الليث عن الزهري، عن عروة عن عائشة قصة المماليك وضربهم.

قلت: له حديث لا يحتمل في قصة النبي صلى الله عليه وسلم وبحيرا بالشام.

مات سنة سبع ومائتين.

احتج به البخاري.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 273"، وميزان الاعتدال "2/ 621"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 36".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 335"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 615"، و"3/ 407"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1301"، وتاريخ بغداد "10/ 252"، والكاشف "2/ ترجمة 3331"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4934"، والمغني "2/ ترجمة 3608"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 322"، وتهذيب التهذيب "6/ 247"، وتقريب التهذيب "1/ 494"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4214".

ص: 195

‌1515 - حسين بن الوليد

(1)

: " س"

الإمام، الحجة، شيخ خراسان أبو عبد الله القرشي مولاهم النيسابوري.

ولد: بعد عام ثلاثين ومائة أو قبله.

سمع ابن جريج، وعكرمة بن عمار وعيسى بن طهمان، وشعبة وسفيان، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن الغسيل وإبراهيم بن طهمان، وعبد العزيز بن أبي رواد، ومالك بن أنس، ومالك بن مغول، وطبقتهم بالحجاز، والعراق وخراسان والشام. وجمع وصنف، وأنفق أموالًا على أهل الحديث.

حدث عنه: أحمد بن الأزهر، وأحمد بن حنبل وأحمد بن حفص، وحميد بن زنجويه، وسلمة بن شبيب وأبو أحمد الفراء، ومحمد بن رافع والذهلي وخلق كثير.

ذكره الحاكم فقال: أبو عبد الله الفقيه المأمون شيخ بلدنا في عصره، كان من أسخى الناس، وأورعهم وأقرئهم للقرآن.

قرأ على: الكسائي، وعيسى بن طهمان، وكان يغزو في كل ثلاث سنين مرة ويحج في كل خمس سنين مرة.

قال عيسى بن أحمد البلخي: حدثني الحسين بن الوليد النيسابوري الذي يلقب: بكميل.

وقال أحمد بن حنبل: كان ثقة وأثنى عليه خيرًا.

وقيل: كان يطعم أصحاب الحديث الفالوذج، ويصلهم كان محتشمًا متمولًا جوادًا فقيهًا كبير الشأن.

وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: مات سنة اثنتين ومائتين. وقال البخاري: مات سنة ثلاث ومائتين.

قلت: روى له النسائي وأخرج له البخاري تعليقًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 377"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2885"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 303"، وتاريخ بغداد "8/ 143"، والعبر "1/ 339"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 1124"، وتهذيب التهذيب "2/ 374"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1460"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 6".

ص: 196

‌1516 - صاحب الأندلس

(1)

:

الأمير أبو العاص الحكم بن هشام ابن الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي المرواني.

تملك بعد أبيه وامتدت أيامه، ويلقب: بالمرتضى لكن لم يتسم بإمرة المؤمنين.

وكان بطلًا شجاعًا عاتيًا جبارًا داهية سائسًا.

عاش خمسين سنة، وكان دولته: سبعًا، وعشرين سنة.

قال ابن حزم: كان مجاهرًا بالمعاصي سفاكًا للدماء يأخذ أولاد الناس الملاح فيخصيهم ثم يمسكهم لنفسه وله أشعار.

قلت: هو الذي أوقع بأهل الربض، وهو محلة متصلة بقصره فهدمها، وهدم مساجدها، وفعل بأهل طليطلة أعظم من ذلك وتظاهر بالفسق، والخمور فقامت الفقهاء والكبراء فخلعوه في سنة (189)، ثم إنهم أعادوه لما تنصل وتاب ثم تمكن فقتل طائفة نحو السبعين من الأعيان، وصلبهم وكان منظرًا فظيعًا فلعنه الناس، وأضمروا الشر وأسمعوه المر فتحصن واستعد، وجرت له أمور يطول شرحها إلى أن هلك في سنة ست ومائتين، وتملك بعده ابنه أبو المطرف عبد الرحمن.

(1)

مرت ترجمتنا له في الجزء السابق.

ص: 197

‌1517 - يحيى بن آدم

(1)

: " ع"

ابن سليمان العلامة الحافظ المجود أبو زكريا الأموي مولاهم الكوفي صاحب التصانيف من موالي خالد بن عقبة بن أبي معيط.

ولد بعد الثلاثين ومائة ولم يدرك والده كأنه توفي وهذا حمل.

روى عن: عيسى بن طهمان، ومالك بن مغول، وفطر بن خليفة، ويونس بن أبي إسحاق، ومسعر بن كدام وسفيان الثوري، وحمزة الزيات، وجرير بن حازم والحسن بن حي وإسرائيل، وعمار بن رزيق، ومفضل بن مهلهل، ويزيد بن عبد العزيز، وأبي بكر النهشلي وسليمان بن المغيرة، وشريك وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وأبي الأحوص وابن عيينة، وقطبة بن عبد العزيز والحسن بن عياش وأخيه أبي بكر بن عياش وجود عنه حروف عاصم ولم يلق شعبة.

حدث عنه: أحمد وإسحاق ويحيى وعلي وأبو بكر من أبي شيبة والحسن بن علي الخلال، ومحمد بن رافع ومحمد بن عبد الله المخرمي ومحمود بن غيلان وهارون الحمال، وموسى بن حزام الترمذي وأحمد بن سليمان الرهاوي وعبد بن حميد وعبدة الصفار، والحسن بن علي بن عفان العامري وخلق سواهم.

وثقه يحيى بن معين والنسائي.

قال أبو عبيد الآجري: سئل أبو داود عن معاوية بن هشام ويحيى بن آدم فقال: يحيى واحد الناس.

وقال أبو حاتم: ثقة كان يتفقه.

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة كثير الحديث فقيه البدن، ولم يكن له سن متقدم سمعت عليًا يقول: يرحم الله يحيى بن آدم أي علم كان عنده! وجعل علي يطريه، وسمعت عبيد بن يعيش سمعت أبا أسامة يقول: ما رأيت يحيى بن آدم قط إلَّا ذكرت الشعبي يريد: أنه كان جامعًا للعلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 402"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2927"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 545"، والكاشف "3/ ترجمة 6234"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 351"، والعبر "1/ 343"، وجامع التحصيل للعلائي "ترجمة 865"، وتهذيب التهذيب "11/ 175"، وتقريب التهذيب "2/ 341"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 8".

ص: 198

وله حديث منكر، رواه: علي بن المديني، والحلواني والفضل بن سهل، والمخرمي حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حدثتم عني حديثًا تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوا به قلته أو لم أقله، فإني أقول ما يعرف، ولا ينكر وإذا حدثتم عني حديثًا تنكرونه، ولا تعرفونه فكذبوا به قلته أو لم أقله فإني لا أقول ما ينكر وأقول ما يعرف".

أخرجه الدارقطني

(1)

ورواته ثقات.

قال ابن خزيمة: في صحة هذا الحديث مقال لم نر في شرق الأرض، ولا غربها أحدًا يعرف هذا من غير رواية يحيى ولا رأيت محدثًا يثبت هذا عن أبي هريرة.

وقال البيهقي: وجاء عن يحيى مرسلًا لسعيد المقبري.

قلت: وصله قوي، والثقة قد يغلط.

وقال محمد بن غيلان: سمعت أبا أسامة يقول: كان عمر في زمانه رأس الناس، وهو جامع وكان بعده: ابن عباس في زمانه وبعده: الشعبي في زمانه وكان بعده: سفيان الثوري وكان بعد الثوري: يحيى بن آدم.

قلت: قد كان يحيى بن آدم من كبار أئمة الاجتهاد، وقد كان عمر كما قال في زمانه ثم كان علي، وابن مسعود ومعاذ وأبو الدرداء ثم كان بعدهم في زمانه: زيد بن ثابت، وعائشة وأبو موسى وأبو هريرة، ثم كان: ابن عباس، وابن عمر ثم: علقمة ومسروق

(1)

ضعيف: أخرجه الدارقطني في "سننه""4/ 208"، والخطيب في "تاريخ بغداد""11/ 391"، والهروي في "ذم الكلام""4/ 78/ 2" من طريق يحيى بن آدم، حدثنا ابن ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري "زاد الدارقطني والخطيب عن أبيه" عن أبي هريرة، به مرفوعًا.

وأورده البخاري في "التاريخ الكبير""2/ 1/ 434": "وقال ابن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما سمعتم عني من حديث تعرفونه فصدقوه". وقال يحيى: "عن أبي هريرة" وهو وهم ليس فيه أبو هريرة".

قلت: يعني أن الصواب في الحديث الإرسال، فهو علة الحديث. وأورده ابن أبي حاتم في "العلل""2/ 310/ 3445"، وقال:"سمعت أبي وحدثنا عن بسام بن خالد، عن شعيب بن إسحاق، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغكم عني حديث يحسن بي أن أقوله فأنا قلته، وإذا بلغكم عني حديث لا يحسن بي أن أقوله فليس مني ولم أقله". قال أبي: هذا حديث منكر. الثقات لا يعرفونه".

قلت: أي أن الثقات لا يجاوزون به سعيد المقبري، ولا يذكرون في إسناده أبا هريرة.

ص: 199

وأبو إدريس، وابن المسيب ثم: عروة، والشعبي والحسن، وإبراهيم النخعي، ومجاهد وطاوس، وعدة ثم الزهري وعمر بن عبد العزيز وقتادة وأيوب ثم: الأعمش، وابن عون وابن جريج، وعبيد الله بن عمر ثم: الأوزاعي، وسفيان الثوري ومعمر وأبو حنيفة وشعبة ثم مالك والليث، وحماد بن زيد، وابن عيينة ثم: ابن المبارك، ويحيى القطان، ووكيع وعبد الرحمن وابن وهب ثم: يحيى بن آدم وعفان والشافعي وطائفة ثم: أحمد وإسحاق وأبو عبيد وعلي بن المديني، وابن معين ثم: أبو محمد الدارمي ومحمد بن إسماعيل البخاري وآخرون من أئمة العلم والاجتهاد.

قال دعلج السجزي: حدثنا محمد بن أحمد البراء سمعت علي بن عبد الله يقول: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة يعني: الأسانيد الصحاح قال: فلأهل المدينة: ابن شهاد الزهري، ولأهل مكة: عمرو بن دينار ولأهل البصرة: قتادة ويحيى بن أبي كثير ولأهل الكوفة: أبو إسحاق والأعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ممن صنف: فمن المدينة مالك وابن إسحاق، ومن مكة: ابن جريج، وابن عيينة ومن البصرة: ابن أبي عروبة، وحماد بن سلمة وشعبة وأبو عوانة ومعمر وقد سمع معمر من الستة، ومن الكوفة: سفيان الثوري ومن الشام: الأوزاعي ومن واسط: هشيم.

قلت: أغفل حماد بن زيد، والليث وما هما بدونهم.

قال: ثم انتهى علم هؤلاء إلى: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم.

قلت: نسي ابن المبارك ووكيعًا وابن وهب وهم من بحور العلم. وقد وقع لنا بعلو كتاب الخراج ليحيى بن آدم.

واتفق موته غريبًا ببلد فم الصلح في سنة ثلاث ومائتين في شهر ربيع الأول في النصف منه قيده: محمد بن سعد وذكر العام: البخاري، وأبو حاتم.

أخذ عنه قراءة عاصم: شعيب بن أيوب الصريفيني وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل وعبد الله بن محمد بن شاكر وآخرون.

قال أبو هشام الرفاعي: حدثنا يحيى بن آدم قال: سألت أبا بكر عن حروف عاصم التي في هذه الكراسة أربعين سنة فحدثني بها كلها، وقرأها علي حرفًا حرفًا.

أخبرنا الحسن بن علي، وأبو المعالي بن المؤيد قالا: أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا أبو

ص: 200

طاهر السلفي أخبرنا الحسين بن علي أخبرنا عبد الله بن يحيى أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الحسن بن علي العامري حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ مما سقت السماء، ومما سقي بعلا العشر وما سق بالدوالي نصف العشر

(1)

.

هذا حديث صالح جيد الإسناد لكن فيه إرسال بين مسروق، ومعاذ. أخرجه: ابن ماجه عن الحسن بن علي بن عفان فوافقناه بعلو.

أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن خليل بن بدر، وعلي بن فادشاه، وأحمد بن محمد قالوا: أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا محمد بن عاصم حدثنا يحيى بن آدم عن إسرائيل، عن الأسود بن قيس عن جندب بن سفيان قال: لما انطلق أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار قال: لا تدخل يا رسول الله حتى استبرئه، فدخل أبو بكر الغار فأصاب يده شيء فجعل يمسح الدم عن إصبعه ويقول:

هل أنت إلَّا إصبع دميت

وفي سبيل الله ما لقيت

وبه: سمعت يحيى بن آدم يقول: الميل: ثلاثة آلاف وست مائة ذراع إلى أربعة آلاف، والفرسخ: ثلاثة أميال والبريد: اثنا عشر ميلًا.

قال هشام بن منصور: سمعت أحمد بن حنبل يقول: قال لي يحيى بن آدم: يجيئني الرجل ممن أبغضه، وأكره مجيئه فأقرأ عليه كل شيء معه لأستريح منه، ولا أراه ويجيء الرجل أوده فأردده حتى يرجع إلي.

(1)

صحيح: أخرجه يحيى بن آدم في "الخراج""ص 115". وأخرجه ابن ماجه "1818" من طريق الحسن بن علي بن عفان، عن يحيى بن آدم، به.

وأخرجه النسائي "5/ 42" من طريق هناد بن السري، عن أبي بكر بن عياش، به.

وأخرجه الدارمي "1/ 393" من طريق عاصم بن يوسف، عن أبي بكر بن عياش، به.

وأخرجه أحمد "5/ 233" من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ، به. وأسقط مسروقا.

ص: 201

‌1518 - أبو أحمد الزبيري

(1)

: " ع"

محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الحافظ الكبير المجود أبو أحمد الزبيري الكوفي مولى بني أسد.

حدث عن: مالك بن مغول وفطر بن خليفة، وعيسى بن طهمان صاحب أنس، وعمر بن سعيد بن أبي حسين، ومسعر وسعد بن أوس العبسي، وأيمن بن نابل ورباح بن أبي معروف، وحمزة بن حبيب، والوليد بن عبد الله بن جميع وسفيان وشيبان النحوي، وسعيد بن حسان المخزومي، ويونس بن أبي إسحاق وخلق كثير.

حدث عنه: ابنه طاهر وأحمد والقواريري، وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، وابن نمير وابن مثنى ومحمود بن غيلان ونصر بن علي، وأحمد بن سنان القطان، وبندار، ومحمد بن رافع، ويحيى بن أبي طالب، والكديمي وخلق سواهم.

قال نصر بن علي: قال لي أبو أحمد الزبيري: أنا لا أبالي أن يسرق لي كتاب سفيان إني أحفظه كله.

ابن عقدة: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، سمعت ابن نمير يقول: أبو أحمد الزبيري صدوق ما علمت إلا خيرا مشهور بالطلب، ثقة، صحيح الكتاب كان صديق أبي نعيم وسماعهما قريب، وأبو نعيم أسن منه وأقدم سماعا.

وروى حنبل عن أحمد: كان كثير الخطأ في حديث سفيان.

وقال ابن معين: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس.

وقال العجلي: كوفي، ثقة، يتشبع.

وقال بندار: ما رأيت رجلا قط أحفظ من أبي أحمد الزبيري.

وقال أبو حاتم: حافظ الحديث، عابد مجتهد له أوهام.

وقا أبو زرعة وغيره: صدوق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 402"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 400"، والمعرفة والتاريخ "1/ 483، 519، 717"، "2/ 558"، "3/ 92، 107"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1611"، وتاريخ بغداد "5/ 402"، والكاشف "3/ ترجمة 5027"، والعبر "1/ 341"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7750"، وتهذيب التهذيب "9/ 254"، وتقريب التهذيب "2/ 176"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 6365"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 7".

ص: 202

وقال النسائي: ليس به بأس.

وروى أحمد بن أبي خيثمة عن محمد بن يزيد قال: كان محمد ابن عبد الله الأسدي يصوم الدهر فكان إذا تسحر برغيف لم يصدع فإذا تسحر بنصف رغيف صدع من نصف النهار إلى آخره، فإن لم يتسحر صدع يومه أجمع.

وقال أبو داود: كان أبو أحمد حبالًا يبيع الحبال.

وقال أحمد بن حنبل، ومطين: مات بالأهواز سنة ثلاث، ومائتين زاد مطين: في جمادى الأولى.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله مرتين، أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا تميم بن أبي سعيد أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو سعيد القواريري حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عمن سمع عمرو بن حريث يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوفين.

هذا حديث من الأفراد يرويه النسائي في سننه عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد، عن أبي سعيد عبيد الله بن عمر، فوقع لنا بدلًا بعلو درجتين.

قرأت على الحسن بن علي أخبرك سالم بن الحسن، أخبرنا ابن شاتيل أخبرنا أبو القاسم الربعي، أخبرنا ابن مخلد حدثنا عثمان بن السماك حدثنا محمد بن عيسى بن حيان حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان عن أبيه عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل نبي، وليًا وإن وليي إبراهيم عليه السلام".

غريب جدًا أخرجه: الترمذي

(1)

عن شيخ له عن أبي أحمد، وله علة فرواه: وكيع وأبو نعيم عن سفيان بإسقاط مسروق منه.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "2995" حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو أحمد، به.

ورواه الترمذي "2995"، حدثنا محمود، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، به.

فهذه متابعة لأبي أحمد الزبيري من أبي نعيم وثمة متابعة ثانية من محمد بن عبيد الطنافسي كما يلي:

فقد أخرجه الحاكم "2/ 292" من طريق الحسن بن علي بن عفان العامري، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي حدثنا سفيان بن سعيد، به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي في "التلخيص".

ص: 203

‌1519 - الأنصاري

(1)

: " ع"

الإمام العلامة المحدث الثقة قاضي البصرة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي، ثم النجاري البصري.

سمعه محمد بن المثنى العنزي يقول: ولدت سنة ثماني عشرة ومائة.

وطلب العلم وهو شاب.

فحدث عن: سليمان التيمي، وحميد الطويل وسعيد الجريري، وابن عون وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وأشعث عبد الله بن الحداني، وحبيب بن الشهيد وأبيه عبد الله بن المثنى، وابن جريج وإسماعيل بن مسلم المكي، وقرة بن خالد وهشام بن حسان ومحمد بن عمرو بن علقمة، وسعيد بن أبي عروبة، وأبي خلدة خالد بن دينار، وحجاج بن أبي عثمان الصواف وعبيد الله بن الأخنس وعيينة بن عبد الرحمن بن جوشن وشعبة، وهمام والمسعودي وخلق وينزل إلى: زفر الفقيه وسعد بن الصلت القاضي.

حدث عنه: أبو الوليد الطيالسي وأحمد وابن معين وبندار، وأبو بكر بن أبي شبية، وأحمد بن الأزهر والزعفراني، والفلاس وعلي بن المديني وقتيبة ومحمد بن المثنى ومحمد بن يحيى، ويحيى بن جعفر البيكندي وأبو قلابة ومحمد بن أحمد بن أبي الخناجر وأبو حاتم، ومحمد بن عبد الله بن جعفر الأنصاري الصغير، وأبو عمير عبد الكبير ولده، وإسماعيل بن إسحاق القاضي وإسماعيل سمويه، وعبد الله بن محمد بن أبي قريش، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد العزيز بن معاوية وخلق كثير خاتمتهم:

أبو مسلم الكجي.

روى الأحوص بن المفضل عن يحيى بن معين: ثقة.

وقال أبو حاتم: صدوق وقال أيضًا: لم أر من الأئمة إلَّا ثلاثة: أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي ومحمد بن عبد الله الأنصاري.

وقال النسائي: ليس به بأس.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 294"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 396"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1644"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1655"، وتاريخ بغداد "5/ 408"، والكاشف "3/ ترجمة 5050"، والمغني "2/ ترجمة 1685"، والعبر "1/ 367"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7765"، وتهذيب التهذيب "9/ 274"، وتقريب التهذيب "2/ 80"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6393"، وشذرات الذهب "2/ 35".

ص: 204

وأما أبو داود فقال: تغير تغيرًا شديدًا.

وقال زكريا الساجي: هو رجل جليل عالم لم يكن عندهم من فرسان الحديث مثل يحيى القطان، ونظرائه غلب عليه الرأي. وعن ابن معين قال: كان يليق به القضاء قيل: يا أبا زكريا فالحديث? فقال:

إن للحرب أقوامًا لها خلقوا

وللدواوين كتاب وحساب

وقال أبو خيثمة: أنكر يحيى بن سعيد حديث الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم

(1)

.

وقيل: وهم فيه الأنصاري رواه: سفيان بن حبيب عن حبيب عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وهو محرم

(2)

. لكن قد روى الأنصاري حديث يزيد بن الأصم هكذا.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "776"، والطحاوي "2/ 101" من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد، به.

وقد ورد من طرق عن ابن عباس: فأخرجه البخاري "1938"، "1939"، "5964"، وأبو داود "2372"، والترمذي "775"، والطحاوي "2/ 101"، والطبراني "11860"، والبيهقي "4/ 263" من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.

وأخرجه الشافعي "1/ 255"، وعبد الرزاق "7541"، وابن أبي شيبة "3/ 51"، وأحمد "1/ 215، 222، 286"، وأبو داود "2373"، والترمذي "777"، وابن ماجه "1682"، "3081" وأبو يعلى "2471"، والطبراني "12137"، "12139"، والطحاوي "2/ 101"، والدارقطني "2/ 239"، والبيهقي "4/ 263، 268"، والبغوي "1758" من طرق عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، به.

وأخرجه أحمد "1/ 244"، وابن الجارود "388"، والطحاوي "2/ 101"، والطبراني "12087"، والطحاوي "2/ 101" من طرق عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، به.

(2)

الصحيح الثابت من طرق عن حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بشرف وهما حلالان". أخرجه أحمد "6/ 335"، وأبو داود "1843"، والدارمي "2/ 38"، والدارقطني "3/ 262"، والطحاوي "2/ 270"، والطبراني "23/ 1058"، "24/ 44"، والبيهقي "7/ 210 - 211" من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وصح من طرق عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم". أخرجه أحمد "1/ 245"، والبخاري "4258" و"4259"، وأبو داود "1844"، والترمذي "842" و"843"، والنسائي "5/ 191"، والطبراني في "الكبير" "11018"، "11863"، "11868"، "11919"، "11971"، "11972"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 296"، وابن سعد في "الطبقات" "8/ 135، 136" من طرق عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وإسناده صحيح. =

ص: 205

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: ما كان يضع الأنصاري عند أصحاب الحديث إلَّا النظر في الرأي، وأما السماع فقد سمع ثم ذكر الحديث المذكور بضعفه، وقال: ذهبت للأنصاري كتب فكان بعد يحدث من كتب غلامه أبي حكيم.

وقال الفسوي

(1)

: سئل ابن المديني عن الحديث المذكور فقال: ليس من ذا شيء إنما أراد حديث يزيد بن الأصم.

الرامهرمزي: حدثني عبد الله بن محمد بن أبان الخياط من أهل رامهرمز، حدثنا القاسم بن نصر المخرمي حدثنا سليمان بن داود المنقري قال: وجه المأمون إلى الأنصاري خمسين ألف درهم يقسمها بين الفقهاء بالبصرة فكان هلال بن مسلم يتكلم عن أصحابه قال الأنصاري: وكنت أتكلم عن أصحابي فقال هلال: هي لنا، وقلت: بل هي لي، ولأصحابي فاختلفنا فقلت لهلال: كيف تتشهد? فقال: أومثلي يسأل عن التشهد? فتشهد على حديث ابن مسعود فقال: من حدثك به؟ ومن أين ثبت عندك? فبقي هلال، ولم يجبه فقال

= وقال أبو حاتم رضي الله عنه: هذان خبران في نكاح المصطفى صلى الله عليه وسلم ميمونة تضادا في الظاهر. وعول أئمتنا في الفصل فيهما بأن قالوا: إن خبر ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، وهم، كذلك قاله سعيد بن المسيب، وخبر يزيد بن الأصم يوافق خبر عثمان بن عفان -رضوان الله عليه- في النهي عن نكاح المحرم وإنكاحه، وهو أولى بالقبول لتأييد خبر عثمان إياه. والذي عندي أن الخبر إذا صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم غير جائز ترك استعماله إلا أن تدل السنة على إباحة تركه، فإن جاز لقائل أن يقول: وهم ابن عباس وميمونة خالته في الخبر الذي ذكرناه جاز لقائل آخر أن يقول: وهم يزيد بن الأصم في خبره؛ لأن ابن عباس أحفظ وأعلم وأفقه من مائتين مثل يزيد بن الأصم.

ومعنى خبر ابن عباس عندي حيث قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم يريد به: وهو داخل الحرم لا أنه كان محرما، كما يقال للرجل إذا دخل الظلمة: أظلم، وأنجد: إذا دخل نجدا، وأتهم: إذا دخل تهامة، وإذا دخل الحرم: أحرم، وإن لم يكن نفسه محرما وذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم، عزم على الخروج إلى مكة في عمرة القضاء، فلما عزم على ذلك، بعث من المدينة أبا رافع، ورجلا من الأنصار إلى مكة ليخطبا ميمونة له، ثم خرج صلى الله عليه وسلم وأحرم، فلما دخل مكة طاف، وسعى وحل من عمرته، وتزوج ميمونة وهو حلال بعد ما فرغ من عمرته، وأقام بمكة ثلاثا، ثم سأله أهل مكة الخروج منها، فخرج منها، فلما بلغ بسرف، بنى بها بسرف وهما حلالان، فحكى ابن عباس نفس العقد الذي كان بمكة وهو داخل الحرم بلفظ الحرام، وحكى يزيد بن الأصم القصة على وجهه، وأخبر أبو رافع أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهما حلالان، وكان الرسول بينهما، وكذلك حكت ميمونة عن نفسها، فدلتك هذه الأشياء مع زجر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن نكاح المحرم وإنكاحه على صحة ما أصلنا ضد قول من زعم أن أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم تتضاد وتتهاتر حيث عول على الرأي المنحوس، والقياس المعكوس".

(1)

قاله الفسوي في "المعرفة والتاريخ""3/ 7 - 8".

ص: 206

الأنصاري: تصلي كل يوم، وتردد هذا الكلام وأنت لا تدري من رواه عن نبيك? باعد الله بينك وبين الفقه فقسمها الأنصاري في أصحابه.

البيان في صحة ذلك: فإن المنقري واه. وكان الأنصاري قد أخذ الفقه عن: عثمان البتي، وسوار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن العنبري، وولي قضاء البصرة زمن الرشيد بعد معاذ بن معاذ ثم قدم بغداد، وولي بها القضاء ثم رجع فعن ابن قتيبة: أن الرشيد قلده القضاء بالجانب الشرقي بعد العوفي فلما، ولي الأمين عزله، واستعمله على المظالم بعد ابن علية.

قال ابن مثنى: سمعت الأنصاري: كان يأتي علي قبل اليوم عشرة أيام لا أشرب الماء، واليوم أشرب كل يومين وما أتيت سلطانًا قط إلَّا وأنا كاره.

وقيل: تفقه بزفر، وبأبي يوسف فالله أعلم.

قال ابن سعد وغيره: مات الأنصاري بالبصرة في رجب سنة خمس عشرة ومائتين.

قلت: عاش سبعًا وتسعين سنة، وكان أسند أهل زمانه، وله جزء مشهور من العوالي تفرد به التاج الكندي، وجزء آخر من رواية أبي حاتم الرازي عنه، سمعناه من طريق السلفي، وجزء رواه عنه أبو حاتم المهلب بن محمد بن المهلب المهلبي ويقع حديثه عاليًا في الغيلانيات، وما في شيوخ البخاري أحد أكبر منه، ولا أعلى رواية بلى له عند البخاري نظراء، منهم: عبيد الله بن موسى وأبو عاصم، ومكي بن إبراهيم رحمهم الله.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وجماعة كتابة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا الأنصاري حدثني سليمان التيمي أن أبا عاصم حدثهم، عن أسامة بن زيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قمت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها المساكين، وقمت على باب النار فإذا عامة من يدخلها النساء"

(1)

.

أخرجه البخاري ومسلم من وجوه عن التيمي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6547"، ومسلم "2736"، وأحمد "5/ 205، 209، 210" وعبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد""131".

ص: 207

‌1520 - يحيى بن كثير

(1)

: "ع"

ابن درهم أبو غسان العنبري مولاهم البصري الحافظ.

عن: قرة وشعبة وعلي بن المبارك وسليم بن أخضر، وعمر بن العلاء المازني.

وعنه: بندار، والفلاس وأبو بكر الأعين والكديمي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وآخرون.

قال أبو حاتم: صالح الحديث.

وقال النسائي: ليس به بأس.

قلت: مات سنة خمس أو ست، ومائتين.

أما:

‌1521 - يحيى بن كثير

(2)

: "ق"

صاحب البصري أبو النضر فواه.

روى عن: أيوب السختياني.

حدث عنه: ولده كثير بن يحيى خرج له ابن ماجه

(3)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3084"، والكنى للدولابي "2/ 76"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 760"، والكاشف "3/ ترجمة 6344"، وتهذيب التهذيب "11/ 266"، وتقرب التهذيب "2/ 356".

(2)

ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 137"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2052"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 759"، والمجروحين لابن حبان "3/ 130"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة رقم 2139"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 347"، والكاشف "3/ ترجمة 6346"، والمغني "2/ ترجمة 7033"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9608"، تهذيب التهذيب "11/ 267"، وتقريب التهذيب "2/ 356".

(3)

أخرج ابن ماجه "431" حدثنا محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن أنس بن مالك حدثنا يحيى بن كثير، أبو النضر، صاحب البصري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته وفرج أصابعه مرتين".

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: يحيى بن كثير أبو النضر، ضعيف والثانية: يزيد الرقاشي، كذلك ضعيف. بل قال أحمد: كان يزيد منكر الحديث. وأجمع العلماء على ضعفه. لكن الحديث له شواهد كثيرة: فعن عمار بن ياسر: عند ابن ماجه "429"، وله شاهد عن عثمان: أخرجه ابن ماجه "430".

وله شاهد عن ابن عمر: عند ابن ماجه "432"، وله شاهد عن أبي أيوب الأنصاري: عند ابن ماجه "433"، وكل هذه الشواهد تجمع على صحة تخليل اللحية دون قوله:"وفرج أصابعه مرتين" فإنها تظل على ضعفها لعدم وجود ما يشهد لها لكي ترتقي إلى الصحة أو الحسن.

ص: 208

‌1522 - الوهبي

(1)

: " (4) "

الإمام، المحدث الثقة أبو سعيد أحمد بن خالد الوهبي الحمصي الكندي مولاهم، أخو محمد بن خالد قيل: اسم جدهما موسى وقيل: محمد.

حدث أحمد عن: يونس بن أبي إسحاق، وعن محمد بن إسحاق وشيبان النحوي، وإسرائيل بن يونس وعبد العزيز بن الماجشون وعدة. ولم أر له رواية عن: أبي بكر بن أبي مريم وحريز بن عثمان.

حدث عنه: البخاري في صحيحه ومحمد بن يحيى الذهلي، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن مصفى وعمرو بن عثمان وأخوه يحيى بن عثمان، ومحمد بن خالد بن خلي وصفوان بن عمرو الصغير، وموسى بن عيسى بن المنذر وعمران بن بكار وأبو زرعة النصري، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وأحمد بن علي الدمشقي الخراز الأدمي، وآخرون.

روى أبو زرعة الدمشقي عن يحيى بن معين: أنه ثقة.

وقال ابن أبي عاصم: مات سنة أربع عشرة ومائتين.

قلت: مات وهو في عشر التسعين. يقع لنا من عواليه في كتب الطبراني.

أخوه:

‌1523 - محمد بن خالد الوهبي

(2)

: "د، ق"

ارتحل وحمل عن: إسماعيل بن أبي خالد وأبي حنيفة وابن جريج وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعدة.

وعنه: عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد ومحمد بن مصفى وأهل حمص.

قال أبو داود: لا بأس به.

قلت: هو الأكبر مات قبل المائتين رحمه الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1483"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 46"، والكاشف "1/ ترجمة 25"، وتهذيب التهذيب "1/ ترجمة 39"، وتقريب التهذيب "1/ 14".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 188"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1335"، والكاشف "3/ ترجمة 4896"، وتهذيب التهذيب "9/ 143".

ص: 209

‌1524 - خلف بن أيوب

(1)

: " ت"

الإمام المحدث الفقيه مفتي المشرق أبو سعيد العامري البلخي الحنفي الزاهد عالم أهل بلخ.

تفقه على القاضي أبي يوسف.

وسمع من: ابن أبي ليلى، وعوف الأعرابي، ومعمر بن راشد وطائفة، وصحب إبراهيم بن أدهم مدة.

حدث عنه: يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وأبو كريب، وعلي بن سلمة اللبقي، وأهل بلده.

وقد لينه من جهة إتقانه: يحيى بن معين.

قال أبو عيسى في جامعه في باب تفضيل الفقه على العبادة: حدثنا أبو كريب حدثنا خلف بن أيوب عن عوف عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت وفقه في الدين"

(2)

. قال أبو عيسى: تفرد به خلف ولا أدري كيف هو.

قال الحاكم في تاريخه: سمعت محمد بن عبد العزيز المذكر سمعت محمد بن علي البيكندي يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن السبب لثبات ملك آل سامان أن أسد بن نوح

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 375"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 664"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 443"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1687"، والعبر "1/ 367"، والكاشف "1/ ترجمة 1407"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2534"، والمغني "1/ ترجمة 1930"، وتهذيب التهذيب "3/ 147"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1847"، وشذرات الذهب "2/ 34".

(2)

حسن: أخرجه الترمذي "2684"، والعقيلي في "الضعفاء الكبير""2/ 24" من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا خلف بن أيوب، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته خلف بن أيوب العامري، ضعيف كما قال ابن معين. والحافظ في "التقريب"، وله شاهد عند ابن المبارك في "الزهد من طريق معمر، عن محمد بن حمزة بن عبد الله بن سلام، به مرفوعا. وإسناده حسن، محمد بن حمزة، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 210

خرج إلى المعتصم وكان شجاعًا عاقلًا فتعجبوا من حسنه، وعقله فقال له المعتصم: هل في أهل بيتك أشجع منك? قال: لا قال: فهل فيهم أعلم وأعقل منك? قال: لا فلم يعجب المعتصم ثم سأله: لم قلت? قال: لأنه ليس في أهل بيتي من وطئ بساط أمير المؤمنين ورآه غيري. فاستحسن ذلك، وولاه بلخ فكان يتولى الخطبة بنفسه. ثم سأل عن علماء بلخ فذكروا له خلف بن أيوب فتحين مجيئه للجمعة، وركب إلى ناحيته فلما رآه ترجل، وقصده فقعد خلف وخمر وجهه فقال له: السلام عليكم فأجابه، ولم ينظر إليه فرفع الأمير رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إن هذا العبد الصالح يبغضنا فيك ونحن نحبه فيك ثم ركب قال: ومرض خلف فعاده الأمير أسد، وقال: هل لك من حاجة? قال: نعم أن لا تعود إلي، وإن مت فلا تصل علي وعليك السواد فلما توفي شيعه ونزع سواده فقيل: إنه سمع صوتًا: بتواضعك وإجلالك خلفًا بنيت الدولة في عقبك.

هذه حكاية غريبة فإن صحت فلعل وفادة أسد على المأمون حتى يستقيم ذلك فإن خلفًا مات في أول شهر رمضان، سنة خمس ومائتين وقيل: عاش تسعًا وستين سنة.

ص: 211

‌1525 - الحسن بن زياد

(1)

:

العلامة فقيه العراق أبو علي الأنصاري مولاهم الكوفي اللؤلؤي صاحب أبي حنيفة.

نزل بغداد وصنف وتصدر للفقه.

أخذ عنه: محمد بن شجاع الثلجي، وشعيب بن أيوب الصريفيني. وكان أحد الأذكياء البارعين في الرأي ولي القضاء بعد حفص بن غياث ثم عزل نفسه.

قال محمد بن سماعة: سمعته يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث كلها يحتاج إليها الفقيه.

وقال أحمد بن عبد الحميد الحارثي: ما رأيت أحسن خلقًا من الحسن اللؤلؤي! وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه.

قلت: لينه ابن المديني وطول ترجمته الخطيب.

مات سنة أربع ومائتين رحمه الله.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 276"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 49"، وتاريخ بغداد "7/ 314"، والعبر "1/ 345"، وميزان الاعتدال "1/ 491"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "2/ 188"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 12".

ص: 211

‌1526 - أبو النضر

(1)

: " ع"

هو: الحافظ الإمام شيخ المحدثين أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي الخراساني ثم البغدادي قيصر من بني ليث بن كنانة من أنفسهم، ويقال: بل هو تميمي.

ذكر أحمد بن حنبل أنه قال: ولدت سنة أربع وثلاثين ومائة.

سمع: ابن أبي ذئب وشعبة، وحريز بن عثمان، ورأى سفيان الثوري يتوضأ بمكة، ولم يسمع منه وسمع أيضًا: عكرمة بن عمار وأبا جعفر الرازي وشيبان النحوي، وسليمان بن المغيرة ومبارك بن فضالة، والمسعودي وورقاء بن عمر، وأبا عقيل صاحب بهية وعبد العزيز بن الماجشون وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان والليث بن سعد، وأبا معشر السندي ومحمد بن طلحة بن مصرف، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، والوليد بن جميل، وأبا إسحاق الأشجعي، وأبا عقيل الثقفي وعبد الصمد بن حبيب، وبكر بن خنيس وعبيد الله الأشجعي وسمع من شعبة ما أملاه ببغداد، وهو أربعة آلاف حديث ورحل وجمع وصنف.

حدث عنه: أحمد وعلي، ويحيى بن معين وإسحاق، وخلف بن سالم، وابن أبي شيبة وعمرو الناقد وحجاج بن الشاعر والفضل بن سهل وعبد بن حميد ومحمود بن غيلان ومحمد بن رافع، ويعقوب بن شيبة، وولده أبو بكر بن أبي النضر، ومحمد بن عبيد الله بن المنادى، وأبو بكر الصاغاني وعباس الدوري وأحمد بن الفرات وأحمد بن الخليل البرجلاني، والحارث بن أبي أسامة وخلق كثير.

قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم الكناني من بني ليث من أنفسهم، وكان يلقب قيصر وإنما لقب بقيصر: أن نصر بن مالك الخزاعي صاحب شرطة الرشيد دخل الحمام في وقت صلاة العصر وقال للمؤذن: لا تقم الصلاة حتى أخرج.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 335"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2844"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 98، 616"، والكنى للدولابي "2/ 137"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 446"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2031"، وتاريخ بغداد "14/ 63"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 350"، والكاشف "3/ ترجمة 6035"، وتهذيب التهذيب "11/ 18 - 19"، وتقريب التهذيب "2/ 314"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7648".

ص: 212

قال: فجاء أبو النضر إلى المسجد، وقد أذن المؤذن فقال له أبو النضر: ما لك لا تقيم? قال: أنتظر أبا القاسم فقال: أقم فأقام الصلاة فصلوا فلما جاء نصر بن مالك قال للمؤذن: ألم أقل لك: لا تقم حتى أخرج? قال: لم يدعني هاشم بن القاسم، وقال لي: أقم فقال: ليس ذا هاشم هذا قيصر يمثل ملك الروم فلزمه هذا اللقب قال الحارث: وكان أحمد بن حنبل يقول: أبو النضر شيخنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

وروى أبو بكر الأعين، عن أحمد بن حنبل قال: أبو النضر من متثبتي بغداد.

وعن أحمد: أبو النضر أثبت من شاذان.

قال أحمد بن منصور الرمادي: اجتمعت ليلة مع ابن وارة فذكرنا أصحاب شعبة فقلت أنا: أبو النضر أثبت من وهب بن جرير وقال هو: وهب أثبت فغدونا على أحمد بن حنبل فقال: أبو النضر كتب عن شعبة إملاء.

وروى عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة، وكذا قال ابن: المديني وأبو حاتم وغيرهم.

قال العجلي: كان أبو النضر من الأبناء ثقة صاحب سنة سكن بغداد قال: وكان أهل بغداد يفخرون به.

وقال الحارث بن أبي أسامة ومطين وغيرهما: مات سنة سبع، ومائتين. وغلط من قال: مات سنة خمس ومائتين.

أخبرنا محمد بن عثمان التنوخي وجماعة قالوا: أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا أبو النضر حدثنا المسعودي عن سلمة بن كهيل، عن عبد الرحمن بن يزيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: الرعد ملك والبرق مخاريق بأيدي الملائكة يسوقون بها السحاب.

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا علي بن الحسن بن عبدويه الخزاعي، حدثنا أبو النضر حدثنا أبو جعفر الرازي عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا بها دماءهم، وأموالهم إلَّا بحقها وحسابهم على الله"

(1)

.

الحسن لم يصح سماعه من أبي هريرة وهو صاحب تدليس.

(1)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف، فيه أبو جعفر الرازي، سيئ الحفظ، وفيه الحسن، وهو ابن يسار، مدلس. وقد عنعنه. والحديث صحيح أخرجه مسلم "21""34"، وابن منده "196"، "402"، "403"، والدارقطني "2/ 89"، والبيهقي "8/ 202" من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة، به، وأخرجه ابن أبي شيبة "10/ 122"، "12/ 374"، ومسلم "21""35"، وأبو داود "2640"، والترمذي "2606"، وابن ماجه "3927"، وابن منده "26"، "28"، والبيهقي "1/ 196".

و"3/ 92" و"8/ 19 و 196" و"9/ 182" من طرق عن الأعمش، عن أبي صلاح، عن أبي هريرة، به.

ص: 213

‌1527 - مكي

(1)

: " ع"

ابن إبراهيم بن بشير بن فرقد، ويقال: جده فرقد بن بشير الإمام الحافظ الصادق مسند خراسان، أبو السكن التميمي الحنظلي البلخي.

سأله محمد بن علي بن جعفر البلخي: في أي سنة ولدت? قال: في سنة ست، وعشرين ومائة.

حدث عن: يزيد بن أبي عبيد وبهز بن حكيم، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وابن جريج وهشام بن حسان، والجعيد بن عبد الرحمن، وحنظلة بن أبي سفيان وموسى بن عبيدة وعثمان بن سعد الكاتب، وأبي حنيفة وأيمن بن نابل وداود بن يزيد الأودي، وفائد أبي الورقاء وفطر بن خليفة، وهاشم بن هاشم بن عتبة، وهشام الدستوائي، وعثمان بن الأسود ومالك بن أنس ويعقوب بن عطاء وعدة، وليس هو بالمكثر جدًا.

حدث عنه: البخاري، وأحمد بن حنبل وعبيد الله القواريري، ويحيى بن يحيى، ويحيى بن معين وبندار وسهل بن زنجلة وعبد الصمد بن الفضل البلخي وعباس الدوري، وأحمد بن عبيد الله النرسي، والكديمي ومعمر بن محمد البلخي، ويزيد بن سنان البصري، وعمر بن مدرك القاص، وحفيده محمد بن حسن وإبراهيم بن زهير

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 373"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2199"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2011"، وتاريخ بغداد "13/ 115"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 359"، والكاشف "3/ ترجمة 5721"، والعبر "2/ 13، 22"، وتهذيب التهذيب "10/ 293"، وتقريب التهذيب "2/ 273"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7431"، وشذرات الذهب "2/ 35".

ص: 214

الحلواني، وإبراهيم بن عثمان البلخي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد بن نصر مقرئ نيسابور، وإسماعيل بن محمد بن أبي كثير البلخي، وحامد بن محمود بن حرب، وأبو عوف البزوري، وعبد الصمد بن سليمان البلخي الأعرج، ومحمد بن أحمد بن ماهان البلخي، ومحمد بن أحمد بن مدويه الترمذي، ومحمد بن بشر السرخسي، ومحمد بن خشنام بن صالح البلخي، ومحمد بن صالح الصيدلاني، ومحمد بن عامر بن كامل، وعبد الصمد بن غالب، ومحمد بن عبد الحميد البزاز ومحمد بن عيسى بن قاسم ومحمد بن علي بن جعفر بن الزبير والد الحافظ أبي علي، ومحمد بن عمرو السواق وعبد الله بن محمد، وعبد الرحيم بن حازم البلخيون عشرتهم.

قال الكوسج: سألت أحمد عن مكي فقال: ثقة.

وروى أحمد بن زهير عن يحيى: صالح.

وقال أبو حاتم: محله الصدق.

وقال العجلي: ثقة.

وقال النسائي: ليس به بأس.

قلت: حج كثيرًا وكان له مال وتجارة.

حدث عن: مالك عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعًا فتفرد بهذا ثم رجع عنه لما بان له أنه، وهم وأبى أن يحدث به ثم وجده في كتابه عن مالك عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة

(1)

وقال: هكذا في كتابي.

قال عبد الصمد بن الفضل: شهدت مكيًا يقول: حججت ستين حجة، وتزوجت بستين امرأة وجاورت بالبيت عشر سنين وكتبت عن سبعة عشر نفسًا من التابعين، ولو علمت أن الناس يحتاجون إلي لما كتبت دون التابعين عن أحد.

وجاء عن عبد الصمد بن الفضل قال: روى مكي بن إبراهيم عن أحد عشر نفسًا من التابعين، ووقع عندي تسعة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1333"، ومسلم "951"، وأبو داود "3204"، من حديث أبي هريرة، به.

وأخرجه البخاري "1334"، ومسلم "952"، والنسائي "4/ 69"، وأحمد "3/ 295، 319" من حديث جابر، به، وورد من حديث أبي أمامة بن سهل: عند النسائي "4/ 72".

ص: 215

وقال عمر بن مدرك: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: قطعت البادية من بلخ خمسين مرة حاجًا، ودفعت في كراء بيوت مكة ألف دينار، ومائتي دينار، ونيفًا. عمر هذا: واه.

قال الدارقطني: مكي ثقة مأمون.

وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: حدثنا مكي بن إبراهيم الرجل الصالح بنيسابور.

وقال عمرو بن علي: قدم علينا مكي سنة اثنتي عشرة ومائتين. قال أبو حاتم والبخاري: مات سنة أربع عشرة.

وقال ابن سعد، ومطين وعبد الصمد بن الفضل وغيرهم: سنة خمس عشرة ومائتين. زاد ابن سعد: ببلخ في النصف من شعبان وقد قارب المائة، وكان ثقة ثبتًا في الحديث رحمه الله.

قلت: لم يلق البخاري بخراسان أحدًا أكبر منه. روى له: الجماعة.

أخبرنا يوسف بن أبي نصر وعبد الله بن قوام وطائفة سمعوا الحسين بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو الوقت حدثنا أبو الحسن المظفري، أخبرنا ابن حمويه أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا البخاري، حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6412".

ص: 216

‌1528 - عبيد الله بن موسى

(1)

: " ع"

ابن أبي المختار باذام الإمام الحافظ العابد أبو محمد العبسي بموحدة مولاهم الكوفي. أول من صنف المسند على ترتيب الصحابة بالكوفة، كما أن أبا داود الطيالسي أول من صنف المسند من البصريين على ما نقله الخليلي في إرشاده.

ولد في حدود عام عشرين ومائة.

وسمع من: هشام بن عروة، وسليمان الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومعروف بن خربوذ وزكريا بن أبي زائدة، وسعد بن أوس العبسي، وسلمة بن نبيط وحنظلة بن أبي سفيان، وطلحة بن عمرو الحضرمي، وطلحة بن يحيى التيمي وعبيد الله بن أبي زياد القداح، وعثمان بن الأسود، وعيسى بن أبي عيسى الحناط، وكيسان أبا عمر القصار ومصعب بن سليم وأبا إدام المحاربي وموسى بن عبيدة، وابن جريح والأوزاعي ومسعرًا وشعبة وسفيان، وشيبان وإسرائيل والحسن بن حي، وخلقًا كثيرًا.

وكان من حفاظ الحديث مجودًا للقرآن تلا على: حمزة الزيات وعيسى بن عمر الهمداني، وعلي بن صالح بن حي. وتصدر للإقراء والتحديث.

تلا عليه: أحمد بن جبير الأنطاكي وأيوب بن علي الأبزاري ومحمد بن عبد الرحمن وأبو حمدون الطيب، ومحمد بن علي بن عفان، وطائفة سواهم.

وحدث عنه: أحمد بن حنبل قليلًا كان يكرهه لبدعة ما فيه وإسحاق وابن معين ومحمد بن عبد الله بن نمير، وعبد بن حميد وعلي بن محمد الطنافسي وحجاج بن الشاعر، ومحمود بن غيلان ومحمد بن يحيى ومحمد بن عوف الطائي وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد بن عثمان بن كرامة وأبو حاتم وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن سليمان الباغندي وعباس الدوري وأحمد بن حازم الغفاري وأحمد بن عبد الله العجلي، والحارث بن أبي أسامة وخلق كثير. وروى عنه: البخاري في صحيحه ويعقوب الفسوي في مشيخته.

وثقة ابن معين وجماعة وحديثه في الكتب الستة.

قال أبو حاتم: ثقة صدوق حسن الحديث قال: وأبو نعيم أتقن منه وعبيد الله أثبتهم في إسرائيل كان إسرائيل يأتية فيقرأ عليه القرآن.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة رأس في القرآن عالم به ما رأيته رافعًا رأسه، وما رئي ضاحكًا قط.

وروى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: كان شيعيًا محترقًا جاز حديثه.

قلت: كان صاحب عبادة وليل صحب حمزة، وتخلق بآدابة إلَّا في التشيع المشؤوم، فإنه أخذه عن أهله بلده المؤسس على البدعة. قال أحمد بن حنبل: حدث بأحاديث سوء وأخرج تلك البلايا فحدث بها.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 400"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 1293"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 198"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1110"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 343"، والكاشف "2/ ترجمة 3644"، والمغني "2/ ترجمة 3952"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5400"، وجامع التحصيل للعلائي "ترجمة 494"، وتهذيب التهذيب "7/ 50"، وتقريب التهذيب "1/ 539"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4605"، وشذرات الذهب "2/ 29".

ص: 217

قال أبو حاتم: سمعت منه في سنة ثلاث عشرة ومائتين.

وقال ابن سعد: مات في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، ووافقه على السنة خليفة والبخاري، وجماعة وقيل: مات في شوالها وقال الفسوي: سنة أربع عشرة.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، ويحيى بن أبي منصور قالا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن سليمان الواسطي حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: قال علي رضي الله عنه خيرنا بعد نبينا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

ورواية عبيد الله مثل هذا دال على تقديمه للشيخين ولكنه كان ينال من خصوم علي.

قال ابن مندة: كان أحمد بن حنبل يدل الناس على عبيد الله، وكان معروفًا بالرفض لم يدع أحدًا اسمه معاوية يدخل داره. فقيل: دخل عليه معاوية بن صالح الأشعري فقال: ما اسمك? قال: معاوية قال: والله لا حدثتك ولا حدثت قومًا أنت فيهم.

ص: 218

‌1529 - عثمان بن عمر بن فارس

(1)

: " ع"

ابن لقيط بن قيس أبو محمد العبدي البصري الحافظ، وقيل: يكنى أبا عدي.

وقيل: أبا عبد الله، وقيل: أصله من بخارى.

مولده بعد العشرين ومائة.

سمع: ابن عون، وهشام بن حسان وكهمس بن الحسن، ويونس ابن يزيد، وقرة بن خالد، وعلي بن المبارك الهنائي، وشعبة وإسرائيل وعزرة بن ثابت وإسماعيل بن مسلم العبدي وأبا عامر الخزاز، وداود بن قيس وابن أبي ذئب، وفليح بن سليمان ومعاذ بن العلاء وعدة.

روى عنه: أحمد وإسحاق وأبو خيثمة، والفلاس وبندار، وابن مثنى، والرمادي،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 296"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2274"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 129"، "3/ 74 - 75"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 877"، وتاريخ بغداد "11/ 280"، والكاشف "2/ ترجمة 3781"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5545"، والعبر "1/ 357"، وتهذيب التهذيب "7/ 142"، وتقريب التهذيب "2/ 12"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 4772"، وشذرات الذهب "2/ 22".

ص: 218

وسليمان بن سيف الحراني وأبو إسحاق الجوزجاني، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ويزيد بن سنان البصري، ومحمد بن يحيى والصنعاني والكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وعبد الله بن روح المدائني، ومحمد بن سنان القزاز وخلق كثير.

قال أحمد بن حنبل: رجل صالح ثقة.

وقال ابن معين: ثقة.

وقال أحمد العجلي: ثقة ثبت في الحديث.

وقال أبو حاتم: صدوق كان يحيى بن سعيد لا يرضاه.

قلت: يحيى بن سعيد كثير التعنت في الرجال وإلا فعثمان بن عمر ثقة ما فيه مغمز.

قال عمرو بن علي: مات لثلاث، وعشرين خلون من ربيع الأول سنة تسع، ومائتين.

وقال يحيى بن حكيم: لثمان بقين من ربيع الأول سنة تسع.

وقال أبو أمية الطرسوسي: مات سنة ثمان فوهم وقال خليفة: سنة سبع فصحف.

أخبرنا شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمن بن قدامة إجازة أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن يونس حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أفلح عن القاسم عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر كلمة، وبعدها أشعر بدنته، وقلدها ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء.

أخرجه مسلم

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1321"، "362" من طريق عبد الله بن قعنب، عن أفلح، به.

ص: 219

‌1530 - الأشيب

(1)

: " ع"

الإمام، الفقيه، الحافظ، الثقة قاضي الموصل أبو علي الحسن بن موسى البغدادي الأشيب.

ولد سنة نيف وثلاثين ومائة.

سمع ابن أبي ذئب وحريز بن عثمان، وشعبة وشيبان، وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وحماد بن زيد وعدة.

حدث عنه: أحمد بن حنبل وأبو خيثمة وأحمد بن منيع، وحجاج بن الشاعر، وعبد بن حميد وأبو إسحاق الجوزجاني ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، والحارث بن أبي أسامة وبشر بن موسى، وإسحاق بن الحسن الحربي، وخلق كثير.

وثقه يحيى بن معين، وغيره.

ولي قضاء حمص، وقضاء طبرستان ثم ولي قضاء الموصل، وكان من أوعية العلم لا يقلد أحدًا.

قال محمد بن عبد الله بن عمار الحافظ: كان بالموصل بيعة قد خربت، فاجتمع النصارى إلى الحسن الأشيب وجمعوا مائة ألف درهم على أن يحكم لهم بها حتى تبنى فقال: ادفعوا المال إلى بعض الشهود. فلما حضروا بالجامع قال: اشهدوا علي بأني قد حكمت بأن لا تبنى. فنفر النصارى، ورد عليهم المال.

قال أبو حاتم: مات الأشيب بالري فحضرت جنازته.

وقال ابن سعد: ولي قضاء حمص، والموصل لهارون الرشيد ثم قدم بغداد إلى أن ولاه المأمون قضاء طبرستان، فتوجه إليها فمات بالري سنة تسع ومائتين في ربيع الأول.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 337"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2567"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 61، 69"، والكنى للدولابي "2/ 34"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 160"، وتاريخ بغداد "7/ 426"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 364"، والعبر "1/ 357"، والكاشف "1/ ترجمة 1076" وميزان الاعتدال "1/ 524"، والمغني "1/ ترجمة 1488"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 280"، وتهذيب التهذيب "2/ 323"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة "1388"

ص: 220

‌1531 - منصور بن سلمة

(1)

: " خ، م، س"

ابن عبد العزيز بن صالح الحافظ الناقد الحجة أبو سلمة الخزاعي البغدادي.

ولد بعد الأربعين، ومائة.

وحدث عن: عبد العزيز بن أبي سلمة، وحماد بن سلمة ومالك بن أنس، والليث بن سعد ويعقوب القمي، وشريك القاضي وسليمان بن بلال، وهشيم وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وأبو بكر الصاغاني، وعباس الدوري، وأبو أمية الطرسوسي وأحمد بن أبي خيثمة وخلق كثير.

وثقه يحيى بن معين وغيره، وكان من أئمة هذا الشأن بصيرًا بالرجال والعلل.

قال أحمد بن أبي خيثمة: قال لي أبي وقد رجعنا من عند أبي سلمة الخزاعي: كتبت اليوم عن كبش نطاح.

وقال الدارقطني: هو أحد الحفاظ الرفعاء الذين كانوا يسألون عن الرجال ويؤخذ بقولهم أخذ عنه: أحمد بن حنبل وابن معين وغيرهما علم ذلك.

وقال ابن سعد: كان ثقة يتمنع بالحديث ثم حدث أيامًا، وخرج إلى الثغر فمات بالمصيصة سنة عشر، ومائتين وفيها أرخه: أبو بكر الأعين ومطين وقال مطين مرة: مات سنة تسع، والأول هو الصحيح.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 345"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1502"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 180"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 763"، وتاريخ بغداد "13/ 70" وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 349"، والكاشف "3/ ترجمة 5741"، وتهذيب التهذيب "10/ 308"، وتقريب التهذيب "2/ 376"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7209".

ص: 221

‌1532 - اليزيدي

(1)

:

شيخ القراء أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري النحوي، وعرف باليزيدي لاتصاله بالأمير يزيد بن منصور خال المهدي يؤدب ولده.

جود القرآن على: أبي عمرو المازني، وحدث عنه وعن: ابن جريج.

تلا عليه خلق منهم: أبو عمر الدوري، وأبو شعيب السوسي. وحدث عنه: ابنه محمد وأبو عبيد وإسحاق الموصلي.

وروى عنه: قراءة أبي عمرو: بنوه محمد، وعبد الله وإبراهيم وإسماعيل، وإسحاق وحفيده أحمد بن محمد، وأبو حمدون الطيب وعامر أوقية، وسليمان بن خلاد، وأحمد بن جبير ومحمد بن شجاع، وأبو أيوب الخياط وجعفر غلام سجادة ومحمد بن سعدان، ومحمد بن عمر الرومي.

وله اختيار في القراءة لم يخرج فيه عن السبع.

وقد أدب المأمون وعظم حاله، وكان ثقة عالمًا حجة في القراءة لا يدري ما الحديث لكنه أخباري نحوي علامة بصير بلسان العرب أخذ العربية عن أبي عمرو وعن الخليل.

وألف كتاب النوادر وكتاب المقصور والممدود، وكتاب الشكل وكتاب نوادر اللغة وكتاب النحو.

وكان نظيرًا للكسائي يجلس للناس في مسجد مع الكسائي للإفادة فكان يؤدب المأمون، وكان الكسائي يؤدب الأمين.

وروى عن أبي حمدون قال: شهدت ابن أبي العتاهية وكتب عن اليزيدي نحو عشرة آلاف ورقة عن أبي عمرو بن العلاء خاصة.

قلت: عاش أربعًا وسبعين سنة، وتوفي ببغداد سنة اثنتين ومائتين.

وقيل: بل كانت وفاته بمرو في صحابة المأمون.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 146"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "20/ 30 - 32"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 799"، والعبر "1/ 338"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 173"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 4".

ص: 221

‌1533 - عبد الرزاق بن همام

(1)

: " ع"

ابن نافع الحافظ الكبير عالم اليمن أبو بكر الحميري مولاهم الصنعاني، الثقة الشيعي.

ارتحل إلى الحجاز والشام والعراق وسافر في تجارة.

حدث عن: هشام بن حسان، وعبيد الله بن عمر، وأخيه عبد الله وابن جريج، ومعمر فأكثر عنه وحجاج بن أرطاة وعبد الملك بن أبي سليمان، والمثنى بن الصباح وعمر بن ذر ومحمد بن راشد وزكريا بن إسحاق وعكرمة بن عمار، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وثور بن يزيد وأيمن بن نابل، والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وسفيان الثوري وإسرائيل بن يونس، ومالك بن أنس ووالده همام وخلق سواهم.

حدث عنه: شيخه سفيان بن عيينه، ومعتمر بن سليمان وأبو أسامه وطائفة من

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 548"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1933"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1082"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 379"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 204"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1463"، والأنساب للسمعاني "8/ 92"، والكاشف "2/ ترجمة 3410"، والمغني "2/ ترجمة 3678"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5044"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 357"، وتهذيب التهذيب "6/ 310"، وتقريب التهذيب "1/ 505"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 3415".

ص: 222

أقرانه وأحمد بن حنبل، وابن راهويه ويحيى بن معين، وعلي بن المديني وإسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن رافع وعبد بن حميد ويحيى بن جعفر البيكندي، ويحيى بن موسى خت والحسن بن أبي الربيع وأحمد بن منصور الرمادي وأحمد بن يوسف السلمي وأحمد بن الأزهر وسلمة بن شبيب، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وإبراهيم بن سويد الشبامي والحسن بن عبد الأعلى البوسي، وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني، وأحمد بن صالح المصري، وحجاج بن الشاعر ومحمد بن حماد الطهراني، ومؤمل بن إهاب.

قال أحمد: حدثنا عبد الرازق: أنه ولد سنة ست وعشرين ومائة. وقال أحمد بن أبي خيثمة: قال عبد الرزاق: لزمت معمرًا ثماني سنين حدثناه أحمد بن يحيى وابن معين.

عباس: عن ابن معين قال: كان عبد الرزاق في حديث معمر أثبت من هشام بن يوسف، وكان هشام بن يوسف أثبت منه في حديث ابن جريج، وأقرأ لكتب ابن جريج من عبد الرزاق، وكان أعلم بحديث سفيان الثوري من عبد الرزاق.

أبو زرعة الدمشقي: أخبرنا أحمد قال: أتينا عبد الرزاق قبل المائتين، وهو صحيح البصر، ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع.

وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق.

قال علي بن المديني: قال لي هشام بن يوسف: كان عبد الرزاق أعلمنا، وأحفظنا.

قلت: هكذا كان النظراء يعترفون لأقرانهم بالحفظ.

وقال يحيى بن معين: ما كان أعلم عبد الرزاق بمعمر وأحفظه عنه! وكان هشام بن يوسف فصيحًا يبتدع الخطبة على المنبر. قال عثمان بن سعيد: قلت لابن معين: فعبد الرزاق في سفيان? قال: مثلهم يعني: قبيصة والفريابي وعبيد الله وابن يمان.

قال أحمد العجلي: عبد الرزاق: ثقة كان يتشيع.

وفي المسند: قال أحمد بن حنبل: ما كان في قرية عبد الرزاق بئر فكنا نذهب نبكر على ميلين نتوضأ ونحمل معنا الماء.

ص: 223

وقال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن رافع يقول: كنت مع أحمد، وإسحاق عند عبد الرزاق فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير فلما رجعنا دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، ثم قال لأحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما عجبًا لم تكبرا! فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكر كنا ننتظر هل تكبر فنكبر فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران فأكبر.

مكي بن عبدان: حدثنا أبو الأزهر سمعت عبد الرزاق يقول: صار معمر هليلجة

(1)

في فمي.

الحسن بن سفيان: سمعت فياض بن زهير النسائي يقول: تشفعنا بامرأة عبد الرزاق عليه فدخلنا فقال: هاتوا تشفعتم إلي بمن ينقلب معي على فراشي? ثم قال:

ليس الشفيع الذي يأتيك متزرًا

مثل الشفيع الذي يأتيك عريانًا

عباس: حدثنا يحيى قال بشر بن السري: قال عبد الرزاق: قدمت مكة مرة فأتاني أصحاب الحديث يومين، ثم انقطعوا عني يومين أو ثلاثة فقلت: يا رب ما شأني? أكذاب أنا? أي شيء أنا? قال: فجاءوني بعد ذلك.

المفضل الجندي: حدثنا سلمة بن شبيب سمعت عبد الرزاق يقول: أخزى الله سلعة لا تنفق إلَّا بعد الكبر، والضعف حتى إذا بلغ أحدهم مائة سنة كتب عنه فإما أن يقال: كذاب فيبطلون علمه وإما أن يقال: مبتدع فيبطلون علمه فما أقل من ينجو من ذلك.

محمود بن غيلان: عن عبد الرزاق: قال لي وكيع: أنت رجل عندك حديث وحفظك ليس بذاك فإذا سئلت عن حديث فلا تقل: ليس هو عندي ولكن قل: لا أحفظه.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند: قال يحيى بن معين: قال لي عبد الرزاق: اكتب عني حديثًا واحدًا من غير كتاب قلت: لا ولا حرف.

ابن أبي خيثمة: حدثنا ابن معين قال لي عبد الرزاق بمكة قبل أن أقدم عليه اليمن: يا فتى! ما تريد إلى هذه الأحاديث سمعنا وعرضنا وكل سماع؟ وقال لي: إن هذه الكتب كتبها لي الوراقون سمعناها مع أبي.

عبد الله بن أحمد وعباس واللفظ له: حدثنا يحيى بن معين: قال لي أبو جعفر

(1)

الهليلج والإهليلج: ثمر يتخذ في العقاقير.

ص: 224

السويدي: جاءوا إلى عبد الرزاق بأحاديث كتبوها ليست من حديثه فقالوا له: اقرأها علينا فقال: لا أعرفها فقالوا: أقرأها علينا ولا تقل فيها: حدثنا فقرأها عليهم.

قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول في حديث أبي هريرة: حدث به عبد الرزاق النار جبار: لم يكن في الكتب باطل رواها: الأثرم عن أحمد وزاد: ثم قال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق? قلت: حدثنا أحمد بن شبويه قال: هؤلاء سمعوا بعد ما عمي كان يلقن فلقنوه، وليس في كتبه وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه. قلت: أظنها تصحفت عليهم فإن النار قد تكتب "النير" على الإمالة بياء على هيئة البير فوقع التصحيف.

ابن أبي العقب وأبو الميمون: حدثنا أبو زرعة حدثني محمود بن سميع، سمع أحمد بن صالح يقول: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحسن حديثًا من عبد الرزاق? قال: لا.

قال كاتبه: ما أدري ما عنى أحمد بحسن حديثه هل هو جودة الإسناد أو المتن أو غير ذلك.

الفسوي: حدثنا محمد بن أبي السري قلت لعبد الرزاق: ما رأيك أنت? يعني: في التفضيل قال: فأبى أن يخبرني، وقال: كان سفيان يقول: أبو بكر، وعمر ويسكت ثم قال لي سفيان: أحب أن أخلو بأبي عروة يعني: معمرًا فقلنا لمعمر فقال: نعم فخلا به فلما أصبح قلت: يا أبا عروة! كيف رأيته? قال: هو رجل إلَّا أنه قلما تكاشف كوفيًا إلَّا، وجدت فيه شيئًا يريد: التشيع ثم قال عبد الرزاق: وكان مالك يقول: أبو بكر وعمر ويسكت وكان معمر يقول: أبو بكر، وعمر وعثمان ويسكت، ومثله كان يقول هشام بن حسان.

قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: أكان عبد الرزاق يفرط في التشيع? قال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئًا ولكن رجلًا يعجبه أخبار الناس أو الأخبار.

محمد بن أيوب بن الضريس: سألت محمد بن أبي بكر المقدمي عن حديث لجعفر بن سليمان فقلت: روى عنه عبد الرزاق فقال: فقدت عبد الرزاق، ما أفسد جعفرًا غيره يعني: في التشيع قلت أنا: بل ما أفسد عبد الرزاق سوى جعفر بن سليمان.

قال أبو جعفر العقيلي: حدثنا أحمد بن بكير الحضرمي حدثنا محمد بن إسحاق بن يزيد البصري، سمعت مخلدًا الشعيري يقول: كنت عند عبد الرزاق فذكر رجل معاوية فقال: لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان!

ص: 225

عبد الله بن أحمد: قلت لابن معين: تخشى السن على عبد الرزاق? فقال: أما حيث رأيناه فما كان بلغ الثمانين نحو من سبعين. ثم قال يحيى: ذكر أبو جعفر السويدي أن قومًا من الخراسانية من أصحاب الحديث جاءوا إلى عبد الرزاق بأحاديث للقاضي هشام بن يوسف، تلقطوها عن معمر من حديث هشام، وكان ابن ثور ثقة فجاءوا بها إلى عبد الرزاق فنظر فيها فقال: بعضها سمعتها، وبعضها لا أعرفها ولم أسمعها قال: فلم يفارقوه حتى قرأها، ولم يقل لهم: حدثنا ولا أخبرنا حدثني السويدي بهذا. آدم بن موسى: سمعت البخاري يقول: عبد الرزاق ما حدث من كتابه فهو أصح.

أبو زرعة الرازي: حدثنا عبد الله بن محمد المسندي قال: ودعت ابن عيينة فقلت: أتريد عبد الرزاق? قال: أخاف أن يكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا.

عباس: سمعت ابن معين: قال هشام بن يوسف: عرض معمر هذه الأحاديث على همام بن منبه إلَّا أنه سمع منها نيفًا وثلاثين حديثًا يعني: صحيفة همام التي رواها عبد الرزاق عن معمر عنه، وهي مائة ونيف وثلاثون حديثًا أكثرها في الصحيحين.

العقيلي في كتاب الضعفاء له في ترجمة عبد الرزاق: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد سمعت محمد بن عثمان الثقفي قال: لما قدم العباس بن عبد العظيم من عند عبد الرزاق من صنعاء، قال لنا ونحن جماعة: ألست قد تجشمت الخروج إلى عبد الرزاق؟ فدخلت إليه، وأقمت عنده حتى سمعت منه ما أردت? والله الذي لا إله إلَّا هو إن عبد الرزاق كذاب، والواقدي أصدق منه.

قلت: بل والله ما بر عباس في يمينه، ولبئس ما قال يعمد إلى شيخ الإسلام، ومحدث الوقت، ومن احتج به كل أرباب الصحاح، وإن كان له أوهام مغمورة، وغيره أبرع في الحديث منه فيرميه بالكذب، ويقدم عليه الواقدي الذي أجمعت الحفاظ على تركه، فهو في مقالته هذه خارق للإجماع بيقين.

قال العقيلي: سمعت علي بن عبد الله بن المبارك الصنعاني يقول: كان زيد بن المبارك قد لزم عبد الرزاق فأكثر عنه ثم خرق كتبه، ولزم محمد بن ثور فقيل له في ذلك فقال: كنا عند عبد الرزاق، فحدثنا بحديث معمر، عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان الحديث الطويل فلما قرأ قول عمر لعلي والعباس: فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك وجاء هذا يطلب ميراث امرأته، قال عبد الرزاق: انظروا إلى الأنوك يقول: تطلب

ص: 226

أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث زوجته من أبيها لا يقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زيد بن المبارك: فلم أعد إليه ولا أروي عنه.

قلت: هذه عظيمة، وما فهم قول أمير المؤمنين عمر، فإنك يا هذا لو سكت لكان أولى بك فإن عمر إنما كان في مقام تبيين العمومة والبنوة، وإلا فعمر رضي الله عنه أعلم بحق المصطفى، وبتوقيره وتعظيمه من كل متحذلق متنطع بل الصواب أن نقول عنك: انظروا إلى هذا الأنوك الفاعل عفا الله عنه كيف يقول عن عمر هذا ولا يقول: قال أمير المؤمنين الفاروق? وبكل حال فنستغفر الله لنا ولعبد الرزاق فإنه مأمون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق.

قال العقيلي: حدثنا أحمد بن محمد: سمعت أبا صالح محمد بن إسماعيل الصراري يقول: بلغنا، ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق أن أصحابنا يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهما تركوا حديث عبد الرزاق، وكرهوه فدخلنا من ذلك غم شديد وقلنا: قد أنفقنا ورحلنا، وتعبنا فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج فخرجت إلى مكة فلقيت بها يحيى بن معين فقلت له: يا أبا زكريا! ما نزل بنا من شيء بلغنا عنكم في عبد الرزاق? قال: وما هو? قلنا: بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه قال: يا أبا صالح! لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام ما تركنا حديثه.

أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين وبلغه أن أحمد بن حنبل تكلم في عبيد الله بن موسى بسبب التشيع فقال يحيى: والله العظيم لقد سمعت من عبد الرزاق في هذا المعنى أكثر مما يقول عبيد الله بن موسى، ولكن خاف أحمد بن حنبل أن تذهب رحلته إلى عبد الرزاق، أو كما قال رواها ثقتان عنه.

أحمد بن زهير: أنبؤونا عن بركات الخشوعي أنبأنا أبو طالب اليوسفي، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي حدثنا القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد سمعت سلمة بن شبيب، سمعت عبد الرزاق يقول: ما انشرح صدري قط أن أفضل عليًا علي أبي بكر وعمر فرحمهما الله ورحم عثمان، وعليًا من لم يحبهم فما هو بمؤمن أوثق عملي حبي إياهم.

أبو حامد بن الشرقي: حدثنا أبو الأزهر سمعت عبد الرزاق يقول: أفضل الشيخين بتفضيل علي إياهما على نفسه كفى بي إزراء أن أخالف عليًا رضي الله عنه.

عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني: حدثنا عباس بن عبد العظيم، عن زيد بن المبارك قال: كان عبد الرزاق كذابًا يسرق الحديث.

ص: 227

وذكره: أبو أحمد بن عدي في كامله فقال: نسبوه إلى التشيع، وروى أحاديث في الفضائل لا يوافق عليها، فهذا أعظم ما ذموه به من روايته هذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره، وأما الصدق فإني أرجو أنه لا بأس به، إلَّا أنه قد سبق منه أحاديث في أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير، وقد سمعت ابن حماد، سمعت أبا صالح الصراري فذكر حكايته وقول يحيى: لو ارتد ما تركنا حديثه.

وقد أورد أبو القاسم بن عساكر ترجمة عبد الرزاق في سبع عشرة ورقة، وأفظع حديث له ما تفرد به عنه الثقة أحمد بن الأزهر في مناقب الإمام علي، فإنه شبه موضوع، وتابعه عليه محمد بن علي بن سفيان الصنعاني النجار قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: "أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله فالويل لمن أبغضك بعدي"

(1)

.

قال الحاكم: حدث به أبو الأزهر ببغداد في حياة يحيى بن معين فأنكره من أنكره حتى تبين للجماعة أن أبا الأزهر بريء الساحة منه فإنه صادق، وحدثناه أبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر حدثنا أبو الأزهر فذكره، وحدثني عبد الله بن سعد حدثنا محمد بن حمدون، حدثنا محمد بن علي النجار فذكره.

وسمعت أبا علي الحافظ، سمعت أحمد بن يحيى التستري يقول: لما حدث أبو الأزهر بهذا في الفضائل أخبر يحيى بن معين بذلك فبينا هو عنده في جماعة أصحاب الحديث إذ قال: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث بهذا عن عبد الرزاق? فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أنا. فتبسم يحيى بن معين، وقال: أما إنك لست بكذاب وتعجب من سلامته وقال: الذنب لغيرك فيه.

وسمعت أبا أحمد الحافظ سمعت أبا حامد بن الشرقي، وسئل عن حديث أبي الأزهر عن عبد الرزاق في فضل علي فقال: هذا باطل، والسبب فيه أن معمرًا كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكنه من كتبه فأدخل عليه هذا الحديث وكان معمر مهيبًا لا يقدر أحد على مراجعته، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر.

(1)

منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل""5/ 312" من طريق أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، حدثنا عبد الرزاق، عن الزهري، به.

قلت: إسناده واه بمرة، أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، اتهمه يحيى بن معين، وما إخال الآفة إلا منه.

والحديث ظاهر النكارة لكل من أنعم بصره في دواوين السنة المشرفة.

ص: 228

قلت: هذه حكاية منقطعة، وما كان معمر شيخًا مغفلًا يروج هذا عليه، كان حافظًا بصيرًا بحديث الزهري.

قال مكي بن عبدان: حدثنا أبو الأزهر قال: خرج عبد الرزاق إلى قريته فبكرت إليه يومًا حتى خشيت على نفسي من البكور فوصلت إليه قبل أن يخرج لصلاة الصبح، فلما خرج رآني فأعجبه فلما فرغ من الصلاة دعاني، وقرأ علي هذا الحديث وخصني به دون أصحابي.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا سالم بن الحسن أخبرنا أبو الفتح ابن شاتيل أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الله بن يحيى أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة قال: دخلت أنا وابن فيروز مولى عثمان على ابن عباس، فقال له ابن فيروز: يا أبا عباس: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ} الآية [السجدة: 5] فقال ابن عباس: من أنت? قال: أنا عبد الله بن فيروز. فقال ابن عباس: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} فقال: أسألك يا أبا عباس? قال: أيام سماها الله هو أعلم بها أكره أن أقول فيها ما لا أعلم قال ابن أبي مليكة: فضرب الدهر حتى دخلت على سعيد بن المسيب فسئل عنها فلم يدر ما يقول فقلت له: ألا أخبرك ما حضرت من ابن عباس؟ فأخبرته فقال ابن المسيب للسائل: هذا ابن عباس قد اتقى أن يقول فيها، وهو أعلى مني.

وبه إلى عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: كان عدي بن أرطاة يبعث إلى الحسن كل يوم قعابًا

(1)

من ثريد، فيأكل هو وأصحابه. قلت: قد كان عدي أميرًا على البصرة لعمر بن عبد العزيز.

وبه إلى عبد الرزاق: أخبرنا الثوري حدثني منصور عن مجاهد، عن عقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اكتوى، أو استرقى فقد برئ من التوكل"

(2)

.

وبه إلى عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بعض

(1)

القعاب: جمع قعب وهو القدح الضخم الغليظ.

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "2056"، وأحمد "4/ 253" كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، به، وأخرجه ابن ماجه "3489"، وأحمد "4/ 249" كلاهما من طريق الليث، عن مجاهد، به.

ص: 229

أهله فقال: "أين فلانة? " قالوا: اشتكت عينها فقال: "استرقوا لها فقد أعجبتني عيناها"

(1)

.

قرأت على أحمد بن إسحاق أخبركم الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء قال: قرئ على أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأنا أسمع في سنة سبع عشرة وثلاث مائة قيل له: حدثكم أحمد بن منصور بن سيار، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني أنس قال: فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الصلوات خمسين، ثم نقصت إلى خمس ثم نودي:"يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بالخمس خمسين"

(2)

.

وأخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، ومحمد بن محمد الكاتب، وعبد الرحيم بن عبد المحسن قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي أخبرنا جدي أبو طاهر الحافظ، أخبرنا مكي بن منصور أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا محمد بن أحمد بن معقل حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك قال: فرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الصلوات خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسًا ثم نودي:"يا محمد إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين".

أخرجه الترمذي عن الذهلي

(3)

.

أخبرنا أبو المعالي الهمذاني، أخبرنا أحمد بن يوسف والفتح بن عبد الله "ح". وأخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا أبو اليمن الكندي قالوا: أخبرنا محمد بن القاضي "ح". وأخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد قالا: أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، أخبرنا علي بن عمر السكري، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي حدثنا يحيى بن معين في سنة سبع وعشرين ومائتين حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب، وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون المحصب

(4)

.

(1)

منكر: هذا مرسل، بل معضل، ومتنه ظاهر النكارة، ومثله لا يصدر من مشكاة النبوة.

(2)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "1768".

(3)

صحيح: أخرجه الترمذي "213" عن محمد بن يحيى الذهلي، به.

وأخرجه البخاري "3207"، ومسلم "162"، والنسائي "1/ 217، 223".

(4)

صحيح: أخرجه مسلم "1310".

ص: 230

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا إسماعيل بن محمد، أخبرنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال عمر: يا أسلم! لا يكن حبك كلفًا، ولا بغضك تلفًا قلت: وكيف ذاك? قال: إذا أحببت فلا تكلف كما يكلف الصبي، وإذا أبغضت فلا تبغض بغضًا تحب أن يتلف صاحبك ويهلك.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا الحسين بن بطحاء، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي حدثني الحسين بن داود بن معاذ البلخي، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري في قوله عز وجل:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} قال: تنظر في وجه الرحمن عز وجل.

توفي عبد الرزاق: في شوال سنة إحدى عشرة ومائتين.

يحيى بن معين: سمعت هشام بن يوسف يقول: كان لعبد الرزاق حين قدم ابن جريج اليمن ثماني عشرة سنة.

قال يعقوب بن شيبة: عن ابن المديني قال لي هشام بن يوسف: كان عبد الرزاق أعلمنا وأحفظنا. قال يعقوب: وكل ثقة ثبت.

ص: 231

‌1534 - هشام بن يوسف

(1)

: " خ، (4) "

الصنعاني الإمام الثبت قاضي صنعاء اليمن، وفقيهها أبو عبد الرحمن من أقران عبد الرزاق لكنه أجل، وأتقن مع قدم موته فهو ممن يذكر مع معن بن عيسى وعبد الرحمن بن مهدي.

حدث عن: ابن جريج ومعمر وسفيان الثوري والقاسم بن فياض وجماعة، وليس بالمكثر لكنه مجود.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 548"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2675"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 497، 710، 721"، "2/ 832"، "3/ 16، 163"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 721"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2029"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 331"، والكاشف "3/ ترجمة رقم 6083"، والعبر "1/ 324"، وتهذيب التهذيب "11/ 57 - 58"، وتقريب التهذيب "2/ 320"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7693".

ص: 231

روى عنه: إبراهيم بن موسى الفراء ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن محمد المسندي وخلق سواهم ولم يدركه أحمد بن حنبل.

ذكره أبو حاتم فقال: ثقة متقن.

وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: سمعت بعض أصحابنا قال مرة: قال يحيى بن معين: كتب لي عبد الرزاق إلى هشام بن يوسف فقال: إنك تأتي رجلًا إن كان غيره السلطان فإنه لم يغير حديثه.

وقال يحيى بن معين: مكثنا على باب هشام خمسين يومًا لا يحدثنا بحديث نذهب معه إلى باب الأمير.

وقال أحمد بن حنبل: سمعت عبد الرزاق يقول: أتاه يعني: يحيى ابن معين فأجزره وشاة وفعل به، وفعل ثم قال أحمد: هشام ألأم من أن يذبح له.

قال إبراهيم بن يوسف: سمعت هشام بن يوسف يقول: قدم سفيان الثوري اليمن فقال: اطلبوا كاتبًا سريع الخط. فارتادوني فكنت أكتب.

قال أبو زرعة الرازي: هشام أصح اليمانيين كتابًا.

وقال عبد الرزاق: إن حدثكم القاضي فلا عليكم أن لا تكتبوا عن غيره.

قلت: توفي هشام في سنة سبع، وتسعين ومائة في عشر السبعين أرى.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد القرافي بمصر، أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي الفتح والفرج بن عبد الله الكاتب ببغداد قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي في سنة خمس وثمانين وثلاث مائة حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين سنة سبع وعشرين ومائتين، حدثنا هشام بن يوسف عن عبد الله بن سليمان النوفلي عن محمد بن علي عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي"

(1)

.

هذا حديث غريب فرد ما رواه عن ابن عباس إلَّا ولده علي، ولا عن علي إلَّا ابنه محمد أبو الخلفاء تفرد به عنه: قاضي صنعاء عبد الله بن سليمان، ولم يروه عنه إلَّا هشام أخرجه: الترمذي عن سليمان بن الأشعث السجزي عن يحيى بن معين فوقع لنا بدلًا بعلو درجتين.

وقد رواه يعقوب الفسوي في تاريخه، عن زياد بن أيوب عن ابن معين، والناس فيه عيال على يحيى، وليس النوفلي بمعروف.

(1)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3789" من طريق هشام بن يوسف، به.

قلت: إسناد ضعيف، آفته عبد الله بن سليمان النوفلي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول.

وليس ثم من تابعه. وأورد الذهبي هذا الحديث في ترجمته في "الميزان" وقال عنه: فيه جهالة.

ص: 232

‌1535 - بكر بن بكار

(1)

:

المحدث العالم الكبير أبو عمرو القيسي البصري.

حدث عن: ابن عون وعباد بن منصور وقرة بن خالد، وحمزة الزيات وهشام الدستوائي، ومسعر بن كدام، وشعبة بن الحجاج وجماعة. وله جزء مشهور.

حدث عنه: رفيقه أبو داود الطيالسي، والحسن بن علي الحلواني، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، ومحمد بن إبراهيم الجيراني وإبراهيم بن سعدان، وآخرون.

وثقه أبو عاصم النبيل.

وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي.

وقال ابن حبان: هو ثقة ما يخطئ.

وأما يحيى بن معين فقال: ليس بشيء قاله: عباس الدروي عنه. وقال أبو نعيم الحافظ: قدم بكر أصبهان سنة ست ومائتين، وحدث بها في سنة سبع ومائتين.

قلت: لم يقع له شيء في الكتب الستة.

قرأت على أحمد بن عبد المنعم القزويني أخبرنا إدريس بن محمد العطار إذنًا عامًا، أخبرنا محمد بن علي بن أبي ذر، أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، أخبرنا عبد الله بن محمد بن فورك حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبان، حدثنا بكر بن بكار حدثنا عائذ بن شريح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دعيت إلى كراع لأجبت"

(2)

. هذا حديث غريب. وعائذ ضعيف الحديث من صغار التابعين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1782"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 190"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1492"، وميزان الاعتدال "1/ 343"، والكاشف "1/ ترجمة 628"، وتهذيب التهذيب "1/ 479".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "1343"، وفي "الشمائل" له "336"، وأحمد "3/ 209" من طريق قتادة، عن أنس، به مرفوعا بلفظ:"لو أهدى إلي كراع لقبلت، ولو دعيت عليه لأجبت".

وأخرجه البخاري "5178"، وأحمد "2/ 424، 479، 481، 512"، من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ:"لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت".

ص: 233

‌1536 - علي بن بكار

(1)

:

الإمام الرباني العابد أبو الحسن البصري الزاهد نزيل المصيصة، ومريد إبراهيم بن أدهم.

حدث عن: ابن عون ومحمد بن عمرو، وحسين المعلم وهشام بن حسان، والأوزاعي وطائفة. وليس هو بالمكثر.

روى عنه: هناد بن السري ويوسف بن سعيد بن مسلم والفيض بن إسحاق، وسلمة بن شبيب، وبركة بن محمد الحلبي الواهي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وآخرون.

قال يوسف بن مسلم: بكى علي بن بكار حتى عمي، وكان قد أثرت الدموع في خديه.

قلت: وكان فارسًا مرابطًا مجاهدًا كثير الغزو، فروي عنه أنه قال: واقعنا العدو فانهزم المسلمون وقصر بي فرسي فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال الفرس: نعم إنا لله وإنا إليه راجعون حيث تتكل على فلانة في علفي، فضمنت أن لا يليه غيري.

وعنه قال: لأن ألقى الشيطان أحب إلي من أن ألقى حذيفة المرعشي، أخاف أن أتصنع له فأسقط من عين الله.

وقال موسى بن طريف: كانت الجارية تفرش لعلي بن بكار فيلمسه بيده ويقول: والله إنك لطيب، والله إنك لبارد والله لا علوتك الليلة، وكان يصلي الفجر بوضوء العتمة.

قال مطين: مات سنة سبع ومائتين.

قلت: أما علي بن بكار المصيصي الصغير: فآخر بقي إلى سنة نيف وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 490"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2350"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 963"، وأبو نعيم في "الحلية""9/ ترجمة 452"، والكاشف "2/ ترجمة 3941"، وتهذيب التهذيب "7/ 286"، وتقريب التهذيب "2/ 32"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4948".

ص: 234

‌1537 - النِّباجي

(1)

:

القدوة العابد الرباني أبو عبد الله سعيد بن بريد الصوفي.

له كلام شريف، ومواعظ.

حكى عنه: أحمد بن أبي الحواري وأحمد بن محمد بن بكر القرشي ومحمد بن يوسف الأصبهاني، وسهل بن عاصم وغيرهم.

روى أبو نعيم عن أبيه عن خاله: أن النباجي كان مجاب الدعوة، وله آيات وكرامات كان في سفر، فأصاب رجل عائن ناقته بالعين، فجاءه النباجي ودعا عليه بألفاظ فخرجت حدقتا العائن، ونشطت الناقة.

وعنه قال: ما ظننت أن أحدًا يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطبه الله.

وعنه قال: لو جعلت لي دعوة مجابة ما سألت الفردوس، ولكنت أسأل الرضى فهو تعجيل الفردوس.

قال ابن بكر: سمعت النباجي يقول: ينبغي أن نكون بدعاء إخواننا أوثق منا بأعمالنا نخاف في أعمالنا التقصير، ونرجو أن نكون في دعائهم لنا مخلصين.

للنباجي ترجمة طويلة في الحلية.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "9/ ترجمة 450". وقد تحرف اسمه في "حلية الأولياء" إلى "سعيد بن يزيد الساجي".

ص: 235

‌1538 - الإمام الشافعي

(1)

: " خت، (4) "

محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، الإمام عالم العصر ناصر الحديث فقيه الملة أبو عبد الله القرشي، ثم المطلبي الشافعي، المكي، الغزي

(2)

المولد نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبد المطلب.

اتفق مولد الإمام بغزة ومات أبوه إدريس شابًا فنشأ محمد يتيمًا في حجر أمه، فخافت عليه الضيعة فتحولت به إلى محتده، وهو ابن عامين فنشأ بمكة، وأقبل على الرمي حتى فاق فيه الأقران، وصار يصيب من عشرة أسهم تسعة ثم أقبل على العربية والشرع، فبرع في ذلك وتقدم.

ثم حبب إليه الفقه فساد أهل زمانه.

وأخذ العلم ببلده عن: مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وعمه محمد بن علي بن شافع فهو ابن عم العباس جد الشافعي، وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وسعيد بن سالم، وفضيل بن عياض وعدة.

ولم أر له شيئًا عن نافع بن عمر الجمحي ونحوه، وكان معه بمكة.

وارتحل وهو ابن نيف وعشرين سنة وقد أفتى وتأهل للإمامة إلى المدينة، فحمل عن مالك بن أنس الموطأ عرضه من حفظه. وقيل: من حفظه لأكثره- وحمل عن: إبراهيم عن أبي يحيى

(3)

فأكثر وعبد العزيز الدراوردي، وعطاف بن خالد، وإسماعيل بن جعفر وإبراهيم بن سعد وطبقتهم.

وأخذ باليمن عن: مطرف بن مازن، وهشام بن يوسف القاضي وطائفة. وببغداد عن: محمد بن الحسن فقيه العراق ولازمه وحمل عنه وقر بعير. وعن: إسماعيل بن علية وعبد الوهاب الثقفي، وخلق.

وصنف التصانيف ودون العلم ورد على الأئمة متبعًا الأثر وصنف في أصول الفقه وفروعه، وبعد صيته وتكاثر عليه الطلبة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 73"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 213"، "3/ 138"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1130"، وتاريخ بغداد "2/ 56"، والأنساب للسمعاني "7/ 251"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 367"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 558"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 354"، والكاشف "3/ ترجمة 4781"، والمغني "2/ ترجمة رقم 5271"، وتهذيب التهذيب "9/ 25 - 31"، وتقريب التهذيب "2/ 143"، وخلاصة الخزرجي "ترجمة 6040"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 9".

(2)

نسبة إلى مدينة غزة، وهي مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر، وهي جنوب بينها وبين عسقلان فرسخان.

(3)

هو: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، أحد العلماء الضعفاء، قال يحيى بن معين: سمعت القطان يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب، وروى عباس عن ابن معين: كذاب رافضي.

وروى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال: تركوا حديثه، قدري معتزلي.

وقال البخاري: تركه ابن المباك والناس، وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك.

ص: 236

حدث عنه: الحميدي وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو يعقوب يوسف البويطي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وحرملة بن يحيى وموسى بن أبي الجارود المكي وعبد العزيز المكي صاحب الحيدة

(1)

وحسين بن علي الكرابيسي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد الأزرقي، وأحمد بن سعيد الهمداني وأحمد بن أبي شريح الرازي، وأحمد بن يحيى بن وزير المصري، وأحمد بن عبد الرحمن الوهبي وابن عمه إبراهيم بن محمد الشافعي، وإسحاق بن راهويه وإسحاق بن بهلول، وأبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي المتكلم والحارث بن سريج النقال، وحامد بن يحيى البلخي وسليمان بن داود المهري، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وعلي بن معبد الرقي وعلي بن سلمة اللبقي وعمرو بن سواد، وأبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسواني، ومحمد بن يحيى العدني ومسعود بن سهل المصري، وهارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن سنان القطان، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ويونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر الخولاني وخلق سواهم.

وقد أفرد الدارقطني كتاب من له رواية عن الشافعي في جزأين وصنف الكبار في مناقب هذا الإمام، قديما وحديثا، ونال بعض الناس منه غضًا فما زاده ذلك إلَّا رفعة وجلالة ولاح للمنصفين أن كلام أقرانه فيه بهوى، وقل من برز في الإمامة ورد على من خالفه إلَّا وعودي نعوذ بالله من الهوى، وهذه الأوراق تضيق عن مناقب هذا السيد.

فأما جدهم السائب المطلبي فكان من كبراء من حضر بدرًا مع الجاهلية فأسر يومئذ، وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم ووالدته: هي الشفاء بنت أرقم بن نضلة ونضلة: هو أخو عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم فيقال: إنه بعد أن فدى نفسه أسلم.

وابنه شافع: له رؤية وهو معدود في صغار الصحابة.

وولده عثمان: تابعي لا أعلم له كبير رواية.

وكان أخوال الشافعي من الأزد.

(1)

هو: عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الكناني المكي الذي ينسب إليه الحيدة في مناظرته لبشر المريسي. قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" لم يصح إسناد كتاب "الحيدة" إليه، فكأنه وضع عليه والله أعلم.

وذكر داود الظاهري أنه صحب الشافعي مدة، وله تصانيف.

ص: 237

عن ابن عبد الحكم قال: لما حملت والدة الشافعي به رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر ثم وقع في كل بلدة منه شظيه فتأوله المعبرون أنها تلد عالمًا يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في البلدان.

هذه رواية منقطعة.

وعن أبي عبد الله الشافعي فيما نقله ابن أبي حاتم عن ابن أخي ابن وهب عنه قال: ولدت باليمن يعني: القبيلة فإن أمه أزدية- قال: فخافت أمي علي الضيعة وقالت: الحق بأهلك فتكون مثلهم فإني أخاف عليك أن تغلب على نسبك، فجهزتني إلى مكة فقدمتها يومئذ، وأنا ابن عشر سنين فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم فيقول لي: لا تشتغل بهذا وأقبل على ما ينفعك فجعلت لذتي في العلم.

قال ابن أبي حاتم: سمعت عمرو بن سواد قال لي الشافعي: ولدت بعسقلان فلما أتى علي سنتان، حملتني أمي إلى مكة.

وقال ابن عبد الحكم: قال لي الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين ومئة وحملت إلى مكة ابن سنتين.

قال المزني: ما رأيت أحسن وجها من الشافعي رحمه الله! وكان ربما قبض على لحيته فلا يفضل عن قبضته.

قال الربيع المؤذن: سمعت الشافعي يقول كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي: أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في الحر قال: وكنت أصيب من العشرة تسعة.

قال الحميدي سمعت الشافعي يقول كنت يتيما في حجر أمي، ولم يكن لها ما تعطيني للمعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أقوم على الصبيان إذا غاب وأخفف عنه.

وعن الشافعي قال: كنت أكتب في الأكتاف، والعظام وكنت أذهب إلى الديوان فأستوهب الظهور فأكتب فيها.

وقال عمرو بن سواد قال لي الشافعي: كانت نهمتي في الرمي وطلب العلم فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة وسكت عن العلم فقلت: أنت، والله في العلم أكبر منك في الرمي. قال أحمد بن إبراهيم الطائي الأقطع: حدثنا المزني سمع الشافعي يقول: حفظت القرآن، وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر.

ص: 238

الأقطع: مجهول.

وفي مناقب الشافعي للآبري: سمعت الزبير بن عبد الواحد الهمذاني، أخبرنا علي بن محمد بن عيسى سمعت الربيع بن سليمان يقول: ولد الشافعي يوم مات أبو حنيفة رحمهما الله تعالى.

وعن الشافعي قال: أتيت مالكًا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة -كذا قال والظاهر أنه كان ابن ثلاث وعشرين سنة- قال: فأتيت ابن عم لي والي المدينة، فكلم مالكًا فقال: اطلب من يقرأ لك قلت: أنا أقرأ فقرأت عليه فكان ربما قال لي لشيء قد مر: أعده فأعيده حفظًا فكأنه أعجبه، ثم سألته عن مسألة فأجابني ثم أخرى فقال: أنت تحب أن تكون قاضيًا.

ويروى عن الشافعي: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها، ولغاتها وحفظت القرآن فما علمت أنه مر بي حرف إلَّا وقد علمت المعنى فيه، والمراد ما خلا حرفين أحدهما: دساها. إسنادها فيه مجهول.

قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: قرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وقال: قرأت على شبل وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير وقرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس قال الشافعي: وكان إسماعيل يقول: القرآن اسم ليس بمهموز ولم يؤخذ من قرأت، ولو أخذ من قرأت كان كل ما قرئ قرآنًا، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل.

الأصم وابن أبي حاتم: حدثنا الربيع: سمعت الشافعي يقول: قدمت على مالك، وقد حفظت الموطأ طاهرًا فقلت: أريد سماعه قال: اطلب من يقرأ لك فقلت: لا عليك أن تسمع قراءتي فإن سهل عليك قرأت لنفسي.

أحمد بن الحسن الحماني: حدثنا أبو عبيدة قال: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين دينارًا، وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهما وقال: إن اشتهيت العلم فالزم قال أبو عبيد: فسمعت الشافعي يقول: كتبت عن محمد وقر بعير، ولما أعطاه محمد قال له: لا تحتشم قال: لو كنت عندي ممن أحشمك

(1)

ما قبلت برك.

(1)

أي: أستحيي منك. والحشمة الاستحياء.

ص: 239

ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان سمعت الشافعي يقول: حملت عن محمد بن الحسن حمل بختي ليس عليه إلَّا سماعي.

قال أحمد بن أبي سريج: سمعت الشافعي يقول: قد أنفقت على كتب محمد ستين دينارًا ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثًا يعني: رد عليه.

قال هارون بن سعيد: قال لي الشافعي: أخذت اللبان سنة للحفظ فأعقبني صب الدم سنة.

قال أبو عبيد: ما رأيت أعقل من الشافعي، وكذا قال يونس بن عبد الأعلى حتى إنه قال: لو جمعت أمة لوسعهم عقله.

قلت: هذا على سبيل المبالغة فإن الكامل العقل لو نقص من عقله نحو الربع لبان عليه نقص ما، ولبقي له نظراء فلو ذهب نصف ذلك العقل منه لظهر عليه النقص فكيف به لو ذهب ثلثا عقله! فلو أنك أخذت عقول ثلاثة أنفس مثلًا وصيرتها عقل واحد لجاء منه كامل العقل وزيادة.

جماعة حدثنا الربيع سمعت الحميدي سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول للشافعي: أفت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي وهو ابن خمس عشرة سنة.

وقد رواها محمد بن بشر الزنبري، وأبو نعيم الاستراباذي عن الربيع عن الحميدي قال: قال الزنجي وهذا أشبه فإن الحميدي يصغر عن السماع من مسلم، وما رأينا له في مسنده عنه رواية.

جماعة: حدثنا الربيع قال الشافعي: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب إلَّا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الأهواء.

الزبير الاستراباذي: حدثني محمد بن يحيى بن آدم بمصر، حدثنا ابن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول: لو علم الناس ما في الكلام من الأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد.

قال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يومًا في مسألة ثم افترقنا ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألَا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة.

قلت: هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه فما زال النظراء يختلفون.

ص: 240

أبو جعفر الترمذي: حدثني أبو الفضل الواشجردي

(1)

سمعت أبا عبد الله الصاغاني قال: سألت يحيى بن أكثم عن أبي عبيد، والشافعي أيهما أعلم؟ قال: أبو عبيد كان يأتينا ههنا كثيرًا، وكان رجلًا إذا ساعدته الكتب كان حسن التصنيف من الكتب، وكان يرتبها بحسن ألفاظه لاقتداره على العربية، وأما الشافعي فقد كنا عند محمد بن الحسن كثيرًا في المناظرة، وكان رجلًا قرشي العقل والفهم والذهن صافي العقل، والفهم والدماغ سريع الإصابة، أو كلمة نحوها ولو كان أكثر سماعًا للحديث لاستغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء.

قال معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شيء فوجدته كاملًا.

قال أحمد بن محمد بن بنت الشافعي: سمعت أبي وعمي يقولان: كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعي فيقول: سلوا هذا.

وقال تميم بن عبد الله: سمعت سويد بن سعيد يقول: كنت عند سفيان فجاء الشافعي فسلم وجلس فروى ابن عيينة حديثًا رقيقًا. فغشي على الشافعي فقيل: يا أبا محمد مات محمد بن إدريس فقال ابن عيينة: إن كان مات فقد مات أفضل أهل زمانه.

الحاكم: سمعت أبا سعيد بن أبي عثمان سمعت الحسن ابن صاحب الشاشي سمعت الربيع سمعت الشافعي، وسئل عن القرآن؟ فقال: أف أف القرآن كلام الله من قال: مخلوق فقد كفر.

هذا إسناد صحيح.

أبو داود وأبو حاتم عن أبي ثور سمعت الشافعي يقول: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح.

محمد بن يحيى بن آدم حدثنا ابن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول: لو علم الناس ما في الكلام، والأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد.

الزبير بن عبد الواحد: أخبرني علي بن محمد بمصر حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: كان الشافعي بعد أن ناظر حفصًا الفرد يكره الكلام وكان يقول: والله لأن يفتي العالم فيقال: أخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال: زنديق وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.

(1)

نسبة إلى واشجرد، وهي قرية من قرى ما وراء نهر جيحون.

ص: 241

قلت: هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.

الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة؛ لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة وبالصفا والمروة، فليس عليه كفارة؛ لأنه مخلوق وذاك غير مخلوق.

وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر، وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز. قال الحارث بن سريج: سمعت يحيى القطان يقول: أنا أدعو الله للشافعي أخصه به.

وقال أبو بكر بن خلاد: أنا أدعو الله في دبر صلاتي للشافعي.

الحسين بن علي الكرابيسي قال: قال الشافعي: كل متكلم على الكتاب، والسنة فهو الجد وما سواه فهو هذيان.

ابن خزيمة، وجماعة قالوا: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال الشافعي: لا يقال: لم للأصل، ولا كيف.

وعن يونس: سمع الشافعي يقول: الأصل القرآن والسنة وقياس عليهما، والإجماع أكبر من الحديث المنفرد.

ابن أبي حاتم: سمعت يونس يقول: قال الشافعي: الأصل قرآن، أو سنة فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا صح الحديث فهو سنة والإجماع أكبر من الحديث المنفرد والحديث على ظاهره، وإذا احتمل الحديث معاني فما أشبه ظاهره، وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب، وكلا رأيته استعمل الحديث المنفرد استعمل أهل المدينة في التفليس قوله عليه السلام:"إذا أدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به"

(1)

. واستعمل أهل العراق حديث العمري.

ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع سمعت الشافعي يقول: قراءة الحديث خير من صلاة التطوع وقال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.

ابن أبي حاتم: حدثنا يونس قلت للشافعي: صاحبنا الليث يقول: لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته. قال: قصر لو رأيته يمشي في الهواء لما قبلته.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2402"، ومسلم "1559"، وأبو داود "3519".

ص: 242

قال الربيع: سمعت الشافعي قال لبعض أصحاب الحديث: أنتم الصيادلة ونحن الأطباء.

زكريا الساجي: حدثني أحمد بن مردك الرازي، سمعت عبد الله بن صالح صاحب الليث يقول: كنا عند الشافعي في مجلسه، فجعل يتكلم في تثبيت خبر الواحد عن النبي صلى الله عليه وسلم فكتبناه وذهبنا به إلى إبراهيم بن علية، وكان من غلمان أبي بكر الأصم، وكان في مجلسه عند باب الصوفي، فلما قرأنا عليه جعل يحتج بإبطاله فكتبنا ما قال، وذهبنا به إلى الشافعي فنقضه، وتكلم بإبطاله ثم كتبناه وجئنا به إلى ابن علية، فنقضه ثم جئنا به إلى الشافعي فقال: إن ابن علية ضال قد جلس بباب الضوال يضل الناس.

قلت: كان إبراهيم من كبار الجهمية وأبوه إسماعيل شيخ المحدثين إمام.

المزني: سمعت الشافعي يقول: من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

إبراهيم بن متويه الأصبهاني: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال الشافعي: كل حديث جاء من العراق، وليس له أصل في الحجاز فلا تقبله، وإن كان صحيحًا ما أريد إلَّا نصيحتك.

قلت: ثم إن الشافعي رجع عن هذا وصحح ما ثبت إسناده لهم.

ويروى عنه: إذا لم يوجد للحديث أصل في الحجاز ضعف، أو قال: ذهب نخاعه.

أخبرنا إبرهيم بن علي العابد في كتابه أخبرنا زكريا العلبي وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي قال: أفادني يعقوب، وكتبته من خطه أخبرنا أبو علي الخالدي، سمعت محمد بن الحسين الزعفراني سمعت عثمان بن سعيد بن بشار الأنماطي، سمعت المزني يقول: كنت أنظر في الكلام قبل أن يقدم الشافعي فلما قدم أتيته فسألته عن مسألة من الكلام، فقال لي: تدري أين أنت؟ قلت: نعم في مسجد الفسطاط قال لي: أنت في تاران

(1)

قال عثمان: وتاران موضع في

(1)

تاران: جزيرة في بحر القلزم، بين القلزم وأيلة، وهو أخبث مكان في البحر، وذاك أن به دوران ماء في سفح جبل إذا وقعت الريح على ذروته انقطعت الريح قسمين، فتلقى المركب بين شعبتين من هذا الجبل متقابلتين فتخرج الريح من كليهما، كل واحد مقابلة للأخرى، فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران باختلاف الريحين، فتنقلب ولا تسلم أبدا. قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان" فشبه الشافعي من ألقى عليه الشبه ولم يكن عنده جواب بمن ركب البحر في الموضع الذي أغرق الله فرعون وجنوده، وأشرف على الهلاك، ثم علمه جواب ما ألقى عليه من شبه، حتى زالت هذه الشبه، ونجا من الغرق.

ص: 243

بحر القلزم لا تكاد تسلم منه سفينة- ثم ألقى علي مسألة في الفقه، فأجبت فأدخل شيئًا أفسد جوابي فأجبت بغير ذلك فأدخل شيئًا أفسد جوابي، فجعلت كلما أجبت بشيء أفسده ثم قال لي: هذا الفقه الذي فيه الكتاب والسنة وأقاويل الناس يدخله مثل هذا، فكيف الكلام في رب العالمين الذي فيه الزلل كثير؟ فتركت الكلام، وأقبلت على الفقه.

عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت محمد بن داود يقول: لم يحفظ في دهر الشافعي كله أنه تكلم في شيء من الأهواء، ولا نسب إليه ولا عرف به مع بغضه لأهل الكلام والبدع.

وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: كان الشافعي إذا ثبت عنده الخبر قلده وخير خصلة كانت فيه، لم يكن يشتهي الكلام إنما همته الفقه.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حامد السلمي سمعت محمد بن عقيل بن الأزهر يقول: جاء رجل إلى المزني يسأله عن شيء من الكلام فقال: إني أكره هذا بل أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي لقد سمعت الشافعي يقول: سئل مالك عن الكلام، والتوحيد فقال: محال أن نظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله"

(1)

. فما عصم به الدم، والمال حقيقة التوحيد.

زكريا الساجي: سمعت محمد بن إسماعيل سمعت حسين بن علي الكرابيسي يقول: شهدت الشافعي ودخل عليه بشر المريسي فقال لبشر: أخبرني عما تدعو إليه: أكتاب ناطق وفرض مفترض وسنة قائمة ووجدت عن السلف البحث فيه، والسؤال؟ فقال بشر: لا إلَّا أنه لا يسعنا خلافه فقال الشافعي: أقررت بنفسك على الخطأ فأين أنت عن الكلام في الفقه، والأخبار يواليك الناس، وتترك هذا؟ قال: لنا نهمة فيه فلما خرج بشر قال الشافعي: لا يفلح.

أبو ثور والربيع: سمعا الشافعي يقول: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح.

قال الحسين بن إسماعيل المحاملي: قال المزني: سألت الشافعي عن مسألة من الكلام،

(1)

صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "272" في هذا الجزء فراجعه ثم.

ص: 244

فقال: سلني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت: أخطأت، ولا تسألني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت: كفرت.

زكريا الساجي: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: قال لي الشافعي: يا محمد إن سألك رجل عن شيء من الكلام فلا تجبه فإنه إن سألك عن دية فقلت: درهمًا، أو دانقًا قال لك: أخطأت، وإن سألك عن شيء من الكلام فزللت قال لك: كفرت.

قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: المراء في الدين يقسي القلب، ويورث الضغائن.

وقال صالح جزرة: سمعت الربيع يقول: قال الشافعي: يا ربيع! اقبل مني ثلاثة: لا تخوضن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن خصمك النبي صلى الله عليه وسلم غدًا، ولا تشتغل بالكلام، فإني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل. وزاد المزني: ولا تشتغل بالنجوم.

وعن حسين الكرابيسي قال: سئل الشافعي عن شيء من الكلام فغضب، وقال: سل عن هذا حفصًا الفرد وأصحابه أخزاهم الله. الأصم: سمعت الربيع سمعت الشافعي يقول: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني: كتبه على أن لا ينسب إلي منه شيء.

وعن الشافعي: حكمي في أهل الكلام حكم عمر في صبيغ.

الزعفراني وغيره: سمعنا الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر ينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب، والسنة وأقبل على الكلام.

وقال أبو عبد الرحمن الأشعري صاحب الشافعي: قال الشافعي: مذهبي في أهل الكلام تقنيع رؤوسهم بالسياط، وتشريدهم في البلاد.

قلت: لعل هذا متواتر عن الإمام.

الربيع: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدًا على الغلبة إلَّا على الحق عندي.

والزعفراني عنه: ما ناظرت أحدًا إلَّا على النصيحة.

زكريا الساجي: حدثنا أحمد بن العباس النسائي سمعت الزعفراني سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدًا في الكلام إلَّا مرة، وأنا أستغفر الله من ذلك.

ص: 245

سعيد بن أحمد اللخمي: حدثنا يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي يقول: إذا سمعت الرجل يقول: الاسم غير المسمى، والشيء غير المشي فاشهد عليه بالزندقة.

سعيد مصري لا أعرفه.

ويروى عن الربيع: سمعت الشافعي يقول في كتاب الوصايا: لو أن رجلًا أوصى بكتبه من العلم لآخر، وكان فيها كتب الكلام لم تدخل في الوصية؛ لأنه ليس من العلم.

وعن أبي ثور: قلت للشافعي: ضع في الإرجاء كتابًا فقال: دع هذا فكأنه ذم الكلام.

محمد بن إسحاق بن خزيمة: سمعت الربيع يقول: لما كلم الشافعي حفص الفرد فقال حفص: القرآن مخلوق فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم.

قال المزني: كان الشافعي ينهى عن الخوض في الكلام.

أبو حاتم الرازي: حدثنا يونس سمعت الشافعي يقول: قالت لي أم المريسي: كلم بشرًا أن يكف عن الكلام فكلمته فدعاني إلى الكلام.

الساجي حدثنا إبراهيم بن زياد الأبلي سمعت البويطي يقول: سألت الشافعي: أصلي خلف الرافضي؟ قال: لا تصل خلف الرافضي، ولا القدري، ولا المرجئ قلت: صفهم لنا قال: من قال: الايمان قول فهو مرجئ، ومن قال: إن أبا بكر، وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري.

ابن أبي حاتم: سمعت الربيع قال لي الشافعي: لو أردت أن أضع على كل مخالف كتابًا لفعلت، ولكن ليس الكلام من شأني ولا أحب أن ينسب إلي منه شيء.

قلت: هذا النفس الزكي متواتر عن الشافعي.

قال علي بن محمد بن أبان القاضي: حدثنا أبو يحيى زكريا الساجي حدثنا المزني قال: قلت: إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد، فالشافعي فصرت إليه، وهو في مسجد مصر فلما جثوت بين يديه قلت: هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحدًا لا يعلم علمك فما الذي عندك؟ فغضب ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت: نعم قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون أبلغك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت: لا قال: هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت: لا قال: تدري كم نجمًا في السماء؟ قلت: لا قال: فكوكب منها: تعرف جنسه طلوعه أفوله مم خلق؟ قلت: لا قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم

ص: 246

خالقه؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه، فلم أصب في شيء منه فقال: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه، وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى الله، وإلى قوله تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية [البقرة: 163، 164]، فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك قال: فتبت.

قال ابن أبي حاتم: في كتابي عن الربيع بن سليمان قال: حضرت الشافعي، أو حدثني أبو شعيب إلَّا أني أعلم أنه حضر عبد الله بن عبد الحكم ويوسف بن عمرو، وحفص الفرد، وكان الشافعي يسميه: حفصا المنفرد فسأل حفص عبد الله: ما تقول في القرآن؟ فأبى أن يجيبه فسأل يوسف، فلم يجبه وأشار إلى الشافعي فسأل الشافعي، واحتج عليه فطالت فيه المناظرة، فقام الشافعي بالحجة عليه بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، وبكفر حفص.

قال الربيع: فلقيت حفصًا فقال: أراد الشافعي قتلي.

الربيع: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول، وعمل يزيد وينقص. وسمعته يقول: تجاوز الله عما في القلوب، وكتب على الناس الأفعال والأقاويل.

وقال المزني: قال الشافعي: يقال لمن ترك الصلاة لا يعلمها: فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك كما تكفر فنقول: إن آمنت وإلا قتلناك.

وعن الشافعي قال: ما كابرني أحد على الحق، ودافع إلَّا سقط من عيني، ولا قبله إلَّا هبته، واعتقدت مودته.

عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: قال الشافعي: أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى اذهب إليه، كوفيًا كان أو بصريًا، أو شاميًا.

وقال حرملة: قال الشافعي: كل ما قلته فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صح فهو أولى ولا تقلدوني. الربيع: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها ودعوا ما قلته.

ص: 247

وسمعته يقول وقد قال له رجل: تأخذ بهذا الحديث يا أبا عبد الله؟ فقال: متى رويت عن رسول الله حديثًا صحيحًا، ولم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب.

وقال الحميدي: روى الشافعي يومًا حديثا فقلت: أتأخذ به؟ فقال: رأيتني خرجت من كنيسة، أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا أقول به؟!

قال الربيع: وسمعته يقول: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقل به.

وقال أبو ثور: سمعته يقول: كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني.

ويروى أنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي وإذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط.

محمد بن بشر العكري وغيره: حدثنا الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي قد جزأ الليل: فثلثه الأول يكتب، والثاني يصلي والثالث ينام.

قلت: أفعاله الثلاثة عبادة بالنية.

قال زكريا الساجي: حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني حسين الكرابيسي: بت مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة آية، وكان لا يمر بآية رحمة إلَّا سأل الله، ولا بآية عذاب إلَّا تعوذ وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعًا.

قال الربيع بن سليمان من طريقين عنه بل أكثر: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة.

ورواها ابن أبي حاتم عنه فزاد: كل ذلك في صلاة.

أبو عوانة الإسفراييني: حدثنا الربيع سمعت الشافعي يقول: ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلَّا مرة فأدخلت يدي فتقيأتها.

رواها ابن أبي حاتم عن الربيع وزاد: لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم ويضعف عن العبادة. الزبير بن عبد الواحد: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن مطر سمعت الربيع قال لي الشافعي: عليك بالزهد فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد.

ص: 248

قال الزبير: وحدثني إبراهيم بن الحسن الصوفي، سمعت حرملة سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله صادقًا ولا كاذبًا.

قال أبو داود: حدثني أبو ثور قال: قل ما كان يمسك الشافعي الشيء من سماحته.

وقال عمرو بن سواد: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار، والدرهم والطعام فقال لي الشافعي: أفلست من دهري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري حتى حلي بنتي وزوجتي، ولم أرهن قط.

قال الربيع: أخذ رجل بركاب الشافعي فقال لي: أعطه أربعة دنانير واعذرني عنده.

سعيد بن أحمد اللخمي المصري: سمعت المزني يقول: كنت مع الشافعي يومًا، فخرجنا الأكوام فمر بهدف فإذا برجل يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر، وكان حسن الرمي فأصاب بأسهم فقال الشافعي: أحسنت، وبرك عليه ثم قال: أعطه ثلاثة دنانير واعذرني عنده.

وقال الربيع: كان الشافعي مارًا بالحذائين فسقط سوطه فوثب غلام ومسحه بكمه وناوله، فأعطاه سبعة دنانير.

قال الربيع: تزوجت فسألني الشافعي كم أصدقتها؟ قلت: ثلاثين دينارًا عجلت منها ستة فأعطاني أربعة وعشرين دينارًا.

أبو جعفر الترمذي: سمعت الربيع قال: كان بالشافعي هذه البواسير، وكانت له لبدة محشوة بحلبة يجلس عليها فإذا ركب أخذت تلك اللبدة، ومشيت خلفه فناوله إنسان رقعة يقول فيها: إنني بقال رأس مالي درهم، وقد تزوجت فأعني فقال: يا ربيع أعطه ثلاثين دينارًا، واعذرني عنده فقلت: أصلحك الله إن هذا يكفيه عشرة دراهم فقال: ويحك! وما يصنع بثلاثين؟ أفي كذا أم في كذا يعد ما يصنع في جهازه -أعطه.

ابن أبي حاتم: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا محمد بن روح، حدثنا الزبير بن سليمان القرشي، عن الشافعي قال: خرج هرثمة فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون وقال: قد أمر لك بخمسة آلاف دينار قال: فحمل إليه المال فدعا بحجام فأخذ شعره فأعطاه خمسين دينارًا ثم أخذ رقاعًا فصر صررًا، وفرقها في القرشيين الذين هم بالحضرة، ومن بمكة حتى ما رجع الى بيته إلَّا بأقل من مائة دينار.

محمد بن بشر العكري: سمعت الربيع قال: أخبرني الحميدي قال: قدم الشافعي

ص: 249

صنعاء فضربت له خيمة، ومعه عشرة آلاف دينار فجاء قوم فسألوه فما قلعت الخيمة، ومعه منها شيء. رواها الأصم وجماعة عن الربيع.

وعن إبراهيم بن برانة قال: كان الشافعي جسيمًا طوالًا نبيلًا.

قال ابن عبد الحكم: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد وكان يمر بنا فإن وجدني، وإلا قال: قولوا لمحمد إذا جاء: يأتي المنزل فإني لا أتغدى حتى يجيء.

داود بن علي الأصبهاني: حدثنا أبو ثور قال: كان الشافعي من أسمح الناس يشتري الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل الحلواء، ويشترط عليها هو أن لا يقربها؛ لأنه كان عليلًا لا يمكنه أن يقرب النساء لباسور به إذ ذاك، وكان يقول لنا: اشتهوا ما أردتم.

قال أبو علي بن حمكان: حدثني أبو إسحاق المزكى حدثنا ابن خزيمة، حدثنا الربيع قال: أصحاب مالك كانوا يفخرون فيقولون: إنه يحضر مجلس مالك نحو من ستين معممًا والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاث مائة معمم سوى من شذ عني.

قال الربيع: اشتريت للشافعي طيبًا بدينار فقال: ممن اشتريت؟ قلت: من ذاك الأشقر الأزرق قال: أشقر أزرق، رده، رده ما جاءني خير قط من أشقر.

أبو حاتم: حدثنا حرملة حدثنا الشافعي يقول: احذر الأعور، والأعرج، والأحول والأشقر والكوسج، وكل ناقص الخلق فإنه صاحب التواء، ومعاملته عسرة.

العكري: سمعت الربيع يقول: كنت أنا والمزني، والبويطي عند الشافعي، فنظر إلينا فقال لي: أنت تموت في الحديث وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد قال: فدخلت على البويطي أيام المحنة فرأيته مقيدا مغلولًا.

وجاءه رجل مرة، فسأله يعني: الشافعي عن مسألة فقال: أنت نساج؟ قال: عندي أجراء.

أحمد بن سلمة النيسابوري: قال أبو بكر محمد بن إدريس، وراق الحميدي: سمعت الحميدي يقول: قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها.

وعن الربيع، قال: مر أخي فرآه الشافعي فقال: هذا أخوك؟ ولم يكن رآه. قلت: نعم.

ص: 250

أبو علي بن حمكان: حدثنا أحمد بن محمد بن هارون الهمذاني العدل حدثنا أبو مسلم الكجي حدثنا الأصمعي عن الشافعي: أصل العلم: التثبيت، وثمرته: السلامة وأصل الورع: القناعة، وثمرته: الراحة، وأصل الصبر: الحزم، وثمرته: الظفر وأصل العمل: التوفيق. وثمرته: النجح، وغاية كل أمر: الصدق.

بلغنا عن الكديمي، حدثنا الأصمعي قال: سمعت الشافعي يقول: العالم يسأل عما يعلم، وعما لا يعلم فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعلم ويأنف من التعليم.

أبو حاتم: حدثنا محمد بن يحيى بن حسان سمعت الشافعي يقول: العلم علمان: علم الدين وهو الفقه وعلم الدنيا وهو الطب وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث.

وعن الربيع قال: قلت للشافعي: من أقدر الفقهاء على المناظرة؟ قال: من عود لسانه الركض في ميدان الألفاظ لم يتلعثم إذا رمقته العيون.

في إسنادها أبو بكر النقاش، وهو واه.

وعن الشافعي: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.

قال يونس الصدفي: قال لي الشافعي: ليس الى السلامة من الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه.

وعن الشافعي قال: ما رفعت من أحد فوق منزلته إلَّا وضع مني بمقدار ما رفعت منه.

وعنه: ضياغ العالم أن يكون بلا إخوان وضياع الجاهل قلة عقله، وأضيع منهما من واخى من لا عقل له.

وعنه: إذا خفت على عملك العجب فاذكر رضى من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله.

آلات الرياسة خمس: صدق اللهجة وكتمان السر والوفاء بالعهد وابتداء النصيحة وأداء الأمانة.

محمد بن فهد المصري: حدثنا الربيع سمعت الشافعي يقول: من استغضب فلم يغضب فهو حمار ومن استرضي فلم يرض فهو شيطان.

أبو سعيد بن يونس: حدثنا الحسين بن محمد بن الضحاك الفارسي، سمعت المزني،

ص: 251

سمعت الشافعي، قال: أيما أهل بيت لم يخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم ورجالهم إلى نساء غيرهم إلَّا وكان في أولادهم حمق.

زكريا بن أحمد البلخي القاضي: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي يقول: رأيت في المنام النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة، فكأني جئت فسلمت عليه، وقلت: يا رسول الله! أكتب رأي مالك؟ قال: لا قلت: أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا قلت: أكتب رأي الشافعي؟ فقال بيده هكذا كأنه انتهرني، وقال: تقول رأي الشافعي! إنه ليس برأي ولكنه رد على من خالف سنتي.

رواها غير واحد عن أبي جعفر.

عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثني أبو عثمان الخوارزمي نزيل مكة فيما كتب إلي حدثنا محمد بن رشيق، حدثنا محمد بن حسن البلخي قال: قلت في المنام: يا رسول الله! ما تقول في قول أبي حنيفة والشافعي ومالك؟ فقال: لا قول إلَّا قولي لكن قول الشافعي ضد قول أهل البدع.

وروي من وجهين: عن أحمد بن الحسن الترمذي الحافظ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسألته عن الاختلاف فقال: أما الشافعي فمني وإلي. وفي الرواية الأخرى: أحيا سنتي.

روى جعفر ابن أخي أبي ثور الكلبي عن عمه قال: كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي، وهو شاب أن يضع له كتابًا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ فوضع له كتاب الرسالة.

وقال أبو ثور: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: ما أصلي صلاة إلَّا وأنا أدعو للشافعي فيها.

وقال الزعفراني: حج بشر المريسي فلما قدم قال: رأيت بالحجاز رجلًا ما رأيت مثله سائلًا، ولا مجيبًا يعني: الشافعي قال: فقدم علينا فاجتمع إليه الناس، وخفوا عن بشر فجئت إلى بشر فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم قد قدم قال: إنه قد تغير عما كان عليه. قال: فما كان مثل بشر إلَّا مثل اليهود في شأن عبد الله بن سلام.

قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ستة أدعو لهم سحرًا أحدهم: الشافعي.

وقال محمد بن هارون الزنجاني: حدثنا عبد الله بن أحمد قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ قال: يا بني كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟

ص: 252

الزنجاني: لا أعرفه.

قال أبو داود: ما رأيت أبا عبد الله يميل إلى أحد ميله إلى الشافعي.

وقال قتية بن سعيد: الشافعي إمام.

قلت: كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وسعة علمه يتناول ما يقوي حافظته.

قال هارون بن سعيد الأيلي: قال لنا الشافعي: أخذت اللبان سنة للحفظ فأعقبني رمي الدم سنة.

قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل النابلسي الشهيد، حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي سمعت تميم بن عبد الله الرازي سمعت أبا زرعة سمعت قتيبة بن سعيد يقول: مات الثوري، ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع.

أبو ثور الكلبي: ما رأيت مثل الشافعي ولا رأى هو مثل نفسه.

وقال أيوب بن سويد: ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل الشافعي.

قال أحمد بن حنبل من طرق عنه: إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب قال: فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.

قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: سميت ببغداد: ناصر الحديث. الفضل بن زياد: سمعت أحمد يقول: ما أحد مس محبرة ولا قلمًا إلَّا وللشافعي في عنقه منة.

وعن أحمد كان الشافعي من أفصح الناس.

قال إبراهيم الحربي: سألت أبا عبد الله عن الشافعي فقال: حديث صحيح، ورأي صحيح.

قال الحسن الزعفراني: ما قرأت على الشافعي حرفًا من هذه الكتب إلَّا وأحمد حاضر.

وقال إسحاق بن راهويه: ما تكلم أحد بالرأي، وذكر جماعة من أئمة الاجتهاد إلَّا والشافعي أكثر اتباعًا منه، وأقل خطأ منه الشافعي إمام.

قال يحيى بن معين: ليس به بأس.

ص: 253

وعن أبي زرعة الرازي قال: ما عند الشافعي حديث فيه غلط.

وقال أبو داود السجستاني: ما أعلم للشافعي حديثًا خطأ.

قلت: هذا من أدل شيء على أنه ثقة حجة حافظ وناهيك بقول مثل هذين.

وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب كتابًا في ثبوت الاحتجاج بالامام الشافعي، وما تكلم فيه إلَّا حاسد، أو جاهل بحاله فكان ذلك الكلام الباطل منهم موجبًا لارتفاع شأنه وعلو قدره، وتلك سنة الله في عباده:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} . [الأحزاب]

وقال أبو حاتم الرازي: محمد بن إدريس صدوق.

وقال الربيع بن سليمان كان الشافعي والله لسانه أكبر من كتبه لو رأيتموه لقلتم إن هذه ليست كتبه.

وعن يونس بن عبد الأعلى قال: ما كان الشافعي إلَّا ساحرًا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله، كأن ألفاظه سكر وكان قد أوتي عذوبة منطق وحسن بلاغة، وفرط ذكاء وسيلان ذهن، وكمال فصاحة وحضور حجة.

فعن عبد الملك بن هشام اللغوي قال: طالت مجالستنا للشافعي فما سمعت منه لحنة قط.

قلت: أنى يكون ذلك وبمثله في الفصاحة يضرب المثل كان أفصح قريش في زمانه، وكان مما يؤخذ عنه اللغة.

قال أحمد بن أبي سريج الرازي: ما رأيت أحدًا أفوه ولا أنطق من الشافعي.

وقال الأصمعي: أخذت شعر هذيل عن الشافعي.

وقال الزبير بن بكار: أخذت شعر هذيل، ووقائعها عن عمي مصعب بن عبد الله، وقال: أخذتها من الشافعي حفظًا.

قال موسى بن سهل الجوني: حدثنا أحمد بن صالح قال لي الشافعي: تعبد من قبل أن ترأس فإنك إن ترأست لم تقدر أن تتعبد، ثم قال أحمد: كان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صوت صنج وجرس من حسن صوته.

قال ابن عبد الحكم: ما رأيت الشافعي يناظر أحدًا إلَّا رحمته ولورأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك، وهو الذي علم الناس الحجج.

ص: 254

قال الربيع بن سليمان: سئل الشافعي رحمه الله عن مسألة فأعجب بنفسه فأنشأ يقول:

إذا المشكلات تصدينني

كشفت حقائقها بالنظر

ولست بإمعة في الرجال

أسائل هذا وذا ما الخبر

ولكنني مدره الأصغرين

فتاح خير وفراج شر

وروى عن هارون بن سعيد الأيلي قال: لو أن الشافعي ناظر على أن هذا العمود الحجر خشب لغلب لاقتداره على المناظرة.

قال الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين فأقام عندنا سنتين، وخرج إلى مكة ثم قدم سنة ثمان وتسعين فأقام عندنا أشهرًا، وخرج -يعني: إلى مصر.

قلت: قد قدم بغداد سنة بضع وثمانين ومائة وأجازه الرشيد بمال ولازم محمد بن الحسن مدة، ولم يلق أبا يوسف القاضي مات قبل قدوم الشافعي.

قال المزني: لما وافى الشافعي مصر قلت في نفسي: إن كان أحد يخرج ما في ضميري من أمر التوحيد، فهو تقدمت هذه الحكاية وهذه الرواية سماع زكريا الساجي من المزني.

قال: فكلمته فغضب وقال: أتدري أين أنت؟ هذا الموضع الذي غرق فيه فرعون أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت: لا قال: فهل تكلم فيه الصحابة؟ قلت: لا.

قال الحسن بن رشيق الحافظ: حدثنا فقير بن موسى بن فقير الأسواني، حدثنا أبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسواني حدثنا الشافعي، حدثنا أبو حنيفة بن سماك بن الفضل الخولاني الشهابي حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري عن أبي شريح الكعبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن أحب العقل أخذ، وإن أحب فله القود"

(1)

. رواه: الدارقطني عن ابن رشيق.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 32"، "6/ 385"، وأبو داود "4504"، والترمذي "1406"، والبيهقي في "السنن""5/ 52"، والمعرفة "1/ 39، 40" من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح الكعبي، به، وأخرجه الشافعي "2/ 100"، والبخاري "112"، "6880"، ومسلم "1355""448"، والدارقطني "3/ 97 - 98"، وأبو عوانة "4/ 42"، والبيهقي "8/ 52" من طرق عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة قال: حدثني أبو هريرة، به مرفوعا.

ص: 255

الحسن بن سفيان: حدثنا أبو ثور سمعت الشافعي، وكان من معادن الفقه، ونقاد المعاني وجهابذة الألفاظ- يقول: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ؛ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية وأسماء المعاني معدودة محدودة، وجميع أصناف الدلالات على المعاني لفظا، وغير لفظ خمسة أشياء: اللفظ ثم الإشارة ثم العقد ثم الخط ثم الذي يسمى النصبة، والنصبة في الحال الدلالة التي لا تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك الدلالات، ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها، وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، وعن خفائها عن التفسير وعن أجناسها، وأفرادها وعن خاصها، وعامها وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون بهوًا بهرجًا وساقطًا مدحرجًا.

قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه.

قال حرملة: سئل الشافعي عن رجل في فمه تمرة فقال: إن أكلتها فامرأتي طالق، وإن طرحتها فامرأتي طالق قال: يأكل نصفا ويطرح النصف.

قال الربيع: قال لي الشافعي: إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله، فما لله ولي.

وقال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.

قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ما رأيت أحدًا أقل صبا للماء في تمام التطهر من الشافعي.

قال أبو ثور: سمعت الشافعي يقول: ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه تواضعًا لله وشكرًا لله.

الأصم: سمعت الربيع يقول: سأل رجل الشافعي عن قاتل الوزغ: هل عليه غسل؟ فقال: هذا فتيا العجائز.

الحسن بن علي بن الأشعث المصري: حدثنا ابن عبد الحكم قال: ما رأت عيني قط مثل الشافعي قدمت المدينة فرأيت أصحاب عبد الملك بن الماجشون يغلون بصاحبهم، يقولون: صاحبنا الذي قطع الشافعي قال: فلقيت عبد الملك فسألته عن مسألة فأجابني فقلت: الحجة؟ قال: لأن مالكًا قال كذا وكذا فقلت في نفسي: هيهات أسألك عن الحجة، وتقول: قال معلمي وإنما الحجة عليك وعلى معلمك.

ص: 256

قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: سألت أبا قدامة السرخسي عن الشافعي وأحمد وأبي عبيد وابن راهويه فقال: الشافعي أفقههم.

قال يحيى بن منصور القاضي: سمعت إمام الأئمة ابن خزيمة يقول: وقلت له: هل تعرف سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتبه؟ قال: لا.

قال حرملة: قال الشافعي: كنت أقرئ الناس، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وحفظت الموطأ قبل أن أحتلم.

قال الحسن بن علي الطوسي: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي سمعت البويطي يقول: سئل الشافعي: كم أصول الأحكام؟ فقال: خمس مائة. قيل له: كم أصول السنن؟ قال: خمس مائة قيل له: كم منها عند مالك؟ قال: كلها إلَّا خمسة وثلاثين حديثا قيل له: كم عند ابن عيينة؟ قال: كلها إلَّا خمسة.

قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة؛ لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، وبالصفا والمروة فليس عليه كفارة؛ لأنه مخلوق.

قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني.

قال محمد بن مسلم بن وارة: سألت أحمد بن حنبل: ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أهي أحب إليك أو التي بمصر؟ قال: عليك بالكتب التي عملها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق، ولم يحكمها ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك وقلت لأحمد: ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه رأي مالك أو الثوري، أو الأوزاعي؟ فقال لي قولًا أجلهم أن أذكره، وقال: عليك بالشافعي فإنه أكثرهم صوابًا وأتبعهم للآثار.

قال عبد الله بن ناجية الحافظ: سمعت ابن وارة يقول: قدمت من مصر فأتيت أحمد بن حنبل فقال لي: كتبت كتب الشافعي؟ قلت: لا قال: فرطت ما عرفنا العموم من الخصوص وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي قال: فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر فكتبتها.

تفرد بهذه الحكاية عن ابن ناجية: عبد الله بن محمد الرازي الصوفي وليس هو بثقة.

قال محمد بن يعقوب الفرجي: سمعت علي بن المديني يقول: عليكم بكتب الشافعي.

ص: 257

قلت: ومن بعض فنون هذا الإمام الطب كان يدريه نقل ذلك غير واحد فعنه قال: عجبًا لمن يدخل الحمام ثم لا يأكل من ساعته كيف يعيش، وعجبًا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش. حرملة عن الشافعي قال: من أكل الأترج ثم نام لم آمن أن تصيبه ذبحة.

قال محمد بن عصمة الجوزجاني: سمعت الربيع سمعت الشافعي يقول: ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له، وأعيت الأطباء مداواته: العنب، ولبن اللقاح وقصب السكر لولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم.

وسمعته يقول: كان غلامي أعشى لم يكن يبصر باب الدار فأخذت له زيادة الكبد فكحلته بها فأبصر.

وعنه: عجبًا لمن تعشى البيض المسلوق فنام كيف لا يموت.

وعنه: الفول يزيد في الدماغ والدماغ يزيد في العقل.

وعنه: لم أر أنفع للوباء من البنفسج يدهن به، ويشرب.

قال صالح بن محمد جزرة: سمعت الربيع سمعت الشافعي يقول: لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطب إلَّا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه.

قال حرملة: كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب ويقول: ضيعوا ثلث العلم ووكلوه إلى اليهود والنصارى.

ويقال: إن الإمام نظر إلى شيء من النجوم ثم هجره، وتاب منه. فقال الحافظ أبو الشيخ: حدثنا عمرو بن عثمان المكي حدثنا ابن بنت الشافعي، سمعت أبي يقول: كان الشافعي وهو حدث ينظر في النجوم وما ينظر في شيء إلَّا فاق فيه، فجلس يومًا وامرأته تطلق فحسب فقال: تلد جارية عوراء على فرجها خال أسود تموت إلى يوم كذا وكذا. فولدت كما قال فجعل على نفسه أن لا ينظر فيه أبدًا ودفن تلك الكتب.

قال فوران: قسمت كتب الإمام أبي عبد الله بين ولديه فوجدت فيها رسالتي الشافعي العراقية والمصرية بخط أبي عبد الله رحمه الله.

قال أبو بكر الصومعي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صاحب حديث لا يشبع من كتب الشافعي.

ص: 258

قال علي بن أحمد الدخمسيني: سمعت علي بن أحمد بن النضر الأزدي سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الشافعي فقال: لقد من الله علينا به لقد كنا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره وقد جالسناه الأيام والليالي، فما رأينا منه إلَّا كل خير فقيل له: يا أبا عبد الله كان يحيى، وأبو عبيد لا يرضيانه يشير إلى التشيع وأنهما نسباه إلى ذلك -فقال أحمد بن حنبل: ما ندري ما يقولان والله ما رأينا منه إلَّا خيرًا.

قلت: من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتر لا يدري ما يقول.

قد قال الزبير بن عبد الواحد الإستراباذي: أخبرنا حمزة بن علي الجوهري حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حججنا مع الشافعي فما ارتقى شرفًا، ولا هبط واديًا إلَّا، وهو يبكي وينشد:

يا راكبا قف بالمحصب من منى

واهتف بقاعد خيفنا والناهض

سحرًا إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضًا كملتط الفرات الفائض

إن كان رفضًا حب آل محمد

فليشهد الثقلان أني رافضي

قلت: لو كان شيعيًا -وحاشاه من ذلك لما قال: الخلفاء الراشدون خمسة بدأ بالصديق، وختم بعمر بن عبد العزيز.

الحافظ ابن عدي: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني حدثنا صالح بن أحمد سمعت أبي يقول: سمعت الموطأ من الشافعي؛ لأني رأيته فيه ثبتًا وقد سمعته من جماعة قبله.

الحاكم: سمعت أبا بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه يقول: دخلت على ابن خزيمة فقال: يا بني! على من درست الفقه؟ فسميت له أبا الليث فقال: وعلى من درس؟ قلت: على ابن سريج فقال: وهل أخذ ابن سريج العلم إلَّا من كتب مستعارة؟ فقال رجل: أبو الليث هذا مهجور بالشاشي فإن البلد حنابلة فقال ابن خزيمة: وهل كان ابن حنبل إلَّا غلامًا من غلمان الشافعي

(1)

.

(1)

هذا القول مجاف للصواب، فقد كان أحمد بن حنبل إمام أهل السنة قاطبة، وهذا الأسلوب في المدح ينبو عنه كل ذي ذوق سليم، وأدب رفيع -وحسبك ثناء العلماء على أحمد بن حنبل، وحسبك منهم قول الإمام ابن خزيمة لأحمد بن حنبل: أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه كوفيا كان أو بصريا، أو شاميا.

وروى ابن أبي حاتم عن أبيه قال: أحمد بن حنبل أكبر من الشافعي، تعلم الشافعي أشياء من معرفة الحديث من أحمد بن حنبل، وكان الشافعي فقيها، ولم تكن له معرفة بالحديث فربما قال لأحمد: هذا الحديث قوي محفوظ؟ فإذا قال أحمد: نعم، جعله أصلا وبنى عليه.

ص: 259

زكريا الساجي: قلت لأبي داود: من أصحاب الشافعي؟ فقال: أولهم الحميدي وأحمد بن حنبل والبويطي.

ويروى بطريقين عن الشافعي قال: إذا رأيت رجلًا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جزاهم الله خيرًا هم حفظوا لنا الأصل فلهم علينا الفضل.

أنبأنا محمد بن محمد بن مناقب، عن محمد بن محمد بن محمد بن غانم، أخبرنا أبو موسى المديني أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو سعد السمان، أخبرنا أحمد بن محمد بن محمود بتستر حدثنا الحسن بن أحمد بن المبارك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا الشافعي عن يحيى بن سليم، عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات

(1)

.

رواه الحافظ أبو سعيد النقاش حدثنا علي بن الفضل حدثنا عبد الله ابن محمد بن زياد حدثنا ابن الإمام أحمد فذكر نحوه.

وأخبرناه أبو علي القلانسي أخبرنا جعفر أخبرنا السلفي أخبرنا إسماعيل بن مالك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي حدثنا الحسين بن عبد الرزاق، حدثنا علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فذكره بنحوه.

أخبرنا يوسف بن زكي

(2)

الحافظ في سنة أربع وتسعين، أخبرنا المسلم بن محمد

(1)

ضعيف: أخرجه البزار "668" كشف الأستار من طريق مسلم بن خالد، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف، وأخرجه البزار "668" كشف الأستار حدثنا يحيى بن الورد بن عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عدي بن الفضل عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، به.

قلت: إسناده واه بمرة، آفته عدي بن الفضل، وهو متروك.

(2)

هو الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك بن علي بن أبي الزهر الكلبي القضاعي المزي، ولد سنة "654" بظاهر حلب من عائلة عربية الأصل =

ص: 260

القيسي وعلي بن أحمد قلت: وأجازه المذكوران لي، وعبد الرحمن بن محمد الفقيه أن حنبل بن عبد الله أخبرهم، أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أحمد بن جعفر المالكي أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض"

(1)

. ونهى عن النجش

(2)

، ونهى عن بيع حبل الحبلة ونهى عن المزابنة، والمزابنة: بيع الثمر بالتمر كيلًا وبيع الكرم بالزبيب كيلًا.

هذا حديث صحيح متفق عليه، وبعض الأئمة يفرقه، ويجعله أربعة أحاديث، وهذه البيوع الأربعة محرمة، والأخيران منها فاسدان.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه، ومحمد بن أبي العز البزاز، وست الوزراء بنت القاضي عمر بن أسعد سماعا قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك اليماني "ح".

وأخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني، أخبرنا محمد بن سعيد الصوفي ببغداد قال: أخبرنا طاهر بن محمد المقدسي أخبرنا مكي بن منصور الكرجي "ح"، وأنبأنا أحمد بن سلامة وغيره عن أحمد بن محمد التيمي أن عبد الغفار بن محمد التاجر أجاز لهم قالا: أخبرنا

= ترجع إلى قبيلة كلب القضاعية. وانتقل جمال الدين إلى دمشق فسكن المزة القرية الكبيرة الواقعة في وسط بساتين دمشق، ودرس الفقه، والعربية، والسيرة لابن هشام، وموطأ مالك، والسنن الكبير، ودلائل النبوة للبيهقي، وحلية الأولياء، وتأثر بافمام تقي الدين ابن تيمية الذي أعجب به المزي أيما إعجاب، فكان أكثر رفاقة صلة ومحبة بالشيخ الإمام.

قال الذهبي: "ترافق هو وابن تيمية كثيرا في سماع الحديث، وفي النظر في العلم، وكان يقرر طريقة السلف في السنة، ويعضد ذلك بمباحث وقواعد كلامية. وقد كان المزي شافعي المذهب سلفي العقيدة.

وللمزي مصنفان عظيمان، هما كتابه القيم الذي يعد من أعظم الكتب المؤلفة "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف" وكتاب المزي الثاني: هو "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" ويعد أعظم كتاب ألف في فنه أربى فيه على من تقدمه وكسف مؤلفاتهم، ولم يستطع أحد بعده حتى اليوم أن يبلغ شأوه بله أن يأتي بأحسن منه. توفي سنة "742" هـ.

(1)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 683"، ومن طريقة أخرجه الشافعي "2/ 146"، وأحمد "2/ 63" والبخاري "2139"، "2165"، ومسلم "1412"، في "البيوع""ص 1154"، والنسائي "7/ 258"، وابن ماجه "2171"، والطحاوي "3/ 3"، والبيهقي "5/ 344"، والبغوي "2093"، عن نافع، به.

(2)

النجش: هو أن يرى الرجل السلعة تباع، فيزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها، بل يريد ترغيب السوام فيها ليزيدوا في ثمنها، والتناجش: أن يفعل هذا بصاحبه على أن يكافئه صاحبه بمثله إن هو باع.

ص: 261

أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان المرادي، أخبرنا محمد بن ادريس أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج، عن عطاء: أبن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك".

وبه قال الشافعي: وأخبرنا ابن عيينة عن ابن نجيح عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وربما أرسله عطاء.

هذا حديث صالح الإسناد. أخرجه: أبو داود

(1)

عن الربيع.

قرأت على عبد المؤمن بن خلف الحافظ

(2)

، وعلى أبي الحسين بن الفقيه أخبركما الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، أخبرنا علي بن المفضل الحافظ من حفظي حدثنا شيخ الاسلام، أبو طاهر السلفي لفظا حدثنا الإمام، أبو الحسن علي بن محمد الطبراني إِلْكَيا

(3)

، من لفظه ببغداد أخبرنا إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، أخبرنا أبي أبو محمد الفقيه وأخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني، أخبرنا محمد بن الخازن "ح". وأخبرنا ابن الفقيه وابن مشرف ووزيرة

(4)

قالوا: أخبرنا

(1)

صحيح: أخرجه أبو داود "1897". ورد عند مسلم "1211""133" من طريق إبراهيم بن نافع، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها أنها حاضت بسرف، فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة، عن حجك وعمرتك".

(2)

قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ""ص 1477 - 1478". هو شيخنا الإمام العلامة الحافظ الحجة الفقيه النسابة شيخ المحدثين شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي، صاحب التصانيف، مولده في آخر سنة ثلاث عشرة وست مائة. تفقه بدمياط، وبرع ثم طلب الحديث فارتحل إلى الإسكندرية وسمع من عدة من المشايخ، وكتب العالي والنازل وجمع فأوعى، وسكن دمشق فأكثر بها عن ابن مسلمة وغيره، ومعجم شيوخه يبلغون ألفا وثلاث مائة إنسان، وكان صادقا حافظا متقنا جيد العربية غزير اللغة واسع الفقه رأسا في علم النسب دينا كيسا متواضعا بساما محببا إلى الطلبة مليح الصورة نقي الشيبة كبير القدر. قال أبو الحجاج المزي الحافظ: ما رأيت في الحديث أحفظ من الدمياطي. توفي سنة خمس وسبع مائة. ومن علومه القراءات السبع تلا بها على الكمال العباسي الضرير.

(3)

إِلْكَيَا: هو الكبير القدر، المقدم بين الناس. وهي أعجمية كما قال ابن خلكان في "وفيات الأعيان""3/ 289".

(4)

هي: ست الوزراء بنت القاضي عمر بن أسعد بن المنجي بن أبي البركات التنوخي الدمشقي، أم محمد، شيخة دينة متزهدة حسنة الأخلاق. روت الكثير وعمرت دهرا. سمعت أباها وابن الزبيدي وكانت آخر من حدث بمسند الشافعي. قرأ الذهبي عليها الصحيح ومسند الشافعي كما قال في "معجم شيوخه" ترجمة "323" توفيت في شعبان سنة ست عشرة وسبعمائة. وقد روت يوم وفاتها وفاجأها الموت.

ص: 262

أبو عبد الله بن الزبيدي قالا: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، أخبرنا مكي بن علان قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر الجيزي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار، ما لم يتفرقًا إلَّا بيع الخيار"

(1)

.

أخرجه البخاري عن ابن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن القعنبي جميعًا عن مالك، وهو مسلسل في طريقنا الأول بالفقهاء إلى منتهاه.

وأخبرناه عاليا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عن المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا هبة الله بن سهل أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد، أخبرنا زاهر بن أحمد الفقيه، أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد، حدثنا أبو مصعب الزهري حدثنا مالك بن أنس، وأخبرنا به أبو محمد عبد الخالق بن عبد السلام ببعلبك، أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة أخبرنا أحمد بن عبد القادر "ح". وأخبرنا سنقر بن عبد الله بحلب أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار البقال أخبرنا أبي قالا: أخبرنا عثمان بن دوست العلاف أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله البزاز حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا عبد الله بن مسلمة أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا إلَّا بيع الخيار"

(2)

.

وبه إلى القعنبي: قال مالك: وليس لهذا عندنا وجه معروف، ولا أمر معمول.

قلت: قد عمل جمهور الأئمة بمقتضاه أولهم عبد الله بن عمر راوي الحديث. والله أعلم.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الهمذاني بقراءتي عليه، أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد سنة عشرين، وست مائة أخبرنا محمد بن خليل القيسي، وأخبرنا أبو جعفر محمد

(1)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 671"، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "الأم""3/ 4"، وفي "المسند""2/ 154"، وأحمد "1/ 56"، والبخاري "2111"، ومسلم "1531"، وأبو داود "3454"، والنسائي "7/ 248"، والدارقطني "3/ 6"، والبيهقي "5/ 268"، والبغوي "2047" عن نافع، به.

(2)

صحيح: راجع تخريجنا السابق.

ص: 263

ابن علي السلمي، وأحمد بن عبد الرحمن الصوري، قالا: أخبرنا أبو القاسم بن صصرى، أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن الأسدي، وأبو يعلى حمزة بن علي الثعلبي، وأخبرنا علي بن محمد الحافظ، وعمر بن عبد المنعم الطائي، وعبد المنعم بن عبد اللطيف، ومحمد بن محمد الفارسي، وغيرهم قالوا: أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشافعي، وأخبرنا الحسن بن علي بن الجوهري، وخديجة بنت يوسف الواعظة قالا: أخبرنا مكرم بن محمد بن أبي الصقر، وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن القواس، وابن عمه أبو حفص عمر بن عبد المنعم والقاضي تقي الدين سليمان بن أبي عمر، والتقي بن مؤمن وفاطمة بنت سليمان، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن الحسن الأرموي، وست الفخر بنت عبد الرحمن قالوا: حدثتنا أم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب القرشية قالوا ثلاثتهم: أخبرنا أبو يعلى بن الحبوبي قال هو وابن خليل والأسدي: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلا المصيصي قراءة عليه، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ابن أبي نصر التميمي سنة ثمان عشرة، وأربع مائة أخبرنا إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، في سنة ست وثلاثين وثلاث مائة حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي حدثنا ابن عيينة عن جامع وعبد الملك سمعا أبا وائل يخبر عن عبد الله بن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله يوم القيامة، وهو عليه غضبان". قيل: يا رسول الله! وإن كان شيئًا يسيرًا؟ قال: "وإن كان سواكًا من أراك"

(1)

.

أخبرنا أبو الحسين يحيى بن أحمد الجذامي، وعلي بن أحمد الحسيني، ومحمد بن الحسين القرشي بقراءتي قالوا: أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر المالكي، أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد المديني حدثنا يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزداد الأمر إلَّا شدة، ولا الدنيا

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 44"، "5/ 211 - 212، 212"، والطيالسي "1050"، والبخاري "2356"، "2357"، "2673"، "2676"، "2677"، "4549"، "4550"، "6659"، "6660"، "6676"، "6677"، "7183"، 7184"، ومسلم "138" "220"، وابن ماجه "2323"، وابن جرير الطبري "7279" والبغوي "2500"، والبيهقي "10/ 44، 178، 253"، من طرق عن سليمان الأعمش، عن شقيق بن سلمة أبي وائل، عن ابن مسعود، به.

ص: 264

"إلَّا إدبارًا، ولا الناس إلَّا شحًا ولا تقوم الساعة إلَّا على شرار الناس، ولا مهدي إلَّا عيسى ابن مريم"

(1)

.

أخرجه ابن ماجه عن يونس، فوافقناه، وهو خبر منكر تفرد به يونس ابن عبد الأعلى الصدفي أحد الثقات، ولكنه ما أحسبه سمعه من الشافعي بل أخبره به مخبر مجهول ليس بمعتمد، وقد جاء في بعض طرقه الثابتة عن يونس قال: حدثت عن الشافعي فذكره.

أخبرنا الحسن بن علي القلانسي أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الحافظ أخبرنا محمد بن أحمد الجارودي، أخبرنا أبو إسحاق القراب أخبرنا أبو يحيى الساجي، حدثنا أبو داود السجزي حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا الشافعي حدثنا مالك عن ابن عجلان عن أبيه قال: إذا أغفل العالم "لا أدري" أصيبت مقاتله.

فغلب هذا الإسناد مسلسل بالحفاظ من أبي إسماعيل إلى عجلان رحمه الله.

وبه الى أبي إسماعيل قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي، وكان من الإسلام بمكان قال: رأيت الشافعي بمكة يفتي الناس، ورأيت أحمد و إسحاق حاضرين فقال الشافعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهل ترك لنا عقيل من دار"؟. فقال إسحاق: حدثنا يزيد عن الحسن وأخبرنا أبو نعيم وعبدة عن سفيان، عن منصور عن إبراهيم: إنهما لم يكونا يريانه، وعطاء وطاوس لم يكونا يريانه. فقال الشافعي: من هذا؟ قيل: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ابن راهويه. فقال الشافعي: أنت الذي يزعم أهل خراسان أنك فقيههم ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك، فكنت آمر بعرك أذنيه أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تقول: عطاء، وطاوس ومنصور، عن إبراهيم، والحسن، وهل لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة؟!

(1)

منكر: أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء""9/ 161"، والخطيب في "تاريخ بغداد""4/ 121"، والحاكم "4/ 441" من طريق يونس بن عبد الأعلى الصدفي، به.

قلت: إسناده واه، انفرد به يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي. لذا فقد قال الذهبي في ترجمته في "الميزان": هو منكر جدا. وقال الصغاني: موضوع.

قلت: جملة "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" صحيحة، أخرجها مسلم "2949" من طريق علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

ص: 265

وبه: إلى أبي إسماعيل قال: حدثنا محمد بن محمد بن عبد الله الفقيه إملاء سمعت أحمد بن محمد بن فراشة الفقيه بمرو سمعت أحمد بن منصور الشيرازي، سمعت الحسن بن محمد الطبري سمعت محمد بن المغيرة، سمعت يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي، وحدثنا عمر بن محمد إملاء، أخبرنا محمد بن الحسن الساوي بمرو، حدثنا محمد بن أبي بكر المروزي، حدثنا علي بن محمد المروزي، حدثنا أبو الفضل صالح بن محمد الرازي، سمعت البويطي سمعت الشافعي يقول: إذا رأيت رجلًا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد البويطي: قال الشافعي: جزاهم الله خيرًا فهم حفظوا لنا الأصل فلهم علنيا فضل.

وبه: أخبرنا محمد بن أحمد الجارودي أخبرنا أبو إسحاق القراب، أخبرنا أبو يحيى الساجي عن البويطي سمعت الشافعي يقول: عليكم بأصحاب الحديث، فإنهم أكثر الناس صوابًا.

ويروى عن الشافعي: لولا المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر.

الأصم: حدثنا الربيع قال الشافعي: المحدثات من الأمور ضربان: ما أحدث يخالف كتابًا، أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا فهذه البدعة ضلالة وما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة قد قال عمر في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه يعني: أنها محدثة لم تكن وإذ كانت فليس فيها رد لما مضى.

رواه البيهقي، عن الصدفي، عن الأصم.

قال أحمد بن سلمة النيسابوري: تزوج إسحاق بن راهويه بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي مات، لم يتزوج بها إلَّا للكتب قال: فوضع جامع الكبير على كتاب الشافعي، ووضع جامع الصغير على جامع سفيان فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور، وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي، فقال له إسحاق: لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا فأجابه.

قال داود بن علي: سمعت ابن راهويه يقول: ما كنت أعلم أن الشافعي في هذا المحل، ولو علمت لم أفارقه.

قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: قال إسحاق: قلت للشافعي: ما حال جعفر بن محمد عندكم؟ فقال: ثقة كتبنا عن إبراهيم بن أبي يحيى عنه أربع مائة حديث.

قال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أفقه من سفيان بن عيينة، ولا أسكت عن الفتيا منه.

ص: 266

روى أبو الشيخ الحافظ، وغيره من غير وجه: أن الشافعي لما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك وأقبلوا عليه فلما أن رأوه يخالف مالكًا، وينقض عليه جفوه وتنكروا له فأنشأ يقول:

أأنثر درًا بين سارحة النعم

وأنظم منثورًا لراعية الغنم

لعمري لئن ضيعت في شر بلدة

فلست مضيعًا بينهم غرر الحكم

فإن فرج الله اللطيف بلطفه

وصادفت أهلًا للعلوم وللحكم

بثثت مفيدًا واستفدت ودادهم

وإلا فمخزون لدي ومكتتم

ومن منح الجهال علمًا أضاعه

ومن منع المستوجبين فقد ظلم

وكاتم علم الدين عمن يريده

يبوء بإثم زاد وآثم إذا كتم

قال أبو عبد الله بن منده: حدثت عن الربيع قال: رأيت أشهب ابن عبد العزيز ساجدًا يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي لا يذهب علم مالك، فبلغ الشافعي فأنشأ يقول:

تمنى رجال أن أموت وإن أمت

فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى

تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد

وقد علموا لو ينفع العلم عندهم

لئن مت ما الداعي علي بمخلد

قال المبرد: دخل رجل على الشافعي فقال: إن أصحاب أبي حنيفة لفصحاء فأنشأ يقول:

فلولا الشعر بالعلماء يزري

لكنت اليوم أشعر من لبيد

وأشجع في الوغى من كل ليث

وآل مهلب وأبي يزيد

ولولا خشية الرحمن ربي

حسبت الناس كلهم عبيدي

ولأبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي في الشافعي:

ومن شعب الإيمان حب ابن شافع

وفرض أكيد حبه لا تطوع

وإني حياتي شافعي فإن أمت

فتوصيتي بعدي بأن يتشفعوا

قال الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن غانم في كتاب مناقب الشافعي له، وهو مجلد: جمعت ديوان شعر الشافعي كتابًا على حدة ثم إنه ساق بإسناد له إلى ثعلب قال: الشافعي إمام في اللغة.

ص: 267

قال أبو نعيم بن عدي الحافظ

(1)

: سمعت الربيع مرارًا يقول: لو رأيت الشافعي، وحسن بيانه، وفصاحته لعجبت، ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة، لم نقدر على قراءة كتبه لفصاحته، وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يوضح للعوام.

حرملة: سمعت الشافعي يقول: ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلَّا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطاطاليس.

هذه حكاية نافعة لكنها منكرة ما أعتقد أن الإمام تفوه بها، ولا كانت أوضاع أرسطو طاليس عربت بعد البتة. رواها أبو الحسن علي بن مهدي الفقيه، حدثنا محمد بن هارون حدثنا هميم بن همام، حدثنا حرملة. ابن هارون: مجهول.

قال مصعب بن عبد الله: ما رأيت أحدًا أعلم بأيام الناس من الشافعي.

ونقل الإمام ابن سريج عن بعض النسابين قال: كان الشافعي من أعلم الناس بالأنساب لقد اجتمعوا معه ليلة، فذاكرهم بأنساب النساء إلى الصباح، وقال: أنساب الرجال يعرفها كل أحد.

الحسن بن رشيق: أخبرنا أحمد بن علي المدائني قال: قال المزني: قدم علينا الشافعي، فأتاه ابن هشام صاحب المغازي، فذاكره أنساب الرجال فقال له الشافعي: دع عنك أنساب الرجال فإنها لا تذهب عنا وعنك، وحدثنا في أنساب النساء فلما أخذوا فيها بقي ابن هشام.

قال يونس الصدفي: كان الشافعي إذا أخذ في أيام الناس قلت: هذه صناعته.

وعن الشافعي قال: ما أردت بها يعني: العربية والأخبار- إلَّا للاستعانة على الفقه.

قال أبو حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: ما رأيت أحدًا لقي من السقم ما لقي الشافعي فدخلت عليه فقال: اقرأ ما بعد العشرين والمئة من آل عمران، فقرأت فلما

(1)

هو: عبد الملك بن محمد بن عدي الحافظ الحجة أبو نعيم الجرجاني الأستراباذي الفقيه، وهو غير ابن عدي صاحب "الكامل في الضعفاء". قال الحاكم. كان من أئمة المسلمين، ورد نيسابور وهو قاصد بخارى فأخذ عنه الحفاظ. وقال أبو علي الحافظ: كان أبو نعيم أحد الأئمة، ما رأيت بخراسان بعد ابن خزيمة مثله، كان يحفظ الموقوفات والمراسيل ما نحفظ نحن المسانيد. وقال حمزة السهمي كان أحد الأئمة ومن الحفاظ لشرائع الدين مع صدق وتيقظ وورع. وله تصانيف في الفقه، وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء توفي سنة "323 هـ".

ص: 268

قمت قال: لا تغفل عني فإني مكروب قال يونس: عني بقراءتي ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أو نحوه.

ابن خزيمة وغيره: حدثنا المزني قال: دخلت على الشافعي في موضه الذي مات فيه فقلت: يا أبا عبد الله! كيف أصبحت؟ فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلًا، ولإخواني مفارقًا ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها، أو إلى نار فأعزيها ثم بكى وأنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت رجائي دون عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته

بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل

تجود وتعفو منه وتكرما

فإن تنتقم مني فلست بآيس

ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما

ولولاك لم يغو بإبليس عابد

فكيف وقد أغوى صفيك آدما

وإني لآتي الذنب أعرف قدره

وأعلم أن الله يعفو ترحما

إسناده ثابت عنه.

قال أبو العباس الأصم: حدثنا الربيع بن سليمان: دخلت على الشافعي، وهو مريض فسألني عن أصحابنا فقلت: إنهم يتكلمون فقال: ما ناظرت أحدًا قط على الغلبة، وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب يعني: كتبه على أن لا ينسب إلي منه شيء. قال هذا يوم الأحد، ومات يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين وله نيف وخمسون سنة.

ابن أبي حاتم: كتب إلي أبو محمد السجستاني نزيل مكة، حدثني الحارث بن سريج قال: دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج فلما أبصره رجع فقال له الخادم: ادخل قال: لا يحل افتراش الحرم. فقام الخادم متبسمًا. حتى دخل بيتا قد فرش بالأرمني فدخل الشافعي ثم أقبل عليه فقال: هذا حلال وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك، وأكثر ثمنًا فتبسم الخادم وسكت.

وعن الربيع للشافعي:

لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر

ومن دونها أرض المهامه والقفر

فوالله ما أدري أللمال والغنى

أساق إليها أم أساق إلى قبري

ص: 269

قال الميموني: سمعت أحمد يقول: سألت الشافعي عن القياس فقال: عند الضرورات.

أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا محمد بن يعقوب سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت.

سمعنا جزءًا في رحلة الشافعي فلم أسق منه شيئًا؛ لأنه باطل لمن تأمله، وكذلك عزي إليه أقوال وأصول لم تثبت عنه، ورواية ابن عبد الحكم عنه في محاش النساء منكرة، ونصوصه في تواليفه بخلاف ذلك.

وكذا وصية الشافعي من رواية الحسين بن هشام البلدي غير صحيحه.

وقال شيخ الإسلام علي بن أحمد بن يوسف الهكاري في كتاب عقيدة الشافعي له: أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو القاسم بن علقمة الأبهري، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا يونس بن عبد الأعلى سمعت أبا عبد الله الشافعي يقول، وقد سئل عن صفات الله تعالى، وما يؤمن به فقال: لله أسماء، وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحدًا قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه، فهو كافر فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر، ولا نكفر بالجهل بها أحدًا إلَّا بعد انتهاء الخبر إليه بها، ونثبت هذه الصفات، وننفي عنها التشبيه كما نفاه عن نفسه فقال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

قال مصعب بن عبد الله: كان الشافعي يسمر مع أبي إلى الصباح.

وقال المبرد: كان الشافعي من أشعر الناس، وآدب الناس وأعرفهم بالقراءات.

ومن مناقب هذا الإمام: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام". أخرجه البخاري

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3140" من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن جبير بن مطعم، به.

ص: 270

قال يحيى القطان: مما نقله البيهقي في المدخل له: ما رأيت أعقل، أو قال: أفقه من الشافعي، وأنا أدعو الله له، أخصه به.

وقال الحاكم: حدثنا الزبير بن عبد الواحد حدثني العباس بن الفضل بأرسوف، حدثنا محمد بن عوف سمعت أحمد بن حنبل يقول: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني والفقه.

قال إبراهيم الحربي: سألت أحمد عن الشافعي فقال: حديث صحيح، ورأي صحيح وسألته عن مالك، وذكر القصة.

أحمد بن محمد بن عبيدة: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: كان الشافعي إذا أخذ في التفسير، كأنه شهد التنزيل.

قال البيهقي فيما أجاز لنا ابن علان، وفاطمة بنت عساكر عن منصور الفراوي أخبرنا أبو المعالي الفارسي، أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا محمد بن العباس العصمي، حدثنا أبو إسحاق بن ياسين الهروي، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأنصاري، سمعت المروذي يقول: قال أحمد بن حنبل: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرًا قلت فيها بقول الشافعي؛ لأنه إمام قرشي وقد روي عن النبي: صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عالم قريش يملأ الأرض علمًا". إلى أن قال أحمد: وإني لأدعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي.

روى أبو داود الطيالسي، وإسحاق بن إسرائيل حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي الجارود النضر بن حميد، عن أبي الجارود عن أبي الأحوص، عن عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا قريشًا فإن عالمها يملأ الأرض علمًا"

(1)

.

قلت: النضر قال فيه أبو حاتم: متروك الحديث.

قال أبو بكر بن زياد النيسابوري: سمعت الربيع يقول: كان الشافعي يختم القرآن في كل رمضان ستين ختمة، وفي كل شهر ثلاثين ختمة

(2)

، وكان يحدث وطست تحته، فقال

(1)

ضعيف جدًّا: أخرجه الطيالسي "309"، وحلية الأولياء "9/ 65"، وتاريخ بغداد "2/ 60، 61"، وفي الإسناد أبو الجارود النضر بن حميد، قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث.

(2)

هذا غير صحيح، ومثله لا يفعله طلاب العلم الذين اهتدوا بهديه صلى الله عليه وسلم، فكيف يفعله عالم بصير بهديه وسنته صلى الله عليه وسلم سبحانك هذا بهتان عظيم، وإفك مبين عليه رضي الله عنه ألم يصل إلى علم الشافعي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث؟! اللهم بلى. ومثل هذا إساءة لهذا الإمام الجليل، رحمه الله تعالى.

ص: 271

يومًا: اللهم إن كان لك فيه رضى فزد

(1)

. فبعث إليه إدريس بن يحيى المعافري -يعني: زاهد مصر-: لست من رجال البلاء، فسل الله العافية.

الزبير بن عبد الواحد: حدثنا محمد بن عقيل الفريابي قال: قال المزني أو الربيع: كنا يومًا عند الشافعي إذ جاء شيخ عليه ثياب صوف، وفي يده عكازة فقام الشافعي وسوى عليه ثيابه وسلم الشيخ، وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له إذ قال الشيخ: أسأل؟ قال: سل قال: ما الحجة في دين الله؟ قال: كتاب الله. قال: وماذا؟ قال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال: من أين قلت: اتفاق الأمة؟ فتدبر الشافعي ساعة فقال الشيخ: قد أجلتك ثلاثًا فإن جئت بحجة من كتاب الله، وإلا تب إلى الله تعالى فتغير لون الشافعي ثم إنه ذهب فلم يخرج إلى اليوم الثالث بين الظهر والعصر، وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه، وهو مسقام فجلس فلم يكن بأسرع من أن جاء الشيخ فسلم وجلس فقال: حاجتي فقال الشافعي: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: 115] قال: فلا يصليه على خلاف المؤمنين إلَّا وهو فرض.

فقال: صدقت وقام فذهب. فقال الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه.

أنبئت بهذه القصة عن منصور الفراوي أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، أخبرنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا الزبير فذكرها.

قلت الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد في سنة خمس وتسعين فأقام عندنا أشهرًا ثم خرج وكان يخضب بالحناء، وكان خفيف العارضين.

وقال أحمد بن سنان: رأيته أحمر الرأس واللحية يعني: أنه اختضب.

قال الطبراني: سمعت أبا يزيد القراطيسي يقول: حضرت جنازة ابن وهب، وحضرت مجلس الشافعي.

أبو نعيم في الحلية: حدثنا عبيد بن خلف البزار حدثني إسحاق بن عبد الرحمن، سمعت حسينًا الكرابيسي سمعت الشافعي يقول: كنت امرأ أكتب الشعر، فآتي البوادي،

(1)

هذا ليس بثابت أيضا، بل إنه من المحال في حق هذا الإمام الجليل، ولا يخفى على أصاغر طلاب العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء كما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه فكيف يخفى هذا على مثل هذا الإمام الجليل؟!

ص: 272

فأسمع منهم فقدمت مكة فخرجت، وأنا أتمثل بشعر للبيد، وأضرب وحشي قدمي بالسوط فضربني رجل من ورائي، من الحجبة فقال: رجل من قريش ثم ابن المطلب رضي من دينه ودنياه أن يكون معلمًا، ما الشعر إذا استحكمت فيه فعدت معلمًا؟ تفقه يعلك الله فنفعني الله بكلامه فكتبت ما شاء الله من ابن عيينه ثم كنت أجالس مسلم بن خالد، ثم قدمت على مالك فلما عرضت عليه إلى كتاب السير قال لي: تفقه تعل يا ابن أخي فجئت إلى مصعب بن عبد الله، فكلمته أن يكلم لي بعض أهلنا، فيعطيني شيئًا فإنه كان بي من الفقر والفاقة ما الله به عليم. فقال لي مصعب: أتيت فلانًا فكلمته فقال: أتكلمني في رجل كان منا فخالفنا؟ قال: فأعطاني مائة دينار. ثم قال لي مصعب: إن الرشيد كتب إلي أن أصير إلى اليمن قاضيًا، فتخرج معنا لعل الله أن يعوضك فخرجت معه، وجالسنا الناس فكتب مطرف بن مازن إلى الرشيد: إن أردت اليمن لا يفسد عليك، ولا يخرج من يدك، فأخرج عنه محمد بن إدريس، وذكر أقوامًا من الطالبيين فبعث إلى حماد البربري، فأوثقت بالحديد حتى قدمنا على هارون الرقة فأدخلت عليه

وذكر اجتماعه بعد بمحمد بن الحسن ومناظرته له.

قال الحميدي: عن الشافعي قال: كان منزلنا بمكة في شعب الخيف فكنت أنظر إلى العظم يلوح فأكتب فيه الحديث، أو المسألة وكانت لنا جرة قديمة، فإذا امتلأ العظم طرحته في الجرة.

قال عمرو بن عثمان المكي: عن الزعفراني عن يحيى بن معين سمعت يحيى بن سعيد يقول: أنا أدعو الله للشافعي في صلاتي منذ أربع سنين.

قال ابن ماجة القزويني: جاء يحيى بن معين إلى أحمد بن حنبل فبينا هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته، فوثب أحمد يسلم عليه وتبعه فأبطأ، ويحيى جالس فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله! كم هذا؟ فقال: دع عنك هذا إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة.

قال أحمد بن العباس النسائي: سمعت أحمد بن حنبل ما لا أحصيه وهو يقول: قال أبو عبد الله الشافعي ثم قال: ما رأيت أحدًا أتبع للأثر من الشافعي.

أبو حاتم: حدثنا يونس سمعت الشافعي يقول: ناظرت يومًا محمد ابن الحسن فاشتد مناظرتي له فجعلت أوداجه تنتفخ، وأزراره تنقطع زرًا زرًا.

وعن الشافعي قال: سميت ببغداد ناصر الحديث.

ص: 273

وقال يونس: سمعت الشافعي يقول: ما فاتني أحد كان أشد علي من الليث وابن أبي ذئب، والليث أتبع للأثر من مالك.

أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن مسعود الجمال، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل، حدثني حسان بن أبان القاضي بمصر، حدثني جامع بن القاسم البلخي، حدثني أبو بكر محمد بن يزيد بن حكيم المستملي، قال: رأيت الشافعي في المسجد الحرام، وقد جعلت له طنافس فجلس عليها فأتاه رجل من أهل خراسان فقال: يا أبا عبد الله! ما تقول في أكل فرخ الزنبور؟ فقال: حرام. فقال: حرام؟! قال: نعم من كتاب الله وسنة رسول الله، والمعقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. وحدثنا سفيان عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي، عن حذيفة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر، وعمر"

(1)

. هذا الكتاب والسنة. وحدثونا عن إسرائيل قال أبو بكر المستملي: حدثنا أبو أحمد عن إسرائيل عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة: أن عمر أمر بقتل الزنبور وفي المعقول: أن ما أمر بقتله فحرام أكله.

وقال أبو نعيم: حدثنا الحسن بن سعيد حدثنا زكريا الساجي سمعت البويطي سمعت الشافعي يقول: إنما خلق الله الخلق ب"كن" فإذا كانت "كن" مخلوقة فكأن مخلوقًا خلق بمخلوق.

الربيع: سمعت الشافعي يقول: لم أر أحدًا أشهد بالزور من الرافضة.

وقال: لا يبلغ في هذا الشأن رجل حتى يضر به الفقر، ويؤثره على كل شيء.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 399"، وفي "فضائل الصحابة""479"، والترمذي "3663" وابن سعد "2/ 334"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""2/ 58"، من طريق سالم بن عبد الواحد المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، به.

قلت: إسناده ضعيف، سالم بن عبد الواحد المرادي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول" أي عند المتابعة، وقال ابن معين: ضعيف الحديث.

وأخرجه أحمد "5/ 382، 385، 402"، وفي "فضائل الصحابة""478"، والحميدي "449"، وابن أبي شيبة "12/ 11"، والترمذي "3663"، وابن ماجه "97"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""2/ 83 - 84"، والحاكم "3/ 75"، وأبو نعيم في "الحلية""9/ 109"، والخطيب في "تاريخه""12/ 20"، وابن سعد في "الطبقات""2/ 334" من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، به.

ص: 274

وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: يا يونس! الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء، فكن بين المنقبض والمنبسط.

وقال لي: رضا الناس غاية لا تدرك، وليس إلى السلامة منهم سبيل فعليك بما ينفعك فالزمه.

وعن الشافعي: العلم ما نفع ليس العلم ما حفظ.

وعنه: اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل.

وعنه: لم أعلم أن الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته.

أبو نعيم: حدثنا ابن المقرئ سمعت يوسف بن محمد بن يوسف المروزي يقول: عن عمر بن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أبيه، سمعت الشافعي يقول: بينما أنا أدور في طلب العلم، ودخلت اليمن فقيل لي: بها إنسان من وسطها إلى أسفل، بدن امرأة، ومن وسطها إلى فوق بدنان مفترقان بأربع أيد، ورأسين ووجهين، فأحببت أن أنظر إليها، فلم أستحل حتى خطبتها من أبيها، فدخلت فإذا هي كما ذكر لي فلعهدي بهما، وهما يتقاتلان ويتلاطمان ويصطلحان ويأكلان، ثم إني نزلت عنها وغبت عن تلك البلد أحسبه قال: سنتين ثم عدت، فقيل لي: أحسن الله عزاءك في الجسد الواحد توفي، فعمد إليه فربط من أسفل بحبل، وترك حتى ذبل فقطع ودفن قال الشافعي: فلعهدي بالجسد الواحد في السوق ذاهبًا وجائيًا أو نحوه.

هذه حكاية عجيبة منكرة، وفي إسنادها من يجهل.

وعن الشافعي قال: ما نقص من أثمان السود إلَّا لضعف عقولهم وإلا هو لون من الألوان.

إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني: حدثنا الربيع قال: كان الشافعي يختم في رمضان ستين ختمة

(1)

.

قال إبراهيم بن محمد الشافعي: ما رأيت أحدًا أحسن صلاة من الشافعي وذاك أنه أخذ

(1)

ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ في أقل من ثلاث فقد نهى عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث". أخرجه أحمد "2/ 195"، وأبو داود "1394"، والترمذي "2949"، وابن ماجه "1347"، والدارمي "1/ 350" من طريق قتادة، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو، به. وإسناده صحيح.

ص: 275

من مسلم بن خالد، وأخذ مسلم من ابن جريج، وأخذ ابن جريج من عطاء، وأخذ عطاء من ابن الزبير وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق وأخذ أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن الشافعي قال: رأيت باليمن بنات تسع يحضن كثيرًا. قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: يقولون: ماء العراق، وما في الدنيا مثل ماء مصر للرجال لقد قدمت مصر، وأنا مثل الخصي ما أتحرك. قال: فما برح من مصر حتى ولد له.

محمد بن إبراهيم بن جناد: حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي سمعت الشافعي يقول: خلفت ببغداد شيئًا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير، يشغلون به عن القرآن.

عن الشافعي: ما أفلح سمين قط إلَّا أن يكون محمد بن الحسن قيل: ولم؟ قال: لأن العاقل لا يعدو من إحدى خلتين: إما يغتم لآخرته أو لدنياه والشحم مع الغم لا ينعقد.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمرو المعدل في سنة اثنتين وتسعين وبعدها، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين الأسدي أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، أخبرنا محمد بن الفضل بن نظيف الفراء بمصر سنة تسع عشرة، وأربع مائة حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين الصابوني سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة، حدثنا المزني حدثنا الشافعي، عن مالك عن نافع عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال. فقيل: إنك تواصل؟ فقال: "لست مثلكم إني أطعم وأسقى"

(1)

.

قلت: كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية لا يلتفت إليه، بل يطوى ولا يروى كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة، وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين، والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف، العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى حيث يقول: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ

(1)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 82"، وأحمد "2/ 21، 23، 102، 128، 143، 153" وعبد بن حميد "755"، والبخاري "1922"، 1962"، ومسلم "1102" "55"، "56"، وأبو داود "2360"، والنسائي في "الكبرى" "3263"، والبيهقي "4/ 282"، "7/ 61" من طرق عن نافع، عن عبد الله بن عمر، به.

ص: 276

بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10]، فالقوم لهم سوابق، وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة نقطع بأن بعضهم أفضل من بعض ونقطع بأن أبا بكر وعمر أفضل الأمة. ثم تتمة العشرة المشهود لهم بالجنة وحمزة وجعفر، ومعاذ وزيد، وأمهات المؤمنين وبنات نبينا صلى الله عليه وسلم وأهل بدر، مع كونهم على مراتب. ثم الأفضل بعدهم مثل أبي الدرداء، وسلمان الفارسي وابن عمر، وسائر أهل بيعة الرضوان الذين رضي الله عنهم بنص آية سورة الفتح. ثم عموم المهاجرين والأنصار، كخالد بن الوليد والعباس، وعبد الله بن عمرو وهذه الحلبة. ثم سائر من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد معه أو حج معه، أو سمع منه رضي الله عنهم أجمعين وعن جميع صواحب رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرات والمدنيات، وأم الفضل وأم هانئ الهاشمية، وسائر الصحابيات فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك، فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب، وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد، ومتى إفاقة من به سكران؟!

ثم قد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض، وتحاربوا وجرت أمور لا يمكن شرحها فلا فائدة في بثها ووقع في كتب التواريخ، وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ولحوم العلماء مسمومة، وما نقل من ذلك لتبيين غلط العالم، وكثرة وهمه أو نقص حفظه، فليس من هذا النمط يل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن والحسن من الضعيف.

وإمامنا فبحمد الله ثبت في الحديث حافظ لما وعى عديم الغلط موصوف بالإتقان متين الديانة، فمن نال منه بجهل وهوى، ممن علم أنه منافس له فقد ظلم نفسه ومقتته العلماء ولاح لكل حافظ تحامله، وجر الناس برجله ومن أثنى عليه، واعترف بإمامته وإتقانه وهم أهل العقد والحل قديمًا وحديثًا فقد أصابوا، وأجملوا وهدوا ووفقوا.

وأما أئمتنا اليوم وحكامنا، فإذا أعدموا ما وجد من قدح بهوى فقد يقال: أحسنوا ووفقوا، وطاعتهم في ذلك مفترضة لما قد رأوه من حسم مادة الباطل والشر.

وبكل حال فالجهال والضلال قد تكلموا في خيار الصحابة، وفي الحديث الثابت:"لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله إنهم ليدعون له ولدًا، وإنه ليرزقهم ويعافيهم"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6099"، ومسلم "2804" من طرق عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن أبي موسى الأشعري، به.

ص: 277

وقد كنت وقفت على بعض كلام المغاربة في الإمام رحمه الله، فكانت فائدتي من ذلك تضعيف حال من تعرض إلى الإمام ولله الحمد.

ولا ريب أن الإمام لما سكن مصر، وخالف أقرانه من المالكية ووهى بعض فروعهم بدلائل السنة، وخالف شيخه في مسائل تألموا منه ونالوا منه وجرت بينهم وحشة غفر الله للكل وقد اعترف الإمام سحنون، وقال: لم يكن في الشافعي بدعة فصدق، والله فرحم الله الشافعي، وأين مثل الشافعي والله في صدقه وشرفه ونبله وسعة علمه، وفرط ذكائه ونصره للحق، وكثرة مناقبه رحمه الله تعالى.

قال الحافظ أبو بكر الخطيب في مسألة الاحتجاج بالإمام الشافعي فيما قرأت على أبي الفضل بن عساكر، عن عبد العزيز بن محمد أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، أخبرنا الخطيب قال: سألني بعض إخواننا بيان علة ترك البخاري الرواية عن الشافعي في الجامع؟ وذكر أن بعض من يذهب إلى رأى أبي حنيفه ضعف أحاديث الشافعي، واعترض بإعراض البخاري عن روايته ولولا ما أخذ الله على العلماء فيما يعلمونه ليبيننه للناس لكان أولى الأشياء الإعراض عن اعتراض الجهال وتركهم يعمهون. وذكر لي من يشار إليه خلو كتاب مسلم، وغيره من حديث الشافعي. فأجبته بما فتح الله لي: ومثل الشافعي من حسد وإلى ستر معالمه قصد ويأبى الله إلَّا أن يتم نوره ويظهر من كل حق مستوره، وكيف لا يغبط من حاز الكمال بما جمع الله له من الخلال اللواتي لا ينكرها إلَّا ظاهر الجهل، أو ذاهب العقل ثم أخذ الخطيب يعدد علوم الإمام ومناقبه، وتعظيم الأئمه له وقال:

أبى الله إلَّا رفعه وعلوه

وليس لما يعليه ذو العرش واضع

إلى أن قال: والبخاري هذب ما في جامعه غير أنه عدل عن كثير من الأصول، إيثارًا للإيجاز قال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: ما أدخلت في كتابي الجامع إلَّا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول.

فترك البخاري الاحتجاج بالشافعي، إنما هو لا لمعنى يوجب ضعفه لكن غني عنه بما هو أعلى منه إذ أقدم شيوخ الشافعي: مالك، والدراوردي، وداود العطار، وابن عيينة، والبخاري لم يدرك الشافعي بل لقي من هو أسن منه، كعبيد الله بن موسى، وأبي عاصم ممن رووا عن التابعين، وحدثه عن شيوخ الشافعي عدة، فلم ير أن يروي عن رجل عن الشافعي عن مالك.

ص: 278

فإن قيل: فقد روى عن المسندي عن معاوية بن عمرو عن الفزاري عن مالك، فلا شك أن البخاري سمع هذا الخبر من أصحاب مالك، وهو في الموطأ فهذا ينقض عليك?!

قلنا: إنه لم يرو حديثا نازلا، وهو عنده عال إلَّا لمعنى ما يجده في العالي، فأما أن يورد النازل وهو عنده عال لا لمعنى يختص به، ولا على وجه المتابعة لبعض ما اختلف فيه فهذا غير موجود في الكتاب، وحديث الفزاري فيه بيان الخبر، وهو معدوم في غيره وجوده الفزاري بتصريح السماع، ثم سرد الخطيب ذلك من طرق عدة قال: والبخاري يتبع الألفاظ بالخبر في بعض الأحاديث، ويراعيها وإنا اعتبرنا روايات الشافعي التي ضمنها كتبه فلم نجد فيها حديثا واحدًا على شرط البخاري أغرب به ولا تفرد بمعنى فيه يشبه ما بيناه. ومثل ذلك القول في ترك مسلم إياه لإدراكه ما أدرك البخاري من ذلك. وأما أبو داود فأخرج في سننه للشافعي غير حديث، وأخرج له الترمذي وابن خزيمة وابن أبي حاتم.

ثم سرد الخطيب فصلًا في ثناء مشايخه، وأقرانه عليه ثم سرد أشياء في غمز بعض الأئمة، فأساء ما شاء -أعني غامزه.

وبلغنا عن الإمام الشافعي ألفاظ قد لا تثبت ولكنها حكم فمنها:

ما أفلح من طلب العلم إلَّا بالقلة.

وعنه قال: ما كذبت قط ولا حلفت بالله ولا تركت غسل الجمعة وما شبعت منذ ست عشرة سنة، إلَّا شبعة طرحتها من ساعتي. وعنه قال: من لم تعزه التقوى فلا عز له.

وعنه: ما فزعت من الفقر قط طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب بها الله أهل التوحيد.

وقيل له: ما لك تكثر من إمساك العصا ولست بضعيف؟ قال: لأذكر أني مسافر.

وقال: من لزم الشهوات لزمته عبودية أبناء الدنيا.

وقال: الخير في خمسة: غنى النفس، وكف الأذى وكسب الحلال والتقوى والثقة بالله.

وعنه: أنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان.

وعنه: اجتناب المعاصي، وترك ما لا يعنيك ينور القلب عليك بالخلوة وقلة الأكل إياك ومخالطة السفهاء، ومن لا ينصفك إذا تكلمت فيما لا يعنيك ملكتك الكلمة ولم تملكها.

ص: 279

وعنه: لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس صرف إلى الزهاد.

وعنه: سياسة الناس أشد من سياسة الدواب.

وعنه: العاقل من عَقَلَه عَقْلُه عن كل مذموم.

وعنه: للمروءة أركان أربعة: حسن الخلق والسخاء والتواضع والنسك.

وعنه: لا يكمل الرجل إلَّا بأربع: بالديانة والأمانة والصيانة والرزانة.

وعنه: ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته.

وعنه: علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقًا.

وعنه: من نم لك نم عليك.

وعنه قال: التواضع من أخلاق الكرام والتكبر من شيم اللئام التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة.

وقال: أرفع الناس قدرًا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله.

وقال: ما ضحك من خطأ رجل إلَّا ثبت صوابه في قلبه.

لا نلام والله على حب هذا الإمام؛ لأنه من رجال الكمال في زمانه رحمه الله وإن كنا نحب غيره أكثر.

ص: 280

‌1539 - الفضل بن سهل

(1)

:

السرخسي الوزير وأخو الوزير الحسن بن سهل. أسلم أبوهما على يد المهدي وأسلم الفضل سنة تسعين ومائة على يد المأمون.

وقيل: لما عزم جعفر البرمكي على استخدام الفضل للمأمون وصفه بحضرة الرشيد، ونطق الفضل فرآه الرشيد فطنًا بليغًا. وكان يلقب: ذا الرئاستين؛ لأنه تقلد الوزارة والحرب.

وكان شيعيًا منجمًا ماكرًا أشار بتجهيز طاهر بن الحسين، وحسب بالرمل بأنه يظفر بالأمين ويقال: إن من إصاباته الكاذبة أنه حكم لنفسه أنه يعيش ثمانيًا وأربعين سنة ثم يقتل بين ماء ونار، فعاش كذلك وقتله خال المأمون في حمام سرخس في شعبان سنة اثنتين وستين.

وقد امتدحه فحول الشعراء فمن ذلك لإبراهيم الصولي:

لفضل بن سهل يد

تقاصر فيها المثل

فنائلها للغنى

وسطوتها للأجل

وباطنها للندى

وظاهر للقبل

وازدادت رفعته حتى ثقل أمره على المأمون فدس عليه خاله غالبًا الأسود في جماعة فقتلوه، وبعده بأيام مات أبوه.

وأظهر المأمون حزنا لمصرعه وعزى والدته وقال: إن الله أخلفني عليك بدل ابنك.

فبكت وقالت: كيف لا أحزن على ولد أكسبني ولدا مثلك. ثم عاشت وأدركت عرس بنت ابنها بوران على المأمون وكان الحسن بن سهل من كبار الوزراء الممدوحين.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي، "4/ 5"، وتاريخ بغداد "12/ 339"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 529"، والعبر "1/ 338"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 4".

ص: 280

‌1540 - ابن الكلبي

(1)

:

العلامة الأخباري النسابة الأوحد أبو المنذر هشام بن الأخباري الباهر محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي الشيعي أحد المتروكين كأبيه.

روى عن أبيه كثيرًا. وعن: مجالد وأبي مخنف لوط وطائفة. حدث عنه: ابنه العباس ومحمد بن سعد وخليفة بن خياط وابن أبي السري العسقلاني، وأحمد بن المقدام العجلي.

قال أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سمر ونسب ما ظننت أن أحدًا يحدث عنه.

وقال الدارقطني وغيره: متروك الحديث.

وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة.

وقد اتهم في قوله: حفظت القرآن في ثلاثة أيام. وكذا قوله: نسيت ما لم ينس أحد:

قبضت على لحيتي والمرآة بيدي لأقص ما فضل عن القبض، فنسيت وقصيت من فوق القبضة.

وله كتاب الجمهرة في النسب، وكتاب حلف الفضول، وكتاب المنافرات وكتاب الكنى، وكتاب ملوك الطوائف وكتاب ملوك كندة.

وتصانيفه جمة يقال: بلغت مئة وخمسين مصنفًا.

وكان أبوه مفسرًا ولكنه لا يوثق به أيضًا، وفيه رفض كابنه. مات ابن الكلبي على الصحيح سنة أربع ومائتين وقيل: بعد ذلك بقليل وقد ذكرته في ميزان الاعتدال وقيل: مات سنة ست ومائتين.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1632"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1626"، وتاريخ بغداد "14/ 45"، والأنساب للسمعاني "10/ 454"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 287"، ووفيات الأعيان "6/ ترجمة 782"، وميزان الاعتدال "4/ 304"، والعبر "1/ 346".

ص: 281

‌1541 - الهيثم بن عدي

(1)

:

ابن عبد الرحمن بن زيد بن أسيد بن جابر الأخباري العلامة أبو عبد الرحمن الطائي، الكوفي، المؤرخ.

حدث عن: هشام بن عروة ومجالد وابن أبي ليلى وسعيد بن أبي عروبة وجماعة.

روى عنه: محمد بن سعد، وأبو الجهم الباهلي وعلي بن عمرو الأنصاري، وأحمد بن عبيد أبو عصيدة وآخرون.

وهو من بابة الواقدي وقل ما روى من المسند.

قال علي بن المديني: هو عندي أصلح من الواقدي.

قال عباس الدوري: حدثنا بعض أصحابنا قال: قالت جارية الهيثم بن عدي: كان مولاي يقوم عامة الليل يصلي فإذا أصبح جلس يكذب.

وقال ابن معين وأبو داود: كذاب.

وقال البخاري: سكتوا عنه.

وقال النسائي وغيره: متروك الحديث. قلت: توفي بفم الصلح في سنة سبع ومائتين وله ثلاث وتسعون سنة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري "8/ ترجمة 2775"، والضعفاء للعقيلي "4/ ترجمة 1959"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 350"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2020"، وتاريخ بغداد "14/ 50"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 304"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 786"، وميزان الاعتدال "4/ 324" والعبر "1/ 353"، ولسان الميزان "6/ 209"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 184".

ص: 282

‌1542 - محمد بن جعفر

(1)

:

الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين العلوي الحسيني، المدني أبو جعفر سيد بني هاشم في زمانه يلقب: بالديباج وهو أخو موسى الكاظم لم يكن في الفضل والجلالة بدون أخيه.

حدث عن: أبيه وهشام بن عروة.

روى عنه: محمد بن يحيى العدني، ويعقوب بن كاسب وإبراهيم بن المنذر الحزامي وآخرون.

وكان سيدًا مهيبًا عاقلًا، فارسًا شجاعًا يصلح للإمامة وله عدة أخوة.

لما ماجت الدولة العباسية بالكائنة الكبرى بقتل الأمين، وحصار بغداد عشرين شهرًا، ثم بخلع العباسيين للمأمون، دعا محمد هذا إلى نفسه وخرج بمكة فبايعوه سنة مائتين، وقد شاخ فاتفق أن أبا إسحاق المعتصم حج حينئذ، وندب عسكرا لقتال هذا، فأخذوه فلم يؤذه أبو إسحاق، وصحبه إلى بغداد فلم يطول بها وتوفي.

وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، واتفق موته بجرجان في شهر شعبان فصلى عليه المأمون ونزل بنفسه في لحده، وقال: هذه رحم قطعت من سنين.

فقيل: إن سبب موته، وكان من أبناء السبعين أنه جامع ودخل الحمام وافتصد، فمات فجأة رحمه الله توفي سنة ثلاث ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 113"، والعبر "1/ 342"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 7".

ص: 283

‌1543 - نفيسة

(1)

:

السيدة المكرمة الصالحة ابنة أمير المؤمنين الحسن بن زيد بن السيد سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما العلوية الحسنية، صاحبة المشهد الكبير المعمول بين مصر والقاهرة.

ولي أبوها المدينة للمنصور، ثم عزله وسجنه مدة فلما ولي المهدي أطلقه، وأكرمه ورد عليه أمواله، وحج معه فتوفي بالحاجر

(2)

.

وتحولت هي من المدينة إلى مصر مع زوجها الشريف إسحاق بن جعفر بن محمد الصادق فيما قيل ثم توفيت بمصر في شهر رمضان سنة ثمان ومائتين.

ولم يبلغنا كبير شيء من أخبارها.

ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف ولا يجوز مما فيه من الشرك ويسجدون لها، ويلتمسون منها المغفرة، وكان ذلك من دسائس دعاة العبيدية.

وكان أخوها القاسم رجلًا صالحًا زاهدًا خيرًا سكن نيسابور، وله بها عقب منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ البيهقي.

وقيل: كانت من الصالحات العوابد، والدعاء مستجاب عند قبرها، بل وعند قبور الأنبياء والصالحين

(3)

، وفي المساجد وعرفة ومزدلفة وفي السفر المباح، وفي الصلاة وفي السحر ومن الأبوين، ومن الغائب لأخيه ومن المضطر وعند قبور المعذبين وفي كل وقت وحين لقوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. ولا ينهى الداعي عن الدعاء في وقت إلَّا وقت الحاجة، وفي الجماع وشبه ذلك ويتأكد الدعاء في جوف الليل ودبر المكتوبات وبعد الأذان.

(1)

ترجمتها في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 768"، والعبر "1/ 355"، والنجوم الزاهرة "2/ 185"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 21".

(2)

الحاجر: قرية على خمسة أميال من المدينة.

(3)

يقول محمد أيمن الشبراوي: إن دعاء بعض الناس عند قبور الأولياء الصالحين التماسا لإجابة الدعاء بدعة منكرة تفضي إلى الشرك؛ لأن الداعي سيظن أن إجابة دعائه بسبب دعائه عند المقبور، وتزلفه إليه بوقوفه بجوار قبره عند الدعاء، وقد نهى الله عز وجل ورسوله عن اتخاذ الوسطاء بينهم وبينه سبحانه وتعالى في الدعاء فقال سبحانه وتعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، فلم يوسط أحدا من الخلق بين العباد وبينه سبحانه، بل إنه سيبجيبهم إذا دعوه، بخلاف السؤال عما يجهله العباد فقد وسط الله -جل وعز- رسوله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]، فوسط الله رسوله صلى الله عليه وسلم في إجابتهم عما يجهلونه. وقال سبحانه وتعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217]، وقال عز وجل:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [البقرة: 217]، وقال سبحانه {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، وهكذا في كل ما يجهله العباد وسط الله رسوله لإجابة العباد عما يسألونه، أما في الدعاء فقد رفع الله الوساطة بينه وبين عباده، ولو كان هذا الوسيط أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم فلا وساطة في الدعاء كما قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 217]، فحقيق بكل مسلم يريد النجاة في الآخرة من نار جهنم ألا يجعل بينه وبين ربه وسطاء، ولو كان أفضل الخق صلى الله عليه وسلم، ولا يتزلف إليه سبحانه فدعائه عند أحد من المقبورين، ولو كان قبر صفية صلى الله عليه وسلم، فالحذر الحذر أيها المسلمون من اتخاذ الوسطاء في الدعاء، والحذر الحذر من دعاء الله سبحانه عند قبر أحد من الصالحين، ولو كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.

ص: 284

‌1544 - طاهر بن الحسين

(1)

:

ابن مصعب بن رزيق الأمير، مقدم الجيوش ذو اليمينين أبو طلحة الخزاعي، القائم بنصر خلافة المأمون فإنه ندبة لحرب أخيه الأمين فسار في جيش لجب، وحاصر الأمين فظفر به وقتله صبرًا فمقت لتسرعه في قتله.

وكان شهمًا مهيبًا، داهية، جوادًا، ممدحًا.

روى عن: ابن المبارك وعمه علي بن مصعب.

روى عنه: ابنه عبد الله بن طاهر أمير خراسان وابنه الآخر طلحة.

ومن كرمه المسرف: أنه وقع يوما بصلات جزيلة بلغت ألف ألف وسبع مائة ألف درهم.

وكان مع فرط شجاعته عالمًا خطيبًا مفوهًا بليغًا شاعرًا بلغ أعلى الرتب ثم مات في الكهولة سنة سبع ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 353"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 309"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 149، 152، 155، 160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 16".

ص: 285

‌1545 - الفضل بن الربيع

(1)

:

ابن يونس الأمير الكبير حاجب الرشيد وكان أبوه حاجب المنصور.

وكان من رجال العالم حشمة وسؤددًا وحزمًا ورأيًا.

قام بخلافة الأمين وساق إليه خزائن الرشيد وسلم إليه البرد والقضيب والخاتم جاءه بذلك من طوس وصار هو الكل لاشتغال الأمين باللعب، فلما أدبرت دولة الأمين اختفى الفضل مدة طويلة ثم ظهر إذ بويع إبراهيم بن المهدي، فساس نفسه ولم يقم معه ولذلك عفا عنه المأمون.

مات سنة ثمان، ومائتين في عشر السبعين وهو من موالي عثمان رضي الله عنه.

يقال: إنه تمكن من الرشيد، وكان يكره البرامكة فنال منهم، ومالأة على ذلك كاتبهم إسماعيل بن صبيح.

ويقال: إنه قدم عشر قصص إلى جعفر البرمكي فعللها، ولم يوقع في شيء منها فأخذها الفضل، وقام وهو يقول: ارجعن خائبات خاسرات، ولما نكبوا ولي الفضل وزارة الرشيد وعظم محله ومدحته الشعراء.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 343"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 528"، والعبر "1/ 355"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 185"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 20".

ص: 286

‌1546 - مؤمل بن إسماعيل

(1)

: " ت، س، ق"

الحافظ أبو عبد الرحمن العدوي مولاهم البصري مولى العمرين جاور بمكة.

وحدث عن: عكرمة بن عمار وشعبة والثوري ونافع بن عمر الجمحي، وحماد بن سلمة وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد وإسحاق وبندار، ومحمود بن غيلان، ومؤمل بن إهاب، ومحمد بن سهل بن المهاجر وآخرون.

وثقه يحيى بن معين.

وقال أبو حاتم: صدوق شديد في السنة كثير الخطأ.

وقال البخاري: منكر الحديث.

وأما أبو داود فأثنى عليه وعظمه ورفع من شأنه ثم قال: إلَّا أنه بهم في الشيء.

قلت: توفي بمكة في شهر رمضان سنة ست ومائتين.

قرأت على محمد بن أبي الفتح النحوي بطرابلس حدثنا عبد الوهاب بن محمد، أخبرنا محمد بن الخصيب أخبرنا علي بن المسلم الفقيه، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان السلمي، أخبرنا جدي أخبرنا أحمد بن عبد الله بن هلال، حدثنا مؤمل بن إهاب حدثنا المؤمل بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحتكر إلَّا خاطئ"

(2)

.

رواه طائفة عن سعيد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 501"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 2107"، والكنى للدولابي "2/ 69"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1709"، والكاشف "3/ ترجمة 5849"، والعبر "2/ 53"، والمغني "2/ 6547"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8949"، وتهذيب التهذيب "10/ 380"، وتقريب التهذيب "2/ 290"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7337"، وشذات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 16".

(2)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "6/ 102"، وأحمد "3/ 453"، "454"، ومسلم "1605" وأبو داود "3447"، والترمذي "1267"، وابن ماجه "2154"، والبيهقي "6/ 29، 30"، والبغوي "2127" من طرق عن سعيد بن المسيب، به، وقال النووي في "شرح مسلم" "11/ 43": وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار. وقال أصحابنا الاحتكار المحرم: هو الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا جاء من قريته أو اشتراه في وقت الخرص وادخره، أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته، فليس باحتكار ولا تحريم فيه، وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال هذا تفصيل مذهبنا. قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره، أجبر على بيعه دفعا للضرر على الناس.

ص: 286

‌1547 - شاذان

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الصدوق أبو عبد الرحمن أسود بن عامر شاذان الشامي ثم البغدادي. ولد سنة بضع وعشرين ومائة.

وسمع: هشام بن حسان وطلحة بن عمرو وذواد بن علبة، وجرير بن حازم وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وعبد العزيز بن الماجشون وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وعدة.

حدث عنه: أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو ثور الكلبي وعمرو الناقد وعبد الله الدارمي ويعقوب بن شيبة وأحمد بن الوليد الفحام وأحمد بن الخليل البرجلاني، والحارث بن أبي أسامة وخلق كثير.

وثقه ابن المديني وغيره وحدث عنه من القدماء: بقية بن الوليد. توفي في أول سنة ثمان ومائيتن، ببغداد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 336"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 1431"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1079"، وتاريخ بغداد "7/ 34، 35"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 363"، والعبر، "1/ 354" والكاشف "1/ ترجمة 425"، وتهذيب التهذيب "1/ 340"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 20".

ص: 287

أنبأنا أحمد بن عبد السلام والمسلم بن علان، وجماعة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا شاذان حدثنا اسرائيل عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم: عن أنس بن مالك قال: إذا أذن المؤذن فقال الرجل: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمدًا سؤله يوم القيامة إلَّا نالته شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة"

(1)

.

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه أخبرنا أبو الفتح المندائي أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أحمد، أخبرنا جدي أبو بكر البيهقي في كتاب الصفات له أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا عبد الله بن عدي أخبرني الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن رافع حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ربي يعني في المنام". وذكر الحديث وهو بتمامه في تأليف البيهقي، وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين فلا هو على شرط البخاري ولا مسلم، ورواته وإن كانوا غير متهمين فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان، فأول الخبر: قال: رأيت ربي وما قيد الرؤية بالنوم، وبعض من يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج يحتج بظاهر الحديث والذي دل عليه الدليل عدم الرؤية مع إمكانها، فنقف عن هذه المسألة فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فإثبات ذلك أو نفيه صعب، والوقوف سبيل السلامة الله أعلم وإذا ثبت شيء قلنا به ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا في الدنيا ولا من نفاها بل نقول: الله ورسوله أعلم بلى نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة إذ رؤية الله في الآخرة ثبت بنصوص متوافرة.

(1)

صحيح: ورد عن جابر مرفوعا بلفظ: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته؛ إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة". أخرجه أحمد "3/ 354"، والبخاري "614"، "4719" وفي "خلق أفعال العباد""ص 29"، وأبو داود "529"، والترمذي "211"، والنسائي "2/ 26 - 28"، وفي "عمل اليوم والليلة" له "46"، وابن ماجه "722"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 146"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة""95"، والبيهقي "1/ 410"، وابن أبي عاصم "826"، والطبراني في "الصغيرة""1/ 240"، والبغوي "420"، من طرق عن علي بن عياش قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، به.

ص: 288

‌1548 - الفريابي

(1)

: " ع"

محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الفريابي الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو عبد الله الضبي مولاهم، نزيل قيسارية الساحل من أرض فلسطين.

ولد سنة بضع وعشرين ومائة.

وسمع من: يونس بن أبي إسحاق، وفطر بن خليفة، ومالك بن مغول وعمر بن ذر والأوزاعي، والثوري فأكثر عنه وإسرائيل وجرير بن حازم، وعيسى بن عبد الرحمن البجلي وصبيح بن محرز المقرائي وأبان بن عبد الله البجلي، وإبراهيم بن أبي عبلة وعبد الحميد بن بهرام وفضيل بن مرزوق، وورقاء ونافع بن عمر وخلق سواهم.

وعنه: البخاري وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى، وإسحاق الكوسج وسلمة بن شبيب وأبو بكر بن زنجوية ومحمد بن سهل بن عسكر وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن عبد الله بن البرقي، ومؤمل بن يهاب وحميد بن زنجويه وأحمد بن عبد الله العجلي و عباس الترقفي وعبد الله بن محمد بن أبي مريم وعبد الله، ولده وعبد الوارث بن الحسن بن عمرو بن الترجمان البيساني وعمرو بن ثور الجذامي، ومحمد بن مسلم بن وارة وأمم سواهم.

سمع من سفيان وصحبه مدة بالكوفة.

قال أحمد: كان رجلًا صالحًا صحب سفيان كتبت عنه بمكة.

قال أبو عمير بن النحاس: سألت يحيى بن معين: أيما أحب إليك كتاب قبيصة أو كتاب الفريابي؟ قال: كتاب الفريابي.

روى عباس عن يحيى قال: قبيصة، ويحيى بن آدم، وأبو أحمد الزبيري، والفريابي: كلهم عن سفيان قريب من السواء.

وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: الفريابي في سفيان قال: مثلهم يعني: مثل عبيد الله بن موسى وقبيصة وعبد الرزاق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 489"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 844"، والمعرفة ليعقوب الفسوي "1/ 197، 717، 720"، "2/ 169، 758"، والكنى للدولابي "2/ 60"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 533"، والأنساب للسمعاني "9/ 290"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 372"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8340"، وتهذيب التهذيب "9/ 535"، وتقريب التهذيب "2/ 221"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6778" وشذرات الذهب "2/ 28".

ص: 289

وقال العجلي: الفريابي ثقة.

وقال البخاري فيما حكاه عنه الدولابي: حدثنا محمد بن يوسف، وكان من أفضل أهل زمانه عن سفيان بحديث ذكر.

وقال النسائي: ثقة.

وقال أبو زرعة: الفريابي أحب إلي من يحيى بن يمان.

وقال أبو حاتم: ثقة صدوق.

وسئل الدارقطني عنهم فوثقه، وقدمه لفضله ونسكه على قبيصة.

وقال ابن زنجوية: ما رأيت أورع من الفريابي.

قال إبراهيم بن أبي طالب: سمعت محمد بن سهل بن عسكر: خرجنا مع محمد بن يوسف الفريابي في الاستسقاء فرفع يديه فما أرسلهما حتى مطرنا.

وقال البخاري: رأيت قومًا دخلوا إلى محمد بن يوسف الفريابي فقيل له: إن هؤلاء حرجئة فقال: أخرجوهم فتابوا ورجعوا.

قال البخاري: واستقبلنا أحمد بن حنبل وهو يريد حمص، ونحن خارجون منها وفاته محمد بن يوسف.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: سألت الفريابي: ما تقول؟ أبو بكر أفضل أو لقمان؟ فقال: ما سمعت هذا إلَّا منك أبو بكر أفضل من لقمان.

قال العجلي: الفريابي: ثقة كانت سنته كوفية ثم قال: وقال بعض البغداديين: أخطأ محمد بن يوسف في خمسين حديثا ومائة من حديث سفيان.

وقال ابن عدي: له عن الثوري إفرادات وله حديث كبير عن الثوري، ويقدم على الجماعة في الثوري كعبد الرزاق ونظرائه وقالوا: الفريابي أعلم بالثوري منهم. ورحل إليه أحمد فلما قرب من قيسارية نعي إليه فعدل إلى حمص والفريابي فيما يتبين صدوق لا بأس به.

أنبأنا إبراهيم بن الدرجي عن محمد بن معمر، أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد بن محمود، أخبرنا ابن المقرئ حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن أبي رجاء بمكة حدثنا إبراهيم بن معاوية القيسراني، حدثنا الفريابي قال: رأيت في منامي كأني دخلت كرمًا فيه

ص: 290

أصناف العنب فأكلت من عنبه كله غير الأبيض فلم آكل منه شيئا فقصصتها على سفيان فقال: تصيب من العلم كله غير الفرائض، فإنها جوهر العلم كما إن العنب الأبيض جوهر العنب فكان الفريابي كذلك لم يكن يجيد النظر في الفرائض.

وقال الفسوي: سمعت ثقة يقول: قال الفريابي: ولدت سنة عشرين ومائة.

والفريابي من أكبر شيخ للبخاري.

قال البخاري وابن يونس: مات في شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة ومائتين.

ص: 291

‌1549 - الفراء

(1)

:

العلامة صاحب التصانيف أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسدي مولاهم الكوفي النحوي صاحب الكسائي.

يروي عن: قيس بن الربيع ومندل بن علي وأبي الأحوص وأبي بكر بن عياش، وعلي بن حمزة الكسائي.

روى عنه: سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمري وغيرهما. وكان ثقة.

ورد على ثعلبة: أنه قال: لولا الفراء لما كانت عربية، ولسقطت؛ لأنه خلصها؛ ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد.

ونقل أبو بديل الوضاحي: أن المأمون أمر الفراء أن يؤلف ما يحمع به أصول النحو، وأفرد في حجرة وقرر له خدما وجواري ووراقين فكان يملي في ذلك سنين قال: ولما أملى كتاب معاني القرآن اجتمع له الخلق، فكان من جملتهم ثمانون قاضيًا وأمل الحمد في مائة ورقة.

وكان المأمون قد وكل بالفراء ولديه يلقنهما النحو فأراد القيام فابتدرا إلى نعله، فقدم كل واحد فردة. فبلغ ذلك المأمون فقال: لن يكبر الرجل عن تواضعه لسلطانه وأبيه ومعلمه.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 146"، والأنساب "9/ 247"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "20/ 9"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 798"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 368"، والعبر "1/ 354".

ص: 291

قال ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد، والكوفة من النحاة إلَّا الكسائي، والفراء لكفى. وقال بعضهم: الفراء أمير المؤمنين في النحو.

وعن هناد قال: كان الفراء يطوف معنا على الشيوخ، ولا يكتب فظننا أنه كان يحفظ.

وقال محمد بن الجهم: ما رأيت مع الفراء كتابا قط إلَّا كتاب يافع ويفعة.

وعن ثمامة بن أشرس: رأيت الفراء ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرًا وعن النحو فشاهدته نسيج وحده وعن الفقه فوجدته عارفًا باختلاف القوم، وبالطب خبيرًا وبأيام العرب والشعر والنجوم فأعلمت به أمير المؤمنين فطلبه.

وللفراء: كتاب البهي في حجم الفصيح لثعلب وفيه أكثر ما في الفصيح غير أن ثعلبًا رتبه على صورة أخرى.

ومقدار تواليف الفراء: ثلاثة آلاف ورقة.

وقال سلمة: أمل الفراء كتبه كلها حفظًا.

وقيل: عرف بالفراء؛ لأنه كان يفري الكلام.

وقال سلمة: إني لأعجب من الفراء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.

مات الفراء بطريق الحج سنة سبع ومائتين، وله ثلاث وستون سنة رحمه الله.

ص: 292

‌1550 - هوذة بن خليفة

(1)

: " ق"

الإمام المحدث مسند بغداد أبو الأشهب، هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع الثقفي، البكراوي البصري الأصم نزيل بغداد.

ولد سنة نيف وعشرين ومائة.

وحدث عن: سليمان التيمي وأشعب بن عبد الملك الحمراني، وعوف الأعرابي وابن عون ويونس بن عبيد، وهشام بن حسان وأبي حنيفة وابن جريج، والحسن بن عمارة وطائفة.

وكان صاحب حديث ومعرفة إلَّا أن أكثر كتبه عدمت فحدث بما بقي له.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعباس الدوري، ومحمد بن سعد ومحمد بن عبد الله المخرمي ويعقوب الدورقي، وأبو زرعة الدمشقي لا الرازي وأبو حاتم وإبراهيم الحربي، وأحمد بن علي الحراز المقرئ وبشر بن موسى والحارث بن أبي أسامه وولده عبد الملك بن هوذة، ومحمد بن شاذان الجوهري ومحمد بن العياس المؤدب وخلق سواهم. وروى أبو داود عن أحمد قال: ما كان أصلح حديثه!

وروى الأثرم عن أحمد قال: ما كان أضبط هذا الأصم عن عوف! يعني: هوذة ثم قال: أرجو أن يكون صدوقًا.

وقال عمرو بن عاصم الكلابي: كتبت عن هوذة صحيفة عوف منذ كم.

وقال أبو حاتم: قال لي أحمد بن حنبل: إلى من تختلف ببغداد? قلت: إلى هوذة بن خليفة، وعفان فسكت كالراضي بذلك.

وقال أحمد بن زهير، عن يحيى: هوذة بن خليفة، عن عوف ضعيف.

وروى أحمد بن محمد بن محرز، عن يحيى: لم يكن بالمحمود لم يأت أحد بهذه الأحاديث كما جاء بها وكان أطروشًا.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي: ليس به بأس.

وقال أبو حسان الزيادي: مات في شوال سنة خمس عشرة.

وقال ابن أبي خيثمة: مات سنة ست عشرة، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة، وكان يخضب بالحناء بلغني أنه ولد سنة خمس وعشرين.

وقال ابن سعد: أمه الزهرة بنت عبد الرحمن بن يزيد بن أبي بكرة طلب الحديث، وكتب عن يونس وهشام وعوف وغيرهم فذهبت كتبه، ولم يبق عنده إلَّا كتاب عوف، وشيء يسير لابن عون وابن جريج وأشعث والتيمي قال: ومات ببغداد ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال سنة ست عشرة، ومائتين وصلى عليه ابنه، وكان رجلًا طوالًا أسمر يخضب الحناء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 339"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2882"، والكنى للدولابي "1/ 109"، والجرح والتعديل "9/ 499"، وتاريخ بغداد "14/ 94"، والكاشف "3/ ترجمة 6097"، والمغني "2/ ترجمة 6772"، والعبر "1/ 370"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9257"، وتهذيب التهذيب "11/ 74"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 38".

ص: 293

قلت: الصحيح موته سنة ست عشرة قاله: جماعة.

يقع حديثه عاليًا في القطيعيات وغير ذلك.

كتب إلينا علي بن أحمد وغيره: أخبرنا عمرو بن طبرزد أخبرنا أحمد بن حسن، أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا بشر بن موسى حدثنا هوذة بن خليفة، حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "من اشترى لقحة مصراة فحلبها فهو بأحد النظرين بالخيار: إن شاء حازها وإن شاء ردها وإناء من طعام"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2151"، ومسلم "1524"، وأبو داود "3443"، "3444"، "3445"، والنسائي "7/ 253، 254"، وأحمد "2/ 242، 317".

وقوله: "لقحة" بالكسر والفتح هي الناقة القريبة العهد بالنتاج والجمع: لقح.

وقوله: "مصراة" من التصرية، وهو حبس اللبن في الضرع لتخدع به المشتري.

ص: 294

‌1551 - مظفر بن مدرك

(1)

: " ت، ر، س"

الإمام، الثبت، الحافظ، المجود، أبو كامل البغدادي، أصله خراساني.

ولد قبل الأربعين، ومائة أو نحو ذلك.

وحدث عن: عاصم بن محمد العمري وشيبان النحوي، وحماد ابن سلمة، ومهدي بن ميمون، وعبد العزيز بن الماجشون وقيس بن الربيع والليث بن سعد، ومحمد بن طلحة وزهير بن معاوية وشريك وطبقتهم.

وعنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة وأبو معمر القطيعي، ومجاهد بن موسى، ومحمد بن أبي غالب القومسي، ومحمد بن عبد الله المخرمي ومحمد بن سعدان المقرئ.

روى مهنا بن يحيى عن أحمد بن حنبل قال: لا أعلم أثبت في زهير من الأشيب إلَّا أبا كامل مظفرًا، فإنه كان أثبت من الأشيب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 337"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2217"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 180، 284"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2017"، وتاريخ بغداد "13/ 125"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 348"، والكاشف "3/ ترجمة 5592"، وتهذيب التهذيب "183 - 10 - 184"، وتقريب التهذيب "2/ 255"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7418"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 18".

ص: 294

وروى أبو داود عن أحمد وذكر أبا كامل فقال: ليس فيهم مثله.

وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: كان أصحاب الحديث ببغداد: أبو كامل وأبو سلمة الخزاعي، والهيثم بن جميل وكان الهيثم أحفظهم، وكان أبو كامل أتقن للحديث منهم.

وروى أبو طالب عن أحمد قال: أبو سلمة الخزاعي والهيثم وأبو كامل كان لهم بصر بالحديث، والرجال، ولا يكتبون إلَّا عن الثقات، وكان أبو كامل متقنًا بصيرًا بالحديث يشبه الناس لا يتكلم إلَّا أن يسأل فيجيب، أو يسكت له عقل سديد والهيثم كان أحفظهم، وأبو سلمة كان من أبصر الناس بأيام الناس لا تسأله عن أحد إلَّا جاءك معرفة وكان يتفقه.

وقال أحمد بن حنبل: تراضوا مرة بأبي كامل أن يسأل شريكًا فقلت له ببغداد فقال: حين خرج تبعوه أو نحو هذا فتراضوا به وكان يومئذ يعد من أهل الفضل، وكان عبد الرحمن بن مهدي يقول: أيش يقول أبو كامل في حديث من حديث إبراهيم بن سعد.

قال أحمد: سمعت أبا كامل منذ نحو من أربعين سنة، وكان له، وقار وهيبة وكان من أصحاب الحديث يقول: أثبت الناس في إبراهيم منصور، وقال أبو كامل: ما قدم علينا من ناحية الشام أصح حديثًا من الليث، وكان أبو معشر لا يضبط الإسناد.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت ابن معين ذكر أبا كامل فقال: كنت آخذ عنه هذا الشأن، وكان بغداديًا من الأبناء وكان رجلًا صالحًا قل ما رأيت من يشبهه.

وروى المفضل الغلابي عن أبي معين قال: كان أبو كامل ثقة صاحب حديث.

قال أبو يعلى: سمعت أبا خيثمة يقول: ما كان أبو كامل عندنا بدون وكيع عند الكوفيين، وعبد الرحمن عند البصريين.

وقال أبو داود: ثقة ثقة.

وقال النسائي: ثقة مأمون.

وقال سليمان بن إسحاق الجلاب: قيل لإبراهيم الحربي: رأيت أبا كامل؟ قال: لا مات سنة موت روح بن عبادة سنة سبع ومائتين.

وقد وهم ابن عدي وعدة من شيوخ البخاري.

ص: 295

‌1552 - يحيى بن حسان

(1)

: " خ، م، د، ت، س"

ابن حيان الإمام الحافظ القدوة أبو زكريا البكري البصري ثم التنيسي نزيل تنيس. وأما ابن حيان فيقال: أصله من دمشق. وقال دحيم: مولده سنة أربع وأربعين ومائة.

روى عن: حماد بن سلمة، وعبد العزيز بن الماجشون والليث بن سعد ومالك بن أنس وسليمان بن بلال وابن أبي الموال، وحماد بن زيد وسليمان بن موسى الزهري، وعبد الله بن جعفر المخرمي، وعبد العزيز بن الربيع بن سبرة، ومحمد بن راشد المكحولي ومعاوية بن سلام، ووهيب بن خالد ومنصور بن أبي الأسود ومحمد بن مهاجر، وعبد الواحد بن زياد وقريش بن حيان ومجمع بن يعقوب وهشيم وعدة.

وكان من العلماء الأبرار.

حدث عنه: محمد بن وزير الدمشقي، والإمام الشافعي، ومات قبله وأحمد بن صالح، وجعفر بن مسافر ودحيم ومحمد بن سهل بن عسكر ومحمد بن عبد الله بن البرقي، ومحمد بن مسكين اليمامي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، والربيع المرادي وبحر بن نصر ويونس بن عبد الأعلى وآخرون وابنه محمد بن يحيى.

روى عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة رجل صالح.

والأثرم عن أحمد: كان ثقة صاحب حديث.

وقال العجلي: كان ثقة مأمونًا عالمًا بالحديث.

وقال النسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث.

قلت: لو كان لحقه لقال: ثقة حجة.

وجاء في ذم الكلام حديث ليحيى بن حسان عن شعبة وما أظنه لقيه.

قال مروان بن محمد الطاطري فيما رواه عن أحمد بن أبي الحواري: لو رأيتني والوليد

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2961"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 10، 28" والجرح والتعديل "9/ ترجمة 574"، والكاشف "3/ ترجمة 6262"، وتهذيب التهذيب "11/ 197".

ص: 296

ابن مسلم نطلب الحديث قبل أن يقدم يحيى بن حسان لرحمتنا لم نكن نحسن نطلب حتى قدم يحيى بن حسان.

وقال أبو داود السجستاني: قد خلف يحيى بن حسان كذا كذا ألف دينار، وما كان له مال قديم.

وقال أبو سعيد بن يونس: كان ثقة حسن الحديث وصنف كتبًا وحدث بها.

قال الحسن بن عبد العزيز الجروي وابن جرير الطبري، وابن يونس: مات سنة ثمان ومائتين. زاد ابن يونس: توفي في رجب بمصر ووهم من قال: مات سنة سبع.

أخبرنا إبراهيم بن علي وهدية بنت عسكر، وعدة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد الله بن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ أخبرنا يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجوع أهل بيت عندهم التمر"

(1)

.

وبه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نعم الإدام الخل"

(2)

.

أخرجهما: مسلم، والترمذي عن عبد الله فوافقناهما بعلو.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2046" من طريق عبد الله بن عبد الرحمن، به.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2051"، والترمذي "1840" من طريق عبد الله بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

ص: 297

‌1553 - قبيصة بن عقبة

(1)

: " ع"

ابن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة بن جنيدب بن رباب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، الحافظ الإمام الثقة العابد، أبو عامر السوائي الكوفي.

حدث عن: عيسى بن طهمان ومالك بن مغول وعاصم بن محمد العمري، ويونس بن أبي إسحاق ومسعر وشعبة، وورقاء وحمزة الزيات وإسرائيل، وسفيان الثوري فأكثر عنه وصفوان بن أبي الصهباء، ووهب بن إسماعيل وأبي الأشهب العطاردي وخلق.

وما أظنه ارتحل في الحديث وكان من أوعية العلم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة وهناد ومحمود بن غيلان، وهارون الحمال، وأبو قدامة السرخسي وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري في صحيحه، وأبو زرعة الرازي وأبو أمية الطرسوسي، وعباس الدوري وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وجعفر بن محمد بن شاكر والحارث بن أبي أسامة، وحفص بن عمر سنجه وحنبل بن إسحاق، وابنه عقبة وخلق كثير.

وطلب العلم وهو حدث.

قال يحيى بن آدم: هو أصغر مني بسنتين.

قال يحيى بن معين من طريق أحمد بن أبي خيثمة عنه: قبيصة: ثقة في كل شيء إلَّا في حديث سفيان فليس بذاك القوي فإنه سمع منه وهو صغير.

وقال الفسوي: عن يحيى بن معين: قبيصة أكبر من يحيى بن آدم بشهرين، وسمعت قبيصه يقول: شهدت عند شريك، فامتحنني في شهادتي، فذكرت ذلك لسفيان فأنكر على شريك، وقال: لم يكن له أن يمتحنه، وصليت بسفيان الفريضة.

وقال أحمد بن أبي الحواري: قلت للفريابي: أرأيت قبيصة عند سفيان؟ قال: نعم رأيته صغيرًا. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: لو حدثنا قبيصة عن النخعي لقبلنا منه.

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن قبيصة، وأبي نعيم فقال: كان قبيصة أفضل الرجلين، وأبو نعيم أتقنهما ولم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة، وأبي نعيم في حديث الثوري وسوى يحيى الحماني في حديث شريك، وعلي بن الجعد في حديثه.

وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن قبيصة، وعبيد الله بن موسى فقال: قبيصة أسلم من عبيد الله كان قبيصة وأبو عامر وأبو حذيفة لا يحفظون ثم حفظوا بعد.

وقال إسحاق بن سيار: ما رأيت في الشيوخ أحفظ من قبيصة.

وقال عبد الرحمن بن خراش: صدوق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 403"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 792"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 722"، وتاريخ بغداد "12/ 473"، والأنساب للسمعاني "7/ 128"، والعبر "1/ 368" والكاشف "2/ ترجمة 4616"، والمغني "2/ ترجمة 5026"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6861" وتهذيب التهذيب "8/ 347"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5828"، وشذرات الذهب "2/ 35".

ص: 298

وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.

وروى حنبل عن أبي عبد الله قال: كان كثير الغلط، وكان صغيرًا لا يضبط. قلت لأبي عبد الله: ففي غير سفيان؟ قال: كان رجلًا صالحًا ثقة لا بأس به في بدنه، وأي شيء لم يكن عنده؟ يعني: أنه كثير الحديث.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي ذكر قبيصة وأبا حذيفة فقال: قبيصة أثبت منه جدًا -يعني: في حديث سفيان- أبو حذيفة شبه لا شيء وقد كتبت عنهما جميعًا.

وقال صالح جزرة: كان قبيصة رجلًا صالحًا تكلموا في سماعه من سفيان.

قلت: الرجل ثقة، وما هو في سفيان كابن مهدي ووكيع، وقد احتج به الجماعة في سفيان وغيره وكان من العابدين.

قال أحمد بن سلمة النيسابوري: سمعت هنادا يقول غير مرة إذا ذكر قبيصة: الرجل الصالح وتدمع عيناه وكان هناد كثير البكاء.

وقال الفضل بن سهل الأعرج: كان قبيصة يحدث بحديث الثوري على الولاء، درسًا درسًا حفظًا.

قال عبد الرحمن بن داود بن منصور الفارسي: سمعت حفص بن عمر قال: ما رأيت مثل قبيصة! ما رأيته متبسما قط من عباد الله الصالحين.

قلت: كذا كان والله أهل الحديث العلم والعبادة واليوم فلا علم، ولا عبادة بل تخبيط ولحن، وتصحيف كثير وحفظ يسير، وإذا لم يرتكب العظائم، ولا يخل بالفرائض فلله دره.

قال جعفر بن حمدويه: كنا على باب قبيصة، ومعنا دلف ابن الأمير أبي دلف، ومعه الخدم يكتب الحديث فصار إلى باب قبيصة فدق عليه، فأبطأ قبيصة فعاوده الخدم، وقيل له: ابن ملك الجبل على الباب وأنت لا تخرج إليه! فخرج وفي طرف إزاره كسر من الخبز فقال: رجل قد رضي من الدنيا بهذا ما يصنع بابن ملك الجبل؟ والله لا حدثته فلم يحدثه.

قال هارون الحمال: سمعت قبيصة يقول: جالست الثوري وأنا ابن ست عشرة سنة ثلاث سنين.

ومن تعنت القاضي أبي الحسن بن القطان المغربي الحافظ عبد الحق قوله: يروي في الأحكام لقبيصة، ولا يعرض له وهو عندهم كثير الخطأ.

قلت: قد قفز قبيصة القنطرة واحتجوا به، فأرني الحديث المنكر الذي ينقم به على قبيصة.

قال السري بن يحيى التميمي، وهارون بن حاتم ومطين، وغيرهم: مات قبيصة سنة خمس عشرة، ومائتين وشذ: معاوية بن صالح الدمشقي -بل وهم- فقال: مات سنة ثلاث عشرة.

رووا له في الكتب الستة.

ص: 299

وهو أخو:

‌1554 - سفيان بن عقبة السوائي

(1)

: " (4) "

وهذا الأكبر.

لقي حسينا المعلم ومسعرًا وعدة.

روى عنه: أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وعبد الله بن محمد بن شاكر وطائفة.

قال فيه ابن نمير: لا بأس به.

قلت: بقي إلى بعد المائتين والله أعلم.

‌1555 - موسى بن داود

(2)

: " م، د، س، ق"

الشيخ، الإمام، الثقة، أبو عبد الله، الضبي الطرسوسي الكوفي الأصل الخلقاني نزيل بغداد ثم قاضي طرسوس وعالمها.

سمع: شعبة وسفيان ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن الماجشون، وزهير بن معاوية ونافع بن عمر وطائفة.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وحجاج بن الشاعر والذهلي ومحمد بن يحيى الأزدي، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، وعباس الدوري، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام وخلق كثير.

وثقه غير واحد واحتج به مسلم.

قال محمد بن عبد الله بن عمار: كان زاهدًا، ثقة صاحب حديث. ولي قضاء المصيصة.

وقال الدارقطني: كان مصنفًا مكثرًا، مأمونا ولي قضاء الثغور.

وقال ابن سعد في الطبقات: كان ثقة صاحب حديث ولي قضاء طرسوس، وبها مات، في سنة سبع عشرة ومائتين.

قلت: له في الصلاة من صحيح مسلم حديث واحد

(3)

، وآخر من حدث عنه: بشر بن موسى الأسدي، وقد خرج له أيضا أبو داود والنسائي، والقزويني.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2085"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 985"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 841"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3325"، وتهذيب التهذيب "4/ 116"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2588".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 345"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1202"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 636"، وتاريخ بغداد "13/ 33"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 375"، والكاشف "3/ ترجمة رقم 5792"، والعبر "1/ 371"، وميزان الاعتدال "4/ 204"، وشذرات الذهب "2/ 38".

(3)

أخرجه مسلم "571" من طريق محمد بن أحمد بن أبي خلف، حدثنا موسى بن داود، حدثنا سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان".

ص: 300

‌1556 - أبو حذيفة

(1)

: " خ، د، ت، ق"

المحدث الحافظ الصدوق أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي البصري.

ولد في حدود الثلاثين ومائة بل قبل.

حدث عن: أيمن بن نابل من التابعين وعن عكرمة بن عمار، وهو تابعي أيضًا، وعن سفيان الثوري فأكثر، وعن إبراهيم بن طهمان وزائدة، وشبل بن عباد وطائفة.

حدث عنه: البخاري وروى أبو داود والترمذي، وابن ماجه عن رجل عنه، والذهلي، وعبد بن حميد وإسماعيل سمُّويه وأحمد بن شبويه وأبو حاتم وحماد بن إسحاق القاضي ومحمد بن الحسن بن كيسان المصيصي، ومحمد بن غالب تمتام ومحمد بن زكريا الأصبهاني وحفص بن عمر الرقي سنجه وعدد كثير.

قال أحمد بن حنبل: هو من أهل الصدق.

وقال أبو حاتم: صدوق معروف بالثوري كان الثوري قد نزل بالبصرة على رجل، وكان أبو حذيفة معهم فكان سفيان يوجه أبا حذيفة في حوائجه، ولكنه كان يصحف روى عن الثوري بضعة عشر ألف حديث، وفي بعضها شيء.

وقال بندار: هو ضعيف.

وقال الفلاس: لا يحدث عنه من يبصر الحديث.

قال ابن حبان: قيل: إن الثوري تزوج أمه لما أتى البصرة.

وقيل: كان أبو حذيفة معلمًا.

مات في جمادى الآخرة سنة عشرين ومائتين وفيها أرخه البخاري. وقيل: عاش اثنتين وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 304"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1260"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 522، 717"، "2/ 304، 587"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 723"، والكاشف "3/ ترجمة 5833"، والمغني "2/ ترجمة 6525"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8923"، وتهذيب التهذيب "10/ 370"، وتقريب التهذيب "2/ 288"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7311"، وشذرات الذهب "2/ 48".

ص: 301

‌1557 - يحيى بن حماد

(1)

: " خ، م، ت، س، ق"

ابن أبي زياد الإمام الحافظ أبو محمد وأبو بكر الشيباني مولاهم البصري ختن أبي عوانة.

حدث عن: شعبة، وجرير بن حازم وحماد بن سلمة، وعكرمة بن عمار، وهمام بن يحيى، وجويرية بن أسماء، والليث بن سعد وعبد العزيز بن المختار وأكثر عن أبي عوانة.

روى عنه: البخاري وإسحاق بن راهويه، وبندار ومحمد بن المثنى، وحميد بن زنجويه وإسحاق الكوسج وأبو إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن إسحاق بن السرماري، وبكار بن قتيبة والحسن ابن مدرك الطحان وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ومحمد بن مسلم بن وارة، ويعقوب الفسوي والكديمي وعبيد الله بن حجاج بن منهال، وولده حماد بن يحيى بن حماد وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 306"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2952"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 115"، "3/ 229"، والكنى للدولابي "1/ 124"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 583"، والكاشف "3/ ترجمة 6268"، والعبر "1/ 368"، وتهذيب التهذيب "11/ 129".

ص: 302

وثقه أبو حاتم وجماعة.

وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.

وقال محمد بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبد من يحيى بن حماد وأظنه لم يضحك.

قلت: الضحك اليسير والتبسم أفضل، وعدم ذلك من مشايخ العلم على قسمين:

أحدهما: يكون فاضلًا لمن تركه أدبًا وخوفًا من الله، وحزنًا على نفسه المسكينة.

والثاني: مذموم لمن فعله حمقًا، وكبرًا، وتصنعًا. كما أن من أكثر الضحك استخف به ولا ريب أن الضحك في الشباب أخف منه، وأعذر منه في الشيوخ.

وأما التبسم وطلاقة الوجه فأرفع من ذلك كله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة"

(1)

. وقال جرير: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا تبسم

(2)

فهذا هو خلق الإسلام فأعلى المقامات من كان بكاء بالليل بسامًا بالنهار وقال عليه السلام: "لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه"

(3)

.

بقي هنا شيء ينبغي لمن كان ضحوكًا بسامًا أن يقصر من ذلك، ويلوم نفسه حتى لا تمجه الأنفس وينبغي لمن كان عبوسًا منقبضًا أن يتبسم، ويحسن خلقه ويمقت نفسه على رداءة خلقه، وكل انحراف عن الاعتدال فمذموم، ولا بد للنفس من مجاهدة وتأديب.

روى البخاري، عن الحسن بن مدرك: أن يحيى بن حماد رحمه الله مات في سنة خمس عشرة ومائتين.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد""791"، والترمذي "1956" من طريق عكرمة بن عمار قال: حدثني أبو زميل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر، به مرفوعا.

وله طريق آخر بنحوه عند أحمد "5/ 168"، وإسناده صحيح.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3053"، "6089"، ومسلم "2475"، "135"، وابن ماجه "159" وأحمد "4/ 358".

(3)

ضعيف جدا: أخرجه البزار "1977"، والحاكم "1/ 124"، وأبو نعيم في "الحلية""10/ 25" من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق". واللفظ للبزار.

وقال البزار في إثره: لم يتابع عبد الله بن سعيد على هذا وتفرد به.

وقال الذهبي في "التلخيص": قلت: عبد الله واه.

والحديث أورده الهيثمي في "المجمع""8/ 22". وقال: رواه أبو يعلى والبزار، وزاد حسن الخلق، وفيه عبد الله بن سعد المقبري، وهو ضعيف.

قلت: إسنده واه بمرة، آفته عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري، قال الذهبي في ترجمته في "الميزان": واه بمرة. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال الفلاس: منكر الحديث متروك. وقال يحيى بن سعيد: استبان لي كذبه في مجلس. وقال الدارقطني: متروك ذاهب وقال أحمد- مرة: ليس بذاك، ومرة قال: متروك. وقال فيه البخاري: تركوه.

ص: 303

‌1558 - أبو نعيم

(1)

: " ع".

الفضل بن دكين، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام الفضل بن عمرو ابن حماد بن زهير بن درهم التيمي، الطلحي، القرشي مولاهم الكوفي الملائي الأحول مولى آل طلحة بن عبيد الله.

وكان شريكًا لعبد السلام بن حرب الملائي كانا في حانوت بالكوفة، يبيعان الملاء وغير ذلك وكان كذلك غالب علماء السلف، إنما ينفقون من كسبهم.

أخبرنا جماعة في كتابهم قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا بشر بن موسى حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم عن همام قال: كنا جلوسًا مع حذيفة فقيل له: إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة قتات".

رواه أحمد والبخاري عن أبي نعيم

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 400"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 526"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 353"، وتاريخ بغداد "12/ 346"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 369"، والكاشف "2/ ترجمة 4532"، والعبر "1/ 377"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6720"، وتهذيب التهذيب "8/ 270"، وتقريب التهذيب "2/ 110"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5710"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 46".

(2)

صحيح: أخرجه الطيالسي "421"، والحميدي "443"، وأحمد "5/ 382، 389، 392، 397، 402، 404"، والبخاري "6056"، وفي "الأدب المفرد""322"، ومسلم "105"، وأبو داود "4871"، والترمذي "2026"، وابن أبي الدنيا في "الصمت""254"، والبيهقي في "السنن""8/ 166"، "10/ 247"، وفي "الآداب""137"، والطبراني في "الكبير""3021"، وفي "الصغير""561"، والبغوي "3569"، والقضاعي في "مسند الشهاب""876" من طرق عن إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، عن حذيفة مرفوعًا.

ص: 304

أنبأنا ابن قدامة، وجماعة عن أبي جعفر الصيدلاني أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أخبرنا ابن ريذة

(1)

، أخبرنا سليمان بن أحمد حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا أبو نعيم حدثنا يونس بن أبي إسحاق "عن أبي إسحاق" عن العيزار بن حريث عن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عائشة ترفع عليه صوتها فقال: يا ابنة فلانة! ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها. ثم خرج أبو بكر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها فقال: ألم تريني حلت بين الرجل وبينك". ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى فسمع تضاحكهما فقال: أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما

(2)

.

أخرجه أبو داود، والنسائي، من حديث يونس.

وبه إلى سليمان: حدثنا علي بن عبد العزيز، وبشر بن موسى قالا: حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان، عن منصور عن الشعبي، عن المقدام أبي كريمة الشامي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه فهو دين عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه"

(3)

.

رواهما أحمد عن أبي نعيم.

وفي الطبقات لابن سعد: أخبرنا عبدوس بن كامل قال: دفن أبو نعيم يوم سلخ شعبان قال: وأخبرني من حضره قال: اشتكى قبل أن يموت بيوم ليلة الاثنين فما تكلم إلى الظهر ثم تكلم فأوصى ابنه عبد الرحمن ببني ابن يقال له: ميثم كان مات قبله فلما أمسى طعن في عنقه وظهر به، ورشكين في يده فتوفي ليلتئذ، وأخرج بكرة ولم يعلم به كثير من الناس ثم جاء الوالي محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن موسى الهاشمي فلامهم إذ لم يخبروه، ثم تنحى به عن القبر فصلى عليه هو وأصحابه.

(1)

هو: مسند أصبهان محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، أبو بكر بن ربذة. ترجمته في العبر "3/ 193".

(2)

ضعيف: أخرجه أبو داود "4999"، وأحمد "4/ 271 - 272" من طريق أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبي إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي، فإنه مدلس، وقد عنعنه. وقد سقط "عن أبي إسحاق من إسناد المتن"، وقد أثبتناه كما في مصادر العزو.

(3)

صحيح: أخرجه الطيالسي "1151"، وأحمد "4/ 130، 132 - 133"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""2/ 242"، والبيهقي "9/ 197" من طرق عن شعبة، عن منصور، عن الشعبي، به.

ص: 305

قال أحمد بن ملاعب: سمعت أبا نعيم يقول: ولدت في آخر سنة ثلاثين ومائة.

سمع: سليمان الأعمش، وزكريا بن أبي زائدة، وجعفر بن برقان، وعمر بن ذر، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وطلحة بن عمرو وعبد الواحد بن أيمن وبشير بن المهاجر وفطر بن خليفة، ومالك بن مغول وأبا خلدة خالد بن دينار وسليمان بن سيف المكي، وموسى بن علي ويونس بن أبي إسحاق، ومسعر بن كدام وسفيان الثوري، وشعبة والحسن بن صالح، وعبد الله بن حبيب بن أبي ثابت وزمعة بن صالح وإسرائيل وشريكًا، وعبد الرحمن بن الغسيل وابن أبي رواد وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وإياس بن دغفل وأبان بن عبد الله البجلي، وإبراهيم بن نافع المكي وإسحاق بن سعيد القرشي. وبدر بن عثمان وحبيب بن جري، والحكم بن معاذ، وخالد بن طهمان، وسعد بن أوس، وعصام بن قدامة والمسعودي وإسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء، وجرير بن حازم وسعيد بن عبيد الطائي وعبيدة بن أبي رائطة، وأبا حنيفة وابن أبي ليلى وشيبان النحوي، ومحمد بن قيس الأسدي، وسلمة بن نبيط ويعلى بن الحارث المحاربي وخلقًا سواهم.

وكان من أئمة هذا الشأن وأثباتهم.

حدث عنه: البخاري كثيرًا، وهو من كبار مشيخته، وروى هو والجماعة عن رجل عنه، وروى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق وابن معين وأبو خيثمة، وابنا أبي شيبة والذهلي، وأبو محمد الدارمي وعبد بن حميد وعباس الدوري وأبو زرعة الرازي والدمشقي، ومحمد بن سنجر وأبو حاتم، وابن الفرات وعلي بن عبد العزيز البغوي، وإسماعيل بن سمويه وعبد الله بن محمد بن النعمان وجعفر بن محمد بن شاكر، وأحمد بن مهدي الأصبهاني وإبراهيم الحربي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وبشر بن موسى وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن سليمان الباغندي، وعمير بن مرداس وأحمد بن الهثيم بن خالد البزار، ويحيى بن عبدويه البغدادي شيخ الطبراني ومحمد بن يوسف بن الطباع، وأحمد بن إسحاق الوزان، ومحمد بن يونس الكديمي والحارث بن محمد التميمي، وفضيل بن محمد الملطي، وأحمد بن خليد الحلبي، ومحمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي، وأحمد بن محمد السوطي وأحمد بن موسى الحمار، ومحمد بن جعفر القتات، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن ماهان المزني، وجعفر بن محمد الأحمسي، والحسن بن علي بن جعفر الوشاء، وأمم سواهم. وتبقى صغار أصحابه إلى بعيد الثلاث مائة.

ص: 306

وقد حدث عنه عبد الله بن المبارك مع تقدمه وبينه، وبين القتات في الوفاة مائة عام وعشرون عامًا.

والظاهر أنه آخر من حدث عن الأعمش من الثقات.

قال أبو نعيم: شاركت سفيان الثوري في أكثر من أربعين شيخًا.

وأما حنبل بن إسحاق، فقال: قال أبو نعيم: كتبت عن نيف ومائة شيخ ممن كتب عنهم سفيان.

قال محمد بن عبدة بن سليمان: كنت مع أبي نعيم فقال له أصحاب الحديث: يا أبا نعيم! إنما حملت عن الأعمش هذه الأحاديث؟ فقال: ومن كنت أنا عند الأعمش؟ كنت قردًا بلا ذنب.

قال صالح بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: وكيع، وعبد الرحمن، ويزيد بن هارون أين يقع أبو نعيم من هؤلاء؟ قال: يجيء حديثه على النصف من هؤلاء إلَّا أنه كيس يتحرى الصدق. قلت: فأبو نعيم أثبت أو وكيع؟ فقال: أبو نعيم أقل خطأ.

وقال حنبل عن أبي عبد الله قال: أبو نعيم أعلم بالشيوخ وأنسابهم وبالرجال، ووكيع أفقه.

وقال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد يقول: أبو نعيم أثبت من وكيع.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: عن أبيه، قال: أخطأ وكيع في خمس مائة حديث.

أخبرنا أحمد بن الحسن الترمذي، سمعت أبا عبد الله يقول: إذا مات أبو نعيم صار كتابه إمامًا إذا اختلف الناس في شيء فزعوا إليه.

قال أبو زرعة الدمشقي: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت أحدًا أثبت من رجلين: أبي نعيم وعفان.

قال أبو زرعة: وسمعت أحمد بن صالح يقول: ما رأيت محدثًا أصدق من أبي نعيم.

قال يعقوب الفسوي: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان.

وقال أبو حاتم: كان حافظًا متقنًا لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة، وأبي نعيم في حديث الثوري، وكان أبو نعيم يحفظ حديث الثوري حفظًا جيدًا يعني: الذي عنده عنه قال: وهو ثلاث آلاف وخمس مائة حديث ويحفظ حديث مسعر، وهو خمس مائة حديث وكان لا يلقن.

ص: 307

قال أحمد بن منصور الرمادي: خرجت مع أحمد، ويحيى إلى عبد الرزاق خادمًا لهما قال: فلما عدنا إلى الكوفة قال يحيى بن معين: أريد أن أختبر أبا نعيم. فقال أحمد: لا ترد فالرجل ثقة قال يحيى: لا بد لي، فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثًا، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثًا ليس من حديثه. ثم إنهم جاؤوا إلى أبي نعيم، فخرج وجلس على دكان طين، وأخذ أحمد بن حنبل فأجلسه عن يمينه، ويحيى عن يساره وجلست أسفل الدكان.

ثم أخرج يحيى الطبق فقرأ عليه عشرة أحاديث فلما قرأ الحادي عشر، قال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي اضرب عليه. ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت فقرأ الحديث الثاني فقال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي فاضرب عليه ثم قرأ العشر الثالث ثم قرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم وانقلبت عيناه ثم أقبل على يحيى فقال: أما هذا وذراع أحمد بيده فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا يريدني فأقل من أن يفعل ذاك، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، وأخرج رجله فرفس يحيى فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره، فقال أحمد بن حنبل ليحيى: ألم أمنعك، وأقل لك: إنه ثبت قال: والله لرفسته لي أحب إلي من سفرتي.

قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: شيخان كان الناس يتكلمون فيهما، ويذكرونهما وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به كبير أحد: عفان وأبو نعيم.

قال أبو العباس السراج: عن الكديمي قال: لما دخل أبو نعيم على الوالي ليمتحنه، وثم يونس، وأبو غسان وغيرهما، فأول من امتحن فلان، فأجاب ثم عطف على أبي نعيم فقال: قد أجاب هذا فما تقول؟ فقال والله ما زلت اتهم جده بالزندقة ولقد أخبرني يونس بن بكير أنه سمع جده يقول: لا بأس أن يرمي الجمرة بالقوارير. أدركت الكوفة، وبها أكثر من سبع مائة شيخ الأعمش فمن دونه يقولون: القرآن كلام الله، وعنقي أهون من زري هذا فقام إليه أحمد بن يونس، فقبل رأسه وكان بينهما شحناء وقال: جزاك الله من شيخ خيرًا.

أحمد بن الحسن الترمذي، وغيره عن أبي نعيم قال: القرآن كلام الله ليس بمخلوق.

قال الطبراني: سمعت صليحة بنت أبي نعيم تقول: سمعت أبي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال: مخلوق. فهو كافر.

ص: 308

قال أبو المظفر في كتاب مرآة الزمان: قال عبد الصمد بن المهتدي: لما دخل المأمون بغداد نادى بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك؛ لأن الشيوخ بقوا يضربون، ويحبسون فنهاهم المأمون، وقال: قد اجتمع الناس على إمام فمر أبو نعيم فرأى جنديا، وقد أدخل يديه بين فخذي امرأة فنهاه بعنف فحمله إلى الوالي فيحمله الوالي إلى المأمون. قال: فأدخلت عليه بكرة، وهو يسبح فقال: توضأ. فتوضأت ثلاثًا ثلاثًا على ما رواه عبد خير عن علي فصليت ركعتين. فقال: ما تقول في رجل مات عن أبوين؟ فقلت: للأم الثلث، وما بقي للأب قال: فإن خلف أبويه وأخاه؟ قلت: المسألة بحالها وسقط الأخ. قال: فإن خلف أبوين وأخوين؟ قلت: للأم السدس وما بقي للأب قال: في قول الناس كلهم؟ قلت: لا، إن جدك ابن عباس يا أمير المؤمنين ما حجب الأم عن الثلث، إلَّا بثلاثة إخوة فقال: يا هذا من نهى مثلك عن الأمر بالمعروف؟ إنما نهينا أقوامًا يجعلون المعروف منكرًا ثم خرجت.

روى المروذي عن أحمد بن حنبل قال: إنما رفع الله عفان وأبا نعيم بالصدق حتى نوه بذكرهما.

قال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود: كان أبو نعيم حافظا؟ قال: جدًا.

قال أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء: كنا نهاب أبا نعيم أشد من هيبة الأمير.

قلت: وكان في أبي نعيم تشيع خفيف.

قال أحمد بن ملاعب: حدثني ثقة قال: قال أبو نعيم: ما كتبت علي الحفظة أني سببت معاوية وبلغنا عن أبي نعيم أنه، قال: حب علي رضي الله عنه عبادة وخير العبادة ما كتم.

قال محمد بن أبان: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: إذا وافقني هذا الأحول يعني: أبا نعيم ما أبالي من خالفني.

قال يعقوب السدوسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: نزاحم به سفيان بن عيينة.

قلت: توفي أبو نعيم شهيدًا فإنه طعن في عنقه، وحصل له ورشكين.

قال محمد بن عبد الله مطين: رأيت أبا نعيم وكلمته قال: ومات يوم الشك من رمضان، سنة تسع عشرة ومائتين.

ص: 309

وقال يعقوب بن شيبة عمن حدثه: إن أبا نعيم مات بالكوفة ليلة الثلاثاء لانسلاخ شعبان سنة تسع عشرة.

قلت: شذ محمد بن المثنى الزمن فقال: مات في آخر سنة ثمان عشرة ومائتين.

قال بشر بن عبد الواحد: رأيت أبا نعيم في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ يعني: فيما كان يأخذ على الحديث فقال: نظر القاضي في أمري فوجدني ذا عيال فعفا عني.

قلت: ثبت عنه أنه كان يأخذ على الحديث شيئًا قليلًا لفقره.

قال علي بن خشرم: سمعت أبا نعيم يقول: يلومونني على الأخذ وفي بيتي ثلاثة عشر نفسًا، وما في بيتي رغيف.

قلت: لاموه على الأخذ يعني: من الإمام لا من الطلبة.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي، أنبأنا أبو اليمن الكندي أخبرنا محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قراءة عليه، حدثنا بشر بن موسى حدثنا أبو نعيم، حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي، والصوم جنة وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى الله عز وجل ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك".

أخرجه البخاري

(1)

في التوحيد عن أبي نعيم فوافقناه بعلو.

وحدث أبي نعيم كثير الوقوع في الكتب والأجزاء، وقد جمع أبو نعيم الحافظ ما وقع له عاليًا من حديث أبي نعيم الملائي في جزء من طرق مختلفة، صدره بما حدثه ابن فارس عن ابن الفرات وسمويه كلاهما عنه، وعدة ذلك ثمانية وسبعون حديثًا بعضها آثار.

أخبرنا محمد بن قيماز الدقيقي، أخبرنا محمد بن قوام أخبرنا خليل بن بدر أخبرنا أبو

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 273"، والبخاري "1904"، ومسلم "1151""163"، والنسائي "4/ 163 - 164" من طرق عن ابن جريج، أخبرني عطاء، عن أبي صالح الزيات، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:"قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".

ص: 310

علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا أحمد بن الفرات، حدثنا أبو نعيم حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث

(1)

.

غريب وإسناده صالح.

أخبرنا أبو إسحاق بن الواسطي، وجماعة كتابة قالوا: أخبرنا ابن بهروز أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو إسماعيل الحافظ، أخبرنا أبو يعقوب يعني: القراب حدثنا بشر بن محمد سمعت أبا العباس الأزهري سمعت محمد بن مسلم بن وارة، سمعت أبا نعيم يقول: ينبغي أن يكتب هذا الشأن عمن كتب الحديث يوم كتب يدري ما كتب صدوق مؤتمن عليه يحدث يوم يحدث يدري ما يحدث.

قال البيهقي: أخبرنا الحاكم أخبرنا أبو زكريا العنزي، حدثنا جعفر بن محمد بن سوار حدثنا عبد الصمد بن سليمان، بن أبي مطر البلخي: سألت أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد وابن مهدي، ووكيع وأبي نعيم، فقال: ما رأيت أجد من وكيع وكفاك بعبد الرحمن معرفة وإتقانًا، وما رأيت رجلًا أوزن بقوم من غير محاباة، وأشد تثبتًا في أمور الرجال من يحيى بن سعيد، وأبو نعيم: فأقل الأربعة خطأ وهو عندي ثقة موضع الحجة في الحديث.

أحمد بن ملاعب: سمعت أبا نعيم يقول: لا ينبغي أن يؤخذ الحديث إلَّا من حافظ له أمين له عارف بالرجال.

قلت: وقد كان أبو نعيم ذا دعابة، فروى علي بن العباس المقانعي سمعت الحسين بن عمرو العنقزي يقول: دق رجل على أبي نعيم الباب فقال: من ذا؟ قال: أنا قال: من أنا؟ قال: رجل من ولد آدم فخرج إليه أبو نعيم وقبله وقال: مرحبًا وأهلًا، ما ظننت أنه بقي من هذا النسل أحد.

قلت: عدد شيوخه في التهذيب مئتان وثلاثة أنفس.

قال محمد بن جعفر القتات: حدثنا أبو نعيم الأحول من العينين سنة ثمان عشرة.

روى جعفر بن عبد الواحد الهاشمي عن أبي نعيم قال: عندي عن أمير المؤمنين في الحديث سفيان أربعة آلاف.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 305"، وابن أبي شيبة "8/ 5"، وأبو داود "3870"، والترمذي "2045"، وابن ماجه "3459"، من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، به.

قلت: إسناده حسن، يونس بن أبي إسحاق، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 311

الفضل بن زياد: سألت أحمد: أيجري عندك ابن فضيل مجرى عبيد الله بن موسى؟ قال: لا كان ابن فضيل أستر، وكان عبيد الله صاحب تخليط روى أحاديث سوء. قلت: فأبو نعيم يجري مجراهما؟ قال: لا أبو نعيم يقظان في الحديث، وقام في الأمر يعني: المحنة ثم قال: إذا رفعت أبا نعيم من الحديث فليس بشيء.

وروى المروذي عن أبي عبد الله قال: يحيى، وعبد الرحمن وأبو نعيم الحجة الثبت.

وروى الميموني عن أحمد أنه أثنى على أبي نعيم، وقال: كان ثقة يقظان في الحديث عارفًا به، ثم قام في أمر الامتحان ما لم يقم غيره، عافاه الله.

قال محمد بن عبد الله بن عمار: أبو نعيم متقن حافظ إذا روى عن الثقات، فحديثه حجة أحج ما يكون.

وقال عثمان بن أبي شيبة مرة: حدثنا الأسد. فقيل: من؟ قال: أبو نعيم.

وقال أبوحاتم: سألت عليًا: من أوثق أصحاب الثوري؟ قال: يحيى وعبد الرحمن ووكيع وأبو نعيم.

وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث.

وقال أبو حاتم: ثقة يحفظ حديث الثوري، ومسعر حفظًا جيدًا كان يحزر حديث الثوري ثلاثة آلاف، وخمس مائة وحديث مسعر نحو خمس مائة، كان يأتي بحديث الثوري على لفظ واحد لا يغيره، وكان لا يلقن، وكان حافظًا، متقنًا.

وعن أبي نعيم، قال: نظر ابن المبارك في كتبي فقال: ما رأيت أصح من كتبك.

أبو سهل بن زياد سمعت الكديمي سمعت أبا نعيم يقول: كثر تعجبي من قول عائشة: ذهب الذين يعاش في أكنافهم لكني أقول:

ذهب الناس فاستقلوا وصرنا

خلفًا في أراذل النسناس

في أناس نعدهم من عديد

فإذا فتشوا فليسوا بناس

كلما جئت أبتغي النيل منهم

بدروني قبل السؤال بياس

وبكوا لي حتى تمنيت أني

منهم قد آفلت رأسا براس

ص: 312

‌1559 - أحمد بن حفص

(1)

:

الفقيه العلامة شيخ ما رواء النهر

(2)

أبو حفص البخاري الحنفي فقيه المشرق، ووالد العلامة شيخ الحنفية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن حفص الفقيه.

ارتحل وصحب محمد بن الحسن مدة، وبرع في الرأي وسمع من: وكيع بن الجراح، وأبي أسامة وهذه الطبقة.

قال الشيخ محمد بن أبي رجاء البخاري: سمعت أحمد بن حفص يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم عليه قميص، وامرأة إلى جنبه تبكي فقال لها: لا تبكي فإذا مت فابكي فلم أجد من يعبرها لي حتى قال لي إسماعيل والد البخاري: إن السنة قائمة بعد.

قال عبد الله بن محمد بن عمر الأديب: سمعت الليث بن نصر الشاعر يقول: تذاكرنا الحديث: "إن على رأس كل مائة سنة من يصلح أن يكون علم الزمان"

(3)

، فبدأت بأبي حفص أحمد بن حفص فقلت: هو في فقهه وورعه وعمله يصلح أن يكون علم الزمان. ثم ثنيت بمحمد بن إسماعيل البخاري، فقلت: هو في معرفة الحديث، وطرقه يصلح أن يكون علمًا ثم ثلثت بأحمد بن إسحاق السرماري فقلت: رجل يقرأ على منبر الخليفة ههنا يقول: شهدت مرة أن رجلًا وحده كسر جند العدو عنى نفسه فإنه يصلح أن يكون علم الزمان. قالوا نعم.

مولد أبي حفص الفقيه: سنة خمسين ومائة.

(1)

ترجمته في الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي "ص 18"، والجواهر المضية في طبقات الحنفية لعبد القادر بن محمد بن أبي الوفاء القرشي.

(2)

ما وراء النهر يقصد به ما وراء نهر جيحون بخراسان.

(3)

صحيح على شرط مسلم: أخرجه أبو داود "4291"، والحاكم "4/ 522"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار""ص 52"، والخطيب في "تاريخ بغداد""2/ 61" من طرق عن ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".

قلت: سكت عنه الحاكم، والحافظ الذهبي، وإسناده صحيح على شرط مسلم. ووقع عند الحاكم:"شرحبيل وهو غير محفوظ كما أشار إلى ذلك الحافظ في التهذيب في ترجمة "شرحبيل بن شريك المعافري". أما قول أبي داود عقب الحديث: رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل"؛ فإن ذلك لا يعلل الحديث؛ فعبد الرحمن وإن لم يدرك شراحيل، فقد وصله وأسنده سعيد بن أبي أيوب، وهو ثقة ثبت.

ص: 313

وسمع أيضًا من: هشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد والرواية عنه تعز.

أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا جعفر بن منير أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا هناد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه، حدثنا أحمد بن عمر بن داود حدثنا أبو حفص أحمد بن حفص، عن جرير عن منصور، عن ربعي عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة: بالله وحده لا شريك له وأن الله بعثني بالحق، وبالبعث بعد الموت وبالقدر خيره وشره"

(1)

.

مات أبو حفص ببخارى في المحرم سنة سبع عشرة ومائتين.

(1)

صحيح: أخرجه الطيالسي "106"، وأحمد "1/ 97"، والترمذي "2145"، وابن أبي عاصم في "السنة""887"، والبزار "904" من طريق شعبة، عن منصور، به.

ص: 314

‌1560 - ولده

(1)

:

الإمام مفتي بخارى وعالمها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حفص تفقه بوالده، وبه تفقه أهل بخارى عاش إلى نحو السبعين ومائتين.

وكان من أئمة الإسلام والسنة وله تصانيف وشهرة كبيرة.

(1)

سيأتي ترجمته قريبا برقم ترجمة "2203" في المجلد الثامن.

ص: 314

‌1561 - مُنَبِّه بن عثمان

(1)

:

الدمشقي اللخمي محدث معمر أدرك أيام مكحول.

وحدث عن: ثور بن يزيد وعروة بن رويم، وخليد بن دعلج وأرطاة بن المنذر، والأوزاعي وعمر بن زيد والوضين بن عطاء، ومحمد والوليد الزبيدي، وموسى بن جابان ومالك بن أنس.

حدث عنه: ابنه حميد وهشام بن عمار وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن مصفى وهارون بن محمد بن بكار وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأحمد بن عبد القاهر اللخمي شيخ للطبراني وآخرون.

قال ابن زبر: ولد سنة ثلاث عشرة ومائة.

وقال أبو زرعة النصري: سمعت منبها يقول: كنت حملًا عام الجراح الحكمي، وهي سنة اثنتي عشرة ومائة.

قال أبو زرعة: لقيته في سنة اثنتي عشرة ومائتين ومات بعد ذلك بيسير. وقال أبو حاتم الرازي كان صدوقًا.

قلت: لم تقع له رواية في الكتب الستة ولا في الموطأ ولا مسند أحمد، وهو في عداد الثقات الذين بلغوا المائة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1908".

ص: 314

‌1562 - يحيى بن هاشم

(1)

:

المحدث المعمر أبو زكريا الغساني الكوفي السمسار.

روى عن: هشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان الأعمش، ومسعر والثوري، والكبار.

حدث عنه: محمد بن غالب تمتام والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن أيوب بن الضريس، ومعاذ بن المثنى ويوسن بن إسحاق الأنصاري وآخرون.

وتحايده الحفاظ واتهموه.

كذبه يحيى بن معين وصالح جزرة. وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال العقيلي: كان يضع الحديث على الثقات.

وقال ابن حبان: لا تحل كتبة حديثه إلَّا على جهة التعجب لأهل الصنعة، ولا الرواية عنه بحال.

روى عن: هشام عن أبيه عن عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام

(2)

.

وبه: "لا تستخدموا أرقاءكم بالليل فلهم بالليل، ولكم النهار"

(3)

.

وبه: "لا يبت أحدكم وعند رأسه الطعام، فإني لا آمن عليه الهوام"

(4)

.

وروى عن: مسعر عن قتادة عن أنس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عند كل ختمة دعوة مستجابة"

(5)

.

مات في سنة خمس وعشرين ومائتين.

يقع لي حديثه عاليًا في جزء ابن نجيد وأظن في الغيلانيات إلَّا أنه لا يفرح به؛ لأنه ساقط الرواية متهم.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2063"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 115"، والمجروحين لابن حبان "3/ 125 - 126"، والكامل لابن عدي "7/ رجمة 2153"، وميزان الاعتدال "4/ 412"، والمغني في الضعفاء "2/ 745".

(2)

موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل""1/ 377"، والخطيب في "تاريخ بغداد""12/ 437" من طريق يحيى بن هاشم السمسار، عن هشام، به.

قلت: إسناده موضوع، آفته يحيى بن هشام السمسار، وقد علمت كلام الأئمة عليه في الترجمة.

(3)

،

(4)

،

(5)

أحاديث موضوعة: آفتها يحيى بن هشام السمسار، وقد علمت حاله من الترجمة.

ص: 315

‌1563 - أسد السنة

(1)

: " خت، د، س"

هو الإمام الحافظ الثقة ذو التصانيف أبو سعيد أسد بن موسى بن إبراهيم ابن الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان القرشي، الأموي، المرواني المصري.

وقد ولي جده إبراهيم الخلافة شهرين، وخلعه مروان الحمار. ولد أسد: بالبصرة. وقيل: بمصر وهو أشبه سنة زالت دولة آبائه ببني العباس سنة اثنتين وثلاثين ومائة فنشأ، وطلب العلم ولقي الكبار، ورحل وجمع وصنف.

حدث عن: شعبة بن الحجاج وشيبان النحوي، وعبد الرحمن المسعودي، ويونس بن أبي إسحاق وهو أسن شيخ له وابن أبي ذئب وفضيل بن مرزوق، وحماد بن سلمة وعبد العزيز بن الماجشون، وعافية بن يزيد القاضي وجرير بن عبد الحميد وعدة.

حدث عنه: أحمد بن صالح وعبد الملك بن حبيب الفقيه، والربيع بن سليمان المرادي والربيع بن سليمان الجيزي، وولده سعيد بن أسد والمقدام بن داود الرعيني، وأبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيس، وآخرون.

قال النسائي: ثفة ولو لم يصنف لكان خيرًا له.

وقال البخاري: هو مشهور الحديث يقال له: أسد السنة واستشهد به البخاري.

قال أبو سعيد بن يونس: ثقة مات بمصر في المحرم سنة اثنتي عشرة ومائتين.

قلت: عاش ثمانين سنة وقع لنا من تواليفه كتاب الزهد وغير ذلك.

قال ابن يونس: روى أحاديث منكرة وكان ثقة وأحسب الآفة من غيره.

وقال العجلي: ثقة.

وأما ابن حزم فقال في كتاب الإيصال: ضعيف ذكره في الزكاة.

قال صاحب الإمام: يقال: هو أول من صنف المسند

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1645"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1280"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 403"، والعبر "1/ 361"، وميزان الاعتدال "1/ 207"، والكاشف "1/ ترجمة 335"، وتهذيب التهذيب "1/ 261"، وتقريب التهذيب "1/ ترجمة 458"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 27".

ص: 316

‌1564 - خلاد بن يحيى

(1)

: " خ، د، ت"

ابن صفوان، الإمام، المحدث، الصدوق أبو محمد السلمي، الكوفي.

سمع: عيسى بن طهمان صاحب أنس، وفطر بن خليفة وعبد الواحد بن أيمن وسفيان الثوري، وخلقًا كثيرًا وعني بالحديث.

حدث عنه: البخاري، وأبو زرعة وعم أبي زرعة إسماعيل بن يزيد، وبشر بن موسى ومحمد بن يونس الكديمي، وآخرون. وروى: أبو داود وأبو عيسى عن رجل عنه. وروى عنه أيضًا: أبو حاتم وحنبل بن إسحاق.

قال أبو داود: ليس به بأس.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: صدوق إلَّا أن في حديثه غلطًا قليلًا.

وقال البخاري: سكن مكة ومات بها قريبًا من سنة ثلاث عشرة ومائتين.

وقال حنبل: مات سنة سبع عشرة.

وسيأتي خالد بن مخلد القطواني الكوفي المتوفى في سنة ثلاث عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 638"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 161"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1675"، والعبر "1/ 362"، والكاشف "1/ ترجمة 1435"، وميزان الاعتدال "1/ 657"، وتهذيب التهذيب "3/ 174"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".

ص: 317

‌1565 - إدريس بن يحيى

(1)

:

الإمام، القدوة الزاهد شيخ مصر، أبو عمرو الأموي مولاهم المصري المعروف: بالخولاني أحد الأبدال كان يشبه ببشر الحافي في فضله وتألهه.

روى عن: حيوة بن شريح ورجاء بن أبي عطاء وبكر بن مضر، وحرملة الكبير.

وعنه: أبو الطاهر بن السرح ويونس بن عبد الأعلى، وسعيد بن أسد بن موسى، وحرملة بن يحيى.

قال يونس: ما رأيت في الصوفية عاقلًا سواه.

وقال أبو عمر الكندي: كان أفضل أهل زمانه وأعظمهم قدرًا.

وقال أبو زرعة: صدوق صالح من أفاضل المسلمين.

قلت: وصحح له الحاكم.

توفي سنة إحدى عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 957".

ص: 318

‌1566 - المقرئ

(1)

: " ع"

الإمام العالم الحافظ المقرئ المحدث الحجة شيخ الحرم أبو عبد الرحمن، عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن الأهوازي الأصل البصري، ثم المكي مولى آل عمر بن الخطاب.

مولده في حدود سنة عشرين ومائة.

حدث عن: ابن عون وكهمس بن الحسن، وأبي حنيفة وموسى بن علي بن رباح، وحيوة بن شريح، وحرملة بن عمران التجيبي وشعبة بن الحجاج وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، ويحيى بن أيوب والليث وابن لهيعة ومالك، ومحمد بن عبد الله الشعيثي والمسعودي، وعياش بن عقبة عم لابن لهيعة وورقاء بن عمر اليشكري وخلق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 501"، "7/ 520"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 745"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 939"، والكاشف "2/ ترجمة 3103"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 361"، وتهذيب التهذيب "6/ 83"، وتقريب التهذيب "1/ 462"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3921".

ص: 318

حدث عنه: البخاري والكل عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق وأبو خيثمة، وابن نمير وهارون الحمال، والحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن يحيى الذهلي وعباس الدوري، ومحمد بن إسماعيل الصائغ وبشر بن موسى والحارث بن أبي أسامة وهارون بن ملول، وأبوالزنباع روح بن الفرج القطان، وعدد كثير.

وثقه النسائي وهو من كبراء مشيخة البخاري.

قال محمد بن عاصم الثقفي: سمعت أبا عبد الرحمن يقول: أنا ما بين التسعين إلى المائة وأقرأت القرآن بالبصرة ستا وثلاثين سنة، وههنا بمكة خمسًا وثلاثين سنة.

قلت: أخذ الحروف عن نافع بن أبي نعيم وأحسبه تلا عليه، وله اختيار في القراءة رواه عنه، ولده محمد بن أبي عبد الرحمن تلقن عليه عدد كثير.

قال البخاري: مات بمكة سنة اثنتي عشرة، أو ثلاث عشرة ومائتين، وقال مطين: سنة ثلاث عشرة.

قلت: يقع من عواليه في القطعيات وكان من مشايخ الإسلام رحمه الله.

أخبرنا ابن قدامة، وابن البخاري إجازة قالا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا أبو غالب بن البناء أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا بشر بن موسى حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عن أبي حنيفة عن عطاء عن جابر: أنه رآه يصلي في قميص خفيف ليس عليه إزار ولا رداء قال: ولا أظنه صلى فيه إلَّا ليرينا أنه لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد.

قال محمد بن المقرئ: كان ابن المبارك إذا سئل عن أبي قال: كان ذهبًا خالصًا.

وقال أبو حاتم: هو صدوق.

وقال الخليلي: حديثه عن الثقات حجه، وينفرد بأحاديث وابنه محمد ثقة.

ص: 319

‌1567 - يعقوب

(1)

: " م، د، س، ق"

ابن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الإمام المجود الحافظ مقرئ البصرة، أبو محمد الحضرمي مولاهم البصري أحد العشرة.

ولد بعد الثلاثين ومائة.

تلا على: أبي المنذر سلام الطويل وأبي الأشهب العطاردي ومهدي بن ميمون وشهاب بن شرنفة. وسمع أحرفًا من حمزة الزيات.

وسمع الكثير من: شعبة، وهمام وأبي عقيل الدورقي وهارون بن موسى وسليم بن حيان، والأسود بن شيبان وزائدة بن قدامة وعدة. وتقدم في علم الحديث.

وفاق الناس في القراءة، وما هو بدون الكسائي بل هو أرجح منه عند أئمة لكن رزق أبو الحسن سعادة.

وازدحم القراء على يعقوب فتلا عليه: روح بن عبد المؤمن ومحمد بن المتوكل رويس والوليد بن حسان وأحمد بن عبد الخالق المكفوف، وكعب بن إبراهيم، وحميد بن وزير والمنهال بن شاذان أبو عمر الدوري، وأبو حاتم السجستاني وعدد كثير.

وكان يقرئ الناس علانية بحرفه بالبصرة في أيام ابن عيينة، وابن المبارك ويحيى القطان وابن مهدي والقاضي أبي يوسف ومحمد بن الحسن، ويحيى اليزيدي وسليم والشافعي، ويزيد بن هارون وعدد كثير من أئمة الدين فما بلغنا بعد الفحص والتنقيب أن أحدًا من القراء ولا الفقهاء، ولا الصلحاء ولا النحاة ولا الخلفاء كالرشيد والأمين، والمأمون أنكروا قراءته ولا منعوه منها أصلًا ولو أنكر أحد عليه لنقل ولاشتهر بل مدحها غير واحد وأقرأ بها أصحابه بالعراق واستمر إمام جامع البصرة بقراءتها في المحراب سنين متطاولة، فما أنكر عليه مسلم بل تلقاها الناس بالقبول ولقد عومل حمزة مع جلالته بالإنكار عليه في قراءته من جماعة من الكبار ولم يجر مثل ذلك للحضرمي أبدًا حتى نشأ طائفة متأخرون لم يألفوها، ولا عرفوها فأنكروها ومن جهل شيئًا عاداه قالوا: لم تتصل بنا متواترة. قلنا: اتصلت بخلق كثير متواترة وليس من شرط التواتر أن يصل إلى الأمة فعند القراء أشياء متواترة دون غيرهم وعند الفقهاء مسائل متواترة عن أئمتهم لا يدريها القراء وعند المحدثين أحاديث متواترة قد لا يكون سمعها الفقهاء، أو أفادتهم ظنا فقط، وعند النحاة مسائل قطعية وكذلك اللغويون وليس من جهل علما حجة على من علمه وإنما يقال للجاهل: تعلم وسل أهل العلم إن كنت لا تعلم لا يقال للعالم: أجهل ما

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 304"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3476"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 235"، "2/ 11، 250"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 849"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "20/ 25"، ووفيات الأعيان "6/ ترجمة 825"، والعبر "1/ 348"، والكاشف "3/ ترجمة 6494"، وتهذيب التهذيب "11/ 382"، وتقريب التهذيب "2/ 375"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 14".

ص: 320

تعلم، رزقنا الله وإياكم الإنصاف فكثير من القراءات تدعون تواترها، وبالجهد أن تقدروا على غير الآحاد فيها، ونحن نقول: نتلو بها، وإن كانت لا تعرف إلَّا عن واحد لكونها تلقيت بالقبول فأفادت العلم، وهذا واقع في حروف كثيرة وقراءات عديدة، ومن ادعى تواترها، فقد كابر الحس أما القرآن العظيم سوره، وآياته فمتواتر ولله الحمد محفوظ من الله تعالى لا يستطيع أحد أن يبدله، ولا يزيد فيه آية، ولا جملة مستقلة، ولو فعل ذلك أحد عمدا لا نسلخ من الدين، قال الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} [الحجر: 9].

وأول من ادعى أن حرف يعقوب من الشاذ: أبو عمرو الداني وخالفه في ذلك أئمة، وصار في الجملة في المسألة خلاف حادث والله أعلم.

نعم، وحدث عن يعقوب: أبو حفص الفلاس، وبندار، وأبو قلابة الرقاشي، وإسحاق بن إبراهيم شاذان، والكديمي، وخلق سواهم.

وكان أخوه أحمد بن إسحاق الحضرمي أسن منه.

قال العلامة أبو حاتم السجستاني: يعقوب أعلم من رأينا بالحروف، والاختلاف في القرآن، وعلله، ومذاهبه ومذاهب النحو.

وقال أحمد بن حنبل: هو صدوق.

وقال محمد بن أحمد العجلي يمدح يعقوب:

أبوه من القراء كان وجده

ويعقوب في القراء كالكوكب الدري

تفرده محض الصواب ووجهه

فمن مثله في وقته وإلى الحشر

قال أبو الحسن طاهر بن غلبون: وإمام أهل البصرة بالجامع لا يقرأ إلَّا بقراءة يعقوب رحمه الله.

وقال الإمام علي بن جعفر السعيدي: كان يعقوب أقرأ أهل زمانه وكان لا يلحن في كلامه وكان أبو حاتم السجستاني من بعض غلمانه.

وعن أبي عثمان المازني قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقرأت عليه سورة طه فقلت: مكانًا سوى فقال: اقرأ سوى قراءة يعقوب.

قال أبو القاسم الهذلي في كامله: ومنهم يعقوب الحضرمي لم ير في زمنه مثله، كان

ص: 321

عالمًا بالعربية، ووجوهها والقرآن واختلافه فاضلًا تقيًا نقيًا، ورعًا زاهدًا بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة، ولم يشعر ورد إليه، فلم يشعر لشغله بعبادة ربه، وبلغ من جاهه بالبصرة أنه كان يحبس ويطلق.

وقال أبو طاهر بن سوار: كان يعقوب حاذقًا بالقراءة قيمًا بها متحريًا نحويًا فاضلًا.

قال روح بن عبد المؤمن وغيره: قرأ يعقوب على سلام الطويل، وقرأ سلام على أبي عمرو بن العلاء.

وقال رويس: قرأت على يعقوب وقرأ على سلام عن عاصم بن أبي النجود.

وروي عن يعقوب أنه قرأ على سلام عن قراءته على عاصم الجحدري.

فهذه ثلاثة أقوال فيحتمل أن سلامًا أخذ عن الثلاثة.

مات يعقوب: في ذي الحجة سنة خمس ومائتين.

ص: 322

أخوه:

‌1568 - أحمد بن إسحاق

(1)

: " م، د، ت، س"

حافظ ثقة.

يروي عن: عكرمة بن عمار وهمام بن يحيى وحماد بن زيد ووهيب وأبي عوانة.

حدث عنه: أبو بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو خيثمة وإبراهيم الحربي والحارث بن محمد، وعبد بن حميد وأحمد بن زهير وعدة.

وثقه أبو حاتم والنسائي.

مات سنة إحدى عشرة.

لم يخرج لهما البخاري شيئًا.

ويكنى أحمد: أبا إسحاق وكان يحفظ حديثه.

(1)

ترجمة في طبقات ابن سعد "7/ 304"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1480"، وتاريخ بغداد "4/ 26"، وميزان الاعتدال "1/ 82"، والكاشف "1/ ترجمة 6"، وتهذيب التهذيب "1/ 14"، وتقريب التهذيب "1/ 10".

ص: 322

‌1569 - الأصمعي

(1)

: " د، ت"

الامام العلامة الحافظ حجة الأدب لسان العرب أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن عبد شمس بن أعيا بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الأصمعي، البصري اللغوي الأخباري، أحد الأعلام، يقال: اسم أبيه: عاصم ولقبه: قريب.

ولد سنة بضع وعشرين ومائة.

وحدث عن: ابن عون وسليمان التيمي، وأبي عمرو بن العلاء، وقرة بن خالد، ومسعر بن كدام وعمر بن أبي زائدة وشعبة ونافع بن أبي نعيم وتلا عليه، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وسلمة بن بلال وشبيب بن شيبة وعدد كثير لكنه قليل الرواية للمسندات.

حدث عنه: أبو عبيد ويحيى بن معين، وإسحاق بن إبراهيم الموصلي، وسلمة بن عاصم، وزكريا بن يحيى المنقري، وعمر بن شبة وأبو الفضل الرياشي، وأبو حاتم السجستاني ونصر بن علي، وابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله الأصمعي وأبو حاتم الرازي، وأحمد بن عبيد أبو عصيدة، وبشر بن موسى والكديمي، وأبو العيناء وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.

عباس الدوري عن يحيى بن معين عن الأصمعي قال: سمع مني مالك بن أنس.

وقد اثنى أحمد بن حنبل على الأصمعي في السنة.

قال الأصمعي: قال لي شعبة: لو تفرغت لجئتك.

قال إسحاق الموصلي: دخلت على الأصمعي أعوده فإذا قمطر. فقلت: هذا علمك كله؟ فقال: إن هذا من حق لكثير.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1393"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 682"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1710"، وتاريخ بغداد "10/ 410"، والأنساب للسمعاني "1/ 293"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 379"، والكاشف "2/ ترجمة 3520"، والعبر "1/ 367"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5240"، وتهذيب التهذيب "6/ 415"، وتقريب التهذيب "1/ 521"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4452".

ص: 323

وقال ثعلب: قيل للأصعمي: كيف حفظت، ونسوا؟ قال: درست وتركوا.

قال عمر بن شبة: سمعت الأصعمي يقول: أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة.

وقال محمد بن الأعرابي: شهدت الأصمعي، وقد أنشد نحوا من مائتي بيت ما فيها بيت عرفناه.

قال الربيع: سمعت الشافعي يقول ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي.

وعن ابن معين، قال: كان الأصمعي من أعلم الناس في فنه.

وقال أبو داود: صدوق.

قال أبو داود السنجي: سمعت الأصمعي يقول: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله عليه السلام: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار"

(1)

.

وقال نصر الجهضمي: كان الأصمعي يتقي أن يفسر الحديث كما يتقي أن يفسر القرآن.

قال المبرد: كان الأصمعي بحرًا في اللغة لا نعرف مثله فيها، وكان أبو زيد أنحى منه.

قيل لأبي نواس: قد أشخص الأصمعي، وأبو عبيدة على الرشيد فقال: أما أبو عبيدة فإن مكنوه من سفره قرأ عليهم علم أخبار الأولين والآخرين، وأما الأصمعي فبلبل يطربهم بنغماته.

قال أبو العيناء: قال الأصمعي: دخلت أنا وأبو عبيدة على الفضل بن الربيع فقال: يا أصمعي! كم كتابك في الخيل؟ قلت: جلد. فسأل أبا عبيدة عن ذلك فقال: خمسون جلدًا فأمر باحضإر الكتابين، وأحضر فرسًا فقال لأبي عبيدة: اقرأ كتابك حرفًا حرفًا وضع يدك على موضع موضع. قال: لست ببيطار إنما هذا شيء أخذته من العرب فقال لي: قم فضع يدك فقمت فحسرت عن ذراعي وساقي ثم وثبت فأخذت بأذن الفرس ثم وضعت يدي على ناصيته، فجعلت أقبض منه بشيء شيء وأقول: هذا اسمه كذا وأنشد فيه حتى بلغت حافره فأمر لي بالفرس فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبت الفرس وأتيته.

(1)

ذكره: المزِّي في ترجمة الأصمعي في كتابه القيم "تهذيب الكمال""18/ 388"، وقد خرجت الحديث مرارًا.

ص: 324

وعن ابن دريد: أن الأصمعي كان بخيلًا ويجمع أحاديث البخلاء.

وقال محمد بن سلام: كنا مع أبي عبيدة بقرب دار الأصمعي فسمعنا منها ضجة، فبادر الناس ليعرفوا ذلك فقال أبو عبيدة: إنما يفعلون هذا عند الخبز كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفًا.

وعن الأصمعي، قال: نلت ما نلت بالملح.

قلت: كتبت شيئًا لا يحصى عن العرب وكان ذا حفظ، وذكاء ولطف عبارة فساد.

وروى ثعلب عن أحمد بن عمر النحوي قال: قدم الحسن بن سهل فجمع أهل الأدب، وحضرت ووقع الحسن على خمسين رقعة، وجرى ذكر الحفاظ فذكرنا الزهري، وقتادة فقال الأصمعي: فأنا أعيد ما وقع به الأمير على التوالي فأحضرت الرقاع فقال: صاحب الرقعة الأولى كذا، وكذا واسمه كذا وكذا، ووقع له بكذا وكذا، والرقعة الثانية كذا والثالثة حتى مر على نيف، وأربعين رقعة فقال نصر بن علي الجهضمي: أيها المرء أبق على نفسك من العين.

وقد روى نحوها من، وجه آخر وقال: حسبك لا تقتل بالعين، وقال: يا غلام! احمل معه خمسين ألفًا.

قال عمرو بن مرزوق: رأيت الأصمعي وسيبويه يتناظران فقال يونس: الحق مع سيبويه وهذا يغلبه بلسانه.

وروي عن الأصمعي: أن الرشيد أجازه مرة بمائة ألف.

وتصانيف الأصمعي ونوادره كثيرة وأكثر تواليفه مختصرات وقد فقد أكثرها.

قال خليفة وأبو العيناء: مات الأصمعي سنة خمس عشرة ومائتين.

وقال محمد بن المثنى، والبخاري: سنة ست عشرة.

ويقال: عاش ثمانيًا وثمانين سنة رحمه الله.

ص: 325

‌1570 - عمرو بن مسعدة

(1)

:

ابن سعد بن صول العلامة البليغ، أبو الفضل ابن عم إبراهيم بن العباس الصولي الشاعر.

وكان موقعًا

(2)

بين يدي جعفر البرمكي وكان فصيحًا قوي المواد في الإنشاء.

يقال: توفي سنة سبع عشرة ومائتين. وقيل: سنة خمس عشرة عمل وزارة المأمون وله نظم جيد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 203"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 127"، ووفيات الأعيان "3/ ترجمة 507".

(2)

موقع: أي مستشارًا، والتوقيع: تظني الشيء وتوهمه، يقال: وقع أي ألق ظنك على شيء، والتوقيع بالظن والكلام والرمي يعتمده ليقع عليه وهمه.

ص: 326

‌1571 - أبو سليمان الداراني

(1)

:

الإمام الكبير زاهد العصر أبو سليمان عبد الرحمن بن أحمد وقيل: عبد الرحمن بن عطية. وقيل: ابن عسكر العنسي الداراني

(2)

.

ولد في حدود الأربعين ومائة.

وروى عن: سفيان الثوري وأبي الأشهب العطاردي وعبد الواحد بن زيد البصري وعلقمة بن سويد، وصالح بن عبد الجليل.

روى عنه: تلميذه أحمد بن أبي الحواري وهاشم بن خالد، وحميد بن هشام العنسي، وعبد الرحيم بن صالح الداراني وإسحاق بن عبد المؤمن، وعبد العزيز بن عمير، وإبراهيم بن أيوب الحوراني.

أبو الجهم بن طلاب: أخبرنا أحمد بن أبي الحواري قال: اسم أبي سليمان: عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العنسي من صليبة العرب.

وروى أبو أحمد الحاكم، عن أبي الجهم أيضًا عن ابن أبي الحواري سمعت أبا سليمان، واسمه عبد الرحمن بن عسكر.

قال ابن أبي الحواري: سمعت أبا سليمان يقول: صل خلف كل مبتدع إلَّا القدري لا تصل خلفه وإن كان سلطانًا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمته 1005"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 448"، وتاريخ بغداد "10/ 248"، والأنساب للسمعاني "5/ 243"، ووفيات العيان لابن خلكان "3/ ترجمة 363"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "2/ 265"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 179"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 13".

(2)

الداراني: بفتح الدال المهملة نسبة إلى داريا، وهي قرية بغطة دمشق، والنسبة إليها على هذه الصورة من شواذ النسب، والياء في "داريا" مشددة. قاله ابن خلكان في "وفيات الأعيان""3/ 131".

ص: 326

وسمعته يقول: كنت بالعراق أعمل وأنا بالشام أعرف.

وسمعته يقول: ليس لمن ألهم شيئًا من الخيرات أن يعمل به حتى يسمعه من الأثر.

الخلدي عن الجنيد قال: قال أبو سليمان الداراني: ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أيامًا فلا أقبل منه إلَّا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة.

وعن أبي سليمان: أفضل الأعمال خلاف هوى النفس.

وقال: لكل شيء علم وعلم الخذلان ترك البكاء ولكل شيء صدأ وصدأ القلب الشبع.

ابن أبي الحواري: سمعت أبا سليمان يقول: أصل كل خير الخوف من الدنيا، ومفتاح الدنيا الشبع ومفتاح الآخرة الجوع.

أبو عبد الله الحاكم: أخبرنا الخلدي حدثني الجنيد سمعت السري السقطي حدثنا أحمد بن أبي الحواري، سمعت أبا سليمان يقول: قدم إلي أهلي مرة خبزًا وملحًا فكان في الملح سمسمة فأكلتها، فوجدت رانها على قلبي بعد سنة.

أحمد بن أبي الحواري وسمعته يقول: من رأى لنفسه قيمة لم يذق حلاوة الخدمة.

وعنه: إذا تكلف المتعبدون أن يتكلموا بالإعراب ذهب الخشوع من قلوبهم.

وعنه: إن من خلق الله خلقًا لو زين لهم الجنان ما اشتاقوا إليها فكيف يحبون الدنيا، وقد زهدهم فيها.

قال أحمد: وسمعته يقول: لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا ولربما رأيت القلب يضحك ضحكًا.

قال أحمد: ورأيت أبا سليمان حين أراد أن يلبي غشي عليه فلما أفاق قال: بلغني أن العبد إذ حج من غير وجهه فقال: لبيك قيل له: لا لبيك، ولا سعديك حتى تطرح ما في يديك فما يؤمنا أن يقال لنا مثل هذا ثم لبى.

قال الجنيد: شيء يروى عن أبي سليمان أنا استحسنه كثيرًا: من اشتغل بنفسه شغل عن الناس، ومن اشتغل بربه شغل عن نفسه وعن الناس.

ابن بحر الأسدي: سمعت أحمد بن أبي الحواري، سمعت أبا سليمان يقول: من وثق

ص: 327

بالله في رزقه زاد في حسن خلقه وأعقبه الحلم، وسخت نفسه وقلت وساوسه في صلاته.

وعنه: الفتوة أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك.

ولأبي سليمان من هذا المعنى كثير في ترجمته من تاريخ دمشق وفي الحلية.

أنبأني المسلم بن محمد، عن القاسم بن علي أخبرنا أبي أخبرنا طاهر بن سهل أخبرنا عبد الدائم الهلالي، أخبرنا عبد الوهاب الكلابي حدثنا محمد بن خريم سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: تمنيت أن أرى أبا سليمان الداراني في المنام فرأيته بعد سنة، فقلت له: يا معلم! ما فعل الله بك؟ قال: يا أحمد دخلت من باب الصغير، فلقيت وسق شيح فأخذت منه عودًا فلا أدري تخللت به أم رميت به فأنا في حسابه من سنة.

قال سعيد بن حمدون والسلمي، وأبو يعقوب القراب: توفي أبو سليمان سنة خمس عشرة، ومائتين وقال أحمد بن أبي الحواري: مات سنة خمس ومائتين.

ص: 328

ولنا:

‌1572 - أبو سليمان الداراني الكبير

(1)

: " ق"

عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون العنسي الدمشقي محدث رحال.

روى عن: ليث ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي خالد والأعمش وعمرو بن شراحيل الداراني.

وعنه: إسماعيل بن عياش من أقرانه، ومحمد بن عائذ وأبو توبة الحلبي، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وجماعة.

وثقه دحيم.

وقال أبو حاتم: لا يحتج به.

قلت: توفي سنة نيف وتسعين، ومائة.

روى له ابن ماجه حديثًا.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 940"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1136"، والكامل لابن عدي "4/ ترجمة 1112"، والكاشف "2/ ترجمة 3253"، والمغني "2/ ترجمة 3576"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4882"، وتهذيب التهذيب "6/ 188"، وتقريب التهذيب "1/ 482"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 4115".

ص: 328

‌1573 - علية بنت المهدي

(1)

:

وأخت الرشيد الهاشمية العباسية أدبية شاعرة عارفة بالغناء، والموسيقى رخيمة الصوت ذات عفة، وتقوى ومناقب.

وأمها أم ولد اسمها: مكنونة كانت جميلة بارعة الغناء اشتريت بمائة ألف.

وكانت علية من ملاح زمانها وأظرف بنات الخلفاء.

روى إبراهيم بن إسماعيل الكاتب: أنها كانت لا تغني إلَّا زمن حيضها فإذا طهرت أقبلت على التلاوة والعلم، إلَّا أن يدعوها الخليفة ولا تقدر تخالفه.

وكانت تقول: لا غفر لي فاحشة ارتكبتها قط، وما أقول في شعري إلَّا عبثًا.

وجاء عنها قالت: ما كذبت قط.

وكان أخوها لا يصبر عن غيابها وأخذها معه إلى الري.

قيل: ماتت سنة عشر ومائتين ولها خمسون سنة.

وسبب موتها: أن المأمون ضمها إليه فقبلها وهي عمته، وكان وجهها مغطى فشرقت وسعلت ثم حمت أيامًا وماتت.

(1)

ترجمتها في الأغاني "10/ 162"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "3/ 123"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 191".

ص: 329

‌1574 - الليث بن عاصم

(1)

: " س".

الإمام القدوة العابد أبو زرارة القتباني المصري.

حدث عن: محمد بن عجلان وابن جريج وغيرهما.

روى عنه: حفيده ياسين بن عبد الأحد القتباني ويونس بن عبد الأعلى، وأبو الطاهر بن السرح وآخرون.

ونيف على التسعين.

توفي: في صفر سنة إحدى عشرة ومائتين.

وهو ليث بن عاصم بن كليب بن خيار بن خير بن أسعد بن ناشرة ومحله الصدق.

(1)

ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 4762"، وتهذيب التهذيب "8/ 468"، وتقريب التهذيب "2/ 139"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6002".

ص: 329

أما:

‌1575 - الليث بن عاصم بن العلاء

(1)

:

الخولاني الحدادي -بضم وخفة -فشيخ آخر.

روى عن: أبي قبيل المعافري وأبي الخير الجيشاني.

روى عنه: ابن وهب ويحيى بن يزيد المرادي وغيرهما من طبقة شيوخ القتباني.

وقد خلط الترجمتين صاحب تهذيب الكمال.

ووهم ابن أبي حاتم في نسبة الثاني، وفي كنيته فقال في الثاني: أبو زرارة القتباني، وإنما هو خولاني فيحرر هذا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1023"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 173"، وتهذيب التهذيب "8/ 469"، وتقريب التهذيب "2/ 139"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6003".

ص: 330

‌1576 - المهلبي

(1)

:

السيد، الجواد حاتم زمانه أمير البصرة محمد ابن محدث البصرة عباد بن عباد بن حبيب ابن الأمير المهلب بن أبي صفرة الأزدي المهلبي.

روى عن: أبيه، وهشيم.

وعنه: الكديمي وأبو العيناء، وإبراهيم الحربي.

قال يزيد بن المهلب: حدثنا أبي قال: كتب منصور أخو الرشيد إلى محمد بن عباد يشكو ضيقًا، وجفوة سلطان فنفد إليه عشرة آلاف دينار.

وقال أبو العيناء: قال المأمون لمحمد بن عباد: أردت أن أوليك فمنعني إسرافك قال: منع الجود سوء ظن بالمعبود فقال: لو شئت أبقيت على نفسك فإن ما تنفقه ما أبعد رجوعه إليك! قال: من له مولى غني لم يفتقر فقال المأمون: من أراد أن يكرمني فليكرم ضيفي محمدًا فجاءته الأموال فما ذخر منها درهمًا، وقال: الكريم لا تحنكه التجارب.

ويقال: إنه دخل مرة على المأمون فقال: كم دينك يا محمد؟ قال: ستون ألف دينار.

فأعطاه مائة ألف دينار.

وقيل: إن المأمون قال له: بلغني أنه لا يقدم أحد البصرة إلَّا أضفته؟ فقال: منع الجود سوء ظن بالمعبود. فاستحسنه وأعطاه نحو ستة آلاف درهم.

ثم مات محمد وعليه دين خمسون ألف دينار.

وقيل للعتبي: مات محمد فقال:

نحن متنا بفقده

وهو حي بمجده

توفي سنة ست عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 217".

ص: 330

‌1577 - محمد بن القاسم

(1)

:

ابن علي بن عمر بن زين العابدين علي بن الحسين بن الإمام علي ابن أبي طالب العلوي، الحسيني، الزاهد، الملقب: بالصوفي للبسه الصوف.

كان فقيهًا عالمًا عاملًا عابدًا معظمًا عند الزيدية.

ظهر بالطالقان ودعا إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وسلم فاجتمع له جيش كبير وحارب عسكر خراسان في دولة المأمون، وقوي سلطانه ثم انفل جمعه وقبض عليه فأتي به المعتصم في ربيع الآخر سنة تسع عشرة، ومائتين فحبسه بسامراء، ثم هرب من السجن يوم عيد واستتر وأضمرته البلاد.

قال أبو الفرج صاحب الأغاني: احتال لنفسه فخرج مختفيًا وصار إلى واسط وغاب خبره.

قال ابن النجار: بواسط مشهد يقال: إنه مدفون فيه فالله أعلم.

وروى عن ابن سلام الكوفي: أن المعتصم قتله صبرًا.

وكان أبيض مليح الوجه تام الشكل قد وخطه الشيب وتكهل.

وذهب طائقة من جهلة الجارودية أنه لم يمت ولا يموت حتى يملأ الأرض قسطًا وعدلًا نقل ذلك: أبو محمد بن حزم.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "7/ 116".

ص: 331

‌1578 - العَكَوَّك

(1)

:

فحل الشعراء أبو الحسن علي بن جبلة بن مسلم الخراساني.

قال الجاحظ: كان أحسن خلق الله إنشادًا ما رأيت مثله بدويًا ولا حضريًا.

وكان من الموالي، وقد ولد أعمى، وكان أسود أبرص، وشعره سائر، وهو القائل في أبي دلف الأمير:

ذاد ورد الغي عن صدره

فارعوى واللهو من وطره

ومن المديح:

إنما الدنيا أبو دلف

بين مغزاه ومحتضره

فإذا ولى أبو دلف

ولت الدنيا على أثره

كل من في الأرض من عرب

بين باديه إلى حضره

مستعير منك مكرمة

يكتسيها يوم مفتخره

وهي طويلة بديعة وازن بها قصيدة أبي نواس:

أيها المنتاب عن عفره

لست من ليلي ولا سمره

قال ابن عنين: ما يصلح أن يفاضل بين القصيدتين إلَّا من يكون في درجة هذين الشاعرين.

وقال ابن المعتز في طبقات الشعراء. لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب، وقال: اطلبوه فطلبوه قلم يقدروا عليه؛ لأنه كان مقيمًا بالجبل ففر إلى الجزيرة ثم إلى الشامات فظفروا به فحمل مقيدًا إلى المأمون فقال: يا ابن اللخناء! أنت القائل:

كل من في الأرض من عرب ...........

جعلتنا نستعير منه المكارم؟ قال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لا يقاس بكم قال: والله ما أبقيت أحدًا وإنما أستحل دمك بكفرك حيث تقول:

أنت الذي تنزل الأيام منزلها

وتنقل الدهر من حال إلى حال

وما مددت مدى طرف إلى أحد

إلا قضيت بأرزاق وآجال

ذاك هو الله، أخرجوا لسانه من قفاه. ففعلوا به، فمات سنة ثلاث عشرة ومائتين، ومات كهلا.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2360"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة، 971"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "20/ 14"، وتاريخ بغداد "11/ 359"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 461"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 30".

والعكَوَّك: هو القصير السمين مع صلابة.

ص: 332

‌1579 - الجوزجاني

(1)

:

العلامة الإمام أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني الحنفي صاحب أبي يوسف ومحمد.

حدث عنهما، وعن: ابن المبارك.

حدث عنه: القاضي أحمد بن محمد البرتي وبشر بن موسى وأبو حاتم الرازي وآخرون.

وكان صدوقًا محبوبًا إلى أهل الحديث.

قال ابن حاتم: كان يكفر القائلين بخلق القرآن.

وقيل: إن المأمون عرض عليه القضاء فامتنع واعتل بأنه ليس بأهل لذلك فأعفاه، ونبل عند الناس لامتناعه.

وله تصانيف.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 652"، والأنساب للسمعاني "3/ 362".

ص: 333

‌1580 - أبو العتاهية

(1)

:

رأس الشعراء الأديب الصالح الأوحد أبو إسحاق إسماعيل بن قاسم بن سويد بن كيسان العنزي مولاهم الكوفي نزيل بغداد.

لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه، وقيل: كان يحب الخلاعة فيكون مأخوذًا من العتو.

سار شعره لجودته وحسنه وعدم تقعره.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "7/ 82"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "4/ 1 - 112"، وتاريخ بغداد "6/ 250"، وفيات الأعيان "1/ ترجمة 94"، وميزان الاعتدال "1/ 245"، والعبر "1/ 360" ولسان الميزان "1/ 426". وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 25".

ص: 333

وقد جمع أبو عمر بن عبد البر شعره، وأخباره تنسك بأخرة، وقال في المواعظ والزهد فأجاد.

وكان أبو نواس يعظمه ويتأدب معه لدينه ويقول: ما رأيته إلَّا توهمت أنه سماوي وأني أرضى.

مدح أبو العتاهية المهدي والخلفاء بعده والوزراء وما أصدق قوله:

إن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

حسبك مما تبتغيه القوت

ما أكثر القوت لمن يموت

هي المقادير فلمني أو فذر

إن كنت أخطأت فما أخطا القدر

وهو القائل:

حسناء لا تبتغي حليًا إذا برزت

لأن خالقها بالحسن حلاها

قامت تمشى فليت الله صيرني

ذاك التراب الذي مسته رجلاها

وقال:

الناس في غفلاتهم

ورحى المنية تطحن

وقال:

إذا ما بدت والبدر ليلة تمه

رأيت لها وجهًا يدل على عذري

وتهتز من تحت الثياب كأنها

قضيب من الريحان في ورق خضر

أبى الله إلَّا أن أموت صبابة

بساحرة العينين طيبة النشر

توفي أبو العتاهية: في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة، ومائتين وقيل: سنة ثلاث عشرة ومائتين، وله ثلاث وثمانون سنة أو نحوها ببغداد.

واشتهر بمحبة عتبة فتاة المهدي بحيث إنه كتب إليه هذين البيتين:

نفسي بشيء من الدنيا معلقة

الله والقائم المهدي يكفيها

إني لأيأس منها ثم يطعمني

فيها احتقارك للدنيا وما فيها

فهم بدفعها إليه فجزعت واستعفت وقالت: أتدفعني إلى سوقة قبيح المنظر؟ فعوضه بذهب.

ص: 334

وله في عمر بن العلاء:

إني أمنت من الزمان وصرفه

لما علقت من الأمير حبالا

لو يستطيع الناس من إجلاله

تخذوا له حر الخدود نعالا

إن المطايا تشتكيك؛ لأنها

قطعت إليك سباسبًا ورمالا

فإذا وردن بنا وردن خفائفًا

وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا

فخلع عليه وأعطاه سبعين ألفًا.

وتحتمل سيرة أبي العتاهية أن تعمل في كراريس.

ص: 335

‌1581 - أبو عباد الكاتب

(1)

:

وزير المأمون هو: ثابت بن يحيى بن يسار الرازي.

أحد الكفاة البارعين في الحساب والتصرف والمعرفة، وبذلك ساد وتقدم.

نهض بأمور الأموال لمخدومه أتم ما يكون ثم إنه عجز من استيلاء النقرس واستعفى.

وكان جوادًا سمحًا سريًا إلَّا أنه كان منقبضًا عبوسًا.

عاش خمسًا وستين سنة. وتوفي: في المحرم سنة عشرين ومائتين.

طول ابن النجار ترجمته ذكره من تأليف الصولي وكتاب محمد بن عبدوس الجهشياري في سير الوزراء.

(1)

ترجمته في معجم البلدان لياقوت الحموي "2/ 540".

ص: 335

‌1582 - المريسي

(1)

:

المتكلم المناظر البارع أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة العدوي مولاهم البغدادي المريسي من موالي آل زيد بن الخطاب رضي الله عنه.

كان بشر من كبار الفقهاء. أخذ عن: القاضي أبي يوسف وروى عن: حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة.

ونظر في الكلام فغلب عليه، وانسلخ من الورع والتقوى وجرد القول بخلق القرآن، ودعا إليه حتى كان عين الجهمية في عصره وعالمهم فمقته أهل العلم وكفره عدة، ولم يدرك جهم بن صفوان بل تلقف مقالاته من أتباعه.

قال البويطي: سمعت الشافعي يقول: ناظرت المريسي فقال: القرعة قمار. فذكرت له حديث عمران بن حصين في القرعة ثم ذكرت قوله لأبي البختري القاضي فقال: شاهدًا آخر وأصلبه.

وقال أبو النضر هاشم بن القاسم: كان والد بشر يهوديًا قصارًا صباغًا في سويقة نصر.

وللمريسي تصانيف جمة.

ذكره النديم، وأطنب في تعظيمه، وقال: كان دينًا ورعًا متكلمًا. ثم حكى أن البلخي قال: بلغ من ورعه أنه كان لا يطأ أهله ليلًا مخافة الشبهة، ولا يتزوج إلَّا من هي أصغر منه بعشر سنين مخافة أن تكون رضيعته.

وكان جهميًا له قدر عند الدولة، وكان يشرب النبيذ، وقال مرة لرجل اسمه كامل: في اسمه دليل على أن الاسم غير المسمى.

وصنف كتابًا في التوحيد، وكتاب الإرجاء وكتاب الرد على الخوارج، وكتاب الاستطاعة، والرد على الرافضة في الإمامة وكتاب كفر المشبهة وكتاب المعرفة، و كتاب الوعيد وأشياء غير ذلك في نحلته.

ونقل غير واحد: أن رجلًا قال ليزيد بن هارون: عندنا ببغداد رجل يقال له: المريسي يقول: القرآن مخلوق فقال: ما في فتيانكم من يفتك به؟.

قلت: قد أخذ المريسي في دولة الرشيد وأهين من أجل مقالته. روى أبو داود عن أحمد بن حنبل أنه سمع ابن مهدي أيام صنع ببشر ما صنع يقول: من زعم أن الله لم يكلم موسى يستتاب فإن تاب، وإلا ضربت عنقه.

وقال المروذي: سمعت أبا عبد الله وذكر المريسي فقال: كان أبوه يهوديا أي شي تراه يكون؟!

وقال أبو عبد الله: كان بشر يحضر مجلس أبي يوسف فيصيح، ويستغيث فقال له أبو

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 56"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 115"، وميزان الاعتدال "1/ 322"، والعبر "1/ 373"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 228"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 44".

ص: 336

يوسف مرة: لا تنتهي أو تفسد خشبة

(1)

. ثم قال أبو عبد الله: ما كان صاحب حجج بل صاحب خطب.

وقال أبو بكر الأثرم: سئل أحمد عن الصلاة خلف بشر المريسي فقال: لا تصل خلفه.

وقال قتيبة: بشر المريسي كافر.

وقلت: وقع كلامه إلى عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ فصنف مجلدًا في الرد عليه.

ومات: في آخر سنة ثماني عشرة، ومائتين وقد قارب الثمانين فهو بشر الشر، وبشر الحافي بشر الخير، كما أن أحمد بن حنبل هو أحمد السنة، وأحمد بن أبي دواد أحمد البدعة.

ومن كفر ببدعة وإن جلت ليس هو مثل الكافر الأصلي، ولا اليهودي والمجوسي أبى الله أن يجعل من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر، وصام وصلى وحج، وزكى وإن ارتكب العظائم، وضل وابتدع كمن عاند الرسول وعبد الوثن ونبذ الشرائع وكفر ولكن نبرأ إلى الله من البدع، وأهلها.

(1)

ذكره الحافظ في "ميزان الاعتدال""1/ 323"، وزاد: يعني وتصلب. ووقع في "تاريخ بغداد""7/ 63": حتى تصعد خشبة.

ص: 337

‌1583 - بشر بن المعتمر

(1)

:

العلامة أبو سهل الكوفي ثم البغدادي شيخ المعتزلة وصاحب التصانيف.

كان من القرامي الكبار أخباريًا شاعرًا متكلمًا كانوا يفضلونه على أبان اللاحقي، وله قصيدة طويلة في مجلد تام فيها ألوان.

وكان أبرص ذكيًا فطنًا لم يؤت الهدى وطال عمره فما ارعوى وكان يقع في أبي الهذيل العلاف وينسبه إلى النفاق.

وله كتاب تأويل المتشابه وكتاب الرد على الجهال، وكتاب العدل وأشياء لم نرها ولله الحمد.

مالت سنة عشر ومائتين.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "3/ 128"، والأنساب للسمعاني "2/ 231"، ولسان الميزان "2/ 33"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "10/ 155".

ص: 337

‌1584 - ثمامة بن أشرس

(1)

:

العلامة أبو معن النميري البصري المتكلم من رؤوس المعتزلة القائلين بخلق القرآن جل منزله. وكان نديمًا ظريفًا صاحب ملح اتصل بالرشيد ثم بالمأمون.

روى عنه: تلميذه الجاحظ.

قال ابن حزم: ذكر عنه أنه كان يقول: العالم هو بطباعه فعل الله.

وقال: المقلدون من أهل الكتاب، وعبدة الأوثان لا يدخلون النار بل يصيرون ترابًا، وإن من مات مسلمًا، وهو مصر على كبيرة خلد في النار، وإن أطفال المؤمنين يصيرون ترابًا ولا يدخلون جنة.

قلت: قبح الله هذه النحلة.

قال المبرد: قال ثمامة: خرجت إلى المأمون فرأيت مجنونًا شد فقال: ما اسمك؟ قلت: ثمامة فقال: المتكلم؟ قلت: نعم قال: جلست على هذه الآجرة، ولم يأذن لك أهلها فقلت: رأيتها مبذولة قال: لعل لهم تدبيرًا غير البذل متى يجد النائم لذة النوم؟ إن قلت: قبله أحلت؛ لأنه يقظان، وإن قلت: في النوم أبطلت إذ النائم لا يعقل، وإن قلت: بعده فقد خرج عنه، ولا يوجد شيء بعد فقده قال: فما كان عندي فيها جواب.

وعنه قال: عدت رجلًا وتركت حماري على بابه ثم خرجت فإذا صبي راكبه. فقلت: لم ركبته بغير إذني؟ قال: خفت أن يذهب قلت: لو ذهب كان أهون علي. قال: فهبه لي وعد أنه ذهب واربح شكري فلم أدر ما أقول.

قال هاشم بن محمد الخزاعي: حدثنا الجاحظ سنة " (253) "، حدثني ثمامة قال: شهدت رجلًا قدم خصمه إلى وال فقال: أصلحك الله هذا ناصبي رافضي جهمي مشبه يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي، ويلعن معاوية بن أبي طالب.

يموت بن المزرع: حدثنا الجاحظ قال: دخل أبو العتاهية على المأمون فطعن على المبتدعة ولعن القدرية فقال المأمون: أنت شاعر وللكلام قوم قال: نعم ولكن أسأل ثمامة عن مسألة فقل له يجبني. ثم أخرج يده فحركها، وقال: يا ثمامة! من حرك يدي؟ قال: من أمه زانية فقال: يشتمني يا أمير المؤمنين فقال ثمامة: ناقض والله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 145"، وميزان الاعتدال "1/ 371"، والعبر "1/ 456"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 206"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 20".

ص: 338

قال أبو روق الهزاني: حدثنا الفضل بن يعقوب قال: اجتمع ثمامة، ويحيى بن أكثم عند المأمون فقال المأمون ليحيى: ما العشق؟ قال: سوانح تسنح للعاشق يؤثرها، ويهيم بها.

قال ثمامة: أنت بالفقه أبصر، ونحن أحذق منك قال المأمون: فقل قال: إذا امتزجت جواهر النفوس بوصل المشاكلة نتجت لمح نور ساطع تستضيء به بواصر العقل، وتهتز لإشراقه طبائع الحياة يتصور من ذلك اللمح نور خاص بالنفس متصل بجوهرها يسمى عشقًا. فقال المأمون: هذا -وأبيك- الجواب.

قال هارون الحمال: حدثنا محمد بن أبي كبشة قال: كنت في سفينة فسمعت هاتفًا يقول: لا إله إلَّا الله كذب المريسي على الله ثم عاد الصوت يقول: لا إله إلَّا الله على ثمامة، والمريسي لعنة الله قال: ومعنا رجل من أصحاب المريسي في المركب فخر ميتًا.

ص: 339

‌1585 - الأخفش

(1)

:

إمام النحو أبو الحسن سعيد بن مسعدة البلخي ثم البصري مولى بني مجاشع.

أخذ عن: الخليل بن أحمد ولزم سيبويه حتى برع وكان من أسنان سيبويه بل أكبر.

قال أبو حاتم السجستاني: كان الأخفش قدريًا رجل سوء كتابه في المعاني صويلح، وفيه أشياء في القدر.

وقال أبو عثمان المازني: كان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل.

قلت: أخذ عنه: المازني وأبو حاتم وسلمة وطائفة.

وعنه قال: جاءنا الكسائي إلى البصرة فسألني أن أقرأ عليه كتاب سيبويه ففعلت فوجه إلي بخمسين دينارًا.

وكان الأخفش يعلم ولد الكسائي.

وكان ثعلب يفضل الأخفش ويقول: كان أوسع الناس علمًا.

وله كتب كثيرة في: النحو والعروض ومعاني القرآن.

وجاء عنه قال: أتيت بغداد فأتيت مسجد الكسائي فإذا بين يديه الفراء والأحمر،

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 224"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 264"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "13/ 86"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 590"، وشذرات الذهب "2/ 36".

ص: 339

وابن سعدان فسألته عن مائة مسألة فأجاب فخطأته في جميعها فهموا بي فمنعهم، وقال: بالله أنت أبو الحسن قلت: نعم فقام وعانقني، وأجلسني إلي جنبه وقال: أحب أن يتأدب أولادي بك فأجبته.

مات الأخفش: سنة نيف عشرة ومائتين. وقيل: سنة عشر.

قال ابن النجار: كان أجلع وهو الذي لا تنطبق شفتاه على أسنانه.

وقد روى عن: هشام بن عروة، والكلبي وعمرو بن عبيد. وصنف كتبًا في النحو لم يتمها.

قال الرياشي: سمعته يقول: كنت أجالس سيبويه وكان أعلم مني وأنا اليوم أعلم منه.

ص: 340

‌الطبقة الحادية عشرة:

‌1586 - عثمان بن الهيثم

(1)

: " خ"

ابن جهم بن عيسى بن حسان ابن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أشج عبد القيس المنذر العصري

(2)

، البصري مسند وقته، ومؤذن جامع البصرة.

ولد سنة نيف وعشرين ومائة.

وسمع من: عوف الأعرابي وابن جريج، وهشام بن حسان، ورؤبة بن العجاج، وجعفر بن الزبير، ومبارك بن فضالة وشعبة وطائفة.

حدث عنه: البخاري في صحيحه، وهو من كبار شيوخه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأسيد بن عاصم، والحارث بن محمد التميمي، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن عثمان الذراع، ومحمد بن زكريا الأصبهاني، وخلق خاتمتهم أبو خليفة الجمحي.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2330"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 230"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 942"، والكاشف "2/ ترجمة 3810"، والمغني "2/ ترجمة 4069"، والعبر "1/ 380"، وتذكة الحفاظ "1/ ترجمة 371"، وتهذيب التهذيب "7/ 157"، وتقريب التهذيب "2/ 15"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4794"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 47".

(2)

العَصَري: نسبة إلى "عصر" بطن من عبد قيس، وهو عصر بن عوف بن عمرو بن عوف بن جذيمة.

قاله السمعاني في "الأنساب""8/ 465".

ص: 340

قال أبو حاتم: صدوق غير أنه كان بأخرة يلقن.

قلت: يعني أنه كان يحدثهم بالحديث فيتوقف فيه، ويتغلط فيردون عليه فيقول.

ومثل هذا غض عن رتبة الحفظ لجواز أن فيما رد عليه زيادة، أو تغييرًا يسيرًا والله أعلم.

قال أبو داود: مات في حادي عشر رجب سنة عشرين ومائتين.

قلت: توفي في عشر المائة.

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا أحمد بن ملوك، ومحمد بن عبد الباقي قالا: أخبرنا طاهر بن عبد الله القاضي، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي حدثنا أبو خليفة حدثنا عثمان بن الهيثم حدثنا عوف عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان العلم معلقًا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس"

(1)

.

(1)

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 207"، وأحمد "2/ 297، 420، 422، 469"، وأبو نعيم في "الحلية""6/ 64"، وفي "تاريخ أصبهان""1/ 4" من طرق عن عوف بن أبي جميلة، عن شهر بن حوشب، به.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف شهر بن حوشب، فقد أجمعوا على ضعفه. لكن قد ورد الحديث بلفظ صحيح عن أبي هريرة مرفوعا:"لو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من فارس". أخرجه البخاري "4897"، ومسلم "2546"، واللفظ له فذكر "الدين" بدل "العلم". ووقع عند البخاري "الإيمان" بدل "العلم".

ص: 341

‌1587 - علي بن الحسين بن واقد

(1)

: " (4) ".

مولى الأمير فاتح خراسان عبد الله بن عامر بن كريز القرشي الإمام المحدث الصدوق أبو الحسن المروزي.

حدث عن: أبيه وأبي حمزة السكري، وسليم مولى الشعبي وهشام بن سعد المدني وخارجة بن مصعب، وعبد الله بن عمر العمري وطبقتهم.

ويقال: هو نيسابوري الأصل تحوَّلوا إلى مرو.

وكان علي عالمًا صاحب حديث كأبيه.

حدث عنه: إسحاق بن راهويه، ومحمود بن غيلان، وعلي بن خشرم، ورجاء بن مرجى، ومحمد بن عقيل بن خويلد، ومحمد بن رافع، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب وآخرون.

وكان مولده في سنة ثلاثين ومائة.

قال النسائى: ليس به بأس.

وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث.

قال البخاري: توفي سنة إحدى عشرة ومائتين.

قلت: خرج له: البخاري في الأدب ومسلم في مقدمة كتابه وأرباب السنن، وهو حسن الحديث كبير القدر.

(1)

ترجمته في الترايخ الكبير "6/ ترجمة 2365"، والكنى للدولابي "1/ 147"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1226"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 978"، والعبر "1/ 360"، والكاشف "2/ ترجمة 3960"، والمغني "2/ ترجمة 4248"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5824"، وتهذيب التهذيب "7/ 308" وتقريب التهذيب "2/ 35"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4968".

ص: 341

‌1588 - خلف بن تميم

(1)

: " س، ق"

الإمام الزاهد أبو عبد الرحمن التميمي الكوفي مولى آل جعدة.

نزل المصيصة للجهاد وصحب إبراهيم بن أدهم.

وحدث عن عاصم بن محمد وأبي بكر النهشلي، والثوري وزائدة وعدة.

وعنه: أبو إسحاق الفزاري أحد شيوخه، ومحمد بن سعد، وأحمد الدورقي وصاعقة، والدوري والصاغاني ومحمد بن الفرج الأزرق، وعباس الترقفي

(2)

.

وثقة أبو حاتم.

وقال يحيى بن معين: صدوق.

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة أحد النساك والمجاهدين.

قال ابن سعد: توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين.

وعنده عن سفيان عشرة آلاف حديث.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 491"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 668"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1684"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 377"، والكاشف "1/ ترجمة 1408"، وتهذيب التهذيب "3/ 148"، وتقريب التهذيب "1/ ترجمة 135"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1848".

(2)

الترقفي: نسبة إلى بلدة ترقف من نواحي العراق.

ص: 342

‌1589 - عمرو بن أبي سلمة

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الصدوق أبو حفص التنيسي من موالي بني هاشم دمشقي سكن تنيس فنسب إليها.

حدث عن: الأوزاعي، وأبي معيد حفص بن غيلان، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وصدقة بن عبد الله السمين، وزهير بن محمد التميمي، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، وإدريس بن يزيد الأودي، وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز وعدة.

حدث عنه: ولده سعيد، وأبو عبد الله الشافعي ودحيم، وعبد الله بن محمد المسندي، وأحمد بن صالح والذهلي، وابن وارة ومحمد ابن عبد الله بن البرقي، وأخوه أحمد، وعبد الله بن محمد بن أبي مريم، وأحمد بن مسعود المقدسي، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود وخلق.

قال حميد بن زنجويه: لما رجعنا من مصر دخلنا على أحمد بن حنبل فقال: مررتم بعمرو بن أبي سلمة؟ فقلنا: وما عنده خمسون حديثا، والباقي مناولة قال: كنتم تنظرون في المناولة، وتأخذون منها.

قال الوليد بن بكر العمري: عمرو بن أبي سلمة أحد أئمة الأخبار من نمط ابن وهب يختار من قول مالك والأوزاعي.

قلت: حديثه في الكتب الستة، ووثقه جماعة.

وقد ضعفه يحيى بن معين وحده.

مات سنة أربع عشرة، ومائتين.

وقيل: توفي سنة ثلاث عشرة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2574"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 199"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1279"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1304"، والكاشف "2/ ترجمة 4232"، والمغني "2/ ترجمة 4661"، والعبر "1/ 365"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6379"، وتهذيب التهذيب "8/ 43"، وتقريب التهذيب "2/ 71"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5307"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 29".

ص: 343

‌1590 - معاوية بن عمرو

(1)

: " ع"

ابن المهلب بن عمرو الإمام الحافظ الصادق أبو عمرو الأزدي المعني

(2)

البغدادي.

حدث عن: إسرائيل وجرير بن حازم، وزائدة بن قدامة، وعبد الرحمن المسعودي، وفضيل بن مرزوق وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري وهو مع الجماعة عن رجل عنه وأبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة وعمرو بن الناقد وأحمد بن منيع وهارون الحمال وعبد بن حميد، ومحمد بن أحمد بن النضر الأزدي سبطه وآخرون.

قال أحمد بن حنبل: صدوق ثقة.

وقال ابن معين: كان رجلًا شجاعًا لا يبالي بلقاء عشرين.

وكان يقال له: ابن الكرماني.

قال محمد بن سعد: يروي عن زائدة مصنفه، ويروي عن أبي إسحاق الفزاري كتاب السيرة في دار الحرب. نزل بغداد وسمع منه أهلها.

قال علي بن أحمد بن النضر الأزدي: رأيت جدي رحمه الله معاوية بن عمرو وهو عند رأس أمي، وهي في الموت فجعل وجهها بحذاء القبلة ورجليها بحذاء القبلة فلما قاربت أن تقضي سترها منا، وصلى عليها فكبر أربعًا قال: وكان مولده في سنة ثمان وعشرين ومائة ومات سنة أربع عشرة ومائتين.

وقال ابن سعد: مات في غرة جمادى الأولى منها.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 341"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1439"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1762"، وتاريخ بغداد "13/ 197"، والعبر "1/ 366"، والكاشف "3/ ترجمة 5631". وتهذيب التهذيب "10/ 215"، وتقريب التهذيب "2/ 260"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7088".

(2)

المَعْنِيُّ: نسبة إلى معن بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس، بطن من الأوس.

ص: 344

‌1591 - أبو أحمد المؤدب

(1)

: " ع"

الإمان الحافظ الثقة، أبو أحمد حسين بن محمد بن بهرام المروذي المؤدب نزيل بغداد.

حدث عن: ابن أبي ذئب وجربر بن حازم، وشيبان النحوي، وإسرائيل بن يونس، وأبي غسان محمد بن مطرف، وسليمان بن قرم وطائفة. وكان من علماء الحديث.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وعبد الرحمن بن مهدي، وهو من شيوخه، ومحمد بن يحيى الذهلي ويعقوب بن شيبة، وعباس الدوري، وإبراهيم الحربي، وحنبل بن إسحاق، وخلق سواهم.

قال معاوية بن صالح الأشعري: قال لي أحمد بن حنبل: اكتبوا عن أبي أحمد حسين بن محمد. وجاء أحمد معي إليه يسأله أن يحدثني.

وقال محمد بن سعد: ثقة. وقال النسائي: ليس به بأس.

قلت: اختلفوا في وفاته. فقال حنبل: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين وقال مطين: سنة أربع عشرة.

قلت: كان من أبناء السبعين أو الثمانين وحديثه في الأصول الستة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 338"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2879"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2879"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 287"، وتاريخ بغداد "8/ 88"، والكاشف "1/ ترجمة 1115"، والعبر "1/ 366"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2047"، والمغني "1/ ترجمة 1567"، وتهذيب التهذيب "2/ 366"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1499"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 34".

ص: 345

‌1592 - خالد بن مخلد

(1)

: " خ، م، ت، س، ق".

الإمام المحدث الحافط المكثر المغرب أبو الهيثم البجلي الكوفي القطواني.

وقطوان: مكان بالكوفة. جل روايته عن أهل المدينة.

حدث عن: مالك، وأبي الغصن ثابت بن قيس وسليمان بن بلال، ونافع بن أبي نعيم، وعلي بن صالح بن حي، وكثير بن عبد الله بن عوف، وعبد الله بن جعفر المخزمي، ومحمد بن موسى الفطري، وعدة.

حدث عنه: البخاري في صحيحه، وعباس الدوري، وعبد بن حميد، وأبو أمية الطرسوسي، ومحمد بن عثمان بن كرامة ومحمد بن شداد المسمعي، وخلق سواهم.

وقد روى الجماعة سوى أبي داود عن رجل عنه.

وقد حدث عنه من القدماء: عبيد الله بن موسى.

قال يحيى بن معين: ما به بأس.

وقال أبو داود: صدوق لكنه يتشيع.

وقال أحمد بن حنبل: له أحاديث مناكير.

وقال محمد بن سعد: كان منكر الحديث مفرطًا في التشيع كتبوا عنه ضرورة.

وذكره ابن عدي في كامله، فأورد له عدة أحاديث منكرة.

وقال مطين: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين وزاد صاحب النبل: مات في المحرم.

وقد روى أبو داود في جمعه لحديث مالك عن رجل عنه.

وقيل: بل القطواني لقب له وقيل: نسبة إلى محلة.

وآخر من حدث عنه موتًا: محمد بن شداد قاله: الخطيب.

وروى البخاري حديث: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب"

(2)

عن ابن كرامة عن خالد. وهو غريب جدًا لم يروه سوى ابن كرامة عنه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 406"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 595"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 478"، والكنى للدولابي "2/ 156"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 424"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 152"، والأنساب للسمعاني "10/ 197"، واللباب لابن الأثير "3/ 47"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 411"، وتهذيب التهذيب "3/ 116"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1801"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 29".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6502" من حديث أبي هريرة، به.

ص: 346

‌1593 - سريج بن النعمان

(1)

: " خ، (4) "

ابن مروان الإمام أبو الحسين وقيل: أبو الحسن البغدادي الجوهري اللؤلؤي.

حدث عن: فليح بن سليمان وحماد بن سلمة، ونافع بن عمر المكي، وعبد الله بن المؤمل المخزومي، وحشرج بن نباتة وأبي عوانة، وحماد بن زيد وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري، والباقون بواسطة سوى مسلم، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع، ومحمد بن رافع، وإسماعيل سمويه وأبو بكر الصاغاني، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم الحربي وخلق كثير.

وقد روى البخاري أيضًا عن رجل عنه.

وثقة أبو داود، وقد غلط في أحاديث.

وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.

قلت: كان من أعيان المحدثين.

قال حنبل: توفي يوم الأضحى سنة سبع عشرة ومائتين.

قلت: فيها مات حجاج بن منهال وموسى بن داود الضبي وهشام بن إسماعيل العطار العابد، وعمرو بن مسعدة كاتب السر للمأمون وإسماعيل بن مسلمة القعنبي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 341"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 2506"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1326"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 271"، والأنساب للسمعاني "3/ 254"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3084"، والكاشف "1/ ترجمة 1827"، وتهذيب التهذيب "3/ 457"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2363".

ص: 347

‌1594 - عبد الله بن عبد الحكم

(1)

: " س"

ابن أعين بن ليث الإمام الفقيه مفتي الديار المصرية أبو محمد المصري المالكي صاحب مالك، ويقال: إنه من موالي عثمان رضي الله عنه.

ولد سنة خمسن وخمسين ومائة.

سمع: الليث بن سعد ومالك بن أنس، ومفضل بن فضالة ومسلم ابن خالد الزنجي ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، وبكر بن مضر وابن القاسم وابن وهب وعدة.

حدث عنه: بنوه الأئمة: محمد وسعد وعبد الرحمن وعبد الحكم، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن البرقي، وخير بن عرفة ومقدام بن داود الرعيني، وأبو يزيد القراطيسي، ومحمد بن عمرو أبو الكروس، ومالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، وعدة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 518"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 428"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 485"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 323"، والعبر "1/ 366"، والكاشف "2/ ترجمة 3845"، وتهذيب التهذيب "5/ 289"، وتقريب التهذيب "1/ 427"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3605"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 34".

ص: 347

وثقة أبو زرعة.

وقال ابن وارة: كان شيخ أهل مصر.

وقال أحمد العجلي: لم أر بمصر أعقل منه ومن سعيد بن أبي مريم.

وقال ابن حبان: كان ممن عقل مذهب مالك، وفرع على أصوله.

قلت: لم يثبت قول ابن معين: إنه كذاب.

قال أبو عمر الكندي: سكن أبوه، وجده أعين جميعا بالإسكندرية، وبها ماتا.

وقال ابن عبد البر: صنف عبد الله بن عبد الحكم كتابًا اختصر فيه أسمعته من ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب ثم اختصر من ذلك كتابًا صغيرًا، وعلى الكتابين مع غيرهما معول البغداديين المالكية في المدارسة، وإياهما شرح القاضي أبو بكر الأبهري.

قلت: وذكروا أنه صنف كتاب الأموال، وكتاب مناقب عمر بن عبد العزيز، وسارت بتصانيفه الركبان، وكان وافر الجلالة كثير المال رفيع المنزلة.

قال الشيخ أبو إسحاق الفيروزاباذي: كان ابن عبد الحكم أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب.

قيل: إنه أعطى الشافعي ألف دينار وأخذ له من رئيسين ألفي دينار وكان يزكي العدول ويجرحهم، وما كان يشهد ودفن إلى جنب الشافعي.

قلت: وكان يحرض ولده محمد بن عبد الله على ملازمة الشافعي.

مات في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائتين وله نحو من ستين سنة. رحمه الله.

أخبرنا عمر بن محمد المذهب في جماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا أبو محمد بن حمويه أخبرنا عيسى بن بن عمر، أحبرنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن الحكم، حدثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن صالح هو ابن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا قائد المرسلين ولا فخر وأنا خاتم النبيين ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر"

(1)

.

هذا حديث صالح الإسناد. وصالح هذا: مصري ما علمت به بأسًا.

(1)

ضعيف: أخرجه الدارمي "1/ 27"، وفيه الانقطاع بين صالح بن عطاء، وجابر بن عبد الله لكن قد ورد بلفظ صحيح عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع".

أخرجه ابن حبان في "صحيحه""6242"، من طريق الأوزاعي، قال: حدثنا شداد أبو عمار عن واثلة بن الأسقع، به. وإسناد صحيح، وورد عن عبد الله بن مسعود مرفوعا بلفظ:"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع ومشفع، بيدي لواء الحمد، تحتي آدم فمن دونه".

أخرجه ابن حبان "6478"، وابن أبي عاصم في "السنة""793"، من طريق عمرو بن عثمان الكلابي، قال: حدثنا موسى بن أعين، عن معمر بن راشد، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن مسعود، به.

قلت: وإسناده ضعيف، آفته عمرو بن عثمان الكلابي فقد تركه النسائي، ولينه العقيلي، لكن له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري: عند أحمد "3/ 2"، والترمذي "3615"، وابن ماجه "4308"، وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة عند مسلم "2278".

ص: 348

‌1595 - أبو المغيرة

(1)

: " ع"

الإمام المحدث الصادق مسند حمص أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي.

ولد في حدود سنة ثلاثين ومائة.

وحدث عن: صفوان بن عمرو وحريز بن عثمان، وأرطاة بن المنذر، وأبي بكر بن أبي مريم، وعبدة بنت خالد بن معدان وعفير بن معدان وأبي عمرو الأوزاعي وعبد الله بن العلاء بن زبر، ويزيد بن عطاء اليشكري وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وعبد الرحمن المسعودي، وسعيد بن سنان وعبد الرحيم بن يزيد بن تميم، وسعيد بن عبد العزيز وغيرهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل وابن معين، والذهلي وسلمة بن شبيب، وإسحاق الكوسج وأبو محمد الدارمي وأحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطي، ومحمد بن عوف ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي وخلق سواهم.

قال العجلي: ثقة.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي: ليس به بأس.

قال ابن زنجويه: ما رأيت أخوف لله من إسحاق بن سليمان ولا رأيت أخشع من أبي المغيرة ولا أحفظ من يزيد بن هارون، ولا أعقل من أبي مسهر ولا أورع من الفريابي.

قال البخاري: مات أبو المغيرة سنة اثنتي عشرة وصلى عليه أحمد بن حنبل.

قلت: روى عنه البخاري وهو والباقون عن رجل عنه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 472"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1901"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 198"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 299"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 385"، والعبر "1/ 363"، والكاشف "2/ ترجمة 3469"، وتهذيب التهذيب "6/ 369"، وتقريب التهذيب "1/ 415"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4396"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".

ص: 349

‌1596 - أسد بن الفرات

(1)

:

الإمام العلامة القاضي الأمير مقدم المجاهدين أبو عبد الله الحراني، ثم المغربي.

مولده: بحران سنة أربع وأربعين ومائة. قاله: ابن ماكولا وقال غيره: سنة خمس.

ودخل القيروان مع أبيه في الجهاد وكان أبوه الفرات بن سنان من أعيان الجند.

روى أسد عن مالك بن أنس الموطأ، وعن يحيى بن أبي زائدة، وجرير بن عبد الحميد، وأبي يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن.

وغلب عليه علم الرأي وكتب علم أبي حنيفة.

أخذ عنه شيخه أبو يوسف، وقيل: إنه تفقه أولا على الإمام علي بن زياد التونسي.

قيل: إنه رجع من العراق فدخل على ابن وهب فقال: هذه كتب أبي حنيفة وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك فأبى، وتورع فذهب بها إلى ابن القاسم فأجابه بما حفظ عن مالك، وبما يعلم من قواعد مالك، وتسمى هذه المسائل: الأسدية.

وحصلت بإفريقية له رياسة وإمرة وأخذوا عنه وتفقهوا به.

وحمل عنه سحنون بن سعيد ثم ارتحل سحنون بالأسدية إلى ابن القاسم وعرضها عليه فقال ابن القاسم: فيها أشياء لا بد أن تغير وأجاب عن أماكن. ثم كتب إلى أسد بن الفرات: أن عارض كتبك بكتب سحنون فلم يفعل، وعز عليه فبلغ ذلك ابن القاسم فتألم وقال: اللهم لا تبارك في الأسدية فهي مرفوضة عند المالكية.

قال أبو زرعة الرازي: كان عند ابن القاسم نحو ثلاث مائة جلد مسائل عن مالك وكان

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 454" ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ص 182"، والعبر "1/ 364"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".

ص: 350

أسد من أهل المغرب سأل محمد بن الحسن عن مسائل ثم سأل ابن وهب فلم يجبه فأتى ابن القاسم فتوسع له، وأجاب بما عنده عن مالك، وبما يراه قال: والناس يتكلمون في هذه المسائل.

قال عبد الرحيم الزاهد: قدم علينا أسد فقلت: بم تأمرني؟ بقول مالك، أو بقول أهل العراق؟ فقال: إن كنت تريد الآخرة فعليك بمالك.

وقيل: نفذت نفقة أسد وهو عند محمد، فكلم فيه الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم.

وقد كان أسد ذا إتقان وتحرير لكتبه لقد بيعت كتب فقيه، فنودي عليها: هذه قوبلت على كتب الإفريقي فاشتروها ورقتين بدرهم.

وعن ابن القاسم أنه قال لأسد: أنا أقرأ في اليوم والليلة ختمتين فأنزل لك عن ختمة يعني: لاشتغاله به.

قال داود بن أحمد: رأيت أسدا يعرض التفسير فقرأ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] فقال: ويل أم أهل البدع يزعمون أن الله خلق كلاما يقول: أنا.

قلت: آمنت بالذي يقول: {إِنِّي أَنَا اللَّه} [القصص: 30] وبأن موسى كليمه سمع هذا منه ولكني لا أدري كيف تكلم الله؟.

مضى أسد أميرًا على الغزاة من قبل زيادة الله الأغلبي متولي المغرب فافتتح بلدًا من جزيرة صقلية وأدركه أجله هناك في ربيع الآخر، سنة ثلاث عشرة ومائتين.

وكان مع توسعه في العلم فارسًا بطلًا شجاعًا مقدامًا زحف إليه صاحب صقلية في مائة ألف وخمسين ألفًا قال رجل: فلقد رأيت أسدًا، وبيده اللواء يقرأ سورة يس، ثم حمل بالجيش فهزم العدو ورأيت الدم وقد سال على قناة اللواء وعلى ذراعه.

ومرض وهو محاصر سرقوسية

(1)

.

ولما ولاه صاحب المغرب الغزو قال: قد زدتك الإمرة وهي أشرف، فأنت أمير وقاض.

(1)

سرقوسة: أكبر مدينة بجزيرة صقلية كما ذكر ياقوت الحموي في "معجم البلدان".

ص: 351

‌1597 - أبو مسهر

(1)

: " ع"

عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر، الإمام شيخ الشام أبو مسهر بن أبي ذرامة الغساني الدمشقي الفقيه.

قرأ القرآن على: أيوب بن تميم وصدقة بن خالد وسويد بن عبد العزيز عن تلاوتهم على يحيى الذماري.

وقرأ القرآن أيضًا على سعيد بن عبد العزيز، ولازمه وسمع منه ومن عبد الله بن العلاء بن زبر وسعيد بن بشر، ومعاوية بن سلام، ومالك بن أنس ويحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر، ويحيى بن حمزة القاضي، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن مهاجر وإسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وخالد بن يزيد المري، وعدة. وأخذ بمكة عن ابن عيينة، وأخذ حرف نافع بن أبي نعيم عنه. وكان من أوعية العلم.

مولده سنة أربعين ومائة.

روى عنه: مروان بن محمد الطاطري، ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل، ومحمد بن عائذ، ودحيم وسليمان بن بنت شرحبيل وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو عبد الله البخاري، ولكن قل ما روى عنه وإسحاق الكوسج وعباس الترقفي، وأبو بكر الصغاني وأبو محمد الدارمي وأبو أمية الطرسوسي، ومحمد بن عوف وإبراهيم بن ديزيل وأبو حاتم الرازي، وإسماعيل بن عبد الله سمويه وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأبو زرعة النصري وهارون بن موسى الأخفش المقرئ، وعبد الرحمن بن الرواس الهاشمي وخلق سواهم.

قال دحيم: ولد في صفر سنة أربعين ومائة.

وقال أبو مسهر: قد رأيت الأوزاعي ورأيت ابن جابر وجالسته.

قال ابن سعد: كان أبو مسهر راوية سعيد بن عبد العزيز، وكان أشخص من دمشق إلى المأمون بالرقة فسأله عن القرآن فقال: هو كلام الله وأبى أن يقول: مخلوق. فدعا له

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 473"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1751"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 153"، وتاريخ بغداد "11/ 72"، والأنساب للسمعاني "9/ 148"، والكاشف "2/ ترجمة 3122"، والعبر "2/ 27، 35"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 379"، وتهذيب التهذيب "6/ 98"، وتقريب التهذيب "1/ 465"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3959"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 44".

ص: 352

بالنطع والسيف ليضرب عنقه فلما رأى ذلك، قال: مخلوق فتركه من القتل وقال: أما إنك لو قلت ذاك قبل السيف لقبلت منك ولكنك تخرج الآن فتقول: قلت ذاك فرقا من القتل فأمر بحبسه ببغداد في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة، ومات بعد قليل في الحبس في غرة رجب من السنة، فشهده قوم كثير من أهل بغداد.

قال أبو زرعة عن أبي مسهر: ولد لي ولد والأوزاعي حي وجالست سعيد بن عبد العزيز ثنتي عشرة سنة، وما كان أحد من أصحابي أحفظ لحديثه مني غير أني نسيت، وسمعت أبا مسهر يقول: كتب إلي أحمد بن حنبل لأكتب إليه بحديث أم حبيبة في مس الفرج.

قال أبو إسحاق الجوزجاني: سمعت يحيى بن معين يقول: الذي يحدث ببلد به "من هو" أولى بالتحديث منه أحمق وإذا رأيتني أحدث ببلد فيها مثل أبي مسهر فينبغي للحيتي أن تحلق. روى الفصل الثاني: أحمد بن أبي الحواري عن يحيى أيضًا.

محمد بن عائذ عن ابن معين قال: منذ خرجت من الأنبار إلى أن رجعت ما رأيت مثل أبي مسهر.

أبو حاتم: حدثنا أحمد بن أبي الحواري سمعت ابن معين يقول: ما رأيت منذ خرجت من بلادي أحدًا أشبه بالمشيخة الذين أدركتهم من أبى مسهر.

قال: فياض بن زهير سمعت يحيى بن معين يقول: كل من ثبت أبو مسهر من الشاميين فهو مثبت.

قال أبو زرعة الدمشقي: قال لي أحمد بن حنبل عندكم ثلاثة أصحاب حديث: الوليد ومروان بن محمد وأبو مسهر.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رحم الله أبا مسهر ما كان أثبته! وجعل يطريه.

قال أبو زرعة: رأيت أبا مسهر يحضر الجامع بأحسن هيئة في البياض والساج، والخف ويعتم على طويلة بعمامة سوداء عدنية.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي مسهر فقال: ثقة ما رأيت أفصح منه ممن كتبنا عنه هو وأبو الجماهر.

قال أبو الحسن محمد بن الفيض: خرج السفياني المعروف بأبي العميطر علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية، وأمه هي نفيسة بنت عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب،

ص: 353

في سنة خمس وتسعين، ومائة فولى أبا مسهر قضاء دمشق كرها ثم إنه تنحى عن القضاء لما خلع أبو العميطر.

قال محمد بن عوف الطائي: سمعت أبا مسهر يقول: قال لي سعيد بن عبد العزيز ما شبهتك في الحفظ إلَّا بجدك أبي ذرامة ما كان يسمع شيئًا إلَّا حفظه.

وقال أبو الجماهير محمد بن عثمان: ما رأيت بالشام مثل أبي مسهر.

قال العباس بن الوليد البيروتي: سمعت أبا مسهر يقول: لقد حرصت على علم الأوزاعي حتى كتبت عن ابن سماعة ثلاثة عشر كتابًا. حتى لقيت أباك الوليد فوجدت عنده علما لم يكن عند القوم.

قال ابن زنجويه: سمعت أبا مسهر يقول: عرامة الصبي في صغره زيادة في عقله في كبره.

قال ابن ديزيل: سمعت أبا مسهر ينشد:

هبك عمرت مثل ما عاش نوح

ثم لاقيت كل ذاك يسارا

هل من الموت لا أبا لك يد

أي حي إلى سوى الموت صارا

مبدأ محنة الإمام أبي مسهر:

قال علي بن عثمان النفيلي: كنا على باب أبي مسهر جماعة من أصحاب الحديث فمرض فعدناه، وقلنا: كيف أصبحت؟ قال: في عافية راضيًا عن الله ساخطًا على ذي القرنين كيف لم يجعل سدًا بيننا، وبين أهل العراق كما جعله بين أهل خراسان، وبين يأجوج ومأجوج فما كان بعد هذا إلَّا يسيرًا حتى وافى المأمون دمشق، ونزل بدير مران، وبنى القبة فوق الجبل فكان بالليل يأمر بجمر عظيم فيوقد، ويجعل في طسوت كبار تدلى من عند القبيبة بسلاسل، وحبال فتضيء لها الغوطة فيبصرها بالليل.

وكان لأبي مسهر حلقة في الجامع بين العشاءين عند حائط الشرقي فبينا هو ليلة إذ قد دخل الجامع ضوء عظيم فقال أبو مسهر: ما هذا؟ قالوا: النار التي تدلي من الجبل لأمير المؤمنين حتى تضيء له الغوطة فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 128، 129] وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون فرفع ذلك إلى المأمون فحقدها عليه، وكان قد بلغه أيضًا أنه كان على قضاء أبي العميطر.

ص: 354

فلما رحل المأمون أمر بحمل أبي مسهر إليه، فامتحنه بالرقة في القرآن.

قلت: قد كان المأمون بأسًا وبلاء على الإسلام.

أبو الدحداح أحمد بن محمد: حدثنا الحسن بن حامد النيسابوري حدثني أبو محمد سمعت أصبغ، وكان مع أبي مسهر هو وابن أبي النجا، خرجا معه يخدمانه فحدثني أصبغ: أن أبا مسهر دخل على المأمون بالرقة، وقد ضرب رقبة رجل، وهو مطروح فأوقف أبا مسهر في الحال فامتحنه فلم يجبه فأمر به فوضع في النطع ليضرب عنقه فأجاب إلى خلق القرآن، فأخرج من النطع فرجع عن قوله فأعيد إلى النطع فأجاب فأمر به أن يوجه إلى العراق، ولم يثق بقوله فما حذر، وأقام عند إسحاق بن إبراهيم يعني: نائب بغداد أيامًا لا تبلغ مائة يوم، ومات رحمه الله.

قال الحسن بن حامد: فحدثني عبد الرحمن عن رجل يكنى أبا بكر: أن أبا مسهر أقيم ببغداد ليقول قولا يبرئ فيه نفسه من المحنة، ويوقى المكروه فبلغني أنه قال في ذلك الموقف: جزى الله أمير المؤمنين خيرًا علمنا ما لم نكن نعلم، وعلم علمًا ما علمه من كان قبله وقال: قل: القرآن مخلوق وإلا ضربت عنقك، ألا فهو مخلوق. قال: فأرجو أن يكون له في هذه المقالة نجاة.

الصولي: حدثنا عون بن محمد عن أبيه قال: قال إسحاق بن إبراهيم: لما صار المأمون إلى دمشق ذكروا له أبا مسهر، ووصفوه بالعلم والفقه فأحضره فقال: ما تقول في القرآن؟ قال: كما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّه} [التوبة: 5] فقال: أمخلوق هو، أو غير مخلوق؟ قال: ما يقول أمير المؤمنين؟ قال: مخلوق قال: يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة، أو التابعين؟ قال: بالنظر واحتج عليه فقال: يا أمير المؤمنين! نحن مع الجمهور الأعظم أقول بقولهم والقرآن كلام الله غير مخلوق قال: يا شيخ! أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم هل اختتن؟ قال: ما سمعت في هذا شيئًا. قال: فأخبرني عنه أكان يشهد إذا زوج، أو تزوج؟ قال: ولا أدري قال: اخرج قبحك الله وقبح من قلدك دينه وجعلك قدوة.

قال أبو حاتم الرازي: ما رأيت أحدًا أعظم قدرًا من أبي مسهر كنت أراه إذا خرج إلى المسجد اصطف الناس يسلمون عليه، ويقبلون يده.

قال أحمد بن علي بن الحسن البصري: سمعت أبا داود السجستاني وقيل له: إن أبا مسهر كان متكبرًا في نفسه فقال: كان من ثقات الناس رحم الله أبا مسهر، لقد كان من

ص: 355

الإسلام بمكان حمل على المحنة فأبى، وحمل على السيف فمد رأسه وجرد السيف فأبى، فلما رأوا ذلك منه حمل إلى السجن فمات.

وقيل: عاش أبو مسهر تسعًا وسبعين سنة.

قال الذهلي: سمعت أبا مسهر يُنشد:

ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له

من الله في دار المقام نصيب

فإن تعجب الدنيا رجالًا فإنه

متاع قليل والزوال قريب

قال أبو حسان الزيادي وغيره: مات أبو مسهر في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين.

قلت: حديثه في الكتب الستة.

أخبرنا أحمد بن إسحاق الأبرقوهي أخبرنا أحمد بن يوسف والفتح بن عبد الله ببغداد قالا: أخبرنا محمد بن عمر الأرموي وأخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، وأخبرنا عمربن عبد المنعم، أنبأنا عبد الجليل بن مندويه أخبرنا نصر بن المظفر قالوا: أخبرنا أبو الحسين بن النقور أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي حدثنا يحيى بن معين. حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز: قال ابن عمر: وضوء على وضوء عشر حسنات.

قرأت على أحمد بن تاج الأمناء أخبركم مكرم بن محمد القرشي أخبرنا حمزة بن علي الثعلبي، أخبرنا الحسن بن أحمد بن أبي الحديد سنة اثنتين وثمانين، وأربع مائة "ح"، وأخبرنا أحمد بن هبة الله، وابن عمه عبد المنعم قالا: أخبرنا أبو طالب محمد بن عبد الله بن صابر وإبراهيم وعبد العزيز ابنا بركات الخشوعي قالوا: أخبرنا أبو المعالي بن صابر أخبرنا أبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي بن الموازيني، وأخوه أبو الفضل، وأبو طاهر الحنائي، وأبو القاسم الكلابي، وعلي بن طاهر النحوي قالوا كلهم: أخبرنا محمد بن علي بن سلوان المازني، أخبرنا أبو الفضل بن جعفر المؤذن، أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، حدثنا أبو مسهر حدثنا معاوية بن سلام سمعت جدي أبا سلام يحدث عن كعب الأحبار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائتي مرة غفرت ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر"

(1)

.

هذا خبر في إرسال وفيه انقطاع؛ لأن أبا سلام لم يلق كعبًا.

وفي تاريخ أبي زرعة: قلت لأبي مسهر: سمع معاوية بن سلام من جده؟ قال: نعم حدثني أنه سمع جده أبا سلام فذكر الحديث موقوفًا.

(1)

ضعيف بهذا اللفظ: فهو مرسل. لكن قد روى بلفظ صحيح عن أبي هريرة مرفوعا ولفظه: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". أخرجه البخاري "6405"، ومسلم "2691""28"، من طريق مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.

ص: 356

‌1598 - زينب

(1)

:

بنت الأمير سليمان عم المنصور العباسية التي ينسب إليها الزينبيون.

كانت طفلة مع أهلها بالحميمة

(2)

، ثم نشأت في السعادة، ورأت عدة خلفاء أولهم ابن عمها السفاح ثم المنصور ثم المهدي ثم الهادي ثم الرشيد ثم الأمين ثم المأمون، وطال عمرها، وولي أبوها وأخواها محمد وجعفر. روت عن: أبيها.

حدث عنها: ولدها عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام وعاصم بن علي، وأحمد بن الخليل بن مالك، ومحمد بن صالح القرشي، وعبد الصمد بن موسى العباسي، والمأمون وكان يكرمها ويجلها. وبقيت إلى سنة بضع عشرة ومائتين.

ويقال: عاشت إلى بعد المأمون وعمرت فطراد الزينبي

(3)

وأقاربه من ذرية عبد الله ولدها.

(1)

ترجمتها في تاريخ بغداد "14/ 435".

(2)

الحُمَيمة: مصغر "الحمة"، وهي من أعمال "عمان" في أطراف الشام كما قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان".

(3)

هو: طراد بن محمد بن علي بن حسن بن محمد، الشيخ الإمام الأنبل، مسند العراق نقيب النقباء، أبو الفوارس ابن أبي الحسن القرشي الهاشمي العباس الزينبي البغدادي.

قال السلفي: كان حنفيا من جلة الناس، وكبرائهم، ثقة ثبتا. مات في سلخ شوال، سنة إحدى وتسعين وأربع مائة. ستأتي ترجمته برقم "4447"، بالمجلد الثاني عشر من طبعتنا المباركة.

ص: 357

‌1599 - حبان بن هلال

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الحجة أبو حبيب الباهلي ويقال: الكناني البصري.

حدث عن: شعبة ومعمر بن راشد وسلم بن زرير وهمام بن يحيى وأبان بن يزيد، وجويرية بن أسماء وحماد بن سلمة وعدة.

حدث عنه: أحمد و إسحاق الكوسج وأحمد بن سعيد الدارمي وعبد بن حميد وأبو محمد الدرامي ومحمد بن الحسين الحنيني، ويعقوب الفسوي وخلق سواهم.

وكان قد قطع الرواية قبل موته بسنوات فلهذا لم يسمع منه البخاري ولا أبو حاتم.

وقد وثقه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل.

وقال محمد بن سعد: كان ثقة حجة ثبتًا امتنع من التحديث قبل موته. قال: ومات بالبصرة في شهر رمضان سنة ست عشرة ومائتين.

قال أحمد بن حنبل: حبان إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.

وقال بكار بن قتيبة: ما رأيت نحويا يشبه الفقهاء إلَّا حبان بن هلال والمازني.

قلت: كان حبان آخر من حدث عن معمر.

ومولده في حدود الثلاثين ومائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 299"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 381"، والكنى للدولابي "1/ 143"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1324"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 303"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 358"، والعبر "1/ 369"، والكاشف "1/ ترجمة 902"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 284"، وتهذيب التهذيب "2/ 170" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 217"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 492"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 1184"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 36".

ص: 358

‌1600 - طلق بن غنام

(1)

: " خ، (4) "

ابن طلق بن معاوية المحدث الحافظ ابن عم القاضي حفص بن غياث النخعي، الكوفي ونائبه على القضاء وكان كاتب الحكم لشريك القاضي.

سمع زائدة وشيبان، والمسعودي ومالك بن مغول، وهو أكبر شيخ له، وهمام بن يحيى وشريك بن عبد الله، وجماعة.

وعنه: البخاري، وأرباب السنن بواسطة، وأحمد بن حنبل وأبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة وأبو كريب وأبو أمية الطرسوسي وعباس الدوري، وعبد الله بن الحسين المصيصي وآخرون.

قال ابن سعد: ثقة صدوق مات في رجب سنة إحدى عشرة ومائتين.

وقال أبو داود: صالح الحديث.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 405"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 3142"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 645"و "3/ 216"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 2161"، والكاشف "2/ ترجمة 2511"، والعبر "1/ 360"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4026"، وتهذيب التهذيب "5/ 33"، وتقريب التهذيب "1/ 380"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3211"، وشذرات الذهب "2/ 27".

ص: 358

‌1601 - زبيدة

(1)

:

الست المحجبة أمة العزيز، وتكنى: أم جعفر بنت جعفر بن المنصور أبي جعفر العباسية والدة الأمين محمد بن الرشيد: قيل: لم تلد عباسية خليفة سواها.

وكانت عظيمة الجاه، والمال لها آثار حميدة في طريق الحج وجدها المنصور هو لقبها: زبيدة.

ومن حشمتها أنها لما حجت نابها بضعة وخمسون ألف ألف درهم.

وكان في قصرها من الجواري نحو من مائة جارية كلهن يحفظن القرآن.

وكان المأمون يبالغ في إجلالها. وقالت له مرة: لئن فقدت ابنا خليفة لقد عوضت ابنًا خليفة ألده، وما خسر من اعتاض مثلك. توفيت سنة ست عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 433"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 242"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 213".

ص: 359

‌1602 - عفان

(1)

: " ع"

ابن مسلم بن عبد الله مولى عزرة بن ثابت الأنصاري الإمام الحافظ، محدث العراق أبو عثمان البصري الصفار

(2)

بقية الأعلام.

ولد سنة أربع وثلاثين ومائة تحديدًا أو تقريبًا.

وسمع من: شعبة وهشام الدستوائي، وهمام والحمادين وصخر بن جويرية، وديلم بن غزوان، ووهيب بن خالد وسليمان بن المغيرة، والأسود بن شيبان وطبقتهم من مشيخة بلده واستوطن بغداد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 298"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 331"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 165"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1550"، وتاريخ بغداد "12/ 269"، والإكمال لابن ماكولا "6/ 220"، والكاشف "2/ ترجمة 3884"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5678"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 378"، وتهذيب التهذيب "7/ 230"، وتقريب التهذيب "2/ 25"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 2885" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 47".

(2)

الصَّفَّار: نسبة إلى بيع الأواني الصفرية المصنوعة من الصفر، وهو ضرب من النحاس.

ص: 359

حدث عنه: البخاري وحديثه في الكتب الستة بواسطة، وحدث عنه أيضًا: أحمد، وابن المديني، وابن معين وإسحاق والفلاس وابن أبي شيبة والذهلي، والقواريري وخلف بن سالم وابن سعد، وأبو خيثمة، والزعفراني، وابن نمير وأبو كريب وجعفر بن محمد بن شاكر، وهلال بن العلاء وأبو زرعة، وأبو حاتم وعبد الله بن أحمد الدورقي، وعلي بن عبد العزيز والحسن بن سلام السواق، وإبراهيم الحربي و إسحاق بن الحسن الحربي وخلق كثير.

قال أبو حاتم: ثقة إمام، وقال مرة أخرى: ثقة متقن متين.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: عفان يكنى أبا عثمان ثقة ثبت صاحب سنة، كان على مسائل معاذ بن معاذ القاضي فجعل له عشرة آلاف دينار على أن يقف عن تعديل رجل فلا يقول: عدل، ولا غير عدل فأبى، وقال: لا أبطل حقًا من الحقوق، وكان يذهب برقاع المسائل إلى الموضع البعيد يسأل فجاء يوما إلى معاذ بالرقاع، وقد تلطخت بالناطق فقال: أي شيء هذا؟ قال: إني أذهب إلى الموضع البعيد فأجوع فأخذت ناطفا جعلته في كمي أكلته.

الدغولي: حدثنا عبد الله بن جعفر بن خاقان المروزي قال: سمعت عمرو بن علي قال: جاءني عفان في نصف النهار فقال لي: عندك شيء نأكله؟ فما وجدت في منزلي خبزًا ولا دقيقًا، ولا شيئًا نشتري به فقلت: إن عندي سويق شعير فقال لي: أخرجه فأخرجته فأكل منه أكلًا جيدًا فقال: ألا أخبرك بأعجوبة؟ شهد فلان، وفلان عند القاضي معاذ بن معاذ بأربعة آلاف دينار على رجل فأمرني أن أسأل عنهما، فجاءني صاحب الدنانير فقال: لك نصفها وتعدل شاهدي فقلت: استحييت لك قال: وكان عفان على مسألة معاذ. قال: وقيل لمعاذ: ما تصنع بعفان وهو مغفل؟ فسكت فوجهه يوما في مسألة فذهب فسأل عنهم وجعل المسألة في كمه واشترى قبيطًا، وجعله في كمه وجاء فأخرج إلى معاذ المسألة وقد اختلط بها القبيط فضحك وقال من يلومني على عفان؟.

قال حنبل: حضرت أبا عبد الله، وابن معين عند عفان بعد ما دعاه إسحاق بن إبراهيم للمحنة، وكان أول من امتحن من الناس عفان فسأله يحيى من الغد بعد ما امتحن، وأبو عبد الله حاضر، ونحن معه فقال: أخبرنا بما قال لك إسحاق؟ قال: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك إني لم أجب فقال له: فكيف كان؟ قال: دعاني وقرأ علي الكتاب الذي كتب به المأمون من الجزيرة فإذا فيه: امتحن عفان وادعه إلى أن يقول: القرآن كذا وكذا فإن قال ذلك فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه

ص: 360

الذي يجري عليه وكان المأمون يجري على عفان كل شهر خمس مائة درهم، فلما قرأ علي الكتاب قال لي إسحاق: ما تقول؟ فقرأت عليه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} حتى ختمتها فقلت: أمخلوق هذا؟ فقال: يا شيخ! إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك إليه يقطع عنك ما يجري عليك فقلت: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، فسكت عني وانصرفت فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى.

قلت: هذه الحكاية تدل على جلالة عفان، وارتفاع شأنه عند الدولة فإن غيره امتحن، وقيد وسجن، وعفان فعلوا معه غير قطع الدراهم عنه.

قال القاسم بن أبي صالح: سمعت إبراهيم بن ديزيل يقول: لما دعي عفان للمحنة كنت آخذا بلجام حماره فلما حضر عرض عليه القول فامتنع أن يجيب فقيل له: يحبس عطاؤك قال: وكان يعطى في كل شهر ألف درهم فقال: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، فلما رجع إلى داره عذله نساؤه، ومن في داره قال: وكان في داره نحو أربعين إنسانا فدق عليه الباب فدخل عليه رجل شبهته بسمان، أو زيات ومعه كيس فيه ألف درهم فقال: يا أبا عثمان! ثبتك الله كما ثبت الدين وهذا في كل شهر.

حاجب الطوسي: حدثنا عبد الرحيم بن منيب قال: قال عفان: اختلف أنا، وفلان إلى حماد بن سلمة سنة لا نكتب شيئًا وسألناه الإملاء فلما أعياه دعا بنا إلى منزله فقال: ويحكم! تشلون

(1)

علي الناس قلنا: لا نكتب إلَّا إملاء فأملى بعد ذلك.

قال ابن معين: إذا اختلف أبو الوليد، وعفان عن حماد فالقول قول عفان، عفان أثبت منه وأكيس في كل شيء، وأبو الوليد ثقة ثبت، وعفان أثبت من أبي نعيم.

ابن الغلابي قال: ذكر لابن معين عفان، وثبته فقال: قد أخذت علية خطأه في غير حديث.

عمر بن أحمد الجوهري: سمعت جعفر بن محمد الصائغ قال: اجتمع علي بن المديني، وابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل وعفان: فقال عفان ثلاثة يضعفون في ثلاثة: علي في حماد بن زيد وأحمد في إبراهيم بن سعد، وأبو بكر في شريك فقال علي: ورابع معهم قال: من؟ قال: عفان في شعبة.

ثم قال الجوهري: وأربعتهم أقوياء ولكن هذا على المزاح.

(1)

تُشْلُونَ: أي تغرون.

ص: 361

قلت: ولأنهم كتبوا وهم صغار عن المذكورين.

قال أحمد بن حنبل: ما رأيت الألفاظ في كتاب أحد من أصحاب شعبة أكثر منها عند عفان يعني: أنبأنا، وأخبرنا وسمعت وحدثنا يعني: شعبة.

قال حنبل: سألت أبا عبد الله عن عفان فقال: عفان، وجبان وبهز: هؤلاء المتثبتون.

ثم قال: قال عفان: كنت أوقف شعبة على الأخبار قال: وعفان أضبطهم للأسامي.

قال أحمد بن أبي عوف: حدثنا حسن بن علي الحلواني: سمعت يحيى بن معين يقول كان عفان، وبهز وحبان يختلفون إلي فكان عفان أضبطهم للحديث، وأنكدهم عملت عليهم مرة في شيء فما فطن لي إلَّا عفان. وقال أبو داود: عفان أثبت من حبان.

قال حسان بن حسن المجاشعي: قال ابن المديني: قال عفان: ما سمعت من أحد حديثًا إلَّا عرضت عليه غير شعبة، فإنه لم يمكني أن أعرض عليه. وذكر عنده عفان يعني: عند علي فقال: كيف أذكر رجلًا يشك في حرف فيضرب على خمسة أسطر. وسمعت عليًا يقول: قال عبد الرحمن: أتينا أبا عوانة فقال: من على الباب؟ فقلنا: عفان وبهز، وحبان فقال: هؤلاء بلاء من البلاء قد سمعوا يريدون أن يعرضوا.

وقال أحمد: كان عفان يسمع بالغداة ويعرض بالعشي.

وقال الزعفراني: قلت لأحمد: من تابع عفان على كذا؟ فقال: وعفان يحتاج إلى متابع؟!

وقال أحمد: من يفلت من التصحيف؟ كان يحيى بن سعيد يشكل الحرف إذا كان شديدًا، وكان هؤلاء أصحاب الشكل: عفان وبهز وحبان.

قال يعقوب بن شيبة: سمعت يحيى بن معين يقول: أصحاب الحديث خمسة: مالك، وابن جريج والثوري وشعبة وعفان. عباس عن ابن معين قال: كان -والله -عفان أثبت من أبي نعيم في حماد بن سلمة.

محمد بن العباس النسائي: سألت ابن معين: من أثبت: عبد الرحمن بن مهدي، أو عفان؟ قال: عبد الرحمن أحفظ لحديثه وحديث الناس ولم يكن من رجال عفان في الكتاب وكان عفان أسن منه بسنتين.

وعن عفان عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن: أنهما اختلفا في حديث فبعثا يسألاني.

ص: 362

وقال القواريري: قال لي يحيى بن سعيد: ما أحد يخالفني في الحديث أشد علي من عفان.

محمد بن الحسن بن علي بن بحر: حدثنا الفلاس قال: رأيت يحيى يومًا حدث بحديث فقال له عفان: ليس هو هكذا فلما كان من الغد أتيت يحيى فقال: هو كما قال عفان، ولقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان.

قلت: هكذا كان العلماء فانظر يا مسكين كيف أنت عنهم بمعزل.

قال الزعفراني: رأيت يحيى بن معين يعرض على عفان ما سمعه من يحيى بن سعيد.

الحسن بن عبد الرحمن المقرئ: سمعت المعيطي يقول: عفان أثبت من يحيى بن سعيد القطان.

محمد بن عبد الرحمن بن فهم: سمعت ابن معين يقول: عفان أثبت من عبد الرحمن ما أخطأ عفان قط إلَّا مرة في حديث أنا لقنته إياه فأستغفر الله.

قال خلف بن سالم: ما رأيت من يحسن الحديث إلَّا عفان بن مسلم وبهز بن أسد.

قال يعقوب بن شيبة: عفان: ثقة ثبت متقن صحيح الكتاب قليل الخطأ.

وقال عبد الرحمن بن خراش: عفان: ثقة من خيار المسلمين.

وقال ابن المديني: عفان، وأبو نعيم لا أقبل قولهما في الرجال لا يدعون أحدًا إلَّا، وقعوا فيه يعني: أنه لا يختار قولهما في الجرح لتشديدهما فأما إذا وثقا أحدًا فناهيك به.

وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: لزمنا عفان عشر سنين وكان أثبت من ابن مهدي. وقال أبو حاتم: عفان: أمام ثقة متين متقن.

جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: سمعت عفان يقول: يكون عند أحدهم حديث فيخرجه بالمقرعة كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث، ما حدثت منها بألفين، وكتبت عن عبد الواحد بن زياد ستتة آلاف حديث ما حدثت منها بألف وكتبت عن وهيب أربعة آلاف ما حدثت منها بألف حديث.

قلت: ما فوق عفان أحد في الثقة وقد تناكد الحافظ ابن عدي بإيراده في كتاب الكامل لكنه أبدى أنه ذكره ليذب عنه، فإن إبراهيم بن أبي داود قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: أترى عفان كان يضبط عن شعبة؟ والله لو جهد جهده أن يضبط عنه حديثا واحدًا ما قدر عليه كان بطيئًا رديء الفهم.

ص: 363

ثم قال ابن عدي: عفان أشهر، وأوثق من أن يقال فيه شيء، ولا أعلم له إلَّا أحاديث مراسيل عن حماد بن سلمة وغيره وصلها، وأحاديث موقوفة رفعها وهذا مما لا ينقصه فإن الثقة قد يهم، وعفان كان قد رحل إليه أحمد بن صالح من مصر كانت رحلته إليه خاصة دون غيره.

الفسوي في تاريخه: قال سلمة بن شبيب: قلت لأحمد بن حنبل: طلبت عفان في منزله قالوا: خرج فخرجت أسأل عنه فقيل: توجه هكذا فجعلت أمضي أسأل عنه حتى انتهيت إلى مقبرة، وإذا هو جالس يقرأ على قبر بنت أخي ذي الرياستين فبزقت عليه وقلت: سوءة لك قال: يا هذا! الخبز الخبز! قلت: لا أشبع الله بطنك قال: فقال لي أحمد: لا تذكرن هذا فإنه قد قام في المحنة مقامًا محمودًا عليه ونحو هذا من الكلام.

قال الحسن الحلواني: قلت لعفان: كيف لم تكتب عن عكرمة بن عمار؟ قال: كنت قد ألححت في طلبه الحديث فأضر ذلك بي فحلقت لا أكتب الحديث ثلاثة أيام فقدم عكرمة في تلك الثلاثة الأيام فحدث ثم خرج.

ابن عدي: حدثنا زكريا الساجي حدثنا أحمد بن محمد البغدادي حدثنا عفان، حدثنا همام حدثنا قتادة عن الحسن عن أبي بكرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعاطى السيف مسلولًا، وكان بسام لقنه همامًا فلما فرغه قال له بسام: ما حدثكم بهذا همام، ولا حدثه قتادة همامًا. ففكر في نفسه وعلم أنه أخطأ فمد يده إلى لحية بسام، وقال: ادعوا لي صاحب الربع يا فاجر قال: فما خلصوه منه إلَّا بالجهد.

قال أبو حفص الفلاس: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا شعبة، وهشام عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس رفعه شعبة قال:"يقطع الصلاة الكلب والحمار، والمرأة". قال الفلاس: فقال له عفان: حدثنا همام عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن جابر بن زيد عن ابن عباس فبكى يحيى، وقال: اجترأت علي ذهب أصحابي خالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ.

قلت: مثل هذا يجوز أن يكون حدث به قتادة مرة عن جابر فدلسه كعوائده، ومرة رواه عن صالح، عن جابر أبي الشعثاء والله أعلم.

أنبأنا ابن علان: أخبرنا الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا العتيقي، حدثنا محمد بن العباس أخبرنا سليمان بن إسحاق الجلاب سمعت إيراهيم الحربي يقول: قال لي أبو خيثمة: كنت أنا، ويحيى بن معين عند عفان فقال لي: كيف تجدك؟ كيف كنت في سفرك؟

ص: 364

بر الله حجك فقلت: لم أحج قال: ما شككت أنك حاج. ثم قلت له: كيف تجدك يا أبا عثمان؟ قال: بخير الجارية تقول لي: أنت مصدع، وأنا في عافية فقلت: أيش أكلت اليوم؟ قال: أكلت أكلة رز، وليس أحتاج إلى شيء إلى غد، أو بالعشي آكل أخرى تكفيني لغد. قال إبراهيم الحربي: فلما كان بالعشي جئت إليه فنظرت إليه كما حكى أبو خيثمة فقال له إنسان: إن يحيى يقول: إنك قد اختلطت فقال: لعن الله يحيى أرجو أن يمتعني الله بعقلي حتى أموت. قال الحربي: يكون ساعة خوفا وساعة عقلًا.

أحمد بن أبي خيثمة: سمعت أبي، ويحيى يقولان: أنكرنا عفان في صفر لأيام خلون منه سنة تسع عشرة ومائتين، ومات بعد أيام.

قلت: كل تغير يوجد في مرض الموت فليس بقادح في الثقة، فإن غالب الناس يعتريهم في المرض الحاد نحو ذلك، ويتم لهم وقت السياق، وقبله أشد من ذلك، وإنما المحذور أن يقع الاختلاط بالثقة فيحدث في حال اختلاطه بما يضطرب في إسناده أو متنه فيخالف فيه.

وأما قوله: فتوفي بعد أيام من سنة تسع عشرة فوهم فإنه قد روي في الحكاية بعينها أن ذلك كان في سنة عشرين، وهذا هو الحق فإن عفان كاد أبو داود يلحقه، وإنما دخل أبو داود بغداد في سنة عشرين، وقد قال: شهدت جنازة عفان.

وقال البخاري: مات عفان في ربيع الآخر سنة عشرين ومائتين أو قبلها.

وقال مطين وابن سعد: مات سنة عشرين.

قلت: عاش خمسا وثمانين سنة رحمه الله.

أخبرنا شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر في جماعة إذنا قالوا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، حدثنا عفان بن مسلم حدثنا همام حدثنا قتادة حدثني أبو أيوب العتكي عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي دخل عليها يوم جمعة، وهي صائمة فقال:"أصمت أمس"؟. قالت: لا قال: "أتريدين أن تصومي غدا"؟. قالت: لا قال: "فأفطري"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1986"، وأبو داود "2422"، وأحمد "6/ 430" من طرق عن قتادة، به.

ص: 365

‌1603 - أحمد بن أبي خالد

(1)

:

الأحوال الكاتب، أبو العباس وزر للمأمون بعد الفضل بن سهل.

وكان جوادًا ممدحًا شهمًا، داهية سائسًا زعرًا.

قال له رجل: لقد أعطيت ما لم يعط رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويلك! ما هو؟ قال: إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك} [آل عمران: 159] وأنت فظ غليظ ولا ينفض من حولك.

وكان أبوه كاتبًا لوزير المهدي أصله من الأردن وقد ناب أحمد في الوزارة عن الحسن بن سهل.

قال الصولي: حدثنا القاسم بن إسماعيل، سمعت إبراهيم بن العباس يقول: بعثني أحمد بن أبي خالد إلى الأمير طلحة بن طاهر، وقال لي: قل له: ليست لك بالسواد قرية، وهذه ألف ألف درهم فاشترها بها قرية، والله لئن فعلت لتسرني، وإن أبيت لتغضبني.

فردها، وقال: أخذها غنم، والحال بيننا ترتفع عن مزيد الود، أو نقصه قال: فما رأيت أكرم منهما.

وقال أحمد بن أبي طاهر: كان أحمد عابسا مكفهرًا في وجه الخاص، والعام غير أن فعله كان حسنًا.

ومن كلام أحمد قال: من لم يقدر على نفسه بالبذل لم يقدر على عدوه بالقتل.

قلت: الشجاعة والسخاء أخوان فمن لم يجد بماله فلن يجود بنفسه.

مات أحمد بن أبي خالد: سنة اثنتي عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 302".

ص: 366

‌1604 - عمرو بن عاصم

(1)

: " ع"

الكلابي القيسي البصري الحافظ أحد الأثبات.

سمع جده، عبيد الله بن الوازع وشعبة وجرير بن حازم وهمام بن يحيى وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري وأبو محمد الدارمي، وعبد بن حميد، ويعقوب الفسوي، والكديمي وخلق كثير.

وثقه يحيى بن معين.

وقال النسائي: ليس به بأس.

قال إسحاق بن سيار: سمعته يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألف حديث.

قال البخاري: توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين.

قلت: هو معدود في كبار شيوخ البخاري، ولا يقع لنا حديثه في الأجزاء أعلى من كتاب الجامع الصحيح والله أعلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 305"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2620"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 345، 490"، "2/ 33"، والكنى للدولابي "2/ 26"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1381"، وتاريخ بغداد "12/ 202"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 391"، والكاشف "2/ ترجمة 4243"، والعبر "1/ 364"، والمغني "2/ ترجمة 4670"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6391"، وتهذيب التهذيب "8/ 55"، وتقريب التهذيب "2/ 72"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5320"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 29".

ص: 367

‌1605 - القَعْنَبِي

(1)

: " خ، م، د"

عبد الله بن مسلمة بن قعنب الإمام الثبت القدوة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الحارثي القعنبي المدني نزيل البصرة ثم مكة.

مولده بعد سنة ثلاثين ومائة بيسير.

وسمع من: أفلح بن حميد، وابن أبي ذئب وشعبة بن الحجاج، وأسامة بن زيد بن أسلم، وداود بن قيس الفراء، وسلمة بن وردان ويزيد بن إبراهيم التستري ومالك بن أنس، ونافع بن عمر الجمحي، والليث بن سعد والدراوردي، وإبراهيم ين سعد وإسحاق بن أبي بكر المدني، والحكم بن الصلت، وحماد بن سلمة وسليمان بن بلال وعيسى بن حفص بن عاصم بن عمر وسليمان بن المغيرة، وهشام بن سعد وعدة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 302"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 680"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 839"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 152"، والأنساب للسمعاني "10/ 208"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 326"، والكاشف "2/ ترجمة 3023"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 382"، وتهذيب التهذيب "6/ 31"، وتقريب التهذيب "1/ 451"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3821"، شذرات الذهب لابن العماد "2/ 49".

ص: 367

وعنه: البخاري ومسلم وأبو داود، والخريبي وهو من شيوخه، ومحمد بن سنجر الحافظ، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبو حاتم الرازي، وعبد بن حميد، وعمرو بن منصور النسائي، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن غالب تمتام وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن معاذ دران و إسحاق بن الحسن الحربي، ومعاذ بن المثنى وأبو مسلم الكجي، وأبو خليفة الجمحي، وخلق كثير.

وروى مسلم أيضًا وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائى حديثه بواسطة.

قال أبو زرعة الرازي: ما كتبت عن أحد أجل في عيني من القعنبي.

قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: القعنبي أحب إليك في الموطأ، أو إسماعيل بن أبي أويس؟ قال: بل القعنبي لم أر أخشع منه.

وروى عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني الواهي عن الميموني سمعت القعنبي يقول: اختلفت إلى مالك ثلاثين سنة ما من حديث في الموطأ إلَّا لو شئت قلت: سمعته مرارًا.

وعن عبد الصمد بن الفضل: ما رأت عيناي مثل أربعة: فذكر منهم القعنبي.

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا حنبل أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب، أحبرنا أبو بكر القطيعي حدثنا الفضل بن الحباب حدثنا القعنبي حدثنا شعبة حدثنا منصور عن ربعي عن أبي مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأول: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"

(1)

.

وروى محمد بن علي بن المديني عن أبيه قال: لا يقدم أحد من رواة الموطأ على القعنبي.

قلت: حد الولي الرسوخ في العلم والعمل مثل القعنبي.

وقال أبو حاتم: ثقة حجة لم أر أخشع منه سألناه أن يقرأ علينا الموطأ، فقال:

(1)

صحيح: أخرجه الطيالسي "621"، وأحمد "4/ 121، 122"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند""5/ 173"، والبخاري "3484"، وفي "الأدب المفرد""1316"، وأبو داود "4797"، وأبو نعيم في "الحلية""4/ 370"، والطبراني "17/ 651"، والبيهقي "10/ 192"، والقضاعي "1153"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق "83" من طريق شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن ابن مسعود، به.

ص: 368

تعالوا بالغداة فقلنا: لنا مجلس عند حجاج بن منهال. قال: فإذا فرغتم منه؟ قلنا: نأتي حينئذ مسلم بن إيراهيم قال: فإذا فرغتم؟ قلنا: نأتي أبا حذيفة النهدي. قال: فبعد العصر؟ قلنا: نأتي عارمًا أبا النعمان قال: فبعد المغرب؟ فكان يأتينا بالليل فيخرج علينا وعليه كبل

(1)

ما تحته شيء في الصيف فكان يقرأ علينا في الحر الشديد حينئذ.

قال يحيى بن معين: ما رأيت رجلا يحدث لله إلَّا وكيعا والقعنبي.

قال الحافظ أبو عمرو وأحمد بن محمد الحيري: سمعت أبي يقول: قلت للقعنبي: ما لك لا تروي عن شعبة غير هذا الحديث؟ قال: كان شعبة يستثقلني فلا يحدثني يعني حديث: "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".

والحديث يقع عاليًا في جزء الغطريف لابن البخاري.

قال عبد الله الخريبي -وكان كبير القدر-: حدثني القعنبي عن مالك وهو والله عندي خير من مالك.

قال عمرو بن علي الفلاس: كان القعنبي مجاب الدعوة.

وقال عثمان بن سعيد: سمعت علي بن المديني، وذكر أصحاب مالك فقيل له: معن ثم القعنبي قال: لا بل القعنبي ثم معن.

ويروى عن أبي سبرة المديني قال: قلت للقعنبي: حدثت، ولم تكن تحدث! قال: إني أريت كأن القيامة قد قامت فصيح بأهل العلم فقاموا، وقمت معهم فنودي بي: اجلس فقلت: إلهي! ألم أكن أطلب! قال: بلى، ولكنهم نشروا، وأخفيته قال: فحدثت.

وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: سمعتهم بالبصرة يقولون: عبد الله بن مسلمة من الأبدال.

وقال إسماعيل القاضي: كان القعنبي من المجتهدين في العبادة.

وقال الإمام ابن خزيمة: سمعت نصر بن مرزوق يقول: أثبت الناس في الموطأ: القعنبي وعبد الله بن يوسف بعده.

قال إسماعيل القاضي: كان القعنبي لا يرضي قراءة حبيب فما زال حتى قرأ لنفسه الموطأ على مالك.

(1)

الكَبْلُ: الفرو الكبير.

ص: 369

قال محمد بن سعد الكاتب: كان القنبعي عابدًا فاضلًا قرأ على مالك كتبه.

قال أبو بكر الشيرازي في كتاب الألقاب له: سمعت أبا إسحاق المستملي سمعت أحمد بن منير البلخي سمعت حمدان بن سهل البلخي الفقيه يقول: ما رأيت أحدًا إذا رؤي ذكر الله تعالي إلَّا القعنبي رحمه الله فإنه كان إذا مر بمجلس يقولون: لا إله إلَّا الله.

وقيل: كان يسمى الراهب لعبادته وفضيله.

وروى عبد الله بن أحمد بن الهيثم، عن جده قال: كنا إذا أتينا القعنبي خرج إلينا كأنه مشرف على جهنم.

قال محمد بن عبد الله الزهيري عن الحنيني قال: كنا عند مالك فقدم ابن قعنب من سفر فقال مالك: قوموا بنا إلى خير أهل الأرض.

وقال أبو عبد الله الحاكم: قال الدارقطني يقدم في الموطأ معن بن عيسى، وابن وهب والقعنبي ثم قال، وأبو مصعب ثقة في الموطأ.

وقد رويت حكاية في سماع القعنبي لذاك الحديث من شعبة لا تصح، وأنه هجم عليه بيته فوجده يبول في بلوعة فقال: حدثني فلامه وعنفه وقال: تهجم علي داري ثم تقول: حدثني وأنا على هذه الحالة؟! قال: إني أخشى الفوت فروى له الحديث في قلة الحياء وحلف أن لا يحدثه بسواه.

وفي الجملة: لم يدرك القعنبي شعبة إلَّا في آخر أيامه فلم يكثر عنه، وقد حدثه أفلح عن القاسم بن محمد، وأفلح أكبر من شعبة قليلًا.

وقد سمعت الموطأ بحلب، وبعلبك من رواية القعنبي عن مالك.

وهو أكبر شيخ لمسلم سمع منه في أيام الموسم في ذي الحجة سنة عشرين ولم يكثر عنه.

ومات القعنبي: في المحرم سنة إحدى وعشرين ومائتين.

قال محمد بن عمر بن لبابة الأندلسي: حدثنا مالك بن علي القرشي حدثنا القعنبي قال: دخلت على مالك فوجدته باكيًا فقلت: يا أبا عبد الله ما الذي يبكيك؟! قال: يا ابن قعنب! على ما فرط مني ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا الأمر بسوط، ولم يكن فرط مني ما فرط من هذا الرأي، وهذه المسائل قد كان لي سعة فيما سبقت إليه.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وجماعة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا

ص: 370

هبة الله بن الحصين أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا القعنبي حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة قالت:"طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت".

هذا حديث حسن عال. أخرجه: مسلم

(1)

عن القعنبي، وهو من أعلى شيء في صحيحه.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1189"، "32"، وأبو داود "1745"، من طريق القعنبي، به، وأخرجه أحمد "6/ 186"، والطحاوي "2/ 130" من طريق شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، به.

ص: 371

‌1606 - إسماعيل بن مسلمة

(1)

: " ق"

ومات أبو بشر إسماعيل بن مسلمة أخو القعنبي قبله في: سنة سبع عشرة بمصر.

روى عن: شعبة ووهيب والحمادين.

وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو يزيد القراطيسي، ويحيى بن عثمان بن صالح وخلق.

قال أبو حاتم: صدوق.

ولهما إخوة وهم: يحيى وعبد الملك وعبد العزيز وليسوا بالمشهورين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 80"، والكاشف "1/ ترجمة 413"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 953"، وتهذيب التهذيب "1/ 335".

ص: 371

‌1607 - عارم

(1)

: " ع"

محمد بن الفضل الحافظ الثبت الإمام أبو النعمان السدوسي البصري.

ولد: سنة نيف وأربعين ومائة.

وسمع: حماد بن سلمة، وجرير بن حازم، وثابت بن يزيد الأحول وداود بن أبي الفرات، ومهدي بن ميمون وعمارة بن زاذان وأبا هلال محمد بن سليم، ومحمد بن راشد المكحولي، وقزعة بن سويد ووهيبًا، وعبد الوارث وأبا عوانة، وعبد الواحد بن زياد وخلقًا.

وعنه: البخاري وأحمد بن حنبل، وعبد بن حميد ومحمد بن يحيى وسليمان ين سيف، والكديمي ويعقوب الفسوي وابن وارة، وأبو الأحوص العكبري، وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.

قال الذهلي: حدثنا محمد بن الفضل عارم، وكان بعيدًا من العرامة.

وقال ابن وارة: حدثنا عارم الصدوق المأمون.

وقال أبو علي الزريقي: حدثنا عارم قبل أن يختلط.

وقال البخاري: تغير في آخر عمره.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: إذا حدثك عارم فاختم عليه عارم لا يتأخر عن عفان، وكان سليمان بن حرب يقدم عارمًا على نفسه إذا خالفه في شيء، ويرجع إلى ما يقول عارم، وهو أثبت أصحاب حماد بن زيد بعد عبد الرحمن بن مهدي، وقال: عارم أحب إلي من أبي سلمة.

ثم قال: اختلط عارم في آخر عمره، وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه سنة أربع عشرة ولم أسمع منه بعد ما اختلط، فمن سمع منه قبل سنة عشرين، ومائتين فسماعه جيد قال: وأبو زراعة لقيه سنة اثنتين وعشرين.

وسئل أبو حاتم عن عارم فقال: ثقة.

وروى الحسين بن عبد الله الذراع، عن أبي داود قال: بلغنا أن عارمًا أنكر سنة ثلاث عشرة ثم راجعه عقله، واستحكم به الاختلاط سنة ست عشرة ومائتين.

مات عارم سنة أربع وعشرين في صفر.

أبو عبيد عن أبي داود قال: كنت عند عارم فحدث عن حماد عن هشام عن أبيه: أن ماعزًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر. فقلت له: حمزة الأسلمي بدل ماعز فقال: يا بني ماعز لا يشقى به جليسه يعني أن عارما قال هذا وقد زال عقله.

قلت: فرج عنا الدارقطني في شأن عارم فقال: تغير بأخرة وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر وهو ثقة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 305"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 654"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 267"، والمجروحين لابن حبان "2/ 294"، والعبر "1/ 392"، والكاشف "3/ ترجمة 5197"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8057"، وتهذيب التهذيب "9/ 402"، وتقريب التهذيب "2/ 200"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6590"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 55".

ص: 372

فانظر قول أمير المؤمنين في الحديث أبي الحسن فأين هذا من قول ذاك الخساف المتفاصح أبي حاتم بن حبان في عارم فقال: اختلط في آخر عمره، وتغير حتى كان لا يدري ما يحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل، ولا يحتج بشيء منها.

قلت: فأين ما زعمت من المناكير الكثيرة؟ فلم يذكر منها حديثًا بلى له عن حماد عن حميد الطويل عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار، ولو بشق تمرة"

(1)

، وقد كان حدث به من قبل عن الحسن بدل أنس مرسلًا، وهو أشبه وكذا رواه عفان وغيره عن حماد.

قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: جئت عارما فطرح لي حصيرًا على الباب، وخرج وقال: مرحبًا أيش كان خبرك ما رأيتك منذ مدة، وما كنت جئته قبلها ثم قال لي: قال ابن المبارك:

أيها الطالب علمًا

إيت حماد بن زيد

فاستفد حلمًا وعلمًا

ثم قيده بقيد

والقيد بقيد وجعل يشير بيده على أصبعه مرارًا فعلمت أنه اختلط.

وقال العقيلي: سماع علي بن عبد العزيز البغوي من عارم سنة سبع عشرة ومائتين.

قال سليمان بن حرب: إذا ذكرت أبا النعمان فاذكر أيوب وابن عون.

قال العقيلي: قال لي جدي: ما رأيت بالبصرة شيخًا أحسن صلاة من عارم كانوا يقولون: أخذ الصلاة عن حماد بن زيد عن أيوب قال: وكان عارم أخشع من رأيت رحمه الله.

قلت: لم يأخذ عنه أبو داود لتغيره، والذي ينبغي أن من خلط في كلامه كتخليط السكران أن لا يحمل عنه البتة، وأن من تغير لكثرة النسيان أن لا يؤخذ عنه.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه في كتابه أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن

(1)

صحيح: أخرجه البزار "934" حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن الفضل، حدثنا حماد بن سلمة، به.

وقال البزار: لا نعلم رواه هكذا إلا محمد بن الفضل، وأخرجه الطيالسي "1039"، وأحمد "4/ 256"، والبخاري "1413"، "3595"، والنسائي "5/ 75"، والطبراني "17/ 220، 223 - 225" من طريق محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم، به مرفوعا.

ص: 373

محمد أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي أخبرنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا عارم حدثنا سعيد بن زيد عن علي بن الحكم، عن أبي نضرة: عن أبي سعيد قال: "نهي أن يشرب الرجل وهو قائم، وأن يلتقم فم السقاء فيشرب منه".

هذا حديث صالح الإسناد وعلي بن الحكم روى له البخاري، ووثق.

قال محمد بن المنذر شكر عن بعض شيوخه قال: كنت عند عبد الرزاق، وبقيت علي بقية، وأردت السفر فقلت له فانتهرني. فرحت مغمومًا فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي أراك مغمومًا"؟. قلت: يا رسول الله! سألت عبد الرزاق أن يقرأ علي فزبرني فقال: إن أردت أن تكتب العلم لله فاكتب عن القعنبي، ومحمد بن الفضل السدوسي وعبد الله بن رجاء الغداني ومحمد بن يوسف الفريابي". فأصبحت، وحكيت الرؤيا فقال عبد الرزاق: شكوتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هات حتى أقرأ عليك. قلت: لا والله ثم لحقت بأولئك فكتبت عنهم.

ص: 374

‌1608 - عبدان

(1)

: " خ"

الإمام الحافظ محدث مرو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد ميمون -أو أيمن- الأزدي العتكي مولاهم المروزي، أخو المحدث عبد العزيز شاذان، وهما سبطا شيخ مكة عبد العزيز بن أبي رواد.

ولد سنة نيف وأربعين ومائة.

وسمع من: شعبة حديثًا واحدًا، وسمع من: أبيه عن شعبة شيئًا كثيرًا. ومن: أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، ومالك بن أنس وعيسى بن عبيد، وعبد الله بن المبارك، وحماد بن زيد، ويزيد بن زريع، وخلق كثير بخراسان، والعراق والحجاز.

حدث عنه: البخاري كثيرًا وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي بواسطة، وأحمد بن شبويه، وأحمد بن سيار ومحمد بن علي بن الحسن بن شقيق، والعباس بن مصعب، وأبو الموجهمحمد بن عمرو، والقاسم بن محمد بن الحارث المروزي وأبو علي

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 449"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 213"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 518"، والأنساب للسمعاني "8/ 345"، والكاشف "2/ ترجمة 2880"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 402"، والعبر "1/ 382"، وتهذيب التهذيب "5/ 313"، وتقريب التهذيب "1/ 432" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3651"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 49، 249".

ص: 374

محمد بن يحيى السكري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبيد الله بن واصل ويعقوب الفسوي، ومحمد بن عمرو قشمرد وخلق سواهم. وكان ثقة مجودًا.

قال أحمد بن عبدة الآملي: تصدق عبدان في حياته بألف ألف درهم، وكتب كتب ابن المبارك بقلم واحد.

قال: وقال عبدان: ما سألني أحد حاجة إلَّا قمت له بنفسي فإن تم وإلا قمت له بمالي فإن تم، وإلا استعنت بالإخوان فإن تم وإلا استعنت بالسلطان.

وعن أحمد بن حنبل: ما بقي إلَّا الرحلة إلى عبدان بخراسان.

قال أبو عبد الله الحاكم: هو إمام بلده في الحديث سمع من شعبة أحاديث دون العشرة، ولم يعقب ورثه أخوه، وقد ولاه ابن طاهر قضاء الجوزجان ثم استعفى فأعفي.

قلت: وكذا قال العباس بن مصعب: إنه سمع من شعبة دون العشرة.

قال أبو سعد السمعاني: دخلت بروجرد فقدت أنسخ في جزء بجامعها، وإلى جانبي شيخ فقال: ما تكتب؟ فتبرمت بسؤاله وقلت: الحديث قال: حديث من؟ قلت: من رواية أهل مرو قال: من تعرف من علماء الحديث بمرو؟ قلت: عبدان، وصدقة بن الفضل وابن منير فقال: وما اسم عبدان؟ قلت: عبد الله بن عثمان ثم نظرت إليه بعين الأدب معه فقال: ولم لقب عبدان؟ فقلت: يفيدنا الشيخ. قال: وجود عبد في اسمه وفي كنيته فلقب بهما على التثنية فقلت: عمن يأثره الشيخ؟ قال: عن شيخنا محمد بن طاهر المقدسي.

قلت: توفي عبدان في شعبان سنة إحدى وعشرين ومائتين عن ست وسبعين سنة.

ص: 375

‌1609 - المأمون

(1)

:

الخليفة أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي.

ولد سنة سبعين ومائة.

وقرأ العلم والأدب والأخبار، والعقليات وعلوم الأوائل، وأمر بتعريب كتبهم وبالغ وعمل الرصد فوق جبل دمشق، ودعا إلى القول بخلق القرآن، وبالغ نسأل الله السلامة.

وسمع من: هشيم، وعبيد بن العوام ويوسف بن عطية وأبي معاوية وطائفة.

روى عنه: ولده الفضل، ويحيى بن أكثم، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وعبد الله بن طاهر الأمير، ودعبل الشاعر وأحمد بن الحارث الشيعي.

وكان من رجال بني العباس حزمًا، وعزمًا ورأيًا وعقلًا، وهيبة وحلمًا ومحاسنه كثيرة في الجملة.

قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض ربعة حسن الوجه تعلوه صفرة قد وخطه الشيب، وكان طويل اللحية أعين ضيق الجبين على خده شامة.

أتته وفاة أبيه وهو بمرو سائرا لغزو ما وراء النهر، فبايع من قبله لأخيه الأمين ثم جرت بينهما أمور وخطوب، وبلاء وحروب تشيب النواصي. إلى أن قتل الأمين، وبايع الناس المأمون في أول سنة ثمان وتسعين ومائة.

قال الخطبي: كنيته أبو العباس فلما استخلف اكتنى بأبي جعفر، واسم أمه: مراجل ماتت في نفاسها به.

قال: ودعي له بالخلافة في آخر سنة خمس وتسعين إلى أن قتل الأمين فاجتمع الناس عليه فاستعمل على العراق الحسن بن سهل ثم بايع بالعهد لعلي بن موسى الرضى ونوه بذكره، ونبذ السواد وأبدله بالخضرة فهاجت بنو العباس، وخلعوا المأمون ثم بايعوا عمه إبراهيم بن المهدي، ولقبوه المبارك وعسكروا فحاربهم الحسن بن سهل فهزموه فتحيز إلى واسط ثم سار جيش المأمون عليهم حميد الطوسي، وعلي بن هشام فالتقوا إبراهيم فهزموه فاختفى زمانًا وانقطع خبره إلى أن ظفر به بعد ثمان سنين فعفا عنه المأمون.

وكان المأمون عالما فصيحا مفوها، وكان يقول: معاوية بن أبي سفيان بعمره، وعبد الملك بحجاجه وأنا بنفسي وقد رويت هذه أن المنصور قالها.

وعن المأمون أنه تلا في رمضان ثلاثا وثلاثين ختمة.

الحسين بن فهم: حدثنا يحيى بن أكثم قال لي المأمون: أريد أن أحدث. قلت: ومن

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 247"، وتاريخ بغداد "10/ 183"، والنجوم الزاهرة "2/ 225"، وشذرات الذهب "2/ 39".

ص: 376

أولى بهذا منك؟ قال: ضعوا لي منبرًا ثم صعد قال: فأول ما حدثنا عن هشيم عن أبي الجهم، عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا:"امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار"

(1)

. ثم حدث بنحو من ثلاثين حديثًا، ونزل فقال: كيف رأيت أبا يحيى مجلسنا؟ قلت: أجل مجلس تفقه الخاصة، والعامة قال: ما رأيت له حلاوة إنما المجلس لأصحاب الخلقان والمحابر.

أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: تقدم رجل غريب بيده محبرة إلى المأمون فقال: يا أمير المؤمنين! صاحب حديث منقطع به فقال: ما تحفظ في باب كذا وكذا؟ فلم يذكر شيئًا فقال: حدثنا هشيم، وحدثنا يحيى وحدثنا حجاج بن محمد حتي ذكر الباب، ثم سأله عن باب آخر فلم يذكر شيئًا فقال: حدثنا فلان، وحدثنا فلان ثم قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام ثم يقول: أنا من أصحاب الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم.

قلت: وكان جواد ممدحًا معطاء ورد عنه أنه فرق في جلسة ستة وعشرين ألف ألف درهم وكان يشرب نبيذ الكوفة. وقيل: بل يشرب الخمر، فالله أعلم.

وقيل: إنه أعطى أعرابيًا مدحه ثلاثين ألف دينار.

مسروق بن عبد الرحمن الكندي: حدثني محمد بن المنذر الكندي جار لعبد الله بن إدريس قال: حج الرشيد فدخل الكوفة فلم يتخلف إلَّا ابن إدريس، وعيسى بن يونس فبعث إليهما الأمين، والمأمون فحدثهما ابن إدريس بمائة حديث فقال المأمون: يا عم! أتأذن لي أن أعيدها حفظًا؟ قال: افعل فأعادها فعجب من حفظه، ومضيًا إلى عيسى فحدثهما فأمر له المأمون بشعرة آلاف درهم فأبى وقال: ولا شربة ماء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

روى محمد بن عون عن ابن عيينة: أن المأمون جلس فجاءته امرأة فقالت: مات أخي وخلف ست مائة دينار فأعطوني دينارًا واحدًا، وقالوا: هذا ميراثك. فحسب

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 228"، وابن حبان في "المجروحين""3/ 150"، وابن عدي في "الكامل""7/ 300" من طريق هشيم، عن أبي الجهم، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو الجهم، قال: ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد.

وقال أبو زرعة: واه. وقال أحمد: مجهول. وقال ابن عدي: منكر الحديث، ويقال: اسمه صبيح بن القاسم.

ص: 377

المأمون وقال: هذا خلف أربع بنات. قالت: نعم قال: لهن أربع مائة دينار. قالت: نعم قال: وخلف أما فلها مائة دينار، وزوجة لها خمسة وسبعون دينارا بالله ألك اثنا عشر أخًا؟ قالت: نعم قال: لكل واحد ديناران ولك دينار.

قال ابن الأعرابي: قال لي المأمون: خبرني عن قول هند بنت عتبة:

نحن بنات طارق

نمشي على النمارق

من هو طارق؟ فنظرت في نسبها فلم أجده فقلت: لا أعرف قال: إنما أرادت النجم انتسبت إليه لحسنها ثم دحا إلي بعنبرة بعتها بخمسة آلاف درهم.

عن المأمون: من أراد أن يكتب كتابًا سرًا فليكتب بلبن حلب لوقته، ويرسله فيعمد إلى قرطاس فيحرقه، ويذر رماده على الكتابة فيقرأ له.

قال الصولي: اقترح المأمون في الشطرنج أشياء، وكان يحب اللعب بها ويكره أن يقول: نلعب بها بل نتناقل بها.

وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة يوم الثلاثاء، فجاء رجل قد شمر ثيابه، ونعله في يده فوقف على طرف البساط، وقال: السلام عليكم فرد المأمون فقال: أتاذن لي في الدنو قال: ادن وتكلم قال: أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت فيه جلسته باجتماع الأمة أم الغلبة والقهر؟ قال: لا بهذا ولا بهذا بل كان يتولى أمر الأمة من عقد لي ولأخي، فلما صار الأمر إلي علمت أني محتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين على الرضى بي، فرأيت أني متى خليت الأمر اضطرب حبل الإسلام، ومرج عهدهم وتنازعوا وبطل الحج والجهاد، وانقطعت السبل فقمت حياطة للمسلمين إلى أن يجمعوا على من يرضونه فأسلم إليه. فقال: السلام عليك ورحمة الله، وذهب فوجه المأمون من يكشف خبره فرجع فقال: مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلًا في هيئته فقالوا: لقيت الرجل؟ قال: نعم وأخبرهم بما جرى فقالوا: ما نرى بما قال بأسًا، وافترقوا. فقال المأمون: كفينا مؤنة هؤلاء بأيسر الخطْب.

وقيل: إن المأمون استخرج كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرس وقدم دمشق مرتين.

قال أبو معشر المنجم: كان أمارًا بالعدل محمود السيرة ميمون النقيبة، فقيه النفس يعد من كبار العلماء.

ص: 378

وروي عن الرشيد قال: إني لأعرف في عبد الله بن حزم المنصور، ونسك المهدي وعزة الهادي ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع يعني: نفسه لفعلت، وقد قدمت محمدًا عليه وإني لأعلم أنه منقاد إلى هواه مبذر لما حوته يداه يشارك في رأيه الإماء، ولولا أم جعفر وميل الهاشميين إليه لقدمت عليه عبد الله.

عن المأمون قال: لو عرف الناس حبي للعفو لتقربوا إلي بالجرائم، وأخاف أن لا أوجر فيه.

وعن يحيى بن أكثم: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا. قيل: مر ملاح فقال: أتظنون أن هذا ينبل عندي، وقد قتل أخاه الأمين؟ فسمعها المأمون فتبسم، وقال: ما الحيلة حتى أنبل في عين هذا السيد الجليل؟.

قيل: أهدى ملك الروم للمأمون نفائس، منها مائة رطل مسك، ومائة حلة سمور فقال المأمون: أضعفوها له ليعلم عز الإسلام.

وقيل: أدخل خارجي على المأمون فقال: ما حملك على الخلاف؟ قال: قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون} [المائدة: 44]، قال: ألك علم بأنها منزلة؟ قال: نعم قال: وما دليلك؟ قال: إجماع الأمة قال: فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل فارض بإجماعهم في التأويل. قال: صدقت السلام عليك يا أمير المؤمنين!.

الغلابي: حدثنا مهدي بن سابق قال: دخل المأمون ديوان الخراج فرأى غلامًا جميلًا على أذنه قلم فأعجبه جماله فقال: من أنت؟ قال: الناشئ في دولتك، وخريج أدبك والمتقلب في نعمتك يا أمير المؤمنين حسن بن رجاء فقال: يا غلام! بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول. ثم أمر برفع رتبته، وأمر له بمائة ألف.

وعن المأمون قال: أعياني جواب ثلاثة:

صرت إلى أم ذي الرياستين الفضل بن سهل أعزيها فيه، وقلت: لا تأسي عليه فإني عوضه لك قالت: يا أمير المؤمنين! وكيف لا أحزن على ولد أكسبني مثلك.

قال: وأتيت بمتنبئ فقلت: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران قلت: ويحك! موسى كانت له آيات فائتني بها حتى أومن بك قال: إنما أتيت بالمعجزات فرعون فإن قلت: أنا ربكم الأعلى كما قال أتيتك بالآيات.

وأتى أهل الكوفة يشكون عاملهم فقال خطيبهم: هو شر عامل أما في أول سنة، فبعنا

ص: 379

الأثاث والعقار، وفي الثانية بعنا الضياع، وفي الثالثة نزحنا وأتيناك. قال: كذبت بل هو محمود وعرفت سخطكم على العمال قال: صدقت يا أمير المؤمنين! وكذبت قد خصصتنا به مدة دون باقي البلاد فاستعمله على بلد آخر. ليشملهم من عدله وإنصافه ما شملنا فقلت: قم في غير حفظ الله قد عزلته.

أول قدوم المأمون من خراسان سنة أربع، ومائتين فدخل بغداد في محمل لم يسمع بمثله.

قال إبراهيم نفطويه: حكى داود بن علي عن يحيى بن أكثم قال: كنت عند المأمون، وعنده قواد خراسان، وقد دعا إلى القول بخلق القرآن فقال لهم: ما تقولون في القرآن؟ فقالوا: كان شيوخنا يقولون: ما كان فيه من ذكر الحمير، والجمال والبقر فهو مخلوق فأما إذ قال أمير المؤمنين: هو مخلوق فنحن نقول: كله مخلوق فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء?

قلت: وكان شيعيًا.

قال نفطويه: بعث المأمون مناديا فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية، أو ذكره بخير، وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة، ومائتين فأنكر الناس ذلك واضطربوا، ولم ينل مقصوده ففتر إلى وقت.

وعن المأمون قال: الناس ثلاثة: رجل منهم مثل الغذاء لا بد منه، ومنهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالداء مكروه على كل حال.

وعنه قال: لا نزهة ألذ من النظر في عقول الرجال.

وعنه: غلبة الحجة أحب إلي من غلبة القدرة.

وعنه: الملك يغتفر كل شيء إلَّا القدح في الملك وإفشاء السر والتعرض للحرم.

وعنه: أعيت الحيلة في الأمر إذا أقبل أن يدبر وإذا أدبر أن يقبل.

وقيل له: أي المجالس أحسن؟ قال: ما نظر فيه إلى الناس فلا منظر أحسن من الناس.

أبو داود المصاحفي: حدثنا النضر بن شميل قال: دخلت على المأمون فقلت: إني قلت اليوم هذا:

أصبح ديني الذي أدين به

ولست منه الغداة معتذرا

حب علي بعد النبي ولا

أشتم صديقه ولا عمرا

ص: 380

وابن عفان في الجنان مع ال

أبرار ذاك القتيل مصطبرا

وعائش الأم لست أشتمها

من يفتريها فنحن منه برا

قيل: إن المأمون لتشيعه أمر بالنداء بإباحة المتعة متعة النساء فدخل عليه يحيى بن أكثم، فذكر له حديث علي رضي الله عنه بتحريمها، فلما علم بصحة الحديث رجع إلى الحق، وأمر بالنداء بتحريمها.

أما مسألة القرآن فما رجع عنها، وصمم على امتحان العلماء في سنة ثماني عشرة، وشدد عليهم فأخذه الله.

وكان كثير الغزو وفي ثاني سنة من خلافته: خرج عليه بالكوفة محمد بن طباطبا العلوي يدعو إلى الرضا من آل محمد والعمل بالسنة، وكان مدير دولته أبو السرايا الشيباني، ويسرع الناس إليه وبادر إليه الأعراب. فالتقاه عسكر المأمون عليهم زهير بن المسيب فانهزموا، وقوي أمر العلوي ثم أصبح ميتًا فجأة فقيل: سمه أبو السرايا، وأقام في الحال مكانة أمرد علويًا ثم تجهز لحربهم جيش فكسروا، وقتل مقدمهم عبدوس المروروذي، وقوي الطالبيون، وأخذوا واسطًا والبصرة، وعظم الخطب ثم حشد الجيش عليهم هرثمة وجرت فصول طويلة، والتقوا غير مرة ثم هرب أبو السرايا والطالبيون من الكوفة، ثم قتل أبو السرايا سنة مائتين وهاجت العلوية بمكة وحاربوا، وعظم هرثمة بن أعين وأعطي إمرة الشام، فلم يرض بها وذهب إلى مرو فقتلوه.

ثم في سنة إحدى ومائتين: جعل المأمون ولي عهده عليا الرضا، ولبس الخضرة، وثارت العباسية، فخلعوه، وفيها تحرك بابك الخرمي بأذربيجان وقتل وسبى، وذكر الرضا للمأمون ما الناس فيه من الحرب والفتن منذ قتل الأمين، وبما كان الفضل بن سهل يخفيه عنه من الأخبار، وأن أهل بيته قد خرجوا ونقموا أشياء، ويقولون: هو مسحور، وهو مجنون قال: ومن يعرف هذا؟ قال: عدة من أمرائك فاسألهم. فأبوا أن ينطقوا إلَّا بأمان من الفضل فضمن ذلك فبينوا له، وأن طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعتك وفتح الأمصار، وقاد إلى أمير المؤمنين الخلافة ثم أخرج من ذلك كله، وصير في الرقة ولو كان على العراق حاكمًا لضبطها بخلاف الحسن بن سهل. وقالوا له: فسر إلى العراق فلو رآك القواد لأذعنوا بالطاعة فقال: سيروا فلما علم الفضل ضرب بعضهم وحبس آخرين وما أمكن المأمون مبادرته، فسار من مرو الى سرخس فشد قوم علي الفضل، فقتلوه في حمام في شعبان سنة اثنتين ومائتين عن ستين سنة، فجعل المأمون لمن جاء بقاتليه عشرة آلاف

ص: 381

دينار وكانوا أربعة من مماليك المأمون فقالوا: أنت أمرتنا بقتله فأنكر، وضرب أعناقهم.

وضعف أمر إبراهيم بن المهدي بعد محاربة وبلاء.

وفي سنة 203: مات الرضى فجأة.

وفي سنة أربع: وصل المأمون فتلقاه إلى النهروان بنو العباس، وبنو أبي طالب، وعتبوا عليه في لبس الخضرة فتوقف ثم أعاد السواد.

وفيها: التقى يحيى بن معاذ أمير الجزيرة بابك الخرمي، وولي طاهر جميع خراسان، وأمر له بعشرة آلاف ألف درهم.

وفيها -أعني: سنة 205: نصر المسلمون على بابك وبيتوه.

وفي سنة سبع: خرج باليمن علوي فأمنه المأمون وقدم.

ومات طاهر، ويقال: إنه كان قد قطع دعوة المأمون قبل موته وخرج فقام بعده ابنه طلحة فولاه المأمون خراسان، فبقي سبعة أعوام ومات فوليها أخوه عبد الله بن طاهر.

وكانت الحروب شديدة بين عسكر الإسلام، وبين بابك وظهر باليمن الصناديقي، وقتل وسبى وادعى النبوة ثم هلك بالطاعون.

وخرج حسن أخو طاهر بن الحسين بكرمان فظفر به المأمون وعفا عنه.

وكان المأمون يجل أهل الكلام، ويتناظرون في مجلسه وسار صدقة بن علي لحرب بابك فأسره بابك، وتمرد، وعتا.

وفي سنة عشر: دخل المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل بواسط وأقام عندها بجيشه سبعة عشر يومًا فكانت نفقة الحسن على العرس، وتوابعه خمسين ألف ألف درهم فملكه المأمون مدينة، وأعطاه من المال خمس مائة ألف دينار.

وفي سنة إحدى عشرة: قهر بن طاهر المتغلبين على مصر وأسر جماعة.

وفي سنة اثنتي عشرة: سار محمد بن حميد الطوسي لمحاربة بابك، وأظهر المأمون تفضيل علي على الشيخين، وأن القرآن مخلوق، واستعمل على مصر والشام أخاه المعتصم، فقتل طائفة وهذب مصر ووقع المصاف مع بابك مرات.

وفي سنة خمس عشرة: سار المأمون لغزو الروم ومن غزوته عطف إلى دمشق.

وفي سنة ست عشرة: كر غازيًا في الروم، وجهز أخاه المعتصم ففتح حصونًا. ودخل

ص: 382

سنة سبع عشرة مصر وقتل المتغلب عليها عبدوسًا الفهري ثم كر إلى أذنة، وسار فنازل لؤلؤة وحاصرها مائة يوم وترحل.

وأقبل توفيل طاغية الروم ثم، وقعت الهدنة بعد أن كتب توفيل فبدأ بنفسه، وأغلظ في المكاتبة فغضب المأمون، وعزم على المسير إلى قسطنطينية فهجم الشتاء.

وفيها: وقع حريق عظيم بالبصرة أذهب أكثرها.

وفي سنة 218: اهتم المأمون ببناء طوانة، وحشد لها الصناع وبناها ميلًا في ميل، وهي وراء طرطوس، وافتتح عدة حصون وبالغ في محنة القرآن، وحبس إمام الدمشقيين أبا مسهر بعد أن وضعه في النطع للقتل، فتلفظ مكرهًا.

وكتب المأمون إلى نائبه على العراق إسحاق بن إبراهيم الخزاعي كتابًا يمتحن العلماء يقول فيه: وقد عرفنا أن الجمهور الأعظم والسواد من حشو الرعية وسفلة العامة ممن لا نظر لهم، ولا روية أهل جهالة وعمى عن أن يعرفوا الله كنه معرفته ويقدروه حتى قدره، ويفرقوا بينه وبين خلقه فساووا بين الله، وبين خلقه، وأطبقوا علي أن القرآن قديم لم يخترعه الله، وقد قال:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا} [الزخرف: 3]، فكل ما جعله فقد خلقه كما قال:{وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} [الأنعام: 1]، وقال:{نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَق} [طه: 99] فأخبر أنه قصص لأمور أحدثه بعدها. وقال: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 1] والله محكم له فهو خالقه ومبدعه. إلى أن قال: "فمات قوم من أهل السمت الكاذب والتخشع لغير الله إلى موافقتهم، فرأى أمير المؤمنين أنهم شر الأمة ولعمرو أمير المؤمنين إن أكذب الناس من كذب على الله ووحيه ولم يعرف الله حق معرفته، فاجمع القضاة وامتحنهم فيما يقولون، وأعلمهم أني غير مستعين في عمل ولا واثق بمن لا يوثق بدينه فإن وافقوا، فمرهم بنص من بحضرتهم من الشهود ومسألتهم عن علمهم في القرآن، ورد شهادة من لم يقر أنه مخلوق".

وكتب المأمون أيضًا في أشخاص سبعة: محمد بن سعد، وابن معين وأبي خيثمة، وأبي مسلم المستملي وإسماعيل بن داود وأحمد الدورقي، فامتحنوا فأجوا قال ابن معين: جبنا خوفًا من السيف، وكتب بإحضار من امتنع منهم: أحمد بن حنبل وبشر بن الوليد وأبي حسان الزيادي والقواريري وسجادة، وعلي بن الجعد وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعلي بن أبي مقاتل، وذيال بن الهيثم وقتيبة بن سعيد، وسعدويه في عدة فتلكأ طائفة، وصمم أحمد وابن نوح فقيدا وبعث بهما فلما بلغا الرقة تلقاهم موت

ص: 383

المأمون وكان مرض بأرض الثغر. فلما احتضر طلب ابنه العباس ليقدم فوافاه بآخر رمق، وقد نفذت الكتب إلى البلدان فيها: من المأمون، وأخيه أبي إسحاق الخليفة من بعده فقيل: وقع ذلك بغير أمر المأمون وقيل: بل بأمره.

وأشهد على نفسه عند الموت أن عبد الله بن هارون أشهد عليه أن الله وحده لا شريك له، وأنه خالق، وما سواه مخلوق ولا يخلو القرآن من أن يكون شيئًا له مثل والله لا مثل له والبعث حق، وإني مذنب أرجو وأخاف، وليصل على أقربكم وليكبر خمسًا فرحم الله عبدًا اتعظ وفكر فيما حتم الله على جميع خلقه من الفناء، فالحمد لله الذي توحد بالبقاء ثم لينظر امرؤ ما كنت فيه من عز الخلافة، هل أغنى عني شيئًا إذ نزل أمر الله بي؟ لا والله لكن أضعف به على الحساب فيا ليتني لم أك شيئًا. يا أخي! ادن مني، واتعظ بما ترى وخذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذ طوقكها الله عمل المريد لله الخائف من عقابه، ولا تغتر فكأن قد نزل بك الموت. ولا تغفل أمر الرعية الرعية الرعية فإن الملك بهم الله الله فيهم وفي غيرهم. يا أبا إسحاق عليك عهد الله لتقومن بحقه في عباده، ولتؤثرن طاعته علي معصيته. فقال: اللهم نعم هؤلاء بنو عمك من ذرية علي رضي الله عنه أحسن صحبتهم، وتجاوز عن مسيئهم.

ثم مات في رجب في ثاني عشرة سنة ثمان عشرة ومائتين، وله ثمان وأربعون سنة توفي: بالبذندون فنقله ابنه العباس ودفنه بطرسوس في دار خاقان خادم أبيه.

قال الأصمعي: كان نقش خاتمه: عبد الله بن عبيد الله.

وله من الأولاد: محمد الكبير والعباس، وعلي ومحمد وعبيد الله، والحسن وأحمد وعيسى وإسماعيل، والفضل وموسى وإبراهيم ويعقوب وحسن وسليمان، وهارون وجعفر وإسحاق وعدة بنات.

ص: 384

‌1610 - المعتصم

(1)

:

الخليفة أبو إسحاق محمد بن الرشيد هارون بن محمد المهدي بن المنصور العباسي.

ولد سنة ثمانين ومائة وأمه: ماردة أم ولد.

روى عن: أبيه وأخيه المأمون يسيرًا.

روى عنه: إسحاق الموصلي وحمدون بن إسماعيل.

بويع بعهد من المأمون في رابع عشر رجب سنة ثمان عشرة.

وكان أبيص أصهب اللحية طويلها ربع القامة مشرب اللون ذا قوة وبطش، وشجاعة وهيبة لكنه نزر العلم.

قيل: كان معه غلام في المكتب فمات الغلام فقال له أبوه: يا محمد! مات غلامك؟ قال: نعم يا سيدي واستراح من الكتاب. فقال: أو إن الكتاب ليبلغ منك هذا؟ دعوه.

فكانت قراءته صعيفة.

قال خليفة: حج بالناس سنة مائتين.

قال الرياشي: كتب طاغية الروم إلى المعتصم يتهدده، فأمر بجوابه فلما عرض عليه رماه، وقال للكاتب: اكتب أما بعد فقد قرأت كتابك، وسمعت خطابك والجواب ما ترى لا ما تسمع:{وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 42].

قلت: وامتحن الناس بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الأمصار، وأخذ بذلك المؤذنين، وفقهاء المكاتب ودام ذلك حتى أزاله المتوكل بعد أربعة عشر عامًا.

وكان في سنة (218): الوباء المفرط والقحط بمصر، ومات أكثرهم وأمر المعتصم بهد طوانة التي بذر المأمون في بنائها من عامين بيوت الأموال، واشتد البلاء ببابك وهزم الجيوش، ودخل في دينه خلائق من العجم، وعسكر بهمذان فبرز لقتاله إسحاق المصعبي، فكانت ملحمة عظمى فيقال: قتل منهم ستون ألفًا وهرب باقيهم إلي الروم.

وظهر سنة (219): محمد بن القاسم العلوي يدعو إلى الرضا من آل محمد وتمت له حروب إلي أن قيده ابن طاهر ثم هرب من السجن وأضمرته البلاد.

وفي سنة عشرين: عقد المعتصم للأفشين في جيش لجب لقتال بابك فتمت ملحمة انهزم فيها بابك إلى موغان، ومنها إلى مدينة تسمى البذ.

وفي رمضان: كانت محنة الإمام أحمد في القرآن وضرب بالسياط حتى زال عقله، ولم يجب فأطلقوه، وأمر المعتصم بإنشاء مدينة سامرا اشترى أرضها من رهبان بالقاطول، وغضب علي وزيره الفضل بن مروان، وأخذ منه نحوا من عشرة آلاف ألف دينار، ونفاه،

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "7/ 102". وتاريخ بغداد "3/ 342"، والعبر "1/ 400" وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 250"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 63".

ص: 385

واستوزر محمد بن الزيات واعتنى باقتناء المماليك الترك، وبعث إلى النواحي في شرائهم، وألبسهم الحرير والذهب.

وفي سنة 221: كانت وقعة بين العسكر وبابك.

وحج فيها حنبل فقال: رأيت كسوة الكعبة، وقد كتب فيها في الدارات: ليس كمثله شيء، وهو اللطيف الخبير، فحدثت به أبا عبد الله فقال: قاتل الله الخبيث عمد إلى كلام الله فغيره عني ابن أبي داود.

وفي سنة اثنتين، وعشرين: كان المصاف بين بابك الخرمي، وبين الأفشين فطحنه الأفشين، واستباح عسكره، وهرب ثم إنه أسر بعد فصول طويلة، وكان أحد الأبطال أخاف الإسلام وأهله، وهزم الجيوش عشرين سنة، وغلب على أذربيجان وغيرها وأراد أن يقيم الملة المجوسية، وظهر في أيامه المازيار أيضًا بالمجوسية بطبرستان، وعظم البلاء.

وكان المعتصم والمأمون قد أنفقوا على حرب بابك قناطير مقنطرة من الذهب والفضة، ففي هذه السنة بعث المعتصم نفقات إلي جيشه مع الأفشين، فكانت ثلاثين ألف ألف درهم، وأخذت البذ مدينة بابك اللعين، واختفى في غيضة وأسر أهله وأولاده وقطع دابر الخُرَّمِية.

ثم ورد أمان من المعتصم لبابك، فبعث به الأفشين إليه مع اثنين وكتب ابنه إليه يشير عليه بقبول الأمان فلما دخلا إلى الشعراء التي فيها بابك قتل أحدهما، وقال للآخر: امض إلى ابن الفاعلة ابني فقل: لو كان ابني للحق بي ثم مزق الأمان وفارق الغيضة وصعد الجبل في طرق يعرفها لا تسلك. وكان الأفشين قد رتب الكمناء في المضايق، فنجا بابك ولجأ إلى جبال أرمينية فلقيه سهل البطريق فقال: الطلب وراءك فانزل عندي فنزل وركن إليه فبعث البطريق إلى الأفشين بذلك فجاء فرسان فأحاطوا به، وأخذوه. وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حيا ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف فأعطي البطريق ألف ألف، وأطلق له خراجه عشرين سنة.

وقال المسعودي: هرب بابك بأخيه وأهله وخواصه في زي التجار، فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن سنباط فابتاعوا شاة من راع فنكرهم فأتى سهلا فأعلمه، فقال: هذا بابك بلا شك فركب في أجناده حتى أتى بابك فترجل وسلم عليه بالملك وقال: قم إلى قصرك فأنا عبدك فمضى معه، ومد السماط له وأكل معه فقال بابك: أمثلك يأكل معي؟! فوقف واعتذر ثم أحضر حدادًا ليقيده، فقال: أغدرًا يا سهل؟ قال: يا ابن

ص: 386

الفاعلة، إنما أنت راعي بقر. ثم قيد أتباعه، وكاتب الأفشين فجهز أربعة آلاف فتسلموه، وجاء سهل فخلع عليه الأفشين وبعثت بطاقة بذلك إلى بغداد فضج الناس بالتكبير، والشكر لله ثم قدموا ببابك في صفر سنة ثلاث.

وكان المعتصم يبعث كل يوم بخلعة وفرس للأفشين، ومن سروره بذلك رتب البريد منه إلى الأفشين، فكان يجيئه الخبر في أربعة أيام، وذلك مسيرة شهر. ثم أتى أحمد بن أبي داود متنكرًا في الليل، فشاهد بابك ثم أعلم المعتصم فما صبر وأتاه متنكرًا فتأمله.

وكان هذا الشقي ثنويًا على دين ماني، ومزدك يقول بتناسخ الأرواح ويستحل البنت وأمها.

وقيل: كان ولد زنى وكانت أمه عوراء يقال لها: رومية العلجة، وكان علي بن مزدكان يدعي أنه زنى بها وبابك منه.

وقيل: كانت صعلوكة من قرى أذربيجان فزنى بها نبطي فحملت منه ببابك فربي بابك أجيرًا في القرية، وكان هناك قوم من الخرمية لهم كبيران: جاوندان، وعمران فتفرس جاوندان النجابة في بابك فاكتراه من أمه، فهويته زوجة جاوندان وأطلعته على الأسرار.

ثم قتل زوجها في محاربة لابن عمه فزعمت أن زوجها استخلف بابك فصدقها الجميع.

فأمرهم أن يقتلوا من وجدوه في الليل فأصبح عدة قتلى وانضاف إليهم كل شرير، وقاطع طريق وصار أمر بابك إلى ما صار، وكانت دولته عشرين سنة بل أزيد وكان معه نحو من عشرين ألف مقاتل فارغين من الدين، وبعضهم زنادقة وقتلوا وسبوا وأخذوا الحصون.

نعم وأمر المعتصم فأركب بابك فيلا وألبسه الديباج وقلنسوة كبيرة من سمور، وطافوا به ثم قطعت أربعته، وهو ساكت ثم ذبح وطيف برأسه بسامراء ثم بعث بأخيه إلى بغداد فعمل به كذلك. ويقال: كان أشجع من بابك فقال: يا بابك! قد عملت ما لم يعمله أحد فاصبر صبرًا لم يصبره أحد قال: سوف ترى فلما قطعوا يده خضب صورته بالدم فقال المعتصم: لم فعلت؟ قال: إنك أمرت بقطع أطرافي، وفي نفسك أن لا تكويها فينزف الدم فيصفر لوني فتظنونه جزعًا مني فقال: لولا أن أفعاله لا تسوغ الصنيعة، والعفو لاستبقيته ثم أحرق.

وقيل: إنه أباد من الأمة خلائق وبخط الإمام ابن الصلاح: أن قتلى بابك بلغوا ألف ألف، وخمس مائة ألف، وأحصي قتلى أبي مسلم الخراساني فبلغوا ألفي ألف.

وفيها: التقى طاغية الروم والأفشين فهزمه، ولكن بعد أيام. وخرب المعتصم أنقرة،

ص: 387

وأنكى في الروم. وأخذ عمورية عنوة وأوطأ الروم خوفًا وذلا، وأخذ بثأر الإسلام من الطاغية توفيل بن ميخائيل الذي أغار على زبطرة وملطية، فدخل المعتصم الروم في مائتي ألف مقاتل، وأزيد حتى لقيل: كان في خمس مائة ألف، وصمم على محاصرة قسطنطينية فأتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه فظفر بالعباس، وكان العباس بديع الحسن، وكان بليدًا غزا في أيام أبيه الروم، وولي الحزيرة وذهبت منه الخلافة بغيبته ثم نخاه عجيف، وشجعه علي الخروج ووافقه عدة أمراء وعرف المعتصم، فأخذ العباس.

فقيل: غمه بكساء حتى تلف بمنبج. وقيل: إن يحيى بن أكثم نظر إليه فتبسم المأمون، فروى يحيى حديثا في النظر إلى الوجه الحسن فقال المأمون: اتق الله فهذا الحديث كذب.

ولما عظم الأفشين باستئصاله لبابك، طلب نيابة خراسان، وبلغه خروج المازيار، ومحاربته لابن طاهر، فدس من استماله له وقوى عزمه، وخرب المازيار البلاد وقتل وعسف.

ثم جهز المعتصم في سنة أربع وعشرين الأفشين لحربه، وبعث ابن طاهر جيشًا عليهم عمه لحربه أيضًا، وجرت حروب يطول بسطها وقتل المازيار.

وفي سنة خمس: قبض المعتصم على الأفشين، وكان عدوا لابن طاهر، وابن أبي داود فعقراه، وألقيا في ذهن المعتصم أنه يريد قتلك فتهدد كاتبه فاعترف، وقال: أمرني أن أكتب إلى المازيار: إنه لم يبق غيري وغيرك، وجيش الخليفة عند ابن طاهر وما عند الخليفة سواي، فإن هزمت ابن طاهر كفيتك المعتصم، ويخلص لنا الدين الأبيض -يعني المجوسية- وكان يتهم بها. فوهب المعتصم للكاتب ذهبًا، وقال: إن نطقت قتلتك.

وعن ابن أبي داود قال: دخلت عليه، وهو يبكي ويقلق، وقال لي: رجل أنفقت عليه ألفي ألف دينار ويريد قتلي قد تصدقت بعشرة آلاف ألف درهم فخذها ففرقها.

وكان الأفشين قد بعث أموالا له إلى أشروسنة، وهم بالهرب إليها، ثم هيأ دعوة ليسم فيها المعتصم وقواده فإن لم يجئ سم القواد ويذهب إلى أرمينية ومنها إلى أشروسنة فما تهيأ له ذلك، وقبض عليه المعتصم، وعلي ابنه حسن، وأتي بالمازيار أسيرًا.

فقيل: أحضر هو والأفشين وموبذ ملك السغد، ومرزبان عند المعتصم فأحضر اثنان فعريا فإذا أجنابهما عرية من اللحم فقال ابن الزيات للأفشين: يا حيدر تعرفهما؟ قال: نعم هذا مؤذن، وهذا إمام بنيا مسجدًا بأشروسنة ضربتهما ألف سوط؛ لأن بيني

ص: 388

وبين ملوك السغد عهدا أن أترك كل قوم على دينهم، فوثب هذان على بيت أصنام أشروسنة فرميًا الأصنام وعملاه مسجدًا فضربتهما.

قال ابن الزيات: فما كتاب قد زينته بالذهب، والجواهر فيه الكفر؟ قال: كتاب ورثته من أبي فيه أداب، وحكم للأكاسرة فآخذ منه الأدب، وأدع ما سواه مثل كتاب كليلة ودمنة.

فقال ابن الزيات للموبذ: ما تقول؟ قال: إنه يأكل المخنوقة، ويحملني على أكلها ويقول: لحمها أرطب. وقال لي: إني دخلت لهؤلاء في كل ما أكره حتى أكلت الزيت، وركبت الجمل ولبست النعل غير أني ما حلقت عانتي قط، ولم يختتن، وكان الموبذ مجوسيًا، وأسلم بعد. قال الأفشين: خبروني عن هذا المتكلم أثفة هو في دينه؟ قالوا: لا فكيف تصدقونه؟ فقام المرزبان فقال: يا أفشين كيف يكتب إليك أهل مملكتك؟ قال: كما يكتبون إلي آبائي: إلى الإله من عبده. قال ابن أبي داود: فما أبقيت لفرعون؟ قال: خفت فسادهم بتغيير العادة.

قال له إسحاق بن إبراهيم المصعبي: كيف تحلف فنصدقك وأنت تدعي ما يدعي فرعون؟ قال: يا إسحاق هذه سورة قرأها عجيف على علي بن هشام، وأنت تقرؤها علي فانظر من يقرؤها عليك.

ثم تقدم مازيار فقيل: أتعرفه؟ قال: نعم قالوا: هل كاتبته؟ قال: لا فقالوا للمازيار: أكتب إليك؟ قال: كتب إلي أخوه على لسانه: إنه لم يكن ينصر هذا الدين الأبيض غيري، وغيرك وغير بابك فأما بابك فبحمقه قتل نفسه، فإن خالفت لم يكن للخليفة من يرى لقتالك غيري، ومعي الفرسان وأهل النجدة والبأس، فإن وجهت إليك لم يبق أحد يحاربنا إلَّا العرب والمغاربة والأتراك، فأما العربي فمنزلته ككلب أطرح له كسرة ثم أضرب رأسه بالدبوس، وهؤلاء الذئاب يعني: المغاربة فأكلة رأس وأما التركي فإنما هي ساعة، وتنفد سهامهم ثم تجول عليهم الخيل جولة، ويعود الدين إلى ما كان.

فقال الأفشين: هذا يدعي على أخي ولو كنت قد كتبت بهذا إليه لأخدعه، لكان غير مستنكر وكنت آخذ برقبته. فزجره ابن أبي داود وقال: أختين أنت؟ قال: لا. قال: لم؟ قال: خفت التلف. قال: أنت تلقي الحروب، وتخاف من قطعة قلفة؟ قال: تلك ضرورة أصبر عليها وتلك القلفة لا أخرج بها من الإسلام فقال أحمد: قد بان لكم أمره.

وفيها: سقطت أكثر الأهواز من الزلزلة ودامت أيامًا.

وفي سنة ست: وقع برد كالبيض من السماء قتل ثلاث مائة وسبعين نفسًا.

ص: 389

ومنع الأفشين المذكور من الطعام، حتى هلك ثم صلب ميتا وأحرق مع أصنام عنده، وهو من أولاد الأكاسرة، وكان أكبر الدولة.

وأما المازيار واسمه محمد بن قارن فظالم غاشم جبار ظهر بطبرستان، وحارب عسكر المعتصم، ثم أسر فضرب حتى مات وصلب، وترك أموالًا لا تنحصر.

وفي سنة 227: ظهر أبو حرب المبرقع بفلسطين! وزعم أنه السفياني، ودعا إلى إقامة الحق، وكان قتل جنديًا آذى زوجته ثم ألبس وجهه برقعًا، وأقام بالغور واستفحل أمره واجتمع عليه أهل البر، وتفاقم الأمر فسار لحربه أمير دمشق رجاء الحصاري في ألف فارس فوجده في زهاء مائة ألف فهابه فلما جاء وقت الزراعة، تفرقوا حتي بقي في نحو ألفين فالتقوا وكان المبرقع شجاعًا مقدامًا، فحمل على الجيش فأفرجوا فأحاطوا به فأسروه وسجن فمات.

قال ابن عائذ: واقع رجاء أهل المرج وجسرين، وكفر بطنا وسقبا وقتل خلق.

وقيل: بيت أهل كفر بطنا فقتل أزيد من مائة ألف، وقتل الأطفال وقتل من الجند ثلاث مائة.

قال نفطويه: يقال للمعتصم: المثمن فإنه ثامن بني العباس، وتملك ثماني سنين وثمانية أشهر، وله فتوحات ثمانية: بابك وعمورية والزط، وبحر البصرة وقلعة الأجراف وعرب ديار ربيعة والشاري، وفتح مصر يعني: قهر أهلها قبل خلافته وقتل ثمانية: بابك والأفشين ومازيار وباطيس ورئيس الزنادقة و عجيفًا وقارون وأمير الرافضة.

وقال غير نفطويه: خلف من الذهب ثمانية آلاف ألف دينار وثمانية عشر ألف ألف درهم، وثمانين ألف فرس وثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية وبنى ثمانية قصور، وقيل: بلغ مماليكه ثمانية عشر ألفًا، وكان ذا سطوة إذا غضب لا يبالي من قتل.

قال إسحاق الموصلي: دخلت عليه وعنده قينة تغني فقال: كيف ترى؟ قلت: تقهر الغناء برفق، وتجيله برفق وتخرج من شيء إلى ما هو أحسن منه، وفي صوتها شجًا وشذور أحسن من در علي نحور فقال: وصفك لها أحسن خذها لك فامتنعت لعلمي بمحبته لها فأعطاني مقدار قيمتها.

قيل: لما تجهز لغزو عمورية زعم المنجمون أنه طالع نحس ويكسر فانتصر، فقال أبو تمام تلك القصيدة:

ص: 390

السيف أصدق أنباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

والعلم في شهب الأرماح لامعة

بين الخميسين لا في السبعة الشهب

أين الرواية أم أين النجوم وما

صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

تخرصًا وأحاديثًا ملفقة

ليست بنبع إذا عدت ولا غرب

عن أحمد بن أبي دواد، قال: كان المعتصم يخرج إلي ساعده، ويقول: عضه بأكبر قوتك. فأقول: ما تطيب نفسي فيقول: لا يضرني فأروم ذلك فإذا هو لا تعمل فيه الأسنة فضلًا عن الأسنان. وقبض على جندي ظالم فسمعت صوت عظامه ثم أرسله فسقط.

وعن ابن أبي دواد وذكر المعتصم فبالغ، وقال: كنت أزامله في سفره ووصف سعة أخلاقه.

قال الخطيب: كثر عسكر المعتصم وضاقت عليهم بغداد، فبنى مدينة سر من رأى، وتحول إليها. وتسمى أيضًا: العسكر.

وقيل: كان عليق دواب المعتصم خمسين ألف مخلاة.

وقيل: إنه قال في مرضه: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة} . [الأنعام: 44].

وقال علي بن الجعد: جعل المعتصم يقول: ذهبت الحيلة فليس حيلة حتى صمت.

وقيل: إنه قال: أوخذ وحدي من بين هذا الخلق.

وله نظم وسط وكلمات جيدة.

وقيل: إنه جعل زند رجل بين أصبعيه فكسره.

قيل: إنه قال: عاقل عاقل مرتين أحمق.

قال إسحاق المصعبي: والله ما رأيت مثل المعتصم رجلًا لقد رأيته يملي كتابًا، ويقرأ كتابًا ويعقد بيده، وإنه لينشد شعرًا يتمثل به.

مات المعتصم: يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين، وله سبع وأربعون سنة وسبعة أشهر، ودفن بسر من رأى وصلى عليه ابنه الواثق.

وقيل: إنه قال: اللهم إني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك وأرجوك من قبلك قبلي ولا أرجوك من قبلي.

ولنذكر معه ابنه الواثق. وله من الولد أيضًا: جعفر المتوكل والعباس وعلي، وأحمد ومحمد وعبد الله، وسليمان وإبراهيم وفاطمة وأم القاسم، وأم العباس وأم موسى وعائشة وأم الفضل وأم محمد، وأم عيسى وأم موسى، وأم أبيها وأم عبد الله.

ص: 391

‌1611 - الواثق بالله

(1)

:

الخليفة أبو جعفر وأبو القاسم هارون بن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن المهدي محمد بن المنصور العباسي البغداي، وأمه: رومية اسمها قراطيس أدركت خلافته ولي الأمر بعهد من أبيه في سنة (227).

وكان مولده في شعبان سنة ست وتسعين ومائة.

قال يحيى بن أكثم: ما أحسن أحد إلى الطالبيين ما أحسن إليهم الواثق! ما مات وفيهم فقير.

وقال حمدون بن إسماعيل: كان الواثق مليح الشعر، وكان يجب مولى أهداه له من مصر شخص فأغضبه فحرد حتى قال لبعض الخدم: والله إن مولاي ليروم أن أكلمه من أمس فما أفعل فعمل الواثق:

يا ذا الذي بعذابي ظل مفتخرا

ما أنت إلَّا مليك جار إذ قدرا

لولا الهوى لتجازينا على قدر

وإن أفق منه يوما ما فسوف ترى

قال الخطيب: استولى أحمد بن أبي داود على الواثق، وحمله على التشدد في المحنة، والدعاء إلى خلق القرآن.

وقيل: إنه رجع عن ذلك قبيل موته.

قال عبيد الله بن يحيى: حدثنا إبراهيم بن أسباط قال: حمل رجل مقيد فأدخل على ابن أبي دواد بحضور الواثق فقال لأحمد: أخبرني عن ما دعوتم الناس إليه أعلمه رسول

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "7/ 145"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "9/ 276"، وتاريخ بغداد "14/ 15"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "4/ 228".

ص: 392

الله صلى الله عليه وسلم فما دعا إليه أم شيء لم يعلمه؟ قال: بل علمه. قال: فكان يسعه أن لا يدعو الناس إليه، وأنتم لا يسعكم؟ فبهتوا، وضحك الواثق، وقام قابضًا على فمه ودخل مجلسًا، ومد رجليه وهو يقول: أمر وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسكت عنه، ولا يسعنا! ثم أمر أن يعطى الشيخ ثلاث مائة دينار، وأن يرد إلى بلده.

وعن طاهر بن خلف قال: سمعت المهتدي بالله بن الواثق يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلًا أحضرنا. قال: فأتي بشيخ مخضوب مقيد فقال أبي: ائذنوا لأحمد بن أبي دواد وأصحابه، وأدخل الشيخ فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين. فقال: لا سلم الله عليك قال: بئس ما أدبك مؤدبك قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]، فقال أحمد: الرجل متكلم قال: كلمة فقال: يا شيخ ما تقول في القرآن؟ قال: لم تنصفني ولي السؤال. قال: سل قال: ما تقول أنت؟ قال: مخلوق.

قال: هذا شيء علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، والخلفاء أم لم يعلموه؟ فقال: شيء لم يعلموه قال: سبحان الله شيء لم يعلموه، وعلمته أنت؟! فخجل، وقال: أقلني قال: المسألة بحالها ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق. قال: شيء علمه رسول الله؟ قال: علمه قال: أعلمه، ولم يدع الناس إليه؟ قال: نعم قال: فوسعه ذلك؟ قال: نعم قال: أفلا وسعك ما وسعه، ووسع الخلفاء بعده؟ فقام الواثق فدخل الخلوة واستلقى، وهو يقول: شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي علمته أنت! سبحان الله عرفوه، ولم يدعوا إليه الناس فهلا وسعك ما وسعهم! ثم أمر برفع قيد الشيخ، وأمر له بأربع مائة دينار، وسقط من عينه ابن أبي دواد ولم يمتحن بعدها أحدًا.

في إسنادها مجاهيل، فالله أعلم بصحتها.

وروى نحوًا منها: أحمد بن السندي الحداد عن أحمد بن الممتنع عن صالح بن علي الهاشمي عن المهتدي بالله. قال صالح: حضرته وقد جلس والقصص تقرأ عليه، ويأمر بالتوقيع عليها فسرني ذلك، وجعلت أنظر إليه ففطن ونظر إلي فغضضت عنه قال: فقال لي: في نفسك شيء تحب أن تقوله فلما انفض المجلس أدخلت مجلسه فقال: تقول ما دار في نفسك أو أقوله لك؟ قلت: يا أمير المؤمنين ما ترى؟ قال: أقول: إنه قد استحسنت ما رأيت منا فقلت في نفسك: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق؟ قال: فورد علي أمر عظيم ثم قلت: يا نفس هل تموتين قبل أجلك؟! فقلت: نعم. فأطرق ثم قال: اسمع فوالله لتسمعن الحق. فسري عني وقلت: ومن أولى بالحق منك وأنت خليفة رب العالمين؟! قال: ما زلت أقول: القرآن مخلوق صدرًا من أيام الواثق

ص: 393

حتى أقدم شيخًا من أذنة فأدخل مقيدًا، وهو شيخ جميل حسن الشيبة فرأيت الواثق قد استحيا منه ورق له، فما زال يدنيه حتى قرب منه، وجلس فقال: ناظر ابن أبي دواد قال: يا أمير المؤمنين إنه يضعف عن المناظرة. فغضب، وقال: أبو عبد الله يضعف عن مناظرتك أنت؟! قال: هون عليك، وائذن لي واحفظ علي وعليه. ثم قال: يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة داخلة في عقد الدين فلا يكن الدين كاملًا حتى تقال؟ قال: نعم قال: فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه الله، هل ستر شيئًا مما أمر به؟ قال: لا. قال: فدعا إلى مقالتك هذه؟ فسكت فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين واحدة قال الواثق: واحدة ثم قال: أخبرني عن الله تعالى حين قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم} [المائدة: 3] أكان الله هو الصادق في إكمال ديننا أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال بمقالتك؟ فسكت أحمد فقال الشيخ: اثنتان يا أمير المؤمنين. قال: نعم فقال: أخبرني عن مقالتك هذه أعلمها رسول الله أم جهلها؟ قال: علمها قال: فدعا إليها؟ فسكت قال الشيخ: ثلاثة. ثم قال: فاتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عنها، ولم يطالب أمته بها؟ قال: نعم قال: واتسع ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان، وعلي؟ قال: نعم فأعرض الشيخ عنه، وقال: يا أمير المؤمنين قد قدمت القول بأن أحمد يضعف عن المناظرة يا أمير المؤمنين إن لم يتسع لك من الإمساك هذه المقالة ما زعم هذا إنه اتسع للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا وسع الله عليك قال الواثق: نعم كذا هو اقطعوا قيد الشيخ فلما قطعوه، ضرب بيده فأخذه فقال الواثق: لم أخذته؟ قال: لأني نويت أن أوصي أن يجعل معي في كفني لأخاصم هذا به عند الله ثم بكى فبكى الواثق، وبكينا ثم سأله الواثق أن يحاله وأمر له بصلة فقال: لا حاجة لي بها. ثم قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة، وأظن الواثق رجع عنها في يومئذ.

قال إبراهيم نفطويه: حدثنا حامد بن العباس، عن رجل عن المهتدي بالله: أن الواثق مات، وقد تاب عن القول بخلق القرآن. قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض تعلوه صفرة حسن اللحية في عينه نكتة.

قلت: وكان وافر الأدب قيل: إن جارية غنته شعر العرجي:

أظلوم إن مصابكم رجلًا

رد السلام تحية ظلم

فمن الحاضرين من صوب نصب رجلًا، ومنهم من رفع فقالت: هكذا لقنني المازني.

فطلب المازني فلما مثل بين يديه قال: ممن الرجل؟ قال: من مازن. قال: أي الموازن،

ص: 394

أمازن تميم؟ أم مازن قيس؟ أم مازن ربيعة؟ قلت: مازن ربيعة فكلمني حينئذ بلغة قومي.

فقال: با اسمك؟ لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميما فكرهت أن أواجهه بـ"مكر" فقلت: بكر يا أمير المؤمنين ففطن لها وأعجبته قال: ما تقول في هذا البيت؟ قلت: الوجه النصب؛ لأن مصابكم مصدر بمعنى: إصابتكم فعارضني ابن اليزيدي. قلت: هو بمنزلة إن ضربك زيدًا ظلم فالرجل مفعول مصابكم، والكلام معلق إلى أن تقول: ظلم فيتم الكلام فأعجب الواثق، وأعطاني ألف دينار.

قيل: إن الواثق كان ذا نهمة بالجماع بحيث إنه أكل لحم سبع لذلك فولد له مرضًا صعبًا كان فيه حتفه.

وفي العام الثاني من دولته: قدم مولاه أشناس على القواد وألبسه ناجا ووشاحين مجوهرين.

وفي سنة تسع وعشرين: صادر الدواوين، وضرب أحمد بن أبي إسرائيل، وأخذ منه ثمان مائة ألف دينار، ومن سليمان بن وهب أربع مائة ألف دينار، وأخذ من: أحمد بن الخصيب، وكاتبه ألف ألف دينار.

وفي سنة إحدى وثلاثين: قتل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد ظلمًا، وأمر بامتحان الأئمة، والمؤذنين بخلق القرآن وافتك من أسر الروم أربعة آلاف، وست مائة نفس. فقال ابن أبي دواد: من لم يقل: القرآن مخلوق فلا تفتكوه.

وفيها: جاء المجوس الأردمانيون في مراكب من ساحل البحر الأعظم فدخلوا إشبيلية بالسيف، ولم يكن لها سور بعد فجهز لحربهم أمير الأندلس عبد الرحمن المرواني جيشا، فالتقوا فانهزم الأردمانيون وأسر متهم أربعة آلاف، ولله الحمد.

قال زرقان بن أبي دواد: لما احتضر الواثق، ردد هذين البيتين:

الموت فيه جميع الخلق مشترك

لا سوقة منهم يبقى ولا ملك

ما ضر أهل قليل في تفرقهم

وليس يغني عن الاملاك ما ملكوا

ثم أمر بالبسط فطويت، وألصق خده بالتراب وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه.

وروى أحمد بن محمد الواثقي أمير البصرة عن أبيه قال: كنت أمرض الواثق، فلحقته غشية فما شككنا أنه مات فقال بعضنا لبعض: تقدموا فما جسر أحد سواي فلما

ص: 395

أن أردت أن أضع يدي على أنفه فتح عينيه فرعبت، ورجعت إلى خلف، فتعلقت قبيعة سيفي بالعتبة فعثرت واندق السيف، وكاد أن يجرحني واستدعيت سيفًا، وجئت فوقفت ساعة فتلف الرجل فشددت لحييه وغمضته، وسجيته وأخذ الفراشون ما تحته ليردوه إلى الخزائن وترك، وحده فقال ابن أبي دواد: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة فاحفظه فرددت باب المجلس، وجلست عند الباب فحسست بعد ساعة بحركة أفزعتني فأدخل فإذا بجرذون قد استل عين الواثق فأكلها فقلت: لا إله إلَّا الله هذه العين التي فتحها من ساعة فاندق سيفي هيبة لها!

قلت: كانت خلافته خمس سنين، ونصفًا مات بسامرًا لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين، ومائتين وبايعوا بعده أخاه المتوكل.

ص: 396

‌1612 - مسلم بن إبراهيم

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الثقة مسند البصرة أبو عمرو الأزدي الفراهيدي مولاهم البصري القصاب.

ولد: في حدود الثلاثين ومائة.

وحدث عن: عبد الله بن عون يسيرًا، وعن: قرة بن خالد، ومالك بن مغول، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائى وإسماعيل بن مسلم العبدي، وأبي الغصن دجين اليربوعي، وأبي خلدة خالد بن دينار، وشعبة بن الحجاج، وهمام وأبان وسلام بن مسكين ويزيد بن إبراهيم وعبد الله بن المثنى، والأسود بن شيبان، ومحمد بن فضاء، والمستمر بن الريان، ووهيب والقاسم بن الفضل الحداني، ومبارك بن فضالة وخلق سواهم.

وعنه: البخاري وأبو داود، وهو أكبر شيخ لأبي داود، ويحيى بن معين، ونصر بن علي، ومحمد بن يحيى، وزيد بن أخزم وحجاج بن الشاعر، وعبد بن حميد وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن أبي خيثمة وأحمد بن الفرات

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 304"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1079"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 788"، والأنساب للسمعاني "9/ 256"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 394"، والكاشف "3/ ترجمة قم 5502"، والعبر "1/ 385"، "2/ 54، 63، 67"، وتهذيب التهذيب "10/ 121"، وتقريب التهذيب "2/ 244"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6955"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 50".

ص: 396

ويحيى بن مطرف، وإسماعيل سمويه، وحفص بن عمر الرقي سنجه، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأبو مسلم الكجي ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وأبو خليفة وعلي بن عبد العزيز، ومحمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني، وخلق كثير.

روى أحمد بن زهير عن يحيى بن معين: ثقة مأمون.

وقال الفضل بن سهل الأعرج: كان يحيى بن معين يقدم مسلم بن إبراهيم على معاذ بن هشام، ويقول: لا أجعل رجلا لم يرو إلَّا عن أبيه كرجل روى عن الناس.

وقال أبو إسماعيل الترمذي: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: كتبت عن ثمان مائة شيخ ما جزت الجسر.

قال أبو داود: ما رحل مسلم إلى أحد، وكتب عن قريب من ألف شيخ، وهؤلاء أصحاب شيوخ: مسلم بن إبراهيم، وعبد الصمد، وإسحاق بن إدريس.

وقال أيضًا: كان مسلم يحفظ حديثه عن قرة ويحفظ حديث هشام، وحديث أبان العطار بهذه هذا، وهو أحب إلينا من ابن كثير كان ابن كثير يعني: محمدًا لا يحفظ، وكانت فيه سلامة.

قال نصر بن علي: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: قعدت مرة أذاكر شعبة عن خالد بن قيس فقال: كدت تلقى أبا هريرة يريد على سبيل المبالغة.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان مسلم يسكن البصرة في دار كبيرة، وإنما معه أخته عجوز كبيرة، وكان أصحاب الحديث إذا أرادوا أن يغيظوه قالوا: أختك قدرية فيقول: لا والله إلَّا مثبتة، وكان ثقة عمي بأخرة وروى عن سبعين امرأة.

قال أبو زرعة: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: ما أتيت حلالًا ولا حرامًا قط وكان أتى عليه نيف وثمانون سنة.

قال أبو حاتم: كان لا يحتاج إليه يعني: الجماع، وهو ثقة صدوق.

مات في صفر سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وهو في عشر المائة رحمه الله.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن تاج الأمناء، أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعد الكنجروذي أخبرنا عبد الله بن محمد الرازي، أخبرنا محمد بن أيوب حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا سحامة بن عبد الله قال: قدم علينا أنس بن مالك واسط، فحدثنا: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر من أمره حاجة وفقرًا، فأقيمت الصلاة،

ص: 397

فنهض النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل فيها فتعلق به الرجل، فقام معه حتى قضى حاجته، ثم دخل في الصلاة.

هذا حديث حسن عال جدًا، وسحامة مذكور في كتاب الثقات لابن حبان. وقد أخرج له البخاري هذا الحديث في كتاب الأدب عن أبي بكر بن أبي الأسود عن أبي عامر العقدي عنه.

أنبأنا علي بن أحمد، وغيره قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن سمعت عثمان رضي الله عنه جمعا متواليات يأمر بقتل الكلاب، وذبح الحمام.

في الإسنادين ضعف من جهة زاهر، وعمر لإخلالهما بالصلاة فلو كان في ورع لما رويت لمن هذا نعته.

بكر بن أحمد الحافظ: أخبرنا حفص بن عمر سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: طلبت الحديث فلم أر أهل الحديث على مثل ما هم عليه اليوم، ولولا أني أقول: إنها سنة أحييها وبدعة أميتها لعل الله أن يكفر عني بعض ما أنا فيه ما حدثت.

ص: 398

‌1613 - البَابْلُتِّي

(1)

:

الشيخ، العالم، المحدث أبو سعيد يحيى بن عبد الله بن الضحاك بن بابلت الأموي مولاهم البابلتي الحراني.

حدث عن: زوج أمه أبي عمرو الأوزاعي، وأبي بكر بن أبي مريم، وصفوان بن عمرو السكسكي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وابن أبي ذئب، وأبي جعفر الرازي وجماعة.

وعنه: محمد بن يحيى الحراني وأبو إسحاق الجوزجاني وإسماعيل سمويه، وسليمان بن سيف، وأبو أمية الطرسوسي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وحفص بن عمر سنجه وطائفة آخرهم موتًا: ابن زوجته أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني.

قال البخاري: قال أحمد بن حنبل: أما السماع فلا يدفع.

وضعفه أبو زرعة وغيره.

وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة عن الأوزاعي تفرد ببعضها، وأثر الضعف على حديثه بين.

قلت: مر به يحيى بن معين فأكرم نزله وأتحفه فاستحيى منه، وما بالغ في تليينه، وهو ممن تجوز رواية حديثه، ووقع لنا من عواليه.

قال محمد بن يحيى: توفي سنة ثماني عشرة ومائتين رحمه الله.

وقيل لي: إنه وجه إلى أبن معين صرة دنانير وأطعمه فقبل الطعام، ورد الصرة وقال: والله إن صلته حسنة وطعامه طيب إلَّا أنه لم يسمع والله من الأوزاعي شيئًا.

هذه حكاية منقطعة السند.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3022"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 674"، والكاشف "3/ ترجمة 6308"، وتهذيب التهذيب "11/ 239"، وتقريب التهذيب "2/ 351".

ص: 399

‌1614 - أبو اليمان

(1)

: " ع"

الحكم بن نافع الحافظ الإمام، الحجة أبو اليمان البهراني الحمصي، مولى امرأة بهرانية تدعى أم سلمة كانت عند عمر بن روبة التغلبي.

ولد في حدود سنة بضع وثلاثين ومائة، وطلب العلم سنة بضع وخمسين.

فروى عن: صفوان بن عمرو وحريز بن عثمان، وأبي بكر بن أبي مريم وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، وعفير من معدان وأرطاة بن المنذر، وإسماعيل بن عياش ويزيد بن سعيد بن ذي عصوان، وأبي مهدي سعيد بن سنان، وطائفة وما علمت له رحلة.

حدث عنه: أحمد، وابن معين ومحمد بن يحيى، وعمرو بن منصور النسائى، وعبيد الله بن فضالة، وعمران بن بكار وأبو محمد الدارمي، وأبو عبد الله البخاري، وعثمان الدارمي، وأبو حاتم ومحمد بن عوف، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وموسى بن عيسى بن المنذر، وعلي بن محمد الحكاني وأحمد بن الفرات وخلق سواهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 472"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2691"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 164"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 586"، وتذكرة الحفاظ "1/ 418"، والعبر "1/ 384"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2205"، وتهذيب التهذيب "2/ 441"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1565"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 50".

ص: 399

قال أحمد بن حنبل: أما حديث أبي اليمان عن حريز وصفوان بن عمرو فصحيح. ثم قال أحمد: هو يقول: أخبرنا شعيب واستحل ذلك بشيء عجيب كأنه أمر شعيب في الحديث عسرا جدا، وكان علي بن عباس سمع منه، وذكر قصة لأهل حمص أراها أنهم سألوه أن يأذن لهم في أن يرووا عنه فقال لهم: لا ترووا هذه الأحاديث عني يعني: شعيبًا قال أبو عبد الله: ثم كلموه، وحضر ذلك أبو اليمان فقال لهم: ارووا تلك الأحاديث عني. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: مناولة؟ قال: لو كان مناولة كان لم يعطهم كتبًا ولا شيئًا إنما سمع هذا فقط فكان ولد شعيب يقول: إن أبا اليمان جاءني فأخذ كتب شعيب مني بعد وهو يقول: أخبرنا فكأنه استحل ذلك بأن سمع شعيبا يقول لقوم: ارووه عني.

قال إبراهيم بن ديزيل: سمعت أبا اليمان يقول: قال لي أحمد بن حنبل: كيف سمعت الكتب من شعيب؟ قلت: قرأت عليه بعضه وبعضه قرأه علي وبعضه أجاز لي، وبعضه مناولة قال: فقال في كله: أخبرنا شعيب.

وقال ابن معين: سألت أبا اليمان عن حديث شعيب بن أبي حمزة فقال: ليس هو مناولة المناولة لم أخرجها إلى أحد.

وروى أبو زرعة النصري عن أبي اليمان قال: كان شعيب عسرًا في الحديث فدخلنا عليه حين حضرته الوفاة فقال: هذه كتبي وقد صححتها فمن أراد أن يأخذها فليأخذها، ومن أراد أن يعرض فليعرض، ومن أراد أن يسمعها من ابني فليسمعها فإنه قد سمعها مني.

سعيد بن عمرو البرذعي عن أبي زرعة الرازي قال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلَّا حديثًا واحدًا، والباقي إجازة.

قال أبو داود: سمعت محمد بن عوف يقول: لم يسمع أبو اليمان من شعيب بن أبي حمزة إلَّا كلمة.

وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت أحمد بن حنبل عن حديث الزهري، عن أنس عن أم حبيبة فقال: ليس هذا من حديث الزهري هذا من حديث ابن أبي حسين فسألت أحمد بن صالح عنه فقال: ليس له أصل عن الزهري وأنكره.

قلت: قرئ هذا على إبراهيم بن الدرجي وأجازه لي عن أبي جعفر الصيدلاني أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة أخبرنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب، عن الزهري عن أنس عن أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 400

"أريت ما تلقى أمتي من بعدي وسفك بعضهم دماء بعض، وكان سابقًا من الله فسألته أن يوليني شفاعة فيهم ففعل"

(1)

.

رواه عبد الله بن أحمد، عن أبيه عن أبي اليمان فقال: عن شعيب عن ابن أبي حسين عن أنس ثم قال عبد الله: فقلت: ههنا قوم يحدثون به عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري فقال: ليس ذا من حديث الزهري.

قال أبو زرعة: قال لي أحمد بن حنبل: كتاب شعيب عن ابن أبي حسين ملصق بكتاب الزهري، فبلغني أن أبا اليمان حدثهم به، عن شعيب عن الزهري، وليس له أصل كأنه يذهب إلى أنه اختلط بكتاب الزهري، فرأيته كأنه يعذر أبا اليمان ولا يحمل عليه فيه.

وقال مكحول البيروتي: عن جعفر بن محمد بن أبان الحراني: سألت يحيى بن معين عن حديث أبي اليمان يعني: المذكور فقال: أنا سألت أبا اليمان فقال: الحديث حديث الزهري فمن كتبه عني فقد أصاب، ومن كتبه عني من حديث ابن أبي حسين فهو خطأ إنما كتب في آخر حديث ابن أبي حسين فغلطت، فحدثت به من حديث ابن أبي حسين، وهو صحيح من حديث الزهري.

وروى ابن صاعد عن إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال لنا أبو اليمان: الحديث حديث الزهري، والذي حدثتكم عن ابن أبي حسين غلطت فيه بورقة قلبتها.

قلت: تعين أن الحديث، وهم فيه أبو اليمان وصمم على الوهم؛ لأن الكبار حكموا بأن الحديث ما هو عند الزهري، والله أعلم.

عباس الدوري: سمعت يحيى يقول في حديث أبي اليمان عن شعيب، عن الزهري عن عقبة بن سويد، عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يغزو جيش الكعبة"

(2)

. فقال يحيى: إنما هو عن سحيم مولى أبي هريرة عن أبي هريرة.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 427 - 428". وقال عبد الله: قلت لأبي ههنا قوم يحدثون به عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري قال: ليس هذا من حديث الزهري إنما هو من حديث ابن أبي حسين.

قلت: ابن أبي حسين هذا ثقة، واسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2118"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 11" من طريق إسماعيل بن زكريا عن محمد بن سوقة قال: سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول: حدثتني عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم". قالت: قلت: يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: "يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم"، وأخرجه أحمد "6/ 105"، ومسلم "2884" من طريق القاسم بن الفضل الحداني، عن محمد بن زياد عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، به نحوه.

ص: 401

قال أبو حاتم: كان أبو اليمان يسمى كاتب إسماعيل بن عياش كما يسمى أبو صالح كاتب الليث، وهو ثقة نبيل صدوق.

وقال العجلي: لا بأس به.

وقال ابن عمار الموصلي: كان ثقة، وكان بسلمية وكان إذا جاءه أهل الحديث قال لهم: القطوا لي الزعفران، وثمت ينبت الزعفران. فكانوا يلقطون ثم يحدثهم.

وقال محمد بن عيسى الطرسوسي: سمعت أبا اليمان يقول: صرت إلى مالك فرأيت ثم من الحجاب، والفرش شيئًا عجيبًا فقلت: ليس ذا من أخلاق العلماء فمضيت، وتركته ثم ندمت بعد.

وبلغنا: أن أبا اليمان كتب كتب إسماعيل بن عياش، ولم يدع منها شيئًا في القراطيس.

وفي الصحيحين نحو من أربعين حديثًا عند البخاري عن أبي اليمان قد أخرجها: مسلم عن الدارمي عن أبي اليمان وجميعها يقول فيها: أخبرنا شعيب ما قال قط: حدثنا فهذا يوضح لك أنها بالإجازة، وهي منقولة جزمًا من خطب شعيب، وكان من أثبت أصحاب الزهري. والمقصود من الرواية إنما هو العلم الحاصل بأن هذا الخبر حدث به فلان على أي صفة كان من صفات الأداء. وقد كان أبو اليمان عالم وقته بحمص استقدمه المأمون ليوليه قضاء حمص.

وروينا بإسناد قوي عن أبي اليمان أنه قال: ولدت سنة ثمان وثلاثين ومائة.

قال محمد بن مصفى، وأبو زرعة النصري والفسوي مات أبو اليمان سنة إحدى وعشرين ومائتين.

وقال ابن سعد والبخاري ومطين: سنة اثنتين وعشرين زاد ابن سعد: في ذي الحجة بحمص.

ص: 402

‌1615 - حجين بن المثنى

(1)

: " خ، م، د، ت، س"

الإمام الثقة أبو عمر اليماني اللؤلؤي نزيل بغداد.

حدث عن: عبد العزيز بن الماجشون، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ومالك بن أنس، والليث بن سعد وعدة.

وعنه: أحمد بن حنبل ومحمد بن رافع، وحجاج بن الشاعر والرمادي، وعباس الدوري، وأحمد بن منصور زاج وآخرون. وثقه ابن سعد.

وقال البخاري: كان قاضيًا على خراسان وأصله من اليمامة.

قال ابن سعد: قدم بغداد ونزلها وكان صاحب جوهر ولؤلؤ لزم السوق وكان ثقة.

قلت: بقي إلى نحو سنة عشر ومائتين وكان من أبناء السبعين.

(1)

وقع في المطبوع: "أبو عمر اليماني"، والصواب كما في كتاب "تهذيب الكمال" وغيره "أبو عمر اليمامي"، وهو ما أثبتناه. وترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 338"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 453"، والكنى للدولابي "2/ 40"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1429"، وتاريخ بغداد "8/ 282" والإكمال لابن ماكولا "2/ 392"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 325"، وتهذيب التهذيب "2/ 216"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1705". ووقع في طبقات ابن سعد "حجير" وهو تصحيف وما أثبتناه "حجين" في كتب التراجم الأخرى.

ص: 403

‌1616 - قالون

(1)

:

مقرئ المدينة وتلميذ نافع هو: الإمام المجود النحوي أبو موسى عيسي بن مينا مولى بني زريق يقال: كان ربيب نافع فلقبه بقالون لجودة قراءته.

روى عن: شيخه وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير وابن أبي الزناد.

وعنه: أبو زرعة وابن ديزيل وإسماعيل القاضي، وأحمد بن صالح وأبو نشيط وموسى بن إسحاق وخلق.

وتلا عليه: ابنه أحمد والحلواني وأبو نشيط وعدة.

قال علي بن الحسن الهسنجاني: كان شديد الصمم فكان ينظر إلى شفتي القارئ ويرد.

قلت: مات سنة عشرين ومائتين عن نيف وثمانين سنة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1609"، والعبر "1/ 380"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 235"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 48".

ص: 403

‌1617 - سعيد بن أبي مريم

(1)

: " ع"

هو: الحافظ العلامة الفقيه محدث الديار المصرية أبو محمد سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم الجمحي مولاهم المصري.

حدث عن: نافع بن عمر الجمحي، وأبي غسان محمد بن مطرف، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، ومالك والليث وسليمان بن بلال، ونافع بن يزيد، ويحيى بن أيوب، وأسامة بن زيد بن أسلم وحماد بن زيد، وخلاد بن سليمان الحضرمي والعطاف بن خالد وخلق من طبقتهم.

روى عنه: البخارى والذهلي وأبو بكر الصاغاني ومحمد بن عوف، وأحمد بن عبد الله العجلي، وإسحاق الكوسج وإسماعيل سمويه، وحميد بن زنجويه وعبيد بن عبد الواحد البزار، وأبو حاتم، ويحيى بن عثمان بن صالح والفسوي، ومحمد بن عبد الله بن البرقي، وابن معين وأثنى عليه وخلق سواهم منهم: ابن أخيه أحمد بن سعد الحافظ.

قال أبو داود: ابن أبي مريم عندي حجة.

وقال أبو حاتم وغيره: ثقة.

قلت: كان من أئمة الحديث.

قال العجلي: ثقة كان له دهليز طويل، وكان يأتيه الرجل فيقف فيسلم عليه فيرد عليه: لا سلم الله عليك، ولا حفظك وفعل بك فأقول: ما هذا؟ فيقول: قدري، ويأتي آخر فيقول له مثل ذلك فأقول: ما هذا؟ فيقول: جهمي خبيث ويأتي آخر فيقول: رافضي ولا تظن إلَّا رد عليه سلامه. وكان عاقلا لم أر بمصر أعقل منه ومن عبد الله بن عبد الحكم.

قال أبو محمد الرامهرمزي: حدثني محمد بن محمد بن يحيى بمدينة سابور حدثنا

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1547"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 207"، "2/ 445"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 49"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 392"، والكاشف "1/ ترجمة 1887"، والعبر "1/ 390"، وتهذيب التهذيب "4/ 82"، وتقريب التهذيب "1/ 293"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 346"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2433"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 53".

ص: 404

عثمان بن سعيد الدارمي قال: كنا عند سعيد بن أبي مريم فأتاه رجل فسأله كتابًا ينظر فيه، أو سأله أن يحدثه بأحاديث فامتنع عليه وسأله آخر في ذلك فأجابه فقال له الأول: سألتك فلم تجبني، وسألك هذا فأجبته، وليس هذا حق العلم، أو نحو هذا من الكلام فقال له ابن أبي مريم: إن كنت تعرف الشيباني من السيباني، وأبا حمزة من أبي جمرة، وكلاهما عن ابن عباس حدثناك وخصصناك كما خصصنا هذا.

قلت: يقع في حديث سعيد غرائب لسعة علمه.

قال أبو سعيد بن يونس: سعيد بن الحكم بن أبي مريم الفقيه مولى أبي فاطمة، ويقال: أبو فطيمة مولى أبي الضبيع مولى بني جمح. ولد: سنة أربع، وأربعين ومائة ومات: سنة أربع وعشرين ومائتين.

خرج له أصحاب الكتب الستة.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا ابن الحصين أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا يحيى بن أبوب، وابن لهيعة قالا: حدثنا ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن عباس بن عبد المطلب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب الجبهة وكفاه وركبتاه وقدماه"

(1)

.

وكذلك رواه: الليث، وبكر بن مضر عن ابن الهاد. وأخرجه: الجماعة سوى البخاري.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "491"، وأبو داود "891"، والترمذي "272"، والنسائي "2/ 208" وقوله:"آراب": أي أعضاء، واحدها إرْبٌ بالكسر والسكون.

ص: 405

‌1618 - سليمان بن حرب

(1)

: " ع"

ابن بجيل الإمام الثقة الحافظ شيخ الإسلام أبو أيوب الواشحي

(2)

الأزدي البصري قاضي مكة.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وغيره إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع بي من يهوددي، أو نصراني ثم لم يسلم دخل النار"

(3)

.

حدث عن: شعبة، وحوشب بن عقيل والأسود بن شيبان، ويزيد بن إبراهيم، ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة وبسطام بن حريث والسري بن يحيى، وجرير بن حازم وسليمان بن المغيرة، وسلام بن أبي مطيع ومحمد بن طلحة من مصرف وعدة.

وعنه: البخاري وأبو داود والحميدي، ومات قبله وعمرو بن علي الفلاس، ويحيى بن موسى خت، ومحمد بن يحيى الذهلي والحسن بن علي الخلال، وحجاج بن الشاعر وأحمد بن سعيد الدارمي، وعباس الدوري وعبد بن حميد والدارمي وأبو زرعة ومحمد بن الضريس، وأبو مسلم الكجي وأبو خليفة، وخلق كثير. ومن القدماء: يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل.

قال أبو حاتم: سليمان بن حرب: إمام من الأئمة كان لا يدلس، ويتكلم في الرجال وفي الفقه، وليس بدون عفان ولعله أكبر منه، وقد ظهر له نحو من عشرة آلاف حديث، وما رأيت في يده كتابًا قط، وهو أحب إلي من أبي سلمة التبوذكي في حماد بن سلمة وفي كل شيء، ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد فحزروا من حضر مجلسه: أربعين ألف رجل وكان مجلسه عند قصر المأمون فبنى له شبه منبر فصعد سليمان وحضر حوله جماعة من القواد عليهم السواد والمأمون فوق قصره وقد فتح باب القصر وقد أرسل ستر شف، وهو خلفه، وكتب ما يملى فسئل سليمان أول شيء حديث حوشب بن عقيل، فلعله قد قال: حدثنا حوشب بن عقيل أكثر من عشرات مرات، وهم يقولون: لا نسمع فقام مستمل ومستمليان، وثلاثة كل ذلك يقولون: لا نسمع حتى قالوا: ليس الرأي إلَّا أن يحضر هارون المستملي فلما حضر قال: من ذكرت؟ فإذا صوته خلاف الرعد فسكتوا وقعد المستملون كلهم فاستملى هارون، وكان لا يسأل عن حديث إلَّا حديث من حفظه.

وسئل عن حديث فتح مكة فحدثنا به من حفظه فقمنا فأتينا عفان فقال: ما حدثكم أبو أيوب؟ فإذا هو يعظمه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 300"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1782"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 481"، وتاريخ بغداد "9/ 33"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 278"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 393" والعبر "1/ 390"، والكاشف "1/ ترجمة 2099"، وتهذيب التهذيب "4/ 178"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2679"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 54".

(2)

الواشحي: نسبة إلى واشح، وهي بطن من الأزد.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم "153" من طريق أبي يونس، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به؛ إلا كان من أصحاب النار".

ص: 406

قال أبو حاتم الرازي أيضًا: كان سليمان بن حرب قل من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة.

قال يعقوب الفسوي: سمعت سيلمان بن حرب يقول: طلبت الحديث سنة ثمان، وخمسين ومائة، واختلف إلى شعبة فلما مات جالست حماد بن زيد تسع عشرة سنة حتى مات وأعقل موت ابن عون، وكنت لا أكتب عن حماد بن زيد حديث ابن عون كنت أقول: رجل قد أدركت موته ثم إني كتبته بعد.

قال محمد بن يحيى الصولي: حدثنا المقدمي القاضي حدثنا أبي حدثنا يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: من تركت بالبصرة؟ فوصفت له مشايخ منهم سليمان بن حرب، وقلت: هو ثقة حافظ للحديث عاقل في نهاية الستر والصيانة فأمرني بحمله إليه فكتبت إليه في ذلك فقدم، فاتفق أني أدخلته إليه وفي المجلس ابن أبي دواد وثمامة، وأشباه لهما فكرهت أن يدخل مثله بحضرتهم، فلما دخل سلم فأجابه المأمون، ورفع مجلسه ودعا له سليمان بالعز والتوفيق. فقال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين نسأل الشيخ عن مسألة؟ فنظر المأمون إليه نظر تخيير له فقال سليمان: يا أمير المؤمنين حدثنا حماد بن زيد قال: قال رجل لابن شبرمة: أسألك؟ قال: إن كانت مسألتك لا تضحك الجليس، ولا تزري بالمسؤول فسل. وحدثنا وهيب قال: قال إياس بن معاوية: من المسائل ما لا ينبغي للسائل أن يسأل عنها، ولا للمجيب أن يجيب فيها فإن كانت مسألته من غير هذا فليسأل، وإن كانت من هذا فليمسك. قال: فهابوه فما نطق أحد منهم حتى قام، وولاه قضاء مكة فخرج إليها.

قال أحمد بن سنان: حدثنا المسعري قال: جاء رجل إلى سليمان بن حرب فقال: إن مولاك فلانًا مات وخلف قيمة عشرين ألف درهم قال: فلان أقرب إليه مني المال لذاك دوني قال: وهو يومئذ محتاج إلى درهم.

قال الخطيب: ولي سليمان قضاء مكة سنة أربع عشرة ومائتين ثم عزل سنة تسع عشرة ومائتين.

أنبأنا ابن علان وطائفة سمعوا أبا اليمن الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب، أخبرنا البرقاني حدثنا الحسين بن علي التميمي حدثنا أبو عوانة الإسفراييني، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي، سمعت علي بن المديني سنة عشرين ومائتين وقد ذكر له سليمان بن حرب فجعل يكثره فقال: حدثنا يحيى بن سعيد حدثني سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال: ما أخاف على أيوب، وابن عون إلَّا الحديث.

ص: 407

أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول كان سليمان بن حرب يحدث بحديث ثم يحدث بحديث ثم يحدث به كأنه ليس ذاك.

قال الخطيب: كان يحدث على المعنى فتتغير ألفاظ الحديث في روايته.

قال الإمام أحمد كتبنا عن سيلمان بن حرب، وابن عيينة حي.

قال يعقوب بن شيبة: حدثنا سليمان بن حرب، وكان ثقة ثبتا صاحب حفظ.

وقال النسائى: ثقة مأمون.

وقال البخاري: قال سليمان بن حرب: ولدت في صفر سنة أربعين ومائة.

وقال ابن سعد وغيره: رجع من مكة، وصرف من قضائها ومات بالبصرة في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائتين.

ص: 408

‌1619 - آدم بن أبي إياس

(1)

: " خ، ت، س، ق"

الإمام الحافظ القدوة شيخ الشام أبو الحسن الخراساني المروذي ثم البغدادي، ثم العسقلاني محدث عسقلان، واسم أبيه: ناهية بن شعيب وقيل: عبد الرحمن.

ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

وسمع بالعراق ومصر والحرمين والشام.

حدث عن: ابن أبي ذئب ومبارك بن فضالة، وشعبة بن الحجاج، والمسعودي والليث، وحريز بن عثمان، وورقاء وحماد بن سلمة وشيبان النحوي وإسرائيل بن يونس وحفص بن ميسرة وخلق.

وعنه: البخاري في صحيحه وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن عبد الله العكاوي، وإسماعيل سمويه وهاشم بن مرثد الطبراني وإسحاق بن سويد الرملي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حاتم الرازي وثابت بن نعيم الهوجي، وإبراهيم بن ديزيل سيفنه وخلق سواهم.

قال أبو حاتم الرازي: ثقة مأمون متعبد من خيار عباد الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 490"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1613"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 970"، والأنساب للسمعاني "8/ 449"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 414"، وتهذيب التهذيب "1/ 196"، وتقريب التهذيب "1/ 30"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 47".

ص: 408

وذكره أحمد بن حنبل فقال: كان مكينا عند شعبة كان من الستة الذين يضبطون عنده الحديث.

قال أبو بكر الأعين: أتيت آدم العسقلاني فقلت له: عبد الله بن صالح كاتب الليث يقرئك السلام فقال: لا تقرئه مني السلام قلت: ولم؟ قال: لأنه قال: القرآن مخلوق.

فأخبرته بعذره وأنه أظهر الندامة، وأخبر الناس بالرجوع. قال: فأقرئه السلام وإذا أتيت أحمد بن حنبل فأقره السلام، وقل له: يا هذا اتق الله وتقرب إلى الله تعالى بما أنت فيه، ولا يستفزنك أحد فإنك إن شاء الله مشرف على الجنة، وقل له: أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أرادكم على معصية الله فلا تطيعوه"

(1)

. قال: فأبلغت ذلك أبا عبد الله فقال: رحمه الله حيًا وميتًا فلقد أحسن النصيحة.

قال أبو حاتم: حضرت آدم بن أبي إياس فقال له رجل: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن شعبة أكان يملي عليهم ببغداد أو كان يقرأ؟ قال: كان يقرأ، وكان أربعة يكتبون: آدم، وعلي النسائي فقال آدم: صدق أحمد كنت سريع الخط وكنت أكتب وكان الناس يأخذون من عندي، وقدم شعبة بغداد فحدث بها أربعين مجلسًا في كل مجلس مائة حديث فحضرت منها عشرين مجلسًا.

قال إبراهيم بن الهيثم البلدي: بلغ آدم نيفًا وتسعين سنة، وكان لا يخضب كان أشغل من ذلك يعني: من العبادة.

قال الحسين الكوكبي: حدثني أبو عبد الله المقدسي قال: لما حضرت آدم الوفاة ختم القرآن، وهو مسجى ثم قال: بحبي لك إلَّا ما رفقت لهذا المصرع كنت أؤملك لهذا اليوم كنت أرجوك ثم قال: لا إله إلَّا الله ثم قضى رحمه الله. رواها: أحمد بن عبيد عن أبي علي المقدسي.

قال محمد بن سعد: مات آدم في جمادى الآخرة سنة عشرين ومائتين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وفي السنة أرخه يعقوب الفسوي ومطين.

وقال أبو زرعة النصري: مات سنة إحدى وعشرين.

قلت: الأول أصح وقد حدث عنه رفيقه بشر بن بكر التنيسي ومات قبله بمدة.

(1)

حسن: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""7/ 29" وفيه محمد بن عجلان، صدوق.

ص: 409

أنبأنا جماعة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا إبراهيم بن الهيثم، حدثنا آدم حدثنا شيبان عن جابر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: سئل رسول الله عليه وسلم عن قتل الحية قال: خلقت هي والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه إن رآها أفزعته وإن لدغته قتلته فاقتلها حيث وجدتها". جابر الجعفي: واهٍ

(1)

.

وفي سنة عشرين: وفاة شيخ القراء قالون، وهو الإمام النحوي أبو موسى عيسى بن مينا المدني مولى زهرة، وشيخه نافع هو الذي لقبه قالون لجودة أدائه. سقت من حاله في ديوان القراء.

(1)

ضعيف جدا: آفته جابر بن يزيد الجعفي، قال النسائي وغيره: متروك. وقال أبو داود: ليس عندي بالقوى في حديثه. وقال الجوزجاني: كذاب.

ص: 410

‌1620 - علي بن عياش

(1)

: " خ، (4) "

ابن مسلم الحافظ الصدوق العابد أبو الحسن الألهاني الحمصي.

قال: ولدت في سنة ثلاث وأربعين ومائة.

حدث عن: حريز بن عثمان التابعي، وعفير بن معدان، وشعيب بن أبي حمزة والمثنى بن الصباح، وما أحسبه لحقه، وأبي غسان محمد بن مطرف وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وصدقة بن عبد الله السمين، وعتبة بن ضمرة بن حبيب وإسماعيل بن عياش وطائفة.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعمرو بن منصور النسائي، وأبو إسحاق الجوزجاني، والبخاري في صحيحه، وإبراهيم بن الهيثم البلدي وأبو زرعة النصري، ومحمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن عبد الرحيم الحوطي، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد وإسماعيل بن عبد الله سمويه ومحمد بن عوف الطائي، وأحمد بن محمد بن الحارث بن عرق وخلق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 473"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2433"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 203، 362"، "317، 385"، والكنى للدولابي "1/ 147"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1093"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 383"، والكاشف "2/ ترجمة 4011"، والعبر "1/ 242، 376"، وتهذيب التهذيب "7/ 368"، وتقريب التهذيب "2/ 42"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5030"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 45".

ص: 410

وثقه النسائي وجماعة.

وقال أبو حاتم: كنت أفيد الناس عن علي بن عياش، وأنا بدمشق فيخرجون إليه، ويسمعون منه، وأنا مقيم بدمشق حتى ورد نعيه.

قال يحيى بن أكثم: أدخلت علي بن عياش على المأمون فتبسم ثم بكى فقال: يا يحيى أدخلت علي مجنونا! فقلت: أدخلت عليك خير أهل الشام وأعلمهم ما خلا أبا المغيرة?.

قلت: الرجل عمل بالسنة فسلم، وتبسم ثم بكى لما رأى من الكبر والجبروت.

قال يعقوب الفسوي: مات سنة تسع عشرة ومائتين.

أخبرنا شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمن بن محمد، وأبو المعاني أحمد بن عبد السلام كتابة قالا: أخبرنا عمر بن طبرزد أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم بن الهيثم حدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: كان الآخر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار

(1)

.

وبه: حدثنا علي بن عياش حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن عائشة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طهور كل أديم دباغه"

(2)

.

هذا حديث نظيف الإسناد، غريب، لم أجده في الكتب الستة.

أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل، وجماعة إذنًا عن أبي جعفر الصيدلاني، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أخبرنا ابن ريذة، وأنبأنا أحمد ابن أبي الخير، عن محمد بن أبي زيد أخبرنا محمود بن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن محمد بن فاذشاه قالا: أخبرنا سليمان بن أحمد

(1)

صحيح: أخرجه أبو داود "192"، والنسائي "1/ 108"، وابن خزيمة "43"، وابن الجارود "24"، والطحاوي "1/ 67"، والبيهقي في "السنن""1/ 155 - 156"، والحازمي في "الاعتبار""ص 48"، وابن حزم في "المحلى""1/ 243" من طريق علي بن عياش، به.

(2)

صحيح: أخرجه الدارقطني "1/ 49" من طريق علي بن عياش، به، وأخرجه أحمد "6/ 154 - 155"، وللنسائي "7/ 174" من طريق شريك، عن الأعمش سليمان، عن عمارة بن عمير، عن الأسودن عن عائشة قالت:"سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة فقال: "دباغها طهورها". وله شاهد من حديث ابن عباس: عند مسلم "366"، وأبي داود "4123"، والترمذي "1728"، والنسائي "7/ 173"، وشاهد آخر من حديث سلمة بن المحبق: عند أحمد "3/ 476" و"5/ 6"، وأبي داود "4125" والنسائي "7/ 173 - 174".

ص: 411

حدثنا أبو زرعة حدثنا علي بن عياش، حدثنا حريز بن عثمان عن عبد الواحد بن عبد الله النصري، سمعت واثلة بن الأسقع يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعظم الفري أن يدعى الرجل إلى غير أبيه، أو يرى عينيه في المنام ما لم ير، ويقول على الله ورسوله ما لم يقل".

أخرجه البخاري

(1)

عن علي.

قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قال: وجه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه دمشق فاختاروا أربعة: يحيى بن صالح، وأبا اليمان وعلي بن عياش، وخالد بن خلي فأدخل خالد فقيل: ما تقول في أبي اليمان؟ قال: شيخنا، وعالمنا قال: فما تقول في علي بن عياش؟ قال: رجل من الأبدال إذا نزلت بنا نازلة، سألناه فدعا الله فيكفها، وإذا استسقى لنا، سقينا.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3509".

ص: 412

‌1621 - أبو الوليد الطَّيَالسي

(1)

: " ع"

هشام بن عبد الملك الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام أبو الوليد الباهلي مولاهم، البصري الطيالسي.

ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائة وهو أكبر من عبد الرحمن بن مهدي.

حدث عن: عكرمة بن عمار، وعمر بن أبي زائدة وشعبة وهشام الدستوائي، ويزيد بن إبراهيم، وهمام بن يحيى وداود بن أبي الفرات وإسرائيل وزائدة، وأبي هاشم الزعفراني والمثنى بن سعيد الضبعي، وعاصم بن محمد العمري وسلم بن زرير وعمر بن مرقع بن صيفي وجرير بن حازم وسليمان بن المغيرة، وسلام بن مسكين، وسلام بن أبي مطيع وابن الماجشون وعبد الرحمن بن الغسيل ومالك والليث، ومهدي بن ميمون وخلق كثير.

وعنه: البخاري وأبو داود وإسحاق بن راهوية ومحمد بن سعد وبندار ومحمد بن مثنى والذهلي، وإسحاق الكوسج وأبو إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن سنان،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 300"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2679"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 253"، والكاشف "3/ ترجمة 6076"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 380"، والعبر "1/ 399"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 9232"، وتهذيب التهذيب "11/ 45"، وتقريب التهذيب "2/ 319"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7684"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 62".

ص: 412

والحسن بن علي الخلال، وأبو محمد الدارمي وأحمد بن الفرات، وعبد بن حميد وأبو زرعة وأبو حاتم، وابن وراة وتمتام ومحمد بن حيان المازني، ومحمد بن محمد التمار ومعاذ بن المثنى، ومحمد بن أيوب بن الضريس والعباس بن الفضل الأسفاطي ومحمد بن يعقوب بن سورة، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأحمد بن عمرو القطراني، وعثمان بن عمر الضبي ومحمد بن الربيع بن شاهين، وأحمد بن إبراهيم بن عنبر البصري ومحمد بن إبراهيم بن بكير الطيالسي، وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو مسلم الكجي، وأحمد بن داود المكي، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي الأصبهاني، والحسن بن سهل المجوز وخلق كثير خاتمتهم: أبو خليفة الفضل بن الحباب.

قال أحمد بن حنبل: أبو الوليد متقن. وقال: هو أكبر من ابن مهدي بثلاث سنين أبو الوليد اليوم شيخ الإسلام ما أقدم عليه اليوم أحدًا من المحدثين.

وقال محمد بن مسلم بن وارة الحافظ: قلت لأحمد بن حنبل: أبو الوليد أحب إليك في شعبة، أو أبو النضر؟ قال: إن كان أبو الوليد يكتب عند شعبة فأبو الوليد قلت: فإني سمعت أبا الوليد يقول: بينا أنا أكتب عند شعبة إذ بصر بي فقال: وتكتب؟ فوضعت الألواح من يدي وجعلت أنظر إليه.

قلت: كأنه كره الكتابة؛ لأنه كان قادرا على أن يحفظ.

وقال ابن وارة أيضا: قال لي علي بن المديني: اكتب عن أبي الوليد الأصول، فإن غير الأصول تصيب وقال لي أبو نعيم: لولا أبو الوليد ما أشرت عليك أن تقدم البصرة، فإن دخلتها لا تجد فيها إلَّا مغفلًا إلَّا أبا الوليد.

قلت: عفا الله عن أبي نعيم فقد كان إذ ذاك بالبصرة مثل علي بن المديني وعمرو بن علي وطائفة من أعلام الحديث.

قال ابن وارة: حدثني أبو الوليد وما أراني أدركت مثله.

قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: أبو الوليد شيخ الإسلام.

وقال الحافظ أبو حفص المروزي: سمعت محمد بن غالب سمعت أبا الوليد يقول: لو كنت عبدًا لكم لاستبعت إلى متى؟! هو ذا أحدث منذ سبعين سنة أول من كتب عني جرير بن عبد الحميد كتب عني حديث القلادة.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أبو الوليد: بصري ثقة ثبت في الحديث كان يروي عن سبعين امرأة، وكانت إليه الرحلة بعد أبي داود الطيالسي.

ص: 413

ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو الوليد أمير المحدثين.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة، وذكر أبا الوليد فقال: أدرك نصف الإسلام، وكان إمامًا في زمانه جليلًا عند الناس.

قال: وسمعت أبي أبا حاتم يقول: أبو الوليد: إمام فقيه عاقل ثقة حافظ ما رأيت في يده كتابًا قط. وسئل أبي عن أبي الوليد وحجاج بن منهال فقال: أبو الوليد عند الناس أكبر كان يقال: سماعه من حماد بن سلمة فيه شيء كأنه سمع منه بأخرة، وكان حماد ساء حفظه في آخر عمره.

وقال أبو حاتم أيضًا: ما رأيت قط بعده كتابًا أصح من كتابه.

وروى محمد بن سلمة بن عثمان عن معاوية بن عبد الكريم الزيادي قال: أدركت البصرة، والناس يقولون: ما بالبصرة أعقل من أبي الوليد وبعده أبو بكر بن خلاد.

وروى أبو بكر بن أبي الدنيا عن أبي عبد الله محمد بن حماد قال: استأذن رجل على أبي الوليد الطيالسي، فوضع رأسه على الوسادة، ثم قال للخادم: قولي له: الساعة وضع رأسه.

قال محمد بن سعد والبخاري، وجماعة: مات أبو الوليد سنة سبع، وعشرين ومائتين.

قال البخاري: في ربيع الآخر، وقال غيره: في صفر منها.

قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله في شوال سنة ثلاث، وتسعين أنبأكم عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أخبرنا محمد بن أيوب البجلي، أخبرنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبة عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سئل المسلم في القبر فشهد أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} [إبراهيم: 27] ".

وبه: قال البجلي: حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا شعبة بهذا. أخرجه: البخاري

(1)

، عن أبي الوليد والحوضي.

أنبأنا جماعة عن أسعد بن روح أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أخبرنا ابن ريذة أخبرنا

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4699"، من طريق أبي الوليد "1369" من طريق حفص بن عمر كلاهما عن شعبة، به.

ص: 414

سليمان بن أحمد، حدثنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا عبد الحميد بن بهرام حدثنا شهر سمعت أم سلمة تقول: جاءت فاطمة غدية بثريد لها تحملها في طبق، حتى وضعتها بين يديه صلى الله عليه وسلم فقال لها:"أين ابن عمك"؟. قالت: هو في البيت قال: "ادعيه وائتيني بابني". قالت: فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد، وعلي يمشي في أثرها حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسهما في حجره، وجلس علي على يمينه، وجلست فاطمة عن يساره. قالت أم سلمة: فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت، ببرمة فيها خزيرة

(1)

، فجلسوا يأكلون من تلك البرمة وأنا أصلي في تلك الحجرة، فنزلت هذه الآية:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. فأخذ فضل الكساء فغشاهم ثم أخرج يده اليمنى من الكساء، وألوى بها إلى السماء ثم قال:"اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي". قالت: فأدخلت رأسي فقلت: يا رسول الله وأنا معكم قال: "أنت إلى خير". مرتين

(2)

.

رواه الترمذي مختصرًا وصححه من طريق الثوري عن زبيد عن شهر بن حوشب.

(1)

قوله: بُرْمَة: هي القدر. والخزيرة: لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذر عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة. وقيل: هي حسا من دقيق ودسم. وقيل: إذا كان من دقيق فهي حريرة، وإذا كان من نخالة فهي خزيرة.

(2)

أخرجه الطبراني في "الكبير""3/ 2666" حدثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي قالا: حدثنا حجاج بن المنهال "ح" وحدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، به.

قلت: فيه شهر بن حوشب، ضعيف سيئ الحفظ. وقد ورد بهذا اللفظ عن أم سلمة عند الترمذي "3205"، "3787" حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، عن أمه في قصة.

قلت: إن كان يحيى بن عبيد هو المكي، مولى بني مخزوم، فهو ثقة، والإسناد حسن، وإلا فهو مجهول ويضعف الإسناد به، وهذا الراوي لم يتبين للحافظ المزي، وللحافظ ابن حجر العسقلاني لم يتبين لهما من هو فقال: يحتمل أن يكون يحيى بن عبيد المكي وإلا فهو مجهول، وإن كنت أرجح أن الحديث ضعيف بهذا اللفظ لجهالة هذا الرجل لماذا؟ لأن الترمذي قال في إثر الحديث:"هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة".

يقول محمد أيمن الشبراوي: اصطلاح الترمذي هذا: "هذا حديث غريب" معروف عند الأكابر بله أصاغر طلاب علم الحديث أن الحديث ضعيف عنده، فيحيى بن عبيد ليس المكي، وإنما هو رجل مجهول والله تعالى أعلم. لكن قد ورد الحديث عن عائشة قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله. ثم جاء الحسين فدخل معه. ثم جاءت فاطمة فأدخلها. ثم جاء علي فأدخله. ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. أخرجه مسلم "2424" بإسناده عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، به، وقد سبق لنا تخريج هذا الحديث في المجلد الرابع بتعليقنا وتخريجنا رقم "654".

ص: 415

‌1622 - إسماعيل بن أبان

(1)

: " خ"

الوراق الكوفي الحافظ.

سمع: مسعر بن كدام وعبد الرحمن بن الغسيل، وإسرائيل بن يونس، وعبد الحميد بن بهرام، وأبا المحياة يحيى بن يعلى التيمي ويحيى بن يعلى الأسلمي، وأبا الأحوص سلام بن سليم وشريك بن عبد الله، وخلقا سواهم.

حدث عنه: البخاري وأبو محمد الدارمي، وأبو زرعة الرازي وإسماعيل سمويه، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني، وأبو عمرو بن أبي غرزة الغفاري، والحسين بن الحكم الحبري، ومحمد بن سليمان الباغندي، وبشر كثير.

وكان من أئمة الحديث.

وثقة أحمد بن حنبل وأبو داود.

وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين قال: إسماعيل بن أبان الوراق ثقة وإسماعيل بن أبان الغنوي كذاب، وضع حديثا: أن السابع من ولد العباس يلبس الخضرة يعني: المأمون.

قيل: كان في الوراق تشيع قليل كدأب أهل بلده.

أرخ أبو جعفر مطين موت الوراق في سنة ست عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1092"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 538"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 132"، وميزان الاعتدال "1/ 212"، والكاشف "1/ ترجمة 347"، وتهذيب التهذيب "1/ 269".

ص: 416

‌1623 - الغنوي إسماعيل بن أبان

(1)

:

أبو إسحاق الكوفي الحناط الكذاب وهو أكبر من صاحب الترجمة.

حدث عن: هشام بن عروة ومحمد بن عجلان، وإسماعيل بن أبي خالد وعدة.

وروى عنه: أحمد بن الوليد الفحام وأحمد بن أبي غرزة وأحمد بن عبيد بن ناصح وطائفة.

كذبه: ابن معين.

وقال البخاري وغيره: متروك الحديث.

وقال ابن عدي: عامة حديثه عن هشام وغيره لا يتابع عليه إما إسنادًا وإما متنًا.

قلت: مات سنة عشر ومائتين. ذكرناه للتمييز الله يسامحه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1093"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 537"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 82"، والمجروحين لابن حبان "1/ 128"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 131"، وتاريخ بغداد "6/ 240"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 824"، وتهذيب التهذيب "1/ 270".

ص: 417

‌1624 - علي بن الحسن بن شقيق

(1)

: " ع"

ابن دينار بن مشعب الإمام الحافظ شيخ، خراسان أبو عبد الرحمن العبدي مولاهم المروزي. يقال: إنه مولى آل الجارود العبدي. وكان جده شقيق بصريا فقدم خراسان.

حدث عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، والحسين بن واقد وأبي المنيب عبيد الله العتكي وإسرائيل بن يونس، وخارجة بن مصعب وإبراهيم بن طهمان وقيس بن الربيع، وحماد بن زيد، وعون بن موسى، وشريك القاضي، وإبراهيم بن سعد وجماعة.

ولزم ابن المبارك دهرًا وحمل عنه جميع تصانيفه.

حدث عنه: البخاري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وعبد الله بن منير ومحمود بن غيلان، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن محمد الضعيف، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد ابن سيار وأحمد بن عبدة الأملي، وأحمد بن محمد بن هشام بن أبي دارة، وأحمد بن منصور زاج وأحمد بن يوسف السلمي، وأيوب بن الحسن الزاهد وروح بن الفرج البغدادي وولده محمد بن علي، ومحمد بن عبد الله بن قهزاد وأبو بكر بن أبي النضر وخلق سواهم.

وكان من كبار الأئمة بخراسان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 376"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2369"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 299، 307"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 984"، وتاريخ بغداد "11/ 370"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 365"، والكاشف "2/ ترجمة 3953"، وتهذيب التهذيب "7/ 298"، وتقريب التهذيب "2/ 34"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4960"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 35".

ص: 417

قال أبو داود: سمعت أحمد، وقيل له: علي بن الحسن بن شقيق قال: لم يكن به بأس إلَّا أنهم تكلموا فيه في الإرجاء وقد رجع عنه.

قال علي بن الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده: قال أبو زكريا يعني: ابن معين: ما أعلم أحدًا قدم علينا من خراسان كان أفضل من ابن شقيق، وكانوا كتبوا في أمره كتابًا أنه يرى الإرجاء فقلنا له فقال: لا أجعلكم في حل.

ثم قال أبو زكريا: وكان عالمًا بابن المبارك قد سمع الكتب مرارًا، حدث يومًا عن: ابن المبارك عن عوف عن زيد بن شراجة، فقيل له: شراحة فقال: لا ابن شراجة. سمعته من ابن المبارك أكثر من ثلاثين مرة.

قال أبو زكريا: وهو الصواب: ابن شراجة -يعني: بالجيم.

وقال أبو داود: أثبت أصحاب ابن المبارك: سفيان بن زياد، وبعده: سليمان وبعده: علي بن الحسن بن شقيق قد سمع علي الكتب من ابن المبارك أربع عشرة مرة.

وقال أبو حاتم الرازي: هو أحب إلي من علي بن الحسين بن واقد.

وقال أبو عمار الحسن بن حريث: قلت للشقيقي: سمعت من أبي حمزة كتاب الصلاة؟ قال: قد سمعت، ولكن نهق حمار يومًا فاشتبه علي حديث فلا أدري أي حديث هو؟ فتركت الكتاب كله.

قال العباس بن مصعب: كان ابن شقيق جامعًا وكان في الزمان الأول يعد من أحفظهم لكتب ابن المبارك، وقد شارك ابن المبارك في كثير من شيوخه مثل شريك، وإبراهيم بن طهمان وقيس، وكان من أروى الناس عن ابن عيينة، وكان أول أمره المنازعة مع أهل الكتاب حتى كتب التوراة، والإنجيل، والأربعة والعشرين كتابًا من كتب عبد الله بن المبارك، ثم صار شيخًا عاجزًا لا يمكنه أن يقرأ فكان يحدث كل إنسان الحديثين والثلاثة قال: وتوفي سنة خمس عشرة ومائتين وكذا أرخه: الفسوي ومطين. قال أبو رجاء محمد بن حمدويه المروزي: ولد ليلة قتل أبو مسلم بالمدائن، سنة سبع وثلاثين ومائة، وكان يسكن البهارة ومات سنة خمس عشرة.

وقيل في وفاته: سنة إحدى عشرة وهو خطأ ونقله: ابن حبان.

ص: 418

‌1625 - حجاج بن منهال

(1)

: " ع"

الحافظ الإمام القدوة العابد الحجة، أبو محمد البصري الأنماطي أخو محمد.

حدث عن: قرة بن خالد وشعبة، وجويرية بن أسماء، وهمام بن يحيى ويزيد بن إبراهيم التستري، والحمادين وعبد العزيز بن الماجشون ومالك وعدة.

حدث عنه: البخاري والباقون بواسطة وإسحاق الكوسج، وأبو محمد الدارمي وعبد بن حميد، وأحمد بن الفرات وإسحاق بن إبراهيم شاذان، ومحمد بن يحيى الذهلي وعلي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكجي، وهلال بن العلاء الرقي وإسماعيل القاضي، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: ثقة فاضل.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة رجل صالح كان سمسارًا يأخذ من كل دينار حبة فجاء خراساني موسر من أصحاب الحديث فاشترى له أنماطًا، فأعطاه التاجر ثلاثين دينارًا فقال: ما هذه؟ قال: سمسرتك قال: دنانيرك أهون علي من هذا التراب هات من كل دينار حبة. فأخذ منه دينارًا، وكسرًا. قال خلف كردوس: كان حجاج صاحب سنة يظهرها مات في سنة ست عشرة ومائتين.

وقال ابن سعد والبخاري: مات سنة سبع عشرة في شوال.

وفي عصره: حجاج بن محمد الرقي وقد مر.

حجاج بن نضير الفساطيطي: يروي أيضًا عن قرة بن خالد وهو لين.

وحجاج بن أبي منيع الرصافي: الذي يروي عن جده عبيد الله بن أبي زياد نسخة عن الزهري صدوق لقيه الذهلي، وابن وارة والفسوي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 301"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2841"، والكنى للدولابي "2/ 94"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 711"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 405"، والعبر "1/ 371"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 317"، وتهذيب التهذيب "2/ 206"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1249"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 38".

ص: 419

‌1626 - الحوضي

(1)

: " خ، د، س"

حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة الإمام، المجود، الحافظ أبو عمر الأزدي النمري من النمر بن غيمان، البصري المشهور: بالحوضي.

حدث عن: هشام الدستوائي، وأبي حرة الرقاشي، واصل بن عبد الرحمن، وشعبة وهمام، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومحمد بن راشد المكحولي وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري وأبو داود، والبخاري أيضًا والنسائي بواسطة، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وأحمد بن الفرات وأحمد بن داود المكي، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن أحمد الدورقي، وعثمان بن عبد الله بن خرزاذ، ومحمد بن أيوب الرازي وأبو خليفة ومعاذ بن المثنى، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي وخلق كثير.

روى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال: هو ثبت متقن لا يؤخذ عليه حرف واحد.

وقال علي بن المديني: اجتمع أهل البصرة على عدالة أبي عمر الحوضي وعبد الله بن رجاء.

قال عبيد الله بن جرير بن جبلة أبو عمر هو مولى النمريين صاحب كتاب متقن رأيته أبيض الرأس، واللحية.

قال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين.

وقال أبو حاتم: متقن صدوق أعرابي فصيح.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 306"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2782"، والكنى للدولابي "2/ 40" والجرح والتعديل "3/ ترجمة 786"، والأنساب للسمعاني "4/ 271"، والعبر "1/ 393"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 408"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2151"، وتهذيب التهذيب "2/ 405"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1151"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 56".

ص: 420

‌1627 - الحسين بن حفص

(1)

: " م، ق"

ابن الفضل بن يحيى بن ذكوان الهمداني الإمام الثقة الجليل الفقيه الأوحد أبو محمد الأصبهاني أصله كوفي.

نقل علمًا كثيرًا وتقفه وأفتى بمذهب الكوفيين، وكان إليه رياسة أصبهان، وقضاؤها وأمر الفتاوى.

حدث عن: سفيان الثوري وإسرائيل وإبراهيم بن طهمان، وعبد العزيز بن أبي رواد وسفيان بن عيينة، وهشام بن سعد وأبي يوسف القاضي وعدة.

حدث عنه: حفيدة أحمد بن محمد بن الحسين، وإسماعيل سمويه وأسيد بن عاصم وعمرو بن شبة، وأحمد بن الفرات وأبو قلابة الرقاشي ومحمد بن إسماعيل الصائغ، ويحيى بن حاتم العسكري والكديمي، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: محله الصدق وهو أحب إلي من عصام بن يزيد جبر.

قال أبو نعيم الأصبهاني: كان وجه الناس، وزينهم وكان دخله في كل سنة مائة ألف فما وجبت عليه زكاة قط، وكانت صلاته وجوائزه دارة على المحدثين وأهل العلم والفضل مثل أبي مسعود، وعمرو بن علي الفلاس، وكان من المختصين بسفيان الثوري. وقيل: إن سفيان حج على مركبه.

قلت: خاتمة من روى عنه: محمد بن إبراهيم الجيراني.

مات سنة اثنتي عشرة ومائتين وهو في عشر الثمانين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2884"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 224"، والعبر "1/ 362"، وتهذيب التهذيب "2/ 337"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1421".

ص: 421

‌1628 - عبد الله بن يوسف

(1)

: " خ، د، ت، س"

الشيخ الإمام الحافظ المتقن أبو محمد الكلاعي الدمشقي ثم التنيسي.

حدث عن: سعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وسعيد بن بشير، ومالك والليث، ومعاوية بن يحيى الطرابلسي، وعبد الله بن سالم الحمصي ويحيى بن حمزة وصدقة بن خالد ومحمد بن مهاجر، والوليد بن محمد الموقري، وبكر بن مضر وعدة.

وحدث عنه: البخاري ويحيى بن معين، والذهلي وأبو إسحاق الجوزجاني، وإسماعيل سمويه وأبو حاتم ويعقوب الفسوي، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود، ويحيى بن عثمان بن صالح وأبو يزيد القراطيسي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وبكر بن سهل الدمياطي وأبو بكر الصاغاني، والربيع بن سليمان المرادي وآخرون.

قال يحيى بن معين: أثبت الناس في الموطأ: عبد الله بن يوسف، والقعنبي. وقال أيضًا: ما بقي على أديم الأرض أوثق منه في الموطأ يريد عبد الله بن يوسف.

وقال البخاري: كان من أثبت الشاميين.

وقال أبو مسهر سمع معي الموطأ في سنة ست وستين ومائة.

وقال أبو حاتم وغيره: ثقة. وقال ابن عدي: صدوق خير فاضل.

وقال أحمد بن البرقي وغيره: مات سنة ثمان عشرة ومائتين.

وقال ابن يونس: ثقة حسن الحديث وعنده عن مالك مسائل.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 764"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 961"، والكامل لابن عدي "4/ ترجمة 1014"، والكاشف "2/ ترجمة 3108"، والعبر "1/ 373"، "2/ 82"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة رقم 4712"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 407"، وتهذيب التهذيب "6/ 88"، وتقريب التهذيب "1/ 463"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3929"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 44".

ص: 422

‌1629 - ابن الماجشون

(1)

: " س، ق"

العلامة الفقيه مفتي المدينة أبو مروان عبد الملك بن الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة بن الماجشون التيمي مولاهم المدني المالكي تلميذ الإمام مالك.

حدث عن: أبيه وخاله يوسف بن يعقوب الماجشون، ومسلم الزنجي ومالك وإبراهيم بن سعد، وطائفة.

حدث عنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد الملك بن حبيب الفقيه، والزبير بن بكار، ويعقوب الفسوي وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم وآخرون.

قال مصعب بن عبد الله: كان مفتي أهل المدينة في زمانه.

وقال ابن عبد البر: كان فقيهًا فصيحًا دارت عليه الفتيا في زمانه وعلى أبيه قبله وكان ضريرًا قيل: إنه عمي في آخر عمره قال: وكان مولعا بسماع الغناء.

وقال أحمد بن المعذل الفقيه: كلما تذكرت أن التراب يأكل لسان عبد الملك بن الماجشون صغرت الدنيا في عيني.

وكان ابن المعدل من الفصحاء المذكورين فقيل له: أين لسانك من لسان أستاذك عبد الملك؟ فقال: لسانه إذا تعايى أحيى من لساني إذا تحايى.

وقال أبو داود: كان لا يعقل الحديث يعني: لهم يكن من فرسانه وإلا فهو ثقة في نفسه.

قال يحيى بن أكثم: كان عبد الملك بحرًا لا تكدره الدلاء.

توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين. وقيل: سنة أربع عشرة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 442"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 1376"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 363"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1688"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 377"، والعبر "1/ 363، 428، 434" والكاشف "2/ ترجمة 3510"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5226"، وتهذيب التهذيب "6/ 407"، وتقريب التهذيب "1/ 520"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4442"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".

ص: 422

‌1630 - التَّبُوذكي

(1)

: " ع".

الحافظ الإمام الحجة شيخ الإسلام أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري مولاهم، البصري التبوذكي.

ولد في صدر خلافة أبي جعفر.

وروى عن: أعين الخوارزمي من صغار التابعين، وجرير بن حازم، وشعبة حديثًا واحدًا وجويرية بن أسماء وحماد بن سلمة والقاسم بن الفضل، وهمام بن يحيى ومبارك بن فضالة وأبي هلال، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومحمد بن راشد المكحولي وسليمان بن المغيرة، والضحاك بن نبراس، وعبد العزيز بن الماجشون، وعبد العزيز بن المختار، وعبد العزيز بن مسلم ومهدي بن ميمون، ووهيب وابن المبارك، وحماد بن زيد حديثًا واحدًا وخلق كثير.

وكان من بحور العلم أول سماعاته في عام ستين ومائة.

حدث عنه: البخاري وأبو داود، والباقون عن رجل عنه، والحسن بن علي الخلال، ويحيى بن معين ومحمد بن يحيى وأحمد بن الحسن الترمذي وأبو زرعة ويعقوب

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 306"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1186"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 435، 485، 518"، "2/ 119، 468"، "3/ 60"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 615"، وتذكرة الحفاظ "1/ 395"، والكاشف "3/ ترجمة 5776"، والعبر "1/ 388"، "2/ 50، 79"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة رقم 8847"، وتهذيب التهذيب "10/ 333"، وتقريب التهذيب "2/ 280"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7244"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 52".

ص: 423

الفسوي وإبراهيم بن ديزيل، وإبراهيم الحربي وإسماعيل سمويه، وأبو حاتم ومحمد بن غالب تمتام، وأبوالأحوص العكبري ومحمد بن أيوب بن الضريس، والعباس بن الفضل الأسفاطي وسبطه الإمام أبو بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن داود المكي وخلق كثير.

قال عباس عن يحيى بن معين قال: ما جلست إلى شيخ إلَّا هابني، أو عرف لي ما خلا هذا الأثرم التبوذكي فعددت لابن معين ما كتبنا عنه خمسة وثلاثين ألف حديث.

وقال الحسين بن الحسن الرازي: سألت يحيى بن معين عن أبي سلمة فقال: ثقة مأمون.

وروى أبو حاتم عن يحيى قال: كان كيسًا، وكان حجاج بن منهال رجلًا صالحًا وأبو سلمة أتقنهما.

وقال أبو حاتم: سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: موسى بن إسماعيل: ثقة صدوق.

وقال أبو حاتم أيضًا: قال علي بن المديني: من لم يكتب عن أبي سلمة كتب عن رجل عنه.

قلت: هكذا جرى لمسلم تواني في لقيه فكتب عن رجل عنه.

وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.

وقال أبو حاتم كان ثقة لا أعلم أحدًا بالبصرة ممن أدركناه أحسن حديثا منه قال: وإنما سمي التبوذكي؛ لأنه اشترى بتبوذك دارًا فنسب إليها.

وقال أحمد بن أبي خيثمة: سمعته يقول: لا جزي خيرًا من سماني تبوذكي أنا مولى بني منقر إنما نزل داري قوم من أهل تبوذك فسموني تبوذكي.

ويقال: التبوذكي: هو الذي يبيع رقاب الدجاج وقوانصها.

قال ابن حبان: كان من المتقنين.

قال الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقي عن محمد بن سليمان المنقري البصري: قدم علينا يحيى بن معين فكتب عن أبي سلمة فقال له: إني أريد أن أذكر لك شيئًا فلا تغضب قال: هات قال: حديث همام عن ثابت عن أنس عن أبي بكر حديث الغار لم يروه أحد من أصحابك إنما رواه عفان، وحبان ولم أجده في صدر كتابك إنما وجدته على ظهره قال: فتقول ماذا؟ قال: تحلف لي أنك سمعته من همام؟ قال: ذكرت أنك كتبت عني

ص: 424

عشرين ألفًا فإن كنت عندك فيها صادقًا فما ينبغي أن تكذبني في حديث، وإن كنت عندك كاذبًا ما ينبغي أن تصدقني فيها ولا تكتب عني شيئًا، وترمي به برة بنت أبي عاصم طالق ثلاثًا إن لم أكن سمعته من همام والله لا كلمتك أبدًا.

قال حاتم بن الليث الجوهري: كان أبو سلمة أحمر الرأس، واللحية يخضب بالحناء، وكان قد رأى سعيد بن أبي عروبة وحفظ عنه مسائل مات بالبصرة في رجب سنة ثلاث، وعشرين ومائتين.

وقال ابن سعد: مات ليلة الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب سنة ثلاث.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أيوب الرازي حدثنا أبو عمر حفص بن عمر، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطي يوسف شطر الحسن"

(1)

.

أخرجه مسلم عن شيبان عن حماد فوقع لنا بدلًا عاليًا.

كتب إلينا أبو الفرج بن قدامة، وغيره أن محمد بن عمر أخبرهم: أخبرنا أبو غالب بن البناء أخبرنا أبو محمد الجوهري حدثنا أبو بكر القطيعي، حدثنا محمد بن يونس القرشي حدثنا أبو سلمة حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام عن هشام بن عروة عن أخيه عن أبيه عن عائشة قالت: اجتمع إحدى عشرة امرأة فتعاهدن، وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا وذكر حديث أم زرع وقالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة! فكنت لك كأبي زرع لأم زرع".

رواه مسلم

(2)

عن الحلواني عن أبي سلمة فوقع لنا بدلًا بعلو درجتين.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "162".

(2)

صحيح: رواه مسلم "2448".

ص: 425

‌1631 - موسى بن إسماعيل

(1)

:

البجلي الجَبُّلي فشيخ صادق معاصر للتبوذكي.

روى عن: يعقوب القمي وإبراهيم بن سعد، وابن المبارك وجماعة.

روى عنه: أحمد بن سنان القطان، والحسن بن سهل المجوز، وآخرون.

قال أبو حاتم: ليس به بأس. وجَبُّل: قرية من ناحية واسط.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 614"، والأنساب للسمعاني "3/ 182".

ص: 426

‌1632 - معلى بن منصور

(1)

: " ع"

الرازي العلامة الحافظ الفقيه أبو يعلى الحنفي نزيل بغداد ومفتيها.

ولد في حدود الخمسين ومائة.

وحدث عن: عكرمة بن إبراهيم الأزدي وسليمان بن بلال وشريك القاضي، وعبد الله بن جعفر المخرمي، ومالك بن أنس وحماد بن زيد، وأبي عوانة، وخالد بن عبد الله وهشيم، ويحيى بن حمزة القاضي، وصدقة بن خالد والليث بن سعد وعمرو بن أبي المقدام، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد الوارث وأبي أويس عبد الله بن عبد الله وابن المبارك، والقاضي أبي يوسف وتفقه به مدة وكتب عن خلق كثير، وأحكم الفقه والحديث.

حدث عنه: أبو ثور الفقيه ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وحجاج بن الشاعر وأحمد بن الأزهر والفضل بن سهل الأعرج، ومحمد بن يحيى ذهلي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري في غير الصحيح ويعقوب بن شيبة، وأبو قدامة السرخسي، وعباس الدوري، وابن منصور الرمادي والحسن بن مكرم وخلق كثير. قال أحمد: ما كتبت عنه شيئًا.

وقال أيضًا: كان يحدث بما وافق الرأي، وكان كل يوم يخطئ في حديثين وثلاثة فكتب أجوزه إلى عبيد بن أبي قرة في قطيعة الربيع.

وقال محمد بن يوسف بن الطباع: سألت أحمد بن حنبل عن معلى الرازي فسكت.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 341"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1722"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1803"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1541"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1858"، وتاريخ بغداد "13/ 188"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 374"، والكاشف "3/ ترجمة 5663"، والمغني "2/ ترجمة 6359"، والعبر "1/ 361"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8676"، وتهذيب التهذيب "10/ 238"، وتقريب التهذيب "2/ 265"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7122"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 27".

ص: 426

وقال أبو حاتم: قيل لأحمد بن حنبل: كيف لم تكتب عن المعلى بن منصور؟ قال: كان يكتب الشروط ومن كتبها لم يخل من أن يكذب.

قال أبو زرعة: رحم الله أحمد بن حنبل بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور كان يحتاج إليها، وكان المعلى أشبه القوم- يعني: أصحاب الرأي- بأهل العلم، وذلك أنه كان طلابة للعلم رحل، وعني فتصبر أحمد عن تلك الأحاديث، ولم يسمع منها حرفًا، وأما علي بن المديني وأبو خيثمة، وعامة أصحابنا، فسمعوا منه المعلى صدوق.

وروى عثمان بن سعيد عن ابن معين: ثقة.

وقال يحيى أيضًا: إذا اختلف معلى، وإسحاق بن الطباع في حديث عن مالك فالقول قول معلى. معلى: أثبت منه وخير منه.

قال عمران بن بكار القافلاني: حدثنا محمد بن إسحاق وعباس بن محمد قالا: سمعنا يحيى بن معين يقول: كان المعلى بن منصور يومًا يصلي فوقع على رأسه كور الزنابير فما التفت ولا انفتل حتى أتم صلاته فنظروا فإذا رأسه صار هكذا من شدة الانتفاخ.

وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، وكان نبيلًا طلبوه للقضاء غير مرة فأبى.

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة فيما تفرد به، وشورك فيه متقن، صدوق فقيه مأمون.

وقال ابن سعد: نزل بغداد وطلب الحديث، وكان صدوقا صاحب حديث، ورأي وفقه فمن أصحاب الحديث من روى عنه، ومنهم من لا يروي وكان ينزل الكرخ.

وقال أبو حاتم: كان صدوقًا في الحديث وكان صاحب رأي.

وقال أحمد بن كامل القاضي: كان معلى من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد، ومن ثقاتهم في النقل والرواية.

وقال أبو أحمد بن عدي: أرجو أنه لا بأس به؛ لأني لم أجد له حدثنا منكرًا.

وقال سهل بن عمار: كنت عند المعلى بن منصور، وإبراهيم بن حرب النيسابوري في أيام خاض الناس في القرآن فدخل علينا إبراهيم بن مقاتل المروزي، فذكر للمعلى أن الناس قد خاضوا في أمره فقال: ماذا يقولون؟ قال: يقولون: إنك تقول: القرآن مخلوق فقال: ما قلت، ومن قال: القرآن مخلوق فهو عندي كافر.

ص: 427

قلت: كان معلى صاحب سنة واتباع وكان بريئًا من التجهم.

قال ابن سعد، وأحمد بن زهير: مات سنة إحدى عشرة، ومائتين.

قلت: روى له الجماعة.

قال أبو داود في سننه: كان أحمد بن حنبل لا يروي عن معلى لأنه كان ينظر في الرأي ويحيى بن معين، وغيره يوثقه.

وأما عبد الرحمن بن أبي حاتم فغلط بلا ريب فنقل عن أبيه أنه قال لأحمد: كيف لم تكتب عن معلى؟ فقال: كان يكذب وإنما الصواب ما قدمناه.

ومن مفردات معلى بن منصور في إسناده لا في متن: ما رواه أبو داود له، عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري، عن عروة عن أم حبيبة: أن النجاشي زوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم. فخالفه علي بن الحسن بن شفيق، فرواه عن ابن المبارك فقال: عن يونس عن الزهري عن عروة مرسلًا.

أخبرنا سنقر بن عبد الله أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف أخبرنا عبد الحق اليوسفي، أخبرنا علي بن محمد أخبرنا أبو الحسن الحمامي، حدثنا ابن قانع حدثنا محمد بن شاذان، حدثنا معلى بن منصور حدثنا حاتم، وأبو معاوية واللفظ له عن هشام بن عروة، عن أبيه عن المسور قال: وضعت سبيعة بعد وفاة زوجها بأيام قلائل فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم تستأذنه في النكاح فأذن لها

(1)

.

وأخبرنا يوسف بن أحمد وعبد الحافظ بن بدران قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن أحمد، وقرأت على أحمد بن إسحاق أخبرنا الحسن بن إسحاق ببغداد أخبرنا محمد بن عبيد الله، وقرأت على عمر بن عبد المنعم عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا محمد بن عبد الله الخطيب قالوا: أخبرنا محمد بن محمد الزينبي أخبرنا محمد بن عمر الوراق حدثنا عبد الله بن أبي داود حدثنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليث عن هشام بن عروة عن المسور بن مخرمة: أن سبيعة الأسلمية توفي عنها زوجها وهي حبلى فلم تمكث إلَّا ليالي حتى وضعت فلما فصلت خطبت فاستأذنت رسول الله في النكاح حين وضعت، فأذن لها فنكحت.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5320" من طريق مالك، عن هشام بن عروة، به.

ص: 428

‌1633 - عبد الله بن نافع الصائغ

(1)

: " م، (4) "

من كبار فقهاء المدينة بالغ القاضي عياض في تقريظه وذكره في صدر كتاب المدارك له فقال: ولقد بعث سحنون في محمد بن رزين، وقد بلغه أنه يروي عن عبد الله بن نافع فقال له: أنت سمعت من ابن نافع؟ فقال: أصلحك الله إنما هو الزبيري، وليس بالصائغ فقال له: فلم دلست؟ ثم قال سحنون: ماذا يخرج بعدي من العقارب؟! فقد رأى سحنون وجوب بيانهما، وإن كانا ثقتين إمامين حتى لا تختلط رواياتهما فإن الصائغ أكبر، وأقدم وأثبت في مالك لطول صحبته له، وهو الذي خلفه في مجلسه بعد ابن كنانة، وهو الذي يحكي عنه يحيى بن يحيى وسحنون، ويرويان عنه ولم يسمع منه سحنون سماعه وإنما سمعه من أشهب كما نذكره بعد ووفاته: سنة ست، وثمانين ومائة.

قلت: هذا قد قيل في وفاته، والأصح ما سنذكره بعد فيها.

قال: ومات الزبيري سنة ست عشرة ومائتين، وهو شيخ ابن حبيب، وسعيد بن حسان، وكثيرا ما تختلط روايتهم عند الفقهاء حتى لا علم عند أكثرهم بأنهما رجلان، وربما جاءت رواية أحدهما مخالفة لرواية الآخر فيقولون: في ذلك اختلاف عن ابن نافع. وقد وهم فيهما عظيم من شيوخ الأندلسيين بعد أن فرق بينهما لكنه زعم أن أحدهما ولد نافع مولى ابن عمر، وإنما عبد الله بن نافع العمري شيخ قديم يذكر مع ابن أبي ذئب ونحوه.

قلت: وعبد الله الصائغ حديثه مخرج في الكتب الستة سوى صحيح البخاري، وهو من موالي بني مخزوم.

ولد سنة نيف وعشرين ومائة.

وحدث عن: محمد بن عبد الله بن حسن الذي قام بالمدينة وقتل، وأسامة بن زيد الليثي، ومالك بن أنس وابن أبي ذئب وسليمان بن يزيد الكعبي صاحب أنس، وكثير بن عبد الله بن عوف وداود بن قيس الفراء، وخلق سواهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 438"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 687"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 438"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 894"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 856"، والكامل لابن عدي "4/ ترجمة 1070"، والكاشف "2/ ترجمة 3056"، والمغني "1/ ترجمة 3396"، والعبر "1/ 349"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4647"، وتهذيب التهذيب "6/ 51"، وتقريب التهذيب "1/ 456"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3860".

ص: 429

وليس هو بالمتوسع في الحديث جدًا بل كان بارعًا في الفقه.

حدث عنه: محمد بن عبد الله بن نمير وأحمد بن صالح، وسحنون بن سعيد، وسلمة بن شيب، والحسن بن علي الخلال ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والزبير بن بكار، وأحمد بن الحسن الترمذي وعدة.

روى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال: كان صاحب رأي مالك وكان يفتي أهل المدينة، ولم يكن صاحب حديث كان ضيقًا فيه. وقال يحيى بن معين: ثقة.

وقال البخاري: تعرف وتنكر.

وقال أبو حاتم: هو لين في حفظه، وكتابه أصح.

وقال النسائي: ليس به بأس.

وقال ابن عدي: روى عن مالك غرائب.

وقال ابن سعد: كان قد لزم مالكا لزومًا شديدًا ثم قال: وهو دون معن قال: وتوفي في شهر رمضان سنة ست ومائتين.

قلت: فهذا الصواب في وفاته وما عداه فوهم وتصحيف.

وقد أخطأ الإمام أبو أحمد بن عدي في ترجمته خطأ لا يحتمل منه، وذلك أنه لم يرو في ترجمته سوى حديث واحد فساقه إسناده إلى عبد الوهاب بن بخت المكي عن عبد الله بن نافع عن هشام بن عروة عن أبيه فذكر حديثا ثم إنه قال: وإذا روى عن عبد الله مثل عبد الوهاب بن بخت يكون ذلك دليلًا على جلالته، وهو من رواية الكبار عن الصغار.

قلت: من أين يمكن أن يروي عبد الله بن نافع الصائغ عن هشام ولم يأخذ عن أحد حتى مات هشام؟ ومن أين يمكن أن يحدث عبد الوهاب عن الصائغ، وإنما ولد الصائغ بعد موت عبد الوهاب بأعوام عديدة؟ وإنما عبد الله بن نافع المذكور في الحديث مولى ابن عمر مات قديما في دولة أبي جعفر المنصور.

ص: 430

فأما:

‌1634 - عبد الله بن نافع الزبيري

(1)

: " س، ق"

فهو حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي المدني الذي يعرف: بعبد الله بن نافع الصغير.

روى عن: أخيه عبد الله بن نافع الكبير، وعن: مالك وعبد العزيز بن أبي حازم.

روى عنه: محمد بن يحيى الذهلي، وهارون الحمال، ويعقوب بن شيبة وعباس الدوري، وأحمد بن المعذل الفقيه وأبو عتبة الحمصي وآخرون.

قال يحيى بن معين: صدوق.

وقال البخاري: أحاديثه معروفة.

قال ابن عمه الزبير: كان المنظور إليه من قريش بالمدينة في هديه وفقهه، وعفافه، وكان يسرد الصوم قال: وتوفي في المحرم سنة ست عشرة ومائتين وهو ابن سبعين سنة.

وكذا ورخ البخاري وفاته وهي بعد وفاة الصائغ بعشرة أعوام خرج له: النسائي وابن ماجه.

حديث للصائغ: أخبرنا أحمد بن هبة الله أخبرنا عبد المعز بن محمد إجازة، أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعد الكنجروذي أخبرنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا محمد بن أحمد بن نعيم، حدثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة المخزومي حدثنا عبد الله بن نافع عن عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام وكل مسكر خمر"

(2)

.

هذا حديث من الأفراد وعبد الله هذا: هو الصائغ ورد منسوبًا والله أعلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 439" والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 688"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 857"، والكاشف "2/ ترجمة 3054"، والعبر "1/ 369"، وميزان الاعتدال "2/ 514"، وتهذيب التهذيب "6/ 50"، وتقريب التهذيب "1/ 455"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3858"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 36".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 16، 29، 134"، وفي "الأشربة""75، 189، 195"، وابن أبي شيبة "8/ 101"، ومسلم "2003"، وابنالجارود "857"، والدارقطني "4/ 248، 249، 250"، والبيهقي "8/ 293، 294، 296" من طرق عن نافع، عن ابن عمر، به.

ص: 431

‌1635 - دينار

(1)

:

أبو مكيس الحبشي الأسود المعمر. زعم أنه مولى لأنس بن مالك وحدث عنه.

وروى عنه: محمد بن موسى البربري، وأحمد غلام خليل وعبد الله بن محمد بن ناجية، وعيسى بن يعقوب الزجاج، ومحمد بن أحمد القصاص شيخ للطبراني وغيرهم.

وهو غير مأمون.

مات سنة تسع وعشرين ومائتين.

قال ابن عدي في كامله: منكر الحديث ذاهبه شبه مجهول.

قلت: يغلب على ظني أنه كذاب ما لحق أنسًا أبدًا.

(1)

ترجمته في المجروحين والضعفاء لابن حبان "1/ 295"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 646"، وتاريخ بغداد "8/ 381"، وميزان الاعتدال "2/ 30"، ولسان الميزان "2/ 434".

ص: 432

‌1636 - عبد الله بن رجاء

(1)

: " خ، س، ق"

الإمام المحدث الصادق أبو عمر الغداني البصري، ويقال: كنيته أبو عمرو.

واختلف في اسم جده فقيل: مثنى وقيل: عمر.

روى عن: شعبة وإسرائيل وعاصم بن محمد بن زيد وهمام، وعكرمة بن عمار وعمران بن داور القطان، وشيبان النحوي وسعيد بن سلمة بن سلمة بن أبي الحسام، وحرب بن شداد، وجرير بن أيوب، وحماد بن سلمة والمسعودي وخلق كثير.

روى عنه: البخاري وأبو حاتم السجستاني وخليفة بن خياط وأبو بكر الأثرم، ورجاء بن مرجى وأبو قلاية الرقاشي وعثمان الدارمي وأبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز، ومحمد بن الأشعث أخو أبي داود، ولم يلقه أبو داود -ومحمد بن يحيى الذهلي وهلال بن العلاء وابن وارة، ومحمد بن معاذ دران وأبو خليفة الجمحي، ومعاذ بن المثنى وأمم سواهم.

روى عثمان بن سعيد عن يحيى بن معين قال: كان شيخًا صدوقًا لا بأس به.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 250"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 221"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 255"، والكاشف "2/ ترجمة 2744"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4309"، وتهذيب التهذيب "5/ 209"، وتقريب التهذيب "1/ 414"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3489"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 47".

ص: 432

وقال أبو حاتم: سئل أبو زرعة عنه فقال: حسن الحديث عن إسرائيل، وجعل يثني عليه وقال أبو حاتم: كان ثقة رضا.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم عن أبي اليمن الكندي أخبرنا أبو بكر الأنصاري، حدثنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو بكر القطيعي حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا شيبان عن منصور عن عبيد الله بن علي بن عرفطة السلمي عن خداش أبي سلامة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أوصي امرءًا بأمه أوصي امرءًا بأبيه أوصي امرءًا بمولاه الذي يليه، وإن كان عليه منه أذاة تؤذيه"

(1)

.

ويقع لي حديثه في جزء ابن نجيد بعلو.

وقال علي بن المديني: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين أبي عمر الحوضي وعبد الله بن رجاء.

وقال النسائي: ليس به بأس.

وقال عمرو بن علي: صدوق كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة.

قلت: قد احتج به البخاري في صحيحه، وأخرج له النسائي وابن ماجه.

قيل: مات في آخر ذي الحجة سنة تسع عشرة ومائتين.

وقال مطين وغيره: سنة عشرين فقيل: في المحرم منها.

ثم إن البخاري قد روى عن محمد غير منسوب عنه فكان محمدًا الذهلي.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 311"، وابن ماجه "3657"، والحاكم "4/ 150"، وفيه عبيد الله بن علي بن عرفطة، وهو مجهول.

ص: 433

‌1637 - عبد الله بن رجاء

(1)

: " م، د، س، ق"

الإمام أبو عمران البصري ثم المكي عالم صاحب حديث من أقران وكيع جهته مع الغداني.

حدث عن: عبد الله بن عثمان بن خثيم، وعبيد الله بن عمر، وإسماعيل بن أمية، وأيوب السختياني، وموسى بن عقبة وهشام بن حسان وابن جريج وجعفر الصادق ويونس بن يزيد، وعبد الملك بن أبي سليمان وطائفة وينزل إلى: شريك ومالك.

وعنه: أحمد بن حنبل وسريج بن يونس وابن معين والقواريري ومحمد بن يحيى العدني، وهشام بن عمار، وصدقة بن الفضل وزيد بن الحريش وسويد بن سعيد، و إسحاق بن راهويه، وعمرو الناقد وهارون بن إسحاق وخلق كثير.

قال الأثرم: سمعت أحمد ذكره فحسن أمره.

وروى الميموني عن أحمد قال: رأيته سنة سبع وثمانين ومائة.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائى: عبد الله بن رجاء اثنان: المكي، والبصري ليس بهما بأس.

وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث بصري سكن مكة وبها مات.

قلت: مات بعد التسعين ومائة أرى.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 500"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 249"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 52"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 807"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 254"، والكاشف "2/ ترجمة 2745"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4308"، وتهذيب التهذيب "5/ 211"، وتقريب التهذيب "1/ 414"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3490".

ص: 434

‌1638 - محمد بن كثير

(1)

: " د، ت، س"

ابن أبي عطاء الإمام المحدث أبو يوسف الصنعاني ثم المصيصي.

حدث عن: الأوزاعي، وسمع منه ببيروت وعن: معمر، وعبد الله بن شوذب، وحماد بن سلمة، وزائدة بن قدامة وجماعة.

حدث عنه: الحسن بن الربيع البوراني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وشهاب بن عباد العبدي، وأبو عمير بن النحاس ومحمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن عوف الطائي، وعباس الترقفي ويوسف بن مسلم، ومحمد بن الهيثم قاضي عكبرًا والحسن بن الصباح البزار وفهد بن سليمان الدلال وعدة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 489"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 684"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 201"، "2/ 141"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1687"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة رقم 309"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1732"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8100"، وتهذيب التهذيب "9/ 415"، وتقريب التقريب "2/ 302"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6612"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 38".

ص: 434

قال أبو جعفر العقيلي: هو من صنعاء دمشق.

وذكر هبة الله بن الأكفاني: أنه من مصيصة دمشق، وليس بشيء فإنه كان مرابطًا بثغر الشام بمدينة المصيصة، وحديثه عال في الغيلانيات.

وإما خليفة فقال: هو من أهل صنعاء ونشأ بالشام وسكن المصيصة.

وقال البخاري: هو مولى لثقيف روى عن معمر والأوزاعي. أصله من ناحية اليمن ضغفه أحمد، وقال: بعث إلى اليمن فأتى بكتاب فرواه مات منه ست عشرة ومائتين.

وقال النسائى: ليس بالقوي.

وقال أبو حاتم: حدثنا الحسن بن الربيع قال: محمد بن كثير المصيصي اليوم أوثق الناس ينبغي أن يرحل إليه قد كان يكتب عنه في حياة أبي إسحاق الفزاري، وكان يعرف بالخير منذ كان.

روى غير واحد عن محمد بن كثير عن الأوزاعي قال: كان عندنا ببيروت صياد يخرج يوم الجمعة يصطاد، ولا يمنعه مكان الجمعة فخرج يومًا فخسف به وببغلته فلم يبق منها إلَّا أذناها وذنبها.

قال ابن سعد: يذكرون أن محمد بن كثير الصنعاني اختلط في آخر عمره.

محمد بن عوف: سمعت محمد بن كثير ينشد:

بني كثير كثير الذنوب

ففي الحل والبل من كان سبه

بني كثير دهته اثنتان

رياء وعجب يخالطن قلبه

بني كثير أكول نؤوم

وما ذاك من فعل من خاف ربه

بني كثير يعلم علمًا

لقد أعوز الصوف من جز كلبه

قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن محمد بن كثير فقال: دفع إليه كتاب الأوزاعي، وفي كل حديث: حدثنا محمد بن كثير -اسمه- فقرأه إلى آخره يقول: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي.

قلت: هذا هو التدميغ، وبكل حال فيكتب حديثه أما الحجة به فلا تنهض.

وقد توفي رحمه الله: في تاسع عشر ذي الحجة سنة ست عشرة ومائتين.

وفي الرواة: محمد بن كثير القرشي الكوفي: شيخ لين يروي عن ليث بن أبي سليم وغيره لكن قواه ابن معين.

ومحمد بن كثير السملي البصري القصاب: يروي عن عبد الله بن طاووس وجماعة ضعفوه.

ص: 435

‌1639 - محمد بن كثير

(1)

: " ع"

الحافظ الثقة أبو عبد الله العبدي البصري.

حدث عن: أخيه سليمان بن كثير، وهو أكبر منه بخمسين سنة لقي الزهري، والكبار وحدث محمد أيضًا عن: شعبة وسفيان الثوري وإسرائيل وهمام بن يحيى وجماعة سواهم.

وكان صاحب حديث ومعرفة سمع بالبصرة، وبالكوفة وطال عمره، وحديثه مخرج في الصحاح كلها.

حدث عنه: البخاري في صحيحه وأبو داود في سننه ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد بن حميد وعبد الله الدارمي ومعاذ بن المثنى ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبو مسلم الكجي وأبو خليفة الجمحي وعدد كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال البخاري: مات في سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

وقال أبو حاتم البستي: روى لنا الفضل بن الحباب عنه، وكان تقيًا فاضلًا يخضب عاش تسعين سنة.

وروى ابن الجنيد الختلي عن يحيى بن معين قال: لم يكن يستأهل أن يكتب عنه.

قلت: الرجل ممن طفر القنطرة، وما علمنا له شيئًا منكرًا يلين به، ولا ريب أن أبا الوليد أحفظ منه وأرفع.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 305"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 685"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 718"، "2/ 169"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 311"، والكاشف "3/ ترجمة 5212"، والعبر "1/ 388"، والمغني "2/ ترجمة 5928"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8099"، وتهذيب التهذيب "9/ 417"، وتقريب التهذيب "2/ 203"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6613"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 52".

ص: 436

‌1640 - محمد بن كثير

(1)

:

ابن مروان الفهري شيخ شامي واه نزل بغداد.

وحدث عن: إبراهيم بن أبي عبلة والأوزاعي والليث.

وعنه: حامد بن شعيب، وأحمد بن الحسن الصوفي وأبو القاسم البغوي.

قال ابن معين: لم يكن ثقة.

وقال ابن عدي: روى بواطيل.

وقال الأزدي: متروك.

قلت: توفي قريبًا من سنة عشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 313"، وتاريخ بغداد "3/ 193"، وميزان الاعتدال "4/ 20"، ولسان الميزان "5/ 352".

ص: 437

‌1641 - العَوَقي

(1)

: " خ، د، ت، ق"

الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن سنان الباهلي البصري العوقي.

والعوقة: حي نزل فيهم وهم بطن من الأزد.

حدث عن: إبراهيم بن طهمان، وجرير بن حازم وفليح بن سليمان، وهمام بن يحيى، ويزيد بن إبراهيم التستري وسليم بن حيان ونافع بن عمر الجمحي وعدة.

حدث عنه: البخاري وأبو داود وروى الترمذي وابن ماجه عن رجل عنه، وأبو قلابة الرقاشي وإسماعيل سمويه وحفص بن عمر الرقي سنجه وعثمان بن خرزاذ، وأبو مسلم الكجي وخلق كثير.

يقع لنا من عواليه. وثقة يحيى بن معين.

وقال أبو حاتم: صدوق.

قال ابن أبي عاصم وغيره: توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

قلت: مات في عشر التسعين.

يقع لي من عواليه بسند فيه إجازة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 302"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 310"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة رقم 1516"، والأنساب "9/ 91"، والعبر "1/ 388"، والكاشف "3/ ترجمة 4967"، وتهذيب التهذيب "9/ 205" وتقريب التهذيب "2/ 167"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6280"، شذرات الذهب "2/ 52".

ص: 437

‌1642 - ابن الطَّبَّاع

(1)

: " خت، د، س، ق"

محمد بن عيسى بن نجيح الحافظ الكبير الثقة أبو جعفر بن الطباع البغدادي، أخو الحافظ الإمام إسحاق بن عيسى ويوسف بن عيسى. تحول إلى الشام ورابط بأذنه من بلاد الثغور.

وحدث عن: مالك وحماد بن زيد، وأبي عوانة وجويرية بن أسماء، وقزعة بن سويد، وشريك بن عبد الله، وعبد الرحمن بن أبي الموال وأبي غسان محمد بن مطرف وهشيم، وهو أعلم الناس به وسلام بن أبي مطيع وإبراهيم بن سعد وإسماعيل بن عياش وابن المبارك وعمرو بن أبي المقدام، ومجمع بن يعقوب ومطر بن عبد الرحمن الأعنق، وعبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي، وعباد بن عباد وابن عيينة، وحجاج الأعور وخلق كثير.

وعنه: أبو داود وعلق له البخاري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد الله الدارمي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وطالب بن قرة الأذني، وعبد الكريم الديرعاقولي وأبو حاتم ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وابن أخيه محمد بن يوسف وأحمد بن خليد الحلبي وأحمد بن عبد الرحيم الحوطي، وأحمد بن عبد الوهاب وخلق سواهم.

وكان من مشايخ الأسلام ذكره أحمد بن حنبل فقال: لبيب كيس.

وقال الأثرم عن أحمد بن حنبل، وذكر حديث هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي في الذي يصوم في كفارة ثم يوسر قال: لا أراه سمعه من ابن شبرمة قيل لأبي عبد الله عن أبي جعفر محمد بن عيسى: إنه يقول فيه: قال: أخبرنا ابن شبرمة فكأنه تعجب فقلت لأحمد: إلَّا إن أبا جعفر عالم بهذا قال: نعم أبو جعفر كيس فهم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 633"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 234"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 175"، وتاريخ بغداد "2/ 395"، والأنساب للسمعاني "8/ 196"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 417"، والكاشف "3/ ترجمة 5187"، والعبر "1/ 392"، وتهذيب التهذيب "9/ 392"، وتقريب التهذيب "2/ 198"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6575"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 55".

ص: 438

وقال علي بن المديني: رأيت يحيى بن سعيد وعبد الرحمن يسألانه عن حديث هشيم يعني: أبا جعفر قال: وما أعلم أحدًا أعلم به منه.

وقال أبو حاتم: سمعت محمد بن عيسى يقول: اختلف عبد الرحمن، وأبو داود في حديث هشيم فقال أحدهما: كان يدلسه وقال الآخر: هو سماع فتراضيا بي فأخبرتهما بما عندي فاقتصرا عليه.

وقال أبو حاتم أيضًا: حدثنا محمد بن الطباع الثقة المأمون ما رأيت من المحدثين أحفظ للأبواب منه.

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن ابني الطباع فقال: محمد أحب إلي وكان إسحاق أجل ومحمد أتقن.

وقال أبو داود: سمعت محمد بن بكار بن الريان يقول: محمد بن عيسى أفضلهما ثم قال أبو داود: كان محمد يتفقه وكان يحفظ نحوا من أربعين ألف حديث، وكان ربما دلس.

وقال النسائى وغيره: ثقة.

قال ابن حبان: كان من أعلمهم بهشيم كان يحيى وابن مهدي يسألانه عن حديث هشيم.

مات سنة أربع وعشرين ومائتين بالثغور.

ص: 439

‌1643 - الأويسي

(1)

:

الإمام الحجة أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو ابن أويس بن سعد بن أبي سرح القرشي، العامري الأويسي المديني من نبلاء الرجال.

حدث عن: عبد العزيز الماجشون ومحمد بن جعفر بن أبي كثير ونافع بن عمر الجمحي، ومالك بن أنس وعبد الله بن جعفر المخرمي وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وابن لهيعة وسليمان بن بلال وإبراهيم بن سعد وطبقتهم.

وعنه: البخاري وروى أبو داود والترمذي، وابن ماجه له بواسطة، وهارون الحمال، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد الله بن أبي زياد القطواني، وأبو زرعة وأبو حاتم وعبد الله بن شبيب، ومحمد بن إسماعيل الترمذي وآخرون.

وثقة أبو داود وغيره.

لم أظفر له بوفاة وبقي إلى حدود العشرين ومائتين لم يلحقه مسلم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1531"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 388"، "2/ 5"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1804"، والكاشف "2/ ترجمة 3443"، والمغني "2/ ترجمة 3739"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5108"، وتهذيب التهذيب "6/ 345"، وتقريب التهذيب "1/ 510"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4358".

ص: 439

‌1644 - الصوري

(1)

: " ع"

الإمام العابد الحافظ الحجة الفقيه مفتي دمشق أبو عبد الله محمد بن المبارك بن يعلى القرشي الصوري القلانسي.

سمع سعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنس ومعاوية بن سلام، وصدقة بن خالد، وإسماعيل بن عياش وسفيان بن عيينة ويحيى بن حمزة وطائفة.

حدث عنه: يحيى بن معين ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو محمد الدارمي ومحمد بن عوف، وعباس الترقفي ويوسف بن سعيد بن مسلم وأبو زرعة الدمشقي وأبو الوليد محمد بن أحمد بن برد، ويزيد بن عبد الصمد وعدة.

قال يحيى بن معين: كان شيخ البلد يفتي دمشق بعد أبي مسهر.

وقال أحمد العجلي: ثقة.

وقال أبو داود: كان رجل الشام بعد أبي مسهر.

وقال ابن أبي حاتم: كان ثقة.

قلت: خرجوا له في الدواوين الستة.

قال محمد بن العباس بن الدرفس: سمعته يقول: اعمل لله فإنه أنفع لك من العمل لنفسك.

وعنه قال: علامة الحب لله المراقبة للمحبوب والتحري لمرضاته.

وعنه قال: كذب من ادعى المعرفة، ويده ترعى في قصاع المكثرين من وضع يده في قصعة غيره ذل له.

وعنه: اتق الله تقوى لا تطلع عليه نفسك فتسلط الآفة على قلبك.

قال أبو زرعة: شهدت جنازة محمد بن المبارك في شوال سنة خمس عشرة ومائتين فصلى عليه أبو مسهر بباب الجابية وجعل يثني عليه.

قال الكلاباذي: روى البخاري في الجهاد عن إسحاق عنه وقال ابن معين: يحفظ الإسناد.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 760"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 199"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 445"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 451"، والكاشف "3/ ترجمة 5217"، والعبر "1/ 367"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 386"، وتهذيب التهذيب "9/ 423"، وتقريب التهذيب "2/ 204"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6620"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 35".

ص: 440

‌1645 - إسماعيل بن أبي أويس

(1)

: " خ، م"

عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الإمام الحافظ الصدوق أبو عبد الله الأصبحي المدني أخو أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس.

قرأ القرآن وجوده على نافع فكان آخر تلامذته وفاة.

تلا عليه أحمد بن صالح المصري وغيره.

وحدث عن: أبيه وأخيه أبي بكر وخاله مالك بن أنس، وعبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون، وسلمة بن وردان صاحب أنس وسليمان بن بلال وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وكثير بن عبد الله ابن عمرو بن عوف، وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعدة.

حدث عنه: البخاري ومسلم ثم مسلم، وأبو داود والترمذي والقزويني بواسطة، وأحمد بن صالح وأحمد بن يوسف السلمي وأبو محمد الدارمي ويعقوب الفسوي ومحمد بن نصر الصائغ، وعلي بن جبلة الأصبهاني والحسن بن علي السري وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي والفضل بن محمد الشعراني وخلق سواهم.

وكان عالم أهل المدينة، ومحدثهم في زمانه على نقص في حفظه وإتقانه ولولا أن

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1152"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 100"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 613"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 151"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 415"، والعبر "1/ 396"، وميزان الاعتدال "1/ 222"، وتهذيب التهذيب "1/ 310"، وتقريب التهذيب "1/ 71"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 58".

ص: 441

الشيخين احتجا به لزحزح حديثه عن درجة الصحيح إلى درجة الحسن هذا الذي عندي فيه.

قال أحمد بن حنبل: لا بأس به.

وروى أحمد بن زهير عن ابن معين: صدوق ضعيف العقل ليس بذاك يعني: أنه لا يحسن الحديث، ولا يعرف أن يؤديه أو أنه يقرأ من غير كتابه.

وقال أبو حاتم الرازي: محله الصدق، وكان مغفلًا.

وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة فبالغ: ليس بثقة.

وقال الدارقطني: ليس أختاره في الصحيح.

وقال أبو أحمد بن عدي: روى عن خاله غرائب لا يتابعه عليها أحد، وهو خير من أبيه.

قلت: الرجل قد وثب إلى ذاك البر واعتمده صاحبا الصحيحين، ولا ريب أنه صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ما روى فإنه من أوعية العلم وهو أقوى من عبد الله كاتب الليث.

مولده في سنة تسع وثلاثين ومائة.

ذكره أحمد بن حنبل مرة فوثقه، وقال: قام في أمر المحنة مقامًا محمودًا.

وقال محمد بن وضاح: قال لي إسماعيل: ليس اليوم بالمدينة أحد قرأ على نافع غيري.

وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل وقيل له: من بالمدينة اليوم؟ فقال: إسماعيل بن أبي أويس هو عالم كثير العلم أو نحو هذا.

قال البرقاني: قلت للدارقطني: لم ضعف النسائي إسماعيل بن أبي أويس؟ فقال: ذكر محمد بن موسى الهاشمي وهو إمام كان النسائى يخصه قال: حكى لي النسائي أنه حكى له سلمة بن شبيب عن إسماعيل قال: ثم توقف النسائى فما زلت أداريه أن يحكي لي الحكاية حتى قال: قال لي سلمة: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم.

قال أبو بكر البرقاني: فقلت للدارقطني: من حكى لك هذا عن ابن موسى؟ قال: الوزير -يعني: ابن حِنْزَابه- وكتبتها من كتابه.

وروى أحمد بن أبي خيثمة أيضا عن يحيى: ليس بشيء. ثم قال يحيى: قال لنا عبد

ص: 442

الله بن عبيد الله الهاشمي صاحب اليمن: خرجت معي بإسماعيل بن أبي أويس إلى اليمن فدخل إلي يومًا، ومعه ثوب وشي فقال: امرأتي طالق ثلاثًا إن لم تشتر من هذا الرجل ثوبه بمائة دينار فقلت للغلام: زن له فوزن له، وإذا بالثوب يساوي خمسين دينارًا فسألته بعد، فقال: إن الرجل أعطاني منها عشرين دينارًا.

قلت: هذه سخافة عقل واضحة.

مات في سنة ست وعشرين، ومائتين وقيل: سنة سبع في رجب رحمه الله بمنه.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون أخبرنا أبو بكر البرقاني قرأت على أبي العباس بن حمدان حدثكم الحسن بن علي السري، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم، عن ابن عباس أنه قال: ذكر المتلاعنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه فذكر أنه وجد مع امرأته رجلًا. فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلَّا لقولي.

فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم جعدًا قططًا. قال رسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم بين". فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجد عندها فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لابن عباس في المجلس: هي التي قال رسول الله: "لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه"؟. قال: لا تلك امرأة كانت تظهر السوء في الإسلام.

أخرجه مسلم

(1)

عن أحمد بن يوسف عن إسماعيل.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1497".

ص: 443

‌1646 - الهيثم بن جميل

(1)

: " بخ، ق"

الحافظ الإمام الكبير الثبت أبو سهل الأنطاكي وهو بغدادي سكن أنطاكية.

حدث عن: حماد بن سلمة والليث وزهير بن معاوية، ومالك بن أنس، وشريك ومندل بن علي وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهبي، ومحمد بن عوف ويوسف بن مسلم وآخرون.

قال الدارقطني: ثقة حافظ.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة صاحب سنة.

وأما أبو أحمد بن عدي فقال: ليس هو بالحافظ يغلط على الثقات وأرجو أنه لا يتعمد الكذب.

وقال عبد الباقي بن قانع: توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 490"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2770"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 437"، "2/ 180"، والكنى للدولابي "1/ 197"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 351"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2019"، وتاريخ بغداد "14/ 56"، والأنساب للسمعاني "1/ 370"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 355"، والكاشف "3/ ترجمة 6121"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9293"، والمغني "2/ ترجمة 6794"، والعبر "1/ 365"، وتهذيب التهذيب "11/ 90"، وتقريب التهذيب "2/ 326"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 29".

ص: 444

‌1647 - السوريني

(1)

:

الإمام الحافظ البارع محدث نيسابور أبو إسحاق إبراهيم بن نصر الخراساني المطوعي الغازي.

سمع ابن المبارك وجرير بن عبد الحميد، وأبا بكر بن عياش وطبقتهم، وهو من رفقاء إسحاق، وإنما قدمناه لقدم موته.

روى عنه: أبو زرعة وأبو حاتم وأحمد بن يوسف وغيرهم. وصنف المسند وكان أبو زرعة يقدمه ويفخمه.

استشهد في حرب بابك الخرمي سنة ثلاث عشرة ومائتين، ويقال: سنة عشر ومائتين في الكهولة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 463"، والأنساب للسمعاني "7/ 186".

ص: 444

‌1648 - بكار بن محمد

(1)

:

ابن عبد الله بن الإمام أبي بكر محمد بن سيرين البصري السيريني.

حدث عن: ابن عون وأيمن بن نابل، وعباد بن راشد وسفيان الثوري.

حدث عنه: الحسن بن محمد الزعفراني، ويعقوب الفسوي، وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، ومحمد بن زكريا الغلابي وعباد بن علي البصري، وأبو مسلم الكجي وآخرون.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثنا الحسين بن الحسن الرازي قال: سئل يحيى بن معين عن بكار السيريني فقال: كتبت عنه ليس به بأس.

وقال أبو حاتم: هو مضطرب الحديث لا يسكن القلب إليه.

وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث.

قلت: توفي سنة أربع وعشرين ومائتين.

وقال البخاري: يتكلمون فيه.

وقال ابن حبان: يروي عن ابن عون، والعمري أشياء مقلوبة لا بتابع عليها لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد. حدثنا عنه: أبو خليفة.

قلت: هو آخر من روى عنه وفاة.

قال العقيلي: حدثنا محمد بن أيوب ومعاذ بن المثنى قالا: حدثنا بكار حدثنا ابن عون عن محمد عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الركن يمان".

قال العقيلي: هذا ليس يثبت.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1910"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1612"، والمجروحين لابن حبان "1/ 197"، والكامل لابن عدي "2/ ترجمة 283"، وميزان الاعتدال "1/ 341"، ولسان الميزان "2/ 44"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 53".

ص: 445

‌1649 - الحسن بن الربيع

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الحجة العابد أبو علي البحلي القسري الكوفي البوراني ويقال: أيضًا البواري الخشاب الحصري.

حدث عن: عبيد الله بن إياد بن لقيط وحماد بن زيد، وعبد الجبار بن الورد وأبي الأحوص وشريك ومهدي بن ميمون، وأبي إسحاق الحميسي وخالد بن عبد الله الطحان وعدة.

حدث عنه البخاري ومسلم وأبو داود، والباقون بواسطة، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأبو حازم بن أبي غرزة وعثمان بن سعيد الدارمي وعلي بن عبد العزيز البغوي، واسماعيل سمويه وخلق كثير.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة صالح متعبد كان يبيع البواري.

وقال أبو حاتم الرازي: كان من أوثق أصحاب عبد الله بن إدريس.

وقال ابن سعد: من أصحاب عبد الله بن المبارك مات: في رمضان سنة إحدى وعشرين ومائتين.

وقال بعضهم: كان يبيع الخشب والقصب.

وكان من العلماء العاملين رحمه الله وهو كبار مشيخة مسلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 409"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2516"، والكنى للدولابي "2/ 34"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 44"، وتاريخ بغداد "7/ 307"، والأنساب للسمعاني "2/ 324"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 467"، والعبر "1/ 381"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 9"، وتهذيب التهذيب "2/ 277"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1342"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 48".

ص: 445

‌1650 - المدائني

(1)

:

العلامة الحافظ الصادق أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني الأخباري نزل بغداد، وصنف التصانيف وكان عجبًا في معرفة السير، والمغازي والأنساب، وأيام العرب مصدقًا فيما ينقله عالي الإسناد.

ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

وسمع قرة خالد وهو أكبر شيخ له وشعبة وجويرية بن أسماء وعوانة بن الحكم، وابن أبي ذئب ومبارك بن فضالة وحماد بن سلمة وسلام بن مسكين وطبقتهم. وكان نشأ بالبصرة.

حدث عنه: خليفة بن خياط والزبير بن بكار والحارث بن أبي أسامة وأحمد بن أبي خيثمة والحسن بن علي بن المتوكل. وآخرون.

قال أحمد بن أبي خيثمة: كان أبي ومصعب الزبيري ويحيى بن معين يجلسون

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 54"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "14/ 124"، وميزان الاعتدال "3/ 153"، ولسان الميزان "4/ 253"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 259"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 54".

ص: 446

بالعشياب على باب مصعب فمر رجل ليلة على حمار فاره، وبزة حسنة فسلم وخص بمسألته يحيى بن معين فقال له يحيى: يا أبا الحسن إلى أين؟ قال: إلى هذا الكريم الذي يملأ كمي دنانير، ودراهم إسحاق بن إبراهيم الموصلي. فلما ولي قال يحيى: ثقة ثقة ثقة. فسألت أبي: من هذا؟ قال: هذا المدائني.

قال الحارث بن أبي أسامة: سرد المدائني الصوم قبل موته بثلاثين سنة، وقارب المائة وقيل له مرضه: ما تشتهي؟ قال: أشتهي أن أعيش قال: ومات في سنة أربع وعشرين ومائتين.

وكان عالمًا بالفتوح والمغازي والشعر صدوقًا في ذلك.

وقال غير الحارث: مات سنة خمس وعشرين، ومات في دار إسحاق الموصلي كان منقطعًا إليه.

قال ابن الإخشيذ المتكلم: كان المدائني متكلما من غلمان معمر بن الأشعث.

حكى المدائني: أنه أدخل على المأمون فحدثه بأحاديث في علي فلعن بني أمية.

فقلت: حدثني المثنى بن عبد الله الأنصاري قال: كنت بالشام فجعلت لا أسمع عليًا ولا حسنًا إنما أسمع: معاوية يزيد الوليد فمررت برجل على بابه فقال: اسقه يا حسن.

فقلت: أسميت حسنا؟ فقال: أولادي: حسن وحسين وجعفر فإن أهل الشام يسمون أولادهم بأسماء خلفاء الله، ثم يلعن الرجل ولده، ويشتمه قلت: ظننتك خير أهل الشام وإذا ليس في جهنم شر منك فقال المأمون: لا جرم قد جعل الله من يلعن أحياءهم وأمواتهم- يريد الناصبة.

قد ذكرنا فوت مصنفات المدائني في خمس ورقات، ونصف منها: تسمية المنافقين خطب النبي عليه السلام كتاب فتوحه كتاب عهوده كتاب أخبار قريش أخبار أهل البيت من هجاها زوجها تاريخ الخلفاء، خطب علي وكتبه أخبار الحجاج أخبار الشعراء قصة أصحاب الكهف سيرة ابن سيرين، أخبار الأكلة كتاب الزجر والفأل، كتاب الجواهر وأشياء كثيرة عديمة الوقوع.

ص: 447

‌1651 - عبد الله بن صالح

(1)

:

ابن مسلم بن صالح الإمام الثقة المقرئ أبو أحمد العجلي الكوفي والد الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي صاحب التاريخ.

ولد سنة إحدى وأربعين ومائة.

وقرأ القرآن على: حمزة الزيات.

وحدث عن: أسباط بن نصر، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وفضيل بن مرزوق، وحماد بن سلمة وشبيب بن شيبة وعبد العزيز بن الماجشون وزهير بن معاوية، والحسن بن صالح بن حي وطبقتهم.

حدث عنه خلق كثير، وكانت له حلقة.

أخبرنا ابن قدامه وطائفة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا إبراهيم ابن عبد الرحمن بن دنوقا حدثنا عبد الله بن صالح العجلي حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أنا الرزاق ذو القوة المتين"

(2)

.

حدث عنه: ابنه أحمد العجلي وأبو حازم بن أبي غرزة وأحمد بن يحيى البلاذري في تاريخه وبشر بن موسى، وأبو زرعة الرازي فيما قيل، وأبو حاتم ومحمد بن غالب تمتام، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد وإبراهيم بن دنوقا ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن العباس المؤدب مولى بني هاشم وآخرون.

وثقه يحيى بن معين من رواية عبد الخالق بن منصور عنه.

وقال أبو حاتم: صدوق.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 825"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 397"، والكاشف "2/ ترجمة 2811"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4384"، والعبر "1/ 360"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 390"، وتهذيب التهذيب "5/ 261"، وتقريب التهذيب "1/ 423"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3568".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 394"، وأبو داود "3993"، والترمذي "2940"، والنسائي في "الكبرى""7707"، "11527"، والحاكم "2/ 234"، وأبو يعلى "5333" من طريق إسرائيل به.

وهذه القراءة شاذة، وإن صح إسنادها لمخالفتها القراءة المتواترة:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} [الذاريات: 58].

ص: 448

وقال ابن حبان: مستقيم الحديث.

يقال: إن البخاري روى عنه، ولم يصح ذلك بل إنما روى عن كاتب الليث.

وقد نزل صاحب الترجمة بغداد، وأقرأ بها القرآن فتلا عليه: الطيب بن إسماعيل، وإبراهيم بن نصر الرازي.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: مات أبي سنة إحدى عشرة ومائتين هكذا ضبط، وفاة أبيه فالله أعلم فإن في الرواة المذكورين عن عبد الله من لم يسمع الحديث إلَّا بعد ذلك فلعله قال: مات سنة إحدى وعشرين. ثم إنه قد ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وأن أبا زرعة وأبا حاتم حدثا عنه فأول رحلة أبي حاتم كانت في سنة ثلاث عشرة، وإنما ارتحل أبو زرعة بعد ذلك فيتأمل هذا.

ولم يقع لهذا الشيخ رواية في الدواوين الستة والله أعلم.

ص: 449

‌1652 - عبد الله بن صالح

(1)

: " خ، د، ت، ق"

ابن محمد بن مسلم الإمام المحدث شيخ المصريين أبو صالح الجهني مولاهم المصري كاتب الليث بن سعد.

قد شرحت حاله في ميزان الاعتدال وليناه. وبكل حال فكان صدوقًا في نفسه من أوعية العلم أصابه داء شيخه ابن لهيعة وتهاون بنفسه حتى ضعف حديثه، ولم يترك بحمد الله والأحاديث التي نقموها عليه معدودة في سعة ما روى.

مولده في سنة سبع وثلاثين ومائة.

ورأى زبان بن فائد وعمرو بن الحارث، وسمع من: موسى بن علي بن رباح، ومعاوية بن صالح، ويحيى بن أيوب وعبد العزيز بن الماجشون، والليث بن سعد وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي، ونافع بن يزيد وضمام بن إسماعيل وابن وهب وخلق سواهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 518"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 358"، "9/ 552"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 334"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 826"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 398"، والمجروحين لابن حبان "2/ 40"، والكامل لابن عدي "4/ ترجمة 1015"، وتاريخ بغداد "9/ 478"، والأنساب للسمعاني "10/ 304"، والكاشف "2/ ترجمة 2810"، والمغني "1/ ترجمة 3218"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4383"، والعبر "1/ 387"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 389"، وتهذيب التهذيب "5/ 256"، وتقريب التهذيب "1/ 423"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3567"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 51".

ص: 449

ولازم الليث فأكثر عنه وحمل عنه تصانيفه، وكان كاتبا له على أمواله.

حدث عنه: الليث شيخه، ويحيى بن معين والبخاري، وأبو حاتم وأبو إسحاق الدارمي الجوزجاني، وإسماعيل سمويه، وحميد بن زنجويه وأبو محمد الدارمي، وعثمان الدارمي وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وإبراهيم بن ديزيل وعدد كثير خاتمتهم: محمد بن عثمان بن أبي السوار المصري المتوفى سنة (297).

قال إبراهيم بن ديزيل: حدثنا خلف بن الوليد أبو المهنى حدثنا الليث بن سعد عن عبد الله بن صالح عمن أخبره: يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أعطي أحد الشكر فمنع الزيادة. الحديث

(1)

.

قال ابن ديزيل: ثم لقيت أبا صالح فقال: أنا حدثت الليث بهذا قلت: فمن حدثك؟ قال: يحيى بن عطارد بن مصعب عن أبيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهو مرسل لا بل معضل.

استشهد البخاري في صحيحه بأبي صالح بل قد روى عنه حديثا، وقال: حدثني عبد الله بن صالح وهذا ثابت في بعض النسخ المتقنة فقال: في أول الحديث: قال الليث: حدثنا جعفر بن ربيعة عن الأعرج، عن أبي هريرة بحديث الذي استدان من رجل ألف دينار فقال: ائتني بكفيل قال: كفى بالله وكيلًا والحديث مشهور علقه البخاري في غير موضع

(2)

.

وقد استشكل المحدثون قبلنا في تفسير الفتح من الصحيح: حدثنا عبد الله حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو فذكر حديث:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]

(3)

.

(1)

ضعيف: لإعضاله، كما ذكر الحافظ الذهبي.

(2)

علقه البخاري "2063"، قال: قال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل خرج في البحر فقضى حاجته" الحديث. وقال: حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث، به.

قال الحافظ في "الفتح""4/ 300": قوله في آخره: "حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث، به" فيه التصريح بوصل المعلق المذكور ولم يقع ذلك في أكثر الروايات في الصحيح، ولا ذكره أبو ذر إلا في هذا الموضع. وكذا وقع في رواية أبي الوقت.

(3)

لفظه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن هذه الآية التي في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، قال في التوراة: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا =

ص: 450

فقال أبو نصر الكلاباذي، والوليد بن بكر الأندلسي، وهبة الله اللالكائي: عبد الله هذا هو: عبد الله بن صالح العجلي الكوفي.

وقال أبو علي بن السكن في روايته الصحيح عن الفربري عن البخاري، حدثنا عبد الله بن مسلمة يعني: القعنبي حدثنا عبد العزيز

فذكره.

وقال أبو مسعود الحافظ في الأطراف: عبد الله هو: عبد الله بن رجاء ثم قال: والحديث عند عبد الله بن رجاء، وعند عبد الله بن صالح.

وقال أبو علي الغساني الحافظ: بل هو عبد الله بن صالح كاتب الليث.

قال لنا أبو الحجاج الحافظ: وهذا أولى الأقوال بالصواب قال: لأن البخاري رواه في كتاب الأدب في باب الانبساط إلى الناس فقال: حدثنا عبد الله بن صالح عن عبد العزيز ذكره عقيب حديث محمد بن سنان العوقي عن فليح، عن هلال ورواه في البيوع من الجامع الصحيح عن العوقي. فالحديث عند البخاري عن الرجلين في الأدب، وفي الصحيح إلى أن قال: فإذا تقرر أنه سمعه من الرجلين، وقع الاشتراك في قوله: حدثنا عبد الله بن صالح بين العجلي الكوفي، وبين الجهني الكاتب فكونه الكاتب أولى؛ لأنا تيقنا أن البخاري قد سمع من كاتب الليث، وأكثر عنه في تاريخه وفي أماكن، وهذا معدوم في حق العجلي فإن البخاري ذكر له ترجمة صغيرة مختصرة جدا في تاريخه لم يرو عنه فيها شيئًا ولا وجدنا أبدًا له رواية متيقنة عنه لا في الصحيح، ولا في شيء من تواليفه بل قد روى في تاريخه عن رجل عنه نعم، ولم نجد للعجلي رواية عن عبد العزيز

= ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح بها أعينا عميا وآذانا صما، وقلوبا غلفا". أخرجه البخاري "4838" حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال بن أبي هلال، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما به.

قال الحافظ في "الفتح": -قوله: "حدثنا عبد الله بن مسلمة" أي القعنبي، كذا في رواية أبي ذر وأبي علي بن السكن. ووقع عند غيرهما "عبد الله" غير منسوب فتردد فيه أبو مسعود بين أن يكون عبد الله بن رجاء وعبد الله بن صالح كاتب الليث. وقال أبو على الجياني: عندي أنه عبد الله بن صالح. ورجح هذا المزي وحده بأن البخاري أخرج ها الحديث بعينه في كتاب "الأدب المفرد" عن عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز. قلت: لكن لا يلزم من ذلك الجزم به، وما المانع أن يكون له في الحديث الواحد شيخان عن شيخ واحد؟ وليس الذي وقع في الأدب بأرجح مما وقع الجزم به في رواية أبي علي وأبي ذر وهما حافظان.

ص: 451

ابن أبي سلمة سوى حديث واحد متنه الظلم ظلمات

(1)

. رواه عنه: إبراهيم الحربي بخلاف كاتب الليث فإنه مكثر عن ابن أبي سلمة.

قلت: وأيضًا فإن غير واحد روى الحديث المذكور عن كاتب الليث فتعين أنه هو.

وفي الجهاد من الصحيح أيضًا: حدثنا عبد الله حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن صالح بن كيسان عن سالم عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من حج وذكر الحديث

(2)

.

فقال أبو علي بن السكن: حدثنا الفربري حدثنا البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف فذكر. رواه ابن السكن في مصنفة.

وقال أبو مسعود في الأطراف: هذا الحديث يرويه الناس عن عبد الله بن صالح. قال: وقد روي أيضًا عن عبد الله بن رجاء. فالله أعلم أيهما هو.

وقال الغساني: بل هو كاتب الليث

(3)

.

قال ابن حبان: كان أبو صالح كاتبا على مغل الليث منكر الحديث جدًا، وكان في نفسه صدوقًا سمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار يعاديه فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله ويطرحه في داره بين الكتب، فيجده عبد الله فيحدث به على التوهم أنه خطه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2447"، ومسلم "2579" من طريق عبد العزيز الماجشون، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2995" حدثنا عبد الله قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، به. ولفظه بتمامه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الحج أو العمرة -ولا أعلمه إلا قال: الغزو- يقول كلما أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا ثم قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". قال صالح: فقلت له: ألم يقل عبد الله: إن شاء الله؟ قال: لا".

وقال الحافظ في "الفتح" تعليقا على هذا الحديث: وقوله: "حدثنا عبد الله حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة" زعم أبو مسعود أن عبد الله هو ابن صالح، وتعقبه الجياني بأنه وقع في رواية ابن السكن عبد الله بن يوسف وهو المعتمد". ا. هـ.

وقال الحافظ في "مقدمة الفتح""ص 142": وعبد الله هو ابن صالح كما جزم به أبو علي الغساني.

(3)

نقله الحافظ في "مقدمة الفتح" كما ذكرنا في التعليق السابق.

ص: 452

ثم قال ابن حبان: روى عبد الله بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات، وغزوة لمن حج خير من عشر حجج، وغزوة في البحر خير من عشرة في البر"

(1)

. حدثناه: أبو عروبة حدثنا علي بن إبراهيم بن عزون حدثنا عبد الله.

ثم قال: وروى عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف عن شفي الأصبحي سمع عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون خلفي اثنا عشر خليفة: أبو بكر لا يلبث إلَّا قليلًا وصاحب رحًا دارة العرب عمر، وذكر الحديث

(2)

. حدثناه أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين حدثنا عبد الله.

قلت: قرأت على أحمد بن المؤيد بمصر أخبرنا أحمد بن صرما، وابن عبد السلام، قالا: أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي حدثنا الصوفي فذكره بتمامه. فأنا اتعجب من أبي زكريا، ونقده كيف يستحل رواية مثل هذا ويسكت عن توهيته?!

وساق له ابن حبان، وابن عدي جماعة أحاديث تفرد بها منكرة.

وقال أبو محمد بن أبي حاتم: عبد الله بن صالح روى عنه: الليث، وابن وهب ودحيم.

وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت أبي وسئل عن عبد الله بن صالح فقال: أتسألوني عن أقرب رجل إلى الليث؟ رجل معه في ليله، ونهاره وسفره، وحضره، ويخلو معه غالبًا فلا ينكر لمثله أن يكثر عن الليث.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن حبان في "المجروحين""2/ 41"، من طريق عبد الله بن صالح، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الله بن صالح، كاتب الليث، فإنه ضعيف لسوء حفظه.

(2)

منكر: أخرجه ابن حبان في "المجروحين""2/ 42"، وابن عدي في "الكامل""4/ 208" من طريق يحيى بن معين، حدثنا عبد الله بن صالح، به.

قلت: إسناده واه بمرة، فيه علتان: الأولى: عبد الله بن صالح، كاتب الليث، ضعيف كما ذكرنا.

والثانية: ربيعة بن سيف المعافري المصري؛ قال البخاري وابن يونس: عنده مناكير.

والحديث أورده الذهبي في "الميزان" في ترجمة "عبد الله بن صالح" وقال: "أنكر ما روى أبو صالح" وذكر الحديث بإسناده.

ص: 453

وقال أبي أبو حاتم: هو أمين صدوق ما علمته.

وأثنى على عبد الله سعيد بن عفير عالم مصر.

وقال عبد الملك بن شعيب بن الليث: هو ثقة مأمون سمع من جدي حديثه، وكان أبي يحضه على التحديث.

وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه فقال: فسد بأخرة وليس بشيء.

وقال أبو حاتم: سمعت ابن معين يقول: أقل الأحوال أنه قرأ هذه الكتب على الليث فأجازها له، ويمكن أن يكون ابن أبي ذئب كتب إلى الليث بهذا الدرج.

قال أحمد بن صالح: لا أعلم أحدًا روى عن الليث عن ابن أبي ذئب إلَّا أبا صالح، وذكر أن أبا صالح أخرج درجًا قد ذهب أعلاه، ولم يدر حديث من هو فقيل له: حديث ابن أبي ذئب فروى عن الليث عن ابن أبي ذئب.

وقال صالح جزرة: كان يحيى بن معين يوثقه، وعندي أنه كان يكذب في الحديث.

وقال النسائي: ليس بثقة.

وروى إسماعيل بن عبد الله عن عبد الله بن صالح قال: صحبت الليث عشرين سنة.

قال الفضل بن محمد الشعراني: ما رأيت عبد الله بن صالح إلَّا، وهو يحدث أو يسبح.

وقال يعقوب الفسوي: حدثنا الرجل الصالح عبد الله بن صالح.

الرمادي عن أبي صالح: شهدنا الأضحى ببغداد مع الليث في سنة إحدى وستين ومائة.

وقال علي بن المديني: ضربت على حديث كاتب الليث، ولا أروي عنه شيئًا.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: حديث: إن الله اختار أصحابي موضوع، والحمل فيه على أبي صالح.

قلت: ومن أنكر ما نقموا على أبي صالح روايته عن نافع بن يزيد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب: عن جابر مرفوعًا: إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين. الحديث بطوله لكن قد تابعه عليه: سعيد بن أبي مريم عن نافع رواه علي بن داود القنطري، ومحمد بن الحارث العسكري عن ابن أبي مريم فتخلص أبو صالح.

وقال أبو زرعة الرازي، وغيره هو من، وضع خالد بن نجيح المصري، وكان يضع في كتب الشيوخ.

قلت: لعله أدخله على نافع بن يزيد مع أن نافعا صدوق قد احتج به مسلم.

ص: 454

قال أبو أحمد بن عدي: أبو صالح عندي مستقيم الحديث إلَّا أنه يقع في حديثه غلط، ولا يتعمد الكذب.

نقل ابن يونس، وغيره موت أبي صالح: في يوم عاشوراء سنة ثلاث، وعشرين ومائتين.

قلت: قد كان قارب التسعين رحمه الله، وهو في عقلي أقوى من نعيم بن حماد وأسيد الجمال، وما هو بدون إسماعيل بن أبي أويس الأصبحي.

أنبئت عن جماعة عن أبي علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا الطبراني، حدثنا مطلب بن شعيب، وبكر بن سهل قالا: حدثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح، حدثنا العلاء بن الحارث عن مكحول أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجهاد واجب عليكم مع كل بر وفاجر، وإن هو عمل الكبائر، والصلاة واجبة عليكم على كل مسلم يموت برًا كان أو فاجرًا، وإن هو عمل الكبائر"

(1)

.

(1)

ضعيف: أخرجه أبو داود "594"، "2533"، ومن طريقه البيهقي "3/ 121" من طريق أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب، به.

قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين مكحول، وأبي هريرة، فقد أرسل عنه.

ص: 455

‌1653 - حماد بن مالك

(1)

:

ابن بسطام بن درهم المحدث المعمر أبو مالك الأشجعي الدمشقي الحرستاني.

حدث عن: الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسعيد بن بشير، وإسماعيل بن عياش وجماعة.

روى عنه: الوليد بن مسلم، وهو من شيوخه، ومروان الطاطري، وهشام بن عمار ومحمد بن عوف الطائي وأبو إسماعيل الترمذي وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حاتم الرازي، وإسماعيل سمويه وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري وعدة.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: اخرج حماد بن مالك مقدار أربعين حدثنًا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فأخبر أبو مسهر بذلك فأنكر، وقال: لم يدرك ابن جابر.

وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ.

وقال إسحاق بن إبراهيم الهروي القراب: توفي في سنة ثمان وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 115"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 648"، والأنساب للسمعاني "4/ 106"، واللباب لابن الأثير "1/ 356"، وميزان الاعتدال "1/ 602"، ولسان الميزان "2/ 353"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 64".

ص: 455

‌1654 - عمرو بن مرزوق

(1)

: " خ مقرونا، د"

الشيخ الإمام مسند البصرة أبو عثمان الباهلي مولاهم البصري.

ولد سنة بضع وثلاثين ومائة.

وروى عن: مالك بن مغول وعكرمة بن عمار، وشعبة بن الحجاج وحماد بن سلمة وعبد الرحمن المسعودي، وأبي إدريس صاحب لأنس بن مالك وحماد بن زيد وطائفة.

حدث عنه: البخاري في صحيحه مقرونا بآخر، وأبو داود في سننه، وهو من كبار شيوخه، وحرب الكرماني، وأبو زرعة وعبد الكريم بن الهيثم العاقولي، وعثمان بن خرزاذ الأنطاكي وأحمد بن داود المكي، وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن محمد بن حيان التمار، وأبو خليفة الجمحي وعدد كثير.

قال القواريري: كان يحيى القطان لا يرضى عمرو بن مرزوق في الحديث.

وقال أبو زرعة: سمعت سليمان بن حرب ذكر عمرو بن مرزوق فقال: جاء بما ليس عندهم فحسدوه.

وقال سعيد بن سعد البخاري: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: كانت الكتب التي عند أبي داود الطيالسي لعمرو بن مرزوق وكان عمرو رجلا غزاء يغزو في البحر فلما مات أبو داود حول عمرو كتبه.

قال علي بن المديني: تركوا حديث الفهدين، والعمرين يريد: فهد بن عوف، وفهد بن حيان وعمرو بن حكام وعمرو بن مرزوق.

قيل: كان عند عمرو بن مرزوق عن شعبة ثلاثة آلاف حديث.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 305"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2677"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1294"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1456"، والكاشف "2/ ترجمة 4296"، والمغني "2/ ترجمة 4708"، والعبر "1/ 391"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6445"، وتهذيب التهذيب "8/ 99"، وتقريب التهذيب "2/ 78"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5380"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 54".

ص: 456

قال أبو الفتح الأزدي: سماع أبي داود، وعمرو بن مرزوق من شعبة كان شيئًا واحدًا، وكان يحيى بن معين يطري عمرا ويرفع ذكره.

قال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل، وقيل له: إن علي بن المديني لينه قال: لا أدري ما يقول علي عمرو رجل صالح.

وقال عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي: قال أحمد بن حنبل لولده صالح حين رجع من البصرة: لِمَ لم تكتب عن عمرو بن مرزوق؟ فقال: نهيت فقال: إن عفان كان يرضاه، ومن كان يرضى عفان؟! كان عمرو صاحب غزو وخير.

وقال محمد بن عيسى بن أبي قماش: سألت يحيى بن معين عن عمرو بن مرزوق فقال: ثقة مأمون صاحب غزو وقرآن وفضل وحمده جدًا.

وقال أبو حاتم: كان ثقة من العباد لم نجد أحدًا من أصحاب شعبة كان أحسن حديثا منه.

قال عبد الله بن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن خالد يقول: لم يكن بالبصرة مجلس أكبر من مجلس عمرو بن مرزوق رحمه الله كان فيه عشرة آلاف نفس.

قال النسائي في الكنى: أخبرنا الحسن بن أحمد بن حبيب حدثنا بندار سمعت عمرو بن مرزوق، وسئل: أتزوجت ألف امرأة؟ فقال: أو زيادة على ألف امرأة.

قال محمد بن عيسى بن أبي قماش: رأيت عمرًا أحمر الرأس واللحية كان يخضب بالحناء، ومات بالبصرة في صفر سنة أربع وعشرين ومائتين

ص: 457

أما:

‌1655 - عمرو بن مرزوق

(1)

:

الواشحي البصري فمحدث صدوق في طبقة مشيخة الأول.

روى عن: عون بن أبي شداد وغيره.

حدث عنه: مسلم بن إبراهيم وأبو الوليد وأبو عمر الحوضي وأبو سلمة.

قال ابن معين: ليس به بأس.

قلت: ما لهذا شيء في الكتب الستة ذكرته للتمييز.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2676" والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1455"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6446"، وتهذيب التهذيب "8/ 101"، وتقريب التهذيب "2/ 78"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5381"، والواشحي، نسبة إلى واشح، وهي بطن من الأزد.

ص: 457

‌1656 - محمد بن الرومي

(1)

: " ت"

هو محمد بن المحدث عمر بن المحدث عبد الله بن عبد الرحمن البصري، ويعرف عبد الله: الرومي.

حدث محمد عن: شعبة، وشريك وأبيه وغيرهم.

وعنه: إسماعيل بن موسى الفزاري، والبخاري ويعقوب الفسوي، وأبو حاتم وآخرون.

ضعفه: أبو داود.

وقال أبو زرعة: فيه لين.

وكان جده:

‌1657 - عبد الله الرومي

(2)

:

يروي عن: أبي هريرة وابن عمر وأنس.

حدث عنه: عمر وحماد بن زيد.

مات سنة (131)، عن سن عالية.

‌1658 - وعمر بن الرومي

(3)

:

روى عن: أبيه عبد الله.

وعنه: أبو سلمة وقتيبة والقواريري وغيرهم.

صدوق.

مات سنة بضع وسبعين ومائة.

وبقي محمد بن الرومي إلى قرب سنة وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 544"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 94"، والكاشف "3/ ترجمة 5154"، والمغني "2/ ترجمة 5868"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 8002"، وتهذيب التهذيب "9/ 360"، وتقريب التهذيب "2/ 193"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6532".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 394"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 439".

(3)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2064"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 644"، وميزان الاعتدال "3/ 213".

ص: 458

‌1659 - سهل بن بكار

(1)

: " خ، د، س"

الحافظ الثقة أبو بشر البصري أحد البقايا.

حدث عن: جرير بن حازم، وشعبة بن الحجاج، ويزيد بن إبراهيم التستري، وأبان العطار وجويرية بن أسماء والسري بن يحيى وعدة.

حدث عنه: البخاري وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم، وأبو مسلم الكجي ومحمد بن محمد التمار وآخرون.

قال أبو حاتم: ثقة.

وروى النسائي له أيضًا.

مات في سنة سبع وعشرين ومائتين. ويقال: سنة ثمان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 302"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 2115"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 363"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 836"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 398"، والعبر "1/ 399"، وتهذيب التهذيب "4/ 247"، وتقريب التهذيب "1/ 335"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2788"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 62".

ص: 459

‌1660 - سهل بن تمام

(1)

: " د"

ابن بزيع الإمام أبو عمرو الطفاوي البصري شيخ معمر صويلح.

حدث عن: أبيه وقرة بن خالد، ويزيد بن إبراهيم التستري وعباد ابن منصور، وصالح بن أبي الجوزاء وعمرو بن سليم الباهلي وعدة.

حدث عنه: أبو داود في سننه وأبو زرعة الرازي وابن خاله أبو حاتم، وعثمان بن خرزاد، ومحمد بن محمد التمار وعدة.

قال أبو حاتم: شيخ.

وقال أبو زرعة: لم يكن يكذب ربما وهم في الشيء.

قلت: توفي سنة نيف وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 838"، والكاشف "1/ ترجمة 2186"، والمغني "1/ ترجمة 2664"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3570"، وتهذيب التهذيب "4/ 247"، وتقريب التهذيب "1/ 335"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2789".

ص: 459

‌1661 - عبد الله بن أبي بكر العتكي

(1)

:

هو: الثقة المحدث أبو عبد الرحمن عبد الله بن السكن بن الفضل بن المؤتمن الأزدي البصري.

حدث عن: شعبة وجرير بن حازم وهمام بن يحيى والأسود بن شيبان وعدة.

وعنه: صالح بن أحمد وأبو زرعة، وأبو حاتم والبخاري في كتاب الأدب، وأحمد بن زهير، وعبد الله بن أحمد الدورقي وعبيد الله بن واصل البخاري وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال ابن أبي عاصم: توفي سنة (224).

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 122"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 83"، وتهذيب التهذيب "5/ 164"، وتقريب التهذيب "1/ 405"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3412".

ص: 460

‌1662 - عبد الله بن خيران

(1)

:

المحدث الصدوق أبو محمد الكوفي نزل بغداد.

وحدث عن: شعبة، وعبد الرحمن المسعودي.

حدث عنه: أحمد بن حرب، ومحمد بن غالب تمتام، وعيسى زغاث وأبو بكر بن أبي الدنيا وآخرون.

قال أبو بكر الخطيب: اعتبرت له أحاديث كثيرة فوجدتها مستقيمة تدل على ثقته.

وقد ذكره العقيلي فقال: لا يتابع على حديث ثم إنه ساق له ثلاثة أحاديث حسنة أحدها موقوف فرفعه.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 800"، وتاريخ بغداد "9/ 450"، وميزان الاعتدال "2/ 415"، ولسان الميزان "3/ 282".

ص: 460

‌1663 - يحيى بن عبدويه

(1)

:

البغدادي.

حدث عن: شعبة وشيبان النحوي.

حدث عنه: إسحاق بن سنين، وجعفر بن كزال، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهم.

أثنى عليه أحمد بن حنبل وأمر ولده عبد الله بالسماع منه.

وأما يحيى بن معين فرماه بالكذب.

توفي في حدود سنة تسع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في الكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2110"، وميزان الاعتدال "4/ 394"، ولسان الميزان "6/ 268".

ص: 461

‌1664 - عبد العزيز بن الخطاب

(1)

: " ق"

الثقة الإمام أبو الحسن الكوفي ثم البصري.

حدث عن: شعبة، والحسن بن صالح وأبي معشر السندي وقيس بن الربيع، ومحمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي وعدة.

حدث عنه: أبو حفص الفلاس وأحمد بن الأزهر، وأبو قلابة وإبراهيم بن ديزيل، وأبو مسلم الكجي والعباس بن الفضل الأسفاطي، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن حيان المازني، وخلق كثير.

وثقه: الفلاس.

وقال أبو حاتم: صدوق.

قال أبو داود: توفي سنة أربع وعشرين ومائتين.

قلت: روى له ابن ماجه فقط.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1584"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 576"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1780"، والكاشف "2/ ترجمة 3430"، وتهذيب التهذيب "6/ 335"، وتقريب التهذيب "1/ 508"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4342".

ص: 461

‌1665 - قرة بن حبيب

(1)

: " خ"

الإمام المحدث الثقة أبو علي البصري الرماح القنوي.

حدث عن: عبد الله بن عون فكان آخر من حدث عنه من الثقات وعن: شعبة، وأبي الأشهب العطاردي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار.

حدث عنه: البخاري في بعض تواليفه، وإسماعيل سمويه وأبو داود السجزي، ومحمد بن غالب تمام، وعلي بن عبد العزيز وعثمان بن خرزاذ، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي، وأحمد بن داود المكي، والحسن بن سهل المجوز وآخرون.

وروى البخاري في صحيحه عن رجل عنه.

قال أبو حاتم: ثقة.

قلت: مات في سنة أربع، وعشرين ومائتين وقد جاوز التسعين رحمه الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 820"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 752"، والكاشف "2/ ترجمة 4640"، وتهذيب التهذيب "8/ 370"، وتقريب التهذيب "2/ 125"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 5848".

ص: 462

‌1666 - الصلت بن محمد

(1)

: " خ، س"

ابن محمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة المحدث أبو همام الخاركي البصري الثقة. وخارك: ساحل البصرة.

حدث عن: مهدي بن ميمون وحماد بن زيد وأبي عوانة، وغسان بن الأغر، وعبد الواحد بن زياد ويزيد بن زريع وعدة.

وعنه: البخاري وروح بن حاتم والعباس العنبري وعيسى بن شاذان، ومحمد بن مرزوق، وأحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي وآخرون.

قال أبو حاتم: صالح الحديث أتيته أيام الأنصار فلم يقض لي أن أسمع منه.

وذكره ابن حبان في الثقات.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2919"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1933"، والكاشف "2/ ترجمة 2435"، وتهذيب التهذيب "4/ 435"، وتقريب التهذيب "1/ 369"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3113".

ص: 462

‌1667 - عمرو بن خالد

(1)

: " خ، ق"

ابن فروخ بن سعيد بن عبد الرحمن بن واقد بن ليث الحافظ الحجة أبو الحسن التميمي، ويقال: الخزاعي الجزري الحراني نزيل مصر، وهو والد الإمام أبي علاثة محمد بن عمرو، وأبي خيثمة علي بن عمرو.

حدث عن: حماد بن سلمة والليث بن سعد، وعبد الحميد بن بهرام، والنضر بن عربي وأبي عقيل يحيى بن المتوكل وعبد الله بن لهيعة، وعبد الله بن عمرو وأبي المليح وزهير وشريك، وبكر بن مضر، وعبد الأعلى بن أبي مساور الجرار، وعدة.

وعنه: البخاري، ومحمد بن يحيى ويونس بن عبد الأعلى، وأحمد بن منصور الرمادي، وسمويه وأبو الزنباع روح بن الفرج وأبو زرعة وأبو حاتم، ويحيى بن عثمان بن صالح، والحسن بن الفرج الغزي، والحسين بن حميد العكي وعثمان بن خرزاذ وولداه وأبو الأحوص العكبري، وخلق.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: مصري ثقة ثبت.

وقال أبو حاتم: صدوق.

قال البخاري وغيره: مات بمصر سنة تسع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2542"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238، 560، 623"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1278"، والكاشف "2/ ترجمة 4215"، والمغني "2/ ترجمة 4650"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6360"، وتهذيب التهذيب "8/ 25"، والتقريب "2/ 69"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5284".

ص: 463

‌1668 - عبد الملك بن هشام

(1)

:

ابن أيوب العلامة النحوي الأخباري أبو محمد الذهلي السدوسي، وقيل: الحميري المعافري البصري نزيل مصر.

هذب السيرة النبوية، وسمعها من زياد البكائي صاحب ابن إسحاق، وخفف من أشعارها وروى فيها مواضع عن عبد الوارث بن سعيد، وأبي عبيدة رواها عنه: محمد بن حسن القطان، وعبد الرحيم بن عبد الله بن البرقي، وأخوه أحمد بن البرقي.

وله مصنف في أنساب حمير وملوكها.

والأصح أنه ذهلي كما ذكره أبو سعيد بن يونس، وأرخ وفاته في ثالث عشر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومائتين.

قال الدارقطني: حدثني عبيد الله بن محمد المطلبي بالرملة حدثنا زكريا بن يحيى بن حيويه، سمعت المزني يقول: قدم علينا الشافعي وكان بمصر عبد الملك بن هشام صاحب المغازي، وكان علامه أهل مصر بالعربية، والشعر فقيل له في المصير إلى الشافعي فتثاقل ثم ذهب إليه فقال: ما ظننت أن الله يخلق مثل الشافعي.

وفي الروض الأنف: أن ابن هشام مات سنة ثلاث عشرة ومائتين. فهذا وهم فيه أبو القاسم السهيلي بل الصواب ما تقدم.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان "3/ ترجمة 380"، والوافي بالوفيات "6/ 26".

ص: 464

‌1669 - أبو غسان

(1)

: " ع"

مالك بن إسماعيل بن درهم الحافظ، الحجة الإمام أبو غسان النهدي مولاهم، الكوفي سبط إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه.

حدث عن: إسرائيل، وورقاء وعيسى بن عبد الرحمن السلمي، وفضيل بن مرزوق، والحسن بن صالح والحكم بن عبد الملك وعبد الرحمن بن الغسيل، وعبد العزيز بن الماجشون، ومندل بن علي، وحبان بن علي وأبي معشر السندي، ويحيى بن عثمان التيمي، وزهير بن معاوية وخلق.

وعنه: البخاري، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويوسف بن موسى، ومحمد بن يحيى الذهلي وهارون الحمال وأبو إسحاق الجوزجاني وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن ملاعب وسلمة بن شبيب، وفهد بن سليمان ومحمد بن إسحاق الصنعاني وأبو زرعة وأبو حاتم، ومحمد بن الحسين الحنيني وخلق كثير.

قال محمد بن علي بن داود البغدادي: سمعت ابن معين يقول لأحمد بن حنبل: إن سرك أن تكتب عن رجل ليس في قلبك منه شيء فاكتب عن أبي غسان.

وقال أبو حاتم: قال يحيى بن معين: ليس بالكوفة أتقن من أبي غسان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 404"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1342"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 433، 482"، "3/ 147، 241"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 905" والكاشف "3/ ترجمة 5332"، والعبر "1/ 378"، وتهذيب التهذيب "10/ 3 - 4"، وتقريب التهذيب "2/ 223"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6795"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 46".

ص: 464

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صحيح الكتاب من العابدين.

وقال أيضًا: كان ثقة متثبتًا.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: أبو غسان محدث من أئمة المحدثين.

وقال أبو حاتم: كان أبو غسان يملي علينا من أصله، وكان لا يملي حديثا حتى يقرأه، وكان ينحو لم أر بالكوفة أتقن من أبي غسان لا أبو نعيم، ولا غيره وأبو غسان أتقن من إسحاق بن منصور، وهو متقن ثقة كان له فضل، وصلاح وعبادة وصحة حديث واستقامة، وكانت عليه سجادتان كنت إذا نظرت إليه كأنه خرج من قبر رحمه الله تعالى.

وقال النسائي وغيره: ثقة.

قال محمد بن سعد، وغيره: مات في ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين.

قلت: حديثه في كل الأصول وفيه أدنى تشيع.

أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف المقرئ أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا يحيى بن محمود، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن عقيل أخبرنا محمد بن عبد الله أخبرنا أبو القاسم الطبراني، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي حدثنا أسباط بن نصر عن السدي، عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي، وفاطمة والحسن والحسين:"أنا حرب لمن حاربتم سلم لمن سالمتم".

تفرد به: أسباط عن السدي رواه: الترمذي

(1)

عن سليمان بن عبد الجبار عن علي بن قادم، وابن ماجه عن الحلواني وغيره عن أبي غسان جميعًا عن أسباط، وصبيح: قال الترمذي: ليس بمعروف.

أبو أحمد الحاكم: حدثنا الحسين الغازي قال: سألت البخاري عن أبي غسان قال: وعماذا تسأل؟ قلت: التشيع فقال: هو على مذهب أهل بلده، ولو رأيتم عبيد الله بن موسى، وأبا نعيم وجماعة مشايخنا الكوفيين لما سألتمونا عن أبي غسان.

قلت: وقد كان أبو نعيم، وعبيد الله معظمين لأبي بكر وعمر، وإنما ينالان من معاوية، وذويه. رضي الله عن جميع الصحابة.

(1)

حسن لغيره: أخرجه الترمذي "3870"، وابن ماجه "145"، والدولابي في "الكنى""2/ 160" والطبراني "2619"، "5030"، والحاكم "3/ 149"، من طريق أسباط بن نصر، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أسباط بن نصر، قال النسائي: ليس بالقوي. وضعفه أبو نعيم وفيه صبيح مولى أم سلمة قال الترمذي: ليس بمعروف، وأخرجه الطبراني "2620"، "5031"، من طريق سليمان قرم، عن أبي الجحاف، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن صبيح مولى أم سلمة، عن جده صبيح، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه صبيح مولى أم سلمة، وهو غير معروف كما قال الترمذي، وقد ورد عن أبي هريرة: عند أحمد "2/ 442"، وفي "الفضائل""1350"، والحاكم "3/ 149"، والطبراني "2621"، والخطيب في "تاريخ بغداد"، "7/ 137"، وإسناده ضعيف آفته تليد بن سليمان، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب". فالحديث يرتقي بمجموع الطريقين إلى درجة الحسن لغيره.

ص: 465

‌1670 - شاذ بن فياض

(1)

: " د، س"

الحافظ الثقة أبو عبيدة اليشكري البصري، واسمه هلال، وشاذ: لقب أعجمي مخفف الذال، وقيل: مثقلة ومعناه: فرحان.

ولد سنة بضع وثلاثين ومائة.

وسمع من: هشام الدستوائي وعكرمة بن عمار وشعبة والثوري وعدة.

حدث عنه: أبو داود، وأبو حفص الفلاس ومحمد بن المثنى، وإبراهيم الحربي، وحنبل بن إسحاق ومحمد بن حيان المازني ومحمد بن أيوب البجلي، وأحمد بن داود المكي، وأبو خليفة الفضل بن الحباب وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق ثقة.

وقال البخاري: مات في سنة خمس وعشرين ومائتين.

خرج له النسائي أيضًا.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2750"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 193"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 316"، والمجروحين لابن حبان "1/ 363"، والكاشف "2/ ترجمة 2249"، والمغني "1/ ترجمة 2728"، "2/ ترجمة 6783"، والعبر "1/ 221، 394"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3649"، "4/ ترجمة 9277"، وتهذيب التهذيب "4/ 299"، وتقريب التهذيب "1/ 345"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2893"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".

ص: 466

‌1671 - شاذ بن يحيى

(1)

:

الواسطي شيخ صدوق.

حدث عن: وكيع ويزيد.

حدث عنه: عباس العنبري وتميم بن المنتصر، وأحمد بن سنان القطان وعباس الترقفي، ومحمد بن عبد العزيز الدينوري وأبو بكر الأعين وآخرون.

ذكر تمييزًا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1717"، وتهذيب التهذيب "4/ 299"، وتقريب التهذيب "1/ 345"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2894".

ص: 467

‌1672 - عبد الله بن سوار

(1)

: " س"

ابن عبد الله بن قدامة، القاضي، الإمام أبو السوار العنبري البصري كان هو وأبوه وجده قضاة البصرة.

سمع من: أبيه وعبد الله بن بكر المزني، وجرير بن حازم، وحماد بن سلمة، ومالك بن أنس، ووهيب بن خالد وطائفة.

حدث عنه: ابنه سوار ومعاوية بن صالح، وأبو زرعة وحرب الكرماني، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وعبيد الله بن واصل ومعاذ بن المثنى، وأبو خليفة الجمحي وخلق كثير.

خرج له النسائي في الفرائض حديثًا.

وثقه أبو داود وغيره، وكان صاحب سنة وعلم ومعرفة.

مات في: سنة ثمان وعشرين ومائتين وقد قارب الثمانين.

وتوفي ولده سوار بن عبد الله قاضي البصرة: في سنة خمس وأربعين ومائتين.

أدرك عبد الوارث التنوري، ونحوه وهو من شيوخ أبي داود والترمذي والنسائي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 364"، والعبر "1/ 54" والكاشف "2/ ترجمة 2800"، وتهذيب التهذيب "5/ 248"، وتقريب التهذيب "1/ 421"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3554"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 55".

ص: 467

‌1673 - إسماعيل بن عمرو

(1)

:

ابن نجيح البجلي مولاهم الكوفي شيخ أصبهان ومسندها.

ولد سنة بضع وثلاثين ومائة.

وسمع مالك بن مغول، وكاملًا أبا العلاء ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وشيبان النحوي وعبد الغفار بن القاسم وفضيل بن مرزوق، وطائفة وطال عمره وتفرد في وقته.

حدث عنه: أحمد بن الفرات، ومحمود بن أحمد بن الفرج وعبد الله بن محمد بن زكريا، وإبراهيم بن نائلة، ومحمد بن نصير المديني ومحمد بن علي الفرقدي، ومحمد بن إبراهيم الصفار وخلق من الأصبهانيين.

قال محمد بن يحيى بن منده: سمعت إبراهيم بن أورمة ذكر إسماعيل بن عمرو فأحسن الثناء عليه، وقال: شيخ مثل ذلك ضعفوه! وكان عنده عن فلان، وفلان!.

وذكره ابن حبان في تاريخ الثقات.

وأما الدارقطني فضعفه.

وقال ابن عدي: حدث عن مسعر وسفيان بأحاديث لا يتابع عليها وروى عنه: أسيد بن عاصم والقاسم بن نصر وعبد الله بن محمد بن سلام. ثم ساق له ابن عدي أحاديث فقال: هذه مع سائر رواياته التي لم أذكرها عامتها مما لا يتابع عليه وهو ضعيف.

قلت: مات سنة سبع وعشرين ومائتين من أبناء التسعين.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 99"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 150"، وتاريخ أصبهان "1/ 208"، وميزان الاعتدال "1/ 239"، وتهذيب التهذيب "1/ 320"، ولسان الميزان "1/ 425".

ص: 467

‌1674 - عبد السلام بن مطهر

(1)

: " خ، د"

ابن حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان الإمام الثقة، أبو ظفر الأزدي، البصري.

حدث عن: شعبة وجرير بن حازم ومبارك بن فضالة، وموسى بن خلف العمي، وسليمان بن المغيرة وطائفة.

حدث عنه: البخاري وأبو داود وإسماعيل سمويه، وأبو حاتم وإبراهيم الحربي، وأحمد بن زهير وأحمد بن داود المكي وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن حيان المازني، وأبو خليفة الجمحي وعدد كثير.

وقد حدث أبو داود أيضا عن: محمد بن المثنى عنه.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو داود: مات في رجب سنة أربع وعشرين.

قلت: مات في عشر التسعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1732"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 255"، والكاشف "2/ ترجمة 3421"، وتهذيب التهذيب "6/ 325"، وتقريب التهذيب "1/ 507"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4326".

ص: 468

‌1675 - عبد الغفار بن عبيد الله

(1)

:

ابن عبد الأعلى بن الأمير الذي افتتح إقليم خراسان في خلافة عثمان عبد الله بن عامر بن كريز بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي الكريزي البصري.

حدث عن: شعبة، وصالح بن أبي الأخضر وأبي المقدام هشام بن زياد وغيرهم.

حدث عنه: ابن وارة، وأبو حاتم الرازي وآخرون.

وهو متوسط الحال.

وقال البخاري: ليس حديثه بالقائم.

قلت: توفي سنة بضع عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1906"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 291"، ولسان الميزان "4/ 41".

ص: 469

‌1676 - عبد الغفار بن داود

(1)

: " خ، د، س، ق"

ابن مهران بن زياد الإمام المحدث، الصادق، أبو صالح البكري الحراني ثم المصري الإفريقي المولد.

ولد سنة أربعين ومائة.

وسار به أبوه وهو طفل فنشأ بالبصرة، وتفقه وكتب العلم ثم رجع إلى مصر مع والده.

سمع حماد بن سلمة وزهير بن معاوية، وعبد الله بن عياش القتباني، والليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ، وأبا المليح الرقي وإسماعيل بن عياش وعدة.

حدث عنه: البخاري وبواسطة أبو داود، والنسائي وابن ماجه، ومحمد بن عوف الطائي، وأبو بكر الأثرم وأبو زرعة النصري وعبد الله بن حماد الآملي، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن عمرو بن نافع الطحان والمقدام بن داود الرعيني، وموسى بن عيسى بن المنذر، ويحيى بن أيوب العلاف ويحيى بن عثمان السهمي، وأحمد بن زغبة وخلق كثير.

وكان من أهل العلم، والجلالة والحشمة.

قال أبو سعيد بن يونس: كانت أمه بنت سعيد بن يزيد الأزدي البصري، قدم مصر مع أبيه في سنة إحدى، وستين وذهب إلى المغرب قال: وكان ثقة ثبتًا فقيهًا على مذهب أبي حنيفة، وكان أحد وجوه المصريين قدم المأمون مصر فكان عبد الغفار يجالسه وله معه أخبار.

قال أبو حاتم: لا بأس به.

وقال الخطيب: سمع بالبصرة وبمصر والشام والجزيرة وكان يكره أن يقال له: الحراني وإنما سمي بذلك؛ لأن أخويه عبد الله وعبد العزيز ولدا بحران ولهم ثروة ونعمة وولد أخواه عبد الخالق وعبد الصمد بإفريقية ثم تحولوا منها.

قال ابن يونس: مات أبو صالح بمصر في شعبان سنة أربع وعشرين ومائتين.

قلت: وهم من قال: إنه مات سنة ثمان وعشرين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1904"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 246".

و"2/ 453"، والجرح والتعديل "6/ 289"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 55"، والكاشف "2/ ترجمة 3464"، وتهذيب التهذيب "6/ 365"، وتقريب التهذيب "1/ 514"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4387".

ص: 470

‌1677 - عيسى بن دينار

(1)

:

فقيه الأندلس ومفتيها الإمام أبو محمد الغافقي القرطبي.

ارتحل ولزم ابن القاسم مدة، وعول عليه وكان صالحًا خيرًا ورعًا يذكر بإجابة الدعوة.

كان ابن وضاح يقول: هو الذي علم أهل الأندلس الفقه.

وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن: هو كان أفقه من يحيى بن يحيى الليثي.

وقال الفقيه أبان بن عيسى بن دينار: كان أبي قد أجمع على ترك الفتيا بالرأي، وأحب الفتوى بالحديث فأعجلته المنية عن ذلك.

قلت: كان من أوعية الفقه، ولكنه قليل الحديث.

توفي: سنة اثنتي عشرة، ومائتين في سن الكهولة رحمه الله.

(1)

ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".

ص: 471

‌1678 - عيسى بن أبان

(1)

:

فقيه العراق تلميذ محمد بن الحسن وقاضي البصرة.

حدث عن: إسماعيل بن جعفر، وهشيم ويحيى بن أبي زائدة.

وعنه: الحسن بن سلام السواق وغيره.

وله تصانيف وذكاء مفرط وفيه سخاء وجود زائد.

توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين.

أخذ عنه: بكار بن قتيبة.

‌1679 - عون بن سلام

(2)

: " م"

الشيخ العالم المعمر الصادق أبو جعفر الكوفي.

سمع أبا بكر النهشلي، وإسرائيل بن يونس، وزهير بن معاوية ومحمد بن طلحة بن مصرف.

حدث عنه: مسلم، وهو من كبار مشيخته، وأحمد بن علي الأبار، ومحمد بن عبد الله مطين ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة وموسى بن إسحاق الخطمي، وموسى بن هارون الحمال وآخرون.

وعاش تسعين سنة. وهو صدوق ما علمت به بأسًا.

مات: في شهر ذي القعدة سنة ثلاثين ومائتين.

وممن كان بعد المائتين من رؤوس المتكلمين والمعتزلة: بشر بن غياث المريسي العدوي مولى آل زيد بن الخطاب، وأبو سهل بشر بن المعتمر الكوفي الأبرص من كبار المعتزلة ومصنفيهم، وأبو معن ثمامة بن أشرس النميري البصري، وأبو الهذيل محمد بن الهذيل العلاف البصري، وأبو إسحاق إبراهيم بن سيار البصري النظام، وهشام بن الحكم الكوفي الرافضي المجسم وضرار بن عمرو الذي تنسب الضرارية إليه، وأبو المعتمر معمر بن عباد، وقيل: معمر بن عمرو البصري العطار وهشام بن عمرو الفوطي، وداود الجواربي والوليد بن أبان الكرابيسي، وابن كيسان الأصم وأبو موسى الفراء البغدادي وأبو موسى البصري الملقب: بالمرداز، وجعفر بن حرب وجعفر بن مبشر وآخرون.

نعوذ بالله من البدع وأن نقول على الله ما لا نعلم.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 157".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 408"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 2161"، وتاريخ بغداد "12/ 293"، والكاشف "2/ ترجمة 4384"، والعبر "1/ 407"، والمغني "2/ ترجمة 4776"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6532" وتهذيب التهذيب "8/ 170"، وتقريب التهذيب "2/ 90"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5492"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 69".

ص: 471

‌1680 - زكريا بن عدي

(1)

: " خ، ت"

ابن زريق وقيل: ابن الصلت الإمام الحافظ الثبت أبو يحيى التيمي مولاهم الكوفي نزيل بغداد، أخو نزيل مصر يوسف بن عدي، وكان عدي ذميًا فأسلم.

حدث زكريا عن: حماد بن زيد وشريك، وأبي الأحوص وهشيم، وابن المبارك ويزيد بن زريع، وعبيد الله بن عمرو الرقي وطبقتهم.

حدث عنه: إسحاق بن راهوية وإسحاق الكوسج وعبد بن حميد وأبو محمد الدارمي وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن علي البربهاري ومعاوية بن صالح الدمشقي، ومحمد بن إسماعيل البخاري خارج الصحيح، وفي الصحيح بواسطة وخلق سواهم.

قال أحمد العجلي: كوفي ثقة رجل صالح متقشف.

وقال المنذر بن شاذان: ما رأيت أحفظ من زكريا بن عدي جاءه أحمد بن حنبل، ويحيى فقالا: أخرج إلينا كتاب عبيد الله بن عمرو فقال: ما تصنعون به؟ خذوا حتى أملي عليكم كله وكان يحدث عن عدة من أصحاب الأعمش فيميز ألفاظهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 407"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1407"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 726"، "2/ 667"، والكنى للدولابي "2/ 165"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2712"، وتاريخ بغداد "8/ 455"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 396"، وتهذيب التهذيب "3/ 331"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2147"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".

ص: 472

وقال عبد الرحمن بن خراش: هو ثقة ورع.

وقيل: إنه لما احتضر قال: اللهم إني إليك مشتاق.

قال أبو عوف البزوري: ما كتبت عن أحد أفضل من زكريا بن عدي.

وقال أبو يحيى صاعقة: قدم زكريا بن عدي فكلموا له من يستعمله على قرية في الشهر بثلاثين درهمًا، فرجع بعد شهر وقال: ليس أجدني أعمل بقدر الأجرة.

واشتكت عينه فأتاه رجل بكحل فقال: أنت ممن يسمع الحديث مني؟ قال: نعم فأبى أن يأخذه.

وقد نال منه أبو نعيم الكوفي بلا حجة، وقال: ما له وللحديث؟ هو بالتوراة أعلم.

قال ابن سعد: هو من موالي تيم الله، وكان رجلًا صالحًا ثقة قال: وتوفي في جمادى الأولى سنة إحدى عشرة ومائتين.

وقال إسماعيل بن أبي الحارث، وغيره مات في ثاني جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة ومائتين ببغداد.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه وغيره إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا بشر بن موسى حدثنا زكريا بن عدي، أخبرنا عبيد الله بن عمرو عن ابن عقيل عن جابر قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار في نخل لها يقال له: الأسواف ففرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت صور لها مرشوش فقال: "الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة". فجاء أبو بكر ثم قال: "الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة". فجاء عمر فقال: "الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة". قال: فلقد رأيت رأسه مطأطئًا من تحت الصور ثم يقول: "اللهم إن شئت جعلته عليًا". فجاء علي ثم إن الأنصارية ذبحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة وصنعتها فأكل وأكلنا فلما حضرت الظهر قام فصلى وصلينا ما توضأ ولا توضأنا، فلما حضرت العصر صلى وما توضأ ولا توضأنا.

هذا حديث حسن. أخرجه: الترمذي

(1)

عن عبد عن زكريا بن عدي.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "3/ 375، 387"، والترمذي "80" من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، به.

قلت: إسناده حسن، ابن عقيل فيه كلام من قبل حفظه، لا ينزل به حديثه عن هذه المرتبة التي ذكرناها.

ص: 473

‌1681 - عبد الملك بن مسلمة

(1)

:

الفقيه أبو مروان الأموي مولاهم البصري.

ولد سنة أربعين ومائة.

وأخذ عن: مالك والليث وجماعة.

وعنه: سمويه والحسن بن قتيبة العسقلاني ويحيى بن عثمان بن صالح.

ضعفه: ابن يونس وابن حبان.

قال يحيى بن بكير: أبطأ حبيب فقال مالك: ليقرأ بعضكم فقرأ عبد الملك بن مسلمة فلما مر بابن شهاب قال: شهاب فعل ذلك مرارًا وضجر مالك، وكان يغيب فيكتب في ألواحه ما يسمع من مالك فيقول: أنا كتبته فيعجب من تغفله، وقرأ لنا على مالك في النذور قال: فقربت إليه "جزءا وفتى مكسورًا". فضحك مالك وقال: "جِرْوَ قثاء مكسورًا" عافاك الله رواها: ابن يونس حدثنا عبد الوهاب بن سعد حدثنا عمرو بن أحمد بن السرح حدثنا ابن بكير فذكرها كلها.

مات في ذي الحجة سنة أربع وعشرين ومائتين.

وجده هو: يزيد مولى جزء بن عبد العزيز بن مروان.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1735"، والمجروحين لابن حبان "2/ 134"، وميزان الاعتدال "2/ 664"، ولسان الميزان "4/ 68".

ص: 474

‌1682 - هشام بن عبيد الله

(1)

:

الرازي السني الفقيه أحد أئمة السنة.

حدث عن: ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وحماد بن زيد وعبد العزيز بن المختار وطبقتهم.

حدث عنه: بقية بن الوليد، وهو من شيوخه، ومحمد بن سعيد العطار، والحسن بن عرفة وحمدان بن المغيرة وأبو حاتم الرازي وأحمد بن الفرات، وعبد الله بن يزيد وطائفة سواهم. وكان من بحورالعلم.

قال موسى بن نصير: سمعته يقول: لقيت ألفًا وسبع مائة شيخ أصغرهم عبد الرزاق وخرج مني في طلب العلم سبع مائة ألف درهم.

وقال أبو حاتم: صدوق وما رأيت أحدًا أعظم قدرًا ولا أجل من هشام بن عبيد الله بالري، وأبي مسهر الغساني بدمشق.

وأما ابن حبان فلينه وساق له خبرًا لا يحتمل عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "الدجاج غنم فقراء أمتي والجمعة حجهم"

(2)

.

وقال الشيخ أبوإسحاق في "طبقات الحنفية": هو لين في الرواية وفي داره مات محمد بن الحسن.

قال محمد بن خلف الخراز: سمعت هشام بن عبيد الله الرازي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق فقال له رجل: أليس الله يقول: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]؟ فقال: محدث إلينا وليس عند الله بمحدث.

قلت: لأنه من علم الله وعلم الله لا يوصف بالحدث.

مات سنة إحدى وعشرين ومائتين ورخه: عبد الرحمن بن محمد العبدي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 256"، والمجروحين لابن حبان "3/ 90"، وميزان الاعتدال "4/ 300"، ولسان الميزان "6/ 195"، وتهذيب التهذيب "11/ 47 - 48"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 49".

(2)

موضوع: أخرجه ابن حبان في "المجروحين""3/ 90" من طريق هشام بن عبيد الله الرازي، عن ابن أبي ذئب، به.

قلت: آفته هشام بن عبيد الله هذا، وقد أورد الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وقال: باطل.

وأورده ابن حبان في ترجمته في "المجروحين" وقال في إثره: "موضوع لا أصل له".

ص: 475

‌1683 - أبو الجماهر

(1)

: " د، ق"

الإمام المحدث، الحافظ، الثبت، أبو عبد الرحمن، وأبو الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الدمشقي الكفرسوسي.

سمع: خليد بن دعلج وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن عياش والهيثم بن حميد وعدة.

حدث عنه: أحمد بن أبي الحواري ومحمد بن يحيى الذهلي وأبو زرعة، وأبو حاتم وأبو زرعة الدمشقي وأبو إسحاق الجوزجاني وأبو داود في سننه، وإسحاق بن سيار وأحمد بن إبراهيم البسري ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعثمان بن سعيد الدارمي والحسن بن جرير الصوري وخلق كثير.

وثقة رفيقه أبو مسهر وأبو حاتم.

وقال عثمان الدارمي: كان أوثق من أدركنا بدمشق ورأيت أهل البلد مجمعين على صلاحه ورأيتهم يقدمونه على هشام وعلى أبي أيوب يعني: ابن بنت شرحبيل.

وقال أبو داود: ثقة.

ولد: سنة أربعين ومائة أو سنة إحدى.

قلت: قد روى أبو داود عنه وعن رجل عنه.

قال أبو حاتم: ما رأيت أحدًا أفصح منه.

وقال أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا وكان من خيار الناس.

وقال أبو حاتم: ما رأيت أفصح منه ومن أبي مسهر الغساني.

قال أبو زرعة النصري، والفسوي: مات سنة أربع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 557"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 134، 206"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 110"، والكاشف "3/ ترجمة 5125"، وتهذيب التهذيب "9/ 338"، وتقريب التهذيب "2/ 190" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6489"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 55".

ص: 475

‌1684 - أبو هَمَّام الدَّلَّال

(1)

: " د، س، ق"

محمد بن محبب الإمام الثقة المحدث أبو همام القرشي البصري بياع الرقيق.

حدث عن: سفيان الثوري، وسعيد بن السائب، وإبراهيم بن طهمان وإسرائيل بن يونس.

وعنه: رجاء بن مرجى وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن محمد البرتي القاضي، وأبو مسلم الكجي وأبو خليفة الفضل بن الحباب وآخرون.

وثقة أبو داود وروى له هو والنسائي والقزويني.

مات سنة إحدى وعشرين، ومائتين وكان من أبناء الثمانين رحمه الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 783"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 414"، والكاشف "3/ ترجمة 5221"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8117"، وتهذيب التهذيب "9/ 427"، وتقريب التهذيب "2/ 204" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6625"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 49".

ص: 476

‌1685 - عمرو بن عون

(1)

: " خ، د"

ابن أوس بن الجعد الحافظ المجود الإمام أبو عثمان السلمي الواسطي البزاز.

حدث عن: حماد بن سلمة وعبد العزيز بن الماجشون وشريك بن عبد الله وهشيم ويحيى بن أبي زائدة، وخالد بن عبد الله وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري وأبو داود، وأبو زرعة وأبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ويعقوب الفسوي وعثمان الدارمي وعدد كثير.

وثقة جماعة وقال فيه يزيد بن هارون: هو ممن يزداد كل يوم خيرًا.

وقال أبو زرعة الرازي: هو ثقة قل من رأيت أثبت منه.

وقال أبو حاتم: ثقة حجة كان يحفظ حديثه.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة رجل صالح.

وقد حدث عنه يحيى بن معين مرة فأطنب في الثناء عليه.

قلت: كان عالما بهشيم جدًا.

قال حاتم بن الليث: مات عمرو بن عون في سنة خمس وعشرين ومائتين.

أخبرنا أحمد بن محمد بن العماد، أخبرنا إبراهيم بن عثمان أخبرنا أحمد بن محمد الكاغدي أخبرنا أحمد بن علي الصوفي، أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عمرو بن عون حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن إسرائيل عن الركين بن الربيع بن عميلة، عن أبيه عن ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أكثر أحد من الربا إلَّا كان عاقبة أمره إلى قل"

(2)

.

أخرجه القزويني عن عباس بن جعفر عن عمرو بن عون.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 316"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2638"، والمعرفة والتاريخ "1/ 307، 341"، "2/ 33"، "3/ 277"، والكنى للدولابي "2/ 26"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1393"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 434"، والكاشف "2/ ترجمة 4273"، والعبر "1/ 286، 387"، وتهذيب التهذيب "8/ 86"، وتقريب التهذيب "2/ 76"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5354"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 52".

(2)

صحيح: أخرجه ابن ماجه "2279"، والطبراني في "الكبير""10539"، والحاكم "2/ 37"، "4/ 317 - 318"، من طريق إسرائيل، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن ابن مسعود، به.

وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

وأخرجه أحمد "1/ 395، 424"، وأبو يعلى "5042"، "5348"، "5349"، والطبراني في "الكبير""10538" من طرق عن شريك، عن الركين بن الربيع، به.

قلت: إسناده ضعيف، شريك، هو ابن عبد الله النخعي، سيئ الحفظ، لكنه قد توبع كما في الطريق السابق.

ص: 477

‌1686 - الربيع بن يحيى

(1)

: " خ، د"

ابن مقسم الأشناني، الإمام الحافظ الحجة، أبو الفضل المرئي البصري.

حدث عن: شعبة، ومالك بن مغول، ومبارك بن فضالة وزائدة بن قدامة وطبقتهم.

وعنه: البخاري وأبو داود وحرب الكرماني، وأبو زرعة الرازي، وإسماعيل سمويه، وأبو مسلم الكجي ومحمد بن أيوب البجلي ومحمد بن محمد التمار، وآخرون.

قال أبو حاتم: ثقة ثبت.

وأما الدارقطني فلينه.

وقال الحاكم: سألت الدارقطني عنه فقال: روى عن سفيان الثوري عن ابن المنكدر عن جابر في الجمع بين الصلاتين

(2)

. قال: وهذا يسقط مائة ألف حديث.

يعني: من أتى بهذا ممن هو صاحب مائة ألف حديث أثر فيه لينًا بحيث تنحط رتبة المائة ألف عن درجة الاحتجاج، وإنما هذا على سبيل المبالغة فكم ممن قد روى مائتي حديث ووهم منها في حديثين وثلاثة وهو ثقة؟.

قال ابن قانع: مات الأشناني في سنة أربع وعشرين ومائتين.

قلت: كان معمرًا من أبناء التسعين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 955"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 213، 241"، 2/ 103، 222"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2106"، وتاريخ بغداد "8/ 417"، والعبر "1/ 390" والكاشف "1/ ترجمة 1555"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 2747"، والمغني "1/ ترجمة 2101"، وتهذيب التهذيب "3/ 252"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2035"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 53".

(2)

أورده ابن أبي حاتم في "العلل""1/ 116، 313" قال: "سمعت أبي وقيل له: حديث محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجمع بين الصلاتين فقال: حدثنا الربيع بن يحيى، عن الثوري غير أنه باطل عندي هذا خطأ لم أدخله في التصنيف وأراد أبا الزبير عن جابر أو أبا الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس والخطأ من الربيع". ا. هـ.

قلت: ورواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير؛ أخرجها مالك "1/ 144"، ومن طريقه مسلم "705""49" عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر".

ص: 478

‌1687 - الوحاظي

(1)

: " خ، م"

الإمام العالم الحافظ الفقيه أبو زكريا يحيى بن صالح الوحاظي الدمشقي وقيل: الحمصي.

حدث عن: مالك بن أنس، وسعيد بن عبد العزيز وفليح بن سليمان وزهير بن معاوية، وحماد بن شعيب الكوفي وسليمان بن بلال، وعفير بن معدان وسعيد بن بشير وسليمان بن عطاء، ومحمد بن مهاجر وسلمة بن كلثوم ومعاوية بن سلام الحبشي وعدة.

حدث عنه: البخاري وهو والباقون سوى النسائي عن رجل عنه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن أبي الحواري ومحمد بن عوف وابن وارة وأبو أمية الطرسوسي، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي، ويعقوب الفسوي وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأحمد بن عبد الوهاب، وأحمد بن عبد الرحيم الحوطيان، وعبد الرحيم بن القاسم الرواس وعلي بن محمد بن عيسى الجكاني، وخلق كثير.

قال يحيى بن معين: ثقة.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو عوانة الإسفراييني: حسن الحديث صاحب رأي وكان عديل محمد بن الحسن الفقيه إلى مكة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 473"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3009"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 206"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2034"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 657"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 413"، والكاشف "3/ ترجمة 6293"، والمغني "2/ ترجمة 6991"، والعبر "1/ 358" وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9545"، وتهذيب التهذيب "11/ 229"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 50".

ص: 479

قال أحمد بن صالح المصري: حدثنا يحيى بن صالح بثلاثة عشر حديثا عن مالك ما وجدنا لها أصلا عند غيره.

وممن وثقه: ابن عدي، وابن حبان وغمزه بعض الأئمة لبدعة فيه لا لعدم إتقان.

قال أحمد بن حنبل: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أن يحيى بن صالح قال: لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث يعني: هذه التي في الرؤية ثم قال أحمد: كأنه نزع إلى رأي جهم.

قلت: والمعتزلة تقول: لو أن المحدثين تركوا ألف حديث في الصفات، والأسماء والرؤية، والنزول لأصابوا والقدرية تقول: لو أنهم تركوا سبعين حديثًا في إثبات القدر والرافضة تقول: لو أن الجمهور تركوا من الأحاديث التي يدعون صحتها ألف حديث لأصابوا، وكثير من ذوي الرأي يردون أحاديث شافه بها الحافظ المفتي المجتهد أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزعمون أنه ما كان فقيها، ويأتوننا بأحاديث ساقطة أو لا يعرف لها إسناد أصلًا محتجين بها.

قلنا: وللكل موقف بين يدي الله تعالى يا سبحان الله! أحاديث رؤية الله في الآخرة متواترة، والقرآن مصدق لها فأين الإنصاف?!

قال أبو جعفر العقيلي: يحيى الوحاظي حمصي جهمي.

قلت: قد كان ينكر الإرجاء فقال البخاري: قال عبد الصمد: سألت يحيى بن صالح عن الإيمان فقال: حدثنا أبو المليح سمعت ميمون بن مهران يقول: أنا أقدم من الإرجاء.

قلت: قدم أحمد بن حنبل حمص فما أخذ عن يحيى شيئًا.

قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن يحيى بن صالح فقال: رأيته في جنازة أبي المغيرة فجعل أبي يضعفه.

وقال إسحاق الكوسج: حدثنا الوحاظي وكان مرجئًا خبيثًا داعي دعوة.

قال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا يزيد بن عبد ربه يقول: سمعت، وكيعًا يقول ليحيى الوحاظي: اجتنب الرأي فإني سمعت أبا حنيفة رحمه الله يقول: البول في المسجد أحسن من بعض قياسهم.

قال جماعة: مات الوحاظي سنة اثنين وعشرين ومائتين.

ص: 480

‌1688 - أحمد بن يونس

(1)

: " ع"

الإمام الحجة الحافظ أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي ينسب إلى جده تخفيفًا.

مولده في سنة اثنين وثلاثين ومائة تخمينًا.

سمع من: جده يونس بن عبد الله بن قيس اليربوعي. ومن: ابن أبي ذئب وسفيان الثوري، وإسرائيل والحسن بن صالح وزائدة بن قدامة وعاصم بن محمد بن زيد العمري وعبد العزيز بن الماجشون، وزهير بن معاوية وأبي بكر بن عياش وخلق.

وكان عارفا بحديث بلده.

حدث عنه: البخاري ومسلم وهو من كبراء شيوخه، وعبد بن حميد وأبو زرعة الرازي وإبراهيم الحربي، ويعقوب الفسوي وأبو حاتم وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبو حصين الوادعي وإبراهيم بن شريك، وخلق سواهم.

قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل وسأله رجل: عمن أكتب؟ قال: ارحل إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام.

وقال أبو حاتم: كان ثقة متقنًا.

قال أبو داود صاحب السنن: سألت أحمد بن يونس فقال: لا تصل خلف من يقول: القرآن مخلوق هؤلاء كفار.

بلغنا عن أحمد بن يونس قال: قلت: إذا رجعت من عند سفيان الثوري أخذت نفسي بخير ما علمت وإذا أتيت مالك بن مغول تحفظت من لساني وإذا أتيت شريكًا رجعت بعقل تام، وإذا أتيت مندل بن علي أهمتني نفسي من حسن صلاته.

قلت: من جلالة أحمد بن يونس عند البخاري أنه روى أيضًا عن يوسف بن موسى عنه.

وقال البخاري: مات في شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 405"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1502"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 79"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 401"، والعبر "1/ 398"، والكاشف "1/ ترجمة 52"، وتهذيب التهذيب "1/ 50"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".

ص: 481

أنبأنا ابن أبي عمر أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا إبراهيم بن شريك الأسدي حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح كوفي الإسناد حدث به: السفيانان، ووكيع بن الجراح عن الأعمش. أخرجه: مسلم والنسائي وابن ماجه.

وقد سقت لابن يونس حديثا آخر في ترجمة زائدة.

أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن مسعود الجمال، وأبي الفضائل الكاغدي قالا: أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا إبراهيم بن محمد بن حمزة، ومحمد بن علي بن حبيش قالا: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا علي بن فضيل بن عياض، عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، عن ابن عمر قال: رألى رجل من الأنصار أنه قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم؟ قال: أمرنا أن نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين، ونكبر أربعًا وثلاثين. قال: فسبحوا خمسًا وعشرين واحمدوا خمسا وعشرين، وكبروا خمسًا وعشرين وهللوا خمسًا وعشرين فتلك مائة. فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"افعلوا كما قال الأنصاري".

أخرجه النسائي

(2)

عن أبي زرعة.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2383""7"، وابن ماجه "93" من طريق الأعمش به.

(2)

صحيح: أخرجه النسائي "3/ 76" من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، به.

وأخرجه أحمد "5/ 184"، والدارمي "1/ 312"، وابن خزيمة "752" من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت، به.

ص: 482

‌1689 - علي بن الجعد

(1)

: " خ، د"

ابن عبيد الإمام الحافظ الحجة مسند بغداد أبو الحسن البغدادي الجوهري مولى بني هاشم.

ولد سنة أربع وثلاثين ومائة.

وسمع من: شعبة وابن أبي ذئب وحريز بن عثمان أحمد صغار التابعين، وجرير بن حازم وسفيان الثوري، والمسعودي وفضيل بن مرزوق، والقاسم بن الفضل الحداني، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ومبارك بن فضالة ويزيد بن إبراهيم التستري ومعروف بن واصل وهمام بن يحيى وبحر بن كنيز السقاء، وجسر بن الحسن والحسين بن صالح بن حي والحمادين والربيع بن صبيح وسليمان بن المغيرة، وسلام بن مسكين وشيبان النحوي، وصخر بن جويرية وعاصم بن محمد العمري وعبد الحميد بن بهرام وعبد العزيز بن الماجشون، ومالك بن أنس وعلي بن علي الرفاعي وقيس بن الربيع، ومحمد بن راشد ومحمد بن طلحة بن مصرف ومحمد بن مطرف، وورقاء بن عمر وأبي الأشهب العطاري وأبي عقيل يحيى بن المتوكل وخلق سواهم.

حدث عنه: البخاري وأبو داود، ويحيى بن معين وخلف بن سالم، وأحمد بن حنبل شيئًا يسيرًا، وأحمد بن إبراهيم الدورقي والزعفراني وأبو حاتم وأبو زرعة وإبراهيم الحربي، وأبو بكر الصاغاني وابن أبي الدنيا، وأحمد بن علي بن سعيد المروزي وأحمد بن يحيى ابن محمد بن خالد البراثي، وموسى بن هارون وأحمد بن يحيى الحلواني، وصالح بن محمد جزرة وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، ومحمد بن عبدوس بن كامل، ومحمد بن يحيى المرزوي وأبو يعلى الموصلي وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي وخلق كثير.

قال محمد بن عبد الله بن يوسف المهري: حدثنا أبو بكر بن أبي أيوب سمعت أبي سمعت علي بن الجعد يقول: رأيت الأعمش ولم أكتب عنه شيئًا.

وقال موسى بن الحسن السقلي: قال لنا علي بن الجعد: قدمت البصرة سنة ست، وخمسين ومائة وكان سعيد بن أبي عروبة حيًا.

قال نفطويه

(2)

: كان علي بن الجعد أكبر من بغداد بعشر سنين، وكان أبو القاسم البغوي أكبر من سامرًا بست سنين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 338"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2362"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1225"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 974"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1367"، وتاريخ بغداد "11/ 360"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 400".

والكاشف "2/ ترجمة 3946"، والعبر "1/ 406"، والمغني "2/ ترجمة 4231"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5798"، وتهذيب التهذيب "7/ 289"، وتقريب التهذيب "2/ 33"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4953"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 68".

(2)

هو نحوي بغداد: أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي نفطويه المتوفى في سنة "323 هـ".

ص: 483

قال ابن أبي الدنيا: أخبرت عن موسى بن داود قال: ما رأيت أحفظ من علي بن الجعد، وكنا عند ابن أبي ذئب فأملى علينا عشرين حديثا فحفظها وأملاها علينا.

وقال صالح بن محمد: سمعت خلف بن سالم يقول: صرت أنا، وأحمد بن حنبل وابن معين إلى علي بن الجعد فأخرج إلينا كتبه، وألقاها بين أيدينا وذهب وظننا أنه يتخذ لنا طعاما فلم نجد في كتبه إلَّا خطا واحدا، فلما فرغنا من الطعام قال: هاتوا فحدث بكل شيء كتبناه حفظًا.

عبد الخالق بن منصور: سمعت يحيى بن معين يقول: كتبت عن علي بن الجعد منذ أكثر من ثلاثين سنة قاله: في سنة خمس وعشرين ومائتين.

قال البغوي: سمعت علي بن الجعد يقول: كتبت عن سفيان بن عيينة سنة ستين ومئة بالكوفة أملى علينا من صحيفة.

قال خلف بن محمد الخيام: سمعت صالح بن محمد يقول: كان علي بن الجعد يحدث بثلاث أحاديث لكل إنسان عن شعبة وكان عنده عن مالك ثلاثة أحاديث.

قال الحسين بن إسماعيل الفارسي: سألت عبدوس بن هانئ عن حال علي بن الجعد فقال: ما أعلم أني لقيت أحفظ منه فقال: كان يتهم بالجهم! قال: قد قيل هذا، ولم يكن كما قالوا إلَّا أن ابنه الحسن بن علي كان على قضاء بغداد وكان يقول بقول جهم قال: وكان عند علي بن الجعد عن شعبة نحو من ألف ومائتي حديث، وكان قد لقي المشايخ فزهدت فيه بسبب هذا القول ثم ندمت بعد.

قال أحمد بن جعفر بن زياد السوسي: سمعت أبا جعفر النفيلي، وذكر علي بن الجعد فقال: لا ينبغي أن يكتب عنه وضعف أمره جدًا.

وقال أبو إسحاق الجوزجاني: علي بن الجعد متشبث بغير بدعة زائغ عن الحق.

وقال أبو يحيى الناقد: سمعت أبا غسان الدوري يقول: كنت عند علي بن الجعد فذكروا حديث ابن عمر: كنا نفاضل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر، وعثمان فيبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره

(1)

. فقال علي: انظروا إلى هذا

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3697" من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم".

ص: 484

الصبي هو لم يحسن أن يطلق امرأته يقول: كنا نفاضل! وكنت عنده فذكروا حديث: "إن ابني هذا سيد"

(1)

. قال: ما جعله الله سيدًا.

قلت: أبو غسان لا أعرف حاله فإن كان قد صدق فلعل ابن الجعد قد تاب من هذه الورطة بل جعله سيدًا على رغم أنف كل جاهل، فإن من أصر على مثل هذا من الرد على سيد البشر يكفر بلا مثنويه، وأي سؤدد أعظم من أنه بويع بالخلافة، ثم نزل عن الأمر لقرابته، وبايعه على أنه ولي عهد المؤمنين، وأن الخلافة له من بعد معاوية حسمًا للفتنة، وحقنًا للدماء، وإصلاحًا بين جيوش الأمة ليتفرغوا لجهاد الأعداء، ويخلصوا من قتال بعضهم بعضا، فصح فيه تفرس جده صلى الله عليه وسلم وعد ذلك من المعجزات، ومن باب إخباره بالكوائن بعده، وظهر كمال سؤدد السيد الحسن بن علي ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبيبه ولله الحمد.

قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: قلت لعلي بن الجعد: بلغني أنك قلت: ابن عمر ذاك الصبي قال: لم أقل ولكن معاوية ما أكره أن يعذبه الله.

وقال هارون بن سفيان المستملي: كنت عند علي بن الجعد فذكر عثمان فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حق فقلت: لا والله ما أخذها إلَّا بحق.

وقال أبو داود: عمرو بن مرزوق أعلى عندي من علي بن الجعد علي وسم بميسم سوء قال: ما يسوؤني أن يعذب معاوية.

قال أبو جعفر العقيلي: قلت لعبد الله بن أحمد: لم لم تكتب عن علي بن الجعد؟ قال: نهاني أبي أن أذهب إليه وكان يبلغه عنه أنه يتناول الصحابة.

قال زياد بن أيوب: سأل رجل أحمد بن حنبل عن علي بن الجعد فقال الهيثم: ومثله يسأل عنه!؟ فقال أحمد: أمسك أبا عبد الله. فذكره رجل بشر فقال أحمد: ويقع في أصحاب رسول الله؟ فقال زياد بن أيوب: كنت عند علي بن الجعد فسألوه عن القرآن فقال: القرآن كلام الله، ومن قال: مخلوق لم أعنفه. فقال أحمد: بلغني عنه أشد من هذا.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 44، 51"، والبخاري "2704"، "3629"، "3746"، "3746"، "7109"، وأبو داود "4662"، والترمذي "2773"، والنسائي "3/ 107"، والبزار "2639"، والطبراني "2591"، "2594"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 35" من طريق الحسن، عن أبي بكرة مرفوعا بلفظ:

"إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

ص: 485

وقال أبو زرعة: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد ولا سعيد بن سليمان، ورأيته في كتابه مضروبًا عليهما.

وقال محمد بن حماد المقرئ: سألت يحيى بن معين عن علي بن الجعد فقال: ثقة صدوق ثقة صدوق قلت: فهذا الذي كان منه؟ فقال: أيش كان منه؟ ثقة صدوق.

وقال فيه مسلم: هو ثقة لكنه جهمي.

وقلت: ولهذا منع أحمد بن حنبل ولديه من السماع منه.

وقد كان طائفة من المحدثين يتنطعون في من له هفوة صغيرة تخالف السنة، وإلا فعلي إمام كبير حجة يقال: مكث ستين سنة يصوم يوما، ويفطر يومًا. وبحسبك أن ابن عدي يقول في كامله: لم أر في رواياته حديثا منكرًا إذا حدث عنه ثقة.

وقد قال يحيى بن معين: هو أثبت من أبي النضر.

وعن علي بن الجعد: قال: سمعت بمكة في سنة سبع وخمسين ومائة من سفيان الثوري.

قال أبو حاتم: ما كان أحفظ علي بن الجعد لحديثه! وهو صدوق.

قال عبد الرزاق بن سليمان بن علي بن الجعد: سمعت أبي يقول: أحضر المأمون أصحاب الجوهر فناظرهم على متاع كان معهم ثم نهض لبعض حاجته، ثم خرج فقام له كل من في المجلس إلَّا علي بن الجعد، فنظر إليه كالمغضب ثم استخلاه فقال: يا شيخ ما منعك أن تقوم؟ قال: أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وما هو؟ قال: سمعت مبارك بن فضالة سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار"

(1)

. فأطرق المأمون ثم رفع رأسه فقال: لا يشترى إلَّا من هذا فاشتروا منه يومئذ بثلاثين ألف دينار.

(1)

صحيح: أخرجه الخطيب في "تارخ بغداد""11/ 361"، وهو مرسل، لكنه قد ورد من وجه آخر، فقد أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 586"، وأحمد "4/ 91، 93"، والبخاري في "الأدب المفردة""977"، وأبو داود "5229"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1532"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان""1/ 219"، والبغوي في "شرح السنة" "3330" من طرق عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال: دخل معاوية بيتا فيه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر، فقام ابن عامر، وثبت ابن الزبير، وكان أوزنهما، فقال معاوية: اجلس يا ابن عامر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من أحب أن يمثل له الرجال قياما". الحديث.

وأخرجه أحمد "4/ 100" من طريق مروان بن معاوية الفزاري، والدولابي في "الكنى""1/ 95" من طريق إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيسي كلاهما عن حبيب بن الشهيد، به، وأخرجه الترمذي "2755" من طريق سفيان -وهو الثوري- ومن طريق أبي أسامة كلاهما عن حبيب بن الشهيد، به.

ص: 486

قال البغوي: توفي لست بقين من رجب سنة ثلاثين ومائتين وقد استكمل ستا وتسعين سنة.

أخبرنا أبو بكر بن خطيب بيت الآبار

(1)

وعدة قالوا: أخبرنا ابن اللتي حدثنا أبو الوقت أخبرنا أبو عاصم، أخبرنا ابن أبي شريح أخبرنا البغوي أخبرنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة عن ابن المنكدر سمعت جابرًا يقول: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من هذا"؟ فقلت: أنا. فقال: "أنا أنا"، كأنه كرهه.

أخرجه البخاري

(2)

عن أبي الوليد عن شعبة.

(1)

بيت الآبار: جمع بئر، وهي قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة قرى. وأبو بكر، هو ابن عبد الله بن عمر بن يوسف بن يحيى، الشيخ محيي الدين بن الخطيب نجيب الدين المقدسي ثم الأباري المؤذن. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة "624 هـ-1227 م" وسمع أباه وعمه وجدته زينب بنت عبد الرزاق، وابن اللتي، والإربلي. مات في شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة "699 هـ-1300 م". ترجم له الحافظ الذهبي في "مشيخته" رقم "1010""ج 2/ ص 407".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6250"، ومسلم "2155"، وأبو داود "5187"، والترمذي "2711"، وابن ماجه "3709" من طرق عن شعبة، به.

ص: 487

‌الطبقة الثانية عشرة:

‌1690 - بشر بن الحارث

(1)

:

ابن عبد الرحمن بن عطاء الإمام العالم المحدث الزاهد الرباني القدوة شيخ الإسلام أبو نصر المروزي، ثم البغداي المشهور: بالحافي ابن عم المحدث علي بن خشرم.

ولد سنة اثنتين وخمسين ومائة.

وارتحل في العلم فأخذ عن: مالك وشريك وحماد بن زيد وإبراهيم بن سعد، وأبي الأحوص وخالد بن عبد الله الطحان وفضيل بن عياض، والمعافى بن عمران، وابن المبارك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وعدة.

حدث عنه: أحمد الدورقي ومحمد بن يوسف الجوهري، ومحمد بن مثنى السمسار لا العنزي وسري السقطي، وعمر بن موسى الجلاء وإبراهيم بن هانئ النيسابوري، وخلق سواهم. وقل ما روى من المسندات.

كان يزم نفسه فقد كان رأسا في الورع والإخلاص ثم إنه دفن كتبه.

أخبرنا المؤمل بن محمد إذنا أخبرنا زيد بن الحسن أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرني أبو سعد الماليني أخبرنا عبد العزيز بن جعفر، حدثنا جعفر بن محمد الصندلي حدثنا محمد بن المثنى السمسار سمعت بشر بن الحارث يقول: سمعت العوفي عن الزهري عن أنس قال: "اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا فلبسه ثم ألقاه"

(2)

.

العوفي: هو إبراهيم بن سعد.

روي عن بشر أنه قيل له: ألَّا تحدث؟ قال: أنا أشتهي أن أحدث وإذا اشتهيت شيئًا تركته.

وقال إسحاق الحربي: سمعت بشر بن الحارث يقول: ليس الحديث من عدة الموت.

فقلت له: قد خرجت إلى أبي نعيم. فقال: أتوب إلى الله.

وعن أيوب العطار أنه سمع بشرًا يقول: حدثنا حماد بن زيد

ثم قال: أستغفر الله إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء.

قال أبو بكر المروزي: سمعت بشرا يقول: الجوع يصفي الفؤاد، ويميت الهوي ويورث العلم الدقيق.

وقال أبو بكر بن عثمان: سمعت بشر بن الحارث يقول: إني لأشتهي شواء منذ أربعين سنة ما صفا لي درهمه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 342"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1354"، وحلية الأولياء "8/ 336"، وتاريخ بغداد "7/ 67"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 114"، والعبر "1/ 399"، وتهذيب التهذيب "1/ 444"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 249"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 60".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5868"، ومسلم "2093"، وأبو داود "4221" من طريق ابن شهاب قال: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما واحدا، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ولبسوها، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم". واللفظ للبخاري.

ص: 488

قال محمد بن عبد الوهاب الفراء: حدثنا علي بن عثام قال: أقام بشر بن الحارث بعبادان يشرب ماء البحر، ولا يشرب من حياض السلطان حتى أضر بجوفه، ورجع إلى أخته وجعا، وكان يعمل المغازل ويبيعها فذاك كسبه.

قال الحافظ موسى بن هارون: حدثنا محمد بن نعيم قال: رأيتهم جاؤوا إلى بشر فقال: يا أهل الحديث علمتم أنه يجب عليكم فيه زكاة كما يجب على من ملك مائتي درهم خمسة.

قلت: هذا على المبالغة وإلا فإن كانت الأحاديث في الواجبات فهي موجبة، وإن كانت في فضائل الأعمال فهي فاضلة لكن يتأكد العمل بها على المحدث.

قال أبو نشيط: نهاني بشر عن الحديث وأهله.

وقال: أتيت يحيى القطان فبلغني أنه قال: أحب هذا الفتى لطلبه الحديث.

وقال يعقوب بن بختان: سمعت بشر بن الحارث يقول: لا أعلم أفضل من طلب الحديث لمن اتقى الله، وحسنت نيته فيه وأما أنا فأستغفر الله من طلبه، ومن كل خطوة خطوت فيه.

قيل: كان بشر يلحن ولا يدري العربية.

قال أحمد بن حنبل: لو كان بشر تزوج لتم أمره.

قال إبراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عقلًا من بشر، ولا أحفظ للسانه كان في كل شعرة منه عقل وطئ الناس عقبه خمسين سنة ما عرف له غيبة لمسلم ما رأيت أفضل منه!.

وعن بشر قال: المتقلب في جوعه كالمتشحط في دمه في سبيل الله.

وعنه: شاطر سخي أحب إلى الله من صوفي بخيل.

وعنه: أمس قد مات واليوم في السياق وغدا لم يولد.

لا يفلح من ألف أفخاذ النساء.

إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم.

وقيل: سمعه رجل يقول: اللهم إنك تعلم أن الذل أحب إلي من العز، وأن الفقر أحب إلي من الغنى، وأن الموت أحب إلي من البقاء.

وعنه قال: قد يكون الرجل مرائيًا بعد موته يحب أن يكثر الخلق في جنازته.

ص: 489

لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سدًا.

أخبرنا أبو محمد بن علوان أخبرنا الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد سنة إحدى عشرة وست مائة قال: حدثني ابني أبو المجد عيسى أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد أخبرنا أبو إسحاق البرمكي أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري حدثني حمزة بن الحسين البزاز، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد حدثني حمزة بن دهقان قال: قلت لبشر بن الحارث: أحب أن أخلو معك قال: إذا شئت فيكون يومًا. فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أصلى مثلها فسمعته يقول في سجوده: اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر على حبك شيئًا. فلما سمعته أخذني الشهيق والبكاء فقال: اللهم أنت تعلم أني لو أعلم أن هذا ههنا لم أتكلم.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن المثنى صاحب بشر قال: قال رجل لبشر وأنا حاضر: إن هذا الرجل يعني أحمد بن حنبل قيل له: أليس الله قديما وكل شيء دونه مخلوق؟ قال: فما ترك بشر الرجل يتكلم حتى قال: لا كل شيء مخلوق إلَّا القرآن.

قال أحمد بن بشر المرثدي: حدثنا إبراهيم بن هاشم قال: دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قمطر إلى قوصرة يعني: من الحديث.

وقيل لأحمد: مات بشر قال: مات والله وما له نظير، إلا عامر بن عبد قيس فإن عامرا مات ولم يترك شيئًا ثم قال أحمد: لو تزوج.

قال ابن أبي داود: قلت لعلي بن خشرم لما أخبرني أن سماعه وسماع بشر من عيسى بن يونس واحد قلت له: فأين حديث أم زرع؟ قال: سماعي معه وكنت كتبت إليه أن يوجه به إلي فكتب إلي: هل علمت بما عندك حتى تطلب ما ليس عندك؟ ثم قال علي: ولد بشر في هذه القرية وكان في أول أمره يتفتى وقد جرح.

قال حسن المسوحي عن بشر: أتيت باب المعافي فدققت فقيل: من؟ قلت: بشر الحافي فقالت جويرية: لو اشتريت نعلًا بدانقين ذهب عنك اسم الحافي.

وقال السلمي: كان بشر من أولاد الرؤساء فصحب الفضيل.

سألت الدارقطني عنه فقال: زاهد جبل ثقة ليس يروي إلَّا حديثًا صحيحًا.

ص: 490

قال جعفر النهرواني: سمعت بشر بن الحارث يقول: إن عوج بن عنق كان يخوض البحر، ويحتطب الساج كان أول من دل على الساج، وكان يأخذ من البحر حوتًا فيشويه في عين الشمس

(1)

.

قال إبراهيم الحربي: لو قسم عقل بشر على أهل بغداد صاروا عقلاء.

قلت: قد روى لبشر أبو عبد الرحمن النسائي في مسند علي.

قيل: جاء رجل إلى بشر فقبله، وجعل يقول: يا سيدي أبا نصر فلما ذهب قال بشر لأصحابه: رجل أحب رجلًا على خير توهمه لعل المحب قد نجا، والمحبوب لا يدرى ما حاله.

مات بشر الحافي رحمة الله عليه-: يوم الجمعة في شهر ربيع الأول، سنة سبع، وعشرين ومائتين قبل المعتصم الخليفة بستة أيام وعاش خمسًا وسبعين سنة.

وقد أفرد ابن الجوزي مناقبه في كتاب.

(1)

باطل لا أصل له: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف""ص 76 - 77": من الأمور التي يعرف بها الحديث الموضوع أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه، كحديث عوج بن عنق الطويل، الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء فإنهم يجترؤون على هذه الأخبار، فإن في هذا الحديث:"أن طوله كان ثلاث آلاف ذراع، وثلاث مائة وثلاثة وثلاثين وثلثا، وأن نوحا لما خوفه الغرق، قال له: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر، فوصل إلى حجزه "أي إلى قرب سرته"، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى، وأراد أن يرميهم بها فقورها الله في عنقه مثل الطوق". وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله، إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره، ولا يبين أمره، وهذا عندهم ليس من ذرية نوح، وقد قال الله تعالى:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِين} [الصافات: 77]، فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض فهو من ذرية نوح، فلو كان لعوج -هذا- وجود لم يبق بعد نوح. ثم يقول ابن القيم "ص 77 - 78": وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله آدم وطوله في السماء ستون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن""وهو في الصحيحين"، وأيضا فإن بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة عام، وسمكها كذلك، وإذا كانت الشمس في السماء الرابعة فبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة، فكيف يصل إليها من طوله ثلاثة آلاف ذراع، حتى يشوي في عينها الحوت؟! ولا ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا السخرية والاستهزاء بالرسل وأتباعهم". وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" "1/ 114": قصة عوج بن عنق وجميع ما يحكونه عنه هذيان لا أصل له، وهو من مختلقات الزنادقة أهل الكتاب، ولم يكن قط على عهد نوح، ولم يسلم من الغرق من الكفار أحد". ا. هـ.

ص: 491

وفيها مات: سهل بن بكار البصري، وأبو الوليد الطيالسي الحافظ وسعيد بن منصور صاحب السنن، وإسماعيل بن أبي أويس المدني ومحمد بن الصباح الدولابي، والهيثم بن خارجة والعلاء بن عمرو الحنفي، ومحمد بن عبد الواهب الحارثي وأبو الأحوص محمد بن حيان البغوي.

قال محمد بن المثنى عن بشر: ليس أحد يحب الدنيا إلَّا لم يحب الموت، ومن زهد فيها أحب لقاء مولاه.

وعنه: ما اتقى الله من أحب الشهرة.

وعنه قال: لا تعمل لتذكر اكتم الحسنة كما تكتم السيئة.

أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن المثنى حدثنا بشر بن الحارث حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن عروة عن أخيه عن الحارث حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن عروة عن أخيه عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع". ثم أنشأ يحدث حديث أم زرع قالت: اجتمع إحدى عشرة نسوة

(1)

.

القطيعي: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: وجدت في كتاب بشر بن الحارث بخطه عن وكيع عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن عبد الله بن شقيق: أن أبا ذر رضي الله عنه دعوه إلى طعام فقال: إني صائم فرئي من آخر النهار يأكل فقيل له فقال: إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صيام الدهر

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5189"، ومسلم "2448" من طرق عن عيسى بن يونس به. وأخو عروة، هو عبد الله بن عروة، كما وقع عندهما.

(2)

فقد ورد عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ إذا فعلت ذلك هجمت لك العين، ونقهت لك النفس، ولا صام من صام الأبد، صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر، إن داود كان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى". وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "2/ 198"، والبخاري "1974"، "1975"، "5199"، "6134"، ومسلم "1159""182"، "183"، وابن خزيمة "2110"، والطحاوي "2/ 85" والبيهقي "4/ 299"، من طرق عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة، عن عبد الله بن عمرو، به.

ص: 492

‌1691 - الهيثم بن خارجة

(1)

: " خ، س"

أبو أحمد ويقال: أبو يحيى المروذي ثم البغدادي الحافظ.

حدث عن: مالك والليث ويعقوب القمي وحفص بن ميسرة، وإسماعيل بن عياش، والمعافى بن عمران ومحمد بن أيوب بن ميسرة. ويحيى بن حمزة، وصدقة بن خالد وخالد بن يزيد بن أبي مالك وطائفة.

وأصله من خراسان.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعباس الدوري والبخاري في صحيحه وأبو زرعة، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وأبو يعلى الموصلي وأبو بكر الصغاني وموسى بن إسحاق، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وأحمد بن الحسن الصوفي وآخرون.

حديثه في الجامع في غزوة الفتح.

قال أحمد الصوفي: حدثنا الهيثم بن خارجة، وكان يسمى شعبة الصغير.

وقال هشام بن عمار: كنا نسميه شعبة الصغير.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وقال النسائي: ليس به بأس.

وقال صالح جزرة: كان يتزهد كان أحمد بن حنبل يثني عليه، وكان سيئ الخلق مع المحدثين.

قال أبو العباس السراج: كناه الناس: أبا يحيى، وكناه أبو يحيى صاعقة بكنيته.

وقيل: هو من مرو الروذ.

قال ابن سعد والبخاري: مات في ذي الحجة سنة سبع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2771"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 163"، والكنى للدولابي "1/ 11"، والجرح التعديل "9/ ترجمة 352"، وتاريخ بغداد "14/ 58"، والكاشف "3/ ترجمة 6123"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 481"، والعبر "1/ 400"، وتهذيب التهذيب "11/ 93"، وتقريب التهذيب "2/ 326".

ص: 493

‌1692 - أبو خالد الفراء

(1)

:

الإمام المحدث، الصدوق، أبو خالد يزيد بن صالح النيسابوري الفراء.

سمع: إبراهيم بن طهمان وأبا بكر النهشلي وقيس بن الربيع، وعبد الله بن عمر، ومالك بن أنس وخارجة بن مصعب وعدة.

حدث عنه: أحمد بن حفص السلمي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء وإسماعيل بن قتيبة، وياسين بن النضر والحسن بن سفيان النسوي

(2)

وعدة.

قال إسماعيل بن قتيبة: كان من أورع مشايخنا وأكثرهم اجتهادًا.

قال الحسن بن سفيان: فاتني يحيى بن يحيى التميمي بالوالدة لم تدعني أخرج إليه، فعوضني الله بأبي خالد الفراء، وكان أسند من يحيى بن يحيى.

قلت: توفي سنة تسع وعشرين ومائتين.

وفيها مات: خلف البزار وثابت بن موسى الزاهد، وأحمد بن شبيب الحبطي، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي وخالد بن هياج الهروي، وأبو نعيم ضرار بن صرد الكوفي وعبد الله بن محمد المسندي، وعمرو بن خالد الحراني ونعيم بن حماد الخزاعي ويحيى بن عبدويه صاحب شعبة، ويحيى بن يوسف الزمي، ومحمد بن معاوية النيسابوري وأبو ياسر عمار بن نصر.

أخبرنا محمد بن عبد السلام عن أبي روح أخبرنا تميم أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح، حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجًا فما أحللنا من شيء حتى أحللنا يوم النحر

(3)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1147"، والأنساب للسمعاني "9/ 245"، وميزان الاعتدال "4/ 429"، والعبر "1/ 405"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 67".

(2)

النسوي: نسبة إلى "نسا" مدينة بخراسان بينها وبين سرخس يومان قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان""5/ 282".

(3)

ضعيف: آفته عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب". لكن صح عن عبد الله بن عمر مرفوعا بلفظ:"من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حاجته، ومن لم يكن منكم أهدى، فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديا، فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله". أخرجه البخاري "1691"، ومسلم "1227" من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما، به.

ص: 494

‌1693 - الفراء

(1)

:

سعد بن يزيد أبو الحسن النيسابوري، الفراء.

عن: إبراهيم بن طهمان ومبارك بن فضالة وموسى بن علي بن رباح وابن لهيعة.

وعنه: محمد بن عبد الوهاب، وأيوب بن الحسن وداود بن الحسين البيهقي، وآخرون خاتمتهم: الحسن بن سفيان.

محله الصدق من طبقة الذي قبله سواء.

(1)

لم أجد من ترجم له.

ص: 495

‌1694 - سعدويه

(1)

: " ع"

سعيد بن سليمان الحافظ الثبت الإمام أبو عثمان الضبي الواسطي البزاز الملقب: بسعدويه سكن بغداد، ونشر بها العلم.

ولد سنة بضع وعشرين، ومائة وحج بعد الخمسين ورأى بمكة معاوية بن صالح قاضي الأندلس.

وسمع: مبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة وأزهر بن سنان وسليمان بن كثير العبدي ومنصور بن أبي الأسود، وعبد العزيز بن أبي سلمة والليث بن سعد وهشيمًا وعباد بن العوام وخلقًا كثيرًا.

وعنه: البخاري وأبو داود ومحمد بن يحيى الذهلي، وهلال بن العلاء وإبراهيم الحربي وأبو بكر بن أبي الدنيا وصالح بن محمد جزرة، وعثمان بن خرزاد وخلف بن عمر العكبري، وأحمد بن يحيى الحلواني وآخرون كثيرون.

قال أبو حاتم: ثقة مأمون لعله أوثق من عفان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 340"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1608"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238"، "2/ 772"، "3/ 134"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة رقم 582"، والجرح والتعديل "4/ 26"، وتاريخ بغداد "9/ 84"، والكاشف "1/ ترجمة 1921"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 399"، والعبر "1/ 394"، "2/ 65"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3201"، وتهذيب التهذيب "4/ 43"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2475"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".

ص: 495

وأما أحمد بن حنبل: فكان يغض منه، ولا يرى الكتابة عنه لكونه أجاب في المحنة تقية، ويقول: صاحب تصحيف ما شئت.

قال صالح جزرة: سمعت سعيد بن سليمان، وقيل له: لم لا تقول: حدثنا؟ فقال: كل شيء حدثتكم فقد سمعته ما دلست حديثا قط ليتني أحدث بما قد سمعت، وسمعته يقول: حججت ستين حجة.

وقال أبو بكر الخطيب: كان سعدويه من أهل السنة، وأجاب في المحنة.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: قيل لسعدويه بعد ما انصرف من المحنة: ما فعلتم؟ قال: كفرنا ورجعنا.

قال محمد بن سعد: كان سعدويه كثير الحديث ثقة نزل بغداد وتجر بها، وتوفي بها في رابع ذي الحجة سنة خمس وعشرين ومائتين.

وقيل: إن سعدويه عاش مائة سنة.

ص: 496

فأما:

‌1695 - سعيد بن سليمان النشيطي

(1)

:

فشيخ بصري من أقرن صاحب الترجمة.

حدث عن: حماد بن سلمة، وجرير بن حازم وسلم بن زرير وعدة.

روى عنه: أبو حاتم الراوي، وأحمد بن داود المكي، والعباس بن الفضل الأسفاطي وجماعة.

قال أبو حاتم وغيره: ليس بالقوي.

وقال أبو حاتم أيضا: فيه نظر.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 108"، وميزان الاعتدال "2/ 142".

ص: 496

‌1696 - فتح الموصلي

(1)

:

الزاهد الولي العابد أبو نصر فتح بن سعيد الموصلي.

وقد مر فتح الكبير من أقران إبراهيم بن أدهم، وكلاهما من كبار المشايخ.

قيل: إن هذا صدع رأسه فسر، وقال: ابتلاني ببلاء الأنبياء فشكر هذا أن أصلي أربع مائة ركعة.

وكان يقول: رب أفقرتني، وأفقرت عيالي بأي وسيلة هذا؟ وإنما تفعل هذا بأوليائك.

وعنه: من أدام النظر بقلبه أورثه ذلك الفرح بالله.

قال الطفاوي: دخلت على فتح الموصلي، وهو يوقد في الآجر وكان شريفًا من العرب زاهدًا.

قلت: حدث عن عيسى بن يونس وغيره.

روى عنه: أبو حفص ابن أخت بشر الحافي وكناه: أبا بكر.

توفي سنة عشرين ومائتين.

وقيل: إنه كان يتقوت بفلس نخالة، وقد قدم بغداد زائرًا لبشر الحافي فأضافه خبزًا وتمرًا بنصف درهم.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "8/ ترجمة 415"، وتاريخ بغداد "12/ 381"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 235".

ص: 497

‌1697 - يوسف بن عدي

(1)

: " خ، س"

ابن زريق بن إسماعيل ويقال: ابن عدي بن الصلت الإمام الثقة الحافظ أبو يعقوب التيمي الكوفي مولى تيم الله.

أخو الحافظ المجود زكريا بن عدي سكن مصر وحدث بها، وسكن أخوه بغداد وهما من الكوفة.

روى عن: شريك وأبي الأحوص وعمرو بن أبي المقدام، ومالك بن أنس وعبيد الله بن عمرو الرقي وعبد الرحمن بن أبي الزناد وأيوب بن جابر الحنفي وأخيه محمد بن جابر، وإسماعيل بن عياش وشهاب بن خراش، والدراوردي ومحمد بن الفرات وعبيدة بن الأسود وعدة.

وعنه: البخاري وعمر بن عبد العزيز بن مقلاص، وعلي بن عبد الرحمن علان، وأبو

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 527"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 953"، والكاشف "3/ ترجمة 6558"، والعبر "1/ 412"، وتهذيب التهذيب "11/ 417" وتقريب التهذيب "2/ 381"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 75".

ص: 497

زرعة وأبو حاتم وإبراهيم بن عبد الله الختلي، وأحمد بن البرقي وأحمد بن يحيى الرقي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وجعفر بن أحمد الغافقي، والحسن بن سليمان الفزاري قبيطة، والحسن بن غفير المصري العطار، وأبو الزنباع روح بن الفرج والحسين بن حميد العكي وأبو خيثمة علي بن عمرو بن خالد الحراني وأخوه أبو علاثة محمد بن عمرو، وأبو الأحوص العكبري ويحيى بن أيوب العلاف، ويعقوب الفسوي وخلق كثير.

قال أبو زرعة: ثقة ذهب إلى مصر في التجارة ومات بها.

وقال ابن حبان في الثقات: مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين.

وهذا وهم فقد قال ابن يونس: سكن مصر، وتوفي بها يوم الثلاثاء لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين.

قال: وكان قد عمي قبل أن يموت بيسير وخلف ولدًا يقال له: محمد ولد بمصر يروي عن أبيه.

قلت: فهذا الصحيح في وفاته وقيل: مات سنة ثلاثين، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين.

وأما أخو يوسف بن عدي أعني: الحافظ زكريا بن عدي فكان أحفظ من يوسف، وأجل مات قبل يوسف بعشرين سنة.

وليس ليوسف في صحيح البخاري سوى حديث طويل حدث به أبو إسحاق بن الدرجي، وأجازه لي عن أبي جعفر الصيلاني وجماعة قالوا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أخبرنا ابن ريذة أخبرنا الطبراني حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا يوسف بن عدي حدثنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس قال: جاءه رجل فقال: يا أبا عباس! إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي فقد وقع في صدري فقال ابن عباس: تكذيب؟ فقال الرجل: ما هو تكذيب ولكن اختلاف الحديث

(1)

.

(1)

أخرجه البخاري معلقا في تفسير سورة حم السجدة "8/ 555" عن المنهال، عن سعيد، به. وقال الحافظ في "الفتح""8/ 556" وصله الطبري وابن أبي حاتم بإسناد على شرط البخاري في الصحة.

وقال الحافظ في "الفتح""8/ 557" قوله: "عن سعيد" هو ابن جبير، وصرح به الأصيلي في روايته وكذا النسفي. وقوله:"قال رجل لابن عباس" كأن هذا الرجل هو نافع بن الأزرق الذي صار بعد ذلك رأس الأزارقة من الخوارج، وكان يجالس ابن عباس بمكة ويسأله ويعارضه.

ص: 498

‌1698 - أحمد بن عاصم

(1)

:

الزاهد الرباني الولي أبو عبد الله الأنطاكي صاحب مواعظ وسلوك.

له ترجمة في بضع عشرة ورقة من حلية الأولياء.

روى عنه: أبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن أبي الحواري.

وكان يقول: غنيمة باردة أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى.

وقال: إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح.

لم أظفر له بتاريخ وفاة، ولعله بقي إلى نحو الثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 117"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 449"، وميزان الاعتدال "1/ 106".

ص: 499

‌1699 - خالد بن خداش

(1)

: " م، س"

ابن عجلان الإمام الحافظ الصدوق، أبو الهيثم المهلبي مولاهم البصري نزيل بغداد.

حدث عن: مالك بن أنس ومهدي بن ميمون، وأبي عوانة وحماد بن زيد، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة وطائفة.

حدث عنه: مسلم في صحيحه، وأحمد بن أبي خيثمة وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعثمان بن خرزاذ وولده محمد بن خالد وخلق سواهم.

قال أبو حاتم وغيره: هو صدوق.

وقال زكريا الساجي: فيه ضعف.

قلت: أبلغ ما نقموا عليه أنه ينفرد بأحاديث عن حماد بن زيد وهذا لا يدل على لينه فإنه لازمه مدة.

مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

وقد خرج له: النسائي بواسطة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 347"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 497"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1468"، وتاريخ الخطيب "8/ 304"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 214"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2418"، والعبر "1/ 273، 322"، والمغني "1/ ترجمة 1841"، وتهذيب التهذيب "3/ 85"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1748"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 51".

ص: 499

‌1700 - صدقة بن الفضل

(1)

: " خ"

المروزي الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام أبو الفضل.

ولد في حدود الخمسين ومائة.

وحدث عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، وسفيان بن عيينة، وابن وهب ووكيع، وحفص بن غياث وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري وأبو محمد الدارمي، ويعقوب الفسوي وأحمد بن منصور زاج، وعبيد الله بن واصل البخاري، والفقيه محمد بن نصر المروزي، وأبو الموجه محمد بن عمرو وآخرون.

وكان إماما حجة صاحب سنة واتباع يقال: إنه كان بمرو كالإمام أحمد ببغداد.

قال العباس بن الوليد النرسي: كنا نقول: صدقة بن الفضل بخراسان، وأحمد بن حنبل بالعراق.

توفي صدقة على ما نقله الحافظ أبو القاسم في شيوخ النبل: في آخر سنة ثلاث وعشرين، ومائتين قال: وقيل: سنة ست وعشرين وإليه تنسب سكة صدقة بمرو.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2896"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "4/ ترجمة 1906"، والكاشف "2/ ترجمة 2408"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 513"، والعبر "1/ 386"، وتهذيب التهذيب "4/ 417" وتقريب التهذيب "1/ 366"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3085"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 51".

ص: 500

‌1701 - أبو عبيد

(1)

: " د"

الإمام، الحافظ المجتهد، ذو الفنون أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله.

كان أبوه سلام مملوكًا روميًا لرجل هروي. يروى: أنه خرج يومًا، وولده أبو عبيد مع ابن أستاذه في المكتب فقال للمعلم: علمي القاسم فإنها كيسة.

مولد أبي عبيد: سنة سبع وخمسين ومائة.

وسمع: إسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله وهشيمًا وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة وأبا بكر بن عياش وعبد الله بن المبارك، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وعبيد الله الأشجعي وغندرًا وحفص بن غياث، ووكيعًا وعبد الله بن إدريس وعباد بن عباد، ومروان بن معاوية وعباد بن العوام، وجرير بن عبد الحميد وأبا معاوية الضرير، ويحيى القطان وإسحاق الأزرق وابن مهدي، ويزيد بن هارون، وخلقًا كثيرًا إلى أن ينزل إلى رفيقه: هشام بن عمار ونحوه.

وقرأ القرآن على: أبي الحسن الكسائي وإسماعيل بن جعفر وشجاع بن أبي نصر البلخي. وسمع الحروف من طائفة.

وأخذ اللغة عن: أبي عبيدة وأبي زيد وجماعة.

وصنف التصانيف المونقة التي سارت بها الركبان، وله مصنف في القراءات لم أره، وهو من أئمة الاجتهاد له: كتاب الأموال في مجلد كبير سمعناه بالاتصال، وكتاب الغريب مروي أيضًا وكتاب فضائل القرآن، وقع لنا وكتاب الطهور وكتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب المواعظ وكتاب الغريب المصنف في علم اللسان وغير ذلك، وله بضعة وعشرون كتابًا.

حدث عنه: نصر بن داود وأبو بكر الصاغاني، وأحمد بن يوسف التغلبي، والحسن بن مكرم، وأبو بكر بن أبي الدنيا والحارث بن أبي أسامة، وعلي بن عبد العزيز البغوي ومحمد بن يحيى المروزي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعباس الدوري وأحمد بن يحيى البلاذري وآخرون.

قال ابن سعد: كان أبو عبيد مؤدبًا صاحب نحو، وعربية وطلب للحديث، والفقه ولي قضاء طرسوس أيام الأمير ثابت بن نصر الخزاعي، ولم يزل معه ومع ولده، وقدم بغداد ففسر بها غريب الحديث، وصنف كتبا وحدث، وحج فتوفي بمكة سنة أربع وعشرين.

وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: قدم أبو عبيد مصر مع يحيى بن معين سنة ثلاث عشرة، ومائتين وكتب بها.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 355"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 778"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 637"، وتاريخ بغداد "12/ 403"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 254"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 534"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 423"، والعبر "1/ 392"، وميزان الاعتدال "3/ 371"، والكاشف "2/ ترجمة 4581"، وتهذيب التهذيب "8/ 315"، وتقريب التهذيب "2/ 116"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5777"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 241"،

وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 54".

ص: 501

وقال علي بن عبد العزيز: ولد بهراة، وكان أبوه عبدا لبعض أهلها. وكان يتولى الأزد.

قال عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي: ومن علماء بغداد المحدثين النحويين على مذهب الكوفيين، ورواة اللغة والغريب عن البصريين والعلماء بالقراءات، ومن جمع صنوفًا من العلم وصنف الكتب في كل فن: أبو عبيد، وكان مؤدبًا لأهل هرثمة وصار في ناحية عبد الله بن طاهر، وكان ذا فضل ودين وستر ومذهب حسن. روى عن: أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي واليزيدي وغيرهم من البصريين، وروى عن: ابن الأعرابي، وأبي زياد الكلابي والأموي وأبي عمرو الشيباني والأحمر.

نقل الخطيب في تاريخه وغيره: أن طاهر بن الحسين حين سار إلى خراسان نزل بمرو فطلب رجلًا يحدثه ليلة فقيل: ما ههنا إلَّا رجل مؤدب فأدخلوا عليه أبا عبيد فوجده أعلم الناس بأيام الناس، والنحو واللغة والفقه فقال له: من المظالم تركك أنت بهذه البلدة فأعطاه ألف دينار، وقال له: أنا متوجه إلى حرب، وليس أحب استصحابك شفقًا عليك فأنفق هذه إلى أن أعود إليك فألف أبو عبيد غريب المصنف، وعاد طاهر بن الحسين من ثغر خراسان فحمل معه أبا عبيد إلى سر من رأى وكان أبو عبيد ثقة دينًا ورعًا كبير الشأن.

قال ابن درستويه: ولأبي عبيد كتب لم يروها قد رأيتها في ميراث بعض الطاهرية تباع كثيرة في أصناف الفقه كله وبلغنا: أنه كان إذا ألف كتابا أهداه إلى ابن طاهر فيحمل إليه مالًا خطيرًا، وذكر فصلًا إلى أن قال: والغريب المصنف من أجل كتبه في اللغه احتذى فيه كتاب النضر بن شميل المسمى بكتاب الصفات بدأ فيه بخلق الإنسان، ثم بخلق الفرس ثم بالإبل وهو أكبر من كتاب أبي عبيد وأجود.

قال: ومنها كتابه في الأمثال أحسن تأليفه، وكتاب غريب الحديث ذكره بأسانيده فرغب فيه أهل الحديث، وكذلك كتابه في معاني القرآن حدث بنصفه ومات.

وله كتب في الفقه فإنه عمد إلى مذهب مالك والشافعي فتقلد أكثر ذلك، وأتى بشواهده وجمعه من رواياته وحسنها باللغة والنحو وله في القراءات كتاب جيد ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله، وكتابه في الأموال من أحسن ما صنف في الفقه وأجوده.

أنبأنا ابن علان أخبرنا الكندي أخبرنا الشيباني أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو العلاء القاضي أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، أخبرنا أبو علي النحوي حدثنا الفسطاطي قال: كان أبو عبيد مع ابن طاهر فوجه إليه أبو دلف بثلاثين ألف درهم فلم يقبلها وقال:

ص: 502

أنا في جنبة رجل ما يحوجني إلى صلة غيره، ولا آخذ ما علي فيه نقص فلما عاد ابن طاهر، وصله بثلاثين ألف دينار فقال له: أيها الأمير! قد قبلتها، ولكن قد أغنيتني بمعروفك، وبرك عنها وقد رأيت أن أشتري بها سلاحًا، وخيلًا وأوجه بها إلى الثغر ليكون الثواب متوفرًا على الأمير ففعل.

قال عبيد الله بن عبد الرحمن السكري: قال أحمد بن يوسف إما سمعته منه، أو حدثت به عنه قال: لما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرض على عبد الله بن طاهر فاستحسنه، وقال: إن عقلًا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش. فأجرى له عشرة آلاف درهم في الشهر.

كذا في هذه الرواية: عشرة آلاف درهم.

وروي غيره بمعناه عن الحارث بن أبي أسامة قال: حمل غريب أبي عبيد إلى ابن طاهر فقال: هذا رجل عاقل، وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يجري عليه في كل شهر خمس مائة درهم. فلما مات ابن طاهر أجرى عليه إسحاق من ماله ذلك، فلما مات أبو عبيد بمكة أجراها على ولده.

وذكر وفاة ابن طاهر هنا وهم؛ لأنه عاش مدة بعد أبي عبيد.

وعن أبي عبيد أنه كان يقول: كنت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها في الكتاب فأبيت ساهرًا فرحًا مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر خمسة أشهر فيقول: قد أقمت الكثير.

وقيل: إن أول من سمع الغريب من أبي عبيد: يحيى بن معين.

الطبراني: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: عرضت كتاب غريب الحديث لأبي عبيد على أبي فاستحسنه وقال: جزاه الله خيرًا.

ووى ابن الأنباري عن موسى بن محمد أنه سمع عبد الله بن أحمد يقول: كتب أبي غريب الحديث الذي ألفه أبو عبيد أولًا.

قال عبد الله بن محمد بن سيار: سمعت ابن عرعرة يقول: كان طاهر بن عبد الله ببغداد فطمع في أن يسمع من أبي عبيد وطمع أن يأتيه في منزله، فلم يفعل أبو عبيد حتى كان هو يأتيه فقدم علي بن المديني وعباس العبنري، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث، فكان يحمل كل يوم كتابه ويأتيهما في منزلهما، فيحدثهما فيه.

ص: 503

قال جعفر بن محمد بن علي بن المديني: سمعت أبي يقول: خرج أبي إلى أحمد بن حنبل يعوده، وأنا معه فدخل إليه، وعنده يحيى بن معين، وجماعة فدخل أبو عبيد فقال له يحيى: اقرأ علينا كتابك الذي عملته للمأمون غريب الحديث فقال: هاتوه فجاؤوا بالكتاب فأخذه أبو عبيد فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب فقال أبي: دعنا من الإسناد نحن أحذق بها منك فقال: يحيى بن معين لأبي: دعه يقرأ على الوجه فإن ابنك معك، ونحن نحتاج أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد: ما قرأته إلَّا على المأمون فإن أحببتم أن تقرؤوه فاقرؤوه. فقال له ابن المديني: إن قرأته علينا، وإلا لا حاجة لنا فيه.

ولم يعرف أبو عبيد علي بن المديني فقال ليحيى: من هذا؟ فقال: هذا علي بن المديني.

فالتزمه، وقرأه علينا فمن حضر ذلك المجلس جاز أن يقول: حدثنا، وغير ذلك فلا يقول.

رواها: إبراهيم بن علي الهجيمي عن جعفر.

قال أبو بكر بن الأنباري: كان أبو عبيد رحمه الله يقسم الليل أثلاثًا فيصلي ثلثه، وينام ثلثه ويصنف الكتب ثلثه.

قال عبد الله بن أبي مقاتل البلخي عن أبي عبيد: دخلت البصرة لأسمع من حماد بن زيد فقدمت فإذا هو قد مات فشكوت ذلك إلى عبد الرحمن بن مهدي فقال: مهما سبقت به فلا تسبقن بتقوى الله وقال أبو حامد الصاغاني: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: فعلت بالبصرة فعلتين أرجو بهما الجنة: أتيت يحيى القطان، وهو يقول: أبو بكر وعمر فقلت: معي شاهدان من أهل بدر يشهدان أن عثمان أفضل من علي قال: من؟ قلت: أنت حدثتنا عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال: خطبنا ابن مسعود فقال: أمرنا خير من بقي، ولم نأل قال: ومن الآخر؟ قلت: الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن المسور قال: سمعت عبد الرحمن بن عوف يقول: شاورت المهاجرين الأولين، وأمراء الأجناد وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أر أحدًا يعدل بعثمان قال: فترك يحيى قوله وقال: أبو بكر وعمر وعثمان.

قال: وأتيت عبد الله الخريبي فإذا بيته بيت خمار فقلت: ما هذا؟ قال: ما اختلف فيه أولنا ولا آخرنا قلت: اختلف فيه أولكم وآخركم قال: من؟ قلت: أيوب السختياني عن محمد عن عبيدة قال: اختلف علي في الأشربة فما لي شراب منذ عشرين سنة إلَّا عسل أو لبن أو ماء قال: ومن آخرنا؟ قلت: عبد الله بن إدريس قال: فأخرج كل ما في منزله فأهراقه.

ص: 504

أبو عبيد قال: سمعني ابن إدريس أتلهف على بعض الشيوخ فقال لي: يا أبا عبيد مهما فاتك من العلم، فلا يفوتنك من العمل.

الحاكم: سمعت أبا الحسن الكارزي سمعت علي بن عبد العزيز سمعت أبا عبيد يقول: المتبع السنة كالقابض على الجمر هو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله.

وعن أبي عبيد قال: مثل الألفاظ الشريفة، والمعاني الظريفة مثل القلائد اللائحة في الترائب الواضحة.

قال عباس الدوري: سمعت أبا عبيد يقول: إني لأتبين في عقل الرجل أن يدع الشمس، ويمشي في الظل.

وبإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا أحمد بن علي البادا أخبرنا عبد الله بن جعفر الزبيبي، حدثنا عبد الله بن العباس الطيالسي سمعت الهلال بن العلاء الرقي يقول: من الله على هذه الأمة بأربعة في زمانهم: بالشافعي تفقه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأحمد ثبت في المحنة لولا ذلك كفر الناس، وبيحيى بن معين نفى الكذب عن الحديث، وبأبي عبيد فسر الغريب من الحديث، ولولا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ.

وقال إبراهيم بن أبي طالب: سألت أبا قدامة عن الشافعي، وأحمد إسحاق وأبي عبيد فقال: أما أفقههم فالشافعي لكنه قليل الحديث، وأما أورعهم: فأحمد وأما أحفظهم: فإسحاق، وأما أعلمهم بلغات العرب فأبو عبيد.

قال الحسن بن سفيان: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أبو عبيد: أوسعنا علما وأكثرنا أدبًا وأجمعنا جمعًا إنا نحتاج إليه ولا يحتاج إلينا سمعها الحاكم من أبي الوليد الفقيه: سمعت الحسن.

وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحق يحبه الله عز وجل أبو عبيد القاسم بن سلام أفقه مني وأعلم مني.

الخطيب في تاريخه: حدثني مسعود بن ناصر أخبرنا علي بن بشرى، حدثنا محمد بن الحسين الآبري سمعت ابن خزيمة: سمعت أحمد بن نصر المقرئ يقول: قال إسحاق: إن الله لا يستحيي من الحق: أبو عبيد أعلم مني ومن ابن حنبل والشافعي.

قال أبو العباس ثعلب: لو كان أبو عبيد في بني إسرائيل لكان عجبًا.

ص: 505

وقال أحمد بن كامل القاضي: كان أبو عبيد فاضلًا في دينه وفي علمه ربانيًا، مفننًا في أصناف علوم الإسلام من القرآن والفقه والعربية والأخبار حسن الرواية صحيح النقل لا أعلم أحدًا طعن عليه في شيء من أمره ودينه.

وبلغنا عن عبد الله بن طاهر أمير خراسان قال: الناس أربعة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه وأبو عبيد في زمانه.

قال إبراهيم بن محمد النساج: سمعت إبراهيم الحربي يقول: أدركت ثلاثة تعجز النساء أن يلدن مثلهم: رأيت أبا عبيد ما مثلته إلَّا بجبل نفخ فيه روح، ورأيت بشر بن الحارث ما شبهته إلَّا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا، ورأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله قد جمع له علم الأولين فمن كل صنف يقول ما شاء، ويمسك ما شاء.

قال مكرم بن أحمد: قال إبراهيم الحربي: كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح يحسن كل شيء إلَّا الحديث صناعة أحمد ويحيى.

وكان أبو عبيد يؤدب غلاما في شارع بشر، ثم اتصل بثابت بن نصر الخزاعي يؤدب ولده ثم ولي ثابت طرسوس ثماني عشرة سنة، فولى أبا عبيد قضاء طرسوس ثماني عشرة سنة فاشتغل عن كتابة الحديث.

كتب في حداثته عن هشيم، وغيره فلما صنف احتاج إلى أن يكتب عن يحيى بن صالح وهشام بن عمار.

وأضعف كتبه كتاب الأموال يجيء إلى باب فيه ثلاثون حديثا، وخمسون أصلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجيء بحديث حديثين يجمعهما من حديث الشام، ويتكلم في ألفاظهما، وليس له كتاب كـ"غريب المصنف".

وانصرف يومًا من الصلاة، فمر بدارإسحاق الموصلي فقالوا له: يا أبا عبيد صاحب هذه الدار يقول: إن في كتابك غريب المصنف ألف حرف خطأ فقال: كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف ليس بكثير!، ولعل إسحاق عنده رواية وعندنا رواية فلم يعلم فخطأنا والروايتان صواب، ولعله أخطأ في حروف وأخطأنا في حروف فيبقى الخطأ يسيرًا.

وكتاب غريب الحديث فيه أقل من مائتي حرف: سمعت، والباقي قال: الأصمعي، وقال أبو عمرو، وفيه خمسة وأربعون حديثا لا أصل لها أتى فيها أبو عبيد من أبي عبيدة معمر بن المثنى.

ص: 506

قال الخطيب فيما أنبأنا ابن علان، أخبرنا الكندي عن الشيباني عنه حدثني العلاء بن أبي المغيرة أخبرنا علي بن بقاء أخبرنا عبد الغني الحافظ، قال: في كتاب الطهارة لأبي عبيد حديثان ما حدث بهما غير أبي عبيد، ولا عنه سوى محمد بن يحيى المروزي:

أحدهما: حديث شعبة عن عمرو بن أبي وهب.

والآخر: عبيد الله بن عمر عن المقبري حدث به القطان عن عبيد الله، ورواه الناس عن القطان عن ابن عجلان.

محمد بن يحيى: حدثنا أبو عبيد أخبرنا حجاج عن شعبة عن عمرو بن أبي وهب الخزاعي عن موسى بن ثروان، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يخلل لحيته

(1)

.

إبراهيم بن أحمد المستملي: حدثنا عبد الله بن محمد بن طرخان: سمعت محمد بن عقيل: سمعت حمدان بن سهل يقول: سألت يحيى بن معين عن الكتبة عن أبي عبيد فقال وتبسم: مثلي يسأل عن أبي عبيد؟! أبو عبيد يسأل عن الناس لقد كنت عند الأصمعي يومًا إذ أقبل أبو عبيد فشق إليه بصره حتى اقترب منه، فقال: أترون هذا المقبل? قالوا: نعم قال: لن تضيع الدنيا أو الناس ما حيي هذا.

روى عبد الخالق بن منصور عن ابن معين قال: أبو عبيد ثقة.

وقال عباس بن محمد عن أحمد بن حنبل أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيرًا.

وقال أبو داود: أبو عبيد: ثقة مأمون.

وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ.

وقال الدارقطني: ثقة إمام جبل.

وقال الحاكم: كان ابن قتيبة يتعاطى التقدم في علوم كثيرة، ولم يرضه أهل علم منها، وإنما الإمام المقبول عند الكل أبو عبيد.

قال عباس الدوري: سمعت أبا عبيد يقول: عاشرت الناس، وكلمت أهل الكلام فما

(1)

صحيح بشواهده: أخرجه أحمد "6/ 234" من طريق علي بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، عن عمر بن أبي وهب الخزاعي، به، وأخرجه الحاكم "1/ 150"، من طريق عمر بن أبي وهب، به، وله شاهد من حديث عمار بن ياسر، عند الترمذي "29"، وابن ماجه "429"، والطبراني في "الأوسط""2395".

وشاهد آخر عن عثمان بن عفان: عند الترمذي "31"، وابن ماجه "430".

ص: 507

رأيت قومًا أوسخ وسخًا ولا أضعف حجة من، ولا أحمق منهم ولقد وليت قضاء الثغر فنفيت ثلاثة جهميين وجهميًا.

وقيل: كان أبو عبيد أحمر الرأس واللحية بالخضاب، وكان مهيبًا وقورًا.

قال الزبيدي: عددت حروف غريب المصنف، فوجدته سبعة عشر ألفًا وتسع مائة وسبعين حرفًا.

قلت: يريد بالحرف اللفظة اللغوية.

أخبرنا أبو محمد بن علوان أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم أخبرنا عبد المغيث بن زهير حدثنا أحمد بن عبيد الله حدثنا محمد بن علي العشاري، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني أخبرنا محمد بن مخلد، أخبرنا العباس الدوري سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، وذكر الباب الذي يروي فيه الرؤية والكرسي موضع القدمين

(1)

، وضحك ربنا وأين كان ربنا

(2)

فقال: هذه أحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث، والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها ولكن إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف وضع قدمه؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدًا يفسره.

قلت: قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم وما أبقوا ممكنًا، وآيات

(1)

حسن: أخرجه الحاكم "2/ 282"، ووكيع في "تفسيره"، وشجاع بن مخلد في "تفسيره" -كما في تفسير ابن كثير "1/ 317"- من طريق سفيان -وهو الثوري- عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: -"الكرسي موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره".

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده حسن، عمار بن معاوية الدهني، أبو معاوية البجلي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". ومثل هذا الحديث يعد من قبيل المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي.

(2)

ضعيف: أخرجه الطيالسي "1093"، وأحمد "4/ 11، 12"، وابنه عبد الله في "السنة""260"، والترمذي "3109"، وابن ماجه "182"، وابن حبان "39" موارد، وابن أبي عاصم في "السنة""612"، والطبراني في "الكبير""19/ 468" من طرق عن حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟

قال: "كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء".

وقال الترمذي: حديث حسن.

قلت: إسناده ضعيف، وكيع بن حدث ويقال: عدس، مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير يعلى بن عطاء، وباقي رجاله ثقات رجاله الصحيح، وأبو رزين العقيلي اسمه لقيط بن عامر.

ص: 508

الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلًا، وهي أهم الدين فلو كان تأويلها سائغًا، أو حتمًا لبادروا إليه فعلم قطعًا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق لا تفسير لها غير ذلك فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء بالسلف معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها، وأنهما لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} [النحل: 44]، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

قال عبدان بن محمد المروزي: أخبرنا أبو سعيد الضرير قال: كنت عند الأمير عبد الله بن طاهر فورد عليه نهي أبي عبيد فأنشأ يقول:

يا طالب العلم قد مات ابن سلام

وكان فارس علم غير محجام

مات الذي كان فينا ربع أربعة

لم يلق مثلهم أستاذ أحكام

خير البرية عبد الله أولهم

وعامر ولنعم التلو يا عام

هما اللذان أنافا فوق غيرهما

والقاسمان بن معن وابن سلام

ذكر أبا عبيد: أبو عمرو الداني في طبقات القراء فقال: أخذ القراءة عرضا، وسماعًا عن الكسائي، وعن شجاع وعن إسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد وأبي مسهر إلى أن قال: وهو إمام أهل دهره في جميع العلوم ثقة مأمون صاحب سنة روى عنه القراءات: وراقة أحمد بن إبراهيم وأحمد بن يوسف وعلي بن عبد العزيز، ونصر بن داود وثابت بن أبي ثابت.

قال البخاري وغيره: مات سنة أربع وعشرين ومائتين بمكة.

قال الخطيب: وبلغني أنه بلغ سبعا وستين سنة رحمه الله.

ولم يتفق وقوع رواية لأبي عبيد في الكتب الستة لكن نقل عنه أبو داود شيئًا في تفسير أسنان الإبل في الزكاة، وحكى أيضًا عنه البخاري في كتاب أفعال العباد.

أخبرنا أبو بكر محفوظ بن معتوق البزار سنة اثنتين وتسعين وست مائة، أخبرنا عبد اللطيف بن محمد "ح". وأخبرنا أحمد بن إسحاق الغرافي أخبرنا عبد العزيز بن باقا قالا: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد أخبرنا محمد بن الحسين المقومي حضورًا، أخبرنا الزبير بن محمد الأسدي أخبرنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، أخبرنا علي بن عبد العزيز،

ص: 509

أخبرنا أبو عبيد أخبرنا هشيم، أخبرنا منصور عن ابن سيرين عن ابن عمر: عن عمر أنه سجد في الحج سجدتين، وقال: إن هذه السورة فضلت على السور بسجدتين.

وبه: حدثنا أبو عبيد حدثنا ابن أبي زائدة، عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل عن علي قال: لما كان يوم الأحزاب شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر فصلاها بين صلاتي العشاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا"

(1)

.

وبه: حدثنا أبو عبيد حدثنا ابن أبي زائدة، ويزيد عن هشام عن ابن سيرين، عن عبيدة عن علي مثل ذلك.

أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الزيني بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف "ح".

وأخبرنا أبو جعفر بن علي السلمي أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الفقيه سنة ثلاث، وعشرين وست مائة قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة أخبرنا طراد بن محمد أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي سنة اثنتي عشرة، وأربع مائة أخبرنا حامد بن محمد الهروي حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو عبيد حدثنا عباد بن عباد، أخبرنا أبو جمرة عن ابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله؟ إنا هذا الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا، وبينك كفار مضر فلا نخلص إليك إلَّا في شهر حرام فمرنا بأمر نعمل به، وندعو إليه من وراءنا. فقال:"آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله ثم فسرها لهم، شهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم وأنهاكم عن الدباء، والحنتم، والنقير والمقير". متفق عليه

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "2192"، والطيالسي "164"، وأحمد "1/ 150" وابن ماجه "684" وابن جرير في "تفسيره" -5423"، "5428"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 173، 174"، والبيهقي "1/ 460"، والبغوي "387" من طرق عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن علي بن أبي طالب مرفوعا: "شغلونا عن صلاة الوسطى، ملأ الله بيوتهم وبطونهم نارا". وهي العصر.

وأخرجه أحمد "1/ 122"، والبخاري "2931"، "4111"، "4533"، "6396"، ومسلم "627"، وأبو داود "409"، والدارمي "1/ 280"، والبغوي "388" من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني، عن علي، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "523"، ومسلم "17"، وأبو داود "3692"، والترمذي "2611"، والنسائي "8/ 120"، وابن منده "22"، "153" من طرق عن عباد بن عباد حدثنا أبو جمرة عن ابن عباس، به.

وأخرجه من طرق أخرى عن أبي جمرة، به: البخاري "1398"، "3095"، "4369"، "6176"، "7556"، ومسلم "3/ 1579"، "17"، "39"، والبيهقي "دلائل النبوة""5/ 323"، وابن منده "18/ 20"، "151"، "169".

ص: 510

‌1702 - دار أم سلمة

(1)

: " خ"

الإمام الحافظ أبو الحسن أحمد بن حميد الطريثيثي الكوفي، ويعرف: بدار أم سلمة.

وكان ختن عبيد الله بن موسى على ابنته.

سمع عبد الله بن المبارك، وعبيد الله الأشجعي وحفص بن غياث، ويحيى بن أبي زائدة، ومحمد بن فضيل وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري وحنبل بن إسحاق، وأبو محمد الدارمي وعباس الدوري، ومحمد بن إسماعيل الترمذي وآخرون.

وكان من أعيان الحفاظ بالكوفة.

قال أبو حاتم: ثقة.

وقال مطين: توفي سنة عشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1484"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 31"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 464"، والكاشف "1/ ترجمة 24"، وتهذيب التهذيب "1/ 26".

ص: 511

‌1703 - الرمادي

(1)

: " د، ت"

الإمام المحدث المفيد أبو إسحاق إبراهيم بن بشار الجرجرائي ثم البصري الرمادي صاحب سفيان بن عيينة.

روى عن: ابن عيينة وأبي معاوية، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وعبد الله بن رجاء المكي وعدة.

حدث عنه: أبو داود في سننه وإسماعيل القاضي وتمتام،

وأحمد بن زهير وأبو مسلم الكجي، ويوسف القاضي وأبو خليفة الجمحي. وروى: الترمذي عن رجل عنه.

قال البخاري: يهم في الشيء بعد الشيء وهو صدوق.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كأن سفيان الذي يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس بابن عيينة يعني: مما يغرب عنه.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقل ابن معين: ليس بشيء.

وقال ابن عدي: سألت الزريقي بالبصرة عنه فقال: كان والله أزهد أهل زمانه.

ثم قال ابن عدي: لا أعلم مما أنكر عليه الحديث وصل حديثا مرسلًا. قال: وهو عندنا من أهل الصدق.

وقال ابن حبان: كان متقنًا ضابطًا صحب سفيان دهرًا.

توفي: سنة أربع وقيل: سنة سبع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 890"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 225"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 35"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 225"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 102"، والأنساب للسمعاني "6/ 158"، وميزان الاعتدال "1/ 23"، والكاشف "1/ ترجمة 121"، والعبر "1/ 398"، وتهذيب التهذيب "1/ 108"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".

ص: 512

‌1704 - يحيى بن يحيى

(1)

: " خ، م، ت، س"

ابن بكر بن عبد الرحمن شيخ الإسلام، وعالم خراسان أبو زكريا التميمي المنقري النيسابوري الحافظ.

كتب: ببلده وبالحجاز والعراق، والشام ومصر.

لقي صغارًا من التابعين منهم كثير بن سليم وأخذ عنه وعن: عبد الله بن جعفر المخرمي، ويزيد بن المقدام وزهير بن معاوية ومالك وشريك القاضي، وسعير بن الخمس، وأبي عقيل يحيى بن المتوكل، وسليمان بن بلال والليث بن سعد وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعطاف بن خالد وإبراهيم بن سعد، وابن أبي الزناد والمنكدر بن محمد وداود بن عبد الرحمن العطار، ومسلم بن خالد ومعاوية بن عبد الكريم، وخلف بن خليفة ويزيد بن زريع وعبثر بن القاسم، وأمم سواهم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3131"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 501، 512"، "2/ 178"، "3/ 126"، والكنى للدولابي "1/ 179"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 823"، والكاشف "3/ ترجمة 6376"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 421"، والعبر "1/ 397"، وتهذيب التهذيب "11/ 296"، وتقريب التهذيب "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".

ص: 512

وعنه: البخاري ومسلم وحميد بن زنجويه ومحمد بن نصر المروزي، وأحمد بن سيار، وعثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن رافع القشيري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وابنه يحيى حيكان، وزكريا بن داود الخفاف، ومحمد بن عمرو الجرشي، وجعفر بن محمد بن الترك، ومحمد بن عبد السلام بن بشار وإبراهيم بن علي الذهلي وداود بن الحسين البيهقي، وعلي بن الحسين الصفار وخلائق.

أخبرنا محمد بن عبد السلام الشافعي وزينب بنت عمر قالا: انبأتنا زينب بنت أبي القاسم أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي أخبرنا بشر بن أحمد الإسفراييني، حدثنا داود بن الحسين بن عقيل حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث ما توجهت به

(1)

.

ولد يحيى بن يحيى: سنة اثنتين وأربعين ومائة نقله: أبو عمرو المستملي عن أبي الطيب المكفوف صاحب يحيى بن يحيى.

يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسب أنه رأى مثل نفسه.

وقال أبو داود الخفاف: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأى يحيى بن يحيى مثل نفسه، وما رأى الناس مثله. رواها: أبو عثمان سعيد بن شاذان عنه.

قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: مات يحيى بن يحيى يوم مات، وهو إمام لأهل الدنيا.

أبو العباس السراج: سمعت الحسين بن عبدش، وكان ثقة سمعت محمد بن أسلم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: عمن أكتب؟ فقال: عن يحيى بن يحيى.

قال خشنام بن سعيد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان يحيى بن يحيى عندي إماما، ولو كانت عندي نفقة لرحلت إليه.

محمد بن يعقوب الأخرم: سمعت يحيى بن محمد يقول: كان أبي يرجع في المشكلات إلى يحيى بن يحيى ويقول: هو إمام فيما بيني وبين الله.

قال أبو الطيب المكفوف: سمعت إسحاق يقول: لم أكتب عن أحد أوثق في نفسي من:

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1096"، ومسلم "700""37"، وأبو داود "1224".

ص: 513

يحيى بن يحيى، والفضل بن موسى ويحيى أحسن حديثا من ابن المبارك قلت: ولم؟ قال: لأن يحيى أخرج من علمه ما كان ينبعي أن يخرجه، وأمسك ما كان ينبغي أن يمسك عنه.

الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل ذكر يحيى بن يحيى فقال: بخ بخ. ثم ذكر قتيبة فأثنى عليه ثم قال: إلَّا أن يحيى بن يحيى شيء آخر.

قال ابن محمش: أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري حدثنا أبو أحمد الفراء: سمعت الحسين بن منصور يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فروى حديثًا عن سفيان فقلت: خالفك يحيى بن يحيى فقال: كيف قال يحيى؟ فأخبرته فضرب على حديثه، وقال: لا خير فيما خالف فيه يحيى بن يحيى.

قال أبو أحمد الفراء: سمعت يحيى بن يحيى، وكان إمامًا وقدوة ونورًا للإسلام.

الحاكم: سمعت محمد بن يعقوب الحافظ: سمعت مشايخنا يقولون: لو عاش يحيى بن يحيى سنتين لذهب حديثه فإنه إذا شك في حديث أرسله هذا في بدء أمره ثم صار إذا شك في حديث تركه ثم صار يضرب عليه من كتابه.

ابن أبي حاتم: أخبرنا عبد الله بن أحمد في كتابه: سمعت أبي يذكر يحيى بن يحيى فأثنى عليه خيرًا، وقال: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثله كنا نسميه يحيى الشكاك من كثرة ما كان يشك في الحديث.

قال عبد الله بن محمد بن مسلم: كنت مع أبي عبد الله المروزي فقلت: من أدركت من المشايخ على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما أعلم إلَّا أن يكون يحيى بن يحيى.

قال إبراهيم بن أبي طالب: قرأ علينا إسحاق عن مشايخه أحاديث، وقال: حدثنا يحيى بن يحيى، وهو أوثق من حدثتكم اليوم عنه.

قال علي بن الحسن الدارابجردي: سمعت يحيى الحماني يقول: كنا نعد فقهاء خراسان ثلاثة: عبد الله بن المبارك ويحيى بن يحيى وآخر.

قال أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب: سمعت الحسين بن منصور قال: كنا عند أحمد بن حنبل فروى حديثا عن سفيان، فقلت: خالفك يحيى بن يحيى فتوقف، وقال: لا خير فيما يخالف فيه يحيى بن يحيى.

وقال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول، وذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فذكر من فضله، وإتقانه أمرًا عظيمًا.

ص: 514

محمد بن أحمد بن شذرة الخطيب: سمعت أبا علي أحمد بن عثمان سمعت محمد بن عزرة يقول: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي كثيرًا ما يقول: وددت أني رأيت يحيى بن يحيى النيسابوري. فكنت يوما جالسًا أكتب فوقف علي رجل عليه أثر السفر، معه عصا وركوة فقال: يا بني هذه دار أبي عبد الله؟ قلت: نعم قال: تراه في البيت؟ قلت: من أنت؟ قال: أنا يحيى بن يحيى فوثبت مسرورًا وأخبرت أبي فأطرق مليًا وقال: أبلغه مني السلام وقل: آتاك الله ثواب ما نويت. فرجعت شبه الخجل فقال: أستودعك الله يا بني ومضى.

فهذه حكاية باطلة لم يتم من ذلك شيء وإنما طلب عبد الله بعد موت يحيى بن يحيى، وأيضًا فما نعلم أن يحيى دخل بغداد.

الحاكم: سمعت محمد بن حامد سمعت أبا محمد المنصوري سمعت محمد بن عبد الوهاب سمعت الحسين بن منصور يقول: أراد يحيى بن يحيى الحج، فاستأذن عبد الله بن طاهر الأمير فقال: أنت من الإسلام بالعروة الوثقى فلا أمن أن تمتحن فتصير إلى مكروه فهذا الإذن وهذه النصيحة فقعد.

وبلغنا: أن يحيى أوصى بثياب بدنه لأحمد بن حنبل فلما قدمت على أحمد أخذ منها ثوبًا واحدًا للبركة، ورد الباقي وقال: إنه ليس تفصيل ثيابه من زي بلدنا.

قال محمد بن عبد الوهاب: وغيره مات يحيى بن يحيى في أول ربيع الأول سنة ست وعشرين ومائتين.

وقال أبو عمرو المستملي: سمعت أبا أحمد الفراء يقول: أخبرني زكريا بن يحيى بن يحيى قال: أوصى أبي بثياب جسده لأحمد فأتيته بها في منديل فنظر إليها وقال: ليس هذا من لباسي ثم أخذ ثوبًا واحدًا ورد الباقي.

قال محمد بن عبد الوهاب: وسمعت الحسين بن منصور سمعت عبد الله بن طاهر الأمير يقول: رأيت في النوم في رمضان كأن كتابا أدلي من السماء فقيل لي: هذا الكتاب فيه اسم من غفر له فقمت فتصفحت فيه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم يحيى بن يحيى.

قال الحاكم: سمعت أبي: سمعت أبا عمور العمروي والي البلد يقول: بينا أنا نائم ذات ليلة على السطح إذ رأيت نورا يسطع إلى السماء من قبر في مقبرة الحسين كأنه منارة

ص: 515

بيضاء فدعوت بغلام لي رام. فقلت: ارم ذاك القبر الذي يسطع منه النور ففعل فلما أصبحت بكرت بنفسي فإذا النشابة في قبر يحيى بن يحيى رحمة الله عليه.

قال النسائي: ثقة ثبت.

وقال أحمد بن سيار المروزي: يحيى بن يحيى من موالي بني منقر كان ثقة، حسن الوجه طويل اللحية خيرا فاضلًا صائنًا لنفسه.

وقال النسائي أيضًا: يحيى بن يحيى النيسابوري الثقة المأمون.

قال عثمان بن سعيد الدارمي: ذهبت يومًا أحكي ليحيى بن يحيى بعض كلام الجهمية لأستخرج منه نقضا عليهم، وفي مجلسه يومئذ حسين بن عيسى البسطامي، وأحمد بن الحريش القاضي، ومحمد بن رافع وأبو قدامة السرخسي فيما أحسب وغيرهم من المشايخ. فزبرني يحيى بغضب وقال: اسكت، وأنكر على أولئك استعظامًا أن أحكي كلامهم وإنكارًا.

وقال نصر بن زكريا باسبيجاب: سمعت محمد بن يحيى الذهلي: سمعت يحيى بن معين يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله فقلت ليحيى: الرجل ينفق ماله، ويتعب نفسه ويجاهد فهذا أفضل منه؟ قال: نعم بكثير.

قال إبراهيم بن إسحاق الغسيلي: حدثني صالح بن أحمد بن حنبل: قال لي أبي: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى.

وقال أبو العباس السراج: سمعت النبيل أبا الطيب المكفوف، وقد جالس يحيى بن يحيى يقول: قال لي إسحاق بن راهويه يوما: أصبح يحيى ابن يحيى إمام أهل الشرق والغرب.

قلت: لم يكن بخراسان بعده مثله إلَّا إسحاق، ولا بعد إسحاق مثل الذهلي ولا بعد الذهلي كمسلم ولا بعد مسلم كمحمد بن نصر المروزي ولا بعد ابن نصر كابن خزيمة، ولا بعده كأبي حامد بن الشرقي، ولا بعده كأبي بكر الصبغي.

ص: 516

‌1705 - يحيى بن يحيى بن كثير

(1)

:

ابن وسلاس بن شملال بن منغايا الإمام الكبير فقيه الأندلس، أبو محمد الليثي البربري المصمودي الأندلسي القرطبي.

مولده في سنة اثنتين وخمسين ومائة.

سمع أولا من الفقيه زياد بن عبد الرحمن شبطون، ويحيى بن مضر وطائفة.

ثم ارتحل إلى المشرق في أواخر أيام مالك الإمام فسمع منه الموطأ سوى أبواب من الاعتكاف شك في سماعها منه، فرواها عن زياد شبطون عن مالك، وسمع من: الليث بن سعد وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب وعبد الرحمن بن القاسم العتقي. وحمل عن ابن القاسم عشرة كتب سؤالات ومسائل. وسمع من: القاسم بن عبد الله العمري، وأنس بن عياض الليثي.

ويقال: إنه لحق نافع بن أبي نعيم مقرئ المدينة، وأخذ عنه وهذا بعيد فإن نافعًا مات قبل مالك بعشر سنين.

ولازم ابن وهب وابن القاسم ثم حج ورجع إلى المدينة ليزداد من مالك، فوجده في مرض الموت فأقام إلى أن توفاه الله وشهد جنازته ورجع إلى قرطبة بعلم جم، وتصدر للاشتغال، وازدحموا عليه وبعد صيته، وانتفعوا بعلمه وهديه وسمته.

وكان كبير الشأن وافر الجلالة عظيم الهيبة نال من الرئاسة والحرمة ما لم يبلغه أحد.

روى عنه: ولده أبو مروان عبيد الله ومحمد بن العباس بن الوليد، ومحمد بن وضاح، وبقي بن مخلد وصباح بن عبد الرحمن العتقي وخلق سواهم.

كان أحمد بن خالد بن الحباب الحافظ يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس من الحظوة، وعظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى.

وبلغنا أن يحيى بن يحيى الليثي كان عند مالك بن أنس رحمه الله فمر على باب مالك الفيل فخرج كل من كان في مجلسه لرؤية الفيل سوى يحيى بن يحيى، فلم يقم فأعجب به مالك وسأله: من أنت؟ وأين بلدك؟ ثم لم يزل بعد مكرمًا له.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 792"، والعبر "1/ 419"، وتهذيب التهذيب "11/ 300".

ص: 517

وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت بركاب الليث فأراد غلامه أن يمنعني فقال الليث: دعه ثم قال لي: خدمك العلم قال: فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك.

وقيل: إن عبد الرحمن بن الحكم المرواني صاحب الأندلس نظر إلى جارية له في رمضان نهارًا فلم يملك نفسه أن واقعها، ثم ندم وطلب الفقهاء وسألهم عن توبته فقال يحيى بن يحيى: صم شهرين متتابعين فسكت العلماء فلما خرجوا قالوا ليحيى: ما لك لم تفته بمذهبنا عن مالك أنه مخير بين العتق والصوم والإطعام؟ قال: لو فتحنا له هذا الباب لسهل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة فحملته على أصعب الأمور لئلا يعود.

قال أبو عمر بن عبد البر: قدم يحيى بن يحيى الأندلس بعلم كثير فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار الفقيه عليه، وانتهى السلطان والعامة إلى رأيه وكان فقيها حسن الرأي، وكان لا يرى القنوت في الصبح، ولا في سائر الصلوات ويقول: سمعت الليث بن سعد يقول: سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول: إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من أربعين يومًا يدعو على قوم، ويدعو لآخرين قال: وكان الليث لا يقنت.

ثم قال ابن عبد البر: وخالف يحيى بن يحيى مالكًا في اليمين مع الشاهد فلم ير القضاء به ولا الحكم وأخذ بقول الليث بن سعد.

قال: وكان يرى جواز كراء الأرض بجزء مما يخرج منها على مذهب الليث ويقول: هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر.

وقضى برأي أمينين إذا لم يوجد في أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك.

قال أبو عمر: وكان يحيى بن يحيى إمام أهل بلده، والمقتدى به منهم والمنظور إليه والمعول عليه، وكان ثقة عاقلًا حسن الهدي والسمت، يشبه في سمته بسمت مالك قال: ولم يكن له بصر بالحديث.

قلت: نعم ما كان من فرسان هذا الشأن بل كان متوسطا فيه رحمه الله.

قال ابن الفرضي: كان يفتي برأي مالك وكان إمام وقته وواحد بلده وكان رجلًا عاقلًا.

قال محمد بن عمر بن لبابة: فقيه الأندلس: عيسى بن دينار وعالمها: عبد الملك بن حبيب وعاقلها: يحيى بن يحيى.

ثم قال ابن الفرضي في تاريخه: وكان يحيى بن يحيى ممن أتهم ببعض الأمر في الهيج

ص: 518

يعني: في القيام والإنكار على أمير الأندلس. قال: فهرب إلى طليطلة ثم استأمن فكتب له الحكم الأمير المعروف: بالربضي أمانا فرد إلى قرطبة.

قال عبد الله بن محمد بن جعفر: رأيت يحيى بن يحيى نازلا عن دابته ماشيًا إلى الجامع يوم جمعة وعليه عمامة، ورداء متين وأنا أحبس دابة أبي.

قال أبو القاسم بن بشكوال الحافظ: كان يحيى بن يحيى مجاب الدعوة فقد أخذ نفسه في هيئته، ومقعده هيئة مالك الإمام بالأندلس فإنه عرض عليه قضاء الجماعة فامتنع فكان أمير الأندلس لا يولي أحدًا القضاء بمدائن إقليم الأندلس إلَّا من يشير به يحيى بن يحيى فكثر لذلك تلامذة يحيى بن يحيى، وأقبلوا على فقه مالك، ونبذوا ما سواه.

نقل غير واحد وفاة يحيى بن يحيى: في شهر رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين، وبعضهم قال: في سنة ثلاث والأول أصح.

أخبرنا بكتاب الموطأ: الإمام المعمر مسند المغرب أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي كتابة من مدينة تونس قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي المالكي قراءة عليه في سنة عشرين وست مائة قال: أخبرنا محمد بن عبد الحق القرطبي قراءة قال: أخبرنا الإمام محمد بن فرج مولى ابن الطلاع قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث سماعًا، أخبرنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى اليثي قراءة، وتوفي في رجب سنة سبع وستين وثلاث مائة قال: أخبرنا عم أبي الفقيه أبو مروان عبيد الله بن يحيى بن يحيى وتوفي في رمضان سنة ثمان وتسعين ومائتين قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا مالك بن أنس سوى فوته من الاعتكاف فذكر الموطأ.

ص: 519

‌1706 - أبو الجهم

(1)

:

الشيخ المحدث الثقة أبو الجهم العلاء بن موسى بن عطية الباهلي البغدادي صاحب ذاك الجزء العالي. وإنما ذكرته لشهرته كغيره من المعمرين ولم أستوعبهم.

سمع من: عبد العزيز بن الماجشون حديثا نسى سنده. ومن: الليث بن سعد وسوار بن مصعب وعبد القدوس أراه ابن حبيب وسفيان بن عيينة، والهيثم بن عدي وغيرهم.

حدث عنه: إسحاق بن سنين الختلي وأحمد بن علي الأبار وأبو القاسم البغوي.

قال أبو بكر الخطيب: كان صدوقًا مات: ببغداد في أول سنة ثمان وعشرين ومائتين.

قلت: كان من أبناء الثمانين.

سمعنا نسخته من نيف وستين نفسًا سمعوها من أصحاب أبي الوقت السجزي بسماعه من محمد أبي مسعود الفارسي، عن ابن أبي شريح عن البغوي عنه. وآخر من رواها في الدنيا: أبو العباس بن الشحنة الصالحي فعمر بعد أن سمع الجزء سبعًا وتسعين سنة.

قرأت على عبد الحافظ بن بدران: أخبرك موسى بن عبد القادر والحسين بن المبارك قالا: أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا محمد بن عبد العزيز الفارسي أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أبو الجهم حدثنا الليث عن نافع: أن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى إذا كان ثلاثة نفر أن يتناجى اثنان دون واحد.

رواه مسلم

(2)

عن قتيبة عن ليث.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 240"، والعبر "1/ 403"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 65".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6288"، ومسلم "2183".

ص: 520

‌1707 - يحيى بن عبد الحميد

(1)

ابن عبد الرحمن بن ميمون بن عبد الرحمن الحافظ الإمام الكبير، أبو زكريا بن المحدث الثقة أبي يحيى الحماني الكوفي صاحب المسند الكبير.

ولد نحو الخمسين ومائة.

وحدث عن: أبيه وأبوه: من أصحاب الأعمش وعن: عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل وهذا أكبر شيخ له ومندل بن علي وعبد الله بن جعفر المخرمي، وأبي عوانة وشريك وسليمان بن بلال وقيس بن الربيع وأبي إسرائيل الملائي، وعبد الله بن المبارك وهشيم وفضيل بن عياض وعبد الواحد بن زياد، وخالد بن عبد الله وحشرج بن نباته وإبراهيم بن سعد، وحماد بن زيد وعلي بن مسهر وسفيان بن عيينة وخلق.

وعنه: أبو قلابة وأبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبو بكر بن أبي الدنيا ومحمد بن أيوب الرازي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وأبو حصين محمد بن الحسين الوادعي، ومطين وموسى بن إسحاق الأنصاري ومحمد بن إبراهيم السراج وعثمان بن خرزاذ، وأبو القاسم البغوي والحسين بن إسحاق التستري وخلق كثير.

قال الأثرم: سمعت القعنبي يقول: رأيت رجلًا طويلًا شابًا في مجلس ابن عيينة فقال ابن عيينة: من يسأل لأهل الكوفة؟ ثم قال: أين ابن الجماني؟ فقام فقال: من أنت؟ فانتسب له فقال: نعم كان أبوك جليسنا عند مسعر. فجعل يسأل.

وقال إبراهيم بن بشار: رأيت عند ابن عيينة جماعة من البصريين يتذاكرون الحديث فتحول سفيان للكوفة أتى إلى ناحية أهل الكوفة فقال: أين ابن آدم؟ أين ابن الحماني عبد الحميد?.

وروى ابن عدي عن طريف بن عبيد الله الموصلي قال: كأني أنظر إلى يحيى الحماني شيخ ضعيف أعور اليسرى منحني العنق يقول: حدثنا شريك.

وقال محمد بن عبد الرحمن السامي الهروي: سئل أحمد بن حنبل عن يحيى الحماني فسكت فلم يقل شيئًا.

وقال الميموني: ذكرالحماني عند أحمد فقال: ليس بأبي غسان بأس ومرة ذكره فنفض يده وقال: لا أدري.

وقال مطين: سألت أحمد بن حنبل عنه قلت له: تعرفه؟ لك به علم؟ فقال: كيف لا أعرفه؟ قلت: أكان ثقة؟ قال: أنتم أعرف بمشايخكم.

وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: حدثنا يحيى الحماني حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسحاق الأزرق فذكر حديثا في الإبراد بالظهر

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 411"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3037"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 625"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2039"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 695"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2138"، وتاريخ بغداد "14/ 167"، والأنساب للسمعاني "4/ 210"، واللباب لابن الأثير "1/ 386"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 553"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 428"، والمغني "2/ ترجمة 7006"، والعبر "1/ 404"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9567"، وتهذيب التهذيب "11/ 243"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 67".

(2)

صحيح: ورد عن المغيرة بن شعبة مرفوعا بلفظ: "أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم".

أخرج أحمد "4/ 250"، وابن ماجه "680"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 187"، والطبراني في "الكبير""20/ 949"، والبيهقي "1/ 439" من طرق عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عن شريك، عن بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، عنه، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، وهو سيئ الحفظ، وورد عن أبي هريرة مرفوعا: عند عبد الرزاق "2049، والشافعي "1/ 48"، والحميدي "942"، وأحمد "2/ 266"، والبخاري "536"، ومسلم "615" "183" من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عنه، به.

ص: 521

قال حنبل: قدمت من الكوفة فقلت لأبي عبد الله: حدثنا يحيى الحماني عن أبي عبد الله بحديث إسحاق الأزرق فقال: ما أعلم أني حدثته به فلعله حفظه على المذاكرة.

وكذا سأل المروذي أحمد فأنكر أن يكون حدثه وقال: قولوا لهارون الحمال يضرب على حديث يحيى الحماني.

وقال أبو عبيد الآجري: عن أبي داود قال: حدث يحيى الحماني عن أحمد بحديث إسحاق الأزرق فأنكره فقال يحيى: حدثنا أحمد على باب ابن علية فقال أحمد: ما سمعناه من إسحاق إلَّا بعد موت إسماعيل.

ثم قال أبو داود: كان حافظا سألت أحمد عنه فقال: ألم تره؟ قلت: بلى قال: إنك إذا رأيته عرفته.

وقيل: كان يتشيع فقال أبو داود: سألته عن حديث لعثمان فقال لي: تحب عثمان؟

قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: إن ابني أبي شيبة يقدمون بغداد فما ترى فيهم؟ فقال: قد جاء ابن الحماني إلى ههنا فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهارًا ابن شيبة على كل حال يصدق وقلت لأبي عن حديث إسحاق فقال: كذب ما سمعته من الأزرق إلَّا بعد ذلك أنا لم أعلم تلك الأيام أن هذا حديث غريب حتى سألني عنه هؤلاء الشباب.

وقال أبي: ما كان أجرأه! وقال: ما زلنا نعرفه أنه يسرق الأحاديث أو يتلقفها أو يتلقطها.

وقال: قد طلب وسمع ولو اقتصر على ما سمع لكان له فيه كفاية.

وقال عبد الله بن أحمد: حدث أيضًا عن قريش بن حيان عن بكر بن وائل، عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأظفار. وقريش مات قبل أن يدخل الحماني البصرة، وإنما سمعه من وكيع عن قريش.

وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: ما تقول في ابن الحماني؟ فقال: ليس هو واحدا ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أربعة يحكون عنه ثم قال: الأمر فيه أعظم من ذلك وحمل عليه حملًا شديدًا في أمر الحديث. وذكرته لأبي عبد الله مرة فقال: ابن الحماني ليس الآن عليه قياس أمر ذاك عظيم أو كما قال ورأيته شديد الغيظ عليه.

ص: 522

وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: بلغني أن ابن الحماني حدث عن شريك عن هشام عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الحمام فأنكروه عليه فرجع عن رفعه فقال أبي: هذا كذب إنما كنا نعرف بهذا حسين بن علوان يقولون: وضعه على هشام.

قال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني وقال مرة: رماه أحمد وابن نمير.

أحمد بن يوسف السلمي: سمعت علي بن المديني يقول: أدركت ثلاثة يحدثون بما لا يحفظون: يحيى بن عبد الحميد وعبد الأعلى السامي ومعتمر بن سليمان.

ابن عدي: أخبرنا عبدان قال: قال ابن نمير: الحماني كذاب. فقيل لعبدان: سمعته منه؟ قال: لا.

وقال مطين: سألت محمد بن عبد الله بن نمير عن يحيى الحماني فقال: هو ثقة هو أكبر من هؤلاء كلهم فاكتب عنه.

وقال محمد بن عبد الله بن عمار: يحيى الحماني سقط حديثه.

قال الحسين بن إدريس: فقيل لابن عمار: فما علته؟ قال: لم يكن لأهل الكوفة حديث جيد غريب ولا لأهل المدينة ولا لأهل بلد حديث جيد غريب إلَّا رواه فهذا يكون هكذا.

وقال الجوزجاني: يحيى بن عبد الحميد ساقط متلون ترك حديثه فلا ينبعث.

وقال ابن خزيمة: سمعت الذهلي يقول: ذهب كالأمس الذاهب.

وقال محمد بن المسيب الأرغياني: سمعت محمد بن يحيى يقول: اضربوا على حديثه بستة أقلام.

وقال أبو يحيى صاعقة: كنا إذا قعدنا إلى الحماني تبين لنا منه بلايا.

وقال أحمد بن محمد بن صدقة، وأبو شيخ عن زياد بن أيوب دلوية سمعت يحيى بن عبد الحميد يقول: مات معاوية على غير ملة الإسلام. قال أبو شيخ: قال دلويه: كذب عدو الله.

أحمد بن سعيد بن مسعود المروزي عن أبيه: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي يقول: قدمت الكوفة فنزلت بالقرب من ابن الحماني فذاكرته بأحاديث سمعتها بالبصرة، ومن أحاديث سليمان بن بلال، وكان يستغربها ويقول: ما سمعت هذا من

ص: 523

سليمان ثم أودعته كتبي وختمت عليها فلما رجعت وجدت الخواتيم قد كسرت فقلت: ما شأن هذه الكتب؟ قال: ما أدري وجدت تلك الأحاديث التي ذاكرته بها عن سليمان قد أدخلها في مصنفاته فقلت: سمعت من سليمان بن بلال؟ قال: نعم.

وقال ابن خراش: حدثنا محمد بن يحيى عن عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أودعت كتبي يحيى الحماني وكان فيها حديث خالد الواسطي عن عمرو بن عون، وفيها حديث سليمان بن بلال عن بحيى بن حسان وكنت قد سمعت منه المسند، ولم يكن فيه من حديثهما شيء فقدمت فإذا كتبي على خلاف ما تركتها عنده وإذا قد نسخ حديث خالد وسليمان ووضعه في المسند، قال محمد بن يحيى: ما أستحل الرواية عنه.

أخبرنا العقيلي: حدثنا سليمان بن داود القطان بالري: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن قال: قدمت الكوفة حاجا وأودعت يحيى كتبا لي فلما رجعت جحدها وأنكر فرفقت به فلم ينفع قال: فصايحته واجتمع الناس علينا فقام إلى وراقه فأخذ بيدي فنحاني وقال: إن أمسكت تخلصت فأمسكت فإذا الوراق قد جاءني بالكتب، وكانت مشدودة في خرقة ولبد فإذا الشد مغير فنظرت في الأجزاء فإذا فيها علامات بالحمرة ولم يكن نظر فيها أحد، وإذا أكثر العلامات على مروان الطاطري عن سليمان بن بلال وعبد العزيز الدراوردي فافتقدت منها جزأين.

وقال النسائي: ليس بثقة وقال مرة: ضعيف.

وأما يحيى بن معين فروى عنه عباس: أبو يحيى الحماني ثقة وابنه ثقة.

وقال أحمد بن زهير عنه: يحيى الحماني: ثقة.

وروى عنه عثمان بن سعيد: صدوق مشهور ما بالكوفة مثله ما يقال فيه إلَّا من حسد.

وقال أبو حاتم: سألت ابن معين عنه فأجمل القول فيه وقال: ما له؟ كان يسرد مسنده أربعة آلاف سردا وحديث شريك ثلاثة آلاف وخمس مائة كمثل. وذكر أبو حاتم نحو عشرة آلاف ثم قال: كان أحد المحدثين.

وقال عن ابن معين عبد الخالق بن منصور: صدوق ثقة.

وقال أحمد بن منصور الرمادي: هو عندي أوثق من أبي بكر بن أبي شيبة وما يتكلمون فيه إلَّا من الحسد.

ص: 524

قلت: الجرح مقدم وأحمد، والدارمي بريئان من الحسد.

قال عثمان بن سعيد: كان يحيى الحماني فيه غفلة لم يقدر أن يصون نفسه كما يفعل أصحاب الحديث، ربما يجيء رجل فيفتري عليه وفي رواية فيسبه وربما يلطمه.

وقال أحمد بن زهير عن ابن معين: ما كان بالكوفة في أيامه رجل يحفظ معه، وهؤلاء يحسدونه.

قلت: بل ينصفونه وأنت فما أنصفت.

ابن صالح المصري: قال البغوي: كنا على باب يحيى الحماني فجاء يحيى بن معين على بغلته فسأله أصحاب الحديث أن يحدثهم فأبى وقال: جئت مسلما عن أبي زكريا.

فدخل ثم خرج فسألوه عنه فقال: ثقة ابن ثقة.

وكذلك روى توثيقه عن ابن معين: مطين، وأحمد بن أبي يحيى وعبد الله بن الدورقي، وغيرهم حتى قال محمد بن أبي هارون الهمذاني: سألته عنه فقال: ثقة وأبوه ثقة فقلت: يقولون فيه! قال: يحسدونه هو والله الذي لا إله إلَّا هو ثقة.

العقيلي: عن علي بن عبد العزيز: سمعت يحيى الحماني يقول لقوم غرباء في مجلسه: من أين أنتم؟ فأخبروه فقال: سمعتم ببلدكم أحدًا يتكلم في ويقول: إني ضعيف في الحديث؟ لا تسمعوا كلام أهل الكوفة فإنهم يحسدوني؛ لأني أول من جمع المسند وقد تقدمتهم في غير شيء.

قال علي بن حكيم: ما رأيت أحدًا أحفظ لحديث شريك من يحيى الحماني.

قلت: لا ريب أنه كان مبرزًا في الحفظ كما كان سليمان الشاذكوني ولكنه أصون من الشاذكوني، ولم يقل أحد قط: إنه وضع حديثًا بل ربما كان يتلقط أحاديث ويدعي روايتها فيرويها على وجه التدليس ويوهم أنه سمعها وهذا قد دخل فيه طائفة وهو أخف من افتراء المتون.

قال أبو حاتم الرازي: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري وسوى يحيى الحماني في حديث شريك وعلي بن الجعد في حديثه.

قال أبو أحمد بن عدي: ليحيى الحماني مسند صالح ويقال: إنه أول من صنف المسند بالكوفة وأول من صنف المسند بالبصرة: مسدد وأول من صنف المسند بمصر: أسد السنة،

ص: 525

وهو أقدم منهمًا موتًا والحماني يقال: إن الدارمي أودعه كتبا فسرق منها أحاديث، وتكلم فيه أحمد، وابن المديني قال: ويحيى حسن الثناء عليه إلى أن قال ابن عدي: ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير وأرجو أنه لا بأس به.

قال شيخنا أبو الحجاج: وجده ميمون ويقال: عبد الرحمن بن ميمون يلقب: بشمين.

قلت: وقد تواتر توثيقه عن يحيى بن معين كما قد تواتر تجريحه عن الإمام أحمد مع ما صح عنه من تكفير صاحب.

ولا رواية له في الكتب الستة تجنبوا حديثه عمدا لكن له ذكر في صحيح مسلم في ضبط اسم فقال عقيب حديث سليمان بن بلال عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي حميد أو أبي أسيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك .. ". وذكر الحديث

(1)

. ثم قال: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال قال: وبلغني أن يحيى الحماني يقول: وأبو أسيد.

قد وقع لي من عوالي الحماني: فأخبرني أبو المعالي أحمد بن إسحاق بمصر أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب أخبرنا هبة الله بن الحسين الحاسب، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور حدثنا عيسى بن علي الوزير إملاء حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا شريك حدثنا منصور حدثنا ربعي قال: حدثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أما إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تكذبوا علي فمن كذب علي متعمدا فليلج النار"

(2)

.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء بقراءتي أخبرنا عبد المعز بن محمد في كتابه أخبرنا تميم بن أبي سعيد سماعا في سنة تسع وعشرين وخمس مائة، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري سنة أربع

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "713"، وأبو داود "465"، والنسائي "2/ 53"، وابن ماجه "772".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "106"، ومسلم "1" من طرق عن شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن علي، به، وقد ورد عن جمع غفير من الصحابة -رضوان الله عليهم: عن أبي بكر الصديق، وأبي أمامة، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي قتادة، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وأسامة بن زيد، وأبي موسى الأشعري، وغيرهم كثير.

ص: 526

وسبعين وثلاث مائة قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي بها سنة ست وثلاث مائة قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا قيس بن الربيع عن زياد بن علاقة عن عمارة بن أوس رضي الله عنه وكان قد صلى القبلتين جميعا قال: إني لفي منزلي إذا مناد ينادي على الباب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حول القبلة فأشهد على إمامنا والرجال والنساء والصبيان لقد صلوا إلى ههنا يعني: بيت المقدس وإلى ههنا يعني: الكعبة

(1)

.

وقرأت على أبي سعيد سنقر الحلبي بها أخبركم عبد اللطيف بن يوسف أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق، أخبرنا علي بن محمد أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي، أخبرنا عبد الباقي بن قانع حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا يحيى الحماني حدثنا قيس عن زياد بن علاقة عن عمارة بن أوس وكان ممن صلى القبلتين قال: إني في منزلي إذ ناداني مناد على الباب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حول القبلة إلى الكعبة.

هذا حديث غريب من الأفراد العوالي.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا ابن البناء أخبرنا ابن البسري أخبرنا المخلص، حدثنا عبد الله حدثنا يحيى الحماني حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة، وابن عوف في الجنة وسعد في الجنة وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة"

(2)

. قال البخاري ومطين ومعاوية بن صالح والبغوي: مات يحيى الحماني سنة ثمان وعشرين ومائتين.

زاد مطين: في رمضان بالعسكر وكان لا يخضب.

وقال البغوي: في رمضان أيضًا قال: وكان أول من مات بسامراء من المحدثين الذين أقدموا وكان لا يخضب وقد كتبت عنه.

قلت: أخطأ من قال: إنه توفي سنة خمس وعشرين.

(1)

ضعيف: في إسناده علتان: الأولى يحيى بن عبد الحميد الحماني، فإنه ضعيف كما قال النسائي، وقد اتهموه بسرقة الحديث كما قال الحافظ في "التقريب" فقد قال أحمد: كان يكذب جهارا. الثانية: قيس بن الربيع الأسدي، ضعيف، لسوء حفظه، وقد أجمعوا على ضعفه. وقال النسائي: متروك.

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "3747" من طريق قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، به، وورد عن سعيد بن زيد: عند أبي داود "4648"، "4649"، والترمذي "3748"، وقد خرجته في عدة مواضع في كتاب "منهاج السنة لابن تيمية" ط. دار الحديث فراجعه ثمت إن شئت.

ص: 527

فأما والده فهو:

‌1708 - أبو يحيى الحماني

(1)

: " خ، د، ت، ق"

أصله من خوارزم ولقبه: بشمين.

ولد بعد العشرين ومائة.

وحدث عن: الأعمش وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وطلحة بن يحيى التيمي، وطلحة بن عمرو المكي، وأبي حنيفة والحسن بن عمارة وعدة.

روى عنه: ابنه، وأحمد بن عمر الوكيعي والحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن عاصم الثقفي، وعباس الدوري وأحمد بن عبد الحميد الحارثي والحسن بن علي بن عفان وآخرون كثير.

وكان من علماء الحديث وثقه: يحيى بن معين.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقال أبو داود: كان داعية إلى الإرجاء.

قال هارون: مات سنة اثنتين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 399"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1653"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 79"، والكاشف "2/ ترجمة 3154"، والعبر "1/ 338"، وميزان الاعتدال "2/ 542"، وتهذيب التهذيب "6/ 120"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 3".

ص: 528

‌1709 - النظام

(1)

:

شيخ المعتزلة صاحب التصانيف أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى آل الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم.

تكلم في القدر وانفرد بمسائل، وهو شيخ الجاحظ.

وكان يقول: إن الله لا يقدر على الظلم، ولا الشر ولو كان قادرًا لكنا لا نأمن وقع ذلك وإن الناس يقدرون على الظلم وصرح بأن الله لا يقدر على إخراج أحد من جهنم، وأنه ليس يقدر على أصلح مما خلق.

قلت: القران والعقل الصحيح يكذبان هؤلاء، ويزجرانهم عن القول بلا علم، ولم يكن النظام ممن نفعه العلم، والفهم وقد كفره جماعة.

وقال بعضهم: كان النظام على دين البراهمة المنكرين للنبوة والبعث ويخفي ذلك.

وله نظم رائق وترسل فائق وتصانيف جمة منها: كتاب الطفرة، وكتاب الجواهر والأعراض، وكتاب حركات أهل الجنة وكتاب الوعيد وكتاب النبوة، وأشياء كثيرة لا توجد.

ورد أنه سقط من غرفة وهو سكران فمات فى خلافة المعتصم، أو الواثق سنة بضع وعشرين ومائتين.

وكان في هذا الوقت: العلامة المتكلم أحد مشايخ الجهمية إبراهيم ابن الحافظ إسماعيل بن علية البصري.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 97 - 98" واللبان لابن الأثير "3/ 316"، والوافي بالوفيات "6/ 14"، ولسان الميزان "1/ 67"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 234".

ص: 529

‌1710 - أبو الهذيل العلاف

(1)

:

ورأس المعتزلة أبو الهذيل محمد بن الهذيل البصري العلاف صاحب التصانيف الذي زعم أن نعيم الجنة، وعذاب النار ينتهي بحيث إن حرمات أهل الجنة تسكن، حتى لا ينطقون بكلمة وأنكر الصفات المقدسة حتى العلم، والقدرة وقال: هما الله، وأن لما يقدر الله عليه نهاية وآخرا وأن للقدرة نهاية لو خرجت إلى الفعل فإن خرجت لم تقدر على خلق ذرة أصلًا. وهذا كفر وإلحاد.

وقيل: إن المأمون قال لحاجبه: من بالباب؟ قال: أبو الهذيل، وعبد الله بن أبان الخارجي، وهشام بن الكلبي فقال: ما بقي من رؤوس جهنم إلَّا من حضر.

ولم يكن أبو الهذيل بالتقي حتى لنقل أنه سكر مرة عند صديقه فراود غلامًا له فرماه بتور فدخل في رقبته، وصار كالطوق فاحتاج إلى حداد يفكه.

وكان أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل تلميذ واصل بن عطاء الغزال.

وطال عمر أبي الهذيل وجاوز التسعين وانقلع في سنة سبع وعشرين، ومائتين ويقال: بقي إلى سنة خمس وثلاثين.

أخذ عنه: علي بن ياسين وغيره من المعتزلة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 366"، ووفيات الأعيان "4/ ترجمة 606"، والعبر "1/ 422" ولسان الميزان "5/ 413"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 248"، وشذرات الذهب "2/ 85".

ص: 529

‌1711 - هشام بن الحكم

(1)

:

وكان في هذا الحين المتكلم البارع هشام بن الحكم الكوفي الرافضي المشبه المعثر، وله نظر وجدل وتواليف كثيرة.

قال ابن حزم: جمهور متكلمي الرافضة كهشام بن الحكم وتلميذه أبي علي الصكاك، وغيرهما يقولون: بأن علم الله محدث وأنه لم يعلم شيئا في الأزل فأحدث لنفسه علمًا.

قال: وقال هشام بن الحكم في مناظرته لأبي الهذيل: إن ربه طوله سبعة أشبار بشبر نفسه.

قال: وكان داود الجواربي من كبار متكلميهم يزعم أن ربه لحم ودم على صورة الآدمي.

قال: ولا يختلفون في رد الشمس لعلي مرتين ومن قول كلهم: إن القرآن مبدل زيد فيه ونقص منه إلَّا الشريف المرتضى وصاحبيه.

قال النديم: هو من أصحاب جعفر الصادق هذب المذهب وفتق الكلام في الإمامة وكان حاذقًا حاضر الجواب. ثم سرد أسماء كتبه منها: في الرد على المعتزلة وفي التوحيد وغير ذلك.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "5/ 443"، ولسان الميزان "6/ 194".

ص: 530

‌1712 - ضرار بن عمرو

(1)

:

نعم ومن رؤوس المعتزلة ضرار بن عمرو شيخ الضرارية.

فمن نحلته قال: يمكن أن يكون جميع الأمة في الباطن كفارًا لجواز ذلك على كل فرد منهم، ويقول: الأجسام إنما هي أعراض مجتمعة، وإن النار لا حر فيها ولا في الثلج برد ولا في العسل حلاوة، وإنما يخلق ذلك عند الذوق واللمس.

وقال المرُّوذي: قال أحمد بن حنبل: شهدت على ضرار بن عمرو عند سعيد بن عبد الرحمن فأمر بضرب عنقه فهرب.

وقال حنبل: دخلت على ضرار ببغداد وكان مشوهًا وبه فالج، وكان معتزليًا فأنكر الجنة والنار وقال: اختلف فيهما هل خلقتا بعد أم لا؟ فوثب عليه أصحاب الحديث وضربوه.

وقال أحمد بن حنبل: إنكار وجودهما كفر قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46].

قال أحمد: فهرب قالوا: أخفاه يحيى بن خالد حتى مات.

قلت: هذا يدل على موته في زمن الرشيد.

فأما حكاية جنيد فيكون حكاها عن أحمد.

وأيضًا فإن حفصًا الفرد الذي كفره الشافعي في مناظرته من تلامذة ضرار.

قال ابن حزم: كان ضرار ينكر عذاب القبر.

وقال أبو همام السكوني: شهد قوم على ضرار بأنه زنديق فقال سعيد: قد أبحت دمه فمن شاء فليقتله قال: فعزلوا سعيدًا من القضاء فمر شريك القاضي، ورجل ينادي: من أصاب ضرارًا فله عشرة آلاف فقال شريك: الساعة خلفته عند يحيى البرمكي أراد شريك أن يعلم أنهم ينادون عليه، وهو عندهم.

قلت: لمثل هذا تكلم الناس في دين البرامكة، وضرار أكبر من هؤلاء المتعاصرين، وله تصانيف كثيرة تؤذن بذكائه وكثرة اطلاعه على الملل والنحل.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 765"، وميزان الاعتدال "2/ 238"، ولسان الميزان "2/ 203".

ص: 531

ومنهم المتكلم البارع:

‌1713 - أبو المعتمر معمر بن عمرو

(1)

:

وقيل: ابن عباد البصري السلمي مولاهم العطار المعتزلي.

وكان يقول: في العالم أشياء موجودة لا نهاية لها ولا لها عند الله عدد ولا مقدار. فهذا ضلال يرده قوله تعالى: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28] وقال: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] ولذلك قامت عليه المعتزلة بالبصرة ففر إلى بغداد، واختفى عند إبراهيم بن السندي.

وكان يزعم أن الله لم يخلق لونًا، ولا طولًا، ولا عرضًا ولا عمقًا ولا رائحة، ولا حسنًا ولا قبحًا ولا سمعًا، ولا بصرًا بل ذلك فعل الأجسام بطباعها فعورض بقوله تعالى:{خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاة} [الملك: 2] فقال: المراد خلق الإماتة، والإحياء وقال: النفس ليست جسمًا، ولا عرضًا ولا تلاصق شيئًا، ولا تباينه ولا تسكن.

وكان بينه، وبين النظام مناظرات ومنازعات، وله تصانيف في الكلام.

وهلك فيما ورخه محمد بن إسحاق النديم سنة خمس عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "207".

ص: 532

ومنهم:

‌1714 - هشام بن عمرو

(1)

:

أبو محمد الفوطي المعتزلي، الكوفي مولى بني شيبان.

صاحب ذكاء وجدال وبدعة ووبال.

أخذ عنه: عباد بن سلمان وغيره.

ونهى عن قول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وقال: لا يعذب الله كافرًا بالنار، ولا يحيي أرضًا بمطر، ولا يهدي ولا يضل ويقول: يعذبون في النار لا بها ويحيي الأرض عند المطر لا به، وأن معنى: نعم الوكيل أي: المتوكل عليه.

قال المبرد: قال رجل لهشام الفوطي: كم تعد من السنين؟ قال: من واحد إلى أكثر من ألف قال: لم أرد هذا كم لك من السن؟ قال: اثنان وثلاثون سنًا قال: كم لك من السنين؟ قال: ما هي لي كلها لله قال: فما سنك؟ قال: عظم قال: فابن كم أنت؟ قال: ابن أم وأب قال: فكم أتى عليك؟ قال: لو أتى علي شيء لقتلني قال: ويحك! فكيف أقول؟ قال: قل: كم مضى من عمرك.

قلت: هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم عبارات وشقاشق لا يعبأ الله بها يرحفون بها الكلم عن مواضعه قديمًا وحديثًا، فنعوذ بالله من الكلام وأهله.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "214".

ص: 532

ومنهم:

‌1715 - أبو موسى عيسى بن صبيح

(1)

:

الملقب: بالمرداز البصري من كبار المعتزلة أرباب التصانيف الغزيرة.

أخذ عن: بشر بن المعتمر وتزهد، وتعبد وتفرد بمسائل ممقوته، وزعم أن الرب يقدر على الظلم والكذب، ولكن لا يفعله وقال بكفر من قال: القرآن قديم، وبكفر من قال: أفعالنا مخلوقه، وقال برؤية الله وكفر من أنكرها حتى إن رجلًا قال له: فالجنة التي عرضها السماوات، والأرض لا يدخلها إلَّا أنت وثلاثة؟! فسكت.

ذكره: قاضي حماة شهاب الدين إبراهيم في كتاب الفرق، وأنه مات سنة ست وعشرين ومائتين.

ومنهم:

‌1716 - الوليد بن أبان

(2)

:

الكرابيسي المتكلم أحد الأئمة.

قال المحدث أحمد بن سنان القطان: كان خالي فلما حضرته الوفاة قال لبنيه: هل تعلمون أحدًا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا قال: فتتهموني؟ قالوا: لا قال: فإني أوصيكم بما عليه أصحاب الحديث فإني رأيت الحق معهم لست أعني الرؤساء منهم ولكن هؤلاء الممزقين.

ومنهم:

‌1717 - جعفر بن مبشر

(3)

:

الثقفي المتكلم أبو محمد البغدادي الفقيه البليغ.

كان مع بدعته يوصف بزهد وتأله وعفة، وله تصانيف جمة وتبحر في العلوم.

صنف: كتاب الأشربة وكتابًا في السنن، وكتاب الاجتهاد وكتاب تنزيه الأنبياء" وكتاب "الحجة على أهل البدع" وكتاب "الإجماع ما هو" وكتاب الرد على المشبهة، والجهمية والرافضة، والرد على أرباب القياس، وكتاب الآثار الكبير وأشياء مفيدة.

ذكره محمد بن إسحاق النديم، وأنه توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين.

وله أخ متكلم معتزلي يقال له: حبيش بن مبشر دون جعفر في العلم.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "206".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 441"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 210".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 162"، ولسان الميزان "2/ 121".

ص: 533

ومنهم العلامة:

‌1718 - أبو الفضل جعفر بن حرب

(1)

:

الهمذاني المعتزلي العابد كان من نساك القوم وله تصانيف.

يقال: إنه حضر عند الواثق للمناظرة ثم حضرت الصلاة فتقدم الواثق فصلى بهم، وتنحى جعفر فنزع خفه، وصلى وحده وكان قريبًا من يحيى بن كامل فجعلت دموع ابن كامل تسيل خوفًا على جعفر من القتل، فكاشر عنها الواثق فلما خرجوا قال له ابن أبي دواد: إن هذا السبع لا يحتملك على ما صنعت فإن عزمت عليه فلا تحضر المجلس قال: لا أريد الحضور فلما كان المجلس الآتي تأملهم الواثق قال: أين الشيخ الصالح؟ قال ابن أبي دواد: إن به السل، ويحتاج أن يضطجع قال: فذاك.

قال محمد النديم: وتوفي سنة ست وثلاثين ومائتين عن نحو ستين سنة.

وله: كتاب متشابه القرآن وكتاب الاستقصاء، وكتاب الرد على أصحاب الطبائع، وكتاب الأصول.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "7/ 231"، وتاريخ بغداد "7/ 162"، ولسان الميزان "2/ 113".

ص: 534

وله من التلامذة:

‌1719 - الإسكافي

(1)

:

وهو: العلامة أبو جعفر محمد بن عبد الله السمرقندي ثم الإسكافي المتكلم.

وكان أعجوبة في الذكاء، وسعة المعرفة مع الدين والتصون والنزاهة.

وكان في صباه خياطًا، وكان يحب الفضيلة فيأمره أبواه بلزوم المعيشة فضمه جعفر بن حرب إليه، وكان يبعث إلى أمه في الشهر بعشرين درهمًا بدلًا من كسبه.

فبرع في الكلام وبقي المعتصم معجبًا به كثيرًا فأدناه وأجزل عطاءه، وكان إذا ناظر أصغى إليه وسكت الحاضرون ثم ينظر المعتصم إليهم، ويقول: من يذهب عن هذا الكلام والبيان؟! ويقول: يا محمد! اعرض هذا المذهب على الموالي فمن أبى فعرفني خبره لأنكل به.

ذكر له النديم مصنفات عدة منها: نقض كتاب حسين النجار وكتاب الرد على من أنكر خلق القرآن، وكتاب تفضيل علي. وكان يتشيع.

مات سنة أربعين ومائتين.

فلما بلغ محمد بن عيسى برغوث موته سجد فمات بعده بأشهر.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "213"، والأنساب للسمعاني "1/ 245".

ص: 535

ومنهم العلامة:

‌1720 - أبو سهل عباد بن سلمان

(1)

:

البصري المعتزلي من أصحاب هشام الفوطي.

يخالف المعتزلة في أشياء اخترعها لنفسه.

وكان أبوعلي الجبائي يصفه بالحذق في الكلام ويقول: لولا جنونه.

وله كتاب إنكار أن يخلق الناس أفعالهم وكتاب تثبيت دلالة الأعراض وكتاب إثبات الجزء الذي لا يتجزأ.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "215".

ص: 535

ومنهم العلامة:

‌1721 - أبو موسى عيسى بن الهيثم

(1)

:

الصوفي من كبار المعتزلة يخالفهم في أشياء.

وعنه أخذ ابن الراوندي الملحد

(2)

وله تواليف.

توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "216".

(2)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "216"، والعبر "2/ 116"، ولسان الميزان "1/ 323"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 235".

ص: 535

ومنهم العلامة:

‌1722 - أبو يعقوب يوسف بن عبيد الله

(1)

:

الشحام البصري صاحب أبي الهذيل العلاف.

مؤلف: كتاب الاستطاعة على المجبرة، وكتاب الإرادة، وكتاب كان ويكون، وكتاب دلالة الأعراض وغير ذلك.

وعنه أخذ أبو علي الجبائي.

وكان مشرف ديوان الخراج في دولة المواثق.

(1)

ترجمته في طبقات المعتزلة "71 - 72".

ص: 536

ومنهم:

‌1723 - أبو مخالد أحمد بن الحسين

(1)

:

الضرير الفقيه المتكلم المعتزلي أحد الأذكياء.

صنف في خلق القرآن وكان ذا زهد وورع ويسمى: الداعية.

أرخ وفاته ابن كامل في سنة ثمان وستين ومائتين.

وكان الناس يغشون مجلسه.

أخذ عن جعفر بن مبشر، وله مناظرة مع دواد الظاهري بحضرة الموفق في خبر الواحد، ولما ناظر داود قطعه فقال داود: أصلح الله الأمير قد أهلك أبو مخالد الناس فقال الموفق: قد قطعك بنفس قولك هذا؛ لأن الله عندك هو الذي أهلك الناس فكيف يهلكهم أبو مخالد؟! فأفحم داود.

(1)

ترجمته في طبقات المعتزلة "85".

ص: 536

ومن قدمائهم: الأستاذ أبو جعفر:

‌1724 - محمد بن النعمان

(1)

:

الأحول عراقي شيعي جلد يلقبه الشيعة: بمؤمن الطاق.

يعد من أصحاب جعفر بن محمد.

صنف: كتاب الإمامة، وكتاب الرد على المعتزلة، وكتاب طلحة وعائشة، وكتاب المعرفة وكتاب في أيام هارون الرشيد.

ومنهم: النجار الأستاذ: أبو عبد الله:

‌1725 - الحسين بن محمد

(2)

:

ابن عبد الله النجار أحد كبار المتكلمين.

وقيل: كان يعمل الموازين.

وله مناظرة مع النظام فأغضب النظام فرفسه فيقال: مات منها بعد تعلل.

ذكر النديم أسماء تصانيف النجار منها إثبات الرسل، وكتاب القضاء والقدر، وكتاب اللطف والتأييد وكتاب الإرادة الموجبة وأشياء كثيرة.

ومنهم:

‌1726 - برغوث

(3)

:

وهو رأس البدعة أبو عبد الله محمد بن عيسى الجهمي.

أحد من كان يناظر الإمام أحمد وقت المحنة.

صنف كتاب الاستطاعة، وكتاب المقالات وكتاب الاجتهاد، وكتاب الرد على جعفر بن حرب، وكتاب المضاهاة.

قيل: توفي سنة أربعين ومائتين وقيل: سنة إحدى وأربعين.

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "224".

(2)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "229".

(3)

لم أجد من ترجم له.

ص: 537

ومنهم:

‌1727 - أبو عبد الرحمن الشافعي

(1)

:

المتكلم من كبار الأذكياء، ومن أعيان تلامذة أبي عبد الله الشافعي الإمام.

اسمه أحمد بن بحيى بن عبد العزيز نسب إلى شيخه.

قال الحافظ أبو بكر: كان يقول: من فاتته صلاة عن وقتها عمدًا فإنه لا يمكنه أن يقضيها أصلًا؛ لأن وقتها شرط وقد عدم كمن فاته الوقوف بعرفة لا يمكنه أن يقضيه.

قلت: جمهور الأمة على أنه لا بد من قضائها، وأن قضاءها لا ينفي عنه الإثم إلَّا بتوبة منه.

أخذ عن أبي عبد الرحمن الشافعي الفقيه: داود الظاهري وغيره.

وكان حيًا في حدود الثلاثين ومائتين.

ومن رؤوس المعتزلة البغداديين: العلامة أبو موسى الفراء مات سنة ست، وعشرين ومائتين أرخه المسعودي.

ومنهم: ابن كيسان الأصم قديم تخرج به إبراهيم بن علية في الكلام.

ومنهم: جعفر بن حرب وجعفر بن مبشر، وأبو غفار وحسين النجار والرقاش، وأبو سعيد بن كلاب وقاسم بن الخليل الدمشقي صاحب التفسير، وثمامة بن أشرس النميري، وأشباههم ممن كان ذكاؤهم وبالًا عليهم ثم بينهم من الاختلاف والخباط أمر لا يخفى على أهل التقوى فلا عقولهم اجتمعت ولا اعتنوا بالاثار النبوية كما اعتنى أئمة الهدى {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} [الأنعام: 81].

(1)

ترجمته في الفهرست لابن النديم "267"، وتاريخ الخطيب "5/ 200".

ص: 538

‌1728 - إبراهيم بن مهدي

(1)

:

المصيصي بغدادي صاحب حديث مرابط.

روى عن: حماد بن زيد وحماد الأبح وأبي المليح الرقي وإبراهيم بن سعد وعدة.

وعنه: أبو داود وأحمد بن حنبل، وابن أبي الدنيا ويعقوب بن شيبة، وعباس الدوري وعبد الكريم الديرعاقولي وآخرون.

وثقة أبو حاتم.

قال ابن قانع: مات سنة خمس وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1044"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 447"، وتاريخ بغداد "6/ 178"، وميزان الاعتدال "1/ 68"، والكاشف "1/ ترجمة 209"، وتهذيب التهذيب "1/ 169".

ص: 539

‌1729 - إبراهيم بن المهدي

(1)

:

الأمير الكبير أبوإسحاق الملقب: بالمبارك إبراهيم بن أمير المؤمنين محمد بن أبي جعفر الهاشمي العباسي الأسود.

ويعرف: بالتنين للونه وضخامته.

كان فصيحًا بليغًا عالمًا أديبًا شاعرًا رأسًا في فن الموسيقى.

ويقال له: ابن شكلة وهي أمه.

حدث عن: المبارك بن فضالة وحماد الأبح.

روى عنه: ولده هبة الله وحميد بن فروة، وأحمد بن الهيثم وغيرهم.

قال علي بن المغيرة الأثرم: حدثنا إبراهيم: أنه ولي إمرة دمشق أعوامًا لم يقطع فيها على أحد طريق، وحدثت أن الآفة في قطع الطريق من دعامة، ونعمان، ويحيى بن أرميا اليهودي البلقاوي، وأنهم لم يضعوا يدهم في يد عامل فكاتبتهم فتاب دعامة وحلف النعمان بالأيمان أنه لا يؤذي مهما وليت. وطلب ابن أرميا أمانًا ليأتي، ويناظر فأجبته فقدم شاب أشعر أمعر في أقبية ديباج، ومنطقة وسيف محلى فدخل على الخضراء فسلم دون البساط فقلت: اصعد قال: إن للبساط ذمامًا أخاف أن يلزمني جلوسي عليه وما أدري ما تسومني قلت: أسلم، وأطع قال: أما الطاعة فأرجو ولا سبيل إلى الإسلام فما عندك إن لم أسلم؟ قلت: لا بد من جزية. قال: أعفني قلت: كلا. قال: فأنا منصرف على أماني فأذنت له وأمرتهم أن يسقوا فرسه فلما رأى ذلك دعا بدابة غلامه وترك فرسه وقال: لن آخذ شيئًا ارتفق منكم فأحاربكم عليه. فاستحييت، وطلبته فلما دخل قلت:

(1)

ترجمته في مروج الذهب "7/ 96"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "10/ 95"، وتاريخ بغداد "6/ 142"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 518"، والأنساب للسمعاني "3/ 97"، واللباب لابن الأثير "1/ 226"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 9"، والعبر "1/ 389"، ولسان الميزان "1/ 98"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 240"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 53".

ص: 539

الحمد لله ظفرت بك بلا عهد قال: وكيف؟ قلت: لأنك انصرفت من عندي، وقد عدت.

قال: شرطك أن تصرفني إلى مأمني فإن كان دارك مأمني فلست بخائف، وإن كان مأمني أرضي فردني فجهدت به أن يؤدي جزية على أن أهبه في السنة ألفي دينار فأبى، وذهب فأسعر الدنيا شرًا، وحمل مال من مصر فتعرض له فكتب النعمان إلي فأمرته بمحاربته.

فسار النعمان، ووافاه اليهودي في جماعته فسأله النعمان الانصراف فأبى، وقال: بارزني وإن شئت برزت وحدي إليك وإلى جندك فقال النعمان: يا يحيى، ويحك! أنت حدث قد بليت بالعجب ولو كنت من أنفس قريش لما أمكنك معارة السلطان وهذا الأمير هو أخو الخليفة، وأنا وإن افترقنا في الدين أحب أن لا يقتل على يدي فارس فإن كنت تحب السلامة فابرز إلي ولا يبتلى بنا غيرنا فبرز له العصر، فما زالا في مبارزة إلى الليل فوقف كل منهما على فرسه متكئًا على رمحه فنعس النعمان فطعنه اليهودي فيقع سنان رمحه في المنطقة فدارت وصار السنان يدور معها فاعتنقه النعمان، وقال: أغدرًا يا ابن اليهودية؟! فقال: أومحارب ينام يا ابن الأمة؟! فاتكأ عليه النعمان فسقط فوقه وكان النعمان ضخمًا فصار فوقه فذبح اليهودي وبعث إلي برأسه فاطمأنت البلاد، ثم ولي بعدي عمي سليمان فانتهبه أهل دمشق وسبوا حرمه.

قال الخطيب: بويع إبراهيم بالخلافة زمن المأمون فحارب الحسن ابن سهل فهزمه إبراهيم، ثم أقبل لحربه حميد الطوسي فهزم جمع إبراهيم واختفى إبراهيم زمانًا إلى أن ظفر به المأمون فعفا عنه.

وفيه يقول دعبل:

نفر ابن شكلة بالعراق وأهلها

وهفا إليه كل أطلس مائق

إن كان إبراهيم مضطلعًا بها

فلتصلحن من بعده لمخارق

وكان مخارق مغني وقته.

قال ابن ماكولا: ولد إبراهيم سنة 162.

قلت: فعلى هذا لم يدرك مبارك بن فضالة.

قال الخطبي: بايعوه ببغداد ولقب: بالمبارك وقيل: المرضي في أول سنة اثنتين، ومائتين فغلب على الكوفة، وبغداد والسواد فلما أشرف المأمون على العراق ضعف إبراهيم قال: وركب إبراهيم بأبهة الخلافة إلى المصلى يوم النحر فصلى بالناس، وهو ينظر

ص: 540

إلى عسكر المأمون، وأطعم الناس بالقصر ثم استتر قال: وظفر المأمون به سنة عشر ومائتين فعفا عنه، وبقي عزيزًا.

قال أبو محلم: قال إبراهيم بن المهدي حين أدخل على المأمون: ذنبي أعظم من عذر وعفوك أعظم من أن يتعاظمه ذنب.

وقيل: إنه لما اعتذر وكان ذلك بعد توثبه بثماني سنين عفا عنه وقال: ههنا يا عم! ههنا يا عم!.

وقد أخرج ابن عساكر في ترجمته حديثا لأحمد بن الهيثم: حدثنا إبراهيم بن المهدي حدثنا حماد الأبح. والظاهر أن هذا المصيصي.

قال إبراهيم الحربي: نودي في سنة ثمان ومائتين أن أمير المؤمنين قد عفا عن عمه إبراهيم، وكان إبراهيم حسن الوجه حسن الغناء حسن المجلس رأيته على حمار، فقبل القواريري فخذه.

وعن منصور بن المهدي قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح طرب من يسمعه فإذا غنى أصغت الوحوش حتى تضع رؤوسها في حجره فإذا سكت هربت، وكان إذا غنى لم يبق أحد إلَّا ذهل.

وقال ابن الفضل بن الربيع: ما اجتمع أخ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهدي وأخته علية.

قال ثمامة بن أشرس: قال لي المأمون: قد عزمت على تقريع عمي فحضرت فجيء بإبراهيم مغلولًا قد تهدل شعره على عيينه فسلم فقال المأمون: لا سلم الله عليك أكفرًا بالنعمة وخروجًا علي؟ فقال: يا أمير المؤمنين: إن القدرة تذهب الحفيظة ومن مد له في الاغترار هجمت به الأناة على التلف، وقد رفعك الله فوق كل ذنب كما وضع كل ذي ذنب دونك فإن تعاقب فبحقك وإن تعف فبفضلك قال: إن هذين يعني: ابنه العباس والمعتصم يشيران بقتلك قال: أشارا عليك بما يشار به على مثلك في مثلي والملك عقيم، ولكن تأبى لك أن تستجلب نصرًا إلَّا من حيث عودك الله وأنا عمك والعم صنو الأب وبكى، فتغرغرت عينا المأمون وقال: خلوا عن عمي ثم أحضره ونادمه وما زال به حتى ضرب له بالعود.

وقيل: إن أحمد بن خالد الوزير قال: يا أمير المؤمنين إن قتلته فلك نظراء وإن عفوت لم يكن لك نظير.

توفي إبراهيم في رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين.

ص: 541

‌1730 - الجرمي

(1)

:

إمام العربية أبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي البصري النحوي صاحب التصانيف.

وكان صادقًا ورعًا خيرًا.

وقد أخذ العربية عن: سعيد الأخفش، واللغة عن: يونس بن حبيب وأبي عبيدة.

وحدث عن: يزيد بن زريع وعبد الوارث بن سعيد.

روى عنه: أحمد بن ملاعب، وأبو خليفة الجمحي وجماعة.

وحصل له بالأدب دنيا واسعة وحشمة.

قال أبو نعيم الحافظ: قدم أصبهان مع فيض بن محمد الثقفي فأعطاه يوم مقدمه عشرة آلاف درهم، وكان يصله كل شهر بألف.

قال المبرد: كان الجرمي أثبت القوم في كتاب سيبويه، وعليه قرأت الجماعة، وكان عالمًا باللغة حافظًا لها، وكان جليلًا في الحديث والأخبار، وكان أغوص على الاستخراج من المازني وإليهما انتهى علم النحو في زمانهما.

قلت: قدم الجرمي بغداد، وناظر الفراء ومقدمته في النحو مشهورة تعرف بالمختصر، وله: كتاب الأبنية، وكتاب العروض وكتاب غريب سيبويه وغير ذلك.

توفي سنة خمس وعشرين ومائتين رحمه الله.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1723"، وأخبار أصبهان "1/ 346"، وتاريخ بغداد "9/ 313"، والأنساب للسمعاني "3/ 234"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 5"، واللباب لابن الأثير "1/ 274"، ووفيات الأعيان "2/ 485"، والعبر "1/ 394"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 243"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 8"، وشذات الذهب لابن العمد الحنبلي "2/ 57".

ص: 542

‌1731 - أبو دلف

(1)

:

صاحب الكرج، وأميرها القاسم بن عيسى العجلي.

حدث عن: هشيم وغيره.

وعنه: محمد بن المغيرة الأصبهاني.

وكان فارسًا شجاعًا مهيبًا سائسًا شديد الوطأة، جوادًا ممدحًا مبذرًا شاعرًا مجودًا له أخبار في حرب بابك، وولي إمرة دمشق للمعتصم، وقد دخل وهو أمرد على الرشيد فسلم فقال: لا سلم الله عليك أفسدت الجبل علينا يا غلام قال: فأنا أصلحه أفسدته يا أمير المؤمنين، وأنت علي أفأعجز عن صلاحه، وأنت معي؟! فأعجبه، وولاه الجبل فلما خرج قال: أرى غلامًا يرمي من وراء همة بعيدة.

ومن جيد نظمه:

أيها الراقد المؤرق عيني

نم هنيئا لك الرقاد اللذيذ

علم الله أن قلبي مما

قد جنت مقلتاك فيه وقيذ

وقيل: إنه فرق في يوم أموالًا عظيمة، وأنشد لنفسه:

كفاني من مالي دلاص وسابح

وأبيض من صافي الحديد ومغفر

وله أخبار في الكرم والفروسية.

وكان موته: ببغداد في سنة خمس، وعشرين ومائتين وفي ذريته أمراء وعلماء.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "4/ 5"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "8/ 248"، وأخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 160"، وتاريخ بغداد "12/ 416"، والأنساب للسمعاني "8/ 401"، ومعجم البلدان لياقوت الحموي "4/ 446"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 538"، والعبر "1/ 394"، وتهذيب التهذيب "8/ 327"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 243"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 57".

ص: 543

‌1732 - العيشي

(1)

: " د، ت، س"

الإمام العلامة الثقة أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر القرشي، التيمي البصري الأخباري الصادق، ويعرف: بابن عائشة وبالعيشي؛ لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله.

ولد بعد الأربعين ومائة.

وسمع: حماد بن سلمة، وجويرية بن أسماء ومهدي بن ميمون، وأبا هلال الراسبي، ووهيب بن خالد وأبا عوانة وعبد الواحد بن زياد، وعبد العزيز بن مسلم وهشام بن زياد وابن المبارك.

حدث عنه: أبو داود، وبواسطة الترمذي والنسائي وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة وابن أبي الدنيا، وعثمان بن خرزاذ وإبراهيم الحربي، وأبو عبد الله البوشنجي وأبو القاسم البغوي وخلق كثير.

قال أبو حاتم وغيره: صدوق في الحديث، وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث.

وقال أبو داود: كان طلابًا للحديث عالمًا بالعربية، وأيام الناس لولا ما أفسد نفسه وهو صدوق.

وقال زكريا الساجي: قرف بالقدر، وكان بريئًا منه وكان من سادات أهل البصرة غير مدافع كريمًا سخيًا.

قلت: سمعنا نسخة العيشي بالإجازة، ووقع لنا بالاتصال من عواليه.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا الفتح بن عبد الله أخبرنا هبة الله بن أبي شريك أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا عيسى بن علي حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الأعلى بن حماد، وعلي بن الجعد، وأبو نصر التمار، وكامل بن طلحة وعبيد الله العيشي قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي العشراء عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أما

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 301"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 1292"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1583"، وتاريخ بغداد "10/ 314"، والأنساب للسمعاني "9/ 106"، والكاشف "2/ ترجمة 3636"، وتهذيب التهذيب "7/ 45"، وتقريب التهذيب "1/ 538"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4591"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 64".

ص: 544

تكون الذكاء إلَّا من اللبة، والحلق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك"

(1)

.

أنبأنا المؤمل بن محمد أخبرنا الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب، أخبرنا عمر بن إبراهيم أخبرنا مقاتل بن محمد العكي: سمعت إبراهيم بن إسحاق المروزي المعروف: بالحربي يقول: ما رأيت مثل ابن عائشة فقيل له: رأيت أحمد، وابن معين و إسحاق تقول هذا! قال: نعم بلغ الرشيد سنا أخلاقه فأحضره فعدد محاسنه ويقول: هو بفضل الله، وفضل أمير المؤمنين. فلما أن صمت الرشيد قال: وما هو أحسن من هذا؟ قال: ما هو يا عم؟ قال: المعرفة بقدري والقصد في أمري قال: أحسنت.

أحمد بن كامل: حدثنا أسد بن الحسن قال: سأل رجل في المسجد فأعطاه العيشي مطرفًا وقال: ثمنه أربعون دينارًا فلا تخدع عنه فباعه فعرف أنه مطرف العيشي فاشتراه ابن عم له ورده إليه.

قال يعقوب بن شيبة: أنفق العيشي على إخوانه أربع مائة ألف دينار في الله حتى التجأ إلى بيع سقف بيته.

قال إبراهيم نفطويه: قيل: إن العيشي كان يمسك بيمينه شاة، وبيساره شاة إلى أن تسلخا ثم قال نفطويه: وكان من سراة الناس جودًا وحفظًا ومحادثة.

قال البغوي: مات في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 434"، وأبو داود "2825" والترمذي "1481"، وابن ماجه "3184"، والنسائي "7/ 228"، وابن الجارود "901"، والبيهقي "9/ 246"، وأبو نعيم في "الحلية""6/ 257، 341" من طريق حماد بن سلمة، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو العشراء الدارمي، قال البخاري: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر.

وقال الذهبي في ترجمته في "الميزان": ولا يدرى من هو ولا من أبوه. ثم أورد له في ترجمته هذا الحديث.

ص: 545

‌1733 - النضر بن عبد الجبار

(1)

: " د، س، ق"

ابن نضير الإمام القدوة العابد الحافظ أبو الأسود المرادي مولاهم البصري الكاتب الشروطي، كاتب الحكم لقاضى مصر لهيعة بن عيسى بن لهيعة.

روى عن: ابن لهيعة تصانيفه، والليث بن سعد، ونافع بن يزيد وبكر بن مضر ومفضل بن فضالة وعدة.

حدث عنه: أبو عبيد، ويحيى بن معين وأحمد بن صالح، والربيع الجيزي وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن عوف، وأبو حاتم ويعقوب الفسوي والمقدام بن داود، ويحيى بن عثمان السهمي، وخلق سواهم.

وقال يحيى بن معين: شيخ صدق كان راوية ابن لهيعة.

وقال أبو حاتم: شيخ صدوق عابد شبهته بالقعنبي.

وقال النسائي: ليس به بأس.

قلت: له أخوان فاضلان روح وعبد الله.

وقال أبو سعيد بن يونس: توفي لخمس بقين من ذي الحجة سنة تسع عشرة ومائتين وصلى عليه هارون القاضي قال: وكان مولده في سنة خمس وأربعين ومائة.

خرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2297"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2197" والكاشف "3/ ترجمة 5939"، وتهذيب التهذيب "10/ 440"، وتقريب التهذيب "2/ 302"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7515"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 46".

ص: 546

‌1734 - اللاحقي

(1)

:

الإمام الثقة الحافظ علي بن عثمان بن عبد الحميد بن لاحق اللاحقي البصري من علماء الحديث بالبصرة.

حدث عن: حماد بن سلمة وداود بن أبي الفرات، وجويرية بن أسماء، وأبي عوانة وعبد الواحد بن زياد وطبقتهم.

حدث عنه: محمد بن يحيى الذهلي وأبو زرعة، وأبو حاتم وأحمد بن علي الأبار، وإبراهيم بن فهد الساجي، ومعاذ بن المثنى وخلق.

وحدث عنه من الكبار: عفان بن مسلم.

قال أبو حاتم: ثقة.

وأما ابن خراش فقال: فيه اختلاف.

قلت: يكنى: أبا الحسن مات بالبصرة في سنة ثمان وعشرين ومائتين.

ومات فيها: أبو نصر التمار وداود بن عمرو الضبي وحباب بن حبلة صاحب مالك، وأحمد بن عمران الأخنسي، ويحيى بن عبد الحميد الحماني، ومحمد بن جعفر الوركاني، ومسدد بن مسرهد.

ومات في رمضان فيها: بشار بن موسى الخفاف، وحاجب بن الوليد ببغداد، ونعيم بن الهيصم، وعبيد الله العيشي ومحمد بن أبي بلال الأشعري، ومحمد بن عمران بن أبي ليلى وإسحاق بن بشر الكاهلي، وسلم بن قادم وإبراهيم بن زياد سبلان، ومحمد بن حسان السمتي، وأحمد بن محمد بن أيوب ومحمد بن مصعب الدعاء العابد وأبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1079"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5889".

ص: 546

‌1735 - علي بن عَثَّام

(1)

: " م".

ابن علي الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام أبو الحسن الكلابي العامري الكوفي نزيل نيسابور.

سمع: حماد بن زيد، وشريكًا القاضي وعبد السلام بن حرب، وفضيل بن عياض، وداود الطائي وابن المبارك وسفيان بن عيينة وأباه عثام بن علي، ومالك بن أنس وغندرًا، وعبد الله بن إدريس وعددًا كثيرًا.

سمع منه: يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه.

وحدث عنه: الذهلي وأيوب بن الحسن، وأحمد بن سعيد الدارمي، وعلي بن سلمة اللبقي، وسلمة بن شبيب، وأبو حاتم الرازي، وأبو أحمد الفراء وخلق سواهم.

وحدث مسلم في صحيحه عن رجل عنه.

قال أبو حاتم: ثقة.

قال الحاكم في تاريخه: أديب فقيه حافظ زاهد واحد عصره لا يحدث إلَّا بالجهد، وأكثر ما أخذ عنه الحكايات والزهديات والتفسير، والجرح والتعديل.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1094"، والكشاف "2/ ترجمة 4004"، والعبر "1/ 403" وتهذيب التهذيب "7/ 363"، وتقريب التهذيب "2/ 41"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5019"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 65".

ص: 547

قال محمد بن عبد الوهاب الفراء: ما رأيت في العسرة مثل علي بن عثام، وكان يقول: الناس لا يؤتون من حلم يجيء الرجل فيسأل فإذا أخذ غلط، ويجئ الرجل فيصحف، ويجيء الرجل يأخذ ليماري ويجيء الرجل يأخذ ليباهي وليس علي أن أعلم هؤلاء إلَّا من يهتم لأمر دينه.

قال: وسمعت عليًا، وكان من أفصح الناس يقول: دفت إلينا دافة

(1)

من بني هلال فخرج صبي فقال: يا أبة! إن فلانا دفعني في حومة الماء قلت: يا بني ما حومة الماء؟ قال: بعثطه قلت: وما بعثطه؟ قال: مجمة الماء قلت: وما مجمة الماء؟ فقال: كلمة لم أحفظها.

وقد بعث ابن طاهر إلى علي بن عثام ليحضر مجلسه فأبى فأعفاه ثم خرج من نيسابور سنة " (225) "، فحج وذهب إلى طرسوس فأقام بها وبها توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين رحمه الله.

(1)

الدافة: الجماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد. قاله ابن منظور.

ص: 548

‌1736 - أبو نصر التمار

(1)

: " م، س"

عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن ذكوان بن يزيد ويقال: إن جده هو الحارث والد بشر بن الحارث الحافي الإمام الثقة الزاهد القدوة، القشيري مولاهم النسوي الدقيقي التمار نزيل بغداد.

مولده عام مقتل أبي مسلم الخراساني.

وارتحل في طلب العلم بعد الستين ومائة.

فأخذ عن: جرير بن حازم وسعيد بن عبد العزيز التنوخي وحماد بن سلمة، وأبي الأشهب العطاردي وأبان بن يزيد وعقبة بن عبد الله الرفاعي والقاسم بن الفضل الحداني، ومالك بن أنس وسلام بن مسكين وعامر بن يساف وعبد العزيز بن مسلم ومحمد بن طلحة بن مصرف، وأبي جزء نصر بن طريف وأبي هلال محمد بن سليم

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 340"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 1375"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1689"، وتاريخ بغداد "10/ 420"، والعبر "1/ 402"، والكاشف "2/ ترجمة 3509"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5225"، وتهذيب التهذيب "6/ 406"، وتقريب التهذيب "1/ 520"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4441".

ص: 548

وشريك وزهير بن معاوية ومسكين أبي فاطمة، وحماد بن زيد وبقية بن الوليد، وعبيد الله بن عمرو وعدة.

وعنه: مسلم، وأحمد بن منيع وأبو زرعة، وأبو حاتم وأبو بكر الصغاني، وأحمد بن زهير وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن علي القاضي، وهو المروزي وإسماعيل سمويه، وعثمان بن خرزاذ، وأبو القاسم البغوي وابن شبيب المعمري وخلق سواهم.

وثقة أبو داود والنسائي.

وقال أبو حاتم: ثقة يعد من الأبدال.

قال محمد بن سعد: أبو نصر من أبناء خراسان من أهل نسا ذكر أنه ولد بعد قتل أبي مسلم الداعية بستة أشهر قلت: قتل سنة سبع وثلاثين، ومائة قال: ونزل بغداد في ربض أبي العباس الطوسي في درب النسائية، وتجر بها في التمر، وغيره. وكان ثقة فاضلًا خيرًا، ورعًا توفي: ببغداد في أول المحرم سنة ثمان وعشرين ومائتين ودفن بباب حرب، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان بصره قد ذهب. وكذلك أرخه: البغوي وغيره.

قال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصرالتمار، ولا ابن معين ولا ممن امتحن فأجاب.

وقال أبو الحسن الميموني: صح عندي أنه يعني: أحمد لم يحضر أبا نصر التمار حين مات فحسبت أن ذلك لما كان أجاب في المحنة.

قلت: أجاب تقية وخوفًا من النكال وهو ثقة بحاله ولله الحمد.

قال محمد بن محمد بن أبي الورد: قال لي مؤذن بشر بن الحارث: رأيت بشرًا رحمه الله في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي قلت: فما فعل بأحمد بن حنبل؟ قال: غفر له فقلت: ما فعل بأبي نصر التمار؟ قال: هيهات ذاك في عليين فقلت: بماذا نال ما لم تنالاه؟ فقال: بفقره وصبره على بنياته.

ولم يرو مسلم عن أبي نصر سوى حديث واحد وقع لنا موافقة أخبرناه العماد بن بدران، ويوسف بن غالية قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن البناء أخبرنا أبو القاسم بن البسري أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 549

قرأ هذه الآية: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين} [المطففين: 6] قال: "يقومون حتى يبلغ الرشح أطراف آذانهم"

(1)

.

وبه: حدثنا أبو نصر التمار حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك"

(2)

.

وقد ألف البغوي جزأين مما عنده عن أبي نصر التمار.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862".

(2)

صحيح: أخرجه البزار "913"، والطبراني في "الكبير""12257" من طريق عبد العزبز بن مسلم، به.

وقوله: "بشوص السواك": أي بغسالته.

وقيل: بما يتفتت منه عند التسوك.

ص: 550

‌1737 - أبو المغيث الرافقي

(1)

:

موسى بن سابق أو عيسى بن سابق نائب دمشق للمعتصم والواثق. خرجت عليه قيس بكونه صلب منهم خمسة عشر فثاروا وأخذوا خيل السلطان، وعسكروا بالمرج فالتقى الجمعان وقتل خلق من الجند وأسر أمير ثم استفحل أمرهم، ونازلوا دمشق وبها أبو المغيث واشتد الحصار، ومات المعتصم والأمر على ذلك.

تم الجزء الثامن ويليه:

الجزء التاسع، وأوله: الوكيعي:

(1)

ترجمته في الكامل في التاريخ لابن الأثير "6/ 528 - 529".

ص: 550