الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من روح الإسلام وأهله والتي ظل يمدها عن طريق إذاعاته الموجهة. إن الإذاعات الموجهة سلاح ماض استغلته اليوم جميع الدول التي تسعى إلى تحقيق مناطق نفوذ، ((فهتلر)) مثلا منذ توليه السلطة عام 1933 أنشأ شبكة ضخمة للإرسال الإذاعي الموجه إلى أوربا وإمريكا وإفريقيا وأستراليا بهدف التأثير على هذه البلاد ثم اهتمت إيطاليا كذلك بالإذاعات الموجهة، ونافستها في ذلك بريطانيا التي أخذت تعنى عناية فائقة بهذا الضرب من الإذاعات ثم أسهمت الولايات المتحدة الإمريكية والإتحاد السوفيتي بنصيب وافر في هذا المضمار.
والتزمت هذه الإذاعات بالواقع الإعلامي المقنع إذ تختار الأخبار والأفكار شبه الموضوعية مع حذف ما يريدون حذفه في دهاء وصياغة إعلامية لا يدركها المستمع بيسر وربما خلع عليها صفة الحياة.
فكانت جميع البرامج والأخبار تحررها مراكز التوجيه مع مراعاة الطابع الموجه لكل بلد من البلدان، والمهم عندها هو اجتناب الكذب الذي يسهل اكتشافه.
صراع وصراع:
إن كثيرا من الإذاعات الموجهة تستهدف عزل الإسلام كقوة اجتماعية وكقوة سياسية لها أثرها في محيط السياسة العالمية وكقوة فكرية لها أثرها البالغ في صلة الإنسان بأخيه الإنسان.
وحصر الإسلام في نطاق ضيق يتقوقع على نفسه فيه حتى يبقى نصوصا تتلى وحديثا يقرأ. لا روح في ذلك ولا عمل يدفع إلى التقدم والعلم.
ومن الأمر الذي يجب أن يوضح بين أعين الإذاعات الإسلامية أن صليبية الغرب الثقافية وشيوعية الكتلة الشرقية على اختلاف المفاهيم بينهما يلتقيان ويتعاونان معا من أجل إضعاف العقائد الإسلامية وعزلها عن الحياة.. تلك الحرب التي تستهدف أول ما تستهدف حجب الرؤية عن المثقفين من أبناء المسلمين وجعلهم في موضع الحيرة والضياع فلا يرون ما بين أيديهم من نور وهداية وإنما يتلفتون شرقا وغربا بحثا عما يتخيلون أنه طريق التقدم والتطور.
أُصيب المجتمع الإسلامي بالتخلف ولجأت بعض الإذاعات الموجهة إلى بث برامجها إلى المستمع في بلادنا يزينون له الباطل والمبادئ الهدامة على أنه هو الحق.
وهذه الإذاعات الموجهة بعقليتها وتفكيرها تقلل من أهمية ما تملكه من عناصر وقوى حضارية يمكن إن أحسنت
إذاعتنا استغلالها أن يقوم عليها بناؤها الفكري وأن يشكل منها قاعدة ومنطلقا لحضارة الإنسان وتقدم البشرية.
فالإذاعات الموجهة تهدف إلى أن تذوب حضارة الإسلام وعراقته.
ولذا ينبغي أن نكون على حذر من ذلك وأن نكون أمام هذه التيارات المختلفة في عالمنا الآن على مستوى المسئولية نهدي أمتنا ونحترم أهدافنا.
فإن الضباب الغريب عبر الأثير حجب رؤيتنا وشغلنا عن مصادر الثقافة الإسلامية الصحيحة وبعد بنا عن رؤية ما في الإسلام من نور وهداية ولا شك أن ما يمتلكه غيرنا من ضوضاء تزدحم بها أجواؤنا هو الذي ساعد على انتشار هذا الضباب الذي حجب رؤيانا وجعلنا لا نرى ما في الإسلام من ميادين الريادة والقيادة.
وليس معنى ذلك أن تغلق الإذاعات الإسلامية أبوابها وتعيش في عزلة عن هذا العالم.
ولكن كل ما نأمله ألا تلجأ إلى تقليد الغير دون وعي أو أن تنقل عنه دون تبصر. وينبغي أن يكون اتصالها بغيرها مبعثه إيمانها بذاتها وإصرارها على الاحتفاظ بشخصيتها. كما لا يعني هذا أننا نقف في طريق التقدم من أي مكان يأتي. ولكننا نحذر أن نستورد الأفكار والقيم بنفس الطريقة التي تستورد بها السلع الغذائية والأدوات المنزلية.
ومن الواضح أن الشعوب الإسلامية في العصر الحاضر قد أغرقت بطوفان من الأيدلوجيات المختلفة بهدف تغيير عقائدها أو التأثير على قيمها وظهر التنافس حول ذلك واضحا. ولكن واحدة من هذه الأيدلوجيات لم تنجح في استقطاب الشعب المسلم أو الاستيثار بميوله.
ولقد كان يخيل في بعض الأحيان أنه تحت ظل السلطان السياسي أو العسكري نجحت أيدلوجية معينة في السيطرة على الشعب وميوله. ولكن حكم الأيام ومجريات الأحداث أكدت أن أيا من هذه الأيدلوجيات لم تلامس أفئدة الشعب المسلم ولا مشاعره الحقيقية. ولكن ليس معنى هذا أن تترك المجال لسلاح الكلمة المذاعة فللكلمة المذاعة خطورتها وما تحويه من عناصر الإفضاء كما عبر عن ذلك - إرك برنيو (Erik Barnow) فالكبير يفضي إلى الصغير والصغير يفضي بما سمع لأترابه.
وتسعى كثير من الدول عن طريق إذاعاتها إلى إعادة النظر ومعتقدات الإنسان ومدى تأثير البث الإذاعي فيه