المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استمتاع الجن بالإنس وحقيقة وقوع الزواج بين الجن والإنس - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار - جـ ٥٨

[محمد حسن عبد الغفار]

فهرس الكتاب

- ‌شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -حقيقة الجن وعلاقتهم بالإنس

- ‌حقيقة الجن وعلاقتهم بالإنس

- ‌أصل خلقة الجن وأصنافهم

- ‌الجن مكلفون

- ‌استمتاع الجن بالإنس وحقيقة وقوع الزواج بين الجن والإنس

- ‌إثبات دخول الجني في الإنسي وإلحاق الضرر به

- ‌إثبات أن الجن يأكلون ويشربون ويبولون

- ‌الأسئلة

- ‌الاستدلال بآية الربا على دخول الجني في الإنسي

- ‌تمثل إبليس للنبي في صلاته حقيقي وليس من قبيل التخيل

- ‌قدرة الجني على التمثل في صورة الإنسان

- ‌دخول بعض الجن في الإنس بسبب أذية الإنسي لهم

- ‌فك السحر بالسحر ليس علاجاً حقيقياً

- ‌كيف يفعل من أراد صب ماء حار في الحمام ليتجنب أذية الجن

- ‌ذكر الآيات التي تقرأ على المصروع

- ‌لا يشترط في الراقي القدرة على محاورة الجن

- ‌أسباب دخول الجني في الإنسي

- ‌إمكانية تلبس الجني بمن يحافظ على الأذكار ويواظب على العبادات

- ‌الرجل الراقي يمكن أن يتلبس به الشيطان كغيره من الناس

- ‌كلام شيخ الإسلام والإمام مالك في إثبات الزواج بين الجن والإنس

- ‌إمكانية تمثل الجني للإنسي بصورة إنسان والتكلم معه

- ‌الشروط الواجب توافرها للانتفاع بالرقية الشرعية

- ‌الجن أصناف

الفصل: ‌استمتاع الجن بالإنس وحقيقة وقوع الزواج بين الجن والإنس

‌استمتاع الجن بالإنس وحقيقة وقوع الزواج بين الجن والإنس

وهناك مسألة مهمة تتعلق بالجن ألا وهي: هل الجن يستمتعون ويتزوجون من الإنس؟ وهذه القضية زل فيها كثير من الذين لا تستطيع عقولهم قبول مثل هذه الحقائق، فأسأل الله أن يقروا بالشرع أو يبتليهم الله بالصرع، وأن يدخل فيهم مائة جني حتى يقروا بهذا الشرع القويم؛ لأنهم يردون أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويتنطعون ويقولون: هذا ليس بصحيح.

أقول: الجني يمكن أن يتزوج من الإنس وقد سئل الإمام مالك: هل يتزوج الجني بالإنسية؟ قال: أكره هذا.

فلما سألوه عن العلة، قال: تأتي المرأة بحملها وتقول: هذا من زوجي الجني، فتدخل الشبهة على الناس.

فالإمام مالك يقرر أنه يمكن أن يحصل زواج، وأن يكون فيه ولي وشهود، فهذا إقرار منه، فأقول: حتى وإن كان بعض أهل السنة يقولون بهذا، لكن نحن نقول: أنه لا تزاوج الآن، ولا نستطيع أن نقول بالتزاوج، لكن نقول بلازم التزاوج، وهو الاستمتاع، فللجني أن يستمتع بالإنسي، والإنسي يستمتع بالجني، وأنا لمست هذا واقعاً وعندي في ذلك الأثر والنظر، أما الأثر فقد قال الله تعالى:{وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} [الأنعام:128]، وهذا وجه الشاهد، {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} [الأنعام:128]، أما وجه الدلالة فتمتع الجني بالإنسي بأن يخبره بالكلمة التي يسترقها ويكذب عليه مائة كذبة، فهذا المقصود باستمتع بعضنا ببعض.

والمتعة جاءت في السياق بصيغة النكرة ليست معرفة، والنكرة تفيد العموم، فقوله:((رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ))، هذا الفعل يدل على عموم الاستمتاع: استمتاع بالإخبار استمتاع بالمتعة الجنسية المعروفة استمتاع بما يصنع له من الكرامات والمعجزات، فهذه على العموم:((رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ)).

فهذا دليل على أن الاستمتاع موجود بين الجن والإنس، وخذ ما هو أقوى وأرقى في الدلالة: أن الجني يفعل ما يفعله الإنسي، قال الله تعالى:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:56](لم يطمثهن) يعني: يمكن للجني أن يفعل ما يفعله الإنسي، فسيتمتع كما يستمتع الإنسي، ويجامع كما يجامع الإنسي، وهذا واقع، فقد ألزمت مرة أن أقرأ على رجل -بحكم وجودي في ذلك المكان- وكان لا يريد أن يقرأ عليه أحد، وكان هذا الرجل تأتيه جنية في أحسن صورة، ويستمتع بها كيفما شاء، لدرجة أنه هجر امرأته، فصار لا يأتيها بحال من الأحوال، فهو يستمتع بالجنية، وتأتيه في كل صورة يتخيلها.

وهذا يحرم، ومثل هذا لا يرجم في ذلك ولو كان محصناً، ومع ذلك فإن لازم النكاح -وهو الاستمتاع- موجود.

أما مسألة النكاح بين الجني والإنسي فهذا صعب، وما جاء في تفسير ابن كثير في مسألة بلقيس لما كشفت عن ساقيها بسبب الأرض الممردة بالقوارير، قال: إن ذلك بسبب أن سليمان كان يشك في أن أباها من الجن، وهذا ليس بصحيح، لكن نحن نقول أثراً ونظراً وواقعاً: إن الجني يستمتع بالإنسي، والإنسي يستمتع بالجني قال الله تعالى:((لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ)).

وبعض العلماء: يرجح أن من رأى في منامه أنه يجامع فهذا من تلاعب الشيطان به، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم.

ص: 5