الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح ألفية الحافظ العراقي (18)
(تابع معرفة من تقبل روايته ومن ترد)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
هذه المسألة، مسألة العمل بمقتضى خبر من قبل العالم، أو خلاف الخبر، لا تقتضي التصحيح في حال العمل بمقتضاه؛ لأنه قد يعمل به مع غيره، أو لدخوله في قواعد عامة، ومثلنا بالاستثناء إلا ما غلب على لونه، أو طعمه، أو ريحه، ضعيف باتفاق الحفاظ، ومع ذلك الحكم متفق عليه، فلا يعني هذا أنه صحيح، ومسألة العكس، إذا ترك العمل بحديث، فلا يعني أن هذا تضعيف؛ لأنه قد يعمل بمخالفه مما هو أرجح منه، وقد يكون منسوخاً عنده، وقد يكون كما يعتذر به عن الأئمة، قد يكون الخبر قد خفي عليه، ما بلغه الخبر، ولذلك تجدون الأئمة قد تكون لهم فتاوى، يصدر منهم فتاوى مخالفة لأحاديث صحيحة، فإما لكونه معارض بما هو أرجح منه، أو لكونه لم يبلغه، أو لأن فهمه للخبر غير فهمك للخبر، أنت تظن أن هذا الإمام رد الخبر، وهو في الحقيقة قد عمل بالخبر على فهمه، ففي حديث:((وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة))، لما تسمع أنه عند المالكية أن عرنة موقف، هل تقول إن الإمام مالك رد هذا الخبر، أو ما بلغه الخبر؟ بلغه الخبر، وعمل بالخبر، لكن على حسب فهمه هو، لا تفرض فهمك عليه، يقول: لو لولا أن عرنة من عرفة ما استثنيت، ما قال ارفعوا عن مزدلفة، ولا ارفعوا عن منى، لكن هي منها، يأثم الذي يقف؛ لأنه خالف الأمر، لكن وقوفه صحيح، هو فهم هذا، والجمهور قالوا: لما نهي عن الوقوف فيها إذن ليست من عرفة، فقد يكون عدم أو عمله بالخبر على خلاف ما تفهم أنت، ولشيخ الإسلام رحمه الله من الاعتذارات عن الأئمة في كتابه:"رفع الملام عن الأئمة الأعلام" كلام طيب جداً؛ لأن بعض طلاب العلم، بعض طلاب العلم يقعون في الأئمة وأنهم يخالفون النصوص، لا سيما بعد الهجمة على التقليد، على التقليد، ومطالبة الناس كلهم بما فيهم الطلاب المبتدئون بالتفقه من الكتاب والسنة، شوف الشافعي كم خالف من حديث، أحمد كم خالف من حديث؟ انظر كتب الحنابلة، ويش تشتمل عليه؟ كتب الحنفية حدث، ولا حرج، وهكذا، نقول: لا يا أخي، شوف الإمامة لشيخ الإسلام ابن تيمية حين اعتذر عن هؤلاء الأئمة، يعني هل يظن بالإمام أحمد أنه يخالف خبراً صحيحاً لا يحتمل تأويلاً، وهو ناصر السنة؟ هل يظن بمالك نجم السنن مثل هذا؟ أبداً
ما يظن بالأئمة مثل هذا، لكن لا بد لهم من عذر، وهذه الأعذار جاء على كثير منها شيخ الإسلام ابن تيمية في رفع الملام، فعلى كل طالب علم أن يراجع هذا الكتاب، ويفيد منه.
وليس تعديلاً على الصحيح
…
رواية العدل على التصريح
يعني إذا قال إمام من الأئمة: حدثنا فلان، هل هذا يقتضي عدالة هذا الراوي عند من روى عنه؟ لا "وليس تعديلاً" لمن يروي عنه العدل، المحدث العدل "على الصحيح" الذي عليه أكثر العلماء "رواية العدل على" وجه "التصريح" باسمه؛ لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل، يجوز أن يروي عن غير عدل، وكتب السنة باستثناء الصحيحين فيها من الرواة الضعفاء، وفيها من الرواة شديدي الضعف، وفيها من الرواة متوسطي الحال، وفيها من الرواة الثقات الكثير، فرواية الإمام أحمد عن راوٍ في مسنده لا يعني أنه يوثق هذا الراوي، رواية الترمذي ليست توثيقاً، رواية النسائي ليست توثيقاً، وهكذا.
الشيخ أحمد شاكر يرى رحمه الله أن تصحيح الترمذي معتبر، وأن تصحيحه تعديل وتوثيق للرواة، هذا رأي الشيخ أحمد شاكر، ولا شك أن هذا تساهل شديد أكثر من تساهل الترمذي الذي يرمى به، فالترمذي قد يصحح الخبر، ويقول: حسن صحيح؛ لما سيذكره من الشواهد، وفي الباب عن فلان، وفلان وفلان، ويكون في سند الحديث الأصل من فيه ضعف، فليس تصحيح، وتضعيف، تصحيحه توثيق لرواة الخبر، وإن قال الشيخ أحمد شاكر ما قال رحمه الله.
. . . . . . . . .
…
رواية العدل على التصريح
ومنهم من يقول: المسألة مفترضة في إمام يروي حديثاً من طريق رواة، إذا روى عن ضعيف؛ معناه أنه غش الأمة، كيف يروي عن ضعيف؟ إلا أنه ثقة عنده، ولكن هذا القول يرده واقع كتب السنة، يرده واقع كتب السنة، منهم من يقول: إن كان لا يروي إلا عن ثقة؛ لأن من أهل العلم من لا يروي إلا عن ثقة، يعني هذه قاعدته، وهذه جادته، أنه لا يروي إلا عن ثقة، يكون توثيقاً، وحصر من لا يروي إلا عن ثقة، وجد جمع يقربون من عشرين لا يروون إلا عن ثقة، لكن الواقع في كتبهم، وفي مروياتهم أنهم يروون عن الثقة، وغير الثقة، لكن الغالب الثقات، فممن قيل فيه أنه لا يروي إلا عن ثقة الإمام أحمد رحمه الله، وبقي بن مخلد، حتى قالوا في أبي داود أنه لا يروي إلا عن ثقة، لكن أشدهم تحرياً في الرواة مالك، مالك رحمه الله هو الذي أشدهم تحرياً، وهو أقربهم إلى تطبيق هذه القاعدة، ومع ذلك روى عن غير ثقات، كما ذكرنا في ابن أبي المخارق، وواقع المسند فيه أحاديث ضعيفة كثيرة، بل فيه ما حكم بوضعه، وهي تسعة أحاديث، وإن نازع من نازع في مسألة الوضع، وأنه قد يكون فيه الخطأ، لا ما تعمده الرواة بالكذب، قد يقع فيه الخطأ، وفيه تسعة أحاديث، هناك كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والحافظ العراقي له كراسة في بيان الأحاديث الموضوعة، وللحافظ ابن حجر القول المسدد في الذب عن المسند، وكلام كثير يعني في المسألة، فرواية العدل الثقة عن الراوي لا تعتبر توثيقاً له، ولا تعديلاً له، نعم رواية الشيخين تعديل، وتوثيق عملي، توثيق عملي للراوي.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:. . . . . . . . .
يعني رواية الراوي من الصحابة مثلاً، هذا الكلام في الأئمة الذين يفتون، إذا روى الصحابي حديثاً، وأفتى بخلافه، كما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- حديث:((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم؛ فليغسله سبعاً، ويعفر الثامنة بالتراب)) روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يفتي بأن الإناء يغسل ثلاثاً، يغسل ثلاثاً، وأهل العلم يقولون: العبرة بما روى لا بما رأى، العبرة بما روى لا بما رأى، هذا معروف عند أهل العلم، هذا إذا اختلفت الرواية عن الرأي، هذا فيما رواه، لكن البحث الذي معنا حديث ثابت عند هذا العالم، ولو لم يكن من روايته، فأفتى بخلاف ذلك، لا يعتبر تضعيفاً له، وفتواه، وإن كانت محل عناية من أهل العلم، وطلاب العلم، لكن العبرة بالحديث ما لم يظهر، أو يبين أنه منسوخ، أو مرجوح.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا يقول: ما حكم البيع والشراء باللحم يعني المذبوح بغير الطريقة الشرعية؟
أولاً: ذبيحة غير المسلم، والكتابي في حكم الميتة، والمسلم عليه أن يذبح بالطريقة الشرعية، فإن ذبح بغير الطريقة الشرعية كان ذبيحته ميتة اتفاقاً، والكتابي جماهير أهل العلم على أنه لا بد أن يذبح على الطريقة المشروعة لنا، فيوافقنا في الذبح، فإن ذبح على غير طريقتنا، فهي ميتة –أيضاً-، فهي ميتة –أيضاً-، ومن أهل العلم كابن العربي من يرى أننا نأكل ذبيحة الكتابي على الطريقة التي يتدين بها، ولا يلزم بطريقتنا، فتؤكل ذبيحته، ولا تسمى ذبيحة كتابي إلا إذا ذبحها على طريقته.
وعلى كل حال عامة أهل العلم على أنها لا بد أن تكون، أن يكون ذبحها على الطريقة الشرعية عندنا، وسواءٌ تولى الذبح مسلم، أو كتابي يهودي، أو نصراني، وأما من عداهم، فذبيحته ميتة، فلا بد من اعتبار الذبح عندنا، سواءٌ كان الذابح مسلم، أو يهودي، أو نصراني، هذا قول عامة أهل العلم.
هذا رجل عليه كفارة جماع في شهر رمضان، صام من أول يوم شهر أربعة، وكان الشهر تسعة وعشرين يوماً، واليوم من شهر خمسة ثلاثين؛ فهل عليه الإكمال ستين يوماً، أم ماذا عليه؟
لا، يكفيه أن يكمل شهرين قمريين، فإذا كان الشهر تسعة وعشرين، إذا بدأه من أوله، فيكفيه تسعة وعشرون؛ الشهر تسعة وعشرون، ثم الثاني كذلك، وإن كمل ثلاثين لزمه إكمال الشهر ثلاثين، فالذي عليه شهران متتابعان، وليس عليه ستون يوماً، لا.
يقول: أنا مؤذن، وأستلم مكافئة كل شهر، فهل يجوز لي أن أذهب لأداء العمرة نافلة، أو أقوم ببعض الزيارات الخاصة بي، أم أن الحق العام مقدم على الحق الخاص؟
أولاً: أنت ليست بأجير، وإنما هذه مكافئة من بيت المال، بواسطة ولي الأمر لك لأنك تقوم بهذا العمل، وليست هذه أجرة كما هو معلوم، فلو كانت أجرة، لو كنت موظفاً للزمك أن تفي على ما تعاقدت عليه، كل يوم في مقابله جزء من هذه الأجرة، لكن هذا الجعل الذي يجعل للأئمة، والمؤذنين من بيت المال ليس بأجرة، فليس كل يوم، أو كل وقت من أوقات الصلوات في مقابل جزء من هذا الراتب، أو هذه المكافئة، أو هذا الجعل، لكن عليه أنه مادام تعاقد مع ولي الأمر، أو من ولاه ذلك على أن يقوم بالأذان في هذا المسجد، أو بالإمامة في هذا المسجد أن لا يخل بهذا الشرط، فالمسلمون على شروطهم إلا فيما جرت العادة بالتسامح به، يعني لا يتصور أن إمام مسجد يبي يؤم الناس في من كل سنة ثلاثمائة وخمسين يوماً، عدد أيام السنة بحيث لا يخل، ولا بيوم، هذا ما هو بصحيح، إنما عليه أن يفي بقدر الإمكان، لكن ما تعارف الناس على أنهم يتعافونه بينهم، فلا بأس به، لكن عليه –أيضاً- بعد أن يحرص على أن لا يفرط بهذا العمل الذي وكل إليه، فكونه يأتي بعمرة نافلة، ولا يطيل، ويحصل على ثواب العمرة، ولا يخل بما تعارف الناس عليه في هذا الأمر، فإنه لا شيء عليه، وإن تعوقد على أنه لا يسافر حتى يستأذن، فعليه أن يستأذن، لكن لا، هم لا يتعاقدون على هذا، ولا يشترطون أن لا يسافر حتى يستأذن، وإذا نظرنا إلى الشيوخ الكبار يفعلون هذا، والأمة تفعله، كل يذهب إلى ما أوجب الله عليه، أو ما سن الله له من العبادات، وصلة القرابات من غير نكير، لكن يبقى أن شخصاً يترك المسجد شهراً كاملاً، أو شهرين، أو كذا، أو الإجازة كاملة، هذا إخلال بما تعاقد عليه مع الجهات، لكن لو قال: أنا أريد أن أعتمر يوماً، أو يومين، أو ثلاثة هذا لا يحتاج إلى إذن، ولا شيء، هذا تعارف الناس على أنه يتسامح فيه.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال العراقي -رحمه الله تعالى-:
واختلفوا هل يقبل المجهول؟
…
وهو على ثلاثة مجعول
مجهول عين من له راو فقط
…
ورده الأكثر والقسم الوسط
مجهول حال باطن وظاهر
…
وحكمه الرد لدى الجماهر
والثالث المجهول للعدالة
…
في باطن فقط فقد رأى له
حجية في الحكم بعض من منع
…
ما قبله، منهم سُليم فقطع
به وقال الشيخ: إن العملا
…
يشبه أنه على ذا جُعلا
في كتب من الحديث اشتهرت
…
خبرة بعض من بها تعذرت
في باطن الأمر وبعض يشهر
…
ذا القسم مستوراً وفيه نظر
والخلف في مبتدع ما كفرا
…
قيل: يرد مطلقاً واستنكرا
وقيل: بل إذا استحل الكذبا
…
نصرة مذهب له ونسبا
للشافعي إذ يقول: أقبل
…
من غير خطابية ما نقلوا
والأكثرون ورآه الأعدلا
…
ردوا دعاتهم فقط ونقلا
فيه ابن حبان اتفاقاً ورووا
…
عن أهل بدع في الصحيح ما دعوا
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الفصل السابع: "واختلفوا" يعني العلماء، علماء الأثر، والفقه، يعني أهل الأثر، والنظر "هل يقبل المجهول؟ "
واختلفوا هل يقبل المجهول؟
…
. . . . . . . . .
يعني الراوي المجهول "وهو على ثلاثة"
. . . . . . . . .
…
وهو على ثلاثة مجعول
يعني على ثلاثة أقسام "وهو على ثلاثة" يعني ثلاثة أقسام "مجعول" يعني جعله أهل العلم على ثلاثة أقسام، والمجهول المراد به هنا من ذُكر اسمه، من ذُكر اسمه، وأغرق منه في الجهالة من لم يذكر اسمه، كالمبهم، كقولهم: حدثني رجل، أو حدثت عن فلان، أو حدثني بعض من لقيت، أو بعض الآخذين عن الزهري مثلاً، هذا أغرقُ في الجهالة من قولهم: حدثني زيد بن سعيد الأنصاري مثلاً، ممن هو مقل في الرواية بحيث لا يروي عنه إلا واحد.
القسم الأول: مجهول العين، مما ذكره مجهول العين، لكن عينه في الحقيقة، وذاته معروفة، أبو يزيد محمد بن سعيد الأنصاري مثلاً، أو مثل ما مر بنا في رسالة أبي داود الاسم سباعي مع الكنية مع النسبة، ومع ذلك لم يوقف له على ترجمة، هذا مجهول عين، مقل في الرواية ما روى عنه إلا واحد في القسم الأول عندنا، لكن من لم تعرف ذاته، من لم تعرف ذاته، وهو المبهم، مبهم يعني محمد بن سعيد الأنصاري هذا له اسم يميزه بين الناس، وأنت معك طرف للبحث عنه، لكن رجل كيف تبحث عنه في كتب التراجم؟ نعم فيه المبهمات، مبهمات المتن والإسناد، لكن يبقى أنك في الجهالة بالنسبة لمثل هذا أشد ممن عرف اسمه، واسم أبيه، ولقبه، وكنيته، ونسبته، فالأول الذي لم يعرف اسمه ممن أبهم سواءٌ قيل فيه رجل، أو امرأة، أو بعض الآخذين عن فلان، أو حدثت عن فلان، هذا مغرق في الجهالة، ولو أطلق عليه مجهول الذات، مجهول الذات، ذاته غير معروفة، ولا في ذلك ما يدل عليه إلا من خلال كتب المبهمات، أو جمع الطرق، لكن ما تذهب ابتداءً إلى كتب الرجال تبحث عن رجل، إيش رجل؟ قد يذكرون في المبهمات رجلاً يروي عن فلان، في المبهمات، ترجمة رجل يروي عن فلان، قد يقول المؤلف: والمراد به كذا، أو لم أقف على اسمه، كما هو الواقع كثيراً، لم أقف على اسمه.
هذا المجهول –أعني مجهول الذات كالمبهم- هذا لا بد من تعيينه، لا بد من تعيينه، ولا يختلف فيه، ولا يقبله إلا من يقبل المرسل، أما بالنسبة لأنواع الجهالة، وأقسامها مما ذكره المؤلف -رحمه الله تعالى-، فقد ذكر ثلاثة أقسام:
واختلفوا هل يقبل المجهول
…
وهو على ثلاثة مجعول
الأول: "مجهول عين" وهو "من له راوٍ فقط" يعني هذا يعرف اسمه، ويعرف أبوه، وتعرف كنيته، ونسبته، كل هذا مذكور في السند، لكن هو مقل في الرواية، مقل بحيث لم ير عنه إلا راو واحد، وهو "من له راو فقط" لم يرو عنه إلا واحد، كجبار الطائي، وعبد الله بن أعز لم يرو عنهما إلا أبو إسحاق السبيعي "ورده" أي هذا النوع من المجاهيل "ورده" يعني مجهول العين "الأكثر" من العلماء، فلا يقبلونه مطلقاً، وهو الصحيح، وهو الصحيح، أورد على هذا، أورد على هذا الرد أن في الصحابة من لم يرو عنه إلا واحد، وفي رواة الصحيح من لم يرو عنه إلا واحد، من لم يرو عنه إلا واحد، نقول: الجهالة ترتفع بالتوثيق، الجهالة ترتفع بالتوثيق، فإذا وثق الراوي الذي لم يرو عنه إلا واحد ارتفعت الجهالة عنه، ترتفع الجهالة عنه، والصحابة موثقون، وثقهم الله -جل وعلا-، أعظم من توثيق البشر، ووثقهم النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يدخلون في مثل هذا البحث.
رواة الصحيح، رواية البخاري عن راوي ليس له إلا راو فقط ترفع عنه الجهالة، وهو توثيق عملي لهذا الراوي، وقل مثل هذا في رواية مسلم، فلا يرد رواية في الصحيحين في مثل هذا الخلاف، ومن باب أولى لا يرد المقلون من الصحابة ممن ليس لهم إلا راو واحد، وهذه الجهالة يطلقها أبو حاتم حتى على الصحابة، وذكرنا في حديث سبق أنه قال في أحد الصحابة، قال: من المهاجرين الأولين مجهول، لماذا؟ لأنه قد يطلق الجهالة بإزاء قلة الراوية، معناه أنه قليل الرواية "ورده الأكثر" يعني من العلماء، فلا يقبلونه، وهذا هو الصحيح "والقسم الوسط" مجهول العين حينما رده الأكثر فلم يقبلوه؛ لماذا؟ لأن شرط العدالة المشترط في قبول الرواية لم يتحقق، لم يتحقق، وبعضهم يقول: إن كان مجهول العين مشهوراً بغير العلم، يعني روى عنه واحد، واشتهر بالزهد مثلاً، كمالك ابن دينار، ترتفع عنه الجهالة؛ لأن شهرته بغير العلم ترفع الجهالة، أو مشهور بالشجاعة، كمعد .. ، إيش؟ نعم، مثل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
عمرو بن معدي كرب، مشهور بالنجدة، والشجاعة.
كون هذا الراوي الذي لم يرو عنه إلا واحد استعمله ثقة، استعمله ثقة، بمعنى عامل، أو خليفة، أو والي ثقة يتحرى في عماله، كأن يتولى إمارة في عهد عمر بن عبد العزيز مثلاً، أو قضاءً، أو ما أشبه ذلك؛ ترتفع عنه الجهالة؛ لأن من ولاه يتحرى فيمن يوليه، ويجب على ولي الأمر أن يتحرى فيمن يوليه من تبرأ به الذمة، فإذا كان هذا ما والاه عمر بن عبد العزيز على جهة من الجهات لا يظن بعمر بن عبد العزيز أنه يولي غير ثقة، لكنه لم ينص على توثيقه، فلا يقطع بثقته لكن الجهالة ترتفع عنه.
"والقسم الوسط" يعني الثاني:
مجهول حال باطن وظاهر
…
. . . . . . . . .
"مجهول حال باطن وظاهر" هذا يروى عنه، روى عنه أكثر من واحد، روى عنه اثنان ثلاثة أكثر، لكنه لم يعرف بجرح، ولا تعديل، لكنه لم يعرف بجرح، ولا تعديل، هذا مجهول الحال، يعني عينه معروفة، وجهالة العين ارتفعت عنه برواية اثنين، فأكثر، فعرفت عينه، بقيت حاله، تبحث عنه في كتب الرجال يذكرون له رواة، لكنه لم يذكر بجرح، ولا تعديل "والقسم الوسط" يعني الثاني الوسط من الثلاثة هو الثاني:
مجهول حال باطن وظاهر
…
. . . . . . . . .
يعني من الجهالة من العدالة والجرح مع معرفة عينه برواية عدلين عنه، وهذا النوع من المجاهيل حكمه الرد، فلا يقبل مطلقاً كسابقه:
. . . . . . . . .
…
وحكمه الرد لدى الجماهر
يعني عند جماهير العلماء حكمه الرد، مع أن أمره أخف من الذي قبله، مع أن أمره أخف من الذي قبله، والقسم الثالث:"المجهول للعدالة" أي مجهول العدالة "في باطن الأمر فقط" لا في الظاهر، لا في الظاهر، الأول: مجهول العين، الثاني: مجهول الحال ظاهراً، وباطناً، والثالث: مجهول الحال باطناً فقط، وقد عرفت عدالته، والعدالة الباطنة التي يحتاج فيها إلى أقوال المزكين، إلى أقوال المزكين، يعني نضرب مثالاً، نضرب مثالاً بمن يقدم على بلد مثلاً، ويصلي في مسجد من مساجد هذا البلد، ويجد فيه المصلين، بعضهم يظهر عليه ما يدل على عدالته، يظهر عليه ما يدل على عدالته، وبعضهم لا يظهر عليه ما يدل على عدالته، لا يظهر عليه ما يدل على عدالته، يعني بعض الناس تراه، وهو لا يستعمل منكر، ولا تفرق بينه في ظاهره، وبين الفساق، يعني أمرد أطلس، لا لحية له يستدل بها على أنه محسوب على المتدينين، بينما الثاني بجانبه له لحية كثيفة، وثوب قصير، يعني ظاهره العدالة، والاستقامة، والثاني ما تدري ويش هو وضعه؟ ليس في ظاهره ما يدل على العدالة، هذا يُحتاج فيه إلى من يثبت أن ظاهره العدالة، يعني فرق بين شخص، يعني لو وجدت شخصاً أنت الآن .. ، في السابق الناس في الجملة ظاهرهم العدالة، في الجملة، يعني ما يزاولون منكرات ظاهرة، اللحية حتى أفجر الناس السكير العربيد ما يحلق لحيته، يعني إلى وقت قريب، وأما في هذه الأزمان انعكست الأمور، فقد يفعله من هو محسوب على أهل الدين، والعلم، فاختلت الموازين، وتغيرت، فترى الشخص لا يعجبك مظهره، وهو في حقيقة الأمر من أهل الخير، وتجد الشخص فيعجبك منظره، ومظهره، وهو في الحقيقة من المفسدين في الأرض، فمثل هذه الأمور يحتاج فيها إلى الخبرة الباطنة، إلى الخبرة الباطنة، مجهول الحال ظاهراً، وباطناً، ظاهراً، وباطناً، من ليست عليه علامات تدل على ثقته، وعدالته، ومجهول العدالة باطناً فقط من ظهرت عليه العلامات التي تدل على ثقته، وعدالته بحيث لا يُبقى إلا أن يسأل عن باطنه من قبل المزكين.
. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . والقسم الوسط
مجهول حال باطن وظاهر
…
وحكمه الرد. . . . . . . . .
يعني فلا يقبل مطلقاً عند الجماهر من العلماء، والقسم الثالث:"المجهول للعدالة في باطن فقط" لا في الظاهر "فقد رأى له حجية" أي احتجاجاً:
حجية في الحكم بعض من منع
…
. . . . . . . . .
قبول "ما قبله" يعني من القسمين مجهول العين، ومجهول الحال ظاهراً، وباطناً "حجيةً بعض من منع" قبول "ما قبله" من القسمين "منهم سُليم فقطع" منهم الفقيه سُليم بن أيوب الرازي "فقطع به"، وعزاه النووي لكثير من المحققين؛ لأن الناس إنما كلفوا الحكم على الظاهر، لأن الناس إنما كلفوا الحكم على الظاهر، وأدق من هذا الحكم بالظاهر فقط، لو جاء من يزكي، وقال: فلان عدل، وقيل له: هل عاشرته، هل سافرت معه، قال: لا، والله هو يصلي معنا، ولا لاحظنا، ولا نشهد إلا بما علمنا، ولا شاهدنا عليه إلا كل خير، والثاني شهد لآخر، وقيل له، قال: نعم، أنا صحبته حضراً، وسفراً، وباطنه مثل ظاهره، هذا في التزكية، هذا في التزكية يزكي الباطن كما يزكي الظاهر، والثاني يزكي الظاهر فقط.
إذا حصلت التزكية ارتفعت الجهالة، إذا حصلت التزكية ممن يعتد بقوله من عارف بأسبابها ترتفع الجهالة، وهل يطلب من المزكي أن يزكي الباطن، والظاهر، أو يكتفى بتزكية الظاهر؟ إذا كان الظاهر العدالة، هذا القسم الثالث، وظهور العدالة إما بالشكل الذي يدل على الاستقامة، والالتزام، أو بتزكية من لم يشهد على باطنه، يقول: أنا والله ما أعرف إلا الظاهر، ولا ظهر لنا إلا كل خير، مثل هذا قبله من الفقهاء سُليم بن أيوب الرازي، قطع به، وعزاه النووي لكثير من المحققين؛ لأن الناس إنما كلفوا الحكم على الظاهر.
"وقال الشيخ" يعني ابن الصلاح: "إن العملا" ألف إطلاق:
. . . . . . . . .
…
يشبه أنه على ذا جُعلا
يعني على هذا القول "يشبه أنه على ذا جعلا"، "في كتب" كثيرة "من الحديث اشتهرت" بين الأئمة، وغيرهم، حيث خرج منها لرواة:
. . . . . . . . .
…
خبرة بعض من بها تعذرت
يعني خبرة المطلع، والذي يريد أن يعرف حكم هذا الخبر، خبرته ببعض الرواة قد تعذرت، لا يستطيع الوصول إليها، لكنه في ظاهره عدل، وليس في حديثه ما ينكر، فإنه حينئذٍ العمل على قبول أخبارهم، كما قال ابن الصلاح "وقال الشيخ: إن العَمَلا" يعني ابن الصلاح،
. . . . . . . . .
…
يشبه أنه على ذا جُعلا
يعني على هذا القول،
في كتب من الحديث اشتهرت
…
. . . . . . . . .
كتب كثيرة من الحديث اشتهرت يعني بين الأئمة، وغيرهم، حيث خُرج فيها لرواة:
. . . . . . . . .
…
خبرة بعض من بها تعذرت
يعني خُرج لهم فيها "بها" أي بالكتب "تعذرت"، "في باطن الأمر" في باطن الأمر؛ لتقادم العهد بهم فاكتفي بالعدالة الظاهرة، وهذا النوع الذي عرفت عدالته في الظاهر، وخفيت عدالته الباطنة، بعض العلماء كالبغوي يشهره، يشهر هذا النوع، ويسميه مستوراً:
في باطن الأمر وبعض يشهر
…
ذا القسم مستوراً وفيه نظر
البغوي يقول: هذا النوع مستور، وتبعه الرافعي، والنووي "وفيه نظر" يعني في هذه التسمية، تسمية مجهول العدالة باطناً فقط المستور فيه نظر، فيه نظر؛ لماذا؟ لأن الإمام الشافعي نص على قبول شهادته، شهادة المستور، والشافعي لا يمكن أن ينص على شخص -لا سيما في الشهادات- تُجهل عدالته الباطنة؛ لأن القاضي إذا جهل عدالة الراوي باطناً يطلب المزكين، والمزكين هي التي يستدل بها على العدالة الباطنة، ولذا قال الحافظ العراقي:"وفيه نظر" يعني هذا الإطلاق، وهذه التسمية فيها نظر، وأطلق بعضهم المستور بإزاء مجهول الحال بقسميه، قال: مستور، مجهول الحال يعني لا يدرى عن حاله شيء، أو سُتر بعض حاله دون بعض، وبعضهم أطلق المستور بإزاء المجهول بأقسامه الثلاثة، فيكون المستور على قول البغوي، ومن تبعه من استترت، وخفيت عدالته الباطنة فقط، وعلى القول الثاني: من خفيت عدالته فالظاهر والباطن، وعلى القول الثالث: المستور هو المجهول؛ لشبهه بما يستتر عن ناظره، فالذي وراء هذا الجدار مستور، وإلا غير مستور؟ مستور في الجدار يعني حاجز الجدار، حاجز بينك، وبينه، ستره الجدار، وهو –أيضاً- مجهول، لا تدري ما وراء هذا الجدار، فتطلق الستارة بإزاء الجهالة.
جاء إطلاق السِتارة في مقدمة مسلم، وفي غيره على ألسنة أهل العلم، ويراد بها العدالة، ويراد بها العدالة، ولا يريدون بها المعنى الموجود هنا.
فالخلاصة أن المجهول، أو الجهالة مراتب بعضها أشد من بعض، فعلى سبيل الترقي من الأدنى إلى الأعلى، من حيث القبول، والرد مجهول الذات أشدها، إذا أدرنا أن .. ، هو إذا قلت على سبيل الترقي، يعني من حيث الحكم الأدنى، ثم الأعلى، ثم الأعلى ثم الأعلى، وإن أردت على سبيل التدلي من حيث الإغراق في الجهالة، فتقول: الأول: مجهول الذات الذي لم يطلع على اسمه، والثاني: مجهول العين الذي عرف اسمه، لكن لم يرو عنه إلا راوٍ واحد، والثالث: مجهول العدالة، مجهول الحال ظاهراً، وباطناً، والرابع: مجهول الحال باطناً فقط، مجهول الحال باطناً فقط، فإذا قلنا: تدلي من الأشد في الحكم إلى الأدنى، أشد في الحكم الذي هو الرد، هذا تدلي، وإن أردت الترقي في أعلى أنواع الجهالة من حيث القبول، فتبدأ بمجهول الحال باطناً فقط.
مجهول الحال باطناً فقط مع أن عدالته الظاهرة سواءٌ كانت بما يستدل به عليها مما يدركه من له خبرة بهذه الأمور، أو نص عليها أهل العلم ممن خفي عليه الحال الباطنة، هذا قَبِله جمع من أهل العلم، وابن حبان في ثقاته جارٍ عليه، جارٍ عليه، ولذا قال أهل العلم: إنه يوثق المجاهيل، وذكر في ثقاته بعض المجاهيل، هو ماش على أن الناس إنما كلفوا الحكم على الظاهر، وأما السرائر، فالذي يتولاها الله -جل وعلا-، وهذا الذي يترجح، أن مجهول الحال باطناً فقط مقبول حتى يظهر خلاف الظاهر، حتى يظهر خلاف الظاهر، والذي يرد مثل هذا النوع حتى نعرف العدالة الباطنة، يقول: إن الناس قد يتصنع لهم أحد زمناً طويلاً، ويثقون به، ويثقون به، ويعدلونه بناءً على هذا التصنع، كما سبق في أمثلة الدرس الماضي ممن اشترط بيان سبب التعديل، وقالوا: إن عبد الله بن عمر العمري المكبر قال فيه يعقوب بن سفيان: إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته، وهيئته؛ عرفت أنه ثقة، فكون الإنسان يتصنع، ويظهر للناس خلاف ما يبطن هذا لا شك أنه يقدح في هذا القول، لكن الأصل في المسلمين العدالة، يعني يندر أن يوجد مثل هذا، والنادر لا حكم له، بل وجد من دخل بين المسلمين ممن ليس بمسلم، وسكن في المسجد، وأم الناس دهراً طويلاً، وهو ليس بمسلم، وجد، فهل مثل هذه الأمثلة النادرة، يعني إذا وجد مثال من هذا، أو ذاك؛ هل يؤثر على القاعدة، والحكم الأصلي؟ إننا إنما كلفنا في أحكامنا على الناس بالظواهر، ونكل السرائر إلى الله -جل علا-، ولذا لو كلفنا الحكم بالباطن لكلفنا أمراً عسيراً، ولما شُك في أحكام القضاة، لو كُلفنا التعديل على الباطن، وبيان العدالة الباطنة، والقاضي يطلب المزكين الذين يشهدون بأن هذا باطنه كظاهره؛ لما وجد في الأحكام خلل، ووجود الأحكام الشرعية الصحيحة النافذة التي تكون على خلاف، قد تكون على خلاف الواقع، وهي صحيحة شرعاً، ونافذة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام المؤيد بالوحي يقول:((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فإنما أقتطع له قطعة من نار، فليأخذها، أو ليدعها))؛ فهل كلامهم في العدالة الباطنة تقتضي مطابقة الأمر، أو الحكم
بغلبة الظن؟ أما إذا قلنا مطابقة الأمر، فهذا مستحيل، مستحيل أن يوجد من يوثق في الباطن، في كل لحظة من حياة هذا الرجل؛ لأنه قد يكون عدلاً ظاهراً، وباطناً في أوقات، لكن قد يطرأ عليه في وقت من الأوقات، ولو في أقل الأحوال حين أداء هذا الخبر، أو حين أداء هذه الشهادة ما يخدش هذه العدالة الباطنة؛ لأن السرائر إلى الله، ولا يمكن أن يصل أحد إلى ما في حقيقة الأمر، لا يمكن الوصول إليها، يعني إذا توصل في قضايا بواسطة فطنة القاضي، استطاع، واستدرج هذا الشاهد إلى أن يعرف حقيقة الأمر، وباطنه، هذا ليس متاحاً لكل الناس، لا للقاضي، ولا للمزكي، فإصابة حقيقة الأمر هذه لم يشترطها أحد، لكن قالوا: إنما يشهد على ما يغلب على الظن في الظاهر، والباطن، وحينئذٍ يقرب الأمر، يقرب الأمر.
والفصل الثامن فيما يقول الحافظ العراقي: "والخلف" يعني الاختلاف بين الأئمة "في مبتدعٍ" يعني في قبول رواية "مبتدعٍ ما كفرا" ببدعته:
والخلف في مبتدع ما كفرا
…
. . . . . . . . .
الاختلاف في المبتدع الذي لا تخرجه بدعته عن الإسلام، وعلى هذا الغلاة من المبتدعة الذين بدعهم كبرى تخرجهم عن الدين، يعني مكفرة ما دخلوا في هذا الاختلاف، ما يدخلون في هذا الاختلاف؛ لأنه يقول:
والخلف في مبتدع ما كفرا
…
. . . . . . . . .
مفهومه أن المبتدع الذي يكفر ببدعته لا يدخل في هذا الاختلاف، والخلف المراد به الاختلاف بين أهل العلم في قبول رواية مبتدع لا تصل به بدعته إلى أن يخرج من الدين، يعني بدعته غير مكفرة "قيل: يرد مطلقاً" يرد مطلقاً، ولو كانت بدعته غير مكفرة، ولو كان غير داعية إلى بدعته، ولو كان غير داعية إلى بدعته، ولو روى ما ينقض بدعته، فضلاً عن كونه يروي ما لا علاقة له ببدعته، فالمبتدع لا يقبل منه شيء، يرد مطلقاً، ولا شك أن مثل هذا فيه إخماد لبدعة هذا المبتدع، يعني عدم التعريج عليه فيه إخماد لبدعته، وعدم الرواية عنه لا شك أنه سبب لتركه، وهجره، وهجر بدعته، والرواية عنه، الرواية عنه قد يكون فيها شهر له، وشهر لبدعته، وعلى هذا إذا أمكن أن يؤخذ العلم عن غير مبتدع، ولو كانت بدعته غير مكفرة، ولو لم يدع إليها، إذا أمكن أن يأخذ هذا العلم من غير مبتدع، فهو الأصل، فهو الأصل، "إن هذا العلم دين، فانظر عمن تأخذ دينك"، فلا ينبغي أن تأخذ عن مبتدع، لكن هذا القول "استنكرا" الرد مطلقاً "استنكرا" هذا له أنصار من أجلهم، وأعظمهم الإمام مالك، وقال به جمع من أهل العلم، لكن هذا القول كما قال الناظم: "استنكرا" كيف "استنكرا"؟ أي أنكره أهل العلم، كابن الصلاح، وغيره، فقال: إنه بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة، بما في ذلك الصحيحان، فيها الرواية عن بعض المبتدعة "واستنكرا"، "وقيل: " لا يرد مطلقاً إلا "إذا استحل الكذب":
وقيل: بل إذا استحل الكذبا
…
. . . . . . . . .
سواءٌ كان في الرواية، أو في الشهادة،
. . . . . . . . .
…
نصرة مذهب له ونسبا
للشافعي إذ يقول: أقبل
…
من غير خطابية ما نقلوا
إذا استحل الكذب لنصرة مذهبه؛ فإن هذا لا تقبل روايته، ولا كرامة،
لأن مدار القبول على الصدق، مدار القبول على الصدق، فإذا انتفى ما مدار القبول عليه؛ لم يبق للقبول أدنى نظر؛ لأن نقل الأخبار المعول فيها على الصدق، صدق الرواة، فإذا انتقض هذا الشرط الأساس فإنه لا قيمة للرواية:
وقيل: بل إذا استحل الكذبا
…
نصرة مذهب له ونسبا
هذا القول من يستحل الكذب يدخل في الخلاف، أو لا يدخل؟
طالب:. . . . . . . . .
ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا استحل الكذب كفر، إذا استحل الكذب كفر، فتكون بدعته، واستحلاله للكذب مخرجاً له، مخرجاً له عن الخلاف؛ لأن "الخلف في مبتدع ما كفرا" في مبتدع ما كفر، وهذا الذي يستحل الكذب يكفر باستحلاله ما أجمع عليه أهل العلم، ما أجمع على تحريمه، وعلم تحريمه من الدين بالضرورة، لكن استحلاله بمعاندة، أو بشبهة، أما إذا كان بمعاندة يعني حرم الحلال المجمع على حله، أو حل الحرام المجمع على تحريمه بأن قال: الخبز حرام، أو قال: لحم الخنزير حلال، هذا يكفر بلا إشكال، لكن من وجدت لديه شبهة، وجد خنزير نازع في كونه خنزيراً؛ لأن فيه نوع من الاختلاف عن شكل الخنازير، الأكثر يقولون: هذا خنزير، كل من رآه قال: هذا خنزير، وهو نازع في كونه خنزيراً، وقال: حلال، هل نقول: يكفر؛ لأنه أحل الخنزير؟ لا، مثل هذا استحل الكذب عنده شبهة، عنده شبهة، لا بمعاندة، ولذا البدعة عند أهل العلم، نعم البدعة عند أهل العلم ما أحدث في الدين من غير أن يسبق له شرعية، والمبتدع المبتدع من عمل عملاً ليس عليه دليل شرعي بنوع شبهة لا بمعاندة، بنوع شبهة لا بمعاندة، فإذا وجدت الشبهة لا يحكم بكفره، لكن إذا جليت هذه الشبهة؛ لأن الكلام كلام الشافعي -رحمه الله تعالى- فيه إشكال من جهات، الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: أقبل شهادة أهل الأهواء، إلا الخطابية، فإنهم يشهدون بالزور لموافقيهم، ويشهدون بالزور على مخالفيهم، والخطابية نوع من الروافض، طائفة من الرافضة، فمقتضى كلامه أنه يقبل شهادة الرافضة غير الخطابية، ومقتضى كلامه أنه يدخل الخلاف فيمن كفر ببدعته في الخلاف في قبول الرواية، وأصل المسألة أن من كفر ببدعته لا تقبل روايته، ولا يدخل الخلاف.
وقيل: بل إذا استحل الكذبا
…
نصر مذهب له. . . . . . . . .
"له" أو لأهل مذهبه سواءٌ كان هو مؤسس المذهب، أو تابع لإمام أسس المذهب، أو لمذهبه، أما إذا لم يستحل ذلك لاعتقاده حرمة الكذب؛ فإنه حينئذٍ تقبل روايته على كلام الإمام على مفهوم كلام الإمام الشافعي:
. . .
…
نصرة مذهب له ونسبا
يعني هذا القول "للشافعي" الإمام محمد بن إدريس:
. . . . . . . . . إذ يقول: أقبل
…
من غير خطابية ما نقلوا
وعبارته: "أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم" لموافقيهم، ولا شك أن مثل هذا لا يمكن قبوله، وبعض أهل الغفلة، قد يوجد من بعض أهل الغفلة ممن ظاهره الصلاح، لكن مع غفلة، قد يثق ببعض الناس فإذا ادعى شيئاً صدقه، وشهد به، ثقة به، فيدخل في مثل هذا، لا شك أن هذا زور، هذه شهادة زور مهما بلغت ثقتك بمن شهدت له:((على مثلها فاشهد))، وليس من هذا النوع شهادة خزيمة للمعصوم عليه الصلاة والسلام، حينما شهد له بالعقد بالبيع، وهو لم يحضر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم، يصدق في خبر السماء، فكيف بخبر الأرض، ليس هذا من هذا، لكن لو شهد، أدعى أعلم الناس، أو أورع الناس، أو أزهد الناس، ادعى شيئاً بيد غيره، ثم جاء شخص ثقة بهذا العالم، وشهد له، وانتصر له، وشهد، نقول: لا، أنت شاهد زور، أنت شاهد زور، مهما بلغت ثقتك بهذا العالم.
. . . . . . . . . إذ يقول: أقبل
…
من غير خطابية ما نقلوا
والأكثرون. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . .
"والأكثرون" من العلماء "ورآه" الضمير يعود على من؟
طالب: لابن الصلاح.
نعم لابن الصلاح:
فحيث جاء الفعل والضمير
…
لواحد ومن له مستور
كقال أو أطلقت لفظ الشيخ ما
…
أريد إلا ابن الصلاح مبهما
فالمراد ابن الصلاح "ورآه" يعني ابن الصلاح "الأعدلا" أي أعدل الأقوال:
والأكثرون ورآه الأعدلا
…
ردوا دعاتهم. . . . . . . . .
ردوا الدعاة فقط، وهذا مذهب الجمهور، رد الدعاة من المبتدعة، أما المبتدع الذي لا يدعو إلى بدعته، فمثل هذا لا ترد روايته:
والأكثرون ورآه الأعدلا
…
ردوا دعاتهم فقط ونقلا
فيه ابن حبان اتفاقاً ورووا
…
عن أهل بدْع في الصحيح ما دعوا
"والأكثرون" من أهل العلم "ورآه" ابن الصلاح "الأعدلا ردوا دعاتهم فقط" وهذا مذهب الأكثر، والجمهور، "ونقلا" للإطلاق "فيه ابن حبان اتفاقاً" حيث قال:"الداعية إلى البدعة لا يجوز الاحتجاج به، الداعية إلى البدعة لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه اختلافاً" وأئمته يحتمل أنهم أئمة الحديث، أو أئمة مذهب- الشافعي -رحم الله الجميع-.
فعلى كل حال هذا كلام ابن حبان، ونقل فيه ابن حبان اتفاقاً، يقول:"الداعية إلى البدعة لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم فيه بينهم اختلافاً".
"ورووا" يعني الأئمة الأحاديث بما فيهم البخاري ومسلم عن هؤلاء المبتدعة الذين لم يدعوا إلى بدعهم "ورووا عن أهل بِدْع" يعني بِدَع، سكنت، خفف، فسكن، أصله أهل بدع، جمع بدعة، فسكن للوزن "عن أهل بدع في الصحيح" يعني على سبيل الاحتجاج، رووا عن المبتدعة ما دعوا إلى بدعهم، وأيضاً على سبيل الاستشهاد من باب أولى، رووا عن المبتدعة، فتجد في التقريب علامات الخاء والميم فيمن يقول فيهم: رُمَي بالإرجاء، رمي بالقدر، فيه تشيع، وهكذا، فيه نصب، إيش معنى فيه نصب؟ نعم يعني بعض الجهال اللي ما يدرك هذه الاصطلاحات، رأى في ترجمة: ثقة وفيه نصب، قال: كيف يكون نصاب، وثقة، هذه ما تجتمع، نعم ما تجتمع، لا، يعني هو من النواصب الذين هم في مقابل الروافض.
هذا القول الذي نقل عليه ابن حبان الاتفاق، وهو رد الدعاة، يشكل عليه تخريج البخاري لبعض الدعاة، لبعض الدعاة، كعمران بن حِطَّان خرج له الإمام البخاري في موضعين، عمران ابن حطان من الخوارج، ومن رؤوسهم، ومن دعاتهم، من القعدية من الصفرية، يعني من الخوارج الغلاة، ومع ذلك يدعو إلى بدعته، وهو داعية إلى مذهب الخوارج، ومع ذلك خرَّج له الإمام البخاري في صحيحه.
أولاً: الخوارج معروف مذهبهم في التشديد على العصاة، حتى أنهم يكفرون مرتكب الكبيرة، والكذب عندهم من عظائم الأمور، فهم أهل صدق، فقبول رواياتهم جار على القاعدة العامة أن المعول في الرواية على صدق اللهجة، وأجاب بعضهم بأن البخاري إنما خرج لعمران بن حطان ما عُرف أنه تحمله قبل ابتداعه، أو أنه أداه قبل ابتداعه، أو تحمله، أو أداه بعد ما تاب، ونقل عنه أنه تاب عن مذهب الخوارج، وابن حجر -رحمه الله تعالى- يقول: ما الذي يضير في تخريج رواية شخص مبتدع يدعو إلى بدعته قد عرف بصدق اللهجة؟ هذا كلام ابن حجر، يقول: عمران قد عرف بصدق اللهجة، والعيني يرد عليه، وأي صدق في لهجة مادح قاتل علي رضي الله عنه وأرضاه-، صادق اللهجة، وإلا ما هو بصادق؟ الذي يمدح قاتل علي يطلق عليه أنه صادق اللهجة، وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هذا ليس بصادق اللهجة بلا شك، لكن عدم صدقه في لهجته في هذا الموضع؛ هل هو انتصار للكذب، أو لما يراه حقاً؟ لما يراه حقاً، فهو يتدين بهذا، فهو ينتصر لما يراه الحق، والذي نعتقده، وندين الله به أن هذا هو الضلال بعينه؛ لكن كونه هو يراه حقاً، ويدافع عنه، هذا شيء ثاني، وشيخ الإسلام يسأل عن رؤوس المبتدعة ممن يظن فيهم أنهم أن في نواياهم سوء من خلال كلامهم، يعني تقرأ لرأس من رؤوس المبتدعة يقشعر جلدك، ويرد الحق، ويدافع عن الباطل، وينافح عنه، ويورد الشبه بقوة، ثم بعد ذلك أنت تجزم، يعني تكاد تجزم أن عنده سوء طوية، وأنه يكيد للإسلام، وأهله، ثم يسأل عنه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- كالرازي مثلاً، كالرازي مثلاً، ويقول: وأما الرازي ابن الخطيب، فكثير من الناس يطعن في قصده، والذي يطعن في قصده من خلال ما يشمه من كلامه لا شك أن هذا كالصريح من كتاباته، يقول: والذي أراه أنه ينصر ما يراه حقاً، ينصر ما يراه الحق، لكن هذا اجتهاده، على أن الرازي له كتاب ذكره شيخ الإسلام، وغيره إن ثبت عنه فهو هو الشرك بعينه؛ لأنه في السحر، والاستعانة بالكواكب، وغيرها، إن ثبت عنه، وتذكر توبته، ورجعته، لكن الذي جرنا إلى هذا أن كون الإنسان ينصر ما يراه الحق، ويخطئ في اجتهاده غير كونه ينصر الباطل، فنصره لما يراه الحق يختلف عن نصره فيما يجزم أنه بأنه باطل، ولذا يقول ابن حجر: وما المانع من قبول روايته، وإن كان داعية؛ لأنه ينصر ما يراه حقاً، والعيني يتتبع ابن حجر، ويحرص على التتبع لمثل هذه المواطن، ولا شك أن هذه الملاحظة من العيني لها حظ من النظر، وهي دامغة بالنسبة لمن لم يحقق في حقيقة الأمر، يقول: وأي نصر للحق، وأي صدق في لهجة مادح قاتل علي؟ هل يمكن أن يوصف بصدق اللهجة؟ وابن حجر يقول: صادق اللهجة،
يا ضربة من تقي ما أراد بها
…
. . . . . . . . .
يعني ابن ملجم.
طالب:. . . . . . . . .
هاه.
طالب:. . . . . . . . .
ثابت، ثابت نعم، ثابت مدحه لقاتل علي، ويمكن لو تيسر له تولاه، خارجي من الخوارج.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في إشكال، لا، ثابت، ثابت نعم، ما في أدنى إشكال، المسألة عقيدة، عقيدة المسألة مسألة عقيدة، هو يرى هذا الرأي، ويرى هذا هو الحق، يرى هذا الحق، ولذلك مذهب الخوارج أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وأنهم ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)) يمرقون من الدين يعني إذا اقتنع، ويرى أن هذا هو الحق، وهو الدين، ويرى أن في قتله قربة، ففي مدح قاتله قربة، لكن أهل العلم أكثرهم لم يكفروا الخوارج مع صحة الخبر: أنهم ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية))، وقالوا: إن المراد بالدين هنا التدين، لا أصل الدين، يمرقون من حضيرة التدين، والاستقامة إلى الفسق بهذه البدعة، ولا يصلون إلى حد الكفر، وهذا كلام شيخ الإسلام، وينقله عن جمهور السلف، وأن الصحابة ما تتبعوهم لما غلبوهم كتتبع الكفار، ولا خمسوا أموالهم، ولا .. ، ما فعلوا بهم ما يُفعل بالكفار، ومنهم من يكفرهم، ويقول: إن المراد ((يمرقون من الدين)) يخرجون منه بالكلية، وعلى كل حال ليس هذا أصل مبحثنا، يبقى أنه ينصر ما يراه حقاً، ينصر ما يراه حقاً، والله المستعان.
منهم من يقول: البخاري خرَّج عنه في الشواهد لا في الأصول، وهذا صحيح، ولعل هذا هو أقوى الأجوبة، فيما توبع عليه، ولعل هذا هو أقوى الأجوبة.
هذا بالنسبة لمن لم يصل إلى حد الكفر ببدعته، أما من كفر ببدعته كالفلاسفة الذين ينكرون علم الرب -جل وعلا- بالجزئيات، يقولون: هو يعلم الكليات، ولا يعلم الجزئيات، ومثلهم غلاة المتصوفة الذين يتجردون عن التكاليف، ويزعمون أنهم وصلوا إلى حد ترفع فيه عنهم التكاليف، وأن الولي فوق الرسول، ويدعون، ومن يدعو من دون الله -جل وعلا- من الأولياء، والأضرحة، أو غيرهم هؤلاء لا يدخلون في الخلاف؛ لأن هذه بدع مكفرة، وابن الصلاح لم يذكر هذا النوع في الخلاف السابق، لكن ابن حجر يقول: التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته، لا يرد كل مكفَّر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ بتكفيرها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، معلوماً من الدين بالضرورة، كلام ابن حجر يقول: لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ بتكفيرها، يعني هذا الكلام من ابن حجر لا يجعل عند المسلم مرجعاً يرجع إليه في وزن الناس سواءٌ كانوا أفراداً، أو جماعات، مادام الرافضة يكفرون السنة، والسنة يكفرون الرافضة، والخوارج منهم من يكفرهم، وهم يكفرون الناس، والطائفة تكفر، وتفعل، نعم، إذن كل واحد يدعي أن خصمه كافر، فلا نحكم برد الرواية، ولا نحكم بالتكفير لأجل هذا؛ لأننا لو حكمنا بهذا لقلنا: كل الناس كفار، لكن هل يضير المسلم المتمسك بدينه، المعتصم بالكتاب والسنة، وعلى مثل ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وأصحابه أن يكفره غيره، هل يضيره هذا؟ هل يقدح فيه أن يكفره غيره؟ وإلا ما صار عندنا ميزان، إذا بغينا إننا –والله- هذا كفر هذا، وذاك كفر هذا إذن يلزم عليه تكفير الجميع، لا، عندنا حكم، عندنا الكتاب والسنة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يلزم من كلامه التعميم، شوف ويش يقول؟ وقد تبالغ بتكفيرها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، يعني أهل السنة يكفرون غلاة الرافضة مثلاً، وكفروا الجهمية، ومن قال بخلق القرآن قيل: كافر، ومن قال بنفي الرؤية كُفِّر، إلى آخره، ومن نفى العلو، أهل السنة أطلقوا الكفر على طوائف من المبتدعة من الغلاة، وبالمقابل أولئك المبتدعة كفروا أهل السنة، مقتضى كلامه أننا مادام كل واحد يكفر الثاني؛ ما نرد الرواية بهذا السبب، حتى ينكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، طيب معلوم عند من؟ نعم، إذا ذهب الميزان على ما قررناه، حتى على ما قرره ما يمكن أن يثبت، لا بد لنا من ميزان، وما اختلفتم فيه من شيء فردوه إلى.، نعم عندنا ميزان، ولا يضيرنا أن يوجد من يكفرنا من المبتدعة، يعني شيخ الإسلام ابن تيمية أنا وقفت بنفسي على كتاب من كتبه مكتوب كتاب كذا لشيخ الإسلام، وماسح الإسلام، وكاتب الكفار، ممن ينتسب إلى العلم، وممن ينتسب إلى خدمة السنة، لكنه مبتدع، وغالي في بدعته، فإذا قلنا: إن هذا كفر شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام لو هو موجود، ومن يقول بأقوال شيخ الإسلام يكفر هذا ببدعته؛ لأن عنده بدع مغلظة، يعني ثقته بالأولياء تجعلهم يقربون من الألوهية، هذا الشخص، هوما كتب هذا الكلام من فراغ، فإذا قلنا: إن هذا موجود، هذا يكفر هذا، وهذا يكفر هذا، إذن نأخذ بالقدر المشترك بينهما، ونترك ما زاد على ذلك، هذا الكلام ما هو بصحيح، لنا ميزان نزن به الناس، الموافقين، والمخالفين.
الأمر الثاني: كوننا نقبلهم، أو هم يقبلوننا، مصادرهم غير مصادرنا، يعني هل عند الخوارج من الأحاديث ما يروى من طريق أهل السنة بحيث نحتاج إلى ثبوتها، يعني حينما يعتمد الإباضية على كتاب مسند الربيع، لو ضعفوا حديثاً بأنه يوجد فيه شخص من أهل السنة، ألا عندنا ما يكفي بدل هذا الحديث مما نعمل به، أو من كتب الرافضة، والشيعة من كتبهم الكبيرة التي تبلغ مئات المجلدات، وألوف مؤلفة من المؤلفات، هم لا يقبلوننا أصلاً في الرواية، ولو وجدنا في كتبهم حديثاً بسند فيه منهم، أو منا لكنه لا يوجد إلا عندهم، يعني الاختلاف جذري، الاختلاف في مصادر التلقي، فكوننا نقول: إنهم يكفروننا، ونحن نكفرهم، فإذن نأخذ بالقدر المشترك، مثل ما قال ابن حجر: إذا أنكر أمراً معلوماً من الشرع بالضرورة، أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، إذا فعل هذا يكفي، إن كان يريد أن يخرج أهل السنة من هذا الكلام نعم، قد يكون له وجه، لكن عموم كلامه يدخل أهل السنة؛ لأنه في مع الناس يكفرون من يستحق التكفير، ويكفرهم من يخالفهم، فالمسألة تحتاج إلى دقة، أما من كفر ببدعته بمعاندة لا بنوع شبهة؛ لأن الإنسان قد يرتكب مكفراً، ولا يكفر به، يعذر بجهله، يعذر بشبهة، ما بلغه الدليل، ما فهم الدليل بحيث يكون فهمه للنصوص كفهم الأعاجم، مثل هذا لا بد أن يبين له الدليل، يعني بعض العوام من المبتدعة، بعض العامة يطوف بقبر مثلاً، وتورد له من الأدلة ما تورد، يقول: والله ما أدري ويش أنت تقول؟ لأنه إذا وجد هذا في عوام أهل السنة ما يفهمون بعض النصوص، فلأن يوجد في عوام المبتدعة من باب أولى، فمثل هؤلاء لا يجزم بتكفيرهم، ولو كان عملهم كفراً، الكلام في أهل العلم الذين يعرفون النصوص، تبلغهم الحجج، ولذا صار لبلوغ الحجة، وظهورها عند الخصم أثراً في قبول دعواه، وعدم قبولها، لو نظرنا إلى أبي طالب، أبو طالب لا شك أن نفعه للرسول، وللرسالة ظاهر، صح، وإلا لا؟ نعم ظاهر، لكنه مات على ملة أبيه، هو يموت على ملة عبد المطلب، فهو كافر، هل نقول إن نصره للدين نفعه، أو ما نفعه؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، نفعه شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام، ما نفعه نصره للدين، نصره للدين جعله يقرب من الدين، ومن الرسول عليه الصلاة والسلام، وتقوم عليه الحجة بأجلى صورها، ما له أدنى عذر، ولذلك قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام:((ولولا أنا، أو لولاي لكان في الدرك الأسفل من النار)) صار مع المنافقين أشد عذاب من الكفار؛ لأنه بلغه من الحج ما لم يبلغ غيره من الكفار، فلولا شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام لصار مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار -نسأل الله السلامة والعافية-.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسأل يقول: زاد المستقنع للحجاوي يقول: ألف بعض العلماء عليه نظماً، فهل الأفضل لديكم حفظ المتن المنثور، أم حفظ النظم لمن يرغب، وينشط في حفظ النظم أكثر من غيره، وهل نظم الشيخ سعد بن عتيق أفضل وأحب إليكم، أم نظم الشيخ سليمان بن عطية؟ وهل حفظ نظم السبل السوية للشيخ حافظ الحكمي رحمه الله يغني عن حفظ بعض المتون المذاهب الأربعة بعد حفظ متن في مذهبنا؟ أجيبوا مأجورين
…
إلى آخره؟
أولاً: كما هو معروف، ومشتهر، ومستفيض أن الزاد -أعني زاد المستقنع- متن متين محرر منقح، لا يدانيه أي متن من متون الحنابلة في كثرة مسائله، وإن كان الترجيح بينه، وبين الدليل، وبينه، وبين العمدة محل عناية بين أهل العلم، وكان الدليل مقدماً لدى حنابلة الشام، والزاد مقدم لدى حنابلة هذه البلاد، لكن الدليل لما شرح، واعتني به، وبينت أدلته من قبل الشيخ ابن ضويان في منار السبيل؛ حضي بعناية في هذه البلاد –أيضاً-، وإلا قبل الزاد هو المعول عليه، والمعتمد عليه في هذه البلاد، ومسائله كثيرة جداً، أكثر بكثير من مسائل الدليل فضلاً عن العمدة، والعمدة إمامة مؤلفها لا ينازع فيها أحد، وعندي أن تقديم الكتاب لإمامة مؤلفه وجه من وجوه الترجيح، وجه من وجوه الترجيح، فهذا العلم دين، إذا وازنت بين شخص عالم عامل أفضل بكثير من أن تعتمد على من هو دونه في العلم، ولو كان الكتاب من وجه أفضل.
على كل حال كل كتاب له ميزة، فالعمدة مصدرة جميع أبوابها بدليل صحيح، ثم يفرع على هذا الدليل من الأحكام ما يفرعه الموفق رحمه الله، وهو اللبنة الأولى في تقدير الإمام الموفق رحمه الله بالنسبة لطالب الفقه، ثم يليه كتابه المقنع، ثم الكافي، ثم المغني، وألفها على هذه الطريقة على التدرج، والترقي من الصغير إلى ما هو أكبر منه، فطالب العلم الذي يريد أن يتفقه، وهو يريد كتاباً محرراً متقناً مضبوطاً، ولا أقول: معصوم ما فيه أخطاء، لا، كل الكتب فيها، وفيها:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء]، لكن حفظ الطالب، وتعويده على كتاب متين صعب يعوزه إلى شرح، ويعوزه إلى مراجعة الشيوخ بهذا يتربى طالب العلم، أما الكتب التي تقصد لسهولة أسلوبها، فهذه ليست بطريقة لطلب العلم من وجهه، ومن أبوابه، وعلى الجادة، فالعلماء حينما يعصرون الكتب عصر ليقل الكلام فيها، وتكثر معانيها، ومحتوياتها ليس من فراغ هذا، وليس المراد منه تعذيب الطالب، لا، إنما المقصود منه تدريب الطالب على هذه الأساليب القوية المتينة، بحيث لا يشكل عليه فيما بعد فهم أي كتاب، وعلى هذا فزاد المستقنع من هذه الحيثية مقدم؛ لأنه أمتن عبارة، وأصعب على طالب العلم مما يجعل طالب العلم يحرص، ويتعب في فهمه، وإذا تعب في فهمه رسخ في ذهنه بخلاف الكتاب الذي كتب بأسلوب سهل، هذا لا يثبت في ذهن طالب العلم، وعندي أن من يربي الطلاب على كتب المعاصرين التي كتبت بلهجاتهم، وطرائقهم، يعني لا تخفى معانيها على طالب العلم، هذه ليست منهجية، من حيث المنهجية ليست مستقيمة، ومن هذا ما يتلقاه الطلاب في المدارس النظامية من مذكرات في الجامعات، مثلاً يكتب الأستاذ مذكرة، يصوغها بأسلوبه، يفهمها الطلاب، والمنتسب، والمنتظم على حد سواء، ثم ما يلبث أن ينساها بعد الامتحان، لكن لو كان بيده كتاب متين من كتب أهل العلم، وحرص على الحضور، وعلق، وراجع الشروح، وسأل عما يشكل عليه ثبت العلم في ذهنه.
الزاد معروف أنه فيه أكثر من ثلاثين مسألة، اثنتين وثلاثين مسألة خالف فيها المذهب، خالف فيها المذهب، فضلاً عن المسائل المرجوحة من حيث الدليل؛ لأن هذه الكتب، وهذه المتون ليست دساتير ملزمة، بل هي كخطة بحث لطالب العلم، يدرس مسائل هذه المتون مسألة مسألة، في المرة الأولى يتصور المسألة إلى أن ينتهي الكتاب يتصور مسائل الكتاب، ثم بعد ذلك مرحلة ثانية يستدل لهذه المسائل، ثم عرضة ثالثة يذكر، أو يحرص على الوقوف على من وافق المؤلف، ومن خالفه داخل المذهب، وخارج المذهب بعد ذلك إذا انتهى بهذه الكيفية، واطلع على المذاهب بأدلتها، ووزان بين هذه الأدلة، واستطاع أن يرجح انتهى، صار فقيهاً، لا سيما إذا كان مجبولاً على فقه النفس، يعني بعض الناس يستمر يطلب العلم، ويقرأ الكتب، ويراجع الشيوخ، لكن ليس مؤهلاً في تركيبه أن يكون فقيهاً، فمثل هذا لا يحرم، ولا يخسر هذا التعب، وهذا الجهد، ولو لم يكن له إلا أنه سلك السبيل، والطريق يلتمس فيه العلم، وله أجره -إن شاء الله تعالى-.
إذا تقرر هذا فإن الزاد حظي بعناية من أهل العلم، وإن كان مؤلفه متأخراً في القرن العاشر، لكن صارت له عناية، وله رواج بين العلماء، والمتعلمين، وصار كأنه صارت له شبه قدسية لدى المتفقهه من الحنابلة لا سيما المقلدة، لكنه مع ذلك مثل ما قلنا: أنه ينبغي أن يجعله طالب العلم كخطة بحث، أو عناصر بحث يبحث هذه المسائل، ولا يعني أنه لا يخرج عنها، ولا يحيد عنها أبداً.
له شروح، له شروح، وكان الكتاب فيه عسر على بعض طلاب العلم، حتى المتوسطين منهم في بعض عباراته عسر، لا يحلها الشرح، ولا حواشيه، حتى ذلَّله، وسهله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه الممتع، صار أمره ميسوراً، ولله الحمد بهذا الشرح، فرحمة الله على الشيخ.
هذا من حيث الشروح، والدروس، والتدريس هذا الكتاب حظي، وعني به عناية فائقة، -أيضاً- الكتاب نُظم، وله أكثر من نظم، منها نظم الشيخ ابن عتيق، ومنها نظم الشيخ سليمان بن عطية، نظم الشيخ سليمان بن عطية "روضة المرتاد في نظم مهمات الزاد"، وهما متقاربان متعاصران يعني، أما نظم الشيخ ابن عتيق، فهو مطبوع طبع متأخراً، وأما نظم الشيخ سليمان بن عطية، فأنا وقفت له على نسخة خطية أيام الطلب، ونسختها، ثم طبع بعد ذلك بمدة، نظم الشيخ سليمان بن عطية سهل، سهل جداً جداً، يعني من بحر الرجز، وسهل يعني العناية به ما تكلف طالب العلم، وأمتن منهما من النظمين "مختصر عِقد الفرائد" للشيخ حمد بن ناصر بن معمر، عِقد الفرائد الأصل لابن عبد القوي، نظم مطول جداً، مطبوع في مجلدين النظم، يعني تزيد أبياتهما على اثني عشر ألف بيت، ثم اختصر النظم، النظم للمقنع للأصل الشيخ ابن معمر اختصر هذا النظم بما يتناسب مع الزاد، فالذي ليس في الزاد من المقنع حذفه، لكن الإشكال في هذا النظم رغم جودته، وقوته، ومتانته أنه راعى في الاختصار مسائل الزاد، واحتاج ليطابق نظمُه الزاد احتاج أن يحذف في بعض الأحيان شطر بيت، فيجعل البيت نصف بيت، وهذا لا شك أنه مقلق بالنسبة للحافظ، يقلق الحافظ أن يحفظ نصف بيت، والنصف الثاني ما هو موجود؛ لأن النصف الثاني عند ابن عبد القوي موجود كلام في المقنع يناسبه، ولا يوجد في الزاد ما يناسبه، وفي الزاد مسائل زادها مؤلفه، فنظم لها الشيخ حمد بن معمر ما يناسبها، فلو كان نظمه ابتداءً للزاد كان النظم رائعاً جداً، دالية ممتازة جداً، ونظم المقنع هذا الذي ذكرت المطول، نظم خليق، وجدير بطالب العلم أن يُعنى به، لكن دون تحصيله مع كثرة العلوم، وكثرة المشاغل، دون تحصيله خرط القتاد، اثنا عشر ألف بيت، أو أكثر من اثنا عشر ألف بيت يحتاج، لكن أنا عندي أنَّ طالب العلم لو قرأ هذا النظم، وصور مسائله من دون حفظ، صور مسائله، ثم إذا جاء إلى بيت فيه قاعدة، أو ضابط، أو شيء مما يدور على ألسنة الفقهاء، يحتاجونه بكثرة حفظه، واستدل لمسائله، صور المسائل، واستدل لها يكفي.
الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله تعالى- كتب النظم، يكتب الباب من النظم، ثم يكتب تحته ما يناسبه من الإنصاف، والكتاب موجود بخطه يعني، موجود بخط الشيخ، النظم أبيات يذكر عشرين بيتاً مثلاً في الباب، ثم يذكر ما يقابله من الإنصاف؛ لأن النظم نظم للمقنع، والإنصاف شرح للمقنع، هو مجرد توفيق بين الكتابين، لا أقول تلفيق، أقول: توفيق بين الكتابين، وعمل جيد يسهل، لكن لو كانت العناية بالشرح الكبير بدل الإنصاف الذي فيه الاستدلال، وفيه مع الإنصاف فهو مجرد، يعني مجرد عن الدليل، ومجرد عن .. ، يعني كتاب فقه جاف، فيه جميع روايات المذهب، يعني الذي يريد أن يتخصص بمذهب الحنابلة لا يستغني عنه، لكن الذي يريد أن يدرس الفقه على طريقة الفقهاء، أهل الحديث متعب جداً له، حتى ذكر عن بعض الكبار أنه قيل له: لا نراك تعتني بالإنصاف؟ قال: الكتاب في اثني عشر مجلداً ما فيه صلى الله عليه وسلم إلا أربع مرات، يعني ما فيه دليل إطلاقاً، فمثل هذا يصرف طالب العلم إلا شخص له عناية، ومتخصص في المذهب، ويريد أن يستغرق في هذا الباب.
على كل حال النظم نظم ابن عبد القوي لو يعني عنى به طالب العلم، وإن كان يحتاج إلى وقت، ويحتاج إلى مدارسة، وفهم للأبيات، ويحتاج إلى نسخ صحيحة؛ لأن النسخة المطبوعة فيها أخطاء كثيرة، والنسخ الموجودة من المخطوطات كلها متأخرة، كلها متأخرة، وعلى كل حال بعض الناس يبخل بالوقت على العناية بكتب الفقه، ويقول: إن العمر لا يستوعب العناية بالكتاب والسنة، ومع ذلك نعتني بكتب الفقه، هذا كلام له وجه، بل وجيه، ومع ذلك من كان لديه فضل وقت، وفضل في الفهم، والحفظ إذا اعتنى بهذا الكتاب انتفع -إن شاء الله تعالى-.
حفظ "السبل السوية" للشيخ حافظ الحكمي -رحمة الله عليه-، نظمه جيد في غاية الجودة رحمه الله لكنه لم يلتزم بكتاب معين، ولا بمذهب معين، وطالب العلم في بداية الطلب يحتاج إلى أن يتفقه على وتيرة واحدة؛ لتنتسق عنده القواعد، والضوابط على هذه الطريقة، ثم بعد ذلك يختار ما شاء، ولذا بعض طلاب العلم من المعاصرين يجعل لطلاب صغار دروس في "الدرر البهية" للشوكاني، "الدرر البهية" للشوكاني، أو يجعل الدرس في "الدراري المضيئة" له، أو في "الروضة الندية" لصديق، أو في "السيل الجرار" للشوكاني، هذه لا يمكن أن يتفقه عليها الطالب، هذه لا شك أنها متحررة عن المذاهب، وعمدتها الدليل لكن يبقى أنه من وجه نظر مؤلفيها، يعني هذه الأحكام من وجهة نظر مؤلفيها، يعني بدلاً من أن يقلد أحمد فيتفقه على مذهبه يقلد الشوكاني، أو يقلد صديق حسن خان، يعني ما أبعد، نعم هي أقرب إلى الدليل، هي أقرب إلى الدليل، وأكثر تحرر من المذاهب، وأقوال الناس؛ لكن يبقى أن طالب العلم ينبغي أن يكون على جادة، ولا يعني؛ لأن طالب العلم المبتدئ فرضه هو فرض العامي، فرضه التقليد، وسؤال أهل العلم، فإما أن يقلد أحمد في بداية الطلب، لا أقول إن التقليد شيء مرغوب عند طلاب العلم، أو منهج مستقيم لطالب الآخرة أبداً، لكن في بداية الأمر كونه يتفقه على جادة، وعلى طريقة معينة، ولا ألزمه أن يتفقه على مذهب أحمد، لكن هذا هو السائد في هذه البلاد، وهو الذي جرينا عليه، وجرى عليه شيوخنا، تفقهوا في بداية الطلب على مذهب أحمد، ثم بعد ذلك تحرروا، وعملوا بالدليل، فالسبل السوية نظم رائع جداً، يعني سلس من أفضل ما وقفت عليه في نظم الفقه، وفيه –أيضاً- توجيهات.
وأعود إلى نظم ابن عبد القوي في مقدمات الكتب نظم أشبه ما يكون بالوعظ، أشبه ما يكون بالوعظ، فمثلاً في بداية كتاب الزكاة مثلاً، أو في بداية كتاب الصيام، أو في الحج، أو في البيوع، أو غيرها من الأبواب تجده يصدر الباب بأبيات تدخل القلب من أول وهلة، وإذا حفظها طالب العلم، ورددها حقيقة مؤثرة جداً، فهذه الكتب يعني؛ لأن الناس جاءهم وقت وانصرفوا عن هذه الكتب، وراجت دعاوى في صفوف طلاب العلم تدعو إلى نبذ هذه الكتب، والذي يقول: والله الوقت لا يستوعب، وأنا أريد أن أتفقه من الكتاب والسنة إذا تأهل لذلك نقول: هذا فرضك، هذا فرضك تفقه من الكتاب والسنة، لكن في بداية الأمر لا بد من التفقه على مذهب معين.
في متن عند الحنابلة، وهو متن صعب أصعب من الزاد بكثير، وهو متن "مغني ذوي الأفهام" لابن عبد الهادي، كتاب صغير ممكن بحجم الزاد، وفيه الإشارة إلى المذاهب كلها "مغني ذوي الأفهام" بالرموز، ولذا لو أخطأ الطابع، أو الناسخ في رمز تلخبط القارئ إلا أن يراجع كتب المذاهب، وبدأ مؤلفه في شرحه، فقالوا: إنه شرح العبادات في أربعين مجلداً، وما كمل الكتاب، هذه الكتب، صحيح أن العمر لا يستوعب، وعناية طالب العلم ينبغي أن تنصرف، وهمته إلى الكتاب والسنة، لكن التفقه في بداية الطلب على هذه الطريقة مجدي، ثم إذا أنهى كتاب بهذه الطريقة ينسى الفقه خلاص يرتاح، وأنتم تلاحظون من يفتي، من يفتي الناس إذا كان له عناية في بداية أمره بكتب الفقه تجدون الألفاظ قوية.