المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح ألفية الحافظ العراقي (19) - شرح ألفية العراقي - عبد الكريم الخضير - جـ ١٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح ألفية الحافظ العراقي (19)

‌شرح ألفية الحافظ العراقي (19)

(تابع معرفة من تقبل روايته ومن ترد)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

وأنتم تلاحظون من يفتي، من يفتي الناس إذا كان له عناية في بداية أمره بكتب الفقه، تجدون الألفاظ قوية، ما في كلام زائد، أو إنشاء، أو شيء ما لا دعي له، يعني اسمعوا فتاوى الشيخ ابن حميد مثلاً رحمه الله؛ تجدون كأنه يقرأ من كتب أهل العلم، لا يزيد، ولا ينقص، وكل مسألة جوابها حاضر، ثم بعد ذلك يزيد عليها الاستدلال، ووجه الاستنباط، لكن اسمعوا لبعض الناس اليوم، أنا قرأت في جريدة كلام مفرغ سئل عنه شخص عن مسألة ما، سجلوه، وفرغوه، يعني لو تركوه يكتب كان أفضل؛ لأنه وهو يكتب لا بد أن يكون يعتني بالكتابة، لكن لو قيل: هناك جائزة لكلام معمى، يمسح أوله آخره، وآخره أوله لاستحق، كلام لا خطام له، ولا زمام، وهو يتحدث عن مسألة، حكم شرعي، واضح اللي له عناية بكتب أهل العلم، واللي ما له عناية، والله المستعان.

ص: 1

ونكرر على الإخوان، وطلاب العلم أن المعول أولاً، وأخراً على الدليل، ولذلك نوصي طلاب العلم حتى من أراد أن يتفقه على كتاب فقهي مجرد أن يربطه بالدليل، وأن يبحث عن أدلته، يعني في أول مرحلة يتصور المسائل، ويبحث عن أدلة لهذه المسائل؛ ليكون معوله على الدليل، لا يعني هذا أن طالب العلم خلاص هذا الكتاب دستور ما يحيد عنه يمين، ولا .. ، لا، لكنه أشبه ما يكون بخطة البحث، خطة بحث، مسائل يسير عليها؛ لأن بعض الإخوان مع الأسف يفهم خطأ، يفهم خطأ، حينما نقرر مثل هذه المسائل، أنا عانيت من مثل هذه الأمور، فإما أن يسكت الإنسان، ولا يبلغ طلاب العلم ما يفيدهم، أو يصبر على ما يجيه، بعض الناس يبي يطلع من ها الجلسة، أو غيرها من المجالس، يقول: إن فلان يقول: أبداً ما في فقه إلا من كتب الفقه، وتعلم على المتون، واتعب في تحصيل المتون، وامض عمرك في تحصيل هذه المتون، تدرون أنه قيل ما قيل، نقل عن بعض أهل العلم، وهو ما قال، أنه يقول: من حفظ الزاد صار حكماً على العباد، يقول هذه المقالة لعنايته بالزاد، والله المستعان، لا يقول هذا أحد، هذه كتب البشر، إذا كان الزاد على صغر حجمه بقدر الكف فيه أكثر من، فيه اثنين وثلاثين مسألة محررة، كلها يخالف فيها المذهب، فما بالك فيما يخالف فيه الدليل؟ لكن الطالب إذا قرأ هذه المسألة التي خالف فيها المذهب، ثم راجع عليها الكتب، واستدل لها عرف وجهة نظر المؤلف، وهل الأرجح المذهب، أو ما سار عليه المؤلف، ثم بعد ذلك إذا نظر في دليل هذه المسألة؛ تحرر له القول الراجح من المرجوح، فأريده بهذه الطريقة، بهذه الطريقة أن يجمع بين الفقه والحديث، وقد يقول قائل: لماذا لا يكون العكس؟ لماذا لا يكون العكس؟ يتفقه بهذه الطريقة على البلوغ، ويحفظ البلوغ، ويراجع كلام أهل العلم في أحاديث البلوغ، نقول: له ذلك، لكن كتب الفقه أكثر مسائل، أكثر مسائل من كتب المتون الحديثية المختصرة، أكثر مسائل، وعند العلماء ما ألفوا هذه الكتب إلا بعد أن نظروا في نصوص الكتاب والسنة، وتفقهوا على الكتاب والسنة، أعني الكبار، وجمعوا أقوال من تفقه على الكتاب والسنة، كأحمد، والشافعي، ومالك، وغيرهم، فننتبه لهذا الأمر، ونضع النقاط

ص: 2

على الحروف، ونفهم الكلام على وجهه، نفهم الكلام على وجهه، وسمعتم منا في الدروس، وفي غيرها في تقرير المسائل أنا ما نقلد أحد، اللهم إلا إذا أعوزنا الدليل، والله المستعان.

اللهم صلى علي محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال العراقي -رحمه الله تعالى-:

وللحميدي والإمام أحمدا

بأن من لكذب تعمدا

أي في الحديث لم نعد نقبله

وإن يتب والصيرفي مثله

وأطلق الكذب وزاد أن من

ضعف نقلاً لم يقو بعد أن

وليس كالشاهد والسمعاني

أبو المظفر يرى في الجاني

بكذب في خبر إسقاط ما

له من الحديث قد تقدما

ومن روى عن ثقة فكذبه

فقد تعارضا ولكن كذبه

لا تثبتن بقول شيخه فقد

كذبه الآخر واردد ما جحد

وإن يرده بلا أذكر أو

ما يقتضي نسيانه فقد رأوا

الحكم للذاكر عند المعظم

وحكي الإسقاط عن بعضهم

كقصة الشاهد واليمين إذ

نسيه سهيل الذي أُخذ

عنه فكان بعد عن ربيعه

عن نفسه يرويه لن يضيعه

والشافعي نهى ابن عبد الحكم

يروي عن الحي لخوف التهم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- في الفصل التاسع من الفصول الثلاثة عشر:

وللحميدي والإمام أحمدا

بأن من لكذب تعمدا

أي في الحديث لم نعد نقبله

وإن يتب والصيرفي مثله

من تعمد الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام هل تقبل توبته، أو لا تقبل؟ توافرت الشروط في قبول التوبة، أقلع عن ذلك، وندم، وأسف على ما صنع، وعزم أن لا يعود، مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، لا خوفاً، ولا رغبة من أحد، توافرت شروط التوبة التي لو كان مشركاً بالله -جل وعلا-، فتاب مثل هذه التوبة لقبلت، وبدلت السيئات حسنات، لكنه تعمد الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام، فهل تقبل هذه التوبة المستجمعة للشروط، أو لا تقبل؟

ص: 3

يقول -رحمه الله تعالى-: "وللحميدي" أما من كان كذبه في كلامه العادي، ويتعمد الكذب في كلامه العادي، فإن هذا توبته مقبولة، الكلام فيمن يتعمد الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام، فيضع الحديث في أي موضوع كان، سواءٌ كان وضعه للحديث في العقائد، أو في الأحكام بالحلال والحرام، أو في الفضائل، والترغيب، والترهيب، وغيرها، لكنه ينسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول عليه ما لم يقله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي فيه الخلاف في هذه المسألة.

يقول: "وللحميدي" شيخ الإمام البخاري، عبد الله بن الزبير، أول شيخ يروي عنه البخاري في صحيحه، وهو غير الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين؛ لأن هذا متقدم، متوفى سنة تسعة عشرة ومائتين، يعني قبل الإمام أحمد باثنين وعشرين سنة، ولذلك قُدم عليه في النظم؛ لأنه قبله، وأما صاحب الجمع بين الصحيحين الحميدي محمد بن أبي نصر فتوح، هذا متأخر، متأخر في الخامس، أربعمائة وزيادة، فهو غيره؛ لأن الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين اشتهر بين الناس لكتابه، وتقدم الحديث عنه في العام الماضي، في قول الناظم:

. . . . . . . . .

وليت إذ زاد الحميدي ميزا

"وليت إذ زاد الحميدي ميزا" لأن الحميدي جمع بين الصحيحين، واعتمد على المستخرجات، والمستخرجات فيها زيادات، ونقل هذه الزيادات، وعلى حد زعم الناظم أن الحميدي زاد هذه الزيادات، ولم يميز بين الأصل والمزيد، وواقع الكتاب يشهد بخلاف ذلك، فإنه يميز هذه الزيادات، فالحميدي المتأخر ليس هو المقصود، إنما المقصود شيخ البخاري، شيخ الإمام البخاري، عبد الله بن الزبير المكي.

وللحميدي والإمام أحمدا

. . . . . . . . .

وغيرهما –أيضاً-،

. . . . . . . . .

بأن من لكذب تعمدا

أي في الحديث. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

ص: 4

يعني في الحديث النبوي خاصة، أما إذا تعمد الكذب في كلامه العادي، فهي معصية من المعاصي تهدمها التوبة، وتجبها "أي في الحديث" يعني النبوي "لم نعد نقبله" في شيء أبداً، خلاص يحكم عليه بأن وجوده مثل عدمه، ما دام تجرأ، وكذب على النبي عليه الصلاة والسلام، ولو تاب، واستقام، وحسنت حاله، ولزم الصدق في جميع أحواله؛ فإنه لا يقبل، "لم نعد نقبله، وإن يتب" يعني وإن تاب، وحسنت توبته؛ تغليظاً عليه، لما ينشأ على فعله من المفسدة العظيمة، وهي تصيير ذلك، يعني تصيير ما كذبه شرعاً، شرعاً يدان الرب به -جل وعلا-، وهو من فريته، هذه مفسدة عظيمة، ويخرج بالتعمد:

. . . . . . . . .

بأن من لكذب تعمدا

أن من يحصل الخطأ في كلامه، ويصدر منه ما يخالف الواقع من غير قصد، ومن غير عمد "وإن يتب" تغليظاً لفعله الشنيع "والصيرفي" أبو بكر الصيرفي الشافعي، من أئمة الشافعية، شارح الرسالة "والصيرفي مثله" يعني مثل كلام، مثل الكلام المنقول عن الحميدي، وأحمد، أي مثل الكلام المنقول عن الحميدي، وأحمد، يعني أنه لا تقبل توبته، ولكن "أطلق الكذب" ولم يقيده بالحديث النبوي، يعني ما ضُم إلى من قبله؛ لأن الحميدي، والإمام أحمد خصوا عدم قبول التوبة في الحديث النبوي، والصيرفي أطلق، ولم يقيد بالحديث النبوي حيث قال: كل من أسقطنا حديثه من أهل النقل بكذب لم نعد لقبوله لتوبته، يعني ما .. ، خلاص مادام كذاب، ولو في حديثه مع الناس؛ لأنه ما الذي يؤمننا أنه في يوم من الأيام يكذب "وزاد أن من" يعني زاد الصيرفي:

. . . . . . . . . أن من

ضُعف نقلاً لم يقو بعد أن

ص: 5

يعني بعد أن حكم بضعفه، وإن رجع إلى التحري، والإتقان، يعني مادام حكم عليه بالضعف؛ خلاص لم نعد نقبله "لم يقو" لم يقبل، ولو كان جرحه بسبب ذنب، ثم تاب منه، يعني تضعيف هذا الراوي بسبب ذنب، يشرب الخمر مثلاً، ثم تاب، هذا كلام الصيرفي، ومعروف أن الصيرفي رحمه الله متأخر عن أئمة النقد، وأئمة الجرح من عصور الرواية، متأخر، فالأئمة كلهم على أن من تاب من الذنب، وهو مقتضى النصوص الشرعية، كمن لا ذنب له، بل إذا تاب توبة نصوحاً بدلت سيئاته حسنات، ولنعلم أن كلام الحميدي، والإمام أحمد في عدم قبول توبة الكذاب الوضاع الدجال الذي يفتري على النبي عليه الصلاة والسلام إنما هو في أحكام الدنيا، إنما هو في أحكام الدنيا، وأما في الآخرة فأمره إلى الله، لكن لا تقبل روايته بناءً على أنه جرح بأمر عظيم، فلا تقبل توبته ظاهراً، أما في الباطن فالله يتولاه.

ص: 6

أصل هذه المسألة مفرع عن شهادة القاذف، القاذف ارتكب جرماً عظيماً، والقذف شأنه عظيم، وخطير، وجاء في الخبر مضعف عند أهل العلم، لكن يبين خطورة القذف:((قذف محصنة .. )) قال: ((يحبط عبادة ستين سنة))، لا شك أن القذف للمحصنات الغافلات المؤمنات شأنه خطير، ولذا وجب فيه الحد، حد الفرية ثمانين جلدة، ولو أحضر من أحضر، لو شهد له واحد، أو اثنين، أو ثلاثة، لا بد أن يأتي بأربعة شهداء؛ لأن الأمر عظيم، ليس كغيره من الذنوب يتعلق بتدنيس عرض، بتدنيس عرض، وهذا العرض لا يقتصر على شخص، بل يتناول أشخاص، وقد يتناول قبيلة مثلاً، إذا دنس عرض واحد، أو واحدة منهم، فالأمر عظيم، وجاء فيه الحد:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور]، هذا تاب، قذف محصنة، وتاب، قذف محصنة، قذف محصنة، وقد رأى العمل بأم عينيه، يعني كلامه مطابق للواقع، مطابق للواقع، وأحضر ثلاثة من الشهود العدول الثقات أنهم رأوا العمل بما لا يحتمل مجالاً للشك، أو التردد، نستحضر هذه الأمور كلها، يعني رأى الميل في المكحلة بنفسه، ومعه ثلاثة، فقذف، وشهد له هؤلاء الثلاثة الثقات يترتب عليه ثلاثة أحكام؛ لأن الأمر ليس بالسهل، يجلد ثمانين جلدة، ولا تقبل شهادته أبداً، مع التأبيد، ويتصف بالفسق:{وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور]، ومعروف الخلاف في الاستثناء، هل يرجع إلى الجمل الثلاث، أو يرجع إلى الأخيرة فقط، أو على ما يرجع؟ في مثل هذا، أما في هذه الآية، فرجوعه إلى الأخيرة محل اتفاق، أما رجوعه إلى الأولى –أيضاً- لا يرجع اتفاقاً، بل لا بد من جلده، ولو تاب، الخلاف في المسألة الثانية، وهي قبول شهادته، قبول شهادته، فهل تقبل شهادته ليعود الاستثناء على الجملتين الثانية، والثالثة؟ أو لا تقبل؛ لأن رد الشهادة اقترن بالتأبيد؟ فمن قبل شهادته قال: إن رد الشهادة سببه الفسق، وارتفع الفسق اتفاقاً، وإذا ارتفع الفسق، وهو الوصف المؤثر في رد الشهادة؛ ارتفع ما ترتب عليه، وهو رد الشهادة، ومنهم من يقول: إن هذا

ص: 7

التأبيد قيد مؤثر، فإلغائه ليس بالسهل، وإمكان إعادة الاستثناء إلى الجملة الأخيرة قول معتبر عند أهل العلم، فلا تقبل شهادته أبداً، وإن تاب.

هذه المسألة هي أصل للمسألة التي معنا، فإذا ردت شهادة القاذف، وتأبد رد شهادته، ولو تاب توبة نصوحاً بشروطها، ترد شهادته، فالذي يكذب على النبي عليه الصلاة والسلام أمره أعظم، وأشد، فينبغي أن ترد روايته، والذين قالوا: إن الاستثناء يعود إلى الأمرين، فتقبل شهادته، قالوا: إن من كذب على النبي عليه الصلاة والسلام ارتكب جريمة، وموبقة من الموبقات، لكن التوبة تهدم ما كان قبلها، وإذا كانت تمحو أثر الشرك، وأثر المعاصي، والجرائم الكبار، فلأن تمحو مثل هذا الأثر من باب أولى، ولذا يقول النووي في شرح مسلم:"وما ذكره هؤلاء الأئمة ضعيف مخالف للقواعد، والمختار القطع بصحة توبته، كالكافر إذا أسلم، كالكافر إذا أسلم" يعني هذه القواعد العامة أنها تقتضي أن من تاب تاب الله عليه، والنصوص تدل على هذا، لكن رد الشهادة إنما هو زيادة في تشنيع الفعل "وأطلق" الصيرفي "الكذب" ولم يقيده بالحديث النبوي:

. . . . . . . . . وزاد أن من

ضُعف نقلاً لم يقو بعد أن

بعد أن حكم بضعفه، يعني بعد أن حكم بضعفه لم يقو، وإن رجع إلى التحري، والإتقان، يعني ضعف بأي ذنب من الذنوب، قيل: فلان فاسق؛ لأنه شرب الخمر، حكم عليه بهذا الحكم، أو سرق، أو فعل، خلاص لا يعود إلى القبول، والتوثيق ما دام وصف بهذا الوصف، هذا الوصف لا يرتفع، لكنه قول ضعيف، قول ضعيف، وإلا لزم عليه أن جمهور المسلمين ممن زاول المعاصي أنهم كلهم ضعفاء، ووصف الفسق لا يرتفع عنهم، وهذا الكلام لم يقل به أحد "وليس كالشاهد" يعني وليس الراوي كالشاهد، يعني فإن شهادته تقبل بعد توبته بخلاف روايته، بخلاف روايته، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، تقبل، كلامه واضح في هذا، كمن أسلم بعد كفره، شخص مسلم، ثم ارتد، ثم تاب، ورجع إلى الإسلام، تقبل، تقبل توبته، وتقبل روايته، يعني ما هو بأعظم من الردة –نسأل العافية-.

"وليس كالشاهد" يعني الراوي في ذلك، فإن شهادته تقبل بعد توبته بخلاف روايته "والسمعاني أبو المظفر يرى في" الراوي "الجاني" يرى:

ص: 8

. . . والسمعاني

أبو المظفر يرى في الجاني

بكذب في خبر. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

نبوي

. . . . . . . . . إسقاط ما

له من الحديث قد تقدما

أبو المظفر السمعاني، الآن هذا الحديث، أو هذا الراوي روى مائة حديث، مائة حديث، وحاله مستقيمة، يعني كل من سُئل عنه قال: ثقة، فوضع حديثاً بعد هذه المائة، وضع حديثاً بعد هذه المائة، أبو المظفر السمعاني يرى أن كل ها المائة كلها باطلة، ولا تقبل منه، ولو رواها في حال استقامته، ولو رواها في حال استقامته؛ لأن العبرة بالخواتيم، العبرة بالخواتيم:

. . . . . . . . . والسمعاني

أبو المظفر يرى في الجاني

بكذب في خبر. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

يعني نبوي

. . . . . . . . . إسقاط ما

له من الحديث قد تقدما

ص: 9

من الحديث ما قد تقدما، مثل ما ذكرنا، يعني لو افترضنا أنه روى مائة حديث في حال الاستقامة، ثم كذب في حديث واحد؛ ترد كل المائة لماذا؟ لأن العبرة بالخاتمة، وتبين لنا من خلال ما ختم له به أن استقامته في الظاهر، وأنه في الباطن ليس بمستقيم، ولو كان مستقيماً ظاهراً، وباطناً لما خذل في آخر الأمر، وهذا يذكرنا بحديث:((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه، وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) لا سيما إذا استحضرنا رواية: ((يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس))، فالذي يعمل بعمل أهل الجنة، ثم يرتد في آخر العمر؛ هل نقول أن عمله الأول صحيح؟ كونه يحبط يحبط، لكن هل هو صحيح هذا العمل، أو أننا نحكم بأنه في الظاهر، وأما في الباطن لا بد أن يكون فيه دخن؟ وقد انطوى هذا العامل، وإن كان عمله في الظاهر سليم، إلا أنه قد انطوى على شيء، على طوية، ودخيلة تؤثر على هذا العمل، بدليل أنه خذل في آخر الأمر، والفواتح كما يقول أهل العلم عنوان الخواتم، يعني لو كان في عمله هذا صادقاً مع الله -جل وعلا- لما خذل، وجه الارتباط بين قول السمعاني، وبين الحديث، ما وجه الارتباط؟ السمعاني يقول: باعتبار أنه كذب في آخر شيء نعم، أبطلنا أحاديثه الأولى؛ لأن كونه ثقة إنما هو فيما يبدو للناس، وهو في الحقيقة ليس بثقة، بدليل أنه خذل في آخر الأمر، وختم له بهذه الخاتمة السيئة، يعني الربط بين كلام السمعاني، وبين هذا الحديث ظاهر، لكن هل يجرؤ الإنسان أن يبطل عمل؛ لأن صاحبه في آخر الأمر ارتد؟ الإحباط منصوص عليه، لكن هل يحبط مطلقاً، أو حبوطه معلق بموته على الكفر؟ وهذا –أيضاً- له أثر فيما نحن فيه، افترضنا راوٍ روى مائة حديث، وهو موثق، ثم كذب على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم تاب، توبة نصوحاً، هل نقول: إن المائة الحديث الأولى باطلة باعتبار أنه تعقبها كذب، ولو تاب بعده، أو نقول: إن هذه المائة الحديث التي رواها في حال الاستقامة لا علاقة لها بكذبه بدليل أنه ختم له بخير؟ فهذا فرع عن الردة، فهل هي محبطة مطلقاً؟ هل هي محبطة للعمل مطلقاً؟ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر]؟

ص: 10

أو الإحباط موقوف على الموت على الكفر؟ {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة]؟، ويظهر مثل هذا الخلاف فيمن حج، مسلم وحج، ثم حصل له ردة، ثم رجع إلى الإسلام، هل نقول: يعيد الحج، أو لا يعيد الحج؟ إحباط العمل مربوط بقوله -جل وعلا-:{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة]، والآية الأخرى فيها قيد، وإلا ما فيها قيد؟ ما فيها قيد الآية الأخرى، بدون قيد، والثانية:{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة] مقيدة، فهل نقول: إن المطلق يحمل على المقيد؟ وبهذا قال جمع من أهل العلم: إن الأعمال صحيحة موقوفة على الخاتمة، أن الأعمال موقوفة على الخاتمة، فإن ختم له بخير أعماله التي قبل الردة صحيحة، ولا يؤمر بإعادتها كالحج مثلاً، والذي يقول: لا، الردة بمجردها محبطة للعمل؛ يأمره بأن يعيد الحج، يأمره بأن يعيد الحج، وهل لمثل هذه الردة الطارئة التي مات على دينه، وإسلامه أثر في العقد، في عقد النكاح مثلاً، يعني لو أن مسلماً -نسأل الله السلامة، والعافية- ارتد، تبين زوجته منه، وإلا ما تبين؟ نعم، يعني لو أسلمت قبله هذه المسالة معروفة، ينتظر كما في قصة زينب بنت النبي عليه الصلاة والسلام مع زوجها أبي العاص، ينتظر حتى يسلم، أو ينتظر حتى تنتهي من العدة على خلاف بين أهل العلم في المسألة، لكن هذا مسلم، وفي عصمته امرأة مسلمة، ثم ارتد، ثم تاب بعد ذلك، هل نقول: إن هذه الردة أحبطت العقد؛ فلا بد من تجديده، أو نقول: مازالت في عصمته؛ لأن العبرة في الخاتمة؟ يعني مثل هذه المسائل توضح ما نحن فيه، والنظائر تكشف القواعد، والمسائل هذه كلها خلافية، هل تبين منه بمجرد الردة؟ أو ينتظر في أمره حتى تخرج من العدة، فإن خرجت بانت منه، بانت منه، فتحتاج إلى عقد جديد؟ أو أنه بمجرد ردته أحبط العقد، فيحتاج إلى عقد جديد، ولو أسلم في يومه، وقل مثل هذا في الحج، إذا حج في حال إسلامه، ثم ارتد -نسأل الله السلامة، والعافية-، ثم رجع إلى الإسلام، فهل يضر؟ المسألة الخلاف فيها ظاهر بين أهل العلم، ولكل دليله، والإعادة هو الأحوط في الأمرين، لكن كونه يرتد لا شك أن هذا يثير في النفس ما يثير في أعماله السابقة، ولأن القيد في الحديث:

ص: 11

((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس))، وإلا لو كان عاملاً، مخلصاً لله -جل وعلا-؛ لكان الله -جل وعلا- ألطف به، وأرأف من أن يذهب عمله سدى، لكن لا بد أن يكون قد انطوى على دخيلة في نفسه.

. . . . . . . . . والسمعاني

أبو المظفر يرى في الجاني

بكذب في خبر إسقاط ما

له من الحديث قد تقدما

ترى هذه المسائل عملية، ويتفرع عليها مسائل كثيرة جداً، ما هي بمسألة –والله- راوٍ أسقطنا أحاديثه، وانتهينا.

السلف عموماً حينما يقرءون حديث ابن مسعود لا يستحضرون القيد: ((فيما يبدو للناس))، ولا يحملون المطلق على المقيد، فتجد الإمام العالم العامل المخلص على خوف شديد من سوء العاقبة؛ لأنه ما يستحضر أنه، أن عمله هذا:((فيما يبدو للناس))، لا، يتهم نفسه، ويتهم عمله، ويخشى، وابن أبي مليكة يقول:"أدركت ثلاثين من الصحابة كلهم يخشى النفاق على نفسه"، فما يقول: أنا –والله- الآن أنا مستقيم، ومخلص، ولا يقول مثل هذا إلا من في قلبه شيء ينافي الإخلاص، بحيث يأمن من سوء العاقبة، فالسلف كلهم، وأقوالهم منقولة، ومتداولة، ومشهورة في الخوف من سوء الخاتمة.

بالنسبة للأحكام في مثل ما ذكرنا من كلام السمعاني، كوننا نسقط المائة الحديث التي تقدمت استرواحاً منا إلى أن عمله، واستقامته غير صحيحة؛ لأنه خذل، هذا لا شك أنه عمل بما في القلب، استناداً إلى مثل هذا، وليس للناس أن يكلفوا إلا الظاهر، فما دام مستقيماً، وروى في حال الاستقامة؛ تقبل رواياته في حال الاستقامة، وترد رواياته إذا اختل هذا الشرط، ونظير ذلك شخص من أهل العلم ألف تفسيراً مثلاً، وتفسير في غاية الجودة، تفسير قوي، ومتين، ومن أبدع .. ، أو شرح للبخاري، أو شرح للسنة، أو ما أشبه ذلك، أو أي كتاب في فنون العلم الشرعي، كتاب يستفاد منه، ثم في النهاية ارتد -نسأل الله السلامة، والعافية-، نستفيد من كتابه هذا، أو نقول: إنه مادام ارتد، فعلمه مدخول، وليس تأليفه لله، فلا نستفيد منه، ويمكن أن يمثل لهذا بكتب، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟ من؟

طالب: القصيمي.

ص: 12

القصيمي نعم "الصراع بين الوثنية والإسلام" كتاب رائع جداً، رائع في غاية الجودة، ثم بعد ذلك حصل له ما حصل -نسأل الله السلامة والعافية-، فهل نرمي بجميع كتبه، ولا نستفيد منها؟ أو نقول: يستفاد، يؤخذ الكلام الصحيح، والقوي يستفاد منه، وما عدا ذلك بعد ردته ما نستفيد منه، ويش المتجه هنا؟ لأن عندك العلم دين، تكرر مراراً:"إن هذا العلم دين؛ فانظر عن من تأخذ دينك"، هل نقول: إن القصيمي حينما ألف كتاب الصراع، على الجادة، وفي استقامة من أمره، وفي إخلاص لله -جل وعلا- بدليل أن الكتاب عظيم، ومتين، أو نقول: إنه من الأصل فيه ما فيه، ثم بعد ذلك أظهر ما عنده؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو كونه الإعجاب ظاهر من أساليبه، الإعجاب بعلمه، ونفسه ظاهر، يعني في مقدمة البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية، في مقدمة القصيدة يمدح فيها نفسه، ومثل هذا لا شك أنه يورث، أو يوجد في القلب ريبة لطالب العلم المخلص، فهل نقول: إن هذا العلم دين؛ فلا تأخذ علمك، ودينك من مثل هذا، أو نقول: إن الحكمة ضالة المؤمن، ويستفاد من الكلام الحق على أي جهة كانت؟

طالب:. . . . . . . . .

أما كونها فيها فوائد، كتبه التي ألفها في أول الأمر فيها فوائد، فيها قوة، ومتانة، وأمر عجب، ولذلك الإنسان لا يأمن على نفسه، مهما بلغ من العلم، والتدين، ليكن على وجل دائم من سوء العاقبة، والله المستعان.

الخلاصة: إن من تاب من الكذب الجمهور على قبول توبته، وما الذي يحول بينه، وبين التوبة، فالذي يسلم بعد الشرك، أو يرتد، ويرجع إلى الدين تقبل توبته، والذي قتل مائة نفس ما الذي يحول بينه، وبين التوبة؟ وهكذا الجادة، والقواعد العامة تدل على أن توبته مقبولة، وأن روايته بعد ذلك بعد الاستقامة مقبولة، وأن الإنسان قد تتغير حاله أفضل، أو إلى أسوأ، ولكل حالة حكها، وليس للناس إلا الظاهر.

الفصل العاشر الذي يليه:

ومن روى عن ثقة فكذبه

فقد تعارضا ولكن كذبه

لا تثبتن بقول شيخه فقد

كذبه الآخر واردد ما جحد

ص: 13

"من روى عن ثقة فكذبه" من روى وهو ثقة من الأصل، من روى من الثقات عن شيخ ثقة، حديثاً فكذبه الأصل، صريحاً كقوله: كذب علي، يقول: حدثني زيد، يقول عمرو: حدثني زيد، وعمرو ثقة، وزيد ثقة، فقال زيد: أبداً، كذب أنا ما نقلت له هذا الخبر، الثقة مفترضة في الاثنين، في الراوي، والمروي عنه، في الأصل والفرع،

ومن روى عن ثقة فكذبه

فقد تعارضا. . . . . . . . .

ص: 14

في قولهما، كالبينتين إذا تكاذبتا "فقد تعارضا" يعني في قولهما كالبينتين إذا تكاذبتا، ولكل واحد، أو لكل قول واحد منهما ما يرجحه، ما يرجحه، فالأصل المروي عنه يرجحه أنه مصدر الخبر، فإذا كذب المصدر، إذا سقط المصدر سقط الفرع، كالشهادة، لو قال: أشهد أن فلاناً يشهد على فلان، ثم قال: الأصل أبداً أنا ما أشهد، تسقط شهادة الفرع، وهنا الرواية إذا قال عمرو: حدثني زيد، فقال زيد: كذب أنا ما حدثته، فالأصل زيد، ومادام الأصل كذَّب الفرع إذن، مادام هو الأصل، فالرجوع إليه أولى، وأحرى؛ لأنه منبع الخبر، يعني لو أن -على خلينا بالواقع- إذاعة نقلت عن إذاعة خبراً، ثم الإذاعة المنقول عنها قالت: أبداً، نحن ما قلنا هذا، أو صحيفة نقلت عن صحيفة، لكن مثل هذا في وقتنا يمكن الوصول إلى الحقيقة، بخلاف الكلام الشفوي الذي لا يمكن الوصول فيه إلى الحقيقة، الكلام الشفوي لا يمكن الوصول فيه إلى الحقيقة، يحدثه شفوياً، ثم ينكر كيف تثبت أنه بالفعل حدث، أو لم يحدثه؟ لكن لو أن إذاعة أخذت من إذاعة خبراً، ثم نفوا كما يقال على .. ، باستمرار يقولون: إن هذا الخبر عار عن الصحة تماماً، ثم قد يثبت من جهة أخرى، وقد ينفى، يثبت النفي، الوصول إلى الحقيقة ممكن في هذه الوسائل، لكن يبقى أنه إذا حدثه شفوي، قال عمرو: حدثني زيد، ثم قال زيد: كذب علي أنا ما حدثته، وهو الأصل، وهو المنبع، هذا يرجح جانب الأصل، وإذا قال الراوي عنه حدثني، وهو ثقة المفترض في الثقة أنه لا يكذب، واحتمال أنه ضبط، وحفظ، والأصل نسي، نسي، حدث ونسي، ما يمكن أن يحدث، وينسى؟ يمكن، يعني في المجلس الواحد يحدث شخصاً، ثم يحفظ عنه هذا الشخص ما حدث به، وبعد سنين يذكر هذا الخبر، فيكون الأصل قد نسيه، يقول: أنت قلت لنا هذا؟ قال: أبداً أنا ما قلت، لا قلت يا أخي نذكرك في بيت فلان، في يوم كذا، في مناسبة كذا، ثم لا يتذكر، هذا يحصل، ينسى الأصل.

ومن روى عن ثقة فكذبه

فقد تعارضا. . . . . . . . .

يعني كالبينتين، ولكل واحد منهما ما يرجح قوله "ولكن كذبه" أي الراوي "لا تثبتن" بنون التوكيد الخفيفة، وإذا اقترن الفعل المضارع بنون التوكيد سواءٌ كانت خفيفة، أو ثقيلة يبنى؟ يبنى على الفتح:

ص: 15

. . .

وأعربوا مضارعاً إن عريا

عن نون توكيد مباشر ومن

نون إناث كيرعن من فتن

إذا التصقت به نون التوكيد سواءٌ كانت خفيفة، أو ثقيلة؛ فإنه يبنى على الفتح "لا تثبتن" بقوله، أو "بقول شيخه"، "لا تثبتن بقول شيخه" هذا بحيث يكون جرحاً له، يعني ما تقول: ما دام قال الشيخ، وهو ثقة: كذب علي، أننا نثبت أنه كذب، يعني ما دام حكم عليه شيخه بأنه كذاب؛ هل نأخذ بقول شيخه؟ وهو يقول: حدثني وهو ثقة، وكلاهما ثقة، ما يحكم على طرف من قبل الطرف الآخر "فقد كذبه الآخر" فقد كذبه الآخر أيضاً، فإنه يقول: بل سمعته منه، وليس قبول قول أحدهما بأولى من قبول قول الآخر:

. . . . . . . . . فقد

كذبه الآخر واردد ما جحد

"اردد ما جحد" نعم؟ كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

الحديث الذي جزم الشيخ بأنه كذب عليه، هذا يرد، لكن لا يلزم أنت ترد بقية أحاديثه؛ لأنه ثبت أنه كذاب، واردد ما جحد، يعني إذا جحد بعزم، بجزم قال: أبداً أنا ليس من مروياتي هذا الحديث، ليس من مروياتي هذا الحديث "وإن يرده بـ" قوله "لا أذكر"، "وإن يرده بلا أذكر" يعني لا أذكر هذا الحديث، ولا أعرف أني حدثته به "أو" نحوهما من العبارات "ما يقتضي" يعني ما يحتمل "نسيانه" كـ: لا أعرف أنه من حديثي "فقد رأوا""الحكم للذاكر" يعني جمهور المحدثين رأوا أن الحكم للذاكر، يعني إذا روى عمرو عن زيد، ثم قال زيد: والله أنا ما أذكر شيئاً نسيت، ما أذكر شيئاً؛ فالحكم لمن؟ "للذاكر" لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ:

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . فقد رأوا

الحكم للذاكر عند المعظم

. . . . . . . . .

ص: 16

"الحكم للذاكر عند المعظم" وهو الراوي، كما هو قول المعظم من الفقهاء، والعلماء، وصححه جماعات منهم ابن الصلاح؛ لأن الراوي مثبت، والشيخ نافٍ، ولأنه ثقة، ثقة جازم غير متردد، والمروي عنه كلامه محتمل، متردد؛ لأنه يقول: لا أذكر، فلا ترد، يرد هذا الجزم من الراوي بالاحتمال، والتردد من قبل الشيخ، لاحتمال نسيانه "وحكي الإسقاط" في المروي أي عدم قبوله بذلك "عن بعضهم" وهم قوم من الحنفية؛ لأن الراوي فرع للشيخ، فهو تابع له، مادام الشيخ نسي، وقال: ما أذكر هذا الحديث، فكيف يثبت حديث من طريق شخص متردد فيه؟ الشيخ متردد، فكيف يثبت هذا الحديث، والراوي متردد؟ هذا "حكي الإسقاط عن بعضهم" لكن القول الأول هو قول الأكثر، والنسيان يطرأ على الإنسان، فإذا كان الراوي عنه ثقة، ومتأكد من أنه حدثه به، فيقبل قوله، ويثبت الخبر.

هذا الشخص الذي حدث، ونسي ألا يحتمل أنه من الأصل ضعيف الحافظة، فلو كان حافظاً، جازماً، حازماً في حفظه ما نسي، نقول: النسيان لا يعرو منه أحد، لكن إن كثر، فهذا في حديثه أثر عليه "كقصة الشاهد، واليمين" مثال ذلك: قصة الشاهد، واليمين المروي بلفظ:"أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى باليمين مع الشاهد" إذ نسيه سهيل، يعني ابن أبي صالح الذي أُخذ عنه عن أبيه عن أبي هريرة، سهيل ابن أبي صالح يروي عن أبيه عن أبي هريرة:"أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بالشاهد، واليمين"، لكن سهيل نسي:

كقصة الشاهد واليمين إذ

نسيه سهيل الذي أخذ

عنه. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

ص: 17

يعني عن أبيه عن أبي هريرة "فكان" سهيل "بعد عن ربيعة" بن أبي عبد الرحمن "عن نفسه يرويه" عن ربيعة الذي يرويه عنه، ربيعة يرويه عن سهيل، فنسي سهيل الحديث، فكان سهيل يقول: حدثني ربيعة عني أني حدثته بكذا "فكان بعد" يعني سهيل بعد "عن ربيعة" بن أبي عبد الرحمن، ربيعة الرأي "عن نفسه يرويه" فيقول: أخبرني ربيعة أنني حدثته بهذا الحديث، حدثني ربيعة عني أني حدثته بهذا الحديث "يرويه لن يضيعه" يرويه لن يضيعه؛ لأن سهيلاً ثقة، وربيعة ثقة، والحديث مروي عن ثقات، فإضاعة هذا الخبر بسبب النسيان الذي هو ملازم للإنسان نعم، لا لشك أنه تضييع لحكم شرعي "لن يضيعه" يعني لن يتركه لمجرد نسيانه، وقد ألف الخطيب البغدادي، والدارقطني فيمن حدث ونسي، فيمن حدث ونسي، وللسيوطي "تذكرة المؤتسي في من ذكر من حدث ونسي"، هذه المسألة، وهي نسيان الأصل، نسيان الأصل، جعلت بعض العلماء ينهى عن الرواية عن الأحياء، ينهى عن الرواية عن الأحياء؛ لأن الأحياء ينسون، ثم إذا روى عن هذا الحي الذي نسيَ، وقال: إني ما أذكر أني حدثته، يقع الراوي عنه في حرج عظيم، يعني تصور أنك نقلت فتوى عن شيخ، قبل .. ، أيام الطلب، يعني قبل عشرين سنة، أو ثلاثين سنة، تقول: والله الشيخ فلان أفتانا بكذا أيام كنا طلاباً، ثم يذهبون الناس إلى الشيخ ليتأكدوا من هذه الفتوى، قال: أبداً أنا ما قلت شيء، ويش موقفك؟ ويش موقفك عند من نقلت عنهم: إن الشيخ قال كذا؟ يعني مهما بلغت من الثقة، والإتقان الشيخ هو الأصل، يعني إذا كذب الأصل، فالفرع تبعاً له، والنسيان كما يطرأ على الشيخ يطرأ على الطالب أيضاً، فلأجل هذا نهى بعضهم عن الرواية عن الأحياء، أنت إن بغيت أن تنقل عن أحد اصبر لين يموت؛ على شان ما يكذبك، وتقع في حرج.

والشافعي نهى ابن عبد الحكم

. . . . . . . . .

نهى محمد بن عبد الله بن الحكم حينما روى عنه حكاية فأنكرها، ابن عبد الحكم نقل عن الشافعي كلاماً حكايةً، فقال الشافعي: ما أدري أنا قلت، أبداً ما أذكر أني قلت هذا الكلام، ثم قال له: إياك، والرواية عن الأحياء؛

ص: 18

لأنه لا سيما إذا كان المنقول عنه محل ثقة من الناس، يعني أنت بالنسبة له يعني كالطالب، لكن لو كان العكس الشيخ هو محل الثقة، وهو اللي ينقل عنك أنك مثلاً مشاغب في القاعة أيام الطلب، يقول: فلان كان أيام الطلب مشاغب، وآذانا، وآذى زملاءه، ثم تقول، ثم أنت فيما بعد يراك الناس على هيئة تامة، وشيخ، ولا يستنكرون من تصرفاتك شيئاً، ثم يقولون إذا قال الشيخ في مجلس: كان فلان آذانا في أيام الطلب، فلا شك أن الشيخ هو محل الثقة في الغالب، وإن تغيرت حالك فيما بعد.

فالشافعي رحمه الله نهى ابن عبد الحكم حينما روى عنه حكاية، فأنكرها على أنه لا يروي عن الحي:

نهى ابن عبد الحكم

يروي عن الحي لخوف التهم

"لخوف التهم" هذا إذا كان للخبر الذي يرويه عن هذا الشيخ الحي طريق أخرى، تقوم به الحُجة، تقوم به الحجة، ويثبت به الخبر، أما إذا لم يكن له طريق آخر، ما في إلا عن طريقي، وعن طريق هذا الشيخ، وكلكم ثقات، والشيخ احتمال يكون ينسى، أو ما ينسى هذا أمر إليه، لكن تضيع السنة من أجل أنك تخشى أن الشيخ ينسى، ثم تقع في حرج، لا، لا بد من التبليغ، لا بد من تبليغ الخبر، ولو خشيت ما خشيت، والله المستعان.

اللهم صلي على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال العراقي -رحمه الله تعالى-:

ومن روى بأجرة لم يقبل

إسحاق والرازي وابن حنبل

وهو شبيه أجرة القرآن

يخرم من مروءة الإنسان

لكن أبو نعيم الفضل أخذ

وغيره ترخصاً فإن نبذ

شغلا به الكسب أجز إرفاقا

أفتى به الشيخ أبو إسحاقا

ورد ذو تساهل في الحمل

كالنوم والأدا كلا من أصل

أو قبل التلقين أو قد وصفا

بالمنكرات كثرة أو عرفا

بكثرة السهو وما حدث من

أصل صحيح فهو رد ثم إن

بين له غلطه فما رجع

سقط عندهم حديثه جمع

كذا الحميدي مع ابن حنبل

وابن المبارك رأوا في العمل

قال: وفيه نظر نعم إذا

كان عناداً منه ما ينكر ذا

وأعرضوا في هذه الدهور

عن اجتماع هذه الأمور

ص: 19

لعسرها بل يكتفى بالعاقل

المسلم البالغ غير الفاعل

للفسق ظاهراً وفي الضبط بأن

يثبت ما روى بخط مؤتمن

وأنه يروي من أصل وافقا

لأصل شيخه كما قد سبقا

لنحو ذاك البيهقي فلقد

آل السماع لتسلسل السند

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الناظم الحافظ العراقي في الفصل الحادي عشر من الفصول التي ذكرها -رحمه الله تعالى- قال:

ومن روى بأجرة لم يقبل

. . . . . . . . .

من روى الحديث بأجرة، بأن قال: لا أحدث إلا بكذا، أو كل حديث بكذا، أو كل يوم بكذا، من روى الحديث بأجرة، أو جعالة بأن يكون الأجر على عموم العمل، سواءٌ كان في زمن قصير، أو طويل، من أراد أن يعلمه كتاب كذا، فبكذا "لم يقبل" روايته "إسحاق" بن راهوية، إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، المعروف بابن راهوية، الإمام العلم المشهور، والإمام أبو حاتم الرازي، والإمام أحمد بن حنبل:

ومن روى بإجرة لم يقبل

إسحاق والرازي وابن حنبل

"وهو" يعني المأخوذ على ذلك من أجرة، أو جعالة، ونحوهما "وهو شبيه أجرة":

وهو شبيه أجرة القرآن

. . . . . . . . .

وهو يعني المأخوذ على ذلك شبيه بأجرة معلم القرآن، شبيه بأجرة معلم القرآن، ونحوه في الجواز، وعدمه، ولا شك أن العلم عبادة، العلم الذي يبتغى به وجه الله، علم الوحيين عبادة، ولذا لا يجوز التشريك فيه، فهل الأجرة تؤثر فيه، أو لا تؤثر؟ يعني لو قال: لا أصلي بكم إلا بكذا، لا أصلي بكم إلا بكذا، أهل العلم يمنعون من هذا، والإمام أحمد يقول: من يصلي خلف هذا؟! في العبادات المحضة، لا سيما وأنها لا تعوق عن تحصيل الرزق، أعني مثل الصلاة، لكن العلم، وهو عبادة محضة قد يعوق عن تحصيل الرزق له، ولمن تحت يده، فيكون له عذر، ومبرر، إضافة إلى أنهم شبهوا هذه الأجرة التي يأخذها المحدث بأجرة معلم القرآن، وجاء فيها النص الصحيح الصريح:((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) فماذا عن الأجرة على التحديث؟ هل نقول: إذا جاز ذلك في كتاب الله جاز في الحديث من باب أولى، أو لا؟

يقول:

وهو شبيه أجرة القرآن

يخرم من مروءة الإنسان

ص: 20

"يخرم من مروءة الإنسان" يعني شبيه بأخذ الأجرة على القرآن في الجواز وعدمه، في الجواز وعدمه، وفي الجواز الحديث الصحيح الذي سمعتم، وفي عدمه حديث عبادة في القوس الذي أهدي له من قبل من علمه، وأفتى، ذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فمنعه، ولكن الحديث فيه مقال، لا يقاوم حديث:((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) "يخرم" الأخذ على التحديث يخرم، أي: ينقص من مروءة الإنسان، والمقصود بالإنسان الآخذ لذلك الأجر، إذ قد شاع بين أهل الحديث رداءة ذلك، إذ قد شاع بين أهل الحديث رداءة ذلك، وأنهم يتكلمون فيمن يأخذ الأجر على التحديث، وأن هذا لا شك أنه محل لكلامهم، قد شاع بين أهل الحديث رداءة ذلك، وتنزيه العرض عن النظر إليه؛ لأن الذي يأخذ، الذي يأخذ الأجرة على مثل هذه الأعمال لا شك أن نفسه قد تنازعه إلى ما وراء ذلك، إلى ما وراء ذلك، وبعض الناس يمتنع من الأخذ على الرقية، وفيها حديث أبي سعيد الصحيح، وأنه أخذ ثلاثين رأساً من الغنم في مقابل رقية رئيس القوم الذي لدغ، بعض الناس يتورع من هذا يقول: لأني إذا أخذت ما انتهيت، والنفس لا نهاية لها، حتى أن بعض الكبار الأثرياء الذين لا يؤثر عليهم أن يدفعوا له، يمتنع من الأخذ منهم، يقول: إذا أخذت من الكبار أخذت من الصغار، إذا أخذت من الأغنياء دعتني نفسي إلى الأخذ من الفقراء، فلا شك أن النفس تحتاج إلى فطام، تحتاج إلى فطام، وإذا دخلت، وولجت في مثل هذه الأمور لم تنته، إذا ولجت في مثل هذه الأمور ما انتهت، فالإنسان عليه أن يتورع عن مثل هذه الأمور، وإن كان الأصل في المسألة الجواز، فأبو سعيد أخذ الأجرة ثلاثين رأس من الغنم، وأقره النبي عليه الصلاة والسلام، وقال:((اضربوا لي منها بسهم))، والخضر أقام الجدار، ولم يأخذ أجراً مع أنهم استضافوا أهل القرية، ومنعوهم، استضافوهم، فمنعوهم، فأيهما أكمل، صنيع أبي سعيد الذي أقره النبي عليه الصلاة والسلام، وأخذ منه:((اضربوا لي بسهم))، أو صنيع الخضر؟ أو صنيع موسى لما سقى للمرأتين، هاه؟ مكلف بأن يبني الجدار، وما فعلته عن أمري، وما فعلته عن أمري، لكن ما الذي يمنعه من أخذ الأجرة، كما استدرك عليه موسى عليه السلام؟ لا شك أن

ص: 21

صنيعه بالنسبة لفعله كامل، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

إيه لأن عندنا قضايا منها قصة الخضر حينما أقام الجدار، ولم يأخذ أجراً، مع أنهم استضافوهم، فلم يضيفوهم، وقصة أبي سعيد نعم لم يضيفوهم، وأخذ الأجر، وأقره النبي عليه الصلاة والسلام، وموسى عليه السلام سقى للمرأتين بدون أجرة، اللهم إلا إذا كان تزويجه بإحداهما مكافئة له، لكن الذي يظهر أن المكافئة للتزويج في مقابل .. ؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم العمل عند أبيهما ثمان، أو عشر سنين، وأتم الأكمل اللي هو العشر، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

شارط هو، وقال: ما أقرأه عليه إلا بكذا، ما أقرأ عليه إلا بكذا، الإباحة لا إشكال فيها، والجواز:((وإن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله))، أو كلام الله، هذا ما فيه إشكال أقره النبي عليه الصلاة والسلام، وقال:((اضربوا لي بسهم))، فهو مال مباح لا شبهة فيه، وكون الرسول عليه الصلاة والسلام أقره، وقال:((اضربوا لي بسهم)) لا تدل على الجواز، وإذا دل على الجواز لا يعني أنه الأكمل، فقد ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء، ثم يفعله لبيان الجواز، ولا يعني أن فعله أكمل من عدم فعله، ولا شك أن ترك مثل هذه الأمور، والتعامل مع الناس بشيء من التسامح أكمل، وأولى.

وهو شبيه أجرة القرآن

يخرم من مروءة الإنسان

جرت عادة الناس أن الذي يعلم الناس القرآن بأجرة لا يخرم من مروءته، والذي يعلم الحديث بأجرة يخرم من مروءته، هكذا قال أهل العلم:

وهو شبيه أجرة القرآن

. . . . . . . . .

لكنه:

. . . . . . . . .

يخرم من مروءة الإنسان

ص: 22

وليس قوله: يخرم من مروءة الإنسان، عائد إلى الأمرين؛ لأن أجرة القرآن فيها النص، فيها النص الصحيح الصريح، وأما الأجر على التحديث؛ فإن قلنا بالقياس أجزناه من باب أولى؛ لأنه إذا جاز في كلام الله جاز في كلام غيره، كلام النبي عليه الصلاة والسلام فضلاً عن غيره؛ لأن من أهل العلم من يأخذ الأجرة على غير العلوم الشرعية، يعني يمتنع من أخذ الأجرة على القرآن، والتفسير، والحديث، وعلوم الحديث، وعلوم القرآن، والفقه، والعقيدة، وما يخدم ذلك، يعني من العلوم الشرعية، يمتنع امتناعاً شديداً، ويأخذ الأجرة على علوم العربية، والتواريخ، وما أشبه ذلك، فيرى أن هذه عبادة لا يؤخذ عليها أجر، وتلك فن من فنون المعرفة، مثل الصناعة، والتجارة، والزراعة، وغيرها.

لكن أبو نعيم الفضل أخذ

. . . . . . . . .

لكن الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين، شيخ الإمام البخاري أخذ الأجرة، أخذ عوضاً عن التحديث، وكذا أخذ غيره، كعفان بن مسلم شيخ البخاري، وهما من الثقات الأثبات "ترخصاً" يعني للحاجة للحاجة، قال علي بن الخشرم: سمعت أبا نعيم -يعني الفضل بن دكين- يقول: يلومنني على الأخذ، وفي بيتي ثلاثة عشر نفساً، وفي بيتي ثلاثة عشر نفساً، وما فيه رغيف، وما فيه رغيف، فمثل هذا أيهما أفضل يأخذ أجرة في مقابل حبسه عن التكسب، أو يتكفف الناس، ويسألهم، أو يترك التحديث بالكلية، يعني ثلاثة خيارات؛ إما أن يترك التحديث بالكلية، وينصرف إلى طلب الرزق، أو يتكفف الناس، ويسألهم من أموالهم، أو يأخذ أجرة في مقابل انحباسه للطلاب، وهذا أخفها، هذا أخفها، ومنهم من جوز الأخذ من غير طلب، يعني إن جاءه شيء أخذه، وإن ما جاءه شيء ما سأل، ومنهم من كان يأخذ من الأغنياء فقط، من الأغنياء فقط، ومنهم من يأخذ من أهل البلد، ولا يأخذ من الغرباء، وهذا موجود في سير أهل العلم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

وهذا القول قلناه، منهم من يأخذ بغير طلب، ومنهم من يأخذ بغير طلب، إن جاءه شيء أخذه، وإن لم يأت شيء ما سأل.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

المشارطة؟

طالب: إيه.

ص: 23

لا، لا؛ أصل الأخذ، أصل الأخذ من أهل العلم من يمنعه بالكلية، ومنهم كالحافظ أبي نعيم الفضل بن دكين أخذ عوضاً عن التحديث، وكذلك عفان بن مسلم، وهما من شيوخ البخاري الثقات الأثبات "ترخصاً" يعني للحاجة "فإن نبذ" أي ألقى، أو أوجد "شغلاً به" أي بالتفرغ للتحديث "شغلاً به الكسب" الكسب لنفسه، وعياله "أجز" الأخذ "أجز إرفاقاً" أجز الأخذ لمن حدث ممن شغل عن الكسب لنفسه، ولأولاده إرفاقاً به في معيشته، عوضاً عما فاته من الكسب بدلاً من أن يترك الحديث، وينصرف إلى التكسب، أو يتكفف الناس، ويسألهم من أموالهم "أفتى به الشيخ" أي فقد أفتى به أي بجواز الأخذ "الشيخ أبو إسحاقا" يعني الشيرازي، الشيرازي لما سأله ابن النقور لكون أصحاب الحديث يمنعونه من الكسب، فكان يأخذ كفايته، فكان يأخذ كفايته فقط، ولا يزيد على ذلك، فالحاصل أن الأخذ أخذ الأجرة على التحديث لكونها تشغل الإنسان، وتأخذ من وقته جائز، لكنه خلاف الأولى، وخلاف المروءة، اللهم إلا إذا اضطر إلى ذلك كحال أبي نعيم الفضل بن دكين، الذي بيته مملوء من النساء، والذرية، وليس فيه رغيف، فمثل هذا يعذر، لكن الذي يأخذ تكثراً، عنده الأموال، وعنده الأزواد التي تكفيه لسنته، ولأولاده، ثم يشارط الناس على هذا، وللمحدثين قصص تدل على تمام الورع، من بعضهم، من بعضهم، والبعض الآخر لا شك أن لديه حرص، شيء من الحرص على الدنيا، فيشارط، وإذا أعطي شيئاً قليلاً رده، ومنع الطالب من التحديث، منعه من السماع، وعلى كل حال الناس يتفاوتون في هذا، وما جبلوا عليه من حب للدنيا، وانصراف عنها، من الناس الدنيا ما تهمه، ومن الناس من دخل حبها قلبه، فمثل هذا يأخذ، وذاك يتورع، ولو كان بأمس الحاجة.

المقصود أن مثل هذا يخرم المروءة لا سيما إذا كان مع عدم الحاجة.

ثم قال في الفصل الثاني عشر: "ورد" يعني من قبل أهل الحديث:

ورد ذو تساهل في الحمل

. . . . . . . . .

ص: 24

أي تحمل الحديث "كالنوم" يعني كالذي ينعس، أو ينام في الدرس، هذا متساهل في التحمل، كالتحمل في حال النوم، الواقع منه، أو من شيخه، يعني إذا كان الطالب ينعس؛ هذا لا شك أن تحمله فيه ما فيه، وكذلك إذا كان الشيخ ينعس، والطالب يتحمل منه في هذا الحال؛ لا شك أن تحمله رديء، وبالنسبة للشيخ يكون أداؤه رديئاً:

. . . . . . . . .

كالنوم والأداء كلا من أصل

"والأداء كلا من أصل" يعني أي: كالذي يحدث، أو كالذي يروي من أصل غير صحيح، وهو غير حافظ لكتابه؛ لأن بعض الناس عنده مرويات، وهذه المرويات يدونها في كتابه، الشيخ يملي إما من حفظه، أو من كتابه، ثم بعد ذلك هذا ينقل، فهذا النقل قد لا يكون صحيحاً، يكون فيه أخطاء، ولذا يشترطون المقابلة، يشترطون المقابلة على أصول:

. . . . . . . . .

وقال يحيى النووي: أصل فقط

يعني تكفي المقابلة على أصل واحد، وأما أكثر أهل العلم على أنه لا بد من المقابلة على أصول؛ ليخرج أصله، وكتابه صحيحاً، والكتاب الذي لا يقابل تكثر فيه الأخطاء، والشواهد كثيرة في المخطوطات، تجد أن الكتاب المقابل على نسخ تجده جيد، وهو نادر الأخطاء، أما الكتاب الذي نسخ من غير مقابلة، ثم ينسخ ثانية من غير مقابلة، ثم يخرج أعجمي، يخرج أعجمي، وقل مثل هذا في المطبوعات، المطبوعات التي لا يراجعها أهل الاختصاص، وأهل العلم يكون فيها أخطاء كثيرة، يكون فيها أخطاء كثيرة، وأحياناً الأخطاء تبين لأدنى الناس معرفة، يعني قد يكون الخطأ في عنوان الكتاب، عنوان الكتاب، الإمام البخاري له "جزء القراءة خلف الإمام"، طبع على غلاف الكتاب "جزء القراءة خلف الصلاة"! فإذا كان العنوان الكبير هذا عنوان الكتاب خطأ، فما بالك بالمضمون؟ يعني هذه نتيجة النشر من غير مراجعة، ولا يراجعها، لو يراجعها أدنى الناس، يعني من يعرف القراءة، والكتابة يراجع المطبوع على ما طبع منه أدرك مثل هذا، لكن هناك أمور لا يدركها إلا أهل الاختصاص، ولذا تميزت بعض المطابع بأن فيها لجان علمية تراجع، وقل مثل هذا في الكتب التي تنسخ باليد، لا بد من مقابلتها على الأصول، فالذي يحدث من كتاب غير مقابل، وفيه من الأخطاء ما فيه هذا رُدَّ؛ لأنه متساهل في تحديثه.

ص: 25

"كلا من أصل" يعني كالمروي لا من أصل صحيح، وهو غير حافظ له "أو قبل التلقين" ورد المحدثون –أيضاً- رواية من قبل التلقين في الحديث، بأن يلقن الحديث، فيحدث به، يلقن الحديث، فيحدث به، فيقال له: هذا حديثك عن فلان، هذا حديثك عن فلان؟ فيقول: نعم، فيحدث به، يلقن، فيقبل التلقين، وهذا مر بنا قبل ذلك:

أو قبل التلقين أو قد وصفا

. . . . . . . . .

من الأئمة "بالمنكرات" يعني برواية المنكرات، أو برواية الشواذ "كثرة" يعني لا نادراً؛ لأن التحديث بالمنكرات، والشواذ النادر لا يخرم في حفظ الراوي؛ لأن الضابط عندهم قبل في معرفة الضبط، وعدمه عرض مروياته على روايات غيره من الثقات:

ومن يوافق غالباً ذا الضبط

فضابط أو نادراً فمخطي

فإذا كثرت الشواذ، والمخالفات، والمنكرات؛ فإنه يرد "أو قد وصفا بالمنكرات" يعني بروايتها، ومثلها الشواذ "كثرة" يعني لا نادراً، "أو عرفا" أو عرف هذا الراوي "بكثرة السهو" أو الغلط في روايته، يعني بعض الناس غلطه كثير، من يسلم، ومن يعرو من الخطأ والنسيان، لكن إذا كثر الخطأ، والغلط في مرويات الراوي بغض النظر عن صوابه، يعني أهل الحديث ينظرون إلى الخطأ فقط، فإذا كثر ردت أحاديثه، يعني شخص يروي ألف حديث غلط في مائتي حديث، هذا يرد حديثه، هذا عند أهل الحديث لا ينظرون إلى الصواب، وأهل النظر، وإن كانوا لا عبرة لهم في مثل هذه المسألة، يقولون: ينظر إلى الخطأ والصواب، فإن كان الأكثر الصواب قبل، وإن كان الأكثر الخطأ رد، ومثل هذا لا يعول فيه على أهل النظر، ولذا حد بعضهم الكثرة بالسبع، بسبع المرويات "أو عرف بكثرة السهو" أو الغلط في روايته، والحالة أنه "ما حدث من أصل صحيح" يعني يحدث من حفظه، فيستدل بذلك على أن حفظه ضعيف، على أن حفظه ضعيف، فإن حدث من حفظه، أو من أصل غير صحيح؛ فإنه حينئذٍ يرد "فهو ردٌّ" يعني مردود، رد مصدر، ويراد به اسم المفعول، رد يعني مردود، كالحمل يراد به المحمول:

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . ثم إن

بين له غلطه فما رجع

سقط عندهم. . . . . . . . .

ص: 26

بين له غلطه، قيل له: أنت أخطأت في هذا الحديث، أخطأت في هذا الحديث، في حديث مثلاً، الذي مر بنا:"نهى أن تتخذ الروح عرضاً"، قيل له: الصواب: "نهى أن تتخذ الروح غرضاً"، يعني للسهام، قال: لا، أبداً، كلامي هو الصواب، وقيل له، قال له واحد، واثنين، وثلاثة، وعشرة، ويصر على ذلك، يصر على غلطه؛ هذا يسقط عندهم، عند المحدثين يسقط الاحتجاج به.

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . ثم إن

بين له غلطه فما رجع

سقط عندهم. . . . . . . . .

ص: 27

أي عند المحدثين "حديثه جُمَع" يعني جميع حديثه يسقط، فلا يُحتج بشيء منه؛ لأنه يحكم عليه بالضعف، لأنه يحكم عليه بالضعف، وإذا حكم عليه بالضعف انتهى، لا يقبل "كذا الحميدي" عبد الله بن الزبير، شيخ البخاري "مع ابن حنبل" يعني مع الإمام أحمد بن حنبل "وابن المبارك" يعني ومع عبد الله بن المبارك المروزي "رأوا" إسقاط حديثه بذلك، رأوا إسقاط حديثه بذلك، يعني بكونه يصر على الغلط، أما من يخطئ، فإذا نبه تنبه، ولم يكثر الخطأ في روايته، فمثل هذا مقبول، ومن يصر، ولو قل خطأه، إذا بين له الخطأ وأصر مثل هذا يرد حديثه، رأوا إسقاط حديثه بذلك "في العمل" احتجاجاً، وروايةً، احتجاجاً، وروايةً، حتى تركوا الكتابة عنه، يعني صار ضعفه شديداً، ولا يكتب عنه؛ لأن من الرواة من يكتب حديثه للاحتجاج، والعمل، ومنهم من يكتب حديثه للاستشهاد، فيعتبر به "قال" يعني ابن الصلاح، قال يعني ابن الصلاح:"وفيه نظر" لأنه ربما يعتقد صدق ما قيل له، ربما لا يعتقد صدق ما قيل له؛ لأن له وجهة نظر؛ لأنه ما كل من يرد .. ، ما كل من يرد يكون الصواب معه، وكم من شخص رد على غيره، والصواب مع المردود عليه، نعم، فإذا امتنع من القبول؛ لأنه يرى أن الصواب معه، فإنه حينئذٍ لا يرد حديثه، ثم يرجح بين الأمرين لا يرد مباشرة، وإنما بعد الترجيح يرد حديثه هذا؛ لأنه خالف فيه "نعم إذا"، "نعم إذا كان" عدم رجوعه إلى قول من ينبهه على الخطأ "عناداً منه" لا حجة له فيه، ولا مطعن عنده يبديه، إذا رد عليه، وبين له الخطأ، إذا لم يقبل؛ لأن عنده وجهة نظر، هذا لا يرد كما قال ابن الصلاح، وإن كان عدم انقياده، وإذعانه مجرد عناد، مجرد عناد، يقول: أبداً الصواب معي، ولا يبدي وجهة نظر، ولا شيء:

. . . . . . . . . نعم إذا

كان عناداً منه ما ينكر ذا

يعني القول برد حديثه، وسقوط حديثه، وعدم الكتابة عنه على ما تقدم.

ثم بعد ذلك الفصل الثالث عشر: "وأعرضوا" يعني المحدثين "في هذه الدهور" يعني في العصور المتأخرة:

وأعرضوا في هذه الدهور

. . . . . . . . .

يعني في العصور المتأخرة بعد عصر الرواية:

. . . . . . . . .

عن اجتماع هذه الأمور

ص: 28

"عن اجتماع هذه الأمور" يعني الشرائط التي تقدمت، التي ذكرها الناظم في صفة من تقبل روايته، ومن ترد في أول الفصل:

أجمع جمهور أئمة الأثر

والفقه في قبول ناقل الخبر

ثم بعد ذلك سرت هذه الشروط، هذه تشترط في الرواة الذين يعول عليهم في التصحيح والتضعيف، في التصحيح والتضعيف، فسنن أبي داود مثلاً، الأحاديث فيه مروية بالأسانيد من أبي داود إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ومروية بالأسانيد منَّا إلى أبي داود، من أبي داود إلى النبي عليه الصلاة والسلام لا بد من تطبيق الشروط، لماذا؟ لأن هذه السلسلة من أبي داود إلى الصحابي، هذه معول عليها في ثبوت الخبر، وعدمه، يعني ضعف بعضهم، أو عدم انطباق، أو اختلال بعض الشروط في هذا القسم هذا من المصنف إلى الصحابي مؤثر هذا، مؤثر في صحة الحديث، وضعفه، لكن من بعد أبي داود إلينا يعني ما يقرب من خمسة عشر راوٍ مثلاً، هؤلاء هل يتأثر الحديث المخرج في سنن أبي داود بضعف أحدهم؟ ما يتأثر، يعني لو وجدنا شخصاً وضاعاً في طريق شخص معاصر إلى البخاري، ثم من هذا الطريق خمسة عشر شخص منهم هذا الوضاع، أو أكثر من واحد، وفيهم المتهم، وفيهم كذا، إلى أن قال محمد بن إسماعيل البخاري: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان إلى آخره، هل يتأثر حديث الأعمال بالنيات بوجود وضاع دون البخاري؟ لا، إذن هل يلزم من استيفاء الشروط في أناس لا يتأثر الخبر بهم، يعني تطبق الشروط التي اشترطت لرواة يتأثر الخبر بهم صحة، وضعفاً؟ لا، ولذا قال:

وأعرضوا في هذه الدهور

عن اجتماع هذه الأمور

ص: 29

يعني الأمور السابقة من شروط من تقبل روايته ومن ترد "لعسرها" لعسرها؛ لأن الأئمة حرصوا على ضبط الرواة الذين لهم أثر في الصحة والضعف، ومن عداهم ما حرصوا عليهم، من عداهم ما حرصوا عليهم؛ لأن حفظهم ليس من حفظ السنة، أما من له أثر في التصحيح والتضعيف؛ فحفظه من حفظ السنة، سواءٌ كان ثقة، أو كان ضعيفاً "لعسرها" ولذا في الأسانيد المتأخرة في شيوخ البيهقي مثلاً، أو شيوخ الحاكم، يعني ممن تأخر بعد عصور الرواية، أو شيوخ الطبري مثلاً تجد في الوقوف عليهم عسراً شديداً، يعني قد لا تجد من يترجم لهم، تحتاج أن تديم النظر في كتب التواريخ -لا سيما تواريخ البلدان- حتى تجد ترجمة لشيخ الحاكم، أو شيخ البيهقي، أو شيخ الطبري، أو شيخ البغوي، لكن هؤلاء في الغالب لا يترتب عليهم حفظ السنة، في الغالب، ولذا لم يهتم أهل العلم بتراجمهم كما اهتموا بتراجم رجال الكتب التي هي الدواوين الأصلية "لعسرها" وتعذر الوفاء بها، يعني بوجودها "بل يكتفى" بل يكتفى في الرواية عنه –يعني هذا المتأخر- بشروط يسيرة، إذ لا يليق بطالب الحديث أن ينزل عنها "بالعاقل" يعني ما يمكن أن يروى عن مجنون، ولو لم يكن له أثر "المسلم" نعم لا يروى عن كافر "البالغ" البالغ؛ لأن الصبي مرفوع عنه القلم، والتكليف "غير الفاعل"، "غير الفاعل للفسق" يعني ولما يخرم المروءة ظاهراً، يعني يكتفى بظواهر الناس، أما العدالة الباطنة التي يحتاج فيها إلى أقوال المزكين، والخبرة الدقيقة في بواطن الأمور، مثل هذا لا يشترط، بل تنازلوا أكثر من ذلك، فأخذوا عن فساق، وأخذوا عن من بدعته مفسقة، بل بدع مغلظة؛ لأن المسألة ما صار لها كبير الأثر كما تقدم تقريره.

"للفسق ظاهراً" بأن يكون مستوراً، ويكتفى "في الضبط بأن يثبت" سماع "ما روى بخط مؤتمن" يعني بالنسبة للعدالة تساهلوا في الشروط، تساهلوا في الشروط، وكذلك في الضبط:

. . . . . . . . . وفي الضبط بأن

يثبت ما روى بخط مؤتمن

ص: 30

يعني يكفي أن يثبت اسم هذا الراوي في الطباق الذي يذكر فيه أسماء من سمع الكتاب من الشيخ، أو سمع قراءة الكتاب على الشيخ، يثبت سماع "ما روى بخط" ثقة "مؤتمن" سواءٌ الشيخ، أو القارئ، أو بعض السامعين إذا كان الكاتب ثقة؛ لأنهم جرت العادة بأنه إذا قرئ الكتاب، قرأه الشيخ على الطلاب، أو قرأه بعض الطلاب بحضور البقية على الشيخ يثبت في الطباق، يقول: قرأ فلان كتاب كذا على فلان بحضور فلان، وفلان، أو سماع فلان، وفلان وفلان، ويعدد من حضر، ثم الشيخ يقول: صحيح ذلك، وكتب فلان، إذا وجد هذا بخط ثقة يكفي، تروي بهذه الطريقة، وأما بالنسبة للإجازات فإذا وجد الاسم في الاستدعاء كفى، الاستدعاء يطلب من الشيخ أن يجيز فلاناً، فيجيزه، أو يجيز مجموعة من الطلاب: فلان، وفلان وفلان، أو لي ولأولادي، وأولادهم، وهكذا، ثم يقول: أجزت فلان، وأولاده، وأولاد أولاده، إلى آخره، فإذا وجدت هذه الكتابة؛ كفى في العصور المتأخرة يكفي.

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

إيه موجود، يعني لو تراجع الكتب كتب الحديث الموجودة المخطوطة؛ وجدت كثيراً من هذا.

طالب:. . . . . . . . .

يعني الفهارس، والأثبات؟

طالب:. . . . . . . . .

موجودة كتب الفهارس، الفهارس والأثبات فيها مرويات الشيوخ، أو مرويات المؤلف عن شيوخه، قرأ كتاب كذا على فلان، وقرأ كتاب كذا على فلان، وفلان قرأه إلى آخره، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

"وأنه يروي" يقول:

. . . . . . . . . وفي الضبط بأن

يثبت ما روى بخط مؤتمن

وأنه يروي من أصل وافقا

لأصل شيخه كما قد سبقا

لابد أن يكون الأصل الذي يروى منه مطابقاً لأصل الشيخ، وذلك بالنسخ منه، أو من إملاء الشيخ، والمقابلة عليه:

وأنه يروي من أصل وافقا

لأصل شيخه كما قد سبق

لنحو ذاك. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

الحافظ "البيهقي" فاكتفى بما سبق مع خفة هذه الشروط، وسبقه شيخه الحاكم لنحوه:

لنحو ذاك البيهقي فلقد

آل السماع لتسلسل السند

ص: 31

"آل السماع" منه، والرواية عنه، الآن "لتسلسل السند" يعني تبقى هذه الخصيصة، وهي اتصال الأمة بنبيها عليه الصلاة والسلام بسند متصل، ولو لم يكن من النظافة بالمستوى الذي كانت عليه قبل ذلك في عصور الرواية، فإبقاء هذه الخصيصة التي خصت بها هذه الأمة، إبقاء سلسلة الإسناد، يعني تجعل الشروط أخف، بناءً على أن الأثر ليس كالأثر في المرويات سابقاً التي تثبت بثقة رواتها، وتضعف بضعفهم.

غداً -إن شاء الله- لعلنا نستطيع إكمال مراتب الجرح والتعديل.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يسأل يقول: نحن مجموعة نعمل في منطقة تبعد عن محل إقامتنا مائتين وخمسين كيلو نمكث في عملنا من صبيحة يوم الأحد حتى مساء يوم الخميس، نرجع إلى محل إقامتنا الأصلية، هذه حالنا كل أسبوع، ولا ندري متى ينتهي عملنا، ونرجع إلى منطقتنا علماً بأننا مقيمين في مسكن صحي خاص بالعمل، وبه جميع وسائل الراحة من مأكل، ومشرب، ومنام، سؤالي هل نقصر الصلاة في فترة إقامتنا؟

أما في مقامهم، وبلدهم الذين هم ينسبون إليه، وهم مقيمون فيه، فهم لا يجوز لهم أن يجمعوا، ولا أن يقصروا، ولا يترخصوا برخص السفر، الذي يرجعون إليه في نهاية كل أسبوع؛ لأنه هو بلد الإقامة بالنسبة لهم، ولا يمكن أن يسموا لا شرعاً، ولا عرفاً بأنهم مسافرون في هذا البلد الذي هو محل إقامتهم.

وأما بالنسبة لمحل العمل الذي يقيمون فيه أكثر من أربعة أيام، ويسمعون فيه النداء، ويسكنون في مسكن على ما ذكروا مريح، وصحي، المقصود أنهم يمكثون فيه أكثر من أربعة أيام، هذا حكمهم حكم الإقامة عند أكثر أهل العلم، وإذا سمعوا النداء لزمهم الإجابة، فلا يجوز لهم أن يجمعوا، ولا أن يقصروا الصلاة، لا في محل إقامتهم، ولا في محل عملهم.

يقول: الملاحظ لواقع الناس اليوم، أو الملاحِظ لواقع الناس اليوم يرى أن الناس الذين يعيشون في البلاد كافرة يصيرون كفاراً، ومن ينشأ في بلاد المسلمين يصبح مسلماً.

ص: 32

الذي ينشأ يعيش في بلاد الكفار يصير كافراً، لا، لا هذا ليس بصحيح، قد يعيش المسلم من يولد إلى أن يموت في بلاد الكفار، ولا يستطيع الهجرة، ويعذر في ذلك، ويعيش مسلماً، ويموت مسلماً، وإن استطاع الهجرة، ولم يهاجر أثم، وهو مسلم.

ومن ينشأ في بلاد المسلمين يصبح مسلماً، إن كان كافراً مجرد عيشه في بلاد المسلمين، ولم يرد الله له الهداية لا يصير مسلماً، فهذا الكلام ليس بصحيح لا طرداً، ولا عكساً.

يقول: إذا كانت الدعوة لم تصل هؤلاء الكفار؛ فإن الله سيعفو عنهم، فكيف يجدر بنا أن نكرههم مع أنهم قد يكونون من أصحاب الجنة؟

ما يلزم يا أخي، مثل هؤلاء الذين لم تبلغهم الدعوة المرجح عند أهل العلم أنهم حكمهم كفار، لكن هل يعذرون بجهلهم؟ وحينئذ لا يدخلون الجنة؛ لأنهم ليسوا بمسلمين، وإنما يمتحنون، يمتحنون كأهل الفترة، كما قرر ذلك ابن القيم في طريق الهجرتين، يخرج لهم لهب من نار، ويمتحنون؛ فإن دخلوا فيه على ما ذكروا إلى آخر ما .. ، على السائل أن يرجع إلى طريق الهجرتين، أما كلامه ليس بصحيح، هؤلاء الكفار أن الله يعفو عنهم، الكافر حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، لكن هل يعذر باعتبار أنه لم يبلغه شيء، ثم يمتحن بعد ذلك؟ أو لا يعذر؟ المسألة خلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من يرى أن لا أحد يعذر، خلاص بعد نزول القرآن لا عذر.

يقول لي أحد الدعاة: إنه يجب علي أن أتبع عالماً معيناً، وأتبعه بكل شيء؛ لأني لست بطالب علم، هل هذا الكلام صحيح، أم الصحيح أن أتبع العلماء الموثوقين، وإن اختلفوا أخذت بالأقرب للدليل، أو الأغلب منهم، أو الأحوط، وهل صحيح أن الناس في السعودية يقلدون المذهب الحنبلي، يقول: إنه يجب علي أن أتبع أحد المذاهب؟

ص: 33

العامي فرضه التقليد، لابد أن يقلد عالماً تبرأ الذمة بتقليده، وفرضه سؤال أهل العلم، كما قال الله -جل وعلا-:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل]، ولا يلزم أن يقلد شخصاً واحداً، إنما إذا قلد من تبرأ الذمة بتقليده برأت ذمته على أن لا يكون في ذلك متبعاً لهواه، متتبعاً للرخص، فيأخذ من قول كل عالم أسهل ما يقول به، هنا يضيع، وحينئذ يخرج من الدين، قد يخرج من الدين، وهو لا يشعر، ويقول أهل العلم:"من تتبع الرخص فقد تزندق"، على كل حال إذا شاع في الناس أن هذا .. ، من أن هذا الشخص من أهل العلم الذين تبرأ الذمة بتقليدهم، وأنه عرف بالتحري، والتثبت فقلده في جميع ما يقول من غير نظر إلى دليل تبرأ ذمته -إن شاء الله تعالى-.

يقول: وإن اختلفوا أخذت بالأقرب للدليل.

كيف تعرف الأقرب للدليل، وأنت لست بطالب علم، أو الأغلب منهم، أو الأحوط؟ على كل حال تنصل من اتباع هواك، وإذا قلدت من تبرأ الذمة بتقليده، واستفاض في الناس علمه، وفضله، وعرف بتحريه، وورعه بالعلم، والديانة، والورع، فإنه حينئذٍ تبرأ ذمتك -إن شاء الله-.

يقول: وهل صحيح أن الناس في السعودية يقلدون المذهب الحنبلي؟

نعم كان الناس على المذهب جارين عليه، ماشين على المذهب، لكن لما وجد من يعمل بالدليل، ويعمل بالراجح من الأقوال؛ تبعه الناس، ووثقوا بعلمه، فخف تمسك الناس بمذهب، وكثير من الناس الآن لا يعرف أن هناك شيء اسمه المذهب، إنما يقلدون العلماء المعاصرين الذين اتفقت ألسنة الناس على مدحهم.

ما الفرق بين أهل الحديث، وأهل الرأي من الفقهاء؟

الفرق من التسمية ظاهر، الفرق من كلامك يظهر، فإن أهل الحديث هم الذين يروونه، ويعملون به، ويستنبطون منه، ويعتمدون عليه اعتماداً كلياً، ولا يعني هذا أنهم لا يأخذون بالأقيسة، ولا يستعملون آرائهم للتوفيق بين النصوص، لكن الغالب غليهم الصبغة الحديثية، وعكسهم أهل الرأي، فإن اعتمادهم على الأقيسة، والآراء، والقواعد يظهر في مذاهبهم، وأقوالهم أكثر من اعتمادهم على النص.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال العراقي -رحمه الله تعالى-: "مراتب التعديل".

ص: 34