الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح ألفية الحافظ العراقي (2)
الكلام على القسم الأول من أقسام الحديث الصحيح، وذكر أصح كتب الحديث، الصحيح الزائد على الصحيحين
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
والمرجوح يبقى أنه من شرط الصحيح من حيث الصناعة، لكن من حيث العمل يعمل بالراجح ويترك المرجوح "من غير ما شذوذِ" في تعريف الخطابي السابق: ما اتصل سنده، وعدلت نقلته، الشرط الأول يتفق معه الحافظ العراقي، عدلت نقلته، نعم، بنقل عدل، لكن ماذا عن الضبط؟ لم يشر إليه الخطابي الضبط ولا انتفاء الشذوذ ولا انتفاء العلة، اكتفى باتصال السند وعدالة الرواة، مع أن بعضهم يقول: إن العلماء إذا عدلوا الراوي دخل في العدالة الضبط فلا تحتاج إلى التصريح بها، وهذا إنما يقال للدفاع عن الخطابي، وإلا فالأصل أن الضبط شرط لا بد من توفره، لا تلازم بين العدالة والضبط، فقد يكون الراوي من أتقى الناس وأبعدهم عن المحرمات، وأفعلهم للواجبات، ومع ذلك لا يضبط، ينسى، يهم، يخطئ، فيه غفلة، وهذا حال كثير ممن صار همه العبادة، وغفل عن حفظ السنن، كثيراً ما يقولون: أصاب فلان غفلة الصالحين، وهو صالح عدل، يفعل الواجبات، ويترك المحظورات، ومع ذلك شريطة الضبط لا تتحقق فيه على ما سيأتي في الحديث عن لفظ صدوق من ألفاظ التعديل.
عن مثله من غير ما شذوذ** وعلة قادحة فتوذي
وهذا أيضاً هو الشرط الخامس وهو عدمي، يشترطون انتفاء العلة القادحة، والعلة: عبارة عن أسباب طرأت على ما سيأتي فيها غموض وخفاء أثرت، العلة: سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منها، وعلة قادحة الأصل في العلة متى تسمى علة؟ إذا كانت قادحة، ألا يوجد من العلل ما يقدح وعلل غير قادحة؟ ولذا احتاج أن يقول: قادحة، أولاً: قسم المعل، المعل منه صحيح ومنه ضعيف وإلا هو ضعيف كله؟ الآن التنصيص على كون العلة قادحة له داعي وإلا لا داعي له؟ إلى أن من العلل ما لا يقدح، الأصل في العلة سواء كانت الحسية أو المعنوية أنها قادحة بقدرها، العليل ضد الصحيح، فإذا قيل: فلان عليل يعني به علة يعني مرض والمرض يتفاوت من زكام إلى سرطان، لكنه يقدح مهما خف يقدح بقدره، فهل نستطيع أن نقول: يمكن الاستغناء عن قوله: قادحة؟
ابن دقيق العيد يستدرك على أهل الحديث اشتراطهم انتفاء العلة بكون الفقهاء لا يضعفون الحديث بأي علة، والعلل التي يعل بها المحدثون يصفونها بأنها علة لا تقدح من وجهة نظر الفقهاء، لكن هل المعول في هذا الباب على أهل الحديث أو على الفقهاء؟ على أهل الحديث بلا إشكال، والفقهاء تبع لهم في هذا، نعم من مباحث علوم الحديث ما يمكن إدراكه، ومنها ما لا يمكن إدراكه بمجرد النظر، ويأتي تفصيل هذا في الأبواب اللاحقة، فمن أنواع علوم الحديث ما لا يمكن إدراكه، بل هو بالنقل، وبالتلقي على الأئمة، ومنها ما يمكن إدراكه بالموازنة والنظر في الأقوال، فهذا للفقهاء فيه مدخل على ما سيأتي، لكن ما لا يدركه الإنسان برأيه وبالمناسبة يعتب كثير ممن يعاني علوم الحديث في الأيام المتأخرة على بعض من صنف أو على جميع من صنف في علوم الحديث وادخل أقوال الفقهاء والأصوليين في علوم الحديث، ويقول: ما علاقة الغزالي فيذكر رأيه؟ وسيأتي ذكره في النظم، ما علاقة الرازي بعلوم الحديث ليذكر قوله في علوم الحديث؟ قل مثل هذا في الأصوليين والفقهاء قاطبة، ما لهم علاقة في هذا الفن؛ لأنه نقل، ولا مدخل لهم، فكيف نقول: الغزالي بضاعته في الحديث مزجاة وننقل أقواله في علوم الحديث؟ هذا الكلام يكرر على ألسنة بعض الغيورين على السنة، لكن من مباحث علوم الحديث ما يدرك بالنظر، والتعليلات التي يعل بها الخبر على ما سيأتي منها ما يدرك بالنظر، يعني حينما ينسب ابن الصلاح إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة مثلاً أنهم يفرقون بين السند المأنن والمعنعن، يعني حينما يمثل ابن الصلاح عن محمد ابن الحنفية عن عمار أن النبي عليه الصلاة والسلام مر به، وبين قوله: عن محمد ابن الحنفية أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بعمار أو أن عماراً مر به النبي عليه الصلاة والسلام يقولون: هذا الأول متصل والثاني منقطع، والعلة في ذلك أن السند الأول روي بـ (عن) والثاني بـ (أن) لكن ألا يمكن أن يدرك مرد الخلاف اختلاف الحكم بين الطريقين بالرأي؟ نعم؟ يعني حينما نسب ابن الصلاح للإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهم يفرقون على ما سيأتي في السند المعنعن، ولذا قال الحافظ العراقي:
. . .
…
كذا له ولم يصوب صوبه
يعني ابن الصلاح ما فهم، فمثل هذه الأمور الدقيقة تدرك بالرأي، يعني حينما يقول: عن محمد ابن الحنفية عن عمار يروي القصة عن صاحب الشأن فهي متصلة، لكن لما يقول: عن محمد ابن الحنفية أن عماراً مر به النبي صلى الله عليه وسلم، هل مرد هذا لأن الصيغة (أن)؟ أو لأن محمد ابن الحنفية يحكي قصة لم يشهدها ولم يروها عن صاحبها؟ فمثل هذه الأمور الدقيقة تدرك بالرأي فليس مردها إلى النقل، وإن نقل ابن الصلاح عن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة هذا الاختلاف عن الحكم، وقال: إن مرده إلى اختلاف الصيغة، استدرك عليه الحافظ العراقي قال:
. . . . . . . . .
…
كذا له ولم يصوب صوبه
ما أدرك المحك، ما عرف العلة يعني هجم على ذهنه شيء فغطى الحقيقة، فمثل هذا الأمور تدرك بالبصيرة النافذة، ودقت النظر، فمثل هذا لو حلل هذا التحليل واحد من الأصوليين نقول: مردود؟ ما نقول: مردود يا أخي، ولهم دقة في النظر في هذا المسائل، ولو لم يكنوا من أهل النقل، نعم ما يكون المعول فيه على النقل لا علاقة لهم به، بل لو قلنا: إنهم من أبعد الناس عن هذه الأمور ما بعد، وكثير منهم يصرح بأن بضاعته مزجاة في هذا الباب، وأقول: نقل أقوالهم لا يضر أبداً، لا من قريب ولا بعيد، والمعول عليه الأئمة في هذا الشأن، أئمة هذا الشأن، لكن فهم كلام الأئمة يعني نقل كلام الأئمة يحتاج إلى سند، وفهم كلام الأئمة يحتاج إلى نظر كما قدمنا في المثال، على كل حال الفقهاء فيما ذكر ابن دقيق العيد عندهم .. ، أو نقل عنهم أنهم لا يعلون بكثير من العلل التي يتداولها المحدثون، فالمحدثون يعتبرون ما ذكره الأخ مثلاً علة، الإبهام أو الإهمال في السند فإذا قيل: عن حماد أو عن سفيان ولم نستطع التمييز بينهما هذه بعضهم يطلق عليها علة، والحديث أينما دار سواء عرفنا أنه سفيان الثوري أو ابن عيينة أينما دار فهو على ثقة، نعم نحتاج إلى التمييز بينهما إذا كان الراوي المهمل يدور بين اثنين أحدهما ثقة والآخر ضعيف، فلا بد من التمييز بينهما، الترمذي سمى النسخ علة، والترمذي من أهل الحديث، وهذا لا يعل به الفقهاء، ولا يؤثر في صحة الخبر، فمثلاً حديث:((الماء من الماء)) صرح الترمذي بأنه منسوخ، وفي علل الجامع قال:"بينا علته في الكتاب" فسمى النسخ علة، وهذه العلة تقدح في صحة الخبر، وحديث:((الماء من الماء)) صحيح وإلا ضعيف؟ صحيح مخرج في الصحيح، لا كلام لأحد فيه، ومع ذلكم فيه علة وهي النسخ، وعلى هذا قوله:"وعلة قادحة" الوصف بكون العلة قادحة أمر لا بد منه؛ لأن من العلل على اصطلاحهم ما لا يقدح.
"فتؤذي" توذي من؟ توذي الحديث أو المحدث؟
. . . . . . . . .
…
وعلة قادحة فتوذي
توذي الحديث أو المحدث؟ الأذى إذا قلنا: منه الحسي ومنه المعنوي قلنا: إنها توذي الحديث والمحدث، الحديث يتأذى بها بمعنى أنه يتأثر بها، والمحدث يتأذى بها بمعنى أنها تعوقه عن تصحيحه والعمل به، هذه هي الشروط الخمسة: اتصال الإسناد، عدالة الرواة، تمام الضبط، انتفاء الشذوذ، انتفاء العلة القادحة، انتفاء العلة القادحة، والمراد بهذا الصحيح المجمع عليه، المجمع على صحته، ولا نحتاج إلى اشتراط قدر زايد على ذلك، لا نتاج إلى تعدد رواة، ولذا قال:"بنقل عدل" والنووي في التقريب تقريب الأسانيد يقول: ما اتصل سنده بنقل العدول الضابطين، بنقل العدول الضابطين هل يفهم من كلام النووي أنه يشترط العدد في الرواية، أو أنه يتحدث عن مجموعة الرواة الذين يتكون منهم مجموع الإسناد؟ هذا هو الظاهر، فالنووي لا يشترط العدد في الرواية، لا لصحة الحديث مطلقاً، ولا لكونه شرط للصحيح، وإن اشترط ذلك أو زعمه شرطاً للبخاري بعضهم، كما يؤمي إليه كلام الحاكم والبيهقي وابن العربي والكرماني وشارح البخاري هؤلاء يزعمون أن تعدد الرواة شرط للبخاري، وهذا الكلام ليس بصحيح، ومنهم من يراه شرطاً للصحيح، ولذا يقول الصنعاني في نظم النخبة لما ذكر العزيز قال:
وليس شرطاً للصحيح فاعلم
…
وقد رمي من قال بالتوهمِ
وفي بعض النسخ يقول:
وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ
…
وقيل: شرط وهو قول الحاكمِ
الكرماني الشارح نص على أن شرط البخاري ألا يروي الحديث الذي يتفرد به راويه، مع أن أول حديث في الصحيح وأخر حديث في الصحيح يرد عليه، فرد مطلق الأول والأخير، وابن العربي في عارضة الأحوذي يقول في حديث:((هو الطهور ماؤه)) لم يخرجه البخاري؛ لأنه تفرد به راويه، ومن شرطه العدد في الرواية، وهذا الكلام ليس بصحيح، فليس العدد في الرواة شرط للصحيح مطلقاً، ولا للبخاري في صحيحه، ثم قال الناظم -رحمه الله تعالى-:
وبالصحيح والضعيف قصدوا
…
في ظاهر لا القطع والمعتمدُ
إذا توافرت الشروط السابقة، إذا توافرت هذه الشروط الخمسة وحكمنا على الخبر بالصحة فهل نقطع به أو نقول: إن الظاهر والذي يغلب على الظن ثبوته؟
وبالصحيح والضعيف قصدوا
…
في ظاهر. . . . . . . . .
يعني يحكم عليه بالحكم الظاهر بالصحة إن توافرت الشروط، وبالضعف إن تخلف شرط منها في الظاهر، ولا نقصد بذلك القطع بصحة الخبر ولا بضعفه، لماذا؟ لأن العدل الضابط قد يخطئ، يعني هذا الراوي أو هؤلاء الرواة في نقدنا عدول ضابطين، نص الأئمة على أنهم ثقات، وتسلسل الخبر بهؤلاء العدول الضابطين، ألا يمكن أن يخطئ الثقة؟ نعم، ألا يحتمل أن يخطئ الثقة؟ احتمال وارد، ومن يعرو من الخطأ والنسيان؟ وما دام هذا الاحتمال وارد لا نقطع، يعني لو جاءك شخص من أوثق الناس إليك وقال لك: جاء زيد من سفره هل تحلف على هذا الخبر؟ تحلف؟ ألا يحتمل أن هذا الراوي أخطأ أو الذي نقل لك الخبر أخطأ، احتمال قائم، وإذا كان -على ما سيأتي- مالك عن نافع عن ابن عمر، هؤلاء حفظ عليهم بعض الأخطاء وبعض الأوهام وسيأتي في المنكر:
. . . . . . . . .
…
ومالك سمى ابن عثمان عمر
وأخطأ خطأه الأئمة، مالك نجم السنن أخطأ، ونافع كذلك، وابن عمر زعم أن النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر في رجب وخطأته عائشة، المقصود أن الثقة مهما بلغ في الحفظ والضبط والإتقان لا بد أن يحصل منه ما يحصل من الخطأ والوهم والسهو، واستدركت عائشة على بعض الصحابة بعض الأوهام، فلا يسلم، وما دام هذا الاحتمال قائماً فإننا لا نقطع، بمعنى أننا لا نجزم قطعاً بأن هذا الخبر ثابت لوجود احتمال النقيض، وسيأتي مزيد بحث في حكم الصحيحين الآتي.
واقطع بصحة لما قد أسندا
…
. . . . . . . . .
وما يفيده خبر الواحد إذا صح هل يفيد القطع أو يفيد الظن؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، والأقوال فيها مشهورة، والجمهور على أنها تفيد الظن إلا إذا احتفت بها قرينة، إذا احتفت بها قرينة تكون في مقابل هذا الاحتمال افادة العلم والقطع، ومنهم من يرى أنها تفيد القطع مطلقاً كحسين الكرابيسي وداود الظاهري وغيرهم، ويأتي مزيد بحث لهذه المسألة -إن شاء الله تعالى- في مكانه.
إذا كان الاحتمال بالنسبة للراوي العدل الضبط أنه قد يخطئ فالاحتمال أيضاً بالنسبة لغيره غير العدل وغير الضابط أنه قد يضبط، يعني هل جميع أخبار غير الضابط ليست صحيحة؟ أو قد يأتي بالأخبار الصحيحة وكثير منها يخطئ فيه؟ إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول عن الشيطان:((صدقك وهو كذوب)) فكيف بالراوي العابد الذي غفل عن السنة وكثر الخطأ والوهم في حديثه؟ مثل هذا ألا يضبط أحياناً؟ ما يمكن يضبط أبداً؟ يمكن يضبط، وهم يحكمون على الراوي بعدم الضبط إذا كثر الخطأ في حديثه، وإن كان الأصل الضبط، فإذا كثر الخطأ في حديث الراوي حكموا عليه بأنه غير ضابط.
ومن يوافق غالباً ذا الضبطِ
…
فضابطٌ أو نادراً فمخطي
إذا وافقهم غالباً فضابط، إذا وافقهم نادراً فمخطي، لكنه يوافقهم أحياناً، وإذا كان هذا الاحتمال قائماً فإننا لا نقطع بكذب ما ينقله مثل هذا الراوي، ولهذا يقول:
وبالصحيح والضعيف قصدوا** في ظاهر. . . . . . . . .
يعني في ظاهر الأمر "لا القطع" يعني في حقيقة الأمر، ثم قال:
. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . والمعتمدُ
إمساكنا عن حكمنا على سند
…
بأنه أصح مطلقاً وقد
خاض به قوم فقيل: مالكُ
…
عن نافع بما رواه الناسكُ
المعتمد عند الناظم وجمهور أهل العلم أنهم لا يحكمون على سند بأنه أصح من غيره مطلقاً، لا يحكمون على سند بعينه أنه أصح مطلقاً هذا المعتمد، هذا القول المرجح، لماذا؟ لأننا لو استعرضنا السلاسل التي قال فيها من قال: إنها أصح الأسانيد لو دققنا فيها بالميزان الشرعي بالعدالة والضبط هل تثبت أمام التدقيق وإلا ما تثبت، نأخذ المثال الأول الذي قال به إمام الصنعة الإمام البخاري:
. . . . . . . . . فقيل: مالكُ
…
عن نافع بما رواه الناسكُ
مالك نجم السنن ولا إشكال في هذا، ولو قيل: إنه أوثق أهل طبقته لما بعد، لكن نأتي لنافع أيهما أجل نافع وإلا سالم؟ الأكثر سالم، لماذا ما يقول: مالك عن سالم؟ وقال البخاري: مالك عن نافع وسالم أجل منه، طيب عن ابن عمر، ما في الصحابة أحفظ من ابن عمر ولا أعدل وأوثق من ابن عمر؟ يعني هل ابن عمر أوثق من عمر؟ لا، هل ابن عمر أحفظ من أبي هريرة؟ لا، فلو بحثنا في هذه التراجم ترجمة ترجمة لوجدنا في كثير منهم في طبقته من هو أوثق منه، سواء كان في جميع الترجمة، جميع الرواة المذكورة في هذه السلاسل أو في بعضهم دون بعض، ولذا قال الناظم -رحمه الله تعالى-:
. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . والمعتمدُ
إمساكنا عن حكمنا على سند
…
بأنه أصح مطلقاً. . . . . . . . .
أصح مطلقاً كما قالوا في أصح حديث ما قالوا، ما حكم أحد من الأئمة على حديث بأنه أصح مطلقاً من غيره، وإن كان حديث:((من كذب عليّ متعمداً)) لو قيل به لكان له وجه، وما حكموا على كتب بأنه أصح مطلقاً من غيره على سبيل التفصيل لا على سبيل الإجمال، نعم على سبيل التفصيل يعني أن كل حديث في هذا الكتاب أصح من كل حديث في غيره من الكتب على ما سيأتي في المفاضلة بين الصحيحين في الدرس اللاحق -إن شاء الله تعالى-، يعني هل قال أحد: إن كل حديث في صحيح البخاري أصح من كل حديث في صحيح مسلم؟ ما قاله أحد، وإن فضلوا في الجملة صحيح البخاري على صحيح مسلم على ما سيأتي.
. . . . . . . . .
…
بأنه أصح مطلقاً وقد
خاض به. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . .
خاض غمرات هذا البحر الذي لا ساحل له من الرواة، خاض به قوم فقيل: مالك، القول الأول قول الإمام البخاري، فقيل: ملك هذا قول إمام الصنعة البخاري يقول: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر.
. . . . . . . . . فقيل: مالكُ
…
عن نافع بما رواه الناسكُ
مولاه. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . .
معتقه عبد الله بن عمر، ووصفه بالنسك لما اشتهر به من التحري في العبادة، النبي عليه الصلاة والسلام قال:((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً، فوصف -رضي الله تعالى عنه- بالنسك، وهو أهل لذلك، تميز بين أقرانه بالعبادة والتنسك على هدي وإرث من النبي عليه الصلاة والسلام، "بما رواه الناسك
…
مولاه" ثم قال:
. . . . . . . . . واختر حيث عنه يسندُ
…
. . . . . . . . .
هذا قول ابن طاهر، يقول: إذا أضفت راوياً بعد مالك فليكن الشافعي؛ لأنه لا يوجد في الرواة عن مالك أجل من الشافعي، والإمام أحمد يقول: قرأت الموطأ أو سمعت الموطأ من كثير من أصحاب مالك فوجدت الشافعي أتقنهم وأوثقهم، قلت -يقول الحافظ العراقي-:
. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . وعنه أحمدُ
يعني وإن زدت راوياً بعد الإمام الشافعي فليكن الإمام أحمد الذي يقول فيه الإمام الشافعي: إنه خرج من العراق فما خلف فيه أحد مثل الإمام أحمد، وحق له ذلك، فالإمام أحمد بالاتفاق أجل الآخذين عن الإمام الشافعي، فعلى هذا يكون القول الأول بما أضيف إليه يعني أصله للبخاري مالك عن نافع عن ابن عمر أضيف الشافعي بعد الإمام مالك، أضيف الإمام أحمد بعد الإمام الشافعي، فأصح الأسانيد على هذا: الإمام أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، والمسند على كبره ما يوجد فيه من الأحاديث بهذا الإسناد إلا حديث واحد مكون من أربع جمل:((لا يبع بضعكم على بيع بعض)) الإمام أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يبع بعضكم على بيع بعض))، ونهى عن النجش، ونهى عن بيع حبل الحبلة، ونهى عن المزابنة، أربع جمل مروية بهذا الإسناد، ولا يوجد في المسند غيره، مثل هذا السند الذي تعاقب عليه الأئمة هذا يقطع به أو لا يقطع به؟ على ما سيأتي في القرائن التي تحتف بالخبر فتجعله مما يقطع به، مما يفيد القطع تعاقب الأئمة على رواية خبر، كون الحديث يتداوله الأئمة هذه قرينة تقضي على الاحتمال، احتمال كون بعض الرواة يخطئ؛ لأنه لو أخطأ الإمام مالك يتابعه الشافعي على خطئه؟ لا يمكن، لو أخطأ الإمام الشافعي مع الإمام مالك يتابعهم الإمام أحمد، ما يمكن، فيجعل هذه القرينة وهي اتفاق الأئمة على رواية هذا الخبر في مقابل الاحتمال المرجوح في كون هذا الراوي الضابط الثقة العدل قد يخطئ، فإذا جعلنا تتابع الأئمة على روايته في مقابل هذا الاحتمال قلنا: إن الخبر يفيد القطع، ولذا نحلف أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:((لا يبع بعضكم على بيع بعض)).
وجزم ابن حنبلٍ بالزهري
…
. . . . . . . . .
القول الثاني قول الإمام أحمد ومعه إسحاق بن إبراهيم الحنضلي المعروف بابن راهويه، وجزم ابن حنبل الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، إمام أهل السنة، العلم المشهور، وإسحاق كذلك إمام من أئمة المسلمين جزموا بأن أصح الأسانيد الزهري محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر "أي عن أبيه البري" الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر، هذا أصح الأسانيد عند الإمام أحمد، ومعه إسحاق بن راهويه عن سالم عن أبيه البري، هذا القول الثاني في هذه المسألة والقول الثالث:
وقيل: زين العابدين عن أبه
…
عن جده وابن شهاب عن به
وقيل: يعني قال عبد الرزاق وابن شيبة والنسائي قالوا: أصح الأسانيد زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طلب عن أبيه الحسين عن جده علي.
وقيل: زين العابدين عن أبه
…
. . . . . . . . .
عرفنا زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبه، يعني عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب، عن جده أمير المؤمنين الخلفية الراشد علي بن أبي طالب، عن أبه هذه لغة في الأسماء الخمسة، تسمى لغة النقص؛ لأن الأسماء الخمسة فيها الثلاث اللغات، تعرب بالحروف وبالقصر، وتعرب أيضاً بالنقص.
. . . . . . . . .
…
وقصرها من نقصهن أشهرُ
بأبه اقتدى عدي بالكرم
…
ومن يشابه أبه فما ظلم
هذه لغة النقص، عن أبه عن جده علي بن أبي طالب، "وابن شهاب عنه" أي عن زين العابدين، يعني زين العابدين يرويه عنه ابن شهاب المذكور في الترجمة السابقة الزهري عنه أي عن زين العابدين به "وابن شهاب عنه به" الضمير في (به)"وابن شهاب عنه به" يقرر الحافظ العراقي في شرحه لألفيته أن الضمير يعود على الحديث، (به) أي بالحديث، والسخاوي يقرر أن الضمير يعود على السند، ما المرجح منهما؟ صاحب البيت أدرى بمن فيه، أهل مكة أدرى بشعابها، الحافظ العراقي يقول:(به) أي بالحديث، والسخاوي يقول (به) أي بالإسناد، وإذا قلنا: إن الحافظ العراقي هو الناظم وهو أدرى بما أضمر رجنا قوله، لكن المسألة مفترضة بالأحاديث أو بالأسانيد؟ نعم بالأسانيد، فهو رجح أن الضمير يعود على الإسناد، وابن شهاب عن زين العابدين به أي بالإسناد لا بالحديث، وكثير ممن أتى بعدهما يرجح قول السخاوي؛ لأن المسألة مفترضة بالأسانيد، والقول الذي يليه.
أو فابن سيرين عن السلماني
…
. . . . . . . . .
وهذا هو القول الرابع، و (أو) هذا لتنويع الخلاف، لا للتخيير ولا للشك، لتنويع الخلاف، والتنويع والتقسيم بمعنى واحد.
خير أبح قسم بـ (أو) وأبهمِ
…
. . . . . . . . .
فالتنويع بمعنى التقسيم، وتأتي (أو) للتقسيم الكلمة: اسم أو فعل أو حرف (أو) هذه شك وإلا تخيير؟ تقسيم وتنويع، و (أو) هنا لتنويع الخلاف، وهذا القول الفلاس عمرو بن علي، وهو قول ابن المديني وسلميان بن حرب، هذا قولهم، وهو القول الرابع في هذه المسألة، ويختلف بعضهم في التعبير بالأصحية والأجودية، بعضهم قال: أصح الأسانيد، وبعضهم قال: أجود الأسانيد، واستعمال اللفظين بأفعل التفضيل لا يختلف، هل يختلف أصح الأسانيد عن أجود الأسانيد؟ نعم، صحيح وجيد يطلقون جيد بإزاء صحيح، لكن الحافظ ابن حجر يقول: إلا أن الجهبذ لا يعمد ويعدل عن التعبير بصحيح إلى جيد إلا لنكتة إلا لسبب، لكن إذا قلنا: أصح وأجود يختلف وإلا ما يختلف؟ هل نقول: إن الاختلاف بين أصح وأجود مثل الاختلاف بين صحيح وجيد؟ نعم؟ إذاً أجود الأسانيد لا تختلف عن التعبير بالأصحية، ولذا قرنوا مع بعض.
"أو فابن سيرين" محمد بن سيرين، التابعي الجليل، السيد الثقة النبيل، عن عبيدة بن عمرو السلماني.
أو فابن سيرين عن السلماني
…
عنه. . . . . . . . .
يعني عن علي -رضي الله تعالى عنه-، صحابي الترجمة السابقة، (أو) وهذه مثل السابقة،
. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . أو الأعمش عن ذي الشأنِ
النخعي عن ابن قيس علقمهْ
…
عن ابن مسعود. . . . . . . . .
وهذا قول الإمام يحيى بن معين، قول الإمام يحي بن معين، أو الأعمش سليمان بن مهران الأعمش، عن ذي الشأن النخعي إبراهيم بن يزيد بن قيس، عن ابن قيس علقمة، عن علقمة بن قيس النخعي أيضاً، عن ابن مسعود أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافر الهذلي ابن أم عبد، الصحابي الجليل.
. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . ولم من عممه
الناظم اقتصر على هذه السلاسل التي ذكرها، وهي أقوى ما قيل في هذه المسألة، وهناك أقوال أخرى أوصلها السخاوي في نكته على الألفية وشرحها التي لم يبقَ منها شيء، ولا توجد، أوصلها إلى عشرين ترجمة، وذكر ابن حجر منها في نكته على ابن الصلاح خمسة عشرة ترجمة، والمراد بالترجمة عندهم السلسلة كاملة، خمسة عشرة، والحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- له كتاب في أحاديث الأحكام انتقاه بواسطة الأسانيد التي قيل فيها: أصح الأسانيد، وبلغت عنده هذه السلاسل إلى ستة عشرة، وخرج أحاديث الكتاب من طريق هذه الأسانيد التي قال الأئمة بأنها أصح الأسانيد، والكتاب هذه ميزته، تقريب الأسانيد في أحاديث الأحكام، روي بهذه الأسانيد التي قال الأئمة بأنها أصح الأسانيد "ولم من عممه" لم أي اعتب واعذل من عمم الحكم على سند من الأسانيد بأنه أصح مطلقاً من غيره، وفي صدر الحديث عن هذه المسألة
. . . . . . . . . إمساكنا
…
. . . . . . . . . والمعتمدُ
عن حكمنا على سند
…
بأنه أصح مطلقاً. . . . . . . . .
إلى آخره، ولذا قال:"ولم من عممه" لأنه حكم على سند بأنه أصح مطلقاً من غيره، إذا كان الأمر كذلك فلماذا يذكر أهل العلم مثل هذه المسألة ويعنى بها أهل العلم ويدونونها ويتتبعونها مع أنه قول مرجوح؟ عند الترجيح لو حصل تعارض بين حديث مروي بسند قيل فيه أنه أصح الأسانيد مع حديث روي بسند لم يقل فيه أحد بأنه أصح الأسانيد يرجح عليه ما قيل فيه: إنه أصح الأسانيد، قالوا: ولو باعتبار القائلين، عندنا حديث مالك عن نافع عن ابن عمر، وحديث عن ابن سيرين عن السلماني عن علي أيهما نرجح؟ مالك عن نافع عن ابن عمر باعتبار القائل وهو الإمام البخاري، على قول الفلاس ومن معه، وإذا اعتبرنا الكثرة -كثيرة القائلين- ووازنا قلنا: القول الأخير أرجح؛ لأنه قال به جمع من الأئمة، فلهذا يذكرون ويعنون بمثل هذه الأشياء مع أنه قول مرجوح، لكن عند التعارض والترجيح قد يلجئ إليه، وجاء مثل ما جاء في أصح الأسانيد تكلموا على أوهى الأسانيد، وتكلموا كما تكلموا هنا على سبيل العموم تكلموا على سبيل التفصيل، فقالوا: أصح أسانيد علي رضي الله عنه كذا، أصح الأسانيد إلى عائشة كذا، أصح الأسانيد إلى أبي هريرة كذا، أصح أسانيد المكيين كذا، أصح أسانيد المصريين كذا .. إلى آخره، وهذا فيه قرب، يعني الحصر براوي مثلاً أو بجهة وبلد أسهل من الإطلاق أن يكون هذا أصح مطلقاً، فالمرجح عند أهل العلم أنه لا يحكم بالأصحية المطلقة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:
أصح كتب الحديث
أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ
…
مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ
وَمُسْلِمٌ بَعْدُ، وَبَعْضُ الغَرْبِ مَعْ
…
أَبِي عَلِيٍّ فَضَّلُوا ذَا لَوْ نَفَعْ
وَلَمْ يَعُمَّاهُ ولكن قَلَّمَا
…
عِنْدَ ابْنِ الاخْرَمِ مِنْهُ قَدْ فَاتَهُمَا
وَرُدَّ لكن قَالَ يَحيَى البَرُّ
…
لَمْ يَفُتِ الخَمسَةَ إلَاّ النَّزْر
وَفيهِ مَا فِيْهِ لِقَوْلِ الجُعْفِي
…
أَحْفَظُ مِنْهُ عُشْرَ أَلفِ أَلْفِ
وَعَلَّهُ أَرَادَ بِالتَّكرَارِ
…
لَهَا وَمَوْقُوْفٍ وفي البُخَارِي
أَرْبَعَةٌ آلافِ والمُكَرَّرُ
…
فَوْقَ ثَلاثَةٍ أُلُوْفاً ذَكَرُوا
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لما ذكر القسم الأول من أقسام الحديث الصحيح وعرفه، وذكر شروطه ضمن التعريف، وحكمه، وذكر أصح الأسانيد، وهو من متعلقات الحديث الصحيح ذكر مظان الحديث الصحيح، كما سيأتي تعريف الحسن ومظان الحسن، فذكر أصح كتب الحديث، ثم ذكر بعد ذلك القدر الزائد من الصحيح في غير الصحيحين من الكتب التي اشترط فيها مؤلفوها الصحة، وتقاصر تطبيقهم لهذا الشرط فلم يوفوا به، وإن كان في جملتها معدودة في الصحاح، ومن ذلك المستخرجات التي كثير منها على الصحيحين، يوجد مستخرجات على ما سيأتي على غير الصحيحين، لكن أكثر المستخرجات على الصحيحين فأردف الكتب الصحاح بالمستخرجات عليها.
فقال -رحمه الله تعالى-:
"أصح كتب الحديث" ولما ذكر أصح الأسانيد ذكر أصح الكتب، فقال -رحمه الله تعالى-:
أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ
…
مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ
أو من صنف في الصحيح محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبة البخاري الجعوفي مولاهم، المتوفى سنة ستة وخمسين ومأتين، هو أول من صنف في الصحيح المجرد، وإلا فموطأ الإمام مالك فيه من الصحيح الشيء الكثير، لكن فيه أيضاً على سبيل الاعتماد والاحتجاج غير الصحيح من المراسيل والبلاغات والمقاطيع، فيوردها -رحمه الله تعالى- ويعتمد عليها؛ لأن من مذهبه الاحتجاج بمثلها على ما سيأتي في المرسل.
واحتج مالك كذا النعمانُ
…
به وتابعوهما ودانوا
فهو يحتج بالمراسيل ويعتمد عليها، ولذا لما كان كتابه مشتمل على الصحيح وغيره تجاوزه المؤلف وجعل الأولية لمن بعده، وهو الإمام البخاري، الإمام الشافعي قال:"ما على ظهر الأرض كتاب في الحديث أصح من كتاب مالك" فهل يقدح في قول الحافظ العراقي وهو ممن يقلد الإمام الشافعي؟ لا يقدح في كلام الحافظ العراقي؛ لأن كلام الإمام الشافعي قبل وجود الصحيحين، قبل وجود صحيح البخاري، فلا يقدح في كلام الحافظ العراقي وهو كلام عامة أهل العلم، فلا يوجد على وجه الأرض أصح من الصحيحين، والأكثر على أن صحيح البخاري أصحهما، أصح من مسلم، فقال الإمام -رحمه الله تعالى-:
أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ
…
. . . . . . . . .
الذي سبق تعريفه "محمد " ويريد بذلك الإمام البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري "وخص بالترجيح" بالترجيح على غيره، خص بالترجيح على غيره من سائر الكتب التي صنفها البشر، يعني بعد كتاب الله -جل وعلا-، ما يوجد على وجه الأرض أصح من كتاب الإمام البخاري.
"ومسلم بعدُ" يعني مسلم بعده في المرتبة وفي الوجود، وجود صحيح الإمام البخاري قبل وجود صحيح الإمام مسلم "ومسلم بعد" في الزمن والمرتبة، هذا قول جمهور أهل العلم، "وبعض الغرب مع" بعض الغرب يعني بعض أهل الغرب من علماء المغرب "مع أبي علي" النيسابوري "فضلوا ذا" الإشارة تعود إلى مسلم "فضلوا ذا لو نفع" ومسلم بعد يعني كتاب مسلم بعد يعني بعد كتاب الإمام البخاري، وتبنى على الضم بعد وقبل والجهات الست؛ لأنها حذف المضاف إليه مع نيته، وذكرنا في درس مضى أنه إذا حذف المضاف إليه بالكلمات المذكورة قبل وبعد مع نيته فإنه يبنى على الضم {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [(4) سورة الروم] وإذا ذكر المضاف إليه أعربت {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ} [(137) سورة آل عمران] وإذا حذف المضاف إليه مع عدم نيته أعربت مع التنوين، وهذا تقدم الكلام فيه "ومسلم بعد" يعني بعد صحيح البخاري في الزمن والرتبة "وبعض الغرب" يعني بعض أهل الغرب من المغاربة
. . . . . . . . . مع
…
أبي علي فضلوا ذا لو نفع
من المغاربة الذين فضلوا مسلم؛ ابن حزم، ابن حزم، مع أبي علي النيسابوري؛ فضلوا صحيح مسلم على صحيح البخاري، ومرد هذا التفضيل عندهم كما صرح به القاسم التجيبي في فهرسته أنه لم يكن فيه بعد الخطبة إلا الحديث السرد، لم يكن فيه بعد الخطبة إلا الحديث السرد، يعني بعد مقدمة مسلم ما فيه إلا أحاديث مرفوعة، وموصولة، وأما البخاري ففيه آثار كثيرة عن الصحابة، والتابعين، وفيه معلقات غير موصولة المعلقات هذه الكثيرة -من وجهة نظرهم- أنزلت صحيح البخاري عن مرتبة صحيح مسلم الذي ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث مسروداً، أحاديث مرفوعة، وهذا غالباً، وإلا ففيه بعض الموقوفات اليسيرة، كقول يحيى بن أبي كثير كما قال الإمام مسلم في أثناء أحاديث المواقيت، مواقيت الصلاة قال يحيى بن أبي كثير: لا يستطاع العلم براحة الجسم، هذا موقوف، لكن هذا قليل نادر بالنسبة لما في صحيح البخاري من الموقوفات على الصحابة والتابعين، وأيضاً فيه كلام تفسيراً لألفاظ من الكتاب والسنة، وأما مسلم فهو صافي من هذا كله، إلا ما ندر، إن كان هذا هو مرد جميع من فضله على صحيح البخاري، فالمسألة سهلة؛ لأن المفاضلة في الكتابين على الأحاديث المعول عليها، الأحاديث المرفوعة الأصول التي هي أصل الكتاب، وما يتبع هذا الأصل من تراجم، فصحيح مسلم ما فيه ولا تراجم، ما ترجم، ما في باب كذا باب كذا، ما في، الأصل ما فيه شيء، ما فيه إلا أحاديث سرد، يعني الأصل الاعتماد على الأحاديث المرفوعة الأصول في صحيح البخاري، وما يأتي من ما يذكره الإمام -رحمه الله تعالى- من تراجم، وأخبار، وآثار، وتفسير للغريب، ومعلقات كل هذه تأتي تبعاً، والمفاضلة ليست بينها وبين الأحاديث المرفوعة في صحيح مسلم، إنما المفاضلة بين الأحاديث المرفوعة في صحيح البخاري المرفوعة الموصولة، والأحاديث المرفوعة الموصولة في صحيح مسلم، هنا تكون المفاضلة، فإن نظرنا إلى هذا القسم، وهذا النوع مع ذاك؛ انتهى وجه التفضيل الذي ذكره بعض المغاربة على أن ما ذكره الإمام البخاري من تراجم ينبغي أن يكون ميزة لهذا الكتاب؛ لأن الاستنباط الذي يترجم به الإمام البخاري على الأحاديث، هذا استنباط، والاستنباط هو الثمرة العظمى من
هذه الأخبار؛ لماذا تذكر هذه الأخبار؟ إلا ليستنبط منها، يستنبط منها الأحكام ليعمل بها، هذه هي الثمرة، فإذا جعلنا هذا مما ينزل منزلة صحيح البخاري بالنسبة لصحيح مسلم، قلنا: أن الأحاديث تذكر لمجرد البركة، كما يفعله كثير من المسلمين من المقلدة للأئمة الذين لا يعملون بالأحاديثـ، وإنما يقرءونها لمجرد البركة، الأصل أن الخبر إنما يذكر ليستنبط منه، للعمل، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- تولى هذا ببراعة فائقة بما لا يوجد نظيره عند غيره -رحمه الله تعالى-، ومن عانى الكتاب عرف مقدار هذا الإمام -رحمه الله تعالى-، فهذه ميزة لصحيح البخاري، أيضاً الآثار من عيون أقاويل السلف من الصحابة، والتابعين؛ هذه يتوج بها الإمام البخاري هذه التراجم ليبين معانيها، ويرجح بها ما لا يستطيع ترجيحه من الاحتمالات التي يحتملها لفظ الخبر، فيرجح بأقاويل الصحابة والتابعين -رحمه الله تعالى-، فهذا حقيقةً مما يرجح صحيح البخاري.
بعضهم رجح صحيح مسلم بحسن الصناعة، بحسن الصناعة، فالإمام مسلم ترتيبه عجيب في سرد طرق الأحاديث؛ سواءٌ كان ذلك في الأسانيد، أو في المتون، نعم، برع الإمام مسلم في هذا، إذا لحظنا ترتيب الحديث الواحد بطرقه، وما يتلوه من أحاديث تشهد له، شهد كل واحد ببراعة الإمام مسلم، وهذا مرجح كما قال بعضهم:
تشاجر قوم في البخاري ومسلم
…
لدي وقالوا: أي ذين تقدم؟
فقلت: لقد فاق البخاري صحة
…
كما فاق في حسن الصناعة مسلم
وإذا نظرنا إلى الكتابين من هذه الناحية رجحنا، أو شهدنا للإمام مسلم بالبراعة التامة في ترتيب الأخبار، شهدنا للإمام البخاري بنظيره، أو بما يفوقه في تقطيع الأحاديث، وتفريقها في المواضع التي يذكرها فيه حسب ما يستنبط منها، يعني كون الإمام مسلم يسرد الحديث الواحد في مكان واحد بطرقه، وألفاظه، وما يشهد له، والإمام البخاري يقطِّع هذا الحديث، ويجعله في أبواب الدين كلها مما يمكن أن يستنبط منه، هل هذه ميزة وإلا لا؟ ميزة، وأنا أعجب ممن يفضل صحيح مسلم من هذه الحيثية، يعني تقطيع الإمام البخاري للأحاديث، وذكرها في أبواب متعددة، واستنباطه من هذه الجمل من هذه الأحاديث ميزة للإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، فإذا كان وجه التفضيل هذا مرده فالبخاري أرجح.
أبو علي النيسابوري الذي ينص عليه بأنه رجح صحيح مسلم على البخاري قال: "ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم" أصح من كتاب مسلم، وأفعل التفضيل في هذا الموضع لا شك أن الظاهر من اللفظ تفضيل مسلم، يعني الاستعمال العرفي لأفعل التفضيل في مثل هذا السياق يدل على تفضيله على غيره:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ} [(125) سورة النساء].
شيخ الإسلام له بحث طويل في هذه الآية، هل نفهم من هذا كما في الاستعمال العرفي أن الإسلام أفضل من غيره، أو نقول: إنه لا يوجد أحسن دين منه، ولا يمنع أن يوجد دين مساو له؟ إذا قلت: فلان أعلم من في البلد؛ فأنت تشهد لهذا الرجل بأنه لا يوجد .. ، بأنه أعلم من في البلد بالإطلاق، لا يوجد نظير له في البلد، لكن إذا قلت: لا يوجد في البلد أعلم من فلان؛ فأنت تنفي أن يوجد أعلى منه رتبة، لكن لا يلزم منه أن يوجد من يساويه، ولذا حكى بعضهم القول بالتساوي بين الصحيحين قولاً ثالثاً في المسألة، واعتمد على قول أبي علي هذا، قوله:"لا يوجد تحت أديم السماء كتاب أصح" لا ينفي أن يوجد كتاب مساو له في الأصحية، وفي الحديث:((ما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر)) هذا الحديث مخرج في السنن حسنه جمع من أهل العلم، لكن هل مقتضى الحديث أن يكون أبو ذر أصدق من الصديق؟ أبو ذر تميز بالصدق، لكن لا يمنع أن يوجد مساو له في الصدق، والأمثلة على هذا كثيرة، الأمثلة على هذا كثيرة؛ الاستعمال العرفي يقتضي أنه أفضل من غيره، لكن أصل المادة، والاستعمال اللغوي، والمدلول اللغوي لا ينفي وجود المساوي مع نفيه وجود الأعلى، لا ينفي وجود المساوي، ويتأيد هذا بحكاية التساوي بينهما قولاً ثالثاً، يقول:"فضلوا ذا" يعني صحيح مسلم "لو نفع" لو نفع هذا التفضيل، لكنه لم ينفع، لماذا لم ينفع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لم ينفع بالدليل، لم ينفع بالدليل؛ لأن الأصحية مردها إلى اتصال الإسناد، وعدالة الرواة، فإذا كان أحدهما أشد اتصالاً من الآخر، وأوثق رواةً صار أصح، على أن مسلماً تلميذ للإمام البخاري، تلميذه، وخريجه حتى قال الدارقطني:"لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء"، ومقتضى علو المؤلِّف؛ علو المؤلَّف، هذا غالباً؛ لأنه براعة التأليف من براعة مؤلفه، وإن وجد في مصنفات بعض الطلاب من بعض الوجوه ما هو أفضل من مصنفات بعض شيوخهم، والمسألة مواهب، من أهل العلم من يحفظ من العلم الشيء الكثير، ويتقن التعليم لكن لا يتقن التأليف، والعكس موجود، لكن هذا تفضيل إجمالي، تفضيل إجمالي، التفضيل التفصيلي، قالوا: الأصحية مردها إلى عدالة الرواة، واتصال الأسانيد، فإذا نظرنا في واقع الكتابين وجدنا أنهما خرجا لرجال جازوا القنطرة، رجال الصحيحين، لكن لم يسلم بعضهم من كلام يسير، والرواة الذين تكلم فيهم من رواة صحيح مسلم أكثر من الرواة الذين تكلم فيهم ممن خرج لهم البخاري، فالمتكلم فيهم من رواة مسلم مائة وستون، والمتكلم فيهم من رواة البخاري ثمانون، على النصف، فإذا عرفنا هذا أنه من تكلم فيه من الرواة في البخاري أقل؛ إذن صحيح البخاري أوثق رواة، وأما بالنسبة لاتصال الأسانيد، فالإمام البخاري على ما استفاض عند أهل العلم وتناقلوه، وتداولوه من غير نكير، الإمام البخاري يشترط ثبوت اللقاء، بين من روى، ومن روى عنه، وهذا معروف عند أهل العلم، ومستفيض عندهم، وتداولوه وتناقلوه، بينما الإمام مسلم قرر في مقدمة الصحيح أنه يكتفي بالمعاصرة، ولا شك أن اشتراط ثبوت اللقاء من حيث الاتصال أقوى من الاكتفاء بمجرد المعاصرة، وإمكان اللقاء، وهذه المسألة يأتي بحثها -إن شاء الله تعالى- بالتفصيل في السند المعنعن، لكن هذه إشارة، هذه إشارة، فإذا كان الإمام البخاري أوثق رواة، وأشد اتصال؛ فمن أين يأتي تفضيل مسلم على البخاري؟ والإمام مسلم، وهو يكتفي بالمعاصرة، وقرر ذلك في صدر كتابه، وذكر أحاديث لا تروى بأي إسناد يوجد في الدنيا إلا بالعنعنة، مع أنه يمكن اللقاء ولم يثبت، يعني ما في أحد يستطيع أن يثبت لقاء الرواة بعضهم ببعض، في الأحاديث التي ذكرها في
المقدمة، وأنها ما رويت إلا معنعنة من طريق هؤلاء الرواة الذين لا يستطيع أحد أن يثبت أن أحدهم لقي الآخر، وإن أمكن اللقاء، مع أنه -رحمه الله تعالى- روى هذه الأحاديث بصيغ التحديث، وهو يقول: لا تروى إلا معنعنة، وهو بشر، هو بشر يعني طال العهد بالمقدمة، وأثناء الكتاب، وآخر الكتاب، فنبه على هذا ابن رُشيد في كتاب له نفيس اسمه:"السنن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن" وسيأتي ذكره، وخلاصته -إن شاء الله- في بحث السند المعنعن -إن شاء الله تعالى- هذا مما يرجح صحيح البخاري على صحيح مسلم، وهو قول جماهير أهل العلم، قول جماهير أهل العلم، وهو الراجح.
"فضلوا ذا لو نفع" إذا عرفنا أن أصح الكتب بعد كتاب الله -جل وعلا- صحيح البخاري وصحيح مسلم هل نقول أو نستطيع أن نقول لأحد أن يكتفي بالصحيحين مع القرآن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا يكتفي أحد بالصحيحين مع القرآن؛ لماذا؟ يقول الحافظ العراقي:"ولم يعماه" ولم يعماه لا البخاري، ولا مسلم، ولا هما مجتمعين، يعما جميع ما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإن وجد من ينادي بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين، وألف في ذلك كتاب اسمه:"تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين" لكن كم يفوت بهذا من علم، وفضل، كم من حديث مطلق في البخاري مقيد في سنن أبي داود، أو العكس، كم من حديث عام خصص بحديث في مسند الإمام أحمد، كم من حديث منسوخ في الصحيح نسخه حديث في غير الصحيحين، فالتعبد على هذا الوجه ناقص، ووجد من ينادي، توفي -رحمه الله تعالى-، وهو معروف بالزهد، والعبادة، وعلى خير عظيم -نحسبه والله حسيبه-، لكنه في العلم أقل، وألف كتاباً أسماه:"تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين"، ومطبوع في مجلدين، قسم في العبادات، وقسم في المعاملات، ووجد له من يتبعه، ووجد جماعة الاقتصار على الصحيحين، وجد من يتبعه، ويدعو إلى ما يدعو إليه، هذا شيء مريح يعني كون الإنسان يعتمد على القرآن، والصحيحين يرتاح، ولا يعاني أحاديث مختلف فيها، وأسانيد متكلم فيها، وطرق، ومتابعات، وشواهد؛ ليصحح أو يضعف، طريقة سهلة للتحصيل، لكن هل تحقق العلم بجميع متطلباته؟ لا يمكن مثل ما ذكرنا أنه قد يوجد حديث منسوخ في البخاري، وناسخه في سنن أبي داود، أو مطلق ومقيده في كذا، لا بد من اكتمال الصورة مجتمعة، فالدين وحدة واحدة مترابطة بنصوصه، فلا يقتصر على بعضه على بعض، وبالإمكان أن يقول شخص: كتاب الله، بيننا وبينكم كتاب الله، وقد قيل، المحفوظ، ويكفينا، ونادى الخوارج بذلك، ولهم من يتبعهم ممن يسمى بالقرآنيين ممن لا يعنى بالسنة، لكن كم من ضلال ترتب على مثل هذا القول؟
يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: "ولم يعماه" البخاري ومسلم، جمعا من الصحيح ما جمعا في كتابيهما، لكن ما جمعاه لم يعما به جميع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا اشترط واحد منهم ذلك، ولا ادعى أحد منهم ذلك، بل المحفوظ عنهم غير ذلك، البخاري يقول:"ما ذكرت في كتابي فهو صحيح، وما تركت من الصحيح أكثر خشية الطول، أو خشية أن يطول الكتاب"، والإمام مسلم يقول:"ما ذكرت في كتابي إلا ما أجمعوا عليه" يعني والصحيح الذي يختلفون فيه ما ذكر منه شيئاً، فدل على أن هناك صحيحاً قد يكون أكثر مما في الصحيحين، وهو الواقع مما لا يوجد في الصحيحين "ولم يعماه" وعلى هذا هما ما ادعيا ذلك، ولا التزماه، فإلزام الدارقطني -رحمه الله تعالى- لهما بتخريج أحاديث على شرطهما، غير لازم، في كتاب أسماه:"الإلزامات"، وكذلك الحاكم، حينما ألزمهما بتخريج أحاديثه على شرطهما، ولم يخرجاه، كل هذا ليس بلازم؛ لأنهما ما التزما ذلك، وما قال: إننا الحديث الذي لا نذكره في كتابينا ليس بصحيح، ما قالا ذلك.
ولم يعماه ولكن قلما
…
عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
ابن الأخرم، يعني الترتيب على هذه الهيئة بالنسبة لصحيح مسلم، وهو من مسلم، ترتيب الأحاديث، التراجم الكبرى كتاب الإيمان، كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، هذا موجود في كثير من النسخ العتيقة، التراجم الكبرى، الكتب، أما الأبواب فالمعروف، والمتفق عليه بين أهل العلم أن مسلم لم يترجم كتابه بأبواب، ولذا تجدون كل شارح يترجم بما يستنبطه من الأحاديث، تجدوا عند النووي تراجم لا توجد عند القاضي عياض، تجدون عند القاضي عياض تراجم لا توجد عن الشراح الآخرين، الأُبي له تراجم، السنوسي له تراجم، كلٌ يترجم بما يلوح له من حكم يستنبطه من الحديث، هذا يدل على أن مسلم لم يترجم كتابه، والنسخ القديمة العتيقة كلها ما فيها تراجم، تراجم جزئية، وإن أشار القاضي عياض في "إكمال المعلم" أنه وقف على نسخة مترجمة، لكن المعروف عند أهل العلم أن مسلم لم يترجم كتابه، أخلاه من التراجم؛ لئلا يمزج كلام النبي عليه الصلاة والسلام بغيره، بكلامه هو.
ولم يعماه ولكن قلما
…
. . . . . . . . .
"قلما""ما" هذه أحياناً تكتب في مثل هذا الموضع مفصولة، وأحياناً تكتب موصولة "قل ما" وأحياناً تكتب موصولة، هنا مكتوبة إيش؟ موصولة، فإذا كانت موصولة فما معنى الـ"ما"، قل: هذا فعل، وما، هذه؛ هل نقول إنها موصولة، يعني قل الذي؛ أو أيش؟ زائدة، ولكن قل عند ابن الأخرم، ما هذه إذا دخلت على الحروف؛ إذا قلت: إنما، كأنما، نعم كافة؛ فهل تكون كافة إذا دخلت على الفعل، أو لا؟ فيها أيش؟ خلاف، اذكر الخلاف؟ منهم من يقول: مصدرية، ومنهم من يقول، نعم، الأزهري يقول: كافة، وإذا كانت كافة؛ فإنها لا تحتاج إلى ما يحتاجه الفعل غير المكفوف، نعم، ما له علاقة بالفعل، إذا كانت كافة مثل إنما، يلغى عملها، وإذا كانت مصدرية بقي عمل الفعل "ولكن قلما عند ابن الأخرم" محمد بن يعقوب ابن الأخرم النيسابوري:
. . . . . . . . .
…
عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
يعني قلما، شيء يسير قد فات الصحيحين، فيطلب من مظانه "ورد" ورد قول ابن الأخرم؛ لماذا؟ لأنه يصفوا من الكتب الآتية من مظان الصحيح؛ صحيح ابن حبان، وصحيح ابن خزيمة، ومستدرك الحاكم، والمستخرجات، والمسانيد، والسننن، والجوامع، والمعاجم يصفو شيء كثير من الصحيح، قدر زائد على الصحيحين، ولذا قال:"ورد" يعني قول ابن الأخرم، مقتضى قول ابن الأخرم أنك إذا أوردت وجدت من الصحيحين أربعة آلاف حديث مثلاً من غير تكرار فتحتاج مثلاً إلى شيء يسير تطلبه من بقية الكتب، وإذا كان قليلاً، فإنه لن يبلغ العدد، ولا يقرب منه، يعني افترض أنه مثلاً تحتاج إلى زيادة ألف، أو خمسمائة مثلاً؛ لأن التعبير يدل على أنه شيء يسير "قلما" فما القدر الزائد من السنن على الصحيحين مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء كثير، يصفو من المستدرك شيء كثير، يصفو من صحيح ابن حبان، وابن خزيمة، كم في موارد الظمآن مما صح مما يزيده ابن حبان على الصحيحين؟ شيء كثير، فإذا ضمنا هذا إلى ما زاده الحاكم في المستدرك، وابن خزيمة في صحيحه، السنن الأربع، المسانيد، الجوامع المعاجم، أحاديث كثيرة تصح، أحاديث كثيرة تصح عن النبي عليه الصلاة والسلام غير ما في الصحيحين، ولذا جزم الحافظ -رحمه الله تعالى- العراقي بقوله:"ورد" ما تردد في رده؛ لأنه يستحق الرد يصفو شيء كثير، وهو يقول: شيء يسير؛ قليل:
ورد لكن قال يحيى البر
…
لم يفت الخمسة إلا النزر
يحيى البر النووي؛ أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، ووصفه بأنه بر؛ لأنه اجتمع فيه من أعمال البر ما لم يجتمع لنظرائه:
.... لكن قال يحيى البر
…
لم يفت الخمسة إلا النزر
الخمسة التي هي أصول الإسلام، البخاري ومسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، الخمسة، وقال بهذا –أيضاً- السِلَفي في شرح مقدمة "معالم السنن" أنها تكفي المتفقه؛ الكتب الخمسة، ومع ذلك قال:"لم يفت الخمسة إلا النزر" يعني الشيء اليسير، وتعقبه الحافظ العراقي بقوله:"وفيه ما فيه" كناية عن ضعفه، كناية عن ضعفه، وفيه ما فيه لكن ما قال في كلام النووي مثل ما قال في كلام ابن الأخرم؛ لأن كلام النووي أقرب إلى الحقيقة والواقع من كلام ابن الأخرم؛ لأننا إذا أضفنا على ما في الصحيحين مما صح في السنن الثلاثة؛ يبقى أقل مما ذكره ابن الأخرم مما يفوت الصحيحين، والمؤلف تأدب مع النووي، قال:"وفيه ما فيه" كناية عن ضعفه –أيضاً- لماذا؟ يقول: "لقول الجعفي" الإمام البخاري:
وفيه ما فيه لقول الجعفي
…
أحفظ منه. . . . . . . . .
يعني من الأحاديث، من الحديث الصحيح "أحفظ منه" مما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام "عشر ألف ألف"؛ ألف الألف مليون، وعشره مائة ألف، وهذا ثابت عن الإمام البخاري أنه يحفظ من الصحاح مائة ألف مما صح، ويحفظ مائتي ألف مما لم يصح، الآن نبحث عن مخارج لنتخلص من الأحاديث التي لسنا بحاجة إليها، تجد الطالب يحرص على أن يعتصر البخاري في أقل حجم، ثم بعد ذلك يعتصر زوائد مسلم عليه ليكون أقل حجم، وأقل قدر، ثم يعتصر زوائد أبي داود، ثم كذلك إلى آخره، والإمام البخاري يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ما قال يكفي، يحفظ معها مائتي ألف حديث غير صحيح؛ ويش الفائدة من معرفة غير الصحيح، والأحاديث الضعيفة والموضوعة؟ الذب عن السنة، اللي ما يعرف أن هذا الحديث ليس بصحيح كيف ينفيه عن السنة؟ ولذا العلماء يعنون بهذا عناية فائقة:
. . . . . . . . .
…
أحفظ منه عشر ألف ألف
"وعله" لغة في لعل، بحذف اللام "وعله":
لا تهن الفقير علك أن
…
. . . . . . . . .
علك يعني لعلك؛
. . . . . . . . .
…
تركعَ يوماً والدهر قد رفعه
ولعل هذه تأتي بدون لام، اللام الأولى قد تحذف، ويقال: عله، كما قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:"وعله" يعني لعل الإمام البخاري "أراد بالتكرار لها وموقوف" لئلا يقول قائل، لئلا يقول قائل: إذا كان البخاري يحفظ مائة ألف، والإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف، وأبو داود يحفظ خمسمائة ألف؛ وين راحت الأحاديث؟ يعني الدين ضاع، دواوين الإسلام ما فيها ولا عشر هذا العدد؛ وين راح الدين؟ أكيد ضاع شيء، وما من مغرض إلا ويدخل، وله مدخل من مثل هذا الكلام إذا استدل عليه بأمر يجب عليه فعله أو يجب عليه تركه؛ قال: لعل هذا الخبر منسوخ؛ نسخه حديث مما فرطت به الأمة؛ أين مئات الألوف من الأحاديث التي يحفظها الأئمة؟ الجواب في قول الناظم -رحمه الله تعالى-:
وعله أراد بالتكرار
…
لها وموقوف. . . . . . . . .
فهم يعدون الأحاديث المكررة أحاديث، ورب حديث يروى من عشرين طريقاً مثلاً؛ يعدونه عشرين حديثاً، أبو إسماعيل الهروي يقول: إن حديث: ((الأعمال بالنيات)) رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري سبعمائة شخص، فتعد هذه سبعمائة حديث، نظراً لتعدد طرقه، فالتكرار عندهم أحاديث، وأيضاً الموقوفات يعدونها أحاديث، ما يروى من فتاوى الصحابة، والتابعين من الآثار معدودة في الأحاديث عند جمع من المتقدمين، وينتهي الإشكال هنا، بهذا الاعتذار ينتهي الإشكال، إذا جزمنا يقيناً أن الأمة معصومة من أن تفرط بشيء من دينها؛ لأن الدين تكفل الله بحفظه؛ لأن الدين تكفل الله بحفظه، فلا يجوز أن يتصور مسلم فضلاً عن طالب علم أن الأمة فرطت بشيء من سنة نبيها عليه الصلاة والسلام "وفي البخاري" يعني وفي صحيح البخاري من الأحاديث "أربعة الآلاف" أربعة الآلاف يعني بدون تكرار:
أربعة الآلاف والمكرر
…
فوق ثلاثة ألوفاً ذكروا
لأن في البخاري سبعة آلاف، وثلاثمائة وشيء يسير من العدة، المكرر منها ما ذكر فوق ثلاثة آلاف، وبدون تكرار أربعة آلاف، وهذا تلقوه بعضهم عن بعض، ومازالوا يذكرون العدة بدون تكرار أربعة آلاف حتى جاء الحافظ ابن حجر، فعني بعدد الأحاديث من غير تكرار في الصحيح كتاباً كتاباً إذا انتهى من كتاب -في فتح الباري- قال: اشتمل الكتاب على كذا، اشتمل كتاب الطهارة على كذا من الأحاديث؛ منها من المكرر فيما مضى، وفيما سيأتي كذا، ويصفو كذا، والموقوفات كذا، والمعلقات كذا، فبلغت عدته عند الحافظ ابن حجر على التحرير ألفا حديث وستمائة وحديثان، ألفين وستمائة وحديثين، هذا على التحرير عند الحافظ ابن حجر، قد يقول قائل: الفرق ليس بيسير، ألف وأربعمائة حديث وين راحت، أو أكثر؟ نقول: ما راحت، هي موجودة في الصحيح، كيف؟! الفرق ألف وأربعمائة يعني يمكن يخطئ الإنسان عدد عشرة عشرين ثلاثين، لكن ألف وأربعمائة؛ يعني ثلث الكتاب وين راح؟ نقول: ما راح شيء، لكن المتقدمين ليس من همهم التفرغ للأعداد، إنما بالتقريب، صحيح مسلم يقول أحمد بن سلمة: اثني عشر ألف حديث، وغيره يقول: ثمانية آلاف حديث، هل معنى هذا أن صحيح مسلم فقد منه شيء؟ لا؛ الأئمة ليس هذا همهم أبداً، بدلاً من أن يعد اثني عشر ألف حديث، أو ثمانية آلاف حديث يحفظ مائة حديث، هذا همهم، بالنسبة للمتقدمين لا يعنون بهذا، والمسند قالوا: أربعين ألف حديث، وقيل: ثلاثين ألف حديث، طيب المسند بين أيديكم، كيف يختلفون مثل هذا الاختلاف؟ هذا الأمر لا يعنيهم، يعني بدلاً من أن يعد أربعين ألف حديث يأخذ عليه وقتاً طويلاً؛ يحفظ مكانها أحاديث، فليس عندهم شيء للترف العلمي، أو ملح العلم هم يعنون بمتينه، الحافظ ابن حجر عُني بهذا؛ لأن زمنه تأخر عن زمن الجد، وإن كان جاداً -رحمه الله تعالى- لكن إذا نسبناه إلى من تقدم من الأئمة عرفنا الفرق، وإذا نسبنا من دونه، ومن بعده إليه عرفنا الفرق، وعالم من أهل اليمن أشكل عليه القراءة في تفسير الجلالين، تفسير الجلالين؛ هل يقرأه بطهارة، أو بدون طهارة؟ هل يتوضأ لقراءة تفسير الجلالين، وإلا لا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الحكم للغالب، قال الحكم للغالب؛ فماذا صنع؟ عد حروف القرآن مع حروف تفسير الجلالين، وقال: إنه إلى نهاية سورة المزمل العدد واحد، ثم من المدثر إلى آخر القرآن زاد عدد التفسير فانحلت المشكلة عنده؛ هل يفعل مثل هذا الأئمة أحمد بن حنبل، أو يحيى بن معين، أو غيرهم؟ يفعلون مثل هذا؟ صار همنا في النهاية العناية بمثل هذه الأمور؛ بل بما دونها اهتمينا بالألوان؛ هذا أحمر، هذا أخضر، وهذا الكتاب .. ، مثال الذي معنا، لكن كونه يتولى هذه الأمور من لا علاقة له بالعلم الأمر سهل؛ يعني ناس تجار سخرهم الله -جل وعلا- لخدمة هذا العلم، وأخرجوه بمخرج مناسب، لكن لو كان هذه زخرفة من عالم مثلاً، أو طالب علم يريد أن يحفظ الكتاب؛ يلام على هذا، أن يهدر وقت يفتح القلم هذا، ويفك هذا، ويسكر هذا، وينقش، ويخطط، هذه ليست من اهتمامات أهل العلم.
عدة أحاديث صحيح مسلم بدون تكرار اختلفوا فيها، من اثنا عشر ألف إلى ثمانية آلاف إلى ما يقارب عدد صحيح البخاري سبعة آلاف وكسور، لكن .. ، وقالوا عنه –أيضاً-: بأنه أربعة آلاف بدون تكرار، وبلغت عدته في ترقيم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي إلى ثلاثة آلاف وثلاثمائة وشيء -نسيت الآن-، وهو يرقم بدقة، محمد فؤاد عبد الباقي.
إذا اتفق العلماء على نسخ حديث مثلاً؛ على أن هذا الحديث منسوخ، وبحثنا بين دواوين الإسلام التي بين أيدينا، ولم نجد ناسخاً، هل نقول: لا، ليس بصحيح أنه منسوخ؟ أو نقول: منسوخ ولو لم نطلع على الناسخ؛ صيانة لاتفاق الأمة؟ ونقول: مصروف لو اتفقوا على أنه سنة، نقول: مصروف ولو لم نطلع على الصارف؛ صيانة لاتفاق الأمة؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه مسألة في الفهوم؛ الفهم ما له علاقة، الفهم لا يدخل فيما نقرره، الكلام فيما لو وجد حديث الأمة بحاجة ماسة إليه فلم يروَ، سبعمائة طريق لحديث:((الأعمال بالنيات))، فيما قاله أبو إسماعيل الهروي؛ سبعمائة طريق، فيما قرره إسماعيل الهروي كلهم يروونه عن يحيى بن سعيد الأنصاري، والحافظ ابن حجر يقول: وقد عُنيت بجمع طرق الحديث عن يحيى بن سعيد منذ بداية الطلب، منذ بداية الطلب إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة؛ وين راحت الستمائة؟ الحديث خطب به على المنبر، ولا يحفظ إلا من طريق رجل واحد؛ وين راحوا اللي حاضرين الخطبة؟ نقول: العلماء يكتفون بما يسقط الواجب، يكتفون بما يسقط الواجب، قامت الحجة ببلوغ الخبر؛ انتهى الإشكال؛ لأن تبليغ العلم فرض كفاية، قام به من يكفي؛ ما له داعي كل الناس تروي هذا الحديث.
الصحيح الزائد على الصحيحين:
وخذ زيادة الصحيح إذ تنص
…
صحته أو من مصنف يخص
بجمعه نحو: ابن حبان الزكي
…
وابن خزيمة وكالمستدرك
على تساهل وقال: ما انفرد
…
به فذاك حسن ما لم يرد
بعلة والحق أن يحكم بما
…
يليق والبستي يداني الحاكما
لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- من مظان الصحيح أصح الكتب؛ ذكر القدر الزائد من الصحيح، أين يوجد؟ أين نأخذ القدر الزائد من الصحيح على الصحيحين الذين تقدم الكلام فيهما؟
يقول -رحمه الله تعالى-: "وخذ زيادة الصحيح" الزيادة في قدر الأحاديث الصحيحة:
. . . . . . . . . إذ تنص
…
صحته أو من مصنف يخص
"تنص صحته" من إمام معتبر من أئمة الحديث، إذا نص الأئمة على صحة الخبر اعتمدنا هذا التصحيح، وعملنا به، وصار قدراً زائداً على ما في الصحيحين، لو صحح أبو داود، صحح الترمذي، صحح النسائي، صحح الإمام أحمد أحاديث نضيفها إلى ما في الصحيحين من الأحاديث الصحيحة "تنص صحته" هذا النص إما أن يكون في مؤلف هذا الإمام الذي نص على الصحة في مصنفه، وهذا ما نص عليه ابن الصلاح؛ يعني تؤخذ زيادة الصحيح عنده مما نص الأئمة على صحته في مؤلفاتهم، لا في ما نقل عنهم، يعني صحح الإمام أحمد حديث في كتاب من كتبه، نعمل به، لكن صححه فيما نقل عنه، أو صححه يحيى بن معين فيما نقل عنه، لا في مؤلفه؛ نقبل، وإلا ما نقبل؟ عند ابن الصلاح ما نقبل؛ لماذا؟ لأننا نحتاج إلى تصحيح الإسناد إلى هذا الإمام، والمسألة مفترضة عنده في انقطاع التصحيح والتضعيف على ما سيأتي تقريره من رأي ابن الصلاح في هذه المسألة، وأن باب الاجتهاد انتهى في التصحيح والتضعيف، فليس لنا أن نصحح الطريق إلى هذا الإمام لنقبل قوله في تصحيح الحديث، ونص على أن هذا التصحيح لا بد أن يكون في مصنفاتهم، والحافظ العراقي ممن لا يوافقه على هذا، بل يرى أن باب الاجتهاد في التصحيح والتضعيف باقي، ولذا قال:
وخذ زيادة الصحيح إذ تنص
…
صحته. . . . . . . . .
سواءً كان في مؤلف، أو فيما نقل عن هذا الإمام؛ لأن لنا أن نصحح الطريق إلى هذا الإمام الذي به صحح الخبر.
النووي يخالف؛ يخالف ابن الصلاح في رأيه في انقطاع التصحيح والتضعيف:
وعنده التصحيح ليس يمكن
…
. . . . . . . . .
على ما سيأتي "عنده" أي عند ابن الصلاح، وقال، نعم وقال يحيى النووي، وقال يحيى: ممكن:
وعنده التصحيح ليس يمكن
…
في عصرنا، وقال يحيى ممكن
سيأتي الكلام فيه -إن شاء الله تعالى-، ومع ذلكم أقر ابن الصلاح في هذه الجملة في هذا الموضع من مختصره، قال في مصنفاته، ثم رد عليه فيما بعد، يعني رد عليه اجتهاده هذا في موضعه، وأما الحافظ العراقي ما نص على المصنفات؛ لأنه يرى العموم في المصنفات، وفيما نقل عنه "أو من مصنف يخص بجمعه"، أو من مصنف يخص بجمعه:
بجمعه نحو: ابن حبان الزكي
…
. . . . . . . . .
يعني مصنف يجمعه، ويؤلفه ابن حبان، ويريد بذلك صحيح ابن حبان، المعروف بالأنواع والتقاسيم، صحيح ابن حبان:
وخذ زيادة الصحيح إذ تنص
…
صحته أو من مصنف يخص
بجمعه نحو ابن حبان الزكي
…
وابن خزيمة وكالمستدرك
يعني خذ الأحاديث الزائدة على ما في الصحيحين من هذه الكتب الثلاثة التي اشترط مؤلفوها فيها الصحة، وتسمى صحيح ابن حبان، صحيح ابن خزيمة، صحيح الحاكم، أو المستدرك على الصحيحين مما هو على شرطهما، أو على شرط أحدهما -على ما سيأتي في بيان شرطهما-، أو صحيح عند غيرهما، هذه الكتب اشترط مؤلفوها الصحة لكنهم تساهلوا في تطبيق الشروط التي اشترطوها، ومع أن في شروطهم شيء من التساهل؛ لأنهم يجتمعون في .. -أعني ابن حبان، وابن خزيمة- .. في إدراج الحسن في الصحيح، في إدراج الحسن في الصحيح، وهذا تساهل، وأيضاً شرطهم في قبول الرواة أخف من شرط الصحيح الذي تقدم ذكره.