المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقسام التحمل، وأولها: سماع لفظ الشيخ - شرح ألفية العراقي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌أقسام التحمل، وأولها: سماع لفظ الشيخ

إلا اثنين أو واحد، نقول: هذا ليس بعذر، ما دام يوجد واحد الحمد لله يحمل عنك هذا العلم، ويعينك على الزيادة في التحصيل؛ لأن التعليم من أعظم وسائل التحصيل تحصيل العلم، وأدركنا من شيوخنا من لا يحضر عنده إلا واحد، واحد فقط، ثم بعد ذلك انتهت مرحلة المجاهدة ومغالبة النفس إلى أن أقبل أعيان الناس أقبلوا إليه، وصاروا يعدون بالمئات، أحياناً يزيدون عن الألف، فالمسألة مسألة امتحان، فيبتلى الإنسان ويختبر هل يصبر ويعطي من نفسه أو لا؟ والعلة التي تعلل بها بعض الناس أن الطلاب واحد أو اثنين ما يسوون الجلوس هذا الكلام ليس بصحيح، يعني المفترض أن تستأجر من يقرأ عليك بالأجرة، فإذا يسر الله لك من يحمل عنك العلم بالمجان، وتتعاون أنت وإياه على تحصيل العلم، أنت أحق منه بالتحصيل، فاستفد وأفد، فإذا تأهل الإنسان ودعت الحاجة إلى جلوسه للتعليم يجلس ولا يتأخر.

أما متى يكف عن التحديث؟ فيكف إذا خشي الاختلاط، إذا بدأت عليه أمارات التغير والاختلاط فيجب عليه أن يكف، يكف عن التعليم، يكف عن الفتوى، يكف عن القضاء؛ لأنه إذا بدأت عليه علامة الاختلاط لا شك أنه يختلط عنده الحق بالباطل، فهذا السن الذي يمكن أن يبحث عند أهل العلم في هذه المواضع، في صحة التحمل، وعرفنا هذا بالأمس، ومتى يستحب الطالب كذلك، ومتى يجلس للتحديث يحدث الناس، مالك جلس للتحديث وهو صغير، ذلكم لأنه تأهل رحمه الله، والحاجة دعت إلى أن يجلس، وذلك مع وجود شيوخه وجلس وصار له من الحظوة عند الناس وعند طلاب العلم وشيوخه موجودون في المسجد نفسه، في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام لا يجلس إليهم أحد، كل هذا لأن الله -جل وعلا- علم منه صدق النية، وبذل من نفسه، والذي يبذل يعان، والمسالة لا شك أن فيها مشقة، والخلاف ما تهواه النفس، لكن مع ذلك على الإنسان أن يبذل ويسعى في تصحيح النية، ثم بعد ذلك يوفق.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:

‌أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ، وأوَّلُهَا: سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ

ص: 25

أَعْلَى وُجُوْهِ الأَخْذِ عِنْدَ الْمُعْظَمِ

وَهْيَ ثَمِانٍ: لَفْظُ شَيْخٍ فَاعْلَمِ

كتَاباً أو حِفْظَاً وَقُلْ: (حَدَّثَنَا)

(سَمِعْتُ) أَوْ (أَخْبَرَنَا)(أَنْبَأَنَا)

وَقَدَّمَ (الْخَطِيْبُ) أَنْ يَقُوْلَا:

(سَمِعْتُ) إِذْ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيْلَا

وَبَعْدَهَا (حَدَّثَنَا)(حَدَّثَنِي)

وَبَعْدَ ذَا (أَخْبَرَنَا)(أَخْبَرَنِي)

وَهْوَ كَثْيِرٌ وَ (يَزِيْدُ) اسْتَعْمَلَهْ

وَغَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا قَدْ حَمَلَهْ

مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ وَبَعْدَهُ تَلَا:

(أَنْبَأَنَا)(نَبَّأَنَا) وَقَلَّلَا

وَقَوْلُهُ: (قَالَ لَناَ) وَنَحْوُهَا

كَقُوْلِهِ: (حَدَّثَنَا) لَكِنَّهَا

الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ

وَدُوُنَهَا (قَالَ) بِلَا مُجَارَرَهْ

وَهْيَ عَلى السَّمَاعِ إِنْ يُدْرَ اللُّقِيْ

لَا سِيَّمَا مَنْ عَرَفُوْهُ فِي الْمُضِيْ

أنْ لَا يَقُوْلَ ذَا بِغَيْرِ مَا سَمِعْ

مِنْهُ (كَحَجَّاجٍ) وَلَكِنْ يَمْتَنِعْ

عُمُوْمُهُ عِنْدَ الْخَطيْبِ وَقُصِرْ

ذَاكَ عَلى الَّذِي بِذَا الوَصْفِ اشْتُهِرْ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

أما بعد:

ص: 26

فلما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- متى يصح تحمل الحديث؟ يعني الوقت الذي يتحمل فيه الحديث، ذكر -رحمه الله تعالى- الطرق، وأقسام التحمل، كيفيات الطرق التي يتحمل بها الحديث؛ لأن للتحديث طرفان تحمل وأداء، وذكرنا هذا في درس الأمس، تحمل أخذ الحديث عن الشيوخ، والأداء تبليغ الأحاديث للطلاب، قال -رحمه الله تعالى-: أقسام التحمل، وأولها سماع لفظ الشيخ، أول الأقسام وأقواها وأعلاها سماع لفظ الشيخ، وهو الأصل في الرواية، الأصل أن الشيخ يحدث والطالب يستمع ويحفظ أو يكتب، الشيخ يحدث إما من حفظه أو من كتابه، والطالب يستمع، إما يحفظ بمجرد الاستماع أو يكتب ثم يحفظ، هذا هو الأول وهو الأصل في الرواية، وهذا الغالب من حاله عليه الصلاة والسلام أنه يتكلم بالأحاديث، ينطق بها، والصحابة يتلقون عنه، وهذه طريقة معروفة في التحديث والتعليم، وهي أشهر هذه الطرق، وأولاها وأعلاها، وأما الطرق الأخرى فيأتي الكلام عنها في مواضعها.

قال -رحمه الله تعالى-:

أعلى وجوه الأخذ عند المعظم

وهي ثمان. . . . . . . . .

"وهي ثمانٍ" هذه جملة اعتراضية، أعلى وجوه الأخذ عند المعظمِ لفظ شيخ فاعلمِ، أما "وهي ثمان" فهي معترضة بين جزئي الجملة، أعلى وجوه الأخذ لفظ الشيخ، يعني سماع لفظ الشيخ، وجوه الأخذ وأقسام التحمل أعلاها عند المعظم يعني عند جمهور، بل عند جماهير أهل العلم السماع من لفظ الشيخ "فاعلمِ" يعني فادرِ هذا الأمر "وهي ثمان" يعني مبتدأ وخبر، ثمانٍ هي مبتدأ، وثمانٍ خبر، لماذا جرت ونونت؟ أصلها ثماني بالياء منقوص، والمنقوص في حال الرفع تبقى ياؤه وإلا تحذف؟ في حال الرفع والجر تحذف الياء، ويبقى ما يدل عليها وهو الكسر، وينون في مثل هذا لأنه لا يوجد ما يمنعها من الصرف، وهي ثمانٍ كما تقول: هذا قاضٍ، ومررت بقاضٍ.

أعلى وجوه الأخذ عند المعظمِ

وهي ثمانٍ لفظ شيخ فاعلمِ

ص: 27

عند المعظم عند جماهير أهل العلم، عند عامة أهل العلم أن السماع من لفظ الشيخ أعلى وجوه التحمل "كتاباً أو حفظاً" يعني سواء كان الشيخ يقرأ من كتابه، أو من حفظه؛ لأن الحفظ المشترط لصحة الرواية المعبر عنه بالضبط ينقسم إلى ضبط صدر وضبط كتاب، ولا شك أن الناس يتفاوتون في الحفظ، من تسعفه الحافظة ويستغني بها عن الكتاب هذا الأصل وهو الأفضل، لكن إذا كانت الحافظة لا تسعف لا بد من أن يعتمد على كتابه لئلا يعتمد على حفظه الضعيف فيكثر خطؤه، ويكثر وهمه، فالذي لا تسعفه حافظته في حفظ ما يسمع لا بد أن يكتب، ومنع بعض أهل التشديد من ضبط الكتاب، والرواية من الكتاب، لكنه قول لا يلتفت إليه، بل إن بعض أهل العلم رجح ضبط الكتاب على ضبط الحفظ؛ لأن الحفظ خوان.

وعلى كل حال من نعم الله -جل وعلا- على عباده وجود هذه الكتابة، الله -جل وعلا- كما تقدم في درس الأمس -درس الميمية- علم بالقلم، فالقلم منة من الله -جل وعلا- من أجل ضبط العلم، فلولا القلم لما أدرك من لا تسعفه حافظته من العلم شيئاً، فإذا عاناه بالكتابة وضبط كتابه وحفظه، ولم يخرجه من يده إلا إلى ثقة ثم روى عنه هذا من أقوى وجوه الأداء، وأما القول بأنه لا يعول إلا على الحفظ فإنه قول وصف بالتشديد، ولم يلتفت إليه أهل العلم، ثم بعد ذلك أجمعوا على الرواية من الكتاب، نعم الحفظ إذا كان يسعف فلا يعدل عنه، ولا ينبغي لطالب علم تسعفه حافظته أن يعتمد على الكتاب ويقول: أضبط، لا، يعتمد على حفظه هذا هو الأصل، ولا شك أن العلم ما حواه الصدر، الذي تجده متى طلبته، أما ما في الكتاب لو أعرت الكتاب ما استفدت، أو لو تلف الكتاب مثلاً ضاع علمك، لكن وجود الكتب من نعم الله -جل وعلا- لا سيما على أولئك الذين لا تسعفهم الحافظة، وليس بعيب أن يحدث الشيخ من كتابه أبداً، فكبار الأئمة الحفاظ الكبار يحدثون من كتبهم؛ لأن ضبط الكتاب أحفظ وأضبط "كتاباً أو حفظاً" سيان، وقل إذا تحملت الحديث بطريق السماع من لفظ الشيخ "قل: حدثنا" يعني كيف تؤدي صيغة الأداء إذا تحملت بطريق السماع؟

. . . . . . . . . قل: حدثنا

سمعت أو أخبرنا أنبأنا

ص: 28

حدثنا، صحيح حدثك الشيخ، سواء كان بمفردك أو معك أحد، لكن إذا كان معك أحد تقول: حدثنا، تقول: سمعنا، وإذا كنت بمفردك تقول: حدثني، وتقول: سمعت، كما تقول: أخبرنا، وتقول: أنبأنا ونبأنا، كلها تدل على أنك سمعت من لفظ الشيخ، هذا الأصل في أن هذه العبارات كلها تؤدي المطلوب، صيغ تؤدي المطلوب، تقول: حدثنا، صحيح حدثك، وأيضاً سمعت من لفظه، وأيضاً هو أخبرك؛ لأن الإخبار والتحديث {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] كما أن الإنباء والإخبار والتحديث معانيها واحد {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [(1 - 2) سورة النبأ] يعني الخبر العظيم {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة]{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] المقصود أنها ألفاظ معانيها واحدة، وإن كان بينها فروق دقيقة، لكنها تؤدي الغرض بأي صيغة من هذه الصيغ المذكورة، هذا من حيث اللغة، أما بالنسبة للاصطلاح فكثير من أهل العلم من يفرق بين هذه الصيغ، منهم الإمام البخاري رحمه الله لا يفرق بين أخبرنا وحدثنا، ومنهم من يفرق، فيجعل حدثنا لمن تحمل بطريق السماع من لفظ الشيخ، وأخبرنا لمن تحمل بطريق العرض، الطريق الثاني من طرق التحمل، على ما سيأتي، وهذا مجرد اصطلاح، وإلا فالإخبار بمعنى التحديث، وإن كان هناك فرق دقيق بينهما بأن التحديث أخص من الإخبار؛ لأن من قال لعبيده: من حدثني بكذا فهو حر، ومن قال لعبيده: من أخبرني بكذا فهو حر، من حدثه لا بد أن يكون مشافهة، ومن أخبره إما أن يكون مشافهة أو يكون بكتابة، أو بإشارة مفهمه؛ لأن الخبر يحصل بهذه، هذه فروق دقيقة، لكنها من حيث المؤدى يصح أن يؤدى بها، أو يؤدي بها من سمع من لفظ الشيخ كلها إلا أن الاصطلاح غاير ومايز بين هذه عند بعض العلماء دون بعض، وعرفنا أن إمام الصنعة الإمام البخاري لا يفرق بين التحديث والإخبار، لا يفرق، وسواء قال: حدثنا أو أخبرنا لا فرق، نعم، بينما الإمام مسلم يفرق بينهما بدقة، وتجده يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان، قال فلان: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا، ومن أهل العلم من لا يحدث إلا بصيغة الإخبار، على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله

ص: 29

تعالى-.

وقدم الخطيب أن يقولا

سمعت إذ لا يقبل التأويلا

يقول: سمعت هذا الذي يبين بدقة أنه سمع من لفظ الشيخ، نعم هو اخبره، الشيخ أخبره وحدثه، لكن سمعت أدق؛ لأنها لا تقتضي ما يقتضيه حدثني أو أخبرني، يقول: سمعت، السماع غير الاستماع، فيسمع ولو لم يقصد بالإسماع، ولم يقصد بالتحديث، لكن حدثني أو أخبرني يدل على أن الشيخ قصده بالتحديث أو بالإخبار

ولذا يقولون: الإفراد أقوى من الجمع؛ لأنه إذا أفرد يكون مقصود بالتحديث، ومقصود بالإخبار بخلاف ما لو قال: حدثنا يكون مع غيره مع مجموعة من الناس حدثهم، ولو لم يقصد بعينه، وكذلك لو قال: أخبرنا، وعلى هذا الطالب الذي يروي عن الشيخ بطريق السماع، ثم يروي عنه بعد مدة طويلة، ينسى هل كان معه وقت التحديث أحد أو ليس معه أحد هل الأولى أن يقول: حدثنا أو يقول: حدثني؟ هل الأولى أن يقول: حدثنا؟ هو روى عن الشيخ بطريق السماع، يجزم بأنه سمع من لفظ الشيخ، فهل يقول: حدثنا أو يقول: حدثني؟ منهم من يقول: يقول: حدثني لأن وجوده متيقن، وما زاد عليه مشكوك فيه، يعني ما يدري هل معه أحد أو لا، نعم؟ ومنهم من يقول بالعكس يقول: حدثنا لأن قصد الشيخ له بالتحديث مشكوك فيه، احتمال يكون معه غيره، فلا يكون مقصوداً بالتحديث، والمسألة سهلة يعني، الخطب يسير يعني؛ لأنه إذا ضبط ما سمعه من الشيخ، وأداه على أي وجه كفى.

وقدم الخطيب أن يقولا

. . . . . . . . .

وهذه ألف إطلاق وليست ألف تثنية.

. . . . . . . . .

سمعت إذ لا يقبل التأويلا

سمعت ما تقبل تأويل، بينما لو قال: حدثنا تقبل التأويل، كيف تقبل التأويل؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 30

نعم هم ذكروا عن الحسن أنه قال: حدثنا أبو هريرة ولم يكن موجوداً وقت التحديث، وإنما حدث أهل المدينة أو أهل البصرة وهو فيها، لكن الغالب أهل المدينة على ما قيل، حدث أهل المدينة وهو موجود، هذا لا شك أنه تدليس شديد؛ لأنهم يذكرون أن المدرس إذا قال: حدثني، وإن كانت منزلة الحسن البصري تنبو وترتفع عن مثل هذا الاتهام أنه يكون حينئذٍ ولم يسمع منه، يكون كذاب إذا قال: حدثنا، نعم؟ إذا قال: حدثنا وهو ما حدث كذاب، ولذلك كيف نعرف أن هذا الراوي مدلس إلا بهذا، أن يأتي بصيغة موهمة ويسقط من حدثه، لكن إذا أتى بصيغة صريحة وهذا تقدم في بحث التدليس، يعني أسقط من حدثه وجاء بصيغة صريحة هذا كذب، لكن منزلة الحسن البصري رحمه الله تنبو عن ذلك، وجاء ما يدل على مراده، المقصود "وبعدها" وبعد سمعت "حدثنا حدثني" حدثنا بالجمع إذا كان معه غيره، وحدثني إذا كان بمفرده، وعرفنا ما بين حدثنا وحدثني من أيهما أقوى، حدثني أقوى؛ لأنها تدل على أنه مقصود، وأما حدثنا فلا يلزم من ذلك أن يكون مقصوداً بالتحديث.

. . . . . . . . .

وبعد ذا أخبرنا أخبرني

لأن دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث، أضيق الدوائر سمعت، هذه لا تقبل تأويل، كما قال الخطيب يليها حدثنا؛ لأنها لا تكون إلا بالمشافهة، حدثنا لا تكون إلا بالمشافهة، وإن استعملها الحسن فيما استعمالها فيه، لكنها لا تكون إلا بالمشافهة بخلاف أخبرنا وأخبرني فإنها دائرتها أوسع؛ لأن الإخبار يكون بغير المشافهة، يكون بالكتابة، يكون بالإشارة المفهمة، على ما ذكرنا.

وهو كثير ويزيد استعمله

. . . . . . . . .

يزيد بن هارون استعمله، استعمل أخبرنا وأخبرني.

. . . . . . . . .

وغير واحد لما قد حمله

حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم وعبد الرزاق كلهم يستعملون أخبرنا وأخبرني.

. . . . . . . . .

وغير واحد لما قد حمله

من لفظ شيخه. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

ص: 31

يقولون: أخبرنا، وإسحاق بن راهويه لا يكاد يستعمل إلا الإخبار، سواء روى بطريق السماع أو بطريق العرض لا يكاد يقول إلا أخبرنا، وبه يفسر إذا كان مهملاً، يعني إسحاق قال: أخبرنا فلان، الذي يغلب على الظن أنه ابن راهويه "لما قد حمله

من لفظ شيخه" يعني تحمله بطريق السماع "وبعده تلا" يعني بعد سمعت ثم حدثنا وحدثني، ثم أخبرنا وأخبرني.

. . . . . . . . . وبعده تلا

أنبأنا نبأنا وقُللا

يعني هذا قليل، قليل استعمال أنبأنا ونبأنا، لا سيما في عصور الرواية المتأخرة في القرن الثالث، وما بعده؛ لأنه كثر استعمالها في الإجازة.

. . . . . . . . .

. . . . . . . . . وقُللا

وقوله: قال لنا ونحوها

كقوله حدثنا لكنها

قال لنا يعني لو أن الشيخ حدث والطالب تلقى بطريق السماع، ثم بعد ذلك لما أراد الطالب الأداء قال: قال لنا فلان، أو قال فلان، هذه محمولة على السماع على ما تقدم في التعليق.

. . . . . . . . . أما الذي

لشيخه عزا بـ (قال) فكذي

عنعنة كخبر المعازفِ

لا تصغ لابن حزم المخالفِ

هذه محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم في العنعنة، فإذا قال: قال لنا أو قال فلان، قال هشام بن عمار هذا متصل على قول ابن الصلاح والحافظ العراقي وجمع من أهل العلم؛ لما قال هشام بن عمار قالوا: هذا متصل؛ لأن هشام بن عمار من شيوخ البخاري، لقيه وحدث عنه بأحاديث خمسة أو ستة، قال: حدثنا هشام بن عمار، ولم يوصف البخاري بالتدليس على ما مضى في التعليق.

وقوله: قال لنا ونحوها

كقوله حدثنا. . . . . . . . .

مثلها لا تقل عنها، يعني بالمجاررة قال لنا، لكنها

الغالب استعمالها مذاكره

. . . . . . . . .

يعني في حال المذاكرة تستعمل قال لنا في حال المذاكرة، وصرح بهذا جمع من أهل العلم، وقالوا: إن البخاري إذا روى الحديث بصيغة قال لنا فإنه في الغالب إنما يريد ما رواه بطريق المذاكرة، يعني المذاكرة بين الشيوخ، يعني إذا قيل: ما تحفظ في باب كذا؟ قال: فيه حديث فلان أو فيه كذا أو في كذا للمذاكرة بينهم، لا على طريق التحديث والرواية

ص: 32