الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح
ألفية الحافظ العراقي (29)
(تابع كتابة الحديث وضبطه - المقابلة)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
أشرنا في الدرس الماضي بالأمس أن ما يتعلق بالمصطلح الخاص المقصود في هذا الفن الذي يترتب عليه التصحيح والتضعيف إنه انتهى في النصف الأول من هذه الألفية، وما بقي إلا ما يتعلق بملح هذا الفن مما له صلة –أيضاً- بالعلوم الأخرى.
واستشكل بعض الإخوان من هذا الكلام أننا نقلل من قيمة، وأهمية ما بقي، وليس الأمر كذلك، ولم أقصد بهذا التقليل من شأن النصف الثاني، بل ما كتب في علوم الحديث لا سيما في الألفية، وشروحها هو أفضل ما دون بالنسبة للتعامل مع الكتب المخطوطة القديمة، وتصحيحها، والتعليق عليها، من أجل نشرها، في قواعد البحث العلمي، منه ما يتعلق بإنشاء الموضوعات، وكتابة الموضوعات الذي هو التأليف، ومنها ما يتعلق بتحقيق المخطوطات، وخير ما يقرأ في هذا الجانب ما دون في كتب علوم الحديث، يعني كتابة الحديث وضبطه، والتعامل مع كتب الحديث، وأجزاء الحديث، ونسخ الحديث، والأصول، والفروع، والمقابلة، والتصحيح، والتضبيب، واللحق، والتعليق، هذا كله يحتاج إليه طالب العلم لكي يتعامل مع الكتب الخطية، لا يمكن أن يستغني بالكتب المطبوعة عن المخطوطات، بل لا بد أن يحتاج في يوم من الأيام إلى مراجعة المخطوطات، وإذا لم يكن على دراية ومعرفة بما كتبه علماء الحديث في هذا الباب، كل العلوم يرجعون إلى ما كتبه المحدثون في هذا الباب.
ليس معنى هذا أن ما كتب عبث، لا، أو تسلية، لا، لكن ما يتعلق بتصحيح الحديث، وتضعيفه هذا تقدم، هذا تقدم بقي ما يتعلق به وبغيره، لكن أهل الحديث لهم السبق في هذا، وكتبوا ما يغنيهم، ويغني غيرهم في هذا الباب، يعني الكتب المخطوطة، مقابلة فروعها على أصولها هذا يستوي فيه الكتاب، سواءً كان كتاب حديث، أو تفسير، أو فقه، أو عقيدة، أو غيرها من الفنون، وكيف تصحح؟ كيف تقابل فروعها على أصولها؟ كيف تصحح؟ كيف يكتب اللحق الساقط؟ كيف يمحى بعض الكلمات دون بعض؟ يعني إذا تكررت الكلمة ما الذي تمحى منهما؟ يعني هل هذا خاص بكتب الحديث؟ إذا تكررت الكلمة، وأنت تكتب، آداب الكتابة، آداب المقابلة، آداب .. ، أمور كثيرة موجودة دونت في غاية الأهمية لطالب العلم لا يمكن أن يستغني عنها، والذي يستغني عنها لا شك أن عمله سوف يكون مشلولاً، نعم هناك أمور تطورت، وتغيرت، يعني كتابة اللحق الذي بيدرس في درس اليوم -إن شاء الله تعالى-، استغنى عنه المعاصرون بالأرقام، يضع رقم على الكلمة أو على ما يريد شرحه، وبيانه، أو إلحاقه من ساقط ونحوه، وبالأقواس، وما أشبه ذلك، لكن يبقى أن المرجع، والمآل إلى ما كتبه أهل العلم في هذه الأبواب.
بقي من الباب السابق قول الناظم -رحمه الله تعالى-:
واكتب ثناء الله والتسليما
…
مع الصلاة للنبي تعظيماً
ما يتعلق بالثناء على الله -جل وعلا- من قول: سبحانه وتعالى، أو قول: عز وجل، وما يتعلق بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، أو الترضي على الصحابة، أو الترحم على من بعدهم، هذا يقول أهل العلم: إنه ليس من باب الرواية، وإنما هو من باب الدعاء والثناء، وعلى كل حال إذا وجدت ذكر لله -جل وعلا-، وقلت: سبحانه وتعالى، أو عز وجل، وهو لا يوجد في الأصل؛ ما يقال أن هذا يخالف الأمانة العلمية؛ لأنك زدت في الكتاب ما ليس منه؛ لأن هذا لا يقرأ على أساس الرواية، ومثله لو وجدت اسم النبي عليه الصلاة والسلام مجرداً، وقلت: صلى الله عليه وسلم، ما يقال: إن هذا ينافي الأمانة العلمية، بل هو دعاء للنبي عليه الصلاة والسلام، أبو بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو غيرهم من الصحابة، تقول: رضي الله عنه، ومن بعدهم تترحم عليه، ومثل هذا لا يحتاج إلى أن يوجد في الأصل، وإن كان بعضهم من أهل التشديد يرى أنك لا تزيد على ما في الكتاب، ولا تنقص منه، وإذا أردت أن تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام؛ يقول: ارفع رأسك عن الكتاب، لا تنظر في الكتاب، ليعرف أنك تقرأ من تلقاء نفسك لا من النظر في الكتاب، هذا زيادة تحري، وإلا ما يترتب عليه شيء.
يقول:
واكتب ثناء الله والتسليما
…
. . . . . . . . .
ثناء الله: يعني أثني على الله -جل وعلا-، فإذا مر ذكره فقل: عز وجل، سبحانه وتعالى،
. . . . . . . . . والتسليما
…
مع الصلاة للنبي تعظيماً
إذا مر ذكره عليه الصلاة والسلام تقول: صلى الله عليه وسلم، بالجمع بين الصلاة والتسليم، ولا تقتصر على الصلاة فقط، ولا على السلام فقط، فتجمع بين الصلاة والسلام امتثالاً للأمر، في آية الأحزاب:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]، ولا يتم الامتثال إلا بالجمع بين الصلاة والتسليم، والاقتصار على أحدهما أطلق النووي الكراهة فيه، يقول: يكره أن تقتصر على السلام، كما أنه يكره أن تقتصر على الصلاة دون السلام، وانتقد الإمام مسلم في صنيعه بمقدمة صحيحه حيث اقتصر على الصلاة، انتقده، قال: إن الامتثال ما تم، حتى يقول: وسلم، وأطلق الكراهة، لكن جمع من أهل العلم كابن حجر، وغيره يرون أن الكراهة إنما تتجه في حق من كان ديدنه ذلك، يعني باستمرار يصلي ولا يسلم، أو يسلم ولا يصلي، أما من كان يصلي أحياناً، ويسلم أحياناً، ويجمع بينهما أحياناً، هذا الكراهة لا تتجه في حقه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وبركاته.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني الصيغة، المقصود أنك تصلي وتسلم، سواءً قلت: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، ما يختلف، أما زيادة البركة التي جاءت في الصلاة الإبراهيمية: اللهم بارك على محمد، فهذه كالصلاة على الآل، يعني قدر زائد على امتثال الأمر، نعم في الصلاة بعد التشهد لا بد أن تأتي بما جاء عنه عليه الصلاة والسلام بحروفه بحيث لا يجوز أن تغير؛ لأنه لفظ متعبد به، لا تزيد ولا تنقص؛ لأنه لفظ متعبد به، أما خارج الصلاة فإذا جمعت بين الصلاة والتسليم كفى، وتم امتثال قوله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]، وإذا أردت أن تزيد، وتعطف على النبي عليه الصلاة والسلام غيره من الآل، والأصحاب، ومن تبعهم بإحسان ما فيه إشكال، بعضهم يقول: اللهم صلي وسلم على النبي المختار، وعلى أصحابه من المهاجرين والأنصار، يكفي، وإلا ما يكفي؟ هل عم الصحابة بقوله: من المهاجرين والأنصار؛ لأنه وجدت في، وجدت مكتوبة، ووجدت –أيضاً- مسموعة وبكثرة، من أجل السجع، يعني بعد فتح مكة من أسلم بعد الفتح هل يلزمه الهجرة؟ لا هجرة بعد الفتح، وهل يسمى مهاجراً، أو أنصاري مثل هذا؟ ليس بمهاجر، ولا أنصاري، وحينئذ لا تشمله الصلاة المعطوفة على الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ففي مثل هذا الأسلوب نقص، نقص يخرج بعض الصحابة.
يقول:
واكتب ثناء الله والتسليما
…
مع الصلاة للنبي تعظيماً
وإن يكن أسقط في الأصل. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . .
يعني ولو لم تجده في الأصل، وإن كان هذا مسقط في الأصل، فليس عليك، ولا يلزمك أن تتقيد بما في الأصل؛ لأن هذا كما قال أهل العلم: ليس من باب الرواية، وإنما هو من باب الثناء والدعاء "وقد خولف" في الصلاة "في سقط الصلاة أحمد" الإمام أحمد رحمه الله إذا لم تكن الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام في الأصل ما يذكرها، ما يقولها، وهذا لا شك أنه، وإن كان من مذاهب أهل التشديد إلا أنه بالنسبة لأحمد –عموماً- يعني إذا ترك اتباعاً لحرفية الكتاب هو من جهة تحري من حيث الزيادة على الكتاب المزبور، ومن جهة أخرى فيه تفريط لما رتب من الأجر على الصلاة والسلام عليه، لكن أهل العلم قالوا: بالنسبة للإمام أحمد إنه يصلي لفظاً، يعني إذا نسخ كتاب الإمام أحمد، أو نسخ أحاديث، وليس فيها الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذكره ما يكتبها، لكنه يصلي عليه لفظاً، يصلي عليه لفظاً، وهذا هو المظنون به رحمه الله، وقد خولف في هذا، فعامة أهل العلم على أنهم يكتبونها، ولو لم تكن موجودة في الأصل، يكتبونها في الفرع، وينطقون بها التماساً للأجر، ولذا قال:،
. . . . . . . . . وقد
…
خولف في سقط الصلاة أحمد
وعله قيد بالرواية
…
مع نطقه كما رووا حكاية
يعني إنما ينطق بها نطقاً، ولا يكتبها، ولا يرويها من أراد الرواية عنه، تبعاً للأصل.
والعنبري وابن المديني بيضا
…
لها لإعجال وعادا عوضا
يكتبون من لفظ الشيخ، الشيخ إما في مجلس إملاء، أو في مجلس تحديث، وهم يكتبون عنه، فبدلاً من أن يكتب صلى الله عليه وسلم، أربع كلمات تحتاج إلى وقت مع كثرة المكتوب، ومع كثرة تكرار هاتين الجملتين يتركون بياضاً، فإذا انتقلوا من مجلس التحديث كتبوها في مواضع هذا البياض؛ اغتناماً للوقت، وليس على جهة الإسقاط، إنما هو اغتنام للوقت.
والعنبري وابن المديني بيضا
…
لها لإعجال وعادا عوضا
يعني سدد هذا البياض.
واجتنب الرمز لها والحذفا
…
منها صلاة أو سلاماً تُكفى
"اجتنب" الرمز يعني لا تقتصر على حرف، أو على حرفين، أو على أربعة حروف، كما فعل بعضهم، بعضهم يكتب:(ص) رمزاً لها، وهذا كثير في كتابات المتأخرين، وبعضهم يكتب:(صم)، وبعضهم يكتب:(صلم)، وبعضهم يكتب:(صلعم)، ويذكر أهل الحديث في هذا الباب، في هذا المجال أن أول من رمز لها قطعت يده، قطعت يده، ولا شك أن الأجر المرتب على الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، من صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشراً، لا يناله من اقتصر على الرمز، بل لا بد أن تكتب كاملة، ومما ينبغي أن يتنبه له أن بعض الناس -مثل ما أشرنا في درس الأمس- يأكل بعض الحروف، فإذا أراد أن يقول: صلى الله عليه وسلم، ما يتبين ولا نصف المطلوب، هذا نسمعه حتى من بعض من ينتسب إلى العلم، إذا أراد أن يقول: صلى الله عليه وسلم؛ أكل بعض الحروف، وهذا موجود، هذا –أيضاً- الأجر ناقص، بقدر ما خفي من الحروف، هذا ما يصح أنه صلى على النبي عليه الصلاة والسلام، إنما نيته يؤجر عليها، وما برز من الحروف يؤجر عليها، والباقي لا يناله نصيب من الأجر، فينتبه لمثل هذا، تحقق الحروف من أجل ترتب الأجر والثواب عليها، وهذا في القرآن أمره أشد، الذي يزعم أنه يقرأ القرآن، ويختم القرآن مع العجلة، والسرعة، ويظن أنه حاز على الأجر الكامل، وقد أخفى بعض الحروف، أو ما نطق ببعض الحروف هذا أجره ناقص بقدر ما يخفيه من هذه الحروف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لا شك أن الأجر مرتب على النطق بالجملة، لكن هناك أجوراً مرتبة على الكتابة باعتبار أنه نبه القارئ، صار سبباً في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من كل من يقرأ هذا الكلام فله مثل أجورهم، وجاء حديث لكنه متفق على ضعفه أن من كتب صلى الله عليه وسلم في كتاب لم يزل ما أدري كم، أجور عظيمة رتبوا على هذا، المقصود أنه لا حاجة لنا به؛ لأنه متفق على ضعفه، ولذلك تجد بعض الناس يمر على المصاحف في المساجد، وفي الحرمين على وجه الخصوص، ويكتب صلى الله عليه وسلم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ما يتعلق بعلي رضي الله عنه فخصه كثير من الكتاب بـ "كرم الله وجهه"، وسئل بعضهم وقال: لأنه لم يسجد لصنم، وبعض الجهات التي يكثر فيها من ينتصر له يقولون: عليه السلام، كثير هذا، وإن كانوا محسوبين على السنة، وعلماء السنة لكن البيئة فرضت مثل هذا، يعني تجد كتب الصنعاني، وكتب الشوكاني كلها عليه السلام يكتبون، لكن هذا لا شك أنه من التأثر بالبيئة، وإلا فليس بأفضل من أبي بكر، وعمر، وعثمان -رضي الله عن الجميع-.
طالب:. . . . . . . . .
ما في إشكال؛ لأنه لا يخشى أن تختلط بشيء، لا يظن أنها مقول القول، لن يظن أحد أنها مقول القول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، تظنها مقول القول، لا شك أن علامات الترقيم مما يزيد الكلام إيضاحاً، ووضوحاً، ووضعها في غير موضعها يوقع في حرج عظيم، يوقع في حرج، يعني لو تقول: قال رسول الله -وتضع نقطتين-: صلى الله عليه وسلم، ظن القارئ أنها هي مقول القول، لكن مع بعده ينبغي أن يجتنب مثل هذا، لكن أحياناً تقلب المعنى، إذا وضعت علامة الترقيم في غير موضعها انقلب المعنى:((من اقتنى كلباً .. )) نعم غير المستثنى (( .. نقص من أجره في كل يوم قيراط)) متفق عليه، ولمسلم كذا، رواية أخرى، وفي رواية "وضع نقطتين": له قيراطان، شوف لما وضع النقطتين قبل له، انقلب المعنى، وفي رواية له، يعني لمسلم، وينقص قيراطان، فالذي يعتني بعلامات الترقيم لا شك أنها تزيد الكلام في الوضوح، لكنها توقع في إشكال كبير إذا وضعت في غير موضعها.
واجتنب الرمز لها والحذفا
…
منها صلاة أو سلاماً تكفى
اجتنب الحذف لأحد الجملتين، بل اجمع بينهما تكفى، يعني تكفى أمر دينك، وأمر دنياك، وجاء في الحديث عند أحمد، والترمذي:"أرأيت إن جعلت لك ربع صلاتي، ثلث صلاتي، نصف صلاتي، أجعل لك صلاتي كلها"؟ قال: ((إذن تكفى))، والمقصود أنه يصلي عليه عليه الصلاة والسلام مع صلاته، سواءً كانت الشرعية، أو اللغوية إذا دعا، فتختم الصلاة الشرعية بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم الدعاء، والأدعية –أيضاً- خارج الصلاة تختم بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.
سم.
أحسن الله إليك.