الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح ألفية الحافظ العراقي (30)
(تخريج الساقط
- التصحيح والتمريض وهو التضبيب - الكشط والمحو والضرب)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله:
تخريج الساقط
ويكتب الساقط وهو اللحق
…
حاشية إلى اليمين يلحق
ما لم يكن آخر سطر وليكن
…
لفوق والسطور أعلى فحسُن
وخرجنَّ للسقط من حيث سقط
…
منعطفاً له وقيل: صل بخط
وبعده اكتب صح أو زد رجعا
…
أو كرر الكلمة لم تسقط معا
وفيه لبس ولغير الأصل
…
خرج بوسط كلمة المحل
ولعياض: لا تخرِّج ضبب
…
أو صححن لخوف لبس وأُبي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
لما ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- آداب الكتابة، كتابة الحديث، وضبط الحديث ذكر –أيضاً- المقابلة بعد الكتابة، وفي أثناء هذه المقابلة يتضح أمور للناسخ إما نقص كلمات، أو أسطر، أو زيادة، فالنقص يسمى سقط، وكتابته تسمى لحق.
يقول: كيف يخرج الساقط؟
كتاب لما كتب قوبل، وعورض على أصله وجد فيه أسقاط لكلمات، أو جمل، أو أسطر، قال -رحمه الله تعالى-:
ويكتب الساقط وهو اللحق
…
حاشية إلى اليمين يلحق
يعني تخرج لهذا الساقط كلمة سقطت، أو جملة سقطت، أو سطر سقط، أو أسطر سقطت تخرج لها، بمعنى أن تجعل في موضعها من السطر بين الكلمتين التي هذا السَّقَط يوجد بينهما، سواءً كان مثلما قلنا: كلمة، أو جملة، أو سطر، أو أسطر، تخرج لها بأن تنشئ خطاً من أسفل بين الكلمتين يرتفع إلى أعلى ثم ينعطف يميناً لتكتب هذا الساقط في الجهة اليمنى من الصفحة، يقول:
ويكتب الساقط وهو اللحق
…
حاشية إلى اليمين يلحق
يعني تبدأ باليمين ما تبدأ بالشمال؛ لأن الصفحة فيها بياض، وفراغ من جهة اليمني، وفراغ من جهة اليسار، تكتب إلى اليمين لماذا؟ لاحتمال أن يوجد سقط آخر، فتضطر إلى كتابته في جهة اليسار، لماذا لا يكون اللحق الأول -السقط الأول- يكتب في جهة اليسار، ثم بعد ذلك إن تبين سقط آخر يكتب إلى جهة اليمين؟ يعني لو كان هذا السقط في السطر في موضعين الأصل أن تكتب إلى جهة اليمين سواءٌ سقط ثاني، أو لم يسقط، لماذا؟ لأن اليسار عرضة، عرضة للتجليد مثلاً، فيضيع بين الأوراق، الأمر الثاني أنه إذا وجد سقط ثانٍ فإن كتبت الأول في اليمين، والثاني في الشمال ما في إشكال، يعني لن تلتقي هذه التخريجات لكن إن كتبت الأول في الشمال خرجت له، والمنعطف إلى جهة الشمال، ثم الثاني إلى جهة اليمين، فإذا كانا متقاربين التقت رؤوسهما، فيظن أنه تضبيب على هاتين الكلمتين، تضبيب على ما سيأتي في التصحيح والتمريض إلى آخره، على حسب اختلاف المقاصد منه، على كل حال هذا هو الأصل أن تكتب الحاشية في الجهة اليمين سواءً وجدت الثانية، أو لم توجد، إن وجدت حاشية ثانية لسقط، تخريج ثاني لسقط آخر يكتب إلى جهة اليسار.
يقول:
. . . . . . . . .
…
حاشية إلى اليمين يلحق
ما لم يكن آخر سطر. . . . . . . . .
…
. . . . . . . . .
إذا كان هذا السقط في آخر السطر أمنا أن يكون فيه سقط آخر، وكل ما قرب كتابة اللحق والسقط من موضعه فهو أولى، إذا كان آخر السطر، وخرجنا له إلى جهة اليسار صار قريباً منه، بينما لو خرجنا له إلى جهة اليمين صار بعيداً عنه.
ما لم يكن آخر سطر وليكن
…
لفوق. . . . . . . . .
تكون الكتابة لفوق، أنت الآن خرَّجت أتيت بخط بين الكلمتين موضع السقط، ارتفعت به إلى جهة العلو بحيث يتجاوز الحرف الأخير من الكلمة ثم تعطفه إلى جهة اليمين، أو إلى جهة الشمال على حسب ما يراد كتابته إما يميناً، وإما شمالاً "وليكن لفوق" قد يكون السقط سطراً كاملاً، والحاشية أصبعاً، أو أصبعين، فإن كتبته إلى أسفل وصل إلى آخر الصفحة، احتمال أن يورد في السطر الذي يليه، أو الذي يليه سقطاً آخراً، فأين تكتبه إذا كنت استوعبت حاشية الصفحة اليمنى؟ فاكتب إلى فوق صاعداً، وإذا وجد سقط آخر فاكتبه نازلاً بحيث لا تلتقي الأسقاط، وتجدون الأمثلة على هذا كثيرة في كتب أهل العلم المخطوطة، يعني عندهم تفنن في الكتابات، والعجم حينما يطبعون الكتب يطبعونها على طرق، يعني غاية في التفنن لكنها متعبة في القراءة، متعبة في القراءة جداً، فالمقصود الوضوح بحيث لا يلتبس على القارئ، وإذا وجد مع الوضوح شيء مما يشجع القارئ على قراءة هذا المكتوب من جودة خط، أو جودة تنظيم وترتيب هذا طيب، ولذا تجدون الكتب المطبوعة بالمطابع التي تعتني بالتنظيم، والترتيب، وعلامات الترقيم، وجودة الورق، وحسن الحروف تجدونها تقرأ أكثر من الكتب التي لا عناية لها بذلك، يعني مثل طبعة بولاق هي أصح المطابع على الإطلاق، لكن ما طبع فيها، يعني القراء من طلاب العلم المعاصرين قد لا يطيقون القراءة فيها؛ لأنها مرصوصة رصاً، بحيث لا تجعل فرصة لطالب العلم، بل بعضهم لا يستطيع أن يقرأ بها إلا ومعه مسطرة؛ لأنه إذا رفع رأسه ضاع المقروء ما يدري وين وقف عليه، يأخذ مسطرة ويقرأ، بينما الكتب التي طبعت في مطبعة دار الكتب المصرية، أو مطبعة منير، أو مطبعة المنار، أو غيرها من المطابع التي لها عناية في جودة الحرف، والترتيب، والتنظيم، والتلوين، يعني يسهل على طالب العلم أن يقرأ في تفسير القرطبي، لكن يصعب عليه أن يقرأ في تفسير الطبري، أو تفسير ابن كثير، دعونا من الطبعات الجديدة، لكن الكلام على الطبعات المعتمدة الأصلية، الطبري طبع في بولاق، لكن طبعة يعني متعبة لطلاب العلم المعاصرين؛ لأنهم ما عانوا ما هو أشد منها، لكن طلاب العلم قبل نصف قرن، أو قبل ستين، أو سبعين، أو ثمانين
سنة الآن صار فتح عندهم مطبعة بولاق؛ لأنها بالنسبة للمخطوطات ممتازة، لكن لما زوقت الكتابة والطباعة، ونظمت، ورتبت صار طلاب العلم ما يطيقون القراءة في الكتب من الطبعات القديمة سواءً كانت بولاق، أو الميمنية، أو الكستلية، أوغيرها من المطابع القديمة.
هنا يقول: "لفوق" تجد بعض الطباعات عليها حواشي، يعني يصعب تخريص بعضها من بعض، يعني لو رجعت إلى شرح فتح ابن القدير لابن الهمام وجدت عليه أربعة كتب، أو خمسة، يعني يصعب على طالب العلم اللي ما له عناية بالطبعات القديمة أن يتخلص، ويعرف هذا الكتاب من هذا الكتاب، أما الكتب المطبوعة عند العجم قبل مائة سنة، أو أكثر، أو ما قرب منها تجدون الشيء العجب في التفنن تجد سطر كأنه حية، وسطر كأنه نخلة، وسطر كأنه، هذه موجودة يعني، ولو واحد يجيب لنا كتاباً من الموجود عندنا، شيء، قراءة صعبة، أسطر متداخلة، وطالعة من اليمين واليسار، صحيح أنه تفنن هذا، لكن يبقى أن مثل هذا يشتت ذهن القارئ، يعني بقدر ما يجذبه من حيث هذا التفنن لكنه يشتت الذهن.
هنا يقول: "وليكن لفوق"، السقط الأول يكتب لفوق، لماذا؟ لأنه قد تحتاج الحاشية مرة ثانية فتكتب إلى أسفل، لكن لو كتبت من أول الأمر إلى أسفل، واحتجت مرة ثانية؛ وين تضع الحاشية؟
. . . . . . . . . وليكن
…
لفوق والسطور أعلى فحسن
وخرجن للسقط من حيث سقط
…
. . . . . . . . .
يعني في موضعه، ضع التخريج في موضعه، وقلنا أن التخريج أن تنشئ خطاً إلى جهة الأعلى بين الكلمتين الذي هو موضع السقط، ثم بعد ذلك ينعطف قليلاً إما يميناً إن كانت الكتابة في جهة اليمين، وإما شمالاً إن كانت الكتابة في جهة الشمال "من حيث سقط منعطفاً له" مجرد انعطافة يسيرة، يعني مثل ما تشوفون في إشارات المرور إذا كان الخط يبي ينعطف يمين تشوفون الإشارة .. ، وما كانوا يستعملون سهماً، بس، مجرد انعطاف.
. . . . . . . . .
…
منعطفاً له وقيل: صل بخط
وقيل: صل بخط، يعني من موضع السقط أوجد هذا الخط الصاعد ثم بعد ذلك مل به إلى جهة اليمين إن أردت الكتابة في جهة اليمين لا مجرد انعطاف، إنما استمر في هذا الخط إلى موضع السقط، يعني خُط خطاً طويلاً إلى أن تصل إلى موضع الكتابة، وعلى هذا لو امتلأت الحواشي اليمين والشمال، وأردت أن تكتب فوق السطر في الصفحة، فوق في أعلى الصفحة تأتي بالخط المنعطف هكذا، وتستمر به إلى أن تصل "وقيل: صل بخط" لكن مثل هذا لا شك أنه يشوه بالكتب، وإذا كثرت الأسقاط تشوه الكتاب، وتشتت القارئ، إنما يكفي بالانعطاف، والآن استبدل بهذا كله الأرقام "وقيل: صل بخط، وبعده اكتب صح" يعني إذا انتهيت من كتابة السقط اكتب كلمة صح، ولا تكتبها كاملة "صح" حاء كاملة، لماذا؟ لأنه يخشى أن تقرأ مع الكلام، وقد تكون في موضعها مناسبة، يعني لها معنى في هذا الموضع كلمة صح، فلا يدرى هل هي تصحيح، أو تتميم للكلام، وعلى هذا لا تكمل الحاء، اكتب صح (صحـ) واقطع الحاء،
وبعده الكتب صح أو زد رجعا
…
. . . . . . . . .
يعني مع صح رجع؛ لأن هذا تصحيح ناشئ عن مراجعة، ناشئ عن مراجعة، فهو تصحيح ومراجعة في الوقت نفسه.
. . . . . . . . . أو زد رجعا
…
أو كرر الكلمة لم تسقط معا
أنت افترض في السطر الذي معنا: رقم خمسمائة وسبع وثمانين (587)،
وبعده اكتب صح أو زد رجعا
…
. . . . . . . . .
سقط من هذا البيت صح، أو اكتب، سقطت هذه الكلمة، خرج لها، وقل: اكتب "صح"، وإن كتبت رجع معها فهو أكمل "أو كرر الكلمة" يعني كما سقط عندنا اكتب، يقول: اكتب، في الحاشية إذا خرجت كرر الكلمة التي لم تسقط، وبعده اكتب، خرج لها بعده، وقبل صح لتكتب في الحاشية السقط اكتب، وتكتب معها الكلمة التي لم تسقط "وبعده اكتب" تكتبه معاً، التي قبلها إيه "وبعده اكتب" تكتب الكلمتين،
. . . . . . . . .
…
أو كرر الكلمة لم تسقط معا
يعني كرر الكلمة التي لم تسقط "وفيه لبس" لماذا؟ نعم لأن بعض الكلمات يقصد تكرارها، وقد تكرر الكلمة مرتين كما جاء في بعض النصوص، بعض الأحاديث، وبعض الكلمات مكررة مرتين، فإذا كررتها، وهي في كتاب حديث ظننته من النص أنها مكررة ثلاثاً، أو مكتوبة مرة واحدة ظننتها مكررة مرتين، لا شك أن هذا فيه لبس:
وفيه لبس ولغير الأصل
…
خرِّج بوسط كلمة المحل
الآن السقط ساقط من الأصل، والإلحاق له يكون بين الكلمتين، الإشارة تبدأ بين الكلمتين، لكن أنت أردت أن تفسر كلمة، هل تخرج لها بعدها، أو قبلها؟ يقول:
. . . . . . . . . ولغير الأصل
…
خرج بوسط كلمة المحل
أنت تريد أن تفسر "ضبِّب":
ولعياض: لا تخرج ضبِّب
…
. . . . . . . . .
هنا الكلمة التي في البيت تسعة وثمانين وخمسمائة، تريد أن تشرح كلمة ضبب، هل تخرج لها قبلها بينها وبين "لا تخرج ضبب" أو تخرج لها بعدها؟ من وسطها، من الباء الأولى، تخرج لها، التخريج عرفناه، أنه إنشاء خط صاعد يميل إلى جهة اليمين، أو لجهة الشمال اللي هو موضع اللحق، في وسطها خرج، لا تخرج قبلها؛ لئلا يظن أن المكتوب ساقط، ولا تخرج بعدها كذلك، إنما خرج من وسطها:
. . . . . . . . .
…
خرج بوسط كلمة المحل
هذا إذا كان تعليقاً على هذه الكلمة، أو لبيان فرق نسخ مثلاً، تبي تكتب نسخة ثانية اللفظة كذا بدل هذا؛ لأنك لو خرجت قبلها ظن أن هذا سقط،، وكذلك لو خرجت بعدها، لكن إذا خرجت من وسطها عرفنا أنك تريد أن تعلق على هذه الكلمة.
ولعياض: لا تخرج ضبب
…
أو صححن لخوف لبس وأُبِي
هذه الكلمة تريد أن تشرحها لا تخرِّج منها؛ لئلا يظن أن هناك سقط، يلتبس بتخريج السقط، ضبب عليها، والضبة إنما هي عبارة عن رأس صاد، رأس صاد، هذه ضبة يشبهونها بالضبة التي تكون على، في القدح إذا انكسر، أو على القدم، أو اليد إذا انكسرت تضبب يعني تجبر، هذه ضبة، رأس صاد، ضع عليها ضبة، واكتب قبالتها ما تريد،
. . . . . . . . .
…
أو صححن لخوف لبس وأُبِي
هذه الكلمة أنت الآن شككت فيها، هل هي صحيحة، أو ليست بصحيحة؟ ضع عليها ضبة، أو خرج من أثنائها، واكتب كذا، يعني هكذا الموجود، واكتب ما يبدو لك، هذا الأصل، لكن إذا غلب على ظنك أن هذه الكلمة خطأ، يقول: صححن لخوف لبس يقول: الآن هذه الكلمة التي غلب على ظنك أنها خطأ صححها في صلب المتن "وأُبي" يعني رفض مثل هذا، قاله بعض أهل العلم، كيف تصحح؟ وهجم بعضهم على التصحيح، لا سيما من عنده حذق بالأساليب، ومعرفة العربية تجده يصحح، يهجم على الكلمة يظنها خطأ فيصححها، وهي في حقيقة الأمر ليست بخطأ.
وكم من إنسان هجم، وصحح، ثم بعد ذلك ظهر أن الكلام صحيح مستقيم، وهذه عجلة منه، ولذلك قال:"وأبي" يعني رفض مثل هذا التصرف تُبقي الكلمة على ما هي عليه، وتعلق عليها بما تراه، وسيأتي في كيفية الرواية أنك إذا وجدت خطأً في الرواية، خطأ مجزوم بكونه خطأ، أما بالنسبة لما يقع خطأ في القرآن، لا بد من تصحيحه، هذا ما يروى على الخطأ، ما يروى على الخطأ، أما في غيره من الكلام، فقالوا: ترويه على الخطأ، وتبين الصواب، ومنهم من يقول: إذا كان الخطأ مجزوماً به يصحح، ويشار في حاشية الكتاب أن الصواب كذا، كذا في الأصل، أو يقال: التصويب، الصواب ما أثبتناه، وفي الأصل كذا، مع أن العجلة في مثل هذه الأمور أوقعت كثيراً من المحققين في أوهام كثيرة، لذلك تجدون في الكتب المحققة بعد مقابلتها على النسخ يقول لك: كذا في الأصل، والصواب كذا، ثم يتبين أن الذي في الأصل هو الصواب، وأحياناً يصحح ويقول: أثبتنا الصواب، والذي في الأصل كذا، ثم بعد ذلك يتبين أن الذي في الحاشية وهو الصواب، وهذا كثير سببه العجلة، والإقدام على التصرف في الكتب، نعم.
التصحيح والتمريض وهو التضبيب
وكتبوا صح على المعرض
…
للشك إن نقلاً ومعنًى ارتضي
ومرضوا فضببوا صاداً تمد
…
فوق الذي صح وروداً وفسد
وضببوا في القطع والإرسال
…
وبعضهم في الأعصر الخوالي
يَكْتبُ صاداً عند عطف الأسما
…
توهم تضبيباً كذاك إذ ما
يختصر التصحيح بعض يوهم
…
وإنما يميزه من يفهم
يقول -رحمه الله تعالى- في مسألة التصحيح، عند تصحيح الخطأ: والتمريض كذلك، وهو التضبيب، التصحيح إذا وجد خطأ يصحح، على خلاف بينهم على ما سيأتي، هل يصحح في الأصل، ويشار إلى الخطأ في الحاشية، أو العكس، والأصل أنَّ الأمانة تقتضي أن يبقى ما في الأصل على ما هو عليه، كما هو، ثم بعد ذلك يشار في الحاشية إلى التصويب، لكن قد يكون النسخ كلها تتفق على هذا الخطأ، بما فيها النسخة التي بخط المؤلف، أو نسخة مقابلة على نسخة المؤلف، في نقل حديث ما، ثم بعد ذلك في الأصول كلها التي خرج منها هذا الحديث وجد أن هذا الحديث المنقول فيه خطأ، فمثلاً تقرأ أنت في المغني، ونسخ المغني حتى الذي بخط ابن قدامة، وبخط من نسخ من خطه حديث معزو إلى الصحيحين، والسنن، فتبحث عن هذا الحديث في الصحيحين، والسنن في المصادر التي عزي إليها فتجد فيه كلمة خطأً، وهي بخط المؤلف، هل نقول: إن هذا خطأ من النساخ؟ ما يمكن، هذا خطأ من المؤلف، فهل يصحح الخطأ اعتماداً على المصادر التي نقل منها الحديث؟ أو يبقى الخطأ كما هو ويشار بالحاشية أنه كذا في الأصول بما فيها أصل المؤلف، والصواب كذا كما في المصادر التي أحال إليها المؤلف؟ يُبقى الخطأ كما هو، المؤلف أراده هكذا، وينبه عليه بالحاشية، وقل مثل هذا في الأوهام، يعني الصحابي، وهم في رواية هذا الحديث، هل نصحح وهم الصحابي في الكتب؟ نصحح، وإلا ما نصحح؟ ما نصحح، نبقيها كما هي، يعني هل نصحح وهم ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر في رجب؟ لا يجوز، أو نصحح وهم ابن عباس في أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج ميمونة وهو محرم؟ لا نستطيع، مع أننا نجزم أن الصواب خلافه، نبقيه كما هو ونشير إلى أن الصواب كذا، وأن عائشة استدركت على ابن عمر، وأن ميمونة وأبا رافع استدركوا على ابن عباس.
طالب: هل هذا يا شيخ وهم في النقل والكتابة؟
لا.
طالب: النقل والكتابة سليمة.
إيه، لكن كذلك الكتابة إذا كانت بخط المصنف، استثنوا من ذلك القرآن، هو الذي لا يحتمل، أنت الآن رجعت إلى البخاري الذي بين يديك، ووجدت الكلمة ليست صحيحة، ورجعت إلى مسلم، وجدت الكلمة غير صحيحة، رجعت إلى السنن الأربع وجدت الكلمة غير صحيحة، وما يدريك أنه في رواية في البخاري غير التي بيدك صحيح:"كانت الكلاب تغدو، وتروح، وتبول في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم"، جيت أنت ورجعت إلى النسخة اللي بيدك ما فيها تبول، وأيضاً استروحت إلى أنه من حيث الحكم ما يمكن تترك الكلاب تبول، ثم جئت بالقلم ومسحته؛ لأنه لا يوجد في البخاري عندك، وهو موجود في كثير من الأصول، فلعلك تهجم على ما تجزم بقطعه، ثم بعد ذلك تبين أن الصواب خلافه، في مثل هذا لا تستعجل، كم من شخص هجم على كلمة وندم؟! يعني أنت لو تأملتها في وقت آخر غير الوقت الذي انقدح في ذهنك هذا تبين لك وجهه، أحياناً يكون تجزم بأنها خطأ؛ لأنك قرأتها خطأ؛ لأنك قرأتها خطأ.
وكتبوا "صح" على المعرض
…
للشك. . . . . . . . .
يعني أنت نقلت من كتاب أصل، وقابلته عليه مرة ثانية، لكن شككت فيه، أو ظننت أن أحداً من قراء الكتاب يشك في هذه الكلمة، اكتب عليها صح؛ لتبين أنك واثق من هذه الكلمة، وأنها كذلك في الأصل.
"إن نقلاً ومعنًى ارتضي" يعني من حيث النقل من الأصل من المقابلة، ومعناها أيضاً مرتضى، يعني محتمل، "ومرضوا فضببوا" مرضوا يعني ضعفوا هذه الكلمة "فضببوا صاداً تمد" تمد على الكلمة،
. . . . . . . . .
…
فوق الذي صح وروداً وفسد
يعني الآن هذه الكلمة ثابتة في الأصل الذي نسخ منه الكتاب، وقوبل عليه، وأيضاً ثابتة في الأصول التي نقل منها هذا النص، الذي نقل المؤلف منه هذا النص، هذا من حيث الورود صحيح، ما فيها أدنى إشكال، لكن من حيث المعنى فاسد، ألا يمكن أن يوجد مثل هذا؟ الآن في صحيح البخاري كلمات من حيث العربية مشكلة، لكنها ثابتة من حيث الرواية، ثابتة من حيث الرواية، لكنها من حيث العربية مشكلة، يعني أشكلت على العلماء من أهل الحديث وغيرهم، لذلك اليونيني لما جمع روايات الصحيح، ووفق بينها، وذكر الفروق وجد هناك ألفاظاً لا يمكن أن تمشي على قواعد العربية من وجهة نظره هو، قرأ الكتاب على ابن مالك صاحب الألفية، وخرَّج له هذه الألفاظ إما على لغات أخرى، يعني على لغة تميم، على لغة قريش، يعني على سبيل المثال في كتاب الأدب: باب: "إذا لم تستح .. "، كسرة، حاء مكسورة، "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، المتن، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي .. )) بالياء، ((فاصنع ما شئت)) القارئ اللي ما عنده معرفة بلغات العرب يبي يقول: لم هذه تجزم، ولماذا ما جزمت تستحي؟ جزم البخاري في الترجمة، لكن في المتن ما جزم ليش؟ أنت لا بد أن تصحح، يا هذه يا هذه، ما يمكن تمشي على الأمرين، فالترجمة على لغة تميم، فيستحي عنده بياء واحدة عندهم، والحديث جاء على لغة قريش، "يستحيي" أصلها بياءين فحذفت "لم" إحدى الياءين، وأبقت واحدة، أنت الآن إذا لم يكن عندك معرفة بهذه الأمور لا بد أن تهجم على هذا فتصحح، إما الترجمة، وإما الحديث؛ هذا ما يمكن تأتي بـ"لم" مرة تعمل، ومرة ما تعمل، ما هو بصحيح، فابن مالك حل إشكالات كثيرة في كتاب أسماه "شواهد التصحيح والتوضيح على مشكلات الجامع الصحيح" وهو مطبوع، موجود، ويحتاجه كل طالب علم؛ لأن فيه ألفاظ بالفعل من حيث العربية تشكل، يعني على ما درج عليه عموم الناس، ألفاظ مشكلة لكن مع ذلك ابن مالك خرجها.
طالب: من نفسه يا شيخ هو اللي ابتدأ التأليف، وإلا اللي عرض عليه اليونيني؟
هو عرض عليه اليونيني، وصار يدوِّن، "شواهد التصحيح والتوضيح" ويأتي لكل كلمة بشاهد من العربية.
ومرضوا فضببوا صاداً تمد
…
فوق الذي صح. . . . . . . . .
من حيث الرواية "صح وروداً وفسد" من حيث المعنى، تجي أحياناً كلمات تجزم بأنها ليست بصحيحة، ثم مع البحث والتحري تجدها لها معنى.
وضببوا في القطع والإرسال
…
. . . . . . . . .
يعني تقرأ السند، السند فيه سقط، إما بانقطاع في أثنائه، أو بإسقاط الصحابي، والاقتصار على التابعي، فيكون مرسلاً، يضعون في موضع الإسقاط -سواءً كان قطع أو إرسال- يضعون ضبة، عرفنا الضبة رأس صاد، وقد يحتاج إلى تطويلها إذا كان ما يضبب عليه أكثر من كلمة، أو جملة "ضببوا في القطع والإرسال" لينتبه القارئ إلى أن في هذا الموضع خلل فيبحث عنه، ليعرف أن في هذا الكلام خلل، ما هذا الخلل، هل هو ناتج من الناسخ، أو من أصل الرواية من أجل أن يتأكد يعني، ويبحث عن هذا السقط.
وضببوا في القطع والإرسال
…
وبعضهم في الأعصر الخوالي
يعني في الزمان المتقدم، وعند المتقدمين.
يكتب صاداً عند عطف الأسما
…
توهم تضبيباً كذاك إذ ما
"عند عطف الأسماء" إذا قال: حدثنا فلان وفلان، وفلان وفلان، ثلاثة، أربعة، كما هي عادة مسلم، وغيره، يكتب ثلاثة من الشيوخ، وقد يكتبه في أثناء الإسناد، هؤلاء الثلاثة يكتب عليهم صاداً، لماذا؟ ليعرف القارئ أن الكاتب متيقن من عطف الثلاثة بعضهم على بعض؛ لأن بعض الناس درج لسانه: حدثنا فلان عن فلان عن فلان، فيقول لك: إذن هذه الواو أصلها عن، فيصحح، فإذا كتب عليها صاد عرف أنها صحيحة، وهذا هو الموجود صحيح.
يكتب صاداً عند عطف الأسما
…
توهم تضبيباً. . . . . . . . .
القارئ قد يظنها ضبَّة، فيظنها خلل في الكلام، فتعود على الكلام بنقيض قصد الذي وضعها، هو وضعها كأنها تصحيح، الأصل أن يكتب "صح"، إذا خشي أن يصحح كتب "صح"، لكنه كتب صاد، فيظنها القارئ تضبيباً، فيبحث عن هذا الخلل ليصححه، على كل حال إذا بحث سيصل إلى الحقيقة لا سيما إذا كانت لديه الأهلية، ولن يغير من الواقع شيئاً "كذاك إذ ما"
يختصر التصحيح بعض يوهم
…
وإنما يميزه من يفهم