المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ليس كل الصحيح موجودا في الصحيحين وحدهما: - الإمام مسلم وصحيحه

[عبد المحسن العباد]

الفصل: ‌ليس كل الصحيح موجودا في الصحيحين وحدهما:

أربعة عشر موضعا كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، وقد أكثر الإمام البخاري من استعماله في صحيحه.

وينفرد صحيح مسلم بأن مسلما رحمه الله اقتصر فيه على الأحاديث المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أقوال الصحابة وغيرهم بخلاف البخاري رحمه الله فقد أورد أقوالهم ومعلوم أنها ليست من شرط كتابه وإنما ذلك للإيضاح والبيان لأنه يجمع في كتابه بين الرواية والدراية.

ص: 48

‌ليس كل الصحيح موجودا في الصحيحين وحدهما:

صحيح البخاري وصحيح مسلم اشتملا على قدر كبير من الحديث الصحيح، وهذا القدر الذي اشتملا عليه ليس هو كل شيء في الحديث الصحيح، فإن الصحيح كما أنه موجود فيهما فهو موجود خارجهما في الكتب المؤلفة في الحديث النبوي كالموطأ وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والدارقطني والبيهقي وغيرها. وهو أمر واضح غاية الوضوح فلم ينقل عن البخاري ومسلم أنهما استوعبا الصحيح في صحيحهما أو قصدا استيعابه وإنما جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك. قال أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث:"لم يستوعبا - يعني البخاري ومسلما - الصحيح في صحيحهما ولا التزما ذلك، فقد روينا عن البخاري أنه قال: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحيح لحال الطول". وروينا عن مسلم أنه قال: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا - يعني في كتابه الصحيح - إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه

" وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري: "روى الإسماعيلي عنه ـ يعني البخاري ـ قال: "لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيح وما تركت من الصحيح أكثر".

وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم بعد أن ذكر التزام جماعة لهما إخراج أحاديث على شرطيهما لم يخرجاها في كتابيهما قال: "وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح كما

ص: 48

يقصد المصنف في الفقه جمع جمل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله" انتهى.

ومما يوضح عدم استيعاب البخاري الصحيح وعدم التزامه بذلك أيضا أنه جاء عن البخاري أنه قال: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي حديث غير صحيح". مع أن جملة ما في صحيحه من الأحاديث المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في ذلك الأحاديث المعلقة لا تبلغ عشرة آلاف حديث. وأيضا استدراك الحاكم على البخاري ومسلم أحاديث على شرطيهما أو شرط واحد منهما لم يخرجاها وهي أحاديث كثيرة جدا، وأيضا فإن العلماء قسموا الصحيح إلى سبع مراتب مرتبة حسب القوة على النحو التالي:

1-

صحيح اتفقا على إخراجه البخاري ومسلم.

2-

صحيح انفرد بإخراجه البخاري عن مسلم.

3-

صحيح انفرد به مسلم عن البخاري.

4-

صحيح على شرطهما معا ولم يخرجاه.

5-

صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه.

6-

صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.

7-

صحيح لم يخرجاه ولم يكن على شرطهما معا وعلى شرط واحد منهما.

وهذه المراتب السبع للصحيح ذكرها أبو عمرو ابن الصلاح في علوم الحديث والحافظ ابن حجر في شرحه لنخبة الفكر وغيرهما، وليس في الصحيحين في هذه المراتب إلا الثلاث الأولى أما الأربعة الباقية فلا وجود لها إلا خارج الصحيحين ولم يزل من دأب العلماء في جميع العصور الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة - بل والحسنة - الموجودة خارج الصحيحين والعمل بها مطلقا واعتبار ما دلت عليه دون إعراض عنهما أو تعرض للحط من شأنها والتقليل من قيمتها، فلا يليق بمسلم يحب الخير لنفسه ودفع الضر عنها أن يتوقف أدنى توقف في أن سبيلهم هذا هو الحق وغيره هو الباطل والضلال المبين {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} .

ص: 49