المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح ألفية الحافظ العراقي (9) - شرح ألفية العراقي - عبد الكريم الخضير - جـ ٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح ألفية الحافظ العراقي (9)

‌شرح ألفية الحافظ العراقي (9)

المرسل - المنقطع والمعضل - العنعنة

الشيخ: عبد الكريم الخضير

الآن المسند حجة برأسه، المرسل لما شهد هذا المسند تقوى، فصار في المسألة دليل واحد أو دليلين؟ اثنين، لو عارضهما حديث واحد رجحا عليه.

فَإنْ يُقَلْ فَالمُسْنَدُ المُعْتَمَدُ

فَقُلْ دَلِيْلانِ بِهِ يُعْتَضَدُ

وَرَسَمُوا مُنْقَطِعاً عَنْ رَجُلِ

. . . . . . . . .

ص: 1

"ورسموا" يعني أهل الحديث "منقطعاً عن رجل" منقطعاً قولهم: عن رجل أو شيخ، أو بعضهم، المقصود ما يبهم فيه الراوي، حدثنا فلان عن بعضهم، أو عن رجل، هذا المبهم الموجود في الإسناد رسمه بعضهم بأنه منقطع، وفي الأصول يعني في كتب الأصول كالبرهان لإمام الحرمين نعته تسميته بالمرسل، ومثله المهمل الذي لا يستطاع الوصول إلى حقيقته كمحمد مثلاً، المهمل إذا قال: حدثنا محمد، ولم نستطع تمييز محمد هذا سموه مرسل، وأبو داود في المراسيل أخرج المبهمات، أخرج بعض المبهمات في المراسيل، فكأنه يرى أن رواية المبهم مرسلة، لماذا؟ المرسل إسقاط، في راوٍ ساقط أو أكثر، والمبهم والمهمل موجود، قالوا: إن ذكره بما لا يتميز به مثل حذفه، عن رجل كأنه أسقطه، ماذا نستفيد من قولنا، أو من قول الراوي: عن رجل؟ يعني هل نستفيد من الإبهام؟ فيه فائدة؟ يعني لو بحثنا إسناد فيه راوٍ مبهم عن رجل أو عن شيخ نحكم عليه بإيش؟ بأنه ضعيف؛ لجهالة حال الراوي؛ لأن المبهم مجهول، بل هو من أشد أنواع الجهالة، كما سيأتي في أنواع المجهول، جهالة الحال، وجهالة العين، جهالة العين: إذا لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد لكونه مقلاً، هذا يسمونه مجهول العين، وخلا عن التعديل، وجهالة الحال يكون معروف بالرواية، ويروي عنه أكثر من واحد، لكن لا يذكر فيه جرح ولا تعديل، ومجهول الحال ظاهراً وباطناً أو باطناً فقط، على ما سيِأتي تفصيله، لكن هذا مجهول الحال والعين والذات، فهو أشد أنواع الجهالة، إذا قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد الأنصاري أبو زيد المدني يمكن أن نقول: هذا مجهول ومذكور اسمه رباعي وكنيته وبلده يمكن أن نقول: مجهول، لماذا؟ لأنه لم يرو عنه إلا شخص واحد أو روى عنه جمع لكنه لم يعرف بجرح ولا تعديل نسميه مجهول فكيف إذا كانت الرواية عن رجل أو شيخ هذا مبهم أشد أنواع الجهالة فوجود هذا الرجل الذي لم يسمّ، أو الشيخ الذي لم يسم هذا ذكره مثل عدمه، ولذلك سموه منقطعاً، وبعضهم وصفه ونعته بالمرسل، هذه وجهة نظر من يقول: إنه مرسل أو منقطع، وأشار بعض تلامذة الناظم بقوله:

قلت الأصح أنه متصلُ

لكن في إسناده من يجهلُ

ص: 2

وهو متصل، لكن فيه مجهول، والخلاف لفظي وإلا معنوي؟ يعني سواء قلنا: مرسل أو متصل في مجهول هاه؟ النتيجة واحدة، كله الرد، النتيجة واحدة، لكن بناء عل اتصال الإسناد، وأن كل واحد ممن ذكر تلقاه عمن فوقه هو من حيث الاصطلاح متصل، نعم في إسناده مجهول، فمن خلال تطبيق القواعد هو متصل، وإن كانت النتيجة أن هذا الاتصال وجوده مثل عدمه، فتسميته بما لا يعينه لا تنفع، هناك من المبهمات أو من المهمل ما لا يستطاع الوصول إليه، كما لو قال: عن حامد، وعجزنا أن نميز حماد هل هو ابن زيد أو ابن سلمة؟ ما استطعنا أن نميز هذا لا يؤثر؛ لأن كل منهما ثقة، وقل مثل هذا لو قال: عن سفيان ولم نستطع أن نميز لا يضر، لكن الإشكال فيما إذا اشترك في هذا الاسم المهمل الذي لم نستطع تمييزه أكثر من راوٍ فيهم الثقة وفيهم الضعيف، فيرد الخبر من أجله، أو يتوقف في الحكم عليه حتى يتبين.

أمَّا الَّذِي أرْسَلَهُ الصَّحَابِيْ

فَحُكمُهُ الوَصْلُ عَلى الصَّوَابِ

ص: 3

مرسل الصحابي: ما يرويه الصحابي عن صحابي آخر، مما لم يسمعه من النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة، إما لصغر سنه، أو لغيبته، أو لتأخر إسلامه، فالصحابي الصغير الذي ما أدرك من حياة النبي عليه الصلاة والسلام إلا الشيء اليسير أكثر روايته بالوسائط عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه فاته من زمن الرسالة ومدة النبوة سنين ذكر فيها أحاديث ما حضرها، وكذلك من تأخر إسلامه فاته شيء كثير، وروى حديثاً كثيراً أكثر مما يحتمله مدة إسلامه، أو مدة إدراكه للرواية بعد كبره، أو حضوره مع النبي عليه الصلاة والسلام؛ لكثرة غيبته، فمثل هؤلاء يروون عن الصحابة، وأحاديثهم تسمى مراسيل الصحابة، وإذا كان ابن عباس لصغر سنه، وهو من أقرب الناس إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ومن أحرص الناس على التلقي عن النبي عليه الصلاة والسلام رغم صغر سنه، فقد توفي النبي عليه الصلاة والسلام هو ابن ثلاثة عشر سنة يناهز البلوغ، ولما يحتلم، مع قربه من النبي عليه الصلاة والسلام وحصره ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وزوج خالته، خالته أم المؤمنين ويبيت عندها، ولقربه من النبي عليه الصلاة والسلام صف في صلاة العيد، وأدرك من صفتها ما لم يدركه غيره لهذا القرب، إذا كان هذا ابن عباس بهذه المنزلة وبهذا المثابة اختلف فيما يرويه عن النبي عليه الصلاة والسلام بدون واسطة فقيل: أربعة أحاديث فقط، ما يروي عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا أربعة أحاديث، الباقي كلها بواسطة، ومنهم من قال: عشرة، ومنهم من قال: عشرون، والحافظ ابن حجر يقول: تتبعتُ ما صرح ابن عباس بسماعه من النبي عليه الصلاة والسلام مما صح سنده أو حسن فبلغت الأربعين، وهو من المكثرين وكثير منها لا يصرح بالواسطة بينه وبين النبي عليه الصلاة والسلام، فهي من مراسيل الصحابة.

ص: 4

ماذا نقول عن هذه المراسيل؟ يعني حديث عائشة في قصة بدأ الوحي، هل أدركت بدأ الوحي؟ ما ولدت رضي الله عنها لكن الذي يغلب على الظن أنه سمعته من النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنها تنقل عنه أنه قال:((فضمني)) مما يدل على أن المتحدث النبي عليه الصلاة والسلام، فالذي يغلب على الظن أنها سمعته بدون واسطة، يعني أعاده لها، ولا يبعد أن يعيده لها، يعني هذا من أشهر الأخبار أول حدث مما يتعلق بالدين في حياته عليه الصلاة والسلام، لا يبعد أن يعيده عليها، وفي ألفاظه ما يدل على أنها سمعته منه مباشرة، المقصود أن بعض الأخبار التي يرويها الصغار تكون بواسطة، وهم يحذفون الواسطة، فيسمى عند أهل العلم مرسل الصحابي.

أما الذي أرسله الصحابي

فحكمه الوصل على الصوابِ

فحكمه الوصل المقتضي للاحتجاج به على الصواب، المشهور عند المحدثين؛ لأن الصحابي لا يروي إلا عن صحابي، والصحابي حجة ثقة، الصحابة كلهم عدول، ولو لم يسموا، فإذا كان الصحابي أرسله فالذي يغلب الظن أنه عن صحابي آخر، والصحابة كلهم عدول، فمرسل الصحابي حكمه الوصل في الاحتجاج، فهو حجة، ونقل على ذلك الاتفاق خلافاً لأبي إسحاق الإسفراييني الذي يقول: حكمه حكم المرسل العادي، احتمال أن الصحابي يروي عن تابعي، والتابعي احتمال أن يكون ثقة أو غير ثقة، فيرد ما يرد على مرسل غير الصحابي، هذا بالنسبة للصحابي الذي له رؤية وله رواية، أما الصحابي الذي ليس له سماع من النبي عليه الصلاة والسلام كمحمد بن أبي بكر الذي لم يدرك من حياة النبي عليه الصلاة والسلام إلا ثلاثة أشهر، ثلاثة أشهر فقط؛ لأن أمه أسماء بنت عميس ولدته في ذي الحليفة في حجة الوداع، فلم يدرك من حياة النبي عليه الصلاة والسلام إلا ثلاثة أشهر، مثل هذا الذي يغلب الظن أن مخالطته للتابعين أكثر من مخالطته للصحابة، فمثل هذا لا يقبل مرسله، وبهذا يلغز مرسل صحابي لا يقبله من يقبل مرسل الصحابة، وهو مرسل أو مرفوع تابعي يقبله من يرد المراسيل، وهو ما تقدم، مرسل أو حديث محمد بن أبي بكر لا يقبل، ومرفوع التنوخي رسول هرقل الذي سبقت الإشارة إليه مقبول، فيعايا بها من الجهتين، نقف على هذا، ونشوف الأسئلة.

ص: 5

يقول: ألا يمكن أن يكون المسند الذي وجدناه لمرسل ضعيفاً، فيكون المرسل شاهداً لهذا المسند الضعيف يقويه؟ فهو ضعيف يسانده ضعيف، فيكون الحديث تقوى بهذا، وخصوصاً إن كان الضيف يقبل الإنجبار؟

نعم، إذا كان ضعيفاً ويقبل الإنجبار، والمرسل يقبل الانجبار نص أهل العلم على أن المرسل مما ينجبر يكون دليل واحد له طرق، أما إذا كان المسند يثبت بنفسه فقل: دليلان به يعتضد، على ما تقدم.

يقول: ألا يتصور سماع الصحابي من كبار التابعين؟

بلى يتصور، لكنه لن يروي عن تابعي وهو يجد صحابي، وقد عاصر الصحابة وأمكن .... نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إلا رواية الأكابر عن الأصاغر، هذا موجود.

ما الضابط في معرفة كبار التابعين من دون غيرهم؟

هذا يمكن بمعرفة طبقات الرواة، وابن حجر بيّن في التقريب هذه الطبقات -رحمه الله تعالى-.

يقول: هل بالإمكان ذكر لطيفة الإسناد الموجودة في حديث التنوخي؛ لأنها لم تتضح؟

التنوخي رسول هرقل جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام في تبوك، وهو كافر، وانصرف كافراً، ولم يسلم إلا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، فحد الصحابي لا ينطبق عليه، من رأي النبي عليه الصلاة والسلام مؤمناً به، يعني حال كونه مؤمناً به، وهذا رآه حال كونه كافراً به، وأسلم بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فهو تابعي وليس بصحابي، لكنه سمع من النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة فليس فيه انقطاع.

يقول: أي التعاريف ترجح في تعريف المرسل؟ وما المقصود بمشاركة الحفاظ وإذا خالف في اللفظ فهل يرد؟

المشهور عند أهل العلم والذي جرى عليه الاصطلاح ومشوا عليه أن المرسل ما يرفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، والمقصود بمشاركة الحفاظ إذا عرضت أحاديثه على أحاديث الحفاظ، يعني روى ما يرويه الناس، ولم يقع في رواياته هذه ما يخالف ما رواه من هو أثق منه، وإذا خالف باللفظ فهل يرد؟

لا يرد إذا كانت المخالفة يسيرة.

يقول: هل ابن عباس رضي الله عنه اشتهر بالرواية من أهل الكتاب؟ فبعضهم يرد قوله مثلاً: إن القرآن أنزل جملة واحدة إلى بيت العزة، ثم نزل منجماً على الوقائع بحجة أنه يأخذ عن أهل الكتاب، وهذا أمر غيبي؟

ص: 6

ابن عباس نقل عن كعب، ولكنه أقل من غيره، وعلى كل حال ما يتعلق بالقرآن قد يكون في قوله قوة من أثر الدعوة النبوية.

يقول: هل المالكية يحتجون بالمرسل مطلقاً أم يقيدونه بإرسال الثقة الذي لا يروي إلا عن ثقة؟

إذا كان المرسل ليس بثقة يرد بسببه، وتكون الآفة منه.

هل قول العلماء عن حديث: ولا يصح إلا مرسلاً يعني أنه صحيح؟

لا، يعني الأصح والمرجح عند أهل العلم الإرسال، ولا يعني أنه صحيح، يعني الصحيح من القولين، لا الصحيح في حكم الخبر.

يقول: هل يجوز للخطيب أن يقول في خطبته: أقل الربا كأن يزني أحدكم ستة وثلاثين زنية علماً أنه كما أعرف ضعيف؟

الحديث سواء في اللفظ هذا أو ذاك مضعف عند أهل العلم، ومنهم من قواه وأثبته على أقل درجات القبول، ويبقى أنه إن ثبت فالمراد به التهويل من شأن الربا، والتشديد في أمره.

ما صحت حديث: ((البلاء موكل بالمنطق)

اللي أعرف أن هذا مستنبط من جملة أحاديث، مستنبط من قبل أهل العلم من جملة أحادث، يعني مثل من سأل عن الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله؟ هذا سؤال قبل أن تقع القصة، ثم وقع له، نسأل الله السلامة والعافية، قال أهل العلم: إن البلاء موكل بالمنطق، ومثل هذا السؤال لا يحسن المبادرة به، فإذا وقع نسأل الله السلامة والعافية سئل عنه.

يقول: هل من منهج الشيخ: حمود التويجري رحمه الله تصحيح الحديث الضعيف إذا ثبت في الواقع؟

اللي أعرف أنه رد على من نزل الأحاديث على الواقع والاختراعات، أظنه (إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة) في هذا الموضوع.

يقول: المراسيل إذا تعددت طرقها -نقل عن شيخ الإسلام- المراسيل إذا تعددت طرقها وخلت من المواطئة قصداً أن. . . . . . . . . بغير قصد. . . . . . . . . إن كانت صحيحة قطعاً هل توجب العلم على ذلك؟

المقصود أن مثل هذا مما يعتضد به، إذا جاء من وجوه أخرى، وخلت هذه الوجوه عن المواطئة، بمعنى أنها تباينت طرقها فهي صحيحة.

يقول: قرأت في فتح الباري لابن حجر أن ممن انتقد الصحيحين أبو مسعود الدمشقي، وأبو علي الغساني فمن هاذان العالمان؟ وما هي الكتب التي ألفاها في نقد الصحيحين؟

ص: 7

لهما استدراك مثلما استدرك الدارقطني، وهما معروفان، أبو علي الجياني له معرفة وخبرة وعناية بالصحيح بصحيح البخاري، وأيضاً على صحيح مسلم، وله المبهمات، وله في المهملات في أسانيد البخاري الشيء الكثير، ومثل ابن مسعود الدمشقي لهم عناية في الصحيح، ولهم انتقادات، ولكن لا يعني أنهما مصيبان في كل ما يقولان.

هل يقبل المرسل إذا كان على شروط الشافعي؟ أو ماذا الأرجح عندكم؟

المرسل رده ليس بيقين، إنما سببه الجهل بحال الراوي، وبحثنا مسألة الراوي المجهول، وهذا من أهم المسائل التي تبحث في مثل هذا، الراوي المجهول هل الجهالة ضعف، يعني تصريح بجهالة الراوي؟ هل هي قدح وجرح فيه؟ أو هي عدم علم بحاله؟ هل هي جرح؟ إذا قيل في الراوي: مجهول، أو هي عدم علمٍ بحاله، وعلى هذا فهل نقول: إن لفظ مجهول من ألفاظ التجريح؟ أو هي بين التعديل والترجيح عدم علم بحال الراوي؟ في مراتب الجرح يذكر مجهول في مراتب الجرح، سواء كانت عند ابن أبي حاتم، أو عند ابن الصلاح أو النووي أو العراقي أو الذهبي أو ابن حجر، يذكرون المجهول في مراتب الجرح، فعلى هذا هي قدح في الراوي، ويكون الرد لجهالة راويه، وإذا قلنا بالقول الثاني: إن الجهالة عدم علم بحال الراوي، وعليه يدل كلام ابن حجر في النخبة في شرحها "ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً أو تجريحاً أو جهالة" فجعل الجهالة قسيم للتعديل والتجريح، فعلى هذا لا يجزم بضعف الخبر لراوٍ قيل فيه: إنه مجهول حتى تتبين حاله هل هو مجروح أو معدل؟ ويدل على ذلك قول أبي حاتم في كثير من الرواة: "فلان مجهول أي لا أعرفه" وإذا كانت الجهالة عدم علم بحال الراوي فإنه يتوقف الخبر، فإذا ارتفعت، إذا وجد ما يرجح أحد جانبي التردد في حال الراوي، فإن حديثه ينجبر، والشروط التي اشترطها الإمام الشافعي قوية ترجح أن هذا المجهول رجحت عدلته على ضعفه.

ص: 8

يقول: هناك من يفرق بين النظرية وبين ما تكون قاعدة يبنى عليها حيث يقول: إن النظرية قد تختلف من حين لآخر، وعليه فلا يكون هناك على تنزيل هذه النظرية على أية أو حديث شيء من التلاعب أو التناقض في الآية والحديث؛ لأن هذا إنما هو قدح في صاحب النظرية لا في الآية أو في الحديث وعليه يقول: إن هذا إنما هو مما يقوي النظرية فليس من. . . . . . . . .؟

هذا الكلام ليس بصحيح، يعني إذا نزلنا الخبر القطعي اليقيني على أمر محتمل للنفي والإثبات فإننا نعرض النص للنفي والإثبات، لا نكن إمعات، قالوا: صعدنا إلى الكواكب، ووصلنا إلى القمر، وقنا: صدقوا، وسعينا جاهدين لتأويل النصوص، ثم بعد ذلك وجد من يكذب منهم هذه الأخبار، ثم نقول بعد ذلك: لا ما وصلوا، بعد ذلك سمعنا قبل سنين، يعني في حرب اللي يسمونها ثلاثة وسبعين، وعداوة اليهود ظاهرة للمسلمين، سمعنا من يقول بتبرئة اليهود من دم المسيح، فوجد من المسلمين من يكذب هذه التبريئة لا تصير علومنا قابلة للاهتزاز، يعني نخالف القرآن على شان عداوة اليهود، لا، نقول: وجد من يبرأ اليهود من دم المسيح من النصارى، ثم يأتي من المسلمين من يقول: لا لا قتلوه، قتله اليهود، والله -جل وعلا- ينفي هذا في القرآن، فالنصوص يجب أن تصان عن مثل هذا.

ما أفضل ذيول كشف الظنون؟

معروف الذيل المعروف في مجلدين كبار، مطبوع معه، وكذلك هدية العارفين.

. . . . . . . . . أسماء الكتب والمصنفين، كلها مطبوعة في سلسلة، ستة مجلدات كبار.

ما هي أسباب الإرسال عند التابعين؟

أسباب الإرسال على ما سيأتي في أسباب التدليس، إما لكونه يريد الاختصار في الإسناد، أو يتفنن في سياق الأسانيد مرة يسند ومرة يرسل، أو لكون من يروي عنه أصغر منه فيأنف في الرواية عنه، أو لكون من يروي عنه من التابعين قد يكون في مكان لا يليق ذكره به لئلا يتسبب في ترك العمل بالحديث، قد يكون في مجتمع لا يريدون مثل هذا الراوي، أو مثلاً في مجتمع نواصب مثلاً والخبر من حديث آل البيت مثلاً أو العكس، فهو يريد أن يعمل بالحديث، ويتلقى عنه الحديث، أو إذا كان بعد من التابعين، وكثر خصومه ومخالفوه قد يحذفه لهذه الغرض.

ص: 9

يقول: هل نتعلم مصطلح الحديث لكي نعرف مصطلحات المحدثين، وحكمهم على الأحاديث، أم إذا تمكنا من هذا الفن نحكم على الأحاديث؟

أقول: لا يمنع أن لطالب العلم في مرحلة الطلب يتمرن ويخرج بعض الأحاديث، وينظر في الأسانيد، ويعرض على أهل الاختصاص، لا لإفادة الآخرين، وإنما ليستفيد بنفسه، لا مانع من ذلك، وكلما تجاوز مرحلة زاد في التخريج والنظر في الأسانيد حتى يتأهل.

هذه أسئلة كثيرة من الانترنت تعرض غداً -إن شاء الله تعالى-.

اللهم صل على محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يقول: خوارم المروءة إلى ماذا ترجع؛ لأنه قد تكون خوارم المروءة مختلفة من بلد إلى بلد، مثل تداول بعض أهل العلم أن من نظر خلفه وهو يمشي في الطريق بكثرة فقد أتى خارم من خوارم المروءة، لكن هل يطبق هذا الآن؟

خوارم المروءة هي ما ينتقد على الشخص من قبل الأسوياء الذين سلمت فطرهم، وهي تختلف من بلد إلى بلد وهي في الأصل لا تتناولها النصوص في المنع، لكن الناس يعيبون على فاعلها كالأكل في الأسواق مثلاً، أو سرعة المشي أو غير ذلك مما يعاب به الإنسان من الجري من غير حاجة، أو حاسر الرأس في بلد اعتاد الناس ستر رؤوسهم، أو يمشي على هيئة لا تناسب مثله كالشيخ يمشي مشية الصبيان، أو العكس، كله هذا مما يخرم المروءة عند أهل العلم، وليس لها ضابط إلا أنها مما يعاب على الإنسان في بلده، ولو كان سائغاًَ في بلد آخر، وهي تختلف باختلاف البلدان والأزمان والأشخاص.

يقول: هناك حديث في زيارة نصارى نجران للنبي عليه الصلاة والسلام، جاء وفد منهم في سنة الوفود سنة تسع، يقول: وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالصلاة في المسجد، فما تخريج هذا الحديث وصحته؟

أما زيارتهم عام الوفود فهذا أمر معروف، وأما إذنه لهم بالصلاة في المسجد فلا أعرفه، ودخول الكافر المسجد للمصلحة الراجحة يقرره أهل العلم أنه لا بأس به لا سيما إذا رجي إسلامه مثل ثمامة بن أثال حيث ربطه النبي عليه الصلاة والسلام في المسجد؛ ليرى ما عليه المسلمون من تسامح، وحسن خلق، و .... في التعامل، وهذا حقيقة مكنه من الإطلاع على ذلك من كثب ومن قرب بحيث في النهاية أسلم.

ص: 10

يقول: إذا قلنا: إن الصحابة كلهم عدول فكيف نجيب عمن يقول: إن الخوارج كانوا من الصحابة، وعلى قول شيخ الإسلام أنهم لا يكفرون فهم مبتدعة أي الخوارج، وأيضاً من الصحابة من زنى وشرب الخمر فإذا كان التوثيق قد يسقط بخوارم المروءة فكيف بالكبائر؟

على كل حال الصحابة بشر وليسوا بمعصومين، وتقع منهم الهفوات، لكنهم يوفقون للتوبة منها، والإقلاع عنها، على أن ذلك نادر جداً منهم، فجميع حوادث الشرب والزنا في عهده عليه الصلاة والسلام لا تتجاوز أصابع اليد، يعني وقائع الزنا كلها خمس في مجتمع متكامل، فالخمس حقيقة بالنسبة لكثرتهم بالنسبة لأكثر من مائة ألف هذه يسيرة، لا شك أنها يسيرة، والمجتمع إذا كانت نسبة الرذيلة فيه نادرة جداً هذا مجتمع طيب، ولا يوجد مثل مجتمع الصحابة، وقع من بعضهم ما وقع، ووفق للتوبة بسبب شرف الصحبة، ولما جاء في مدحهم من نصوص الكتاب والسنة، فالنصوص قطعية في مدحهم والثناء عليهم، وكونه وقع منهم ما وقع هم في الجملة ليسوا بمعصومين، لكنهم يوفقون للتوبة لشرف الصحبة، من يقول: إن الخوارج كانوا من الصحابة أصلهم الذي قال: اعدل يا محمد، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:((إنه يخرج من ضئضئ هذا الرجل رجال تحقرون صلاتكم مع صلاتهم))

إلى آخره، فالذين يخرجون من ضئضئه، وهو لا يبعد أن يكون منافقاً هو، وليس من الصحابة، وكونهم يخرجون من ضئضه نعم الخوارج ظهروا في وقت الصحابة، لا في وقت النبي عليه الصلاة والسلام، فالذي يتهم النبي عليه الصلاة والسلام بعدم العدل منافق، وهذا حاله نسأل الله السلامة والعافية، والخوارج يختلف أهل العلم في تكفيرهم، وشيخ الإسلام ينقل عن جمهور السلف أنهم لم يكفروهم، وعلى كل حال هم ليسوا من الصحابة، وإن خرجوا من ضئضئ رجل كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، والذي يغلب على الظن أنه من المنافقين؛ لأنه متهم للنبي عليه الصلاة والسلام، وعلى قول شيخ الإسلام أنهم لا يكفرون فهم مبتدعة أي الخوارج.

وأيضاً من الصحابة من زنى وشرب الخمر، فإذا كان التوثيق يسقط بخوارم المروءة فكيف بالكبائر؟

ص: 11

ذكرنا أن مثل هذا لا يضر، يعني مثل الذنب إذا تيب منه فإنه لا أثر له، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، تعود إليه العدالة.

يقول السائل من أثيوبيا: هل هناك رواية بحلق الشارب تثبت؟ وهل هذه الرواية وصلت مالك؟

على كل حال مالك يقول: إنه مثلة، والرواية عند النسائي بسند لا بأس به.

يقول بعد سؤاله هو: إن أخي يريد مني أن أشتري له أسهم بالتقسيط بسمي، وبيعها نقدي، ثم يقوم بأخذ المبلغ النقدي له، ويستفيد منه في بناء عمارته، ويقوم بسداد المبلغ والأقساط عني؛ لأنه لا يستطيع فعل ذلك حيث أنه قد أخذ أقساط سابقة، ولا يسمح له في البنك بأقساط جديدة، علماً بأن هذه الأسهم من الأسهم المباحة اتحاد الاتصالات؟

يعني حكم بإباحتها هو، على كل حال العقود التي لها ظاهر وباطن لا شك أنها تفضي إلى الشقاق والنزاع، فمثلاً هذا الذي أخذ من البنك اشترى أسهم من بنك، والبنك يذكر في عقوده أنه إذا مات المدين يعفى عنه، فإذا أخذ باسم غيره، والتسديد عليه، وهذه مسائل واقعة، حصل فيها شقاق كبير، فمات الذي باسمه القرض وبقي المدين الحقيقي وعفي عنه باعتبار أنه هو المطالب لدى الجهة، وبقي المدين الحقيقي موجود، هل يسدد أو لا يسدد؟ هاه؟ والبنك سمح له، على كل حال عموم العقود التي لها ظاهر وباطن تفضي إلى النزاع والشقاق، وكثير ما يحصل الإنكار في مثل هذه العقود، فالأصل أنها لا تجوز، وأما فتواه باتحاد الاتصالات وأنها مباحة ففيها نظر.

السائل من ألمانيا يقول: ما هو القول في قول شعبة بن الحجاج ومسعر بن كدام في أهل الحديث: يا أهل الحديث إن هذا الحديث يشغلكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون؟ وكيف نجمع بين هذا وبين الإمام أحمد لما سمع أحدهم يتكلم في أصحاب الحديث فنفض ثوبه وقال: زنديق؟

ص: 12

لا شك أن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، كما قال الإمام أحمد وغيره، فمن لم يكونوا أهل الحديث فمن هم؟ وهم أقرب الناس إلى السنة والعمل بالسنة، وأما قول شعبة ومسعر فهذا محمول على من اشتغل بالحديث بجمعه من طرقه، وشغله هذا عن العمل، كثير من الناس ظاهر الفعل عنده أنه خير وفضل ويمدح به، لكن تجد هذا العمل يشغله عن الواجبات، أو يشغله عن المندوبات التي هي أفضل منه، فماذا يقال في حق مثل هذا؟ ومن خلال الواقع نرى بعض طلاب العلم المغرمين بجمع الكتب تجده مثلاً مفتون بجمع الكتب، وجمع الكتب يحمله أحياناً على أن ينشغل بهذا الجمع عما هو أهم منه من التحصيل، كما قال ابن خلدون: كثرة التصانيف مشغلة عن التحصيل، وإلا جمع الكتب في الأصل مذموم وإلا محمود؟ محمود بلا شك، لكن إذا شغلك عما هو أهم، أحياناً يخشى أن تفوت البيعة أو الصفقة، أو تذهب الكتب التي جيء بها، كتب نفيسة ونادرة ولا توجد في الأسواق، وذكر أنها تركة عالم مثلاً، فلو صلى في مسجده أو عند بيته يمكن يسبق إليه وتفوته، فهو يسعى أن يصلي في أقرب مكان ثم تفوته الصلاة، هذا يحصل لمن انشغل بالجمع، فإذا صده هذا عن الصلاة، وعن ذكر الله، وعما هو أهم لا شك أنه يذم من هذه الحيثية.

إذا أورد ابن حبان رجل في الثقات فوثقه، وأرد رجل أخر ولم يوثقه، فهل هما في مرتبة واحدة؟

لا شك أن المراتب مختلفة، فمن نص على توثيقه ابن حبان فهو ثقة، ومن ذكره مجرد ذكر فإن كان من شيوخه الذين خبرهم وعرفهم فله شأن عنده، وإن خرج له في صحيحه قوي أمره، وإلا فمجرد ذكره في الثقات على شرطه، ويدخل في شرطه الواسع، من لم يعرف بجرح، فالمستور يدخل في تعديله.

عندنا حديث مرسل قد جاء من طريقين فهل يقوى بهما أم له شروط؟

إذا كان يرويه غير رجال المرسل الأول، إذا كان المرسل الثاني يرويه غير رجال المرسل الأول فهو يتقوى به كما تقدم في كلام الإمام الشافعي.

ما حال حديث: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)

ص: 13

أكثر أهل العلم على تضعيفه، والإمام أحمد يرى أنه لا باس به، يعني في درجة الحسن، وعلى كل حال إذا صح يحمل على إيش؟ على أن ما يحمله الفساق لا يسمى علماً، ليس بعلم في الحقيقة، أو يكون معناه حث العدول الثقات على حمل العلم، وعدم ترك الفرصة لغيرهم من الفساق أن يحملوا العلم الشرعي، وغاية ما هنالك أن يكون معناه:"ليحمل" كما جاء في بعض الطرق بلام الأمر.

في تعارض الجرح والتعديل ذكر الجمهور أن الجرح مقدم؛ لأن الجارح لا يكذب المعدلين، ولكن يوافقهم، ويقول: اطلعت على ما لم تتطلعوا عليه، وذكر الحافظ ابن حجر أن

، والحافظ ابن حجر له في ذلك مذهب كما تعلمون: أن الرجل إذا ثبتت له مرتبة سنية فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي.

يقول: وأنا ليس سؤالي في الجرح والتعديل، ولكن سؤالي فيما إذا تعارضت مرتبة كأن يقول في رجل: ثقة وآخر يقول فيه: صالح الحديث وحسن الحديث أو شيخ، وأحد العلماء يجعله في مرتبة الاحتجاج وآخر يجعله في مرتبة الاستشهاد، واللذان تعارض كلامهما من أئمة الشأن ليس لأحدهما فضل على الآخر حتى أرجح كلامه على الآخر، فلا أدري هل أبقيه على مرتبة الثقة، وإلا أنزله إلى مرتبة الاستشهاد أما ماذا؟

تعارض الجرح والتعديل باب كبير في هذا الشأن وله قواعده وضوابطه عند أهل العلم، ويأتي هنا إذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح.

وقدموا الجرح لكن إن ظهر

من عدل الأكثر فهو المعتبر

على ما سيأتي، ويطلب تفسير الجرح، فإن فسره بما خفي على المعدل فإنه حينئذٍ هو المعتبر وهو المقدم.

يقول هذا من الإمارات: يعني صغار الصحابة الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يكونوا متحملين هل روايتهم تكون مرسلة، والثاني: المخضرم حديثه منقطع أو مرسل؟

ذكرنا بالأمس أن الصغار من الصحابة الذين ليس لهم إلا مجرد رؤية كمحمد بن أبي بكر على خلاف في رؤيته، وهل مثله يرى أو لا يرى؛ لأنه لم يدرك من حياة النبي عليه الصلاة والسلام إلا ثلاثة أشهر، مثل هذا في ثبوت الصحبة له نظر عند أهل العلم، والمسألة خلافية، لكن حديثه مرسل، ولا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة، وأما المخضرمون فحديثهم مرسل؛ لأنهم معدودين في طبقة كبار التابعين.

ص: 14

يقول هذا من ألمانيا: أطلب الإفادة في قبول المحدثين رواية المرأة؟ والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [(282) سورة البقرة]؟

رواية المرأة مقبولة اتفاقاً، وشذ من لم يقبل روية المرأة، وأحاديث أمهات المؤمنين كتب السنة طافحة بها، حتى قبول رواية الأَمَة، وقبول رواية العبد، حديث بلال مقبولة، وحديث بريرة في الصحيح، فهذه مما تختلف في الرواية عن الشهادة.

ما حال ابن لهيعة؟

حال ابن لهيعة جماهير أهل العلم على تضعيفه، ومنهم من وثقه، ثلاثة عشر من أئمة هذا الشأن كلهم ضعفوه، ووثقه بعضهم، ومنهم من يفرق بين رواية العبادلة عنه فيقويها بخلاف رواية غيرهم، ومنهم من يفرق بين حاله قبل احتراق كتبه وبين حاله قبلها، وعلى كل حال المرجح تضعيفه.

الحديث الذي يأتي من طريقين بصحابي واحد أقوى أم الحديث الذي يأتي من طريقين وصحابيين؟ ما ذكر اسم كل منهما؟

يعني هل المتابعة أقوى أم الشاهد؟ لا شك أن الذي يتضافر على روايته أكثر من صحابي أقوى من أن يتفرد به واحد منهم، وإن كانوا كلهم ثقات عدول، فحديثان أقوى من حديث، الحديث الذي يأتي من طريق صحابيين هما أكثر من حديث، بخلاف ما يأتي عن صاحبي واحد ولو تعددت الطرق إليه.

يقول ذكر الصنعاني رحمه الله في رسالة له في تعريف العدالة بأنها ملكة تحمل على ملازمة التقوى؟

هذا كلهم ذكره، كلهم ذكروا هذا، العدالة ملكة تحمل على ملازمة التقوى، يعني فعل المأمورات واجتناب المحظورات، ملكة يعني صفة هيئة ثابتة راسخة ليس أمره متذبذب ولا متردد على ملازمة التقوى النسبية، لا يعني أنه معصوم، لكنه إن حصلت منه هفوة بادر بالتوبة منها؛ لأن هذا لا تكون إلا للمعصومين؟ لا ليس الأمر كذلك، هذا قول معتبر ومعتمد عند أهل العلم؛ لأن من لا يلازم التقوى بل يخرج عنها إلى المعاصي هذا فاسق ورواية الفاسق يجب التثبت فيها.

يقول: لو أعدتم لنا شرح قول الناظم:

فأن يقل فالمسند المعتمدُ

فقل دليلان به يعتضدُ

ص: 15

بعضهم يقول: إذا اشترطنا لتقوية المرسل أن يروى من وجه آخر مسند، يقول: ما الفائدة من المرسل إذا وجدناه مسنداً؟ إذا وجدناه مسنداً بسند متصل ما الفائدة؟ وجود المرسل مثل عدمه، والحجة في المسند، "فالمسند المعتمد

فقل دليلان به يعتضد" المسند حجة قائمة بذاته برأسه، لا يحتاج إلى مرسل، والمرسل عرفنا صحته لما وجدنا ما يدعمه من الحديث المسند، فيكون في المسألة دليلان لا دليل واحد.

يقول: أليس قولهم: "علفتها تبناً وماءً بارداً" وقولهم: "وزججنا الحواجب والعيوانا" من المجانسة اللفظية مثل قول عمر: "نعمت البدعة"؟

لا هذا ليس من المجانسة اللفظية؛ لأنه لا بد له من تقدير: علفتها تبناً، وسقيتها ماءً بارداً، وزججنا الحواجب، وكحلنا العيون، هذا ليس مثله.

ما الفرق بين المرسل والمدلس؟ وما حكم مراسيل الحسن؟

مراسيل الحسن مضعفة عند أهل العلم؛ لأنه يرسل عن الثقات ويرسل عن الضعفاء، فمراسيله مضعفة، وأما الفرق بين المدلس والمرسل فالمرسل إن كان المقصود به المرسل الجلي الذي تقدم شرحه فهو ظاهر، فالمرسل: ما يرفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، والمدلس: ما يرويه الراوي عن شيخ سمع منه ما لم يسمعه منه، أو شيخ لقيه ولم يسمع منه، ويري عنه مباشرة دون واسطة ويسقط الواسطة، وهو إرسال وتدليس، وهذا سقط خفي، وسيأتي شرحه -إن شاء الله تعالى-، والتفريق بين المدلس والمرسل الجلي، والمدلس والمرسل الخفي.

يقول: قررتم في الدرس السابق أن قول الصحابي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا حجة، وأنه مرفوع عند الجمهور، وأنه لم يخالف في ذلك إلا داود الظاهري وبعض المتكلمين، وفي هذه النسبة إلى داود نظر ظاهر لكل ناظر غير متعسفٍ ولا مكابر، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أن الحافظ العراقي لما ساق المسألة في شرحه على الألفية قال: إلا ما حكي عن داود الظاهري، فلم يجزم بهذه النسبة مما يدل على أنه لم يقف على كلام داود، علماً بأن مصنفات الإمام داود فقدت في وقت مبكر، ولم يبق منها شيء كما في تاريخ الأدب العربي لبركلمان.

ثانياً: أن الإمام داود حكي عنه التوقف في هذه المسألة كما في الإبهاج في شرح المنهاج للسبكي.

ص: 16

ثالثاً: أنكر ابن البيان القصار هذا الرأي المنسوب إلى داود وهو من أهل الظاهر، وحكى عنه خلافه كما في المسودة، قلت: وهذا القول الأخير لعله الأصلح نسبة إلى داود؛ لأن ناقله ظاهري المذهب، وأهل مكة أدرى بشعابها، وصاحب الدار أدرى ما فيه، هذا ما ظهر لي في هذه النسبة، وأنا أعرض هذا الكلام من أجل معرفة خطأه من صوابه، ومنكم أتعلم وأستفيد، وبارك الله فيكم؟

أما كونه ينسب لداود هذا منسوب لداود في كتب مصطلح الحديث وكتب أصول الفقه، أما كونه يصدر بصيغة التمريض لا يعني أنه ثابت أو غير ثابت، فهم لا يعتمدون في هذا على الثبوت وعدمه، لكن كونه ينقل في كتب المصطلح وكتب الأصول لا يعني أننا نجزم بثبوته عنه، لكن ماذا يضيره أن ينسب إليه هذا القول إذا لم يقل به؟ وعلى كل حال كون كتبه ضاعت لا يعني أن أقواله ضاعت، يعني كون كتبه فقدت لا يعني أن الأقوال فقدت، وكون واحد من الظاهرية ينفي عنه هذا القول لا شك أنه أدرى بمذهبه، لكن يبقى أن القول إذا كان شديد الضعف وضعفه ظاهر فنفي التابعي له عن متبوعة دفاعاً عن نفسه قبل إمامه، لا يعني أن كلامه هو الراجح، فالمثبت مقدم على النافي.

مسألة مهمة ومرتبطة بالدرس الماضي، ولعلنا ننتبه لها، وهي مسألة تقوية المرسل بالمتصل، وفيه البيت الذي شرحناه آنفاً.

فإن يقل فالمسند المعتمدُ

فقل: دليلان به يعتضدُ

يعتضد المرسل بالمسند، وهذا فيه تقوية للمرسل بالمسند والعكس، هذا ظاهر كلام الإمام الحافظ رحمه الله-الناظم، ظاهره أن المسند يتقوى بالمرسل، وكما أن المرسل يعتضد بالمسند، وكثيراً ما نجد أهل العلم يعلون المسند بالمرسل، يعني يروى الحديث مسنداً، ويروى مرسلاً فتجدهم يقولون: المرسل أصح، فهم يعلون المسند بالمرسل، ولا يقولون: دليلان، فدل على أنهم قد يعلون المسند بالمرسل، وفي هذا ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في تعارض الوصل والإرسال، ما الذي يقدم منهما؟ وأما كونهم يعلون فهم يعلون، كون المسند يعتضد بالمرسل والعكس هذا أيضاً موجود في كلامهم،

ص: 17