الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
…
ما أطال الكلام فيه جداً، وتكلم على كتابة (ح) بين الإسنادين" وهي حاء التحويل، وهي كلمة توجد في كتب الحديث في صحيح مسلم، في سنن أبي داود، سنن النسائي، سنن ابن ماجه وغيرها من الكتب بكثرة، لكنها عند البخاري والترمذي قليلة، قليلة عند البخاري قليلةٌ جداً، ومسلم قد يسوقها في طرق الإسناد الواحد أحياناً خمس مرات، في طرق الحديث الواحد يسوقها أحياناً خمس مرات، فهو مكثرٌ منها جداً، والمقصود منها التحول من إسنادٍ إلى آخر، والمغاربة يقولون: إن المقصود منها الحديث، أو هي من الحيلولة، فتكون حائلاً بين إسنادين، يقول: "من الناس أن يتوهم أنها "خ" معجمة، أي إسناد آخر، والمشهور الأول" بعض الناس لا سيما فيما يرد في صحيح البخاري يقول: هي "خ"، وهي رمزُ الإمام، وكل هذا ليس بصحيح، "حكى بعضهم الإجماع عليه" وأنها من التحول من إسناد إلى آخر ....
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ البخاري يوردها قليلاً، وقد يوردها ولا حاجة إلى إيرادها في الموضع الذي أوردها فيه البخاري -رحمه الله تعالى-، لماذا؟ لأن البخاري غالباً ما يوردها إذا انتهى الإسناد، يسوق الإسناد كاملاً عن فلان عن فلان عن فلان عن أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام (ح)، إيش الفائدة من هذه هنا؟ ما تفيد شيء، صحيح أنك انتقلت من إسناد، تحولت من إسناد إلى آخر، لكن ما أفادت الفائدة التي من أجلها وضعت وهي اختصار الأسانيد.
طالب:. . . . . . . . .
عند البخاري والترمذي قليلة، لكن عند مسلم وأبي داود بكثرة.
طالب:. . . . . . . . .
من جديد من شيخه حتى.
طالب:. . . . . . . . .
لكن ويش الفائدة منها؟ يمكن أن يختلط إسناد بهذا؟ كامل هو كامل، لكن لما يضعها في أثناء الإسناد عند نقطة الالتقاء بين الإسنادين هذه فائدتها، اختصار الأسانيد.
شرح: النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث.
قال ابن الصلاح: شدد قوم في الرواية، فاشترط بعضهم أن تكون الرواية من حفظ الراوي أو تذكره، وحكاه عن مالك وأبي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني المروزي، واكتفى آخرون -وهم الجمهور- بثبوت سماع الراوي لذلك الذي يسمع عليه، وإن كان بخط غيره، وإن غابت عنه النسخة إذا كان الغالب على الظن سلامتها من التبديل والتغيير، وتساهل آخرون في الرواية من نسخ لم تقابل بمجرد قول الطالب:"هذا من روايتك" من غير تثبت ولا نظر في النسخة، ولا تفقد طبقة سماعه، قال: وقد عدهم الحاكم في طبقات المجروحين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
النوع السادس والعشرون: وهو يجمع فروع كثيرة، تتعلق بصفة رواية الحديث، هو متضمن .... لفروع: أولها: التشديد في الرواية، وتقدم في تعريف الصحيح أن الحفظ والضبط أمرٌ لا بد منه لصحة الخبر وثبوته، إضافة إلى العدالة اللذان هما ركنا التوثيق، فلا يستحق الراوي الوصف بالثقة إلا إذا ضم إلى العدالة الضبط كما تقدم في تعريف الحديث الصحيح، والضبط قسمه أهل العلم إلى ضبط صدر وهو الأصل، وإلى ضبط كتاب، وكان الصدر الأول من هذه الأمة كان ضبطهم واعتمادهم على صدورهم، والحفظ هو المعول عليه في العلم، وهو الأصل، وقد يحتاج إلى ضبط الكتاب وإتقانه من أجل مراجعته إذا طرأ على الحفظ ما طرأ من الغفلة والذهول والنسيان، ولذا مدح الله أهل العلم بكونهم يحفظون، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [(49) سورة العنكبوت] وجاء في وصف هذه الأمة أن أناجيلها في صدورها، ولما اعتمد الناس على الكتابة -كما أشرنا سابقاً- ضعف الحفظ، واحتاج الناس إلى الكتابة وتوسعوا فيها، فصححوا الرواية من الكتاب، وإن كان القول الأول في المسألة المنع من الرواية من الكتاب، مهما بلغت دقته وضبطه وإتقانه، فلا بد من الحفظ، وهذا مرويٌ عن مالك وأبي حنيفة كما قال ابن الصلاح يقول:"شدد قومٌ في الرواية، فاشترط بعضهم أن تكون الرواية من حفظ الراوي أو تذكره، وحكاه عن مالك وأبي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني المروزي -من أئمة الشافعية-، واكتفى آخرون -وهم الجمهور- بثبوت سماع الراوي لذلك الذي يسمع عليه" والأصل أن يكون بخطه، لكن إن ثبت مرويه بخط غيره من أهل الضبط والإتقان فلا بأس، ولذا يقول:"وإن كان بخط غيره، وإن غابت عنه النسخة .. " أولاً: يثبت مرويه وسماعه في الكتاب، سواءً كان بخطه أو بخط غيره، شريطة أن يكون الكاتب ثقة، ثم يقابل هذا المكتوب بأصله، ثم يحافظ عليه بحيث لا يخرجه من يده بإعارةٍ ولا إجارة ولا غيرها إلا لمن يثق به؛ ليغلب على الظن سلامته، أما إذا كان يعيره ويخرجه من يده إلى أي شخص دون شرطٍ ولا قيد ممن لا يؤمن منه الزيادة والنقص، والإلحاق والكشط والمحو فإنه حينئذٍ لا تعود الثقة إلى هذا الكتاب، "وإن غابت عنه النسخة إذا
كان الغالب على الظن سلامتها من التبديل والتغيير" وقد جاء في معرفة من تقبل روايته ومن ترد فيما تقدم: "يحوي كتابه إن كان منه يروي" يحوي: يعني يحفظه من التلاعب، وكم من راوٍ من الرواة قدح به، وأنزل عن درجة التوثيق والقبول بسبب التصرف بكتبه، إما كاتب يتدخل أو ربيب له يُدْخِل في كتبه ما ليس منها، وهذا حصل، وذُكر في تراجم أهل العلم.
على كل حال لا بد من ضبط الكتاب وإتقانه، وحفظه من أن يتطرق إليه تغيير أو تبديل، "وتساهل آخرون في الرواية من نسخ لم تقابل" لا بد أن تكون النسخة التي يروى منها مقابلة على أصول، واكتفى النووي بأصلٍ واحد إذا كان الناسخ قليل الغلط، متقناً لنسخه يكفي أصلٍ واحد، وهذا تقدم في مباحث الصحيح.
"تساهل آخرون في الرواية من نسخ لم تقابل بمجرد قول الطالب: هذا من روايتك" يأتي الطالب إلى الشيخ ويقول: هذا من روايتك، هذا من روايتك فيقول: نعم، فيروي عنه، ولا يدرى عن هذه النسخة هل هي مقابلة أو غير مقابلة؟ ونظير هذا عدم التثبت في الطبعات المعتمدة من كل كتاب، فلا شك أن المطابع متفاوتة كالنساخ، منهم من يتقن ويضبط الطباعة، ويكل أمر التصحيح إلى أهل العلم بالفن الذي هم بصدده، ومنهم من يتساهل فيأتي بالأجراء، ويهمه الربح المادي، ويأتي بأجراء أجورهم قليلة ليتوفر له الكسب، وهذا حال كثيرٍ من المطابع التي تدفع بالكتب إلى الأسواق، بل وجد في بعض المطابع التي تطبع كتب الشرع، التفسير والحديث وغيرها من يتعامل مع نساءٍ غير مسلمات يطبعن له، فكيف يؤمن مثل هؤلاء على كتب الشرع؟ والله المستعان.
يقول: "وتساهل آخرون في الرواية من نسخ لم تقابل بمجرد قول الطالب: هذا من روايتك، من غير تثبت ولا نظر في النسخة، ولا تفقد طبقة سماعه" يعني لا ينظر في النسخة هل هي موثقة أو غير موثقة؟ الذي كتبها متقن وضابط أو غير متقن؟ هل قوبلت على نسخ أو لم تقابل؟ لا يعتني بذلك، ولا ينظر في الطباق الذي يذكره أهل العلم في أواخر الكتب، الذي يثبتون به سماع الطلاب عن الشيخ هذا الكتاب، يعني في نهاية الكتب يقولون: بلغ سماعاً من فلان وفلان وفلان وفلان على الشيخ فلان، هذا يسمونه الطباق، وحينئذٍ إذا أثبت اسمه في الطباق يكون ممن يروي هذا الكتاب عن هذا الشيخ، والشيخ يعلق على هذا الكلام فيقول: صحيحٌ ذلك، فلان ابن فلان، هذه عادة أهل العلم، فإذا كان الاسم موجود في الطباق له أن يروي، غير موجود كيف يروي؟ إذا لم يجزم بأنه من مرويه.
المقصود أن بعض الناس يتساهل، وهؤلاء "عدهم الحاكم في طبقات المجروحين" لكن إذا عرفنا أن هذا التساهل إنما وجد بعد عصور الرواية، وبعد ثبوت السنة وإثباتها في الدواوين المعتمدة صار الأمر سهل الأمر أسهل، يعني غاية ما هنالك أن يكون هذا الراوي مجروح وبعد ذلك، إذا كان الحديث في البخاري سواءً سمعه هذا الراوي أو لم يسمعه يتغير أو ما يتغير الحكم؟ لا يتغير، لكن على طالب العلم أن يعتني بالنسخة التي ينقل منها.
سم.
فرعٌ: قال الخطيب البغدادي: والسماع على الضرير أو البصير الأمي إذا كان مثبتاً بخط غيره أو قوله فيه خلاف بين الناس، فمن العلماء من منع الرواية عنهم، ومنهم من أجازها.
هذا الفرع مما ذكره الخطيب البغدادي -رحمه الله تعالى-، وله عناية واهتمام بهذا العلم، فلا يوجد بابٌ من أبوابه، ولا نوعٌ من أنواعه إلا وصنف فيه كتاباً مستقلاً، وقدمه ورسوخه في هذا الشأن أمرٌ معروف لدى الخاص والعام، وإن نال منه بعض طلاب العلم ما نال لتأثره ببعض مصطلحات أهل الكلام، لكن يبقى أن أهل الحديث عيالٌ على كتبه، شئنا أم أبينا، لا تجد كاتب يكتب في علوم الحديث إلا ويقول: قال الخطيب، فينقل من كتبه، وعلى كل حال هو ليس بمعصوم.
يقول: "السماع على الضرير الأعمى أو البصير الأمي إذا كان مثبتاً بخط غيره" إذا كانت روايته لكتابٍ من الكتب مثبتة بخط غيره هل نروي عنه أو لا نروي؟ هذا الأعمى الذي يروي هذا الكتاب الخط ليس بخطه وهو لا يحفظ هذا المروي ما قيمته؟ أو هذا البصير الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب ولا يحفظ ما يروي، ومحفوظه مكتوبٌ بخط غيره قيمة الراوية عنه؟
طالب:. . . . . . . . .
أعمى ما يحفظ ما يروي، أو بصير أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يحفظ ما يروي، نعم، هذا لما امتد الزمان بالرواية وصار المعول عليه مجرد إبقاء سلسلة الإسناد رجعوا إلى مثل هؤلاء، وإلا ففي عصور الرواية ما يوجد مثل هؤلاء، شخص لا يكتب ولا يقرأ ولا يحفظ كيف تروي عنه؟! مثل هذا غالباً روايته بالإجازة، أو سماع وهو رديء الحفظ كيف يعول عليه مثل هذا؟ "فيه خلافٌ بين الناس فمن العلماء من منع الرواية عنهم، ومنهم من أجازه ا، وإذا عرفنا أن من منع الرواية عنهم كما هو الأصل، يعني هذا كيف تروي عنه، لا يحفظ ولا يقرأ ولا يكتب وأعمى ما يرى النسخة التي بجانبه؟ كيف يرد على القارئ إذا أخطأ؟ يستطيع الرد؟ الذي لا يحفظ وكتابه بيده، ويرد على القارئ من كتابه لا بأس، له وجه، لكن الذي لا يحفظ ولا يقرأ، يقرأ طالب والكتاب بيد غيره ووجوده كعدمه، لا يستطيع أن يرد على القارئ إذا أخطأ، ولا .. ، لكن تساهل بعضهم لا سيما في العصور المتأخرة حينما تساهل الناس في الشروط، وحق لهم أن يتساهلوا؛ لأن الأحاديث ثبتت ودونت في الدواوين المشهورة، يعني كون هذا الراوي الأعمى الذي لا يحفظ يروي صحيح البخاري، شيخٌ من شيوخه قال: أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، وهو أعمى، أو أمي لا يقرأ ولا يكتب، عنده إجازة في صحيح البخاري، لكن إيش يستفيد هو؟ وإيش يستفيد غيره؟ مجرد إبقاء خصيصة هذه الأمة، وهي سلسلة الإسناد تروي عن شخص له به إجازة، وإلا من الناحية العملية لا قيمة له.
سم.
فرعٌ آخر: إذا روى كتاباً كالبخاري مثلاً عن شيخٍ ثم وجد نسخة به ليست مقابلة على أصل شيخه، أو لم يجد أصل سماعه فيها عليه، لكنه تسكن نفسه إلى صحتها، فحكى الخطيب عن عامة أهل الحديث أنهم منعوا من الرواية بذلك، ومنهم الشيخ أبو نصر بن الصباغ الفقيه، وحُكي عن أيوب ومحمد بن بكرٍ البرساني أنهما رخصا في ذلك.
قلتُ: وإلى هذا أجنح، والله أعلم، وقد توسط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: إن كانت له من شيخه إجازة جازت روايته والحالة هذه.
في هذا الفرع يقرر الإمام -رحمه الله تعالى- أن الشخص إذا كانت له رواية لكتابٍ معين، يروي صحيح البخاري عن شيخ من الشيوخ، ثم وجد نسخة ليست مقابلة على أصل شيخه، المسألة مفترضة في شخص يروي صحيح البخاري، ثم وجد نسخة ليست مقابلة على أصل شيخه الذي روِّي له الأصل؛ لأن الأصل أن الشيخ إنما يروِّي لطلابه ما يرويه، فإذا كان الشيخ له رواية بالكتاب من طريقٍ معين، من طريق أبي ذر مثلاً، هل لمن يروي عن هذا الشيخ أن يروي البخاري عن طريق حماد بن شاكر مثلاً؟
طالب: لا.
لأن في هذه الرواية ما ليس في الأخرى؟ هذا مجرد ما رأى صحيح البخاري أخذه وبدأ يروِّي الناس منه، ما يدري على أي رواية كانت، وليست مقابلة على أصل شيخه، أو لم يجد أصل سماعه فيها عليه، لكنه تسكن نفسه إلى صحتها، لما تأملها واختبرها في مواضع وجدها مثل النسخة التي يروي منها، فحكى الخطيب عن عامة أهل الحديث أنهم منعوا من الرواية بذلك؛ لئلا يكون فيها من الزيادات ما لا يوجد في النسخة التي وصلته بالرواية، ومنهم الشيخ أبو نصر بن الصباغ فقيه، وهذا القول أيضاً محكيٌ عن أيوب السختياني ومحمد بن بكرٍ البرساني أنهما رخصا في ذلك، الأمر سهل، يعني إذا كان الفرق أحاديث يسيرة توجد في بعض الروايات، أو زيادة حروف أو نقص حروف أمرها سهل، لا سيما إذا كانت النفس تسكن إلى أن هذه النسخة مثل الأصل الذي يروي منه.
"قلتُ: وإلى هذا أجنح، والله أعلم" لأن الأمر مردود إلى طمأنينة النفس، وهذه الرواية إن لم تروَ من طريقك فهي مروية من طرق أخرى، وعرفنا أنه ليس عليك المعول في رواية هذه الأحاديث الموجودة في هذه النسخة، الحديث اشتهر بين الأمة، وتلقي بالقبول، وتلقاه الناس طبقةً عن طبقة.
"وقد توسط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: إن كانت له من شيخه إجازة جازت روايته والحالة هذه" لأن الإجازة تجبر الخلل الواقع في هذه النسخة، فإذا كانت له لشيخه إجازة بأن يروي عنه صحيح البخاري لا إشكال، نعم يروي عنه صحيح البخاري، وهذه الأحاديث الموجودة في هذا الأصل وهي لا توجد في أصله من صحيح البخاري، وقد أجيز بصحيح البخاري، فمثل هذه الإجازة تجبر مثل هذا الخلل، نعم.
فرع آخر: إذا اختلف ....