الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الزهري أن هشام بن عبد الملك قال له: من يسود أهل مكة؟ فقلت: عطاء، قال .. "
قال: من العرب أم من الموالي؟ قلتُ: من الموالي -عطاء-، ومثله من يأتي بعده كلهم، اللهم إلا النخعي إبراهيم.
"فقلت: عطاء، قال: فأهل اليمن؟ قلت: طاوس، قال: فأهل الشام؟ فقلت: مكحول، قال: فأهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب، قال: فأهل الجزيرة؟ فقلت: ميمون بن مهران، قال: فأهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم، قال: فأهل البصرة؟ فقلت: الحسن بن أبي الحسن، قال: فأهل الكوفة؟ فقلت: إبراهيم النخعي، وذكر أنه يقول له عند كل واحد
…
"
المقصود أن كلهم من الموالي إلا إبراهيم لما قال له قال: فرجت عني، كلهم من الموالي إلا إبراهيم.
"وذكر أنه يقول عند كل واحدٍ: أمن العرب أم من الموالي؟ فيقول: من الموالي، فلما انتهى قال: يا زهري والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه، فمن حفظه ساد، ومن ضيعه سقط .. "
نعم هذا المقياس، المقياس الدين من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط، ولو كان من أشراف الناس، ولو كان من نسل محمد بن عبد الله، الله المستعان.
"قلتُ: وسأل بعض الأعراب رجلاً من أهل البصرة، فقال: من هو سيد هذه البلدة؟ قال: الحسن بن أبي الحسن البصري، قال: أمولى هو؟ قال: نعم، قال: فبم سادهم؟ فقال: بحاجتهم إلى علمه وعدم احتياجه إلى دنياهم، فقال الأعرابي: هذا لعمر أبيك هو السؤدد.
النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم:
النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم، وهو مما يعتني به كثير من علماء الحديث، وربما ترتب عليه فوائد مهمة، منها معرفة شيخ الراوي .. "
إذا عرفت بلد الراوي وأنه نفس بلد الذي روى عنه أو قريبٌ منه، وأمكن لقاؤه يعني يسهل عليك الحكم على أنه لقيه أو لم يلقه، أما تباعد البلدان كما نص الحافظ ابن رجب رحمه الله فالسلف والأئمة كلهم يحكمون بالانقطاع مع تباعد البلدان.
"فربما اشتبه بغيره، فإذا عرفنا بلده تعين بلديه غالباً، وهذا مهم جليل، وقد كانت العرب إنما ينسبون إلى القبائل والعمائر والعشائر والبيوت، والعجم إلى شعوبها ورساتيقها وبلدانها، وبنو إسرائيل إلى أسباطها، فلما جاء الإسلام .. "
نعم العرب تنتسب إلى القبائل فلان قرشي، فلان مخزومي، فلان ثقفي، أما الأعاجم ينتسبون إلى البلدان، فلان نيسابوري، فلان خرساني، فلان بغدادي، هكذا، لما انتشر العرب في البلدان وخالطوا الأعاجم انتسبوا مثلهم.
"فلما جاء الإسلام وانتشر الناس في الأقاليم نسبوا إليها، أو إلى مدنها أو قراها، فمن كان من قرية فله الانتساب إليها بعينها وإلى مدينتها إن شاء أو إقليمها، ومن كان من بلدة ثم انتقل منها إلى غيرها فله .. "
له الانتساب إليها بعينها إلى القرية، وإن عمم قليلاً وانتسب إلى ما هو أعم من ذلك مما تدخل تحته هذه القرية فلا بأس، انتسب إلى الإقليم الأعم لا بأس.
"فمن كان من قرية فله الانتساب إليها بعينها وإلى مدينتها إن شاء أو إقليمها، ومن كان من بلدةٍ ثم انتقل منها إلى غيرها فله الانتساب إلى أيهما شاء، والأحسن أن يذكرهما فيقول مثلاً: الشامي ثم العراقي، أو الدمشقي ثم المصري، ونحو ذلك، وقال بعضهم: إنما يسوغ الانتساب إلى البلد إذا أقام فيه أربع سنين فأكثر، وفي هذا نظر .. "
التحديد لا دليل عليهم، نعم قد يقال: هذا اصطلاح أنه إذا أقام أربع سنين، لكن أربع سنين يمكن ينتسب في عمره إلى عشر من البلدان إذا كان رحال في كل بلدٍ يجلس، لكن هذا لا دليل عليه.
"وفي هذا نظر، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
وهذا آخر ما يسره الله تعالى من اختصار علوم الحديث، وله الحمد والمنة.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ على محمد، اللهم صلِّ على محمد.