المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان رأس الأمر وعموده وذروة سنامه - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ٢٧

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[27]

- ‌شرح حديث معاذ في السؤال عما يدخل الجنة ويباعد عن النار

- ‌حرص الصحابة على الخير وبيان طلب الصالحين للجنة وخوفهم من النار

- ‌العمل سبب لدخول الجنة

- ‌عظم شأن دخول الجنة والنجاة من النار

- ‌بيان العمل الموصل إلى الجنة

- ‌من أسباب دخول الجنة الإخلاص والمتابعة

- ‌من أسباب دخول الجنة إقامة الصلاة

- ‌من أسباب دخول الجنة أداء الزكاة

- ‌من أسباب دخول الجنة الصيام والحج

- ‌أبواب نوافل الخير الموصلة إلى الرضوان

- ‌من أبواب الخير: صوم التطوع

- ‌من أبواب الخير: الصدقة والإحسان إلى الناس

- ‌من أبواب الخير: قيام الليل

- ‌بيان رأس الأمر وعموده وذروة سنامه

- ‌خطورة شأن اللسان

- ‌مآل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على أحد أصحابه

- ‌الأسئلة

- ‌حكم قول المرء لأخيه: (ثكلتك أمك) ونحو ذلك

- ‌حكم ترتيل الآيات عند الاستدلال بها في المواعظ ونحوها

- ‌حكم البسملة والاستعاذة للآية المستدل بها

- ‌الاجتماع على المأدبة بعد صيام الأيام البيض

- ‌من صلت الفجر فهي في ذمة الله تعالى

- ‌المراد بسبيل الله

- ‌ترتيب الأعمال في النصوص ودلالته

- ‌حكم إعارة آلات التصوير

- ‌أثر وقوف الطفل دون السابعة في وسط صف الصلاة

- ‌حكم المسح على الجورب المشقوق

- ‌كيفية إدراك فضل صيام الأيام الفاضلة لمن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً

- ‌الحكم على حديث (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)

- ‌حكم أخذ المال من مقترضه بفائدة ربوية

- ‌عمامة طالب العلم في بلد لا يتعمم أهلها

- ‌حكم كشف الرأس في الصلاة

- ‌من تتزوج المرأة في الجنة

- ‌معنى صلاة الفاتح وحكم التعبد بها

الفصل: ‌بيان رأس الأمر وعموده وذروة سنامه

‌بيان رأس الأمر وعموده وذروة سنامه

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى.

قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد) وهذا مثل الذي قبله، فالاستفهام فيه تنبيه المخاطب إلى الاستعداد والتهيؤ لما سيلقى عليه.

وقوله: (رأس الأمر الإسلام) الأمر: هو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الشأن، وهو أعظم الشئون.

وقوله: (وعموده الصلاة) يدلنا على عظم شأن الصلاة؛ لأنها عمود الإسلام، ومعلوم أن الأعمدة يقوم عليها البنيان، وتقوم عليها الخيام، وإذا نُزع عمود الخيمة سقطت على الأرض، وإذا كُسرت أعمدة البنيان هبطت العمارة المكونة من طوابق كثيرة بعضها على بعض حتى تكون أقل مما يساوي طابقاً واحداً لما اختلت الأعمدة، وهذا يبين لنا أن الصلاة شأنها عظيم؛ لأنها هي العمود الذي يقوم عليه الإسلام.

ثم قال: (وذروة سنامه الجهاد)، السَّنام: هو أعلى الشيء، وسنام البعير: أعلاه، والذروة: أعلى السنام؛ لأن السنام أعلى شيء، وأعلى شيء في السنام هو الذروة، وأطلق على الجهاد أنه ذروة سنام الإسلام؛ لأن فيه علو الإسلام وظهوره وقوة المسلمين وتفوقهم على الكفار وغلبتهم لهم، حيث يكونون غالبين للكفار، فيهابهم الكفار ويخشونهم، فإما أن يدخلوا في الدين وإما أن يدخلوا تحت حكم الإسلام ويدفعوا الجزية، ولكن يكونون تحت ولاية المسلمين، ويكون ذلك سبباً في هدايتهم؛ لأنهم يشاهدون أحكام الإسلام، ويشاهدون تطبيق الإسلام من المسلمين، فيكون في ذلك القدوة الحسنة والأسوة الطيبة لهم.

وإنما يكون ظهور الإسلام وقوته وتفوق المسلمين على أعدائهم الكافرين بقوة الإيمان وقوة اليقين الذي به يفتحون العباد والبلاد، كما كان شأن سلف هذه الأمة الذين كان عددهم قليلاً بالنسبة لأعداد أعدائهم، ومع ذلك فقد نصرهم الله عز وجل بقوة إيمانهم ويقينهم وثباتهم وإخلاصهم لله عز وجل.

ولا يحصل جهاد الأعداء إلا إذا حصلت مجاهدة النفس، فالمسلم إذا لم يجاهد نفسه فإنه لا يستطيع أن يجاهد غيره، وجهاد النفس هو أهم شيء؛ لأن الإنسان إذا لم يكن عنده قوة إيمان ومجاهدة للنفس لا يكون عنده صبر، ولا يكون عنده جَلَد، ولا تكون عنده رغبة، ولا يكون عنده حرص على مجاهدة الكفار، فمجاهدة النفس هي الأساس الذي تقوم عليه قوة المجاهدين والمقاتلين للكفار، ولهذا تفوق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة على أعدائهم مع قلة عدد المسلمين وقلة عتادهم وكثرة أعداد الكفار وكثرة عتادهم بقوة الإيمان وقوة البصيرة وقوة الدين، هذا هو الذي مكنهم من التغلب على أعدائهم، فإن الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة بإذن الله، وذلك بقوة الإيمان وقوة اليقين، فالجهاد أولاً جهاد النفس، ثم جهاد المنافقين وجهاد الكفار، كما قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73].

ص: 15