الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح
حديث أبي موسى في باب تعليم الرجل أمته وأهله
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح".
مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، ونشكر له تفضله بشرح أحاديث هذا الكتاب فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور.
الكلام على حديث أبي موسى في باب تعليم الرجل أمته وأهله:
لا زلنا في حديث أبي موسى رضي الله عنه في باب تعليم الرجل أمته وأهله، كنا عرضنا لموضوع أن. . . . . . . . . مما يجعل الضعف من أجر. . . . . . . . . وهذه الإشكالية أجبتم على شيء منها فيما مضى، وله تعلق بما تبقى من ألفاظ هذا الحديث، نبدأ بها أحسن الله إليكم لنستكمل موضوعنا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا السؤال الذي أورده الكرماني في الحلقة السابقة، يقول:
فإن قلت: فأجر المماليك ضعف أجر السادات، المسألة مفترضة في سيد له مملوك، السيد أدى حق الله -جل وعلا-، والمملوك أدى حق الله -جل وعلا-، وحق سيده،. . . . . . . . . هذا أن للملوك له ضعف أجر سيده بناءً على هذا الوعد المذكور في حديث الباب ((له أجران))، يقول: قلت لا محظور في التزام ذلك، أن يكون أجره ضعفه من هذه الجهة، وقد يكون للسيد جهات أخر يستحق فيها أضعاف أجر العبد، أو المراد ترجيح العبد المؤدي للحقين على العبد المؤدي لأحدهما، يعني عبد في مقابل عبد، هل هذا أجره من أدى حق الله -جل وعلا-، ولم يؤدي حق الموالي، له نفس ما للعبد الذي أدى الحقين.
يقول: أو المراد ترجيح العبد المؤدي للحقين على العبد المؤدي لأحدهما، فإن قلت: فعلى هذا يلزم أن يكون الصحابي الذي كان مملوكاً كتابياً، على هذا يلزم أن يكون الصحابي الذي كان مملوكاً كتابياً أجره زائد على أجر أكابر الصحابة؛ لأن له من الحقوق كم؟ أربعة، أربعة حقوق، وذلك باطل بالإجماع.
يعني من باب التقريب، بلال له، كم له حق؟ أجران، له أجران، وسيده أبو بكر له أجر واحد! هذا باطل بالإجماع، هذا اللازم باطل، نعم وإن كان الحديث يدل على شيء من هذا، لكن يبقى أن جهات التفضيل متعددة، فهذا فاضل من جهة، وذاك فاضلٌ من جهات.
يقول: قلت: الإجماع خصصهم -خصص أكابر الصحابة- الإجماع خصصهم، وأخرجهم من ذلك الحكم، ويُلتزم ذلك في كل صحابي لا يدل دليلٌ على زيادة أجره على من كان كتابياً. . . . . . . . . . عبد الله بن سلام كان كتابي فأسلم له أجران، لكن عموم الصحابة، نعم الذين ليس لهم هذا الوصف، يعني إذا قارنا عبد الله بن سلام –مثلاً- بآحاد الصحابة الذين كانوا على الشرك ثم أسلموا،. . . . . . . . . الإسلام ما في ما يمنع، وأيضاً بلال له أجران يفضل آحاد الصحابة الذي ليس له من الخصوصيات ما جرت النصوص به.
ويلتزم ذلك في كل صحابي لا يدل دليلٌ على زيادة أجره على من كان كتابياً.
أقول أنا: التفضيل من جهة لا يقتضي التفضيل المطلق، مثال ذلك: إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا أول من يكسى يوم القيامة، ومع ذلك لا يقتضي تفضيله على محمد –صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حديث أبي سعيد عند البخاري وحديث أبي هريرة -أيضاً- عنده عند البخاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أولَ من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذٌ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور؟ )) يعني هل هذا يقتضي أن موسى أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام؟ أبداً، يعني التفضيل من وجه لا يقتضي التفضيل المطلق.
ومن ذلك حديث أبي أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني، فقلت: يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ} [(105) سورة المائدة]، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوىً متبعاً، ودنياً مؤثرة وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيه مثل القبض على الجمر)) يعني الصبر على الدين، القبض على الدين والصبر عليه مثل القبض على الجمر ((للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاًٌ يعملون مثل عمله)) وزاد غيري، قال:"يا رسول الله: أجرٌ خمسين منهم؟ " قال: ((أجر خمسين منكم)) يعني من الصحابة، هل يعني هذا أن هذا المتأخر الذي صبر وقبض على دينه أفضل من الصحابة؟! وإسناده لا بأس به.
في هذا يقول العلامة ابن القيم في نونيته، يقول:
هذا وللمتمسكين بسنة الـ
…
مختار عند فساد ذي الأزمانِ
أجرٌ عظيمٌ ليس يقدر قدره
…
إلا الذي أعطاه للإنسانِ
فروى أبو داود في سنن له
…
ورواه أيضاً أحمد الشيباني
أثراً تضمن أجر خمسين امرئٍ
…
من صحب أحمد خيرة الرحمن
إسناده حسنٌ ومصداقٌ له
…
في مسلم فافهمه فهم بيانِ
إن العبادة وقت هرج هجرة
…
حقاً إليّ وذاك ذو برهانِ
يعني كون الإنسان يستمسك بدينه في مثل الظروف التي تكثر فيها الفتن، ويقل فيها الموافق والمعين له أجر خمسين، وخمسين من الصحابة، ولكن هل معنى هذا أنه يفضل أحداً من الصحابة من كل وجه؟ أبداً، شرف الصحبة والثواب المرتب عليها لا يدركه أحدٌ ممن جاء بعد الصحابة، يعني شرف الصحبة بمفرده لا يدركه أحد، كما جاء في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) متفق عليه. هذا ظاهر، يعني التفضيل من وجه لا يقتضي التفضيل المطلق.
يعني كون العبد من الصحابة أفضل ممن لم يتصف بهذا الوصف من هذه الحيثية بأن له أجرين، أو الصحابي الذي كان كتابياً له أجران أيضاً كما في هذا الحديث، لا يعني أنه أفضل من كل وجه من بعض الصحابة.
وأسلفنا في الحلقة الماضية -أحسن الله إليكم- ما ذكرتم من النصوص التي تدل على أن هناك عمل له أجران، وعمل أفضل منه ولم ينص عليه أجران، الماهر في القرآن والذي يقرأه ويتعتع فيه.
نعم، ((الذي يقرأه ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) .. وذلك مع السفرة.
ومثله الذي تيمم، ثم لما جاء أعاد الصلاة، والذي لم يعد الصلاة، هناك له أجران، وهذا أصاب السنة، يعني هل هذا مثل هذا؟. . . . . . . . .
ورجلٌ كانت عنده أمة -هذا هو الثالث- وزاد في رواية أبي ذر نعم ((يطأها)) بالهمز، قال العيني: القياس "يوطؤها" مثل يوجل؛ لأن الواو إنما تحذف إذا وقعت بين الياء والكسرة، وهنا وقعت بين الياء والفتحة، مثل "يسمع"، قال الجوهري وغيره: إنما سقطت الواو منها؛ لأن فعل يفعل مما اعتل فاؤه لا يكون إلا لازماً، فلما جاء بين أخواتهما متعديين خولف بهما نظائرهما، يعني فحذفت الواو. وقال الكرماني: فإن قلت: فلو لم يطأها، لكن أدبها، يعني هل قوله في الحديث في هذه الرواية لأبي ذر ((يطؤها)) وصف مؤثر لحصول الأجرين، أو أنه غير مؤثر؟. . . . . . . . . لا يطؤها مستغنياً عنها، لكنه أدبها، أو ليس لديه القدرة على ذلك وأدبها وعلمها، ثم أعتقها فتزوجها
…
يمكن الوطء على أساس في آخر الحديث أنه تزوجها.
لا، ((له جارية يطؤها)) قبل العتق، إذن تصورنا هذا عنده جارية ليس بحاجة إلى وطئها مستغنياً عنها، ثم بعد ذلك سمع بهذا الخبر فنفذ ما فيه، يقول: فإن قلت: فلو لم يطأها ولكن أدبها إلى آخره هل له أجران؟ قلت: نعم، يقول الكرماني: نعم، إلا المراد بيطؤها يحل له وطئها، سواء صارت موطوءة أم لا.