المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث ابن عباس في باب عظة الإمام النساء وتعليمهن - شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير - جـ ١٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌حديث ابن عباس في باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح

‌حديث ابن عباس في باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.

أيها الأخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله وبارك فيكم، وفي الأخوة المستمعين.

قال المصنف رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ومعه بلال فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن، وأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم، وبلال يأخذ في طرف ثوبه".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فراوي الحديث عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن عم النبي صلى الله عليه وسلم حبر الأمة، وترجمان القرآن، مر ذكره مراراً، والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله:(باب عظة الإمام النساء وتعليمهن).

قال الحافظ ابن حجر: "نبه بهذه الترجمة على أن ما سبق من الندب إلى تعليم الأهل ليس مختصاً بأهلهم، الترجمة السابقة باب تعليم الرجل أمته وأهله، فنبه بهذه الترجمة على أن ما سبق ليس مختصاً بالأهل، بل ذلك مندوب للإمام الأعظم، أو من ينوب عنه، ولذا قال: باب عظة الإمام.

واستفيد الوعظ للتصريح من قوله في الحديث فوعظهن، وكانت الموعظة بقوله:((إني رأيتكن أكثر أهل النار)) أي: كما جاء في بعض الروايات المبسوطة التامة ((إني رأيتكن أكثر أهل النار)) ثم ذكر العلة، ((لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير)).

واستفيد التعليم من قوله: "وأمرهن بالصدقة" استفيد التعليم؛ لأن الأصل باب عظة الإمام النساء، ثم طابقت العظة من قوله:"فوعظهن" لكن أين المطابقة للتعليم؟ التعليم من قوله: "وأمرهن بالصدقة" كأنه أعلمهن أن في الصدقة تكفيراً لخطايهن، الأمر بالصدقة.

هو تعليم.

ص: 1

تعليم بلا شك، لأن مقتضى الأمر إما الوجوب أو الاستحباب، وهذا ضرب من ضروب التعليم، تعليم الحكم الشرعي، يقول الكرماني: فإن قلت: الحديث يدل على الوعظ فما وجه دلالته على التعليم، حديث يدل على الوعظ، فما وجه دلالته على التعليم، حتى يدل على تمام الترجمة؟

أجاب كعادته، قلت: من جهة أن الأمر بالصدقة يستلزم التعليم، والله أعلم.

وقال العيني: "وجه المناسبة بين البابين هذا الباب -باب عظة الإمام النساء وتعليمهن- والذي قبله، باب تعليم الرجل أمته وأهله، من حيث أن المذكور في الباب السابق تعليم الرجل أهله، وهو خاص، والمذكور في هذا الباب تعليم الإمام النساء وهو عام، فتناسق من هذه الحيثية بجامع التعليم في كلٍ، في الترجمة الأولى، تعليم خاص، والثانية تعليم عام، والمراد بالإمام، هو الإمام الأعظم أو من ينوب عنه، وذكر وجه المطابقة بين الحديث والترجمة ما حاصله عند ابن حجر المتقدم.

والعظة بكسر العين بمعنى الوعظ؛ لأنه مصدر من وعظ يعظ وعظاً فلما حذفت الواو تبعاً لفعله عوضت عنها الهاء، فلما حذفت الواو تبعاً لفعله عوضت عنها الهاء، مثل وعد، وعظ يعظ عظة، وعد يعد عدة، وزن يزن زنة، والوعظ هو التذكير بالعواقب.

في المصباح المنير، وعظه يعظه وعظاً وعظة أمره بالطاعة ووصاه بها وعليه قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍٍ} [(46) سورة سبأ] أي أوصيكم وآمركم، وعظه يعظه وعظاً وعظة، فاتعظ، أي ائتمر وكف نفسه والاسم الموعظة وهو واعظ والجمع وعاظ، والموعظة والوعظ وما في معناه الإرشاد والدلالة والتوجيه كلها التذكير بالعواقب من أجل أخذ الحيطة مما يستقبل.

ص: 2

وفي الأصل قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بعد سياق الحديث: وقال إسماعيل عن أيوب، خذ في الأصل، في أصل الحديث المشروح، قال: عن أيوب قال: سمعت عطاء قال سمعت ابن عباس، قال: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أو قال عطاء: أشهد على ابن عباس، يعني هذا في الأصل مما حذفه المختصر؛ لأنه يقتصر على الصحابي فقط، وفيه على ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فقال عن ابن عباس، وهو في الأصل ذكر في مقدمة الكتاب، أنه يلتزم حتى الصيغ -صيغ الأداء- عن الصحابي، فالأصل أن يقول على ابن عباس، وقد التزم أن يورد ما في الأصل، والذي في الأصل، أشهد على ابن عباس، وهو هنا قال: عن ابن عباس، ولعله اعتمد الرواية التي أشار إليها البخاري على ما سيأتي ذكره بعد هذه، بنفس صلب الكتاب.

قال عن أيوب قال سمعت عطاء، قال سمعت ابن عباس قال: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أو قال عطاء أشهد على ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر، معناه أن الراوي تردد، هل لفظ أشهد من قول ابن عباس أو من قول عطاء؛؛؛؛ لأنه قال سمعت ابن عباس قال: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم مقتضاه أن قوله أشهد من كلام ابن عباس، أو قال عطاء، هذا شك، أو قال عطاء أشهد على ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج، فمعناه أن الراوي تردد هل لفظ أشهد من قول ابن عباس أو من قول عطاء، وقد رواه بالشك أيضاً حماد بن زيد عن أيوب، أخرجه أبو نعيم في المستخرج، وأخرجه أحمد بن حنبل عن غندر عن شعبة جازماً بلفظ أشهد عن كل منهما، أشهد عن كل منهما، وإنما عبر بلفظ الشهادة تأكيداً لتحققه ووثوقاً بوقوعه، عبر بلفظ الشهادة، تأكيداً لتحققه ووثوقاً بوقوعه، وإلا فالأصل أنه خبر، إن كان على ابن عباس فقد شهد، يحتمل أن يكون شهد ما حصل، فكونه يشهد على ما رأى هذا لا إشكال فيه؛ لأنه يشهد عن رؤية، وإن كان عن عطاء أشهد على ابن عباس، أي الشهادة، والتعبير بلفظ الشهادة في الموضعين كله من أجل التأكيد.

ص: 3

وقال الكرماني: فإن قلت: لِمَ استعمل لفظ الشهادة بـ"على" لا باللام، أشهد لابن عباس أو أشهد لرسول الله، لم استعمل الشهادة بـ"على" لا باللام؟ تقول: شهدت له أو شهدت عليه؟ الآن ابن عباس يشهد للرسول أو يشهد على الرسول؟

يشهد له أنه فعل وبلغ، وعطاء يشهد لابن عباس أنه شهد وبلغ، أو يشهد عليه؟ لماذا عبر بـ"على" لا باللام؟ هذا كلام الكرماني، ومر بنا مراراً أن الكرماني يورد أسئلة ثم يجيب عنها.

كأن الكرماني يقول: الأصل أن يقول أشهد "لِ" ما دام أورد هذا للإشكال.

هذا الأصل الآن هو يشهد لابن عباس أو على ابن عباس؟

لابن عباس.

أنه بلغ ما سمع وما رأى فهي شهادة له، وابن عباس يشهد للنبي عليه الصلاة والسلام أنه فعل هذا، قلت: ذلك أيضاً لزيادة التأكيد في وثاقته؛ لأنه يدل على الاستعلاء بالعلم على خروجه صلى الله عليه وسلم لأن الذي ينظر إلى الشيء من جهة العلو يدل على أنه متمكن من الإحاطة به، بينما الذي ينظر إليه لا من جهة العلو قد يخفى عليه بعض أموره وأحواله، فالتعبير بـ"على" هنا لزيادة التأكيد في وثاقته قال: لأنه يدل على الاستعلاء بالعلم على خروجه صلى الله عليه وسلم يقول الجوهري: الشهادة خبر قاطع، يقال منه: شهد الرجل على كذا، شهد الرجل على كذا، فدل على أن الاستعمال هنا لـ"على" لغوي، قول الجوهري في صحاحه، الشهادة خبر قاطع، يقول: ومنه شهد الرجل على كذا، لكن هذا على إطلاقه؟ الشهادة التي تؤدَّى إما أن تكون لفلان، أو على فلان، إما أن تكون لفلان، أو على فلان، وقد تكون الشهادة لفلان على فلان، يشهد زيد بأن لعمروٍ ديناً على بكر، فهي شهادة لشخص على شخص، فكلام الجوهري، وإن شهد لما رجحه الكرماني لكنها ليست مطردة، فالشهادة لصاحب الحق على خصمه، فهناك شاهد ومشهود له، ومشهود عليه، فلا. . . . . . . . . بكلام الجوهري، وإنما المفهوم من كلام الجوهري لغوي، ويقال منه شهد الرجل على كذا، لكن أيش علاقة المشهود عليه هنا بالحديث؟ هل هو أولى من المشهود له؟ لكن ما أورده الكرماني وجيه، من جهة التأكيد. . . . . . . . . .

ص: 4

وذكرنا أن من ينظر إلى المشهود عليه من فوق، لا شك أنه يحيط به، بخلاف من ينظر إليه من إحدى الجهات فإنه قد يخفى عليه من أمره ما يخفى، وبعض سياق الحديث، قال الإمام البخاري عن أيوب عن عطاء، وقال إسماعيل عن أيوب عن عطاء وقال عن ابن عباس: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عن ابن عباس أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم، إسماعيل هو ابن علية، الذي يقال له، ابن علية، وأراد البخاري بهذا التعليق، أنه جزم عن أيوب بأن لفظ أشهد من كلام ابن عباس فقط؛ لأنه في التعليق الذي يليه بعد أن أورد البخاري الحديث الأصل، أردفه بهذا المعلق، وليس فيه عن عطاء أشهد على ابن عباس إنما فيه وقال عن ابن عباس أشهد على النبي عليه الصلاة والسلام فجزم أن الشهادة من قول ابن عباس؛ لأنه جزم عن أيوب بأن لفظ أشهد من كلام ابن عباس فقط، وكذا جزم به أبو داود الطيالسي، في مسنده عن شعبة وكذا قاله وهيب عن أيوب ذكره الإسماعيلي، وذكر ذلك كله الحافظ ابن حجر، وهو معلق؛ لأن البخاري لم يدرك إسماعيل بن علية؛ لأن إسماعيل مات في السنة التي ولد فيها البخاري سنة 194 [أربع وتسعين ومائة] مات ابن علية، وفيها ولادة البخاري، فالبخاري لم يدركه، فهذا معلق، في البخاري هذا قاله الكرماني والعيني، وقال الكرماني ويحتمل. . . . . . . . . بالاحتمال، ويحتمل أن يكون عطفاً على قال شعبة، يعني في الحديث الأصلي، في الحديث الأصل، حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن أيوب، الاحتمال الذي أورده الكرماني قال: ويحتمل أن يكون عطفاً على قال شعبة، فيكون المراد منه حدثنا سليمان قال حدثنا إسماعيل عن أيوب فيخرج من التعليق، وعلى هذا يكون على هذا الاحتمال معلقاً أم موصولاً؟

بهذا الاحتمال يكون موصول.

بهذا الاحتمال يكون موصول بالإسناد السابق، فيكون الواسطة بين البخاري وبين إسماعيل سليمان بن حرب الموجود في الأصل، هذا الاحتمال أورده الكرماني، لكن هل مثل هذه العلوم تثبت بالاحتمالات؟

ص: 5

يقول ابن حجر: "وهو مردود-هذا الكلام مردود- فإن سليمان بن حرب لا رواية له عن إسماعيل أصلاً، لا لهذا الحديث ولا لغيره، فكيف يقول الكرماني: يحتمل أن يكون الواسطة سليمان بن حرب، لا رواية له عن إسماعيل أصلاً لا لهذا الحديث ولا لغيره.

هذا الاحتمال أفضل.

قول ابن حجر.

إذا كان هذا الاحتمال قائم، ألا يقال أن لسليمان بن حرب رواية عن هذا؟.

إذا كان قائماً؟

الآن أورد الاحتمال، أورد الاحتمال، والمعروف الذي قرره ابن حجر أن سليمان بن حرب لا رواية له عن إسماعيل أصلاً، ألا يمكن أن يقال أن رواية سليمان بن حرب عن إسماعيل ثبتت بهذا.

بهذا الاحتمال.

. . . . . . . . . كلام ابن حجر بقوة، يقول: لا رواية له عن إسماعيل، أصلاً لا لهذا الحديث ولا لغيره، والمعول في هذا على الأئمة، إن أثبتوا سماع سليمان بن حرب عن إسماعيل أثبتنا وإلا نفينا، تبعاً لهم، وقد أخرجه المصنف في كتاب الزكاة موصولاً عن مؤمل بن هشام عن إسماعيل كما سيأتي، ثم ذكر ابن حجر قاعدة يستفيد منها طلاب هذا الفن يقول: وقد قلنا غير مرة أن الاحتمالات العقلية -يعني المجردة- الاحتمالات العقلية كما ينص على ذلك في موضع آخر، الاحتمالات المجردة يقول: وقد ذكرنا غير مرة وقد قلنا غير مرة أن الاحتمالات العقلية لا مدخل لها في الأمور النقلية، يعني كونه يحتمل، يحتمل، لكن هل له حقيقة؟ هل قال بهذا أحد من الأئمة المتقدمين؟ ما قال به، قال: إن الاحتمالات العقلية لا مدخل لها في الأمور النقلية، ولو استرسل مسترسل لقال: يحتمل أن يكون إسماعيل هذا آخر غير ابن علية، أنتم تقولون سليمان بن حرب لم يسمع من إسماعيل بن علية، نفترض أن إسماعيل ما دام ما نقل أنه غير إسماعيل بن علية، يمكن يورد هذا الاحتمال، يحتمل أن يكون إسماعيل هنا آخر غير ابن علية، وأن أيوب أيضاً آخر غير السختياني، يعني لو أردنا أن نسترسل وراء الاحتمالات، أليس يقال مثل هذا؟ نعم، وأن أيوب آخر غير السختياني، وهكذا في أكثر الرواة، فيخرج في ذلك إلى ما ليس بمرضي.

ص: 6

وابن حجر رد على الكرماني في هذه المسألة في موضعين قبل هذا الموضع، فهي ثلاثة مواضع، وابن حجر قرر قاعدة في مثل هذا التصرف من الإمام البخاري، قاعدة فقال: البخاري حيث يريد التعليق، يأتي بحرف العطف، وقال إسماعيل عن أحمد، حيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، وإن كان بالإسناد قبله بغير حرف العطف، وقد أتى هنا بحرف العطف فهو هنا معلق، لكن يرد على هذه القاعدة قوله في البخاري بعد الحديث رقم 22 قال: وهيب قال وهيب حدثنا عمرو الحياتي، بدل الحياء؛ لأن القول في نهر الحياة، وهذا تقدم، علقه البخاري، يقول علقه البخاري وحكم عليه بالتعليق مع أنه مجرد عن الواو، هو قال حيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، وقال هنا في الموضع الذي معنا، وقال إسماعيل فيه الواو ماشي على القاعدة، لكن هناك في قول البخاري، قال وهيب حدثنا عمرو الحياتي يقول ابن حجر: علقه البخاري، وهو مجرد عن الواو، نعم مع أنه مجرد عن الواو، فهذا يرد على قاعدته التي ذكرها، فتكون القاعدة كلية أو أغلبية.

أغلبية.

أغلبية ستكون، وكثير من القواعد التي قررها ابن حجر، يوجد ما يخرمها، لكنه إنما يقرر عن استقراء، أما الاحتمالات التي يوردها الكرماني وغيره من الشراح الذين لا إحاطة لهم بالكتاب المشروح كإحاطة ابن حجر فيعتريها ما يعتريها من هذه الانتقادات.

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج -أي بين الصفوف- صفوف الرجال، إلى صف النساء، وهي جملة من أن واسمها وخبرها وخبرها خرج، ومعه بلال.

يا دكتور متى خرجوا؟ في الحديث متى خرجوا؟.

في العيد؟

في عيد الفطر، في عيد الأضحى.

يأتي في طرق الحديث وتفاصيله ما يبين هذا بجلاء.

ص: 7

ومعه بلال، كذا للتشنيع وسقطت الواو للباقين، سقطت الواو للباقين، يعني خرج معه بلال، قال العيني وقبله الكرماني: جملة اسمية وقعت حالاً وحذف الواو جائز بلا ضعف، نحو قوله تعالى:{اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [(36) سورة البقرة]، فاستغني بالضمير عن الواو، استغني بالضمير معه بلال، فاستغني بالضمير عن الواو، واو الحال، وبلال هو ابن رباح الحبشي، يكنى أبا عبد الله، أو أبا عمرو، أو أبا عبد الرحمن، أو أبا عبد الكريم، يعني اختلف في كنيته، اختلافاً كثيراً، وهذه هي العادات فيمن اشتهر باسمه، من اشتهر باسمه لا شك أن الكنية تضيع، خلاف من اشتهر بالكنية، الاسم يضيع، فأبو هريرة اختلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من ثلاثين قولاً؛ لأنه اشتهر بكنيته، وقتادة يندر من طلاب العلم من يعرف كنيته،. . . . . . . . . يستعرض اسمه، وشهرته باسم أمه حمامة، كان قديم الإسلام وهو أول من أظهر الإسلام وعذب على إسلامه مات سنة 20 في الشام.

فظن -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يسمع النساء، حين أسمع الرجال، وفي بعض النسخ فظن أنه لم يُسمِع بدون لفظة النساء، وأن مع اسمها وخبرها سدت مسد مفعولي ظن، وفي هذا ما يدل على بعد النساء عن مكان الرجال، وإلا لو كن قريبات من مكان الرجال، لسمعن الخطبة؛ لأن ما الذي دعاه أن يخص النساء بهذه الموعظة، إلا أنه ظن أنه لم يسمع، فظن أنه لم يسمع، ظن أنه ما أسمع النساء، دليل على أن النساء بعيدات عن مكان الرجال، ولو كن قريبات لظن أنهن سمعن، واكتفى بموعظته للرجال، ويدخل النساء معهم؛ لأن النساء شقائق الرجال.

ولهذا يرد سؤال كثير -أحسن الله إليك- في مثل خطبة العيد، بعض الخطباء يخصص الجزء الأخير من الخطبة الثانية للنساء، يخصهن بالموعظة، هل لهذا أصل؟ وهل هذا الحديث يعتبر دليل على ذلك؟.

أستأذن فضيلتكم أن يكون هذا هو بداية الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.

لنستكمل القول عن الحديث، وأيضاً الكلام عن هذا الموضوع بإذن الله.

أيها الأخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح إلى كتاب الجامع الصحيح، نستكمل ما تبقى بإذن الله في الحلقة القادمة، وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 8