الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: التجريد الصريح -
كتاب الحج (3)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
المقدم: مع مطلع حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير الذي يتولى شرح أحاديث هذا الكتاب، ونشكر له تفضله بقبول دعوتنا، فأهلاً ومرحباًَ بكم يا شيخ.
حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
لا زلنا في أول حديث في هذا الكتاب في باب وجوب الحج وفضله، في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أشرتم إلى حديث في باب وجوب الحج وفضله، فيما يبدو في الحلقة الماضية.
نستكمل يا شيخ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقي الحديث عن مناسبة الحديث للترجمة، والرابط بين الحديث وما ترجم به الإمام البخاري من قوله: باب وجوب الحج وفضله، وذكر الآية، آية آل عمران.
المناسبة لا شك أنها ظاهرة؛ لأنها قالت –أعني الخثعمية- ماذا قالت؟ "إن فريضة الله على عباده في الحج".
المقدم: ما يعني أنها تعلم بوجوب الحج.
نعم فرضية الحج ووجوبه أمر مستفيض، حيث قالت:"إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة".
يقول الحافظ ابن حجر: "وأما فضله فمشهور، ولا سيما في الوعيد على تركه في الآية؛ لأنه قال في الآية:{وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران].
يقول: وسيأتي في باب مفرد، ولكن لم يورد المصنف في الباب غير حديث الخثعمية، وشاهد الترجمة منه خفي، نعم الترجمة باب وجوب الحج وفضله، وهي تقول:"إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي" كيف يقول الحافظ ابن حجر: شاهد الترجمة منه خفي؟
المقدم: لأنه لم يأتِ الفضل إلى الآن في الحديث.
يعني إذا أثبتنا الفريضة لا يثبت الفضل من باب أولى؟ يعني إذا ثبت الفضل للنفل، فكيف بالفرض؟ إذا كان النفل فيه فضل، فكيف بما افترض الله؟!
المقدم: يعني هذا يمكن يقال: إنه مجرد فهم، لكن دائماً أهل العلم يفصلون بين الوجوب وبين الفضل، يسوقون أدلة الفضل في أبواب مستقلة يا شيخ.
((وما تقرب إلي عبدي)).
المقدم: ((بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))
((مما افترضته عليه)) وهذا عين الفضل، قد يكون هناك أحاديث تبين فضل الحج، فيها الفضل أظهر من هذا الحديث، وإن كان فضل الفريضة ظاهر ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) والأحاديث كثيرة جداً في هذا الباب.
قال: ولكن لم يورد المصنف في هذا الباب غير حديث الخثعمية، وشاهد الترجمة منه خفي، وكأنه أراد إثبات فضله من جهة تأكيد الأمر به بحيث إن العاجز عن الحركة إليه يلزمه أن يستنيب غيره، ولا يعذر بترك ذلك.
وهذا يرجع إلى قولها: "إن فريضة الله" لأنه إذا لم يسقط عن العاجز فهو فريضة، هذا الكلام الذي ليس بصريح، ليس بصريح كلام الحافظ، أصرح منه قولها:"إن فريضة الله على عباده" يعني كون العاجز لا يعفى ولا يعذر، بل عليه أن يستنيب هذا يدل على الفضل وإلا على الفرضية؟
المقدم: على الفرضية يا شيخ.
على الفرضية، نعود إلى ما هو أصرح منه من قولها:"إن فريضة الله على عباده".
المقدم: أدركت أبي.
نعم، يقول: وكأنه أراد إثبات فضله من جهة تأكيد الأمر، بحيث إن العاجز عن الحركة إليه يلزمه أن يستنيب غيره ولا يعذر بترك ذلك.
ويقول العيني: مطابقته للترجمة تُدرك بدقة النظر، وذلك أن الحديث يدل على تأكيد الأمر بالحج، حتى إن المكلف لا يعذر بتركه عند عجزه عن المباشرة بنفسه، بل يلزمه أن يستنيب غيره، وهذا يدل على أن في مباشرته فضلاً عظيماً.
يقول: فمن هذا تؤخذ المطابقة بين الترجمة والحديث، قريب من كلام ابن حجر، قريب جداً من كلام ابن حجر، ونعود إلى أنهم استنبطوا الفضل بالمفهوم، يعني مفهوم كونه لم يعذر مع العجز يدل على أن هذا لا يسقط حتى عن العاجز، وهذه حقيقة الفرض، وقد نصت على أنها فريضة، فكيف نلجأ إلى الاستنباط من المفهوم وعندنا المنطوق؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟
المقدم: واضح جداً، والمنطوق أولى.
بلا شك.
هم أرادوا أن يقرروا أنها بقولها: "أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أنه عاجز، ولم يعذر، ولم يعف من ذلك، بل عليه أن ينيب.
المقدم: مما يدل على الفرضية.
فهذا يدل على الفرضية، هذا أخذاً من مفهوم قولها، وعندنا منطوق قولها:"إن فريضة الله على عباده في الحج" والاستدلال بالمنطوق أولى من الاستدلال بالمفهوم، نعم يتظافر الأمران، نستدل بالمنطوق أولاً، ثم نردفه بدلالة المفهوم، وإذا أثبتنا أنه فريضة، وأنه لا يسقط عن العاجز، فهو أحب إلى الله من النوافل، والنوافل فيها فضل عظيم، إذاً الفرائض هي أكثر فضلاً، وأعظم أجراً.
المقدم: لكن ألا يمكن أن يقال بأن سؤالها –أحسن الله إليكم يا شيخ- في فرضية الحج هي تعتقد عندما سألت أن تشريعاً معيناً سيكون في إسقاط الحج عن العاجز، ولهذا سألت، فهي سألت وهي لا تدري هل يجب عليه وإلا ما يجب؟ إذ لو كانت تعلمه وجوبه على والدها في حال عجزه لما سألت.
لم تسأل.
المقدم: إي نعم، فبالتالي هي تقول: فريضة لا شك، وهي تعلم أن فريضة الله على العباد هي الحج، ومفروض، لكنها سألت لترى هل يسقط عنه أو لا يسقط أو ينيب؟ فبالتالي استدلالهم بالمفهوم يكون لهذا السبب.
لا نختلف معهم في أن سؤالها له وجه ووجيه، سؤالها وجيه، لكنها قالت:"فريضة" وأقرها النبي عليه الصلاة والسلام أنها فريضة، وهم استدلوا بكونها لا تسقط عن العاجز أنها فريضة، يعني ما راحوا بعيد، استدلوا بما يفهم من كونها لا تسقط، استدلوا به على أن الحج فريضة، ولا يعذر بتركه، ولو كان عاجزاً.
المقدم: لكن في فرائض يا شيخ منصوص على فرضيتها تسقط في حالات معينة.
هذا لو قيل: لماذا سألت وهي تعتقد أنه فرض؟ هي تسأل عن قبول هذا الفرض للنيابة، يعني هل هو مثل الصلاة ما يقبل النيابة؟ التبس عليها الأمر، فهي تسأل عن هذا، ولا إشكال عندها في أنه فريضة، بدليل أنها قالت:"إن فريضة الله" فهي تسأل عن هذه الفريضة هل تقبل النيابة أو لا؟ فسؤالها وجيه من جهة أنها تريد أن تحج عن أبيها.
"كان الفضل بن العباس" في الاستيعاب لابن عبد البر الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا محمد، أمه أم الفضل، لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم حنيناً، وشهد معه حجة الوداع، وشهد غسل النبي عليه الصلاة والسلام، تغسيله، وهو الذي كان يصب الماء على علي يومئذٍ، واختلف في وقت وفاته.
المقدم: هو أكبر من عبد الله يا شيخ.
إيه، أكبر بلا شك.
المقدم: عبد الله ما حضر حجة الوداع؟
إلا حضر.
المقدم: عبد الله بن عباس؟
حضر نعم، حضر وهو راوي الحديث.
المقدم: لأنه يروي أحياناً دون ....
يروي عن أخيه، بدليل أنه لم يحضر القصة، هو يرويه عن أخيه الفضل لم يحضر القصة، لماذا؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قدمه في الضعفة، عبد الله بن عباس كان فيمن قدم من الضعفة.
المقدم: وبالتالي يرويها عن أخيه الحادثة.
عن أخيه، فالحديث من مسند ابن عباس، والقصة لأخيه، يروي قصة أخيه عنه.
اختلف في وقت وفاته، فقيل: أصيب في يوم أجنادين في خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنة ثلاث عشرة، وقيل: مات الفضل في طاعون عمواس في الشام، سنة ثمان عشرة، وقيل: إنه قتل يوم اليرموك سنة خمس عشرة، في خلافة عمر -رضي الله تعالى عنه-.
وكان الفضل أجمل الناس وجهاً، ولم يترك ولداً إلا أم كلثوم تزوجها الحسن بن علي، ثم فارقها، فتزوجها أبو موسى الأشعري.
"كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم" الرديف: الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة، تقول: أردفته إردافاً وارتدفته فهو رديف وردف، ومنه ردف المرأة عجزها، والجمع أرداف، واستردفته سألته أن يردفني، وأردفت الدابة ورادفت إذا قبلت الرديف، وقويت على حمله، وجمع الرديف رُدافى على غير قياس، وقال الزجاج: ردفت الرجل بالكسر إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفك، وردفته بالكسر أيضاً لحقته وتبعته، وترادف القوم تتابعوا، وكل شيء تبع شيئاً فهو ردفه ورديفه.
جاء في نصوص كثيرة عن الصحابي أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول معاذ: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، يقول ابن عباس: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع ابن منده الأصبهاني كتاباً ذكر فيه أسماء من أردفه النبي صلى الله عليه وسلم على الدابة، فبلغ بهم نيفاً وثلاثين رجلاً.
ولا شك أن في هذا تواضع من النبي عليه الصلاة والسلام.
المقدم: وسمى الكتاب؟
ذكر من أردفهم النبي عليه الصلاة والسلام.
المقدم: موجود يا شيخ؟
هم ذكروه الشراح، وأنا ما وقفت عليه.
يقول: في هذا تواضع من النبي عليه الصلاة والسلام حيث من عادة أهل الكبر ألا يركب معهم أحد، بينما الرسول عليه الصلاة والسلام أردف، وفيه أيضاً فضل للفضل بن عباس، حيث حصل على هذه المكرمة من النبي عليه الصلاة والسلام، وفيه أيضاً جواز الإرداف على الدابة شريطة أن تكون تطيق ذلك، والملحوظ في الدواب عدم تحميلها أكثر مما تطيق؛ لأنها تحس وتتألم، لكن فماذا عن الآلات التي تنقل عليها الأمتعة والبضائع؟
إذا قرر المصنع أن حمولة هذا السيارة خمسة طن، فقال صاحبها: هي ملكي ولا تتأثر وتتحمل، أشل عليها سبعة ثمانية عشرة يلام وإلا ما يلام؟ لماذا؟
المقدم: يلام حتى ما يؤثر على مثلاً على الطرق.
هذه مسألة يعني إما أن يؤثر على الآلة نفسها.
المقدم: أو على الآلة نفسها.
وفي هذا إتلاف وضياع للمال.
الأمر الثاني: أنه يتلف بها الطريق ونحوه، وقد تتعرض لمخاطر.
المقدم: وهذا ملحوظ.
العجلات وغير العجلات تسبب في حوادث وكوارث، ولذا جعلت الموازين على السكك، من أجل إيش؟ أن يحافظ على هذه الأموال، نعم قد يحمل الإنسان الطمع فيغفل عن أمور أخرى، وكما جاء في الخبر:"رب عجلة تهب ريثاً" هذا يريد أن يحمل هذه البضائع في مرة واحدة، وهي تحتاج إلى مرتين.
المقدم: فيتأخر خمس مرات.
فيتأخر نعم، المقصود أن مثل هذا لا بد من ملاحظته.
"فجاءت امرأة من خثعم" في جمهرة أنساب العرب لابن حزم يقول: ولد خثعم: حُلف بن خثعم، بالحاء غير منقوطة مضمومة ولام ساكنة، وفي الناس من يقول: حلِف بلام مكسورة، فولد حُلف عفرس، فولد عفرس ناهس وشهران، يقول: إليهما العدد والشرف من خثعم، وفي نهاية
…
كلام طويل لابن حزم لا نحتاج إليه.
في نهاية الأرب لمعرفة أنساب العرب للقلقشندي يقول: بنو خثعم بطن من أنمار، من أراش من القحطانية، وبلادهم مع أخوتهم بجيلة، سروات اليمن والحجاز إلى تبالة، وفيه -في الكتاب المذكور- أنهم تفرقوا في الآفاق أيام الفتح، فلم يبق منهم في مواطنهم إلا القليل، ويقدم الحجاج منهم بمكة في كل سنة، وهم المعروفون بين أهل الموسم بالسروات.
وذكر الحازمي في عجالة المبتدي في النسب، يقول: الخثعمي منسوب إلى خثعم بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، وقيل: خثعم هو أفتل بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الخيار بن الغوث
…
إلى آخر كلامه.
وقال ابن الكلبي: خثعم جمل كان يحمل لهم، وكان يقال: احتمل آل خثعم.
وقال غيره: لما تحالفوا على بجيلة نحروا بعيراً فتلطخوا بدمه، وهذا البعير كان يسمى خثعم، أو فتخثعموا بدمه أي تلطخوا، أولاً ابن الكلبي يقول: خثعم: جمل كان يحمل لهم، وكان يقال: احتمل آل خثعم، وقال غيره: لما تحالفوا على بجيلة نحروا بعيراً فتخثعموا بدمه أي تلطخوا.
وقال ابن إسحاق: خثعم هو أفتل بن أنمار، وخثعم جبل تحالفوا عنده، يقول: منهم أسماء بنت عميس الخثعمية وغيرها من الصحابة والتابعين وأهل العلم.
في معجم قبائل العرب لعمر رضا كحالة: خثعم: قبيلة تقع ديارها على طريق الطائف أبها، بين منازل شمران في الشمال والغرب وبلقرن في الجنوب والشرق.
من أقسامها: آل مرة، والسرهدان، والمزارقة، والسلمان وقال: خثعم بن أنمار: قبيلة من القحطانية، ثم ذكر نسبهم على ضوء ما تقدم.
يقول: منازلهم كانت بجبال السراة، وما والاها، جبل يقال له: شي، وجبل يقال له: بارق، وجبار معهما، حتى مرت بهم الأزد في مسيرها من أرض سبأ، وتفرقها في البلاد فقاتلوهم، فأنزلوهم من جبالهم، وأجلوهم عن منازلهم.
ونزلت خثعم ما بين بيشة وتَربة وظهر تبالة على محجة اليمن، يعني على طريق اليمن، من مكة إليها، وما صاقب تلك البلاد، وما والاها، فانتشروا فيها إلى أن أظهر الله الإسلام وأهله فتيامنت، يعني لعلها قرب من اليمن.
يقول ابن حجر في هدي الساري: "امرأة من خثعم لم تسم" في المقدمة يقول: "امرأة من خثعم لم تسم" وفي عمدة القاري نقلاً عن التوضيح: "هذه المرأة يجوز أن تكون غاثية أو غايثة".
"فجعل الفضل ينظر إليها" وجاء في وصفها كما في رواية شعب في الاستئذان أنها كانت وضيئة، فأعجبه حسنها.
"وتنظر إليه" لأنه أيضاً كان رجلاً وضيئاً، أي جميلاً كما في رواية شعيب المذكورة آنفاً.
"وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر" أي: إلى الجهة الأخرى، وفي رواية: ولوى عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله لو لويت عنق ابن عمك، قال:((رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهم الشيطان)).
"فقالت: يا رسول الله" والقصة لامرأة من خثعم.
يقول ابن حجر: "اتفقت الروايات كلها عن ابن شهاب أن السائلة كانت امرأة، وأنها سألت عن أبيها، وخالفه يحيى بن أبي إسحاق، فاتفق الرواة عنه على أن السائل رجل، ذكر الحافظ ابن حجر الطرق والروايات للحديث.
ثم قال: "والذي يظهر لي من مجموع هذه الطرق أن السائل رجل، وكانت ابنته معه، فسألت أيضاً.
المقدم: سألت عن أبيها؟
تأتي بقية الكلام، أبوها حاج.
المقدم: إي نعم هذا الغريب.
يقول: وكانت ابنته معه، فسألت أيضاً، والمسئول عنه أبو الرجل.
المقدم: الجد.
الجد، وأمه جميعاً، ويقرب ذلك ما رواه أبو يعلى بإسناد قوي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم، وأعرابي معه بنت له حسناء، فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها" ونحتاج هذا الكلام فيما بعد، فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها، وجعلتُ ألتفت إليها، الفضل، ويأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسي فيلويه، يعني لعل الفضل فهم من القصة أن الرجل هذا جاء بابنته يعرضها على النبي عليه الصلاة والسلام، وجعلت تتكلم معه، تسأله؛ لتدخل إلى قلبه، رجاء أن يتزوجها فتحصل على الشرف العظيم ولأبيها كذلك.
الفضل كأنه فهم أيضاً من القصة هذا، جاء يعرضها للنبي عليه الصلاة والسلام، وفهم من حال النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس له بها حاجة، فجعل ينظر إليها علها أن تقع في نفسه، ويقع في نفسها فيتزوجها، كما جاء في قصة الواهبة لما صعد النبي عليه الصلاة والسلام النظر فيها وصوبه.
المقدم: قيل: يا رسول الله إن لم يكن لك بها بك حاجة فزوجني.
قال صحابي من الصحابة: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها.
لكن ماذا عن باقي القصة؟ هل تزوجها الفضل أو لم يتزوجها؟ ما ذكر، والذي يغلب على الظن أنه ما تزوجها؛ لأنه لو تزوجها نقلت، وقد يكون الرد من قبل أبيها، قد طمع بأمر عظيم وهو مصاهرة النبي عليه الصلاة والسلام فلا يقنع بدونه.
"وجعلت ألتفت إليها، ويأخذ النبي عليه الصلاة والسلام برأسي فيلويه" فعلى هذا فقول الشابة: إن أبي لعلها أرادت به جدها؛ لأن أباها كان معها، وكأنه أمرها أن تسأل النبي عليه الصلاة والسلام ليسمع كلامها، ويراها، رجاء أن يتزوجها، فلما لم يرضها سأل أبوها عن أبيه، ولا مانع أن يسأل أيضاً عن أمه؛ لأنه جاء في بعض الروايات أن الرجل سأل عن أمه، وهذه البنت سألت عن أبيها، فتكون سألت عن جدها، والأب سأل عن أمه فتلتئم الروايات.
يقول ابن حجر: تحصل من هذه الروايات أن اسم الرجل حصين بن عوف الخثعمي.
والكلام له بقية.
المقدم: إذاً لعلنا -إن شاء الله- نستكمل ما تبقى من هذا الموضوع، خصوصاً أن ثمة أسئلة في هذه القضية، نرجئها مع الإخوة والأخوات بإذن الله في الحلقات القادمة لاستكمال هذا الحديث.
أيها الإخوة والأخوات كان هذا هو صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، نلقاكم -بإذن الله- لاستكمال حديث ابن عباس رضي الله عنهما في إرداف الفضل بن العباس مع النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة قادمة -بإذن الله- وأنتم على خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.