المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أنواع قرب الله من عباده - شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي - جـ ١٢

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

الفصل: ‌أنواع قرب الله من عباده

‌أنواع قرب الله من عباده

واختلف أهل العلم في أنواع القرب الوارد في الآيات فذكر الإمام شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يأتي إلا خاصاً، أما قوله تعالى:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16]، فهذا قرب ذوات الملائكة من العبد، بدليل أنه قيدها بوقت تلقي الملكين، فقال:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} [ق:16 - 17] يعني: حين وقت تلقي الملكين، ولو كان المقصد قرب الرب لم يتقيد بوقت تلقي الملكين، وكذلك قوله تعالى:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} [الواقعة:85]، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لم يرد القرب إلا خاصاً، وهو نوعان: قرب من الداعين بالإجابة، وقرب من العابدين بالإثابة.

وقال آخرون: إن القرب يكون عاماً وخاصاً، وذهب إلى هذا بعض العلماء، وفسروا قوله تعالى:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16] يعني: أقرب إليه بالعلم.

وقال بعضهم: بالقدرة.

وقال بعضهم: بالقدرة والرؤية.

ومن أمثلة تقسيم شيخ الإسلام: تقسيم القرب الخاص إلى نوعين: فقوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:19]، فالساجد قريب من الله، والنوع الثاني: القرب من الداعي بالإجابة، كقوله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186]، فلم يقل: قريب من كل أحد، ولكن قريب لإجابة الداعي، ومثله حديث أبي موسى الأشعري في الصحيح لما قال:(كنا في سفر فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)، قوله:(إن الذين تدعونه سميع قريب) أي: قريب من الداعي، ومثل قوله تعالى على لسان نبي الله صالح:{إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود:61] يعني: قريب لإجابة الداعي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ونظيرها من بعض الوجوه الربوبية والعبودية، فإنهما وإن اشتركتا في أصل الربوبية والتعبيد، فلما قال: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف:121 - 122]، كانت ربوبية موسى وهارون لها اختصاص زائد على الربوبية العامة للخلق، فإن من أعطاه الله من الكمال أكثر مما أعطى غيره: فقد ربه ورباه ربوبية وتربية أكمل من غيره].

ص: 4