المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حقيقة انفراد الله تعالى بالرزق وتيسير أسبابه - شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين - جـ ١١

[ابن جبرين]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [11]

- ‌الكلام على صفة الحياة والقيومة وما يتعلق بهما

- ‌إثبات صفتي الحياة والقيومية لله ونفي ضدهما

- ‌نفي اللغوب والتعب عن الله سبحانه وتعالى

- ‌الحكمة من تسمية الله نفسه بالقيوم

- ‌معنى الحي القيوم وما يتضمنانه

- ‌التوسل والدعاء بأسماء الله من مستلزمات الإيمان بها

- ‌الكلام على صفتي الخلق والرزق وما يتعلق بهما

- ‌انفراد الله سبحانه بالخلق والرزق

- ‌الحكمة من خلق الله للجن والإنس

- ‌حقيقة انفراد الله تعالى بالرزق وتيسير أسبابه

- ‌الكلام على الإماتة والبعث

- ‌حقيقة الموت ومآله يوم القيامة

- ‌حقيقة تحويل الأعراض إلى أجرام

- ‌عقيدة أهل السنة في الصفات الفعلية لله تعالى

- ‌عقيدة أهل السنة في تجدد الصفات الفعلية لله تعالى

- ‌الفوائد المستفادة من إثبات أسماء الله وصفاته ومعرفتها

- ‌حكم إطلاق نفي حلول الحوادث ومعناها عند أهل السنة وغيرهم

- ‌شبهة نفي حلول الحوادث والرد عليها

- ‌شبهة: أن صفات الله زائدة على ذاته والرد عليها

- ‌شبهة: أن صفات الله غيره والرد عليها

- ‌الكلام على مسألة الاسم والمسمى

- ‌مسألة تسلسل الحوادث

- ‌منع الجهمية من حوادث لا أول لها والرد عليهم

- ‌مذاهب الناس في تسلسل الحوادث

- ‌التوقف عن القول بتسلسل الحوادث بالماضي

- ‌الأسئلة

- ‌أصل ديانة المجوس وأخذ الجزية منهم

- ‌طمس الصور ومعناه

- ‌الرد بطريق العقل والسمع على وجود صانعين للعالم

- ‌حكم تخصيص القبر بالزيارة

- ‌توضيح قوله: (بحسب ما يظن أنه مناسب للكواكب من طباعها)

- ‌إطلاق لفظ (الصانع) على الله تعالى

- ‌حكم الأموات قبل وصول الرسالة والأطفال يموتون قبل البلوغ

- ‌معنى دلالة التضمن

- ‌فطرة الطفل ومدى دلالتها له على الاستقامة

- ‌قسم التوحيد الذي تدخل فيه شهادة التوحيد

- ‌علم الله تعالى والنسخ في القرآن

- ‌حكم الصور في الستائر ونحوها

- ‌تفسير قوله تعالى: (شهد الله)

- ‌الفرق بين الخبر والإخبار

- ‌توضيح قوله: (فلفظ الحكم والقضاء يستعمل في الجملة الخبرية)

- ‌زيادة (ولا يرقون) في حديث التوكل وحكمها

- ‌كيفية التقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام في السماء

- ‌أطفال المسلمين وحكمهم في الآخرة

- ‌الحلف والاستغاثة بغير الله تعالى

- ‌تفسير النظر والقصد بالنظر والشك

- ‌معنى الآيات الأفقية والنفسية ومعنى اسم الله (المؤمن)

- ‌معنى الخواص

- ‌حديث افتراق الأمة

- ‌أيهما أضر بالإسلام الجهمية أم الرافضة

- ‌الاتفاق بين الخالق والمخلوق في الاسم والصفة ودلالته

- ‌الإجمال في التشبيه

الفصل: ‌حقيقة انفراد الله تعالى بالرزق وتيسير أسبابه

‌حقيقة انفراد الله تعالى بالرزق وتيسير أسبابه

أما قوله: (رازق) فمعلوم أنه الذي تفرد بالرزق وحده، وقد يقول قائل: بل العبد هو الذي يتكسب، والدواب هي التي تسعى في طلب الرزق، فإذاً كيف يكون ذلك رزقاً، ونحن نشاهد أن الإنسان هو الذي يكتسب الرزق؟! يقول هذا كثير من الناس، وأكثر من يقوله هم الملاحدة، حتى نقل لي بعض الإخوان عن بعض الملاحدة والعياذ بالله أنه لما قيل له: تذكر أن الله الذي يرزقك، فقال: كلا إنما ترزقني يميني والعياذ بالله، نسي أن الله حنن عليه أبويه في طفولته، نسي أن الله يسر له الرزق وهو في رحم أمه، حتى يأتيه الرزق من حيث لا يشعر.

فالإنسان في بطن أمه يكون له باب واحد يأتيه الرزق منه، وهو حبل السرة الذي يتغذى من الدم، فمن الذي يسر ذلك له؟ هل للأبوين تصرف في هذا الجنين حتى يتم خلقه؟ ليس لهما تصرف، إذاً فالذي دبره على هذه الهيئة هو الذي يرزق.

فلما خرج إلى هذه الدنيا من الذي فجر له هذين الثديين من صدر والدته، بهذا اللبن اللذيذ الذي يحصل به التغذي؟! من الذي ألهم هذا الطفل أن يمتص الثديين حتى يحصل على هذا اللبن الذي يتقوت به؟! عندما أخرجه الله إلى الدنيا فتح له بابين -وهما هذان الثديان- ليكون منهما رزقه وغذاؤه، لا يستطيع أن يحصل لنفسه هذا الرزق إلا أن ييسره الله له، من الذي حنن قلب أبويه عليه وجعل في قلوبهما الشفقة التامة إلى أن يحنوا عليه ويحدبا عليه ويحبا بقاءه ويسهرا ويتعبا في تحصيل راحته؟! لولا أن الله جعل ذلك في قلوبهما لما التفتا إليه ولما بقي على هذه الحياة مدة.

بعدما فطم وترعرع من ذينيك الثديين، فتح الله له أربعة أبواب من الرزق: شرابان، وطعامان، فالشرابان: اللبن مأخوذ من الحيوان، والأشربة من الماء، والطعامان: اللحم طعام من الحيوانات التي سخرها الله للإنسان ليأكل من لحومها، وسائر الأطعمة مما تنبته الأرض، والله تعالى هو الذي يسر له ذلك.

أولاً: باب واحد في بطن أمه.

ثانياً: بابان بعدما خرج إلى الدنيا وكان رضيعاً.

ثالثاً: أربعة أبواب بعدما فطم وأحس بالحاجة: طعامان، وشرابان.

من الذي يسر أسباب الرزق؟ من الذي أنبت هذا النبات حتى أثمر وحتى أينع وأصبح صالحاً للقوت لو شاء الله تعالى لجعل الأرض حجراً لا تنبت، ولو شاء لجعل الأرض كلها ماءً لم يحصل بها هذا النبات ولا هذا الاستقرار، ولو شاء لجعل هذه الأرض سبخة لا ينبت فيها أي نبات أصلاً، بل لو أن الله جعل الأرض كلها ذهباً أو كلها فضة، هل يحصل الانتفاع بها وتنبت ويأكل الناس ودوابهم ويتقوتون بها؟ لا، ما تنفعهم.

الله جعل الأرض رخوة صالحة للإنبات، فتبين بذلك أنه سبحانه هو الذي رزقنا، ولهذا يمتن علينا بأنه هو الذي رزقنا، ولسنا نحن الذي نرزق أنفسنا، ثم إذا كان الإنسان قد أعطي قوة حتى يتكسب ويجمع المال من هنا ومن هنا، فمن الذي أعطاه هذا العقل والفكر حتى يتسبب؟ ومن الذي أعطاه هذه الأدوات وهذه الآلات حتى يسير على قدميه وحتى يبطش بيديه وحتى يكتسب بهما؟ أليس هو الذي خلقه؟! إذاً فالله تعالى هو الخالق وهو الرازق، وإذا كان هو الخالق والرازق فهو الذي يستحق أن يعبد.

ص: 11