الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد يعطي الله الداعي خيراً مما دعا به فيظن أن دعوته لم تجب
وإذا قيل: إن الكثير قد يدعون ولا يرون أثراً للإجابة فأين معنى: (ادعوني أستجب لكم) ؟ نقول: ورد في بعض الأحاديث: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أجاب الله دعوته، أو ادخرها له في الآخرة، أو دفع عنه من الشر مثلها) فلا يخلو من ثلاث حالات: إما أن تجاب دعوته عاجلاً ويرى أثرها، وإما أن يدفع عنه شر بسبب هذه الدعوة، كما يدفع بالأعمال الصالحة، وإما أن يدخرها الله له في الآخرة فيثيبه عليها كما يثيبه على الأعمال الصالحة، أي: كما يثيبه على الصلاة والصدقات والزكوات والصيام والحج والجهاد ونحوها، فكذلك يثيبه على الدعاء.
ومعلوم أيضاً أن الدعاء وإن أجيب الداعي وأعطي سؤله في الدنيا فإن الله بكرمه يثيبه في الآخرة، بمعنى: أنه يدفع عنه السوء، أو يعظم له الأجر، أو يجزل له الثواب، وسبب ذلك: أن الإنسان الذي يعلم أن ربه هو الذي يقضي الحاجات، وهو الذي يفرج الكربات، وهو الذي يجيب الدعوات، وهو الذي يقضي حاجات عباده، ثم ينزل حاجته بربه، لا شك أنه -والحال هذه- قد عبد ربه فإنك إذا رفعت يديك تدعو الله تعالى ولم يتعلق قلبك بأي مخلوق، أليس ذلك دليلاً على أنك أردت أنه الذي يقضي حاجتك، وأنه الذي يملكها وحده، وأنه هو الذي يفرج الكروب، وأنه علام الغيوب؟ لا شك أن هذه عبادة قلبية، أليس يستحق الداعي ثواباً على ذلك؟ إذاً: فالدعاء يثاب عليه في الدنيا بأن يجيب الله دعوته، وفي الآخرة بأن يعطيه جزاءً على عبادته ومعرفته.