المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مرجئة الفقهاء ومذهبهم في الإيمان - شرح العقيدة الطحاوية - عبد الرحيم السلمي - جـ ٤

[عبد الرحيم السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌العقيدة الطحاوية [4]

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان

- ‌الإيمان قول وعمل واعتقاد

- ‌عمل القلب ومنزلته من الإيمان

- ‌مرجئة الفقهاء ومذهبهم في الإيمان

- ‌الفرق بين مذهب السلف ومرجئة الفقهاء في الإيمان

- ‌أول من قال بالإرجاء

- ‌مذهب الأشاعرة والماتريدية في الإيمان

- ‌قول بعض المنتسبين إلى السنة بأن العمل شرط كمال في الإيمان

- ‌بيان ما يترتب على الخلاف بين أهل السنة والمرجئة في الإيمان

- ‌مخالفة المرجئة للسلف في مصطلح شرعي

- ‌انتشار الفسق والفجور والمعاصي

- ‌حصر المرجئة للكفر بالتكذيب

- ‌إخراج المرجئة لتوحيد الألوهية من أقسام التوحيد بناءً على إخراجهم العمل من الإيمان

- ‌ادعاء المرجئة أن الاستغاثة بغير الله والذبح والنذر لغير الله والطواف حول القبور ونحوها ليست شركاً

- ‌رد قول من يقولون بأن العمل شرط كمال في الإيمان

- ‌أقوال السلف بأن العمل ركن في الإيمان

- ‌مناقشة الإمام أبي ثور للمرجئة

- ‌تكفير السلف لتارك العمل بالكلية

- ‌الأسئلة

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌مدى صحة الاستدلال بحديث الجهنميين على عدم كفر تارك الصلاة

- ‌خطورة الحكم على أي أحد بأنه من أهل الجنة أو من أهل النار

- ‌نبدة عن ابن بطة رحمه الله تعالى

- ‌الرد على من يقول إن الشهادة تكفر جميع الذنوب

- ‌موقف الإمام الطحاوي من الإرجاء

- ‌أهم الكتب التي ألفت في موضوع الإيمان

- ‌مدى صحة تفسير لا إله إلا الله بالحاكمية

- ‌نبذة عن كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌أنواع الفرق المنتسبة إلى الإسلام وحكمها

- ‌الخلاف بين أهل السنة وغيرهم من الفرق في مسألة العمل

الفصل: ‌مرجئة الفقهاء ومذهبهم في الإيمان

‌مرجئة الفقهاء ومذهبهم في الإيمان

الفرق في هذه المسألة يمكن أن نذكرها كالآتي: أولاً: مرجئة الفقهاء: مرجئة الفقهاء هم فرقة ظهروا في الكوفة، وذلك بعد ظهور الخوارج وتكفيرهم للصحابة رضوان الله عليهم وتكفيرهم لعصاة المسلمين، فعند الخوارج أن الذي يرتكب الزنا كافر، والذي يأكل الربا كافر، والذي يشرب الخمر كافر، ولكن هذا خروج عن السنن والصراط المستقيم، ولأجل هذا ظهرت طائفة من الفقهاء في الكوفة أخرجت العمل عن مسمى الإيمان، وقالوا: إن الإيمان هو مجرد التصديق القلبي والإقرار باللسان فقط، فحصروا الإيمان عندهم في التصديق القلبي.

فما هي صورة التصديق القلبي؟ صورة التصديق القلبي هي: أنهم يثبتون أن الله صادق وما أخبر به صدق، يعني: مجرد تصديق بدون إذعان وبدون قبول وبدون رد وبدون أي عمل من الأعمال القلبية الأخرى، وإنما مجرد نسبة الصدق إلى الخبر أو المخبر، والمخبر هو الله أو الرسول، والخبر هو ما جاء عن الله أو جاء عن الرسول، فجعلوا الإيمان هو مجرد التصديق القلبي وإقرار اللسان فقط، وأخرجوا العمل عن مسمى الإيمان.

ومرجئة الفقهاء هؤلاء هم من أمثال حماد بن أبي سليمان رحمه الله تعالى، ومن أمثال أبي حنيفة رحمه الله وغيرهم من فقهاء الكوفة الذين كانوا في تلك الفترة، لكن الشيء الذي يميز هؤلاء هو أنهم مع قولهم بأن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان إلا أنهم كانوا يشددون في الالتزام بالعمل وينبهون الناس على ذلك ويكفرون من ترك العمل كله، أي: جنس العمل، يعني: من ترك العمل القلبي والعمل الظاهر يرون أنه كافر، وهذا القول اختلف هل قال به أبو حنيفة رحمه الله أو لم يقل به؟ فيه خلاف كثير، لكن على كل حال ورد في التمهيد لـ ابن عبد البر أن أبا حنيفة رحمه الله استدل عليه بعض الناس بحديث في أن العمل يدخل في مسمى الإيمان فسكت، فقيل له: لماذا لا تجيب؟ قال: كيف أجيب وهو يستدل علي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم؟ والمظنون به أن يرجع في مثل هذه المسألة.

وهذا القول الذي هو قول مرجئة الفقهاء لم يبق عليه أحد إلا أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى، وشارح العقيدة الطحاوية ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى، وهذا المذهب انقرض، وقد حاول ابن أبي العز الحنفي أن يقرب بين مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم وبين مذهب مرجئة الفقهاء، واجتهد في ذلك إلا أنه أخطأ في مواضع من شرحه للعقيدة الطحاوية.

والحقيقة أن مذهب مرجئة الفقهاء ليس هو مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم، فإن الذي يرجع -مثلاً- إلى كتاب (السنة) لـ عبد الله بن الإمام أحمد أو كتاب (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) أو كتاب (الشريعة) للآجري يجد تشنيع السلف على الذين يخرجون العمل من الإيمان، وكان مقصود السلف رضوان الله عليهم بهذا التشنيع هم مرجئة الفقهاء، لأن المرجئة الحقيقيون أول ما بدءوا كانوا على طريقة جهم، وقد كان السلف يكفرون جهماً أصلاً، ولهذا لا داعي بأن يشتغلوا بالرد عليه، وإنما اشتغلوا بالرد على مرجئة الفقهاء؛ لأنهم هم أقرب إلى العلم، وتأثيرهم في الناس أكثر، ولهذا تكلموا في هذه المسألة وأطالوا فيها، ويمكن لمن أراد مراجعة (السنة) لـ عبد الله بن الإمام أحمد أن ينظر إلى مدى إنكار السلف الصالح رضوان الله عليهم لهذه البدعة التي ظهر بها مرجئة الفقهاء.

ص: 5