المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآثار المترتبة على القول بخلق القرآن - شرح العقيدة الطحاوية - ناصر العقل - جـ ١٩

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [19]

- ‌بيان حكم الخواطر والوساوس المتعلقة بالله التي يلقيها الشيطان في قلب العبد

- ‌بيان أن أسماء الله وصفاته توقيفية وبيان حكم اشتقاق الأسماء والصفات من صفات الأفعال

- ‌بيان سبب سؤال موسى ربه أن يراه

- ‌بيان أن إطلاق (الصانع) على الله من باب وصف فعل الله

- ‌أحاديث الآحاد قطعية الدلالة في العقائد

- ‌الشك في وجود الله قليل في الناس

- ‌أهمية تقوية الإيمان بالله ووسيلة ذلك

- ‌حماية قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الموقف من دخول قبر رسول الله وصاحبيه في المسجد ومن قبة الحديد فوقه

- ‌إمكان حصول الضلال بعد الهداية

- ‌تنبيهات في إنكار المنكر

- ‌حكم قراءة الفاتحة على روح الميت

- ‌نصيحة تجاه أفعال أصحاب محلات الدعايات والتصوير

- ‌حكم اقتناء التلفاز

- ‌بيان وجه الرد على المتكلمين في استدلالهم بقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)

- ‌محبة العاصي لله وما له منها

- ‌حكم إطلاق كلمة (تخليق) على فعل الآدمي

- ‌مرور الكفار على الصراط

- ‌بيان معنى أن صفات الله قديمة النوع حادثة الآحاد

- ‌بيان سبب طرد بعض أمة النبي صلى الله عليه وسلم عن الحوض

- ‌الموقف من تكفير الشيعة

- ‌مدى صحة القول بوزن البطاقات والصحف في الميزان يوم القيامة

- ‌حكم الشهادة للمسلم بالجنَّة

- ‌كيفية البعث عند ابن سينا

- ‌الموقف من القول بأن الحديث في أسماء الله وصفاته مظهر من مظاهر التنطع في الدين

- ‌بيان ما يحمل عليه كلام الإمام أحمد في الثبات على نفي خلق القرآن في حين اشتداد المحنة على الناس

- ‌حكم ضرب الأمثال في بعض أمور الغيب لتفهيم السامع

- ‌القول بخلو القرآن من أدلة كونه كلام الله مرض وشك

- ‌حكاية كلام الأولين لا تعني نسبة كلام الله إليهم

- ‌نصيحة لمتعمق في البحث في مسائل القدر وعلله

- ‌الآثار المترتبة على القول بخلق القرآن

- ‌بيان المقصود بشهادة الواقع على وحدانية الله جل جلاله

- ‌تكليم الله لعباده وعلاقة ذلك برؤيتهم له

- ‌الجمع بين نص رؤية الناس ربهم في المحشر ونص حجب الفجار عن الرؤية

- ‌الجمع بين كون الدجال في جزيرة في البحر وكونه سيولد من أم

- ‌الدليل على رؤية جميع الناس ربهم في أرض المحشر

- ‌الجمع بين كون الحياة في القبر بالجسد والروح وما علم من كون الجسد يبلى ويفنى

الفصل: ‌الآثار المترتبة على القول بخلق القرآن

‌الآثار المترتبة على القول بخلق القرآن

‌السؤال

ما هي الآثار المترتبة على القول بخلق القرآن؟

‌الجواب

الفرق بين قول أهل السنة والجماعة: القرآن منزل وهو كلام الله تعالى، وبين القول بأن القرآن مخلوق يترتب عليه أمور كثيرة: أولها: إذا قلنا: إن القرآن مخلوق؛ فالمخلوق ناقص، ودلالاته ناقصة، وقداسته أقل، فيكون القرآن والإنسان شيئاً واحداً، بل ثبت أن الإنسان أكرم المخلوقات، فعلى هذا يكون القرآن دون الإنسان في الكرامة، فإذا كان كذلك فهذا يعني أن قداسة القرآن أقل، وأن دلالاته أقل، وأنه يجوز للإنسان أن يتكلم فيه، وإهانته ليست بالقدر الذي يكون لو كان كلام الله، وكل ما يترتب على إكرام القرآن وقداسته وقداسة الاستدلال به واحترام المسلمين له؛ كل ذلك يسقط؛ إذ المخلوق ليس له هذه المكانة والقداسة، هذا أمر.

الأمر الآخر: الدلالة نفسها، فإذا قلنا بأن القرآن مخلوق؛ فهذا يعني أنه كلام البشر، وإذا قلنا: إنه كلام البشر؛ فهو ترجمة لمعاني ما يريده الله، والترجمة لمعاني ما يريده الله ليست هي ما يريد الله، إنما هي تعبير البشر الناقص، والبشر يعتريه السهو والنقص والخلل إلى آخره، وليس بكامل كمالاً مطلقاً مهما كان، فإذا قيل: إنه ليس بكلام الله؛ فهذا يعني أنه كلام الناس، ومن هؤلاء الناس؟ الله أعلم، أو أنه كلام المخلوقين، ومن هؤلاء المخلوقون؟ الله أعلم، فإذا كان كذلك فهذا يعني أن الاستدلال به أقل، وقوته في الدلالة أقل.

وهناك أمر آخر نتج عن القول بخلق القرآن، وهو اعتبار دلالات كلام الله تعالى أقل من دلالات العقل؛ لأن العقل هو آلة التمييز بين الضار والنافع، وبين الحق والباطل التي يستعملها الإنسان بنفسه، وهي عند المتكلمين أقوى من دلالة القرآن؛ لأن القرآن مخلوق والعقل مخلوق، والقرآن أمر زائد خارج عن الإنسان، وهو مخلوق، والعقل هو عقل الإنسان الذي يستخدمه، فعقله مقدم ومحكم، فنتيجة لذلك قالت المعتزلة: دلالة القرآن ليست قطعية، بل ظنية؛ لأنه مخلوق! بل الذين قالوا بأن العقل أقوى من النقل من غير المعتزلة كانت جرأتهم على القرآن بعد القول بأن القرآن كلام الله، فلذلك قالوا: العقل هو المحكم والعقل هو المقدم والعقل هو الميزان والعقل هو المرجع، وإذا تعارض العقل مع كلام الله تعالى؛ فالعقل هو المقدم؛ لأن كلام الله مخلوق عندهم.

ثم ترتب على هذا أيضاً أن قالوا بأن دلالة القرآن ظنية، فلما جاءت آيات الله في الرؤية قالوا: هذا أمر ظني؛ لأن القرآن مخلوق واعتبار دلالاته كاعتبار المخلوق، فردوا آيات الله الصريحة في الرؤية؛ لأن منزلة القرآن عندهم أقل مما ينبغي، وهكذا؛ كل ذلك إضافة إلى أنه رد صريح لألفاظ كلام الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى نزل القرآن، وآيات الإنزال والتنزيل في القرآن كثيرة جداً، وأيضاً التصريح بأنه كلام الله، كقوله تعالى:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة:6]، فالقول بأنه مخلوق معارضة صريحة لما ورد من أنه كلام الله في كلام الله نفسه، ولم ترد آية ولا دليل في أن القرآن مخلوق أبداً، إنما هي استدلالات في غير محلها.

فالمشكلة أنهم فسروا كلام الله بتفسيرات من عقولهم، فلهذا ينبغي أن نتعفف عن أقوالهم في كلام الله تعالى، ولا نتكلم عنهم بغير حاجة، لكن المهم أن القول بأن القرآن مخلوق أدى إلى تقليل منزلة القرآن والحط منها تقديساً ومنهجاً واستدلالاً، وحصل ما حصل من تخطي القرآن إلى الاستدلال بالعقل.

ص: 32