المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخوض في أمور الأمة الكبرى - شرح العقيدة الطحاوية - ناصر العقل - جـ ٦٦

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [66]

- ‌عظم باب التكفير وموقف الناس منه

- ‌ذكر القائلين بامتناع تكفير أحد من أهل القبلة مطلقاً

- ‌تكفير اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين

- ‌التكفير بالذنوب بين النفي العام ونفي العموم

- ‌موقف الخوارج والمعتزلة من تكفير أهل القبلة

- ‌ذكر القائلين بحصر التكفير في الاعتقاد دون العمل

- ‌ضرر التكفير وعظيم خطره

- ‌السبب الداعي إلى الحديث عن التكفير في هذا الزمن

- ‌قواعد ومسائل مهمة في مسألة التكفير

- ‌التكفير المتناول حكمه عند أهل العلم يخص أهل القبلة دون الكفار

- ‌التكفير من سمات أهل الأهواء

- ‌تكفير أهل القبلة أمر غير متعبد به

- ‌الأصل امتناع التكفير

- ‌التفريق بين الحكم بكفر العمل وتكفير المعين

- ‌شروط التكفير وموانعه أمر يلزم استحضاره

- ‌التوقف في الحكم بإسلام المسلمين قبل التبين بدعة عصرية ضالة

- ‌عظيم خطر نزعات التكفير

- ‌استحلال المحرم من حقوق الآخرين نتيجة حتمية للتكفير

- ‌الأسباب الممهدة لظهور نزعات التكفير

- ‌الخوض في أمور الأمة الكبرى

- ‌الحكم على نيات الناس وما في قلوبهم

- ‌السلوك التديني المخالف لما عليه أهل العلم

- ‌الأسئلة

- ‌نظرة في واقع صلة الشباب بالمشايخ والعلماء

- ‌ضابط الولاء والبراء

- ‌التحذير من الخوض في القضايا الكبرى

- ‌الموقف من نشر قواعد التكفير في أوساط الشباب

- ‌بيان معنى قول الشاطبي: (الكفر بالمآل ليس بكفر في الحال)

- ‌نظرة في كتاب الاعتصام للإمام الشاطبي

- ‌بيان مدى صحة القول بكفر من لم يكفر الكافر

- ‌حكم تارك الصلاة

الفصل: ‌الخوض في أمور الأمة الكبرى

‌الخوض في أمور الأمة الكبرى

من الأسباب التي ربما تؤدي إلى ظهور نزعات التكفير أو التمهيد للوقوع في التكفير الثرثرة في الأمور الكبرى التي ليست في مقدور الشباب ولا في مقدور العوام، فالثرثرة في هذه الأمور تشحنها، ثم تؤدي إلى سرعة الحكم بالأشياء، مثلاً: الكلام في مصالح الأمة العظمى التي ليست من شأن العوام ولا من شأن الصغار ولا من شأن النساء، فالثرثرة في هذه الأمور تؤدي في النهاية إلى التكفير.

ولا شك أن أعظم سبب لوجود التكفير وجود المنكرات والإعراض عن دين الله عز وجل في أكثر البلاد الإسلامية، ولا يشك في هذا ولا يجحده إلا جاهل، لكن هناك بواعث أخرى نعرفها ونستطيع علاجها، وربما يسهم بعضنا فيها وهو لا يشعر، فأنا الآن أتكلم مع طائفة من طلاب العلم، ولست أتكلم للناس جميعاً، فأنا أكلم هذا الصنف لأنهم يدركون هذه الظواهر ويستطيعون علاجها ويرونها في المجتمع، أعني الثرثرة وكثرة الكلام وشحن القلوب، كما تفعل بعض النشرات وغيرها بغير بصيرة وهدى، كالكلام في العلماء، والكلام في الولاة، والكلام في المظالم، فهذه قضايا عامة كبيرة لا تستوعبها عواطف الصغار ولا عواطف النساء ولا عواطف العوام ولا عواطف كثير من أبناء الأمة، فالثرثرة فيها مصائب من ورائها، إلا أنها سمة من سمات كثير من حركات المسلمين المعاصرة، أو سمة من سمات العصر الحديث، فالأسلوب الصحفي ليس مبرر لطالب العلم أن يجاري وينشر بين أهل الخير هذه القضايا، فهي الممهدة للتكفير، وهي الممهدة للعنف.

وكذلك الثرثرة في مسائل علمية كبيرة لا يستطيع الناس الحكم فيها، كمسألة الكبائر وحكم أهلها، ومسألة الكفريات وحكم أهلها، والبدع بأشكالها وحكم أهلها، وما يقع في قضايا الحكم بغير ما أنزل الله ونحوها، فهذه قضايا كبيرة لا يستطيعها الصغار ولا الكثير من الناس، فهذه تناقش عند أهل العلم، نعم تبين للناس في الكتب وتبين للناس في المحاضرات، ولكن ببيان يناسب الناس، تبين القواعد والأحكام والأصول، وتبين القضايا الرئيسة التي تناسب عقول الناس، لكن إصدار الأحكام على الأشخاص، وتطبيق الأحكام على الهيئات، وتطبيق الأحكام على الدول، وتطبيق الأحكام على الجماعات في المجالس عند من هب ودب من أسباب ظهور نزعات التشدد والتشنج والتكفير.

وكذلك الكلام في مثل البيعة والخروج وإلزام الناس بما لا يلزم، كأن يقال: من فعل كذا فهو مبتدع، ومن فعل كذا فهو فاجر، فتوضع قواعد على غير أصولها، فلذلك كانت سمة أهل العلم أنهم إذا جلسوا في المجالس العامة يقرءون كتباً تناسب العامة، ويطرحون قضايا تناسبهم، ويطرحون أحكاماً تتعلق بأعمالهم اليومية التي يدركونها، أما القضايا العامة الخطيرة -كقضايا التكفير- فلا يتعرضون لها في مثل هذه المجالس.

ومن الظواهر المزعجة التي بدأت تكثر في مجتمعاتنا الآن كثرة الثرثرة في القضايا الخطيرة في الأشخاص والهيئات والجماعات وفي مصالح الأمة العظمى مع وجود من ينتسب للعلم، وربما يشارك الناس ويؤيدهم أو يسكت ويصمت في مثل هذه المجالس، ولا يبين ولا يعظ، فيظن الناس أن هذا مشروع، بل ربما يدعي بعض القاصرين ممن ينتسبون للعلم أن هذا مشروع.

ص: 21