المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌منازعة المعتزلة في هداية التوفيق - شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص - جـ ٤

[يوسف الغفيص]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [4]

- ‌عموم قدرة الله تعالى

- ‌أصلان مهمان في باب الأسماء والصفات

- ‌أصول القدر عند أهل السنة والجماعة

- ‌الأصل الأول: عموم علم الرب تعالى

- ‌الأصل الثاني: الكتابة

- ‌الأصل الثالث: عموم خلق الله تعالى

- ‌الأصل الرابع: الإيمان بعموم مشيئة الله تعالى

- ‌الأصل الخامس: أن للعباد مشيئة حقيقية

- ‌الأصل السادس: إثبات الحكمة في أفعال الله

- ‌الأصل السابع: عدم التعارض بين الشرع والقدر

- ‌أقوال الفرق الأخرى في الأصول السبعة للقدر

- ‌مذهب المعتزلة القدرية في خلق أفعال العباد

- ‌الفرق بين القدرية المتكلمة والقدرية الرواة

- ‌المخالفون في مشيئة الله

- ‌المخالفون في إثبات المشيئة للعبد

- ‌تنبيه حول رجوع الجويني عن مذهب الأشعرية في القدر

- ‌المخالفون في إثبات الحكمة لله تعالى

- ‌المخالفون في الجمع بين الشرع والقدر

- ‌الكلام على حال أبي إسماعيل الهروي

- ‌حكم التكفير دون إقامة الحجة على من لا شبهة له

- ‌منازعة المعتزلة في هداية التوفيق

- ‌تقدير الآجال والزيادة فيها

الفصل: ‌منازعة المعتزلة في هداية التوفيق

‌منازعة المعتزلة في هداية التوفيق

قوله: (يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً):

من أصول أهل السنة في هذا المقام، الإيمان بأن لله نعمة وفضلاً على المؤمنين، وأن كل من آمن فإنه إنما آمن بفضل الله ونعمته عليه، وكل من كفر فإنما كفر بما صرف نفسه، أو صرفه الشيطان عن الهدى، والله سبحانه وتعالى يهدي على معنى أنه يوفق، ويهدي على معنى أنه يبين بما ينزل في كتابه، أو يبعث به رسله عليهم الصلاة والسلام.

وقد نازعت المعتزلة في هذه المسألة، فقالوا: إن الله سبحانه وتعالى وتقدس عن قولهم- يهدي بمعنى: يبين، وأما الهدى الذي هو التوفيق فإنه يستوي فيه الناس.

ولا شك أن هذا أصل باطل، فإن الله قال لنبيه:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:56]، ولو كانت الهداية هي البيان لم يصح نفيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم من حيث كونه هادياً مبيناً يهدي من يشاء، وقد هدى عمه بأن علمه وبين له، وإنما المراد هنا:(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) أي: لا تستطيع التوفيق؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بشر ليس بيده هذا الأمر، ولهذا قال:(وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) أي: يوفق من يشاء.

وتوفيقه سبحانه لعباده المؤمنين للإيمان تابع لعلمه وحكمته، ولهذا قال سبحانه:{وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال:23]، ولما علم أن الأنبياء محل لاصطفائه اصطفاهم، ولهذا فإن الله تعالى إذا ذكر الضلال في القرآن فلا بد أن يقيده إما بجهة أو سبب من العبد، أو يذكره معه الهداية، كما في قوله:{يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [فاطر:8]، فإذا علقه بمحض المشيئة ذكر معه الهداية، وإلا ذكره مقيداً بجهة وسبب من العبد، كقوله تعالى:{وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27].

فقوله: (وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ) سياق كلمة (الظالمين) يدل على السبب، وأن الظلم جاء من جهتهم، ولهذا فإنه سبحانه وتعالى لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165]{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15].

ص: 22