المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حقيقة الرؤية في قوله: (كما ترون القمر) - شرح العقيدة الواسطية - الغنيمان - جـ ١٣

[عبد الله بن محمد الغنيمان]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الواسطية [13]

- ‌رؤية الله عز وجل أحكام ومذاهب

- ‌استفاضة أحاديث الرؤية عن النبي عليه الصلاة والسلام

- ‌آيات قرآنية في إثبات الرؤية

- ‌الرد على شبهات منكري الرؤية

- ‌حقيقة الرؤية في قوله: (كما ترون القمر)

- ‌أقسام الناس في رؤية الله عز وجل في الدنيا والآخرة

- ‌من أسباب حصول الرؤية لله عز وجل

- ‌منهج أهل السنة في التلقي والاستدلال

- ‌حقيقة التكييف وأقسام المشبهة

- ‌القسم الأول: تشبيه الخالق بالمخلوق

- ‌القسم الثاني: تشبيه المخلوق بالخالق

- ‌وسطية أهل السنة بين الفرق

- ‌وسطية الفرقة الناجية بين أهل التعطيل وأهل التمثيل

- ‌وسطية الفرقة الناجية بين الجبرية والقدرية

- ‌وسطية الفرقة الناجية بين المرجئة والوعيدية

- ‌وسطية الفرقة الناجية في أفعال العباد

- ‌وسطية الفرقة الناجية بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية

- ‌وسطية الفرقة الناجية بين الرافضة والخوارج

- ‌الأسئلة

- ‌بطلان إطلاق العبارة: الإنسان مخير ليس مسيراً)

- ‌عقيدة أهل السنة في الصحابة

- ‌طوائف الروافض وفرقهم

- ‌الخوارج لا يكفرون بصغائر الذنوب

- ‌الفرق بين أهل السنة والخوارج في مسمى الإيمان

- ‌إمكان رؤية الله في الدنيا

- ‌عدم صحة ادعاء أن مقاتل بن سليمان من المشبهة

- ‌رؤية الساق في الموقف ورؤية الوجه في الجنة

- ‌تفاوت المؤمنين في رؤيتهم لربهم

- ‌حقيقة تجلي الله عز وجل للجبل كما في قصة موسى

- ‌حقيقة رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام لربه حين المعراج

- ‌معنى الصورة في قوله: (رأيت ربي في أحسن صورة)

- ‌معنى قوله: (أربعوا على أنفسكم)

- ‌عدم وجود المتشابه في آيات الأسماء والصفات

- ‌حكم رؤية الكفار والمنافقين لله عز وجل

الفصل: ‌حقيقة الرؤية في قوله: (كما ترون القمر)

‌حقيقة الرؤية في قوله: (كما ترون القمر)

أما لفظ الحديث، فإنه يقول:(إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر) القمر في اللغة يكون قمراً بعد ثلاث ليال إلى آخر الشهر، والبدر: هو التمام إذا امتلأ نوراً، وذلك ليلة أربعة عشر، وسمي: بدراً؛ لأنه يبادر طلوعه غروب الشمس، وغروبه طلوع الشمس، ولأنها تتم مقابلته للشمس فيمتلئ نوراً، وأي شيء أوضح من هذا، والغريب أنه جاء في الشمس أيضاً، (كما ترون الشمس ضحوةً ليس بينكم وبينها قتر ولا سحاب) .

ثم إِن هذه الكاف هي كاف التشبيه، (كما ترون) والتشبيه للرؤية في وضوحها وجلائها، وسهولتها، أي: سهولة وصول كل واحد إليها، يعني: أنكم ترونه بارزاً جلياً واضحاً كل واحد يراه مخلياً به كما يرى هذا الشيء الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في حديث أبي رزين ما يوافق هذا بل هو أصرح، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إنكم تلقون ربكم فيحاسبكم، قال له: كيف نلقاه ونحن كثيرون وهو واحد قال: ألا أخبرك بآية ذلك؟ قال: بلى، قال: هذا القمر أليس كل واحد منكم يراه مخلياً به؟ قال: بلى، قال: إنه مخلوق صغير من آيات الله، فالله أكبر وأعظم) ، فهذا تشبيه الرؤية بالرؤية، والجامع بينهما الوضوح والجلاء والبروز، ولهذا جاء في نفس حديث جرير:(إنكم ترون ربكم عياناً) أي: معاينة، وقوله:(كما ترون القمر) تأكيد بعد تأكيد، وهذا كله ينفي كل توهم بأنه يجوز أن يكون مجازاً أو يكون المقصود شيئاً آخر ثواباً أو غير ذلك، فجاءت هذه التأكيدات تبطل كل احتمال مع أنها واضحة جلية.

وقوله: (لا تضامون في رؤيته) هكذا جاء بضم التاء وتخفيف الميم (تضامون) ويكون ذلك من الضيم وهو الظلم، يعني: لا يلحقكم في رؤيته ضيم، بل إنكم تمكنون من الرؤية تمكناً تاماً دون تعب أو مشقة.

وجاء أيضاً: (تضامون) بتشديد الميم، يعني: لا ينضم بعضكم إلى بعض عند الرؤية، مثل إذا رأيتم الشيء الخفي فإن العادة أن الناس يساعد بعضهم بعضاً على رؤيته، مثل: رؤية الهلال، كل واحد يقرب إلى الثاني حتى يساعده على رؤيته فهذا لا يحتاج إلى ذلك، لأنه بارز وواضح، والله جل وعلا أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أنه قال:(قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات: فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره) .

وسبحات وجهه بهاؤه وجماله ونوره، ومعلوم أنه لا يحجب بصر الله شيء أبداً فهو بصير بكل شيء، فلولا الحجاب لاحترق كل شيء بنوره جل وعلا، ولكن المؤمنون كمل إيمانهم في الآخرة، فأعطوا الكمال الذي ليس فوقه شيء للمخلوق، فلهذا صح أن يروا ربهم جل وعلا، وهذا يدل على أنه لا يمكن ذلك في الدنيا، كما جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم في قصة الدجال:(واعلموا أن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت)، وفي قصة موسى عليه السلام:{رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:143] يعني: في هذه الدنيا، فجعل مثالاً لذلك أن الجبل إذا ثبت للرؤية فهو ممكن ثبوتك؛ فلما تجلى ربه للجبل تدكدك الجبل، عند ذلك خر موسى صعقاً فلما أفاق قال:{سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143] .

ص: 6