المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة خروج الناس من قبورهم ووقوفهم عند ربهم - شرح العقيدة الواسطية - الغنيمان - جـ ١٩

[عبد الله بن محمد الغنيمان]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الواسطية [19]

- ‌الإيمان بفتنة القبر من الإيمان باليوم الآخر

- ‌سبب كثرة التحذير والتفصيل في أمور الآخرة في هذه الأمة

- ‌عموم فتنة القبر لجميع البشر

- ‌القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار

- ‌اسم الملكين الفتانين

- ‌اختلاف عذاب القبر باختلاف العمل

- ‌من أدلة عذاب القبر

- ‌أسئلة القبر لا يعذر أحد بالجهل بها

- ‌عذاب القبر وفتنته

- ‌يسمع عذاب القبر كل شيء إلا الإنسان

- ‌إنكار الملاحدة لعذاب القبر

- ‌يوم القيامة وإرهاصاته

- ‌إعادة الأرواح إلى الأبدان

- ‌صفة خروج الناس من قبورهم ووقوفهم عند ربهم

- ‌الأسئلة

- ‌وجه دعوة نوح لابنه بالنجاة من الغرق

- ‌تعلق عذاب القبر ونعيمه بالروح والبدن

- ‌عموم فتنة القبر لجميع الأمم

- ‌فتنة القبر لمن تقوم عليه القيامة

- ‌سماع بعض الناس لأصوات من في القبور

- ‌لا يعذب في الآخرة من لم يعذب في القبر

- ‌انتفاع الوالد بعمل ولده لا ينقص من أجره

- ‌فضل الوفاة ليلة الجمعة أو يومها

- ‌وقت رؤية الله في الجنة لأهل الجنة

- ‌طول يوم القيامة على المؤمنين

الفصل: ‌صفة خروج الناس من قبورهم ووقوفهم عند ربهم

‌صفة خروج الناس من قبورهم ووقوفهم عند ربهم

(فيقومون بعد ذلك من قبورهم حفاة عراة غرلاً) .

يعني على هيئة خلقتهم التامة حتى الجزء الذي قطع من ذكر الإنسان يعود فيه، وهو معنى قوله:(غرلاً)، أي: غير مختونين.

ليذوق كل جزء من الإنسان العذاب الذي يستقبله والمحاسبة أو يذوق النعيم، ويكونون حفاة بلا نعال ولا خفاف، وعراة رجالهم ونساؤهم، ولما سمعت ذلك عائشة قالت:(واسوأتاه! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأمر أشد من ذاك يا عائشة) أي: كل واحد شاخص ببصره لا يدري من بجواره من شدة الهول.

ثم إذا قاموا من القبور يحشرون، والحشر أنهم يساقون إلى مكان معين يجمعون فيه، ثم بعد ذلك يقفون لرب العالمين، والوقوف أن يكونوا قياماً على أرجلهم، وتدنو منهم الشمس وتكون واقفة على رؤوسهم، وهذا يوم طويل ويوم عسير، يقول الله جل وعلا:{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا * يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج:1-10] ، ((يُبَصَّرُونَهُمْ)) أي أنه يبصر كل حبيب حبيبه وقريبه، ولكن لا يسأل أحدهما الآخر، بل يود المجرم أن يفتدي من هذا العذاب بكل ما يملك ولو ببنيه وزوجته وأمه وأبيه، بل كل ما في الأرض لو كان يملكه واستطاع أن يفتدي به من عذاب ذلك اليوم لفعل، ولكن لا يمكن.

وهذا اليوم هو الذي مدح الله جل وعلا الخائفين منه، وهم الذين يطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، ثم يقولون:{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً} [الإنسان:9-10] قال تعالى: {فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان:11-12] الآيات، وقد ذكر جل وعلا آيات كثيرة جداً يخوف عباده من ذلك، وهذا اليوم ليس فيه ظل ولا شراب ولا أكل، ومع ذلك تكون الشمس فوق الرءوس، ويشتد الكرب على الناس فيعرقون عرقاً هائلاً، حتى جاء أن عرقهم يأخذ في الأرض سبعين ذراع.

ولكنهم يختلفون فيه، فمنهم يكون عرقه لجاماً له، أي: يصل إلى فمه.

ومنهم من يكون إلى ثدييه، ومنهم من يكون إلى رقبته، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يكون إلى كعبيه، ولكن من عباد الله من لا ينالهم عرق ذلك اليوم وشره، بل يكونون في ظل العرش، وليس هناك ظل إلا ظل العرش، وأحوال الناس في هذا اليوم تكون على خلاف ما نعرف، وإلا فكيف يصل العرق إلى هذا الحد؟ ما ذلك إلا للشدة والكرب والهول، فهي على خلاف ما يعهد في الدنيا، وكل ذلك يجب أن يؤمن به.

ص: 15