المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاعتماد على الأسباب شرك وإنكارها قدح في العقل - شرح العقيدة الواسطية - الغنيمان - جـ ٢٤

[عبد الله بن محمد الغنيمان]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الواسطية [24]

- ‌السبب في تقسيم القدر إلى درجات ومراتب

- ‌إنكار القدرية لعموم صفة الخلق والمشيئة

- ‌الشر وجوده نسبي ولا يجوز إضافته إلى الله

- ‌معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أول ما خلق الله القلم)

- ‌الكلام على درجة المشيئة وأقسامها

- ‌الكلام على مرتبة الخلق

- ‌الاعتماد على الأسباب شرك وإنكارها قدح في العقل

- ‌لا تعارض بين الخلق والمشيئة والرضا

- ‌قدرة العباد الحقيقية على فعل أفعالهم لا تعارض دخولها تحت مشيئة الله

- ‌تكذيب القدرية بخلق الله لأفعال العباد

- ‌أقسام الناس في أفعال العباد وحججهم في ذلك

- ‌الرد على المحتجين بالقدر على معاصيهم

- ‌الرد على القائلين بأن الله لم يخلق أفعال العباد

- ‌حكم التوغل في باب القدر

- ‌الأسئلة

- ‌معنى ربط الأسباب بمسبباتها

- ‌التوعد بالنار لا يلزم منه التكفير

- ‌لا فرق بين المجيء والإتيان

- ‌الإرادة الكونية هي المشيئة

- ‌معنى قول: (القدر قدرة الله)

- ‌كيفية توجيه القول: إن الحسنة والسيئة من الله

- ‌معنى قوله: (وهديناه النجدين)

الفصل: ‌الاعتماد على الأسباب شرك وإنكارها قدح في العقل

‌الاعتماد على الأسباب شرك وإنكارها قدح في العقل

ثم إن الله جعل لكل شيء سبباً، فالأسباب وما يترتب على الأسباب مخلوق لله جل وعلا ومقدر، ولهذا يقول العلماء: النظر إلى الأسباب والاعتماد عليها شرك؛ لأن الواجب أن يعتمد الإنسان على ربه جل وعلا، ويفعل السبب على أنه سبب وليس هو الذي يؤثر ويوجد بسببه، وكذلك الإعراض عن السبب قدح في العقل، فالذي يترك السبب لا يكون عاقلاً، فلا يمكن أن يوجد عالم بلا تعلم، ولا تاجر بلا عمل ولا تجارة، ولا يوجد ولد بلا نكاح، فالذي يترك الأسباب ويعطلها يكون غير عاقل، والإعراض عن الأسباب أيضاً وتركها نهائياً وعدم النظر إلى أنها تؤثر بقدرة الله ومشيئته قدح في الشرع؛ لأن الله جعل لكل شيء سبباً وأمر بفعل السبب، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، ثم احرص على ما ينفعك ولا تعجزن، فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل) فقوله: (احرص على ما ينفعك) أمر بفعل الأسباب، والمؤمن الضعيف هو الذي لا يفعل السبب الفعل التام ويكون عنده ضعف وهذا الضعف لا يحبه الله جل وعلا، فالله يحب أن يكون قوياً، ولا يكون قوياً إلا بفعل الأسباب، ولهذا يقول جل وعلا:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60] والإعداد: هو فعلهم، وإن كان فعلهم مخلوقاً لله جل وعلا، ولكنه باختيارهم.

قال: (ومع ذلك) يعني: مع كونه هو الخالق لكل شيء، وأنه لا يقع شيء إلا بمشيئته:(فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسوله ونهاهم عن معصيته) ومخالفة رسله، وأمره ونهيه لا يخالف قدره ولا يخالف مشيئته كما زعم الكفرة الذين كفروا بالله جل وعلا.

قوله: (وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين)، المتقي: هو الذي يفعل المأمور ويترك المنهي عنه، هذا هو المتقي، والمحسن: هو الذي يبالغ في ذلك ويعمل غاية جهده في إحسان عمله ابتغاء مرضاة الله جل وعلا، والله يحب ذلك، وهذا من فعلهم حقيقة.

ص: 8