المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وهو حسبي وعليه أتوكل - الاتباع لابن أبي العز

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌وهو حسبي وعليه أتوكل

بسم الله الرحمن الرحيم

‌وَهُوَ حسبي وَعَلِيهِ أتوكل

قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم القَاضِي صدر الدّين عَليّ بن الْعِزّ الْحَنَفِيّ رحمه الله

أما بعد فَإِنِّي وقفت على رِسَالَة لبَعض الْحَنَفِيَّة رجح فِيهَا تَقْلِيد مَذْهَب أبي حنيفَة رحمه الله وحض على ذَلِك وَوجدت فِيهَا مَوَاضِع مشكلة فَأَحْبَبْت أَن أنبه عَلَيْهَا خوفًا من التَّفَرُّق الْمنْهِي عَنهُ وَاتِّبَاع الْهوى المردي امتثالا لقَوْله تَعَالَى {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} آل عمرَان 103 وَقَوله تَعَالَى {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا لست مِنْهُم فِي شَيْء} الْأَنْعَام 159 وَقَوله تَعَالَى {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك وَمَا وصينا بِهِ إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى أَن أقِيمُوا الدّين وَلَا تتفرقوا فِيهِ} الشورى 13 وَقَوله تَعَالَى {وَإِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاتقون فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ} الْمُؤْمِنُونَ 53 زبرا أَي كتبا وَقَوله تَعَالَى {وَمَا تفَرقُوا إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغيا بَينهم} الشورى 14 وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله}

ص: 21

الْآيَة (ص 26) وَلقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه (فَإِنَّهُ من يَعش بعدِي فسيرى اخْتِلَافا كثيرا فَعَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة) رَوَاهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وأمثال ذَلِك فِي الْكتاب وَالسّنة كَثِيرَة فِي النَّهْي عَن التَّفَرُّق وَاتِّبَاع الْهوى

أَقُول هَذَا وأعتقد أَن أَبَا حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِمَام جليل من كبار أَئِمَّة الْمُسلمين رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

مِنْهَا قَوْله فِي أول الْخطْبَة م: الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا إِلَى اتِّبَاع الْملَّة الحنيفية وأرشدنا إِلَى سلوك طَريقَة الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة

ش: فَإِنَّهُ إِن كَانَ يُرِيد بطريقة الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس الصَّحِيح فَلَيْسَ ذَلِك مُخْتَصًّا بالعلماء الْحَنَفِيَّة بل سَائِر عُلَمَاء الْمُسلمين على هَذِه الطَّرِيقَة وَإِنَّمَا خَالف فِي اعْتِبَار الْقيَاس أهل الظَّاهِر وَإِن كَانَ يُرِيد بذلك تقليدهم للْإِمَام أبي حنيفَة فَفِيهِ تَفْصِيل فَإِن من قلد إِمَامًا معينا فِيمَا وَقع لَهُ وَلم يتَبَيَّن لَهُ فِيهِ الدَّلِيل فَذَلِك سَائِغ بل وَاجِب

ص: 22

عَلَيْهِ عِنْد الضَّرُورَة إِذا وَقعت لَهُ كائنة لَا يعلم حكم الله فِيهَا وبلغه قَوْله فِيهَا وَلم يعلم لَهُ فِيهَا مُخَالفا وَإِن قَلّدهُ فِيمَا تبين لَهُ فِيهِ الدَّلِيل مُوَافق لَهُ فَلَيْسَ ذَلِك بتقليد لَهُ بل يكون فِي ذَلِك مُتبعا للدليل إِلَّا أَن يَنْوِي تَقْلِيد الإِمَام دون مُتَابعَة الدَّلِيل إِذْ الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ

وَإِن قَلّدهُ فِيمَا تبين لَهُ فِيهِ أَن الدَّلِيل مُخَالف لَهُ أَو قدر على النّظر فِي الدَّلِيل وفهمه وَلم يفعل فَهَذَا هُوَ التَّقْلِيد المذموم فَإِن صَاحبه دَاخل فِي زمرة الَّذين قَالُوا {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون} الزخرف 23 وَالَّذين قَالَ الله عَنْهُم {وَإِذا قيل لَهُم اتبعُوا مَا أنزل الله قَالُوا بل نتبع مَا ألفينا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} الْبَقَرَة 177 وَسَيَأْتِي لهَذَا الْمَعْنى زِيَادَة بَيَان إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَمِنْهَا قَوْله م: وَجَعَلَنِي مِمَّن عرف مَرَاتِب أَدِلَّة الشَّرْع وَكَيْفِيَّة دلالتها

ش

: فَإِن هَذَا يُنَاقض مَقْصُوده بِهَذِهِ الرسَالَة فَإِن من عرف مَرَاتِب أَدِلَّة الشَّرْع وَكَيْفِيَّة دلالتها يكون من أهل الإجتهاد فَلَا يسوغ لَهُ تَقْلِيد إِمَام معِين وَلَا الْأَمر بذلك إِلَّا أَن يُرِيد أَنه عرف صناعَة الإستدلال بالأدلة الشَّرْعِيَّة أصُول الْفِقْه وَلم يعرف الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة نَفسهَا الَّتِي هِيَ الْكتاب وَالسّنة وَمَا أَظُنهُ يرضى لنَفسِهِ بِهَذِهِ الْمنزلَة بل الظَّاهِر أَن مُرَاده أَنه يعرف الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة ومراتبها وَكَيْفِيَّة دلالتها وَحِينَئِذٍ فَلَا يسوغ لَهُ التَّقْلِيد لإِمَام معِين وَلَا غير معِين إِلَّا فِيمَا خفى عَنهُ وَلَا الْأَمر بتقليد إِمَام معِين من الْأَئِمَّة

وَهُوَ فِي هَذِه الرسَالَة يَدْعُو إِلَى تَقْلِيد الإِمَام أبي حنيفَة رحمه الله دون غبره وَيُقِيم الدَّلِيل على ذَلِك وَهَذَا تنَاقض بَين وَلَيْسَ هَذَا من طَريقَة

ص: 23

الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة بل ابو يُوسُف وَمُحَمّد وَغَيرهمَا من أَصْحَاب أبي حنيفَة خالفوا ابا حنيفَة فِيمَا ظهر لَهُم فِيهِ الدَّلِيل على خلاف قَوْله وَلم يخرجُوا بذلك عَن كَونهم من أَصْحَابه بل الَّذِي ذكره غير وَاحِد من أهل الْعلم إِذا كَانَ لَهُ نوع تميز يتبع أَي الْقَوْلَيْنِ أرجح عِنْده وأقربه إِلَى الدَّلِيل بِحَسب تميزه فَإِنَّهُ خير لَهُ من الْخَيْر الْمُطلق فَكيف من يعرف أَدِلَّة الشَّرْع وَكَيْفِيَّة دلالتها وَلم يقل أحد من الْعلمَاء أَنه يجب أَو يشرع الْتِزَام قَول شخص معِين فِي كل مَا يُوجِبهُ ويحرمه ويبيحه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بل قد قَالَ الشَّافِعِي رحمه الله أجمع الْمُسلمُونَ على أَن من استبانت لَهُ سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يحل لَهُ أَن يَدعهَا لقَوْل أحد

وَمِنْهَا قَوْله م: وجبلني على التعصب لمجتهد كَانَ من قورن شهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم بخيرها وعدالتها

ش: فَإِن فِي هَذَا الْكَلَام نظرا من وَجْهَيْن

أَحدهمَا دَعْوَاهُ أَنه جبل على الْوَصْف الَّذِي ذكره وَهَذَا الْوَصْف وَهُوَ التعصب لمجتهد معِين مكتسب وَلَيْسَ فِي الطَّبْع السَّلِيم مَا يَقْتَضِي

ص: 24

التعصب لهَذَا الْعَالم دون هَذَا الْعَالم وَإِنَّمَا يَأْتِي ذَلِك غَالِبا من هوى النَّفس فَيكون حِينَئِذٍ قد جبل على خلق ذميم وَلَو ادّعى أَنه جبل على اتِّبَاع الْحق وَقَول هَذَا الإِمَام الْمعِين هُوَ الْحق لكَانَتْ الْمُقدمَة الأولى مسلمة وَالثَّانيَِة مَحل النزاع فَإِن كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة قَالَ الله تَعَالَى {فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} الْآيَة الرّوم 30 فَفِي الْفطر مركوز معرفَة حسن اتِّبَاع الْحق لَا أَن اتِّبَاع هَذَا الْعَالم مُتَعَيّن دون هَذَا الْعَالم إِلَّا أَن يَدعِي أَن هَذَا الْعَالم مَعْصُوم عَن الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده دون غَيره وَلَا يَدعِي هَذَا عَاقل فَإِنَّهُ يكون قد أنزلهُ منزلَة الرَّسُول صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه فَإِن الْغَضَب والتعصب لوَاحِد معِين من الْأَئِمَّة وصف مَذْمُوم من جنس فعل الرافضة وَهُوَ من أَفعَال الْجَاهِلِيَّة كَمَا فِي صَحِيح مُسلم وَسنَن النَّسَائِيّ عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل تَحت راية عمية يَدْعُو عصبية وينصر عصبية فَقتلته جَاهِلِيَّة)

وروى أَبُو دَاوُد عَن جُبَير بن مطعم رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (لَيْسَ منا من دَعَا إِلَى عصبية وَلَيْسَ منا من قَالَ بعصبية وَلَيْسَ منا من مَاتَ على عصبية)

ص: 25

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث جَابر رضي الله عنه حِين قَالَ الْأَنْصَار يَا للْأَنْصَار وَقَالَ بالمهاجرون فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَال دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وَفِي رِوَايَة مُنْتِنَة الحَدِيث

وَعَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سمعتموه يدعوا بدعوة الْجَاهِلِيَّة فاعضوه بِهن أَبِيه وَلَا تكنوا) وَفِي لفظ

من سمعتموه يتعزى بعزاء الْجَاهِلِيَّة فأعضوه بِهن أَبِيه وَلَا تكنوا فَسمع أبي رجلا يَقُول يَا لفُلَان فَقَالَ أعضض أير أَبِيك فَقَالُوا يَا ابا الْمُنْذر مَا كنت فحاشا فَقَالَ بِهَذَا أمرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يَد الله على الْجَمَاعَة)

الثَّانِي: إستدلاله على تَقْدِيمه لَهُ على غَيره بِكَوْنِهِ من خير الْقُرُون فَإِن هَذَا لَا يلْزم تَقْدِيم هَذَا الإِمَام وَحده على غَيره مِمَّن كَانَ فِي زَمَانه وَقَبله بل وَلَا على من بعده فَإِن تَفْضِيل الْجُمْلَة على الْجُمْلَة لَا يَقْتَضِي تَفْضِيل كل فَرد على كل فَرد بل قد يتنازع الْعلمَاء هَل فِي غير الصَّحَابَة من هُوَ خير من

ص: 26

بَعضهم على قَوْلَيْنِ ذكرهمَا القَاضِي عِيَاض وَغَيره وَالْأَكْثَر على تَفْضِيل كل فَرد وَلَكِن من بعد الصَّحَابَة لَيْسَ مثلهم فقد كَانَ فيهم مثل الْحجَّاج بن يُوسُف وَفضل الْأَفْرَاد إِنَّمَا هُوَ بالتقوى كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} الحجرات 13 وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (لَا فضل لعربي على عجمي وَلَا لعجمي على عَرَبِيّ وَلَا لأسود على أَبيض وَلَا لأبيض على أسود إِلَّا بالتقوى)(النَّاس كلهم بَنو آدم وآدَم من تُرَاب)

وَلَو قابله مالكي الْمَذْهَب بِمثل مثل قَوْله وَادّعى أَن الإِمَام مَالك بن أنس أولى بالاتباع من أبي حنيفَة رحمهمَا الله تَعَالَى فَإِن مذْهبه مَذْهَب أهل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة أصح مَذَاهِب أهل الْمَدَائِن فَإِنَّهُم كَانُوا يتأسون بآثار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكثر من سَائِر الْأَمْصَار وَكَانَ غَيرهم من أهل الْأَمْصَار دونهم فِي الْعلم بِالسنةِ النَّبَوِيَّة واتباعها حَتَّى أَنهم يفتقرون إِلَى نوع من سياسة الْمُلُوك وآراء الْعلمَاء ومقاصد الْعباد أَكثر من افتقار أهل الْمَدِينَة وَلِهَذَا لم يذهب أحد من عُلَمَاء الْمُسلمين إِلَى أَن إِجْمَاع أهل مَدِينَة من الْمَدَائِن

ص: 27

حجَّة يجب اتباعها لَا فِي تِلْكَ الْأَعْصَار وَلَا بعْدهَا غير الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَإِنَّهُ قد اخْتلفت فِي إِجْمَاع أَهلهَا إِلَّا استدلاله بذلك على تَقْدِيم مَذْهَب مَالك نَظِير اسْتِدْلَال على تَقْدِيم مَذْهَب أبي حنيفَة وَمن مثل هَذَا الإستدلال نَشأ الإفتراق فِي هَذِه الْأمة فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون

وَمِنْهَا قَوْله م: والصلوة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي الْمَبْعُوث إِلَى النَّاس كَافَّة بشيرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله باذنه وسراجا منيرا وعَلى آله وَأَصْحَابه وعترته الَّذين أذهب الله عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا أما بعد فَإِن الزَّمَان لما انْتهى إِلَى وَقت تضعضع فِيهِ أَرْكَان رباع الْعُلُوم وتقعقع فِيهِ بُنيان بقاع الْمَعْلُوم وخلت غاياتها عَن أُسَامَة أبي الشبلين حَتَّى ضج فِيهَا ثعالبة أَبُو الْحصين وشاع الحَدِيث والطعن على مَذْهَب الأقدمين وذاع ادِّعَاء أَن ابا حنيفَة الَّذِي هُوَ أقدم الْمُجْتَهدين لم يعلم أَحَادِيث البُخَارِيّ وَخَالف سيد الْمُرْسلين وَكَانَ ذَلِك موهما لوهن مذْهبه عِنْد ضعفاء الْيَقِين أَشَارَ إِلَيّ بعض الإخوان الَّذين هم بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان للعين وَالْعين للْإنْسَان أَن اكْتُبْ رِسَالَة تقَوِّي اعْتِقَاد ضعفة الْحَنَفِيَّة فِي مَذْهَب إمَامهمْ وتعرف مَا للنَّاس عَلَيْهِ فِي غَالب الْبلدَانِ من الِاحْتِيَاج إِلَى مذْهبه من خَلفهم وإمامهم فكتبتها مُشْتَمِلَة على مُقَدّمَة ومقصد وخاتمة الْمُقدمَة فِي بَيَان سَبَب تَرْجِيح تَقْلِيده على غَيره

ش: وفيهَا مبَاحث فَقَوله ذاع ادِّعَاء فَإِن فِي هَذَا الْكَلَام مُقَابلَة الْفَاسِد بالفاسد وَالْوَاجِب رد الْبَاطِل بِحَق وَلَا يجوز رد الْبَاطِل بِالْبَاطِلِ فَإِن الْبَاطِل لَا يرد الْبَاطِل وَإِنَّمَا يردهُ الْحق قَالَ الله تَعَالَى {بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه فَإِذا هُوَ زاهق} الْأَنْبِيَاء 21

وَالْوَاجِب أَن يُقَال لمن قَالَ إِن ابا حنيفَة خَالف سيد الْمُرْسلين هَذَا القَوْل كذب وبهتان وَسَب لهَذَا الإِمَام الْجَلِيل يسْتَحق قَائِله الردع والزجر عَن هَذِه الْمقَالة الْبَاطِلَة إِن أَرَادَ بِهِ أَنه خَالفه عَن قَصده وَإِن أَرَادَ بِهِ أَنه خَالفه عَن تَأْوِيل أَو ذمّ القَوْل وَلم يذكر قَائِله فَهُوَ هَين كَمَا يُوجد فِي كَلَام

ص: 28