المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسباب الاضطراب في فهم أصول الدين - شرح القواعد السبع من التدمرية - جـ ١٨

[يوسف الغفيص]

فهرس الكتاب

- ‌شرح القواعد السبع من التدمرية [18]

- ‌القاعدة الخامسة: أننا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه

- ‌أمر الله تعالى بتدبر القرآن وفهم معانيه

- ‌الخلاف في تفسير قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)

- ‌بيان معاني التأويل

- ‌المعنى الأول: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لقرينة

- ‌عدم احتمال الكلام المحكم البين لمعنيين متنافيين

- ‌احتمال الكلام لأكثر من معنى

- ‌المعنى الثاني: التأويل بمعنى التفسير

- ‌المعنى الثالث: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام

- ‌الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة

- ‌الفرق بين تأويل الأمر والنهي وبين تأويل الخبر

- ‌تأويل صفات الله تعالى ووعده ووعيده

- ‌ما جاء في القرآن والسنة نعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه

- ‌الإخبار عن الغائب بالمعنى المعلوم في الشاهد مع اختلاف الحقيقة

- ‌العلم بالمعنى لا يستلزم العلم بالكيفية

- ‌أسماء الله وصفاته متنوعة في معانيها متفقة في دلالتها على ذات الله

- ‌وصف القرآن بأنه محكم وبأنه متشابه وبأن منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه

- ‌معنى الإحكام العام

- ‌معنى التشابه العام

- ‌التشابه العام لا ينافي الإحكام العام

- ‌معنى التشابه الخاص وبيان أنه أمر نسبي

- ‌من أسباب الاختلاف: وجود التشابه والاشتراك

- ‌عامة الضلال من جهة التشابه

- ‌ثبوت الحقائق يعرف بصدق دليلها لا بدفع الشبهات عنها

- ‌أصل مقالة وحدة الوجود والقائلين بها

- ‌القائلون بأنه يلزم من الاشتراك في الاسم التشابه والتركيب

- ‌المنهج الوسط في بيان الحقائق الشرعية

- ‌رد المتشابه إلى المحكم

- ‌لا أحد يحيط بالله سبحانه وتعالى علماً

- ‌التشابه يقع في الألفاظ المتواطئة والمشتركة

- ‌ذم الأئمة للتأويل الفاسد

- ‌نسبة كتاب الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد

- ‌غلط من ينفي التأويل مطلقاً

- ‌تناقض من ينفون التأويل وتعطيلهم للنصوص

- ‌أسباب الاضطراب في فهم أصول الدين

الفصل: ‌أسباب الاضطراب في فهم أصول الدين

‌أسباب الاضطراب في فهم أصول الدين

قال المصنف رحمه الله: [لكن إذا قال هؤلاء: إنه ليس لها تأويل يخالف الظاهر، أو إنها تجري على المعاني الظاهرة منها، كانوا متناقضين، وإن أرادوا بالظاهر هنا معنى وهنا معنىً في سياق واحد من غير بيان، كان تلبيساً، وإن أرادوا بالظاهر مجرد اللفظ، أي: تجري على مجرد اللفظ الذي يظهر من غير فهم لمعناه؛ كان إبطالهم للتأويل أو إثباته تناقضاً؛ لأن من أثبت تأويلاً أو نفاه فقد فهم منه معنىً من المعاني.

وبهذا التقسيم يتبين تناقض كثير من الناس من نفاة الصفات ومثبتيها في هذا الباب].

ولذلك فإن هذا الاضطراب في فهم بعض مسائل أصول الديانة لابد أن يكون له أحد أسباب ثلاثة:

فإما أن يكون صاحب هذا الاضطراب قد نقصت إرادته بتحصيل الفقه، وإما أن يكون قد نقص اجتهاده، وإما أن يكون قد استعمل وجهاً ليس مشروعاً في تحصيل الحق.

ولذلك فإنه من المعلوم أنه إذا رجعنا إلى البسائط الأولى من الفطرة ومدارك العقل، ومقاصد الشريعة الأولى، فإن الإسلام بوجه عام يجب أن يكون ديناً واضحاً بيناً؛ لأن الإسلام ليس هو رسالة للعلماء أو للمثقفين -إن صح التعبير- أو للأذكياء، أو للبصراء، أو للمكاشفين ونحو ذلك فحسب؛ بل هو رسالة لسائر الناس.

فيجب أن يكون الإسلام رسالة بينة في أصوله وفي فروعه، أما أصوله فهي واضحة منضبطة، وقد اضطرب قوم من أهل القبلة في مسائل الأصول لأحد هذه الأسباب الثلاثة:

السبب الأول: أن يغلب عليهم التعصب لبعض الطوائف والأعيان، فلما غلب عليهم التعصب عَميت نفوسهم وعقولهم عن تحصيل الحق، ومن غلب عليه التعصب لأحد فلابد أن يكون تعصبه هذا منقصاً لإبصاره الحق؛ ولذلك فلم يشرع التعصب بمعناه اللغوي -الذي هو التمسك تمسكاً مطلقاً- لم يشرع هذا التمسك تمسكاً مطلقاً إلا لصاحب الحق المحض وهو الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو الذي لا يؤخذ من قوله ويرد؛ بل يؤخذ سائر ما يقوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن التعصب له لا يمكن أن يعمي عن الحق، أو عن شيء من الحق؛ لأنه لا يقول إلا حقاً، بخلاف من تعصب لمعين، حتى ولو كان عالماً فقيهاً، فضلاً عن أن يكون مبتدئاً؛ فهذا يصيبه كثير من الاضطراب.

إذاً: من أهم مقاصد طالب العلم: أن ينفك عن التعصب، ولكن أقول: ينفك عن التعصب بفقه، وليس بهوج، فيذهب يتعصب لنفسه، أو ينفك عن التعصب لأحد من الأكابر فيتعصب للأصاغر، فإن هذا قد يعرض أحياناً.

السبب الثاني: عدم الاجتهاد في تحصيل الحق.

السبب الثالث: الأخذ بوجه غير مشروع في تحصيل الحق، والوجه المشروع هو أن يكون تحصيل الحق من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط.

إذاً: الأصل أن دين الإسلام بين في أصوله وفروعه، أما أصوله -كما أسلفت- فإنها بينة، وأما فروعه فحتى لو اختلف العلماء فيها، فإن هذا الخلاف في كثير من موارده -بل في أكثرها- هو نوع من السعة، وليس معنى ذلك: أن الناس يخيرون ويتذوقون ما يشاءون، ولكن القصد: أنه ليس من الإشكال وليس من الحرج.

ص: 36