المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد - شرح القواعد السبع من التدمرية - جـ ٢٠

[يوسف الغفيص]

فهرس الكتاب

- ‌شرح القواعد السبع من التدمرية [20]

- ‌الاحتجاج على نفي النقائص بنفي التجسيم أو التحيز لا يحصل به المقصود

- ‌الوجه الأول: أن وصف الله تعالى بهذه النقائص أشد فساداً من نفي التحيز والتجسيم

- ‌الوجه الثاني: أنه يمكن من يصفون الله بالنقائص أن يقولوا: نحن لا نقول بالتجسيم والتحيز

- ‌الوجه الثالث: أن المعتمدين على نفي التجسيم ينفون عن الله صفات الكمال بهذه الطريقة

- ‌الوجه الرابع: أن أصحاب هذه الطريقة متناقضون

- ‌طريقة السلف والأئمة عدم الخوض في الجسم والجوهر والتحيز

- ‌خطأ الاكتفاء في الإثبات بمجرد نفي التشبيه

- ‌خطأ الاعتماد في النفي على عدم مجيء السمع

- ‌ينفى عن الله تعالى ما ضاد صفات الكمال

- ‌النفي المجرد لا مدح فيه ولا كمال

- ‌تنزيه الله تعالى عن كل ما ضاد الكمال

- ‌معنى الصمد

- ‌تنزيه الله تعالى عن صفة الأكل والشرب لأنها صفة نقص

- ‌تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد

- ‌مباينة حقيقة الخالق لحقيقة المخلوقين

- ‌ما سكت عنه السمع ولم يثبته العقل ولم ينفه سكتنا عنه

- ‌اعتراض لنفاة الصفات الفعلية والجواب عنه

الفصل: ‌تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد

‌تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد

قال المصنف رحمه الله: [وهو سبحانه منزه عن الصاحبة والولد، وعن آلات ذلك وأسبابه، وكذلك البكاء والحزن هو مستلزم للضعف والعجز الذي ينزه الله عنه، بخلاف الفرح والغضب، فإنه من صفات الكمال، فكما يوصف بالقدرة دون العجز، وبالعلم دون الجهل، وبالحياة دون الموت، وبالسمع دون الصمم، وبالبصر دون العمى، وبالكلام دون البكم؛ فكذلك يوصف بالفرح دون الحزن، وبالضحك دون البكاء، ونحو ذلك].

لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن بعض أهل الكتاب نسبوا إليه سبحانه وتعالى الولد، كما قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة:30] ولكن القرآن الكريم لم يفصل كثيراً في الجواب عن هذه الفرية العظيمة، إنما أجاب عنها في كثير من الموارد إجمالاً، كقوله سبحانه وتعالى:{وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم:92] وسياق (ما ينبغي) إذا جاء في القرآن فإنه يكون في الأمور الممتنعة، فهو من أخص موارد النفي:{وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم:92] أي: إن هذا أمر ممتنع في حقه؛ لأنه الرحمن، وهو الإله المعبود وحده، وهو الرب سبحانه، فما ينبغي له أن يتخذ ولداً.

قال رحمه الله: [وأيضاً فقد ثبت في العقل ما أثبته السمع، من أنه سبحانه وتعالى لا كفء له، ولا سمي له، وليس كمثله شيء، فلا يجوز أن تكون حقيقته كحقيقة شيء من المخلوقات].

ولهذا كانت طريقة من ضل من أهل الكتاب طريقة متناقضة، فإنهم إذا قالوا: إن عيسى ابن الله، وجعلوا له مقاماً من الإلهية؛ كان هذا من باب التناقض؛ لأن الإله لابد أن يكون قديماً؛ لأنه إذا كان مستحقاً للعبودية، فإنه استحقاقه للعبودية يطرد في سائر بني آدم، وإذا قالوا: إنه إله عند خلقه، أو عند وجوده، أو عنده تخلصه الروحاني، أو ما إلى ذلك من هذيانهم، فإنه يرد عليهم أنه قبل وجوده هل كان الإله الحق موجوداً أو ليس موجوداً؟ وإذا كان موجوداً فهل كان وجوده وجوداً كاملاً؟ وهم يسلمون بأن الإله الحق كان موجوداً، فهل كان وجوده وجوداً كاملاً أم ناقصاً؛ فإن كان وجوداً كاملاً في ألوهيته وربوبيته امتنع أن تدخله الزيادة، وإن كان وجوده الأول وجوداً ناقصاً؛ فإن هذا نفي للربوبية والألوهية؛ لأنه لا يوجد في معنى الربوبية والألوهية ربوبية أو ألوهية نسبية؛ بل إما ربوبية أو عدم ربوبية، وإما ألوهية -أي: استحقاق للعبادة- أو عدم ألوهية، وهذا من باب تقابل السلب والإيجاب، فإما أن يوجد هذا المعنى وإما أن ينفى.

وهذه من طرق المناظرة مع أهل الكتاب الذين ظلوا في عيسى عليه الصلاة والسلام ومجادلتهم.

فالمقصود: أن الطرق العقلية التي يسلكها الأئمة رحمهم الله هي أصدق الطرق؛ خلافاً لطرق مخالفيهم، وهي متضمنة في كتاب الله سبحانه وتعالى؛ خلافاً لمن يقول: إن القرآن لم يذكر الدلائل العقلية، كما سيعلق على ذلك المصنف لاحقاً.

ص: 15