المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفات الله صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه - شرح القواعد المثلى - عبد الرحيم السلمي - جـ ٤

[عبد الرحيم السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌شرح القواعد المثلى [4]

- ‌الإلحاد في أسماء الله تعالى

- ‌حرمة الإلحاد في أسماء الله الحسنى

- ‌أنواع الإلحاد في أسماء الله الحسنى

- ‌النوع الأول: إنكار شيء منها أو مما دلت عليه من الصفات

- ‌النوع الثاني: جعل أسماء الله دالة على صفات تشابه صفات المخلوقين

- ‌النوع الثالث: أن يسمى الله سبحانه وتعالى بما لم يسمّ به نفسه

- ‌النوع الرابع: أن يشتق من أسماء الله أسماء للأصنام

- ‌قواعد في صفات الله عز وجل

- ‌صفات الله صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه

- ‌دلالة السمع والعقل والفطرة على إثبات صفات الكمال لله عز وجل

- ‌امتناع وصف الله تعالى بصفات النقص التي لا كمال فيها

- ‌ضابط الصفة المتضمنة للكمال المطلق لله تعالى

- ‌حكم إطلاق اسم الكامل على الله عز وجل

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إطلاق كلمة (فلسفة) على بعض المصطلحات الشرعية

- ‌مشروعية الدعاء بصفات الله عز وجل

- ‌حرمة الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله

- ‌حقيقة وجود فرقة الجهمية في وقتنا الحاضر وغيرها من الفرق المنحرفة

- ‌الفرق بين الأسماء والصفات

- ‌عدم جواز التفكر في كيفية صفات الله تعالى وجواز التفكر في الفوائد المترتبة عليها

- ‌حقيقة الرافضة والخوارج والمرجئة والقدرية والقبورية

- ‌ذكر المراجع التي ورد فيها ذكر سلمان المرشد

- ‌صفة الحياة صفة كمال للمخلوق

- ‌حكم إطلاق الجسم على الله تعالى

- ‌معنى قول السلف: المشبه يعبد وثناً والمعطل يعبد عدماً

- ‌معنى تحقيق الكمال

- ‌إلى من تنسب فرقة الماتريدية

- ‌العمدة في معرفة الأحاديث الصحيحة من الضعيفة وحكم الاستدلال بالضعيف في الأصول

- ‌الفرق بين المسابقة في عمل الخير والدعوة وبين العجلة المنهي عنها

- ‌الحق واحد لا يتعدد

- ‌أقسام العلم والطرق المثلى لتحصيله

- ‌التحذير من الاختلاف المؤدي إلى الفرقة بين المسلمين

الفصل: ‌صفات الله صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه

‌صفات الله صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الأولى: صفات الله تعالى كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وهذا أمر متفق عليه بين طوائف المسلمين جميعاً، فلا يوجد أحد يقول: إن صفات الله عز وجل صفات نقص، لكن اختلف أهل الإسلام في تحقيق الكمال، يعني: من كون هذه صفة كمال أو صفة نقص، وكان أسعد الناس بالحق هم أهل السنة والجماعة رضوان الله عليهم، الذين جمعوا بين إثبات الصفات، وبين نفي مشابهة المخلوقات.

وقد أثبت الله سبحانه وتعالى لنفسه الكمال المطلق من كل وجه من الوجوه، وقد استخدم القرآن الكريم إثبات الكمال المطلق لله تعالى بطرق: الطريقة الأولى: هي الاستدلال على كماله سبحانه وتعالى بمخلوقاته؛ فإن الإنسان حين يرى المخلوقات وما فيها من الدقة البالغة، وما فيها من الآثار العجيبة يستنبط منها كثيراً من أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته، فمثلاً: نصرة الله سبحانه وتعالى للمؤمنين وإعانته لهم، وتمكينه لهم، يؤخذ منها: صفة المحبة لله سبحانه وتعالى.

وتضييقه على الكافرين، وإهلاكه لهم، وتدميره لهم كسائر الأمم وإضعافه من شأنهم يؤخذ منها: صفة الغضب لله سبحانه وتعالى.

والدقة الموجودة في هذا الكون تدل على صفة العلم والإرادة والحياة لله سبحانه وتعالى، ويمكن أن نضرب على هذا مثالاً، وهو قول الله عز وجل:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، هذه الآية تدل على الكمال المطلق لله عز وجل في صفة العلم، يعني: ألا يعلم أن الذي يخلق؟ يعني: كيف لا يعلم وهو الذي يخلق؟ فإن الذي يخلق لابد أن يكون عالماً؛ لأنه لا يمكن أبداً أن يخلق وهو جاهل لا يدري ما يخلق، وليس عنده علم مفصل بما يخلق، بل لابد أن يكون عنده علم مفصل بما يخلقه بكل دقيقة وكبيرة وصغيرة فيه، فإذا كانت هذه المخلوقات كلها غير الله عز وجل هي مخلوقة له سبحانه وتعالى، فهذا يدل على كمال علمه، فإثبات الكمال يمكن أن يؤخذ من مخلوقات الله عز وجل.

طريقة أخرى: هي أن الله سبحانه وتعالى قد جعل بعض خلقه متصفاً بالكمال، فجعل الإنسان لديه مثلاً علم وبصيرة ولديه حكمة، ولديه فهم، فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل المخلوق متصفاً بشيء من صفات الكمال، فإن الله عز وجل أولى أن يتصف بها، وهذا أمر متفق عليه بين العقلاء.

فإذا كان المخلوق متصفاً بصفات الكمال في بعض الأحيان، ومن بعض الوجوه فقط؛ فالله عز وجل أولى بها، فلا يصح مثلاً أن ننفي صفة العلم عن الله كما يفعل الجهمية، وإنما نقول: إن العلم صفة كمال، فما دام أنها صفة كمال وقد اتصف بها المخلوق فالخالق أولى بها، وهذا يدل على فساد عقول الجهمية، وأنهم ليسو على منهج مستقيم وطريقة مستقيمة، وإنما هم على طريق ضالة منحرفة من جهة النصوص الشرعية، ومن جهة العقل أيضاً.

وهناك استدلال ثالث على استحقاق الله عز وجل لصفات الكمال: حيث إن الله عز وجل هو واهب الكمال وهو معطيه، فالله عز وجل يعطي كثيراً من صفات الكمال للمخلوقات، فيقال: إن واهب الكمال أحق به وأولى، فلا يمكن أن يهب الكمال لغيره وهو ناقص بأي وجه من الوجوه، ويمكن أن نثبت هذا بقول الله سبحانه وتعالى:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت:15].

إذاً: هم عندهم قوة، فقالوا:((من أشد منا قوة))

‌الجواب

الذي وهب لكم هذه القوة هو أشد منكم قوة؛ لأنكم كنتم ولا قوة لكم، فأعطاكم هذه القوة، فلا يمكن أبداً أن تكونوا أقوى منه وهو الذي أعطاكم هذه القوة، وهذا دليل عقلي شرعي من أوضح الأدلة.

ويقول الله عز وجل: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الروم:27] يعني: له الوصف الأعلى والأكمل من كل وجه من الوجوه.

وكذلك مما يدل على إثبات الكمال لله سبحانه وتعالى أن الله عز وجل عندما ذكر آلهة المشركين بين أن عبادتها باطلة، حيث إنها اتصفت بصفات النقص، والإله لا يمكن أن يكون ناقصاً، ومثال ذلك: يقول الله عز وجل في قصة محاجة إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم:42]، فقوله:((يا أبت لم تعبد ما لا يسمع)) هذا نقص، ((ولا يبصر)) هذا نقص، ((ولا يغني عنك شيئاً)) هذا نقص ثالث، والله عز وجل قد بين أن الآلهة المعبودة من دونه باطلة؛ لأنها ناقصة، فهذا يدل على أنه هو الإله الحق، وأنه لا بد أن يكون كاملاً، ولهذا استدل عليهم أئمة السنة بمثل هذه الأدلة على إثبات الصفات، فمثلاً: يثبتون صفة السمع بقوله: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ} فالإله لابد أن يكون سميعاً، ويثبتون صفة البصر بقوله:((ولا يبصر))، ويثبتون صفة الملك والأفعال لله عز وجل بقوله:{وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} ، ي

ص: 10