الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: المحرر –
كتاب الصلاة (26)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: ما حكم توزيع مثل هذه المنشورات؟
يعني مشتملة على أدعية وأذكار بعضها له أصل، وبعضها لا أصل له.
ما حكم توزيع هذه المنشورات بدون ذكر أي مصدر من الكتاب والسنة، وتبادلها في الجوالات؟
الخبر هذا بطوله بهذا الترتيب لا أصل له، لكن قد يوجد لبعض مفرداته ما له أصل، وهو بهذا السياق الكامل لا يجوز سياقه على أنه مرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فلا تجوز نسبته إليه بهذا الترتيب، لكن بعض مفرداته صحيحة ولها أصل، وكثير منها لا أصل له.
يقول: ماذا يفعل المسبوق إذا سلم الإمام وسجد للسهو بعده هل يتابعه أم يقضي؟
يتابع الإمام يسجد للسهو معه.
هل قيام الإمام للركعة الثالثة في التراويح يبطل صلاته؟ وكيف نجيب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي عن أربع فلا تسأل عن حسنهن وطولهن؟
الفقهاء يقولون: عملاً بحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يقولون: إذا قام إلى ثالثة في التراويح فكقيامه إلى ثالثة في الفجر، هذه ركعة باطلة؛ لأن صلاة الليل مثنى مثنى، وأما ما جاء في حديث عائشة:"أنه يصلي أربعاً فلا تسأل" يعني بسلامين، ثم يستريح، ولذا سمي التراويح، ثم يصلي أربعاً بسلامين فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث، لكن إذا أراد أن يوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع فله أن يجمعها بسلام واحد؛ لأن هذا وتر، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أوتر بخمس، بسبع، بتسع، وذكر عنه أنه أوتر بثلاث يعني بسلام واحد.
يذكر بعض أهل العلم أنه إذا سجد الإمام للسهو قبل السلام فإن المصلي يسجد معه، ثم إذا قضى ما عليه وكان سهو الإمام قد أدركه المسبوق فإنه يسجد للسهو مرة أخرى؛ لأن السجود الأول في غير محله؟
لا، لا يسجد، يكفيه السجود الأول، لكن لو سها فيما يقضيه من صلاته، وقد سجد مع الإمام السهو الأول، مقتضى قول أهل العلم: ومن سها مراراً كفاه سجدتان، أن سجوده مع الإمام يكفي، ولا يحتاج أن يسجد مرة ثانية، ونظير ذلك فيما لو سها في صلاته ثم سجد للسهو، ثم سها بعد السهو، بأن قام وجاء بزيادة ركعة يسجد ثانية للسهو أو يكفيه سجدتان؟ يكفيه سجدتان عند أهل العلم.
يقول: حفظ الحديث مع الراوي والسند ما معنى السند مثال ذلك جزاكم الله خيراً؟
يعني في الحديث الأول في صحيح البخاري حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) يرويه البخاري عن طريق شيخه الإمام عبد الله بن الزبير الحميدي، قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات)) فالسند الرواة، هذه السلسلة التي يذكرها المحدث بدءاً بشيخه وانتهاءً بالنبي صلى الله عليه وسلم هذا هو السند، والمتن هو المقول للنبي عليه الصلاة والسلام.
يقول: من خلال الأحاديث في سجود السهو كيف يكون سجود السهو؟ ما الراجح في ذلك؟
ذكرنا بعض الصور، وبعض أقوال أهل العلم، ويأتي تتمتها -إن شاء الله- في درس اليوم.
يقول: أشكل عليَّ تفسير قوله تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ} [(20) سورة الرحمن]؟
بين البحرين المالح والحلو برزخ، حاجز، لا يبغي أحدهما على الآخر، لا يختلط لا يمتزج المالح بالحلو، ولا بالعكس، فبينهما برزخ، وإن كان غير مرئي ومنظور إلا أنه لا يختلط هذا بهذا، وقد يوجد في بعض البحار عين تنبع من أسفله حلوة وهو مالح، فالذي أمسك هذا عن هذا هو الله -جل وعلا-، كما أنه يمسك أنهار الجنة ويجعلها تجري بغير أخدود.
أنهارها في غير أخدود جرت
…
سبحان ممسكها عن الفيضانِ
ما حكم الدعاء بدون رفع اليدين قبل الصلاة أو في أوقات الإجابة؛ لأنه لا يريد أن يراه أحد؟
على كل حال إذا سجد في سجوده يدعو، وهذا من مواطن الإجابة، وإذا دعا خارج الصلاة فالأصل أن يرفع يديه، وفي المسألة ما يقرب من مائة حديث في رفع اليدين في الدعاء، وجمعت في رسائل، وفي أجزاء من قبل أهل العلم.
هذا يسأل عن سؤال طرح قديماً، ثم نسي بعد ذلك، حينما أذعن الناس للنظريات في قوله -جل وعلا-:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [(16) سورة نوح].
في يقول أهل العلم للظرفية، فيهن نوراً، جعل القمر فيهن يعني أنه مظروف بالنسبة للسماوات، وهذا قول جماهير المفسرين، وإذا كان الأمر كذلك فلن يستطيع أحد الوصول إلى القمر، وإذا كان المراد "فيهن" يعني نوره فيهن، فعلى كل حال المسألة قابلة للنظر، وكلام أهل العلم في هذا واضح.
فهل القمر في السماوات السبع أم هو في السماء الدنيا؟ وما صحة الصعود على سطح القمر؟
هم ادعوا ذلك وصدقهم الناس، ثم وجد من يكذب منهم، من الأمريكان والروس من يكذب هذه النظريات.
يقول: هل ورد في السنة قول: الله أكبر بعد السلام من الصلاة؛ لأننا نسمع بعض المصلين وخاصة من الجنسية الباكستانية يقولون: الله أكبر بعد الصلاة مباشرة؟
دليل ذلك ومستمسك من يبدأ بالتكبير قول ابن عباس: "ما كنا نعرف انقضاء صلاة النبي عليه الصلاة والسلام إلا بالتكبير" والمراد به الذكر الذي يجهر به بعد السلام، ما هو أعم من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير.
يقول: نريد شرحاً وافياً للصلاة في أوقات النهي؟
هذه مسألة طرقناها مراراً، ومرت علينا في الكتاب، وبسطت من أرادها يراجع الأشرطة التي سجلت فيها.
يقول: ما هي الطبعة المحققة التي توصون بها للكتب التالية:
الموطأ للإمام مالك؟
الموطأ معروف أنه روايات كثيرة، أشهرها رواية يحيى بن يحيى الليثي، وكانت مطبوعة قديمة في مصر مع بعض الشروح، ثم طبعت بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ثم طبعت بتحقيق بشار عواد معروف، وهناك تحقيقات كثيرة لهذه الرواية، واعتمادنا في شرح الكتاب على تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، وإن كان بشار أبدى بعض الملاحظات على هذه الطبعة كملاحظاته على تحقيقه لسنن ابن ماجه.
على كل حال هي في الجملة جيدة، طبعة محمد فؤاد عبد الباقي للموطأ جيدة.
المدونة للإمام مالك؟
طبعت المدونة قديماً بمصر في المطبعة الخيرية في أربعة مجلدات، ثم طبعت في ستة عشر جزءاً في مطبعة الساسي وكلاهما جيد، هما طبعتان جيدتان الطبعات القديمة، ثم بعد ذلك طبع بمطبعة الكليات الأزهرية بتحقيق محمد زهري النجار وهي دون
…
لا غلط هذا الأم للشافعي.
المقصود أن المدونة طبعت قديماً بالمطبعة الخيرية ومطبعة الساسي، وكلاهما طيب يعتمد عليه.
أحكام الأحكام لابن دقيق العيد؟
من أراده مفرداً فعليه بمطبعة أنصار السنة بتحقيق الشيخ أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي، ومن رجع إليه مع حاشية الصنعاني فالمطبعة السلفية في أربعة مجلدات بتحقيق الشيخ علي الهندي رحمه الله، هاتان الطبعتان ممتازتان يعني، يبقى أن الطبعة المنيرية لأحكام الأحكام لابن دقيق العيد فيها أغلاط فلا يعتمد عليها.
يقول: ما رأيكم في كتاب الأم بتحقيق رفعت فوزي المطبوعة بدار الوفاء؟ وهل هناك أجود منها؟
المعروف أن أفضل الطبعات لكتاب الأم هي طبعة بولاق، هي طبعة جيدة ومتقنة، ويعتمد عليها من قبل طالب العلم، أما الطبعات الحديثة أعرف منها طبعة الذي أشرت إليها قريباً الكليات الأزهرية تحقيق محمد زهري النجار يعني دون طبعة بولاق، وأما ما بعدها من الطبعات فلم أطلع عليه.
يقول: نريد من فضيلتك أهم كتاب معتمد في كل مذهب من المذاهب الأربعة؟
التفصيل في هذا مع طبعات هذه الكتب موجود في أشرطة سميت: "كيف يبني طالب العلم مكتبته".
يقول: هل ذي طوى هو ما يسمى الآن جرول، كما قال لي بعض الكبار في السن؟
كتب المناسك تقول: إن المراد بذي طوى هو الزاهر وليس بجرول.
يقول: أيهما أولى بالابن أن يكون قريباً من والده في نفس المدينة ويباشر خدمته أم يشتغل ببعض القرب متعدية النفع حتى لو اضطر إلى الإقامة في مدينة أخرى، لا سيما وأنه من كسب أبيه، وسينال والده من البر الشيء العظيم؟
على كل حال هذا راجع إلى الأب، فإن كان والده يرضى ببعده عنه نظراً لما يقوم به من أعمال يرجو ثوابها فالأمر إليه، وإن كان لا يرضى فلا، الله -جل وعلا- امتن على الوليد بن المغيرة بالبنين، بكثرتهم أو بكونهم شهود عنده؟ {وَبَنِينَ شُهُودًا} [(13) سورة المدثر] يعني الأب تكون فائدته إذا كان ابنه بعيداً عنه أقل، والأب في الجملة أو الأب هذا الأصل فيه أنه يحب أن يرى ابنه في كل وقت يراه حوله؛ لأن فائدة الابن إعانة الأب، وإذا كان بعيداً عنه تعذرت هذه الإعانة، فعليه أن يكون قريباً من والده ولو قل نفعه المتعدي إلا إذا كان أبوه من يشجعه على هذا، ويشد من أزره، ويرى أن هذا أفضل وأنفع للطرفين فالأمر لا يعدوه.
هذا يقول: في حالة السجود تكون الكوفية على الجبهة -الكوفية يعني الطاقية وما في حكمها- فهل يزيله أو لا بأس به؟
أهل العلم يقولون: إن السجود على المتصل بالمصلي مكروه، لكن كما قرر أهل العلم أن الكراهة تزول لأدنى حاجة، فإذا احتيج أن يسجد عليها لكون موضع السجود لا يمكن من الخشوع وحضور القلب، إما لشدة حرارة أو شدة برودة، أو وجود ما يؤذي في المكان المسجود عليه فلا مانع -إن شاء الله تعالى-.
يقول: ممكن أن تشرح لي البيت الذي جمع وفيات الأئمة الأربعة؟
فنعمانهم قن وطعق لمالك
…
وللشافعي در ورام لابن حنبل
هذا على حساب الجُّمل المعروف عند أهل العلم، يعني تكتب الحروف الأبجدية أبجد هوز حطي كلماً صعفس
…
إلى آخره، ثم تقطعها كل حرف بمفرده إلى أن تتم الثمانية وعشرون حرفاً، ثم تجعل العشرة الأولى للآحاد إلى العشرة، واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة
…
إلى آخره، ثم العشرة الثانية للعشرات، ثم البقية للمئات.
يقول: هناك سؤال خارج الموضوع -رجاء الإجابة يا شيخ- وهو في ألفية العراقي هل يمكن أن نقول: إنه كان الأولى على العراقي الترضي على الصحابة والآل، كما قال:
. . . . . . . . .
…
على نبي الخير ذي المراحم
لأنه يترتب عليه عقيدة، الرجاء تصويبي في هذا الاستشكال؟
على كل حال الأكمل أن يردف الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بآله وأصحابه هذا الأكمل، لكن الامتثال امتثال الأمر إنما يتم بقولك: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، فلا شك أن ما أشرت إليه هو الأكمل، لكن لما لم يحصل لا إشكال ولا استشكال -إن شاء الله تعالى-.
يقول: انتشر في الآونة الأخيرة من يدخل بالجوال في المسجد ويزعج المصلين بمعازفه، فهل يجوز أن يعاقب إمام المسجد من يسمع منه ذلك، بأن يتصدق بمال أو يصوم؟ وإن كان الجواب: لا، فكيف نحل هذه المشكلة؟
هذه المشكلة لا شك أنها معضلة وليست مشكلة فقط، ونسمعه في المتلزَم، نسمعه في المطاف، نسمعه والناس يصلون، والناس يطوفون، والناس سجود في العشر الأواخر يرجون ليلة القدر ونسمع هذا، وبعضهم يتركه، بناءً على أن إقفاله مخل بالصلاة، على كل حال هذه مشكلة، ويتذرع كثير من الناس بأنها مما عمت به البلوى، وحصل الإنكار بكثرة وبقوة وبشدة في أول الأمر، ثم أيس الناس وتركوه؛ لماذا؟ لأن الإنكار في كثير من الأحوال لا قيمة له، فكثير ممن يستعمل هذه الآلات على هذه النغمات المحرمة من الأعاجم، تجد إمام المسجد يتكلم، بعض الجماعة -جزاهم الله خير- يتكلمون، لكن دون جدوى، فأيس الناس وتركوه، ولذلك قل أن تجد من ينكر، كانوا في أول الأمر إذا سمعوا فزعوا تكلموا، تكلم أكثر من واحد، ثم بعد ذلك صار الصوت يتضاءل ويخفت إلى أن انتهى في كثير من الأحيان، وعلى هذا لا بد من الإنكار؛ لأن هذا منكر ومعلن لا بد أن يكون إنكاره أقوى منه حتى يزول، ولا بد من التواصي على ذلك.
أما العقوبات التي يذكرها يعني يتصدق بمال أو يصوم هذه لا يملكها إمام المسجد، الإمام له أن يعزر، وأما من عداه ليس المراد به إمام المسجد، إنما إمام المسلمين ولي الأمر هو الذي له أن يعزر، وأما من عداه فلا.
يقول: ما حكم السجود بالقفازات للرجل ولا يسجد على يديه مجردة؟
هذا مثل ما قلنا في الكوفية أو الطاقية، هذا متصل يكره السجود عليه، لكن إذا وجد ما يدعو إلى ذلك انتفت الكراهة.
يقول: ما حكم لبس القلنسوة والعمامة السوداء في غير وقت جهاد، وهل فيها تشبه بالرافضة؟
على كل حال الأصل في العمامة النبي عليه الصلاة والسلام لبس العمامة، فمن أهل العلم من يرى أنها سنة اتباعاً له عليه الصلاة والسلام واقتداءً به، ومنهم من يقول: إنها تبعاً للباس والألبسة عرفية، فإذا كانت من عرف البلد وإلا فلا.
الأسئلة كثيرة، ومع ذلك تؤجل إن وجد لها وقت وإلا ينظر لها وقت آخر -إن شاء الله تعالى-، وبقي من أحاديث الباب أربعة أحاديث، لا بد من إكمالها في سجود السهو.
أظن الباب قرئ كاملاً.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال إبراهيم: زاد أو نقص-" يعني شك إبراهيم النخعي الراوي عن علقمة عن ابن مسعود هل قال ابن مسعود: زاد النبي عليه الصلاة والسلام في صلاته أو نقص منها؟ "فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ " يعني لوقوع الخلل إما الزيادة وإما النقصان، أحدث في الصلاة شيء؟ وهذا من أدب السؤال، ومن أدب التعامل مع الغير، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام للذي دخل المسجد قال له:((هل صليت ركعتين؟ )) فإذا وجد ما يُستنكر يستفهم عنه قبل الإنكار، كم من واحد وقع في إشكال خصومة مع من يُنكر عليه بسبب المباشرة في الإنكار، ما يدريك لعل له عذر، يعني رأيت شخصاً يصلي جالساً الفريضة، وعليه علامات القوة والنشاط، ما تقول له: قم فصل قائماً، تقول: لماذا؟ عسى ما شر على ما يقول العوام، لماذا تصلي جالساً؟ سلامات، ثم يبدي لك ما عنده، فإذا أبدى ما عنده وكان فيه ما ينكر وجهته إلى القول الصحيح والفعل الصحيح، أما تقول: قم صلاتك باطلة تصلي جالساً وأنت نشيط، وما يدريك أنه نشيط؟ النبي عليه الصلاة والسلام رآه يدخل، فجلس فقال له: هل صليت ركعتين؟ ما قال: صل ركعتين، وهذا لا شك أنه أدب شرعي رفيع؛ لأن الإنكار بطريق السؤال مقبول خفيف على النفس.
لو تذهب إلى شيخ سمعت عنه أنه أفتى بقول شاذ مثلاً، وتقول له: فتواك غير صحيحة، أفتيت بقول شاذ، بقول مرجوح، هذا في الغالب لا يستجيب لك؛ لأن النفس لها حظوظ، وفي الغالب أن صاحبها يراعيها، لكن لو قلت: ما رأيك في كذا وبقول كذا؟ ثم إذا عرفت أنه بالفعل أفتى بكذا، ما رأيك في القول الآخر؟ وهل تعرف له دليلاً؟ وهل هو راجح أو مرجوح؟ يناقشه في القول الآخر، ثم بعد ذلك إذا أصر ناقشه في قوله؛ لأن النفوس لا سيما في أوقاتنا وأزماننا مدخولة، والحق ثقيل، يعني لو أن الإنسان خالف آية أو حديث صحيح صريح في الدلالة يصعب عليه أن يقبل منك الاستدراك ولو بالآية والحديث الصحيح، ولو كان ممن ينتسب إلى العلم؛ لأن النفوس الآن ما صارت تقبل الحق بسهولة، الحق ثقيل ومر، والانتصار للنفس جبلي، فعلى هذا على الإنسان أن يسلك المسلك المناسب، يدخل إلى قلب المخاطب أولاً، ثم يقول ما شاء، يعني بعض أهل العلم ممن هم مرجع تجد بعضهم إذا جاءه بعض الشباب ولد عندهم بعض الأمور التي يستنكرونها، ويطلبون من الشيخ تغييرها يأتون بأسلوب غير مناسب، ثم الشيخ قد لا يوفق في احتوائهم، وإزالة ما في نفوسهم، وتخفيف ما عندهم؛ لأن الداعي لهم على مثل هذا الكلام هو الغيرة، وكل مطالب بما يناسبه على الطالب أن يحترم هذا الشيخ، ويبلغه بالمنكر بالأسلوب المناسب، ويطالبه بالأسلوب المناسب، على الشيخ أيضاً أن يحتوي هذا الشاب هذا الغيور ويوجهه بالأسلوب المناسب، فإذا احتواه بالأسلوب المناسب ولج إلى قلبه يملي عليه ما شاء، المسألة تهون بعد هذا الأمر، لكن الإشكال كله في الوسائل، في وسيلة التبليغ من قبل الشاب، وفي الرد من قبل الشيخ، يعني الشباب إذا جاءوا من أجل أمر رأوه منكراً ودماؤهم تغلو، تغلي دماؤهم وتفور غيرة لله، وعلى محارم الله يأتون إلى الشيخ بأسلوب قوي، وقد يبادرونه بـ (اتق الله يا شيخ) هذا الأسلوب ما هو مناسب، لكن الشيخ أيضاً عليه أنه إذا قيل له: اتق الله يتقي الله، هو مخاطب وهم مخاطبون، ولا يؤاخذهم بما تكلموا به من أسلوب غير مناسب، فعليه أن يؤدي ما عليه، ثم بعد ذلك الشيخ يدعو لهم ويرحب بهم، ويعرف أنه ما جاء بهم إلا الغيرة، ويوافقهم على بعض ما
يقولون؛ لأن بعض الشيوخ نظراً لما يشاع ويذكر وبعض النماذج من الشباب لا شك أنهم أساءوا إلى بعض، تجده ما عنده استعداد يسمع، نقول: لا بد أن تسمع، أنت الآن صلة بين هؤلاء الذين لا يصلون إلى ولاة الأمر، وبين ولاة الأمر الذين يسمعون لك، أنت عليك كفل من المسئولية، بلغك هذا المنكر لا بد من إنكاره، أو إقناعهم أنه ليس بمنكر، لكن لا بد من التلطف في الخطاب من الجانبين.
وهنا يقول: "فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ " يعني هل هناك تشريع جديد يقتضي أن تكون الصلاة الرباعية ثلاث أو الثلاثية أربع؟ لأنه ما يدرى هل زاد أو نقص؟ "قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه" يعني بعد أن استقبل المأمومين بوجهه بعد السلام، وقيل له ما قيل "ثنى رجليه، واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سلم" زاد أو نقص؟ إما زاد سجدة، أو نقص واجب كالتشهد الأول مثلاً يكفيه حينئذٍ أن يستقبل القبلة ويسجد سجدتين ويسلم، لكن إن كان نقص ركعة لا بد من الإتيان بها، إن كان نقص ركعة أو سجدة أو ركن من أركان الركعة لا بد من الإتيان به.
"ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به)) " هذا التبليغ الذي يجب عليه، ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)) وجاء النهي في صحيح البخاري عن قول: نسيت آية كذا، ولكن ليقل: أنسيت أو نسيت، يعني في الأمور العادية، في غير القرآن تقول: نسيت، لكن في القرآن على وجه الخصوص تقول: نُسيت أو أنسيت؛ لئلا تدخل في قول الله -جل وعلا-: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] لكنك أنسيت.
((فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين)) ليتحرى الصواب، وتحري الصواب إن كان الخلل بشك وتردد يبني على ما استيقن، يأخذ بالأقل لأنه المتيقن، وإن كان فيه غلبة ظن فإنه يعمل بغالب ظنه ويسجد للسهو، في الصورة الأولى يسجد قبل السلام، في الصورة الثانية يسجد بعد السلام.
"متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: ((فليتم عليه ثم يسلم ثم ليسجد سجدتين)) " إذا تحرى الصواب وبنى على غالب ظنه فإنه يسجد بعد السلام ((ثم يسلم ثم ليسجد سجدتين)).
"وفي لفظ لمسلم: ((فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين)) وله عن عبد الله -يعني لمسلم- عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام" بعد السلام سجد سجدتي السهو بعد السلام؛ لأنه حينئذٍ بنى على غالب ظنه وتحرى الصواب يسجد حينئذٍ بعد السلام.
قال: "وعن عبد الله بن بحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر وعليه جلوس" يعني للتشهد الأول "قام في صلاة الظهر وعليه جلوس" يعني صلى ركعتين ثم قام ولم يجلس للتشهد الأول، "فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجد الناس معه، مكان ما نسي من الجلوس" إذا نسي التشهد الأول وقام إلى الثالثة يقول أهل العلم: إن كان لم يستتم قائماً فإنه حينئذٍ يجب عليه الرجوع ليأتي بهذا الواجب، إن كان قد استتم قائماً كره الرجوع، وإن شرع في القراءة حرم الرجوع، والسجود إذا كان لم يستتم قائماً إنما شرع في القيام ولم يستتم هذا لا يحتاج إلى سجود سهو.
إن استتم قائماً وكره له الرجوع هذا يسجد للسهو، سواء استمر في قيامه كما هو الأصل، أو رجع مع الكراهة فإن هذا لا يعفيه عن سجود السهو، وكذلك من باب أولى إذا شرع في القراءة وحرم عليه الرجوع وترك التشهد الأول والجلوس له، فإنه يسجد للسهو قبل السلام، كما في حديث عبد الله بن بحينة.
الحديث دليل على أن التشهد الأول والجلوس له من واجبات الصلاة، وليس من الأركان ولا من السنن المستحبات؛ لماذا؟ لأنه لو كان ركناً ما أجزأ عنه سجود السهو، لا بد من الإتيان به، ولو كان مستحباً لما لزم فيه سجود السهو، ما لزم فيه سجود السهو.
قال: "وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعد ما سلم، متفق عليه، ولم يقل: بعد ما سلم" هذا الحديث مع حديث ابن مسعود الذي قبل الذي قبله، صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم: زاد أو نقص هل هو في قصة واحدة أو في قصتين؟ يعني في الطريق الأول إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود الشك، زاد أو نقص، في الثاني: وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً، جزم بالزيادة، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعد ما سلم، متفق عليه، وهناك في الطريق الأول:((ثم يسلم ثم ليسجد سجدتين)) ((فليتم ما عليه ثم ليسجد سجدتين)) لا يمكن أن يتم إلا بالسلام، كلاهما في الحديثين، في حديثي ابن مسعود في القصتين، أو هما قصة واحدة؛ لأنه في الأولى بالشك زاد أو نقص، والثانية من غير شك زيادة، صلى الظهر خمساً.
"قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعد ما سلم" يعني هل هذا الحديث يجري على قول من يقول: إن سجود السهو كله قبل السلام إلا في صورتين إلا في صورتين: أولاهما إذا سلم عن نقص كما في قصة ذي اليدين، والثانية: إذا بنى على غالب ظنه وتحرى، تحرى الصواب كما في حديث ابن مسعود الأول.
الحدث الثاني لابن مسعود هل هو يضيف صورة ثالثة أو هو دليل من يقول: إن السجود للزيادة هو بعد السلام مطلقاً؟ يعني حديث ابن مسعود الأخير زاد خامسة هل هو زيادة صورة ثالثة لمن يقول: إن السجود بعد السلام في صورتين، وما عداه قبل السلام؟ أو هو يقرر قول من يقول: إن السجود عن الزيادة يكون بعد السلام، وعن النقص يكون قبل السلام كما يقوله مالك ويميل إليه شيخ الإسلام رحمه الله؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقرر القول الثالث قول مالك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يملك إلا أن يسجد بعد السلام؛ لماذا؟ لأنه سلم، صلى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ أكيد أنه سلم، يعني هل قيل له ذلك قبل أن يسلم أو بعده؟ نعم الذي يغلب على الظن أنه بعد ما سلم، أما قبل السلام فالتسبيح، لكن إذا سلم يكلم المأموم ويكلمه المأموم بناءً على أن الصلاة قد تمت، كما حصل في حديث ذي اليدين، الكلام ما أثر في الصلاة؛ لماذا؟ لأنها على ظن التمام، فمن تكلم في صلاته ظاناً أنها قد انتهت صلاته لا تبطل.
هنا قالوا له: أزيد في الصلاة؟ قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعد ما سلم، وهنا كونه سجد بعد السلام لأنه لا خيار له في ذلك، ما يمكن أن يسجد قبل السلام في مثل هذه الصورة، لكن لو تذكر أنه صلى خمساً أو ذكر قبل أن يسلم أنه صلى خمساً، فمقتضى قول مالك أن السجود أيضاً يكون بعد السلام، ومقتضى قول من يقول: إن السجود كله قبل السلام إلا في صورتين أن يكون السجود قبل السلام، فهل في هذا الحديث ما يؤيد القول بأن السجود للزيادة بعد السلام مطلقاً، أو يؤيد قول من يقول: إن السجود بعد السلام إنما يكون في صورتين؟ وهذه الصورة لا ترد؛ لأنه ليس في وسعه إلا أن يصنع هذا، كما لو نسي التشهد الأول، يعني لو نسي التشهد الأول وقام وكمل الثالثة والرابعة وسلم ثم لما سلم قيل له: نسيت التشهد الأول، متى يسجد بعد السلام؛ لأنه الآن ما في خيار، وتبعاً لذلك هل نقول: إن السجود لترك التشهد الأول بعد السلام نظراً لحدوث مثل هذه الصورة، أو نقول: قبل السلام؟ هو قبل السلام لحديث عبد الله بن بحينة، لكن لو حصل أنهم ما نبهوه إلا بعد أن سلم لا خيار له أن يسجد إلا بعد السلام، وهذه الصورة في حديث ابن مسعود قد لا ترد على من يخصص السجود بعد السلام في الصورتين فقط.
"متفق عليه، ولم يقل: بعد ما سلم" الحديث متفق عليه، ولم يقل: بعد ما سلم، من الذي قال: بعد ما سلم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد ما سلم كذا؟
طالب:. . . . . . . . .
كل الطبعات كذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأن السياق عندنا خطأ، لا بد منها؛ لأنه لما يقول: متفق عليه ولم يقل: بعد ما سلم، يقال للمؤلف: من أين أتيت بقولك: بعد ما سلم؟ ولما قال: ولم يقل مسلم: بعد ما سلم، يكون المؤلف اعتمد رواية البخاري، ونبه على ما في رواية مسلم من مخالفة.
بعد هذا يقول:
"وعن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من شك في صلاته)) " أولاً: الحديث ضعيف؛ لأن فيه عبد الله بن مسافع، وهو مجهول الحال، لم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً، في إسناده عبد الله بن مسافع مجهول الحال، لم يذكر فيه جرح ولا تعديل، يعني يذكر في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم وفي تاريخ البخاري ولا يذكرون فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقاعدة الشيخ أحمد شاكر أن مثل هذا ثقة، إذا لم يذكر فيه جرح وتعديل يكون ثقة عند البخاري وعند ابن أبي حاتم، وكثيراً ما يقول: ذكره البخاري في تاريخه ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو ثقة، يقوله الشيخ أحمد شاكر، وأحياناً يقول: وهذه أمارة توثيقه.
لكن الكلام ليس بصحيح، قد يذكره البخاري ولا يستحضر فيه وقت كتابته جرح ولا تعديل يبقى أنه مجهول، وقد يُذكر في كتاب الجرح والتعديل بدون جرح ولا تعديل، ويكون كما نص ابن أبي حاتم في المقدمة أنه قال:"وقد أذكر الرجل ولا أذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً علي أن أقع له أو فيه جرحاً أو تعديلاً" يعني كأنه بيض له، فقول الشيخ أحمد شاكر ضعيف في هذا، والصواب أنه مجهول، يكون مجهول الحال إذا لم يُذكر فيه جرح ولا تعديل.
هذا عبد الله بن مسافع، وفيه أيضاً ما قاله المؤلف أنه من رواية مصعب بن شيبة، وهو متكلم فيه، قالوا: وقد روى له مسلم، مصعب بن شيبة يقول الحافظ في التقريب: لين الحديث، يعني لا بد له من متابع وإلا فلا يقبل حديثه، والضابط في مثل هذا أن لا يكون له من الحديث إلا القليل، ولا يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، قال: فإن توبع فمقبول وإلا فلين، طيب مصعب بن شيبة هذا قال المؤلف: روى له مسلم، ولا شك أن هذا توثيق عملي، تخريج أحد الشيخين لحديث الراوي توثيق عملي، لا سيما إذا كان الخبر يدور عليه، يعني لم يتابع عليه، ومثل هذا يخرج له مسلم في الشواهد، يخرج له مقرون لا يخرج له أصل، المقصود أن الحديث ضعيف.
"وعن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) " يعني تقدم لنا أن من تردد في صلاته وشك هل صلى كذا أو صلى كذا؟ يبني على اليقين، وهنا ما فيه تعرض للبناء على الأقل أو على الأكثر، وإنما فيه التنصيص على أن السجود بعد السلام، وعلى كل حال الحديث ضعيف لا يعارض به ما تقدم.
يقول: "رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، من رواية مصعب بن شيبة، وهو متكلم فيه، وقد روى له مسلم" يعني التنصيص على الراوي مصعب بن شيبة وترك عبد الله بن مسافع، وهو أشد ضعفاً منه، لا شك أن هذا قصور في الحكم من المؤلف، والأصل أن يورد العلة الأقوى، يعني قد يكون في الحديث علل، ثلاث علل، أربع علل، خمس علل، لكن لا تستوعب في التخريج، فيقتصر على بعضها، على الناقد أن يذكر أقوى هذه العلل إن لم يستوعب العلل عليه أن يذكر أقواها؛ لأنه إذا اقتصرنا على مصعب بن شيبة، وقلنا: إنه لين، وجدنا له متابع خلاص قبلنا الحديث، لكن يبقى علل أخرى، لو اقتصر المؤلف على عبد الله بن مسافع وهو مجهول الحال، ووجدنا ما يرفع هذه الجهالة، هل نحتاج إلى الكلام في مصعب؟ يعني إذا وجدنا ما يرفع الجهالة عن عبد الله بن مسافع، وجدنا توثيق له، يبقى الكلام في مصعب، فالعلل إذا كانت متداخلة يقتصر على أقواها، وإذا كانت متباينة لا بد من ذكرها، وهذا يذكرنا في حديث الخط في السترة الذي تقدم، مثلوا به للمضطرب، ابن الصلاح مثل به للمضطرب، ويستحضر الباحث أن هذا الحديث مضطرب يروى على نحو عشرة أوجه مختلفة، فإذا أمكنه الترجيح ونفي الاضطراب، إذا لم يذكر فيه إلا الاضطراب إذا لم يذكر فيه إلا الاضطراب، وتمكن الباحث من الترجيح، ونفي الاضطراب مباشرة، يبي يقول: الحديث حسن، كما فعل ابن حجر، قال: ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حديث حسن، لكن لو ذكرت العلة الأخرى وهي: أن أبو عمرو أو أبو محمد عمرو بن حريث، أو أبو عمرو محمد بن حريث، يعني روي على أوجه كثيرة، فيه ضعف، فيه جهالة، يعني ما يكفي أن ينتفي الاضطراب، لا بد أن تنتفي العلة الأخرى، يعني كما تقدم الحديث ابن حجر صب جل همه على نفي الاضطراب وانتفى عنده، وغفل عن تضعيف بعض رواته، ولا شك أن الاقتصار على بعض العلل يوقع في مثل هذا، كما تقدم للحافظ.
قال: "من رواية مصعب بن شيبة، وهو متكلم فيه، وقد روى له مسلم" يعني أن الباحث حينما يسمع هذا الكلام يقول: متكلم فيه ثم ماذا إذا تكلم فيه وقد خرج له مسلم؟ أقل أحوال الحديث أن يكون حسناً، لكن لو أن المؤلف -رحمه الله تعالى- أشار إلى العلل الأخرى، وتضافرت هذه العلل على تضعيفه، لا بد أن يبحث ما يرفع جميع هذه العلل ليثبته، وإلا من خلال النظرة العابرة في كلام المؤلف يقول: من رواية مصعب بن شيبة وهو متكلم فيه، وقد روى له مسلم، ثم ماذا إذا تكلم فيه من تكلم وقد خرج له مسلم؟ لكن لو وجدت العلل الأخرى ما يمكن يتجه مثل هذا الكلام؛ لأنه إن لم يضعف بهذه العلة ضعف بغيرها.
"وقال البيهقي: إسناد هذا الحديث لا بأس به" لماذا؟ لأن تضعيفه من أجل مصعب بن شيبة وقد خرج له مسلم يمكن أن ينازع في سبب هذا التضعيف؛ لأن كلام من تكلم وقد خرج له في الصحيح لا شك أن النفوس تميل إلى الإثبات، يعني ثبوت الخبر بهذا الراوي الذي خرج له مسلم وإن مس بنوع من التجريح هذه مسألة.
المسألة الثانية: أن البيهقي لا شك أنه اطلع على العلة الأخرى وهي جهالة حال عبد الله بن مسافع، ولعله يرى أن مجهول الحال إذا لم يروِ ما يخالف به أو يعد من المنكرات أو الشواذ ما يشذ به أن روايته تكون مقبولة، وهذا منهج عند بعض المحدثين كابن حبان مثلاً.
لعله رأى في مثل هذا الحديث لما اشتمل عليه من حكم قد يكون فيه نوع مخالفة ونوع موافقة؛ لأنه ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين)) ما فيه أنه يبني على اليقين ويزيد ركعة، أو أنه يتحرى الصواب، ومعلوم أنه إذا تحرى الصواب وغلب على ظنه؛ لأن الشك والظن فيهما نوع تداخل ونوع تباين، قد يطلق الشك ويدخل فيه الظن، ففي القاعدة اليقين لا يزول بالشك، قالوا: يدخل في الشك غلبة الظن، يدخل في الشك هنا غلبة الظن، فمن تيقن أنه أحدث مثلاً ثم غلب على ظنه أنه توضأ بعد الحدث يكفي وإلا ما يكفي؟ يكفي أنه غلب على ظنه أنه توضأ أو نقول: إن اليقين أنه أحدث؟ نعم عندهم في القاعدة من فروعها أنه لا يكفي، فاليقين لا يزول بالشك، وأدخلوا فيه غلبة الظن، لا يكفي غلبة الظن في مثل هذا، ما دام تيقن أنه أحدث لا بد أن يتيقن أنه توضأ.
((من شك في صلاته)) ثم تردد في ذلك وبنى على الأقل لأنه المتيقن، وزاد رابعة إن تردد هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فليسجد سجدتين بعد ما يسلم، وهذا في هذه الصورة يؤيد قول المالكية، وإن كان الشك المراد به ما هو أعم من مجرد غلبة الظن وتحرى فليسجد سجدتين بعد ما يسلم، وهذا يكون متفق مع الرواية السابقة.
اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم
…
نكمل الأسئلة، أسئلة الإنترنت.
هنا يقول: أنا طالب في الهند، وعندنا نحن الطلاب العرب إشكالية في اتباع السعودية أو الهند بالنسبة لرمضان أو الأعياد أو غيرها من الأيام الهامة في السنة أفتونا؟
على كل حال بالنسبة للرؤية، رؤية الهلال على الخلاف بين أهل العلم في مسألة اتحاد المطالع واختلاف المطالع، فالذي يقول باتحاد المطالع ما في إشكال، يتبع البلد الذي يعتمد المقدمات الشرعية، ويعمل برؤية الهلال أياً كان في أي بلد، في أي جهة من الدنيا، هذا على القول باتحاد الطالع، وعلى القول باختلاف المطالع ينظر إلى البلد الذي هو فيه إن كانت مقدماته شرعية وإلا فينظر إلى أقرب بلد يعمل بالمقدمات الشرعية والوسائل الشرعية.
من يحدث وضوءاً حال طهره ليصلي هل يشمله الحديث في هذه النكتة التي ذكرتم؟
ما أدري لعله يقصد الصلاة صلاة سنة الوضوء، إنما يحدث هو على وضوء فيتوضأ ليصلي الصلاة التي جاء الترتيب عليها، أقبل عليها بقلبه ووجهه وجبت له الجنة، إذا توضأ ليصلي هذه الصلاة حصل له ما ذكر -إن شاء الله تعالى-.
إذا صليت الجهرية سرية وأنا ناسي وقال أحد المصلين: سبحان الله وجهرت، هل أسجد للسهو؟
لا، لا تسجد للسهو.
يقول: في حديث: ((إذا قدم العشاء فابدءوا بالعشاء قبل أن تصلوا المغرب)) هل هو مسوغ إذا كان المرء يصوم نافلة اثنين وخميس والمغرب صلاة لا ينتظر وقت بين الأذان والإقامة يؤخر صلاة الجماعة ويجلس يأكل مثلاً شاب صغير السن وجائع، هذا ما فهمته أمس، لكن تكرار هذا الأمر أليس خطأ؟ هو صام نافلة لكنه يتأخر عن الفريضة لأجل طعام الإفطار أفيدونا
…
إلى آخره.
على كل حال إذا قدم العشاء سواءً كان صائماً أو غير صائم والنفس تتوق إليه، ودخوله في الصلاة من غير أن يكسر هذه النهمة بحيث ينشغل بعشائه وطعامه وجوعه عن صلاته هذا يقدم الأكل، وإذا كان تقديمه الصلاة لا يؤثر على خشوعه وإقباله على صلاته هذا يقدم الصلاة.
يقول: متى تستأنفون درس شرح ألفية العراقي -رحمه الله تعالى-؟
على كل حال يحدد في وقته ويعلن عنه، الآن ما بقي فيه إلا الشيء اليسير -إن شاء الله تعالى- وتكمل.
رجل نذر أن يصلي ألف ركعة وصيام شهرين متتابعين فصام الشهرين ولم يقو على صلاة ألف ركعة في الشهرين، كيف يعمل؟
يصلي هذه الألف ركعة على مدى عمره حسب استطاعته.
يقول: هل العمرة واجبة؟ وما دليل ذلك من الكتاب والسنة؟ هل على أهل مكة عمرة؟
العمرة يختلف فيها أهل العلم، والقول المرجح أنها واجبة ((حج عن أبيك واعتمر)) وجاء الأمر بإتمامها كإتمام الحج، وهذا دليل وجوبها عند أهل العلم.
يقول: هل على أهل مكة عمرة؟
ليس لهم عمرة؛ لأن العمرة الزيارة، وأهل البلد لا يزورون بلدهم هذا من جهة، الأمر الثاني: أن قوله: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] هل هو يعود إلى التمتع أو يعود إلى الهدي المرتب على التمتع؟ مسألة خلافية، منهم من يقول: إن التمتع ليس لأهل مكة؛ لأنهم لا عمرة عليهم، والضمير يعود على هذا، ومنهم من يقول: إن لهم أن يتمتعوا ويعتمروا لكن لا يلزمهم هدي.
يقول: تقدمت أختي لزميلتها في الكلية قبل ثمانية أشهر لخطبتها لي، وأخبرتها برغبتنا في ذلك، وقبل أسبوع كررنا عليهم، فأخبرونا أنه في هذه الفترة بعد أن كلمتهم أختي تقدم لهم شاب وخطب عندهم، وهم لا يريدونه، ولا يرغبون فيه، والبنت لا تريده، ولم يردوا عليه إلى الآن، فهل علي إثم؟ وهل خطبة على خطبة المسلم مع العلم أن أختي كلمتها قبل أن يتقدم لهم هذا الشخص؟
ما دام تقدمتم عليه فالظاهر أنكم أحق بها منه، الأمر الثاني: أنه ما باب الاحتياط ما دام تجزمون أنهم لا يريدونه يردونه صراحة ثم تقدم، وهذا أحوط، وإلا لو تقدمت مرة ثانية، وأنت تعرف أنك تقدمت قبله، وهم لا يريدونه لا شيء عليك -إن شاء الله تعالى-.
يقول: هل يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ أذكار الصباح والمساء؟
نعم تقرأ الأذكار ما لم تكن من القرآن، أما إذا كانت هذه الأذكار من القرآن كآية الكرسي والمعوذتين وغيرهما فإنها لا تقرأها عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يرى أنها تقرأ؛ لأنه لا يراد بها التلاوة، وإنما يراد بها الذكر.
إذا نسي الإمام التشهد الأول واعتدل في القيام ثم رجع هل صلاته صحيحة؟
نعم صلاته صحيحة، لكن يكره الرجوع إذا لم يشرع في القراءة.
قال: ما هي مسافة القصر في السفر؟ ومتى تحتسب؟
منهم من يرى أن السفر مطلق، وبالإطلاق جاءت النصوص من الكتاب والسنة، ولكن يرد في ذلك إلى العرف ليتحقق الوصف المؤثر الذي هو السفر، فمرد ذلك إلى العرف، لكن الأعراف متباينة ومتفاوتة، وكثير من البلدان ليس فيها عرف معين، مما تسبب في تضييع العبادات من الصلاة والصيام وغيرهما، فلذا رجح جمع من أهل التحقيق مذهب الجمهور في التحديد، سواءً كان ذلك في المسافة أو في المدة.
يقول: هل الذهاب إلى مكة يعتبر سفر ويجوز القصر فيه؟
لا أدري من أين؟ الذهاب إلى مكة من أين؟
هل جدة تعتبر ميقات؟
ليست بميقات إلا لمن حاذت ميقاته كأهل سواكن من السودان.
من أين يحرم أهل جدة بالعمرة؟
من حيث أنشئوا من بيوتهم من جدة.
إنسان في جدة نوى الحج ولم يلبس ثياب الإحرام إلا في مكة ماذا عليه؟
عليه أن يلبس ثياب الإحرام من حيث أنشأ، من حيث أنشأ من جدة، وحينئذٍ يلزمه هدي عند جمهور أهل العلم.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.