المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: سجود التلاوة والشكر - شرح المحرر في الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ٣١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: سجود التلاوة والشكر

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: المحرر –‌

‌ كتاب الصلاة (31)

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن عبد الهادي -رحمه الله تعالى- في كتابه المحرر:

‌باب: سجود التلاوة والشكر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار)) رواه مسلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها. رواه البخاري.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر: {الم * تَنزِيلُ} [(1 - 2) سورة السجدة] السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [(1) سورة الإنسان] متفق عليه، ولفظه للبخاري.

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم: {وَالنَّجْمِ} [(1) سورة النجم] فلم يسجد فيها. متفق عليه، ولفظه للبخاري أيضاً.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بـ {النَّجْمِ} [(1) سورة النجم] وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس، رواه البخاري وقال: كان ابن عمر يسجد على غير وضوء.

وعن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين)) رواه أبو داود في المراسيل، وقال: وقد أسند هذا ولا يصح.

وعن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الانشقاق] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق] رواه مسلم.

وعن علي رضي الله عنه قال: أنا أتعجب من حدبي لا يسجد في المفصل" رواه الحاكم بإسناد صحيح.

ص: 1

وعن البراء رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالداً ومن معه، إلا رجل ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي فليعقب معه، قال البراء: فكنت ممن عقب معه، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، فصلى بنا علي، وصفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعاً، فكتب علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجداً، ثم رفع رأسه فقال:((السلام على همَدان، السلام على همَدان)) رواه البيهقي، وقال

الميم ساكنة.

((السلام على همْدان، السلام على همْدان)) رواه البيهقي، وقال: أخرج البخاري صدر هذا الحديث، ولم يسقه بتمامه، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه.

وعن أبي عون الثقفي عن رجل لم يسمه أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتاه فتح اليمامة سجد، رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في كتاب الفتوح.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: سجود التلاوة والشكر

سجود التلاوة من إضافة المسبب إلى سببه، وكذلك ما عطف عليه، فهذا السجود سببه التلاوة، وأيضاً العطف على نية تكرار العامل، فكأنه قال: باب سجود التلاوة وسجود الشكر، فالسجود الثاني سببه أيضاً الشكر.

ص: 2

سجود التلاوة المقصود بالتلاوة تلاوة آيات السجدة، وليس مطلق التلاوة؛ لأنك تقرأ الفاتحة ولا تسجد، تقرأ البقرة ولا تسجد، تقرأ آل عمران ولا تسجد، وتقرأ من القرآن تسعة أجزاء إلا ربعاً ثم تسجد في نهاية سورة الأعراف في الموضع الأول من مواضع سجود التلاوة، فالمراد بالتلاوة شيء خاص وهو ما فيه سجدة؛ لأن مقتضى الإضافة أن يسجد عند كل تلاوة، وهذا ليس بمراد قطعاً، وإنما السجود إنما هو إذا قرئت آية سجدة، نعم قد يقرأ ثم يركع، لكن ليس هذا هو المراد، إذا انتهى من قراءته ركع، لكن السجود هنا المضاف للتلاوة عند مرور آية فيها سجدة، وكذلك الشكر سجود الشكر عند ما تتجدد نعمة أو تندفع نقمة، يسجد المسلم شكراً لله تعالى عند تجدد النعم، وإلا فلا يزال المسلم يتقلب في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، فلو قيل بالشكر عند أي نعمة لم يزل المسلم ساجداً لله -جل وعلا-؛ لأن نعمه لا تنقطع، ولذا قالوا في الشكر أنه لا ينقطع؛ لأن النعم لا تنقطع، وكل نعمة تحتاج إلى شكر، إذاً لا يزال المسلم شاكراً، وهذا لا إشكال فيه، وإن لزم عليه التسلسل؛ لأن هذه النعمة تحتاج إلى شكر، والشكر نعمة يحتاج إلى شكر وهكذا، ولا يمتنع التسلسل في مثل هذا، لكن لا يقال بأنه كل ما وجد الشكر يوجد السجود، لا، وإنما هو عند النعم المتجددة، وأما النعم المطردة الدائمة فلا؛ لأنه يلزم على ذلك أن يكون المسلم في حال سجود دائماً، ومعلوم أن المسلم وحياة المسلم فيها وظائف متعددة، فإذا تجدد نعمة بهذا القيد نعمة بالميزان الشرعي.

ص: 3